فائدة في اسرار خلقة آدم عليهالسلام
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۶۱ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة: في اسرار خلقة آدم علي نبينا و آله و عليه السلام.
اعلم انا قد حققنا في حکمتنا ان البسايط کرات مصمتة متداخلة بحيث لو اخذت قبضة من اي موضع من عالم الاجسام کان فيها جميع ما في العالم و ان کان يختلف بعضها مع بعض في الخفاء و الظهور و ليس هيهنا موضع بيان ذلک فالقبضة الارضية التي خلق منها آدم علي نبينا و آله و عليه السلام کان فيها العرض و الکرسي و الافلاک و العناصر کلها فلما کمل تخميرها و تم صورته و استوي انساناً ظهر فيه جميع ما في العالم فصار کتاباً مبيناً فيه جميع العالم و کان اولاً في الجنة لان الجنة في السموات و الجنة التي کان فيها الجنة التي في السموات وجودها المختمرة في تلک القبضة فکان اولاً هناک في القوس النزولي و تلک الجنة من جنان الدنيا لان السموات الجسمانية من الدنيا من عالم هورقليا و خلق ايضاً فيها حواء في القوس النزولي فکانا هناک و قد نهاهما الله سبحانه من شجرة علم آلمحمد عليهم السلام و تلک الشجرة اکبر شجرة في الجنة محيطة بها لان علمهم عليهم السلام محيط بالعالم و نهاهما الله ان يقربا تلک الشجرة اي قرب حسد و خيانة بها فلماکان آدم و حواء في وجودهما نور و ظلمة و الظلمة خلقت من عکس النور و ظله فادعي تلک الظلمة استقلالاً و استغناء علي حسب طبعها و مالا الي جهة تلک الظلمة المدعية للاستقلال و ذلک الاستقلال طلب مقام آلمحمد عليهم السلام لان الاستقلال لهم لا لغيرهم و کان سبب ذلک ان الشيطان الذي هو من جهة الانية و غاية البعد تعلق بطاووس طبايع آدم و حواء و صعد بواسطتها في فم الحية المخلوقة من فلک الحيوة فاغواها ايضا ثم اغوي بواسطة الحيوة حواء لقربها منها و مناسبتها بها و حواء نفس آدم و زوجة عقله فان الحيوة الحيوانية مرتبطة بالنفس اولاً فظهر اثر اغواء الشيطان في النفس فلما اغوا حواء اغتر به عقل آدم فسري اغواؤه في آدم ايضاً يعني سري
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۶۲ *»
اثر الانية الي العقل فحسد بعلم آلمحمد عليهم السلام بسبب تلک الانية فاکل من تلک الشجرة المنهية و الشجرة المنهية شجرة فلما ظهر آثار الانية من طبايع آدم الي عقله نزل آدم من سماوات وجوده الي عالم طبايعه لميله الي الطبايع و توجهه اليها فاکله ميله الي الشيطان و اغتراره به فلما اغتر به جذبه الشيطان الي عالمه و دفع الله اياهما الي العالم الاسفل عالم الطبايع و هو اهباطهما الي الدنيا فالشيطان قاسمهما اني لکما لمن الناصحين و قال ما نهاکما ربکما عن الاستقلال الا ان تکونا ملکين کآل محمد عليهم السلام او تکونا من الخالدين في السماء غير نازلين فان الاضمحلال صفة الخارجين عن عرصة الاستقلال و الاستقلال صفة الخالدين في السماء و لبس عليهما اذ استقلال الحوادث في اضمحلالها و اضمحلالها في ادعائه الاستقلال منه فقال ما نهيکما ربکما عن اکل شجرة الاستقلال الا خوف ان تکونا ملکين بکسر اللام او تکونا من الخالدين و اما ربهما الذي نهاهما هو فؤادهما فان ما من احد الا و يصدع الحق قلبه قبله ام ترکه ففؤادهما نهيهما عن ادعاء الاستقلال و دعاهما الي المبدء و الي العبودية و الاضمحلال ففؤادهما نهاهما عن ادعاء الاستقلال و ماهيتهما اغوتهما علي الاستقلال فتبعا الماهية في النزول و جذبها اياهما الي الاسفل فجذبهما الي الاسفل فهبطا و خرجا من جنة السموات الي عالم الطبايع فنهي الرب من شأنه فانه يدعو الي نفسه و اغواء الشيطان من شأنه لانه يدعو الي نفسه فالنزول في قوس النزول من طبع الاثر و اقتضاء نفسه فلاينبغي ان ينزل الاثر و ينتشر فان الله لايأمر احداً بالتباعد عنه امر محبة و ان قلت فما معني الادبار الامتثالي في قوله تعالي للعقل ادبر قلت ان قوله ادبر علي حسب قابليته لما سأل الله الامر بالادبار فقال له سبحانه کماسأل الجهل الامر بالادبار فامره فادبر و ليس هذا الادبار ناشياً من محبة الله سبحانه و مثل قوله ادبر قوله لآدم اهبطا منها و انما قال لهما اهبطا لما سئلا الهبوط و کذلک لما سأل العقل الادبار قال الله سبحانه ادبر فادباره عصيانه لولا ان جبره باقباله و من هذا الباب استغفارات الائمة عليهم السلام و بکاؤهم و خشيتهم الموجب لاقبالهم الحقيقي الجابر لادبارهم الاولي و لذا قال الشاعر: وجودک ذنب لايقاس به ذنب.
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۶۳ *»
فلما طلب آدم باغتراره بقول الشيطان و جذبه الهبوط امر بالهبوط فلذا قال سبحانه فعصي آدم ربه فغوي و انما هو العصيان الکينوني الغير المنافي للنبوة ثم اجتباه ربه في الاقبال فتاب عليه فهدي و صار نبياً و اذا اجريت هذه الحکاية في آدم الاول عرفت ان هذا العصيان کينوني فالشجرة التي اري آدم ربه هي شجرة النفس التي لها رؤس بعدد شؤنها و اطوارها و ربه فؤاده فقال لآدم لاتقرب هذه الشجرة قرب حسد فحسد به آدم فبعد فالرب الفؤاد و الجنة النفس الملکوتية سقفها عرش الرحمن العقل و آدم هو العقل هو و حواء ظهور نفس آدم الملکوتية زوجة عقله و الشيطان الماهية و الطاووس الطبايع و الحية فلک القمر فالشيطان قاعدة الظلمة و آدم ظهور العقل قاعدة النور و رأس مخروط الظلمة في قاعدة النور فقد سري اغواء الشيطان في جميع المراتب و لما ان مال آدم الي ما وصل اليه من الظلمة استحق الهبوط و ثقل،
علقت بها ثاء الثقيل فاهبطت | من ميم مرکزها بذات الاجرع |
و لک ان تقول ان آدم يوم خلق خلق لطيفاً کما کان هذا العالم لطيفاً صافياً فکان من جنس الجنة و في الجنة لان الجنة خفيت بکثافة الدنيا فاعرض آدم عن ربه بسبب اقباله الي جهة الانية و ترکه الاولي و ارتکابه المنهي و تفصيل ذلک ان العلم من شئون النفس و لکثرة تشعبها و خضرتها تظهر في الآخرة بصورة الشجرة فظهر علم آلمحمد عليهم السلام في الجنة علي صورة الشجرة و لذلک صار تعبير الشجر في الرؤيا العلم فظهر في الجنة علمهم علي صورة الشجر و نهي آدم عن اکلها و التقرب بها و تخصيصها بنفسها و احل له جميع اشجار الجنة الا تلک الشجرة فان تخصيص تلک الشجرة بغير نفس آلمحمد ظلم فهم يأکلون من تلک الشجرة لا غيرهم فاغواهما الشيطان فدليهما بغرور اي انزلهما بسبب الغرور فذاقا من الشجرة و خصاها بنفسهما فظلما آل محمد حقهم و تلک الشجرة في مذاقهم نور و خير و کمال و في مذاق غيرهم شر کما کان الولاية لآل محمد حقاً و للناصبين باطلاً و بواراً و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الا خسارا فصار سبب هبوطهما و معني ذوقهما طلب مقام الولاية الکلية لنفسهما و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۶۴ *»
يظهر هذا الطلب في الجنة بصورة اکل الشجرة.
و ان قلت کيف يمکنهما ادراک علم اهلالبيت عليهم السلام حتي يذوقا منه و ان ذاقا فکيف يصير ذوق العلم سبب الهلاک قلت انهما لميأکلا علم آلمحمد عليهم السلام و لو اکلاهما لکانا عالمين مثلهم لکنهما نظرا اليه بعين الحسد و الحسد يظهر في الجنة بصورة الاکل فان الفرق بين الغبط و الحسد ان الحاسد يريد سلب النعمة من صاحبها و وصولها اليه دون صاحبه و المغتبط يريد ان يکون له نعمة من جنس تلک النعمة فکما ان الحاسد يريد تخصيص نعمة الغير بنفسه يظهر في الجنة بصورة الاکل فانک ان اکلت لقمة خصصتها بنفسک دون صاحبک فحسد الحاسد اذا تجسد ظهر بصورة الاکل من نعمة الغير کما ان الغيبة تظهر بصورة اکل لحم الميت و اکل مال اليتيم يظهر بصورة اکل النار فلماحسد آدم بعلم آلمحمد عليهم السلام ظهر حسده في عالم التجسم بصورة اکل الشجرة فالاکل تجسم الحسد و الشجرة تجسم العلم فکل شجرة ادرکها و نهي عنها فحسد بها يمکنهما الاکل منها فلو ادرک تلک الشجرة و زعمها لآل محمد عليهم السلام دون نفسه لميکن معاقباً فآدم خلق لطيفاً و کانت الدنيا لطيفة و کان يدخل الجنة فرأي شجرة علم آلمحمد عليهم السلام و کلف ان يعتقد ان تلک الشجرة لهم لاينبغي لغيرهم و لو اعتقد ذلک کان آلمحمد عليهم السلام يطعمونه منها ولکنه ذاق منها فبدت لهما سوآتهما فانها بغلبة جهة الرب کان خفياً فلماغلب عليهما الحيوانية بدت آثارها فطفقا يخصفا عليهما من ورق الجنة من اعراض تلک الارض الکثيفة فلما اکلا کثفا بالعصيان و کثف الدنيا فاهبطا فافهم.