رسالة فی بقاء اجساد الائمة علیهم السلام
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 485 *»
بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين
المسألة في اختلاف الروايات في بقاء اجسادهم عليهمالسلام في القبور (القبر خل) منها ما يدل علي ان اجسادهم في حفرهم و منها ما يدل علي انهم لايبقون في قبورهم الا ساعة او ثلاثة ايام قال الشيخ قدسسره في الجواب و الذي اعرف و اعتقد ان مدلول النوعين من الاخبار صحيحان و انما الاشکال و الصعوبة في الجمع بينهما مع تنافيهما ظاهراً الي ان قال (ره) اعلم ان اجسادهم و اجسامهم في غاية اللطافة بحيث لاتدرکها الابصار و البصائر فقدروي عنهم عليهمالسلام ان الله خلق قلوب شيعتهم من فاضل اجسامهم و في رواية خلق ارواح شيعتهم من فاضل طينتهم او اجسامهم و خلق ارواحهم من فوق ذلک و خلق ارواح شيعتهم من دون ذلک و قدتقدمت الاشارة مراراً و انما ظهروا للناس بما لبسوا من صورة البشرية و هي محل التغير و التبدل و هي صورة کثيفة من العناصر الاربعة التي تحت فلک القمر و انما لبسوها ليتم ما اراد الله من انتفاع المکلفين بهم و لولاها لما قدر احد من الخلق ان يراهم او يدرکهم او ينتفع بهم من قوله تعالي و لو جعلناه ملکاً لجعلناه رجلاً و للبسنا عليهم ما يلبسون و کانت الصورة البشرية و ان کانت لهم عرضية لانها ليست منهم و انما هي من آثار آثارهم و لما انتهت الحاجة اليها و انقضت و لميکن لها فايدة و لا مصلحة القوها في اصولها الاربعة کل في اصله فلما القوها کشف منهم ما اخفته البشرية بکثافتها ظاهراً فکانوا کما کانوا في عالي عالم الانوار معلّقين في اوائل عللهم من الامر الذي قام به کل شيء و مثال ظهورهم بالبشرية و ما بعده مما اشرنا اليه هو الصورة التي ظهرت منک في المرآة فان جرم الشيشة الصقيل للصورة بمنزلة الصورة البشرية لهم اي لظهورهم عليهمالسلام اذ لولا جرم الشيشة و صقالته لماظهرت الصورة مع انها موجودة في ظلک و انما توقف ظهورها علي الصورة البشرية التي هي الشيء الصقيل کالمرآة و الماء و ما اشبههما فالصورة شبحک
«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 486 *»
معلق بک مستقر في ظلک عارضي لک لا ذاتي لانه نورک و شعاعک و اذا ذهبت المرآة خفي الشبح لعدم شرط ظهوره فکان کما کان في اعالي عالم ظهورک الذي هو عالم انوارک اي انوار افعالک معلقاً في اوايل علله من الامر الذي من فعلک اي ظهورک الذي قام به کل شيء من آثار ذلک الفعل فافهم هذا بيان الجواب علي کشف جميع الاسباب.
و اما قشر الجواب فاعلم انهم انوار الي کثافة في اجسامهم بوجه بحيث لاتدرکها الابصار بل اکثر البصا ئر و حينئذ في رتبة لطائف العرش فاذا زالت الکثافة البشرية التي هي علة الادراک قلنا انهم معلقون بالعرش و هم في حفرهم کما قد تقرر عند علماء الفن ان الصورة التي تري (تراها خل) في المرآة في (من خل) عالم المثال و هو يعني عالم المثال في الاقليم الثامن اسفله علي اعلي محدد الجهات يعني ان الصورةالمرئية اذا نسبت في الرتبة و اللطافة تکون فوق محدب محدد الجهات لانه الطف الاجسام و الصورة اي عالم المثال فوقه في الرتبة لا الجهة اذ ليس وراء محدب محدد الجهات شيء محدث.
و قول الحکماء الاوليين (الاولين خل) المستمدين من مشکوة الوحي و النبوة ليس وراءه خلأ و لا ملأ يريدون انه لميخلق الله سبحانه من الاشياء خارجاً عن المکان و الشيئية عن المحدد فلا وراء له لا انه له وراء خال او لاخال و لاممتل کما توهم بعضهم ان وراءه المجردات و هي لاتوصف بالخلأ و الملأ بل المراد انه ليس له وراء و اذا اردت انتري آيته و مثاله فانظر الي نفسك فتري انه ليس وراءک شيء منک فاذا قلت ان الروح وراء هذا الجسد لاتريد به الا انها غيبت فيه بلا تحيز لاانها خارجة عنه ليکون وراء جسمک شيء منک لک فافهم التمثيل.
فاجسادهم عليهمالسلام قبورهم في رتبة الاجساد من اللطافة و هو معني تعلقها بالعرش اي في الرتبة و اللطافة فلو وجدت الصورة البشرية الآن وجدتهم في قبورهم فلما خلعوها في اصولهم (اصولها خل) لميجدهم في قبورهم احد الا انيکون واحداً منهم فانه يدرک ذلک لکونه من هنالک و لايمنعه ما فيه من الصورة التي بها تجده لانها اذا نسبت الي نوريته کانت کالذرة في هذا العالم و لهذا
«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 487 *»
صعد النبي ليلة المعراج بجسمه الشريف مع ما فيه من البشرية الکثيفة و بثيابه التي عليه و لم يمنعه ذلک عن اختراق السموات و الحجب حجب الانوار و لقلة ما فيه من الکثافة الا تراه صليالله عليهوآله يقف في الشمس و لايکون له (له ظل خل) مع ان ثيابه عليه لاضمحلالها في عظم نوريته و کذلک حکم اهل بيته الثلاثة عشر المعصوم عليهمالسلام و مثال ذلک انک لو وضعت مثقالاً من التراب في مثقال من الماء او اقل او اکثر بقليل کان الماء کدراً لکدورة کثافة التراب و لو وضعت مثقال التراب المذکورة في البحر المحيط لم يظهر لمثقال التراب اثر بل يکون وضعه و عدمه بالنسبة الي البحر المحيط سواء نعم لو نظرت الي المثقال التراب في قدره من البحر المحيط قبل تموجه و استهلاکه ادرکته کذلک هم عليهمالسلام حال تعلق البشرية تدرک منهم ما تلبست به الکثافة البشرية حال ارادتهم التلبس و الآن لميريدوا (لايريدوا خل) التلبس و اخلعوها في اصولها فاجسادهم في قبورهم و حفرهم معلقون بالعرش و عبارة اخري اجسادهم في السماء في قبورهم و حفرهم المعلومة التي تأتي اليها زوار شيعتهم المؤمنين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.