رسالة ازهاق الباطل في رد البابية
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني
اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 5 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً يذر حمد الحامدين وراءه و يملأ اطباق ارضه و سمائه حمداً لا حمد فوقه و لا کلام و لا غاية دونه و لا مرام حمداً ليس له حد محدود و لا نعت موجود و لايحصي له عد و لا غاية له و لا امد و هو الواحد الاحد الفرد الصمد متوحداً في سلطانه متفرداً في علو شأنه عجز افهام الحکماء عن درک مائيته و کلّ السن الفصحاء و البلغاء عن وصف ماهيته جلّ عن انتدرکه الاوهام او تحيط به الاحلام کل ما توهم غيره و کل ما ادرک بنفسه خلقه موصوف بالايات معروف بالعلامات لميزل و لايزال وحدانيا ازليا قبل بدو الدهور و بعد صروف الامور لايبيد و لاينفد غني مطلق و ممتنع حق احاط بما سواه علماً اذ لا سواه فيما عداه من مبدئه الي منتهاه و قداستغني علمه في نفسه عن المعلوم و سمعه عن المسموع و بصره عن المبصر و قدرته عن المقدور کما قداستغني ذاته جل من هو هکذا و لا هکذا غيره لا کان خلواً من الملک قبل انشائه و لايکون منه خلوا بعد ذهابه فتجلي لا بحرکة بعد سکون و لا بنطق بعد سکوت و لا بزوال بعد قرار و لا بظهور بعد استتار و لميقترن به بعد احداثه مجده فهو علي ما کان عليه قبله و معه و بعده و لا کيف لذلک کما لا کيف له اذ به اجري الله ماسواه و لايجري عليه ما هو اجراه و به عرف نفسه له و به بمن عداه لمن عداه فکيف يوصف بما سواه حاشاه ثم حاشاه جلّ عن مخالفة الاضداد و عزّ عن مشاکلة الانداد و سبيل التعبير في التسطير و التقرير لدي النبيه لإخراجه عن الحدين حد التعطيل و حد التشبيه فيخرجه عن التعطيل لمکان قوابله و ينزهه عن التشبيه لوجود فواعله و بذلک ظهر الوجود و قام الشهود و تجلي المعبود و الا فکمال التوحيد نفي الصفات بالتجريد و کشف سبحات الجلال و التحديد و من وصفه فقدحدّه و من حدّه فقدعدّه و من عده
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 6 *»
فقدثنّاه و من ثناه فقدجزّأه و من جزّأه فقدالحد فيه و اشهد شهادة ظاهرها المصاص و باطنها الاخلاص انه العدل الذي لا جور فيه و القسط الذي لا ظلم يعتريه قداحاط بما سواه بعلمه و فطرهم علي حسب مشيته و سوّاهم علي هيئة ارادته و فصّلهم علي طبق قدره و رکبهم بقضائه وابرزهم بامضائه و انزلهم في خزائنه باذنه و حصرهم في اجله و اثبتهم في کتابه فاعطي کل معلوم کيانه و الزم کل مکون عيانه و فرّع علي کل عيان اقرانه قسّم حدود الدهر علي الاستواء و ابرز شهوده من العماء و اخذ عهوده علي الوفا بعد ما خيّر کل شيء باختياره و فتح عيون اعتباره و حفظ جميع ما لهم و بهم و فيهم و منهم بصواحب اقداره و هو المالک لما ملّکهم و القادر علي ما اقدرهم عليه و اولي بهم من انفسهم ثم دعاهم بلسان المثال الملقي في هوياتهم في کل رتبة و مقام الي الاقرار بمعاني بيانه و دخول بابه بدلالة امنائه و ارکانه و التوسل اليه بنقبائه و التسليم لنجبائه فاجابوا في اکوانهم طائعين و لبّوا دعوته ضارعين فالبسهم شعار الکيان و رداهم برداء العيان و انتجبهم في الاسرار و الاعلان و استسعاهم اليه و استقبلهم بما لديه فاقبلوا يسرعون اليه حثيثاً و يسعون نحوه سريعاً حتي ان الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب و متوجهة اليه بکلها و لو من وراء الحجاب ففنيت انفسهم عند سطوع انواره و اضمحلت اعيانهم عند لمعان بروق اسراره حتي خنست الاغيار و فاضت الانوار و عمرت الديار وظهر الملک القاهر الجبار و هم بين سابق في الاجابة قدعلا بسبقه و بين لاحق قددنا بحقه فاقامهم ثانياً في مشهد الاقتران و اوقفهم في موقف الامتحان و انتجب بعدله السابقين و خاطب بهم اللاحقين و فتح لهم الابواب و ناداهم من وراء الحجاب فاقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ کان لاتدرکه الابصار و لاتحويه خواطر الافکار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار فدعاهم الي ما دعاهم من التوحيد و الاقرار بالنبي المجيد و الاعتراف بالولي الحميد و الايواء الي الرکن الشديد فاذعنوا له اذعان العبيد و استسلموا له استسلام
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 7 *»
الفريد اذ بذلک التسليم استقر عيانهم و بذلک الاذعان ثبت کيانهم ثم دعاهم الي الاقرار بالنقباء المؤتمنين و النجباء الممتحنين فهنالک هاجت الضغائن و ثارت السخائن و جاء الاختلاف و رفع الائتلاف و تشتت الاوصاف و ضاق المصاف فمن مقر قدفاز باقراره و منکر قدخاب بانکاره و متواضع قدترفع باستسلامه و مستکبر قدوضع باستعظامه فلا الذي اطاع استغني عن هدايته و اقداره و لا الذي عصي سبق امداده و اظهاره فتح لهم العينين و هديهم النجدين و سخر لهم الکونين و اصبحهم الارادتين و امسکهم باليدين ليجزي الذي اساؤا بما عملوا و يجزي الذين احسنوا بالحسني. فمن صعد فباصعاده و احسانه و من نزل فبارخائه و خذلانه قدانعم علي الفريقين و اولي علي الصنفين فمنهم من استعمل فيوضه و امداده في سبل محبته و هدايته و منهم من صرف نعمه في طرق غوايته و ضلالته و الصلوة علي محمد المبعوث من البحبوحة العليا المذروء قبل کل موجود من ارض او سماء القائم به بذاتيته و الغائب عن درک البصاير بهويته الذي اله في تجليه البصاير و تحير في ظهوره المشاعر المغتمس في لجة بحر الاحدية المتجلي بالتجليات الواحدية الظاهر في الکينونة الاحمدية و النازل في الصورة المحمدية الذي جل عن انيدرک بالاوهام و عز عن انيحيط به الاحلام و تعالي عن وصف الواصفين و تعظم عن نعت الناعتين صلي الله عليه ابد الابدين و دهر الداهرين صلوةً تکون له رضا و لواجب حقه علي الخلق اداءً و قضاءً و علي منتهي الکلام و غاية المرام و اقصي ما يقع عليه الاشارات و اعلي ما يؤتي عنه بالتعبيرات العماء المطلق و الابهام الحق غاية الغايات و نهاية النهايات و سيد السادات و قائد القادات القاهر القادر المالک الغالب مطلوب کل طالب علي بن ابيطالب عليه صلوات الله ملأ المشارق و المغارب و بعدد کل شاهد و غائب و علي ساير المقامات و باقي العلامات و الايات البينات اغصان شجرة
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 8 *»
الواحدية و فروع الدوحة العلوية النابتة في ارض العصمة الفاطمية شهور حول اللاهوت و عدد ساعات الماهوت و حروف لا اله الا الله في الملکوت و الناسوت جهات الاشارات و مواقع التعبيرات و لاسيما صاحب باطن الولاية و قيم العنوان و الاية آخذ العهود للاثار و مؤکد المواثيق للانوار مظهر الغيوب في الشهود و مبين الموجد في الوجود مثبت العماء للسناء و مرئي المثني في الثناء جاعل العلل في المعلولات و واضع سمات المبدء في الغايات الغالب القاهر القادر المقتدر القائم الغايب المنتظر عجل الله فرجه و سهل مخرجه و اذهب بضياء وجهه الظلام و کشف بضوء بريق سيفه غياهب الطغام و رفع بظهوره الفتن و قشع ببروزه سحائب المحن آمين يا رب العالمين. و علي عناصر العباد و ارکان البلاد واشرف الاوتاد ابد الاباد الي يوم التناد و علي السادة الهداة و القادة الرعاة و الذابين الحماة المأخوذة لهم المواثيق و العهود القائمين مقام المعبود اصحاب الولاية و الاثار و معمري الديار و مذهبي الاکدار و رافعي الاغيار صلوات الله عليهم في الاعلان و الاسرار و لعنة الله علي طواغيت الايام و فراعنة الاعصار و الاعوام و نواصب العداوة للهداة الاعلام لاسيما اصولها المجتثة و عناصرها الخبيثة اللات و العزي و منات الثالثة الاخري مادامت الخضراء علي الغبراء و تجلي العماء في الضياء.
و بعد يقول العبد الاثيم و الفاني الرميم کريم بن ابراهيم ان الباعث علي تحرير هذه الرقوم المسطرات و تنميق هذه الحروف و الکلمات نفي تحريف بعض الغالين و انتحال جمع من المبطلين و تأويل جم من الجاهلين و رفع غائلة قوم من المبتدعين الذين ظهروا في سنة احدي و ستين من الثالثة عشرة من المئين من هجرة خاتم النبيين عليه و آله صلوات المصلين و ذلک انه بعد ما «غاب بدر الهدي»([1]) و افل شمس التقي و انهد رکن من ارکان الدين و ثلمت
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 9 *»
ثلمة في الاسلام و المسلمين الذي بکت علي فقده السموات العلي والارضون السفلي و الوحوش في الارض و الطيور في الهواء و تزلزل منه ارکان العرش الي الثري اعني به السيد السند و الحبر المعتمد صاحب الرکن الرابع و الضياء اللامع و النور الساطع و العلم البارع الهادي الشارع اعني به السيد القمقام و علم الاعلام و حکم الحکام و غاية المرام الذي کان يشد اليه الرحال و يفد اليه الرجال اعني به الحبر العالم فخر الاکابر و الاعاظم و مجد الاعالي و الافاخم مفخر آل هاشم السيد السند سيدنا و مولينا السيد کاظم اجل الله شأنه و انار في العالمين برهانه و اختل بفقده النظام و تزلزل باعراضه ارکان الاسلام و انهد بوفاته اساطين الاعلام و بقينا في اصطلام اللاواء و احاطة الاعداء و غلبة اللئام و استيلاء الطغام و غواشي الظلام فتنة منه سبحانه للمستسلمين له طمعاً او خوفاً و ابتلاء منه جل شأنه للمنافقين المسلمين کرهاً و اظهاراً منه تعالي قدره الضغاين الکامنة في الصدور و ابداء منه لطفت خبرته الاحقاد المستجنة والشرور، و استنطاقاً منه عظمت قدرته عجماء النفوس و الغيوب و استخراجاً منه عزت قوته کوامن القلوب فانه اجل الله شأنه و انار برهانه کان مجمع الفضائل و معدن محاسن الخصائل حتي انه في العلم بحر لايساحل و طمطام لايساجل و في الجود سحاب مطير و بحر غزيز و في کرم المحاسن و الاخلاق في جميع عصره طاق و في حسن الجوار احسن من في الديار و في السير و الاداب خير من رکب الاقتاب و في السياسة کأنه حقيقة الرياسة و في صحة الاصحاب من اشرف الاطياب و بالجملة کان بحيث
لو جئته لرأيت الناس في رجل
و الدهر في ساعة و الارض في دار
و لاجل ذلک شد اليه الرحال و وفد اليه الرجال و سار اليه اهل الاقاليم و الافاق و انجذب اليه النفوس کالغريم المهيم المشتاق کل يستمطر شآبيب فضله و يستدر ضروع نعمه فمنهم من اتاه طمعاً في دنياه و منهم من جاءه لادب شاءه و منهم من سار اليه طمعاً في علوم لديه و منهم من لاذ بسدته خوفاً من شديد معرته و منهم من نزل بفنائه طالباً لعظيم آلائه و منهم من طلب علومه ليرجع
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 10 *»
الي بلده و يسود قومه و منهم من راقبه لتعلم السياسة لاستکمال ما في نفسه من الرياسة و منهم من اظهر له الخلوص لتعلم الاکسير ليهطع الي اهله و هو امير و منهم من طلب منه علم الاعداد و الحروف ليحوز به التصريف المألوف و منهم من اتاه خشية من مولاه معرضاً عن دنياه طالباً تعمير اخراه تارکاً لهواه مؤثراً رضاه و هکذا لکل واحد منهم خيال و قل من طلب منهم الله المتعال و هو اجل الله شأنه امتثالا لقوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب ينفق في سبيل الله من کل باب علماً بانه لا نفاد لخزائن الله الوهاب ينفجر العلم من جوانبه و يمطر الکرم من سحائبه ينادي باعلي صوته جوده و کرمه مشهوراً کلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظوراً
فراحتا الدهر من فضفاض رحمته
مملوءتان و ما للفيض تعطيل
فسالت اودية بقدرها و استفاضت کل نفس بحسبها لميرجع احد منهم خائباً و لمينقلب طالب منهم خاسراً فمار الکيل و جانب الجنف والميل الي اناستخلصه الله فدعاه و اجاب دعوته و لباه فاراد الله سبحانه لاصحابه اجراء سنة الماضين و محنة السالفين کما قال بسم الله الرحمن الرحيم الم احسب الناس انيترکوا انيقولوا آمنا و هم لايفتنون و لقدفتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الکاذبين فاجري الله لسانه حين سأله عن الخليفة بعده سائله بقوله ان لله امراً هو بالغه و اشار احياناً بما اشار اذا استعمله بعض المسلمين و استشار ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة فلما استأثر جوار ربه و مولاه و خفي الملاذ بعده لمن والاه و لميعلموا الي من الغاية و المفزع و من الذي بعده المفر و المرجع اتخذ کل رهط منهم لانفسهم مرجعاً و کل قوم مفزعاً و انتشر قوم منهم في الاقاليم و البلدان و تفرق جمع منهم في القفار و العمران و تاهوا في البوادي و القفار و البراري و الديار الي ان التم جماعة منهم في شيراز و ارادوا لانفسهم الاجلال و الاعزاز ففکر مفکرهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 11 *»
و قدر فقتل کيف قدر ثم نظر ثم دبر و استکبر و طلب الرياسة و استأثر و ظن في نفسه علماً يؤثر فاعرض عن ربه و ادبر و قال انا الذکر الاکبر و النور الانور و الضياء الازهر و باب القائم المنتظر و الف لهم کتاباً ذا سور فساجل به کتاب الله المجيد و فرقانه الحميد و قال انه اوحي اليه کتاب جديد و الف لهم صحيفه عارض بها زبور آل الرسول الامين عليهم صلوات الله ابد الابدين و الف خطباً قابل بها خطب اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين و زعم علي ما روي عنه انه لا ظهور بعد للقائم المنتظر و انما خروجه بالشعاع و الاثر ثم فرق رهطه في اطراف البلاد ليخبروا العباد فانتشروا في البلدان و سافروا في اطراف العراق و الايران حتي ملأوا بها الاصقاع و اولجوها في الاسماع و دعوا الناس الي بيعته زعماً منهم ان جميع الخلق کرعيته و شيعته فتارة ذکروا انه يأتي العراق في محرم و يدخل جوف الحرم واضعاً سيفه علي عاتقه يدعو الي قائده و سايقه و يخرج مکبراً من حول الضريح ليداوي القلب القريح و يقاتل الروم و يقتلهم علي العموم و مرة قالوا انه في يوم نيروز و له فيه ظهور و بروز فاستنفروا الناس الي العراق و استلحقوهم ميقات يوم التلاق فخرج الناس کأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة وسعوا الي العراق من غير قود و لا سياق و اتبع آخرهم اولهم بالالتحاق کانهم شاء مطفرة قدطفرت من جعفره لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حکمة بالغة فما تغن النذر و حسبک شاهداً علي بطلانهم تسليم العوام لشأنهم و قدوصفهم الله في کتابه بقوله لو کانوا يعلمون ان هم الا کالانعام بل هم اضل اولئک هم الغافلون و اين ما ذکر الله الاکثر ذکرهم باخس ذکر و اشر و مدح القليل في کل تنزيل و تأويل و من البيًن ان:
بغاث الطير اکثرها فراخا
و ام الصقر مِقلاة نزور
و لما رأي بعض المتوسطين تزاحم الجاهلين و انثيال المبطلين علي هؤلاء المبتدعين ترددوا و ارتابوا و خسروا و خابوا و لميدعهم الي ذلک الا جبلة
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 12 *»
النفس الساکنة الي الکثير المستوحشة من القليل فانها مخلوقة في الکثرة و التحديد مضادة لمعني الواحد الفريد فتستأنس الي جنسها و تستوحش من ضدها مع انه قال علي عليه السلام لايستوحشنک في طريق الحق قلة اهله فان الناس اجتمعوا علي مائدة شبعها قليل و جوعها طويل ثم کثر بهذه الاخبار و اشباهها لغطهم و شاع في الانادي و المحافل لغوهم و تکاتب بها اهل البلدان و تحادثوا بها في کل خراب و عمران کأنهم همج رعاع و لکل ناعق اتباع وذهب سعي الهداة فيهم الي الضياع کأنهم جديدوا الاسلام و الايمان و عن طرقه و شوارعه عميان و کانوا الي الان عن ذکري کتبه و شرايعه صمان لميلجئوا فيه الي رکن شديد و لميفزعوا منه الي ولي شهيد و مثلهم في ذلک مثل بنياسرائيل و البقر حيث ذهب موسي حتييأتي بالاثر و ابقي فيهم هرون المستضعف المضطر فترکوه و اتخذوا العجل الهاً اکبر ان في ذلک لذکري و معتبر فتذکرت الخبر الذي جاء في الاثر عن سادات البشر عليهم صلوات الله الملک الاکبر من وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنکر فقدروي عن رسول الله صلي الله عليه وآله اذا ظهرت البدع في امتي فليظهر العالم علمه فمن لميفعل فعليه لعنة الله و عن ابيعبدالله عليه السلام عن آبائه قال قال علي عليه السلام ان العالم الکاتم علمه يبعث انتن اهل القيمة ريحاً تلعنه کل دابة من دواب الارض و عنهم عليهم السلام انهم قالوا اذا ظهرت البدع فعلي العالم انيظهر علمه فان لميفعل سلب نور الايمان فرأيت ان حفظ الدين و صيانة ايمان المؤمنين بنفي تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين من اشرف شرايع الدين و اصلح عمل في الشرع المبين و استخرت الله فيه رب العالمين راجياً منه سبحانه انيجعله سبب بصارة للمتقين و تذکرة للمعتبرين و يحسبنا بها من الذابين عن ناموس سيد النبيين و الدافعين عن حرم خير الوصيين و الحامين لحمي الائمة الطاهرين عليهم صلوات المصلين ابد الابدين و دهر الداهرين و سميته بــازهاق الباطل و فيه ثلث ابواب.
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 13 *»
الباب الاول
في ان القرآن کلام صدق لايماثل و نور حق لايشاکل و ان من زعم انه يقدر علي انيأتي بمثل القرآن کافر و في بوادي الهلاک ساير و ما يتعلق بذلک و فيه فصول.
فصل
في بيان معني «الکلام و المعني» و مراتبهما
اعلم ان الکلام بالقول المطلق تنزل العالي و ظهوره في رتبة الداني فکل عال بالنسبة الي دانيه غيب و معني و کل دان بالنسبة الي عاليه شهود و صورة علي ما لايخفي و من البين ان الشهادة علي طبق الغيب، و المعني علي طبق الصورة و ما من صورة الا و قدنزلت من معني لبطلان الطفرة و ما من معني الا و قدظهر بصورة لعدم الظهور الا بالکثرة و المعني في اللفظ کالروح في الجسد و في الحقيقة اللفظ روح مجسم و المعني جسم مروح فاختلف بذلک مراتب الالفاظ و المعاني و صار امرهما اضافياً فکل لفظ معني دانيه و کل معني لفظ عاليه و لعلک عرفت بذلک ان غاية المعاني عالم العقول و غاية الالفاظ عالم النفوس لما قدتضافر ان العقل اول ما خلق الله فلا معني فوقه فهو معني المعاني و غاية الغايات و منتهي النهايات و مبدؤ الموجودات و اول المذروءات فهو آخر المعاني و اولها و لماکان النفس اول تنزله و ظهوره بالصور کانت النفس اول الالفاظ و آخرها فالعقل هو باطن البواطن و لا باطن فوقه و الجسم هو الظاهر لا ظاهر دونه الا ما يتصرف فيه علي نحو ظاهر الظاهر و ذلک خارج عن المحل المقصود و من العقل الي اللفظ الجسماني الخزائن التي نزل منها الکلام و هو آخر المقام و کلام کل متکلم ينبعث من نفسه و يتدرج نزولاً الي انينزل الي عرش قلبه ثم ينزل الي شمسه ثم منها ينزل الي افلاک صدره و دماغه و منها الي ارض مخه ثم منه يأخذ النخاع و الاعصاب ثم منها تأخذ العضلات و توصل الي اللحم و العظم في العضو فتنطق اللحا و اللسان و الاسنان و الرية بما ينطق فهذا النطق السفلي علي صورة النفس العلوية و هيئتها فکان المنطوق نفس
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 14 *»
جسمانية و النفس منطوق دهري نفساني فلذلک صار کل کلام دليل عقل المتکلم به و کل کلام ينزل بعلم المتکلم به فکلام الله سبحانه ينزل بعلم الله کما قال تعالي شأنه ام يقولون افتريه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات و ادعوا من استطعتم من دون الله انکنتم صادقين فان لميستجيبوا لکم فاعلموا انما انزل بعلم الله و ان لا اله الا هو فهل انتم مسلمون و کلام غيره ينزل من اعلي مراتبه الي ادناها بعلمه لماعرفت کما عرفت و لذلک لميتکلم الانبياء والرسل اممهم في مقام التبليغ الا علي قدر عقولهم فعن النبي صلي الله عليه و آله انا معاشر الانبياء نکلم الناس علي قدر عقولهم و سر ذلک انهم نزلوا الي رتبة اممهم لکي تدرکهم الابصار و تحيط بهم خواطر الافکار و تمثلهم غوامض الظنون في الاسرار فظهروا في عالم العقول بعقولهم و في الارواح بارواحهم و في النفوس بنفوسهم و في الطبايع بطبعهم و في المواد بمادتهم و في الاجسام بجسمهم فقال قائلهم انما انا بشر مثلکم فالمتکلم للامم الذي يصغون اليه و يسمعون صوته و يرون شخصه هو النازل في رتبتهم المصور بصورتهم و هو يتکلم علي حسب عقولهم فآخر بواطن معاني ما اسمعهم عقلهم کما ان ظاهر ما اسمعهم لفظهم فان من شيء يسمعه احدهم الا و يمکنه البلوغ اليه و النظر فيه و الاحاطة بظاهره و خافيه علي حسب ما اراد منه المتکلم معه له لا لغيره و لما کان للانبياء مراتب فوق الامم حتي ان افئدة الامم خلقت من شعاع اجسامهم و لهم فوق اجسامهم مراتب بحسبهم فهنالک لهم لالفاظهم معان تخصهم لايشارکهم في فهمها احد لان کل شيء لايجاوز ماوراء مبدئه و لايتعدي حده و مقامه و غاية مراتب الامم في درک المعاني عقلهم و في درک الحقايق فؤادهم وهو من شعاع اجسامهم و اثر ظواهرهم و لايبلغ الشعاع رتبة المنير و الاثر مقام المؤثر فيمتنع عليهم درک تلک المعاني التي تخص الانبياء فلهم من المعاني التي تخصهم ظاهر و باطن و باطن باطن الي سبعة ابطن يتفاضل فيها الانبياء و الرسل لايعلمها احد سواهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 15 *»
و کذلک لمحمد و آل محمد عليهم السلام معان تخصهم علي حسب مراتبهم و مقاماتهم من جسمهم الشريف الي عقلهم اللطيف و ليس لاحد من الانبياء درک معني من تلک المعاني فان افئدتهم من شعاع جسم فاطمة صلوات الله عليها و الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض و کل شيء لايتجاوز ماوراء مبدئه و لايحيط بموجده فتلک المعاني تخصهم صلوات الله عليهم يتفاضلون فيها علي حسب مقاماتهم فالکلمة التي يتکلم بها محمد صلي الله عليه و آله مثلا خلق الله الماء طهورا لاينجسه شيء الا ما غير لونه او ريحه او طعمه يريد منها معان يمکن للرعية درکها و الاحاطة بها و معان يمکن للانبياء والرسل درکها و لايمکن لمن دونهم من الرعية الاطلاع عليها و معان تخصه و آله صلوات الله عليهم و لايمکن للانبياء و الرسل درکها و الاطلاع عليها و اما ما تکلم به الله سبحانه له معان يفهمها المؤمنون علي حسب مقامهم و معان يفهمها الانبياء و الرسل علي حسب درجاتهم و معان يطلع عليها محمد و آله سلام الله عليهم و معان هي في علم الله سبحانه الامکاني لمتنزل بعد الي عالم الاکوان منها امر النبي صلي الله عليه و آله بالاستزادة بقوله رب زدني علماً و کان يستزيد منها صلوات الله عليه و آله آناً فآناً و لا غاية لذلک و لا نهاية و هو الذي اشار اليه الله سبحانه کلما وضعت لهم علماً رفعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية و منه يزادون في کل ليلة قدر و ليلة جمعة و في کل ساعة و حين کما روي عن ابيجعفر عليه السلام في حديث طويل ان رسول الله صلي الله عليه وآله لما اسري به لميهبط حتي اعلمه الله جل ذکره علم ما قدکان و ما سيکون و کان کثير من علمه ذلک جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر و کذلک کان علي بن ابيطالب عليه السلام قدعلم جمل العلم و يأتي تفسيره في ليلة القدر کما کان مع رسول الله صلي الله عليه و آله الخبر و عن المفضل قال قال لي ابوعبدالله عليه السلام ذات يوم و کان لايکنيني يا با عبدالله فقلت لبيک جعلت فداک قال ان لنا في کل ليلة
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 16 *»
جمعة سروراً قلت زادک الله و ما ذاک قال انه اذا کان ليلة الجمعة وافي رسول الله العرش و وافي الائمة معه و وافينا معهم فلاترد ارواحنا الي ابداننا الا بعلم مستفاد و لولا ذلک لنفد ما عندنا و عن ابيبصير قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول انا لنزاد في الليل و النهار و لو لمنزد لنفد ما عندنا و ما في هذه المعاني اخبار کثيرة اقتصرنا بالقليل خوف التطويل و لاشک انهم لايزادون فيما قدکان او سيکون فان جميعها عندهم کفلقة جوزة في کف واحد منا و انما يزادون من تلک العلوم الالهية التي لمتنزل بعد من صقع الامکان الي عرصة الاکوان و کما ذکرنا من مراتب علوم محمد و آله صلوات الله عليهم اجمعين و علوم الانبياء و المؤمنين فلعلم الله سبحانه ايضا مراتب ادناها الامکان مقام ام الکتاب و اللوح المحفوظ ثم علم الاجال يليه من فوقه ثم علم الاذن ثم علم الامضاء ثم علم القدر ثم علم الارادة ثم علم المشية و هذه السبع شئون علم الواحدية ثم فوقه مما يليه علم الاحدية ثم علم الالوهية ثم علم الهوية ثم علم الذات و هذه العلوم الاثناعشر من ما يخص به الاله الاکبر ليس الاحاطة بها من حد البشر و هذه العلوم هي التي اشار الله اليه في کتابه العزيز ان الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تکسب غداً وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير اما قوله ان الله عنده علم الساعة فالساعة في الظاهر هي يوم القيمة سمي بالساعة فانه آن واحد کلمح بالبصر او هو اقرب و هو المعاد الذي هو عين المبدأ فسماه بالساعة لتشمل المبدأ و المعاد معاً و المراد منه جميع المقامات الخمسة التوحيدية من الذات الي الواحدية فان المراد بهذه الذات غير الذات القديمة و انما المراد بها مبدؤ المبادي و ذات الذوات و جميع تلک العلوم السبعة فالساعة جميعها لانها محضر الکل من حيث المجموع فهي ساعة لاهوتي ليس لها آن ثان ابداً و انما هي ساعة و آن واحد لا غاية لها و لا نهاية و لاتأتي لها ساعة ثانية فعنده هذا العلم لايطلع عليه احد سواه و ينزل الغيث هو غيث الوجود الراجح النازل من سحاب الرحمة فاشار
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 17 *»
بالانزال الي علم المشية و الارادة و القدر و القضاء و الامضاء و الاذن و الاجل و الکتاب فانه سبحانه قبض بمشيته اربعة اجزاء من رطوبة الرحمة و بارادته جزءاً من يبوستها فعفّنهما بتقديره وعقدهما بقضائه سحاباً مزجي و جعله رکاماً وامطره بامضائه و نقله من کل حال الي آخر باذنه و امسکه في کل مقام باجله و اوقعه علي ارض الامکان بکتابه فبين بقوله ينزل الغيث جميع هذه المراتب و المقامات فانه اشار هيهنا ان علم تکوين الوجود الراجح هو انزال الغيث و فصّل في آي آخر کيفية ايجاد الغيث و ان الکتاب يفسر بعضه بعضاً فقال في آية و هو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتي اذا اقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من کل الثمرات کذلک نخرج الموتي لعلکم تذکرون و قال الم تر ان الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله رکاماً فتري الودق يخرج من خلاله و قوله و يعلم ما في الارحام هي ارحام القوابل الامکانية التي انزلت فيها نطفة الغيث من صلب بعلها و ظهره و هو المشية بقول مطلق فالله سبحانه يعلم ما في ارحام القوابل الامکانية و لايعلمها غيره لانها لمتتکون بعد و هذا غاية قوس النزول فاولها تکون السحاب و آخرها الاقتران بالارحام و الاختفاء فيها و هي آخر تکون المقبول ثم اخذ سبحانه في القوس الصعودي و مراتب القابل فاشار اليه بقوله تعالي و ما تدري نفس ما ذا تکسب غداً اي ما تدري نفس من تلک النفوس الحاصلة في الارحام بعد صيرورة نطفة الغيث علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم مکسي باللحم ثم منشأ بخلق آخر ثم جنيناً ذا نفس ناطقة قدسية ماذا تکسب غدا في الصعود و کيف تقبل الامداد النازلة من سماء المشية هل لايبدو و يتم و يبلغ غايته و منتهاه او يبدو فلايتم و لايکمل و هذا العلم ايضاً من العلم الامکاني و ما تدري نفس باي ارض تموت و ما تدري نفس من تلک النفوس الامکانية باي ارض من اراضي القوابل الصعودية تموت لتبعث في ارض اعلي منها فانها ما لمتمت من ارض اجسامها بحسبها لمتبعث في ارض مثالها و ما لمتمت في ارض
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 18 *»
مثالها لمتبعث في ارض مادتها و هکذا فلاتدري نفس باي ارض من اراضي اجسامها في سيرها الي مثالها و اراضي مثالها في السير الي مادتها و هکذا تموت و تکسر و تفکک لتصاغ صيغة اخري ليوم ساعتها و قيامها في ارض مبدئها لسر البداء و عدم الامضاء فهذا العلم ايضا من مراتب القوابل الامکانية فهذه الاية جمعت جميع مراتب النزول و الصعود و القبول و القابل الامکانية و الساعة المهيمنة علي جميع المراتب من المبدء الي المنتهي و لايعلم شيئاً من ذلک احد من اهل الاکوان لانها لميکن بعد و علمها مخصوص بالله سبحانه و هو الذي اشار اليه سبحانه و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء و محمد و آله عليهم السلام يستزيدون من ذلک العلم و ينزل عليهم منه في کل آن و حين و ذلک العلم مما يعلمه الله سبحانه و يقصده من القرآن و لايعلمه غيره من خلقه الا بتعليم خاص من الله سبحانه و اما ما في عرصة الاکوان فيعلمه محمد صلي الله عليه و آله و يعلمه عترته عليهم السلام سواء کان مما کان او يکون الي يوم القيمة و قدتضافر علي ذلک الاثار و الادعية الواردة عنهم عليهم السلام و بالجملة لماکن قاصداً لذکر هذه الامور في هذه الرسالة و انما جرت علي لسان القلم استطراداً فاذا کلام کل متکلم ينزل من مقام نفسه الي اخر مقامات شهوده و ليس له انيقصد به ازيد من ذلک فکلام المؤمنين اوله نفوسهم و آخره اعراضهم و غاية معانيه عقولهم و کلام الانبياء اوله نفوسهم و آخره اجسامهم في المخصوص بهم و اجسام المؤمنين و اعراضهم في الاعم و کلام محمد و آله صلوات الله عليهم اوله نفوسهم الشريفة و آخره اجسامهم اللطيفة في المخصوص بهم و آخره اعراض المؤمنين في الاعم و اول کلام الله سبحانه نفسه القائمة فيه بالسنن و آخره الامکان في المخصوص به و آخره اجسام المؤمنين و اعراضهم فيما شاء الله کيف ما شاء الله و قدعرفت ان کل کلام معني ما دونه و لفظ ما فوقه الا تري ان لفظ الاسم کلمة و زيد اسم و المصداق الخارجي زيد و ذاته موصوفة بالمصداق فتبصر به امرک حتييأتيک البيان.
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 19 *»
فصل
في کيفية صيرورة الکلام معجزاً لايمکن الاتيان بمثله و الفرق بينه و بين ما ليس بمعجز
اعلم ان کل ظاهر جاذب لباطن خاص به يناسبه علي حسب لطافته و کثافته و شدة اعتداله و قلته فکلما کان الظاهر اشد اعتدالا و اقوي ترکيباً و اکثر صفاء حکي باطناً اعلي و اشرف و الطف و اقوي و اعدل علي حسبه و کلما کان اضعف اعتدالا و ترکيباً و اقل صفاء حکي باطناً ادني و اخس و اکثف و اضعف علي حسبه و ذلک ان الظاهر وعاء الباطن و مرآته الحاکية له و القابل الجاذب له و لابد من مناسبة بينهما فمهما ائتلفت العناصر و اعتدلت نحو اعتدال تقوت و صفت واعتدلت بحيث صارت قابلة لجذب الروح النباتية من المبدء و حاکية لها و مظهرة لها و مصدرة لآثارها و منشأة لافعالها و بهذا الاعتدال لاتحکي الروح الفکلية و لاتجذبها و لاتظهرها لشدةکثافة جواهرها و غلظة بسايطها التي لاتکاد تنفعل للنفس الفلکية فاذا لطفت و رقت و اعتدلت و صفت حتيساوت صفاء فلک القمر جذبت النفس الفلکية و استنزلها اليها فحکي صفاتها و اظهر افعالها فالترکيب الاول کان معتدلا و لولاه لميظهر النفس النباتية المستعلية عليها و هذا الترکيب ايضاً معتدل و لولاه لميظهر النفس الحيوانية المستعلية عليها الا ان جواهر الاول کثيفة غليظة غير مطاوعة للنفس الفلکية و جواهر الثاني لطيفة و هکذا مهما لمتلطف و لمتصف بحيث تساوي فلک الزهرة لمتظهر فيها روحه ابداً و انکان معتدلا في حد ذاته فان الصفاء شرط بحسب کل مقام مزيداً علي الاعتدال و هکذا کلما صفت و اعتدلت حتي ساوت فلکاً من الافلاک يظهر فيها روحه الي انتصير بصفاء عرش الرحمن واعتداله فيتعلق بها عقله الکلي ثم تصفو الي انتلقي عنها الحدود و الکثرات لان الشيء بکثافته المستلزمة لبرده المستلزم لانقباضه يقبل الحد فکل ما صفي قل برده و کلما قل برده اتسع و هکذا يقل برده و يتسع حتييضمحل برودته و يبطل حکمها فيخرج الشيء عن الحد المستلزم للبرد فلاينحد فلما صفت الجواهر و اعتدلت غاية الاعتدال حتي فنيت البرودات المستلزمة للضيق و الانقباض اتسعت حتيخرجت عن الحد و ساوت الجسم الکلي و الجسم المطلق و لاتتعداه بعد ذلک و حينئذ يتعلق بها الفؤاد و نور الله و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 20 *»
تدخل في المتوسمين و هکذا تصعد في اللطافة شيئاً بعد شيء و ليس لها غاية و لا نهاية و فيه قوله تعالي کلما وضعت لهم علماً رفعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية و محبته هي خلوص الحبيب و شدة فنائه و اضمحلاله في المحبوب و مجانبته الاغيار و کشفه الاستار و انغماسه في الانوار فالمحبة هي الانجذاب الحاصل من صفاء الحبيب نحو المحبوب و علي هذا المثال اذا اعتدلت هذه العناصر و کان لها نوع صفاء اقتضي تعلق الروح الجمادية بها فلما زاد اعتدالها و صفائها تعلق بها الروح النباتية فلما زاد اعتدالها و صفائها تعلق بها الروح الحيوانية فاذا ازدادت اعتدالا و صفاء تعلق بها الروح الجنّية فاذا ازدادت اعتدالا و صفاء تعلق بها الروح الانسانية فاذا ازدادت اعتدالا و صفاء تعلق بها الروح النبوية فاذا ازدادت اعتدالا و صفاء تعلق بها الحقيقة المحمدية و اذا ازدادت صفاء و اعتدالا يترقي شيئاً بعد شيء و ليس للسير الي الله غاية و لا نهاية و لايصل الساير اليه ابداَ ابداَ نعم اذا ازدادت نعومة و لطافة و صفاءاً و اعتدالا تعلق بها المقامات و العلامات و الايات و العنوانات الي انتزداد في کل ذلک حتييظهر منها المجهول المطلق و العماء الحق و هکذا الي ما شاء الله ففي کل مقام و رتبة لابد من اعتدال و صفاء يناسب ذلک المقام علي ما اشرنا اليها و لعلک عرفت من هذا البيان ان مراتب التصفية تدريجية مرتبطة متصلة بعضها ببعض و ليست علي نحو الطفرة و بين کل مقامين منها برزخ لامحالة فلما جاوز القابل مثلا صفاء الانسان و اعتداله و لمايبلغ صفاء الانبياء و اعتدالهم يکون له بينهما حالة برزخية لامحالة و في هذه الحالة يحکي مقاماً اعلي من مقام الانسان و اسفل من مقام الانبياء و يکون بذلک برزخاً بين الانبياء و الانسان کما روي انه عرضت النبوة و الحکمة علي لقمان فقبل الحکمة و عرضتا علي داود فقبل النبوة. و هذا البرزخ يحدث في القابل اذا نزل المؤثر و الاثر اليه بظهورهما من جهة ان کل شيء فيه معني کل شيء فجميع المراتب ثابتة في کل شيء و کلما يصفو الشيء و يزداد اعتدالا يظهر عليه سر کان فيه کامناً و يبدو منه آثاره وهذا معني نزول العالي في الداني فان نزول
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 21 *»
العالي الي الداني ليس بذاته و انما هو بظهوره الذي هو نفس الداني و لاجل ذلک امکن البرزخ بينهما اي بين المقامين في رتبة و ان لميکن برزخ بين الاثر و المؤثر حقيقة فيمکن البرزخ بين کل رتبتين من ادني المراتب الي اعليها و ذلک البرزخ هو المعبر عنه بالراجح في کل مقام بحسبه فان کل عال واجب بالنسبة الي دانيه و کل دان جايز بالنسبة الي عاليه و عبر عن البرزخ بينهما بالراجح فاذا عرفت ذلک و تبينت ما هنالک فاعلم ان من الظواهر الالفاظ و الحروف و الکلمات المعروفة و هي ايضاً علي طبق الالفاظ و الحروف و الکلمات الكونية و هي ايضاً علي طبق الالفاظ و الحروف و الکلمات الکونية فربما تترکب الحروف في عالم الالفاظ ترکيباً لايصلح لحکاية اکثر من عالم المثال فليس لها الا معني واحد و باطن واحد و ربما تترکب ترکيباً اعدل من الاول و اصفي فتدل علي عالم المواد ايضاً و ربما تترکب ترکيباً اعدل من ذلک و اقوم فتدل علي عالم الطبايع ايضاً وهکذا الي انتترکب ترکيباً اعدل و اقوم و اصفي فتحکي مع جميع ذلک الفؤاد ايضا و هذا غاية ما في الرتبة الواحدة ثم تترقي في الاعتدال و الصفاء و القوام حتيتدل علي جسد الانبياء ايضاً ثم تزداد في ذلک الي انتدل علي مثالهم و موادهم و طبايعهم و هکذا الي افئدتهم ثم تترقي الي انتزداد اعتدالا و ترکيباً الي انتدل علي اجسام آل محمد عليهم السلام ايضاً ثم هکذا تزداد اعتدالاً وصفاء و قواماً الي انتدل علي امثلتهم و موادهم و طبايعهم و هکذا الي ان تدل علي حقايقهم ثم تزداد نعومة و اعتدالا وصفاء الي انتدل علي الصلوحات الامکانية و الکتاب و الاجل و الامضاء و القضاء و القدر و الارادة و المشية و هکذا تزداد نعومة و صفاء و اعتدالاً في نهج الترکيب و ملايمات التأليف الي انتدل علي مقامات الواحدية و الاحدية و الالوهية و الهوية و الذات کماکانت الجواهر العنصرية في ترکيباتها حرفاً بحرف الا تري ان من العناصر قدتتألف و تکون شجراً و قدتتألف و تکون حيواناً و لايدل جسد النبات علي ما يدل عليه جسد الحيوان مع ان کليهما من العناصر الاربعة و قدتتألف و تکون انساناً و لايدل جسد الحيوان علي ما يدل عليه جسد الانسان مع ان کليهما من العناصر و قدتتألف و يکون منهما جسد نبي و لايدل جسد الانسان علي ما يدل عليه جسد النبي
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 22 *»
و قدتتألف و يکون منها جسد محمد صلي الله عليه و آله و لايدل جسد النبي علي ما يدل عليه جسد محمد صلي الله عليه و آله و هکذا و ليس ذلک الا من تفاوت مراتب الصفاء و حذف الزوايد و الغرايب و حسن التأليف علي مايليق بکل روح و يحتاج اليه کل روح في اظهار صفاتها و اجراء افعالها و هکذا جواهر الحروف تختلف ارواحها التي هي معانيها بحسب اختلاف ايتلافها و ترکيبها و صفائها بحذف الزوايد و الغرايب اللفظية و الوصفية منها و بحسب حسن صوغها و سوءه فلا کل احد يقدر انيؤلف الفاظاً و حروفاً تدل علي ازيد من عقله و مقامه و حده و امثل لک في ذلک مثالا ان البنّاء يقدر علي انيؤلف اللبن و الطين و الماء حتييجعل بناء يستقر فيه الاجسام و يدل کل جزو من بنائه علي ما يستقر فيه بحسب تأليفه و ترکيبه مثلاً يدل بيت من بيوته علي انه المضيف و يحل فيه الضيف و بيت علي انه لاجل انيحل فيه النساء و بيت علي انه لاجل المخزن و بيت علي انه لاجل الاصطبل و بيت علي انه لاجل الانبار و بيت علي انه لاجل المطبخ و هکذا کل جزو منه يدل علي شيء من الاشياء التي ينبغي انيحل فيه فالبنّاء يقدر انيؤلف من حروف اللبن و روابط الطين لفظاً هکذا يدل علي ما ينبغي انيحل فيه و لايقدر انيؤلف من الماء و التراب حتييجعله بيتاً يحل فيه الروح النباتية و الحيوانية و الانسانية و هکذا فان هذا التأليف لايحصل بالالات الجسمانية و الجوارح الجسدانية فلايمکن ذلک التأليف باليد و الرجل و يحتاج الي جارحة طبيعية و هي خارجة عن قدرته و لاتصرف له فيها الا من کان له تصرف فيها و الطبيعة بحکمه و جارحة من جوارحه فهو يمکنه ترکيب العناصر بحيث يحل فيها الروح النباتي و هوکالملک المؤلف للنبات و اما هذا الملک لايقدر انيؤلف العناصر بحيث يحل فيها الروح الفلکية لان جواهر ملک النبات طبيعية و في تأليف العناصر حتيتصير بيتاً للحيوان يحتاج الي جارحة حيوانية فلکية فليس له ذلک و انما هو شأن الملائک الافلاکية و هکذا، و هکذا الامر في الالفاظ حرفاً بحرف الا تري ان العامي الذي ليس له نفس علامة لايقدر انيؤلف الحروف تأليفاً تدل علي مسألة من المسائل العلمية و الذي له نفس علامة في الفقه و ليس
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 23 *»
له نفس علامة بالاکسير لايقدر انيؤلف کلمات و حروفاً تدل علي علم الاکسير و انکان جميع الالفاظ من الحروف و يمکن في الامکان جميع انحاء اقتراناتها ولکن لا کل احد يقدر علي کل ترکيب الا تري ان ترکيب العناصر بجميع انحائه کان ممکناً ولکن لا کل احد کان يقدر انيؤلف منها ما يشاء فکذلک الانسان لو اجتمعوا يقدرون علي انيؤلفوا من الحروف ما يمکن لادق جوارحهم و هو عقلهم و لايقدرون علي تأليف لايتصرف فيه جارحة العقل اتري يتصرف جارحة اليد في تأليف النبات فهکذا لايتصرف جارحة عقول الاناسي انيؤلفوا بها من الکلام تأليفاً يدل علي جسد الانبياء و يحل فيه لان ذلک فوق شهاداتهم و مراتب مقاماتهم و قدرة جوارحهم و اما النبي فيقدر انيؤلف من الحروف تأليفاً يدل علي اجسادهم او امثلتهم او غيرها من مراتبهم ولکن لو اجتمع الانبياء کلهم لايقدرون انيؤلفوا حروفاً تدل علي جسد آل محمد عليهم السلام لانه فوق شهادتهم و تصرف جوارحهم ولکن هم بانفسهم يقدرون انيرکبوا حروفاً و کلمات تدل علي اجسادهم و هکذا و هم ايضا لو اجتمعوا کلهم لايقدرون انيؤلفوا کلمات و حروفاً تدل علي ما يخص به سبحانه من المقامات و الصفات قال النبي صلي الله عليه و آله انت کما اثنيت علي نفسک لااحصي ثناء عليک و بذلک صارت اسماء الله و صفاته توقيفية و اتفقوا عليه و ان لميعرفوا وجهه و ذلک لانه لايقدر احد انيؤلف تأليفاً يدل علي صفاته سبحانه و مقاماته غيره سبحانه فهو يقدر علي تأليف ذلک بجوارح الهية لاهوتية فيؤلف ما يشاء کيف يشاء حتييدل علي صفاته و مقاماته ثم يعرفه خلقه و يأمرهم انيدعوه بها و يتوسلوا اليه بها کما خلق النبي صلي الله عليه و آله و عرفه خلقه ليتوسلوا اليه به فلو اجتمع اهل السموات و الارض علي انيؤلفوا اسماً من اسمائه سبحانه لايقدرون عليه و لو کان بعضهم لبعض ظهيراً انظر في ظاهر ظاهر هذا الخبر و اعرف المقصود سئل اميرالمؤمنين عليه السلام بم عرفت ربک قال بما عرفني نفسه قيل و کيف عرف نفسه فقال لايشبهه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 24 *»
صورة و لايحس بالحواس و لايقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه الخبر و في الدعاء يا من دل علي ذاته بذاته و تنزه عن مجانسة مخلوقاته و ايضا في الدعاء بک عرفتک و انت دللتني عليک و لولا انت لمادر ما انت و قال الرضا عليه السلام ساجدا سبحانک ما عرفوک و لا وحدوک فمن اجل ذلک وصفوک سبحانک لو عرفوک لوصفوک بما وصفت به نفسک و لااشبّهک بخلقک انت اهل لکل خير فلاتجعلني من القوم الظالمين و کتب ابوالحسن عليه السلم ان الله اعلي و اجل و اعظم من انيبلغ کنه صفته فصفوه بما وصف به نفسه و کفوا عماسوي ذلک الي غير ذلک من الاخبار و ادلة الاعتبار فليس لاحد انيصفه بوجه من الوجوه الا انيصف الله بشيء نفسه و يعرفه خلقه ثم يتوسلوا به اليه و يصفوه به و الا فلايمکن لاحد فلعلک عرفت بذلک انه لايقدر انيؤلف کلمات و حروف مثل تأليف القرآن و لو اجتمع عليه اهل الارضين و السموات من الجن و الانس و الملائکة و الانبياء و الرسل و الائمة الطاهرين و محمد خاتم النبيين عليهم صلوات المصلين فلايقدرون علي ترکيب حرفين من الکتاب علي النهج الذي رکب الله سبحانه و علي الوضع الذي وضعه الله و لاتزعم ان لفظة قال مثلا قاف و الف و لام و کل العرب کان يقول و نحن ايضا نقول فان مثلک في ذلک مثل من صنع وردة من الخرق و المفاتيل و زعم انه کالورد النابت، و هو ينبت و ما صنعت لاينبت و هو حي و هذا ميت و هو يؤثر و هذا لايؤثر الا تري انک لو اهنت بمکتوب قال علي انه من القرآن کفرت و لو اهنت به علي انه قولي لمتکفر و لو لمتکن في تلک الکلمة روح لما اثرت هذا التأثير الا تري انه يؤخذ من القرآن ما يشاء لما يشاء و يوضع في الالواح و يرقي به و يؤثر و يشفي و لايؤثر قولک «قال» ابداً في رقي و لا غيره و هل ذلک الا لاجل ان في کلامه تعالي روحاً و ليس في کلامک روح و ان القرآن يجيء يوم القيمة بهيئة رجل و يشفع لکل من تمسک به في دار الدنيا و کلامک ليس هکذا و انما ذکرنا هذه الجهات لمن کان مسلماً و عرف انه معجز و اراد انيعرف سره و اما
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 25 *»
غير المسلم فيتحدي بانيأتي بمثله و لايقدرون علي انيأتوا بسورة من مثله و ذلک لانهم لايسلمون ان کلمتهم ايضا لاتکون مثل کلمة الله فيتحدّون بسورة و بعشر سور و انما ذلک لصعوبة تفهيمهم ان مثل الکلمة ايضا لايمکن صدوره من غيره سبحانه و الا لو اجتمع جميع اهل السموات و الارض علي انيؤلفوا کلمة من کلمات القرآن حتي لفظة فرعون مثلا ما قدروا عليه فان في ترکيب القرآن خصوصيات لايقدر احد انيؤلف الحروف عليها الا الله سبحانه بجوارح سرمدية و آلات لاهوتية الا تري ان لفظة فرعون منک يحرق و لا حرج و لفظة فرعون من القرآن لاتمس بغير طهر و لفظة فرعون من القرآن شفاء من کل داء و امان من کل خوف و حفظ من کل سوء و ليس من غيره هکذا. و بالجملة خلقة القرآن کخلقة محمد صلي الله عليه و آله فکما انه لايقدر احد انيخلق مثل محمد صلي الله عليه و آله لايقدر احد انيأتي بمثل القرآن و عدم القدرة علي الاتيان بمثله علي وجهين وجه يمکن انيؤتي بمثل صورته و ليس له تلک الروح و قسم لايمکن انيؤتي بمثل صورته ايضاً فان حسن تأليفه و ترکيبه فوق طاقة المخلوق اما ما يمکن الاتيان بمثله صورة فالکلمات و الحروف التي اذا تکلم بها وحدها لايعرف انها من القرآن بنفسها من غير قرينة کلفظة «کان» مثلا فمثلها يؤتي بمثلها صورة ولکن لا روح لما اتوا به و لا دلالة له علي المقامات و العلامات اللاهوتية و اما ما لايمکن الاتيان بمثله ابداً فهو ما يفهم انه قرآن اذا قرء و هو مقدار سورة الکوثر و التوحيد مثلا فليس لاحد انيأتي بمثله لا صورة و لا معني و لو اجتمع عليه الانس والجن فانه ترکيب الهي بجوارح ربانية و ادوات سبحانية و مثله بعينه مثل ساير الخلق فانهم و ان کانوا يقدرون علي انيأتوا بشبه صورة بعض الاشياء فانهم لايقدرون انيأتوا بمثل اکثرها صورة و جميعها معني و انما يقدرون علي تأليفات عرضية لايسمن و لايغني من جوع و اني لهم بالتأليفات الحقيقية و الترکيبات الاصلية فتبين و ظهر ان لتأليف القرآن خصوصيات من تقديم حرف علي حرف و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 26 *»
تأخير کلمة عن کلمة و آية عن آية و سورة عن سورة و خصوصيات کل حرف من قلقلتها[2] و همسها[3] و جهرها[4] و اطباقها[5] و انفتاحها[6] و شدتها[7] و رخاوتها[8] و استعلائها[9] و انخفاضها[10] و ذلاقتها[11] و صموتها[12] و صفيرها[13] و لينتها[14] و منحرفها[15] و مکررها[16] و هاويها[17] و محتوتها[18] و فتحها و رفعها و خفضها و سکونها و مدها وظهورها و خفائها وناريها و هوائيها و مائيها و ترابيها و متواخيها و متناکرها و نورانيها و ظلمانيها ومذکرها و مؤنثها و نظايرها و غرايزها و ناطقها و صامتها و معجمها و مهملها و متعاديها و يابسها وفاتحها و جامدها و تامها و رسلها و علماها الکملين و علماها الادنين و ملوکها وصالحيها واغنياها و فقراها و اشقياها و عوامها و حمليها و ثوريها و جوزائيها و سرطانيها و اسديها و سنبليها و ميزانيها و عقربيها و قوسيها و جدييها و دلويها و حوتيها و قمريها و عطارديها و زهريها و شمسيها و مريخيها و مشترويها و زحليها و مداخلها الصغيرة و الکبيرة و المتوسطة الکبري و المجموعية والاکبر و الاکبر الاعظم و الاکبر الاکبر و بسوطها العددية و الحرفية و قواها و منسوبات المنازل و هي شرطين و بطين و جبهة و زبرة و صرفة و نعايم و بلدة لناريها و هقعة و هنعة وذراع و غفر و زبانا و اکليل و اخبية لهوائيها و نثرة و طرفة و قلب و شولة و مقدم و مؤخر و رشا لمائيها و سماک و عوا و دبران و ثريا و ذابح و بلع و سعود لترابيها و هکذا ساير متعلقات الحروف مما ينتسب و الساعات و الايام و الشهور و الاعوام و القرون و المعادن و الاقاليم و المواضع و البر و البحر و غير ذلک مما يطول بذکرها البيان و متعلقات الکلمات من المعروف و المجهول و الاسم و الفعل و الحرف و المعرفة و النکرة و المنصرف و غير المنصرف و الصحيح و المعتل و المفرد و التثنية و الجمع و المؤنث و المذکر و التصاريف و الاشتقاقات مما يطول بذکرها البيان و متعلقات الترکيب من الاضافة و الحال والتمييز و النعت و العطف و الفاعل و المفعول والاسناد و الابتداء و الاخبار و الاسم والخبر و غير ذلک مما هو
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 27 *»
معروف و غير ذلک من متعلقات البيان و المعاني و الفصاحة و البلاغة و الصناعات العروضية و انطباقها علي العلوم الالهية والطبيعية و علي علم الرياضي من النجوم و الرمل و الجفر و الهندسة و الحساب و الاعداد و ساير متعلقات کل واحد و حيازتها علم الشريعة و الطريقة و الحقيقة منطبقاً بعضه علي بعض و انطباقها علي الکتاب التکويني من الف الف عالم و اشتمالها علي علم ما کان و ما يکون الي يوم القيمة و تضمنها جميع الحالات و العلوم اجمل لک القول لايوجد کمال و لا حسن الا اشتمله القرآن و رکب علي احسن ما يمکن في الامکان بل کل کلمة کلمة منه يشتمل علي ما يشتمل عليه الکل المتسمع حديث الصادق عليه السلام عن ابيه عليه السلام في تفسير الصمد علي نهج الحروف الي ان قال لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عزوجل حملة لنشرت التوحيد و الاسلام و الايمان و الدين و الشرايع من الصمد و کيف لي بذلک و لميجد جدي اميرالمؤمنين عليه السلام حملة لعلمه حتي کان يتنفس الصعداء الخبر و المتسمع ما روي عن علي عليه السلام ان کل ما في القرآن في الحمد و کل ما في الحمد في البسملة و کل ما في البسملة في الباء و کل ما في الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء و المتسمع انه قال لو شئت لاوقرت سبعين بعيراً من تفسير باء بسم الله الرحمن الرحيم الي غير ذلک من خصوصيات تفاسير القرآن بحيث تحير فيه العقول و تفاسير الحروف المقطعة علي معان عجيبة و اسرار غريبة و ما فيها من الايات القوارع و الرقي والعوذ و التأثيرات و العزايم و الاستخدامات للجن و الملائکة والکواکب و رقي الهوام و الدواب و غير ذلک مما لايخفي علي اهله و هو مع ذلک في الظاهر مرتبط بالارتباط الظاهري و في الباطن بالباطني و في التأويل بالتأويلي و اذا صرفته الي اي علم و عرفته ينصرف اليه مرتبطاً مؤتلفاً و في کل وجه کلام منطبق علي العالم هيهات هيهات من الذي يقدر انيلاحظ جميع ما ذکر في وضع کل حرف و ذاته و في وضع کل کلمة و ذاتها و في وضع کل ترکيب و ذاته و لمن الاحاطة بتمام ملک الله حتييراعي فيه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 28 *»
الانطباق علي جميع ملک الله و لمن تلک الجارحة المرکبة لهذه الحروف علي هذا النهج و انت لو شئت انترکب الحروف بجارحة وهمک ها هو لايحيط بکل شيء فربما ينطبق کلامک علي شيء و ينفک عن باقيه او ترکبه بجارحة نفسک فهکذا او عقلک فهکذا بل لو اجتمع جميع النبيين لايقدرون انيؤلفوا کلاماً ينطبق علي جميع علم الله بل محمد و آله سلام الله عليهم و انکانوا يقدرون علي تطبيق کلامهم علي جميع المکونات ولکن لايقدرون علي تطبيقه علي جميع الامکانيات و الافاعيل و المقامات و العلامات و الايات و الامکانات التي لمتکن بعد و الله يعلم انها لو کانت کيف کانت تکون فمما ذکرنا و شرحنا و بسطنا علم ان خلقة القرآن مثل خلقة محمد و علي و الائمة عليهم السلام و لذا تواتر الخبر اني مخلف فيکم الثقلين کتاب الله و هو الثقل الاکبر و عترتي و هم الثقل الاصغر فاذا القرآن هو خليفة رسول الله و لايخلف احد احداً الا انيکون من طينته و نوره و جنسه و لا فرق بين عليّ و القرآن الا انه ظهر بصورة انسان و القرآن ظهر بصورة الکتاب بل هو رجل واحد ظهر بصورتين و لذا يأول الکتاب في الباطن في جميع الايات بعلي عليه السلام و هو الکتاب المبين حقاً ظهر بصورتين بالصورة الانسانية التي هي الکتاب الصغير او الوسيط الکوني و بصورة القرآن التي هي الکتاب التدويني اسمع ما رواه مکحول عن اميرالمؤمنين عليه السلام في حديث قال قال رسول الله صلي الله عليه و آله او ليس کتاب ربي افضل الاشياء بعد الله عزوجل فاذا کان افضل الاشياء بعد الله عزوجل و محمد هو الافضل صلي الله عليه و آله ثم علي فهو محمد و هو علي فکيف يماثل محمد و علي عليهما السلام بل القول بامکان وجود کتاب مثل القرآن هو بعينه القول بامکان وجود مثل محمد صلي الله عليه و آله و القول بامکان انزال الله کتاباً بعد القرآن مثله القول بامکان انزال الله نبياً بعد محمد صلي الله عليه و آله مثله و القول بامکان کتاب آخر مثل القرآن قول بامکان صيرورة مبدء الاشياء اثنين و الخاتم اثنين فان القرآن هو مبدء الکتب و خاتمها کما ان محمداً صلي الله عليه و آله مبدؤ الاشياء و خاتمها و لما
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 29 *»
کان القرآن افضل الاشياء بعد الله سبحانه کان محيطاً بجميع الاشياء و متضمناً لها و لاجل ذلک قال سبحانه ما فرطنا في الکتاب من شيء و لفظة شيء نکرة واقعة في سياق النفي تفيد العموم بقدر سعة علم المتکلم و قال تبياناً لکل شيء و لفظة کل يفيد العموم بقدر علم المتکلم و سعته و قال لا رطب و لا يابس الا في کتاب مبين و النکرة الواقعة في سياق النفي تفيد العموم بقدر علم الناطق به بالبداهة و قال و لقد صرفنا في هذا القرآن من کل مثل و هو من ادوات العموم بقدر احاطة الناطق و هکذا فاين ذکر کل هذه الامور و جميع ما في علم الله من شيء في القرآن لولا ما اذکر اتراه انه قدکذب لا والله صدق الله العلي العظيم و صدق رسوله النبي الکريم و نحن علي ذلک من الشاهدين و في الخبر ما من شيء الا و فيه کتاب او سنة و ان کل شي في القرآن فاذا قال الله سبحانه کل شيء في القرآن و ما ترکنا فيه ذکر شيء و هو الناطق مع احاطته و سعة علمه انظر بعين عقلک هل يسع احداً انيقول اني آتي بکتاب مثل القرآن فعلي هذا هو الله المحيط بجميع الامکان حتي وضع في کتابه کل علمه سبحان الله عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين.
فصل
في فضل القرآن و شأنه
اعلم ان القرآن هو علم محمد صلي الله عليه و آله الذي وهبه الله اياه و هو علم الله سبحانه الذي لايحيطون بشيء منه الا بما شاء فمن تفسيره ما قداوجد و علمه محمداً صلي الله عليه و آله و منه ما لميوجد و لميعلمه محمداً صلي الله عليه و آله و القرآن هو الروح من امر الله الذي اشار الله اليه سبحانه يسألونک عن الروح اي عن القرآن ما هو و ايّ کلام هو و من مؤلفه تؤلفه انت و تقوله اي يعلمک بشر قل الروح اي القرآن من امر ربي و حکمه و من شأن ربي ليس لاحد غيره انينزل مثله و ما اوتيتم من العلم الا قليلاً فانتم و امثالکم ليس لکم الا علم قليل و الذي له علم قليل کيف يقدر انيؤلف
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 30 *»
مثل هذا الکتاب الذي فيه علم الاولين و الاخرين و ما کان و ما يکون الي يوم القيمة و الدليل علي ان الروح هو القرآن قوله تعالي و کذلک اوحينا اليک روحاً من امرنا ما کنت تدري ما الکتاب و لا الايمان ولکن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا فالقرآن هو الروح من امر الله سبحانه الذي نزل به الروح الامين علي قلب محمد صلي الله عليه و آله و هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم فاذا کان القرآن هو الروح من امر الله النازل في قلب محمد صلي الله عليه وآله و صدر اوليائه و ذلک الصدر هو قلب محمد الظاهر صلي الله عليه و آله فان ظاهر النبوة مستمد من باطن الولاية فقلب محمد الظاهر هو صدر ولي الباطن بالجملة القرآن هو الروح من امر الله و امر الله هو المشية و الروح الصادر منه هو العقل و هو اول صادر من امر الله کما روي اول ما خلق الله روحي فالقرآن هو عقل محمد صلي الله عليه و آله في عالم العقل و لولا عقل محمد صلي الله عليه و آله ماکان يعلم محمد صلي الله عليه و آله في مقام النبوة الکتاب و لا الايمان فان بالعقل يعبد الرحمن و يکتسب الجنان و بالعقل يعرف الوصل من الفصل و به يعرف حقايق الاشياء فلولاه لميعرف النبي في نبوته شيئاً فاذا عرفت ان القرآن هو العقل فاسمع ما قال علي عليه السلام في شأن العقل قال في النفس اللاهوتية الملکية جوهرة بسيطة حية بالذات اصلها العقل منه بدأت و عنه وعت و اليه دلت فاشارت و عودها اليه اذا کملت و شابهت و منها بدأت الموجودات و اليها تعود بالکمال فهي ذات الله العلياء و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لميشق ابداً و من جهلها ضل و غوي فقال السائل يا مولاي ما العقل قال عليه السلام العقل جوهر دراک محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشيء قبل کونه فهي علة الموجودات و نهاية المطالب و قال عليه السلام في الکلية الالهية لها خمس قوي بقاء في فناء و نعيم في شقاء و عز في ذل و فقر في غني و صبر
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 31 *»
في البلاء و لها خاصيتان الرضا و التسليم و هذه التي مبدؤها من الله و اليه تعود قال الله تعالي و نفخت فيه من روحي و قال يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربک راضية مرضية و العقل وسط الکل@ @ فاذا کان العقل هو هکذا و هو الروح من امر الله و هو القرآن المجيد و هو عقل محمد صلي الله عليه و آله الذي يتفصل في النفس اللاهوتية الملکية و الکلية الالهية و هي علي ما عرفت کيف يمکن انيؤتي احد بعقل محمد صلي الله عليه وآله او بعقل علي صلي الله عليه و آله و هل لاحد انيدعي مثل هذا المقام فيدعي انه يقول کلاماً هو ذات الله العلياء و شجرة طوبي و سدرة المنتهي الي آخره و بدؤها الي الله و عودها اليه و هل يبقي في مدعي ذلک شعرة من الاسلام؟! بالجملة اذا صار القرآن بنص القرآن هو روح محمد صلي الله عليه و آله الساکن في قلبه فهو اول الموجودات لما استفاض في الاخبار و شهد به صحيح الاعتبار ان العقل اول ما خلق الله و ان محمداً صلي الله عليه و آله اول ما خلق فبه فتح الله و به يختم فکما ان القرآن کان اول الکتب يجب انيکون آخر الکتب لقوله کما بدءکم تعودون فمحمد صلي الله عليه و آله مبدؤ النبيين و خاتمهم فوجب في الحکمة انيکون القرآن آخر الکتب ففي الکافي بسنده عن سعد الاسکاف قال قال رسول الله صلي الله عليه و آله اعطيت السور الطوال مکان التورية و اعطيت المئين مکان الانجيل و اعطيت المثاني مکان الزبور و فضلت بالمفصل ثمان و ستون سورة و هو مهيمن علي ساير الکتب فالتورية لموسي و الانجيل لعيسي و الزبور لداود عليه السلام فان کان القرآن مهيمناً علي جميع الکتب السماوية و مستولياً عليها و مکانه منها مکان الرحمن من العرش فکيف يجوز لاحد انيدعي انه قداوتي کتاباً مهيمناً علي جميع الکتب و هو مفضل علي جميع النبيين و علمه اکثر من علمهم فان النبي صلي الله عليه و آله اذا کان لايدري ما الکتاب و لا الايمان فساير الانبياء عليهم السلام بطريق اولي لايدرون شيئاً الا بما اوحي اليهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 32 *»
في کتبهم فمن ادعي انه اتي بمثل القرآن ادعي انه اوتي افضل من کتب النبيين فاوتي من العلم ما لميؤت النبيون بل ادعي انه کمحمد صلي الله عليه و آله و علم مثل علمه فانه اي القرآن هو عقل محمد صلي الله عليه و آله و روحه لا غير قدنزل من حيث العلم بصورة القرآن و من حيث الکون بصورة محمد صلي الله عليه و آله و لذا سمي صورة الانسان بالکتاب کما قال علي عليه السلام:
اتزعم انک جرم صغير و فيک انطوي العالم الاکبر
و انت الکتاب المبين الذي باحرفه يظهر المضمر
و روي عنه عليه السلام الصورة الانسانية هي اکبر حجة الله علي خلقه و هي الکتاب الذي کتبه بيده وهي مجموع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ الخبر. و ليس ذلک الا لاجل انه تنزل العقل و لما کان محمد صلي الله عليه و آله اشرف الخلق حتي قال الله سبحانه فيه و انک لعلي خلق عظيم فهو حقيقة الکتاب و اصله و معدنه و لذا يفسر الکتاب في القرآن بعلي عليه السلام اين ما وقع کما روي عن الکاظم عليه السلام في قوله تعالي حم و الکتاب المبين انا انزلناه في ليلة مبارکة فقال اما حم فهو محمد صلي الله عليه و آله و هو في کتاب هو الذي انزل عليه و هو منقوص الحروف و اما الکتاب المبين فهو اميرالمؤمنين علي عليه السلام و اما الليلة ففاطمة عليها السلام الخبر فعقل محمد صلي الله عليه و اله له تجليات فمرة يتجلي بهيئه روح القدس و هو الذي معه و آله عليهم السلام يسددهم و مرة يتجلي بصورة ميکائيل و مرة يتجلي بصورته صلوات الله عليه و آله و مرة يتجلي بهيئة القرآن و مرة يتجلي بهيئة العرش و هکذا في کل عالم بحسبه فکل من يقدر انيخلق روح القدس او ميکائيل او العرش او محمداً صلي الله عليه و آله يقدر انيأتي بمثل هذا الکتاب.
و ان قيل کما قيل انه لميقله هو و لميؤلفه هو اي الذي ائتفک مثل القرآن و انما ادعاه ان الذي انزل القرآن علي محمد صلي الله عليه و آله هو الذي انزل هذا القرآن علي و هو يقدر انيؤلف ثانياً مثل القرآن.
يجاب عنه بان القرآن اذا لميکن
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 33 *»
خاتم الکتب و مهيمناً عليها و لميکن شرافة بعد للنبي صلي الله عليه و آله فانه اوحي الي غيره ايضاً مثل ما اوحي الي محمد صلي الله عليه و اله فيا سبحان الله لقد جاؤوا شيئاً اداً تکاد السموات يتفطرن منه و تنشق الارض و تخر الجبال هداً ان الله سبحانه لمير لاحد من النبيين لياقة ان ينزل عليهم مثل القرآن و لميجعل کتاب احد منهم معجزة و خص بذلک محمداً صلي الله عليه و آله من بين النبيين و جعل کتابه مهيمناً علي الکتب کما جعله مهيمناً علي جميع الخلق و هذا الرجل يدعي انه انزل اليه مثل ما انزل الي محمد صلي الله عليه و آله فاذاً نفسه کنفس محمد صلي الله عليه و آله حيث اطاق هذا الوحي الثقيل الذي يقول الله سبحانه لو انزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله و کان النبي صلي الله عليه و آله من ثقل الوحي ربما يغشي عليه و ربما يتغير فعن علي عليه السلام في المائدة لقد نزلت عليه و هو علي بغلة شهباء و ثقل عليه الوحي حتي وقفت و تدلي بطنها حتي رأيت سرتها تکاد تمس الارض و اغمي علي رسول الله صلي الله عليه و آله حتيوضع يده علي ذوابة شيبة بن وهب الجمحي ثم رفع ذلک عن رسول الله صلي الله عليه و آله فقرأ علينا سورة المائدة و عن الصادق عليه السلام نزلت المائدة کملاً و نزلت معها سبعون الف الف ملک الي غير ذلک من الاخبار فکان النبي صلي الله عليه و آله يغمي عليه و ربما يتدثر من ثقل الوحي و يتغير دائماً حتييعرف ذلک منه فهذا الرجل اطاق الوحي و قدر علي التلقي حتي انه کان يکتب کل يوم في المجلس کراساً من خرافاته کما کان ينقل عنه رسله الذين بعثهم الي البلدان و يعدون ذلک من معجزاته فاذاً هو اقوي من محمد صلي الله عليه و اله بمراتب و ان کتاب محمد صلي الله عليه و آله ينزل و کان يشيّعه فيأم من الملائکة و آياً آياً و کتاب هذا ينزل عليه کراساً کراساً فيا سبحان الله اهؤلاء عميان لايبصرون او صمان لايسمعون او مجنونون لايفقهون ما هذه الجرأة العظيمة علي الله سبحانه و ما هذه الجسارة الفخيمة علي محمد صلي
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 34 *»
الله عليه و آله و ما هذه الاهانة العظيمة بالقرآن الکريم او لميسمعوا الاخبار في شأن الکتاب و فضائله فان لمتسمع فانا الان اسمعک اياها ففي الکافي عن سعد الخفاف عن ابيجعفر عليه السلام قال يا سعد تعلموا القرآن فان القرآن يأتي يوم القيمة في احسن صورة نظر اليها الخلق و الناس صفوف عشرون و مأة الف صف ثمانون الف صف امة محمد صلي الله عليه و آله و اربعون الف صف من ساير الامم فيأتي علي صف المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون اليه ثم يقولون لا اله الا الله الحليم الکريم ان هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته و صفته غير انه کان اشد اجتهاداً منا في القرآن فمن هناک اعطي من البهاء و الجمال و النور ما لمنعطه ثم يجاوز حتييأتي علي صف الشهداء فينظر اليه الشهداء ثم يقولون لا اله الا الله الرب الرحيم ان هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته و صفته غير انه من شهداء البحر فمن هناک اعطي من الرجاء و الفضل ما لمنعطه قال فيجاوز حتييأتي صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر اليه شهداء البحر فيکثر تعجبهم و يقولون ان هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته و صفته غير ان الجزيرة التي اصيب فيها کانت اعظم هولاً من الجزيرة التي اصبنا فيها فمن هناک اعطي البهاء و الجمال و النور ما لمنعطه ثم يجاوز حتييأتي صف النبيين و المرسلين في صورة نبي مرسل فينظر النبيون و المرسلون اليه فيشتد لذلک تعجبهم و يقولون لا اله الله الحليم الکريم ان هذا النبي مرسل نعرفه بصفته و سمته غير انه اعطي فضلاً کثيراً قال فيجتمعون فيأتون رسول الله صلي الله عليه و آله فيسألونه و يقولون يا محمد من هذا؟ فيقول لهم او ما تعرفونه؟ فيقولون ما نعرفه هذا ممن لميغضب الله عزوجل عليه فيقول رسول الله صلي الله عليه و آله هذا حجة الله علي خلقه فيسلم ثم يجاوز حتييأتي علي صف الملائکة في صورة ملک مقرب فينظر اليه الملائکة فيشتد
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 35 *»
تعجبهم و يکبر ذلک عليهم لما رأوا من فضله و يقولون تعالي ربنا و تقدس ان هذا العبد من الملائکة نعرفه بسمته و صفته غير انه کان اقرب الملائکة الي الله عزوجل مقاماً فمن هناک البس من النور و الجمال ما لمنلبس ثم يجاوز حتيينتهي الي رب العزة تبارک و تعالي فيخر تحت العرش فيناديه تبارک و تعالي يا حجتي في الارض و کلامي الصادق الناطق ارفع رأسک و سل تعط و اشفع تشفع الخبر. و هو طويل انظر في هذا الخبر الشريف و تدبر فيه انه کيف يمر علي جميع المقامات و لو لميخلق له جوهر من کل مقام لماقدر انيصعد اليه فان الشيء يصعد الي ما نزل منه و تدبر انه في مقام المؤمنين کان من اشرفهم و في مقام الانبياء من اجلهم و في مقام الملائکة من اکملهم و انه کما ذکرنا له مراتب في مقام المؤمنين من عقولهم الي اجسامهم به يمر بصفوفهم و يکون اکملهم لانه به تجلي الله لهم کما روي لقدتجلي الله سبحانه في کلا مه لعباده ولکن لايشعرون فهو حجتهم الي ربهم به تجلي الله لهم فهو اکملهم و اشرفهم و لو لميظهر لهم به ما کانوا يعرفونه بصفتهم و کذا لما کان له مراتب من جنس الملائکة و نزل من عقلهم الي اجسامهم لميکن يمر بملأهم و لميکونوا يعرفونه بصفة الملائکة و هو کان اشرفهم و اکملهم لانه تجلي لهم به و کذلک مر بصفوف النبيين لانه نزل من عقلهم الي اجسامهم و لذلک نزل بصفتهم و علي هيئتهم و عرفوه بصورته فهو کما مر علي جميع المراتب نزولاً کما ذکرنا سابقاً کذلک يمر علي جميعهم صعوداً يوم القيمة و في کل ملأ يمر علي هيئتهم و صورتهم و يکون من جنسهم حتي انهم يظنونه من جنسهم و قال رسول الله صلي الله عليه و آله في حديث طويل اذا التبست عليکم الفتن کقطع الليل المظلم فعليکم بالقرآن فانه شافع مشفع و ماحل مصدق و من جعله امامه قاده الي الجنة و من جعله خلفه ساقه الي النار هو الدليل يدل علي خير سبيل و هو کتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل و هو الفصل ليس بالهزل و له ظهر
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 36 *»
و بطن ظاهره حکم و باطنه علم ظاهره انيق و باطنه عميق له تخوم و علي تخومه تخوم لاتحصي عجايبه و لاتبلي غرايبه مصابيح الهدي و منار الحکمة و دليل علي المعرفة (المغفرة خل) لمن عرف الصفة فليجل جال بصره و ليبلغ الصفة نظره ينج من عطب و يتخلص من نشب فان التفکر حيوة قلب البصير کما يمشي المستنير في الظلمات بالنور فعليکم بحسن التخلص و قلة التربص و قال ابوعبدالله عليه السلام ان العزيز الجبار انزل عليکم کتابه و هو الصادق البار فيه خبرکم و خبر من قبلکم و خبر من بعدکم و خبر السماء و الارض و لو اتاکم من يخبرکم عن ذلک لتعجبتم و قال ابوجعفر عليه السلام قال رسول الله صلي الله عليه و اله انا اول وافد علي العزيز الجبار يوم القيمة و کتابه و اهل بيتي ثم امتي ثم اسئلهم ما فعلتم بکتاب الله و اهل بيتي و لايخفي انهم فعلوا بهما اسوء فعل اما اهل بيته فقدقتلوهم و شردوهم و طردوهم و غصبوهم و نفوهم من البلدان و اما کتابه فقدکذبوا الله و کذبوا رسوله فيه و زعموا انهم قداتوا بمثله و انزل اليهم کتاب آخر کما انزل اليه کتاب و کما اقاموا خلفاء في مقابل خلفائه کذلک اقاموا کتاباً في مقابل کتابه و جعلوا له انداداً ليضلوا عن سبيله و حرفوه و مزقوه و احرقوه اما والله ان امرهم اظهر بطلانا و اوضح فسادا من ان يخفي او يحتاج الي البيان و انما دعاني الي ذلک شبهة بعض من لميعض علي العلم بضرس قاطع و زعم انه حق و يمکن نزول کتاب اخر فدعاني ذلک الي تأليف هذه الرسالة فلميعب عائب علي بان هذا الامر غني عن البيان و ما الحاجة الي اقامة الحجة و البرهان و انيعجب فليعجب من بعض منتحلي العلم الذي نشأ في الاسلام ثم يحتمل مثل هذا الاحتمال في المقام و نزيد علي ما مر ما رواه في البرهان نقلا من امالي ابن بابويه باسناده عن ابيبصير قال قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام من آل محمد؟ قال ذريته قلت من اهل بيته؟ قال الائمة الاوصياء قلت من عترته؟ قال اصحاب العباء فقلت
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 37 *»
من امته؟ قال المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عزوجل المتمسکون بالثقلين الذين امروا بالتمسک بهما کتاب الله و عترته اهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً و هما الخليفتتان علي الامة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و قد تواتر الخبر من طرق الخاصة ان رسول الله صلي الله عليه و آله قال اني تارک فيکم الثقلين کتاب الله عزوجل و عترتي کتاب الله عزوجل حبل ممدود بين السماء و الارض و عترتي اهل بيتي و نبأني اللطيف الخبير انهما لنيفترقا حتييردا علي الحوض فانظروا بماذا تخلفوني فيهما و قال صلي الله عليه و آله اني تارک فيکم الثقلين کتاب الله جل و عز و عترتي اهل بيتي الا و هما الخليفتان من بعدي و لنيفترقا حتي يردا علي الحوض و في رواية اني مخلف فيکم الثقلين و من طرق العامة ايضا متواتر منها المروي عن مسند حنبل يرفعه الي زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلي الله عليه و آله اني تارک فيکم خليفتين کتاب الله حبل ممدود ما بين السماء و الارض او ما بين السماء الي الارض و عترتي اهل بيتي و انهما لن يفترقا حتييردا علي الحوض و بالجملة الخبر معني متواتر بلاشبهة و تواتر فيها ان الثقل الاکبر و الحبل الاطول الکتاب و الثقل الاصغر العترة فالقرآن خليفة رسول الله صلي الله عليه و اله بعده و هو افضل الاشياء بعد الله عزوجل و هو حبله الممدود بينه و بين خلقه فانه عقل محمد صلي الله عليه و اله و روحه کما مر و هو مهيمن علي الکتب کما مر فکيف يمکن الاتيان بمثل خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله المعصوم المطهر الذي لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و اکبر الثقلين و اطول الحبلين ايقدرون علي الاتيان بالاصغر حتيقدروا علي الاکبر و کيف يمکن الاتيان بمثل عقل النبي و روحه صلي الله عليه و آله مع انه قدثبت بالبرهان العقلي و النقلي ان الواحد ما صدر منه الا الواحد و ان الصادر من امر الله و هو العقل الکلي عقل محمد صلي الله عليه و آله و هو
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 38 *»
واحد و مظهر واحديته سبحانه في صفاته و افعاله و عبادته و به وصف الله نفسه انه واحد لا شريک له و هو لاينطبع في کل عالم في مرآة و لايحکيه بتمامه مرآة الا قلب محمد صلي الله عليه و اله المعتدل في کل عالم عن جميع کثرات جهاته و کمه و کيفه و رتبته و وقته و مکانه و وضعه و قدثبت في الحکمة ان المعتدل الحقيقي في جميع ملک الله لايکون الا واحداً و لايظهر واحديته سبحانه الا فيه و لايحکي الواحد الحقيقي الا هو حتي انه ليس علي و الائمة عليهم السلام بذلک الاعتدال و بذلک تأخروا عن مقام النبوة الکبري و الوساطة العظمي و لمينزل عليهم الکتاب و خص به النبي صلي الله عليه و آله من بين آله الاطياب و صاروا هم ارکانه و وجوهه في کل باب و ان زعم زاعم انه روي ان عليا عليه السلام قال انا مرسل الرسل و انا منزل الکتب فکيف لايليق بهم نزول الکتاب اقول و ان کان باطن علي عليه السلام هکذا و کان هو مرسل الرسل و منزل الکتب الا ان باطن محمد صلي الله عليه و آله مقدم علي باطن علي عليه السلام و قدافاض اليه و علمه في الباطن ثم منه نزل الي ظاهر محمد صلي الله عليه و آله ثم علمه علياً في الظاهر کما علمه في الباطن العبودية جوهرة کنهها الربوبية و قدعلم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هيهنا و الظاهر علي طبق الباطن فکما ان في الظاهر علي خليفة رسول الله و يقول انا عبد من عبيد محمد کذلک في الباطن هو خليفته و وعاء علمه و تفصيله و عبد من عبيده بالجملة عقل کل امرء ينزل الي جسده لا الي جسد غيره و لايليق به سواه و العقل الکلي لاينزل الا الي الجسم الکلي و هو جسم محمد صلي الله عليهه و آله لا غيره فمن زعم انه اوتي مثل القرآن زعم ان الله سبحانه اثنان حيث زعم مبدء الاشياء عقلين حتي نزل اليه عقل و نزل الي محمد عقل مثله فهو زاعم ان المبدء عقلان اثنان و لا شک ان العقل اول الخلق فهو اول ما وصف الله به نفسه فاذا کان ما وصف الله نفسه به اثنين کان الله اثنين لانه يجب علينا اننصفه بما وصف به
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 39 *»
نفسه و انقال ان العقل واحد ولکن تجلي في مرآة قلبي کما تجلي في مرآة قلب محمد صلي الله عليه و اله فقدزعم انه معتدل معصوم مثل محمد صلي الله عليهه و آله ليس فيه شائبة اعوجاج و لا صبغ و لا لون و هذا يقتضي انيکون المعتدل في الظاهر اثنين و اثنينية الاعتدال الحقيقي في المظهر ممتنع کما حققناه في رسالة منفردة في جواب آقا محمد ابرهيم الشيرازي اذ المرکز المتساوي النسبة الي جميع الدايرة لايمکن انيکون الا نقطة واحدة فمهما تثنت النقطة اما احديهما معتدلة و الاخري خارجة عن الاعتدال او کلتاهما خارجتان عن الاعتدال لامحالة فاذا صار احديهما خارجة عن حد الاعتدال هي مکيفة بکيفية احدي الجهات و مصبوغة بصبغها و متهيأة بهيئتها لامحالة فاذا صارت مصبوغة متهيأة لاتکون قابلة للمنزه عن الکيف و الهيئة ابدا فان کل قابل سائل ما يشاکله لامحالة و الغني المطلق يفيض علي کل سائل بحسب سؤاله لامحالة لعدم اقتضاء من نفسه فالمنحرف عن الاعتدال لايکون سائلاً للمعتدل ابداً و القلب المعتدل لايکون اثنين ابداً فما خلقکم و لا بعثکم الا کنفس واحدة و ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه فالقول في ملک بدنک انه اوحي الي روح کما اوحي الي القلب قول بان القلب اثنان و القول بان القلب اثنان قول بان الروح اثنتان منحرفتان اذ الروح الواحدة المعتدلة لاتنزل الي قلبين منحرفين و الاعتدال الحقيقي غير موجود في شيئين ابداً فاين ما وجد التعدد جاء الانحراف و عدم الاستعداد لکل المعتدل التام فلاينزل اليه الا بقدر لايقال ان روح الائمة الطاهرين و طينتهم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و قدظهرت باثني عشر صورة فان وحدتهم عليهم السلام في مقام الامامة وحدة نوعية الا تري قوله بعضها من بعض فهم واحد نوعاً کوحدة الانسان و قدظهر في افراده و الوحدة النوعية لايظهر في کل فرد علي السواء الا تري ان علياً اشرف من الائمة ثم الحسن اشرف ثم الحسين ثم القائم المنتظر ثم الثمانية علي درجة سبقهم في الاجابة ثم فاطمة و سيدهم محمد صلي الله عليه و آله و مع
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 40 *»
ذلک لهم من فرط الاعتدال انينقلبوا في الصور کيف شاؤا ولکن ينقلبون في الصور الظاهرة العرضية کيف شاؤا و لايصير محمد علياً ابداً و لا احد منهم احداً فکانوا نورا واحداً نوعاً و الا لميکن احدهما بما هو عليه اولي من الاخر و کان في ذلک الترجيح بلامرجح فقول رسول الله صلي الله عليه و آله انا و علي من نور واحد يعني به نوراً واحداً نوعياً و الا لميکن شق منه اولي بالنبوة من الاخر و کان في ذلک الترجيح بلامرجح فانما هو نور واحد نوعي خلق من اعلاه محمد صلي الله عليه و آله و من اسفله علي عليه السلام فالتقسيم ليس کتقسيم قطعة شمع علي العرض و انما التقسيم تقسيم رتبي فافهم و کذلک الحصة التي خلق منها الولي قسمت باثنتي عشرة قسمة کما قدمنا رتبة لا عرضاً.
بالجملة القول بانه يؤتي احد مثل ما اوتي محمد صلي الله عليه و آله قول بان الله اثنان و هو شرک ظاهر او قول بان محمداً ليس اشرف الخلق و هو مستلزم للاول مع انه خلاف ضرورة الاسلام و قول بان القرآن بوحدته ليس مهيمنا علي الکتب و هو خلاف ضرورة الاسلام مع ان القول بانه يمکن الاتيان بمثل القرآن في نفسه خلاف ضرورة الاسلام حتي الخوارج و تکذيب الله في کتابه نعوذ بالله من زلة الاقدام و سفه الاحلام و لايجوز لاحد اذا سمع من احد قولاً ان يأوله و الا لايبقي کفر و لا کافر في الدنيا و بطلت الولاية و البرائة و الجهاد في سبيل الله فانا اذا فتحنا هذا الباب ان کل من يقول بخلاف الکتاب و السنة نأوله جاز لقائل انيقول ان ابابکر خليفة رسول الله بعده و ان الولاية الظاهرة في علي ظهرت فيه و ان الوحي النازل الي رسول الله نزل عليه ايضاً و ان الله نصبه بالخلافة بعد رسول الله بوحي خاص نزل عليه انک ولي و ان ما نصبه رسول الله صلي الله عليه و آله و قال في علي عليه السلام حصل فيه البداء و هکذا عمر خليفة و نزل عليه الوحي و هکذا عثمان و بنوامية و بنوعباس و جميع الخوارج و لا مانع من نزول الوحي بعد رسول الله صلي الله عليه و اله و کذلک نزل الوحي علي مسيلمة و سجاح و ايّ مانع من نزول الوحي فيا سبحان الله هل ينزل وحي بکتاب بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و هل حلال بعد حلاله و حرام بعد حرامه و حکم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 41 *»
بعد حکمه فاذاً لايقوم للاسلام عمود و لايخضر له عود و لايجوز انيرد احد احداً و انيطعن احد علي احد و انيتبرأ احد من احد لاحتمال انه نزل عليه وحي و انکان لايدعي وحياً فربما لايري الصلاح في ابراز الوحي و انه يتقي او ليس بمأمور انيبرز انه اوحي اليه او اذا قام يتکلم بالخرافات و الاکفار نقول ان السر ليس له قاعدة و معني السر انيکون بحيث اذا سمع به احد استوحش نعوذ بالله اللهم لاتکلنا الي انفسنا طرفة عين ابداً في الدنيا و الاخرة و نعوذ بک ان نضل او نضل فانک تهدي من تشاء الي صراط مستقيم.
فصل: في ذکر بعض خرافاته التي تکاد السموات يتفطرن منها و تنشق الارض و تخر الجبال هداً هذا و ان کان يموت الباطل بترک ذکره ولکن ابطاله قتله و قتله احب الي من موته.
قال خذله الله في ابتداء صحيفة عارض بها زبور آل الرسول صلوات الله عليهم و افتري علي امام العصر عجل الله فرجه قال:
الحمد لله الذي لا اله الا هو العلي يا ايها الحبيب اکتب من ايدي موليک المجيب حجة الله الاکبر محمد بن الحسن صاحب الزمان سلام الله عليهما لشيعتک ان هذه الصحيفة العظيمة في سبل الزيارة لاهل العطمة سلام الله عليهم قدخرجت من عندي ليعلم الموحدين سبل المعرفة في حق آل الله مواليهم الحق تالله الحق لو اجتمع اهل الارض و السموات علي انيأتوا حرفاً بمثل بعض من احرف هذه الصحيفة الکريمة لنيستطيعوا و لنيقدرن و لو کنا نمدهم علي سبعة آلاف بمثلهم علي الحق الخالص و ان هو الله مولي العالمين قدکان علي کل شيء شهيداً و ان تلک الصحيفة الجلية قدکانت حجة الله الاکبر من عند عبدنا هذا الفتي العربي الفصيح الذي لايعلمه احد في المقام الا الله و نحن آل الله الاطهار و کفي بحجته بالله و بنا علي الحق بالحق شهيداً و ما من نفس قدرد حرفاً من تلک الصحيفة الاکبر او يؤلا علي غير قصد منشأه فتالله الحق لاقيمنه علي الصراط في يوم الفصل حتي اقر بالتقصير الاعظم هنالک امزقنه بکل الممزق بالعدل الخالص و ان الله ربکم الرحمن قدکان عادلا في
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 42 *»
الحکم و هو الله قدکان علي کل شيء قديراً و لکل شيء محيطاً و عن العالمين غنياً و لقدفصلته باذن الله علي اربعة عشرة ابواب و لقدکتب الله بايديه علي کل باب في يوم الانشاء باسم نفسه بسم الله الرحمن الرحيم و لذلک قدفرض الله علي الکاتبين طاعته و ما من نفس قدتخطر بباله بالحق الخالص من احرف هذه الصحيفة القديمة حرفاً الا و قدکتب الله له ورود الجنة و الامن عن الفزع في يوم المفزع و ان وعد الله قدکان في تلک الصحيفة المعظمة علي الحق بالحق مقضياً يا ملاء الانوار خذوا حظکم بالاستکتاب بماء الصفراء من الذهب الحمراء او المداد الحمراء علي لوح البيضاء من هذه الصحيفة مستسر الاسرار و آيات الطور علي هذا الجبل السينا المستقرة علي نقطة وصف من وصف هذا الباب الاعظم المدني منتهي مبلغ الثنا و الهاء و هو الله قدکان بما تعملون خبيراً.
انظر في هذه الکلمات الرکيکات النيات التي لايتفوه بها ادني طلبة و اعتبر من ادعائه العظيم حيث جعل المؤمنين شيعته و انما سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع آل محمد عليهم السلام و هو جعل المؤمنين شيعته و جعل نفسه في مقام آل محمد عليهم السلام و هو احدي خطاياه و جساراته العظيمة علي آل الله سلام الله عليهم ثم اعتبر مما فيه من لحن في العربية الظاهرة في قوله ليعلم الموحدين ثم ادعاؤه لو اجتمع اهل السموات و الارض علي انيأتوا بمثلها لايستطيعون انيأتوا بمثلها ثم غلطه و لحنه في قوله و لو کنا نمدهم علي سبعةآلاف بمثلهم علي الحق الخالص و هذه خرافة عجيبة انهم لايقدرون انيأتوا بمثله و لو امدهم الله او امدهم صاحب الزمان بسبعة آلاف مثلهم من غيرهم و انظر في لحنه نمدهم علي و قوله سبعة آلاف بمثلهم ثم في قوله و ان هو الله مولي العالمين ثم رکاکة قوله لايعلمه احد في المقام ثم لحن قوله تلک الصحيفة الاکبر ثم في قوله لاقيمنه حتياقر ثم امزقنه بکل ممزق ثم قوله و هو الله قدکان علي کل شيء قديراً و قوله و لکل شيء محيطاً ثم اربعة عشرة ابواب ثم جسارته و لقدکتب الله الي آخر حيث زعم ان صحيفته مخلوقة مکتوبة في يوم الانشاء و هو مقام عقل محمد صلي الله عليه و آله ثم ذکره الثواب لمن اخطر بباله حرفاً من
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 43 *»
حروفه ثم لحنه بماء الصفراء من الذهب الحمراء او المداد الحمراء علي لوح البيضاء ثم وصف الصحيفة مستسر الاسرار و آيات الطور علي هذا الجبل السيناء و قوله و هو الله قدکان بما تعملون خبيراً فما ادري ان هذه الخرافات لايمکن انيؤتي بمثلها من حيث کثرة الغلط و الخطاء ام من حيث الجسارات العظيمة علي آل الله سلام الله عليهم ام من حيث الاعجاز و هي معجزة و کيف رضي انينسب هذه الخرافات الي مولاه صاحب الزمان الميکن صاحب الزمان عربياً و جده يقول اعربوا حديثنا فانا قوم فصحاء و يقول انا امراء الکلام و فينا قدتهدلت غصونه و تنشبت عروقه و اي جسارة منه علي صاحب الزمان عليه السلام حيث نسب هذه الخرافات اليه و قداخذ عليهم ميثاق الکتاب ان لايقولوا علي الله الا الحق بالجملة لايحتاج في بيان بطلان هذه الکلمات الي مزيد کلام و هو ظاهر لکل ذي عينين و من خرافاته الرکيکة المکفرة قوله في سورة الامر علي ما زعم و سمي،
انا نحن نعطي ملکنا باذن الله علي من نشاء من عبادنا و ان الله قدکان واسعاً عليماً ان آية الملک من عند الله ذلک الکتاب و هذا في کتاب الله سکينة التابوت مما قدترک آل الله تحمله الملائکة الي ذکرنا الاکبر هذا و هو الله کان علي کل شيء شهيداً.
انظر وفقک الله بنظر العبرة ان هذا الکتاب الملحون الذي في کل صفحة منه خرافات لاتصبر النفس علي عدها صار آية ملکه و انه بمنزلة التابوت في الامم السالفة تحمله الملائکة و ان قلمي والله يستمج بذکر سورها الرکيکة حتيتعتبر من انحلال زمامها و اختلال مرامها و تلک آية ملکه و استيلائه فمرة جعل نفسه فيها الهاً و مرة جعل نفسه نبياً و مرة اماماً و مرة نقيباً و هي معجزته التي بها بعث الي الوري فالحمد لله الذي جعل علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نوراً و علي کل باطل علامة و علي کل خطاء ظلمة و فيها:
انا قدفضلناک علي الابواب بکلمتنا و انک صراط علي في کتاب الله قدکنت حول النار مسطوراً و انا اشهدناک عند خلق الاشياء اجمعهم و انک قدکنت بعين الله ناظراً و منظوراً و فيها و انا قدجعلنا لکل وجهة و قدقدرنا للسابقين
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 44 *»
وجهتک اين ما تکونوا يأت بکم الله علي ذلک الباب جميعاً.
تدبر کيف جعل نفسه قبلة سلمان و لقمان و حزقيل و ذي القرنين و مؤمن يس و امثالهم هل يليق صاحب هذه الاباطيل بهذه المقامات و فيها
ان في بدع السموات و الارض و الجبال و البحار و الفلک المسخر علي الماء آيات لذکر الله البديع و کان الله عزيزاً قديماً هل هذا غير ادعاء الربوبية فانه جعل بدعها آية له فهو اله البدع الذي هو المشية نعوذ بالله و فيه کثيراً ما اثبت الالوهية لنفسه يعرفه العلماء من مکره في العبارة و تدليسه و جعل له مفراً في العبارة للاعتذار اذا اخذ به و لاتغتر بما قال لاتتخذوني الهاً فانه من مکره کيف و يصرح في موضع آخر بالالوهية الحقيقية و الربوبية المطلقة کما ذکرنا هيهنا و في صورة سماها بزعمه سورة الحزن:
قل يا اهل الارض و لو اجتمعتم علي انتعملوا حرفاً بمثل حرف من عملي لن تستطيعوا بمثله و ان الله کان علي کل شيء شهيداً.
انظر في خرافته فان هذه الکلمة منه لميجر علي العربية الظاهرة التي يعرفها العرب البوال علي عقبيه و هو يزعم ان اهل الارض لايستطيعون انيأتوا بمثله اليس ذلک مساجلة الکتاب و مقابلة ما اتي به محمد صلي الله عليه و آله فاذا قدبطل ما ادعاه النبي صلي الله عليه و آله اذ هو قدنزل عليه في کتابه قل لو اجتمعت الانس و الجن علي ان يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله و لو کان بعضهم لبعض ظهيراً و هو قداتي بمثله و زعم ان الجن و الانس ايضاً لايستطيعون انيأتوا بمثل عمله فاذاً فما الفارق بين الکتابين فاذ قدثبت صدق النبي بالمعجزات البينات و عجز العرب و الفصحاء في جميع الاعصار انيأتوا بمثله و اخبر فيه بالمغيبات ثبت کفر المدعي انه اتي بمثله فانه کذب الله تعالي و کذب النبي بزعمه مع ان بطلان کتابه و اغلاطه الواهية و الفاظه الرکيکة اوضح من الشمس في رابعة النهار و ابين من کفر ابليس و قداتي به رسوله فسجلت عليه في الملاء حتي اقر
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 45 *»
بانه غلط محض و فيه کلمات يستمجها الاسماع و يشمئز منها النفوس و لايوافق الايمان و لقدکان عندي کتاب للشيخ محمد الکومي السني قدذکر في اول کتابه مطالب و سجعها علي سجع القرآن فاتيته به و قرأته له و کان الف مرة افصح و ابلغ من کتابه و ايّ نسبة بينهما و هذا غلط محض و خرافة صرفة و کان في ذلک تنزيه الله و تقديسه و تعظيمه و لانطيل الکلام بذکره هنا فمن شاء فليراجعه و لايحتاج بحمد الله اليه و کذا کان في ذلک الکتاب و قدسماه بـ«تيسير المطالب» و هو في علم الاعداد و الحروف دعوات بليغات فصيحات لانسبة بينها و بين صحيفة هذا الرجل و قدقرأتها لرسوله و ابنت اغلاط صحيفته و فضل دعوات الکومي عليها بما لامزيد عليه في محضر من الفصحاء و البلغاء حتي صار کأنه القم حجراً و لميحر جواباً ثم ما ازداد بعده الا عتواً و قال ايضاً في سورة سماها علي زعمه سورة الافئدة:
يا اهل الارض تالله الحق ان هذا الکتاب قدملاء الارض و السموات و بالکلمة الاکبر للحجة القائم المنتظر بالحق الاکبر و ان الله قدکان علي کل شيء شهيداً هذا کتاب من عند الله قداحکمت حجته لمن في المشرق و المغرب الا تقولوا علي الله الحق الا الحق فـوربکم الرحمن ان حجتي هذا قدکان علي کل شيء شهيداً.
تدبر في رکاکة هذه الکلمات و ادعائه العظيم مع غلطه الفاحش الذي لايخفي علي العوام و تهمته علي الامام و افترائه علي السيد الهمام الميکن الامام عربياً حتييقول مثل هذه الکلمات ام لميقلها هو و هي قول هذا الرجل و الامام انتجب جاهلاً علي اهل العالم و بعثه اليهم و جعل کلماته السخيفة حجة عليهم و هل يحتاج هذه الي وجه بطلان غير نفس ذکرها فانها کافية في بطلانها بنفسها و هو اوضح من نار علي علم و ذکر فيها:
اوحي الله اليک اقامة الامر في الکلمة الاکبر و ادع الناس الي الحق الخالص فان الله قدکان عليک شهيدا و انا نحن قداوحينا الي داود و سليمان علي حرفين من ذلک الکلمة و لذلک الحرفين قدکانا علي الملک اميناً و ان ذا النون و ادريس و اسمعيل و ذا الکفل قدادخلناهم في الظلمات حتيشهدوا في نقطة
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 46 *»
الباب لله الحق ان لا اله الا انت سبحانک انا کنا علي الکلمة الاکبر حول الماء وقافاً
انظر الي رکاکة هذه الکلمات و لحنها و سبکها و ادعائه انه اوتي الکلمة و ان داود و سليمان اوتيا حرفين منها الذي لايقدر انيتکلم علي العربية الظاهرة کيف لايستحيي من هذه الاقوال و هذه الجسارات علي الانبياء المرسلين ثم جسارته علي ذي النون و ادريس و اسمعيل و ذي الکفل انهم ادخلوا في الظلمات لانهم توقفوا في حق هذا الرجل مع هذا العقل الذي لايعرف به الهر من البر نعم و مثل هذا الرجل يدعي مثل هذا الادعاء و الا فالعاقل و المؤمن کيف يجسر علي انبياء الله صلوات الله علي نبينا و آله و عليهم مثل هذه الجرأة العظيمة و کفي باقواله في بطلانه شاهداً و دليلاً و ذکر في سورةالذکر علي زعمه خرافات عظيمة و جسارات کبيرة منها:
يا اهل العرش تالله الحق قدجاءکم الذکر بالامر البديع من عند الله ربکم الذي لا اله الا هو العلي و هو الله کان عزيزاً حکيماً و ان کل الامة نقطة حول الباب واحدة قداوحي الله اليهم الا تعبدوا الا الله الحق في سبيل هذا الباب لانه هو الغني و اني انا العلي قدکنت بالحق قديماً.
و فيها
ان يومکم هذا قدطوي السماء في ايدي الباب کما بدعناکم علي الحق بديعاً نعيدکم باذن الله علي الامر بديعاً و لقدکتبنا في کل الالواح ملک الارض للذکر الاکبر و ان امر الله قدکان في ام الکتاب مقضياً
و قال فيها
يا عباد الله اسمعوا نداء الحجة من حول الباب ان الله ربي قداوحي الي ربي انا قدانزلنا هذا الکتاب علي عبدک ليکون علي العالمين علي الحق بالحق نذيراً و بشيراً
تدبر في هذه الاکفار و الخرافات التي لايتفوه بها الا الکافر العنيد المستخف بربه المجيد المستهزئ بنبيه الحميد صلي الله عليه و آله و کيف زعم انه بعث علي اهل العرش و ان کل الامة من اول الدهر الي آخره نقطة حوله و هو الباب و يجب انيعبدوا الله فيه و ان السماء مطوية بيده في البدء و کذا تعود الي قبضته و ان ملک الارض له و ان الله اوحي اليه هذا الکتاب الذي ليس فيه حق و ان ما فيه من ذکر الله و رسوله فانما هو لفظ و ما اراده منه انما هو غير اله الخلق و رسوله اذ
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 47 *»
هو علي زعمه لا علي زعم المسلمين و قال الله سبحانه قل يا ايها الکافرون لااعبد ما تعبدون و لا انتم عابدون ما اعبد فالهنا غير الهه و رسولنا غير رسوله و امامنا غير امامة الا تري ان الهنا هو خالق الکلام و لايغلط في کلامه فالاله الذي انزل هذا الکلام الذي لايتفوه به ادني طلبة بل ارزل عرب بوال علي عقبيه ليس بالهنا و کذا رسول هذا الاله غير رسولنا و کذا خليفة هذا الرسول الذي ينتجب مثل هذا الباب غير امامنا فتمام ما فيه باطل و عن حلية الاسلام عاطل تدبر فيه تجد ذلک بلاغبار انه لميبق صفة لله سبحانه الا ادعاها لنفسه و لميبق مقاماً للنبي صلي الله عليه و آله الا انتحله و لا فضيلة للائمة عليهم السلام الا تقمصها و قال في سورة سماها الجبن علي زعمه:
تالله الحق ان الذکر ليجمعنکم علي الصراط بالحکم و من اعرض عن الباطل و اتبع الذکر بالحق فقدفاز فوزا کبيراً
و قال فيها
يا اهل السماء لقدناديکم الله من شجرة السينا اني انا الله الذي لا اله الا هو من زار الذکر بالحق الاکبر فقدزارني علي العرش و من اعرض عن کتابه و ندائه فقد ضل عن الصراط و دخل النار.
و قال فيها:
ان المشرکين يريدون انيفرقوا بين الله و ذکره و ان الله قداراد لذکره انيتم نوره
و قال فيها:
و انا قدرفعناک فوق الطور لتأخذ عن ما في السموات و الارض عهد الله الاکبر و لئلايدخل الناس باب المدينة الا سجداً لله و انا قداشهدناک بالميثاق في الحق العلي علي الحق القوي غليظاً فبنقضهم عهد الله و کفرهم بالذکر لنطبع علي افئدتهم بالشبه
تدبر في هذه المقترفات الخبيثة المجتثة الزايلة الذي لايقدر انيکون کعرب بوال علي عقبيه کيف يدعي هذه المقامات و يزعم انه کان علي الطور و هو الذي اخذ العهد و اشهده الله خلق السموات و الارض فيا سبحان الله و نعم ما قال الشاعر:
زنت صهاک بکل علج فلاتلمها و لُم زنيماً يزعم انابنها امام
فهذا طلب الرياسة و هوي السياسة و اقترف بحمقه ما اقترف فما بال اناس ينتحلون الفهم يترددون في کفر هذا الرجل و خروجه عن الاسلام فان لميکن انتحال مقام النبي و الولي و التقمص بفضائلهم و مقاماتهم و تکذيب القرآن و القول بانه انزل
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 48 *»
اليه کتاب جديد من الاکفار بضرورة الاسلام فاي شيء ضروري بعده ابانکار صلوة فرعية و القول بانه نزل الي خمس رکعات في الظهر يکفر الانسان و بادعاء انه نزل اليه من عند الله کتاب جديد يحرم فيه کثيراً مما احل الله و يحل کثيراً مما حرم الله لايکفر و لايخرج عن الاسلام الا تري انه حرم انيکتب کتابه بالسواد و اوجب انيکتب بغيره من الالوان اليس ذلک بدعة في دين الله و اوجب اتيانه و الجهاد في سبيله و حرم مخالفته و سمي تارکه من المؤمنين مشرکاً و کافراً و تبرء ممن خالفه و انت قدسمعت اخباراً مستفيضة ان ادني الشرک انتقول للنواة حصاة و تدين الله به و تحب عليه و تبغض و انکفر احد احداً احدهما کافر لامحالة و قال في هذه السورة الخبيثة الباطلة:
و انا نحن اوحينا اليک کما اوحينا الي محمد و من قبله الرسل بالبينات لئلايکون للناس علي الله حجة بعد الابواب وکلم الله عليا بالحق في الطور البدء تکليماً علياً و انا نحن نشهد عليک بما قدانزل الله من الايات اليک و الملائکة شهداء عند ربک و کفي بالله شهيداً.
انظر في هذه المقترفات هل ابقت شعرة من الاسلام في جسد قائلها و من الذي يوحي اليه بعد محمد صلي الله عليه و آله او قبله کما اوحي اليه و من هذا الرجل حتييجمع له جميع وحي المرسلين و النبيين من اولي العزم و غيرهم حتي محمد خاتم النبيين صلي الله عليه و آله فيا لله و لهذه الخرافات و يا لله و للنفوس الخبيثات المجيبات لدعوة هذا الطاغوت هل بقي فيهم عرق لميدخله الکفر و الضلال حيث لبوا دعوته و اجابوا و قبلوا بدعته فخسروا و خابوا و قال فيها:
يا اهل الارض لاتغلوا في کلمة الذکر و لاتقولوا علي الذکر الا الحق و ما انزل الذکر آياته الا بالحق و کان الله علي کل شيء شهيداً
فهيهنا نسب الانزال الي نفسه و انه هو الذي انزل الايات نعوذ بالله من بوار الدين و فساد اليقين و به نستعين و اقترف في سورة سميها سورة الاولياء:
يا اهل الارض کونوا قواماً علي الدين القسط شهداء لله بالذکر و لاتحرمن انفسکم من فضل الکتاب فان الله قدانزل فيه کل ما في الصحف الاکبر و اسئلوا الذکر من علمه لتکونوا بفضل الله الحق
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 49 *»
علي الذکر عليماً.
تدبر فيه کيف اقترف ان في هذه الخرافات جميع علم الصحف و منها القرآن و فيه تفصيل کل شيء و قدزعم ان کل علم القرآن فيه اليس ذلک تکذيب الله فوق عرشه و تکذيب النبي صلي الله عليه و آله و اهانة بالکتاب و السنة و ان لميکن مثل هذه الاقترافات کفراً فباي شيء يکفر الانسان و ان لميکن مصدقوا هذه العظيمات کفاراً فباي شيء يکفر الانسان بعدها نعوذ بالله من خذلان الله و قال فيها:
يا اهل الارض لقدجاءکم الذکر من عند الله علي فترة من الرسل ليزکيکم و ليطهرکم من الارجاس لايأمر الله الحق فابتغوا الفضل من عنده فانا قدجعلناه بالحق علي اهل الارض شهيداً و حکيماً
فيا سبحان الله يدعي الالوهية مرة و الرسالة اخري و البابية تارة و الامامة اخري الا يتدبرون في مقترفاته الا يتفکرون في خرافاته اهم جديدوا الاسلام و في الدين عوام الايعلمون ان مثل هذه الکلمات بل ادني منها و اقل يخرج الانسان عن حيز المليين فضلاً عن الاسلام المبين بل يخرج الانسان عن حيز العقلاء فضلاً عن حيز الايمان و الدين ما بالهم؟ ما حالهم؟ اي والله الجنس الي الجنيس مايل و منجذب الي المشاکل و قدصدق الناس ابن ابيقحافة و ابن الخطاب و قدکانوا رأوا النبي و سمعوه و رأوا آثار الوحي و نزول الکتاب و المعجزات فلميغنهم شيئاً اذا اراد الله فتنتهم و تلک سنة الله التي قد خلت من قبل و لنتجد لسنة الله تبديلاً و لنتجد لسنة الله تحويلاً و قال:
يا اهل الفرقان لستم شيء الا بعد الذکر و هذا الکتاب الي آخره
انظر وفقک الله انزل الله ديناً ناقصاً فاستعان به علي اتمامه او انزل ديناً تاماً فقصر الرسول عن ابلاغه و هل بقي فريضة لميأت بها النبي صلي الله عليه و آله و هل رسول بعد محمد صلي الله عليه و آله و هل کتاب بعد کتابه او هل امام بعد حججه و خلفائه ما هذه الخرافات و ما هذه الاکفار فما لهؤلاء القوم لايکادون يفقهون حديثاً و لايتدبرون في مقترفات هذا الرجل و قدتواتر الخبر عن النبي
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 50 *»
صلي الله عليه و آله عن طرق الخاصة و العامة ان النبي صلي الله عليه و اله قال اني تارک فيکم الثقلين کتاب الله و عترتي اهل بيتي ما انتمسکتم بهما لنتضلوا و لنيفترقا حتي يردا علي الحوض فکيف لانجاة بعد التمسک بالکتاب الا بهذا الکتاب و کيف صار عديل القرآن و ان من شيء يقرب الناس الي الجنة و يبعدهم من النار الا و قدامرهم النبي صلي الله عليه و آله به و ما من شيء يبعدهم عن الجنة و يقربهم الي النار الا و قدنهاهم عنه و لميفرط في ابلاغ الدين فکيف صار هذا الکتاب و التمسک به من تمام الدين و سبب نجاة اهل الفرقان و ما سمعت من العلماء يذکرون بعض المتممات و اسباب النجاة فانما يستخرجون من الکتاب و السنة فانکان ما يقول في القرآن فکيف لايغنيهم الفرقان و الا فهو بدعة و کفر و کل بدعة ضلالة و کل ضلالة في النار و قدذکر في سورة اخري اقترفها و هي قبل سورة سماها بسورة الشهادة:
اتقوا الله و لاتقولوا في ذکر الله الاکبر شيء من دون الله فانا نحن قد اخذنا ميثاقه عن کل نبي و امته بذکره و ما نرسل المرسلين الا بذلک العهد القيم و ما نحکم بالحق بشيء الا بعد عهده في ذلک الباب الاعظم فسوف يکشف الله الغطاء عن بصايرکم في الوقت المعلوم هنالک انتم لتنظرن الي ذکر الله العلي شديداً.
انظر وفقک الله بنظر العبرة الي ادعائه العظيم و اقتراحه الجسيم و ترويعه بادعائه قلوب الضعفة و سلبه عقولهم ثم تحميله عليهم بما شاء من کفره و زندقته من انت يا ايها الرجل حتييؤخذ ميثاقک من النبيين و المرسلين و اممهم و قدجري فيک قوله سبحانه المتر الي الذين يزکون انفسهم بل الله يزکي من يشاء اي والله ما لميکن سفه في رأي و خفة في عقل لايتکلم الانسان بامثال هذه العبارات و هي کثيرة و لايسع الوقت استقصاء جميعها مع ما يستمجها القلم لقبحها و رکاکتها و قدذکرنا من کل سورة من سورها علي زعمه لا لاجل ان الباقي منها خال من العيب بل اختصاراً و اشارة من باب ان القليل دليل الکثير و الغرفة دليل
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 51 *»
البحر و انها بمحضر من العقلاء و لايخفي ما فيها من الکفر و الالحاد علي احد من المسلمين ما لميکن من اهل العناد و ليس هذه العبارات مخصوصة بهذا الکتاب منه و کذلک صحيفته التي افتراها علي الامام عليه السلام و خطبته التي ساجل بها خطب اميرالمؤمنين عليه السلام و من مکره لعنه الله ان جعل في بعض سوره علي زعمه آية السجدة ليخر المسلمون الجاهلون عند استماعها سجداً قهراً و بذلک يعظم امره في نظر العوام و هم لايعلمون ان آية السجدة يجب السجدة عند قرا ئتها و استماعها اذا قرأت و استمعت بنية انها من القرآن و الا لفظها من دون انها من القرآن لايوجب سجدة ابداً کما ان لفظة قال مثلاً من دون قصد انها من القرآن لا حرمة لها و لا بأس بمسها محدثاً فلاينبغي السجدة عند قرائتها من کتابه مع ما فيها من حرمة تعظيم امره و اعجب من ذلک الفقرات التي ذکرها في تفسيرها علي سورة البقرة في تلو قوله تعالي و اذ القوا الذين آمنوا قالوا آمنا الاية و في تلو قوله او لايعلمون ان الله يعلم ما يسرون و ما يعلنون فانه رثي في تلک الکلمات الحسين عليه السلام بزعمه تلبيساً علي المسلمين و انشأ فيها ابيات او عبارات مع انها في الرثي يضحک الثکلي ليس بنظم و لا نثر و لا مسجع و لا مقفي و لا موزون و لا مربوط بعضها ببعض نعم بعض کلماتها من لغة العرب و حروف هجائها من حروف لغة العرب فلينظر ناظر فيها و يقضي العجب منها و فسر في ذلک التفسير تفسيرات رکيکة و اول تأويلات سخيفة و صرف الي الائمة عليهم السلام ما لايناسب و لايجوز و نسي قوله صلي الله عليه و آله من فسر القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار و اعجب من ذلک کله بعض ما کتب في جواب سؤال اسألة بعض المصدقين له فاجاب جوابات لايرتبط کلمتان منها الا حروفه المقطعة فانها مما يجري علي الالسن و لايوجد فيها ارتباط و لا رائحة من العلم و انما سول ذلک زعماً منه انه اذا ذکر الالفاظ الغريبة و الاصطلاحات العلمية يلتبس علي العلماء امره و يخفي
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 52 *»
عليهم سره و ليس الله بغافل عما يعملون
ثوب الرياء يشف عما تحته
و ان التحفت به فانک عاري
و ان الله يقول بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و في الخبر ان لنا في کل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و هکذا يفضح الله الباطل بين الانام فيسلب عنه نور العقل حتي يدعي المقامات العالية و الدرجات الرفيعة مع هذه الاباطيل و الاضاليل و لعمري لميکن من شأني امثال هذه العبارات و لماکن سباباً و لا لعاناً و ها ساير کتبي موجودة کتبتها في جواب المؤالف و المخالف ولکني لما رأيت بعض المقتصدين قدزاغوا عن قصد الحق المصيب و افتتنوا بهذا الرجل المبدع المريب و قداتاني کتب من الاطراف بان الرجل قدضيق علي المقتصدين المصاف و رأيت ان الله قداخذ علي العلماء ان لايقارّوا علي غلبة المبتدعين و زيغ المتوسطين التزمت اظهار اباطيله و ابداء اضاليله ثم الله يفعل ما يشاء و يحکم ما يريد و يهلک من يهلک عن بينة و يحيي من يحيي عن بينة.
فصل: انا ابين لک طرق مکره و وجه ما وسوست نفسه و سول له الشيطان و سخره فانقاد له. اعلم ان هذا الرجل قدکان في عهد السيد الجليل و الفخر النبيل الکامل الفاضل العالم مفخر آل هاشم السيد کاظم اجل الله شأنه و انار في العالمين برهانه قدتشرف بتقبيل سدته و التمسک بوثقي عروته و کان علي ما روي الثقات صاحب هدوء و سمت و وقار مع ما في قلبه من العتو و الاستکبار و انا و الحمد لله لمالقه في مدة تشرفي بتلک العتبة العلية و السدة السنية ولکن رأيت بعض امثاله و اقرانه و اعضاده في الباطل و اعوانه و لااحب تسميته فانه ايضا کان ذا هدوء و سمت و سکون و انزواء قدتحنک في برنسه و قام الليل في حندسه بحيث قدافتتن به کثير من المتعبدين من اصحابنا و کانوا يقتدون به في
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 53 *»
الصلوة و يسألونه عن المعضلات و کان له فهم و اطلاع علي الالفاظ العلمية و کان افضل من هذا المدعي بکثير و قدارتکب بعض الرياضات و جانب الجماعات و استأنس بالخلوات فسول له الشيطان و خرج يتکلم بأشراک و اکفار لايتحمله الانسان و قدکفره السيد اجل الله شأنه و انار برهانه في الملاء و قال انه لمينتفع مني الي الان بقليل و لا کثير و طرده و هکذا مثله رجل آخر قدکتب کتاباً و بعثه الي السيد لميکن من الحق و الارتباط بمراح و لامغدي الا حروفه الهجائية و هکذا هذا الرجل کان ذا هدوء و سمت علي ما سمعت و خدم السيد زماناً و لميکن يقدر انيظهر ما في صدره في زمانه لشدة ضيائه و دفعه عن حوزة الدين و حمي الشرع المبين فلما غاب بدره و افل شمسه و خلي البلاد عن العلماء العظام و الفقهاء الکرام و لميبق منهم الا کصبابة اناء او حشاشة نفس و رأي ما ضيق علي الانام من جور الحکمام و استشعر طلبهم التفصي عن تلک الشدايد و المحن و الخلاص من لاواء المحن و سمع من ظهور الرجل المسمي بملا صادق في آذربايجان و انثيال الناس عليه في عهد السيد اجل الله شأنه و انار برهانه و ادعائه العظيم و ازدحام جم غفير حوله يقرب من اثني عشر الفاً ثم رأي ما سجلنا علي الناس من لزوم الرکن الرابع و عدم جواز خلو عصر عنه و استعداد الناس لقبول هذا الامر و شدة طلبهم له و قدتوفي السيد اجل الله شأنه و لميظهر امر الذي بعده کل الاظهار و رأي انه قدطاف بعض تلامذته بعده اطراف البلاد ليستعلموا امر السناد و العماد اغتنم الفرصة فقام للتلبيس و اتبع امر ابليس و لبس علي القوم امرهم و هم ايضاً جديدوا الدخول في هذا الامر عديموا الاطلاع عن حقيقته قليلوا البصارة في معناه فلبّس عليهم امرهم و اوّل بعض الاخبار الواردة في ظهور الامام الي نفسه و الي هذا الرکن و لماکان اصل المطلب و هو وجود حامل لهذا الرکن حقاً و قدسجلناه علي العباد و شهرناه في البلاد بما لامزيد عليه و قدمات السيد اجل الله شأنه و لابد بعده من حامل و الناس في فحص و بحث قام الرجل مدعياً فاحتمل المقتصدون انيکون هو هو فانه لابد من وجود واحد بعد السيد و الرجل يدعي فکانوا کذلک الولد الذي سأل اباه عن کيفية دخول السارقين البيوت فقال يأتون في الظلماء حفاة لايسمع
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 54 *»
لهم وقع نعل و لا همس نفس فتنبه الولد في جوف الليل و نادي بالويل فاستيقظ الاب فقال ما السبب قال السارق السارق ففتشوا الدار و لميروا غير الديار فقالوا له بما عرفت قال بما علمني الاب فها هو ظلام و لا وقع نعل و لا همس نفس و هؤلاء ايضاً علموا انه يجب انيکون حامل و هو يدعي و له علوم تعرف و علوم لاتعرف و لکن ليس کل من ادعي هو هو «فلا کل من حاز الجمال بيوسف» فکان ذلک ثم قام يتکلم بالفاظ و عبارات مريبة و تحقيقات غريبة و کلمات عجيبة لايفهمونها فظنوا ان ذلک من غزارة علمه و فضله لان الرجل ذو هدوء و سکون و يتکلم بالعجيبات فاحتملوا ان ذلک من کثرة علمه و تکلم ببعض ما فهموه فانه له بعض علم و لو تقليداً فقالوا هاه هو علم حق و صدق مطلق فانه مطابق لما سمعناه من السيد الميزان و السند البرهان فهذا مطابق موزون و ما لانعلمه حق مکنون و الرجل يدعي و الحامل لابد منه فهو هو و زين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل و هم لايعلمون ثم لما رأي الشيطان انه خير شبکة علي مراده و نعم مصيدة علي هواه دب و درج في جحوره و باض و فرخ في صدره فنظر بعينه و نطق بلسانه و اغتر بتصديق المقتصدين فقام ينازع الله رب العالمين و الف لهم کتاباً ذا سور و آيات علي وضع القرآن و زعم انه نزل اليه من الله تارة و من الحجة اخري و المقتصدون ايضاً جهال لايعلمون فصدّقوه علي انه من الله و کلما مروا بما لايعرفوا منه قالوا لاغرو القرآن ايضاً کذلک لانعرفه و السنة ايضا هکذا لانحيط بکلها و کتب السيد و الشيخ اعلي الله مقامهما ايضاً کذلک لانعرفها فهذا من ذلک الباب و بعض ما عرفوه جعلوه دليل الحق و غفلوا عن ان علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نوراً و لکل امر ميزاناً والله سبحانه يقول و السماء رفعها و وضع الميزان الا تطغوا في الميزان و اقيموا الوزن بالقسط و لاتخسروا الميزان و قال و زنوا بالقسطاس المستقيم و لميتفطنوا ان الرجل ربما دلس علينا فيما لانعرفه منه و لعل فيما لانعرفه منه دليل علي بطلانه و کفره فلنعرض الامر علي اهل الخبرة و الاطلاع و نرجع الي غيره من حملة علم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 55 *»
السيد اجل الله سبحانه شأنه و الذين طال ما خدموه باخلاص و کانوا في خدمته من صرف الاختصاص و قدمدحهم السيد مرات بالمصاص و امر بالرجوع اليهم للخلاص فغفلوا عن ذلک الميزان فاتبعوا اهواءهم مستبدين بالخسران فآلوا بالخيبة و الحرمان و کفروا بالله العزيز الديان فاتخذوه لنفسهم ثمالاً و سناداً و جعلوه في دينهم عماداً و لميکتفوا بذلک اجمع حتي انتشرووا في البلدان و خربوا العمران و ضلوا و اضلو اعن سواء السبيل حتي اذا سقط في ايديهم و قطع الله دابره و رد کيده في نحره و قطع اثره و رأوا انهم قدضلّوا ظلّوا متحيرين في البلدان يرکضون رکض الوحش في الفيافي و الکثبان لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلاً فجاء المحرم و النيروز و لميحصل له ظهور و بروز بل انقطع اثره و خفي خبره لايدري افي بحر غرق او في بر حرق ظلوا عاضين علي اناملهم خجلين عن الناس لدعاويهم فتاهوا کالعميانين و قطع دابر القوم الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين و کان من مکر الرجل انه رأي ان الناس قدضاق عليهم المجال من کثرة الظلم و خلاف الاعتدال و هم طالبون لتغيير الدولة و حدوث جولة فالقي فيهم اني اخرج في يوم عاشورا او في يوم نيروز و انا من جانب امامکم صاحب الزمان الذي يملأ الارض قسطاً و عدلاً لامبدل لکلماته و لا راد لقضائه و الميقات ارض کربلاء حتييذهب الجهال و العوام و طالبوا الفساد الي تلک البقعة المشرفة و هو ايضاً يأتيهم فان رأي اجتماعاً من الناس يخرج و يفعل ما يشاء الله و ان لميأته احد فله عذر عدم تسليم الناس و ايمانهم بالباب و يعدهم بعده بنزول العذاب عليهم و يرجع خائباً فانظر الي رد الله کيده في نحره ان الناس قدذهبوا الي کربلاء و هو لميقدر انيأتيهم لفساد طريق مکة و عدم رجوع الحاج من طريق الجبل فجاء المحرم و جاء النيروز و هو في الحجاز لميأت کربلاء خوفاً من القطاع و العرب انظر في تفضيح الله سبحانه اياه و قطعه دابره کيف يحق الله الحق بکلماته و يبطل الباطل فخمد ذکره و انقطعع اثره و خفي خبره فلايدري اين هو يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحکم ما يريد بعزته يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 56 *»
متم نوره و لو کره المشرکون راعيکم الذي استرعاه الله امر غنمه لايخلي بين غنمه و الذئاب العادية و الکلاب المتعادية هکذا يذبون عن حوزة المسلمين و يمنعون عن حمي المؤمنين و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
فصل: في الاشارة الي امر المعجز و انه کيف يصير العمل و الکلام معجزاً اعلم ان الله سبحانه لماقضي انيکون الخلق متکثراً مختلفاً الزمهم الانحراف عن نهج الاعتدال فاذا حرمهم الاعتدال حجبهم عن درک انوار الجمال اذ من المحال انيحکي المنحرف المعتدل علي ما به فاوجب لذلک ارسال الرسل المعتدلين بالنسبة الي کل قوم و صنف فانهم اولي بانيحکوا سر الواحدية و حقيقة الاعتدال المهيمن علي سبحات الجلال فبعث في کل امة رسولاً من انفسهم هو مرکز دايرتهم و قلب اعضائهم و قطب رحاهم و لماکانت الامم مختلفين متشتتين و تعدد قلوبهم و مراکزهم و تکثروا احتاجوا ايضا في وسطهم الي معتدل فان المتکثر لايمکنه التلقي من الواحد الحقيقي و المستوي الحقيقي فصار في وسطهم قطب واحد حقيقي و هو قلب الکل محمد صلي الله عليه و آله فلما انبأ الله سبحانه في کتابه و قال و ما خلقکم و لا بعثکم الا کنفس واحدة و قال ما تري في خلق الرحمن من تفاوت اخبر بوحدة قطب الکل و قلبه الذي هو اول موجود منه و اخر مختوم به. به فتح الله و به يختم فقال ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه ثم اخبر ان ذلک القلب المفتوح به هو محمد صلي الله عليه و آله حيث قال ان کان للرحمن ولد فانا اول العابدين فثبت انه اول العابدين به فتح الله و به يختم فهو قلب الکل و الروح السارية في بدن الکل و لذا قال علي عليه السلام في حديث مر و العقل وسط الکل فهو قطب يدور عليه رحي جميع ما کان و ما يکون الي يوم القيمة فهو اعدال المظاهر و الواقف علي الطتنجين الناظر في المشرقين و المغربين و المتوسط بين الکونين و المتساوي للجهتين و في مثله يظهر الواحد
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 57 *»
الفرد المنزه عن جميع صفات الخلق الا تري ان النقطة بين الدائرة في مرکزها هي التي لا شرقية و لا غربية و لا جنوبية و لا شمالية و لاتختص بجهة من الجهات منفية عنها الحدود مبعدة عنها الاقطار فاذا تنزهت علي السواء عن الجهات تنزهت عن الکيوف و الکموم بالکلية فان الشرق الحقيقي حار يابس و الجنوب حار رطب و المغرب بارد رطب و الشمال بارد يابس و الحار اليابس يقتضي الحمرة و الخفة و الحدة و الدقة و الطول و امثالها و الحار الرطب يقتضي الصفرة و يکون اثقل من الحار اليابس و يقتضي اللينة و الغلظة في الجملة و التثليث و المخروطية و امثالها و البارد الرطب يقتضي البياض و الثقل و اللينة و الغلظة الکثيرة و التدوير و امثالها و البارد اليابس يقتضي السواد و الثقل الکثير و الخشونة و الغلظة الکثيرة مع التفتت و التضريس فمادونه الي التفتت و عدم الاتصال المقداري و امثالها فاذا تباعدت النقطة من الدائرة المحيطة علي السواء و کانت مرکزاً و تنزه عن الجهات و لايتنزه الا انيتباعد علي السواء فانه اذا زاد بعده عن جهة عن السواء ازداد قرباً باخري و خرج عن الاعتدال فاذا تباعد علي السواء استوي و قام و اعتدل و تنزه عن جميع مقتضيات الطبايع و الجهات و الکيوف و الکموم فاذا کانت الدائرة کونية کلية استوي في الوقت و المکان و الرتبة ايضاً فاذا استوي في الکل اتحد لامحالة فان التعدد يستلزم الانحراف لامتناع وجود شيئين في مکان و حد واحد فاذا انحرف امتنع عليه انيجذب و يسأل مبدأه عن خلاف ما هو عليه مادام هو علي ما هو عليه فانه يسأل بلسان ما هو عليه فيسأل بمقتضي الجهة الغالبة عليه فلايمکن انيعدل في الرعية و يقسم بالسوية و من ليس کذلک لايليق بانيکون ميزاناً و حکماً للعباد يرجعون اليه في التنازع و التشاجر و لايمکن مثل هذا الرجل انيکون منصوباً من جانب الفرد المنزه و دالاً و دليلاً و عوناً عليه و له و لايمکن انيقيمه مقامه في ساير الدايرة في الاداء و يجعل رؤيته رؤيته فان رؤية الاصفر ليست رؤية المنزه عن الصفرة و يجعل قوله قوله فان قول من يلوي لسانه الي جهة ليس قول من ينطق بالحق و يجعل فعله فعله فان فعل الحار التسخين و لا يقدر علي التبريد و ليس فعل الحار فعل المنزه عن الحرارة الغير المخصص بها فاذا لميکن فعله فعله و لا قوله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 58 *»
قوله و لا رؤيته رؤيته کيف يمکن انيجعل رسولاً و حکماً للعباد و البلاد ففي کل ماسوي الله لابد من مرکز واحد حقيقي غير مائل الي جهة من الجهات يوقد من شجرة مبارکة زيتونة لا شرقية و لاغريبة يکاد زيتها يضيء و لو لمتمسسه نار ثم في کل جهة من الجهات لابد من عدل في تلک الجهة غير مايل الي شيء منها خاصة حتييجعله المرکز و القطب قائماً مقامه في تلک الجهة لاجراء قضاياه فيهم و انفاذ احکامه بينهم و اظهار شئونه لهم و احکامهم غير احکام ساير الجهات فيکون هذا العدل منحرفاً بالنسبة الي الکل الا انه معتدل في جهته و هذا کلي هذه الجهة ثم تحته عدول بالنسبة الي الاقاليم فکل اقليم يکون له عدل اقامه عدل الجهة مقامه في ذلک الاقليم لاجراء قضاياه الخاصة بذلک الاقليم و اظهار شؤنه لهم و هکذا ساير الاقاليم. ثم في کل اقليم بلاد و في کل بلد قيم عن عدل الاقليم منه بدؤه و اليه عوده اقامه مقامه في اجراء قضاياه و اظهار شؤنه و هکذا حتيينتهي الامر الي شخص واحد فجعل في دائرة وجوده عقله و هو وسط الکل يجري فيها قضاء العدول المقدمة و ينفذون احکامه و يظهرون شؤنه الا تري انک تقلدهم و تعمل باحکامهم و تجري ما يقولون في عرصة وجودک علي حسب ما يقولون و تذکر نفسک عدلهم و فضلهم و لولا ذلک ما استقام الوجود و ما عبد المعبود الا انيشاء الله غير ذلک فيکون علي ما شاء و الان قدشاء هکذا فلکل عدل استيلاء علي المنحرفين دونه و تنزه عن مشاکلتهم و تقدس عن مماثلتهم و تباعد عن اخلاقهم المنحرفة و صفاتهم و احوالهم يقسم بينهم بالسوية و يعدل في الرعية فاذا کان غير مقيد بجهة من جهاتهم کان مستوياً عليهم و جاذباً بقدر عدله من استواء العدل الذي فوقه الي الرحمن المستوي علي عرشه بل الکل استواء الرحمن و هو هکذا يستوي و يفعل ما يشاء بقدرته و يحکم ما يريد بعزته فلما صار مستوياً و آية الرحمن المستوي في دائرته و القائم مقام الرحمن في صقعه صار يد الله و عين الله و لسان الله و اذن الله و قلب الله و روح الله و نفس الله و ذات الله الي غير ذلک من المضافات الحادثة في صقعه فيکون فعله فعل الله و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 59 *»
قوله قول الله و ارادته ارادة الله و حکمه حکم الله من رد عليه فقد رد علي الله و هو علي حد الشرک بالله و يکون اذاه اذي الله و سروره سرور الله و زيارته زيارة الله و هجره هجر الله و نصرته نصرة الله و خذلانه خذلان الله الي غير ذلک فاذا صار فعله فعل الله صار فعله من افعال الرب و فعل الرب علي خلاف ما يقدر عليه العبد من الافعال فيعجزون عن مثل افعاله و اقواله لامحالة فانه يفعل و يقول بالاستواء و الاعتدال و هم يفعلون و يقولون بالانحراف فلايقدرون انيأتوا بمثل ما يأتي به لامحالة و يکون فعله و قوله حجة عليهم من الله سبحانه کمايکون ذاته حجة من الله سبحانه عليهم هذا و انکان يقدر علي مثل فعله و قوله احد المنحرفينن من غير جهته و ليس بحجة في تلک الجهة لکن في هذه الجهة حجة کما تري مثلاً ان الطير يطير و ليس بمعجز و اذا طار الانسان هو معجز له و الماء يجري و لا معجز فاذا ذاب الانسان و جري فهو معجز منه و الشجر يورق و يثمر و لا معجز و الانسان اذا اورق و اثمر فهو معجز له و الجن يمشي علي الماء و لايغرق و لامعجز و اذا مشي الانسان فهو معجز منه ففعل کل عدل لابد و انيکون في جهته و حده معجزاً و انکان غيره من غير جهته يقدر علي مثله و اکمل مثلاً کما مثلنا لک و هذا في الحکم الواقعي و اما في الحکم الثانوي فلما جاء عالم اللطخ و الخلط و اختلط اهل الجهات و الرتب بعضهم ببعض و کان لايصدق الرجل انيقول اني من جهتکم و اعدلکم و المستوي بينکم و افعل و اقول ما لاتقدرون عليه لاحتمال انيکون من منحرفي غير جهتهم و کلهم يقدرون علي مثل فعله و اکمل و ليسوا بحجة من الله علينا لميجعل الحجة و النبي و الامام الا من رتبة علي رتبة فجعل الحجة علي الانبياء محمداً و آله عليهم السلام و جعل الحجة علي الاناسي الانبياء عليهم السلام و محمد و آله صلوات الله عليهم نوعاً مقدمون علي الانبياء وجوداً فکل واحد منهم يقدر انيفعل ما يعجز جميع الانبياء و المرسلين في کل جهاتهم و بعث الانبياء المقدمون نوعاً علي الاناسي وجوداً فکل واحد منهم يقدر علي ما لايقدر عليه جميع الاناسي في کل جهاتهم فبذلک قامت الحجة بالانذار و الاعذار و ادحض الله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 60 *»
حجة الرعية و اثبت الرسالة و النبوة و سمي افعالهم و اقوالهم معجزة فربما يفعلون و يقولون علي حسب البستهم البشرية التي بها يظهرون للرعية ليروهم و ليست بمعجزة و ربما يفعلون و يقولون علي حسب مقامهم و رتبتهم و يکون معجزة و لماکانوا في حدهم مختلفي الاعتدال بالنسبة الي انفسهم فکل واحد يقدر علي افعال و اقوال خاصة الا المعتدل الحقيقي الفرد في الکل فانه لنيفوته فعل و قول و يفعل ما يشاء باذن الله و يحکم ما يريد بامره و هو مرآة جميع الاسماء و الصفات و الافعال و يکون وکر مشية الله الکلية و ارادة الله العامة و قدرته الکاملة و يقدر علي جميع انحاء المعجزات و علي اظهار جميع افعال الله و صفاته اذ تجلي له بکله فاشرق و طالعه بجميعه فتلألأ فالقي في هويته مثاله فاظهر عنه افعاله و اما غيرهم من العدول من الرعية فهم في الواقع علي ما ذکرنا و في الظاهر ربما يصدر عنهم افعال في جهتهم و لعله يقدر عليها غيره من غير جهته فيکون ذلک کرامة من الله عليه و علي اهل جهته و ليس بمعجز حجة من الله لاحتمال انيکون هو رجل من منحرفي غير هذه الجهة و يفعل ما يفعل کما يفعلون ولکن من عرفه بالاعتدال و عدم التلبيس و صدق المقال يکون ما يظهر منه له کرامة من الله و تقوية لامره و تشديداً لسلطانه و ليس بمعجز فانه حجة بعد معرفة عدله لا قبله فيکون فضلاً زائداً لکثرة اطمينان القلوب و زيادة ايمانهم فافهم راشداً موفقاً فانک لاتجد بياناً اتم من هذا و اصح و اوضح و لما کان خاتم النبيين صلوات الله عليه و آله هو الذي نزل عليه الفرقان ليکون للعالمين نذيراً حتي الانبياء و المرسلين يجب انيکون کتابه کجميع افعاله و اقواله الصادرة في مقام الاعجاز بحيث يعجز عنه جميع الاناسي في جميع العوالم الالف الف حتي الانبياء و الرسل من اولي العزم و غيرهم فکان کتابه معجزاً علي الانبياء و المرسلين عليهم صلوات المصلين و لو اجتمع جميعهم و بقوا مدي الدهر علي انيؤلفوا کلاماً مثل سورة من سوره لايقدرون فانه تأليف الله المستوي علي العرش و اي عبد له اعتدال و استواء کاستواء الرحمن المستوي علي الملک المتجلي باستوائه في قلب محمد صلي الله عليه و آله کما روي قلب
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 61 *»
المؤمن عرش الرحمن و المؤمن هنا هو رسول الله صلي الله عليه و اله خاصة فلايکون قلب احد عرش الرحمن الا قلبه صلي الله عليه و اله و ساير القلوب عرش تجليات الرحمن لعالمه خاصة فاذا عرفت ذلک و تبينت ما هنالک و رأيته رأي العين انظر في جسارة هذا الکافر المشرک الذي زعم انه اوحي اليه کما اوحي الي محمد صلي الله عليه و آله و النبيين و المرسلين مع ان اباجعفر و اباعبدالله عليهما السلام قالا في حديث طويل و لقدختم الله بکتابکم الکتب و ختم بنبيکم الانبياء و زعم ان في کتابه جميع ما في الصحف المنزلة من السماء و زعم انه نذير و بشير بکتابه علي العالمين و اي غاصب غصب مثل هذا الرجل حق الله سبحانه و حق رسوله و الائمة عليهم السلام ويل ابن ابيقحافة و ابن صهاک قدغصبا الخلافة عن صاحب الولاية و هذا الغاصب الخبيث قدغصب ولاية الله سبحانه حيث ادعي لنفسه الربوبية و غصب رسالة النبي صلي الله عليه و آله حيث زعم لنفسه الرسالة و انه اوحي اليه مثل ما اوحي الي محمد و قدبعث علي العالمين بشيراً و نذيراً و اخذ ميثاقه علي الانبياء و اوتي ما لميؤت نبي صلي الله عليه و آله فان التورية لمتکن مشتملة علي جميع ما في القرآن و کذا الانجيل و الصحف و هذا زعم انه اوتي کتاباً و اوحي اليه فوق جميع ما اوحي الي النبيين و المرسلين و لميبعث نبي علي العالمين غير محمد صلي الله عليه و آله و هو زعم انه بعث علي العالمين و خاطب بکتابه اهل العرش و الفرش و الانبياء و الرسل و اخذ ميثاقه علي الانبياء و کل واحد منهم ابتلي بما ابتلي فقدابتلي لاجل التوقف في ولايته فيا سبحان الله هل ابقي باقية لال محمد عليهم السلام لميغصبها و متي غصب ابن ابيقحافة مثل هذا الغصب و متي ادعي ابن صهاک مثل هذا الادعاء و متي جسر ابن عفان مثل هذه الجسارة و متي ارتکب ابن ابيسفيان مثل هذه الوقاحة و ايم الله لو سمع المنافقون مثل هذه الخرافات بل عشراً من معشارها لما سلموا لاولئک الاصنام ابداً فاي مرتد عن الاسلام يساوي مثل هؤلاء المرتدين المسلمين لهذا الصنم الاکبر المسمي نفسه بالذکر الاکبر و انما ادعوا لهم الخلافة بالاجماع المستند الي النص المکذوب و لبسوا عليهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 62 *»
فصدقوهم و لو ادعي ابن ابيقحافة انه اوحي اليه کما اوحي الي محمد و النبيين من قبله صلي الله عليهم اجمعين و انه بعث علي العالمين بشيراً و نذيراً لقتلوه في السقيفة قبل انيخرج و لما امهلوه ساعة فانظر الي عدوان اهل آخر الزمان و عتوهم کيف استهزء بهم الشيطان و سخرهم حتيانقادوا لمدعي الالوهية و الرسالة و الامامة و المکذب لکتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله فاي منافق فعل هذا ام اي مبتدع ابتدع مثل هذا فيا لله و لهؤلاء المبتدعين الساعين في الارض فساداً و اي محنة لمتحل بنا بعد السيد الجليل و لعمري:
جاورت اعدائي و جاور ربه شتان بين جواره و جواري
*******
شتان ما يومي علي کورها و يوم حيان اخي جابر
الحمد لله علي کل حال اللهم يا مقلب القلوب و الابصار صل علي محمد و آل محمد و ثبت قلبي علي دينک و دين نبيک و لاتزغ قلبي بعد اذ هديتني و هب لي من لدنک رحمة انک انت الوهاب انظر وفقک الله و هداک کيف تبروا امر الائمة عليهم السلام و کيف تبر الله امرهم و مزقهم کل ممزق و الحمد لله رب العالمين.
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 63 *»
الباب الثاني
في اثبات ان ما ادعاه من الخروج و القتل و الجهاد خلاف اجماع الشيعة و نصوصهم
و هو ايضا فسق ظاهر و فيه فصول:
فصل: في ذکر الاخبار الواردة في انه لايجوز جمع العساکر و الخروج بها الي الجهاد و رفع اللواء الا للمعصوم و ان کل من خرج قبل امام العصر فهو طاغوت.
فعن الکليني حديث طويل شريف اذکره بطوله لکثرة محصوله فعنه بسنده عن ابيعمرو الزبيري عن ابيعبدالله عليه السلام قال قلت له اخبرني عن الدعاء الي الله و الجهاد في سبيله أهو لقوم لايحل الا لهم و لايقوم به الا من کان منهم او هو مباح لکل من وحد الله عزوجل و آمن برسوله صلي الله عليه و آله و من کان کذا فله انيدعو الي الله عزوجل و الي طاعته و انيجاهد في سبيل الله فقال ذلک لقوم لايحل الا لهم و لايقوم بذلک الا من کان منهم فقلت من اولئک فقال من قام بشرائط الله عزوجل في القتال و الجهاد علي المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء الي الله عزوجل و من لميکن قائماً بشرايط الله عزوجل في الجهاد علي المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد و الدعاء الي الله عزوجل حتييحکم في نفسه ما اخذ الله عليه من شرائط الجهاد قلت فبين لي يرحمک الله فقال ان الله عزوجل اخبر في کتابه الدعاء و وصف الدعاة اليه فجعل ذلک لهم في الدرجات يعرف بعضها بعضاً و يستدل ببعضها علي بعض فاخبر انه تبارک و تعالي اول من دعا الي نفسه و دعا الي طاعته و اتباع امره فبدأ بنفسه فقال والله يدعو الي دار السلام و يهدي من يشاء الي صراط مستقيم ثم ثني برسوله فقال ادع الي سبيل ربک بالحکمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن يعني بالقرآن و لميکن داعياً الي الله عزوجل من خالف امر الله و يدعو اليه بغير ما امر في کتابه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 64 *»
الذي امر ان لايدعي الا به و قال في نبيه صلي الله عليه و آله و انک لتهدي الي صراط مستقيم يقول تدعو ثم ثلث بالدعاء اليه بکتابه ايضا فقال تبارک و تعالي ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم اي يدعو و يبشر المؤمنين ثم ذکر من اذن له في الدعاة اليه بعده و بعد رسوله في کتابه فقال ولتکن منکم امة يدعون الي الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنکر و اولئک هم المفلحون ثم اخبر عن هذه الامة و ممن هي و انها من ذرية ابرهيم و ذرية اسمعيل من سکان الحرم ممن لميعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة دعوة ابرهيم و اسمعيل من اهل المسجد الذين اخبر عنهم في کتابه انه اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً الذين وصفناهم قبل هذه في صفة امة ابرهيم صلي الله عليه و آله الذين عناهم الله تبارک و تعالي في قوله ادعو الي الله علي بصيرة انا و من اتبعني يعني اول من تبعه علي الايمان به و التصديق له بما جاء من عند الله عزوجل من الامة التي بعث فيها و منها و اليها قبل الخلق ممن لميشرک بالله قط و لميلبس ايمانه بظلم و هو الشرک ثم ذکر اتباع نبيه صلي الله عليه و آله و اتباع هذه الامة التي وصفها في کتابه بالامر بالمعروف و النهي عن المنکر و جعلها داعية اليه و اذن له في الدعاء اليه فقال يا ايها النبي حسبک الله و من اتبعک من المؤمنين ثم وصف اتباع نبيه صلي الله عليه و آله من المؤمنين فقال عزوجل محمد رسول الله و الذين معه اشداء علي الکفار رحماء بينهم تريهم رکعا سجداً الاية و قال يوم لايخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعي بين ايديهم و بايمانهم يعني اولئک المؤمنين و قال قد افلح المؤمنون ثم حلاهم و وصفهم کيلايطمع في اللحاق بهم الا من کان منهم فقال فيما حلاهم به و وصفهم الذين هم في صلوتهم خاشعون و الذين هم عن اللغو معرضون الي قوله اولئک هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 65 *»
قال في صفتهم و حليتهم ايضاً الذين لايدعون مع الله الهاً آخر و ذکر الايتين ثم اخبر انه اشتري من هؤلاء المؤمنين و من کان علي مثل صفتهم انفسهم و اموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعداً عليه حقاً في التورية و الانجيل و القرآن ثم ذکر وفاهم له بعهده و مبايعته فقال و من اوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعکم الذي بايعتم به و ذلک هو الفوز العظيم فلمانزلت هذه الاية ان الله اشتري من المؤمنين انفسهم و اموالهم بان لهم الجنة قام رجل الي رسول الله صلي الله عليه و اله فقال يا نبي الله ارأيتک الرجل يأخذ سيفه فيقاتل حتييقتل الا انه يقترف من هذه المحارم اشهيد هو؟ فانزل الله عزوجل علي رسوله التائبون العابدون و ذکر الاية فبشر الله المجاهدين من المؤمنين الذين هذه صفتهم و حليتهم بالشهادة و الجنة و قال التائبون من الذنوب العابدون الذين لايعبدون الا الله و لايشرکون به شيئا الحامدون الذين يحمدون الله علي کل حال في الشدة و الرخاء السائحون و هم الصائمون الراکعون الساجدون و هم الذين يواظبون علي الصلوات الخمس و الحافظون لها و المحافظون عليها في رکوعها و في سجودها و في الخشوع فيها و في اوقاتها الامرون بالمعروف بعد ذلک و العاملون به و الناهون عن المنکر و المنتهون عنه قال فبشر من قتل و هو قائم بهذه الشروط بالشهادة و الجنة ثم اخبر تبارک و تعالي انه لميأمر بالقتال الا اصحاب هذه الشروط فقال عزوجل اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا و ان الله علي نصرهم لقدير الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق الا انيقولوا ربنا الله و ذلک ان جميع ما بين السماء و الارض لله عزوجل و لرسوله صلي الله عليه و آله و لاتباعهم من المؤمنين من اهل هذه الصفة فما کان من الدنيا في ايدي المشرکين و الکفار و الظلمة و الفجار من اهل الخلاف لرسول الله صلي الله عليه و آله و المولّي عن طاعتهما ظلموا فيه المؤمنين من اهل
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 66 *»
هذه الصفة و غلبوهم عليه فما افاء الله علي رسوله فهو حقهم افاء الله عليهم و رده اليهم و انما کان معني الفيء کل ما صار الي المشرکين ثم رجع مما کان غلب عليه او فيه فما رجع الي مکانه من قول او فعل فقدفاء مثل قول الله عزوجل للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر فان فاؤا فان الله غفور رحيم اي رجعوا ثم قال و ان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم و قال و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فانبغت احديهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي حتيتفيء الي امر الله اي ترجع فانفاءت اي رجعت فاصلحوا بينهما بالعدل و اقسطوا ان الله يحب المقسطين يعني بقوله تفيء ترجع فذلک الدليل علي ان الفيء کل راجع الي مکان قدکان عليه او فيه و يقال للشمس اذا زالت فاءت الشمس حين تفيء الفيء عند رجوع الشمس الي زوالها و کذلک ما افاء الله علي المؤمنين من الکفار فانما هي حقوق المؤمنين رجعت اليهم بعد ظلم الکفار اياهم فذلک قوله اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا ما کان المؤمنون احق به منهم و انما اذن للمؤمنين الذين قاموا بشرايط الايمان التي وصفناها و ذلک انه لايکون مأذوناً له في القتال حتييکون مظلوماً و لايکون مظلوماً حتييکون مؤمناً و لايکون مؤمناً حتي يکون قائماً بشرايط الايمان التي اشترط الله عزوجل علي المؤمنين و المجاهدين فاذا تکاملت فيه شرائط الله عزوجل کان مأذوناً له في الجهاد لقول الله عزوجل اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا و ان الله علي نصرهم لقدير و ان لميکن مستکملاً لشرائط الايمان فهو ظالم ممن يبغي و يجب جهاده حتييتوب و ليس مثله مأذوناً له في الجهاد و الدعاء الي الله عزوجل لانه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن لهم في القرآن في القتال فلمانزلت[19] هذه الاية اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 67 *»
في المهاجرين الذين اخرجهم اهل مکة من ديارهم و اموالهم احل لهم جهادهم بظلمهم اياهم و اذن لهم في القتال فقلت فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشرکي اهل مکة لهم فما بالهم في قتالهم کسري و قيصر و من دونهم من مشرکي قبائل العرب فقال لو کان انما اذن لهم في قتال من ظلمهم من اهل مکة فقط لميکن لهم الي قتال جموع کسري و قيصر و غير اهل مکة من قبايل العرب سبيل لان الذين ظلموهم غيرهم و انما اذن لهم في قتال من ظلمهم من اهل مکة لاخراجهم اياهم من ديارهم و اموالهم بغير حق و لو کانت الاية انما عنت المهاجرين الذين ظلمهم اهل مکة کانت الاية مرتفعة الفرض عمن بعدهم اذا لميبق من الظالمين و المظلومين احد و کان فرضها مرفوعا عن الناس بعدهم اذا لميبق من الظالمين و المظلومين احد و ليس کما ظننت و لا کما ذکرت ولکن المهاجرين ظلموا من جهتين و ظلمهم اهل مکة باخراجهم من ديارهم و اموالهم فقاتلوهم باذن الله لهم في ذلک و ظلمهم کسري و قيصر و من کان دونهم من قبايل العرب و العجم بما کان في ايديهم مما کان المؤمنون احق به منهم فقدقاتلوهم باذن الله عزوجل لهم في ذلک و بحجة هذه الاية يقاتل مؤمنوا کل زمان و انما اذن الله عزوجل للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عزوجل من الشرايط التي شرطها الله علي المؤمنين في الايمان و الجهاد و من کان قائماً بتلک الشرايط فهو مؤمن و هو مظلوم و مأذون له في الجهاد بذلک المعني و من کان علي غير ذلک فهو ظالم و ليس من المظلومين و ليس بمأذون له في القتال و لا بالنهي عن المنکر و الامر بالمعروف لانه ليس من اهل ذلک و لامأذون له في الدعاء الي الله عزوجل لانه ليس يجاهد مثله و امر بدعائه الي الله و لايکون مجاهداً من قدامر المؤمنين بجهاده و حظر الجهاد عليه و منعه منه و لايکون داعيا الي الله عزوجل من امر بدعاء مثله الي التوبة و الحق و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 68 *»
الامر بالمعروف و النهي عن المنکر و لايأمر بالمعروف من قدامر انيؤمر به و لاينهي عن المنکر من قدامر انينهي عنه فمن کان قدتمت فيه شرائط الله عزوجل التي وصف بها اهلها من اصحاب النبي صلي الله عليه و آله و هو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد کما اذن لهم في الجهاد لان حکم الله عزوجل في الاولين و الاخرين و فرايضه عليهم سواء الا من علة او حادث يکون و الاولون و الاخرون ايضاً في منع الحوادث شرکاء و الفرائض عليهم واحدة يسأل الاخرون من اداء الفرائض عما يسأل عنه الاولون و يحاسبون عما به يحاسبون و من لميکن علي صفة من اذن الله له في الجهاد من المؤمنين و ليس بمأذون له فيه حتيتفيء بما شرط الله عزوجل فاذا تکاملت فيه شرايط الله عزوجل علي المؤمنين و المجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد فليتق الله عزوجل عبد و لايغتر بالاماني التي نهي الله عزوجل عنها من هذه الاحاديث الکاذبة علي الله التي يکذبها القرآن و يتبرؤ منها و من حملتها و رواتها و لايقدم علي الله عزوجل بشبهة لايعذر بها فانه ليس وراء المتعرض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتي الله من قبلها و هي غاية الاعمال في عظم قدرها فليحکم امرؤ لنفسه و ليرها کتاب الله عزوجل و يعرضها عليه فانه لا احد اعلم بالمرء من نفسه فانوجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم علي الجهاد و ان علم تقصيراً فليصلحها و ليقمها علي ما فرض الله تعالي عليها من الجهاد ثم ليقدم بها و هي طاهرة مطهرة من کل دنس يحول بينها و بين جهادها و لسنا نقول لمن اراد الجهاد و هو علي خلاف ما وصفنا من شرايط الله عزوجل علي المؤمنين و المجاهدين لاتجاهدوا ولکن نقول قدعلمناکم ما شرط الله عزوجل علي اهل الجهاد الذين بايعهم و اشتري منهم انفسهم و اموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلک
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 69 *»
ليعرضها علي شرايط الله عزوجل فان رأي انه قدوفي بها و تکاملت فيه فانه ممن اذن الله عزوجل له في الجهاد و ان ابي الا انيکون مجاهداً علي ما فيه من الاصرار علي المعاصي و المحارم و الاقدام علي الجهاد بالتخبيط و العمي و القدوم علي الله عزوجل بالجهل بالروايات الکاذبة فلقد لعمري جاء الاثر فيمن فعل هذا الفعل ان الله تعالي ينصر هذا الدين باقوام لاخلاق لهم فليتق الله عزوجل امرؤ و ليحذر انيکون منهم فقدبيّن لکم و لاعذر لکم بعد البيان في الجهل و لا قوة الا بالله و حسبنا عليه توکلنا و اليه المصير انظر في هذا الحديث الشريف کيف فصل و بين و رفع العذر عن الجاهلين بالتعليم و لميبق لذي مقال مقالاً فقدبين عليه السلام ان اصل الدعوة لله سبحانه فانه العالم بما خلق کما خلق و لماکان هو سبحانه لاتدرکه الابصار و لاتسمع دعوته الاسماع و لايمکن لاحد انيفهم عنه سبحانه اقام مقامه في الاداء و الدعوة محمداً صلي الله عليه و آله المنبئ عنه و الدال عليه و الداعي اليه فقام بين ظهراني العباد يدعوهم اليه سبحانه لانه مرآة تمام تجلياته و مظهر جميع اسمائه و صفاته و لايليق بالدعاء التام من کل جهة الا الله سبحانه بنبيه نبي الرحمة الواسعة و القدرة الکاملة صلي الله عليه و آله ثم لماکان في الباطن هو صلي الله عليه و آله آية سبوحيته و قدوسيته و احديته سبحانه و کان لاتدرکه الابصار و لاتحيط به خواطر الافکار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار تجلي بنفسه الکلية نفس الله القائمة فيه بالسنن مجلي الواحدية و مظهر الصفات الاقترانية علي و الائمة من ذريته صلي الله عليهم اجمعين فقاموا الي الله دعاة و علي العباد ولاة و للخلق هداة و ذلک قوله ادعوا الي الله علي بصيرة و رؤية و مشاهدة انا و من اتبعني فان الله اشهدنا خلق السموات و الارض و خلق انفسنا فندعو اليه علي بصيرة و مشاهدة فهم الدعاة الي الله کوناً و شرعاً و اما في الظاهر فلما غاب رسول الله صلي الله عليه و آله عن درک ابصارهم بالقاء مثلهم البشرية المعبر عنها بالموت و رجع الي ربه و استأثر الله بروحه صلي الله عليه و آله في قدسه و تنزهه عن الحدود البشرية المدرکة استخلف علياً عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 70 *»
السلام في تلک الحدود البشرية ليروه و يدرکوه فاقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ کان لاتدرکه الابصار فقام الي الله داعياً و للعباد راعياً و کذا کل امام امام في العصر الذي يليه صلي الله عليهم و اتباعهم فلايحق الدعوة الا لهم و لايجوز المجاهدة الا لهم و بامرهم فان المعطي هو المانع و الموسع هو المقتر و المحيي هو المميت و الموجد هو المفني و لايجوز لاحد انيسلب من شيء شيئاً الا انيکون هو المعطي له و الولي هو الله سبحانه فان هنالک الولاية الله الحق فهو الاولي من خلقه بخلقه ثم تظهر ولايته في رسوله فهو اولي بالخلق من الخلق النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم ثم تتجلي ولايته في وصيه انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزکوة و هم راکعون فالوصي اولي بالناس من انفسهم فهو يقدر انيقتل من يشاء و يأسر من يشاء و يأخذ ما يشاء بالله سبحانه فهو يقدر انيجاهد و يعسکر العساکر و يخرب اي بلد شاء و يقتل اياً شاء و يأسر النساء و الذراري و يستعبدهم فان له التصرف و لذلک کل ما يرجع اليه يسمي فيئاً و هو المظلوم حقه في الظاهر لان الکل حقه قال الله سبحانه صراط الله الذي له ما في السموات و ما في الارض و الموصول صفة المضاف فان المضاف اليه غير مذکور بالذات و انما جيء به للتعريف کالذي فالمضاف اليه هو جهة اقتران المضاف و فرع عليه في الذکر فالولي الذي هو اولي بالخلق من انفسهم لانه اعطي کل شيء خلقه ثم هدي يفعل ما يشاء و اما غيره فمن الذي له هذا المقام مقام الاولوية بالخلق کله حتييعطي او يمنع و يستعبد او يمن و انما خصهم الله بالخطاب بخصوصهم و قال هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب و المشار اليه هو الملک نعم يکون المؤمنون آلاتهم و ادواتهم و سلاحهم و جوارحهم يفعلون بهم ما يشاؤن لايسبقونهم بالقول و هم بامرهم يعملون قال الله سبحانه قاتلوهم يعذبهم الله بايديکم و من يقل منهم اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم فليس الجهاد لاحد من دون الولاة سلام الله عليهم لا لنقيب و لا نجيب و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 71 *»
لاعدل فانهم ليسوا بمعطي الارواح حتييسلبوها و ليسوا برزاقين حتيمنعوها و لا بموجدين حتييفنوها و انما هم خدام للولاة غاية الامر انهم السابقون الي الخدمة و الاجابة المقربون في حضرتهم و حملة لوائهم و القوام باوامرهم و مجالي صفاتهم و اسمائهم کما قدانعقد الاجماع من الشيعة و اتفقت آثار الائمة عليهم السلام انه ليس لاحد من غير المعصوم جمع العساکر و تجنيد الجنود الا باذن خاص في زمان ظهورهم و استيلائهم لا زمان خمولهم و غلبة الجور و لذا لميعسکر احد منهم سلام الله عليهم الا علي عليه السلام و هو ايضا بعد البيعة له و تعلق الرياسة الظاهرة العامة اليه. و اما الحسن و الحسين عليهما السلام فقدارادا الدفاع عن انفسهما و ذلک ليس بجهاد فاذ لميجند الائمة عليهم السلام في دولة الباطل کيف يجوز لشيعتهم قود العسکر و الجيوش حين ما امتد الجور باعه و کشف الظلم قناعه و استولي علي جميع الاقطار الفجار و الاشرار و غاب ولي الابرار لاستيلاء الکفار حتييبلغ الکتاب اجله فالقول بجواز الجهاد و الابتداء بالدعوة و القتال في يومنا هذا خلاف الکتاب و السنة و الاجماع و لايصغغي الي مدع يدعيه و لو اتي بالف خارق عادة يسميه معجزاً و انها لسحر و شعبدة و تمويه و تخييل لانه علي خلاف الکتاب و السنة و دليل العقل حتييأتي من يدعي الامامة بعد وقوع العلامات الحتمية من السفياني و الدجال و غيرها ثم ينتهي مدة نهي الاجماع بالاجماع و السنة بالسنة و الکتاب بالکتاب فحلال محمد حلال الي يوم القيمة و حرامه حرام الي يوم القيمة و لو جاز ذلک بخرق عادة لجاز انيموه احد علي الناس بعض التخييلات ثم يأمر بترک الصلوة و الصوم و الحج بل انکار النبي و الوصي فانه اتي بمعجز و قدحققنا في مباحثاتنا و مجالسنا ان المعجز يتبين من السحر بان لايأتي بما بطلانه بين و يفعل في مقام التحدي ما يعجز غيره فتقرير الله سبحانه و عدم ابطاله حينئذ دليل علي انه منه سبحانه و اما اذا اتي بما لايجوز و ظهر انه متکلف ما هو خلاف الاجماع و دليل العقل و کتاب النبي الذي هو سابق عليه و سنته فانه يقدر انيأتي بالسحر و الشعبدة فان علي الله ابطاله و قدابطله بانکار الحق السابق الثابت و و کل نبي انما هو مصدق لمن قبله و کل وصي مصدق
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 72 *»
لما قبله و هيهنا قداجملنا القول و لو تدبرت فيما ذکرت لوجدته حقاً لا شبهة فيه و لا ريب يعتريه و قدجعلت فيه جواب کل شبهة يعتريک تدبر فيه تجد و لما وصل الکلام الي هيهنا ذکرت شبهة قد اعترت علي بعض الاخوان صانه الله عن طوارق الزمان و سألني عنها مراراً و اجبت عنها بجوابات مختصرة ولکن لميقنع و کرر السؤال علي و الح بما لامزيد عليه و لايخلو من مناسبة بالمقام فاحببت اناعنون هنا فصلاً و اذکر من ذلک شيئاً لعله يظفر بهه و يقنع و لا قوة الا بالله.
فصل: اعلم ان اصل شبهته سلمه الله انه يختلج في صدره ان الکامل المعتدل لا اختصاص له بصورة دون صورة فهو الظاهر بکله في کل صورة و يجب في الاداء و الايصال و ابلاغ الحجة انيعرف نفسه لکل احد بما يليق به فادّاه ذلک الي ان زعم و احتمل انيکون کل شيعي کامل اماماً حقيقة و هو الحجة الحق قدظهر بهذه الصورة في هذا العصر و ليس له صورة خاصة و انما يظهر في کل عصر بما يناسبه ثم جرته شبهته الي ان صعد الي النبي صلي الله عليه و اله و ان الکامل الاول هو النبي و هو المعتدل الحقيقي و هو يظهر في کل قرن بما يناسبه فکل شيعي هو محمد بن عبدالله حقيقة الا انه تسمّي و تشکّل في عصر خاص باسم خاص و شکل خاص ثم جرته شبهته الي ان الله سبحانه عدل لايجور و کامل لانقص فيه و لا ظهور الا له فهو الظاهر في هذه المراتب کلها حقيقة في کل قرن بحسبه فيتشکّل بکل شکل و يتسمي بالاسماء في کل عصر عصر و قرن قرن فالنبي هو الله حقيقة و الولي هو الله حقيقة و هو النبي حقيقة و الشيعي الکامل هو الله حقيقة و هو محمد حقيقة و هو الامام حقيقة و هو الشيعي في ظاهره ثم خلج بباله اذا صار هو الله حقيقة يجب انيقدر علي جميع ما يقدر الله و يعلم جميع ما يعلمه الله لانه هو هو و اذا صار هو محمداً صلي الله عليه و آله حقيقة يجب انيکون معصوماً مطهراً ينزل عليه جميع ما ينزل عليه و يتلقي جميع ما يتلقي من الله سبحانه و اذا صار هو الولي يجب انيکون معصوماً مطهراً يفعل ما يفعلون و يقدر علي جميع ما يقدرون عليه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 73 *»
و لولا انه طالب مرتاد لدينه لکان ذلک الاعتقاد کفرا ًمحضاً ولکنه کان منه علي سبيل الخطرة و اذا علم فساده يرجع فکان مثله مثل ابرهيم اذ قال للکوکب هذا ربي فعن احدهما عليهما السلام انما کان طالباً لربه و لميبلغ کفراً و انه من فکر من الناس في مثل ذلک فانه بمنزلته فلماکان هو سلمه الله مرتاداً اذکر هيهنا ما قضي الله جريانه علي قلمي و لا قوة الا بالله.
اعلم کلية ان کل مطلب و ان دق و جل ما لميکن بحيث اذا عبرت عنه طابق ضرورة الاسلام و ما اجمعوا عليه و ما ذکره الله سبحانه في کتابه و بينه النبي صلي الله عليه و آله و اهل بيته في سنتهم و آثارهم لميکن حقاً فان الله سبحانه قرر هذا الخلق بدعوة محمد صلي الله عليه و اله و قوة علي عليه السلام علي ما في ايديهم و الله سبحانه لايغري خلقه بالباطل فما في ايديهم حق لا مرية فيه و لا ريب يعتريه الا انه جسد الاسلام و الايمان و قدقال الله سبحانه و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم فلهذا الجسد ارواح عالية مقدمة علي هذا الجسد ولکن هي خزائن هذا الجسد و ارواحه قد تنزلت و جمدت حتيصارت جسداً و من ابتغي درک تلک الارواح و الاطلاع عليها فليذب هذا الجسد حتييرق و يلطف و يموع و يتروح فيدرک روحه و الخلق لايذوب ذوباناً يصير به رباً و الرب لايجمد جموداً يصير به عبداً و النبي لايجمد جموداً يکون به امةً و الامة لايذوبون ذوباً يکونون به نبياً و کذلک الامام لايجمد جموداً به يکون شيعة و الشيعة لاتذوب ذوباً به تکون اماماً فان کل شيء لايجاوز ماوراء مبدئه و لاينزل بذاته الي مادون حده کل ظاهر وعاء باطنه و کل باطن حالّ في وعائه و لابد من مناسبة بينهما و الا لکان کل ظاهر لايقاً لکل باطن و کل باطن حريّاً لکل ظاهر و عند ذلک يبطل حکمة الحکيم و الزام کل شيء حده و مقامه و لميعرف اذاً الخالق من المخلوق و الحجة من المحجوج و الدليل من المدلول و المسبب من السبب و ذلک محال و ليس في محال القول حجة و لا في المسألة عنه جواب و لا لله في معناه تعظيم فاذا عرفت هذه المقدمة السديدة التي هي باب من العلم يفتح منه الف
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 74 *»
باب فاعلم ان الازل سبحانه هو القائم بنفسه فيجب انيکون احداً اذ لو کان غير ذلک لکان قائماً بغيره و بطل ازله و امتنع قدمه فوجب انيکون و لا شيء معه لا وجوداً و لاعدماً و لا نفياً و لا اثباتاً و لا کوناً و لا عيناً و لا امکاناً و لا صلوحاً علي معني امتناع ذکر الغير لا نفيه فيکون معه نفي فرع ثبوت فهو اذاً هو هو لا شيء سو اه و لايتغير و لايتبدل عما هو عليه فان وجود الصفة في نفس الشيء دليل علي معلوليته لاستلزام الاقتران و الانفعال المستلزم للحدوث المبتغي محدثاً فهو ابداً ازلاً احد لايثني فلاغيره هو و لا هو غيره و لا اسم له و لا رسم و لا تعبير و لا اشارة و لا کيف لذلک فلاينسب الي شيء و لا ينسب اليه شيء و لا يضاف الي شيء و لايضاف اليه شيء و لايحمل علي شيء و لايحمل عليه شيءء و لايتعلق بشيء و لايتعلق به شيء و لو بادق الالفاظ و الاشارات و التلويحات و اغمض الکنايات و لايزول و لايحول و لا لفظ ادل عليه من قوله قل هو الله احد فکيف يصير هو زيداً و عمراً و زيد او عمرو هو و لا لفظ له و لا اشارة تعالي الله عما يصفون فلا هو غيره و لا غيره هو هو هو بلا اشارة و لا لفظ و التوحيد الخالص الا تتوهمه @اذ کل ما ميزتموه باوهامکم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلکم مردود اليکم اذ کل معروف بنفسه مصنوع و کل قائم في سواه معلول اذ الادوات تحد انفسها و الالات تشير الي نظائرها فسبحان ربک رب العزة عما يصفون@ و کل علم دلّک الي غير ذلک فهو باطل و کل دليل علمک سواه فهو مضل ثم تجلي الله سبحانه بلاکيف و لا حرکة و لا نطق و لا اقتران بالاحدية الکبري و القدوسية العظمي و ليس هو هي و لا هي هو تمتنع هي فيه و يمتنع هو فيها و کل ما يجوز فيها يمتنع في خالقها و کل ما يجب في خالقها يمتنع فيها اذ هي خلقه الا انه بلاکيف و لا اشارة و لا عبارة کما لاکيف له و لا اشارة و لا عبارة و ان ذلک وصفه الذي وصف نفسه به و هو حادث و مخلوق و الفرق بينه و بين ساير الحوادث انه لاکيف له و ماسواه مکيف و هو غير محدود و ماسواه محدود و هو غير قائم بغير نفسه اذ لا يقوم علي الذات القديمة و لا مادونه و لا شيء فوقه و معه فهو قائم بنفسه الا انه من حيث انه حادث قائم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 75 *»
بنفسه من حيث انه صفة الذات و ليس مع ذلک بمستغن عن حفظ الازل اياه به و امداده اياه به بل هو في لبس من خلق جديد به و هو حادث و مخلوق مثني مجزي فيمتنع ذکره في الازل الاحد و يمتنع اتصاف الاحد به في رتبته ذاته تفهم معني الامتناع و فرق بينه و بين النفي فان النفي فرع امکان الوجود الخارجي او الوجود الذهني و ما لايذکر معه غيره لا امکاناً و لا کوناً لا ذکر له فيه حتيينفي او يثبت فمعني قوله عليه السلام کمال التوحيد نفي الصفات عنه ليس علي ما يتبادر الي الاذهان فانه فرع امکان الاقتران بل المعني هو محو الموهوم و صحو المعلوم و کشف سبحات الجلال و هتک الستر لغلبة السر فهو نفي عملي وجداني لا علمي و معناه ان کمال التوحيد ان تنفي الصفات عن مرآة نفسک و عقلک فتمحو موهومهما و تکشف سبحاتهما و تهتک استارهما و تجاوزهما بالوجدان لا الوجود فان کل شيء لايتجاوز ماوراء مبدئه حتيتنظر به اليه علي ما تجلي لک بک و ظهر لک بک ارأيت اذا نظرت الي زيد ممعناً فيه النظر کيف تغفل عن کل ماسواه ذکراً و عيناً و کوناً و امکاناً نفياً و اثباتاً فلاتجد الا اياه فکذلک تنفي عن ربک وجداناً جميع الصفات فتغفل عن کلها و تلتفت الي بارئها بحيث لاتجد امکانها و کونها نفياً و اثباتاً فهذا کمال التوحيد و ليس لک غير ذلک لانک من وراء الصفات و لاتجد الا في الصفات للصفات بالصفات فکيف يمکن لک نفي الصفات وجوداً نعم کما انک تنظر الي زيد من وراء هيئته و تغفل عنها بالکلية و تجد نفس زيد وجداناً و لاتتجاوزها وجوداً لانک من وراءها کذلک هناک سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتييتبين لهم انه الحق فافهم فاذاً ليس التجلي الاول بالازل و لا الازل هو نعم التجلي هو مقام الاسماء و الصفات و اسم الشيء غير الشيء بالبداهة فما سمعت من مغالطة بعض المفسدين ان کلمة الله المکتوبة ليست بغير الله و ليست باسم الله فان اسم الله هو کلمة اسم الله لا الله وحده فالله وحده هو الله و کذلک الامر في الکون فذلک من خرافاته التي سول له الشيطان و اضله عن سواء السبيل فان علي ذلک لفظة الله هو القديم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 76 *»
البحت الخالق الرازق المحيي المميت ان کان هو الله حقيقة و ان کان هو ما کتبته و احدثته فليس الا اسم الله المکتوب و من زعم غير ذلک يلزمه انيقول ان محمداً صلي الله عليه و اله کان يدعو الي ما کتبت من اسم الله و کان يعبده فانه لاتعبير عن لفظة الله المکتوب الا بالله حتي انه لايسعک انتقرأه اسم الله و لا کلمة الله فانه لميکتب معها اسم و لا کلمة حتيتقرأ اسم الله و کلمة الله فليس الا الله انظر وفقک الله هل يجدي ذلک نفعاً او هل يؤثر علماً فاني اسأله هل هذا قديم ام حادث خالق ام مخلوق مکتوبي ام ليس بمکتوبي و لايسعه انينکر حدوثه و مخلوقيته لي و مکتوبيته لي الا مغالطة فالحادث المخلوق المکتوب کيف يکون الله بل ليس بالله في عالم الحروف و الکلمات فان هذه الکلمة ليس بخالق لساير الکلمات موجد لها قديم بالنسبة اليها و انما کل ذلک مغالطات لايسمن و لايغني من جوع و لايؤثر في العلم و لا العمل فکذلک کوناً لايکون الاسم کائناً ما کان بالغاً ما بلغ المسمي و انما هو اسم سواء کان جامداً ام مشتقاً هو اسم لا ازيد منه و الاسم يشهد باقترانه بالمسمي و المسمي يشهد باقترانه بالاسم و الاقتران يشهد بالتثنية و التثنية تشهد بالترکيب و الترکيب يشهد بان المرکب فرع اجزائه و حادث حاصل بعدها او مفتقر اليها فالاسم من کلمة الذات الي ادني الصفات حادث المتسمع قول علي عليه السلام في صفة العقل هو ذات الله العليا و قدعلمت و تضافر و علم کل عالم ان العقل اول ماخلق الله فالذات الاحد قديم ممتنع عن الحدث و ماسوي الاحد مفتقر حادث محتاج کائناً ما کان بالغاً مابلغ و کذلک جعلنا لکل نبي عدواً شياطين الانس و الجن يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غروراً و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون فلاتصغ الي کلام اولئک فانه من وحي الشيطان الرجيم فجميع ماسوي الذات القديمة التي لا اسم لها معها و لا رسم کلها حادث حق و خلق لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما ثم لماکان اول ما خلق الله محمداً صلي الله عليه و آله بالکتاب و السنة و الاجماع کان هذا التجلي الاعظم الاعظم الاعظم @ @هو محمداً صلي الله عليه و آله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 77 *»
عبده و نبيه و تفصل علي ما تفصل و تنزل علي ما تنزل الي ان صار اربعة عشر نوراً فتم وجوده و تناهي شهوده و ليس معه غيره مذکوراً لا عيناً و لا کوناً و لا امکاناً جايزاً لا نفياً و لا اثباتاً الا بما هو مذکور فيه بالامکان الراجح و الصلوح الراجح و هذا الفرق هو بينه و بين الله ان الله يمتنع فيه ماسواه و هذا مذکور فيه جميع ماسواه بالذکر الرجحاني و هو صلوح الاشراق و الفعل لا صلوح الانفعال اذ هو صلوح الامکان الجايز فالامکان الراجح صالح لاشراق کل شيء و اصداره و الامکان الجايز صالح للتطور بکل طور و الانفعال بکل فعل و بينهما فرق واضح و مثلهما حرکة يدک و المداد فالحرکة صالحة لايجاد کل حرف و کل حرف مذکور فيه بصلوح الاصدار و الايجاد و المداد صالح لکل حرف بالانفعال فالمداد هو الامکان الجايز و الحرکة هي الامکان الراجح و کذلک کل شيء موجود في الامکان الراجح بصلوح الاشراق و الايجاد لا التطور و الانفعال اذ ليس فعل فوقه فالتجلي الاول ليس فيه ذکر شيء لا عيناً و لا کوناً و لا امکاناً جايزاً و انما مذکور جميع ماسواه فيه بالرجحان فلامکان ايجادا الکثرات فيه صار ينافي الاحدية و امتاز عن القدم تعالي شأنه فکمال معرفة محمد و آله الطيبين الطاهرين في ان تنفي عن وجودهم الشريف جميع صفات الجايزات و المکونات کما وصفوا انفسهم في کلماتهم به کما قال اميرالمؤمنين عليه السلام في خطبة الغدير و الجمعة اشهد ان محمداً عبده و رسوله استخلصه في القدم علي ساير الامم علي علم منه انه انفرد عن التشاکل و التماثل من ابناء الجنس و انتجبه آمراً و ناهياً عنه اقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ کان لاتدرکه الابصار و لاتحويه خواطر الافکار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لااله الا هو الملک الجبار الي ان قال و ان الله تعالي اختص لنفسه بعد نبيه صلي الله عليه و اله من بريته خاصة علاهم بتعليته و سما بهم الي رتبته و جعلهم الدعاة بالحق اليه و الادلاء بالارشاد عليه لقرن قرن و زمن زمن انشأهم في القدم قبل کل مذروء و مبروء انواراً انطقها بتحميده و الهمها شکره
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 78 *»
و تمجيده الخطبة و قال عليه السلام في خطبة رواها المفضل عن الصادق عليه السلام عن اميرالمؤمنين عليه السلام کنا بکينونته قبل الخلق و قبل مواقع صفات تمکين التکوين کائنين غير مکونين موجودين ازليين منه بدئنا و اليه نعود لان الدهر فينا قسمت حدوده و لنا اخذت عهوده و الينا برزت شهوده الخطبة و قال عليه السلام في حديث طارق في وصف الامام ظاهره امر لايملک و باطنه غيب لايدرک واحد دهره و خليفةالله في نهيه و امره الي ان قال هل يعرف او يوصف او يعلم او يفهم او يدرک او يملک من هو شعاع جلال الکبرياء و شرف الارض و السماء جل مقام آل محمد عن وصف الواصفين و نعت الناعتين و انيقاس بهم احد من العالمين کيف و هم الکلمة العلياء و التزکية البيضاء و الوحدانية الکبري التي اعرض عنها من ادبر و تولي و حجاب الله الاعظم الاعلي فاين الاختيار من هذا الي ان قال الامام يا طارق بشر ملکي و جسد سماوي و امر الهي و روح قدسي و مقام علي و نور جلي و سر خفي فهو ملکي الذات الهي الصفات زايد الحسنات عالم بالمغيبات خصاً من رب العالمين و نصاً من الصادقين الخبر الي غير ذلک من الاخبار فکمال معرفتهم انتنفي عنهم وجدانا ً جميع صفات المفاعيل و المکونات و انکنت في رتبتها لکن کما ذکرنا في الواجب جل شأنه.
و اما علماً فهم مخلوقون مربوبون اي حدوث و انکان خلقهم بغير واسطة و سبب و مادة و صورة و غاية غيرهم و انکانوا اسماء الله و صفاته کما بينا و شرحنا و اوضحنا فتجلي نورهم لحقايق الانبياء سلام الله عليهم بهم و احتجب عنهم بهم و جميع الانبياء سلام الله عليهم في عالم الجواز و ليس نورهم مذکوراً فيهم بذاته و لا هم مذکورون في رتبتهم بذواتهم ابداً فليست الانبياء بمحمد صلي الله عليه و اله و لا هو هم و انما هم نوره و صفته و اسمه و رسمه و لميتصور هو بصورتهم و لميتهيأ بهيئتهم و لميتطور بطورهم و انما المتصور بصورتهم و المتهيأ بهيئتهم و المتطور بطورهم مادتهم الجايزة و هذه الهيئات امکانات تلک المادة و تلک المادة
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 79 *»
اثر الوجود الراجح و شعاعه و نوره لمتکن في الرجحان الا بصلوح الصدور و الذکر الفعلي لا الکوني بل و لا الامکاني الجايزي فلايذهبن بک المذاهب و القول بتطور الراجح بهذه الاطوار قول «ضرار» و اصحابه نعوذ بالله و لو کان کذلک لکان هو الملوم بلوم آدم و ايوب و يونس و يعقوب و يوسف و امثالهم و لکان هو التارک للاولي و المعاقب اذ هو الاصل في ذلک و حاشاه ثم حاشاه و هو المنزه عن جميع ذلک. نعم تجلي لهم طولاً بهم و عرفهم نفسه بهم و عرضاً تجلي لهم بلباس نبوي بينهم و کان ذلک اللباس من جنسهم الا انه اشرفهم و اعلاهم و الطفهم و احسنهم و اعدلهم فحجبوا به عن درک ذلک الرجحان المتعالي عن حقائقهم کما قال الصادق عليه السلام لمفضل الاسم من نور الذات بلاتبعيض و ظاهره بلاتجز يدعو الي مولاه و يشير الي معناه و ذلک عند تغير کل ملة لاثبات الحجة و اظهار الدعوة ليثبت علي المقر اقراره و يرد علي الجاحد انکاره و انغاب المولي عن ابصار خلقه فهم المحجوبون بالغيبة الممتحنون بالصورة. يا مفضل الذي ظهر بالاسم ضياء نوره و ظل ضيائه الذي تشخص به للخلق لينظروه و دلهم علي بارئه ليعرفوه بالصورة التي هي صفة النفس و النفس صفة الذات و الاسم مخترع من نفس الذات الخبر و الاسم هو تلک الصورة التي انتجبها من بين حقايق الانبياء لينظروه و يدل علي بارئه ليعرفوه و هي صفة النفس لا صفة الذات و النفس غير الذات و النفس هي حقيقة تلک الصورة التي تجلي بها للانبياء و الصورة هي مصداق تلک الاسماء الثانية المنفصلة التي علمها الانبياء ليدعوه بها عند دعوتهم اياه و المراد منها هو تلک النفس اذ کل شيء لايتجاوز ماوراء مبدئه فاني و متي يمکن انيکون محمد صلي الله عليه و آله هو المتصور بصورة الانبياء في رتبتهم ثم هکذا الامر بعينه بالنسبة الي الانبياء و المؤمنين حرفاً بحرف فلايتصورون بذواتهم بصور المؤمنين و کيف يمکن لبس هذه الصور الکثيفة علي تلک المادة الراجحة الاضافية اللطيفة و انما المتصور بصور المؤمنين هو شعاع ضيائهم صلوات الله عليهم و ليست المؤمنون مذکورين في رتبة الانبياء باعيانهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 80 *»
و اکوانهم و امکانهم الجايز الخاص بهم و انما هم مذکورون في رتبة الانبياء بامکان الاصدار و الايجاد کماعرفت حرفاً بحرف و انما المؤمنون اسماؤهم و صفاتهم و قدشرحنا حد الاسماء و الصفات بالتصريحات و التلويحات فلايذهبن بک المذاهب و لاتغترن بقول کل خاسر خائب و لو کان لهم معرفة لدلهم الي ما فيه الرشاد و الي ما يمکن عليه الاعتماد الا تري انه قدجعلهم تائهين في البواد فاياک ثم اياک انتذهب الي ما ذهب اليه اهل العناد و ضع کل شيء في مقامه و سر الي ما لا غاية له و لا نهاية قال الصادق عليه السلام نزلونا عن الربوبية و قولوا في فضلنا ما شئتم و لنتبلغوا و کذلک يقولون الانبياء و المؤمنون لان المؤمن لايوصف و قدتضافر به الخبر و لو کان علي ما زعموا لبطل العابد و المعبود و الموجد و الموجود و لصار لغواً ارسال الرسل و انزال الکتب و وعد الجنة و وعيد النار فاحذر عن کل قول اذا عبرت عنه خالف الشرع فانه باطل و عن حلية الايمان عاطل فکاملوا الشيعة ايضا عبيد مقهورون مربوبون يخافون ربهم و هم من خشيته مشفقون و انما سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع آل محمد عليهم السلام و هم منهم کشعاع الشمس من الشمس و لايحيطون بشيء الا بما شاء الله و هم متعددون من حول الارکان و هم متعددون من حول آية الواحدية الکبري و الفردانية العظمي و کما فصلنا و شرحنا و اوضحنا في مباحثاتنا لا احاطة للمتعدد و لا تعدد للمحيط فکل متعدد محدود و کل محدود سائل بلسان حده ما يناسبه فلايعطي ازيد مما سأل و اما المحيط فهو المستوي علي عرش الحدود المنزه عن صفاتها فهو السائل باحاطة و کليته الاحاطة بما دونه و يعطي ما سأل قل لايعبؤ بکم ربي لولا دعاؤکم فلما قال کوناً لاتسألوا عن اشياء انتبد لکم تسؤکم لميجسر احد بسؤال ما اذا اجيب فني و انعدم و لميکن هو هو و لعل في ما ذکرنا کفاية لمن القي السمع و هو شهيد.
فصل: في انه لاخروج بالسيف قبل قيام القائم عجل الله فرجه و ان من
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 81 *»
خرج فهو طاغوت.
فالعاملي عن الکليني بسنده الي عيص بن القسم قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول عليکم بتقوي الله وحده لاشريک له و انظروا لانفسکم فوالله ان الرجل ليکون له الغنم فيها الراعي فاذا وجد رجلاً هو اعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه و يجيء بذلک الرجل الذي هو اعلم لغنمه من الذي کان فيها والله لو کانت لاحدکم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم کانت الاخري باقية يعمل علي ما قداستبان لها ولکن له نفس واحدة اذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فانتم احق انتختاروا لانفسکم اناتاکم آت منا فانظروا علي اي شيء تخرجون و لا تقولوا خرج فان زيداً کان عالماً و کان صدوقاً و لميدعکم الي نفسه و انما دعاکم الي الرضا من آل محمد و لو ظهر لوفي بما دعاکم اليه انما خرج الي سلطان مجتمع لينقضه فالخارج منا اليوم الي ايّ شيء يدعوکم الي الرضا من آل محمد عليهم السلام فنحن نشهدکم انا لسنا نرضي به و هو يعصينا اليوم و ليس معه احد و هو اذا کانت الرايات و الالوية اجدر الا يسمع منا الا من اجتمعت بنو فاطمة معه فوالله ما صاحبکم الا من اجتمعوا عليه اذا کان رجب فاقبلوا علي اسم الله و ان احببتم انتتأخروا الي شعبان فلا ضير و ان احببتم انتصوموا في اهاليکم فلعل ذلک يکون اقوي لکم و کفاکم بالسفياني علامة.
و عنه بسنده الي سدير قال قال ابوعبدالله عليه السلام يا سدير الزم بيتک و کن حلساً من احلاسه و اسکن ما سکن الليل و النهار فاذا بلغک ان السفياني خرج فارحل الينا و لو علي رجلک و عنه بسنده عن الفضل الکاتب قال کنت عند ابيعبدالله عليه السلام فاتاه کتاب ابيمسلم فقال ليس لکتابک جواب اخرج عنا الي ان قال ان الله لايعجل لعجلة العباد و لازالة جبل عن موض عه اهون من ازالة ملک لمينقض اجله الي ان قال قلت فما العلامه فيما بيننا و بينک جعلت فداک قال لاتبرح الارض يا فضل حتييخرج السفياني فاذا خرج
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 82 *»
السفياني فاجيبوا الينا يقولها ثلثاً و هو من المحتوم و عنه بسنده عن ابيبصير عن ابيعبدالله عليه السلام قال کل راية ترفع قبل قيام القائم عليه السلام فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عزوجل اقول قال الله عزوجل و لقدبعثنا في کل امة رسولا اناعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدي الله و منهم من حقت عليه الضلالة فکل نبي بعث امر بانيجتنبوا من يخرج بغير حکم الامام و اذنه في غير اوانه فانه يدعو الي الشيطان و من اصغي اليه و اجابه و خرج معه فقداشرک بالله سبحانه فان الصادق عليه السلام يقول من اصغي الي ناطق فقدعبده انکان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله و انکان الناطق ينطق عن الشيطان فقدعبد الشيطان فاَتباع من خرج قبل قيام القائم عبدة الطاغوت و مشرکون فشرع کل نبي و الخارج بنفسه طاغوت يدعو بالشيطان الي الشيطان.
و عنه بسنده عن عمرو بن حنظلة قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول خمس علامات قبل قيام القائم الصيحة و السفياني و الخسف و قتل النفس الزکية و اليماني فقلتت جعلت فداک انخرج احد من اهل بيتک قبل هذه العلامات أنخرج معه قال لا الحديث.
و عنه بسنده عن معلي بن خنيس قال ذهبت بکتاب عبدالسلام بن نعيم و سدير و کتب غير واحد الي ابيعبدالله عليه السلام حين ظهرت المردة قبل انيظهر ولد العباس بانا قدقدرنا انيؤل هذا الامر اليک فما تري قال فضرب بالکتب الارض قال اف اف ما انا لهؤلاء بامام اما يعلمون انه انما يقتل السفياني.
و عن الصدوق باسناده عن حماد بن عمرو و انس بن محمد عن ابيه عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلي الله عليه و آله لعلي عليه السلام يا علي ان ازالة الجبال الرواسي اهون من ازالة ملک لمينقض ايامه.
و عن الطوسي بسنده عن الحسين بن خالد قال قلت للرضا عليه السلام ان عبد الله بن بکير حدثني عن عبيد بن زرارة قال کنت عند ابيعبدالله عليه السلام ايام خروج محمد بن عبدالله بن
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 83 *»
الحسن اذ دخل عليه رجل من اصحابنا فقال له جعلت فداک ان محمد بن عبدالله قدخرج فما تقول في الخروج معه فقال اسکنوا ما سکنت السماء و الارض فقال عبدالله بن بکير فان کان الامر علي هکذا و لميکن خروج ما سکنت السماء و الارض فما من قائم و لا خروج فقال ابوالحسن عليه السلام صدق ابوعبدالله عليه السلام و ليس الامر علي ما تأوله ابن بکير انما عني ابوعبدالله عليه السلام اسکنوا ما سکنت السماء من النداء و الارض من الخسف بالجيش و عنه بسنده عن جابر عن ابيجعفر عليه السلام قال الزم الارض و لاتحرک يداً و لا رجلاً حتي تري علامات اذکرها لک و ما اراک تدرکها اختلاف بني فلان و مناد ينادي من السماء و يجيئکم الصوت من ناحية دمشق الحديث و فيه علامات کثيرة لخروج المهدي عليه السلام و من کتاب الغارات لابراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي بسنده عن رزين بن حبيس قال خطب اميرالمؤمنين عليه السلام بالنهروان الي ان قال فقام رجل فقال يا اميرالمؤمنين حدثنا عن الفتن ثم ذکر الفتن الي ان قال فقام رجل فقال يا اميرالمؤمنين ما نصنع في ذلک الزمان قال انظروا اهل بيت نبيکم فان لبدوا فالبدوا و ان استصرخوکم فانصروهم توجروا و لاتسبقوهم فتصرعکم لبلية ثم ذکر حصول الفرج بخروج صاحب الامر عليه السلام.
و اما ما رواه من سراير ابن ادريس نقلاً من کتاب ابيعبدالله السياري عن رجل قال ذکر بين يدي ابيعبدالله عليه السلام من خرج من آل محمد فقال لاازال انا و شيعتي بخير ما خرج الخارجي عن آل محمد و لوددت ان الخارجي من آل محمد خرج و عليّ نفقة عياله انتهي. فلاينافي شيئاً مما مر و لاينافي الاجماع فانه اذا کان باذنه و رضاه لا کلام فيه و اذا انفق هو علي عياله و ود انيخرج کان باذنه و رضاه و هو حلال محلل يقيناً و انما الکلام في زمان الغيبة.
و عن الکليني بسنده عن بشير الدهان عن ابيعبدالله عليه السلام قال قلت
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 84 *»
له اني رأيت في المنام اني قلت لک ان القتال مع غير الامام المفترض الطاعة حرام مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير فقلت لي نعم هو کذلک فقال ابوعبدالله عليه السلام هو کذلک هو کذلک.
و عنه بسننده عن عبدالملک بن عمرو قال قال لي ابوعبدالله عليه السلام يا عبدالملک مالي لااراک تخرج الي هذه المواضع التي يخرج اليها اهل بلادک قال قلت و اين قال جدة و عبادان و المصيصة و قزوين فقلت انتظاراً لامرکم و اقتداء بکم فقال اي والله لو کان خيراً ماسبقونا اليه قال قلت له فان الزيدية يقولون ليس بيننا و بين جعفر خلاف الا انه لايري الجهاد فقال انا لااراه بلي والله اني لااراه ولکني اکره ان ادع علمي الي جهلهم وعنه بسنده عن الحسن بن العباس بن الحريش عن ابيجعفر الثاني عليه السلام في حديث طويل في شأن انا انزلناه قال و لا اعلم في هذا الزمان جهاداً الا الحج و العمرة الخبر.
و عن الصدوق بسنده الي ابيبصير عن ابيعبدالله عليه السلام عن آبائه قال قال اميرالمؤمنين عليه السلام لايخرج المسلم في الجهاد مع من لايؤمن علي الحکم و لاينفذ في الفيء امر الله عزوجل فانه انمات في ذلک المکان کان معيناً لعدونا في حبس حقننا و الاشاطة بدمائنا و ميتته ميتة الجاهلية.
و باسناده عن الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرايع الدين قال و الجهاد واجب مع امام عدل و من قتل دون ماله فهو شهيد.
و عن الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن الرضا عليه السلام في کتابه الي المأمون قال و الجهاد واجب مع امام عادل و من قاتل فقتل دون ماله و رحله و نفسه فهو شهيد و لايحل قتل احد من الکفار في دار التقية الا قاتل او باغ و لا اکل اموال الناس من المخالفين و غيرهم و التقية في دار التقية واجبة و لاحنث علي من حلف تقية يدفع بها ظلماً علي نفسه الي غير ذلک من الاخبار و قد تضافر بذلک الاثار فاي امر اوضح من بطلان هؤلاء الفسقة الفجرة ام اي کفر ابين من کفر هولاء الکفرة ان في صدورهم الا
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 85 *»
کبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله انه هو السميع العليم.
و قد قال النبي صلي الله عليه و اله ملعون من يترأس ملعون من يجد حب الرياسة في قلبه ملعون من حدث نفسه بالرياسة. و هؤلاء الفجرة لماکان حب الرياسة في قلوبهم و لميستطيعوها بالثروة و المال و القهر و الغلبة ارادوا القاء شبهة بين الناس حتييخضع لهم الرقاب و يطاوعهم الاشرار اشباه الکلاب فينالوا بذلک مطلوبهم و يستأکلوا الناس بهذه الدعاوي الکاذبة و الرياسات الباطلة و القاء الشبه بالتأويلات الفاسدة لاخبار اهل العصمة سلام الله عليهم و قداخبر السادات عليهم من الله الصلوات عن حال هذا و اشباهه في اخبارهم علي ما رواه المجلسي عليه الرحمة في کتاب ذکر فيه اربعة عشر حديثاً في حوادث آخرالزمان و ترجمها ففيها انه يظهر في آخرالزمان ستون کذاباً کلهم يدعون النبوة و اثناعشر رجلاً من آل ابيطالب يطلعون يدعون الامامة و لاشک ان هذا الرجل منهم فانه ادعي النبوة و نزول الوحي عليه و نزول الحلال و الحرام اليه کما قدمنا من نقل خرافاته و روي الشيخ اعلي الله مقامه في کتاب الرجعة عن المفضل عن الصادق عليه السلام ان کل بيعة قبل قيام القائم بيعة کفر و نفاق و انت خبير ان رجلاً لو جاري لاميّة العرب و اشند علي وزنها و قافيتها يقولون انه شاعر و انشد قصيدة و جاري بها لامية العرب و ان لميقل اني شاعر تمويها او انشدت شعراً تلبيساً او جاريت لامية العرب خداعةً فان الشعر و وزنه معلوم و منشده شاعر و ان لميتسم بالشاعر فهذا الرجل ابرز کتاباً و ذکر فيه انه وحي من الله و فيه حلال و حرام و جاري به القرآن فاية باقية ابقي لميدع لنفسه امحض اسم النبوة يکفر الانسان و الفعل ابلغ من القول و لايکفر و زعم انه امر بالجهاد و يخرج واضعا سيفه علي عاتقه مکبراً من حول الضريح و لميؤمر بالجهاد احد من ائمتنا عليهم السلام و ان علياً عليه السلام قاتل الناکثين والقاسطين و المارقين الباغين علي المسلمين و حسيناً عليه السلام دافع عن نفسه و هذا الخبيث يدعي انه امر بالجهاد و انه امر انيصعد سطح البيت و يؤذن في الناس هکذا يزهق الله الباطل و يفسد امره انه ذهب الي مکة و خاف اجتماع الناس فلميظهر امره و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 86 *»
انکر البابية حين سأله بعض من عرفه فرجع خائباً خاسراً فسلب في عرض الطريق و رجع الي بلاده علي ما نقل و ان لميکن شيء من ذلک کفي به بطلاناً و حمقاً انه حمل ادلة بطلانه و علامات ضلالته و ارسلها الي البلدان ليفهم کل عاقل انه مبتدع کافر مدع للنبوة و الامامة و الرياسة و دبروا علي ظنهم تدبيراً ولکن «تجري الرياح بما لاتشتهي السفن» رأوا تداعي الفساد في البلدان و خلو العصر عن العلماء و ضيق ذرع الناس عن کثرة الجور و العناد و طلبهم تغير الامر ليلاً و نهاراً و ترقبهم حصول امر جديد و کثرة المصدقين للسلسلة الجليلة الشيخية و ما املانا اسماع الناس من امر الرکن الرابع فلبسوا علي بعض الجهلة امرهم و نسبوا انفسهم الي هذه السلسلة و تسموا بالباب و الرکن و الذکر حتييميل اليهم قلوب الشيخية و ينالوا باجتماعهم عليهم مطلبهم و القوا في الناس و شهروا انه العدل المرجو في آخرالزمان و انه مأمور عن صاحب الزمان صلوات الله عليه باقامة العدل و البرهان حتييميل اليهم قلوب المترقبين لتغيير الامر و يبلغوا بذلک ما في قلبهم من الرياسة و هيهات هيهات يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم و الله متم نوره و لو کره المشرکون و نعم ماقال الشاعر:
لزين الدين احمد نور فضل تضاء به القلوب المدلهمة
يريد الحاسدون ليطفئوه و يأبي الله الا ان يتمه
فارادوا بذلک افساد امر هؤلاء السلسلة الجليلة و اخماد ذکرهم و ابطال امرهم و زعموا ان هذا الرجل بالنسبة الي الشيخ و السيد اجل الله شأنهما و انار برهانهما و بالنسبة الي سلمان و ابيذر و اضرابهما من کل عصر و قرن کالروح من الجسد و هم مأمورون انيتوسلوا الي الله بولاية هذا الرجل و يتقربوا اليه به و يعبدوه نعوذ بالله کما قدمنا نقله من مقترفاته الرکيکة. هکذا يمحق الله الباطل و يحق الحق بکلماته و غفلوا عن ان لهم عليهم السلام في کل خلف عدولاً ينفون عن دينهم تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و يکفيک في هذا الباب هذا المقدار و صلي الله علي محمد و آله الاطهار ما اختلف الليل و النهار.
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 87 *»
الباب الثالث
في علامات النقباء و النجباء
و هذا الباب من المهمات اذ قل ما ذکر في خطاب او دوّن في کتاب و نحن قدکتبنا مفصلاً في اثبات وجودهم في کل عصر و جعلناه في تلو فصول، فصل في الاستدلال عليه من الکتاب و فصل في الاستدلال عليه من السنة و فصل في الاستدلال عليه من دليل الحکمة و فصل في الاستدلال عليه من دليل الموعظة الحسنة و فصل في الاستدلال عليه من دليل المجادلة بالتي هي احسن و فصل في الاستدلال عليه من الامثلة الآفاقية و الانفسية من کلتيهما و فصل في الاستدلال عليه من اجماع جميع الملل و النحل علي لزووم الرکن الرابع في کل شرع و امة و قدخرج کتاب لميسمح بمثله الدهور و ينبغي انيکتب بالنور علي وجنات الحور ولکنا اقتصرنا هناک علي محض اثبات وجودهم و لزوم الايمان بهم و تولاهم و اتباعهم و لمنذکر فيه علامتهم حتييعرفوا بها لعدم سؤال السائل عنها و لماکان وضع هذا الکتاب علي ابطال امر هذا المنتحل العنيد و امثاله من ساير المبطلين التزمت ذکر بعض علامتهم حتي لايلتبس علي المسلمين امرهم بعد ذلک و ان کان
اذا انبجست دموع في الخدود تبين من بکي ممن تباکي
و نعم ما قال الشاعر:
ثوب الرياء يشفّ عما تحته و ان التحفت به فانک عاري
و ان الله سبحانه لايصلح عمل المفسدين و قال لايفلح الساحر حيث اتي و يحق الله الحق بکلماته و يقطعع دابر الکافر الا ان هذا الذي نکتب ايضاً من اسباب ازهاقهم و لا قوة الا بالله و من آلات افساد امرهم و ابطال دعاويهم فانه ليس فيه شيء الا من کتاب الله و سنة نبيه و آثار آله صلوات الله عليهم فنذکر ما اردنا ايراده في تلو ثلثة فصول.
فصل: في معرفة مقام النقباء و النجباء علي سبيل الاجمال و الاختصار و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 88 *»
اوصيک ايها الناظر في هذه الکلمات اولاً انتعلم ان کل مطلب من المطالب و ان جل و عظم لايکون حقاً و لايجوز الاعتقاد به الا انيکون موافقاً لکتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله و اجماع المسلمين فان هذه الثلثة لاشک فيها و لاريب يعتريها و قدوقع عليها تقرير الله سبحانه و هي امور محسوسة يعرفها کل احد فهي الميزان القويم و القسطاس المستقيم و کلما حاد عنها حاد الي النار و يصلي قائله دار البوار جهنم يصليها و بئس القرار و اني لست اجاوزها رأس شعيرة بحفظ الله سبحانه و هدايته و القول الفصل المحکم اولاً ان الله سبحانه لايوصف بصفة نبيه صلي الله عليه و اله و لاينزل الي حده و مقامه بذاته و النبي صلي الله عليه و آله لايوصف بصفة الامام و لاينزل الي حده و مقامه بذاته و الامام عليه السلام لاينزل الي رتبة الشيعة بذاته و لايوصف بصفتهم و من زعم شيئاً من ذلک فهو مقصر مرتاب ناصب و کذلک الشيعة لاتصعد الي مقام الامام لا بذاته و لا بصفته فتکون اماماً و الامام لايصعد بذاته و لا بصفته الي رتبة النبي صلي الله عليه و اله فيکون نبياً و النبي لايصعد بذاته و لا بصفته الي رتبة الازل جل شأنه فيکون ازلاً و من زعم شيئاً من ذلک فهو غال کافر مشرک فالله هو الاله الازلي القديم و النبي هو نبي کريم و الامام هو امام عظيم و الشيعي شعاعهم الفخيم و لکل منا مقام معلوم، و انا لنحن الصافون، و انا لنحن المسبحون تعالي الله ان يتخذ ولداً سبحانه و تعالي عما يشرکون و هذا هو المحکم الذي لاشک فيه في ظاهره و خافيه و من ابتغي وراء ذلک فاولئک هم العادون فما سمعت في تلو العبارات من کلمات متشابهات فردها الي المحکمات تهتدي الي البينات الواضحات و ليس ايرادي المتشابهات في اثناء العبارات من جهة تضليل او تعمية او نقص في البلاغات اذ ما من حکيم تکلم الا و في کلامه من المتشابهات ولکن يجبرها بالمحکمات حتي ان الائمة الهداة و سيد الکاينات و خالق البريات في کلامهم المتشابهات اذ رب مطلب لايمکن التعبير عنه الا باللفظ المتشابه و لا لفظ ادل عليه من المتشابه فتقتضي البلاغة الاتيان به لاداء ما يريد من غامض مراده و اياک انتترک المحکمات و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 89 *»
تتمسک کالذين في قلوبهم زيغ بالمتشابهات فتضل عن السبيل الواضحات و قداديت النصيحة والله خليفتي عليک و لا قوة الا بالله العلي العظيم.
اعلم ان الله سبحانه کان و يکون في الازل اذ لا کان و لا يکون و لا ازل و لا اسم و لا صفة ممتنعاً عن کل ماسوي ذاته الاحدية فليس معه شيء ابداً و هو صمد لميلد و لميولد و لميتحرک و لميتغير هو علي ما عليه کان اذ لا هو و لا کان ابداً ازلاً اذ لا ابد و لا ازل غير ذاته الاحدية اذ لا احد سواه فتجلي لکل شيء حتي ما خلي من تجليه شيء و لميکن ظهور لشيء الا له لامتناعه عماسواه و تنزهه عنه فاحتجب بسبوحيته عماسواه و خفي بقدوسيته عما دونه مع انه لا ظهور الا له و لا نور الا نوره و لا صوت الا صوته فخفي لشدة ظهوره و احتجب لعظم نوره فسبحانه من خفي ما اظهره و تقدس من ظاهر ما استره فاخترع ما اخترع لا من شيء و ابتدع ما ابتدع لا لشيء لميخلقه من اصول ازلية و لا علي امثلة قديمة فبه احتجب منه و امتنع عنه فبحجب بعضهم عن بعض علّمهم انه ليس بمحجوب عن احد منهم ابانة للخالق عن المخلوقين و ان الحجاب بينه و بين خلقه خلقه اياهم لامتناعه مما يمکن في ذواتهم و لامکان ذواتهم مما يمتنع عنه ذاته لافتراق الصانع من المصنوع فبالتهائهم باعيانهم المحدودة اللازمة لهم الممتنعة الانسلاب عنهم حجبوا عن الحاد و غفلوا عنه اذ الآلات تحد انفسها و الادوات تشير الي نظايرها فيمتنع عليهم بالبصاير المحدودة انيدرکوا غير المحدود و الزمهم الحدود فليسوا هم هم الا بها. فهم لايدرکون ماسويهم مما هو ليس من جنسهم و ذلک من اعلي الدرة الي اسفل الذرة علي شرع سواء فاول ما خلق لا من شيء و لا لشيء التجلي الاعظم الاعظم الاعظم فخلقه علي الموصوفية و بها احتجب عنها وهي حجاب العماء ثم علي الوصفية و بها احتجب ثانياً عنها و هي حجاب الضياء ثم علي الکينونة و بها احتجب عنها ثالثاً و هي حجاب النور ثم تجلي بهذه الکينونة الاحدية و الاية الغيبية و عنوان الفردانية ثانياً و اشرق منه نور کاشراق شعاع الشمس من الشمس و حکي له جميع المقامات الثلثة و بها احتجب عنها ثم خلقه علي المعنوية الجبروتية و بها احتجب عنها رابعاً و هي حجاب الدرة البيضاء و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 90 *»
حجاب البهاء ثم علي البرزخية الکبري و بها احتجب عنها خامساً و هي حجاب الزعفران ثم خلق به محمداً صلي الله عليه و آله و احتجب بالتجلي و به عنه و به امتنع منه و کان مبدؤه في الاظلال و هي حجاب الزبرجدة الخضراء و حجاب السناء و آخر مقاماته الملک و به احتجب عنه و هو حجاب الکبرياء و المجد، فبه احتجب في کل مقام عنه و به امتنع منه فلايمکن له صلي الله عليه و آله الوصول اليه و الادراک له من اعلي مشاعره الي غاية مدارکه و لذلک قال صلي الله عليه و آله ماعرفناک حق معرفتک و هو سبحانه محجوب عنه به کما هو محجوب عن ادني الخلق فهو المحجوب عن الغيبة الممتحن بالحجاب ثم اذا کمل خلقه و تم وجوده تجلي الله سبحانه به للانبياء فخلقهم في مکان وجودهم و مراکز شهودهم و احتجب بالتجلي و به و بهم عنهم فاوقفهم من وراء حجبهم و احتجب بها عنهم لضعف ابصارهم عن درک انوار الحجب العلياء و الاستار العظمي فحجب بعضهم عن بعض بحدودهم ليعلموا ان الحجب العلياء ليست بمحجوبة عنهم و انماهم موقوفون من وراء الحجاب اللازمون لظاهر الباب و الحجاب بينهم و بين الحجاب الاعظم خلقه اياهم و امتناعه مما يمکن في ذواتهم افتراقاً للصانع من المصنوع و الحاد من الحدود و لما کانوا کذلک و لايحيطون بما هنالک تجلي لهم بهم و کلفهم بما عرفهم اذ لايکلف الله نفساً الا وسعها و ما آتيها و لماکان لهم مراتب من اعلي وجودهم الي آخر شهودهم فمنها ما هو محدود بالحدود الجسمية الملکية و منها ما هو محدود بالحدود النفسية الملکوتية و ليس لهم فوق ذلک مدرک وجودي يخصهم و الذي لايخصهم ليس منهم و لايمکن لواحد منها ان يتجاوز حده و يدرک فوق مبدئه و کل واحد منها من عالم الحدود و التمايز و الفصل و لاتدرک آلاتهم الا نظائرهم و لاتحد ادواتهم الا اشباههم و مايدرکون من غير محدود فانما هو وجداني لاوجودي فانهم محجوبون بالغيبة ممتحنون بالصورة و مخلوقون في الحد للحد بالحد فاني لهم بمدرک غير محدود وجوداً و انما هو وجداني يعني يکشفون السبحات بعدم الالتفات مثل انک تنظر
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 91 *»
مرة بعينک الي ضياء السراج غافلاً عن لونه و مرة تنظر الي لونه غافلاً عن ضوئه و مرة تنظر الي هيئته غافلاً عن لونه و ضوئه و مرة تنظر الي بعده او قربه او مکانه او وقته او جهته او رتبته و في کل واحد تغفل عما سواه بحيث لاتراه و ليس بان عينک منزهة عن اللون و الکم و الکيف و الوضع و الجهة و الرتبة بل هي مخلوقة فيها موجودة بها مجبولة عليها و انما تغفل عنها بعدم الالتفات و قصر الالتفات الي جهة خاصة منه و عينک من جنسه و هو من جنس عينک و لولا ذلک لمتدرک صفاته باجالة التفاتک فکذلک مبدؤ الانبياء هو نفسهم الملکوتية الالهية اذ موسي مثلاً ممتاز من عيسي و نوح ممتاز من ابراهيم و الامتياز ليس الا بالحد و الصورة فما لميکن حد ليس موسي موسي و لا عيسي عيسي فهيئة موسي الممتاز بها عن عيسي موجودة من اول وجود موسي الي آخر شهوده و حيثما لا هيئة لا موسي ففوق الهيئة الموسوية لا مدرک لموسي و لا وجود و لا ذکر فاول مقام موسي من نفسه و هکذا کل موجود و لايمکن للشيء خرق حجاب نفسه و هي الحجاب الزبرجدة الخضراء التي کان النبي صلي الله عليه و اله ورائها و کان يتلألأ بخفقان و اضطراب و هو المشار اليه في حديث روي عن الکافي عن الصادق عليه السلام انه سئل کم عرج برسول الله صلي الله عليه و آله فقال مرتين فاوقفه جبرئيل موقفاً فقال له مکانک يا محمد فلقدوقفت موقفاً ما وقفه ملک قط و لا نبي ان ربک يصلي فقال يا جبرئيل و کيف يصلي قال يقول سبوح قدوس انا رب الملائکة و الروح سبقت رحمتي غضبي فقال اللهم عفوک عفوک قال و کان کما قال الله قاب قوسين او ادني قيل ما قاب قوسين او ادني قال ما بين سيتها الي رأسها فکان بينهما حجاب يتلألأ بخفق و لااعلمه الا و قدقال زبرجد فنظر في مثل سم الابرة الي ما شاء الله من نور العظمة الخبر اقول نور العظمة هو بعينه نور ذلک الحجاب اي النور المنطبع فيه من نور الجلال و الي ذلک الاشارة بقول رسول الله صلي الله عليه و اله اول ما خلق الله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 92 *»
نوري ابتدعه من نوره و اشعة من جلال عظمته فاقبل يطوف بالقدرة حتي وصل الي جلال العظمة في ثمانين الف سنة ثم سجد لله تعظيماً ففتق منه نور علي عليهالسلام فکان نوري محيطاً بالعظمة و نور علي محيطاً بالقدرة الخبر اقول هذه القدرة مؤخرة عن تلک العظمة اذ المراد بها القدرة الظاهرة و اليه الاشارة بقول علي بن الحسين عليه السلام في حديث ابيحمزة ان الله عزوجل خلق محمداً و علياً و الائمة الاحدعشر من نور عظمته ارواحاً في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق يسبحون الله عزوجل و يقدسونه الخبر و بقول ابيجعفر عليه السلام في حديث جابر ان الله خلق اربعة عشر نوراً من نور عظمته قبل خلق آدم باربعة عشر الف عام فهي ارواحنا و في حديث آخر له عنه عليه السلام کان الله و لا شيء غيره لا معلوم و لا مجهول فاول ما ابتدأ من خلق خلقه ان خلق محمداً و خلقنا اهل البيت معه من نوره و عظمته فاوقفنا اظلة خضراء بين يديه حيث لا سماء و لا ارض و لا مکان و لا ليل و لا نهار و لا شمس و لا قمر يفصل نورنا من نور ربنا کشعاع الشمس من الشمس الخبر و عن الثمالي عن ابيجعفر عليه السلام انه قال ان الله سبحانه تفرد في وحدانيته ثم تکلم بکلمة فصارت نوراً ثم خلق من ذلک النور محمداً و علياً و عترته ثم تکلم بکلمة فصارت روحاً و اسکنها في ذلک النور و اسکنه في ابداننا فنحن روح الله و کلمته احتجب بنا عن خلقه فما زلنا في ظل عرشه خضراء مسبحين نسبحه و نقدسه حيث لا شمس و لا قمر و لا عين تطرف ثم خلق شيعتنا و انما سموا شيعة لانم خلقوا من شعاع نورنا و قد ذکرنا هذه الاخبار لتعلم ان مبدأ وجود محمد9 و آله انفسهم الشريفة و مبدؤ وجود الانبياء انفسهم اللطيفة و کذلک مبدء وجود کل شيء نفسه و هي حجاب لايمکن خرقه لشيء وجوداً و ان لميلتفت حينا ما الي حدوده وجداناً و ذلک حقيقة قدخفيت علي الاکثرين و لميفهموا مراد السلف
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 93 *»
من متشابهات کلامهم و لميردوها الي محکماتها و کذلک مبدء وجود محمد صلي الله عليه و آله و اهل بيته الممتاز بعضهم عن بعض هو مقام نفسهم الشريفة و العقل الخاص به هو ما انطبع في مرآة نفسه و کذلک العقل الخاص بکل واحد واحد هو ما انطبع في مرآة نفسه و انکان بواسطة و اما ما فوق ذلک فهو عالم الامر و لا اختصاص له باحدهم صلوات الله عليهم بالجملة جميع ما ذکر في هذه الاخبار من مبدء وجودهم من حجاب الزبرجدة او نور العظمة او الاظلة او ظل العرش خضراً او جلال العظمة المراد به النفس کما برهنا عليه في مباحثاتنا و ساير رسائلنا و اول مقام کل شخص نفسه ذات الصور الجزئية بها يکون الشخص شخصاً ممتازاً عن غيره و اما مافوق الصورة الشخصية لا امتياز و لا خصوصية لفرد دون فرد و لايمکن لاحد انينسلخ عن الصورة الشخصية وجوداً حتي يدرک الشيء بکليته نعم يمکن عدم الالتفات الي الکثرة الشخصية وجداناً مثال ذلک ان الشيء مرکب وجوداً من وجود و ماهية و لايتفککان ابداً فيبطل الشيء و يخرج عن الاکوان الي الامکان فان ما دخل في الاکوان لايخرج الي الامکان ابداً و الوجود جهته الي ربه و الماهية جهته الي نفسه و مع ذلک هو قديطيع و کل طاعة من جهة الرب و لاينسلخ الشيء عن جهة النفس حين يطيع و قديعصي و کل معصية من جهة النفس و لاينسلخ عن جهة الرب حين المعصية ولکنه حين المعصية يستعمل تلک الجهة النفسية و تشيعها جهة الرب وجوداً و حين الطاعة يستعمل جهة الرب و تشيعها جهة النفس وجوداً و لاتتفککان في حال من الاحوال و انما يطيع بتغليب جهتها کوناً و يعصي بتغليب جهتها کوناً فکذلک يدرک الوحدة و الحقائق باستعمال جهتها و تغليبها و قطع النظر عن الکثرة و يدرک الکثرة و الصفات باستعمال جهتها و تغليبها و قطع النظر عن الوحدة و هو في کلا الحالين ليس له جهة وحدة صرفة غير مرکبة مع جهة الکثرة و لا جهة کثرة صرفة غير مرکبة مع جهةالوحدة فالشيء هو من النفس فما دونها و لها جهة عقلانية انطبعت في مرآتها من شبح الامر و فؤادية انطبعت فيها من ما في الامر من آية الله و عنوانه فآية الله ملقاة في الامر و شبح الامر مع ما فيه من المثال
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 94 *»
الملقي منطبع في النفس ففؤاد الشخص هو شبح ذلک المثال الملقي في الامر المنطبع في شبح الامر المنطبع في النفس و عقله هو شبح الامر الملقي في مرآة النفس و لو کان عقل الشخص کلياً لکان اذا نظر بنظر عقلاني عقل من کل فرد بلاتخصص بفرد دون آخر و اذا نظر بفؤاده المجرد عن الکلية والجزئية يکون هو حقيقة کل شيء و محرک کل شيء و اصل کل شيء و الحال خلافه و لذلک صار نبي يعلم شيئاً لايعلمه نبي آخر و ولي يعلم شيئاً لايعلمه ولي آخر مع ان کل واحد صاحب نظر فؤادي و عقلاني فتبين و ظهر ان فؤاد کل شيء فؤاد مخصوص به فهو محدود بحده و و عقل کل شيء عقل مخصوص به محدود بحده و کلية العقول اضافية و تجرد الافئدة اضافي و العقل الکلي الحقيقي هو عالم الامر و الفؤاد المجرد الحقيقي هو مقام العنوان الحقيقي للعالم فافهم فانه عميق و هو علي خلاف ما فهمه الجاهلون فهذا الامر هو الذي لاتخصص له بشيء دون شيء و هذا العنوان هو الذي لاتخصص له بشيء دون شيءء و عقل محمد صلي الله عليه و آله هو العقل الکلي بالنسبة الي مادونه لا عالم الامر اذ هو محل مشية الله و وعاؤها و وکرها فافهم انکنت تفهم فقداسقيتک ماء غدقا و لاتزعم اني اذا ما غلوت قصرت فاني ان فهمت ما ذکرت ارقيتک الي مکان لميخطر ببالک ابداً و اصعدت الناس عما کانوا فيه الا انهم کانوا فيما کانوا عمياناً و جهالةً و کانوا يقولون ما لايجوز و انا ذکرت ما ذکرت بما يرضي الله به و رسوله و اعظم مما تريدون و تظنون او يبلغه اوهامکم فتبصر و لنرجع الي ما کنا فيه فان ما ذکرنا جري علي لسان القلم من باب ان الکلام يجر الکلام فنقول بعد ما تم وجود الانبياء و انتهوا الي شهودهم سطع من منتهي وجودهم الذي به تمامهم نور و شعاع به خلق الله المؤمنين و مبدؤهم انفسهم الطيبة الزکية فاحتجب الله بها عنهم و بها امتنع منهم ثم نزلهم الي آخر وجودهم الذي هو اجسادهم الطاهرة فبها احتجب الله عنهم و بها امتنع منهم و الزمهم في کل مکان حدهم و باحتجاب بعضهم عن بعض عرفهم في کل مقام انه غير محجوب عنهم بنفسه و انهم محجبون بانغمارهم في بحار الکثرات عن درک الحادّ لهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 95 *»
في حدّهم و لماکانوا کذلک استمحل لبوارع ثاقبات فطنهم درک مقام الانبياء و امتنع للطائف غايصات ذکاواتهم فهم رتبة الاولياء و لو ساروا في بوادي التفکر اياماً و غاصبوا في بحار التدبر اعواماً اذ کل شيء لايتجاوز ماوراء مبدئه و لايعلو علي حده و ادواته تحد انفسها و آلاته تشير الي نظائرها و هکذا في کل تربة من المراتب الطولية علي نحو ما ذکرنا ثم مقام الاناسي قدفهمت ان علاه مقام النفس و اسفله مقام الجسم و بينهما مقام الطبيعة و المادة و المثال و هذه ايضاً هي الاشباح المنطبعة في مرآةالجسم فالطبيعة هي آية العنوان المنطبع في مرآة النفس و المادة هي آية العقل المنطبع فيها و المثال امر برزخي بين الظهور و المظهر کالروح البرزخ بين العقل و النفس و کما بينا في الفؤاد و العقل کذلک نقول هنا ان الطبيعة ليست بمجردة حقيقة و المادة بکلية حقيقة بل هما مخصوصتان بکل فرد فرد و ليست الطبيعة المجردة الشهودية المطلقة من مراتب کل فرد و لا المادة الکلية من مراتب کل فرد و لو کان کذلک لکان الواصل الي مقام المادة هو المتصور بکل الصور و الفاعل بکل الايدي و المستعمل لکل آلة و لکان يجب انيدرک جميع ما في عالم الاجسام و المثال بحيث لايغادر عنه صغيرة و لاکبيرة الا احصاها جمعاً في آن واحد لا علي سبيل التتابع مرة بعد اخري شيئاً بعد شيء فان الطبيعة و المادة في الکل موجودتان في آن واحد و اذا کانتا ذواتي شعور اشعرتا من الکل في الکل بالکل الکل في آن واحد و الحال انه ليس کذلک فان الانبياء و الاولياء کانوا يغفلون عن جهات کثيرة فان قلت انهم لميبلغوا هذا المقام او بلغوا ولکن کان لهم حال عارض لامستقر فيکذبک اصول المذهب ثم من الذي وصل الي ذلک المقام بعد و من يطمع ذلک بعد و انقلت انهم کانوا واصلين الي مقام المادة و الطبيعة بل جايزين فيثبت ما ذکرت ان الطبيعة التي هي من مراتب الانسان التنزلية ليست مجردة و ان المادة ليست کلية بل هي الطبيعة الخاصة و المادة الخاصة و لذا صار مقامات الواصلين الي هذينن المقامين مختلفة في السعة و الاحاطة و کان کل علي قدر معلوم و لکل منا مقام معلوم و خصوصيتهما تحصل في الجسد فانه ليس هناک مقام صورة و لذا
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 96 *»
اشتبه علي الجهال فزعموا تجرد واحدة و کلية اخري فهما شبحان منطبعان من مبدئهما الذي هو النفس في الجسم علي طبق ما ذکرنا في النفس حرفاً بحرف و انما يستعمل الانسان احد ذينک الشبحين و يغفل عن غيره وجداناً فاذا استعمل احد الشبحين و غفل عن الغير وجداناً لايدل علي ان له مدرکا ماديا او طبيعياً منفصلاً عن الجسم و الصورة و يجب انينسلح عن الجسم وجوداً حتي ينظر بتلک المدارک الا تري انک قدتنظر الي شيء و انت غافل عن جميع حدوده و صوره ملتفت الي نفسه و حقيقته و انت في تلک الحال لاشک انک ناظر بحقيقتک اليه فان الادوات تحد انفسها و الالات تشير الي نظائرها و هذا المقام يحصل لکل احد في ادراک کل شيء و ليس في تلک الحال يدرک کل شيء اذا نظر بمدرک حقيقي و ليس ينسلخ عن جسمه فافهم ما اقول لک و اني کررت العبارة و رددت الاشارة لانه کان مطلباً بديعاً لمتسمعه و لمتدرکه ففي الحقيقة نفس و جسم و النفس هي التي تعبر عنها بالروح و الروح تعبر عنها بالنفس کقوله الله يتوفي الانس حين موتها فلا شيء الا روح و جسم و کل انسان له روح و جسم روحه مجردة ملکوتية و جسمه مرکب مادي ملکي و الروح لها ثلث مراتب فؤاد و عقل و اسفلها النفس و الجسم له ثلث مراتب طبع و مادة و اسفله الجسم فالفؤاد هو الظاهر و العقل هو الظهور و النفس هي المظهر و کذلک الطبع هو الظاهر و المادة هي الظهور و الجسم هو المظهر فالشبح المنطبع في مرآة النفس له جهتان جهة الظاهر و جهة الظهور و الشبح المنطبع في الجسم له جهتان جهة الظاهر و جهة الظهور فمثل الجسم و النفس کالمرآة الموضوعة تحت الشمس و الشبح المنطبع فيها کالشمس المنطبعة فيها و للشمس المنطبعة فيها المنصبغة بصبغها المتهيئة بهيئتها المخصوصة بها الممتازة عن الشمس المنطبعة في اختها التي هي بخلافها جهتان جهة الي الشمس و جهة الي اشراقها فجهتها التي هي الي الشمس هي الظاهرة و جهتها التي الي اشراقها هي الظهور و تلک الشمس و تلک المرآة هي التي اشار اليها علي عليه السلام تجلي لها فاشرقت و طاعها فتلألأت فالقي في
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 97 *»
هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله و نريد بالمرآة نفس الشبح و هي المظهر فانت اذا نظرت الي المرآة مرة تنظر الي نفس المرآة و تغفل عن الشبح المنطبع فيها وجداناً مع ان الشبح موجود فيها کوناً و مرة تنظر الي الشمس المنطبعة فيها من حيث انها ضوء و نور و مرة تنظر الي الشمس المنطبعة فيهها من حيث الظاهرية للشمس غافلاً عن انها ظهور شيء و شبح شيء بل تنظر الي الشمس و تري الشمس لکن في کل تلک الحالات لميقع نظرک الا علي المرآة و لمتر الا الشمس المنطبعة فيها و لمتدرک الشمس التي في السماء و هذه الشمس مخصوصة بهذه المرآة کوناً الا انک تغفل عن خصوصية المرآة مثل انک ربما تنظر الي الثوب و تري صبغه و ربما تنظر الي الثوب و تري خامه غافلاً عن لونه و ليس انک حينئذ ادرکت کل خام في الدنيا و احطت بجميعها خبراً حيث نظرت الي الخام مجرداً عن اللون و ربما تنظر الي الثوب مجرداً عن کل حدوده و ذلک يحصل دائماً لکل احد و ليس يدرک حينئذ کل خام في الدنيا و لايحيط بها اذ ادرک هذا مجرداً فکذلک اذا التفت الي الجسم و النفس فربما ينظر الانسان بنظر مادي او طبيعي او عقلاني او فؤادي فيدرک المادة او الطبيعة او العقل او الفؤاد و مع ذلک لايحيط بجميع المواد و الطبايع و العقول و الافئدة فان کل شيء لايتجاوز حده و لايهتک حجاب نفسه غاية الامر يقطع النظر وجداناً عن جهة و ينظر الي جهة نعم الله سبحانه محيط بکل شيء بعلمه و قدرته و امره و حکمه و رحمته و معانيه و مشيته و ارادته و قدره و قضاه فلايعزب عنه مثقال ذرة في السموات و لا في الارض و علمه بها قبل کونها کعلمه بها بعد کونها و علمه بها جمعي لا تتابعي بانيعلم شيئاً و يغفل عن شيء ثم يلتفت اليه فيخص به الفؤاد المجرد و العقل المطلق و الروح المطلقة و النفس المطلقة و الطبيعة المطلقة و المادة المطلقة و المثال المطلق و الجسم المطلق و هي مقاماته و علاماته التي لا تعطيل لها في کل مکان يعرفه بها من عرفه لافرق بينه و بينهم الا انهم عباده و خلقه فتقها و رتقها بيده بدؤها منه و عودها اليه و ليس ذلک لاحد دونه و لماکان مطلق الشعور لها قال بينهم الا انهم تنبيهاً علي شعورها و اما العقل الکلي و الروح الکلية و النفس الکلية و الطبع الکلي و المادة
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 98 *»
الکلية و المثال الکلي و الجسم الکلي فهي من مقامات مشيته و امره و معانيه التي يتوسل بها ولاة امره المأمونون علي سره المستبشرون بامره الواصفون لقدرته المعلنون لعظمته فالمعلنون للعظمة مقام اجسامهم العظمة هي النفس و اعلانها في الجسم و اما الواصفون للقدرة فمقام نفوسهم فان القدرة مقام العقل و وصفها في النفس و اما المستبشرون بالامر فمقام عقولهم فان الامر هو مقام المشية و الاستبشار بها في مقام العقل و اما المأمونون علي السر فمقام افئدتهم فان السر هو مقام العنوان و استومنت عليه الافئدة و مقام ولاة الامر فوق ذلک اذ تلک صفاتهم و اما ماسوي هذه المقامات المطلقة و الکلية فهي مقامات الجزئيات التي لاتحيط بکل شيء خبراً و يعلم کل واحد شيئاً و يغيب عنه شيء فالمقامات المطلقة مقامات الاحدية المشار اليها في الدعاء رب ادخلني في لجة بحر احديتک و المقامات الکلية مقامات الواحدية و هي المشار اليها في ذلک الدعاء و طمطام يمّ وحدانيتک و جميع ماسويهما مقامات الکثرات و الجزئيات و شئون التجليات و اطوار الظهورات و ليس شيء منها مرآة لتمام الاسماء و الصفات فان کل واحد منها مخصوص بحد خاص به امتاز عن ساير الجزئيات و سائل بلسان حده ما يقتضيه حده من خالق البريات و جاذب بطبع ما هو عليه من المبدء في کل الحالات فلايعطي الا ما يقتضيه و ما اعطي الا ما يرتضيه لو کشف الغطاء لما اخترتم الا الواقع فالواحد اي العقل الکلي في کل رتبة من المراتب العرضية في المراتب الطولية نازل و هو قلب کل مقام و وسط الکل کما قال علي عليه السلام العقل وسط الکل و کلي کل رتبة عقل تلک الرتبة و سمي الله العقل قلباً حيث قال ان في ذلک لذکري لمن کان له قلب او القي السمع و هو شهيد کماقال موسي بن جعفر عليه السلام لهشام ان الله يقول في کتابه ان في ذلک لذکري لمن کان له قلب يعني عقل فقلب کل رتبة عقلها و العقل وسط الکل و هو الواحد الذي لا
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 99 *»
ثاني له في تلک الرتبة لانه مرکزها و المرکز لايکون الا واحداً و سر صيرورته مرکزاً مع انه الکلي المحيط کما وصفه علي عليه السلام في حديث آخر العقل جوهر دراک محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشيء قبل کونه فهي علة الموجودات و نهاية المطالب و کذا ظهر في کل عالم بالاحاطة فان عرش کل عالم عقله و محيط به من جميع جهاته فسره ان محيط الدائرة ابعد اجزائها عن الوحدة و هو غاية الکثرة و مرکزها و واحدها اشبه اجزائها بالوحدة الحقيقية التي هي صفة المبدء فالمرکز هو الاقرب الي المبدء لوحدته و المحيط هو الابعد عن المبدء لکثرته و کل متکثر محيط الدائرة و متوحدها مرکزها فلماکانت ارض کل عالم ابعد اجزائه عن المبدء و غاية تکثره و نهاية بعده فکانت هي محيط الدائرة و لماکان عرش کل عالم اقرب اجزائه الي المبدء فکان مرکزه الا ان المرکز اي العرش لکثرة توحده و حرارته الحاصلة من قربه من المبدء و بساطته اقتضي الانبساط التام و الاحاطة الحسية و المحيط اي العرض لتکثرها و بردها الحاصل من بعدها عن المبدء و جمودها الحاصل من برد البعد انزوت و تکاثفت و صغرت حساً فوقعت في غاية البعد عن المبدء فاذا قلبت العالم و تصورت العرش داخلاً و باطناً و الفرش خارجاً و ظاهراً حصل لک المطلب و ان في ذلک لذکري لمن کان له قلب او القي السمع و هو شهيد و ليس مرادي من هذا التصوير انتخرج الفرش عن جوف العرش او تکبره بل مقصودي انتعلم ان العرش باطن و الفرش ظاهر و الباطن مرکز محيط دائرة الظاهر فمظاهر الواحدية في کل عالم عرشه و عقله و وسطه و مرکزه و قطبه و باطنه و قلبه و کثرات ذلک العالم هي الدائرة و ابعد اجزائها محيط الدائرة و ساير اجزائها کل في مقامه و حده و لنعم ما قال صاحب البردة:
و واقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم او من شکلة الحکم
و اما الاحد في کل عالم فهو مطلقة@مطلق ظ@ و هو غيب الواحد قدزيد فيه الواو لوقوعه في وسط الحدود الستة و صيرورته مرکزها مستولياً عليها و اما غيبه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 100 *»
المتعالي عن حدود هذه الدايرة فهو مقام الاحد في کل رتبة فمقامات الاحدية تختلف بحسب المراتب و غيب واحد کل مقام، مقام الاحد و تجليه لاهل تلک الرتبة و هو يتجلي بالواحد و الواحد هو القائم مقامه في ساير تلک الدائرة في الاداء اذ کان لاتدرکه الابصار و لاتحويه خواطر الافکار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملک الجبار و لو شاء انيتجلي بغير الواحد لفعل ولکنه جعل الواحد آية تعريفه و تعرفه فالواحد هو من اهل الاعراف الذي لايعرف الاحد الا بسبيل معرفته فمن عرفه فامامه يقين و من جهله فمقامه سجين فمن عرف الاحد من اهل الدائرة فانما عرفه بالواحد فانه لميتجل الا به و لميظهر الا فيه و کل ماسوي الواحد اي المرکز في الدايرة هو مظهر التثنية و التثليث و التربيع و لايکشف شيء منها عن الاحد و لايسعه انيستبد في معرفة الاحد لان الواحد هو صورة الاحد الانزع عن جميع الکثرات التي في ساير الاجزاء و ساير الاجزاء فيهم شرکاء متشاکسون و الواحد سلم لاحد لايتوجه الي سواه و لايحکي و لايروي الا عنه و لايحکم بحکم الاحد في الدائرة الا الواحد و لايؤدي عنه الا هو و هو منه و اليه و له فالواحد نفس الاحد التي قابلت الصفوف و لمتکثرت بالالوف اي صفوف الکثرة و الوفها و من يقل من اهل الدائرة اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم لانه لايؤدي عن الاحد الا هو و لايوصل اليه احد سواه فذلک الواحد کما بينا و شرحنا هو مقام الکلي في کل رتبة و الاحد هو مقام المطلق و کلاهما کما عرفت مخلوقان و مربوبان الا انه سبحانه خلقهم هکذا اتقاناً للصنع و احکاماً للبدع و جرياً علي نهج الحکمة و الصواب في البدء و الاياب و ذلک من کرم الکريم الوهاب ثم لماکان مقام الواحد مقام الکلي کما عرفت و اول مقام کل مخلوق جزئي نفسه فاذا تنزلت من مقام المرکز الکلي وصلت الي مقام الجزئيات الا انها اضافية فکل جزئي من عرض الدائرة کلي بالنسبة الي مادونه و جزئي بالنسبة الي ما فوقه و کل کلي قلب ما دونه و مرکز دائرته و عقلها و باطنها و عليه تدور
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 101 *»
رحاها و انکان بنفسه من اجزاء دائرة تدور علي مرکز آخر و دائرة کل جزء و کل نقطة هي الاجزاء التي تفصلت فيها اسرار تلک النقطة و انطوت فيها جميع ما تفصلت في تلک الدائرة مثال ذلک دائرة الاجسام تدور علي الجسم الکلي و من اجزاءها الافلاک و العناصر و المولود منهما من الذهب و الفضة و الحديد و امثالها و الخشب و النجوم و امثالها و الفرس و البقر و الحمار و امثالها و الانسان و الکل يدور علي الجسم الکلي دورة واحدة و اما اذا نظرت الي الذهب مثلاً هو نقطة من عرض الدائرة الا انه مرکز دائرته و دائرته ما يصاغ منه من الحلي و الاواني و کلها تفاصيل نقطة الذهب دائرة عليه راجعة اليه قائمة به و من تلک الاجزاء مثلاً الحديد و هو نقطة من عرض الدائرة الکبيرة الا انه مرکز لدائرته و يدور عليه جميع ما يصاغ منه من المسحات و المطرقة و العلاة و السکين و غيرها و کلها دائرة عليه راجعة اليه و هکذا فدائرة العالم تدور علي الواحد کما ذکرنا الا انک اذا تنزلت عن ذلک الواحد تري اجزاء اخر کل واحد منها مرکز دائرة صغيرة دونه تدور عليه و تلک الدائرة تفاصيل شئون تلک النقطة و تکثر وحدتها جارية علي طبعها مقهورة تحتها و هي مستولية عليها استيلاء الرحمن علي عرشه اي ملکه فاول ما يتفصل المرکز الکلي الحقيقي يتفصل الي اربعة و ذلک سر سار في جميع الذرات في الدورات و حقيقة سر تفصيل الاحد الي الاربعة من المسائل المشکلة و قدفصلنا ذلک في رسالة کتبناها في جواب اسؤلة آقا محمد ابرهيم الشيرازي و نشير الي ذلک هيهنا بقدر ما يتيسر انشاءالله تعالي.
فاعلم ان الاحد سبحانه بنفسه لايتفصل و لايتنزل الي اربعة او غيرها و انما المتنزل و المتفصل هو الواحد الحادثي و الوا حد في الحادث اثر فعله سبحانه اوجده لا من شيء و انت تعلم ان الحادث يلزمه الترکيب و التأليف و الحد لان الاحد الحقيقي الغني عماسواه هو الازل سبحانه فالحادث لابد فيه انيکون له جهة الي ربه و جهة الي نفسه فانه محدود له مبدؤ و منتهي فمبدؤ وجوده مما يلي فعل ربه و هو اشبه الاشياء بفعله سبحانه لانه شيء بمشيته و منتهي وجوده هو غاية بعده عن فعل ربه و مقطع شهوده و ابعد مراتبه شبحاً بمشيته سبحانه فاعلاه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 102 *»
في غاية اللطافة و النور و الکمال و الحرارة الممکنة في حده و اسفله في غاية الکثافة و الظلمة و النقص و البرودة الممکنة في حده و ذلک بديهي و انت تعلم ان جهته الي ربه ناظر الي ربه ابداً لا الي غيره فان بذلک النظر تشيئه و ثباته و وجوده و جهته الي نفسه ناظر الي نفسه ابداً لاينظر الي ربه ابداً و لذلک انقطع شهوده و انتهي وجوده و لمينفذ في ما دونه فهيهنا صار اثر الفعل في غاية البرودة النسبية و وصل الي السکون فلمينفذ فحصل هيهنا طبيعتان الحرارة و البرودة فالحرارة في الجهة العليا منه مما يلي الفعل و البرودة مما يلي النفس في الجهة السفلي و هما يابستان لاستقرار الجهة العليا في ظل الفاعل و عدم خروجها الي غيره و برد الجهة السفلي و جمودها و تکاثفها و انقباضها و هي المراد باليبس فيبس جهة النفس غير يبس جهة الرب و ليسا في الکيفية متشاکلين و هذا المعني ايضاً مما لميعثر عليه الاطباء و الحکماء اذ وصفوا النار بالحرارة و اليبوسة و التراب بالبرودة و اليبوسة علي معني واحد کما يعلم من کيفية استنباطهم امزجة المرکبات و اخذ التفاضل بين الرطب و اليابس و الحکم بالغالب مع انهم في موضع آخر وصفوا اليبوسة بعسر القبول للاشکال و الرطوبة بسرعة القبول للاشکال فقالوا بيبس التراب لعسر تشکله علي حسب المراد و برطوبة الماء لسرعة تشکله و قالوا ان الهواء ارطب لانه اسرع تشکلاً علي المراد و علي حسب فعل المشکل من الماء فعلي ذلک نقول لهم ان النار کان يجب انتکون ارطب من الهواء لانها ليست اجمد من الهواء و اغلظ بالبداهة بل هي الطف و ابسط و ارق من الهواء سبعين مرة حتي ان کرتها صارت تجري بمشايعة دوران الافلاک و ليس بحيث اذا ضغطها شيء او موجها لمتتشکل بل تتموج اکثر من الهواء بسبعين مرة فعلي هذا کان الواجب انتکون النار ارطب من الهواء الا انهم نظروا الي فعلها في الابدان و ما هو اسفل منها و تجفيفها لها و من ذلک حکموا بيبسها و غفلوا عن ان تجفيفها للهواء و الماء کتجفيف الهواء الثوب الرطب و الماء مثلاً و ذلک لانها تحيل الاجزاء اللطيفة في الهواء و الماء الي جنسها و تصعدها الي کرتها و تبقي الاجزاء الکثيفة في مرکزها فبذهاب الاجزاء اللطيفة التي مقتضيها السيلان يصير الباقي جافاً يابساً
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 103 *»
منجمداً کاجماد الهواء الطين و جعله اياها مدراً يابساً فالنار بهذا المعني ينبغي انتکون ارطب من الهواء و اذا کان هذا سبب اليبس کان اللازم ايضا انيکون الهواء يابساً و ان قيل ان الهواء بممازجته يسيل الجامد نقول لهم ان النار ايضاً بممازجتها و غلبتها يسيل الجامد فانها سيالة فمعني اليبوسة في النار غير معني اليبوسة في التراب و کيفيتها غير کيفية يبوسة التراب فمعني يبوسة النار عدم ميلها الي شيء سوي ربها و استقرارها في ظل فاعلها و سيلانها الظاهر لاجل شدة مطاوعتها لامر فاعلها و سيلان الهواء ايضا لاجل مطاو عته لامر ربه کالماء الا ان النار اشد سيلاناً لانها اشد مطاو عةً لربها و الهواء اشد سيلاناً من الماء لانه اطوع لربه من الماء و لکنه اغلظ من النار لانه اقل مطاوعة من النار و اما الماء فهو اشد سيلاناً من التراب لانه اطوع من التراب و التراب اغلظ من الماء لانه ابطأ مطاوعة من الماء فسيلان الجواهر و جمودها و شدتهما و ضعفهما [شدتها و ضعفها ظ@] من جهة کثرة القرب الي المبدء و قلته لا شيء آخر و اما اليبس و الرطوبة فهو معني آخر غير السيلان الظاهر فمعني يبس التراب جمود نظره و حصر توجهه الي نفسه و معني يبس النار جمود نظرها و حصر توجهها الي ربها فلما کانت النار محصورة النظر الي ربها طالبةً للصعود اليه و التراب محصور النظر الي نفسه طالباً للنزول امتنع الايتلاف بينهما عادةً و جرياً علي مقتضي العادة الربانية في حکمته فاحتيج في الترکيب و الايتلاف الي رابط بينهما و الرابط لابد و انيکون له مناسبة الي کل واحد من الطرفين فيکون من حيث الاعلي مناسباً للنار فيکون حاراً کالنار الا انه ينظر الي غير ربه من حيث الاسفل و من حيث الاسفل مناسباً للتراب فيکون بارداً کالتراب الا انه ينظر الي غير نفسه اي ربه من حيث الاعلي. و هذا النظر هو المراد من الرطوبة لا السيلان الظاهر و سرعة القبول للاشکال کما عرفت فحصل هنا طبيعتان اخريان الحرارة الرطبة و البرودة الرطبة فالاولي طبيعة الهواء و الثانية طبيعة الماء فهذا الرابط الف بين الطبيعتين الاوليين الحرارة اليابسة و البرودة اليابسة فامکن الامتزاج و الارتباط بينهما فدار الاعلي علي الاسفل بالفعل و الاسفل علي الاعلي بالانفعال
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 104 *»
فتم الکون و ثبت العين و ارتفع الشقاق من البين و کذلک تقدير العزيز العليم. فان من حادث الا هو مرکب من هذه الطبايع الا انها في المجملات علي الاجمال و في المفصلات علي التفصيل و في الغيب غيبية و في الشهادة شهادية و في الملک ملکية و في الملکوت ملکوتية و في الجبروت جبروتية و في السرمد سرمدية في کل شيء بحسبه فکانت هذه الطبايع في المرکز مندمجاً بعضها في البعض علي اشرف انحاء الاجمال و البساطة و الاعتدال الصرف الممکن في دائرة الاکوان. و لذلک قلنا ان العقل ليس له مزاج خاص بل هو معتدل بين جميع الامزجة فمرةً قلنا انه حار يابس و عبرنا عنه بالنار الماسة لزيت النفوس و قلنا ان الاسم المربي له قابض و مرةً قلنا انه حار رطب و الاسم المربي له الرحمن و صرفنا اليه قوله عليه السلام اول ما خلق الله روحي و مرةً قلنا انه بارد رطب و لذلک روي ان الماء يزيد في العقل و ان الاسم المربي له المحيي و مرةً قلنا انه بارد يابس و المزاج السوداوي يجذب العقل و الفهم و ما بعث الله نبياً الا و هو ذو مرة سوداء صافية و قلنا ان الاسم المربي له المميت و انه الموت الاول و الفناء الاول في جنب الله و انما کل ذلک لاجل ان فيه جميع الطبايع و يظهر بکلها من جهات مختلفة فالعقل الذي هو مرکز الکون و کعبته و قطبه فيه هذه الطبايع الاربع علي ما عرفت فاذا تفصل في الدائرة اول ما يتفصل يتفصل الي اربع طبايع منفصلة کلية لا غير فينقلب الامر فيصير العرش رحماناً اي يصير ذلک الواحد الذي کان عرشاً ذا انوار اربعة للاحد و کان الاحد بالنسبة اليه رحماناً مستولياً رحماناً بالنسبة الي مادونه لانه اجمال بالنسبة اليه و ان کان تفصيلاً بالنسبة الي الاحد و الرحمن اسم مشتق من الرحمة الواسعة يشمل الجهات الاربع کلها فانها اعطاء کل ذي حق حقه فالجهات الاربع موجود في الرحمن علي جهة صلوح الظهور بها فان معناه الرحمة و هي مأخوذة فيها الظهور بالجميع و التعلق بالکل فاذا تفصلت الرحمة و تنزلت و تعلقت بالقوابل و انحدت فيها و انبسطت عليها ظهرت باربع لان القوابل اربع کما اشرنا اليه من مراتب الاثر فالرحمة الرحمانية تتفصل اولاً الي اربع و کل واحد من هذه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 105 *»
الاربع مرکز دائرته و قطب رحاه تدور عليه کما ذکرنا مکرراً و ينقلب الامر ثالثاً فيصير کل واحد رحماناً علي عرش دائرته مستوياً عليها و هي تدور عليه علي التوالي و هو يدور عليها علي خلاف التوالي و کلتا الحرکتين تورث الکرة لانها علي المرکز و القطب لا المحور المورثة للدواير فاختص کل واحد من الاربع بجهة و انقسمت الدائرة العظيمة الي اربع جهات و صاروا هؤلاء الاربعة ارکان العالم و اوتادها و کل واحد کعبة جهته تدحي ارض جهتها من تحتها و هي ام قريها و ابوها الاحد الذي فوقها الذي هو الواحد بالنسبة الي مافوقها فمنه بدؤها و اليه عودها و هو جهتها الي ربها و وسيلتها الي باريها و وجهتها الي الله سبحانه التي بها يسألون الله و وجه الله اليهم الذي به يتوجه لطائفها الي الله سبحانه و به يتوجه الله اليهم ثم کل واحد من هذه الاربعة في جهته ينقلب احداً و يتجلي کل واحد في صقعه بوحدات کثيرة و هي تصير عرشه الذي عليه يستوي في تلک الجهة و هکذا کلما ينزل الامر يصير ارکان العرش اکثر و کثرة ترکيب الواحد اقوي و اشد و کل واحد واحد نسبي و عرش نسبي علي نحو ما عرفت. مجمل القول فقد طال الکلام الي ما شاء الله فلنرجع الي ما کنا بصدد بيانه في هذه الرسالة و هو بيان مقام النقباء و النجباء.
اعلم ان کل اثر في کل رتبة له مراتب و مقامات بها تجلي العالي له و هو اسم العالي و صفته فلايسمي الا باسمه و لايضاف الا اليه و لاينسب الي سواه و له مراتب تخصه و تسمي باسمه اما هذه المراتب اي مراتب حيث الاثرية لا المؤثرية فلابد و ان يکون له مبدؤ و منتهي بحسب مقامه کما هو ظاهر لاهله و قد بينا ان مبدء کل شيء نفسه و منتهاه جسمه و عرضه و ذکرنا ان النفس فيها من اشباح المبادي العليا علي حسبها و يختلف الناظرون اليها وجداناً و الا في الوجود هو هو مرکب محدث محتاج و کذلک الجسم فيه من اشباح المبادي الوسطي بحسبه و يختلف الناظرون اليها وجداناً لا وجوداً علي ما بينا و هذه النفس التي هي المبدء هي التي اشار اليها علي عليه السلام حيث قال الاعرابي يا مولاي و ما النفس اللاهوتية الملکوتية قال عليه السلام قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات اصلها
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 106 *»
العقل منه بدءت و عنه وعت و اليه دلت فاشارت و عودها اليه اذا کملت و شابهت و منها بدءت الموجودات و اليه تعود بالکمال فهي ذات الله العليا و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لميشق ابداً و من جهلها ضل و غوي فقال السائل يا مولاي ما العقل قال العقل جوهر دراک محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشيء قبل کونه فهي علة الموجودات و نهاية المطالب تدبر في قوله عليه السلام جوهرة لانها لاتقوم بذات مؤثرها و لا مادونها بسيطة يعني ليست بمرکبة من المواد العنصرية و الا ففي نفسها فهي مرکبة الا تري انه يسميها بشجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي مع کثرة اختلافها حية بالذات يعني بنفسها حية بما خلقها الله لا بحيوة غيرها بخلاف الجسد فانه حي بغيره و هو النفس و النفس حية بالذات فان مؤثرها ليس بحيوة لها تحل فيها و مادونها لاتصير حيوتها فهي حيوة و الحيوة حية بنفسها لا بغيرها کما ان النور نوراني بنفسه لا بنور آخر و لايريد به انه قديم و قوله عليه السلام اصلها العقل منه بدءت و عنه وعت اي استمعت و استفاضت و قبلت و اليه دلت و اشارت اذ کانت اثره و آيته و آية کل شيء دليله يدل علي معناه و يشير الي فحواه و عودها اليه اذا کملت و شابهت فانها لما قيل لها ادبري ادبرت حتي خمد نارها و انطفي نورها فلما قيل لها اقبل قامت تستکمل و تسير الي مبدئها الذي منه بدؤها و بالالقاء للانحرافات و الکثرات و القرانات الادبارية بالعلم و العمل تشابه مبدئها شيئاً بعد شيء في اللطافة و البساطة الي ان تعود الي ما منه بدءت کما بدءت اول مرة و منها بدءت الموجودات لانها هي المبدء کما کررنا فيه القول کما روي عن المجلي عن النبي صلي الله عليه و آله بدءت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم و قال علي عليه السلام انا النقطة تحت الباء و الباء مقام النفس و هي مبدؤ الاشياء لا العقل و هي الکرسي الذي وسع السموات و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 107 *»
الارض و اليها تعود بالکمال لان منها نزلت فاليها رجعت بعد التصفية کما مر قال الله تعالي کما بدأکم تعودون فهي مبدء الموجودات و معادها و العقل مبدأ النفس و معادها فهي ذات الله العليا و هي الذات الحادثة بها تجلي لعبده و عرف نفسه به و لذا قال سبحانه سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم و قال و في انفسکم افلاتبصرون و قال النبي صلي الله عليه و آله من عرف نفسه فقد عرف ربه و قال اعرفکم بنفسه اعرفکم بربه و في الانجيل اعرف نفسک تعرف ربک و النفس هي هذه الملکوتية اللاهوتية و هي ذات الله المخلوقة العليا و هي ذات لما ذکرنا انها جوهرة شريفة مضافة الي الله و العليا لانها اعلي الاشياء و مبدؤها و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي لانها الحجاب الاخضر و فيها الکثرات و الشعب العلمية من عرفها لميشق ابداً لانه عرف ربه و من قال لا اله الا الله وجبت له الجنة, و من جهلها ضل و غوي و لميبلغ مقام السابقين و لمنک بصدد شرح هذا الحديث و انما اردنا الاشارة و الايماء الي المطلب فهذه النفس هي مبدؤ الاثر و هي غير العقل بل منه بدءت و اليه تعود و هي ذات الاثر و جوهره.
فالنقيب هو الذي استجاب دعوة اقبل و لبي و خوطب فوعي فتخفف لللحاق فافلح بالتلاق و فاز بالسباق فتزکي بالعلم و العمل و خرق حجاب الامل حتي شابه جواهر اوائل العلل و اعتدل مزاجه و صح منهاجه و فارق الاضداد حتي شارک السبع الشداد فعاد الي ما منه بدء و انما العود في هذه المقامات ليس عود وجودي يعدم الرتبة الدنيا و يلحق العلياء بل کل رتبة في مقامها و حدها و انما يصفي الدنيا تصفية ينطبع فيها شبح العليا و کلما کثرت التصفية صار ما يقع فيها اعلي مما وقع اولاً حتي اذا صارت الدنيا کهيئتها يوم خلقت في صفائها و للطافتها انطبع فيها مبدؤ النفس و اعليها فحينئذ يکون واقفاً في مبدء الوجود مطلقاً علي الغياب و الشهود و الاشارة الي نوع هذه التصفية انک اذا رکبت العناصر ترکيباً اعتدالياً ظهرت فيها الروح النباتية و ذلک اذا صار تلک
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 108 *»
المادة الحاصلة الطف من الجمادات فاذا ازدادت صفاء و اعتدالاً حتي صارت بصفاء فلک القمر ظهرت فيها روح فلک القمر و تحيي فاذا ازدادت نعومة و صفاء حتي صارت بصفاء فلک عطارد ظهرت فيها روح عطارد المدرکة للامثلة الجزئية لمساواتها معها فاذا ازدادت نعومة و لطافة حتي صارت بلطافة فلک الزهرة ظهرت فيها روح فلک الزهرة المدرکة للمواد الجزئية لمساواتها معها و اذا ازدادت صفاء و لطافة حتي صارت بلطافة فلک المريخ ظهرت فيها روح فلک المريخ المدرکة للطبايع الجزئية لمساواتها معها و اذا ازدادت صفاء و لطافة ظهرت فيها روح فلک المشتري المدرکة للصور العلمية الجزئية النفسانية لمساواتها معها و اذا ازدادت نعومة و صفاء ظهرت فيها روح فلک زحل المدرکة للمعاني الجزئية العقلانية لمساواتها معها في الرتبة فاذا ازدادت صفاء و اعتدالاً و نضجاً ظهرت فيها روح فلک الشمس المدرکة للمواد الکلية من حيث اسفلها و للطبايع الکلية من حيث اعلاها لمساواتها معها في الرتبة فاذا ازدادت نعومة و لطافة حتي صارت بصفاء الکرسي ظهرت فيها النفس الکلية المدرکة لجميع العلوم ما کان و ما يکون الي يوم القيمة فاذا ازدادت صفاء و لطافة و نعومة ساوت العرش و ظهر فيها العقل الکلي المدرک للمعاني الکلية و هذان المقامان لايحصل الا لمحمد و آله عليهم السلام فلايصير جسم احد مما سواهم بلطافة الکرسي و العرش و لايکون احد من غيرهم کلياً ابداً قال الصادق عليه السلام اول من سبق الي بلي رسول الله صلي الله عليه و اله و ذلک انه اقرب الخلق الي الله و کان بالمکان الذي قال له جبرئيل عليه السلام لمااسري به الي السماء تقدم يا محمد فقد وطئت موطئاً لميطأه ملک مقرب و لا نبي مرسل و لولا ان روحه و نفسه کانت من ذلک المکان لماقدر ان يبلغه و کان من الله عزوجل کماقال قاب قوسين او ادني اي بل ادني انتهي بل کان مقام محمد صلي الله عليه و آله في الرسالة و النبوة منتهي الکرسي لما روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه اسري به من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي مسيرة شهر و عرج به في ملکوت السموات مسيرة خمسين الف عام في اقل من ثلث ليلة حتي انتهي
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 109 *»
الي ساق العرش فدنا بالعلم فتدلي فدلي له من الجنة رفرف اخضر و غشي النور بصره فرأي عظمة ربه عزوجل بفؤاده و لميرها بعينه فکان کقاب قوسين بينها و بينه او ادني انتهي فجعل نهاية عروجه الي ساق العرش و هو الکرسي و اشار الي ذلک ايضاً انه دنا بالعلم و بقوله فدلي له من الجنة، و بالرفرف الاخضر و بقوله رأي عظمة ربه فان کل ذلک من مقام الکرسي و کذلک في حديث عن الصادق عليه السلام فکان بينهما حجاب يتلألأ بخفق و لا اعلمه الا و قدقال من زبرجد فنظر في مثل سم الابرة الي ما شاء الله من نور العظمة انتهي مع انه في صدر الخبر يقول فاوقفه جبرئيل موقفاً فقال له مکانک يا محمد فلقد وقفت موقفاً ما وقفه ملک قط و لا نبي الخبر و عن الرضا عليه السلام لما اسري به الي السماء و بلغ عند سدرة المنتهي خرق له في الحجب مثل سم الابرة فرأي من نور العظمة ما شاء الله انيري و عن الباقر عليه السلام قال فلما انتهي الي سدرة المنتهي تخلف عنه جبرئيل عليه السلام فقال رسول الله صلي الله عليه و آله يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تخذلني فقال تقدم امامک فوالله لقدبلغت مبلغاً لميبلغه خلق من خلق الله قبلک الخبر و قدعرفت من حديث اميرالمؤمنين ان سدرة المنتهي مقام النفس و قدصعد النبي صلي الله عليه و آله اليه و لميتجاوز ساق العرش و لولا ان روحه و نفسه من ذلک المکان لميصعد اليه فهو صلي الله عليه و آله في مقام الرسالة و النبوة لميکن جسده الطف من سدرة المنتهي اي الکرسي فلميتجاوزه هو و لميصل اليه احد فليس جوهر احد يساوي في اللطافة سدرة المنتهي و لما کان الشيعة خلقوا من فضال طينتهم يمکن لهم انيتساووا في الصفاء و اللطافة فلک زحل و فلک المشتري و ليس لهم انيصيروا باعتدال فلک الشمس نعم يمکن للانبياء انيصيروا باعتدال فلک الشمس و صفائه و نضجه ولکن لا لکلهم بل لاصحاب
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 110 *»
الشرايع الاربعة الذين هم حملة العرش من الاولين فعن عليبن ابرهيم حملة ثمانية لکل واحد ثمانية اعين کل عين طباق الدنيا اقول اعينهم الثمان مراتبهم الثمان و لماکان المقام مقام الکلية صارت کل عين طباق الدنيا اقول اعينهم الثمان مراتبهم الثمان و لما كان المقام مقام الكلية صارت كل عين طباق الدنيا و قال في حديث آخر حملة العرش ثمانية اربعة من الاولين و اربعة من الاخرين فاما الاربعة من الاولين فنوح و ابرهيم و موسي و عيسي و اما من الاخرين فمحمد و علي و الحسن و الحسين اقول اما الاولون فهم اولون في الظهور الدال علي تأخرهم في الوجود و اما الاخرون فهم آخرون في الظهور الدال علي تقدمهم في الوجود و ليس هؤلاء الثمانية يحملون العرش علي السواء في المقام بل الاخرون في مقام الکرسي يحملون ارکانه الاربعة العليا و الاولون في مقام الفلک الرابع الذي هو السابع حقيقة يحملون الارکان الاربعة الدنيا في مقام البيت المعمور فالاولون من الملائکة العالين و الاخرون من الکروبيين.
بالجملة مقامات النقباء لايتجاوز الفلک السادس اي فلک زحل لتکثرهم و تعددهم فمقامهم مقام العقل الجزئي و هم في الجنة السادسة الجنة العالية تحت جنة العدن المخصوصة بمحمد و آله عليهم السلام التي لا حظيرة لها اذ لا ارتباط و لا نسبة لها بغيرها و هؤلاء اصحاب العمل لما قدظهر فيهم من امثلة آل محمد عليهم السلام الملقاة في هويتهم و صاروا بذلک حملة الاسماء الثمانية و العشرين في غيبهم و شهادتهم فتجلي البديع في عقولهم و الباعث في نفوسهم و الباطن في طبيعتهم و الاخر في جوهرهم و الظاهر في شکلهم و الحکيم في جسمهم و المحيط في قلبهم و الشکور في صدرهم و الغني في دماغهم و المقتدر في مخهم و الرب في عاقلتهم و العليم في عالمتهم و القاهر في واهمتهم و النور في جوف قلوبهم و المصور في خيالهم و المحصي في فکرهم و المبين في روحهم و القابض في نارهم اي صفرائهم و الحي في هوائهم اي دمهم و المحيي في مائهم اي بلغمهم و المميت في ترابهم اي سودائهم و العزيز في دورتهم المعدنية و الرزاق
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 111 *»
في دورتهم النباتية و المذل في دورتهم الحيوانية و القوي في دورتهم الملکية و اللطيف في دورتهم الجنية و الجامع في دورتهم الانسانية و رفيع الدرجات في استکمالاتهم في المراتب الانسانية فبهذه الاسماء الثمانية و العشرين يفعلون ما يشاؤن من التصرفات في الکينونات من المبدء الذي هو العقل الي النهايات فاذا غلب اسماء الله فيهم بحيث استمکنت في باطنهم و ظاهرهم و ملأت اطباق وجودهم اعطتهم اسمها و رسمها و وصفها فصارت عندها کالحديدة المحماة المتلاشية الانية الفانية المضمحلة کماقال الشاعر:
رق الزجاج و رقت الخمر
فتشاکلا فتشابه الامر
فکأنما خمر و لا قدح
و کأنما قدح و لا خمر
فصاروا اسماء الله الحسني و امثاله العليا و وجوهه في الوري لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و لما عملوا بامر الله سبحانه صاروا مصداق قوله تعالي في القدسي يا ابن آدم انا رب اقول للشيء کن فيکون اطعني في ما امرتک اجعلک مثلي تقول للشيء کن فيکون و صاروا بذلک عين الله و لسان الله و جنب الله و يد الله کما روي عن ابيجعفر عليه السلام ان الله جل جلاله قال مايتقرب اليّ عبدي بشيء احبّ اليّ مما افترضته عليه و انه ليتقرّب اليّ بالنافلة حتي احبّه فاذا احببته کنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها اندعاني اجبته و انسألني اعطيته فاذا بلغ هذا المبلغ صار من المحسنين الذين قال الله فيهم فلما بلغ اشده و استوي آتيناه حکماً و علماً و کذلک نجزي المحسنين فاثبت الله الحکم و العلم للمحسنين و جعل الاحسان و الاستواء و هو الاعتدال و مظهر الرحمانية المستوية علي العرش بان لايکون شيء اقرب اليه من شيء فما لميستو الانسان علي عرش مادونه جاير عن قصد الحق المصيب و لايقدر علي العدل في الحکم بين الرعية و من لميعدل فهو ظالم فاذا استوي عدل و قال الله سبحانه لاينال عهدي الظالمين اي ينال العادلين المستوين و عهد الله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 112 *»
هو الولاية و الاستواء اي الاستيلاء و يشهده الله خلق السموات و الارض و يصير عضداً له سبحانه لما قال تعالي بئس للظالمين بدلاً ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق انفسهم و ما کنت متخذ المضلين عضداً يعني اشهد العادلين المستوين خلق السموات و الارض و خلق انفسهم و اتخذهم عضداً في اصدار افعاله و اظهار اوامره و نواهيه کما اتخذ النار الدخان المکلس عضداً في اظهار انارتها و احراقها و تکليسها و اشراقها و اشهدته خلق الانوار و الاشعة و انالته العهد اي الاستيلاء عليها و القيام مقامها فيها في الاداء و صارت عينه و لسانه و سمعه و يده يقول للاشعة کن فيکون فاذا صار کذلک بلغ مقام الشفاعة و ملکها لقوله تعالي لايملکون الشفاعة الا من شهد بالحق و هم يعلمون يعني شهد حقايق الاشياء بالحق الذي صار عينه التي ينظر بها بالجملة لماکانت هذه الرسالة تقع في ايدي کل صنف من الناس من المتحملين و غير المتحملين لايسعني البيان اکثر من ذلک فلنقبض العنان فان للحيطان آذاناً فمقام النقباء مقام فلک زحل السعد الاکبر في باطنه و النحس الاکبر في ظاهره لانه باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و هو رحمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار و هو کوکب اميرالمؤمنين عليه السلام.
و اما مقام النجباء فغايته فلک المشتري الفلک الخامس مظهر باطن الکرسي صاحب العلوم الجزئية و هؤلاء اصحاب العلوم لا الحکوم فانه لا حکم و لا امر الا لله سبحانه و مظهر امر الله و حکمه سبحانه العقل و هو وکر مشية الله لايتحرک الا بالله و لايفعل الله الا به و اما النفس فهي مقام الانفعال و القابلية و الائتمار و ليس له من الامر شيء ان الله يخلق ما يشاء و يختار ماکان لهم الخيرة من امرهم و هم اسماء النقباء و صفاتهم و مظاهر تجلياتهم و السنة تعبيراتهم و اصحاب تفاصيلهم و حملة شرايعهم فالنقباء هم حملة الاوامر الکونية و النجباء هم حملة الاوامر الشرعية و کما ان النقباء في الکون امرهم امر الله و نهيهم نهي الله و لسانهم لسان الله و يدهم يد الله و قولهم قول الله و فعلهم فعل الله کذلک هؤلاء في الشرع امرهم
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 113 *»
امر الله و نهيهم نهي الله من رد عليهم فقدرد علي الله و هو علي حد الشرک بالله و لسانهم في الاداء لسان الله المعبر عن الله من اصغي اليهم فقدعبد الله و من طعن عليهم فقدطعن علي الله و الجلوس اليهم جلوس الي الله و زيارتهم زيارة الله و صلتهم صلة الله و سرورهم سرور الله و اذاهم اذي الله و حبهم حب الله و بغضهم بغض الله و لقاؤهم لقاء الله و قدحق فيهم قول رسول الله صلي الله عليه و اله فضل العالم علي العابد کفضلي علي ادناکم و قوله عليه السلام ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل عن مسألة الا و نفثنا في روعه جواباً لتلک المسألة و قوله عليه السلام ان لنا مع کل ولي اذناً سامعة و عيناً ناظرة و لسانا ناطقاً و هؤلاء العدول الذين اعتدلوا في التشريع بالاخذ بالاوامر و الانتهاء عن الزواجر و المواظبة علي النوافل و الفرائض و استووا في الامتثال علي نفوسهم و اطمأنت نفوسهم تحت اوامر العقل و نواهيه و سلموا له تسليم العبد الذليل للمولي الجليل و صاروا مصداق قوله تعالي ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شرکاء متشاکسون و رجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً و قوله تعالي قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون و الذين هم عن اللغو معرضون و الذين هم للزکوة فاعلون و الذين هم لفروجهم حافظون الا علي ازواجهم او ما ملکت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغي وراء ذلک فاولئک هم العادون و الذين هم لاماناتهم و عهدهم راعون و الذين هم علي صلواتهم يحافظون اولئک هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون و قدروي في عدة اخبار ان المؤمنين هنا هم النجباء المنتجبون اصحاب النجائب يوم القيمة بالجملة کلما جري للنقباء من الفضل في الکون جري لهؤلاء في الشرع فجميع الفضل الظاهر لهم و ان النقباء عن وصف الواصفين اجلون و عن نعت الناعتين اعظمون کما روي في عدة اخبار ان المؤمن لايوصف و ليس لي الان اقبال لازيد من ذلک لاشتغال القلب بالسفر مع ان ذکر ازيد من ذلک لاينبغي في
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 114 *»
هذه الرسالة فلنکتف بما ذکرنا في مقام النقباء و النجباء و اما عددهم و تفاصيل مراتبهم و رؤساؤهم و اتباعهم فلسنا هيهنا بصدد بيانه و قد ذکرنا شطراً منه في رسالتنا المسماة بالزام النواصب فمن اراد ذلک فليراجعها و غرضنا من ذکر هذه الجملة في هذه الرسالة انيعتبر معتبر و يدّکّر مدّکّر ان الامر عظيم و الخطب جسيم و «لا کل من حاز الجمال بيوسف» و لا کل من ادعي يليق به و ان کان کل يدعي وصلاً بليلي ولکن و ليلي لاتقر لهم بذاکا
و کل من يدعي بما ليس فيه کذبته شواهد الامتحان.
و امتحانه
اذا انبجست دموع من خدود تبين من بکي ممن تباکي
فصل: في صفات النقباء و النجباء و احسن ما ورد في الباب حديث همام و اذکره بطوله لکثرة محصوله ففي الکافي بسنده الي يونس عن ابيعبدالله عليه السلام قال قام رجل يقال له همام و کان عابداً ناسکاً مجتهداً الي اميرالمؤمنين عليه السلام و هو يخطب فقال يا اميرالمؤمنين صف لنا صفة المؤمن کأننا ننظر اليه فقال يا همام المؤمن هو الکيس[20] الفطن بشره في وجهه و حزنه في قلبه اوسع شيء صدراً و اذل شيء نفساً زاجر عن کل فان، حاضّ[21] علي کل حسن، لا حقود و لا حسود و لا وثّاب و لا سبّاب و لا عيّاب و لا مغتاب، يکره الرفعة و يشنأ[22] السمعة، طويل الغم بعيد الهم کثير الصمت وقور ذکور صبور شکور مغموم بفکره مسرور بفقره سهل الخليقة لين العريکة[23] رصين[24] الوفا، قليل الاذي، لا متأفک[25] و لا متهتک ان
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 115 *»
ضحک لميخرق[26] و انغضب لمينزق[27] ضحکه تبسّم و استفهامه تعلّم و مراجعته تفهّم کثير علمه عظيم حلمه کثير الرحمة لايبخل و لايعجل و لايضجر و لايبطر[28] و لايحيف في حکمه و لايجور في علمه نفسه اصلب من الصلد[29] و مکادحته احلي من الشهد، لا جشع[30] و لا هلع[31] و لا عنف و لا صلف[32] و لا متکلّف و لا متعمّق جميل المنازعة کريم المراجعة عدل ان غضب رفيق ان طلب لايتهور[33] و لايتهتک و لايتجبر خالص الود وثيق العهد وفيّ العقد شفيق وصول حليم خمول قليل الفضول راض عن الله عزوجل مخالف لهواه لايغلظ علي من دونه و لايخوض فيما لايعنيه ناصر للدين محام عن المؤمنين کهف للمسلمين لايخرق الثناء سمعه و لاينکئ[34] الطمع قلبه و لايصرف اللعب حکمه و لايطلع الجاهل علمه قوّال عمّال عالم حازم لا بفحّاش و لا بطيّاش وصول في غير عنف بذول في غير سرف لا بختال[35] و لا بغدار و لايقتفي اثراً و لايحيف بشراً رفيق بالخلق ساع في الارض عون للضعيف غوث للملهوف لايهتک ستراً و لايکشف سراً کثير البلوي قليل الشکوي ان رأي خيراً ذکره و ان عاين شراً ستره يستر العيب و يحفظ الغيب و يقيل العثرة و يغفر الزلة لايطلع علي نصح فيذره و لايدع جنح[36] حيف[37] فيصلحه. امين رصين تقيّ نقيّ زکيّ رضيّ يقبل العذر و يجمل الذکر و يحسن بالناس
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 116 *»
الظن و يتهم علي العيب نفسه يحبّ في الله بفقه و علم و يقطع في الله بحزم و عزم لايخرق به فرح و لايطيش به مرح[38] مذکر للعالم معلّم للجاهل لايتوقع له بائقة[39] و لايخاف له غايلة کل سعي اخلص عنده من سعيه و کل نفس اصلح عنده من نفسه عالم بعيبه شاغل بغمه لايثق بغير ربه قريب وحيد جريد يحب في الله و يجاهد في الله ليتبع رضاه و لاينتقم لنفسه بنفسه و لايواني في سخط ربه مجالس لاهل الفقر مصادق لاهل الصدق موازر لاهل الحق عون للغريب اب لليتيم بعل للارملة[40] حفيّ باهل المسکنة مرجوّ لکل کريمة مأمول لکل شدة هشاش[41] بشاش[42] لا بعباس و لا بجساس صليب[43] کظام بسام دقيق النظر عظيم الحذر لايبخل و ان بخل عليه صبر، عقل فاستحيي و قنع فاستغني حياؤه يعلو شهوته و ودّه يعلو حسده و عفوه يعلو حقده لاينطق بغير صواب و لايلبس الا الاقتصاد مشيه التواضع خاضع لربه بطاعته، راض عنه في کل حالاته نيته خالصة اعماله ليس فيها غش و لا خديعة، نظره عبرة و سکوته فکرة و کلامه حکمة مناصحاً متباذلاً متواخياً ناصح في السر و العلانية لايهجر اخاه و لايغتابه و لايمکر به و لايأسف علي ما فاته و لايحزن علي ما اصابه و لايرجو ما لايجوز له الرجاء و لايفشل في الشدة و لايبطر في الرخاء يمزج الحلم بالعلم و العقل بالصبر تراه بعيداً کسله دايماً نشاطه قريباً امله قليلاً ذلله متوقعاً لاجله خاشعاً قلبه ذاکراً ربه قانعة نفسه منفياً جهله سهلاً امره حزيناً لذنبه ميتة شهوته کظوماً غيظه صافياً خلقه آمناً منه جاره ضعيفاً کبره قانعاً بالذي قدر له متيناً صبره محکماً امره کثيراً ذکره يخالط الناس ليعلم و يصمت
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 117 *»
ليسلم و يسأل ليفهم و يتجر ليغنم لاينصت للخير ليفخر به و لايتکلم ليتجبر به علي من سواه. نفسه منه في عناء و الناس منه في راحة اتعب نفسه لآخرته فاراح الناس من نفسه ان بغي عليه صبر حتييکون الله الذي ينتصر له بعده ممن تباعد منه بغض و نزاهة و دنوه ممن دنا منه لين و رحمة ليس تباعده تکبراً و لا عظمة و لا دنوه خديعة و لا خلابة[44] بل يقتدي بمن کان قبله من اهل الخير فهو امام لمن بعده من اهل البر فصاح همام صيحة ثم وقع مغشياً عليه فقال اميرالمؤمنين اما والله لقد کنت اخافها عليه و قال هکذا تصنع المواعظ البالغة باهلها فقال له قائل فما بالک يا اميرالمؤمنين فقال ان لکل اجلاً لايعدوه و سبباً لايجاوزه فمهلاً لاتعد فانما نفث علي لسانک شيطان انتهي. و غير ذلک من علامات المؤمن و صفاته کثيرة قدوردت بها الاخبار و صدرت فيها الاثار عن الائمة الابرار عليهم صلوات الله في اطراف الليل و آناء النهار قدطوينا الکشح عنها خوف الاطالة و لقلة الفرصة و کفي بما ذکرنا عبرة لمن اعتبر و تذکرة لمن تذکر و دون اقل قليل هذه المحامد خرط القتاد و انا اجمل لک هنا بعض ما ينبغي ذکره في المقام و لا قوة الا بالله العلي العظيم.
اعلم ان الانسان لو عاش عمر نوح و اراد اصلاح نفسه من قبايح صفاتها و تحليها بهذه المکارم لمايقدر عليه فان الواجب في هذه الصفة انتکون سجية للانسان و ملکة له حتي تصدر عنه من غير کلفة و في صيرورة صفة واحدة من هذه الصفات طبيعية له يحتاج الي عمر طويل يجاهد نفسه فيها حتي يحملها عليها و تطمئن له فيها و ترضي بها حتيتصدر عنها بغير کلفة و مشقة و ميل و طبع منها فضلاً عن ساير المکارم و الصفات و اني لاحد انيعمر هذا العمر الطويل حتييحمل نفسه علي کل هذه الصفات کرهاً و يستعملها فيها صبراً حتيتصير لها سجيةً و طبعاً تصدر عنه في کل حالاته في اوقات الليل و آناء النهار و انّي و انّي فلابد لذلک من امر آخر يکون هو قطب هذه المحامد و ينبوع هذه المکارم يجاهد
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 118 *»
في طلبه المؤمن و يسعي في تحصيله حتييملک ذلک الامر فاذا ملکه تبعته هذه المکارم و المحامد و تيسرت له من غير کلفة و مشقة في اقرب وقت و مثال ذلک اذا کان ينبوع يجري منها انهار و جداول کثيرة و کانت کدرة و الانهار و الجداول الجارية منها ايضاً کدرة فمن رام انيصفي نهراً من هذه الانهار و مد في عمره مدي الدهور و الاعصار و جدّ و اجتهد في جميع الليل و النهار ما قدر علي تصفيته فانه يصفي منه کل غرقة وصلت اليه في آناء مثلاً و هو يجري کدراً لانفاد له فاني و متي يقدر انيصفي هذا النهر حتييتحول عنه الي غيره و اما اذا جاء و عالج العين و اخرج ما فيها من حمأ و وحل و غطاها عن الاغبرة و الاهبية صفت و جرت صافية في کل الانهار مرة واحدة من غير کلفة و لا مشقة او کما اذا غلب في المزاج الرطوبة مثلاً و اورثت للانسان لقوة و فالجاً و لکنة في اللسان و خفقاناً و رعشة و صمماً و بلادة و داواراً و خدراً و نسياناً و حمي مواظبة و امثال ذلک و اراد الانسان انيعالج نفسه هل يمکن رفع مرض من هذه الامراض و لو بعد حين ما لميدفع عن نفسه الرطوبة بمسهل فان تلک هي العلة الفاعلية لهذه الامراض و مادامت العلة باقية يجري معلولها منها و يلزمها فکيف يمکن لاحد دفع ضوء بالحيل مادام المنير منيراً مشرقاً حتييرفعع المنير و يطفئه و کذلک ان هذه الاخلاق السيئة و الصفات القبيحة لها علة فاعلية في البدن و هي النفس الامارة بالسوء و مادامت النفس امارة بالسوء علي حالها لايمکن لاحد انيمنع آثارها غاية الامر يتصرف تصرفاً ما في القابل و يمنع ظهور اثرها و الداعي له باق و الميل اليه ثابت مثال ذلک من يشتهي الزنا فيريد رفعه يجبّ نفسه و يمتنع عن الزنا بسبب ذلک و لايقدر علي اظهاره ولکنه يشتهي ذلک و يحب او کمائل الي الخمر وهي معه فيجاهد نفسه و يکفأها و لميبق له خمر يشربها فلايقدر علي شربها و تتوق نفسه اليها و تشتهيها و تهويها و لايقدر علي علاج و ذلک لايجدي له نفعاً و لايورث لنفسه کمالاً غاية الامر لايظهر منه شيء من ذلک و هو فاعل له و فعله غير ظاهر کما اذا کانت شمس مشرقة و لا کثيف فهي مشرقة منيرة و نورها غير ظاهر لا غير موجود فصاحب النفس الامارة هو فاعل جميع القبايح و الکباير
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 119 *»
و الصغاير و المکاره و ان لميظهر منه بعضها لمانع او خوف او عذر او عدم آلة او تقية من الناس فهو فاعل لجميعها و اذا اردت انتعرف انک اذا ترکت معصية او فعلت طاعة من اي جهة هو فتصور انک تريد انتفعل المعصية او تترک الطاعة و انظر ما ذا الذي يحجزک عنه فان وجدت اول ما يتبادر الي ذهنک عذاب الله و سخطه فاعرف انک تارکه لله و الا فاعرف انک تارکه او فاعله لغيره و هو الذي يمنع من ظهور الاثر و الا فالعلة الفاعلية باقية فعّالة فالمعالج لنفسه يجب انيعالج النفس کلية فاذا صلحت لاتؤثر الا الحسن و اذا بقيت فاسدة لاتؤثر الا السيء و ما يجديک نفعاً ان لايظهر و علي ذلک اغلب المتعففين مساوون مع الفاسقين و فا علون ما يفعلون و يکتب لهم اعمالهم و انکانوا لايعملون و کذلک اذا صلحت النفس هي عاملة بجميع المحاسن و المحامد و المکارم و ان لميظهر منه شيء من ذلک الا اقله و هذا هو سبب خلود الابرار في الجنة و خلود الفجار في النار و يوم القيمة ترفع موانع الفريقين و يظهر لهم الاعمال رأي العين و يحکم لکل واحد بما ظهر له و عليه بعد رفع المانع انظر الي ما رواه جابر عن ابيعبدالله عليه السلام قال قال لي يا جابر يکتب للمؤمن في سقمه من العمل الصالح ماکان يکتب في صحته و يکتب للکافر في سقمه من العمل السيء ما کان يکتب في صحته ثم قال قال يا جابر ما اشد هذا من حديث و عن ابيبصير عن ابيعبدالله عليه السلام قال ان العبد المؤمن الفقير ليقول ارزقني حتيافعل کذا و کذا من البر و وجوه الخير فاذا علم الله ذلک منه بصدق نية کتب الله له من الاجر مثل ما يکتب له لو عمله ان الله واسع کريم و عنه انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن حد العبادة التي اذا فعلها فاعلها کان مؤدياً فقال حسن النية بالطاعة و عن ابيهاشم قال قال ابوعبدالله عليه السلام انما خلد اهل النار في النار لان نياتهم کانت في دار الدنيا ان لو خلدوا فيها انيعصوا الله ابداً و انما خلد اهل الجنة في الجنة لان نياتهم کانت في الدنيا ان لو بقوا فيها ان
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 120 *»
يطيعوا الله ابداً فبالنيات خلد هؤلاء و هؤلاء ثم تلا قوله تعالي قل کل يعمل علي شاکلته قال علي نيته و عن سفيان بن عيينة عن ابيعبدالله عليه السلام في حديث و النية افضل من العمل الا و ان النية هي العمل ثم تلا قوله تعالي قل کل يعمل علي شاکلته يعني علي نيته و هذا معني قول رسول الله صلي الله عليه و آله من تمني شيئاً و هو لله رضا لميخرج من الدنيا حتي يعطاه فانه ربما لميعطه في ظاهر الدنيا حتييموت لکن يثبت له و يثاب عليه في الاخرة و اما ما روي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عليه السلام قال لو کانت النيات من اهل الفسق يؤخذ بها اهلها اذاً لاخذ کل من نوي الزنا بالزنا و کل من نوي السرقة بالسرقة و کل من نوي القتل بالقتل ولکن الله عدل کريم ليس الجور من شأنه ولکنه يثيب علي نيات الخير اهلها و اضمارهم عليها و لايؤخذ اهل الفسق حتييفعلوا فذلک له احتمالان و علي کل احتمال معني فان اخذ اهل الفسق اعم من الکافر فذلک تقية منه عليه السلام لما مر من حديث جابر في قوله ما اشد هذا من حديث فان مسعدة بن صدقة عامي کما عن الخلاصة او بتريّ کما عن الکشي و سوء ادبه في التسمية ظاهر فان الشيعة لاتسمي اباعبدالله باسمه الشريف ادباً و انما يکنون او يلقبون و ان اخذ اهل الفسق من الشيعة فمعناه ان النية السيئة عارضية لهم لاتکتب لهم و النية الحسنة ذاتية تکتب لهم و ذلک لمادل عليه الکتاب و السنة و دليل العقل المستنير بهما کما ذکرنا بالجملة مادامت النفس امارة بالسوء هي فاعلة جميع القبايح و صاحبة جميع المذام ظهرت منه او لمتظهر قال الله سبحانه قد افلح من زکيها و اطلق سواء ظهر منها کل الخير او لميظهر و قد خاب من دسيها و اطلق سواء ظهر منها کل الشر ام لميظهر فرب قليل العمل لعارض هو عامل جميع الخيرات و رب قليل الشر لعارض هو عامل جميع الشرور فالواجب اصلاح النفس الامرة التي هي العلة الفاعلية لجميع الشرور و هي لاتکون امارة الا اذا کان العقل مغلوباً و اذا صار
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 121 *»
مغلوباً هو بفرده لايستطيع انيقهر النفس الغالبة و ذلک کالطبيعة المقهورة عند غلبة المرض لاتستطيع دفعها و تحتاج الي معالج خارج و تقوية خارجية و کذلک العقل الضعيف لايستطيع بنفسه انيقوي نفسه فان الفاعل في الجسد حينئذ و العامل هو النفس و لاتعمل الا القبيح و لاتمد الا ما تقتضيه و ذلک المدد مضعف للعقل لانه علي خلاف طبعه فبالتضعيف المستمر لايتقوي العمل قل کل يعمل علي شاکلته و ان الله سبحانه ما لميهيئ لتقوية العقل اسباباً لميکلفه به و التکليف ثابت فالسبب موجود و ذلک السبب هو قطب الاعمال و مرکزها و نقطة دايرتها فاذا عمل به المؤمن و ادام حصلت للنفس تزکية تجعلها راضية مرضية فحينئذ في دفعة واحدة يصلح جميع شئونها و اطوارها و صفاتها الا تري ان الملِک الذي يبطر و يطيش و يتبختر و يتکبر و يظلم و يغصب و يشتم بسلطنته اذا عزل عن الملک ينفي عنه کل ذلک في دفعة واحدة و يصير ذلولاً في يوم واحد هکذا النفس اذا عزلت عن استيلائها تتذلل في يوم واحد و لايقدر علي عزلها عقلها الذي صار من رعيتها و انما يعزلها سلطان اقوي منها يصول عليها بسلطان الله و حوله و قوته بالجملة النجباء و النقباء لما انقادوا لسلطان الله و تذللوا لعزة الله و راقبوا الله في جميع آناء الليل و اطراف النهار و اشرق علي قلوبهم انوار وجه الله احرقت سبحات وجهه ما انتهي اليه بصره من انفسهم فان کيد الشيطان عند الله ضعيف و يد الله فوق ايديهم فزکي انفسهم بقدرته و سلطانه حتي امطئنت و رضيت و ارتضيت فصارت تصدر عنهم جميع اعمال الخير و تظهر عليهم جميع الصفات الحسنة بلاتکلف و لا مشقة و صارت سجيتهم و طبيعتهم عليها فکل ما يفعلون طاعة فانتکلموا فکلامهم ذکر و انسکتوا فسکوتهم عبرة و انقاموا قاموا بالخدمة و انقعدوا قعدوا عن ما لايعنيهم و اننظروا نظروا للاعتبار و انغضوا غضوا عن الحرام و عن عيوب المسلمين و اناصغوا اصغوا الي ما لايضرهم و ينتفعون به و اناعرضوا اعرضوا عما يضرهم و لاينفعهم و انقربوا قربوا للنفع او الانتفاع و انبعدوا بعدوا خوفاً علي دينهم و هکذا اذا اعتدلت النفس و استوت و اطمأنت يصير
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 122 *»
کيانها الطاعة کالملائکة الذين لايهمون بمعصية ابداً و کيانهم علي اطاعة لا لاجل انه ليس فيهم مقتضي المعصية اصلاً بل لاجل انه مضمحل عديم الاثر بالنسبة الي مقتضي الطاعة فلما سلم لامر الله و توکل عليه و خضع لديه و اشرق عليه نور سلطنته و هو الغالب القاهر القادر المقتدر المستولي علي کل شيء لمتطق النفس قواماً دونه فلاشت و اضمحلت کما لميطق الجبل تحت انوار التجلي فتضعضع و اندک و تلاشي حتيصار هباءً منثوراً لايحجب ما وراه و لايستر ما عداه و ينفذ فيه انوار مولاه بعد انکان جبلاً کثيفاً ظلمانياً فافهم ما ذکرت فلايسعني البيان اکثر من ذلک لضيق المجال و عدم اقتضاء الحال و تبلبل البال للتهيؤ للحل و الارتحال فاذا عرفت ذلک و تبينت ما هنالک فلاتغتر بادعاء کل مدع فان علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نوراً و ليس ذلک بمحض سکوت رجل او وقاره او کثرة صلوته و صومه فرب رجل معتاد بهذه العبادات لايسعه ترکها من باب العادة کتعمق بعض الموسوسين في الوضوء و الغسل و الصلوة حيث لايسعه ترک التعمق و ذلک لوسواسه لا لتقواه فان التقوي نور اذا حصل في رجل لايختص بعبادة دون اخري بل يتقي الله في جميع اموره فعن ابيبصير قال قلت لابيعبدالله عليه السلام ان عيسي بن اعين يشک في الصلوة فيعيدها قال هل يشک في الزکوة فيعطيها مرتين و عن عبدالله بن سنان قال ذکرت لابيعبدالله عليه السلام رجلاً مبتلي بالوضوء و الصلوة و قلت هو رجل عاقل فقال ابوعبدالله عليه السلام و ايّ عقل له و هو يطيع الشيطان فقلت له و کيف يطيع الشيطان فقال سله هذا الذي يأتيه من ايّ شيء هو فانه يقول لک من عمل الشيطان و رب رجل عوّد نفسه علي الکسوت و الوقار و الصلوة و الصوم و الذکر و بعض الاخلاق الحسنة من باب المکر و الخدعة و صيد الناس کما ذکر العسکري عليه السلام في تفسيره رواية عن علي بن الحسين عليه السلام فانه قال اذا رأيتم الرجل قدحسن سمته و هدئه[45] و تمادي[46] في منطقه و تخاضع في حرکاته فرويداً
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 123 *»
لايغرنکم فما اکثر من يعجزه تناول الدنيا و رکوب الحرام منها لضعف نيته و مهانته و جبن قلبه فنصب الدين فخّاً لها فهو لايزال يختل الناس بظاهره فانتمکن من الحرام اقتحمه و اذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويداً لايغرنکم فان شهوات الخلق مختلفة فما اکثر من ينبو عن المال الحرام و انکثر و يحمل نفسه علي شوهاء قبيحة فيأتي منها محرماً فاذا وجدتموه يعف عن ذلک فرويداً لايغرنکم حتيتنظروا ما عقدة عقله فما اکثر من ترک ذلک اجمع ثم لايرجع الي عقل متين فيکون ما يفسده بجهله اکثر مما يصلحه بعقله فاذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لايغرنکم حتيتنظروا امع هواه يکون علي عقله او يکون مع عقله علي هواه و کيف محبته للرياسات الباطلة و زهده فيها فان في الناس من خسر الدنيا و الاخرة يترک الدنيا للدنيا و يري ان لذات الرياسة الباطلة افضل من لذة الاموال و النعم المباحة المحللة فيترک ذلک اجمع طلباً للرياسة حتي اذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم و بئس المهاد فهو يخبط عشواء يقوده اول باطله الي ابعد غايات الخسارة و يمده ربه بعد طلبه بما لايقدر في طغيانه فهو يحل ما حرّم الله و يحرّم ما احل الله لايبالي ما فات من دينه اذا سلمت له الرياسة التي يتقي من اجلها فاولئک الذين غضب الله عليهم و لعنهم و اعد لهم عذاباً مهيناً ولکن الرجل کل الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعاً لامر الله و قواه مبذولةً في رضاء الله يري الذل مع الحق اقرب الي عز الابد من العز في الباطل و يعلم قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه الي دوام النعيم في دار لاتبيد و لاتنفد و ان کثير ما يلحقه من سرائها انتبع هواه يؤديه الي عذاب لا انقطاع له و لا زوال فذلکم الرجل فبه فتمسکوا و بسنته فاقتدوا و الي ربکم فبه فتوسلوا فانه لاترد له دعوة و لاتخيب له طلبة انتهي. و رب رجل قدتعلم بعض علوم آل محمد عليهم السلام ليستأکل به الناس و يماري به السفهاء و يکرم عند الاغنياء فهو في کلامه به خطيب مصقع يستشهد
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 124 *»
بالايات و يستدل بآثار سادة البريات و يأتي بالبينات و يتعاون باقوال العلماء و القادات و قلبه اظلم من الليل المدلهم لايريد بذلک الا انيعد في عداد العلماء و يحسب من زمرة الحکماء و يحمده الجهال و العوام و يرکب علي اعناق الانعام فاذا حصل له هذا المقام يأنف ان لايجيب بما ليس له علم و يرده الي اهله فيزيد علي ما عنده من الحق الذي لايعتقد به نفسه اضعافه من الاباطيل و امثاله من الاضاليل و هو افسق الفسقة و اکفر الکفرة لاضلاله الانام و ابداعه في الاسلام و ربما يضم الي ذلک وقاراً و تؤودة و سکوناً و حلماً و تخاضعاً ليسلم له رياسته و لاينکر عليه من اعماله و يشهد علي ذلک ما رواه العسکري عليه السلام في تفسيره قال فقال رجل للصادق عليه السلام فاذا کان هؤلاءالعوام من اليهود لايعرفون الکتاب الا بما يسمعونه من علمائهم لاسبيل لهم الي غيره فکيف ذمهم بتقليدهم و القبول من علمائم و هل عوام اليهود الا کعوامنا يقلدون علماءهم فان لميجز لهؤلاء القبول من علماءهم لميجز لهؤلاء القبول من علمائهم فقال بين عوامنا و بين علمائنا و بين اليهود و عوامهم و علمائهم فرق من جهة و تسوية من جهة اما من حيث استووا فان الله قدذم عوامنا بتقليدهم علماءهم کما قدذم عوامهم و اما من حيث افترقوا فلا قال فبين لي ذلک يا ابن رسول الله قال عليه السلام ان عوام اليهود کانوا قدعرفوا علماءهم بالکذب الصراح و باکل الحرام و الرشاء و بتغيير الاحکام عن واجبها بالشفاعات و العنايات و المصانعات و عرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به اديانهم و انهم اذا تعصبوا ازالوا حقوق من تعصبوا عليه و اعطوا ما لايستحقه من تعصبوا له من اموال غيرهم و ظلموهم من اجلهم و عرفوهم يقارفون المحرمات و اضطروا بمعارف قلوبهم الي ان من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لايجوز انيصدق علي الله و لا علي الوسائط بين الخلق و بين الله فلذلک ذمهم لما قلدوا من قدعرفوه و من قدعلموا انه لايجوز قبول خبره و لا تصديقه في حکايته و لا العمل بما
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 125 *»
يؤديه عمن لميشاهدوا و وجب عليهم النظر بانفسهم في امر رسول الله صلي الله عليه و آله اذا کانت دلايله اوضح من انتخفي و اشهر من ان لاتظهر لهم و کذلک عوام امتنا اذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر و العصبية الشديدة و التکالب علي حطام الدنيا و حرامها و اهلاک من يتعصبون عليه و انکان لاصلاح امره مستحقاً و بالترفق بالبر و الاحسان علي من تعصبوا له و انکان للاذلال و الاهانة مستحقاً فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم فاما من کان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام انيقلدوه و ذلک لايکون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم فان من يرکب من القبايح و الفواحش مراکب فسقة فقهاء العامة فلاتقبلوا منهم عنا شيئاً و لا کرامة لهم و انما کثر التخليط فيما يتحمل عنا اهل البيت لذلک لان الفسقة يتحملون عنا فهم يحرفونه باسره لجهلهم و يضعون الاشياء علي غير وجوهها لقلة معرفتهم و آخرين يتعمدون الکذب علينا ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم الي نار جهنم و منهم قوم نصاب لايقدرون علي القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا و ينقصون عند نصابنا ثم يضعفون اليه اضعافه و اضعاف اضعافه من الاکاذيب علينا التي نحن برءاء منها فيتقبله المستسلمون من شيعتنا علي انه من علومنا فضلوا و اضلوا و هم اضر علي ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد علي الحسين بن علي عليهما السلام و اصحابه فانهم يسلبونهم الارواح و الاموال و للمسلوبين عند الله افضل الاحوال لما لحقهم من اعدائهم و هؤلاء علماء السوء الناصبون المشبهون بانهم لنا موالون و لاعدائنا معادون يدخلون الشک و الشبهة علي ضعفاء شيعتنا فيضلونهم و يمنعونهم عن قصد الحق المصيب لاجرم ان من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام انه لايريد الا صيانة دينه و تعظيم وليه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 126 *»
لميترکه في يد هذا الملبس الکافر و لکنه يقيض له مؤمناً يقف به علي الصواب ثم يوفقه الله للقبول منه فيجمع له بذلک خير الدنيا و الاخرة و يجمع علي من اضله لعن الدنيا و عذاب الاخرة و قال قيل لاميرالمؤمنين عليه السلام من خير خلق الله بعد ائمة الهدي و مصابيح الدجي قال العلماء اذا صلحوا قيل فمن شرار الخلق بعد ابليس و فرعون و نمرود بعد المسمين باسمائکم و الملقبين بالقابکم و الاخذين لامکنتکم و المتأمرين في ممالککم قال العلماء اذا فسدوا هم المظهرون للاباطيل الکاتمون للحقايق و فيهم قال الله تعالي اولئک يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون الي غير ذلک من الاخبار فلاينبغي للانسان الفطن الذکي ان يغتر بکثرة علم احد و تنميقه الکتاب و ترشيقه الخطاب و تزيينه الانادي و حضور الناس عنده من کل حاضر و بادي و لا بتحنک رجل في برنسه و قيامه الليل في حندسه و تقصيره الخطوات و غضه الاصوات و غمضه الاعين و ليه الالسن فان کل ذلک يمکن ان يکون من النفاق و دقة الاخلاق و لايکون له في الاخرة من خلاق هيهات هيهات علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نور
ثوب الرياء يشف عما تحته و ان التحفت به فانک عاري
و لنذکر هنا فصلاً آخر في تمييز المحق من المبطل و نختم به الکتاب لقوم يذکرون فها ان ختامه لمسک و في ذلک فليتنافس المتنافسون.
فصل: اعلم انک اذا تدبرت في هذا العالم و رأيت صنع الله المتقن المحکم بحيث قدحارت الالباب من اتقان صنعه و حسرت الافهام من احکام امره و رأيت ان کل شيء وضع في موضعه و رأيت کل ظاهر علي طبق باطنه و رأيت ان الله کيف اعطي کل ذي حق حقه و ساق الي کل مخلوق رزقه و جعل لکل شيء دليلاً و لکل دليل سبباً و لکل سبب شرحاً و لکل شرح باباً و اجري کل شيء علي نهج الحکمة و الصواب و جعل لکل واحد مبدءاً و مأباً و الزم کل منير نوره و کل مؤثر اثره و کل مظلل ظله و اعطي کل شيء ما يقتضيه و اجراه علي ما باقتضائه
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 127 *»
يرتضيه فجعل ما يقتضي الثبات و الدوام ثابتاً دائماً و ما يقتضي الزوال و الانقضاء زائلاً منقضياً و ما يقتضي الرفعة رفيعا و ما يقتضي الضعة وضيعاً و ما يقتضي الکمال کاملاً و و ما يقتضي النقص ناقصاً و ما يقتضي الحسن حسناً و ما يقتضي القبح قبيحاً و ما يقتضي الخزي خزياً و ما يقتضي العفة عفيفاً مستوراً و ما يقتضي العزة عزيزاً و ما يقتضي الذلة ذليلاً و ما يقتضي الغني غنياً و ما يقتضي الفقر فقيراً و هکذا علي اختلاف القوابل لما کان جواداً و غنياً مطلقاً اعطي کل ذي حق حقه و ساق الي کل مخلوق ما يليقه و ما ظلم ربک احداً و ما زوي عن احد ما ينبغي له و انت تري ان القوابل ايضاً مختلفة و الاستعدادات متشتتة فلاتستوي الحرارة و البرودة و لا اليبوسة و الرطوبة و لا السعادة و الشقاوة و لا الحسنة و السيئة و لا المنير و النور و لا الظل و لا الحرور و لا الکثيف و لا اللطيف و لا غيرها من الاضداد کما هو بين ظاهر لکل ناظر فاذا تدبرت في جملة ذلک و عرفت حکمة الحکيم و غناه المطلق تعلم ان قابلية السعادة و قابلية الشقاوة ضدان لاتأتلفان فان قابلية السعادة عليينية و قابلية الشقاوة سجينية و قابلية السعادة نورانية و قابلية الشقاوة ظلمانية و قابلية السعادة خير و قابلية الشقاوة شر و قابلية السعادة لطيفة و قابلية الشقاوة کثيفة و قابلية السعادة علوية و قابلية الشقاوة سفلية و هکذا والله الغني العدل الحکيم يفيض علي کل منهما بحسب ما يقتضيه و يمد کلاً منها علي ما يرتضيه کلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظوراً و قال ام نجعل الذين آمنوا و عملوا الصالحات کالمفسدين في الارض ام نجعل المتقين کالفجار و قال افمن کان مؤمناً کمن کان فاسقاً لايستوون اما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم جنات المأوي نزلاً بما کانوا يعملون و اما الذين فسقوا فمأويهم النار کلما ارادوا انيخرجوا منها اعيدوا فيها و قيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي کنتم به تکذبون و لنذيقنهم من العذاب الادني دون العذاب الاکبر لعلهم يرجعون و قال هل يستوي الاعمي و البصير ام هل تستوي الظلمات و النور و قال افمن يعلم انما انزل اليک من
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 128 *»
ربک الحق کمن هو اعمي انما يتذکر اولوا الالباب و قال ام حسب الذين اجترحوا السيئات اننجعلهم کالذين آمنوا و عملوا الصالحات سواء محياهم و مماتهم ساء ما يحکمون الي غير ذلک من الايات الدالة علي عدم التسوية بين الفريقين فالمؤمن المنبئ عن الله لايمکن انيلتبس امره بالکافر المنبئ عن الشيطان هذا عذب فرات سائغ شرابه و هذا ملح اجاج فالمؤمن هو الذي ينبئ عن الله و يطيع امر مولاه و يخالف هواه و يمده الله من انوار عظمته و جلال کبريائه و يؤيده بروح القدس و يسدده و يرفع الاختلاف عن اقواله و اعماله و يلقي عليه مثاله و نوره و بهاءه و يمن الله عليه بالدوام و الثبات و الفلاح و الفوز و الطهارة و العصمة و الدفع عنه و الوقار و السکينة و استجابة الدعوة و الوقع و العظمة في قلوب المؤمنين کما قال الصادق عليه السلام ليونس بن ظبيان في حديث طويل شريف ان اولي الالباب الذين عملوا بالفکرة حتي ورثوا منه حب الله فان حب الله اذا ورثته القلوب استضاء به و اسرع اليه اللطف فاذا انزل منزلة اللطف صار من اهل الفوائد فاذا صار من اهل الفوائد تکلم بالحکمة و اذا تکلم بالحکمة صار صاحب فطنة فاذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة فاذا عمل بها في القدرة عمل في الاطباق السبعة فاذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلب في لطف و حکمة و بيان فاذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبته في خالقه فاذا فعل ذلک نزل المنزلة الکبري فعاين ربه بقلبه و ورث الحکمة بغير ما ورثته الحكماء و ورث العلم بغير ما ورثته العلماء و ورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون ان الحکماء ورثوا الحکمة بالصمت و ان العلماء ورثوا العلم بالطلب و ان الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة فمن اخذ بهذه السيرة اما انيسفل و اما انيرفع و اکثرهم الذي يسفل و لايرفع اذا لميراع حق الله و لميعمل بما امره به فهذه صفة من لميعرف الله حق معرفته و لميحبه حق محبته فلاتغرنک
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 129 *»
صلوتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم فانهم حمر مستنفرة ثم قال يا يونس اذا اردت العلم الصحيح فعندنا اهل البيت فانا ورثناه و اوتينا شرح الحکمة و فصل الخطاب الخبر. و هو حديث شريف فاني يشتبه امر مثل هذا الرجل بغيره و
کل من يدعي بما ليس فيه کذبته شواهد الامتحان
و اما المنافق و الکافر الملبس علي المؤمنين فليس من الله و لا الي الله و يمده الله من سجين و يضربه بالاختلاف في علمه و اخلاقه و احواله و الانقطاع و ادحاض الحجة و يأتي عليه بمن يبطل امره و يدحض حجته و يخزيه و هو العذاب الادني له دون العذاب الاکبر و محال انيفلح او يفوز او يدوم و لانمنع انيکون المؤمن مقهوراً و مظلوماً و مغصوباًعليه و مستأثراًعليه او مبتلي بالشدايد و الاعراض و الامراض فان ذلک لا دخل له في حقية احد و ان البلاء فاکهة المؤمن و انما نريد بما ذکرنا ما يتعلق بدينه و دليله و حجته فالمؤمن لايکون مقهوراً في دينه بانيقهره ناصب و لايبتلي بالشدايد و الاعراض في دينه و لايغلب احد عليه و لاتدحض حجته عليه و کذلک لانمنع انيطول دولة الباطل و انيکون منعماً مترفاً کبيراً رئيساً و انما المرادا انقطاع امره في برهانه و ذلته في دينه و ادحاض حجته و هذا الامر واجب في حکمة الله التي خلق خلقه عليها و قد انبأ عن ذلک في کتابه منها ما مر و منها قوله تعالي لايفلح الساحرون و قوله لايفلح الساحر حيث اتي و قوله ما جئتم به السحر ان الله سيبطله ان الله لايصلح عمل المفسدين و يحق الله الحق بکلماته و لو کره المجرمون و قوله جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل کان زهوقاً و قوله بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و لکم الويل مما تصفون و قوله و يريد الله انيحق الحق بکلماته و يقطع دابر الکافرين الي غير ذلک من الايات فالباطل لابد و انيظهر بطلانه في الدنيا قبل موته لامحالة فان الله لايغري عباده بالباطل و لايقررهم عليه و لو امهل الباطل حتييفعل ما يشاء و يلبس علي الخلق کيف يشاء و لايظهر بطلان امره فاذا لايبقي له حجة علي العباد و لصار لغواً ارسل الرسل و انزال الکتب و التکليف و
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 130 *»
الجنة و النار و تعالي الله عن ذلک علوا کبيرا بل جعل علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نورا و علي کل باطل اجتثاثاً و علي کل خطاء ظلمة لايشتبه علي من له ادني مسکة اللهم الا انيکون في القلب مرض و في العين عمي و في الاذن صمم لايدرک ذلک فحينئذ ربما يشتبه عليه الامر و عليه الحجة بمرض قلبه و عمي عينه و صمم اذنه و نعم ما قال الشاعر: «قد تنکر العين ضوء الشمس من رمد» و الا
فثوب الريا يشف عما تحته و ان التحفت به فانک عاري
قال علي عليه السلام يقين المرء يري في عمله فلايشتبه ابداً المطوق بالعاطل و الطل بالوابل و الماء بالسراب و السماء بالتراب و ما ذکرنا من الدليل کان من الموعظة الحسنة و ان شئت الاستدلال عليه من المجادلة بالتي هي احسن فاعلم ان الانسان مرکب من مادة و صورة و مادته الوجود و صورته الماهية کما برهنا عليه في ساير رسائلنا و مباحثاتنا و الوجود جهة الشيء الي ربه و جهة وحدته و بساطته و نوره و خيره و کماله و الماهية هي جهة الشيء الي نفسه و جهة کثرته و ترکيبه و ظلمته و شره و نقصه و کل منهما حادث مفتقر لوجود الترکيب المستلزم للافتقار و الحدوث فکل منهما مستمد من ربه دائماً ما به قوامه و ثباته و دوامه فان لسان استعداد کل شيء من جنس ما هو عليه فلسان استعداد الوجود يسأل دائماً ما به يتقوي و يتزايد من النور و الخير و الکمال و الثبات و الدوام و لسان استعداد الماهية يسأل دائما ما به تتقوي و تتزايد من الظلمة و الشر و النقص و الفناء و الزوال و لسنا نريد بالفناء و الزوال عدمها و انما المراد فناء حالاتها و تقلباتها فان الوجود اقرب الي الوحدة و الازل فيقتضي قلة انقلاب حالاته و کثرة استمرار حاله الذي هو عليه بخلاف الماهية فانها ابعد من المبدء و الازل فتقتضي کثرة الانقلاب في الحالات و الاختلاف لانها مستلزمة للکثرة بالجملة کل واحد منهما مستمد ما هو من جنسه و لماکان الوجود اثر المشية و الاثر لابد و انيکون من جنس صفة مؤثره و هو آية تعريف الله سبحانه الذي عرف به نفسه لخلقه وجب انيکون امداد الوجود مناسبة لاوصاف الله
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 131 *»
سبحانه من القهر و الغلبة و العزة و القدرة و الدوام و الثبات و هکذا و لماکانت الماهية جهة انقطاع الشيء عن ربه و لا مشابهة لها مع الجبروت و اللاهوت و ليست بوصف الله سبحانه و انما هي وصف الحدوث وجب انيکون امدادها مما يليق بها و ذلک ظاهر انشاءالله و کل واحد منهما ليس له الا ما سعي اي طلب و عمل و طلبه قوله و عمله فانه اما ان يطلب قولاً او عملاً فکل واحد منهما مستمد بعمله و يجزي بعمله سيجزيهم وصفهم و ما تجزون الا ما کنتم تعملون و الانسان مرکب من الوجود و الماهيه ترکيباً يمکن له استعمال کل واحد من جزئيه و العمل بمقتضي کل واحد فمهما مال الانسان و عمل بمقتضي وجوده و اطاع و رغب الي الله سبحانه تشيعه الماهية قهراً لاستمحال الانفکاک و مهما ترددت الماهية بين الانفکاک و العمل بمقتضي طبعها او المطاوعة اختارت المطاوعة فان في الانفکاک فناؤها و عدمها فتطاوع قهراً و تعمل عمل الوجود فاذا عمل الوجود بمقتضي نورانيته و طاوعته الماهية في عمله استمد الوجود من ربه ما يناسبه من النور و الخير فامده الله بالذات و استمدت الماهية بالعرض فالوجود يتقوي بالمدد الذاتي و الماهية تضعف بالمدد العرضي الغير المناسب لمزاجها مثال ذلک الحرارة و البرودة اذا ترکبتا و امددت الحرارة بالحرارة تتقوي الحرارة في کل مدد و تضعف البرودة الي انيبطل مقتضاها و لاتقدر علي التبريد بوجه فيدخل بذلک في محفل المسخنات و الحرارات فاذا صار ينزل المدد علي حسب اقتضاء الوجود و ضعفت الماهية و تلاشت و اضمحلت و الوجود هو آية تعريف الله سبحانه و تعرفه و اسمه و رسمه و صفته و الله غالب علي امره يصير الانسان قوياً بالله سميعاً بصيراً بالله ثابتاً بالله نوراً بالله خيراً بالله کاملاً بالله غالباً بالله و هکذا ساير ما يليق بالربوبية و اما اذا عمل الانسان بمقتضي الماهية و ادام العمل بمقتضاها و طاوعها الوجود في عملها استمدت بمقتضاها و نزل المدد علي حسبها اليها فتقوت به و ضعف الوجود في کل مدد الي انيصير الوجود مضمحلاً متلاشياً لميبق منه الا بقدر امساک الترکيب فحينئذ يکون آية الشيطان و ان کيد الشيطان
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 132 *»
کان ضعيفاً فحينئذ يفتقر الانسان بالشيطان و يضعف به سميعاً بصيراً به زائلاً به ظلمانياً به شراً به ناقصاً به مغلوباً به و هکذا فلو کان العالم خالياً عن اللطلخ و الخلط و المزج لماکان يخفي امر احدهما علي احد من الناس فان اعمال المؤمن کلها نعيم و حور و قصور و لذة ابدية و اعمال الکافر کلها حيات و عقارب و جهنم و عذاب ابدي و لايشتبه احدهما بالاخر و لکن في عالم اللطخ و المزج قديلتبس الامر علي من في قلبه مرض و في عينه عمي و في سمعه وقر ولکن لايشتبه لمن کان له قلب او القي السمع و هو شهيد فان الله سبحانه کلاً يمد هؤلاء و هؤلاء بذاتيتهما و اللطخ و الخلط امر عرضي زايل لا بقاء له و العرضي لايغلب الذاتي ابداً و العرضي ثوب شفيف يحکي ماوراء ابداً فلايخفي الذاتي ابداً فاذا عرفت ذلک فاعتبر من امر هذا المتلبس الکافر کيف ادعي عظيماً و اقترف فخيماً و کيف ضربه الله بالعمي و السفه حتي حمل اسباب بطلان امره و فساد طريقه و علامات شقاقه و نفاقه و افترائه علي الله و علي رسوله و الائمة عليهم السلام علي رسله و ارسلهم في اطراف البلدان حتي لايشتبه امره علي من لميکن في قلبه مرض و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون ثم اخمد ناره و ابطل امره و قرضه و قطع دابره و ظل متبعوه حياري لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلاً کذلک يهدي الله المتقين و يضل الله الظالمين و يفعل ما يشاء و يحکم ما يريد ثم لماکان هذا المطلب الذي ذکرنا في هذا الفصل باب کل خير و سبيل کل نجاة لو حفظته و تدبرت فيه لوجدته دليلاً علي اثبات رسالة الرسل و نزول الکتب و اثبات امر کل ولي و صفي ثم تنتظر دائماً تقرير الله سبحانه لعباده فاين ما وقع التقرير و ثبت التصديق من الله لاحد في دينه و امره الذي يدعيه تصدقه انت ايضاً تبعاً لمشية الله و رضاه و من وجدت الله ابطل امره و افسد ادعائه بالبراهين الواضحة و الادلة البينة تنکره تبعاً لمشية الله و رضاه و هذه طريقة لايضل سالکها و لايتيه الاخذ بها ابداً
«* مکارم الابرار عربی جلد 8 صفحه 133 *»
و لماکان القلب مشغولاً بالتهيؤ للسفر الي مشهد الرضا عليه السلام و کان متبلبلاً لميسعني التفصيل من دليل الحکمة و الاستشهاد بالايات و الاثار الکثيرة و اقتصرت علي ما کتبت و لاحول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و ناصبيهم و غاصبي حقوقهم اجمعين و ثبتنا الله و ساير المؤمنين بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الاخرة و قدوقع الفراغ من تأليف هذه الرسالة و تسويدها في يوم الاربعاء لاثني عشر خلون من رجب من سنة احدي و ستين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
([1]) لايخفي ان عدد لفظ «غاب بدر الهدي» هو تاريخ فوته اجل الله شأنه و انار برهانه و هو الف و مائتان و تسعة و خمسون. منه
[2] قد طبج.
[3] ستشحثک خصفه.
[4] باقيها.
[5] صضطظ.
[6] خلافها.
[7] اجدک قطبت.
[8] لم يزوعنا.
[9] خصضغطقظ.
[10] خلافها.
[11] مربنفل.
[12] خلافها.
[13] صزس.
[14] واي.
[15] ل.
[16] ر.
[17] ا.
[18] ت.
[19] «فلما» من كلام الراوي
[20] الکيس خلاف الحمق.
[21] الحض الحث.
[22] يشنأ اي يبغض.
[23] العريکة الطبيعة.
[24] الرصين الثابت.
[25] المتأفک الکذوب.
[26] الخرق ضد الرفق.
[27] النزق: الخفة و الطيش.
[28] البطر: شدة الفرح.
[29] الصلد: الحجر الاملس الصلب.
[30] الجشع: اشد الحرص.
[31] الهلع: افحش الجزع.
[32] الصلف: من السحاب کثير الرعد قليل المطر.
[33] التهور: الدخول في الشيء من غير تدبر.
[34] نکأ: اثر.
[35] ختال: المخادع و المتبختر.
[36] الجنح: الجانب.
[37] الحيف: الميل.
[38] المرح: شدة الفرح.
[39] البائقة: الداهية و الغائلة.
[40] الارملة: الضعيفة المحتاجة.
[41] الهش: التبسم.
[42] البش: حسن الاقبال.
[43] الشديد.
[44] الخلابة الخدعة باللسان.
[45] هديه. خل
[46] تماوت. خل