31-14 مکارم الابرار المجلد الواحد والثلاثون ـ رسالة في جواب الشيخ محمد البحراني ـ مقابله

 

 

رسالة في جواب الشيخ محمد البحراني

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 553 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و الهداة المهديين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين ابد الآبدين.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم‌بن‌ابرهيم انه قدسألني الشيخ المسدد و الفقيه المؤيد جناب الشيخ محمد‌بن‌المقدس المبرور الشيخ الصالح البحراني وفقه الله و ايده عن مسائل معضلة و مطالب مشكلة و لما وجدته اهلا للاجابة و اسعاف الطلبة التزمت اجابته و بادرت اليها و لما كانت تلك المسائل مما لم‌يحن بعد اوان كشفها و وقت هتك استارها اطويها تحت حجب الاستار صونا عن اعين النظار و حفظا عن مس الاغيار و مع ذلك لااخليها عن الاشارة و تلويح العبارة لئلايحرم عن فهم المراد اهلها و ابين بالايماء مواضع حزنها و سهلها و اقتصر من ذلك علي قدر الميسور لكون الاستيفاء لتمام الجواب في مثل هذا الزمان من المعسور و ما لايدرك كله لايترك كله و من الله الاعانة و به استعين و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

قال ايده الله اني كتبت الي جنابكم مسائل سألت عنها و من جملة تلك المسائل من اقصد في صلوتي في اياك نعبد و اياك نستعين و اهدنا و انعمت و كيف يكون ذلك و هو لايحاط به علما و الله من ورائهم محيط و المحيط لايكون محاطا و الحقيقة المحمدية لاتدرك و كذلك حقيقة اهل العصمة: بل و لاشيعتهم كيف و هم الذين اخذ الله علي الخلق الاقرار بهم و بمعرفتهم من بعدهم و كيف الوصول الي قلع الغواشي المانعة من صفاء المرآة و فيها الوساوس و الخيالات الفاسدة و اني و متي ذلك و لقدروي في تفسير «فلما تجلي ربه للجبل جعله دكاء و خر موسي صعقا» و كذلك السبعون الذين كانوا معه «انه ظهر لموسي ملك من ملئكة الكروبيين فوقع ما وقع عليهم و ان ذلك الملك من الشيعة».

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 554 *»

اقول نعم ما استنبط سلمه الله و قداستشكل في موضعه و تقريره انه قدقامت ضرورة الاسلام علي ان الله سبحانه لايدرك بالحواس الظاهرة و الباطنة في الدنيا و الاخرة و ان الذين يزعمون الرؤية لذات الله سبحانه او ادراكه باحد المدارك الحادثة المخلوقة خارجون عن حدود الاسلام داخلون في حدود الكفر لانهم انكروا ظاهر القرآن حيث قال الله سبحانه لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و انكروا ظاهر السنة حيث قدقامت الضرورة ان الله سبحانه لايدرك و لايحس و لايجس ففي التوحيد عن صفوان‌بن‌يحيي قال سألني ابوقرة المحدث ان ادخله الي ابي الحسن الرضا7 فاستأذنته في ذلك فاذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال و الحرام و الاحكام حتي بلغ سؤاله التوحيد فقال ابوقرة انا روينا ان الله عزوجل قسم الرؤية و الكلام بين اثنين فقسم لموسي 7 الكلام و لمحمد صلي الله عليه و آله الرؤية فقال ابوالحسن 7 فمن المبلغ عن الله عزوجل الي الثقلين الجن و الانس لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار و لايحيطون به علما و ليس كمثله شيء اليس محمد صلي الله عليه و آله قال بلي قال فكيف يجيء رجل الي الخلق جميعا فيخبرهم انه جاء من عند الله و انه يدعوهم الي الله بامر الله و يقول لاتدركه الابصار و لايحيطون به علما و ليس كمثله شيء ثم يقول انا رأيته بعيني و احطت به علما و هو علي صورة البشر اما يستحيون ماقدرت الزنادقة ان‌ترميه بهذا ان‌يكون يأتي عن الله بشيء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر قال ابوقرة فانه يقول و لقد رآه نزلة اخري فقال ابوالحسن7 ان بعد هذه الآية ما يدل علي ما رأي حيث قال ما كذب الفؤاد ما رأي يقول ما كذب فؤاد محمد صلي الله عليه و آله ما رأت عيناه ثم اخبر بما رأي فقال لقدرأي من آيات ربه الكبري فآيات الله غير الله و قال و لايحيطون به علما فاذا رأته الابصار فقداحاط به العلم و وقعت المعرفة قال ابوقرة فتكذب بالروايات فقال ابوالحسن اذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبت بها و ما اجمع المسلمون عليه انه لايحيط به علم و لاتدركه الابصار و ليس كمثله

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 555 *»

شيء و عن عبد الله‌بن‌سنان عن ابي‌عبدالله7 في قوله عزوجل لاتدركه الابصار و هو يدرك الابصار قال احاطة الوهم الاتري الي قوله قدجاءكم بصاير من ربكم ليس يعني بصر العيون فمن ابصر فلنفسه ليس يعني من البصر بعينه و من عمي فعليها لم‌يعن عمي العيون انما عني احاطة الوهم كما يقال فلان بصير بالشعر و فلان بصير بالفقه و فلان بصير بالدراهم و فلان بصير بالثياب الله اعلي من ان‌يري بالعين الي غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المقام المبينة لهذا المرام و قدقال علي7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها و قال 7 انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله و هجم به الفحص الي العجز و البيان علي الفقد و الجهد علي اليأس و البلاغ علي القطع و السبيل مسدود و الطلب مردود دليله آياته و وجوده اثباته و معرفته توحيده و توحيده تنزيهه من خلقه الخطبة وقددل صحيح الاعتبار المستنير بكتاب الله و آثار الابرار عليهم صلوات الله في آناء الليل و اطراف النهار علي ان الله سبحانه لايدرك بأدق الاوهام و لايعقل باذكي الاحلام و هو ان الله سبحانه قديم قداحدث ما سواه احداثا و اخترعه اختراعا و ابتدعه ابتداعا لم‌يأخذه من اصول ازلية و لا من عناصر قديمة و انما ابتدأه لا من شيء و لالشيء و لا في شيء و لابشيء و لاعلي شيء و لاكشيء فجميع ما سوي كنه ذاته القديمة مما احدثه احداثا فلايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه و لم‌ينزل هو سبحانه من رتبة القدم الذي هو عين ذاته الاحدية الي رتبة الحدوث فيعاينوه و لم‌يصعد شيء من الحوادث الي ذاته سبحانه فيشاهدوه و هو سبحانه قداحاط بخلقه علما و طويهم تحت احديته طيا و ليس هو في جانب و خلقه في جانب آخر و ليس بينهما فصل و لابينهما وصل هو خلو من خلقه و خلقه خلو منه و هو في جميع امكنة الخلق الوجودية مع خلوه عنها فكيف يقع ادراكهم عليه سبحانه و هو قدجل عن مصاقعتهم و مشاكلتهم و مماثلتهم و الادراك من شيء لشيء آخر لايكون الا بأحد ثلثة الانطباع و الاتحاد

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 556 *»

و الاحاطة اما الانطباع فشرطه وجود الشبح و الكم و الكيف و الجهة و الرتبة و الزمان و المكان في المدرك بالفتح حتي‌ينطبع في المَدرك بفتح الميم شبحه و مثاله كانطباع الاشباح في المرايا فالاشباح و الامثال منفية عنه تعالي اذ ليس كمثله شيء و لاستلزامها الاقتران و التركيب في ذاته سبحانه المنافية للاحدية و اما الاتحاد فلابد و ان‌يكون المدرك بالكسر متحدا مع المدرك بالفتح في النوع او الجنس و لو في الاعلي فيدرك المدرك المدرك بالحصة التي فيه من جنس المدرك بالفتح كما يدرك نفسه و لايشارك الله سبحانه احد من خلقه في نوع و لاجنس لما قدعرفت انه خلقهم لامن شيء و اما الاحاطة فكادراك المؤثر اثره بانطوائه تحته و طيه له فيدرك المؤثر بنفسه اي بنفس الاثر اذ هو بنفسه علمه و ادراكه له و ليس الله سبحانه باثر لغيره حتي‌يحيط غيره به و يدركه به فامتنع الادراك لله سبحانه و لذا قال علي7 كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم و لان الانسان لايخلو اما ان‌يستعمل حواسه الظاهرة فهي باجمعها مدركة للاعراض الجسمانية فالعين مدركة للالوان و الاشكال و الاذن مدركة للاصوات و الانف مدرك للروايح و اللسان مدرك للطعوم و البشرة مدركة للحرارة و البرودة و الملاسة و الخشونة و الخفة و الرزانة و الاشكال و الشدة و اللين و امثال ذلك و ليس الله سبحانه موصوفا بشيء من هذه الصفات فلايدرك بشيء من هذه المدارك و لو بادق التفاتاتها لان هذه الصفات لازمة للجسم و ليس الله بجسم و لايدرك المدرك الجسماني غير الجسم الاتري انك لاتدرك بحواسك الظاهرة العقل و النفس مثلا لكونهما غير موصوفين بصفة الاجسام و اما ان‌يستعمل حواسه الباطنة المفتوحة ابوابها الي عالم المثال و هي المتفكرة و المتخيلة و الواهمة و العالمة و العاقلة و كل ذلك مدرك للاشباح المثالية علي اختلاف مراتبها و علي ما تنطبع فيها فالمتفكرة مدركة للربط بين الشيئين و النسبة الحكمية بين الموصوف و الصفة و المتخيلة مدركة لصورة الشيء و مثاله مقرونا بمادته بحسب عالمها منفردا و الواهمة تدرك صورا جزئية انتزعت اجزائها من الخارج و ركبتها و ليس لها وجود

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 557 *»

خارجي مركبا مؤلفا و هي برزخ بين الماديات و المجردات في عالمها و العالمة تدرك صورا جزئية مجردة بحسب عالمها عن موادها و العاقلة تدرك معاني تلك الصور الجزئية و ليس شيء من ذلك بأِله قديم و لايليق بكرم وجهه و عز جلاله و اما ان‌يستعمل النفس الملكوتية و هي مدركة للصور العلمية الجزئية المجردة عن المواد الجسمانية و الصور المثالية و الاقترانات الهبائية و الصلوحات الطبيعية و ليس الرب جل‌ شأنه بصورة علمية جزئية لاستلزامه الكثرة و التركيب المستلزم للحدوث و اما ان‌يستعمل العقل فهو مدرك للمعاني الكلية المجردة عن جميع ما ذكر من الاشباح و الامثال و ليس الرب جل شأنه بمعني كلي فانه ايضا مركب و لايليق بكرم وجهه و عز جلاله و اما ان‌يدرك بالفؤاد المجرد عن الكلية و الجزئية و هو مدرك للحقايق السارية النافذة في المعاني الكلية و الصور الجزئية المجردة و المادية و ليس الرب سبحانه نافذا في خلقه مقرونا به ساريا فيه فان جميع ذلك من صفات خلقه و كلما يوجد في الخلق يمتنع في الخالق جل شأنه لانه اجراه و لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه قال علي7 كل ما في العالم من اثر غير موجود في صانعه و كل ما امكن فيه مستحيل في خالقه و قال7 كيف يستحق الازل من لايمتنع عن الحدث ام كيف ينشيء الاشياء من لايمتنع من الانشاء و لاتجري عليه الحركة و السكون و كيف يجري عليه ما هو اجراه و يعود فيه ما هو ابداه اذا لتفاوتت ذاته و لامتنع من الازل معناه و لما كان الباري تعالي غير المبروء الخطبة و ليس لك ذكر و لاوجود فوق الفؤاد فانه اول ما ذكرت فيه في عالم الاكوان فان اول ما خلق الله سبحانه من الخلق العقل لاخبار مستفيضة و الفؤاد هو حقيقة العقل و ليس فوقه للشيء ذكر و لاوجود الا بما هو مذكور في الامكان و هو لااختصاص له بشيء دون شيء و بوجود دون عدم و بادراك دون عدمه فاذاً امتنع ادراكه سبحانه بجميع المشاعر و المدارك فليس الله عبد من نعت ذاته و لااياه وحد من اكتنهه و لاحقيقته اصاب من مثله و لا به صدق من نهاه و لاصمد صمده من اشار اليه بشيء من الحواس و لا اياه عني من شبهه

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 558 *»

و لاعرفه من بعضه و لا اياه اراد من توهمه كل معروف بنفسه مصنوع و كل قائم في سواه معلول و الممتنع من الحدث هو القديم في الازل كل مدرك ممتاز و كل ممتاز موصوف و كل موصوف محدود و كل محدود مصنوع فطريق ادراكه مقطوع و باب اكتناهه مسدود و الطلب له مردود فمن تصور فغيره تصور و من توهم فغيره توهم و ذلك ان‌شاء الله ظاهر لاغبار فيه و لامرية تعتريه و كذلك الامر في حقايق المعصومين عليهم صلوات المصلين فان الله سبحانه خلقهم قبل كل مذروء و مبروء حيث لاسماء مبنية و لاارض مدحية و لالوح و لاقلم و لاكرسي و لاعرش ثم خلق ما خلق من شعاع انوارهم و اظلتهم و آثارهم و بذلك تضافرت الاخبار عنهم :منها ما رواه في العوالم نقلا من كتاب رياض الجنان لفضل‌الله بن‌محمود الفارسي عن انس بن مالك في حديث طويل عن النبي صلي الله عليه و آله خلقنا الله نحن حيث لاسماء مبنية و لاارض مدحية و لاعرش و لاجنة و لانار كنا نسبحه حين لاتسبيح و نقدسه حين لاتقديس فلما اراد الله بدو الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش فنور العرش من نوري و نوري من نور الله و انا افضل من العرش ثم فتق من نور ابن ابي طالب فخلق منه الملئكة فنور الملئكة من ابن ابي طالب و نور ابن ابي طالب من نور الله و نور ابن ابي طالب افضل من الملئكة و فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السموات و الارض فنور السموات والارض من نور ابنتي فاطمة و نور فاطمة من نور الله و نور فاطمة افضل من السموات و الارض ثم فتق نور الحسن فخلق منه الشمس و القمر فنور الشمس و القمر من نور الحسن و نور الحسن من نور الله و الحسن افضل من الشمس و القمر ثم فتق نور الحسين فخلق منه الجنة و الحور العين فنور الجنة و الحور العين من نور الحسين و نور الحسين من نور الله و الحسين افضل من الجنة و الحور العين الخبر و منه عن جابر بن عبد الله قال قلت لرسول الله صلي الله عليه و آله اول شيء خلق الله ما هو؟ فقال نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير ثم اقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله اقساما فخلق القلم من

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 559 *»

 قسم و اللوح من قسم و الجنة من قسم و اقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ثم جعله اجزاء فخلق الملئكة من جزء و الشمس من جزء و القمر و الكواكب من جزء و اقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ثم جعله اجزاء فخلق العقل من جزء و العلم و الحلم من جزء و العصمة و التوفيق من جزء و اقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ثم نظر اليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور و قطرت منه مائة الف و اربعة و عشرون الف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي و رسول ثم نفست ارواح الانبياء فخلق من انفاسها ارواح الاولياء و الشهداء و الصالحين و من مشارق الانوار عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي‌جعفر الثاني 7 فذكرت اختلاف الشيعة فقال ان الله لم‌يزل فردا متفردا في وحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا الف الف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليها طاعتهم و جعل فيهم منه ما شاء و فوض امر الاشياء اليهم فهم قائمون مقامه يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاؤا و لايفعلون الا ما شاء الله فهذه الديانة التي من تقدمها غرق و من تأخر عنها محق خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه و من الاختصاص عنهم :ان الله خلقنا قبل الخلق بالفي الف عام فسبحنا فسبحت الملئكة لتسبيحنا الي غير ذلك من الاخبار و لعلك قدعلمت ان هذا السبق ليس سبقا زمانيا فان الزمان من الخلق و ليس سبقا دهريا فان الدهر من الخلق و ان الله قدخلقهم قبل الدهر و الزمان حين لاقبل فان القبل خلق من خلق الله سبحانه فهم كانوا قبل الخلق و قبل القبل في الازلية الاولي كما قال علي 7 في خطبة رواها الصادق 7 لمفضل قال في اثنائها الذي كنا بكينونته قبل الخلق و قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين منه بدئنا و اليه نعود لان الدهر فينا قسمت حدوده و لنا اخذت عهوده و الينا برزت شهوده و قال في الخطبة الطتنجية انا الاول انا الاخر انا الباطن انا الظاهر انا مع الكور قبل الكور انا مع الدور قبل الدور انا مع

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 560 *»

 القلم قبل القلم انا مع اللوح قبل اللوح انا صاحب الازلية الاولية انا صاحب جابلقا و جابرسا انا صاحب الرفرف و انا مدبر العالم حين لاسماؤكم هذه و لاغبراؤكم الخطبة. فتقدمهم :تقدم رتبي لاوقتي و هم الآن في محلهم الاعلي و ليس شيء من الخلق معهم في رتبتهم و انما الخلق تحت رتبتهم بالف الف دهر و مثل تقدمهم علي ساير الخلق كما يقال ان السماء فوق الارض بخمسمائة عام و السماء سماء في محلها و الارض ارض في مكانها و كلتاهما موجودتان في محل قرارهما و ليس الارض مع السماء في رتبتها فتكون سماء و ليس معها ارض و انما الارض في محلها و كذلك هم كانوا و يكونون قبل الخلق بالف الف دهر و هم في محلهم و رتبتهم و الخلق في رتبتهم و ليس شيء من الخلق معهم في رتبتهم و جميع الخلق من فاضل انوارهم و اظلالهم و آثارهم كما عرفت و قال علي 7 خلقنا من نور الله و خلق شيعتنا من شعاع نورنا و قال الباقر 7 في حديث يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس و قال 7 في حديث ثم خلق شيعتنا و انما سموا شيعة لانهم خلقوا من شعاع نورنا الخبر. فكما انهم من شعاع نور الله و لايمكن لهم ان‌يدركوا ذات الله سبحانه لان الاثر محدث لامن شيء احدثه المؤثر باحداثه فمبدء الاثر دون تأثير المؤثر و احداثه و تأثيره و احداثه فعله محدث بنفسه عنده و اعلي درجات الاثر ادون من المؤثر بدرجتين و هذا معني ما روي انا اصغر من ربي بسنتين فلايمكن للداني ان يدرك العالي باحد انواع الادراك علي ما مر فكما انهم لايدركون الله لايدركهم شيعتهم الذين خلقوا من شعاع نورهم لانهم كما قالوا يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس قالوا شيعتنا منا كشعاع الشمس من الشمس فكما لايمكن وصولهم الي ذات الله سبحانه لايمكن وصول شيعتهم اليهم ابدا و لذا قال علي7 ظاهري امامة و وصية و باطني غيب ممتنع لايدرك و قال انا الذي لايقع علي اسم و لارسم و قال في صفة الامام ظاهره امر لايملك و باطنه غيب لايدرك واحد دهره و خليفة الله في امره و نهيه الي ان قال هل يعرف او يوصف او يعلم او يفهم

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 561 *»

 او يدرك او يملك من هو شعاع جلال الكبرياء و شرف الارض و السماء جل مقام آل محمد عن وصف الواصفين و نعت الناعتين و ان يقاس بهم احد من العالمين الخبر. و قال7 لاتسمونا اربابا و قولوا في فضلنا ما شئتم فانكم لن‌تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا و لامعشار العشر فاذا يمتنع لمن هو ادني منهم بما لايحصي ان‌يحيط بهم علما او يتحد بهم ذاتا او ينطبع في مرايا مداركه الموصوفة المحدودة ما لاوصف له و لاحد و لانعت و انما الادوات تحد انفسها و الآلات تشير الي نظائرها و انما تشمئز النفوس الشقية من نسبة عدم الادراك اليهم لانها تحسب ان تمامهم هو ما كانوا يرونه و لاتعلم انهم صلوات الله عليهم قبل خلق الخلق بالف الف دهر ثم انزلهم الله سبحانه الي ساير العوالم للاداء فالبسهم اللباس البشري حتي يروهم و يخاطبوهم بلغتهم و الا هم كما قال علي7 بشر ملكي و جسد سماوي و امر الهي و روح قدسي و مقام علي و نور جلي و سر خفي فهو ملكي الذات الهي الصفات الخبر. و قال كنا بكينونته قبل الخلق و قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين و لكنهم قاسوا آل محمد :بانفسهم الكثيفة الغاسقة فزعموا ان مبدئهم التولد البشر الجسماني و منتهاهم الموت الجسدي هيهات هيهات الم‌يسمعوا ما رويناه من الطتنجية آنفا من قوله انا مدبر العالم الاول حين لاسمائكم هذه و لاغبراؤكم و قال7 لو كشف لكم ما كان مني في القديم الاول و ما يكون مني في الآخر لرأيتم عجائب مستعظمات و امورا مستعجبات و صنايع و احاطات انا صاحب الخلق الاول قبل نوح الاول و لو علمتم ما كان بين آدم و نوح من عجائب اصطنعتها و امم اهلكتها فحق عليها القول فبئس ما كانوا يفعلون انا صاحب الطوفان الاول انا صاحب الطوفان الثاني انا صاحب سيل العرم انا صاحب الاسرار المكنونات انا صاحب عاد و الجنات انا صاحب ثمود و الآيات انا مدمرها انا مزلزلها انا مرجفها انا مهلكها انا مدبرها انا بانيها انا داحيها انا مميتها انا محييها الخطبة فاذاً تبين ان لهم عليهم

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 562 *»

السلام مقامات و رتبا عديدة غير هذه الصورة البشرية و تلك علي ما وصفنا من انها غيب لايدرك و امر لايملك فامتنع ادراكهم لمن هو من شعاع نورهم و اظلالهم و آثارهم لان الاثر لايلحق رتبة المؤثر ابدا و لايدركه سرمدا فهم محجبون باستار القدرة و العظمة و حجب الجلال كما احتجب ربهم بهم عنهم و عن سواهم و كذلك الامر في شيعتهم لكن علي تفصيل يلزم بيانه و هو ان مراتب الناس مختلفة في القرب و البعد عن المبدء فمنهم من ليس له الا الحيوة الحيوانية فقط و له صفاتها التي هي البصر و السمع و الذوق و الشم و اللمس و خاصيتاها و هما الرضا و الغضب فلايدرك الا ما ادركته حواسه الخمسة فهم الذين لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون و قال سبحانه ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا فليس لهم الا الحواس الخمسة الظاهرة فيدركون المحسوسات الظاهرة فينفرون عن بعضها بالطبع الذي جبلوا عليه طبعا كانهم حمر مستنفرة فرت من قسورة و يميلون الي بعض طبعا من غير روية و لاعقل و انما طباعهم الذي جبلوا عليه يستوحش عما ينافيهم و يستأنس بما يشاكلهم كاستيحاش الحرارة من البرودة و بالعكس و انس الحرارة بالحرارة و البرودة بالبرودة الاتري ان الزيبق كيف يفر من النار و انما هو كذلك لان طباعه مناف للنار فيفر منها و كذلك الاجسام التي تصعد بسبب النار كالكافور مثلا و كذلك فرار المعزي من الذئب لمنافاة طباعها معه فتخاف منه و تنهزم من غير روية و لاشعور و كذلك اكثر الناس ليس لهم حظ الا ما تراه عينهم و تسمعه اذنهم و ادركته ساير حواسهم الظاهرة و لايعقلون شيئا و يحبون رجلا بلاروية و يستأنسون و يبغضون رجلا بلاجهة و لاشعور و لوسألتهم عن العلة لقالوا لانحبه او نحبه ثم لايدرون الوجه فيه و انما فضلوا علي ساير الحيوان بكثرة المشاكلة بهيئة الانسان و عدم مشيهم علي وجوههم و يوم القيمة يحشرون علي وجوههم الي جهنم اولئك شر مكانا و اضل سبيلا و صنف من الناس ترقوا من عالم الحيوانية الصرفة و وصلوا الي رتبة الشياطين فلهم الحواس الظاهرة و لهم شيطنة اخري

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 563 *»

حاكمة علي الحواس فينكرون ما ينكرون عن عناد و لجاج و عداوة عن شعور و شقاوة و الحاد و قدقال الله سبحانه فالذين لايؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة و هم مستكبرون وقال هل انبئكم علي من تنزل الشياطين تنزل علي كل افاك اثيم يلقون السمع و اكثرهم كاذبون و قال يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها و قال و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم الي غير ذلك و قدسماهم الله بشياطين حيث قال و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس و الجن يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غرورا و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون و قال اذا خلوا الي شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزؤن و ما ذكرنا هؤلاء الا استطرادا و هؤلاء لايؤمنون و انما كلامنا في المؤمنين فالمؤمنون الذين آمنوا بالله و رسله و آياته هم علي درجات و قدسبّق الله بينهم كما يسبق الخيل يوم الرهان فقال و استبقوا الخيرات اين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا وقال سابقوا الي مغفرة من ربكم و جنة عرضها كعرض السماء و الارض الآية فتسابقوا علي قدر قوتهم فسبق جمع و تأخر آخرون و قدقال الله سبحانه و السابقون الاولون من المهاجرين و الانصار و الذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و اعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم و قال و السابقون السابقون اولئك المقربون و قال حكاية عن تابعي المهاجرين و الانصار ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان و لاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤف رحيم فتختلف درجات المؤمنين علي مقدار سبقهم و ليس المراد السبق الزماني و انما المراد السبق الرتبي فان للايمان درجات فرب من تأخر زمانا و تقدم رتبة و رب من تقدم زمانا و تأخر رتبة و انما المراد الاستباق الي الخيرات و المغفرة فايهم اقرب الي المغفرة و الخيرات هو اسبق و ايهم ابعد هو اكثر تأخرا فالمؤمن الذي في الرتبة الدنيا لايمكنه لحوق الرتبة العليا و الوصول اليها و الاحاطة بها كما هو شأن اهل الجنة فان من كان درجته في الجنة ادني لايمكنه الصعود الي درجة اخيه الذي هو اقرب منه الي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 564 *»

الله سبحانه و اعلي درجة و انما يصل الي بابه لا الي درجته فقيل للصادق7 ان المؤمنين يدخلان الجنة فيكون احدهما ارفع مكانا من الآخر فيشتهي ان‌يلقي صاحبه قال من كان فوقه فله ان‌يهبط و من كان تحته لم‌يكن له ان‌يصعد لانه لايبلغ ذلك المكان و لكنهم اذا احبوا ذلك و استهووه التقوا علي الاسرّة و قال7 ان الثواب علي قدر العقل و قال انما تفاضل القوم بالاعمال و عن النبي9 انما يرتفع العباد غدا في الدرجات و ينالون الزلفي من ربهم علي قدر عقولهم هـ. فالذي عقله اكثر درجته اعلي و الذي عقله اقل درجته ادني و كما انه لايمكن لذي العقل الاقل درك ما يدركه ذو العقل الاكثر كذلك لايمكن لذي الدرجة الدنيا الصعود الي الدرجة العليا فالتابعون من المؤمنين لايمكن لهم الصعود الي مقام السابقين و الاحاطة بهم و الاتحاد بهم و انطباع مقامهم في مداركهم و لذا قيل في المثل الساير «انما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه» و عن مالك الجهني قال قال ابوجعفر7 يا مالك انتم شيعتنا لاتري انك تفرط في امرنا انه لايقدر علي صفة الله فكما لايقدر علي صفة الله كذلك لايقدر علي صفتنا و كما لايقدر علي صفتنا كذلك لايقدر علي صفة المؤمن و عن زرارة عن ابي‌جعفر7 قال سمعته يقول ان الله عزوجل لايوصف و كيف يوصف و قال في كتابه و ما قدروا الله حق قدره فلايوصف بقدره الا كان اعظم من ذلك و ان النبي صلي الله عليه و آله لايوصف و كيف يوصف عبد[1] احتجب الله عزوجل بسبع و جعل طاعته في الارض كطاعته في السماء فقال «ما آتيكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا» و من اطاع هذا فقد اطاعني و من عصاه فقدعصاني و فوض اليه و انا لانوصف و كيف يوصف قوم رفع الله عنهم الرجس و هو الشك و المؤمن لايوصف الخبر. و عن اسحق بن عمار قال قال ابوعبد الله 7 ان الله عزوجل لايقدر احد قدره و كذلك لايقدر قدر نبيه و كذلك لايقدر قدر المؤمن الخبر

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 565 *»

فاذا كان المؤمن لايوصف كما ان الله لايوصف و نبيه و آله: لايوصفون فلايعرف المؤمن و لايحيط به من هو ادني منه و لايتحد معه و لاينطبع في مدارك الداني ذات المؤمن فان ما ينطبع يوصف لامحة فما اخطأ سلمه‌الله في ما استشكل و اصاب فيما مثل و ذلك لان من المؤمنين من كان رتبته في الاجسام فلم ينكشف له عما فوقها و منهم من كان رتبته في عالم المثال و كشف له عنه و شاهده ولكن لم‌ينكشف له عن عالم الهباء و منهم من انكشف له عن عالم الهباء و شاهده و لم‌ينكشف له عن عالم الطبع و الكثيب الاحمر و لم‌يشهده و منهم من انكشف له عن عالم الطبع و شاهده بعينه و لم‌ينكشف له عن عالم الاظلة‌ و الرفرف الاخضر و لم‌يشهده و منهم من انكشف له عن عالم الاظلة و شاهده و لم ينكشف له عن عالم الرقائق و ارض زعفران و منهم من انكشف له عن عالم الرقائق و شاهده و لم‌ينكشف له عن عالم العقول و لم‌يشهده و لم‌يره فهذه هي الجنات السبع التي يتفاضل المؤمنون فيها و لايصعد الداني الا الي الباب ولكن للعالي ان‌ينزل الي درجة الادني و يلاقيه بما يناسب درجته كما ان من كان في رتبة الاجسام لايمكن ان‌يدرك عالم المثال بمشاعره الجسماني الا ان‌يتجسم المثال و يظهر بالصورة الجسمانية حتي‌يدرك الجسماني بمدركه لان الادوات تحد انفسها والآلات تشير الي نظائرها و الآلات الجسمانية و ادواتها لاتدرك الا الاجسام و الذي يدرك المثال و صعد احدث له مدارك مثالية و رتبة مثالية حتي‌ادرك عالم المثال بها فصاحب الدرجة العليا له من عناصرها و جواهرها حقيقة استحق بها الكون في تلك الدرجة و ليس للداني تلك الحقيقة فلايصعد الي الدرجة التي فوقها انظر الي قول الصادق 7 اول من سبق الي بلي رسول الله9 و ذلك انه اقرب الخلق الي الله و كان بالمكان الذي قال له جبرئيل 7 لما اسري به الي السماء تقدم يا محمد فقدوطئت موطئا لم‌يطأه ملك مقرب و لانبي مرسل و لولا ان روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان‌يبلغه و كان من الله عزوجل كما قال قاب قوسين او ادني اي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 566 *»

 بل ادني انظر الي استدلاله7 انه صعد الي مقام قاب قوسين لانه كانت روحه و نفسه منه و لولا انهما منه لم‌يقدر ان‌يصله كذلك المؤمن لايصل الي عالم المثال الا ان‌يكون روحه و نفسه منه فاذا كان روحه و نفسه منه لم‌يدركه الذي مقامه الاجسام و مشاعره جسمانية كما لايدرك العين و الاذن و الشم و الذوق و اللمس شيئا من عالم المثال فلايعرف المؤمن الداني حقيقة المؤمن العالي ابدا و لايلحقه و لايقارنه و قداطلنا هذا المقام من باب المقدمة لما نريد ان‌نبين من كيفية الخطابات المسئولة و التوجهات المطلوبة و لان‌تعلم انه يهجم بك الفحص عن العالي الي العجز و البيان علي الفقد و الجهد علي اليأس و البلاغ علي القطع و السبيل مسدود و الطلب مردود و الامر مشكل لابد و ان‌يطلب و يفحص عما ينبغي ان‌يخاطب او يتوجه اليه فانك اذا عرفت ان معرفة المؤمن صعبة و الوصول اليهم مشكل كيف يمكن معرفة الله القديم سبحانه و الوصول اليه و التصور له و المخاطبة اياه فان لم‌تعبد شيئا و لم‌تخاطب احدا فماذا تصنع و ان‌تعبد احدا و تخاطب احدا فمن هو و انت لايمكن لك ان‌تعقل عن الله سبحانه و لا ان‌تتوهمه و لو بادق فهمك و لا ان‌تشير اليه باحد مداركك لما عرفت فاذا استعددت للفهم و المعرفة فافهم راشدا موفقا ان الله سبحانه يقول ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون و قال في القدسي كنت كنزا مخفيا فاحببت ان‌اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف فظهر و تبين ان العلة الغائية للخلق عبادته سبحانه و معرفته و قدعرفت ان الطريق الي الذات مسدود و الطلب لها مردود فلذلك وجب في الحكمة ان‌يعرف نفسه لعباده و يتجلي لهم من غير ان‌يتغير عن حال الي حال او يتبدل كيانه بالانتقال بحيث يمكن لهم الاطلاع عليه حتي‌يمكن لهم معرفة ذلك التعريف و الاطلاع علي ذلك التوصيف و لو كان ذلك التجلي بحيث لايمكن لهم دركه و الوصول اليه لكان لغوا تجليه لهم و خلقته اياهم و هو حكيم و تعالي عن اللغو و العبث فتجلي لهم بما يمكن لهم الوصول اليه و الاطلاع عليه و جعل ذلك التجلي جهة تعريفه و تعرفه و توصيفه و جعل معرفته معرفته و انكاره انكاره و جعله وجهه المكشوف لعباده و سبيله المفتوح لهم و امرهم

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 567 *»

بالتوجه الي ذلك الوجه و السلوك فيه و امرهم بمعرفته و التوسل اليه و التقرب اليه و ليس ان ذلك بجعل منه من غير مناسبة و حكم منه تعبدا بل لاجل ان الشيء لايعرف الا هكذا و لامعني لمعرفة شيء الا هذا قال الله سبحانه سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي‌يتبين لهم انه الحق اولم‌يكف بربك انه علي كل شيء شهيد و قال الرضا7 قدعلم اولواالالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا و قال الله و في انفسكم افلاتبصرون و قال الصادق 7 العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما خفي في الربوبية اصيب في العبودية و ما فقد في العبودية وجد في الربوبية ثم استشهد بآية الآفاق و الانفس فنحن اذا نظرنا في معرفتنا بزيد رأينا انه لاندرك منه الا وجهه و تخطيطاته و كمه و كيفه التي تجلي بها لنا و نحن لاندرك بحواسنا الظاهرة شيئا من ذاته و عقله و روحه و نفسه و انما نعرف منه تجليه لنا بالجسم و هو وجهه الذي جعله قائما مقامه في الاداء في عالم الاجسام اذ كان لاتدركه الابصار و لاتسمعه الآذان و لاتشمه الانوف و لاتذوقه الالسن و لاتلمسه الاخماس فتجلي للاجسام بالجسم الذي يمكن لحواسها دركه و يمكن لها التوجه اليه و المخاطبة له و المساورة مع انك تخاطب زيدا بقولك اياك اريد و منك اطلب و انت كذا و كذا و لاتريد بخطابك صبغه و لاهيئته بوجه من الوجوه اذ نريك ينقلب صبغه و هيئته و انت تخاطبه كما كنت تخاطبه و تريده كما كنت تريده و انما كان ذلك لانك جعلت صبغه و هيئته وصلة لك اليه و وسيلة منك عنده و بابك اليه و سبيلك اليه و كنت تدخل اليه من هذا الباب فاذا تغير الباب و اتخذ بابا غيره تدخل عليه من غيره اذ لم‌يكن الباب مقصودا بالذات و انما المراد المقصود بالذات ذاته فلما منعت عن ادراكه و قصرت عن الاطلاع عليه اتخذت اليه بابا و سبيلا فتتوجه الي مقصدك و ان‌كان توجهك لايقع الا الي الباب فالباب هو جهة توجهك و ذوالجهة هو مقصودك الاتري ان زيدا لو كان في جانب المشرق تتوجه الي المشرق و انت لاتريد المشرق و انما تريد من في

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 568 *»

المشرق و لنعم ما قال الشاعر:

امر علي جدار ديار ليلي   اقبل ذاالجدار و ذاالجدارا
و ما حب الديار شغفن قلبي
و
  و لكن حب من سكن الديارا

و لابد ان‌نفصل هنا تفصيلا في الفصل حتي‌تعرف المقصود في الوصل اعلم انه فرق بين جهة العبادة و المعبود و جهة الخدمة و المخدوم و من لم‌يعرف لايفوز بالمراد و لايهتدي الي طريق السداد اما جهة العبادة و الخدمة فهي التي تقترن خدمتك بها و تقع عليها و تتصل بها و اما المخدوم من تريد بخدمتك اياه و بعثك الي الخدمة و هيجك اليها الاتري ان السلطان يأمر خادما من خدامه بسياسة فرس و تعليقه و تنظيفه و تعليفه و تسقيته ليلا و نهارا و الخادم يتوجه الي الفرس دائما و يعلقه و ينظفه و يعلفه و يسقيه و تقع خدماته عليه و توجهه اليه و نظره عليه لايري السلطان بعينه ابدا ولكن ليس مخدومه الفرس و انما مخدومه السلطان و هو مؤتمر امره طالب مرضاته قاصد التقرب اليه و الزلفي لديه و ليس يشرك الفرس مع السلطان في المخدومية و لايجعله مستقلا في المعبودية و انما المخدوم هو السلطان مستقلا وحده لاشريك له و انما السلطان امره بهذه الخدمة و جعل وجه الخدمة ذلك الفرس الاتري انه لو امره بالاعراض عن الفرس اعرض عنه من ساعته و انما جعل السلطان فرسه جهة عبادة عبده و جهة خدمة خادمه لان خدمة ذلك الخادم لم‌يكن يليق به و انما كان يليق بفرسه و كذلك امر خادما له آخر بالرعي و خادما له آخر بسقي النخل و الزرع و خادما له آخر بحفظ بيت المال و آخر بالمطبخ و آخر بحفظ الثغور و هكذا فجعل لكل منهم شرعة و منهاجا و لكل وجهة هو جل جلاله موليها و امرهم ان‌يستبقوا الخيرات و ان‌يبتغوا اليه الوسيلة اذ كان لايليق به خدمة احد من خدامه و لم‌يكن لاحد منهم لياقة الحضور عنده و الوقوف لديه و النظر اليه و جميع عبيده يعبدون اياه و لايخدمون سواه و انما جهات الخدمة اختلفت بحسب قوابل الخدام و هو المخدوم للكل باحديته و ان خدمات الكل لايقع الا علي جهاتها و لايصل الا اليها و لايقترن الا بها فاذا عرفت المثل في الفصل فاعرف المقصود في الوصل كذلك وجه

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 569 *»

زيد الظاهر بين ظهراني الاجسام و بدنه الظاهر بين الاجساد هو جهة تعريفه و تعرفه تجلي به للاجسام و امرهم ان‌يتوجهوا اليه و يخاطبوا اياه و ينظروا اليه ولكن المقصود هو ذاته الغيبية و نفسه الخفية التي جلت عن ملامسة الاخماس و عن ادراك الناس فلايريد منهم الا معرفة ذلك التجلي و لايكلفهم الا التوجه اليه و لايطلب منهم الا النظر اليه فاذا عرفته عرفت زيدا كما اذا خدم الخادم الفرس خدم السلطان و اذا توجهت اليه توجهت الي زيد و اذا نظرت اليه نظرت الي زيد و اذا اتيته اتيت زيدا و اذا اعطيته اعطيت زيدا و اذا منعته منعت زيدا و اذا احببته احببت زيدا او ابغضته ابغضت زيدا او صافحته صافحت زيدا او ادبرت عنه ادبرت عن زيد او اقبلت اليه اقبلت الي زيد مثل ذلك الخادم الذي جهة خدمته ذلك الفرس حرفا بحرف و لولا ذلك الوجه لامتنع لمدارك الاجسام و آلاتها و ادواتها ان‌تدرك ذات زيد او تساورها او تعاشرها او تعاملها او تقارنها او تفعل بها شيئا من ذلك و لااريد ان‌اقول ان معرفة جسم زيد بمنزلة معرفة زيد للاجسام و قراناته بمنزلة قراناته و انما اريد ان‌اقول انه ليس لزيد في عالم الاجسام غير هذه المعرفة و تمام معرفة جسمه تمام معرفة زيد و تمام معرفة زيد تمام معرفة جسمه و تمام قرانات جسمه تمام قرانات زيد و تمام قرانات زيد تمام قرانات جسمه ليس له في عالم الاجسام قران و لامعرفة و لاانكار غير هذا القران و هذه المعرفة و هذه الانكار و انما يصح المنزلة اذا كان يوجد المشبه‌به بفرده في مقام ففي مقام لايوجد يشبه ما وجد فيه بما لم‌يوجد و اذ ليس يوجد المشبه‌به في مقام بفرده فتمام المشبه تمام المشبه‌به فافهم ذلك راشدا موفقا فاذا لما عرفت ان الله سبحانه امتنع عن الادراك قدسه و تعالي عن المعرفة لطفه و جل عن الملامسة ذاته و عز عن المساورة كنهه وجب في الحكمة ان‌يتجلي لكل عبد من عباده بما يمكنه التوجه و الوصول و النظر اليه و يمكنه مخاطبته لانه ان لم‌يتجل بما يمكنهم الوصول اليه و المعرفة له صار الخلق عبثا لان ذاته جلت عظمته ليست تتغير عن كيانها و لايتبدل حالها و لاتنقلب عما هو عليها فلاتظهر بعد خفا و لاتدنو بعد علو و لاتتحرك بعد سكون و لاتنكشف بعد استتار و انما هو

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 570 *»

هو علي ما كان عليه و الخلق ايضا حدوث في حدهم و مقامهم ليس لهم مدرك من جنس الازل فيدركوه به فاذا كان يمتنع المعرفة و التوجه لهم بالنسبة اليه سبحانه فكان الخلق عبثا و لغوا اذ قال خلقت الخلق لكي اعرف و قال ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون تعالي الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا و ذلك الوجه الذي تجلي به لعباده هو وجهه الذي لايبيد و لايهلك و لايفني الذي اشار اليه في قوله كل من عليها فان و يبقي وجه ربك ذو الجلال و الاكرام و قال كل شيء هالك الا وجهه له الحكم و اليه ترجعون و هو ما عرف به نفسه لخلقه و تجلي لهم به و النور الذي خلقهم منه و المثال الذي القاه في هوياتهم المشار اليه في حديث النبي صلي الله عليه و آله اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و كذا قال علي7 فقيل يا اميرالمؤمنين كيف ينظر بنور الله قال7 لانا خلقنا من نور الله و خلق شيعتنا من شعاع نورنا فهم اصفياء ابرار اطهار متوسمون نورهم يضيء علي من سواهم كالبدر في الليلة الظلماء و قال7 في حديث تجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله فذلك الوجه هو ذلك النور و ذلك المثال و هو النفس التي قال رسول الله صلي الله عليه و آله من عرف نفسه فقد عرف ربه و روي اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه و في الانجيل اعرف نفسك تعرف ربك ظاهرك للفناء و باطنك انا و ذلك لان ذلك الوجه هو جهة الشيء الي ربه و اول اذكاره في الاكوان و هو اثر فعله سبحانه و الاثر لابد و ان‌يكون بالفطرة لو خلي و نفسه علي هيئة مؤثره كما تري ان شبح السراج في المرآة يشبهه و شبح الشمس يشبهها و شبح القمر يشبهه و لما كان هو اثر فعله سبحانه و لما يختلط بظلمات البعد و كثافاته و كثراته و اختلافاته و تراكيبه هو اشبه شيء بفعله سبحانه و ظهوره له علي حسب هواه بحيث يرضي ان‌يضيفه الي نفسه و يوصف نفسه به و ان كان بعد ما تنزل تنزه عنه و عن ما هو عليه ولكن قبل ان‌يختلط بكثافات البعد يكون علي طبق فعله سبحانه و يضاف اليه للزوم مطابقة الاثر مع صفة مؤثره مثال ذلك انك لو قابلت مرآة عوجاء يقع شبحك فيها اعوج لما

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 571 *»

يكتسب من عوجها علي ما كان يمكن فيه من الاعوجاج بالاستكمال و الاكتساب و انت اذا نظرت الي هذا الشبح من حيث الصدور منك تراه علي هيئتك و مثالك و تحبه و تهواه و اذا نظرت اليه من حيث اعوجاجه بسبب المرآة تتبرؤ منه فتقول انه ليس مني و لا الي كما في القدسي يا آدم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي و كذلك ذلك الشبح الاعوج لو كشف عن نفسه سبحات الاعوجاج و عرف نفسه و وحدها من حيث الصدور علي ما صدر عرفك من حيث الظهور الذي هو تلك النفس بعينها فانك لم‌تظهر لها الا بها و هو لايريك الا بها و فيها فلا انت نزلت من مقام الشاخص الي مقام الشبح و لا هو صعد من مقام الشبحية الي مقام الشاخصية و انما تجليت له به و جعلته آية تعريفك و تعرفك له به و عينك التي اعرته اياها ليريك بها و انت ايضا تراه بها كما قال الشاعر

اذا رام عاشقها نظرة   و لم‌يستطعها فمن لطفها

 

اعارته طرفا رآها به   فكان البصير بها طرفها

فهو سبيل الشاخص للشبح و وجهه و بابه يخرج الشاخص منه اليه جميع امداده و فيوضاته واشراقاته و يصعد الي الشاخص جميع الكلم الطيب من الشبح من الاقرار و الاذعان بالشاخص و جميع اعماله الصالحة الاستمدادية و هو اذنه التي بها يصغي الي ندائه و لسانه الذي به يترجم له عن نفسه و يده التي يقبض و يبسط عنه و له و جنبه الذي من اوي اليه امن و فاز و كنفه الذي من اوي اليه نجا و ظله الذي من استظل به سلم و وصفه الذي من عرف موقعه بلغ قرار معرفته و يرجع منه اليه و نوره الذي من استضاء به هدي فمهما اجتهد و جاهد الشبح الواقع في المرآة في سبيل الشاخص و امتثل اوامره الداعية الي هيئات مثاله و وصفه و خلقه و اجتنب نواهيه الزاجرة عن هيئات المرايا المصبوغة الملونة التي هي علي خلاف كينونة الشاخص و هداه الشاخص يبلغ مقاما يتطهر عن ادناس الاعوجاجات و الاصباغ و يستقيم و يصفو مرآة قابليته و يشرب من رحيق ذلك المثال علي ما قال الله سبحانه لو استقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا و يصير علي هيئة الشاخص و مثاله فيصير حينئذ علي ما بينا وجهه و بابه و سبيله و جنبه و يده و لسانه و كنفه و ظله و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 572 *»

نوره و دليله و آيته و عنوانه و يصير علي ما قال الشاعر

رق الزجاج و رقت الخمر   فتشاكلا فتشابه الامر
فكانما خمر و لاقدح   و كانما قدح و لاخمر

و قدقال الله سبحانه في القدسي من اهان عبدي المؤمن فقد استقبلني بالمحاربة و ما تقرب عبدي المؤمن بمثل اداء الفرائض و انه ليتنفل لي حتي‌احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي ينظر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها الخبر. رواه في المحتضر و انما المراد باداء الفرائض والتنفل التهيؤ بهيئة ذلك المثال الملقي في هويته الذي هو نفسه و نوره و جهته الي ربه فاذا اجتنب هيئات مرآة الانية و القابلية و تهيأ و اتصف بصفة ذلك النور يبلغ هذا المقام و عن الصادق7 في قوله تعالي كل شيء هالك الا وجهه قال كل شيء هالك الا من اخذ طريق الحق و قال7 من اتي الله بما امره من طاعة محمد و الائمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لايهلك ثم قرأ من يطع الرسول فقد اطاع الله هـ اي من يطع الرسول في اوامره الداعية الي التهيؤ بهيئة المثال الملقي و التخلق باخلاق الله فقد اطاع الله اي تهيأ بهيئته و اتصف بصفته فانه الاطاعة الحقيقية قال الله تعالي ان‌كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله لانكم تصيرون علي هيئته حينئذ و هيئته محبوبة له لامحة لانها صفته و في القدسي يابن آدم انا رب اقول للشيء كن فيكون اطعني فيما امرتك اجعلك مثلي تقول للشيء كن فيكون فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم انه لاسبيل للشبح الي الشاخص الا هذا النور و لاباب له اليه الا هذه النفس التي نبهنا عليها و لاتعرف الشاخص له الا بها و هي جهة ظهوره لها بها و جهة مخاطبيته لها بها فمن رام ان‌يعبد الله سبحانه فليعبده بها و ليتوجه اليه بها و ليتقرب اليه بها فانه ليس منه الا هي فانما حق و خلق لاثالث بينهما و لاثالث غيرهما كما قال الرضا7 فما ليس برب هو خلق و ما ليس بخلق هو رب فاذا امتنع ادراك الرب و الاشارة اليه ليس السبيل الا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 573 *»

الخلق و ليس شيء من الخلق سبيل الله و وجهه الا تلك النفس التي عرف نفسه بها فمن عرفها فامامه يقين و من جهلها فامامه سجين فيجب ان‌يكشف العبد حين التوجه عن تلك الحقيقة جميع السبحات و الصفات حتي الاشارة و يتوجه الي الرب جل شأنه بها و من السبحات ممَّ و لمَ و علي‌مَ و فيمَ و مع‌مَ و كيف و النسبة و الرابطة و الجهة و الزمان و المكان و الرتبة و اللون و الوزن و التخطيط و التحديد و التوصيف و الوضع و الاجل و الخطاب و المخاطَبية و المخاطِبية و الغياب و الحضور و العبودية و العبادة و المعبودية و المحبة و الحبيبية و المحبوبية و الاسم و الرسم و انا و انت و هو و الالتفات و الاشارة و الكناية و التوهم و التفهم و التعقل و الوصل و الفصل و الاثرية و المؤثرية و النورية و المنيرية و الخلق و الرزق و الحيوة و الموت و الفنا و البقاء و الحدوث و القدم و التوحد و التعدد و العلو و السفل و اللطافة و الكثافة و البطون و الظهور و الرقة و الغلظة و الحركة و السكون و البعد و القرب و العلم و الجهل و العمي و البصر و السميعية و الاصمية و النطق و البكم و السلوك و الوقوف و التنزه و التلوث و الوجود و العدم و القوة و العجز و الانقباض و الانبساط و اللطف و القهر و الاخذ و التخلية و العذاب و المغفرة و النعيم و الشقاء و العز و الذل و الرضا و الغضب و الحسن و القبح و غير ذلك من الابوة و البنوة و الحسب و النسب و هكذا فتنسي جميع ذلك و لاتذكره لابوجود و لاعدم و لانفي و لااثبات فاذا فعلت فقدوصلت الي تلك النفس النفيسة و نظرت بها اليه سبحانه فتخاطبه حينئذ بقولك «اياك نعبد و اياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم» و تناجيه بلسانه و تنظر اليه بعينه و تمد اليه يده بالسؤال و حاشا ان‌يقلب يده اذا مدت اليه صغرا و ان يغشي عينه اذا شخصت اليه خضوعا و يرد حاجته التي سأله بلسانه خائبا و هنالك اذا سألته اعطاك و اذا سكت عنه ابتداك و اذا ناديته لباك و اذا استرحمته رحمك و اذا استغفرته غفر لك و لايكون ذلك كله و لاتقدر عليه الا بعد ان‌تذكر انطوائك تحت احديته انطواء المقدور الذليل تحت قدرة القدير الجليل و تصير متلاشيا تحت سطوع انوار عظمته مضمحلا تحت لوامع بروق تجلياته فتفني من نفسك و يبقي كما قال كل من عليها علي ارض القابلية و الانية فان و يبقي وجه

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 574 *»

 ربك ذو الجلال و الاكرام فذلك وصف مقام المؤمن عند قيامه في محل القرب و المناجاة و تقصد معانيه علي ما ظهر لك بك و تدخل اليه من بابه الذي فتحه لك و تتوجه الي تلك النفس النفيسة الشريفة الجليلة العلية الكريمة التي وضعه فيك و السكينة التي انزلها في قلبك الذي هو عقلك فهي حينئذ جهة عبادتك و انت تعبد الله وحده لاشريك له امتثالا لقوله و قضي ربك الاتعبدوا الا اياه و لابد و ان‌تغفل عن جهة العبادة و تذهل عنه بالكلية حتي لاتري لها عينا و لااثرا

فكيف تري ليلي بعين تري بها   سويها و ما طهرتها بالمدامع

و تلك النفس لو كانت محسوسة لك لكانت صنما لك يحجبك عن عبادة الله و رؤيته و يدخلك في حزب الوثنيين عبدة الجبت و الطاغوت و انما هي وجه اذا غفلت عنها و رأيت ذا الوجه و اذا رأيتها بنفسها هي ظهر و ليس البر ان تأتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها فما لم‌تر منه البيت هو ستر لاباب و ليس الباب هو الخشبة المعلقة اذ هو الحجاب و انما هو الخرق النافذ الي البيت و ان لم‌يكن داخل البيت محسوسا منه فهو حجاب لاباب فاذهل عن الباب و اكشف الحجاب و ارفع النقاب حتي‌تري الوجه المستطاب و انما يتذكر اولوا الالباب و لايجوز البيان اكثر من هذا فان للحيطان آذانا و لولا خوف من فرعون و ملائه ان‌يفتنهم لأرخيت عنان القلم حتي‌تري ما لمحت اليه مصرحا و ما طويته مكشوفا ظاهرا و لكن

اخاف عليه من غيري و مني   و منك و من مكانك و الزمان
و لو اخفيته في جوف عيني   الي يوم القيمة ما كفاني

قال سلمه الله تعالي و ما معني ما رأيت شيئا الا و رأيت الله قبله او معه و اين ما تولوا فثم وجه الله و لو انكم ادليتم بحبل الي الارض السابعة السفلي لهبط علي الله و قال اميرالمؤمنين7 ان الله تجلي لعباده من غير ان رأوه و اراهم نفسه من غير ان‌تجلي لهم و قال سيد الشهداء عليه و علي جده و ابيه و امه و اخيه

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 575 *»

و بنيه السلام في دعاء عرفة كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك متي غبت حتي‌تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي‌تكون الآثار هي التي توصل اليك عميت عين لاتريك و خسرت صفقة عبد لم‌تجعل له من حبك نصيبا و قال ايضا تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء و قال تعرفت لكل شيء حتي رأيتك ظاهرا في كل شيء فانت الظاهر لكل شيء.

اقول لما كانت فقرات السؤال كلها من باب واحد اوردناها جملة و فقرات دعاء‌عرفة غير مرتبطة فكانه ذكر مواضع حاجته و الا فهي هكذا كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي‌يكون هو المظهر لك متي غبت حتي‌تحتاج الي دليل يدل عليك و متي بعدت حتي‌تكون الآثار هي التي توصلني اليك عميت عين لاتريك و لاتزال عليها رقيبا و خسرت صفقة عبد لم‌تجعل له من حبك نصيبا الي ان قال7 تعرفت لكل شيء فماجهلك شيء و انت الذي تعرفت الي في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء فانت الظاهر لكل شيء الدعاء.

اعلم ان الله سبحانه كان اذ لاكان لاشيء معه مما سوي ذاته الاحدية لاوجود و لاعدم و لانفي و لا اثبات علي معني امتناع ذكر غيره فيه عينا و كونا و امكانا نفيا و اثباتا و وجودا و عدما فتجلي لابحركة بعد سكون و لابنطق بعد سكوت و لم‌يتغير بتجليه عن حال الي حال و عن وحشة الي انس و عن انفراد الي اقتران بل تجلي لامن شيء و لالشيء و لابشيء و لافي شيء و لاعلي شيء و لافي مكان و لافي زمان و لاعلي احتذاء مثال لان كل ذلك سواه و كل ما سواه خلقه و كل خلقه من تجليه اذ هو حق و خلق لاثالث بينهما و لاثالث غيرهما و ذلك التجلي هو ظهوره لخلقه و هو خلقه لاغير فتجلي لكل شيء بنفس ذلك الشيء و ظهر له به و الظاهر في ظهوره اظهر من ظهوره الاتري ان نفس زيد ابدا اظهر من انه ابن من و اب من و نسيب من و ابن كم سنة و انه عالم او جاهل او

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 576 *»

عادل او فاسق او صانع او تاجر او طويل او قصير او احمر او ابيض او اصفر او اسود او هندي او سندي او عربي او عجمي او صحيح او مريض او نحيف او سمين او مؤمن او منافق او كافر او علي ايش و من ايش و في ايش و لأيش او صغير او كبير او كم كمه او كيف كيفه او اين مكانه او اني جهته او متي زمانه او اي مقام رتبته و هكذا فتراه حين تلقاه اولا قبل جميع ظهوراته و صفاته و تجلياته اللهم الا ان تتعمد الي جلوة من جلواته او صفة من صفاته فتراه ثانيا و هذا ظاهر لكل ناظر لاسترة عليه و كذلك لما عرفت ان جميع الخلق صفاته سبحانه من حيث الصدور و تجليه و انه الظاهر من الجميع للجميع اذ لاخالق سواه و لاموجد غيره عرفت انه الظاهر و انه ابدي من جميع ظهوراته و انه ليس لغيره من الظهور ما ليس له حتي‌يكون هو المظهر له فلو لم‌يكن له ظهور و كان الظهور لغيره لكان الغير مظهرا له كما ان الحجر مثلا لاظهور له لقلة لطيفته و جهته من ربه فصار النور الذي هو ظاهر في نفسه مظهر لغيره هو المظهر للحجر باشراقه عليه و لما كان الخالق جل شأنه واحدا لااحد غيره كان هو نور السموات و الارض اي ظاهرا في نفسه لان الظاهر اظهر من ظهوره مظهرا لغيره مبديا و في الخبر ان الله اجل من ان‌يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به و ذلك لان الخلق ليس لهم فضل ظهور به يظهرون الله و يعرفونه بل الخلق يظهرون به سبحانه و بفضله و يعرفون به فهو نور السموات و الارض اي مظهرهما و باظهاره لهما و تعريفه اياهما هداهما و هدي من فيهما اليه و الي دينه لانه لما اظهر خلقه بظهوره و عرف بعضهم بعضا عرفهم آيات قدرته و سبل هدايته لانه سبحانه دليله آياته و وجوده اثباته فهو اذ كان مظهر السموات و الارض كان هادي السموات و الارض و لما كان كل الخلق نوره و ظهوره كما في الدعاء لايري فيه نور الا نورك و لايسمع فيه صوت الا صوتك كان منير السموات و الارض كما كان هادي السموات و الارض و مظهرهما فتبين معني قول اميرالمؤمنين7 مارأيت شيئا الا و رأيت الله قبله او معه و معني قوله لم‌اعبد ربا لم‌اره و معني قوله رأيت الله و افرودوس رأي العين و امثال ذلك مما ورد به الاثر و من لا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 577 *»

حظ له في العلم يزعم انها اخبار يلزم التجسم و التصوير و انها اخبار وضعتها الغلاة و المفوضة لعنهم الله و هو لايدري انها خرجت من معدن الوحي و التنزيل فينكرها فيكفر من حيث لايعلم فمعني الرؤية ما ذكرت لك من كون الظاهر اظهر من ظهوره في ظهوره لظهوره لان ظاهرية الظهور اقوي لطيفة من نفس الظهور و المع تشعشعا و نورا من نفس الظهور و المظهر و الظاهر صفته سبحانه المشتقة من الظهور و هو نفس الظهور من حيث الآئية لا الذات سبحانه و المرئي هو الظاهر لا الغائب عن درك الحواس و نسبة الرؤية اليه سبحانه لكثرة فناء وصف الظاهر في الذات بحيث انه غيب نفسه و اظهر ربه و اخمد نفسه و اضاء عن خالقه فالقي في هويته مثاله و اظهر عنه افعاله و اعاره اسمه و رسمه «فكأنما خمر و لاقدح» و الا فذاته سبحانه اجل من ان‌تدركه الابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير و هو غيب كما وصف به نفسه فمعني رؤيته سبحانه رؤية الظاهر بظاهريته و بظاهره لاكنهه تعالي الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا.

و اما سر قوله7 قبله او معه فاعلم ان له سبحانه جلوتين و ظهورين في خلقه ظهور كوني و ظهور شرعي اما الظهور الكوني فقد ظهر سبحانه به بجميع ذرات الموجودات لطيفها و كثيفها عاليها و دانيها غيبيها و شهاديها نورانيها و ظلمانيها سعيدها و شقيها و جميع اصنافها اذ كلها بلحاظ الكون مؤمن بالله سبحانه مسلم له و له اسلم من في السموات و الارض طوعا و كرها و ان من شيء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم و كل قدعلم صلوته و تسبيحه و لله يسجد من في السموات و من في الارض من دابة و الملئكة و هم لايستكبرون و بهذا اللحاظ خوطب الكفار بالمؤمنين كقوله تعالي يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالله و رسوله و الكتاب الذي نزل علي رسوله و الكتاب الذي انزل من قبل و من يكفر بالله و ملئكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر فقدضل ضلالا بعيدا يعني يا ايها الذين آمنوا كونا آمنوا شرعا و من يكفر شرعا بالله و ملئكته الآية و كقوله يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لاتموتن الا و انتم مسلمون يعني يا ايها الذين آمنوا كونا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 578 *»

اتقوا الله شرعا الآية و من هذا القبيل ساير الخطابات التي خوطب بها المنافقون في عصر النبي9 من الخطاب بالمؤمنين فكلها كوني و من لاخبرة له في العلم يتكلف في معناها بل كلهم مؤمنون برسول الله9 لقوله9 ليس الاختلاف في الله و لافيّ و انما الاختلاف فيك يا علي بل جميعها مؤمنون بالائمة: كما تقرؤ في الزيارة حتي لايبقي ملك مقرب و لانبي مرسل و لاصديق و لاشهيد و لاعالم و لاجاهل و لادني و لافاضل و لامؤمن صالح و لافاجر طالح و لاجبار عنيد و لاشيطان مريد و لاخلق فيما بين ذلك شهيد الاعرفهم جلالة امركم و عظم خطركم و كبر شأنكم و تمام نوركم و صدق مقاعدكم و ثبات مقامكم و شرف محلكم و منزلتكم عنده وكرامتكم عليه و خاصتكم لديه و قرب منزلتكم منه و انما الاختلاف الذي في علي في مقامين في كليهما وقع الاختلاف ولكن الاختلاف في ذينك المقامين اختلاف امتثالي مرجعه الائتلاف لان الكل ناظرون الي شيء واحد مستمدون من جهة واحدة و انما الاختلاف مذموم اذا كان منشأه اختلاف الاهواء و الآراء و هو الاختلاف الشرعي الاتري في ظاهر الشرع ان الاختلاف اختلافان اختلاف ممدوح و هو الحاصل من قوله7 نحن اوقعنا الخلاف بينكم و اختلاف مذموم و هو المنبيء عنه بقوله و ما اختلفوا الا من بعد جاءهم العلم بغيا بينهم و المشار اليه بقوله و لكن اختلفوا فمنهم من آمن و منهم من كفر و لو شاء الله ما اختلفوا فالاختلاف الصادر عنهم مرجعه الائتلاف و هو الذي اشار اليه الصادق7 في حديث ارسل ابني زرارة اليه فقال في ضمن رسالته فلايضيقن صدرك من الذي امرك ابي7 و امرتك به و اتاك ابوبصير بخلاف الذي امرناك به فلاوالله ما امرناك و لاامرناه الا بامر وسعنا و وسعكم الاخذ به و لكل ذلك عندنا تصاريف و معان توافق الحق و لو اذن لنا لعلمتم ان الحق في الذي امرناكم فردوا الينا الامر و سلموا لنا و اصبروا لاحكامنا و ارضوا بها و الذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه و هو اعرف بمصلحة غنمه في فساد امرها فان شاء فرق

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 579 *»

بينها لتسلم ثم يجمع بينها ليأمن فسادها و خوف عدوها فكما في الظاهر اختلاف محمود مرجعه الائتلاف كذلك الاختلاف الباطني محمود مرجعه الائتلاف لانه ابراز شؤن كمالات الله سبحانه و صفاته و مقاديره و لولا ذلك الاختلاف لما برز شيء من ذلك من مكمن الخفاء الي منصة الظهور فالاختلاف الكوني و ان كان من علي و في علي7 الا انه تفصيل انوار الله سبحانه و كمالاته و شؤنات صفاته و اطوار مقاديره و كلها بلسان واحد ناطق بحمد الله سبحانه مقر بوحدانية الله سبحانه و رسالة رسوله و ولاية اوليائه: فلما كانت الاشياء في الكون كلها مؤمنة بالله و رسوله و اوليائه: صارت كلها ظهور الله سبحانه و وجهه و‌ آيته و عنوانه و الدال اليه و الداعي اليه جل جلاله لانا لانريد بالايمان الا الاضمحلال في جنب الله سبحانه و التلاشي في جنب الرسول و الفناء في جنب الاولياء: فاذا اضمحل الشيء و تلاشي و فني لم‌يحجب ماوراءه و يحكيه كما هو فيكون ظاهره في عباده و مظهره في بلاده فمن هذا العين نظر سيد الشهداء صلوات الله عليه فقال ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدل عليك الدعاء و بهذه العين لايرون الا الله و لايجدون سواه و اما الظهور الثاني فهو الظهور الشرعي و هو الغاية المطلوبة من خلق الخلق كما قال الله سبحانه ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون و قال في القدسي انا رب اقول للشيء كن فيكون اطعني فيما امرتك اجعلك مثلي تقول للشيء كن فيكون و قال ما تقرب عبدي المؤمن بمثل اداء الفرائض و انه ليتنفل لي حتي احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي ينظر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها الخبر. و هذا الظهور هو الفائدة في ايجاد الشرع و ارسال الرسل و انزال الكتب و دعوة الخلق و سر ايجاد الشرع و ارسال الرسل و انزال الكتب بعد ان كان جميع الخلق مؤمنين بالله سبحانه و برسوله و اوليائه عليهم السلام عجيب و امره غريب لايعرفه الا الخواص و لما كان و لم‌يذكر في كتاب و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 580 *»

لم‌يجر ذكره في خطاب احب ان‌اشير اليه بقدر ما يقتضيه الوقت و ان كان يطول به الكلام فاحفظ زمام المرام حتي‌نرجع اليه بعد شرح هذا المقام:

اعلم ان الله سبحانه واحد احدي المعني قدتعالي عن الحد و جل عن النهاية فلايتناهي الي شيء من خلقه لا الي جواهرها و لا اعراضها و لا الي موصوفاتها و لاصفاتها و لا الي محدودها و لا الي حدودها و لا الي غيبها و لا الي شهادتها و لا الي كونها و لا الي عينها و لا الي مجردها و لا الي ماديها و لا الي كلها و لا الي جزئها و لا الي امكانها و لا الي كونها فهو محيط بمالايتناهي بمالايتناهي و مع مالايتناهي بمالايتناهي فهو اذ ذاك رب كامل لاينتظر الزيادة في كماله و لايتطرق النقص في جماله و هو قديم الكمال ازلي الجمال ليس استفاد الكمال بعد ان‌كان ناقصا و لااستحدث الجمال بعد ان‌كان مستنكرا و لم‌يكن تعالي قدره كاملا لعلة و لاجميلا بسبب و انما الكمال و الجمال كينونته جل شأنه و تعالي قدره فلم‌يكن فاقدا لصفة و عادما لاسم ازلا و ابدا و لم‌يكن خلوا من كماله و لاكماله خلوا منه و كماله صفته سبحانه الازلية الكائنة بكينونته الغير المكونة و لما كان من مقتضي كماله عدم التناهي الي حد وجب ان‌يكون له جميع انحاء الصفات مستقرة ثابتة بحيث لايشذ منها شاذ الي غير النهاية و من الكمال ان‌تكون مراتب الصفات مرتبطا بعضها ببعض متصلا متماسكا متقارنا دوالها بمدلولاتها و اسبابها بمسبباتها و عللها بمعلولاتها و وسائطها بطرفيها و مقتضياتها بمقتضياتها و طوالبها بمطلوباتها و قوابلها بمقبولاتها و مستكملاتها بمكملاتها و آثارها بمؤثراتها و ظهوراتها بوجوداتها و فواعلها بمفعولاتها و حدودها بمحدوداتها و لوازمها بملزوماتها وصفاتها بموصوفاتها و جواهرها باعراضها و عناصرها بافلاكها و شهادتها بغيبها و آبائها بامهاتها و نتايجها بمقدماتها و بالجملة جميعها بجميعها لتكون الصفات متماسكا بعضها ببعض مفتقرا بعضها ببعض مستغنيا بعضها ببعض مكتفيا بعضها ببعض لتكون دالة علي غناء الله المطلق و قوامه الحق و احديته الكاملة و وحدانيته التامة و لولا ذلك لفسدت و تفرقت و اختلفت و لدلت علي ان الظاهر بها فاسد متفرق مختلف اذ الفاسد هو الظاهر بالفساد و المتفرق هو الظاهر بالتفرق و

 

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 581 *»

المختلف هو الظاهر بالاختلاف و الفساد ينافي القدم و التفرق و الاختلاف ينافي الوحدة و يدلان علي واحدين يعني الهين اثنين فاذا كان يذهب كل اله بما خلق يعني كأن ينفرد بتدبير ملكه و يتخلص في الظهور به و كان غير محتاج الي صاحبه و المشاهد ارتباط الخلق و اقتران الصنع و تحاوج الاشياء و تفاقرها كارتباط اجزاء جسد شخص واحد و حاجة بعضها ببعض فلابد في ظهور الواحد الاحد من الارتباط حتي‌يكون ظهور الواحد الاحد الا تري ان زيدا مفتقر اجزاؤه بعضه الي بعض في بدنه غير مفتقر الي عمرو و عمروا مفتقر اجزاؤه بعضه الي بعض في بدنه غير مفتقر الي زيد و استغناء كل واحد عن كل واحد  دليل توحد نفس كل واحد في ظهوره و تميزه عن صاحبه و اثنينيتهما و ارتباط اجزاء جسد كل واحد دليل علي توحده و تفرده فلما كان الله سبحانه واحدا احدا لابد و ان‌يكون جميع صفاته و ظهوراته مرتبطة الاجزاء مقترنة الابعاض و الارتباط يقتضي ما ذكرنا من نظمها علي نهج الحكمة و الصواب و الترتب بان‌يكون بعضها دليلا و بعضها مدلولا و بعضها فاعلا و بعضها مفعولا و بعضها اثرا و بعضها مؤثرا و بعضها غنيا و بعضها فقيرا و بعضها مريضا و بعضها صحيحا و بعضها عالما و بعضها جاهلا و بعضها نورا و بعضها ظلمة و بعضها سماء و بعضها ارضا و بعضها ذاكرا و بعضها ناسيا و بعضها هاديا و بعضها مهديا و بعضها عاملا و بعضها معمولا و بعضها راعيا و بعضها مرعيا و بعضها حاكما و بعضها محكوما و بعضها لطيفا و بعضها كثيفا و بعضها بسيطا و بعضها مركبا و بعضها عاليا و بعضها دانيا و بعضها عليين و بعضها سجين و هكذا علي ما تري من اختلاف الخلق و ارتباطها و تحاوجها و تماسكها و لولا ذلك لبطل النظام و اختل القوام فوضع الحكيم العلام كل شيء علي حسب المرام ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا و هو حسير فذلك الوضع الالهي و التقدير الرباني وضع حكيم ليس يمكن احكم منه و اتقن و اتم منه و امتن فبذلك الوضع الالهي كل خلقه مؤمن به مسلم له قدتجلي له به و به امتنع منه قدتجلي له فاشرق و طالعه فتلألأ فالقي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 582 *»

في هويته مثاله و اظهر عنه افعاله علي ما بينا و شرحنا و اوضحنا و الظهور الكوني ظهوره سبحانه بجملة خلقه من غير ملاحظة الاجزاء و الارتباط و اما اذا لاحظت بعض الخلق و نسبته الي بعض آخر و لاحظت ظهور الله سبحانه فيه فهو ظهور شرعي و هيهنا تختلف مراتب الخلق كما بينا فما كان منها الغالب فيه اللطيفة الربانية و الانوار الالهية و الصفات الصمدانية كان فيه ظهوره سبحانه اتم و اكمل لانه اشبه الاشياء بمشيته سبحانه و اقرب الي التوحد و اللطافة و البساطة و ما كان منها الغالب فيه الكثيفة الانانية و الظلمات السجينية و الصفات الشيطانية كان فيه ظهوره سبحانه خاملا و نوره خامدا لانه ابعد الاشياء عن مشيته و اشبه الي التكثر و الاختلاف المنافي للاحدية و اللطافة و البساطة و ما بين هذين مراتب شتي و مقامات مختلفة علي حسب قربها و بعدها و غلبة لطافتها و كثافتها فتؤل مراتب الخلق نوعا الي ثلثة متناهية و ان‌كان في اثنائها برازخ شتي غير متناهية:

النوع الاول ما كان فيه اللطيفة الربانية غالبة مستولية علي مراتب وجوده حاكمة عليها ظاهرا سلطانها فيها بحيث تلاشت و اضمحلت و فنيت انيته و ماهيته في جنب سطوع انوارها و تجلي اشعتها حتي لم‌يبق لها اثر و لاحكم في جنب سلطانها علي ما قال علي7 تجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان‌زكيها بالعلم و العمل فقدشابهت اوائل جواهر عللها و اذا اعتدل مزاجها و صح منهاجها و فارقت الاضداد فقدشارك بها السبع الشداد و المراد باللطيفة الربانية الغالبة علي هذا النوع هي جهة المؤثر و هو مبدؤ المبادي و اول العلل و هو الرب المسمي رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره علي من يشاء من عباده و اما الرب المحيط فلاجهة اليه فاين ما تولوا فثم وجه الله و الرحمن علي العرش استوي ليس شيء اقرب اليه من شيء آخر و لا اسم له و لا رسم و لا اضافة و لا نسبة و لا عبارة و لا اشارة و الطريق اليه مسدود و الطلب له مردود و لا كلام عنه و اما الذي منه البدء و اليه العود و له الاثر و اليه الامر فهو اول الاشياء و مبدؤها و هو محل الاضافات

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 583 *»

و مرجع القرانات و مآل النسب و المراد من التعبيرات و المقصود بالاشارات و ما يعبر عنه النطق و يصغي اليه السمع و يتوجه اليه الافئدة و هو الذي في السماء اله و في الارض اله ليس فيهما اله الا هو و لارب سواه و هو فاعل الافعال و مؤثر الآثار و موقع الاشارات و المقصود بالعبادات رفيع الدرجات لا اله الا هو اليه يرجع الامر كله و هو اسرع الحاسبين فكلما كان فيه جهة المؤثر غالبة مستولية علي مراتب وجوده حاكمة عليها هو من النوع الاول الذي يكون الله سبحانه اظهر منه من نفسه فمن رآه فقدرأي الحق و من زاره فقدزار الله و من احبه فقداحب الله و من ابغضه فقدابغض الله و من اعتصم به فقداعتصم بالله و من آذاه فقدحارب الله و من رد عليه فقدرد علي الله و من طعن عليه فقدطعن علي الله و هو الذي اذا نظر اليه الناظر فقدرأي الله قبله و ذلك كالشعلة المرئية الظاهرة المستولية عليها النار الفانية عند سطوع انوارها انيته و دخانيته فمن نظر اليها فقدرأي النار قبلها و لابد لمن رام درك دخانها من زيادة تعمق لانه فني فيها و اضمحل حتي خمل اسمه و شاع اسم النار و لايسمي الا بالنار و لايري الا النار فهي الشيء الذي اذا رأي رُأِيَتِ النار قبله و اما النوع الثاني و هو ما كان فيه اللطيفة الربانية اي جهة المبدء و المؤثر فيه مساوية لأنيته و انيته مساوية لتلك اللطيفة لايغلب احديهما صاحبها فقديكون العامل تلك اللطيفة و تطيعها الانية و قديكون العامل تلك الانية و تطيعها تلك اللطيفة و تلك الانية محلولة متلطفة في تلك اللطيفة و تلك اللطيفة معقودة متكثفة في تلك الانية كالجمرة المتساوية فيها جهة الفحمية و جهة النارية فلاالفحمية تلاشت و اضمحلت حتي‌تكون كالدخان المكلس المطاوع للنار فلايكون ظهور الا لها و لا النار خمدت فيها كخمودها في الاحجار و التراب مثلا فلايكون الا ظلمة و كثافة و انما هي بين النور و الظلمة فهو الذي اذا نظر اليه الناظر رأي الله معه فيثبت الافعال الصادرة عن هذا النوع له مرة و لله سبحانه اخري كقوله تعالي و ما رميت اذ رميت ولكن الله رمي و لم‌تقتلوهم ولكن الله قتلهم من يطع الرسول فقداطاع الله افرأيتم ما تحرثون ءانتم تزرعونه ام نحن الزارعون افرأيتم ما

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 584 *»

 تمنون ءانتم تخلقونه ام نحن الخالقون و امثال ذلك و ليس نسبة الرمي الي النبي9 و نفيه عنه لاجل ان تمام مقامه في هذا المقام بل لاجل انه9 لاتعطيل له في كل مقام و انه قدس الله الذي ملأ الدهر و قدظهر في كل مقام حتي لايجهله اهل مقام فهو حايز للمقام الاول و الثاني معا و يجري عليه الحكمان معا و اما النوع الثالث فهو الذي خملت فيه الانوار لكثرة بعدها عن المبدء و وصولها الي قاعدة الظلمة فلم‌يبق لها حكم و لااثر و صار السلطان للظلمة فهي المستولية علي اقطار وجوده و النافذ فيها حكمها فلااثر الا لها و اما النور الصادر عن المبدء الاول فيه منطف ضعيف لغلبة الظلمة و الكثافة و البرودة الحاصلة فيه عن البعد عن مبدء الحرارة و الحركة و الفعل فهذا النوع اذا نظر اليه الناظر يري الله بعده فاول ما يظهر له جهة انيته و كثافته و عبوديته ثم اذا امعن الناظر نظره فيه رأي الله بعده لانه لايري الله منه الا بعد التفاته الي آيته فيه و تجليه له به و تلك الآية كامنة فيه خامدة النور خاملة الظهور فلايري الا بعد التعمق فيه و هذه الاقسام بينها مراتب شتي بقدر غلبة كل واحدة و اضمحلال اخري و كلها من المراتب الشرعية لا الكونية اذ كما بينا في الكون جميع الاشياء من القسم الاول فلايري فيها نور الا نوره ولاظهور الا ظهوره و قديكون هذه الاقسام الثلث في شيء واحد اذا كان الاختلاف من نظر الناظر فان مراتب النظر تختلف فقدينظر الانسان الي اعلي الشيء و جهته من ربه عند قاعدة نوره الذي خلق منه فيري الله قبله و قدينظر الي وسط الشيء و بين القاعدتين فيري الله معه و قدينظر الي اسفل الشيء و جهته من نفسه عند قاعدة الظلمة التي هي مبدؤ انيته فيري الله بعده و وجه آخر في معناه انه لاشك ان الله سبحانه قبل كل شيء بازليته و مع كل شيء بسرمديته التي هي عين تلك الازلية و بعد كل شيء بابديته التي هي عين تلك الازلية و السرمدية و الناظر يختلف انظاره بحسب اختلاف الحالات و المقامات فمرة ينظر بما فيه من آية الازلية فيري الله قبل الشيء ازليا كائنا قبل

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 585 *»

القبل في ازل الآزال مرة ينظر بما فيه من آية السرمدية فيري الله مع الشيء‌ بمعية لانهاية لها و مرة ينظر بما فيه من آية الابدية فيري الله بعد كل شيء‌ ثابتا باقيا دائما و يري كل من عليها فان و وجه الرب باقيا و هو ذو الجلال و الاكرام فافهم فانه غامض.

و اما قوله تعالي اين ما تولوا فثم وجه الله وقوله7 و لو انكم ادليتم بحبل الي الارض السابعة السفلي لهبط علي الله فذلك بحسب الكون لا الشرع كما بينا فان وجه الشيء ظهوره و جلوته للناظرين و لاشك ان جميع الموجودات ظهوره سبحانه و جلوته لم‌يتجل بشيء منها غيره سبحانه هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه فاين ما تولوا فثم وجه الله الذي تعرف به لنفسه و لغيره علي ما مر و يمكن ان‌يخصص الوجه باول المظاهر و مبدء التجليات و هو مقام آل محمد: لانهم الوجه الذي لايهلك كما قال علي7 و كلما في الذكر الحكيم و الكتاب الكريم و الكلام القديم من آية تذكر فيها العين و الوجه و اليد و الجنب فالمراد منها الولي لانه جنب الله و وجه الله يعني حق الله و علم الله و عين الله و يد الله الخبر. فالولي هو وجه الله تعالي و اين ما تولوا فثم وجه الله لانك تقرؤ في دعاء رجب فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت ففي الحقيقة كان الظهور ظهورهم و النور نورهم و الصوت صوتهم و لما كان جميع ما يضاف اليهم هو المضاف الي الله و جميع ما يضاف الي الله هو المضاف اليهم صار ظهورهم ظهور الله و نورهم نور الله و صوتهم صوت الله فلاظهور الا لهم و ان الله جل شأنه اجل من ان‌يظهر او يخفي او ينسب اليه شيء او يضاف اليه امر او يتكلم في شأنه و ان الله سبحانه لما اراد ان‌يبالغ خلقه في وصف ما ظهر لمحمد9 و اهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم بهم و يصيبوا جزءا من مائة الف الف جزء من وصفهم و استغفر الله من قلة التحديد امرهم ان يصفوه و يغرقوا في الثناء عليه و يمجدوه و يوحدوه و ينزهوه و يسبحوه كي يصيبوا شيئا مما اراد الله سبحانه من ابداء نوره و اعلان ظهوره علي ما ظهر بهم لغيرهم بقدر استعداده و سعة مرآته و الا و اين الثريا من يد المتناول

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 586 *»

فلاظهور الا لهم و لاتجلي الا منهم فاين ما تولوا فثم وجه الله يعني اين ما تولوا في الجمادات و النباتات و الحيوانات و الملئكة و الانسان و الانبياء و مصادر الافعال و موارد الاقوال فثم وجه الله و اين ما تولوا في الاجسام و الامثلة و المواد و الطبايع و النفوس و الارواح و العقول و الحقايق فثم وجه الله و اين ما تولوا الي المشرق او الي الجنوب او الي المغرب او الي الشمال او الي فوق او الي تحت او بيناتها فثم وجه الله الذي لايبيد و لايهلك و مما ذكرنا يظهر معني قوله و لوانكم ادليتم بحبل الي الارض السابعة السفلي لهبط علي الله فان وجه الله في كل مكان حتي الارض السابعة السفلي التي هي ابعد الاراضي عن الله سبحانه و اكثفها و اشقاها و اقلها حكاية لنور المبدء لهبط علي الله لان مقامات الله لاتعطيل لها في كل مكان و الوجه هو الرحمة الواسعة التي عمت النور و الظلمة و السماء و الارض علي معني قوله الرحمن علي العرش استوي ليس شيء اقرب اليه من شيء آخر و انه داخل في كل شيء لاكدخول شيء في شيء و بهم ملأت سماءك و ارضك فهم في الارضين السفلي كما هم في السموات العلي الرحمن علي العرش استوي فاليهم يصعد جميع ما يصعد الي السموات العلي و اليهم يهبط جميع ما يهبط الي الارضين السفلي و هو سبحانه في كل مكان و لايخلو منه مكان و لم‌يشتغل به مكان و يمكن ان‌يراد بالوجه شيعتهم الخصيصون فانهم سلام الله عليهم وجه الله الذي لايبيد و لايهلك كما روي عن الصادق7 في قوله تعالي كل شيء هالك الا وجهه قال كل شيء هالك الا من اخذ طريق الحق و قال في حديث آخر من اتي الله بما امره من طاعة محمد و الائمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لايهلك ثم قرأ من يطع الرسول فقد اطاع الله هـ. فهم سلام الله عليهم ايضا وجه الله الذي لايبيد و لايهلك و لايفني و لاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اضمحلوا و فنوا في ولاية آل محمد: و قتلوا انفسهم و تابوا الي بارئهم امواتا ضلالا كفارا مسلوبا عنهم روح الايمان الباقية

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 587 *»

بابقاء الله مدي الدهر و منتهي الملك و لامنتهي له بل هم احياء بروح الله التي لاتبيد و لاتفني كما قال ابوعبد الله7 في حديث الاخوة و ان روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها فمادامت الشمس زاهرة مشرقة اشعتها باقية لاتفني و لاتهلك فلذلك صاروا وجه الله الذي لايبيد فاين ما تولوا في جميع الآفاق و العوالم فثم وجه الله ظاهر باهر لان جميع ماسوي المؤمن من الجن و الملئكة و الحيوان و النبات و الجماد خلقوا من شعاع انوار المؤمنين فالشيعي الخصيص الكامل ظاهر من كل شيء لان الله سبحانه اخذ ميثاقه علي كل شيء كما ذكرناه مفصلا في الزام النواصب و ان‌شئت فراجع فما لم‌يعرفهم جلالة امرهم و عظم خطرهم و كبر شأنهم و تمام نورهم و صدق مقاعدهم و ثبات مقامهم و شرف محلهم و منزلتهم عنده و كرامتهم عليه و خاصتهم لديه و قرب منزلتهم منه كيف كان يمكن ان‌يأخذ عليهم الميثاق بولايتهم و اتباع امرهم و القبول منهم و التسليم لهم و لاعجب ان‌يكون نور شيعة علي7 ظاهرا في كل شيء و عرف لكل شيء و قدقال النبي9 علماء هذه الامة رجلان رجل اتاه الله علما فطلب به وجه الله و الدار الآخرة و بذله للناس و لم‌يأخذ عليه طمعا و لم‌يشتر به ثمنا قليلا فذلك يستغفر له من في البحور و دواب البحر و البر و الطير في جو السماء و يقدم علي الله سيدا شريفا الخبر. و عن علي7 من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فاخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة الجهل الي نور العلم الذي حبونا [حبوناه- ح] به جاء يوم القيمة و علي رأسه تاج من نور يضيء لاهل جميع العرصات و عليه حلة لايقوم لاقل سلك منها الدنيا بحذافيرها ثم ينادي مناد يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل‌محمد الا فمن اخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات الي نزه الجنان فيخرج كل من كان علّمه في الدنيا خيرا او فتح عن قلبه من الجهل قفلا او اوضح له عن شبهة و قال ابوعبد الله7 ثلث لكم و ثلث لنا ان‌تعرفوا فضلنا و ان‌تطؤا اعقابنا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 588 *»

 و تنتظروا عاقبتنا فمن كان هكذا كان بين يدي الله عزوجل و عن يمين الله فاما الذي بين يدي الله عزوجل فيستضيء بنورهم من هو اسفل منهم و اما الذي عن يمين الله فلو انهم يريهم من دونهم لم‌يهنئه العيش مما يري من فضلهم فقال ابن ابي يعفور راوي الخبر مالهم لايرونهم و هم عن يمين الله قال يا بن ابي‌يعفور انهم محجوبون بنور الله اما بلغك حديث ان رسول الله9 كان يقول ان لله خلقا عن يمين الله و بين يدي الله وجوههم ابيض من الثلج و اضوء من الشمس الضاحية فيسأل السائل من هؤلاء فيقول هؤلاء الذين تحابوا في الله فاذا كان الشيعي يستغفر له من في البحور و دواب البحر و البر و الطير في جو السماء و نور تاجه يضيء لاهل جميع العرصات و يستضيء بنوره من هو اسفل منه و قدعرفت ان جميع الجن و الملئكة و الحيوان و النبات و الجماد اسفل من المؤمن فهو ظاهر لكل شيء متعرف لكل شيء و لايجهله شيء الا ان الناس محجوبون عن رؤيته لغواشي انياتهم كما حجبوا عن لقاء الله و رؤية آل محمد: مع انهم ظهروا لكل شيء بكل شيء و لاظهور الا لهم فكذلك نور الشيعة مشرق علي كل شيء و يستضيء به كل شيء الا انهم محجوبون بآمالهم عن درك انوارهم و هم محتجبون بشعاع نورهم الذي هو نور الله عن نواظر من دونهم كما مر في حديث ابن ابي‌يعفور و ظهور الشيعة لكل شيء هو باستضاءة كل شيء بهم و استضاءة كل شيء بهم لظهورهم لكل شيء الاتري ان كل مستضيء من الشمس تكون الشمس ظاهرة له منطبعا شبحها فيه و كل ما لم‌تظهر الشمس له لم‌يستضئ بنورها فظهور الشيعة لكل شيء تعريفهم انفسهم له و استضاءة كل شيء بنورهم هو معرفة كل شيء بهم فعن ابي بصير عن ابي‌عبدالله7 قال سمعته يقول ان المتحابين في الله يوم القيمة علي منابر من نورقداضاء نور وجوههم و نور اجسادهم و نور منابرهم علي كل شيء حتي‌يعرفوا به فيقال هؤلاء المتحابون في الله و ليست القيمة الا غيب الدنيا فما من شيء الا عرفهم الله مقام الشيعة و جلالة امرهم و عظم خطرهم و كبر شأنهم و تمام نورهم و صدق مقاعدهم و ثبات

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 589 *»

مقامهم و انهم وجهه الذي لايبيد و لايهلك فاين ما تولوا فثم وجه الله ظاهرا باهرا الا ان الاشياء لانهماكهم في ظلمات انياتهم و نظرهم الي انفسهم و ادبارهم عن مبدئهم حجبوا عن درك انوارهم كما حجبوا عن درك الله سبحانه و درك الائمة الطاهرين: مع شدة ظهورهم و تشعشع نورهم و في الدعاء انت لاتحتجب عن خلقك الا ان‌تحجبهم الآمال دونك و السر فيه علي سبيل الاختصار و الاشارة ان الله سبحانه لما خلق الخلق ليعرفوه و اوجدهم ليعبدوه و كان لشدة ظهوره محجوبا عن دركهم مستورا عن مشاعرهم اراد ان‌يعرف نفسه لخلقه حتي‌يعرفوه اتخذ سربالا لنفسه و حجابا لنوره حتي‌ينصبغ نوره بصبغ الحجاب لعله يظهر من وراء الباب و يمكن لخلقه النظر الي نوره المستطاب فتلبس بنور محمد و آله: و استشعر بشعارهم ثم تدثر بدثار انوار الانبياء و المرسلين: ثم تردي برداء نور الشيعة: حتي‌يتمكن خلقه من النظر الي نوره من وراء ذلك الرداء و الدثار و الشعار و يمكنهم معرفته جل شأنه و يطيقوا التوجه اليه و لولا ذلك لاحرقت سبحات وجهه ما انتهي اليه نظره من خلقه و لما كان النبي9 ملتفا بثوب انوار الانبياء: متدثرا بانوار الشيعة المنتجبين خوطب بيا ايها المزمل و التزميل الاخفاء و الالتفاف بالثوب و بـياايها المدثر فحين كان متزملا بثوب الانبياء خوطب بيا ايها المزمل الملتف بثوب القوابل و الحدود و الصفات قم الليل احي ليلة الصفات و الحدود و بالقيام الي الصلوة و الوصل و الاتصال و العروج الي سماوات الفواعل و الاقبال اليه سبحانه و اخلص له و تمحض للتوجه اليه و اقم الولاية علي ما تقتضيه المشية الربانية و الارادة الرحمانية الا قليلا نصفه و القليل هو النصف اي نم في نصفه و قم في نصف الآخر مما يلي الصبح المشرق من افق المشية فقم في النصف و نم في النصف لانا كلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظورا فنم تحت الحجاب الذي من الزبرجدة الخضراء و قم في نور العظمة او انقص منه قليلا اي من النصف فهو تخيير منه له9

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 590 *»

ان‌ينام تحت حجاب الزبرجدة اكثر من قيامه في نور العظمة و لكن لم‌يخير النبي9 بين امرين احدهما اصعب من الآخر علي نفسه الا و اختار اصعبهما علي نفسه فلم‌ينقص منه بل زاد عليه كما خير ايضا بقوله او زد عليه فكان قيامه في نور العظمة اكثر من نيامه تحت حجاب الزبرجدة و لذلك سمي بالسراج المنير و صار ممن لطيفتهم اكثر من انيتهم و لو نقص منه لكان يصير من الذين انيتهم غالبة علي لطيفتهم و لو اختار النصف كان من الذين ساوت لطيفتهم انيتهم او انه7 عمل بالاحكام الثلثة جميعا فقام في الجبروت ازيد من النصف و في الملكوت نصفه و في الملك اقل منه ليطيق اهل كل عالم النظر اليه و الاستفادة منه و التأسي به و رتل القرآن المشحون بتفاصيل شؤن الولاية ترتيلا ليستمع الانبياء و المرسلون و ينصتوا له لعلهم يرحمون بالرحمة المكتوبة علي نفس الله القائمة فيه بالسنن و يذعنوا له و يتمسكوا بوثقي عروته التي لا انفصام لها و يقبلوه و يسلموا له تسليما انا سنلقي عليك قولا ثقيلا ينزجر له العمق الاكبر و لايطيقه احد سواك و لايتحمله احد غيرك او سنلقي عليك قولا ثقيلا علي المنافقين لايمكنهم القبول له و التسليم له و ثقيلا علي المؤمنين لايمكنهم حمله حق الحمل ان ناشئة الليل النفس القائمة بالليل من مضجعه هي اشد وطأ و اثبت قدما عند الله ممن لايقوم و اقوم قيلا و اسد قولا و اصدقه لانه اذا قام عن مضجع الكثرة و قام في محراب الوحدة كان اصدق قولا لتصديق عمله قوله انه يحب الله و لنعم ما قال الشاعر فيمن يترك القيام بالليل:

تهوي ليلي و تنام الليل   و حقك ذا طلب سمج

فناشئة الليل هي اقوم قيلا ممن ينام فلايقوم و لما خوطب بيا ايها المدثر قال له الله سبحانه قم فانذر و توجه الي الخلق كما كنت حين تزملك توجهت الي اقامة صلوة الولاية و الي الخالق فح قم بالامر كما كنت ساجدا قبل فانذر القوابل و الاستعدادات عن الشرك و الاعراض و ربك فكبر اذ لبست ردائي الذي هو الكبرياء فكبراني و ثيابك التي هي الشيعة فطهر من الذنوب و خلصهم من الآثام

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 591 *»

و اغسل عنهم ادناس الخطيئات و استغفر لهم و تحمل ذنوبهم حتي‌اغفرها لك يوم الفتح بسيد الشهداء صلوات الله عليه اذ فتح فتحا و ملك ملك الشفاعة و استوي علي سرير الرحمة المكتوبة و شمرها و قصرها حتي لايمس الاراضي الكثيفة و الاماكن النجسة من قوابل اعدائك فامرهم بالتنحي عنهم و التباعد منهم حتي لايتدنسوا بادناسهم و الرجز الملعون بلعائن الله فاهجر و خالفه و عاده و أمر المؤمنين ان‌يهجروه و عادوه و شمر شيعتك عن مسه و هكذا و ما كنا بصدد بيان هذه الاسرار الا انها جرت و لاقوة الا بالله من غير اختيار مني و الحمد لله علي جزيل آلائه و ما كنا بصدد بيانه ان الشيعة وجه الله الظاهر لكل شئ في كل شيء و المتعرف لكل شيء في كل شيء لان الله سبحانه لو لم‌يعرف نفسه لم‌يعرفه احد و لو ‌لم‌يعرفه احد لكانت الخلقة لغوا و لو عرف نفسه من غير حجاب احرقت سبحات وجهه ما انتهي اليه بصره من خلقه و لو احتجب بحجاب آل محمد: و ظهر به للكل لفنوا عن آخرهم و احترقوا باثرهم و كذا لو احتجب بهم و بالانبياء لم‌يطيقوا النظر اليه لشدة لمعان نوره و كثرة ظهوره فتردي برداء الشيعة و احتجب بحجابهم و ظهر من بابهم و عرف نفسه لكل شيء بهم فرجع القول الي انك اين ما توليت فثم وجه الله اي شيعة آل محمد: و لاغرو و هذا معني ما روي ان المؤمن وحده جماعة فان المؤمن ظاهر في جميع المرايا فهو و ان كان واحدا يكون متعددا كرجل واقف في بيت مزجج بقوارير ينطبع شبحه في كل مرآة فيه فهو وحده جماعة و يثاب المؤمن بعمل جميع ما دونه من المستضيئين به و لاعجب و اما ما رويتم عن علي7 ان الله تجلي لعباده من غير ان رأوه واراهم نفسه من غير ان تجلي لهم يعني ان الله سبحانه تجلي لعباده بمشيته و فعله من غير ان رأوه بذاته لانه سبحانه لم‌ينزل من القدم الي عرصة الحدوث فيتشكل بشكلهم و يتهيأ بهيئتهم و يقع في جهة منفصلة عن عبيده فيفصل بينه و بينهم الهواء فيشاهدوه كما روي الصدوق في التوحيد بسنده عن احمدبن‌اسحق قال كتبت

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 592 *»

الي ابي‌الحسن الثالث7 اسأله عن الرؤية و ما اختلف فيه الناس فكتب7 لايجوز الرؤية ما لم‌يكن بين الرائي و المرئي هواء ينفذه البصر فاذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم‌يصح الرؤية و كان في ذلك الاشتباه لان الرائي متي ساوي المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه و كان في ذلك التشبيه لان الاسباب لابد من اتصالها بالمسببات هـ. و كذلك لم يصعد العباد من رتبة الحدوث الي الازل جل و علا حتي‌يشاهدوه و يطلعوا عليه فيقترن بهم سبحانه فتجلي لهم بفعله و مشيته لعبيده و عرفهم نفسه من غير رؤية منهم لذاته و مشاهدة منهم لكنهه و اراهم نفسه القائمة فيه بالسنن و هي صفته و ظهوره لاذاته من غير ان‌تجلي لهم بذاته و تكشف لهم بكنهه فالمرئي نفسه و هي الحجج: كما روي عن النبي9 من رآني فقد رأي الحق و في الزيارة السلام علي نفس الله القائمة فيه بالسنن و هي المشار اليها في قوله كتب ربكم علي نفسه الرحمة و في قوله و يحذركم الله نفسه يعني ان‌تغصبوه حقه و تنكروا فضله و مقامه فاراهم الله نفسه اتماما للحجة و ايضاحا للمحجة لئلايقولوا انا كنا عن هذا غافلين او يقولوا انما اشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم ضعفاء افتهلكنا بما فعل المبطلون فاقامها مقامه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لايحيط به خواطر الافكار و لايمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا الله الملك الجبار حتي‌يدركها ابصارهم و يحيط بها خواطر افكارهم و يمثله غوامض الظنون في اسرارهم و يظهر ان لا اله الا الله الملك الجبار كما في الدعاء بهم ملأت سمائك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت فاذا رأوا ما يدركه الابصار و يحيط به خواطر الافكار و يمثله غوامض الظنون في الاسرار انقطع الاعذار و ارتفع الغبار و التزمت الاغيار و تقوم الحجة علي اهل كل رتبة و مقام بمالايسعهم الانكار و قدابداه الله سبحانه حتي‌يخلصوا في توحيده و دعاهم الي توحيده حتي‌يبلغوا كنه معرفته و لذا قال علي7 اول الدين معرفته اي معرفة الهاء علي تفسير ظاهر الظاهر و كمال معرفته توحيده اي توحيد الله و كمال توحيده نفي الصفات

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 593 *»

عنه الخطبة فافهم.

و اما قولكم و قال سيد الشهداء الي آخره فقد قدمنا شرحه و نشير اليه هيهنا ثانيا ليتضح شرح كل كلمة كلمة قوله7 كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر اليك اي كيف يستدل عليك استدلالا يكشف عن كنه ذاتك و حقيقة ازلك و قدمك حتي‌يظهر ما انت عليه بما هو في وجوده مفتقر اليك و انت كنت قبله ازليا واحدثته لامن شيء احداثا و لابد في الدليل الكاشف عن حقيقة شيء ان‌يكون من سنخه و جنسه بل متحدا معه او مؤثرا له مظهرا له بفضل ظهوره اظهارا يكشف عن حقيقته اما الاتحاد فلما قررنا في علم الالفاظ ان المشتق لابد و ان‌يكون في صقع المبدء و ان كان فرعا له ناشئا منه فالمدلول لابد و ان‌يكون في عرض الدليل حتي‌يدل عليه الدليل و يوصل اليه و الله سبحانه ليس في عرض خلقه و لاخلقه في ازله فلايمكن الاستدلال عليه بما هو في وجوده مفتقر اليه و احدثه احداثا لا من اصول ازلية و لاعناصر قديمة ثم استدرك القول بانه لاحاجة الي الاستدلال عليك فان الدليل يحتاج اليه اذا كان المطلوب المستدل عليه خفيا غير بين بنفسه فيؤتي بالدليل الموضح الكاشف المنير حتي‌يشرق من فضل ظهوره علي المستدل‌عليه الخفي الناقص الظهور حتي‌يظهر بفضل ظهور الدليل كالحجر الغاسق الخفي في الليلة الظلماء لايهتدي اليه لغسقه و عدم كونه مبينا بنفسه فيؤتي بالسراج المنير الظاهر في نفسه المظهر لغيره بفضل نوره حتي‌يشرق علي الحجر الغاسق فيتبين بفضل ظهور السراج فيقول7 ايكون لغيرك من الظهور فيكون سراجا دالا ما ليس لك و تكون عادما ذلك الظهور فتكون من ذلك الحيث خفيا فيؤتي بغيرك الظاهر من ذلك الحيث المظهر لغيره من ذلك الحيث حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي‌تحتاج الي دليل منير يدل عليك و يشرق عليك من فضل نوره و ظهوره و متي بعدت عن الطالبين و خفي طريقك حتي‌تكون الآثار ادلاء عليك تسلك بالطالبين في طريقك حتي‌تكون هي التي توصلني اليك و هذه الدلالة دلالة ظاهرية و تلك دلالة باطنية عميت عين لاتراك و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 594 *»

 لاتزال عليها رقيبا تراقبه من اقرب اليه من نفسه فانك انت اولي بنفسه منه و اقرب اليه منه و خسرت صفقة عبد يعني تجارة عبد حيث باع ماله و نفسه من غيرك ابتغاء الربح منه و لم‌تجعل له من حبك نصيبا و لم‌تبايعه و لم‌تشاريه فتعوضه عن ماله و نفسه حبك الذي هو اصل الجنة و حبها الذي ينبت منه الجنة و اما قوله7 تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء يعني تجليت لكل شيء و عرفته نفسك فما جهلك شيء بالفطرة التي فطرت الاشياء عليها و ان من شيء الايسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم و الطير صافات و يقبضن كل قدعلم صلوته و تسبيحه اولم‌يروا الي ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين و الشمائل سجدا لله و هم داخرون و لله يسجد ما في السموات و ما في الارض من دابة و الملئكة و هم لايستكبرون و لله يسجد من في السماوات و الارض طوعا و كرها و ظلالهم بالغدو و الآصال اما طوعا ففي الكون عامة و في الشرع المؤمنون خاصة و كرها الكفار فانهم في الكون ساجدون و في الشرع يكرهونه فهم ساجدون رغما لانوفهم مع كراهتهم و قال علي بن الحسين7 ما بهمت البهايم عنه لم‌تبهم عن اربعة معرفتها بالرب تبارك و تعالي و معرفتها بالموت و معرفتها بالانثي من الذكر و معرفتها بالمرعي الخصب و قدمر كيفية تعرفه لكل شيء و اما قوله تعرفت الي في كل شيء يعني اذ اريتني آيات قدرتك و عنوان صفاتك في كل شيء فرأيتك ظاهرا في كل شيء كما بينا و شرحنا و اوضحنا و نعم ما قال الشاعر:

اذا رام عاشقها نظرة   و لم‌يستطعها فمن لطفها
اعارته طرفا رآها به   فكان البصير بها طرفها

و قوله فانت الظاهر لكل شيء اذ كما تعرفت الي في كل شيء تعرفت الي كل شيء في كل شيء حتي‌رآك ظاهرا في كل شيء و قدمر شرح جميع ذلك فيما مر فراجع.

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 595 *»

قال و روي الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي رحمه الله في كتاب التوحيد باسناده عن ابي‌بصير قال قلت لابي‌عبدالله7 اخبرني عن الله هل يراه المؤمنون يوم القيمة قال و قدرأوه قبل يوم ‌القيمة فقلت متي قال حين قال لهم الست بربكم قالوا بلي ثم سكت ساعة ثم قال و ان المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم‌القيمة الست تراه في وقتك هذا قال ابوبصير فقلت جعلت فداك و احدث بهذا عنك فقال لا فانك اذا حدثت به فانكره منكر جاهل بمعني ما تقوله ثم قدّر ان هذا التشبيه كفر و ليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالي عما يصفه المشبهون و الملحدون.

اقول في لفظ الخبر قليل تفاوت غير مخل بالمعني و لعله من اختلاف النسخ او السهو في النَسخ فعلي اي حال قدعرفت مما اسلفناه آنفا ان ذات الله سبحانه اجل من ان‌يدرك بالابصار و هو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير اذ ما لم‌يكن بين المرئي والرائي فاصلة هواء لم‌تقع الرؤية علي المرئي و لم‌ينطبع شبحه في عين الرائي سواء كانت الرؤية بالحواس الظاهرة او الباطنة فلابد في المرئي ان‌يكون في صقع الرائي و في جهة غير جهة المرئي محدودا بحدود مميزة اياه عن الرائي حتي‌يقع شبحه في مدرك الرائي و اما ما كان فوق شهادة الرائي و فوق الرؤية و الصقع و الجهة و الحدود و احاط بكلها فلايمكن ان‌يدرك او يري اتري ان العين تري نفسها و تري رؤيتها مع انها معها فالذي هو اقرب اليها منها و لايخلو منه مكان و لم‌يشتغل به مكان كيف يمكن ان‌تدرك بالحواس او يجس بالجواس فالمراد برؤيته سبحانه رؤية صفاته و جلواته و ظهوراته فهو معروف بآياته موصوف بظهوراته مدرك بتجلياته مرئي بصفاته بل لايدرك شيء مما يدرك الا هكذا فلاشيء يدرك الا بحده و نعته و لايدرك شيء‌ بكنه ذاته و الاشارة الي ذلك ان ما لم‌يكن عين ذات الرائي فهو غيره و ما كان غيره فهو ممتاز عنه لضرورة الغيرية و ما كان ممتازا محدود بحدود غير حدود الرائي موصوف بصفات غير صفاته فاذا رآه الرائي و ميزه رآه بحدوده و صفاته المميزة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 596 *»

له عن غيره اذ لولا حدوده و صفاته لم‌تختص الرؤية به و لم‌يقع التمييز عليه فاذا رآه و ميزه فانما رآه و ميزه بصفاته و لم‌يكن رؤيته له الا بوقوع شبحه في مرآة عينه فلامرئي الا الصفة و لامدرك الا الحد و اذا عدم الحد و التمييز و التوصيف اتحد مع الرائي و عدمت الرؤية لان الشيء لايري نفسه و انما هوهو ذات دراكة علامة و الرؤية و المعلمة لنفي الخلاف و لاخلاف هناك فاذا جاء التمييز وقعت الرؤية علي المميز ففي الحقيقة لامعني للرؤية الا رؤية الصفة فالرؤية لفظة مصداقها ادراك الصفة لاغير و ان استعمل في غيره كان مجازا و لكن لماكان الناس يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون يزعمون انه لاحقيقة للاشياء الا هذه الحدود و الصفات و انها هي الشيء بحقيقة الشيئية و هم عن الحقايق الغيبية هم غافلون فاذا قيل لهم رأيت زيدا زعموا ان تمام زيد تمام هذه الحدود الخارجية فاذا قلت رأيت زيدا يزعمون انك رأيته بكله فلذلك تظافرت الآيات و الاخبار بنفي الرؤية له سبحانه و استلزامها التشبيه و التحديد و التوصيف و هو قدتعالي عن ذلك علوا كبيرا و اما من علم ان الشيء اذا رأي انما يري بصفاته دون ذاته و ان ذاته المعبر عنها بانا فوق جميع الحدود و الصفات و هي لاتقع عليها الرؤية ابدا كما تري انك لاتري بعينك نفس زيد و لاروحه و لاعقله و لا حقيقته و انما تري الهيئات الزائلة العارضية التي تذهب و تجيء فانك لاتري الا لونه و شكله و قدتري مشاهدا انهما يتغيران في الازمنة اختلافا بينا فاذا رأيت لونه و شكله قلت رأيت زيدا و صدقت في دعواك ايضا اذ ليس رؤية زيد الا هكذا فمن علم ذلك لاتنفي الرؤية له بل تثبت و تؤكد فان الله سبحانه و ان‌كان مخفيا بذاته محجوبا بكنهه الا انه معروف بآياته مرئي بصفاته و لذا ذم الله قوما لايعرفونه بها و قال الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط و قال وجوه يومئذ ناضرة الي ربها ناظرة و هو لقاء الصفات المستهلكة الفانية و النظر الي الظهورات المتلاشية المضحملة التي قدفقدت نفسها و وجد الله عندها فخمدت من نفسها و استنارت بربها و خملت من انيتها و عرفت بربها و ذلك اللقاء و النظر هو بعينه لقاء الله و النظر اليه و رؤيته و لايعقل رؤية له سبحانه و لغيره الا هكذا فالحق ان الله

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 597 *»

سبحانه لاتدرك ذاته بالابصار و انما تدرك بالآثار بلاشك و لاغبار فاذ قدعرفت ذلك و تبينت ماهنالك فاعلم ان صفته سبحانه و ظهوره خلقه اذ كل ما سوي الذات الازلية القديمة حادث فانما حق و خلق لاثالث غيرهما و لاثالث بينهما فما ليس بحق خلق و الصفة غيره سبحانه لان الصفة مفتقرة الي الموصوف في بقائها و قوامها و ثباتها و كل مفتقر حادث و الله سبحانه ازلي لايتطرق فيه الحادث فكمال التوحيد نفي الصفات عنه فمن وصفه فقدقرنه و من قرنه فقدثناه و من ثناه فقدجزاه و من جزاه فقدالحد فيه فكل صفة غيره و كل ما هو غيره خلقه و انت تعلم ان اول الخلق اشرفه و اعظمه و اكرمه علي الله و اجله و اقربه اليه سبحانه و كل ما سواه دونه في الشرافة و العظمة و الكرامة و الجلالة و القرب و كل ما هو اشرف اولي بالله سبحانه و احكي له و ابين و ادل عليه و انسب قال رسول الله9 انت كما اثنيت علي نفسك لااحصي ثناء عليك فاول الخلق هو الثناء الذي اثني الله به علي نفسه اذ لامثني هناك غيره و كل ثناء دونه هو المثني به علي ربه و ثناء الله علي نفسه اولي من ثناء عبده عليه قال الله سبحانه سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين فالذي اختص به و خصه بنفسه هو الحمد الذي حمد به نفسه فاول الخلق هو الثناء الذي اثني الله به علي نفسه و وصف نفسه به و انت تعلم ان باجماع المسلمين و صريح الكتاب و السنة بحيث لاينكر اول الخلق هو محمد9 و اهل بيته الطيبون الطاهرون سلام الله عليهم و هم نور واحد و و روح واحدة و طينة واحدة و انما تفصلوا في عالم الظهور و البروز اي ارحام الامهات سواء كانت الامهات الامهات الظاهرة او الدنيا او الصفات او النفس و بالجملة هم في عالم الاجمال نور واحد وروح واحدة و هو اول ثناء اثني الله به علي نفسه و اول حمد حمد به نفسه و اول وصف اتصف به و هو اشرف المحامد و الصفات و ادلها عليه و احكيها له و انسبها به و افنيها عند سطوع انوار احديته و اشدها اظهارا لربه و اكثرها ابداء له فاذا كان كذلك كان رؤيته هي رؤية

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 598 *»

الله و الحجب عنه الحجب عن الله سبحانه و لذا قال9 من رآني فقد رأي الحق فكان رؤيته هي رؤية الله حقيقة كما ان من احبه فقداحب الله و من ابغضه فقدابغض الله و من اعتصم به فقداعتصم بالله و من عرفه فقدعرف الله و من جهله فقدجهل الله قال7 بنا عرف الله و لولانا ما عرف الله و قال علي7 معرفتي بالنورانية هي معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل هي معرفتي فكذلك رؤيتهم رؤية الله و زيارتهم زيارة الله ففي التوحيد عن عبد السلم بن صالح الهروي قال قلت لعلي‌بن‌موسي الرضا7 يا بن رسول‌الله ما تقول في الحديث الذي يرويه اهل الحديث ان المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة فقال7 يا اباالصلت ان الله تبارك و تعالي فضل نبيه محمدا9 علي جميع خلقه من النبيين و الملئكة و جعل طاعته طاعته و معصيته معصيته و متابعته متابعته و زيارته في الدنيا و الاخرة زيارته فقال عزوجل من يطع الرسول فقداطاع الله وقال ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم و قال النبي9 من زارني في حيوتي او بعد موتي فقدزار الله و درجة النبي9 في الجنة ارفع الدرجات فمن زاره الي درجته في الجنة من منزله فقدزار الله تبارك و تعالي قال فقلت له يا بن رسول‌الله فما معني الخبر الذي رووه ان ثواب لااله‌الاالله النظر الي وجه الله فقال7 يا ابا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقدكفر و لكن وجه الله انبياؤه و رسله و حججه صلوات‌الله‌عليهم هم الذين بهم يتوجه الي الله و الي دينه و معرفته و قال الله عزوجل كل من عليها فان و يبقي وجه ربك و قال عزوجل كل شيء هالك الا وجهه فالنظر الي انبياء الله و رسله و حججه: في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيمة و قدقال النبي9 من ابغض اهل بيتي و عترتي لم‌يرني و لم‌اره يوم القيمة و قال7 ان فيكم من لايراني بعد ان‌يفارقني يا اباالصلت ان الله تبارك و تعالي لايوصف بمكان و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 599 *»

 لايدرك بالابصار و الاوهام الخبر. ذكرته بطوله لكثرة محصوله فقدتبين و ظهر بما لاينكر ان المراد من رؤية الله اين ما تذكر هو رؤية الاولياء: لانهم وصف الله سبحانه و لايري من الشيء الا وصفه و هم وصفه فرؤية محمد و آل محمد: هي رؤية الله سبحانه حقيقة في الدنيا و الآخرة بل لاخصوصية للرؤية و انما ذلك جار في كل ما يضاف الي الله و اليهم بل قديقال ان الرؤية لله سبحانه لاخصوصية لها بهم: و ان‌كانت اولا و بالذات لا تتحقق الا بهم و اذا تحققت في غيرهم فانما تحققت بهم فانا ذكرنا في ساير مباحثاتنا و رسائلنا ان مقام محمد و آل محمد: اجل من وصف الواصفين و اعلي من نعت الناعتين و لايدركون بالحواس و لايجسون بالجواس و لايقاسون بالناس فان الله سبحانه خلقهم قبل ان‌يخلق خلقه بمائة الف دهر و مقامهم فوق شهادات جميع الانبياء و المرسلين و الملئكة المقربين و المؤمنين الممتحنين و تمام الخلق اجمعين و جميع من سواهم آثارهم و اشعتهم من مبدئهم الي منتهاهم و الاثر لايدرك مؤثره الا من حيث ظهوره له به و بمثله فالخلق محجوبون عن درك حقايقهم ايضا كما كانوا محجوبين عن درك الازل جل شأنه و قدذكرنا سابقا هنا ايضا فراجع يتبين لك واضحا فهم ايضا انما يدركون بصفاتهم و يرون بظهوراتهم لابذواتهم و حقايقهم و قدعرفت ان صفاتهم اشعتهم و انوارهم و اشعتهم شيعتهم لان الشيعة انما سميت شيعة لانهم خلقوا من شعاع نورهم و فضل ظهورهم فالمرئي المحسوس منهم شيعتهم لاحقايقهم فلذلك من زار شيعتهم فقدزارهم و من وصلهم فقدوصلهم و قدقال الكاظم7 من لم‌يقدر ان‌يزورنا فليزر صالحي اخوانه يكتب له ثواب زيارتنا و من لم‌يقدر ان‌يصلنا فليصل صالحي اخوانه يكتب له ثواب صلتنا و عن ابي جعفر7 قال قال رسول الله9 في حديث ان الله عزوجل يقول ايما مسلم زار مسلما فليس اياه زار اياي زار و ثوابه علي الجنة و قال ابوجعفر7 قال رسول الله من زار اخاه في بيته قال الله عزوجل له انت ضيفي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 600 *»

 و زايري علي قراك و قداوجبت لك الجنة بحبك اياه الي غير ذلك من الروايات و هي كثيرة و قدعرفت ان المؤمن هو الوجه الذي لايبيد و لايهلك و قدمر الاثر فيه فالنظر اليه النظر الي وجه الله و هو ثواب لااله‌الاالله و زيارته زيارة الله و ليس الزيارة الا الهجمة عليه و النظر اليه فاذا رؤيته رؤية الله و النظر اليه النظر الي الله و لارؤية لله و لانظر اليه الا هكذا و لان المؤمن صفة الله و اسمه و رسمه و آيته و عنوانه كيف لا و من آياته خلق السموات و الارض و البر و البحر و الجبال و الشجر و الدواب و المؤمن اكرم علي الله من كل ذلك فكيف لايكون هو آية الله بل قال علي7 الصورة الانسانية هي اكبر حجة الله علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الجسر الممدود بين الجنة و النار الخبر. و لعل في فقراته تقديما و تأخيرا فاني في القرية و لايحضرني الكتب فالمؤمن هو وجه الله و رؤيته رؤية الله و النظر اليه النظر الي الله فاذا عرفت ذلك فاعلم ان المؤمنين بل الخلق اجمعين يرون الله في يوم القيمة و ينظرون اليه و ينظر اليهم و قدنطق بذلك الكتاب و الاخبار و دل عليه صحيح الاعتبار و المراد بالرؤية رؤية آل محمد: و رؤية الانبياء المرسلين و المؤمنين الممتحنين كما عرفت و ينظرون اليهم و ينظرون اليهم الا ان الانظار تختلف فاما ينظر الخلق اليهم نظر الرغبة و المحبة و ينظرون اليهم نظر العطف و الرحمة و اما ينظر الخلق اليهم نظر الرهبة لانهم يرونهم مغضبين عليهم و هم ينظرون اليهم نظر المغضب المنتقم فمعني قوله تعالي اولئك الذين لايكلمهم الله و لاينظر اليهم يعني نظر الرحمة و الا فليسوا بمحجوبين عن ربهم الم تسمع قول علي7 *يا حار همدان@ من يمت يرني* الابيات و الاخبار في رؤيتهم متواترة و في القرآن فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا يعني اذا رأوا عليا في المقام العلي و المكان الاقرب من الله سيئت بقربه وجوه الذين كفروا به في دار الدنيا فهذا معني قوله7 و قدرأوه قبل يوم القيمة في عالم الميثاق و تقريره رؤية المؤمنين اياه و اما رؤيتهم لله سبحانه في الميثاق

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 601 *»

فلانهم لم‌يشاهدوا ذات الله و لم‌يسمعوا صوته فيكونوا كلهم انبياء الله كمحمد9 اذ لو سمع الكل صوت الله سبحانه لكان كلهم مما يوحي اليهم و يكلمهم الله و كان لهم منزلة محمد9 و قدقال الله سبحانه و ما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء و ليس قابل الوحي بلاحجاب و لارسول الا محمد9 اذ ليس لهم طاقة استماع الوحي من الله سبحانه و ليس لهم تلك اللطيفة الربانية حتي‌يستمعوا به وحي الله حتي ان كثيرا من الانبياء كانوا يرون في المنام و كثيرا منهم كان ينزل عليهم الملك و خص الله بالكلام محمدا9 و اما موسي حيث قال و كلم الله موسي تكليما فلم يكلم الله اياه وحيا من غير حجاب لانه لم‌يكن كمحمد9 و انما كلمه من وراء حجاب الشجرة و لم‌يكن شفاها فكيف كان يمكن ان‌يكلم الله اهل الميثاق من غير حجاب و انما كلمهم من وراء حجاب النبي9 فنطق بلسانه و كان الكلام كلامه كما كلم موسي من الشجرة و كان الكلام كلام الله تعالي شأنه و كلمهم النبي9 من وراء حجاب الولاية لانهم لايستطيعون له السمع و ماكانوا يبصرونه لشدة نوره و لمعان بروقه و عظمة صوته المحيطة باقطار وجودهم الخارجة عن حدودهم كانت تمنعهم من اصغائه فكلمهم من وراء حجاب الولاية و لما كان آل‌محمد سلام الله عليهم ايضا من نور محمد9 و طينته و روحه و كان لهم من الفضل ما كان له كانت رؤيتهم بمنزلة رؤيته و اصغاء وحيهم بمنزلة اصغاء وحيه فلم‌يكونوا يرونهم و يصغون كلامهم لعين ما ذكرنا في محمد9 فكلموهم من وراء حجاب الشيعة الخصيصين الذين يمكنهم النظر اليهم و الاصغاء لهم و لاتستغربن ما اقول و يختلج في صدرك ان الناس كانوا ينظرون اليهم سلام الله عليهم في هذه الدنيا و يصغون اليهم و كانوا يطيقونه فكيف لايطيقونه في الميثاق فان محمدا9 و اهل بيته الطاهرين الذين هم من نوره و طينته كانوا يظهرون للناس من انفسهم ما يطيقون و لو اظهروا لهم من انفسهم ذرة مما هم عليه من النور و البهاء و العظمة لصعق من

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 602 *»

في السموات و الارض و هلكوا عن آخرهم كيف لا و قدظهر مثل سم الابرة من نور الكروبيين و هم قوم من شيعتهم من الخلق الاول لموسي و قومه فخر موسي صعقا و هلك قومه و اندك الجبل و هو ما روي عن البصاير عن الصادق7 ان الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الاول جعلهم الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم علي اهل الارض لكفاهم ثم قال فلما سأل موسي ربه ما سأل امر رجلا منهم فتجلي له بقدر سم الابرة فدك الجبل و خر موسي صعقا و عن الكافي باسناده عن علي‌بن‌محمد النوفلي عن ابي‌الحسن7 قال ذكرت الصوت عنده فقال ان علي‌بن‌الحسين8 كان يقرؤ القرآن فربما مر به المار فصعق من حسن صوته و ان الامام لو اظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه قلت و لم‌يكن رسول الله9 يصلي بالناس و يرفع صوته بالقرآن فقال ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يحمل الناس من خلقه ما يطيقون فتبين و ظهر انهم اظهروا من انفسهم للناس ما يطيقون و ما كانوا يطيقون الا الاعراض فاظهروا لهم الاعراض التي لايعبؤ بها ابدا و جميع قراناتها عرضية الاتري انك تقول ان محمدا9 اول ما خلق الله و اقرب خلقه اليه و اكرمهم عليه و اليس يمكن ان‌يكون اشقي الاولين و الآخرين جالسا بجنبه بحيث لافاصلة بينهما و يكون علي7 في احد الغزوات بعيدا عنه ايسع احدا ان‌يقول ان هذا الشقي متصل باول ما خلق الله و هو اقرب الخلق بعد محمد9 الي الله لانه متصل به و عليّ ابعد الخلق عن الله لبعده عنه و اليس يمكن ان‌يرسل النبي9 رسولا الي علي7 او احد من المؤمنين بامر او نهي و يكون ذلك الرسول من اشقي الخلق و هل يسع احدا ان‌يقول حينئذ ان ذلك الشقي واسطة الفيض بين محمد و علي8 يصل الفيض اليه اولا ثم الي علي و الست تدري ان النظر اليه9 من اعظم المثوبات و ان زيارته زيارة الله و هل يسع احدا ان‌يقول ان المنافقين كانوا يزورون الله و يصلون الي اعظم درجات اهل الجنة و هو رؤية النبي9

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 603 *»

و هكذا فهم: ظهروا بالصورة العرضية لانهم لايطيقون اكثر من ذلك و جميع قرانات هذه الصورة و رؤيتها و الاصغاء اليها عرضية فرب بعيد منها قريب و رب قريب منها بعيد و رب ناظر اليها اعمي عنها و رب مصغ اليها اصم و رب متصل بها منفصل منقطع و رب منقطع عنها متصل و ان الله سبحانه يقول و منهم من يستمعون اليك افانت تسمع الصم و لو كانوا لايعقلون و منهم من ينظر اليك افانت تهدي العمي و لو كانوا لايبصرون اعتبر من الآية الاولي حيث جعل سبب الصمم عدم التعقل فمن لايتعقل هو اصم و ان استمع الي الناس و كذلك جعل سبب العمي عدم البصيرة فمن لابصيرة له و لايبصر بقلبه هو اعمي و ان نظر الي الناس فانها لاتعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور فهذه القرانات العرضية غير معتبرة و هذه الرؤية و الاصغاء امر عرضي فلم‌يروا النبي و لم‌يصغوا اليه و ان‌نظروا اليه و اصغوا اليه فرب من لم‌ير النبي و لم‌يصغ اليه و هو قدرآه و اصغي اليه كأويس رضي الله عنه فهذه القرانات العرضية الدنياوية لا اعتبار بها عند اولي الالباب فلم‌ير النبي و لم‌يصغ اليه9 الا من دخله من بابه و بابه الوصي فمن اتاه من بابه مؤمنا به مسلما له فقدرآه لابعينه العرضية فانها مشتركة مع ساير الخلق ولكن بقلبه و لذلك لم‌ينتفع منه و من رؤيته و الاصغاء اليه الا جماعة مخصوصون و ارتد الناس بعده قهقري الا اربعة و كذلك الامر في رؤية الائمة فان لهم ايضا قرانات عرضية غير معتبرة عند اولي الابصار الا من دخل البيت من بابه الذي هو معرفة الشيعة و الايمان به و الاذعان له فمن اتاهم من بابهم و امتثل امر الله فيهم بقوله فاتوا البيوت من ابوابها رآهم و اصغي اليهم و الا فلا و ان‌كان معاشرا لهم ليلا و نهارا و واسطة في جميع رواياتهم فرائي النبي9 و المصغي اليه هو من اعترف بالشيعة و اذعن لهم فرأه في مرآتهم و اصغي اليه من لسانهم و استمد منهم بهم و منهم و التفت اليهم بهم فلم‌ير الله سبحانه و لم‌يصغ اليه احد الا من رأي انوار عظمته في شيعتهم و لم‌يسمع كلامه احد الا من سمعه من في شيعتهم و من لسانهم فرؤية اهل الميثاق له تعالي رؤية وجهه لاذاته و قدعرفت بالاخبار ان وجهه الشيعة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 604 *»

المنتجبون و لذا ورد من اصغي الي ناطق فقدعبده فان‌كان الناطق ينطق عن الله فقدعبد الله و ان‌كان الناطق ينطق عن الشيطان فقدعبد الشيطان و سمعت من القدسي في العبد المتنفل كنت سمعه الذي يسمع به و عينه التي ينظر بها و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها فالمراد برؤية الله سبحانه في الميثاق رؤية شيعة آل محمد: كما كان المراد بتجلي ربنا لموسي و قومه تجلي واحد من الكروبيين و هم قوم من الشيعة المكرمين فيرونه في القيمة كما رأوه في الميثاق يوم الذر الاول و اما قوله7 «و ان المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيمة الست تراه في وقتك هذا» فالمراد به ان المؤمنين لما دخلوا البيوت من ابوابها و عرفوا الله من حيث تعريفه و تعرفه و وصفوه بما وصف به نفسه فقدرأوا الله كما ذكرنا الست تراه في وقتك هذا يعني الست تصفه بما وصف به نفسه و علي ما عرف نفسه به و بما تعرف به و الست تدخل البيت من بابه الست مقرا بمحمد9 و معترفا بآل محمد سلام الله عليهم و مواليا لاوليائهم معاديا لاعدائهم فان من وصف الله هكذا و عرفه هكذا فقدآمن بالله حقيقة علي ما اراد من خلقه و اقام شروط لااله‌الاالله علي ما قال الرضا7 لما وافي نيسابور و كان في العمارية فذكر سندا جليلا معروفا الي ان قال يقول لااله‌الاالله حصني و من دخل حصني امن عذابي فلما مرت الراحلة ناداهم بشروطها و انا من شروطها فلهذه الكلمة الطيبة ثلثة شروط اولها محمد رسول‌الله و ثانيها الائمة من ولده خلفاؤ الله و الثالث شيعتهم اولياؤ الله و اعداؤهم اعداؤ الله و قدقال موسي بن جعفر8 الاسم الاعظم علي اربعة احرف الحرف الاول لااله‌الاالله و الحرف الثاني محمد رسول الله و الحرف الثالث نحن و الحرف الرابع شيعتنا ففي جعل هذه الاحرف احرف الاسم الاعظم دلالة علي ان من اقر بها و اعترف و تثبت و عمل بمقتضاها حصل له من التصريف ما يقدر معه علي فوز الدنيا و نجاة الآخرة و ملكة ازمة الامور فلايمتنع عن حكمه شيء و يحوز الدنيا و الاخرة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 605 *»

فشروط لااله‌الاالله ثلثة كما ذكرنا فمن قال لا‌اله‌الا‌الله هكذا وصفه بوصفه الاعظم الاكرم و اسمه الاجل الاعلي و وصفه كما وصف به نفسه و عرفه بما عرف نفسه به و تعرف له به فاذا عرفه هكذا و آمن به علي ما شرحنا و اوضحنا و بينا فقدرأي الله بقلبه و هذا هو معني رؤية الله في الدنيا و لذلك خص الرؤية في الدنيا و الميثاق و القيمة بالمؤمنين فان غيرهم كما قال الله في الذي اذا تتلي عليه آياتنا قال اساطير الاولين كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فلايرون الله ابدا بما اري نفسه علي ما احب و لذا قال في آخر الخبر و ليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين تعالي عما يقول المشبهون الملحدون فلما كان ابوبصير من الذين آمن بالله سبحانه علي ما عرف نفسه و لو بحسب الظاهر قال له الست تراه في وقتك هذا فاجري الكلام هكذا فيقف اهل كل رتبة علي ما يناسبهم فانهم يتكلمون بالكلمة و يريدون منها سبعين وجها لهم من كلها المخرج فعجب ابوبصير بالخبر و كاد ان لايتحمله فقال احدث بهذا عنك استعجابا به فان الانسان اذا ملك شيئا نفيسا يريد ان‌يراه الناس و يقروا له بالفضل و يذعنوا له بسبب تملكه بذلك فلما استعجب ابوبصير بالخبر قال جعلت فداك و احدث بهذا عنك قال لا فانك اذا حدثت به فانكره منكر جاهل بمعني ما تقوله ثم قدر ان هذا التشبيه كفر فعفي الله عن ابي‌بصير حيث يروي الخبر ثم يقول قال لي لاتحدث به و مع ذلك اخرجه الاستعجاب الي التحدث به و لم‌يطق حمله مع انه كساه بالف حجاب و اظهر له من وراء النقاب ولكن هذا الزمان غير ذلك الزمان و قدقوي الطباع و استامنت الاصقاع و ترقي العباد و خليت البلاد عن اهل الشقا و العناد فليس شرحنا هذا المقام في هذه الايام في مورد النهي لاسيما بعد ظهور آثار الركن الرابع و الضياء الساطع والبرهان القاطع و النور اللامع و الكبرياء القامع فحينئذ وجب اظهار بعض ما انعم الله به علينا من بيان هذه المقامات مع انه متي و اني و انا نجلل المراد ايضا بالف حجاب و نتكلم من وراء الباب و انما يتذكر اولوا الالباب و ذلك بعد ما امتلأت الكتب بهذه الاخبار و شحنت بهذه الاسرار و اذعن

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 606 *»

به الابرار و الاغيار فاني ينفع الاخفاء بعد رفع الاستار و لاحول و لاقوة الا بالله الملك الجبار و هذا القول منه7 يشعر بان انكار المنكر اخبارهم و لو كان عن جهالة كفر بالله سبحانه و بهذا المعني وردت اخبار كثيرة منها قول الصادق7 لو ان الناس اذا جهلوا وقفوا و لم‌يجحدوا لم‌يكفروا و قال ابوجعفر7 في حديث يأمرهم بالتسليم لاحاديثهم و انما الهالك ان يحدث احدكم بالحديث او بشيء لايحتمله فيقول و الله ما كان هذا و الله ما كان هذا و الانكار لفضائلهم هو الكفر و قال7 ان احب اصحابي الي افقههم و اورعهم و اكتمهم لحديثنا و ان اسوءهم حالا و امقتهم الي الذي اذا سمع الحديث ينسب الينا و يروي عنا فلم‌ يحتمله قلبه و اشمأز منه جحده و اكفر من دان به و لايدري لعل الحديث من عندنا خرج و الينا اسند فيكون بذلك خارجا من ديننا و قيل له ما تقول فيمن  اخذ منكم علما و نسيه قال لاحجة عليه انما الحجة علي من سمع منا حديثا فانكره او بلغه فلم‌يؤمن به و كفر فاما النسيان فهو موضوع عنكم الي غير ذلك من الاخبار فنهاه7 عن التحدث به رحمة علي الضعفة الذين اذا سمعوا شيئا لايطيقونه انكروه و خرجوا من دينهم من حيث لايُعلَم فذلك رحمة للضعفاء و صون للاقوياء عن شرور اهل العناد و اللجاج من المنافقين الملحدين و ان الضعيف اذا سمع مثل هذا الحديث زعم ان الله سبحانه يري في القيمة و في الدنيا و رأي في الميثاق ذاته تعالي شأنه و هو التشبيه و هو الكفر الصريح فاما يعتقد به مع انه زعمه علي التشبيه فيكفر و اما يشمئز منه و يرده مع انه خرج من عند آل‌محمد: و هو الحق فاذا انكره و كفّر من دان به فقد كفر من حيث لايعلم و كذا اذا سمع واحد من المنافقين ذلك زعمه تشبيها لعدم علمه بحقايق الاسرار فيكفر آل‌محمد: و يؤذيهم و اصحابهم بلسانه و يده فلاجل ذلك نهاه عن التحدث به و يظهر مما ذكرنا هنا و اسلفناه سابقا لهذا الحديث الشريف وجوه اخر لمن تدبر فافهم راشدا موفقا مسددا.

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 607 *»

قال سلمه الله و باسناده عن الكاظم7 قال «ليس بينه و بين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور» تفضلوا علي بشرح هذه الاحاديث فان من احيا نفسا فكانما احيا الناس جميعا و اي ثواب اعظم عند الله من هذا.

اقول صدر الحديث هذا ان الله تبارك و تعالي كان لم‌يزل بلازمان و لامكان و هو الآن كما كان لايخلو منه مكان و لايشتغل به مكان و لايحل في مكان مايكون من نجوي ثلثة الا هو رابعهم و لاخمسة الا هو سادسهم و لاادني من ذلك و لا اكثر الا و هو معهم اين ما كانوا ليس بينه و بين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور لا اله‌الا هو الكبير المتعال و نظير ذلك صدر عن ابنه الرضا صلوات الله عليهما و هو الحمد لله فاطر الاشياء انشاء و مبدعها ابتداء بقدرته و حكمته لا من شيء فيبطل الاختراع و لا لعلة فلايصح الابتداع خلق ما شاء كيف شاء متوحدا بذلك لاظهار حكمته و حقيقة ربوبيته لاتضبطه العقول و لاتبلغه الاوهام و لاتدركه الابصار و لايحيط به مقدار عجزت دونه العبارة و كلت دونه الابصار و ضل فيه تصاريف الصفات احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور و عرف بغير رؤية و وصف بغير صورة و نعت بغير جسم لااله‌الاالله الكبير المتعال انتهي.

اعلم ان الله سبحانه احد فلايجزي و ليس معني انه احد لايجزي انه جزؤ صغير لايقبل القسمة بل انه مجزيء الاجزاء و مقسم الاشياء فلايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه و انه قدعلا علي الكل و الجزء و الكلية و الجزئية و الحاد و المحدود و الوصف و الموصوف و احاط بكلها علما فهو فوق التجزية بل هو فوق الاحدية و الواحدية لان كل ذلك صفات مقترنة و هو منزه عن الصفات مبرؤ عن النعوت فاذا لايخلو منه مكان اذ لو خلا منه مكان لاشتغل به مكان و لحد بمكانه و اشتبه بخلقه و مع ذلك لايحل في مكان فيحيط به مكانه و يشتغل به لان المكان حينئذ غيره و كل ما سواه حادث و الذي حواه الحادث و احاط به و اقترن

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 608 *»

به حادث و لالفظ لي ادل من ان‌اقول احاط بكل شيء من غير اقتران و طوي كل شيء من غير نفوذ و سريان فهو في الاعراض كما هو في الجواهر و في الشهادة كما هو في الغيب و في الخلق كما هو في الامر و في الامكان كما هو في الازل و ليس في شيء من ذلك علي مظروفية احتواء و ليس لفظ احسن و ابلغ من ان‌يقال انه هو ازل لاشيء معه اذ ذاك هو و يمتنع ذكر غيره معه و لاغير لان وجود ذكر الغير معه يستلزم الاقتران و الحدث و خلقه خلقه اذ ذاك هو و يمتنع فيه الوجوب و الازل لان ما يجوز في الخلق يمتنع في خالقه و ما يجب في خالقه يمتنع في خلقه فحق و خلق لانسبة بينهما و لاربط يربطهما و ليس هو فوق خلقه كفلك وراء فلك و لاحال في خلقه كروح في جسد بل نفذت في كل خلقه قدرته و احاط بهم علمه و طوي الكل احديته و قرب فهو اقرب الي كل شيء من نفسه فعلا و بعد عن كل شيء فهو ابعد عن كل شيء من كل شيء عن كل شيء فدنا سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره فاذا ليس بينه و بين خلقه حجاب غير خلقه بل نفس خلقه حجاب لهم عن دركه و حدودهم منعتهم عن رؤيته و قراناتهم حجبتهم عن ابصاره هو لم‌يتخذ لنفسه حجابا و لم‌يضرب دون نفسه سترا فهو اظهر من كل شيء في كل شيء كما في الدعاء «انت لاتحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الآمال دونك» كيف و لو اتخذ حجابا لاختص بماوراء الحجاب و حد به و لخلا منه ما امامه و هو قدنفذ في الحجاب و المحجوب و الاحتجاب و الحَجب قدرته و احاط بكلها علمه و بدي في الجميع نوره و غشي الكل ظهوره فبم يحتجب و فيم يستتر سبحان من هو اظهر من كل شيء و لايحجبه شيء سبحانه اي شيء يقدر ان‌يحجبه و اي شيء يمكنه منع سطوع نوره و اي شيء يسعه دفع ظهوره و كل محجوب مقهور تحت الحجاب ممنوع بالنقاب و هو سبحانه لايغلبه شيء و لايقهره شيء و لايرده شيء غلب كل شيء بقدرته و احاط بكل شيء بعلمه و نفذ في كل شيء بخبرته فاحتجب عن خلقه بغلبة ظهوره القاهرة لمدارك خلقه و استتر بتشعشع نوره المتجاوز عن حد بصاير عباده فخفي لشدة ظهوره و استتر لغلبة نوره فحجب الخلق عن دركه ضعف ابصارهم المستلزمة لحدودهم و سترهم عن فهمه سخافة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 609 *»

مداركهم المستلزمة لحدوثهم و صفاتهم فاحتجب سبحانه بغير حجاب محجوب اي مجعول حجابا و استتر بغير ستر مستور اي مجعول سترا له سبحانه فتجلي لخلقه بهم و بهم امتنع منهم و بهم احتجب عنهم و بهم استتر عنهم ليس له حجاب دونهم و قدقال الرضا7 لايحجبه الحجاب فالحجاب بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم و لامكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته و لافتراق الصانع و المصنوع و الرب و المربوب و الحاد و المحدود الخطبة فالمثل الذ لك و لله المثل الاعلي وجود الشمس و ظهورها مع ان العميان لايرونهما و وجود الصوت مع ان الصمان لايسمعونه مع ان الشمس لم‌تتخذ حجابا لنفسها و الصوت لم‌يخف ولكن العميان و الصمان محجوبون بعميهم@ و صممهم فتبصر من هذا امرك فالخلق لالتزامهم بالتركيب و التحديد و التوصيف و الحدوث و كون مشاعرهم من جنسهم حرموا عن درك ذاته و معرفة كنهه اذ الادوات تحد انفسها و الآلات تشير الي نظائرها و لما كان كذلك قدر نور عظمته في المقادير و شعاع ذاته في الحدود و اظهر لهم معانيه و فتح لهم ابوابه و اقامهم في الاداء مقامه في العالمين ليمكن ادراكه للمحدودين الموصوفين و لولا ذلك لامتنع معرفة خلقه له و اهتدائهم اليه و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

قال ايده الله يا من لايخيب سائله عبدك الحقير كثير الذنب و التقصير قليل البضاعة كثير الاضاعة و ان كان ليس باهل للجواب و لابالحري ان‌يجاب ولكن المرجو من جناب مولاي و مقتداي الجواب مولاي في الجمع بين الشريفتين من ولد فاطمة عليها السلام خبران يوذنان بالتحريم و هما مرسل ابن‌ابي‌عمير و خبر حماد‌بن‌عثمان و عبارتهما لايحل لاحد ان‌يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة عليها السلام فان ذلك يبلغها فيشق عليها و اختاره الحر في بدايته و الكاشاني في الوافي و لقدسمعت من شيخي ان الملا عبدالله  الشبروي ايده و كأنه اختيار الشيخ في الحدايق و الدرر النجفية هل هذا الجمع عندكم كالجمع بين الاختين مع معرفة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 610 *»

 النسب و تحقق انتسابهما لفاطمة عليها السلام بالأب لانه المتيقن ام هو حلال من غير كراهة او مع كراهة.

اقول هذه المسئلة مما اطال المتأخرون فيه الكلام و لم‌ينقل التعرض له عن احد المتقدمين كما شهد به صاحب الحدايق و لم‌يكن منه بحث قبل شيخنا المحدث الحر العاملي ره و لم‌يذكر في كتاب و لم‌يجر في خطاب و بذلك شهد ايضا الشيخ يوسف ره فقال هذه مسئلة لم‌يحدث فيها الكلام الا في هذه الاعصار الاخيرة و الا فكلام المتقدمين من اصحابنا رضوان الله عليهم و المتأخرين خال من ذكرها و التعرض لها و قداختلف فيها الكلام و كثر النقض فيها و الابرام بين علماء عصرنا و من تقدمه قليلا هـ و قداختار التحريم و شدد بيانه و وثق اركانه و نقل التحريم عن الشيخ جعفربن‌كمال الدين البحراني و عن الشيخ الحر كما نقلتم و كلامه في الوسائل مشعر بتوقفه لان قاعدته فيه ترجمة الابواب بفتواه و قال هنا باب حكم الجمع بين اثنتين من ولد فاطمة و ذكر مرسل ابن‌ابي‌عمير و خبر حماد و كذا اقتصر في الهداية علي متن الحديث و نقل عنه انه صرح بالكراهة في الوسائل بما هذا لفظه قدورد حصر المحرمات في النكاح و اباحة ما عداها في القرآن و الحديث و هذا يمكن ان‌يحمل علي كون البنتين اختين او علي الكراهة مع الجواز عليهما او علي احديهما في القسم لتعليله انه يشق علي فاطمة بعد الموت فذلك بحسب الطبيعة البشرية في النساء و لم‌يذكر انه يؤذيها بل هو اعم و لم‌يذكر انه يشق علي الرسول و الائمة و ذلك لايدل علي التحريم مع ما تقدم و القرينة انتهي و ليس في الوسائل الموجود عندنا ذلك و كذا ذكر صاحب الحدايق بل اقتصر علي نقل الرواية فلعلها كان في بعض نسخ الوسائل فانه سود بخطه ثلث نسخ و عندي الثالثة منها و فيها حذف و زيادة كثيرة و لايخفي ما في كلامه عفي الله عنه من سوء الادب بالنسبة الي فاطمة حيث ذكر انه يشق علي فاطمة بعد الموت فذلك بحسب الطبيعة البشرية حيث زعم انها تستفزها الطبيعة البشرية مع ان طباع اهل البيت كاشف عن رضا الله و انهم لعلي خلق عظيم ثم تفريقه بين الشق عليها و علي رسول‌الله و الائمة: بالجملة كفي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 611 *»

بنقل التحريم عنه قولكم و قول صاحب الحدايق عنه و نسبه صاحب الحدايق الي الطوسي ايضا حيث رواه و لم‌يتعرض لرده و ليس بشيء فانه لعله فهم منه غير ما فهم منه صاحب الحدايق و كذا نسبه الي ابن بابويه حيث رواه في العلل و لم‌يتعرض لرده بعده و ليس بشيء لما ذكرنا في الطوسي بل صرح في الخصال بان الفروج المحرمة في الكتاب و السنة علي اربعة و ثلثين وجها و عدها و لم‌يذكر الجمع بين ثنتين من ولد فاطمة فيها و لم‌يتعرض بعدها ان هناك شيئا آخر فلم‌ينقل قول بالتحريم مع ذلك كله الا عن الشيخ جعفر البحراني و القاشاني علي ما نقلتم في الوافي و الا فالمفاتيح و الشافي خال منه و الشيخ الحر في احد قوليه و هو ثالثهم و نقل عن الملا محمدجعفر الاصفهاني الشهير بكرباسي القول بالاحتياط و ترك الجمع و عن الشيخ سليمان البحراني شدة الكراهية و المرجوحية و نقل عنه التحريم و لم‌يثبت و قال السيد عبدالكريم في الدرر المنثورة بالكراهة بالجملة الواجب الرجوع الي اخبار اهل العصمة: و قواعدهم فعن الشيخ في التهذيب عن علي‌ بن‌الحسن بن‌علي بن‌فضال عن السندي ابن‌الربيع عن ابن‌ابي‌عمير عن رجل من اصحابنا قال سمعته يقول لايحل لاحد ان‌يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة ان ذلك يبلغها فيشق عليها قلت يبلغها قال اي والله و عن الصدوق في العلل عن محمد‌بن‌علي بن ماجيلويه عن محمد‌بن‌يحيي عن احمد‌بن‌محمد عن ابيه عن ابن‌ابي‌عمير عن ابان‌بن‌عثمان عن حماد قال سمعت ابا عبدالله7 يقول و ذكر مثله و ان كان في سند هذين الخبرين بحسب اصطلاح المتأخرين مغمز كثير ففي الاول فلاضماره و ارساله و كون علي‌بن‌الحسن بن‌علي بن‌فضال فانه فطحي و قال اخيرا بامامة جعفر الكذاب و في الثاني لمكان ابان‌بن‌عثمن و هو من الناووسية علي ما قيل و قيل انه من الفطحية و علي اي حال ضعيف و كون ابان ممن اجمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عنه كلام قشري لان الاجماع حجته اذا كان فيه معصوم و الا فلا فباصطلاح القوم ليس الخبران بصحيحين و اما علي اصطلاحنا لورودهما في كتب الثقات المصححة صحيحان لابأس بهما الا ان الكلام في مدلولهما و صحة العمل بهما فنقول قد

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 612 *»

روي الصدوق في الخصال باسناده عن ابرهيم بن عبدالرحمن الاملي قال حدثني موسي‌بن‌جعفر عن ابيه جعفربن‌محمد قال سئل ابي عما حرم الله عزوجل من الفروج في القرآن و عما حرم رسول الله9 في سنته قال الذي حرم الله عزوجل من ذلك اربعة و ثلثون وجها سبعة عشر في القرآن و سبعة عشر في السنة ثم عدها واحدا بعد واحد و هذا الخبر حصر في المحرمات فان السؤال وقع عن جميع ما حرم الله لمكان «ما» الدال علي العموم و وقع الجواب عنه علي وجه الحصر و حلال محمد حلال الي يوم القيمة و حرامه حرام الي يوم القيمة فهو معارض صريح لذينك الخبرين و عموم قوله تعالي و احل لكم ما وراء ذلكم في محله مزيدا علي انه استقر عليه عمل الشيعة قديما و حديثا و اتفقوا علي عمومها مع ما روي في عدة اخبار انما الحرام ما حرم الله في القرآن و الا فلا و ما روي عن النبي9 الا لايتقولن علي احد بشيء فاني لااحل الا ما احل الله و لااحرم الا ما حرم الله في كتابه و كيف اقول ما يخالف القرآن و به هداني الله عزوجل و ان قلت ان عموم القرآن علي التحقيق يمكن تخصيصه بالخبر الصحيح و كذا عموم السنة قلت ان التخصيص للعام قاعدة وضعها العلماء الاعلام و ليس في اخبار اهل العصمة: كما ذكرناه في مقامه و الواجب في العام و الخاص العرض علي الكتاب و السنة و الاجماع و مذهب القوم و غيرها و لاشك ان الكتاب يخالف الحكم بالتحريم لعموم احل لكم ما وراء ذلكم و خبر عد المحرمات اوفق و كذا يخالف السنة لما قدعرفت ان محرمات السنة محصورة كما مر و امرنا بالاخذ بما اجتمعت عليه اصحابنا و بالرواية المشهورة فان المجمع عليه لاريب فيه و انت تعلم ان العام الحاصر الذي ذكرناه مشهور معروف لانه لم‌يقل بالتحريم احد من المتقدمين و المتأخرين و علي ذلك مرت الدهور و الاعصار و يقع كثيرا في الشيعة لانه من الامور العامة البلوي و لم‌ينه عنه احد من علمائنا الاخيار و لو كان الحكم التحريم لما غفل عنه كل هذه العصبة حتي‌ينتهي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 613 *»

الامر الي ثلثة او اربعة و عد العلماء و حصرهم المحرمات و اهمالهم المجمع بين ولدي فاطمة عليها السلام دليل علي تجويزهم و لو كان ذلك محرما لما اقتصروا علي خبر واحد في كل هذه القرون و الاعصار في عصر الائمة: و لكثر السؤال عنه و الجواب و لتكرر في الاصول و لم‌يغفل عنه كل هذه العلماء الاعلام فان مدار الاعصار علي العلماء الابرار فاذا اطلقوا هم شيئا فقداطلقه جميع مقلديهم و الآخذين عنهم فظهر انه اطلق هذا الحكم جميع الشيعة فيما تقدم و قدروي في الخبرين المتعارضين خذ بما اشتهر بين اصحابك و اترك الشاذ النادر فان المجمع عليه لاريب فيه و لاشك ان هذا الخبر نادر بل هما رواية واحدة مأخوذة عن ابن‌ابي‌عمير و كان ذاكرا للواسطة و الامام مرة فاسندها و غافلا عنه اخري فارسلها و اضمرها فهي رواية واحدة في كل هذه الاصول و القرون و الاعصار فهي نادرة لاسيما اذا لم‌يعمل بها احد من علمائنا و اصحاب الاصول فنترك هذه و جميع المطلقات الواردة يؤيد الجواز و في لحن الخبر ايضا دلالة فانه يقول ان ذلك يبلغها فيشق ذلك عليها فانه ظاهر انها تكره ذلك مع ان لاتحل قديستعمل في عدم الجواز المطلق فقديعني به حلالا لا كراهة فيه كما روي لاتحل لامراة تؤمن بالله و اليوم الآخر ان‌تدع عانتها فوق عشرين يوما و سأل علي‌بن‌جعفر اخاه موسي‌بن‌جعفر7 عن الرجل ايحل له ان‌يكتب القرآن في الالواح و الصحيفة و هو علي غير وضو قال لا و لم‌يقل احد بتحريمه فيما اعلم الا القاشاني و كذلك في هذا الخبر تحمل لفظة لاتحل علي حلال مطلق صرف ليس فيه كراهية لمكان رواية ابرهيم‌بن‌عبدالرحمن الصريحة في ان الفروج المحرمة اربعة و ثلثون في الكتاب والسنة فليس الجمع بينهما من المحرمات قطعا وفاقا للشهرة القديمة و عدم ظهور خلاف في المسئلة و خلافا للنادر و عملا بالحاصر الذي ذكرنا فهو مطلق ان‌شاءالله تعالي نعم من اراد اجتناب المكروه و الاحتياط في الدين فليحتط لدينه بما استطاع و لايضر الاحتياط ابدا و الي ما ذهبنا ذهب سيدنا اجل الله شأنه و انار

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 614 *»

برهانه و هذه عبارته الذي يظهر من قواعد المذهب و طريقة الفرقة المحقة ان الجمع بينهما يجوز و قدكان الجواز مذهب جميع اصحابنا المتقدمين من معاصري الائمة الي زمان الشيخ الحر واستقر عملهم كافة علي العمل بعموم قوله تعالي و احل لكم ما وراء ذلكم فاذا استقر عملهم عليه و لامعارض سوي رواية رواها الشيخ في التهذيب بسند ضعيف و رواها الشيخ الصدوق في العلل بطريق صحيح و هاتان الروايتان قداعرض عنهما الاصحاب و راويهما ايضا فيكون ذلك دليل عدم حجيتهما و دليل ضعفهما لاسيما عند القدما من اصحابنا الذين لايرون العمل بهذا الاصطلاح الي ان‌قال فالاعتماد علي رواية اعرض عنهما الاصحاب كافة و تخصيص كتاب الله بها جرءة عظيمة و جسارة جسيمة الي آخر كلامه اجل الله شأنه و انار برهانه و

اذا قالت حزام فصدقوها   فان القول ما قالت حزام

فاذا كان عموم الكتاب مما استقر عليه العمل فهو مستجمع علي تأويله و وجب عليه العرض فما خالفه فهو زخرف لاسيما اذا كان الخبر بنفسه مخالفا للاجماع بل يمكن ادعاء الاجماع علي الجواز لعدم المخالف من عصر الامام الي زمان الشيخ الحر و هو اعظم الاجماع. و قدفرغ من تسويد هذه الاوراق مصنفه و كاتبه في يوم الاربعا الخامس عشر من شهر جمادي الاولي من شهور سنة احدي و ستين بعد المأتين و الالف حامدا مصليا مستغفرا تمت.

[1] يعني عبد اظهره الله في ساير عوالمه بعد ان احتجبه بسبع و قصرت ايدي الخلق عنه.