32-08 مکارم الابرار المجلد الثانی والثلاثون ـ رسالة في جواب الملامهدي الطبرستاني ـ مقابله

 

رسالة في جواب الملامهدي الطبرستاني

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۳ *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعــد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم انه قد اتاني کتاب من المخدوم المکرم و المطاع المعظم جناب العالم الولي الحاج ملامهدي بن المرحوم عبدالکريم الطبرستاني ساکن اصفهان صانه الله عن الطغيان سلمه الله و ابقاه و قد سأل في ضمنه مسائل عجيبة و مطالب غريبة و انا مع قلة بضاعتي و کثرة اضاعتي اقل من ان‌اسأل من امثال هذه المسائل ولکن ارجو من الله سبحانه ان‌يلهمني الصواب في جوابه لحسن ظنه بي کماکان يقال احسن الظن و لو بحجر يلق الله مطلوبک فيه فلعل الله بحسن ظنه يلقي جوابه في قلبي و يلهمني بفضله و وجوده انه خبير مبين و جواد کريم و لاحول و لاقوة الا بالله. ولکن اعتذر اليه من التفصيل فانه قد ازدحم علي مسائل کثيرة من الاطراف و لکل حق و لابد من الجواب مع ساير اشغالي من معاشرة الناس المانعة عن کل خير الجالبة لکل ضير و اسأل الله العصمة و الوذ به انه حفيظ مجير و اجعل فقرات سؤاله کالمتن و جوابي کالشرح ليتبين جواب کل سؤال کما هو عادتنا.

قال: سلمه الله بعد البسملة الحمدلله الذي جعل بيننا و بين القري التي بارک فيها قري ظاهرة و قدر فيها السير و امرنا بالسير فيه ليالي و اياماً آمنين.

اقول: قد اقتبس کلامه هذا من الآية الشريفة و جعلنا بينهم و بين القري التي بارکنا فيها قري ظاهرةً الآية و مراده منه ما رواه في تفسير البرهان نقلاً من الاحتجاج في حديث طويل في مکالمة الحسن البصري مع ابي‌جعفر7 في تفسير هذه الآية الي ان قال بل فينا ضرب الله الامثال في القرآن فنحن القري

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۴ *»

التي بارک الله فيها و ذلک قول الله عزوجل فيمن اقر بفضلنا حيث امرهم الله ان‌يأتونا فقال «و جعلنا بينهم و بين القري التي بارکنا فيها» اي جعلنا بينهم و بين شيعتهم القري التي بارکنا فيها قري ظاهرة و القري الظاهرة الرسل و النقلة عنا الي شيعتنا و فقهاء شيعتنا الي شيعتنا. و قوله و قدرنا فيها السير فالسير مثل للعلم سير به ليالي و اياماً آمنين مثل لما يسير من العلم في الليالي و الايام عنا اليهم في الحلال و الحرام و الفرايض و الاحکام آمنين فيها اذا اخذوا من معدنها الذي امروا ان‌يأخذوا منه آمنين من الشک و الضلال و النقلة من الحرام الي الحلال لانهم اخذوا العلم ممن وجب لهم باخذهم اياه عنهم المغفرة الخبر. فاراد سلمه الله براعة الاستهلال في خطبته و اتاه الله علي حسب ظنه و الا ما انا و ما خطري انا مثل الذرة  بل اقل.

قال: سلمه الله و الصلوة و السلام علي اشرف حجج الله و افضلهم و اکملهم محمد و آله الطاهرين الذين امرنا الله بطاعتهم و الرد اليهم و الاخذ عنهم و الانقياد لامرهم و نهيهم و البرائة من اعدائهم و اللعن علي مخالفيهم و مبغضيهم صلوة متواترة متکاثرة متضافرة الي يوم الدين. و بعد فان من اعظم فضل الله علي الانام و افضل نعم الله جل و علا علي علماء الاسلام و خير منن الله الرحمن علي الانس و الجان وجودک في بلد الکرمان صانه الله تعالي من برکتک عن حوادث الدوران و افاضتک علي اهل هذا الزمان و بقاء مدادک الي ظهور صاحب الزمان عليه و علي آبائه صلوات الله الملک المنان جزاک الله عن الاسلام و اهله احسن الجزاء و حياک الله و من احبک و تبعک مادامت الارض و السماء. فيقول العبد اقل مساکين الزمان و اضعف مستکين من جنس الانسان مهدي بن عبدالکريم الطبرستاني ساکن الاصفهان لماارسلت من قبل الي مولانا الجليل الاجل العالم العامل العارف الکامل الذي اعطاه الله علم ماکان و مايکون جعلنا الله فداه مسائل اشکلت علي مع مصاحبة رجل کرماني مرتين و ماوصل الي جوابها لان ذلک الرجل مااوصلها اليکم استخفافاً بشأني و عدم الاعتناء بحوايجي لانه يدعي التجارة و نحن ندعي

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۵ *»

العلم و الجاهلون لاهل العلم اعداء. و لهذا اعدت مسائلي و ارسلت الي جنابکم العالي کثر الله عطوفتکم علينا و علي امثالنا و ارجو من الله سبحانه ان‌يصل هذه الوجيزة في هذه المرة اليکم و يصل الي جوابها انه قريب مجيب.

اقول: قد ذکرت عبارته لبيان بعض ما فيها تنبيهاً اما ما اطري علي فانا اعلم بنفسي من غيري والله اعلم مني بنفسي و اسأل الله ان لايؤاخذني بما يقولون و ان‌يجعلني احسن مما يظنون و لايخذلني حتي احب ان‌احمد بما لم‌افعل انه قريب مجيب. و اما قوله «اعطاه الله علم ماکان و مايکون» فذلک غلو في حق امثالي و ينبغي الاستغفار له منه و هو مخصوص آل‌محمد: و ان جميع الانبياء لم‌يعطوا علم ماکان و مايکون فکيف يعطي مضغة مثلي علم ماکان و مايکون. فلاتغلوا في دينکم و لاتثنوا علي احد ازيد مما آتاه الله و من عظم الله و رسوله و ائمته في عينه لايعظم سواهم في عينه. فاياک اياک ان‌تتجاوز الحد في الثناء علي احد. و اما ما اسألت الظن بذلک الرجل فذلک الرجل من الاخوان المصدقين المؤمنين المعتبرين و ماکان ينبغي لک سوء الثناء عليه و کان اللازم عليک ان‌تکذب سمع و بصرک و تصدق اخاک المؤمن و ينبغي للمسلم ان‌يحمل فعل اخيه علي سبعين وجهاً فان قنع به و الا ليسخطن علي نفسه فانها لم‌تقنع بسبعين وجهاً من عمل من لاتعلم سريرته و وجه عمله فکيف يعذرها الله سبحانه في سيئاتها و هو العليم بذات الصدور و علام الغيوب و لاعذر لاحد في سيئاته و موبقات اعماله. بالجملة ينبغي لک ان‌تسترضيه و تستعفي عنه فانه من المؤمنين المصدقين ان‌شاء‌الله.

قال: سلمه الله سؤالات ما السر في ان من اکل لقمة من البطيخ له سبعون الف حسنة و محي عنه سبعون الف سيئة کما في الحديث و ما ورد في حق الرِقِّي شيء؟

اقول: لو سألت عما يعنيک في امر الدين لکان اولي و انفع. اعلم ان الطاعات و المعاصي بمنزلة العقاقير و الاحاديث الواردة فيها بمنزلة کلام الطبيب المبين

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۶ *»

خواص العقاقير و آثارها. و کما ان لکل عقار في استعماله شروطاً حتي يتبين اثره و ليس يظهر اثره في کل احد في کل حين في کل مکان مطلقاً الا بعد تحقق شروطه کذلک الآثار التي يبينها حجة الله للاعمال فليست تؤثر لکل احد الا بعد تحقق الشرائط و اعظم شرائط اثر الطاعات و الحسنات ولاية آل‌محمد: فليس يؤثر طاعة و ليس لها مثوبة الا للموالين و من ذلک اکل البطيخ ففيه مثوبة للشيعي الموالي. و من الشروط العظيمة ان‌يستعمل الموالي الطاعة و الحسنة لله سبحانه امتثالاً لامر الحجة و لحبه لها فاذا تحقق الشرطان يؤثر کل حسنة کما ذکره الحجة و الا فلا و ليس کل حسنة ‌يؤثر کل اثر الا ما قرروه و بينوه و جعلوه له. فاذا اکل الشيعي البطيخ طاعة لله سبحانه و لرسوله و لحججه عليهم‌السلام و لاجل حبهم اياه و امرهم به يؤثر ما ذکروه و الا فلا. و اما خصوص البطيخ فلاجل انه حار رطب يزيد الدم و يقوي الحرارة الغريزية و ينشط الروح و يفتح السدد و يلطف الاخلاط و ينقي المجاري من الادران فلاجل ذلک اذا اکله الولي لآل‌محمد: امتثالاً لهم و لاجل حبهم اياه يتقوي فيه الولاية لاصلاحه القابلية ‌البدنية‌ و الطبيعة التي هي مظهر نور الولاية فيحصل له الثواب حتي اني سمعت السيد الاستاد اعلي‌الله‌مقامه يقرر ما يروي من ان من مات و في بطنه البطيخ مات شهيداً و ذلک ان المرآت@ اذا کمل صقالتها حکت الشخص علي ما هو عليه و قد عرفت انه يصلح البدن و يلطفه و ينقيه و يصلحه و يعدله فاذا صلح البدن و هو مواجه لآل‌محمد: استنار بنورهم فتقوي فيه الولاية و استحق الثواب العظيم. و قد روي في الوسائل عن ابن بابويه من الخصال بسنده عن ابي‌عبدالله7 قال کلوا البطيخ فان فيه عشر خصال مجتمعة هو شحمة الارض لاداء فيه و لاغائلة و هو طعام و شراب و هو فاکهة و هو ريحان و هو اشنان و هو ادام و يزيد في الباه و يغسل المثانة و يدر البول انتهي. و عنه7 کان النبي9 يعجبه الرطب بالخربز انتهي.

و اما الرقي فهو بارد رطب يزيد في البلغم و الرطوبات و يورث الکسالة عن

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۷ *»

الطاعة و النسيان و کثرة النوم و يرطب الدماغ و يورث البلادة فليس له فضل و هو علي عکس البطيخ و ليس ينافي ثبوت الفضل في البطيخ کونه في غيره ايضاً. و اما الحديث الذي ذکرتم فلم‌اجده ولکن في البطيخ فضيلة ليست في الرقي بلاشک کما عرفتم.

قال: سلمه الله و ما السر في تذکير القمر و تأنيث الشمس؟

اقول: اعلم ان اصل الذکورة من جهة الفاعل و الانوثة من جهة المفعول المنفعل فالوجود لکونه جهة‌ الفاعل مذکر و الماهية لکونها جهة‌ المفعول المنفعل مؤنثة فکلما غلب فيه جهة ‌الوجود فهو مذکر و کلما غلب فيه جهة الماهية ‌مؤنث فالعقل مذکر لغلبة جهة الوجود فيه و النفس مؤنثة لغلبة جهة الماهية. ثم کلما غلب فيه جهة العقل مذکر و کلما غلب فيه جهة ‌النفس مؤنث و ذلک هو الجاري في الرجل و المرأة فان في الرجل من العقل سهمين و من النفس سهماً و في المراة بعکس ذلک و من اجل ذلک صار للذکر مثل حظ الانثيين و من ذلک النار من حيث الحقيقة مذکر و ان کانت من حيث الظاهر مؤنثة و الماء من حيث الباطن مؤنث و ان کان من حيث الظاهر مذکراً. و انما روعي في تذکير اللفظ و تأنيثه فيها صفتهما و ذلک ان الماء علي صفة المبدء الاول و هو اشبه شيء بالفاعل و اقرب شيء اليه و هو الماء الذي هو اول ماخلق و منه کل شيء حي فذکر الماء لانه علي صفته. و اما من حيث الطبع فهو مؤنث لانه بارد رطب علي طبع المفعول المنفعل. و انثت النار في اللفظ لانها في الصفة علي صفة الطبيعة و هي من حيث النفس و هي المخلوقة من الشجر الاخضر المشار اليه بقوله الذي جعل لکم من الشجر الاخضر ناراً فالطبيعة مقام الانوثة و لماکانت النار علي صفتها انثت لفظاً و اما من حيث الحقيقة فهو مذکر. الا تري ان مزاج الرجل حار يابس و مزاج المراة بارد رطب فروعي في التسمية صفتهما الظاهرة دون حقيقتهما الغيبية. و کذلک امر الشمس و القمر فروعي في تأنيث الشمس مطابقتها مع صفة الطبيعة و في تذکر القمر مطابقته مع الماء الذي منه کل شيء حي و خلق قبل کل شيء و ذلک وجه وجيه.

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۸ *»

و لنا ان‌نلاحظ الحقيقة فيهما ايضاً فان الشمس باطنها بارد رطب کما ان الذهب باطنه بارد رطب و ظاهره حار يابس و القمر باطنه حار رطب کما ان الفضة باطنها حار يابس کماحقق في الفلسفة. و يظهر خواص باطنهما في الانحلال. و لذا سمي الذهب بالشمس عند الفلاسفة و الفضة بالقمر. و يدل علي ذلک ايضا مارواه في البحار من تفسير علي بن ابرهيم عن سلام بن المستنير قال قلت لابي‌جعفر7 لم صارت الشمس احر من القمر؟ قال الله خلق الشمس من نور النار و صفو الماء طبقاً من هذا و طبقاً من هذا حتي اذا صارت سبعة‌ اطباق البسها لباسا من نار فمن ثم صارت احر من القمر قلت فالقمر؟ قال ان الله خلق القمر من ضوء نور النار و صفو الماء طبقاً من هذا و طبقاً من هذا حتي اذا صارت سبعة ‌اطباق البسها لباساً من ماء فمن ثم صار القمر ابرد من الشمس انتهي. فوجه آخر انه روعي في الشمس برودة حقيقة‌ الماء الذي في باطنها و في القمر حرارة حقيقة النار التي في باطنه و ذلک ايضاً وجه فيهما فتدبر.

قال: سلمه الله و ما سر کون سورة التوحيد ثلث القرآن و سورة‌ الکافرين ربعه؟

اقول: اعلم ان القرآن هو العالم التدويني کما ان العالم هو الکتاب التکويني و کلما في العالم في القرآن فالقرآن علي طبق العالم حرفاً بحرف. فکما ان العالم مثلث الکيان و جميعه ثلثة وجودات وجود الحق و هو آية الازل جل شأنه و الوجود المطلق و هو عالم الامر و الوجود المقيد و هو عالم الخلق و اليها الاشارة بقوله له الخلق و الامر فالضمير اشارة الي الوجود الحق و الخلق الي الوجود المقيد و الامر الي الوجود المطلق. کذلک القرآن جميعه يدور علي ثلثة اقطاب شرح الوجود الحق و شرح الوجود المطلق و شرح الوجود المقيد. و سورة قل هو الله هي مستجمعة جميع ما يتعلق بالوجود الحق و جميع مسائله يستخرج منها فمن قرأها مقراً بها عارفاً بما انطوت عليه فقد قرأ ثلث القرآن و اعترف به و له ثواب

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵۹ *»

من قرأ ثلث القرآن.

و اما سورة الکافرين ربع القرآن فلاجل ان جميع العالم بنظر آخر آية التوحيد و عنوان التفريد قال الله سبحانه سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق. و جميع مقامات التوحيد تدور علي اربعة‌ اقطاب توحيد الذات و اليه الاشارة بقوله تعالي انما الهکم اله واحد و توحيد الصفات و اليه الاشارة بقوله ليس کمثله شيء وتوحيد الافعال و اليه الاشارة بقوله الله الذي خلقکم ثم رزقکم ثم يميتکم ثم يحييکم هل من شرکائکم من يفعل من ذلکم من شيء سبحانه و تعالي عمايشرکون و توحيد العبادة و اليه الاشارة بقوله من کان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لايشرک بعبادة ربه احداً و کذلک بهذا النظر جميع القرآن آية التوحيد و شرح التفريد و جميعه بيان لا اله الا الله کما قال سبحانه هذا بلاغ للناس و لينذروا به و ليعلموا انما هو اله واحد و ليذکر اولوا الالباب. و جميعه يدور علي تلک الاقطاب فهو علي اربعة اقسام اما آيات دالة علي توحيد الذات و اما آيات دالة علي توحيد الصفات و اما آيات دالة علي توحيد الافعال و اما آيات دالة علي توحيد العبادة. و سورة‌ الکافرين هي متخلصة في توحيد العبادة فلاجل ذلک من قرأها مقراً بها کتب له ثواب ربع القرآن الذي هو في شرح توحيد العبادة. و الحديث الذي اشار اليه السايل هو مارواه في الوسائل عن محمد بن يعقوب بسنده عن يعقوب بن شعيب عن ابي‌عبدالله7 قال کان ابي يقول قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن و قل يا ايها الکافرون ربع القرآن انتهي.

قال: سلمه الله و ما سر حديث روي عن الباقر7 من قرأ يس في عمره مرةً واحدةً کتب الله له بکل خلق في الدنيا و بکل خلق في الآخرة بکل واحد الفي الف حسنة ‌و محي عنه مثل ذلک السيئة و لم‌يصبه فقر و لاغرق و لاهدم و لانصب و لاجنون و لاجذام و لاوسواس و لاداء يضره و خفف الله عنه

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۰ *»

سکرات الموت و اهواله و ولّي قبض روحه و کان يضمن الله له السعة في معيشته و الفرح عند لقائه و الرضا بالثواب في آخرته. فقال الله لملائکته اجمعين من في السموات و من في الارض قد رضيت عن فلان فاستغفروا له انتهي. و الحال انا نري کثيراً من القراء متصفاً بالفقر و قد يصير مجنوناً و وسواساً و هکذا فما مراد المعصوم7 من هذه العبارات؟

اقول: ان الحديث علي ما ذکرتم فيه تحريفات. بالجملة انا قد ذکرنا سابقاً ان الاعمال بمنزلة العقاقير و الاحاديث بمنزلة کلام الاطباء في خواص العقاقير و کما ان لاستعمال العقاقير شروطاً و منها ترک استعمال المنافي فالطبيب يقول ان الدارصيني يزيد في الفهم فانت لو شربت مثقالين دارصيني ثم شربت عليه مناً من اللبن الحامض لاتري منه زيادة فهم. و ليس ذلک لاجل ان کلام الطبيب فيه کذب او تأويل او رمز و انما هو خاصية الدارصيني لو شربته و لم‌تشرب عليه المنافي. الا تري ان الذي قال ان الدارصيني يزيد في الفهم و الحفظ قال في باب اللبن الحامض انه يقل الفهم و يزيد في النسيان و انت قد اخذت بقول منه دون قول و آمنت ببعض و کفرت ببعض اي ترکت فلم‌تجد ما ذکره في بعض قوله کذلک المعصوم. و ان قال ما يزيل الفقر فقد قال ايضاً ما يورث الفقر و انت اذا استعملت الذي يزيل الفقر و استعملت عليه اضعافه ممايورث الفقر لاتکاد تجد اثر الاول البتة و بذلک يدعون الناس فلايستجاب لهم و يعملون الحسنات و لاينتفعون بها و لايترقون فتدبر و انصف.

و يشير الي ذلک قول ابي‌الحسن الثالث7 انه قال يوماً ان اکل البطيخ يورث الجذام فقيل له أ ليس قد امن المؤمن اذا اتي عليه اربعون سنة من الجنون و الجذام و البرص؟ قال نعم ولکن اذا خالف ما امر به ممن آمنه لم‌يأمن ان‌يصيبه عقوبة الخلاف انتهي. فاعتبر منه ان الذي آمنه من الجذام امره بترک البطيخ. و الظاهر ان المراد الاکثار منه فاذا خالفه خولف به البتة. و کذلک روي ان النبي9 قال يوماً من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة و کذلک قال في اخواتها. فقال رجل من قريش يا رسول‌الله

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۱ *»

ان شجرنا في الجنة لکثير. فقال نعم ولکن اياکم ان‌ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها و ذلک ان الله عزوجل يقول يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و لاتبطلوا اعمالکم انتهي. و کذلک هذه السورة بوحدتها لها هذه الخواص ولکن اذا خالف الانسان ساير اوامر الله و ارتکب ساير ما نهي عنه خولف به فلم‌يتبين فيه و عليه اثر السورة.

قال: سلمه الله و ما معني قول الامام الثاني7 في جواب الخضر7 اما ما ذکرت من امر الذکر و النسيان فان قلب الرجل في حق و علي الحق طبق. فان صلي الرجل عند ذلک علي محمد و آل‌محمد صلوة تامة انکشف ذلک الطبق عن ذلک الحق فاضاء القلب و ذکر ذلک الرجل ماکان نسي. و ان هو لم‌يصل علي محمد و آل‌محمد او نقص من الصلوة عليهم انطبق ذلک الطبق علي الحق فاظلم القلب و نسي ذلک الرجل ماکان ذکره ما معني صلوة تامة و نقصها؟ و متي يصلي صلوة تامة؟ هل هي وقت حفظ المسألة او بعد حفظها؟ بينوا جزاکم الله خيراً

اقول: اعلم ان الله سبحانه جعل محمداً و آل‌محمد: اصل کل خير و نور و کمال و علم و فضل و کل من له شيء من ذلک فمن توجهه اليهم و اکتسابه عنهم البتة و کل معرض عنهم فهو في ضنک و ضيق و شر و جهل و نقص. و ان رأيت شيئاً من الخير في اعدائهم فانما هو فيهم بالعرض لتوجه کوني او عرضي اليهم. و قلب المؤمن اي عقله فان القلب يطلق علي العقل فانه وسط الکل و هو المقلب لجميع المراتب و منه قوله تعالي ان في ذلک لذکري لمن کان له قلب اي عقل، و ذلک القلب في حق من غواشي جسمانيته و نفسه الامارة. فاذا توجه اليهم و صلي عليهم صلوةً تامةً انکشف ذلک الطبق فاضاء القلب بنور محمد و آل‌محمد: و ذکر ماکان نسي. و ذلک ان الصلوة اما دعاء بالصلة و اما دعاء بالوصل و اما دعاء بالرحمة فعلي اي حال يصل ما دعا الي نفسه من حيث انه ورق

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۲ *»

من شجرة آل‌محمد: فيکون مباهات ذلک لهم کمايباهون بالأمة و لو بالسقط. فمن صلي عليهم صلوةً تامةً وصله الله و رحمه و زال عنه الغواشي النفسانية المنسية فاضاء قلبه و ذکر ماکان نسيه. و ان هو لم‌يصل عليهم و لم‌يتوجه اليهم و انهمک في العلايق الغاسقة انطبق طبقها علي قلبه و اظطلم فنسي ماکان ذکره و حفظه اول مرة لانه لم‌يفض عليه من مبدء الخير و الکمال و النور شيء. و الذي يذکر شيئاً من غير توجه و صلوة فانما هو اتمام حجة من الله سبحانه و تعجيل نعمة و افتتان او لاجل توجه کوني من حيث لايعلم. ولکن مطلق سبب الذکر هو التوجه الي مبدء الخير و العلم، و النسيان من الاعراض عنه بلاشک. و المؤمن يعرفه و يأتي البيت من بابه و الکافر لايعرفه کما ان الرزق من الله يقيناً و ما يعبؤ بکم ربي لولا دعاؤکم يقيناً و المؤمن يعرفه و يسأله و الکافر لايعرفه و لايسأله و انما يأتيه الرزق بالمعرفة الکونيه و المسألة الکونية و الاستدراج و الافتتان.

و اما معني تمام الصلوة فهو ان‌تذکر انطواءک تحت الاحد و تقصد معناه و تتوجه الي الباب و تصلي علي محمد و آل‌محمد: موالياً لاوليائهم الذين هم من آل‌محمد: متبرءاً من عدوهم متبعاً سنتهم. فمن صلي هکذا فقد صلي عليهم صلوةً تامةً و توجه اليهم و زال عنه غواشي النفس الامارة و ذکر ما کان نسي و الا نسي ما کان ذکره حين اخذه. و اما وقت الصلوة فهو عند ارادة التذکر کما هو ظاهر من الخبر الا تري ما قال فذکر ما کان نسي. و اما قوله نسي ماکان ذکره يعني عند اطلاعه عليه. فانت اذا قرأت الحديث تذکره حين القرائة و بعيدها ثم تنساه فان لم‌تصل لم‌تذکره و تنسي ما کنت ذاکره اول. و اما النسيان قبل الصلوة ايضاً بترک الصلوة فلو کان الانسان دائم التوجه لاينسي شيئاً فافهم.

قال: سلمه الله و هل يجوز في غير صلوة الاعرابي من الصلوات المستحبة ان‌يصلي اربع رکعات او يصلي بتشهد واحد و سلام واحد کما في بعض الروايات ام لا؟ و ان ورد في الحديث من صلي اربع رکعات يقرأ في الاولي کذا و في الثانية

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۳ *»

کذا و في الثالثة و الرابعة کذا و کذا هل يجوز ان‌يصلي بتشهد واحد و سلام واحد او لابد ان‌يصلي بتشهدين و سلامين او بتشهدين و سلام واحد؟

اقول: اعلم ان المعروف من المذهب ان کل رکعتين من النوافل له تشهد و تسليم و قد ادعي عليه الاجماع و لامخالف فيه ظاهراً و يستثني منه الوتر. و يدل علي ذلک ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر8 قال سألته عن الرجل يصلي  النافلة يصلح له ان‌يصلي اربع رکعات لايسلم بينهن قال لا، الا ان يسلم بين کل رکعتين و غير ذلک من الاخبار فما روي علي خلاف ذلک يحمل علي التقية.

قال: سلمه الله و هل بين اللفظ و المعني مناسبة‌ ذاتية ام لا؟ فان کان فلم وضع للنقيضين؟

اقول: اعلم انا قد کتبنا في ساير کتبنا هذه المسألة مفصلاً و ليس لي الآن اقبال التفصيل و مجمله ان الواضع هو الله سبحانه کما قال سبحانه و علم آدم الاسماء کلها و ان الله سبحانه لم‌يتعلم اسماء الموجودات من خلقه و انماعلمهم ما علموا سبحانک لا علم لنا الا ما علمتنا انک انت العليم الحکيم و قد کتب اسماء الکل باي لغة في اللوح المحفوظ قبل ان‌يخلق الخلق فهو الواضع و هو الحکيم لايفعل العبث و لايرجح من غير مرجح. و لم‌يکن لفظ قبل ترکيبه سبحانه حتي يکون له دلالة ذاتية و انما رکبها الله سبحانه حين اراد الوضع لمعني لم‌يکن قبل ذلک فلم‌يرکب لفظاً لمعني الا بمناسبة کما انه لم‌يرکب جسداً لروح الا بمناسبة و المعني في اللفظ کالروح في الجسد فکل لفظ رکبه لمعني رکبه من حروف مناسبة علي ترتيب مناسب و جهات تناسب الالفاظ تختلف اذ لکل حرف طبع و برج و کوکب و جهة ‌و مکان و وقت و ذات و صفة و غير ذلک مما لاتحصي فلرب لفظ يناسب معني من حيث البرج و معني آخر من حيث الکوکب و معني آخر من حيث الجهة و معني آخر من حيث المادة و معني آخر من حيث الصورة و معني

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۴ *»

آخر من حيث الوضع و هکذا فلاجل ذلک يدل لفظ واحد علي نقيضين و لاضير.

قال: سلمه الله و ما السر في جعل الله تعالي في الابل اثني‌عشر نصاباً و في البقر نصابين و في الغنم خمسة‌ نصب؟ و ما السر في ان نصاب الابل اذا وصل الي خمسة و عشرين فالنصاب السادس ستة ‌و عشرون بزيادة واحدة و اي حکمة لاحظ فيها الشارع7 في هذه المواشي بهذه النصب في هذه المراتب المرتبة؟

اقول: اعلم ان اول نصاب الابل خمس ثم عشر ثم خمس‌عشرة ثم عشرون ثم خمس و عشرون ثم ست و عشرون ثم ست و ثلثون ثم ست و اربعون ثم واحدة و ستون ثم ست و سبعون ثم واحدة و تسعون ثم واحدة و عشرون و مأة فيطرح علي الاربعين و الخمسين و نصاب البقر ثلثون ثم اربعون و نصاب الغنم اربعون ثم مأة و واحدة و عشرون ثم مأتان و واحدة‌ ثم ثلث‌مأة و واحدة ثم اربع‌مأة ففي کل مأة واحدة.

ثم اعلم ان الله سبحانه لماخلق الخلق احصيهم و احصي غنيهم و فقيرهم و مقادير حاجاتهم فاغني قوماً ليعلم کيف طاعتهم فيما امرهم من الانفاق و افقر قوماً ليعلم کيف صبرهم عن الحرام و علي الفقر. ثم کلف الاغنياء بالانفاق علي قدر حاجة الفقراء فلو علم ان ذلک لايکفيهم لزادهم و لو علم ان ذلک يزيد عليهم و يطغون لنقصهم. کما روي في العلل عن صباح الحذاء عن قتم عن ابي‌عبدالله7 قال قلت جعلت فداک اخبرني عن الزکوة کيف صارت من کل الف درهم خمسة و عشرين درهماً لم‌يکن اقل منها او اکثر ما وجهها؟ قال ان الله عزوجل خلق الخلق کلهم فعلم صغيرهم و کبيرهم و علم غنيهم و فقيرهم فجعل من کل الف خمسة و عشرين مسکيناً فلو علم ان ذلک لايسعهم لزادهم لانه خالقهم و هو اعلم بهم. و في الوسائل عن عبدالله بن سنان عن ابي‌عبدالله7 في حديث ان الله عزوجل فرض للفقراء في اموال الاغنياء ما يکتفون به و لو علم ان الذي فرض لهم لايکفيهم لزادهم الخبر.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۵ *»

و اعلم ان الله سبحانه اعد للفقراء نقوداً لثيابهم و ساير حوائجهم و هي جزء من اربعين و خبزاً و هو جزء من عشرة من الجنسين و حلاوة و حموضة و هي جزء من العشرة من التمر و الزبيب و لحماً و هو زکوة الغنم و حمولةً و هي زکوة الابل و عاملاً و هو زکوة البقر و بذلک يتم امر معاشهم و يذهب عنهم الفاقة لو اديت اليهم. و فرض من کل واحد علي قدر الحاجة و ليس الحاجة في کلها علي مقدار واحد حتي نستدل عليه. و الادلة العقلية تقام علي ما خلص عن الاعراض و لايمکن للجزئيين الاستدلال بالادلة‌ العقلية الکلية علي الاعراض الجزئية ولکن نعلم نوعاً ان الاختلاف بحسب حاجة المحتاجين و بحسب قيم الاول و بحسب مئونة تحصيلها و مئونة مراحها و مغذيها و رعيها و مرعيها و آفاتها و يلاحظ الشارع جميع ذلک. و لم‌اجد حديثاً في اسرارها و ليس لي الان اقبال ازيد من ذلک مع قصور باعي عن ملاحظة جميع ما لاحظه الشارع المحيط بالخلق و لااحب التکلف و الله ولي التوفيق.

قال: سلمه الله و کيف يعرف سيادة السادات مع تحقق وجود داخل النسب؟

اقول: اما الحقيقة فلايعرفها الا الذي خلقهم و احاط بهم و علم الانساب علي الواقع. و اما في ظاهر الشرع لاجراء الاحکام فيؤخذ فيه بالظاهر و لايفحص عن الباطن. فاذا کان الرجل معروفاً بابن فلان و هو من بيت السادة المعروفين بالسيادة يحکم بانه من السادة کما يعرف ساير اولاد الناس. و يدل علي ذلک ما رواه في الوسائل عن يونس بن عبدالرحمن عن بعض رجاله عن ابي‌عبدالله7 قال سألته عن البينة اذا اقيمت علي الحق ايحل للقاضي ان‌يقضي بقول البينة؟ فقال خمسة اشياء يجب علي الناس الاخذ فيها بظاهر الحکم: الولايات و المناکح و الذبايح و الشهادات و الانساب فاذا کان ظاهر الرجل مأموناً جازت شهادته ولايسأل عن باطنه انتهي هذا. و الرجل يدعي السيادة و لامعارض له فما باله لايقبل قوله. الا تري انه لو طلب البينة لم‌يسعه و لو کلف باليمين لاتسعه فلاجل ذلک اخذ فيه بظاهر الامر حتي يقوم دولة الحق.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶۶ *»

قال: سلمه الله و هل يجب ان‌يعتقد ان ليلة القدر لابد ان‌تقع في احدي الليالي الثلثة المشهورة بين الشيعة؟ و ان من اعتقد التخلف و وقوعها في غير هذه الليالي في شهر رمضان المبارک معاقب و مخالف للاجماع ام لا؟ و السلام عليکم و رحمة الله و برکاته.

اقول: قد ذکر في الحدايق عن بعض الاصحاب انه لاخلاف بين اصحابنا رضوان الله عليهم في انحصارها في هذه الثلث الليالي الا من الشيخ في التبيان فانه نقل الاجماع علي انها في فرادي العشر الاواخر. و ذکر المجلسي رحمه الله ان علماء الشيعة اجمعوا علي انها في الثلث الليالي. و قال العلامة في التذکرة انها باقية اجماعاً ثم ذکر اختلاف علماء العامة في تعيينها. ثم قال و اما علماؤنا ثم ذکر رواية عن الصدوق في الثلث الليال المعروفة. بالجملة کان الآن استقر امر الشيعة علي الثلث الليال المعروفة. و اما وجوب الاعتراف بانها في هذه الثلث الليال بحيث ان‌يکون من لم‌يعترف به عاصياً فمشکل مع ادعاء اجماع الشيخ علي انها في فرادي العشر الاواخر. و ان کان الحق انها في هذه الثلث بتةً الا انه ليس من ضروريات الاسلام و لا المذهب بحيث يکون مخالفه معاقباً نعم مخالفه قد اخطأ في المسألة. و الي هنا تم سؤالاته و ما امکننا من جوابه مع تبلبل البال و کثرة الاشغال و کثرة الاسؤلة الواردة من الاطراف و الحمدلله اولاً و آخراً قد تم الرسالة علي يد مصنفه کريم بن ابرهيم في ليلة الاثنين لاثنتي‌عشرة مضت من شهر ربيع الثاني من شهور سنة‌ اربع و سبعين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً تمت.