رسالة في جواب الحاج عباس البهبهاني
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 107 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و اللعن علي من نصب لهم العداوة ابد الابدين.
اما بعد فقد سألني جناب المطاع المكرم و المخدوم المفخم المولي الممجد الحاج عباس بن المرحوم محمد البهبهاني الاصل المجاور لبلد الحسين عليه السلام عن مسائل اشكلت عليه فاوردت مسائله كالمتن مصدرا بقال و جوابي له كالشرح مصدرا باقول كما هو عادتنا في جواب الاسؤلة و اقتصر علي ما هو الميسور و لا قوة الا بالله العلي العظيم.
قال سلمه الله مسألة جنابك ذاكر عن قول مولانا اميرالمؤمنين7 اول الدين معرفة الله ثم معرفة الرسول ثم معرفة الامام7 و ذلك للمخلوق محال و حاشا الله ان يأمر بالمحال.
اقول انا ما رويت رواية بهذا اللفظ و المعني عن اميرالمؤمنين7 الا ان المعني حق يفهم من اثار اهل العصمة: و هذه المعرفة محال اذا كان المراد منها معرفة الذات القديمة و معرفة ذات الرسول و الامام للرعية اما اذا كان معرفة الله كما وصف نفسه في كتابه و وصفه رسوله9 في سنة و اراه الله في الافاق و في انفسهم من اياته فذلك واقع و ممكن و لميؤمروا الا بذلك قال الله عزوجل سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و كذلك اذا عرّف الرسول و الامام بما عرفا من انفسهما و وصفا و اريا من انوارهما و آثارهما و كمالاتهما و آياتهما فذلك ممكن و واقع و لا محالية فيه البتة و لذا روي عن اميرالمؤمنين7 اعرفوا الله بالله و الرسول بالرسالة و اولي الامر بالمعروف و العدل و الاحسان.
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 108 *»
قال سلمه الله مسألة ما معني كلام اميرالمؤمنين7 اذا صاح الناقوس و كبس الكابوس و تكلم الجاموس فعند ذلك عجائب و اي عجائب.
اقول هذه فقرة من الطتنجية و في نسختنا ثم قال يا جابر اذا صاح الناعوس و كبس الكابوس و تكلم الجاموس فعند ذلك عجائب و اي عجائب الخطبة و هذه من الملاحم جرت العادة من الانبياء و الاولياء و الحكماء بتعميتها قبل حدوثها ليجري القدر الي مستقره و الظاهر انه هو الناقوس كما رويتم و الناقوس خشبة طويلة و اخري قصيرة و اسمها الوبيل بها يضرب علي الكبيرة الطويلة في وقت صلوتهم و هو غير جرسهم و يحتمل ان يكون ذلك اشارة الي غلبة النصاري و بني الاصفر في آخر الزمان علي البلاد الاسلامية و تعليقهم النواقيس في البلاد و ضربهم اياها في اوقات الصلوة و ذلك من علامات ظهور الامام7 و اما كبس الكابوس يقال كبس فلان رأسه اي ادخله في ثيابه و اخفاه و الكابوس مبالغة فيحتمل ان يكون المراد شدة استتار اهل الحق فاخفوا رؤسهم و وجوههم بحيث لايري منهم احد ظاهرا و ذلك ايضا من علائم آخر الزمان عند غلبة الجهال و دول الضلال و يقال ان الكابوس شيطان يقع علي الانسان بالليل لايقدر معه ان يتحرك و يتكلم فيحتمل ان يكون كناية عن دولة الباطل حيث وقعت علي اهل الحق فلايقدرون ان يتحركوا او يتكلموا لثقلها عليهم و الليل هو ليل زمان الغيبة و استتار شمس وجه الحجة عن اهله ففي هذا الليل وقع كابوس دولة الباطل علي المؤمنين فاسكنهم و اسكتهم فلايقدرون علي حركة و لاتكلم و لعل المراد منه رجوع دولة بني العباس فانه لابد و ان ترجع دولتهم بعد انقراضهم كما يظهر من الاخبار و اما تكلم الجاموس فيحتمل ان يكون المراد ظهور السفياني فان الجاموس مبالغة الجامس و هو النبات الذي ذهبت طراوته فيكون المراد من الجاموس الشجرة الملعونة في القرآن و هي بنو امية و قد ذهبت طراوتهم و بادت دولتهم فصارت جاموسا جامسة يابسة فاذا تكلم الجاموس و عادت الدولة الي بني امية و قام السفياني و تكلم و دعا الي نفسه فعند ذلك عجائب من العلامات المتواترة و اي عجائب و اعلم ان الذي ذكرنا هو احتمال من مقتضي اللفظ المأثور
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 109 *»
و هذه الالفاظ قلما تؤثر صحيحة لانها غير مأنوسة و لا معروفة فيقع الغلط فيها من الرواة كثيرا و الله و رسوله و حججه اعلمون بحقائق رموزهم.
قال سلمه الله مسألة ما معني كلام لمولانا اميرالمؤمنين الي كميل الي آخر؟
اقول قد صنف شيخنا الاجل الاوحد اعلي الله مقامه في شرح هذا الحديث رسالة منفردة و هي موجودة عندنا ان شئتم فاستنسخوها لاتحتاج معها الي بيان و هي كافية و الحمد لله.
قال سلمه الله مسألة ما معني قول المعصوم7 انا لانعلم الغيب الي آخر كلامه؟
اقول لاشك ان المراد من عدم علمهم بالغيب ليس علي الاطلاق فان شيعتهم يعلمون الغيب بتعليمهم الست تعلم ان الامام سيظهر و هو غيب الست تعلم ان الرجعة ستكون و هو غيب الست تعلم باحوال القبر و سؤال منكر و نكير و جنة البرزخ و نارها و احوال القيمة و الصراط و الميزان و الحساب و الجنة و النار و غير ذلك و كلها غيوب و انت تعلمها فاذا كنت انت تعلم غيوبا كثيرة بتعليمهم فهم ايضا يعلمون غيوبا كثيرة بتعليم الله و لا ضير و جل معجزاتهم اخبار بالغيب نعم انهم لايعلمون الغيب من حيث انفسهم كماقال النبي9 لا اعلم وراء هذا الجدار الا ما علمني ربي و لا احد يقول انهم يعلمون الغيب و ان لميعلمهم الله شيئا و هذا باطل محض فهم يعلمون ما يعلمون بتعليم الله سبحانه قال الله عزوجل عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول فيظهر المرتضي من رسول علي غيبه و هو يعلم الغيب بتعليم الله هذا و الغيب هو الغائب عن درك الحواس الظاهرة و قد اشهدهم الله خلق السموات و الارض و نفوس الخلائق اجمعين بنص الكتاب فهم يعلمون ما شاهدوه و لميغب عنهم شيء الا ذات الله جل و علا و هو الغائب عنهم و هم لايعلمونه ايضا فمعني انهم لايعلمون الغيب اي
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 110 *»
ما غاب عنهم و هو ذات غيب الغيوب لا غير يقول علي7 علمت ما فوق الفردوس الاعلي و ما تحت السابعة السفلي و ما في السموات العلي و ما بينهما و ما تحت الثري كل ذلك علم احاطة لا علم اخبار و عن المفضل عن ابيعبدالله7 انه قال يا مفضل من زعم ان الامام من آل محمد يعزب عنه شيء من الامر المحتوم يعني مما كتب القلم علي اللوح فقد كفر بما انزل علي محمد و انا لنشهد اعمالكم و لايخفي علينا شيء من امركم و ان اعمالكم لتعرض علينا.
قال مسألة ما معني فقرات دعاء العديلة في قوله7 اشهد لمنعمي و خالقي و رازقي الي آخر الدعاء ما المقصود من ذلك اهو المخلوق الاول او غير ذلك؟
اقول هذا الدعاء معروف مشهور بين الناس ولكني لماره في الكتب كالبلد الامين و المصباح الكفعمي و مصباح المتهجد و مختصره و المهج و غيرها من كتب الدعاء الا ان المجلسي رحمه الله قال في زاد المعاد و حلية المتقين ما معناه ليقرأ دعاء العديلة عند الميت حال احتضاره نعم ذكره في كتاب منهاج العارفين و قال انه منقول ثم لميسنده و لميذكر موضع روايته و مع ذلك ليس بكتاب معتمد عليه و ربما ينسب الي الصادق7 و علي اي حال فالعبارة هكذا اشهد لمنعمي و خالقي و رازقي و مكرمي كما شهد لذاته و شهدت له الملائكة و اولوا العلم من عباده بانه لا اله الا هو الي آخر الدعاء و لاشك ان المراد بالمنعم و الخالق و الرازق هو الله سبحانه وحده وحده فانك تشهد بانه لا اله الا هو نعم ان الله سبحانه ابي ان يجري الاشياء الا باسبابها و جعل لكل شيء سببا و جعل محمدا و آل محمد: سبب الاسباب و جعلهم محل مشيته و مهبط ارادته فيفعل ما يشاء بهم كما انك تكتب بيدك و الكاتب انت و يدك سبب تكتب بها و تنطق بلسانك و الناطق انت و لسانك سبب تنطق به و ذلك لايوجب ان يكون المراد بهذه الالفاظ هم سلام الله عليهم.
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 111 *»
قال مسألة ما معني قوله تعالي لمن الملك اليوم الي آخر الاية من هو المنادي و من هو المجيب؟
اقول ان الله سبحانه بعد ما حكم علي جميع الخلق بالفناء و قال كل من عليها فان و يبقي وجه ربك ذو الجلال و الاكرام قضي علي جميع خلقه من الانس و الجن و الملائكة و الحيوانات و النباتات بالفناء و جعل اسرافيل صاحب الصور و يأمره عند انقضاء مدد الخلق بان ينفخ في الصور نفخة الصعق فيصعق جميع الخلق الا من شاء الله و هو قوله عزوجل و نفخ في الصور فصعق من في السماوات و الارض الا من شاء الله فاستثني من الصعق بعض خلقه و ذلك البعض هو الوجه المستثني في الاية كل من عليها فان و يبقي وجه ربك ذوالجلال و الاكرام و ذلك الخلق الذي لايفني هو الذي رتبته فوق الصور و انما يصعق بالصور من هو دونه و من البين ان الخلق الذي هو فوق الصور هو اول ما خلق الله و هو الذي خلقه الله بنفسه قبل كل شيء فلا اول له و لا آخر و لا زوال له و لا انقضاء و هو ما عند الله المشار اليه بقوله ما عندكم ينفد و ما عند الله باق فهو الباقي بعد فناء كل شيء فهو المتكلم بقوله لمن الملك اليوم لانه لسان الله و هو المجيب بقوله لله الواحد القهار و الي هذه المراتب يشير قول علي7 انا صاحب الصور انا مخرج من في القبور انا صاحب يوم النشور الي ان قال انا قيم القيمة انا مقيم الساعة انا الواجب له من الله الطاعة انا حي لا اموت و اذا مت لمامت الي آخر الخطبة و قوله7 في خطبة خطبها بعد انصرافه من قتل الخوارج قال انا وجه الله انا جنب الله انا علم الله الخطبة بالجملة ان المنادي هو لسان الله الباقي بعد نفخ الصور الذي هو حي لايموت و هو الخلق الاول9.
قال مسألة ورد بغض علي سيئة لاتنفع معها حسنة هذا معلوم لاشك في ذلك و اما حب علي حسنة لايضر معها سيئة ما معناه علي الحق و التحقيق؟
اقول اعلم ان الله سبحانه نور لا ظلام فيه و لا شك ان من توجه الي المنير
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 112 *»
استنار و من ادبر عنه استظلم فلو ادبر رجل عن الشمس الف سنة و كان مظلما و توجه الي الشمس لحظة استنار و ذهبت ظلماته بالكلية و كذا لو توجه الي الشمس الف سنة و استنار ثم ادبر عنها استظلم بالكلية فمن كان معرضا عن الله عمرا ثم توجه الي الله و تاب و آمن محيت عنه ظلماته باتفاق الشيعة و ضرورتهم و كذلك من كان مؤمنا عمرا متوجها الي الله عزوجل ثم ادبر عنه و ارتد محي عنه نوره و اظطلم و كفر باتفاق الامة و لاشك ان التوبة من فروع ولاية علي7 فانه اصل كل خير و من فروعه كل بر فاذا كان التوبة التي هي من فروع الولاية هكذا تمحي السيئات فكيف لاتكون ولاية علي هكذا و هي اصل كل خير فهي تكفر السيئات و ترفع الدرجات و من والي عليا7 علي الحقيقة لايموت و لايخرج من الدنيا الا تائبا من كل ذنب نادما علي كل معصية و يحق له الشفاعة منهم فلايضره سيئاته و ليس ذلك برخصة في ارتكاب السيئات فليس ولي علي7 من يستحل السيئات و يرتكب الموبقات مستحلا اياها اذ استحلالها تكذيب علي7 و كفر بالله فولي علي لايتعمد سيئة مستحلا و ان صدرت منه سيئة يوما ما من غفلة او شهوة او غلبة هوي او غضب او عجلة او مشايعة احد يكون خائفا وجلا من الله محسنا ظنه بمولاه ان يكفره ولايته لولي الله و يشفعه عند الله بالجملة حب علي حسنة لاتضر معها سيئة لان محب علي لايموت الا مع التوبة و الندم علي ما فرط و التوسل بشفعائه و الشفاعة مدخرة له ان شاء الله فلاتضره السيئة ان شاء الله.
قال سلمه الله مسألة ما معني قوله سنفرغ لكم ايها الثقلان متي كان مشغولا حتي يفرغ؟
اقول هذه لغة خلقية خاطب الله بها خلقه كما يقول سلطان لقوم من رعيته سافرغ لحسابكم و جزائكم يعني لا اشتغل بشيء دون امركم لاكون ادق لحسابكم و اقوي علي جزائكم فخاطب الله عباده بلغة خلقه كماقال رزقكم في السماء و ما توعدون فو رب السماء و الارض انه لحق مثل ما انكم تنطقون و قوله
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 113 *»
و مكروا و مكر الله و قوله نسوا الله فنسيهم فاراد تهديدهم بذلك و الحاصل اني اعاملكم يوم القيمة معاملة الفارغ لكم غير المشتغل بغير امركم هذا في الظاهر و في الباطن قوله سنفرغ للمتكلم مع الغير و الغير الذي مع المتكلم هو الذي عند المتكلم الا تري انك اذا اردت نفسك وحدك قلت سافرغ و اذا اردت نفسك مع من عندك تقول سنفرغ فالذين عند الله هم محمد و ال محمد: و ان الله سبحانه جعلهم حكام يوم القيمة و مجازين الخلق كماتقرأ في الزيارة و اياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم و قال علي7 في خطبة الافتخار اعطيت الصراط و الميزان و اللواء و الكوثر انا المقدم علي بني آدم يوم القيمة انا المحاسب للخلق و انا منزلهم منازلهم انا عذاب اهل النار الي ان قال انا صاحب الحشر و النشر الخطبة بالجملة هم سلام الله عليهم الحكام يوم القيمة و حكمهم حكم الله فاذا فرغوا لمجازاة الخلايق ففراغهم فراغ الله و لايكون لله سبحانه فراغ غير هذا و الثقلان في الظاهر الجن و الانس و اما في الباطن فهما اللذان اشار اليهما النبي9 بقوله اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي اهل بيتي فهما في الدنيا كانا مشغولين بالمظلومية و المقهورية و اما يوم القيمة فيفرقان لاستنقاذ حقهما و لمجازاة اعدائهما فينتقمان منهم فاذا فرغا لذلك اضيف فراغهما الي الله كما ان جميع افعالهم صلوات الله عليهم يضاف الله و جميع معاملة الخلق معهم هو المعاملة مع الله و جميع معاملتهم مع الخلق هو معاملة الله مع الخلق.
قال سلمه الله مسألة المخلوق الاول هل يمكن ان يكون مسبوقا بالعدم ام لا و لو قيل ما يمكن هل يتحقق تعدد القدماء ام لا؟
اقول اني قد ذكرت يوما في الدرس تفصيل هذه المسألة بمحضر منك و كان فيه الكفاية و البلاغ و اجمال ذلك ان المخلوق الاول مخلوق بنفسه و لو كان مخلوقا بغيره و كان ذلك الغير سابقا عليه لكان ذلك الغير هو المخلوق الاول و الاخر هو المخلوق الثاني بذلك الغير و هو خلاف المفروض فاذا كان المخلوق
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 114 *»
الاول مخلوقا بنفسه لايعقل ان يسبق بالعدم لان ذلك العدم ان كان لا شيء محضا فلا شيء يسبقه و ان كان شيئا فهو المخلوق الاول لا هذا المسبوق ثم لو كان معدوما و لا شيء يخرجه من العدم الي الوجود بقي معدوما ابدا ابدا لايقال ان الله يخرجه من العدم الي الوجود فان الله اخرجه من العدم بنفسه اي بنفس ذلك المخلوق الاول و لميخرجه بذاته تعالي قدره فان ذاته لاتباشر الايجاد و انما يخرج الخلق الاول بنفس ذلك الخلق فلو لميكن يوما ما او حينا ما لماكان لاخراجه آلة و سبب فبقي معدوما ابدا فالمخلوق بنفسه لابد و ان لايكون لوجوده اول و لا آخر و هذا هو الذي اشار اليه علي7 انا صاحب الازلية الاولية و قوله في الخطبة كنا بكينونته قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين و هذا الخلق الاول هو المن الذي تقرأ في دعاء السحر اللهم اني اسألك من منك باقدمه و كل منك قديم و هو الملك المشار اليه في الدعاء اللهم اني اسألك باسمك العظيم و ملكك القديم و المشار اليه في دعاء السجاد7 بعد صلوة الليل اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود الدعاء و قول علي7 في خطبة البيان انا مسدد الخلايق انا محقق الحقائق انا جوهر القدم انا مرتب الحكم و لايلزم من ذلك تعدد القدماء فان القديم الذي يمتنع تعدده هو الاحد الغني عماسواه و هذا الملك ملك مركب مثني دائم في محله و ليس المراد بحدوثه انه لميكن ثم كان بل المراد بحدوثه انه مخلوق فقير الي الله جل و عز قائم بايجاد الله و هو ايجاد الله لايملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا موتا و لا حيوة و لا نشورا كماقال تعالي ليس لك من الامر شيء و مع ذلك هو دائم لايزول و لايحول و يظهر نهاية قدرة الله في خلق الشيء الدائم لا خلق الفاني الزائل.
قال سلمه الله مسألة ما معني حديث من عبد الاسم فقد كفر هذا معلوم و من عبد الاسم و المعني فقد اشرك فهذا ايضا معلوم و من عبد المعني بايقاع الاسم عليه فقد وحد مع ورود نحن معانيه ما معني هذا الكلام؟
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 115 *»
اقول المراد من المعني هنا الذات التي تدعوها باسمائها و تقصدها و تعبر عنها باسمائها و المراد بقولهم نحن معانيه هي ماسوي الذات من افاعيلها و صفاتها و لذلك يقول النحاة الاسم اسمان اسم ذات و اسم معني اما اسم الذات فكلفظ زيد فانه موضوع لذات و جثة خارجية و اما اسم المعني فكالضرب و القيام و القعود فانها ليست موضوعة لجثة خارجية محسوسة ملموسة و انما هي موضوعة لمعني غير محسوس ملموس في الخارج فاذا عرفت ذلك فالمراد بقوله من عبد الاسم دون المعني فقد كفر يعني عبد الاسم و ترك الذات و من عبد الاسم و المعني فقد اشرك يعني عبد الاسم و الذات اثنيهما و من عبد المعني بايقاع الاسماء عليه فاولئك اصحاب اميرالمؤمنين حقا يعني عبد الذات و توسل اليها بالاسماء كماقال و لله الاسماء الحسني فادعوه بها فمن تمسك بالاسماء و توسل بها و قصد الذات فاولئك اصحاب اميرالمؤمنين حقا و اما انهم معانيه فالمراد انك اذا قلت يا رحمن فهم رحمة الله و اذا قلت يا منعم فهم نعمة الله و اذا قلت يا قدير فهم قدرة الله و اذا قلت يا عليم فهم علم الله و هكذا و قضي ربك ان لاتعبدوا الا اياه و بالوالدين احسانا فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لايشرك بعبادة ربه احدا فافهم.
قال سلمه الله مسألة ما معني حديث ورد خلقنا الله من نور عظمته من المعلوم هل النور المذكور مخلوق و من المعلوم المخلوق الاول اعلي مرتبتهم:؟
اقول في العبارة ركاكة لماتبين المعني منها و معني ان الله خلقهم من نور عظمته اي اخذ مادة وجودهم من نور هي عظمته سبحانه كماتقول صغت الخاتم من الفضة اي اخذت الفضة و صغتها خاتما فالفضة اول مراتب الخاتم و اصل وجوده و كذلك ان الله صاغ وجودهم من نور هي عظمة الله فمادتهم و اصل وجودهم و اول مراتبهم عظمة الله و ليست العظمة شيئا غير اول مراتبهم و
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 116 *»
مقاماتهم و هم عظمة العظيم جل جلاله.
قال سلمه الله مسألة المخلوق الاول كيف علم برضاء الله و غضبه و لاينبغي للمخلوق ان يفهم رضاء الله و غضبه وضحوا لنا هذه المسائل فلكم عند الله اجر جزيل و ثواب عظيم.
اقول ان رضاء الله و غضبه ليسا بصفتين في ذاته سبحانه حتي لايطلع عليهما الخلق و هما متضادان و الذات واحدة ليس لها ضد و كمال التوحيد نفي الصفات عنه بل الله سبحانه خلق الخلق لغاية فما يبلغهم الي تلك الغاية من الصفات و الافعال فهو رضاء الله و ما يعوقهم عنها فهي غضب الله و سخطه و الله سبحانه خلق محمدا و آل محمد: و اشهدهم خلق السموات و الارض و خلق انفس الخلق و اراهم الاشياء كما هي فهم يعلمون ما يبلغهم الي الغاية و يعوقهم عنها و يشاهدون ما فيه صلاح الخلق و ما فيه فسادهم فبذلك يطلعون علي رضاء الله و سخطه و يرضون عن الخلق بما يبلغهم و فيه صلاحهم و رضاؤهم رضاء الله و يسخطون عن الخلق بما يعوقهم و ما فيه فسادهم و سخطهم سخط الله عزوجل.
قال سلمه الله مسألة يا مولانا ان كنت في مكان ما يمكن اخذ بعض المسائل منكم هل يجوز لنا ان نأخذ من الشخص الذي يقصر علي الكتاب و السنة؟
اقول ان كان عدلا من اهل الاستنباط فنعم و الا فلا قال ابوعبدالله7 في حديث ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما الحديث فلابد و ان يكون من يؤخذ عنه شيعيا عدلا راويا ناظرا متدبرا في الحلال و الحرام عارفا بالاحكام و هو الحكم من عند ائمة الانام:.
قال سلمه الله مسألة يا مولانا اذا كنت في بعض الاماكن و لا فيه امام من اهل هذه الطريقة و اتفق امام يقول بحقية الشيخ المرحوم و السيد المرحوم
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 117 *»
ولكن ما هو مطلع علي عقايدكم و يقول ما شاف من مصنفاتكم شيء و مع ذلك لايخطيكم و لايثني عليكم من كان هذا حاله و ثبت عدالته هل يجوز الاقتداء به ام لا؟
اقول اذا كان عدلا يجوز الاقتداء به و هو من اخواننا المؤمنين قد عمل بتكليفه حيث لايخطي و لايثني اذ ليس بعالم بالغيب ولكن لايجوز ان يكون ساكتا عنا شاكا في اسلامنا و ايماننا اذ ليس بناء الاسلام ان يشك احد في اسلام من تولد في الاسلام و يصلي و يصوم و يشهد بالتوحيد و الرسالة و الولاية و يعمل بفرايض الاسلام و يقول انا لااعرفه و ما عاشرته كمايقوله الماكرون الغاشون للمسلمين المنافقون و يظهرون بذلك سلامة النفس و عدم المجاهرة بالعداوة و يظهرون بذلك التقوي و الاحتياط في الدين و كذب المنافق ليس بناء الاسلام علي ان يقول لمسلم لا اعرفه و لا ادري اهو مؤمن ام لا بل بناء الاسلام ان يقول باسلام من يشهد بالشهادات و يعمل بفرايض الاسلام و يواخيه و يواليه و يعادي عدوه و يستحرم غيبته و استماع الفرية عليه حتي يعرف منه ما يخالف ظاهره و اعلم ان الناس آلوا فينا الي اربعة اصناف صنف موالون عارفون و صنف مناوون ناصبون و صنف جاهلون ساكتون و ليس علي من يجهل شيء و صنف ملبسون منافقون يسكتون عن القدح ظاهرا و يقولون لانصدق من يواليه و لانكذب من يعاديه اذ لانعرف فلانا و لمنره و هذا منافق داخل في الاسلام ظاهرا و خارج عن الاسلام باطنا و الله يقول و لاتقولوا لمن القي اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحيوة الدنيا و هو يعلم علما قطعيا انا نشهد بالشهادات و نعمل بفرايض الاسلام و نظهر التشيع فما باله لايوالينا و لايدفع عنا و يستحل منا ما حرمه الله و الذي صدقته في اول الجواب انه لايخطي و لايثني و الثناء امر زايد عن الاقرار بالاسلام و المواخاة في الدين و ذلك واجب علي المسلمين جميعا و اقل مراتب من يتخلف عنه الفسق فافهم.
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 118 *»
قال سلمه الله مسألة يا مولانا المتنجس ينجس ام لا؟
اقول المتنجس و المراد به ما ليس عليه عين النجس بالكلية لاينجس موضعا آخر كما اذا وقع قطرة دم علي صينية او زجاجة و يبست و حككتها بسكين بالكلية حتي لميبق منها عين و لا اثر ثم لاقي تلك الصينية او الزجاجة شيء رطب لاينجس و اما اذا كان عين النجس عليه باقيا فهي منجسة ما لاقاته برطوبة.
قال سلمه الله الركوب علي دابة في رقبتها جلاجل جايز ام لا؟
اقول ان كان لها صوت فلاتصلح لانه يورث الخيلاء و لايصلح في الاسفار و الطرق المخوفة و ان كانت صامتة فلا بأس.
قال سلمه الله مسألة الخاتم الذي في اليد اذا حوله في اصبع آخر في غير الصلوة لاجل الذكر يدخل في الشرك ام لا؟
اقول ان كان يحوله و يتكل علي الخاتم انه يذكره فانه شرك خفي عملي و ان كان لايتكل عليه و يعلم ان الله ان شاء ذكره و ان شاء انساه فلاشرك فيه في صلوة او غيرها و من اجل ذلك ورد فيه الرخصة كما روي انه شكي رجل الي ابيعبدالله7 كثرة السهو في الصلوة فقال احص صلوتك بالحصي او قال احفظها بالحصي و كذا في حديث آخر انه قيل له اني رجل كثير السهو فما احفظ صلوتي الا بخاتمي احوله من مكان الي مكان فقال لا بأس به نعم روي عن ابيعبدالله7 انه قال ان الشرك اخفي من دبيب النمل و قال منه تحويل الخاتم ليذكر به الحاجة و شبه هذا انتهي و هذا في موضع الاتكال عليه و الانقطاع عن الله كما بينا.
قال سلمه الله مسألة اذن الوالدين في الامور المستحبة جميعا في غير الصوم و الحج و الصلوة واجب ام لا و هذا الاذن من الوالدين ام مختص بالوالد وحده؟
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 119 *»
اقول لماجد دليلا في اشتراط اذن الوالدين في الامور المستحبة سوي الثلثة نعم اذا نهياه عن بعضها فلايجوز ان يعقهما و اما الاستيذان للمستحبات فلماجد عليه دليلا و اما الاستيذان في الثلثة المذكورة فمن الوالدين جميعا.
قال سلمه الله مسألة ورد الارتماس في غسل الجنابة و هل يجوز الارتماس في الاغسال الواجبة غير الجنابة او الاغسال المستحبة ام لا؟
اقول انما تؤدي السنة علي جهة الفرض فيجوز الاكتفاء بالارتماس في جميع الاغسال.
قال سلمه الله مسألة هل يجوز التيمم عن الغسل المستحب و وضوء المستحب عند فقد الماء؟
اقول التيمم احد الطهورين يستباح به ما يستباح بالوضوء و الغسل و يكفيك الصعيد عشر سنين.
قال سلمه الله مسألة فاذا قلتم بنجاسة من قدم الجبت و الطاغوت و اخر فهو نجس فاذا اراد لاجل التقية ان يباشرهم في اوقات و يجتنب منهم في اوقات اخر ولكن بمشقة واجب عليه ذلك ام لا وضحوا هذه المسائل و بينوا اجركم علي الله و حفظكم الله؟
اقول هذه آخر اسؤلته و انا اقول بنجاسة النواصب الذين نصبوا العداوة لال محمد: او شيعتهم لاجل تشيعهم و اما المستضعفون منهم الذين لميعرفوا الخلاف و لميعادوا آل محمد: و لا شيعتهم لاجل مذهبهم فلااقول بنجاستهم بل هم مسلمون و هم الذين ينصب لهم الميزان و يحاسبون و يجازون بحسناتهم و سيئاتهم و هم اهل الوعد و الوعيد و الشفاعة جايزة لهم و هم المتمسكون باغصان الشجرة و اما المبتلي بمعاشرة النواصب فيعاشرهم و يساورهم مساورة المسلمين و نجاستهم معفوة حينئذ و لايجب عليه اذا عاشرهم
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 120 *»
و ساورهم في حال التقية ان يتطهر من مسهم و يغسل ما اصابهم منه فان في ذلك عسر و حرج و خلو الاخبار من التطهير بالكلية مع معاشرة المسلمين لهم في جميع الاعصار و الامصار اعظم دليل علي ان نجاستهم معفوة اللهم الا ان يمسهم في غير محل التقية و الضرورة فيغسل ما اصابهم منه و فرغ من جواب هذه المسائل العبد الاثيم كريم بن ابرهيم في ليلة الاربعاء لاربع مضت من شهر المحرم سنة سبع و ثمانين بعد المأتين و الالف من الهجرة المقدسة حامدا مصليا مستغفرا تمت.