رسالة فی جواب سائل عن ست عشرة مسألة
من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي الله مقامه
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 858 *»
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
اعوذ يعني الوذ و التجأ بالله السميع الذي يسمع كل شيء و العليم الذي يعلم بكل شيء من الشيطان المبعد اليائس الرجيم المطرود.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدللّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.
اما بـعد فان العبد المسكين احمد بن زين الدين يقدم العذر في الجواب عن هذه المسائل علي مايريد من بسط الدليل و دفع الشبه الواردة علي الاستدلال لاختلاف الانظار الاّ انه قد يحصل المطلوب في الجملة بالتطويل التام و ليس لي قدرة عليه لضعف عنه فيّ بكثرة الامراض و تشتت خاطري بدواعي الاغراض مع طلب جنابكم بالاستعجال و لكن يحصل الجواب المجرد او كالمجرد و اللّه سبحانه ولي التوفيق.
قال سلمه اللّه.المسئلة الاولي ما علامة الفقيه الكامل و المجتهد الجامع لشرائط الترجيح و الفتوي و كيف يعرفه العامي.
اقول علامة ذلك حاله و مقاله و ذكره اما حاله فان يكون منتصباً للفتوي غير محترزٍ عندها من حضور اهل العلم و الفضلاء و المجتهدين مع اقرارهم اياه علي ذلك و اذعانهم له و اما مقاله فيعرف بمايكتب من تصنيفه و تأليفه و اختباره التام ان يبرهن علي المسألة التي فيها قولان مثل انفعال الماء القليل و عدمه فيبرهن علي انفعاله بما هو من نوع استدلال العلماء المجتهدين بحيث لايعيبه من خالفه فيها بمايقدح في نوع استدلاله ثم يبرهن علي عدم انفعاله كذلك بما لايعيبه من خالفه فيها بمايقدح في نوع استدلاله و اما ذكره فان يكون مشهوراً بين العلماء بذلك و العامي هو من نقص عن هذه الرتبة فيعرفه بهذه الامور او باحدها علي اختلاف مراتبهم و بشهادة عدلين و بالشياع المعتبر هنا شرعاً و بالاخبار المتواترة المحفوفة بالقرائن.
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 859 *»
قال سلمه اللّه تعالي الثانية يجوز تقليد المجتهد المفضول مع وجود الفاضل ام لا و ان عرفناها منكم لكن نحب ان نعرف الدليل القاطع وفقكم اللّه.
اقول اعلم ان الفاضل الذي يرجح المشهور قوله علي قول المفضول قد تشكل معرفته و ذلك لان المجتهد عندهم هو من كان عالماً بالعلوم التي يتوقف عليها الاستنباط و انت اذا نظرت الي مايحتاج اليه في كل شيء وجدته كلّ علم و ان كان في اغلب المسائل قد يكفي فيه ما اشار اليه العلماء رضوان اللّه عليهم من نحو العلوم الخمسة عشر كما ذكروه و مايقرب منها في الزيادة و النقيصة الاّ اني اظهر جنابك علي سرّ في هذه المسئلة و هو ان هذا العالم قد يوصله الحال و الامر الي التردد و التوقف و ليس ذلك لان المسئلة كان حكم اللّه في الواقع فيها متردداً او متوقفاً بل حكم اللّه فيها باتّ و ذلك الحكم الباتّ لايجوز في الحكمة و في دليل العقل ان يكون ليس له دليل يدلّ بالقطع علي الحكم القطعي بل لابدّ له من دليل يدلّ بالقطع علي الحكم القطعي سواء كان هو الحكم الوجودي المتحد ام الحكم التشريعي المتعدد و لابد ان يكون ذلك موجوداً في آثارهم: او في مدلولاتها و ذلك مع الدليل العقلي هو من قوله تعالي اليوم اكملت لكم دينكم فاذا ثبت ذلك فتوقف الفقيه و تردده اما لعدم اطلاعه عليه من عدم بذل جهده في التفتيش او من التساهل او لاقتصاره علي ماوجد سابقاً و لميجدّد التفتيش و البحث و اما لعدم معرفته به لانه ربما وقف عليه و لميره دليلاً او يصلح للاستدلال به و ربما لميقف عليه فيتوقف في الحكم لعدم حصول مرجح له فيما حصل له فيه التعارض او يتردّد لاختلاف الموازنة عليه و المعادلة في الترجيح و كل ذلك و امثاله انما هو لنقص آلات استدلاله اذ قد يكون ما به الترجيح ليس في الخمسة عشر او فيها و لميعرفه ثم هذه الخمسة عشر العلم لايكون شيء منها تاماً له حتي يجتهد في كل مسئلة من مسائله التي يحتاج اليها و لو بالتدريج و عند وقت الحاجة فلو
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 860 *»
اقتصر علي ما اشتهر فيها او مال طبعه اليه او انس به في ابتداء طلبه او علي ما وافق قاعدة عنده في ذلك لميكن في الحقيقة بها عالماً و لمتكن تلك المسئلة من ادلته لجواز بطلان الشهرة و اعوجاج الطبع بغير خلقة الفطرة و احتمال كون سبب الانس به غرضاً غير ما هو علم و احتمال فساد القاعدة او خروج هذا الفرد عنها باسباب او موانع حالية او خارجية.
و مع هذا كله لمتسمع بان احداً اشترط في الاجتهاد كل العلوم الممكنة لطالب العلم مع انا نجد كثيراً من المسائل يتوقف تحقيقها علي العلم الطبيعي مثلاً مثل معرفة الاستحالات و الانقلابات في النجاسات و الانتقالات و التصعيدات في مثل البخار من النجس و الدخان و الورد النجس اذا صعّد و امثال ذلك و لهذا وقع الاختلاف في كثير منها و لايكفي العرف و الاطلاق و التسمية لمريد معرفة حقيقتها التي يتوقف عليها الحكم لان الرجوع الي العرف ليس مطلقاً في كل شيء و الاّ لاغني عن معرفة العموم و الخصوص و النسخ و الاجمال و التبيين و ما اشبهها فكما لايغني العرف عن هذه كذلك لايغني عن معرفة لك و بيان هذه الامور يحتاج الي تطويل ليس لي وقت له فالعارف يكتفي بالاشارة. فاذا عرفت مااشرنا اليه ظهر لك ان معرفة الفاضل مشكلة في الواقع و اما ظهورها في الظاهر فهو مبني علي الشهرة و علي بادي الرأي ليس علي الاطلاع الحقيقي و ذلك لانك لو استبطنت كثيراً من العلماء وجدت زيداً افضل من عمرو ببعض مسائل النحو و بالعكس في البعض الاخر و في سائر العلوم كذلك بل لو جمعت علماء الوقت في كل وقت و استخبرت احوالهم رأيتهم مختلفين في الفضل في علم واحد بل في مسألة واحدة مثلاً مبحث الامر في علم الاصول كله ممايحتاج اليه المجتهدون فمنهم افضل في كونه للوجوب او الندب او غير ذلك و مفضول في دلالته علي الفور و عدمه و آخر افضل منهما في دلالته علي التكرار و عدمه و آخر بالعكس و اذا نظرت اليهم في ما استوضحوا من المسائل رأيت شخصاً افضل في الطهارة او في مسألة منها باعتبار دليلها او فروعها و آخر في الصلوة فاضلاً او مفضولاً او بالعكس و الحاصل الفاضل في تحصيل الدليل و
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 861 *»
في تحصيل المدلول و في كيفية الاستعمال و في التحفظ و الاحتراز و الاحتياط و بذل الجهد و امثال ذلك ممايكون منشأ للفضل معرفته علي الحقيقة في غير المعصوم7 او من غير المعصوم لاتكاد توجد و في الواقع ان معرفته بالاستبطان علي الحقيقة هي منشأ الترجيح لامطلق الشهرة او في شيء خاص و لكن الجواب مبني علي فرض حصول المعرفة بالفاضل و المفضول في ما فيه ترجيح المقلد فنقول المفروض ان المجتهدين كل واحد منهما مطلق لا اشكال في صحة اجتهاده و لاتوقف لاحد فيه لاستجماعه للشرائط المعتبرة في صحة الاستفتاء و الحكم.
و المشهور وجوب الرجوع الي الفاضل لان المقلد قد يحصل له الظن بالحكم و انما وجب عليه الرجوع الي الفقيه لترجيح ظن الفقيه علي ظنه عند نفسه و رجوعه الي الفاضل طريق الي قوة ظنه و ترجيحه علي ظنه في رجوعه الي المفضول فكان تعين ظنه القوي جارياً مجري تعين قوي ظن المجتهد(الفقيه خ ل) علي ضعيفه و لقوله افمن يهدي الي الحق احق ان يتبع و للاتفاق علي صحة تقليد الفاضل و لقول الصادق7 في مقبولة عمر بن حنظلة الحكم ماحكم به اعدلهما و افقهمهما و اصدقهما في الحديث و قوله7 في رواية داود بن الحصين فقال ينظر الي افقههما و اعلمهما باحاديثنا و اورعهما فينفذ حكمه و لايلتفت الي الآخر و قال آخرون لايجب بل يجوز له الرجوع الي من شاء لان المعروف من عامة الناس من المكلفين عدم اعتبار ذلك بل يأخذون عن كل من عرف بذلك المقام من غير اعتبار الفاضل من المفضول و العلماء في كل عصرٍ مع اطلاعهم و مشاهدتهم لذلك لمينكروا علي المقلدين بل المعروف من طريقة اصحاب الائمة: ذلك و كذلك الائمة:.
و لايقال ان سكوت العلماء اعم من الاقرار علي ذلك لانا نقول انهم كانوا ينهون عن تقليد من ليس بعالم و من ليس بعدل و هو دليل رضاهم و اقرارهم علي ذلك.
و الذي يقوي في نفسي الثاني لانه هو المعروف من طريقة هذه الفرقة المحقة في ساير الاعصار خصوصاً في زمان
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 862 *»
ائمتهم: لانهم يأمرون عامة شيعتهم بالرجوع الي علمائهم من غير استفصالٍ و لا بيان حال بل كل من عرفوا منه العلم و الصلاح احالوا عوامّ شيعتهم علي اخذ معالم دينهم منه مثل جواب الكاظم7لعلي بن سويد فيما كتب اليه و اما ماذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك فلاتأخذن معالم دينك من غير شيعتنا الحديث و مثل ما في التوقيع عن الحجة عليه السلام و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه عليهم هـ و المراد بهم العلماء الذين يحكمون بدينهم و يأخذون عنهم لامطلق الرواة كما هو ظاهر لانهم: كثيرا ما يأمرون الذين سقط اليهم من علومهم ان ينتصبوا للافتاء لعوام اتباعهم كقول الباقر7 لابان بن تغلب اجلس في مسجد المدينة و افت الناس فاني احب ان اري في شيعتي مثلك و امر الصادق7لمعاذ الهَرّا بالجلوس في المسجد للافتاء و لميعين الرجوع الي الافضل و قد كان كثير من الاصحاب ممن انتصب للافتاء بامرهم: مثل يونس بن عبد الرحمن و محمد بن مسلم و الحارث بن المغيرة و زكريا بن ادم و ابيبصير و زرارة بن اعين و صفوان بن يحيي و المفضّل بن عمرو علي بن حديد و عبد اللّه بن جندب و منصور بن حازم و نوح بن شعيب و عبد اللّه بن ابييعفور و حمران بن اعين و حريز بن عبد اللّه و الريان بن صلت و غيرهم مجتمعين و متفرقين مع ما بينهم من التفاوت المقطوع به مثل زرارة و اخيه حمران و لميتعين زرارة مع انه افقه و اعلم و اوثق و من تتبع احوال الائمة: مع اصحابهم لميتوقف في الجواز و تعدد القضاة في البلد الواحد يشعر بالجواز و هو كثير الوقوع في اغلب الازمان او كلها و ماذكره الاولون لاينهض بالحجية.
اما قوة الظن مع الفاضل فيجري مجري حكم ظني المجتهد فممنوع لان ظن المجتهد المرجوح غير معتبر في نفسه لعدم ركون نفس الظان اليه قبل حصول الارجح بالنسبة الي مرجحاته لكونها خارجية لاذاتية فتناولها له ليس علي جهة التعيين لتتمحض راجحيته بل قد تتناول مقابلة الارجح لاشتراكهما في اقتضاء
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 863 *»
مطلق الراجحية و اختصاص الارجح باقربيته الي الحقيقة فتتوجه اليه مرجحاته و مرجحات مقابله الراجح و ذلك مقتضي اصل الكون في الحكمة الالهية لان الارجح في نفس الامر اقرب الي الحقيقة و الاقرب الي الحقيقة تطلبه المرجحات لذاتها فتكون بنفس دلالاتها و مفاهيمها مانعة لاطمئنان نفس المستوضح للحكم بغير الارجح حتي انه ربما اذا عرض للفقيه رجحان طرف من النسبة لبعض المرجحات و الطرف الآخر ارجح منه لاتكون هذه المرجحات عند نفسه مرجحات و لاتسكن النفس الاّ علي الطرف الراجح فاذا وجده سكنت نفسه و انصبّت المرجحات عليه حتي تقوي مرجحات الطرف المخالف له و ذلك لانهما في مرآة واحدة و هي نفس الفقيه بخلاف الفقيهين الفاضل و المفضول لان كل واحد منهما مرآة للحكم الواقعي علي الاستقلال فلايكون تعارض الظنين فيهما من المقلد كتعارض ظني المجتهد لماقلتا فان قلت ان الظنين فيهما حصلا في نفس المقلد فيجري فيه مايجري في ظني المجتهد قلت ان ظني المجتهد يعتوران علي طرفي النسبة و كل واحد منهما موهوم التحقق او محتمل لذلك في نفسه و انما يتحقق الراجح بعد حصول المرجحات و تناول الفقيه للراجح انما هو بعد تحقق الحكم بالمرجحات فالتحقق بالمرجحات و تعين الاخذ تابع للتحقق و تعارض ظني المجتهد انما هو في التحقق بخلاف ظني المقلد فانهما في تعين الاخذ لاغير لان الحكمين الذين عند الفاضل و المفضول هما المتحققان من كل طرفي نسبة فترجيح المقلد ليس لتحقق الحكم بل لتعين الاخذ و ليس كونه حكم اللّه في حقه تحقيقاً للحكم في نفسه ليكون ظنه به في الفاضل اقوي من ظنه به في المفضول و ليس ظنا المقلد كظني المجتهد و لان ظني المقلد بين متحققين و ظني المجتهد بين موهومين و انما نظيره لو طلب المجتهد الترجيح بين خصال الكفارة في براءة الذمة لا في الافضيلة فان الحاصل له من اجتهاده انهما سواء
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 864 *»
فيرجع الي الفضيلة و ليس هو المدعي و لا الباعث علي الترجيح كذلك هنا.
و اما الاستدلال بالآية ففيه ان المراد منها ان من يهدي الي الحق احق بالاتباع ممن يهدي الي الباطل لا الي حق مثل الاول كما هو المفروض في الفقيهين فان كلا منهما يهدي الي الحق علي الانفراد بلااشكال فلايكون الآخر عند منظورية الثاني يهدي الي الباطل و الاّ لجري في حقه ذلك فيقلد الفاضل و هذا المفضول تام المقصد فاذا نسب عند المقلد الي كامل المقصد لايكون التام ناقصاً لانه ليس ناقصاً و الزيادة المنظورة في الفاضل من المكملات لا من المتممات ليكون بفقدها المفضول ناقصاً بخلاف المقصود من الآية فان المقصود منها ان المأمور باتباعه لايهدي الاّ الي الحق و المنهي عن اتباعه لايهدي الاّ الي الباطل فلو فرض انه يهدي في بعض احواله الي الحق كان النهي عنه لا (لا يهدي خ ل) لانه يهدي في البعض الآخر الي الباطل فالنهي لهذه الجهة لامطلقاً و الاّ لتناول نهي ما عن الحق و هو باطل فالاستدلال بالآية علي المطلب المذكور لايجدي نفعاً و لا دلالة فيه فافهم.
و الاستدلال بالحديثين المذكورين و غيرهما فيه ما ذكر في الآية الشريفة فان الاصدق لايراد من خلافه الصادق كما هو المدعي بل يراد من خلافه من ليس بصادق عند المستفتي و لو احتمالاً و المدعي ان المراد من خلافه(خلاف خ ل) الصادق اصدق و دعوي ان ذلك هو المعروف من اسم التفضيل يعارضها ذكره7 الاعدل و الاورع فان اعتباره7 لهما في الترجيح دليل علي عدم ارادة ما اراد الاولون من الافضلية فانهم يريدون زيادة العلم.
و اما الترجيح بهما مع التساوي في العلم او مع الاختلاف بهما و بالعلم علي قول فهو خارج عما نحن فيه لان مناط ذلك و اللّه العالم اطمئنان المقلد عن الاضطراب بقرينة قوله7 في رواية زرارة و اوثقهما في نفسك و ملاحظة هذا المعني ربما توجب ترجيح المفضول من جهة زيادة دينه و صلاحه علي الفاضل كما قيل لان هذا غير ما
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 865 *»
نحن فيه لان كلامنا فيما لو كان احدهما اعلم لاستفادة الحكم من العلم لا من غيره نعم لو تساويا في العلم و تفاضلا في الدين رجح الاولون الادين علي جهة التعين و لو كان احدهما اعلم و الآخر ادين تعين عندهم الاعلم و لو تساويا في الدين و كان احدهما اعلم تعين عندهم الاعلم.
و الوجه جواز الرجوع الي المفضول مطلقاً اذا كان تاماً صالحاً للاستفتاء بلانقص حال انفراده لان العلماء يجوزون تقليد هذا المفضول مع عدم ملاحظة عروض المتفاضلين في وجه التقليد لاستجماعه الشرائط فلو حكموا مع الملاحظة بالمنع من تقليده و قد اجازوا ذلك قبل الملاحظة فليس لنقص لحق المفضول مانع من تأهله لذلك لذاته بالنسبة الي حكم نفسه و لا بالنسبة الي حكم مقلده و انما ذلك لشيء عرض لمقلده عند عروض اعتبار المتفاضلين في وجه تقليده و ليس ماعرض موجباً لنقص فيما هو اهله بوجهما بالنسبة الي حكم نفسه بل هو علي حكم اعتباره قبل عندهم و لا في نفس الامر و كذلك بالنسبة الي حكم مقلده في ظنه لانه قبل ان يجد الفاضل في تقليده للمفضول علي كمال الاطمئنان به لقوة ظنه و بعد وجدان الفاضل فانما حصل له توسعة و زيادة علي الكفاية ظاهراً و في نفس الامر و ليست تلك الزيادة و التوسعة بجاعلين ما هو كاف ليس بكاف فان الزيادة و التوسعة كمال في الفاضل لا نقص في المفضول و علي هذا جرت عادة السلف من الطرفين خصوصاً ماكانت عليه عامة الشيعة و قد اقروا عليه عامة اتباعهم و ماورد عنهم: مما ظاهره خلاف ذلك فمأول بشيء من نوع ما اشرنا اليه سابقا و اللّه سبحانه ولي التوفيق.
قال سلمه اللّه تعالي الثالثة يجوز التجزي في التقليد و يجوز ان يقلد في المسئلة الواحدة اكثر من مجتهد واحد ام لا.
اقول قد اختلف العلماء في هذه المسئلة اختلافاً كثيراً فقيل اذا تبع المقلد المجتهد في حكم حادثة مخصوصة و عمل بقوله فيها لميجز له الرجوع عنه في ذلك الحكم الي غيره من العلماء اجماعاً و قيل يجوز له العدول عنه في مساويه لا في نفسه و قيل اذا قلده في حكمٍ ما و عمل به لميجز
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 866 *»
له الرجوع عنه الي غيره في جميع الاحكام و قيل اذا بني امره علي تقليده لميجز له الرجوع عنه الي مجتهد غيره في جميع الاحكام و ان لميعمل بشيء من فتواه و قيل يجوز له الرجوع عنه الي غيره في جميع الاحكام و ظاهر هؤلاء ان المقلد و ان بني امره علي تقليده يجوز له الرجوع عنه مطلقاً اي عمل بشيء من تقليده ام لميعمل.
و الذي يقوي في نفسي هو الشق الاول من هذا القول الاخير يعني انه اذا عمل بشيء من حكمه جاز له الرجوع عنه لان المانع من الرجوع انما يستدل بان الرجوع مستلزم للرد عليه من رواية عمر بن حنظلة في قول الصادق7 فاذا حكم بحكم فلميقبل منه فانما استخفّ بحكم اللّه و علينا رد و الراد علينا الراد علي اللّه و هو علي حدّ الشرك باللّه و معلوم انه لو فرض استلزامه الرد فانما يكون اذا بني امره علي تقليده ثم قلّده و افتي له بحكم فلميقبله و اما اذا قبله و عمل به في واقعة ثم عدل الي مفتٍ آخر لميستلزم العدول الرد عليه لانه لميردّ ماحكم به بل عمل به و اما عدوله الي غيره فهو استغثاء جديد ابتدائي و هو جائز كما جاز عدوله اليه اولاً بلافرق فان الفقيه الثاني لو كان اولاً جاز و لو كان منفرداً جاز فيجوز ثانياً استصحاباً لبقاء التخيير بينهما فانه قبل استفتاء الاول مخير بينهما و بناء امره علي تقليد الاول و استفتائه لميقطع بكونه رافعاً للتخيير السابق ثبوته لان الاصل ثبوته حتي يعلم الرافع و احتمال كون تقليد الغير رافعاً مرجوح لايقاوم اصل ثبوت التخيير علي انه(ان خ ل) من جملة فتاوي الاول لانه يجوز تقليد غيره بقول مطلق يعني مع عدم ملاحظة عروض سبق التقليد فلو حكم مع الملاحظة بالمنع من الثاني و قد اجاز قبل الملاحظة فليس لنقص لحق الثاني لذاته بالنسبة الي نفسه و لا بالنسبة الي عدول المقلد اليه و انما هو لتوهم كون العدول عن الاول رداً لحكمه و قد اشرنا الي انه اعم من الرد فلايدل عليه كما ذكرنا نحوه في جواز تقليد المفضول فراجع و لما ذكر الشيخ علي بن عبد العالي الكركي رحمة اللّه عليه هذه المسئلة في رسالته الجعفرية بعنوان الجواز علي جهة النص صرّح شراحها مثل الشيخ جواد و الشيخ ابيطالب و الشيخ
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 867 *»
يحيي بن عشيرة البحراني من تلامذة المصنف و الشيخ محمد بن الحارث كذلك بالجواز غير معتنين بنقل الخلاف و كذلك الشهيد الثاني في شرح الالفية و ليس الاّ لعدم توقف احد منهم في ذلك لظهور ذلك في المذهب حتي انك لاتكاد تجد فيها فيما بين اكثرهم في العمل خلافاً و ان وجدته في القول حال الاحتجاج و البحث فافهم.
قال سلمه اللّه تعالي الرابعة ان الرجل اذا لميقلّد الفقيه المجتهد في اكثر اوقات عمره اما من جهة الجهل بالحكم او من جهة التكاسل و التكاهل و بعد الانتباه و المعرفة ماحكمه بينوا علي التفصيل حكم الجاهل و المتكاسل وفقكم اللّه اللّه تعالي.
اقول هذا الرجل اذا عمل برهة من الزمان غير مقلد للفقيه فان كان علم بوجوب التقليد علي غير المجتهد في جميع تكاليفه العملية فاعماله باطلة ان خالفت المعروف من المذهب بلاخلاف و ان وافقت فكذلك علي الاصح الاحوط و ان لميعلم و اوقعها مخالفة لظاهر الشرع فهي باطلة و عليه الاعادة و ان كان موافقة لظاهر الشرع فالمشهور ان عليه الاعادة.
و الذي يظهر لي و يقوي في نفسي انها مجزية لانه هو المعروف من آثار اهل العصمة: فانهم قد اثنوا علي من اصاب و ان لميأخذ ذلك عن اجتهاد او تقليد فان الرجل يأتيهم: و يقول فعلت كذا فان وافق قالوا احسنت و اقروه و لميأمروه بالاعادة و قد انزل اللّه تعالي في البراء بن معرور ان اللّه يحب التوابين و يحب المتطهرين لما استنجي بالماء و قال9 لعمارحين اراد التيمم و لميعلم كيفية التيمم و تمعّك: تمعّكت كما تتمعّك الدابة و اعادة صلوة المسيء في صلاته و ان وقوع ذلك في زمن الائمة: كثير و لميأمروا احداً بالاعادة او القضاء و لمينقل عن احد منهم ذلك.
قال سلمه اللّه تعالي الخامسة هل يرافع عند الذي ما بلغ رتبة الاجتهاد ام لا و هل يجوز له ان يحكم و يحلف و يقيم الحدّ ام لا و اذا جرت الاحكام بحكمه هل تمضي او تفسد بينوا وفّقكم اللّه لما يحب و يرضي.
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 868 *»
اقول ان كان الترافع بقصد السعي في الصلح بحيث لايحلّ شيئاً الاّ برضا الخصمين و التحليف اذا اجراه بينهما انما هو في الحقيقة تعليم صورة القسم و هما المتحالفان في الحقيقة و يكون ذلك علي نحو التصادق و التراضي فلايبعد الجواز و مع هذا فليس له ان يحكم لانه منصب الامام7 و ما خليفته القائم مقامه الاّ الفقيه المعتبر و اما اقامة الحدود فان(فاذا خ ل) كان عارفاً بحدود اللّه و لو بتقليد المتجهد او بالنظر في كتب الاصحاب جاز له ان يقيم الحدّ علي مملوكه و لايبعد جوازه له علي زوجته اذا كان متمكناً بل و ولده كذلك اذا كان الزوج و الاب جامعاً لشرائط الفتوي و التجنب فيهما طريق الاحتياط و اما ماحكم به من الاحكام فلايمضي بل ينقض حكمه و يحتاج في تحليل ماحلل الي المصالحة و التراضي علي ما هو الاصح المشهور و ممانقل عن الشيخ حسين بن حسام; في بعض الحواشي انه قال للفقيه العدل الامامي و ان لميجمع شرائط الاجتهاد الحكم بين الناس و يجب العمل بما يقوله من صحة و ابطال و كذا حكم البينة و اليمين و الزام الحق و عدمه في حال الغيبة هـ.
قال سلمه اللّه تعالي السادسة اختيار المرافعة و الحاكم هل هو بيد المدعي او المدعي عليه.
اقول الظاهر ان اختيار المرافعة بيد المدعي لان الحق في الدعوي له فلو تَرَك تُرِك.
قال سلمه اللّه تعالي السابعة هل الماء القليل المتنجس بالملاقاة اذا لميتغير احد اوصافه اذا بلغ الكر يطهر و يطهّر ام لا.
اقول المشهور عدم طهارته استصحاباً للحكم السابق و الذي يترجح عندي انه يطهّر سواء تمم بطاهر او بنجس ام بمتنجس لانه ماء كثير و الماء الكثير لاتنجسه الملاقات و انما ينجسه التغيير بالنجاسة في احد اوصافه و به قال المرتضي و ابن ادريس و الشيخ في احد قوليه و ابن البراج و يحيي بن سعيد لقول الصادق7 حين سئل عن الحياض يبال فيها قال لابأس اذا غلب لون الماء لون البول و وجه الاستدلال انه جعل الغلبة علة للطهارة و هو يتحقق
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 869 *»
بعد كما يتحقق قبل و لان الشارع حصر التنجيس للماء باحد شيئين لاحد نوعين من الماء فمانقص عن الكرّ تنجس بمجرد الملاقات و مابلغ الكر لايتنجس الاّ بالتغير و لافرق بين ماقبل بلوغ الكر في عدم التنجيس (بغير التغيرخ ل) و مابعده و الاّ كان كل كرّ لازيادة فيه ينجس اذا وقع فيه بول البتة لانه اذا كان الماء كرّاً تحقيقاً و بال فيه شخص فان اول وقوع البول يتنجس منه جزء بحيث لايكون مالميتغير كراً يستهلك بكثرته ذلك الجزء المتغير و يكون طاهراً و لايكاد ينفك شيء من كرّ لازيادة فيه عن ذلك و هو كثيرالوقوع و قد سكت الشارع7 عن هذا و ابهم فقال7 اذا بلغ الماء كرّاًًًًًًً لمينجسه شيء و قال7 اذا بلغ الماء كرّا لميحمل خبثاً و ترك الاستفصال في مقام الحاجة دليل ارادة التعميم اذ لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة و قال ابن ادريس بعد ان ذكر الزيادة المبلغة كرّاً اذا كانت يطلق عليها اسم الماء علي الصحيح من المذهب و عند المحققين من نقاد الادلة و الآثار و ذوي التحصيل و الاعتبار لان بلوغ الماء عند اصحابنا هذا المبلغ مزيل لحكم النجاسة التي يكون فيه و هو بكثرته مستهلك لها فكانها بحكم الشرع غير موجودة الاّ ان تؤثر في صفات الماء فاذا كان الماء بكثرته و بلوغه الي هذا الحد مستهلكاً النجاسة الحاصلة فيه فلافرق بين وقوعها فيه بعد تكامل كونه كراً و بين حصولها في بعضه قبل التكامل لان علي الوجهين معاً النجاسة في ماء كثير فيجب الاّ يكون لها تأثير فيه مع عدم تغير الصفات و الظواهر علي طهارة هذا الماء المحدد اكثر من ان تحصي و تستقصي فمن ذلك قول الرسول9 المجمع عليه عند المخالف و الموالف اذا بلغ الماء كرّاً لميحمل خبثاً فالالف و اللام في الماء عند اكثر الفقهاء و اهل اللسان للجنس المستغرق فالمخصص للخطاب العام الوارد من الشارع عيه السلام يحتاج الي دليل انتهي كلامه و لانه بعد بلوغه الكر تتناوله الادلة و هذا انشاء اللّه ظاهر.
قال سلمه اللّه تعالي الثامنة كيف عبادة الرجل اذا كان عليه دين و يتكاسل في الاداء و هو متمكن من ذلك.
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 870 *»
اقول الظاهر صحة صلاته و جميع اعماله البدنية لعدم اجتماع الامر و النهي في شيء واحد لتعلق الامر بجهة غير جهة العبادة و ليست العبادة ضداً عاماً لاداء الدين بل ضد خاص فلاينافيه علي الاصح و الاحتياط لايخفي.
قال سلمه اللّه تعالي التاسعة هل يجب لطهارة البول صبّ الماء مرّتين ام تكفي المرة الواحد.
اقول الظاهر وجوب مرتين اذا كانت الطهارة بالقليل و ان كانت بالكثير فيكفي غمسه فيه كما هو صريح صحيحة محمد بن مسلم عنه7 و لابد من القطع بين المرتين لتحقق الاثنينية لان الاظهر عدم تحقق التعدد بدون قطع الصب.
قال سلمه اللّه تعالي العاشرة هل الثوب النجس اذا القي في الكرّ و ازيل عين النجاسة يطهر ام يحتاج الي العصر و كذا اذا كان تحت المطر.
اقول اذا كان الثوب نجساً بنجاسة لها جرم كالغائط و الدم فلابد في تطهيره من ازالة عين النجاسة و لابد ان يعصر لتنفصل الغسالة فانها نجسة اذا طهر بالقليل و اما اذا القي في الكر فلايحتاج بعد ازالة العين الي شيء بل يطهر بمجرد القائه في الكرّ و ان كانت عين النجاسة لاجرم لها كالبول اليابس فلايحتاج الي ازيد من القائه في الكر و المطر الذي يبلّ وجه الارض بحكم الكرّ و الجاري و الغسالة هنا لاتنفعل بالنجاسة لاتصالها بالكثير و هذه كلها مستفاده من السنة.
قال سلمه اللّه تعالي الحادية عشرة يجوز و يمكن الغسل الترتيبي في الماء و علي فرض الامكان و الجواز كيف صورته.
اقول يجوز الغسل الترتيبي في وسط الماء بان يغمس رأسه و رقبته في الماء ثم يحرك جنبه الايمن بنية غسله ثم يحرك الجانب الايسر بنية غسله و قد تم غسله ترتيبياً و هو افضل من الارتماس و ان لميخرج من الماء و هذه كيفية صورته و لو دخل في الحوض و غمس نفسه في الماء فاذا شمله الماء حرّك رأسه و رقبته بنية الغسل ثم جنبه الايمن ثم الايسر و هو في داخل الماء صحّ
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 871 *»
غسله الترتيبي و عندي ان هذا لا اشكال فيه و ماورد في بعض الاخبار من وضع كف علي رأسه و علي جوانبه ليس ذلك لبيان الكيفية و انما هو تعليم لمن يخاف قلة الماء او نجاسته بالاستعمال الذي يحصل به الاجتراء بالماء القليل.
قال سلمه اللّه تعالي الثانية عشرة هل يصحّ الغسل مع ازار الابريسم ام لا.
اقول يصحّ الغسل و الدليل هنا هو الدليل في الثامنة كماتقدم.
قال سلمه اللّه تعالي الثالثة عشر يصح الوضوء اذا صب الماء فوق المرفق او تحته عالماً او جاهلاً بالحكم او بالوضوء.
اقول اذا قصد بالصب الغسل فيعتبر فيه مايعتبر في الغسل من الترتيب او النكس من الجواز او العدم و اما اذا كان انما يعتبر الغسل بامرار يده فلافرق مابين الصب فوق المرفق او تحته او علي نصف الزرع لان الاعتبار في الترتيب بين اجزاء العضو او من جهة النكس و عدمه انما هو عند قصد الغسل سواء غسل بالصب ام بمسح اليد فافهم.
قال سلمه اللّه تعالي الرابعة عشرة اذا كان زيد يطلب من عمرو و بكر قبل ما علي عمرو من الدين من غير اذن عمرو فهل تبرأ ذمة عمرو و تشتغل ذمة بكر و هل لزيد ان يطالب عمراً ان لميصل اليه المبلغ المذكور ام لا.
اقول اذا قبل بكر ما في ذمة عمرو بان ضمن بعقد شرعي بان يقول ضمنت لك ما في ذمة عمرو او تحملت او التزمت او انا ضامن لك او زعيم او ضمين او ما اشبه ذلك باللفظ العربي مع القدرة فيقول المضمون له قبلت او رضيت او ما اشبه ذلك فاذا فعل ذلك برئت ذمة عمرو من الذي عليه و اشتغلت ذمة بكر و ليس لزيد ان يطالب عمراً لان ماله انتقل الي ذمة بكر فاذا استوفي الضمان شرائط الصحة و اللزوم كان ما لزيد في ذمة بكر و ليس لزيد عند عمرو حق سواء اعطاه بكر ام لميعطه و لا لبكر عند عمرو شيئاً ان كان ضمن بغير اذنه و ان ضمن باذنه رجع عليه ما ادي عنه و هذا مما لا اشكال فيه.
اقول و اما الحديثان المسؤول عنهما و عن سنديهما و معنييهما و معني
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 872 *»
الاول ان شيعتنا يموتون بعلة البطن و اعداؤنا يموتون بعلة الصرع و القولنج او انه اعداؤنا يموتون بالطاعون و انتم تموتون بعلة البطون و معني الثاني انه جاء عند سليمان ثلاثة رياح فاختار اثنتين منها و ترك الثالث للقائم7 فلم اعثر عليهما حين الكتابة و ليس في حفظي لفظهما و لمتكن لي سعة للتفتيش عنهما و اغلب المعني المراد متوقف علي معرفة اللفظ.
و الذي يحضر في خاطري الآن من معني الاول علي معني الرواية الاولي ان الصرع يكون من احدي المُرتين الصفراء و السوداء او بمشاركة البلغم فتتصاعد الي الدماغ فينصرع الشخص بتشنج العروق و العصب و يتحشف الدماغ و يتلوي فيزول العقل فاذا مات به الشخص مات دفعة من غير استعداد للرحيل بوصية او توبة او تذكر شيء من المعتقدات المسئول عنها فيكون موتاً غير محمود العاقبة و كذلك القولنج فانه يأخذ بكظم الشخص حتي يشتغل به عن الاستعداد المشار اليه فيموت ميتة غير محمودة سوية بخلاف علة البطن فان صاحبها في الغالب تبقي له حواسه و مشاعره و ادراكاته صحيحة سالمة الي ان تخرج روحه كما شاهدنا مراراً فيوصي و يتوب و يوصي باداء الحقوق التي عليه و يتشهد الشهادتين و يستعد للرحيل و يحب لقاء اللّه فيختم له بالخير و تكون ميتته سوية محمودة و منقلبه كريماً.
و علي معني الرواية الثانية ان الطاعون في الغالب انه يقع بسبب المعاصي فيعفن الهواء و الماء فيكون عقوبة من اللّه للعاصين و لانه موت وحي لايتمهل الشخص معه للاستعداد للرحيل كما مرّ و اما ان كونه ممدوحاً في حق المؤمن فلمثل ما روي ان اللّه سبحانه لميجعل للمؤمن اجلاً معيناً لكرامته علي اللّه سبحانه و لكنه اذا هم بموبقة قبضه اللّه اليه قبل ان يقارفها و من معني الثاني ان الريحين اللتين اختارهما سليمان علي محمد و آله و عليه السلام هما الريح العاصفة لقوله تعالي و لسليمن الريح عاصفة تجري بامره الي الارض التي باركنا فيها الآية و الريح الرُخاء لقوله تعالي تجري بامره رُخاءً حيث اصاب فالريح العاصفة الشديدة تجول تحت البساط و تحمله علي متنها الي الهواء علي قدر ارادته في العلو و السفل و الريح الرخاء تسير البساط بلين
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 873 *»
الي ما اراد و اما الريح الثالثة التي اذخرها للقائم7 فالآن لااعينها و ليس لي توجه الي التفتيش عنها و عن اسمها و ان كان جميع الرياح له7 تجري في شئونه كما يريد مثل الريحين اللتين لسليمن فانه يستعملهما فيما يستعملهما سليمان7 و في غيره و له الصبا كما لجده9 كما في قوله9 نصرت بالصبا و له الرياح اللواقح و المثيرة للسحاب و له الرياح المبشرات و غير ذلك علي مايطول الكلام فيه و لكن خصوص الريح الثالثة لايحضرني الآن اسمها(و احتمل بعضهم انها الريح القاصف حتي قال انها مختصة بالبحر و المروي عنهم عليهم السلام ان القاصف و العاصف واحدة) و اللّه سبحانه اعلم لاني لااقدر علي المراجعة الاّ علي سبيل الاتفاق و اللّه اعلم بالصواب و كتب العبد المسكين احمد بن زين الدين في الرابع و العشرين من ذي القعدة سنة احدي و ثلاثين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً.