طريق النجاة المجلد الثالث – الجزء الثانی
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۲۷ *»
الباب الخامس
من ابواب الكتاب فی النباهة و فيه ايضاً مقدمة و فصول
المقدمة
فی بيان حقيقة النباهة و فيها مطالب
المطلب الاول
اعلم ان النباهة كضخامة بمعني الشرافة و الشهرة يقال نبه نباهة كضخم ضخامة اذا شرف و اشتهر فهو نبيه و نابه و نبه كسبب و هو خلاف الخامل و عن بعضهم نبه مثلثة العين بمعني شرف و هي من صفات الانسانية لان الانسان مشرف من بين جميع المخلوقات و اعلي من كلها مكاناً و مكانة و قد سخر اللّه له جميع ما في السموات و ما في الارض كما قال (و سخر لكم ما في السموات و ما في الارض جميعاً منه) و كرمه تكريماً كما قال (و لقد كرمنا بنيآدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً) و سر هذه النباهة و الشرافة ان الانسانية اي الناطقة القدسية ليس لها انبعاث من هذا البدن فلاتنبعث من الكبد كالنباتية و لا من القلب كالحيوانية و لا من الدماغ كالنفسانية و انما هي ناشئة ارض العلم منها نشأت و فيها استقرت و هي فوق جميع هذه السموات و الارضين و خارجة من هذا الصقع بالكلية و من زعم ان الانسانية من الدماغ فلاجل عدم معرفته بلحن آلمحمد: و بسر قوله تعالي (لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون)و بسر قوله7 الناس كلهم بهائم الا قليل من المؤمنين المؤمن عزيز المؤمن عزيز المؤمن عزيز و في رواية المؤمنة اعز من المؤمن و المؤمن اعز من الكبريت الاحمر فمن رأي منكم الكبريت الاحمر فلو كان هؤلاء الاشباح انساناً لماسماهم اللّه بالانعام و لماسماهم حجته بالبهائم فهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۲۸ *»
انعام و ان كان لهم نفوس يشقون بها الشعر فهذه التي فيهم هي لها انبعاث و هو دماغهم و اصلها الكرسي و اما الانسانية اي الناطقة القدسية فليست من الافلاك و ليس منبعثها الدماغ و انما انبعاثها من ارض العلوم الحقة و الشريعة المقدسة الطاهرة التي هي شعاع الشارع و نوره الذي بيانه في المنطوق كتاب اللّه و سنة نبيه9 المتسمع مولانا اميرالمؤمنين7 يقول في صفتها قوة لاهوتية بدء ايجادها عند الولادة الدنياوية مقرها العلوم الحقيقية الدينية موادها التأييدات العقلية فعلها المعارف الربانية الخبر و من البين ان الكفار و المنافقين و النواصب ليس لهم علوم حقيقية دينية و معارف ربانية و ان كانوا يشقون الشعر في العلوم السجينية التي لميذكر اسم اللّه عليها اليس ان ابليس كامل في تلك العلوم و لاتنافي شيطنته فساير اشباه الناس اناس كونية ظاهرية و لاحظّ لهم من الانسانية الشرعية و انسانيتهم الكونية ناشية من الكرسي و اما انسانية المؤمنين فهي ناشئة من ارض الشريعة الطاهرة التي هي العلوم الدينية المستعلية علي جميع هذا العالم المحيطة به المخلوقة قبله باربعة آلاف سنة فمن كان له حصة من تلك الارض فهو انسان شرعي حقيقي و من لميكن فيه حصة منها فهو انسان كوني و لاينافي البهيمية الشرعية و النعمية بالجملة الانسانية الشرعية نور مهيمن علي جميع هذا العالم من سمواته و ارضه قد سخر له جميع ما في هذا العالم و اخذ اللّه ميثاق جميع العالم بطاعته و الانقياد له كما قال (و سخر لكم الليل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بامره ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون و ما ذرأ لكم في الارض مختلفاً الوانه ان في ذلك لآية لقوم يذكرون) فهو شرف شرفه اللّه به و اما ساير الاناسي الظاهرية فلميسخر لهم شيء و لميتسلطوا علي شيء و لايطيعهم شيء الا بالتغلب الظاهري و التصرفات الظاهرية بل هم مسخرون للانسان علي رغم آنافهم طوعاً و كرهاً و اذلاء منقادون لهم المتسمع الزيارة طأطأ كل شريف لشرفكم و بخع كل متكبر لطاعتكم و خضع كل جبار لفضلكم و ذل كل شيء لكم مع انهم في الظاهر كانوا مقهورين مظلومين
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۲۹ *»
و كذلك حال ساير الاناسي الحقيقية و اولئك اي الاناسي الشرعية هم بنو آدم7 الشارع المتشرع فان الولد جزء والده و من سنخه و البهائم و الانعام ليست من اولاد آدم7 بل هم من ولد الشيطان لما فيهم من الشيطنة و النكراء و شاركهم في الاموال و الاولاد، يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس فتبين معني قوله تعالي (و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً) و ان بني الشيطان اهون علي اللّه تعالي من البهائم و قال فيهم (كأنهم حمر مستنفرة فرّت من قسورة) فكيف يكرمهم و لا كرامة فان اللّه سبحانه كرم بنيآدم حيث ميزهم عن ساير الحيوانات بالصفات الانسانية و حملهم في البر علي الظهور و في البحر علي بطون السفن لتحمل اثقالهم الي بلد لميكونوا بالغيه الا بشق الانفس و اوقفهم علي الظاهر و الباطن و سخر لهم النباتات و الحيوانات و في برّ الامن و بحر الفتن و في الظاهر و الباطن و الغيب و الشهادة و الارض و السماء و رزقهم من طيبات علوم آلمحمد: و جنبهم من خبائث علوم اعدائهم و فضلهم علي كثير مما خلق تفضيلاً و الكثير هم الجمادات و النباتات و الحيوانات و الاناسي الظاهرية و الجن و الملائكة و اما من لميفضلوا عليه فهم الانبياء و الاوصياء هذا علي ان يراد من بني آدم الشيعة المؤمنون و اما اذا اريد من آدم آدم الاول فمن لميفضل بنوه عليه هم الاربعةعشر صلوات اللّه عليهم.
و ان قلت كيف يكون هذه النباهة من القوي و هي صفات من صفات الانسان كالعزة و الذلة و الغنا و الفقر مثلاً قلت ان المراد بالقوة هي الصورة النوعية الصالحة للظهور بجزئيات شخصية كالباصرة فانها صورة نوعية صالحة لان تظهر بادراك كل لون و هي كمال من كمالات روح الحيوان و له صورة كلية صالحة للظهور بساير الانواع و الاشخاص فله القوة العظمي فوق جميع القوي فالنباهة هي صورة نوعية تصلح للظهور بصفات و كمالات و انا قد قدمنا في صدر الكتاب ان النباهة هي قوة جامعة بين الذكر و الفكر و العلم و الحلم كما ان المربية قوة جامعة بين الجاذبة و الهاضمة و الدافعة و الماسكة فكما ان الجاذبة من طبع
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۰ *»
النار و الهاضمة من طبع الهواء و الدافعة من طبع الماء و الماسكة من طبع التراب فاذا تركبت هذه العناصر بعد تشاكلها و تداخلها و تمازجها و تفاعلها و اتحادها صارت مرآة للنفس النباتية الرحمانية المهيمنة علي عرش تلك الاربع و هي مربية تستعمل كلاً من تلك الاربع في مقتضاها فتربي الجسم الظاهر و تزيد في اقطاره و تنميه و كذلك اللامسة هي قوة جامعة لمقتضي كل من الطبايع الاتري انك تحس بها الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة و الثقل و الخفة و الخشونة و الملاسة و في الحقيقة ساير المشاعر الاربعة جهات اللامسة اذ درك الاصوات لمسها و درك الالوان لمسها و درك الروايح و الطعوم لمسها غاية الامر ان الشيء اللطيف يلمس بعضو لطيف و الشيء الكثيف بالعضو الكثيف فالطبايع اذا تركبت تعلق بها النفس الحيوانية الدراكة فادركت بالمركب كل ما يمسها فكذلك لما تسوي الاركان الاربعة اي الذكر و الفكر و العلم و الحلم تعلق بالمجموع المركب النفس الناطقة القدسية التي من عرفها عرف ربه و هي المعبر عنها بالفؤاد و هو المشرف علي جميع مراتب الوجودات المقيدة و ظهر من المجموع شرفها و استعلاؤها و هيمنتها و شرفها بمعرفة اللّه و معرفة رسوله9 و معرفة حججه و اوليائه: و ولاية اوليائه و البراءة من اعدائه و الايمان بكتبه و شرايعه و استقامته و اعتداله في كل من تلك الاربع و باستقامة اخلاقه و كرمه و زهده و تقواه و في معارفه و يقينه و حفظه و اقواله و افعاله و ساير صفاته اذ جميع ذلك من الشرف و العلو الذي للنفس الناطقة الرحمانية المستوية علي عرش تلك الاربع فهي قوة جامعة تصير بالفعل في مواقع الفعلية فبذلك الاستعلاء و النباهة يكون عارفاً موالياً عاملاً معتدلاً فهي قوة جامعة مهيمنة علي جميع القوي مشرفة علي جميع الموجودات ناظرة اليها من اعلاها مطلع علي حقايقها مستعلية علي المثل الملقاة في هوياتها فلها فروع لاتحصي و ظهورات لاتستقصي الا اننا نذكر منها في هذا الكتاب ما يتيسر ان شاء اللّه تعالي فلابد من رسم فصول.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۱ *»
المطلب الثانی
اعلم ان هذا الانسان هو انسان واحد في المنظر و لكنه اناس عديدة في المخبر فظاهره انسان جمادي قد تألف من عناصر هذا العالم و ستتفرق و يعود كل عنصر منها الي حيزه و اصله و في جوف هذا الانسان انسان نباتي قد تألف من صوافي الاغذية و المركبات الدنياوية و في هذا الانسان النباتي انسان آخر حيواني فلكي حساس متحرك مريد و في جوف هذا الانسان الحيواني انسان ظلي برزخي له فكر و خيال و وهم و علم و عقل بمقتضي البرزخ و مدركاته مقرونة بالمواد بدءاً و ان لمتكن مقرونة بالفعل و في جوف هذا الانسان الظلي البرزخي انسان ملكوتي دهري و هو حقيقة الانسان و عينه و كله و نفسه التي من عرفها عرف ربه و من لميعرفها لميعرف ربه و من كان بها اعرف كان بربه اعرف و هي المشاراليها بانا و المخاطب بانت و هو السلطان علي الكل المهيمن علي جميع اولئك الاناسي فالظلي حاملها و الحيواني مركبها و النباتي مرعي حيوانها و مركبها و الجمادي منبت مرعيها و انما الخطاب الي ذلك الانسان و العتاب عليه و الثواب له و العقاب عليه فذلك الانسان هو صاحب العلم و الحلم و الذكر و الفكر في حامله و صاحب النباهة و الشرف و الاستعلاء في ظهور ذاته الكلي فبنباهته يعلم و بنباهته يحلم و بنباهته يذكر و يفكر فالنباهة هي الرحمانية المستوية علي عرش اولئك الاربع و السلطان المستعمل لها في محالها قد صدر عنها اي عن الذات شعاع وحداني و فعل واحد قد اشرق علي مرايا عاقلتها فبها حلمت و عالمتها فبها علمت و ذاكرتها و بها تخيلت و فاكرتها فبها تفكرت كل ذلك بفعلها الدراك الاطلاقي كما ان النفس الحيوانية قد اشرق منها نور دراك و وقع علي باصرتها فبها بصرت و علي سامعتها فبها سمعت و علي شامتها فبها شمت و علي ذائقتها فبها ذاقت و كل ذلك فعلها فهي الباصرة السامعة الشامة الذائقة و جميع ذلك بالتماس تلك النفس فانها الملتمسة من العين و الاذن و الانف و اللسان ما تلتمس و تدرك فافهم راشداً موفقاً ما شرحناه باوضح بيان حتي كأننا اوصلناك الي العيان.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۲ *»
المطلب الثالث
اعلم ان هذه النفس الانسانية علي ما شرحنا هي النفس الانسانية الكونية القابلة للتزكية و التدسية المشاراليها بقوله (و نفس و ما سويها فالهمها فجورها و تقويها قد افلح من زكيها و قد خاب من دسيها) اي سويها اللّه تسوية علي عرش ساير المشاعر فاستوت عليها فالهمها فجورها و تقويها و هديها النجدين نجد الخير بواسطة الهداة الدعاة الي الخير و نجد الشر بواسطة الهداة الدعاة الي الشر و طريق جهنم فالهمها فجورها في سلوكها مسلك الاشرار و اجابتها لدعاة الشر و تقويها في سلوكها مسلك الاخيار و اجابتها لدعاة اهل التقوي و اهل المغفرة قد افلح من زكيها اللّه بالتوفيق و اصلحها باجراء الخير علي يديه و قد خاب من دسيها اللّه و افسدها بالخذلان و اجراء الشر علي يديه لسابق علمه فيها و علمه اولي بحقيقة التصديق فهذه النفس امكان الصلاح و الفساد و الفجور و التقوي ولكن تقويها نور يشرق عليها من اهل التقوي و فجورها ظلمة وقعت عليها من اهل الفجور و ليسا سواء و هو قوله تعالي (ام نجعل المتقين كالفجار) فالتقوي نور اشرق عليها من اهل التقوي و المغفرة فتستنير بذلك النور و تتصور بصورته كما تتصور المرآة بشبح الشاخص الملقي فيها فلذلك الشبح فيها مادتان و صورتان مادة نوعية و صورة نوعية هما صادرتان من الشاخص قائمتان به سواء كانت مرآة او لمتكن و مادة شخصية هي حصة منهما قد وقعت في المرآة و هي علي صفة ما صدرت و صورة شخصية مكتسبة من هيئة المرآة و صبغها فذلك النور المشرق من اهل التقوي المنطبع في نفس الشخص الكونية هو الانسان الشرعي قد تشخص بخصوصية تلك النفس و تصورت تلك النفس بذلك الانسان الشرعي و تزكت به و صلحت و صارت عليينية به و صارت من اهل الجنة و مجاوري اهل التقوي و المغفرة و مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك رفيقاً و افلحت و تزكت بذلك الانسان و اذا توجهت الي اهل الشر وقع عليها كذلك ظلهم و تشخص بها و تصورت به و تدست و فسدت و صارت سجينية و من اهل النار.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۳ *»
بالجملة ذلك الانسان الشرعي هو النفس القدسية التي اشار اليها اميرالمؤمنين7 في هذا الذي نحن بصدد شرحه و هي النبات النابت من ارض العلم و هي التي لها تلك القوي و الخواص و ليس لها منبعث من البدن اذ ليست بامر طبيعي ينشأ من البدن و الطبايع بل هي ظل الشارع و نوره و هي الانسان الحقيقي و علي صورة الانسان التي هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و اذا توجه تلك النفس الكونية الي مبدء الشر و وقع عليها ظله كان ذلك النور علي هيئة مبدء الشر و لما كان مبدأ الشر في سجين و انما يصعد ظله الي النفس من بطن الجمادات و النباتات و الحيوانات و الشياطين يكون هيئة ذلك الظل علي هيئة الغالب عليه من تلك المراتب و يقع في النفس و تتخصص به فاما يكون علي هيئة الجماد و هو قوله تعالي (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة) و اما يكون علي هيئة النباتات كما قال سبحانه (و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة) و اما يكون علي هيئة الحيوانات كما قال سبحانه (ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون) و اما يكون علي صورة الشياطين كما قال سبحانه (شياطين الانس و الجن يوحي بعضهم الي بعض)(و شاركهم في الاموال و الاولاد) و الولد جزء والده و علي صورته.
بالجملة تلك النفس الكونية ليس لها صورة من ذات نفسها و انما هي كالمرآة الصافية و انما يكون صورتها علي حسب المقابل كالعين الدراكة الباصرة الصافية ليس فيها صبغ و لا شكل و انما هيئتها علي حسب ما يقابلها من صورة حسنة و قبيحة فنباهة تلك النفس و شرفها بما يقع فيها من مثال مبدء الخير من العلم و العمل و الاعتدال و الصفات المحبوبة للّه جلوعز فنباهة النفس في معرفتها باللّه سبحانه و اسمائه و صفاته و توحيدها للّه سبحانه في ذاته و صفاته و افعاله و عبادته و معرفة رسوله9 و فضائله و مقاماته في مراتب البيان و المعاني و الابواب و الامامة و تصديقه و التسليم له في جميع ما صدر منه او لميصدر و بلغها او لميبلغها و معرفة الائمة الطاهرين صلوات اللّه عليهم اجمعين
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۴ *»
و معرفة مقاماتهم في المراتب الاربع و الاقرار بفضائلهم و القبول من حملتها و التسليم لرواتها و معرفتهم في المراتب الاربع و معرفة فضائلهم و الاخلاق المعتدلة الزكية و الصفات الكريمة الحسنة و الاعمال المعتدلة الصالحة علي حسب ما امر به حبيب اللّه9 فاذا كانت مصورة بصورة مبدأ الخير كانت متصفة بهذه الصفات و كان لها النباهة و الشرف و الاستعلاء و الا و كانت بعكس ذلك كان لها الخساسة و الدناءة و الرذالة و ليس لها نباهة و لا شرف و اي نباهة لهم و اللّه سبحانه يقول (ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون) و يقول (كأنهم حمر مستنفرة فرّت من قسورة) فالنباهة التي هي الصورة الكمالية الحاصلة لها من ظل العالي الكلية المجملة في ذاتها المفصلة في ساير مراتبها هي القوة الجامعة لها و ساير القوي جهات كمالها فافهم.
المطلب الرابع
اعلم ان الانسان الحقيقي علي ما عرفت هو المستعلي علي جميع الخلق و اقرب الي المبدء من الجميع فهو المشرف المستعلي علي ما سواه و قد خلق اللّه جميع ما سواه من نوره و شعاعه فهو ناظر اليه من الاعلي مطلع علي جميع ما فيه شاهد لظاهره و خافيه عارف بحقائقه عالم بدقائقه قادر علي التصرف فيه لانه من نوره و شعاعه متحرك بتحريكه ساكن بتسكينه و ذلك ان اللّه سبحانه لما خلق الانسان و علمه البيان جعله مسكن ارادته و ممكن مشيته و القي في هويته مثاله فاظهر عنه افعاله فاكمل نوره و قوي ظهوره فخلق من شعاعه و نوره و فضل ظهوره حقائق الجن و من فضل نورهم الملئكة و من فضل نورهم الحيوانات و من فضل نورها النباتات و من فضل نورها الجمادات فالانسان هو الذي سخر له ما في الارض و السموات و النور مسخر للمنير مطيع لامره منقاد لحكمه و ماادريٰكان ما تري من العجز و الضعف و المقهورية في نفسك و الخوف حتي من بقة فانما هو لعدم تحقق الانسانية فيك فلا كل من يمشي علي رجلين انسان المتسمع قوله تعالي (لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۵ *»
بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون) فلاجل تسفلنا و اتباعنا مبدأ الشر هبطنا الي اقصي البعد من اللّه و حصل لنا الافول و غلب علينا الخمول قال اللّه سبحانه (و لو شئنا لرفعناه بها و لكنه اخلد الي الارض و اتبع هواه فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) فلاجل ذلك يتسلط علينا نملة و تؤذينا بعوضة و لانقدر علي دفعها قال اللّه تعالي (و ان يسلبهم الذباب شيئاً لايستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب) و جميع ذلك لاجل اعراضنا عن مبدء الخير و عدم توجهنا اليه و ايثارنا ما سواه عليه و لا شك ان من عبد اللّه اعبده اللّه كل شيء و ملّكه نواصي كل شيء قال الصادق7 العبودية جوهرة كنهها الربوبية و من خاف اللّه اخاف اللّه منه كل شيء قال الصادق7 من خاف اللّه اخاف اللّه منه كل شيء و من لميخف اللّه اخافه اللّه من كل شيء و من احب اللّه حببه اللّه عند كل احد فعن النبي9 اذا احب اللّه عبداً من امتي قذف في قلوب اصفيائه و ارواح ملئكته و سكان عرشه محبته ليحبوه فذلك المحب حقاً الخبر وكفي به فخراً ان المرء مع من احب و من كان اللّه معه كان معه بلا نهاية اذ لا نهاية له و من كان اللّه معه بلا نهاية لميأل عن شيء و ما يري من تسلط بعض الجمادات و النباتات و الحيوانات علي اولياء اللّه فانما هو بتمكينهم مجاري قدر اللّه و عادة ايجاد اللّه لحكم اراده اللّه صلي اللّه عليهم من مسلّمين لامر اللّه الراضين بقضاء اللّه.
بالجملة ان الانسان الذي هو روح الايمان قد صعد اعلي درجات الاكوان و اشرف علي جميع الاعيان فهو من اهل المشاهدة و العيان و القدرة و القوة و الامتهان قد ذل له كل شيء و انقاد له كل شيء و وضع علي عنقه نير طاعته كل شيء طوعاً و كرهاً و من ليس كذلك فهو ليس ممن هنالك و ان لميكن بهالك و انما مقام الانسان مقام عال و هو وجه ذيالجلال و يأتي في ضمن الفصول ما يزيل عنك الكلال ان شاء اللّه المتعال.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۶ *»
فصل: من نباهة الانسان و شرفه بلوغه مبلغ المعرفة و الايمان و انا و ان كان كتبنا مملوة من شرح معرفة اللّه سبحانه ولكن فيها بيان نفس المعرفة و اما فضلها و ثمرتها و غايتها فما اتيح لنا ذكرها في شيء منها و ارجو اللّه سبحانه ان يكون قد اتاح لي ذكرها هنا فاذكر منه ما يناسب وضع هذا الكتاب و فيه لعبرة لاولي الالباب.
اعلم ان مولانا اميرالمؤمنين7 قال في خطبة له انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها و ذلك امر مسلم في الحكمة قد حققناه بما لا مزيد عليه فلابد و ان يكون مشعر ادراك كل مدرك من عرضه و جنسه مصاقعاً له حتي يدركه و الا فلا ادراك الاتري انك لاتدرك بالعين الاصوات و بالاذن الالوان و بهما الروايح و بالانف الاصوات و الالوان و بها الطعوم و باللسان الاصوات و الالوان و الروايح وهكذا بالحواس الظاهرة لاتدرك الاعيان البرزخية و بالمشاعر الصورية لاتدرك المعاني الغيبية فلابد من المجانسة و المصاقعة بين المَدْرَك و المُدْرَك و شرف كل مَدْرك بقدر شرف مُدْرَكه و من المدركات الصور الجزئية المقارنة بالمواد و قد قدر اللّه لها الحواس الظاهرة و منها الصور الجزئية المفارقة و ان كانت في بدء الامر مقارنة و قد قدر اللّه لها الحواس البرزخية و منها الصور المطلقة المفارقة المجردة و قد قدر اللّه لها النفس و منها المعاني الكلية و قد قدر اللّه لها العقل فبه تدرك و لاتدرك بغيره و منها الحقايق المجردة عن الصورة و المعني و الكلية و الجزئية و الشهادة و الغيب و قد قدر اللّه لها الفؤاد و هو اعلي مشاعر الانسان و اول اذكاره و اسني مراتبه فهو حقيقته و من جنس الحقائق فبه يدرك الحقائق و جميع ذلك مراتب خلقية تعرف الخلق بالمجانسة و ليس لواحد منها معرفة اللّه سبحانه فان المشعر الخلقي لايعرف الا خلقاً و قد كلف اللّه عباده المعرفة بل خلقهم للمعرفة كما في القدسي المشهور كنت كنزاً مخفياً فاحببت اناعرف فخلقت الخلق لكي اعرف قال الحسين بن علي7 ايها الناس ان اللّه ماخلق العباد الا ليعرفوه فاذا عرفوه عبدوه فاذا عبدوه استغنوا بعبادته عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۷ *»
عبادة سواه فقال له رجل يا ابن رسولاللّه بابي انت و امي فما معرفة اللّه قال معرفة اهل كل زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته انتهي فاذا خلقهم للمعرفة وجب في الحكمة ان يمنحهم مشعراً يدركون به ما عرفهم من نفسه و يعرفون به اياه و لابد و ان يكون ذلك المشعر من جنس ما ينبغي ان يدركوا به فلاجل ذلك منحهم مشعراً منه و عيناً و نوراً منه يدركون به ما يعرفهم من نفسه و لنعم ما قال الشاعر:
اذا رام عاشقها نظرة | و لميستطعها فمن لطفها | |
اعارته طرفاً رآها به | فكان البصير بها طرفها |
و ذلك المشعر هو نور اللّه الذي خلق اللّه المؤمن منه المشار اليه في قوله9اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه و قال الرضا7 لسليمان بن جعفر يا سليمان ان اللّه تبارك و تعالي خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته و اخذ ميثاقهم لنا بالولاية فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة فاتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه الذي خلق منه انتهي و ذلك النور هو وصف اللّه الذي وصف به نفسه له لما روي عن النبي9 اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه و عن اميرالمؤمنين7 من عرف نفسه فقد عرف ربه و من الانجيل يا ابن آدم اعرف نفسك تعرف ربك ظاهرك للفناء و باطنك انا فلو كان الوصف مخالفاً لصفة الموصوف لكان كذباً و تعالي اللّه من ان يخلق العبد للمعرفة ثم يصف نفسه له بخلاف الواقع فذلك النور هو علي ما اراد اللّه ان يعرفه العبد عليه و يصفه به و يعتقد فيه فلابد و ان يكون علي ما ندب اللّه عبده من الايمان بتوحيده في ذاته و في صفاته و في افعاله و في عبادته و في جميع جماله و كماله و جلاله و بهائه و سنائه الي غير ذلك من صفاته و ذلك امر كان يقال و يكتب ولكن قلّ من يعقله و يعتقد به و يعمل بمقتضاه.
و هذا النور منحة من اللّه جلوعز ليس للعباد فيها صنع كما قيل لابيعبداللّه7 المعرفة من صنع من هي قال من صنع اللّه عزوجل و ليس للعباد فيها صنع و قال7 ليس للّه علي خلقه ان يعرفوا قبل ان يعرفهم و للّه علي الخلق اذا عرفهم ان يقبلوه و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۸ *»
قيل له اصلحك اللّه هل جعلت في الناس اداة ينالون بها المعرفة فقال لا فقيل فهل كلفوا المعرفة قال لا علي اللّه البيان لايكلف اللّه نفساً الا وسعها و لايكلف اللّه نفساً الا ما آتيها الخبر فقد بين روحي فداه في هذا الحديث ان اللّه سبحانه لميجعل في خلقه اداة ينالون بها المعرفة فلاتدركه الابصار و لاتحيط به خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار و لاتناله الاوهام فكل ما ميّزوه بادقّ اوهامهم و ادركوه بغوامض عقولهم و عرفوه بحقايقهم هو مخلوق و هو جلوعز بخلافه فهم بمداركهم و ادواتهم الخلقية لايكادون يعرفون اللّه سبحانه الا ان يعرّفهم نفسه و يبين لهم و تعريفه و بيانه هو ذلك النور الذي من عرفه عرف ربه و به احتج علي خلقه فالخلق من حيث الخلق ليس في وسعه معرفة الرب فلايكلفه المعرفة و اما من حيث ما آتاه اللّه فيمكنه فكلفه بما آتاه و قال (لايكلف اللّه نفساً الا ما آتاها) قال الصادق7 ان اللّه عزوجل احتج علي الناس بما آتاهم و عرفهم الخبر و آتاهم ذلك النور الذي هو الوصف العنواني و التعريف الفحواني له سبحانه و ذلك النور يمكنه معرفة اللّه جلوعز علي ما ظهر له به و علي ما وصف نفسه له به و هذا هو معني قول ابيعبداللّه7 قال قــال اميرالمؤمنين7 اعرفوا اللّه باللّه و الرسول بالرسالة و اولي الامر بالامر بالمعروف و العدل و الاحسان انتهي فمن عرف اللّه بما وصف نفسه به فقد عرف اللّه باللّه و من عرفه بغيره فقد شبّهه و من لميصفه بما وصف به نفسه فقد عطّله و التوحيد ان تخرجه من الحدين حد التعطيل و حد التشبيه و سئل ابوجعفر الثاني7 يجوز ان يقال للّه انه شيء قال نعم تخرجه من الحدين حد التعطيل و حد التشبيه انتهي فمن عرف اللّه بذلك النور فقد عرف ربه به و وحده كما ينبغي و يرضي فاذاً جميع ما عرفت و اعتقدت من التوحيد هو ما قرأته في لوح ذلك النور ليس عندك ذكر من ربك غيره و لا خبر منه سواه و ما ادركت من نفسك المخالفة فانت ناظر بمشاعرك الخلقية و هي غير مدركة لصفة الرب جل و علا و ان ادركت الموافقة فانت ناظر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۳۹ *»
اليه بعينه و تدرك ما اراد منك من وصفه و لاتزعم انك اذا نظرت الي حقيقتك من حيث الآئية ادركت ما اريد منك و وصلت اليه حاشا بل و لا ذي الآية فانه مضاف بل اذا رأيته جلجلاله بعينه و لمتر نفسك و لا غيرها و محوتها محو الامتناع فانت اذاً بالغ كامل في التوحيد فافهم ان كنت تفهم و الا فلاتفسدنه و اعط القوس باريها.
فصل: اعلم ان هذا النور منحة من اللّه سبحانه في جميع خلقه و ليس بامر طبيعي ناشئ من الطبايع الخلقية في رتبة من المراتب و انما هو موهبة الهية خارجة عن مقتضي الطبايع الخلقية الا ان الطبايع الخلقية تختلف في المراتب ففي بعضها تكون الطبيعة رقيقة لطيفة بحيث قد فنيت في جنب ذلك النور و لا تحقق لها اصلاً بحيث لاتكون منشأ اثر و لا ظل لها ابداً و تكون فانية العين مضمحلة متلاشية بحيث لايري منها عين و لا ظهور و لا تأصل و لا تأثير الا من ذلك النور علي حذو ما قال الشاعر:
رق الزجاج و رقت الخمر | فتشاكلا فتشابه الامر | |
فكأنما خمر و لا قدح | و كأنما قدح و لا خمر |
فيكون المخالفة المشار اليها في القدسي يا آدم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي فانية مضمحلة فتكون في تلك الرتبة طبيعتها علي وفق الكينونة بسبب الفناء عند سطوع ذلك النور و لا تحقق لها الا بقدر استمساك ذلك النور و في بعضها تكون اغلظ بدرجة و في بعضها بدرجتين وهكذا الي ان تبلغ غاية البعد فيكون تمام التأصل و التحقق لتلك الطبيعة و يكون ذلك النور فيها خامداً خاملاً لا اثر له و لا تأصل و لا تحقق و هذه الطبيعة و ذلك النور هما المشار اليهما بجهة الرب و جهة النفس فذلك النور هو جهة الرب و تلك الطبيعة هي جهة النفس و هما في مراتب الوجود كالمثلثين المتداخلين رأس كل مثلث علي قاعدة الاخري كما تري في الهامش
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۰ *»
فالنور في القرب الاقرب غالب و يضعف شيئاً بعد شيء الي ان يبلغ غاية البعد و ينتهي الي نقطة بقدر استمساك الظلمة اذ لولا ذلك النور لميبق لتلك الظلمة استمساك اذ خلق اللّه الخلق لكي يعرف و لولا المعرفة لميبق للخلق غاية و فائدة و لميكن اللّه الحكيم يخلق خلقاً بلا غاية و العلة الغائية هي المهيجة للفاعل علي الفعل و لولاها لميصدر منه فعل و لميترجح وجوده علي عدمه و لولا الفعل لميصدر مفعول و الظلمة في البعد الابعد غالبة و تضعف شيئاً بعد شيء الي انتنتهي الي نقطة في القرب الاقرب عند قاعدة النور بقدر ظهور النور اذ لولا الظلمة لميبق للنور ظهور فعرصة النور حق و عرصة الظلمة خلق اما في الكائن الاول في الرتبة الاولي فخلقيته هو مادته و صورته اللتان منهما تركب وجوده و هو مخلوق بمشيته سبحانه مادته شبح منفصل من المشية و صورته نهايات ذلك الشبح و اما حقيته فهو نور من نار الكينونة المشتعلة في المشية المظهرة نفسها بها المفنية اياها عن نفسها فلا ظاهر في المنظر سوي تلك النار فلما اشتعلت المشية بها اشرق منها نور شعشعاني و شعاع حقاني فلاح علي هيكل ذلك الخلق فاستضاء به و استشرق حتي اشتعل به و هو قوله7 نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره و قوله تعالي (يكاد زيتها يضيئ و لو لمتمسسه نار) فذلك النور الشعشعاني هو الروح الموحي اليه في قوله (و كذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا و انك لتهدي الي صراط مستقيم) و هو نور علي نور يهدي اللّه لنوره من يشاء و هو النور المشار اليه بقوله (يسعي نورهم بين ايديهم) و قوله (و من لميجعل اللّه له
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۱ *»
نوراً فما له من نور)بالجملة هذا النور الملقي عليه هو الحق الملقي عليه و الروح و التوحيد الموحي اليه في قوله (انما انا بشر مثلكم يوحي الي انما الهكم اله واحد) و هو الذي من عرفه فقد عرف ربه و من انكره فقد انكر ربه و هو شيء خارج عن طبيعة المكون و المخلوق و ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذو الفضل العظيم ففي العوالم بسنده عن محمد بن مروان عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول خلقنا اللّه من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فاسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقاً و بشراً نورانيين لميجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً الخبر الي غير ذلك من الاخبار الوافرة التي يعرفها العارف بالحانهم و لما اكمل اللّه ذلك الخلق الاول و اشرق عليه من نور الكينونة استضاء و استشرق بذلك النور و اشتعل به حتي فني من حيث نفسه و وجد بذلك النور و خفي نفسه و ظهر منه ذلك النور كالدخان المشتعل بنور النار فاضاء علي حقايق الخلق الثاني اي الكروبيين اي الانبياء و المرسلين فاستضاءوا به كما مر ثم اضاءت حقيقتهم علي من دونهم من مؤمني الانس و حقيقتهم علي مؤمني الجن و حقيقتهم علي الحيوانات و حقيقتها علي النباتات و حقيقتها علي الجمادات فاشرق بنوره تعالي الارضون و السموات و ذلك قوله تعالي (اللّه نور السموات و الارض) الآية فذلك النور في كل مقام هو نور التوحيد و سر التفريد و هو روح الايمان في قوله (كتب في قلوبهم الايمان و ايدهم بروح منه)و اليه الاشارة في قول ابيعبداللّه7 حيث سأله فضل ابوالعباس البقباق عن قوله تعالي (كتب في قلوبهم الايمان) هل لهم في ذلك صنع قال لاو عن الحسن بن زياد قال سألت اباعبداللّه7 عن الايمان هل للعباد فيه صنع قال لا و لا كرامة بل هو من اللّه و فضله انتهي.
فصل: اعلم ان اللّه سبحانه احد يمتنع معه سواه و محال معه ذكر غيره اذ كل شيء ذكر معه غيره فهو مثني و هو بخلاف الاحد فهو اذ ذاك هو لا شيء سواه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۲ *»
فعن المفضل بن عمر الجعفي عن ابيعبداللّه7 قال ان اللّه تبارك و تعالي لايقدر قدرته و لايقدر العباد علي صفته و لايبلغون كنه علمه و لا مبلغ عظمته و ليس شيء غيره هو نور ليس فيه ظلمة و صدق ليس فيه كذب و عدل ليس فيه جور و حق ليس فيه باطل كذلك لميزل و لايزال ابد الآبدين الخبر و عن جابر عن ابيجعفر7 قال ان اللّه تبارك و تعالي كان و لا شيء غيره نوراً لا ظلام فيه و صادقاً لا كذب فيه و عالماً لا جهل فيه و حياً لا موت فيه و كذلك هو اليوم و كذلك لايزال ابداً انتهي فهو عزوجل ليس شيء غيره معه يعرفه بل هو هو وحده وحده وحده فلا عارف و لا معروف و لا معرفة و لا كلام و لا موصوف و لا صفة و لا منير و لا نور و لا ظاهر و لا ظهور و لا ستر و لا مستور و لا فاعل و لا فعل و لا مفعول و لا نسبة و لا اقتران و لا اضافة و لا علة و لا معلول و لا و لا و لا، تعالي ربي عن ذلك و عما سوي ذلك علواً كبيراً و انمايتحقق المعروف و العارف و المعرفة و الموصوف و الصفة و غيرها من التعددات حيث يثبت مع احدهما الآخر لا حيث يمتنع التعدد و يمحو وجود احدهما الآخر فانتهاء جميع الاعداد الي الواحد الذي هو اول الاعداد و يثبت مع وجوده الاثنان و الثلثة و الاربعة و غيرها من الاعداد قال اللّه تعالي (ما من نجوي ثلثة الا هو رابعهم و لا خمسة الا هو سادسهم و لا ادني من ذلك و لا اكثر الا هو معهم اينما كانوا) فمبدء الاعداد الواحد و منتهاها اليه و هو المعبود الذي يثبت مع وجوده العابد و المسجود الذي يتماسك مع وجوده الساجد و المعروف الذي يدركه العارف بالذات و الموصوف الذي يقوم به الصفات و السيد الذي يمتهن العبيد و يقومون بخدمته في القريب و البعيد و ذلك الواحد هو التجلي الاعظم و الظهور الاول الاكرم للاحد جلشأنه و هو قائم بنفسه في نفسه للاحد من حيث ظهوره به و كامل بنفسه في نفسه لذلك الاحد من حيث ظهوره به و كماله هذا مقدم علي كينونته وجوداً و مؤخر عنها شهوداً و كماله المقدم وجوداً هو كمال اللّه جلوعز قد ظهر له به و هو الوجود الحق و الكينونة الكائنة غير المكونة قد ظهرت في وجوده في نفسه كما يظهر نور الشمس في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۳ *»
المرآة و هو مقدم عليها وجوداً و مؤخر عنها شهوداً فلما اشتعل وجوده بتلك الكينونة صار كاملاً في نفسه و بشراً اوحي اليه انما الهكم اله واحد فاوحي اللّه اليه ثانياً ان (قل هو اللّه احد اللّه الصمد لميلد و لميولد و لميكن له كفواً احد) فقال امتثالاً لامر اللّه جلوعز و بلغ عنه اذ كان قائماً مقامه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار فلما بلغ توحيد اللّه جلوعز في الذات و الصفات و الافعال و العبادة تعلم منه ساير الخلق فمن وحده قبل عنه و تكمل به و اشتعل بفضل اشراقه فسطع منه نور التوحيد و لاح علي هياكل الخلق فلميبق مخلوق الا و تمّ عليه الحجة بذلك الاشراق فحصل لكل فرد من افراد الخلق جهتان جهة من نفسه و جهة من ربه و جهته من ربه ذلك النور المشرق عليه من الواحد الكامل فذلك النور هو روح الايمان الذي يؤيد المؤمن به و المعرفة التي هي من صنع اللّه و ليس للخلق فيها صنع و الايمان الذي هو من صنع اللّه و الهداية و التعريف و التأييد و التسديد و التوفيق و المنحة و السكينة التي ينزلها اللّه في قلوب المؤمنين و كلمة التقوي التي الزمها اللّه المؤمنين فعن جميل قال سألت اباعبداللّه7 عن قوله عزوجل (هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين) قال الايمان قال قلت (و ايدهم بروح منه) قال هو الايمان و عن قوله (و الزمهم كلمة التقوي) قال هو الايمان و هو النفس القدسية المشار اليها في حديث اميرالمؤمنين7 و هو النور الذي ينظر به المؤمن و خلق المؤمن منه و هو ابوه و امه الرحمة التي هي صفة ذلك النور و لاشتراك المؤمنين في ذلك النور صاروا اخوة لاب و ام و هما ابوا هذه الامة الخلقية و هو السعادة التي يسعد بها المؤمن و التوحيد الذي يوحد به المؤمن ربه و العين التي اعاره اللّه اياها ليراه بها و يعرفه بها و غاية معرفة هذا النور هي معرفة الواحد من حيث ظهوره به لا غير و لايكاد يصل ابداً ابداً الي الذات الاحدية التي لايثبت معها و هذا الذي ذكرنا و ان كان بالفاظ ظاهرة الا انه سر مبهم و رمز منمنم لايعرفه الا الموحدون العارفون البالغون الكاملون الواصلون ثبتنا اللّه و اياكم بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۴ *»
الآخرة.
فصل: اعلم ان الكمال كل الكمال في الفعلية و الا فكل شيء فيه معني كل شيء و في كل شيء قوة كل شيء و لو بالقوة البعيدة و لا كمال فيها و علامة الفعلية صدور الآثار فان حق الفعلية للّه جلوعز اذ هو الذات البسيطة بالفعل التي ليس فيها قوة و من جهة فعليتها الكاملة ظهرت بما لا نهاية له من التجليات و الآثار و الانوار فكل شيء صار بالفعل صار منشأ آثار و انوار و هي علامة الفعلية الاتري ان الجماد فيه قوة النباتية و ليس يظهر منه جذب و لا دفع و لا هضم و لا مسك و لا ربا فاذا وجد فيه النفس النباتية و صارت فيه بالفعل صارت جاذبة دافعة هاضمة ماسكة رابية بالفعل و ظهر منها اثر الجذب و الدفع و الهضم و المسك و الربا
فكل من يدعي بما ليس فيه | كذبته شواهد الامتحان |
و كذلك النبات فيه قوة الحيوانية و ليس يظهر منه احساس و لا حركة و لا ارادة فاذا صار حيواناً بالفعل و وجد فيه النفس الحيوانية بالفعل صار باصراً سامعاً شاماً ذائقاً لامساً متحركاً مريداً بالفعل و ظهر منه الرضا و الغضب بحيث لايحتاج الي اكتساب شيء من ذلك و لايحتاج الي رياضة في تحصيل شيء من ذلك و انما ذلك لاجل صيرورة النفس الحيوانية فيه بالفعل فعلامة صدق وجود النفس الحيوانية في باطنه وجود الآثار في ظاهره و كذلك كل حيوان فيه قوة الانسانية و لايظهر منه ذكر و فكر و لا علم و لا حلم و لا نباهة ولكن اذا حصل فيه النفس الانسانية صار ذاكراً فاكراً عالماً حليماً نبهاً بالفعل و تلك الآثار علامة فعليتها فاذا وجدت فيه بالفعل حصل منه هذه الآثار من غير اكتساب و لا رياضة فكل الرياضة في اصلاح ذات القوة حتي تصير قابلة لظهور تلك الفعلية فيه فان ما لمتكن القابلية صالحة و مرآتها مستقيمة صافية لميظهر عليها مثال الشاخص بالفعل فكلفت القوابل بالرياضة لحصول الاستقامة و المواجهة فاذا جاء الشبح و ظهر بالفعل رفعت الكلفة و صار حصول الآثار سجية منه بلا كلفة و لا مشقة و لاجل ذلك ليس تكليف في دار الآخرة و الجنة و انما يصدر منهم الاعمال و الآثار الانسانية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۵ *»
و الايمان بلا كلفة و يلتذون منها التذاذ النفس الحيوانية من الاحساس و الحركة و تصدر عنهم من غيرمشقة فافهم سرّ ان الدنيا دار التكليف و الآخرة دار الثواب و العقاب و الا فالعبد مادام عبداً ينبغي ان يكون قائماً بوظائف العبودية سواء كان في الدنيا او في البرزخ او في الآخرة فالكمال كل الكمال في الايمان و المعرفة ان يكون بالفعل في جميع المراتب و الا فقوة الايمان في كل كافر و لا كرامة و علامة فعلية الايمان و المعرفة حصول الآثار فان كان بالفعل في الفؤاد فعلامته ظهور الآثار منه بالفعل و المعرفة البالغة و المحبة الكاملة و ظهور افعال الربوبية و ان كان بالفعل في العقل فعلامته ظهور اليقين و الرجاء و مشاهدة الفضل و ان كان بالفعل في النفس فعلامته ظهور العلم و الخوف و الهرب من المكاره و الاخلاق الزكية و ان كان بالفعل في الجسد فعلامته ظهور الاعمال الصالحة من الجسد و موافقة جميع حركاته و سكوناته مع الشرع فاذا صار الايمان في جميع هذه المراتب بالفعل ظهر آثاره فان كل ما دخل عرصة الفعلية كان قد رجح وجوده علي عدمه اي عدمه الوصفي و ضعف الوجود بمخالطة العدم فاذا كان العدم غالباً كان الشيء في القوة و كلما رجح الوجود و غلب ضعف العدم و الوجود اذا كان صرفاً كان غير متناه في الظهور و الكمال و يتحدد الظهور بمخالطة العدم فمهما كان العدم غالباً كان الشيء بلا تأثير و نور فاذا غلب الوجود و رجح كان له تأثير و ظهور لامحالة وهكذا يزداد انبساطاً كلما يضعف جانب العدم فافهم فعلامة صدق الفعلية و قوتها آثارها و هي اصدق شاهد في المقام و لذا روي في اخبار عديدة ان الايمان قول باللسان و اعتقاد بالجنان و عمل بالاركان و كمال ذلك عند كمال الفعلية و نقصانه عند نقصان الفعلية فالمعرفة اذا صارت في انسان بالفعل و لا معرفة الا بذلك النور الالهي الذي هو صفة اللّه و تعريف اللّه لابد و ان يظهر من العارف آثار التوحيد و انوار التفريد في جميع مراتبه فيكون ينظر باللّه و يسمع باللّه و يقول باللّه و يعطي باللّه و يمشي باللّه و يذكر و يفكر و يعلم و يعقل باللّه و يعرف باللّه و يفعل في جميع المراتب باللّه و يترك باللّه بل يكون باللّه و للّه المتسمع ما روي في الجواهر السنية عن حماد بن بشير قال سمعت اباعبداللّه7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۶ *»
يقول قال رسولاللّه9 قال اللّه جلجلاله من اهان لي ولياً فقد ارصد لي لمحاربتي و ماتقرب اليّ عبدي بشيء احب اليّ مما افترضته عليه و انه ليتقرب الي بالنافلة حتي احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سألني اعطيته الخبر و كذلك يصير عند ذلك زيارته زيارة اللّه و ولايته ولاية اللّه و اذاه اذي اللّه و اطعامه اطعام اللّه و سقيه سقي اللّه و عيادته عيادة اللّه و جميع معاملاته معاملات اللّه فعن ابيعبداللّه7 من شكي الي مؤمن فقد شكي الي اللّه عزوجل و من شكي الي مخالف فقد شكي اللّه عزوجل و عن جابر عن ابيجعفر7 في حديث قال الملك ان اللّه عزوجل يقول ايما مسلم زار مسلماً فليس اياه زار اياي زار و ثوابه علي الجنة و عن ابيحمزة الثمالي قال سمعت اباجعفر7 يقول قال رسولاللّه9 من سرّ مؤمناً فقد سرّني و من سرّني فقد سرّ اللّه عزوجل و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال من اتاه اخوه المسلم فاكرمه فانما اكرم اللّه عزوجل و عن ابيهريرة عن النبي9 قـال ان اللّه عزوجل يقول ابن آدم مرضت فلمتعدني قال يا رب كيف اعودك و انت رب العالمين قال مرض فلان عبدي و لو عدته لوجدتني عنده و استسقيتك فلمتسقني فقال كيف و انت رب العالمين فقال استسقاك عبدي فلان و لو سقيته لوجدت ذلك عندي و استطعمتك فلمتطعمني قال كيف و انت رب العالمين قال استطعمك عبدي فلمتطعمه فلو اطعمته لوجدت ذلك عندي الي غير ذلك من الاخبار الساطعة الانوار و انها نادية بان المعاملة مع المؤمن بالفعل و هو روح الايمان هو معاملة مع اللّه و ليس ذلك الا لاجل ان روح الايمان و المعرفة هي صفة تعريف اللّه و توحيده الذي اظهره للخلق و عرفه اياهم و شهادته بالتوحيد لهم كما قال (شهد اللّه انه لااله الا هو) فلما صار تلك الروح في المؤمن بالفعل صار معاملته معاملة اللّه الظاهر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۷ *»
له به و لربما لغيره ايضاً به اذا كان اعلي و يعلم من ذلك ان لزوم حقوق المؤمنين و كثرتها بقدر قوة ايمانه و كونه فيه بالفعل و المؤمنون في ذلك مختلفون و لكل درجات مما عملوا و لاتحسبن ان هذا المقام الذي شرحناه علي نحو الايماء حظ كل من يقر بالدعوة العامة فان الصادق7 يقول المؤمنة اعز من المؤمن و المؤمن اعز من الكبريت الاحمر فمن رأي منكم الكبريت الاحمر و قال ابوجعفر7 الناس كلهم بهائم ثلثاً الا قليل من المؤمنين و المؤمن عزيز ثلث مرات و قال عبدصالح7 في حديث ان المؤمن لقليل و ان اهل الكفر لكثير اتدري لم ذاك فقلت لاادري جعلت فداك فقال صيروا انساً للمؤمنين يبثون اليهم ما في صدورهم فيستريحون الي ذلك و يسكنون اليه و قال ابوالحسن7 ليس كل من يقول بولايتنا مؤمناً ولكن جعلوا انساً للمؤمنين فعلم من هذه الاخبار و آي من كتاب اللّه منها (قليل من عبادي الشكور) و (قليل ما هم) و ما ذم الكثرة و مدح القلة ان روح الايمان الذي هذا شأنه امر عظيم و خطب جسيم ليس منال كل احد و لميشرف به كل من يدعي الايمان قال اللّه تعالي (قالت الاعراب آمنا قل لمتؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم) فلمثل هذا فليعمل العاملون و اياه فليطلب الطالبون و الي تحصيله فليشتق المشتاقون و له الي اللّه فلينب المنيبون.
فصل: احب ان اشرف كتابي هذا كما هو عادتي بذكر بعض الاخبار في حقيقة الايمان و آثاره و علائمه ليكون تذكرة لمن تذكر و عبرة لمن اعتبر ففي الكافي بسنده عن اسحق بن عمار قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان رسولاللّه9 صلي بالناس الصبح فنظر الي شاب في المسجد و هو يخفق و يهوي برأسه مصفرّاً لونه قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه فقال له رسولاللّه9 كيف اصبحت يا فلان قال اصبحت يا رسولاللّه موقناً فعجب رسولاللّه9 من قوله و قال ان لكل يقين حقيقة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۸ *»
فما حقيقة يقينك قال ان يقيني يا رسولاللّه هو الذي احزنني فاسهر ليلي و اظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا و ما فيها حتي كأني انظر الي عرش ربي و قد نصب للحساب و حشر الخلايق لذلك و انا فيهم و كأني انظر الي اهل الجنة يتنعمون في الجنة و يتعارفون علي الارائك متكــٔون و كأني انظر الي اهل النار و هم فيها معذبون مصطرخون و كأني الآن اسمع زفير النار يدور في مسامعي فقال رسولاللّه9 لاصحابه هذا عبد نوّر اللّه قلبه بالايمان ثم قال له الزم ما انت عليه فقال الشاب ادع اللّه لي يا رسولاللّه ان ارزق الشهادة معك فدعا له رسولاللّه9 فلميلبث ان خرج في بعض غزوات النبي9 فاستشهد بعد تسعة نفر و كان هو العاشر و عن ابنعذافر عن ابيه عن ابيجعفر7 قال بينا رسولاللّه9 في بعض اسفاره اذ لقيه ركب فقالوا السلام عليك يا رسولاللّه فقال ما انتم فقالوا نحن مؤمنون يا رسولاللّه قال فما حقيقة ايمانكم قالوا الرضا بقضاء اللّه و التفويض الي اللّه و التسليم لامر اللّه فقال رسولاللّه9 علماء حلماء كادوا انيكونوا من الحكمة انبياء فان كنتم صادقين فلاتبنوا ما لاتسكنون و لاتجمعوا ما لاتأكلون و اتقوا اللّه الذي اليه ترجعون و عن جابر عن ابيعبداللّه7 قال سئل اميرالمؤمنين7 عن الايمان فقال ان اللّه عزوجل جعل الايمان علي اربع دعائم علي الصبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصبر من ذلك علي اربع شعب علي الشوق و الاشفاق و الزهد و الترقب فمن اشتاق الي الجنة سلا عن الشهوات و من اشفق من النار رجع عن المحرمات و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب و من راقب الموت سارع الي الخيرات و اليقين علي اربع شعب تبصرة الفطنة و تأول الحكمة و معرفة العبرة و سنة الاولين فمن ابصر الفطنة عرف الحكمة و من تأول الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السنة و من عرف السنة فكأنما كان مع المهتدين و اهتدي الي التي هي اقوم و نظر الي من نجي بما نجي و من هلك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۴۹ *»
بما هلك و انما اهلك اللّه من اهلك بمعصيته و انجي من انجي بطاعته و العدل علي اربع شعب غامض الفهم و غمر العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم فسر جميع العلم و من علم عرف شرايع الحكم و من حلم لميفرط في امره و عاش في الناس حميداً و الجهاد علي اربع شعب علي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصدق في المواطن و شنأن الفاسقين فمن امر بالمعروف شد ظهر المؤمن و من نهي عن المنكر ارغم انف المنافق و امن كيده و من صدق في المواطن قضي الذي عليه و من شنأ الفاسقين غضب للّه و من غضب للّه غضب اللّه له فذلك الايمان و دعائمه و شعبه و عن عبداللّه بن يونس عن ابيعبداللّه7 قال قام رجل يقال له همام و كان عابداً ناسكاً مجتهداً الي اميرالمؤمنين7 و هو يخطب فقال يا اميرالمؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر اليه فقال يا همام المؤمن هو الكيس الفطن بشره في وجهه و حزنه في قلبه اوسع شيء صدراً و اذل شيء نفساً زاجر عن كل فان حاض علي كل حسن لا حقود و لا حسود و لا وثاب و لا سباب و لا عياب و لا مغتاب يكره الرفعة و يشنأ السمعة طويل الغم بعيد الهم كثير الصمت وقور ذكور صبور شكور مغموم بفكره مسرور بفقره سهل الخليقة لين العريكة رصين الوفاء قليل الاذي لا متأفك و لا متهتك ان ضحك لميخرق و ان غضب لمينزق ضحكه تبسم و استفهامه تعلم و مراجعته تفهم كثير علمه عظيم حلمه كثير الرحمة لايبخل و لايعجل و لايضجر و لايبطر و لايحيف في حكمه و لايجور في علمه نفسه اصلب من الصلد و مكادحته احلي من الشهد لا جشع و لا هلع و لا عنف و لا صلف و لا متكلف و لا متعمق جميل المنازعة كريم المراجعة عدل ان غضب رفيق ان طلب لايتهور و لايتهتك و لايتجبر خالص الود وثيق العهد وفي العقد شفيق وصول حليم خمول قليل الفضول راض عن اللّه عزوجل مخالف لهواه لايغلظ علي من دونه و لايخوض فيما لايعنيه ناصر للدين
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۰ *»
محام عن المؤمنين كهف للمسلمين لايخرق الثناء سمعه و لاينكي الطمع قلبه و لايصرف اللعب حكمه و لايطلع الجاهل علمه قوال عمال عالم حازم لا بفحاش و لا بطياش وصول في غير عنف بذول في غير سرف لا بختال و لا بغدار و لايقتفي اثراً و لايخيف بشراً رفيق بالخلق ساع في الارض عون للضعيف غوث للملهوف لايهتك ستراً و لايكشف سراً كثير البلوي قليل الشكوي ان رأي خيراً ذكره و ان عاين شراً ستره يستر العيب و يحفظ الغيب و يقيل العثرة و يغفر الزلة لايطلع علي نصح فيذره و لايدع جنح حيف فيصلحه امين رصين تقي نقي زكي رضي يقبل العذر و يجمل الذكر و يحسن بالناس الظن و يتهم علي العيب نفسه يحب في اللّه بفقه و علم و يقطع في اللّه بحزم و عزم لايخرق به فرح و لايطيش به مرح مذكر للعالم معلم للجاهل لايتوقع له بائقة و لايخاف له غائلة كل سعي اخلص عنده من سعيه و كل نفس اصلح عنده من نفسه عالم بعيبه شاغل بغمه لايثق بغير ربه قريب وحيد جريد يحب في اللّه و يجاهد في اللّه ليتبع رضاه و لاينتقم لنفسه بنفسه و لايواني في سخط مجالسٌ لاهل الفقر (الفقه خل) مصادق لاهل الصدق موازر لاهل الحق عون للغريب اب لليتيم بعل للارملة حفي باهل المسكنة مرجو لكل كريمة (كريهة خل) مأمول لكل شدة هشاش بشاش لا بعباس و لا بجساس صليب كظام بسام دقيق النظر عظيم الحذر لايبخل و ان بخل عليه صبر عقل فاستحيي و قنع فاستغني حياؤه يعلو شهوته و وده يعلو حسده و عفوه يعلو حقده لاينطق بغير صواب و لايلبس الا الاقتصاد مشيه التواضع خاضع لربه بطاعته راض عنه في كل حالاته نيته خالصة اعماله ليس فيها غش و لا خديعة نظره عبرة و سكوته فكرة و كلامه حكمة مناصحاً متباذلاً متواخياً ناصح في السر و العلانية لايهجر اخاه و لايغتابه و لايمكر به و لايأسف علي ما فاته و لايحزن علي ما اصابه و لايرجو ما لايجوز له الرجا و لايفشل في الشدة و لايبطر في الرخاء يمزج الحلم بالعلم و العقل بالصبر تراه بعيداً كسله دائماً نشاطه قريباً امله قليلاً زللـه متوقعاً لاجله خاشعاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۱ *»
قلبه ذاكراً ربه قانعة نفسه منفياً جهله سهلاً امره حزيناً لذنبه ميتة شهوته كظوماً غيظه صافياً خلقه آمناً منه جاره ضعيفاً كبره قانعاً بالذي قدر له متيناً صبره محكماً امره كثيراً ذكره يخالط الناس ليعلم و يصمت ليسلم و يسأل ليفهم و يتجر ليغنم لاينصت للخير ليفخر به و لايتكلم ليتجبر به علي من سواه نفسه منه في عناء و الناس منه في راحة اتعب نفسه لآخرته فاراح الناس من نفسه ان بغي عليه صبر حتي يكون اللّه الذي ينتصر له بعده ممن تباعد منه بغض و نزاهة و دنوه ممن دنا منه لين و رحمة ليس تباعده تكبراً و لا عظمة و لا دنوه خديعة و لا خلابة بل يقتدي بمن كان قبله من اهل الخير فهو امام لمن بعده من اهل البر قال فصاح همام صيحة ثم وقع مغشياً عليه فقال اميرالمؤمنين7 اما واللّه لقد كنت اخافها عليه و قال هكذا تصنع المواعظ البالغة باهلها فقال له قائل فما بالك يا اميرالمؤمنين فقال ان لكل اجلاً لنيعدوه و سبباً لايتجاوزه فمهلاً لاتعد فانما نفث علي لسانك شيطان و عن ابيحمزة عن علي بن الحسين8 قال المؤمن يصمت ليسلم و ينطق ليغنم لايحدث امانته الاصدقاء و لايكتم شهادته من الاعداء و لايعمل شيئاً من الخير رياء و لايتركه حياء ان زكي خاف ما يقولون و يستغفر اللّه لما لايعلمون لايغره قول من جهله و يخاف احصاء ما عمله و عن احدهما8 قال مرّ اميرالمؤمنين7 بمجلس من قريش فاذا هو بقوم بيض ثيابهم صافية الوانهم كثير ضحكهم يشيرون باصابعهم الي من يمر بهم ثم مر بمجلس للاوس و الخزرج فاذا اقوام قد بليت منهم الابدان و دقت منهم الرقاب و اصفرت منهم الالوان و قد تواضعوا بالكلام فتعجب علي7 من ذلك و دخل علي رسولاللّه9 فقال بابي انت و امي اني مررت بمجلس لآل فلان ثم وصفهم و مررت بمجلس للاوس و الخزرج فوصفهم ثم قال و جميع مؤمنون فاخبرني يا رسولاللّه بصفة المؤمن فنكس رسولاللّه9
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۲ *»
ثم رفع رأسه فقال عشرون خصلة في المؤمن فان لمتكن فيه لميكمل ايمانه ان من اخلاق المؤمنين يا علي الحاضرون الصلوة و المسارعون الي الزكوة و المطعمون المسكين الماسحون رأس اليتيم المطهرون اطمارهم المتزرون علي اوساطهم الذين اذا حدثوا لميكذبوا و اذا وعدوا لميخلفوا و ان ائتمنوا لميخونوا و ان تكلموا صدقوا رهبان بالليل اسد بالنهار صائمون النهار قائمون الليل لايؤذون جاراً و لايتأذي بهم جار الذين مشيهم علي الارض هون و خطاهم الي بيوت الارامل و علي اثر الجنايز جعلنا اللّه و اياكم من المتقين([1]) و عن ابيالعباس قال قـال ابوعبداللّه7 من سرته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن و عن عمرو بن جميع العبدي عن ابيعبداللّه7 قال شيعتنا الشاحبون الذابلون الناحلون الذين اذا جنهم الليل استقبلوه بحزن و عن مفضل قال قـال ابوعبداللّه7 اياك و السفلة فانما شيعة علي من عف بطنه و فرجه و اشتد اجتهاده و عمل لخالقه و رجا ثوابه و خاف عقابه فاذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر و عن صفوان الجمال قال قـال ابوعبداللّه7 انما المؤمن الذي اذا غضب لميخرجه غضبه من حق و اذا رضي لميدخله رضاه في باطل و اذا قدر لميأخذ اكثر من ماله و عن السكوني عن ابيعبداللّه7 قال ثلثة من علامات المؤمن العلم باللّه و من يحب و من يكره و عن ابيالحسن اللؤلؤي عن ابيعبداللّه7 قال المؤمن من طاب مكسبه و حسنت خليقته و صحت سريرته و انفق الفضل من ماله و امسك الفضل من كلامه و كفي الناس من شره و انصف الناس من نفسه و عن جابر قال قـال ابوجعفر7 انما شيعة علي الحلماء العلماء الذبل الشفاه تعرف الرهبانية علي وجوههم و عن عمرو بن ابيالمقدام عن ابيه عن ابيجعفر7 قال قـال اميرالمؤمنين7 شيعتنا المتباذلون في ولايتنا المتحابون في مودتنا المتزاورون في احياء امرنا الذين ان غضبوا لميظلموا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۳ *»
و ان رضوا لميسرفوا بركة علي من جاوروا سلم لمن خالطوا و عن عيسي النهري عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه من عرف اللّه و عظمه منع فاه من الكلام و بطنه من الطعام و عفي نفسه بالصيام و القيام قالوا بآبائنا و امهاتنا يا رسولاللّه هؤلاء اولياؤ اللّه قال ان اولياء اللّه سكتوا فكان سكوتهم ذكراً و نظروا فكان نظرهم عبرة و نطقوا فكان نطقهم حكمة و مشوا فكان مشيهم بين الناس بركة و لولا الآجال التي قد كتبت عليهم لمتقر ارواحهم في اجسادهم خوفاً من العذاب و شوقاً الي الثواب و ما اعظم موقع ما روي عن الحسن بن علي7 انه خطب الناس فقال ايها الناس انما اخبركم عن اخ لي كان من اعظم الناس في عيني و كان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه كان خارجاً من سلطان بطنه فلايشتهي ما لايجد و لايكثر اذا وجد كان خارجاً من سلطان فرجه فلايستخف عقله و لا رأيه كان خارجاً من سلطان الجهالة فلايمدّ يده الّا علي ثقة لمنفعة كان لايتشهي و لايتسخط و لايتبرم كان اكثر دهره صماتاً فاذا قال بذّ القائلين كان لايدخل في مراء و لايشارك في دعوي و لايدلي بحجة حتي يري قاضياً و كان لايغفل عن اخوانه و لايخص نفسه بشيء دونهم كان ضعيفاً مستضعفاً فاذا جاء الجد كان ليثاً عادياً كان لايلوم احداً فيما يقع العذر في مثله حتي يري اعتذاراً كان يفعل ما يقول و يفعل ما لايقول وكان اذا ابتزه امران لايدري ايهما افضل نظر الي اقربهما الي الهوي فخالفه كان لايشكو وجعاً الا عند من يرجو عنده البرء و لايستشير الا من يرجو عنده النصيحة كان لايتبرم و لايتسخط و لايتشكي و لايتشهي و لاينتقم و لايغفل عن العدو فعليكم بمثل هذه الاخلاق الكريمة ان اطقتموها فان لمتطيقوها كلها فاخذ القليل خير من ترك الكثير و لاحول و لا قوة الا باللّه و عن مهزم الاسدي قال قـال ابوعبداللّه7 يامهزم شيعتنا من لايعدو صوته سمعه و لا شحناه يديه و لايمتدح بنا معلناً و لايجالس لنا عائباً و لايخاصم لنا قالياً ان لقي مؤمناً اكرمه و ان لقي جاهلاً هجره قلت جعلت فداك فكيف اصنع بهؤلاء المتشيعة فقال فيهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۴ *»
التمييز و فيهم التبديل و فيهم التمحيص تأتي عليهم سنون تفنيهم و طاعون يقتلهم و اختلاف يبددهم شيعتنا من لايهر هرير الكلب و لايطمع طمع الغراب و لايسأل عدونا و ان مات جوعاً قلت جعلت فداك فاين اطلب هؤلاء قال في اطراف الارض اولئك الخفيض عيشهم المنتقلة ديارهم ان شهدوا لميعرفوا و ان غابوا لميفتقدوا و من الموت لايجزعون و في القبور يتزاورون ان لجأ اليهم ذو حاجة منهم رحموه لنيختلف قلوبهم و ان اختلفت بهم الدار ثم قال قـال رسولاللّه9 انا المدينة و علي الباب و كذب من زعم انه يدخل المدينة لا من قبل الباب و كذب من زعم انه يحبني و يبغض علياً وعن ابيولاد الحناط عن ابيعبداللّه7 قال كان علي بن الحسين8 يقول ان المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لايعنيه و قلة مرائه و حلمه و صبره و حسن خلقه و في جامعالاخبار قال اميرالمؤمنين7 علامات المؤمن اربعة اكله كأكل المرضي و نومه كنوم الغرقي و بكاؤه كبكاء الثكلي و قعوده كقعود الواثب و عن النبي9 المؤمن غر كريم و الكافر خب لئيم الي غير ذلك من الاخبار و هي لاتحصي اذا جاس الشخص خلال الديار و اجمل لك القول ان كل خير عملي او علمي هو من فعل روح الايمان و دليل فعليتها و شاهد وجودها و لعلك اذا نظرت الي كثرة الخيرات و نظرت الي كثرة الشرور التي في نفسك يئست من صلاحك و قلت اَنّیٰ لي باصلاح هذه الصفات و ترك مكروهاتها و الاخذ بمحبوباتها و ليس ذلك الّا من غفلتك عن سرّ المسئلة فلو علمته لاسترحت و هو ان البيت مادام مظلماً لا سراج فيه قلت اَنّیٰ لي بنور ينور هذه الجدران التي المسها و هذه الامتعة التي ادركها بملمسي و اني لي بالوان مختلفة و هيئات حسنة فاذا جاء السراج رأيت البيت قد استضاء بكله دفعة واحدة و رأيت الالوان و الهيئات قد ظهرت دفعة واحدة بلا كلفة و لا رياضة و تعب و كذلك ربما يتحير الاعمي و يقول اني لو عمرت عمر نوح و سألت عن الالوان و الهيئات مااتيت علي جميعها و اَنّیٰ لي بحفظها و معرفتها و اما اذا فتح عينه و رأي الجميع دفعة واحدة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۵ *»
استراح و ادرك الكل بلا نطق و سمع و كذلك النبات ربما يقال فيه انه يتحير انه كيف لي ببصر و سمع و شم و ذوق و لمس و حركة و ارادة و رضاء و غضب و كم سنة امكث في الدنيا حتي احصل ذلك و لايدري ما حقيقة هذه الصفات و انما يتكلم اذا تكلم بالفاظ لايدرك معانيها و اما اذا نفخ فيه روح الحيوان ابصر و سمع و شم و ذاق و لمس و تحرك و اراد و رضي و غضب دفعة بلا كلفة و تعب و رياضة مدركاً حقائقها بحقيقة الادراك.
فاقول و كذلك الامر في روح الايمان و آثارها فانك تتفكر الآن اني لو عمرت عمر الدنيا و اردت اصلاح اخلاقي و صفاتي مع كثرتها مايمكنني كيف و اني اجاهد عمري في تحصيل خصلة واحدة ليست من طبيعتي و لااقدر عليها فاَنّیٰ لي باصلاح جميع اخلاقي و هي لاتحصي كثرة و اَنّیٰ لي ان لااغفل و لااسهو فيها و استعمل كلاً في محله فتيأس من صلاح نفسك و انت غافل من ان الروح الايماني اذا دخل قلب امرء يحدث له جميع صفات الكمال دفعة واحدة من غير كلفة و يظهر انواره من عينه و اذنه و لسانه و يده و رجله و ظاهره و باطنه في آن واحد و جميع الكلفة عند عدم دخول روح الايمان القلب فيحتاج روح الحيوان انيحصل الاخلاق بكلفة و رياضة و تدرب و مواظبة و مراقبة و مع ذلك لايكاد يدرك حقيقة ذلك الخلق كما لايدرك النبات حقيقة السمع مثلاً و كما ان الجذب و الدفع و الهضم و الامساك من طباع روح النبات و لايحتاج الي تكلف في تحصيلها كذلك الاخلاق الحسنة و الصفات الزكية من طباع روح الايمان لايحتاج الي نصيحة و تربية و تعليم و ان احتاج يوماً ما الي تعليم فانما هو لما يغشاه الاغشية الحيوانية و لمتدعه حتي يصير صرفاً خالصاً و تشتبه عليه الامر فيحتاج الي تنبيه و لو صار روح الايمان صرفاً خالصاً بالفعل لكان كل خير من طباعه ارأيت ان آدم7 كيف علم جميع العلوم بمحض نفخ الروح في بدنه لميعلم الا هكذا فاذا نفخ فيه روح القدس قال علم آدم الاسماء كلها و جعله نبياً و اجتباه و هداه و ارأيت ان من يتنبأ كيف يتنبأ و كيف يبعث مهما نفخ فيه روحالقدس صار نبياً بلا كلفة و رياضة و مشقة و كانت النبوة من طباعه وكذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ماكنت تدري ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۶ *»
به من نشاء من عبادنا.
بالجملة اذا دخل روح الايمان قلب امرء مسلم دخل بطباعه و ظهر آثاره من جوارحه فنظر بحق و سمع بحق و نطق بحق و عمل بحق و علم بحق وهكذا يظهر منه الحق في جميع صفاته و علومه و اعماله بلا كلفة و لا رياضة و لايسهو فيها و لايغفل و لايتعمد ارأيت ان جاذبتك هل سهت يوماً فلمتجذب و باصرتك هل غلطت يوماً فلمتبصر فكذلك روح الايمان لاتغلط في طباعها ابداً و ان غلطت احياناً فبممازجة روح الحيوان و عدم صرافتها و تغطية اغشية روح الحيوان و كثافتها عليها فتضعفها عن مقتضياتها و قد عرفت ان روح الايمان موهبي ليس للعباد فيها صنع فاللّه سبحانه يهبها لمن يشاء من عباده و عليه ان يقبل و قد بسط نورها علي جميع المكلفين فمنهم من يكون شافاً و يحكي و منهم من يكون كثيفاً و يحجب كبستان خلف جدار و زجاجة فالزجاجة تحكي و تري ما ورائها و الجدار يحجب و لايري فافهم راشداً موفقاً.
فصل: لعلك تقول اذا كان الايمان موهبياً ليس للعباد فيه صنع كما دل عليه الاخبار و صحيح الاعتبار فاَنّیٰ لنا به و ما سرّ التكليف و الوعد بقبوله و الوعيد علي التخلف عنه فاذاً لا مدح لمن آمن و لا لوم علي من كفر قلت انا قد اشرنا اليه آنفاً ان هذه الموهبة نور مستطير قد عمّت جميع عرصات الاكوان و لميعزها بلوغ شيء و لمتقصر عن شيء و انما تفاوتت الكائنات بحسب القبول و عدمه و بسبق الاجابة و تأخرها و انما يمدح المؤمن بالقبول و يلام الكافر بعدم القبول و كلفوا بالقبول و لميكلف احد منهم بايجاد الايمان لنفسه و ذلك ان اللّه سبحانه كوّن الكائنات تكويناً كان صالحاً لان يعرف الايمان اذا عرض عليه و يقبله و يعرف الكفر اذا عرض عليه و ينكره و ذلك التكوين هو فطرة اللّه التي فطر الناس عليها و ذلك بمنزلة العين خلقها خلقة اذا عرض عليها الاحمر رأته و اذا عرض عليها الاصفر رأته و كذلك ان اللّه سبحانه خلق الانسان علي فطرة اذا عرض عليها الحق عرفته و اذا عرض عليها الباطل عرفته ثم هداها النجدين نجد الحق و الباطل و الخير و الشر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۷ *»
فمن سلك نجد الخير امكنه اللّه منه و هيأ له اسبابه و يمدح به و يثاب و من سلك نجد الشر امكنه اللّه منه و هيّأ له اسبابه فيلام عليه و يعاقب قال الصادق7 ان اللّه عزوجل احتج علي الناس بما آتاهم و عرفهم و قال ليس للّه علي خلقه ان يعرفوا قبل ان يعرفهم و للخلق علي اللّه ان يعرفهم و للّه علي خلقه اذا عرفهم ان يقبلوه و سئل ابوعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (كان الناس امة واحدة) الآية فقال كان ذلك قبل نوح قيل فعلي هدي كانوا قال لا كانوا ضلالاً الي ان قال الراوي قلت افضلالاً كانوا قبل النبيين ام علي هدي قال لميكونوا علي هدي كانوا علي فطرة اللّه التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق اللّه و لميكونوا ليهتدوا حتي يهديهم اللّه المتسمع قول ابرهيم (لئن لميهدني ربي لاكونن من القوم الضالين) اي ناسياً للميثاق و سئل ابوعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (كان الناس امة واحدة) قال كان هذا قبل نوح امة واحدة فبدا للّه فارسل الرسل قبل نوح قيل أعلي هدي كانوا ام علي ضلالة قال بل كانوا ضلالاً لا مؤمنين و لا كافرين و لا مشركين.
بالجملة ان اللّه سبحانه خلق الخلق فطرة صالحة لادراك الحق و الباطل ثم عليه اظهار الحق و القاؤه عليهم و لميكلفوا بمعرفة الحق من عند انفسهم بعد ما نزلوا الي التراب و نسوا رب الارباب بل علي اللّه تنبيه غافلهم و تعليم جاهلهم و هداية ضالهم ثم للّه عليهم ان يقبلوا اذا عرض عليهم الحق فانهم فطروا علي خلقة يعرفون الحق حقاً و الباطل باطلاً بل لو جهدوا ان يعرفوا الحق باطلاً و الباطل حقاً ماقدروا فعن ابيعبداللّه7 قال ابي اللّه ان يعرف باطلاً حقاً ابي اللّه ان يجعل الحق في قلب المؤمن باطلاً لاشك فيه و ابي اللّه ان يجعل الباطل في قلب الكافر المخالف حقاً لاشك فيه و لو لميجعل هذا هكذا ماعرف حق من باطل و عن ايوب بن الحر بياع الهروي قال قـال لي ابوعبداللّه7 يا ايوب ما من احد الا و قد يرد عليه الحق حتي يصدع قلبه قبله ام تركه و ذلك ان اللّه يقول في كتابه (بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق و لكم الويل مما تصفون) نعم اذا ترك الانسان الحق بعد ما ظهر عليه و سلك نجد الجحود و الانكار يران علي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۸ *»
قلبه و يغلب الحيوانية و النباتية و الجمادية علي قلبه فيقسو قلبه و يتصدي و يسود فيزيغ و لما زاغوا ازاغ اللّه قلوبهم فيتغير تلك الفطرة و تتبدل و ذلك قوله تعالي حكاية عن ابليس (لآمرنهم فليغيرن خلق اللّه) و قوله (لاتبديل لخلق اللّه) اي لاتبدلوا فاذا بدلوا الفطرة بسوء اختيارهم و غيّروها تعمي عن رؤية الحق و معرفة الباطل فلربما يعرض عليه الحق حينئذ فلميعرف حقيته او عرض عليه الباطل فلميعرف بطلانه كذائقة من اكل ورق العناب و فسدت ذائقته فلاتدرك ما يرد عليه و كذلك اذا عمي القلب عن الادراك لميدرك فيشتبه عليه ولكن للّه عليه الحجة لمبادي امره حيث افسد فطرته باختياره و اغلب فساد العالم من تغيير الفطر و لو ان الناس بقوا علي الفطرة لمينكر منكر منهم الحق و انما يعوج الفطر بغلبة الجمادية و النباتية الحاصلتين من ارض الموت و بغلبة العادات و الطبايع و الشهوات و الغضب و الالحاد و الشقاوة فتعمي الفطرة و تصم عن الحق فيشتبه عليها و من اراد النجاة من ذلك فليسع في ازاحة هذه الامور و ازالتها عن نفسه ولينظر في الشيء قاطعاً نظره عن ذلك كله و لو بعد التبديل فانه يمكنه حتي يعرف الحق كما هو عليه بالجملة ان اللّه سبحانه لايكلف نفساً الا ما آتيها و وسعها و قد خلق الخلق خلقة يقدرون علي معرفة الحق و الباطل و قبوله و لميلجئ احداً الي احدهما و خلي سربه و هداه النجدين و مكنه من السلوك في كل واحد منهما و هيأ له اسبابهما فمن آمن فبتوفيقه سبحانه و هدايته و يثاب عليه و من كفر فبخذلانه سبحانه و ازاغته قلبه و يعاقب عليه فافهم ان كنت تفهم.
بقي هنا شيء و هو انه كما يكون علي كل حق حقيقة و علي كل صواب نور يكون لكل باطل اجتثاث و علي كل خطاء ظلمة فلو خلصا و لزم كل واحد مقتضاه لميخفيا علي ذيحجي و لايسع احداً ان يترك سبيل الحق و يسلك سبيل الباطل لما يلحقه من الهلاك و البوار و الدثور و الاضمحلال و لما يلزم اسباب كل واحد منهما من مقتضاهما و قد خلق اللّه الخلق فطرة لايسعهم معها ان يتمسكوا بالباطل معترفين بانه باطل و خطاء و ان عرضها التغير و الاعوجاج و العمي و الصمم فان العارض و ان عرض الفطرة لكنه لميغيرها من ذاتها و انما غيّر بعض حدود صورها الاتري
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۵۹ *»
ان اعوجاج المرآة ليس يغير الشبح تغييراً يخرجه عن الشبحية فلايكون شبحاً و انما يغير صورته فكان يبقي في كمون قابلية اهل الباطل كفرهم و شقاؤهم و لميظهر مع ما علم اللّه من بواطنهم من الكفر و الشقاء و الميل الي طريق الباطل و الاعراض عن طريق الحق فمزج اللّه كل واحد منهما في عالم اللطخ و الخلط بضده حتي يتمسك اهل كل واحد بما يجد فيه من الحق و يكون له وسيلة الي الاخذ به و من تمام حجة اللّه علي خلقه ان جميعهم يدعون الحقية و يعترفون بان الباطل غيرلايق للاخذ به و يستحسنون الحق و الاخذ به و يستقبحون الباطل و الاخذ به و انما ذلك لبقاء ذاتية الفطرة و كليتها علي حالها و ان تغيرت تغيرت في بعض اوصافها فكلهم طالبون للحق و الخير معترفون بلزوم الاخذ بهما معرضون عن الباطل و الشر معترفون بقبح الاخذ بهما فلبقاء كلية الفطرة في الكل ماكان يسع احداً الاخذ بالباطل لو خلص عن الحق و ماكان يسع احداً ترك الحق لو خلص عن الباطل فمزج اللّه من عظيم فتنته الحق بشيء من الباطل و ان كان ضعيفاً و الباطل بشيء من الحق و ان كان ضعيفاً ليتمسك اهل الحق بالحق الاصلي و هم لايعتنون بشوب الباطل لضعفه و كونهم من جنس الحق و سنخه فيميلون الي الحق و يتمسك اهل الباطل بالحق العرضي و هم مائلون الي الباطل الاصلي لكونهم من جنسه و سنخه فيسمونه بالحق و يتمسكون به لان فطرتهم الكلية لاتطاوعهم في الاخذ بالباطل المحض و ذلك فتنة عظيمة من اللّه في خلقه ليهلك من هلك عن بينة اي بعد البينة لانه يري من نفسه انه ما لميسم الباطل بالحق لاتطاوعه نفسه في الاخذ به و يحيي من حي عن بينة اي بعد البينة وذلك قول اميرالمؤمنين7 ايها الناس انما بدء وقوع الفتن اهواء تتبع و احكام تبتدع يخالف فيها كتاب اللّه يتولي فيها رجال رجالاً و لو ان الباطل خلص لميخف علي ذيحجي و لو ان الحق خلص لميكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معاً فهنالك استحوذ الشيطان علي اوليائه و نجا الذين سبقت لهم من اللّه الحسني و هذا هو قوله تعالي (و ما ارسلنا من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۰ *»
فينسخ اللّه ما يلقي الشيطان ثم يحكم اللّه آياته و اللّه عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض و القاسية قلوبهم و ان الظالمين لفي شقاق بعيد و ليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم و ان اللّه لهادي الذين آمنوا الي صراط مستقيم) وقال (و كذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس و الجن يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غروراً و لو شاء ربك مافعلوه فذرهم و ما يفترون و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالآخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون) و ذلك فتنة من اللّه سبحانه في عباده و لولا ذلك لزال الاختيار و جاء الاضطرار و ماامكن احداً من اهل الباطل سلوك طريقه لما فيه من الهلاك و البوار فلميقم اللّه جلجلاله حقاً الا و اقام بازائه باطلاً و لطخ ظواهر ذلك الباطل ببعض الحق و ظواهر ذلك الحق من خارجه ببعض الشبهات ليتمسك اهل الباطل بتلك الشبهات و تكون لهم عروة يتعلقون بها و ليعلم اهل الحق اهل الباطل و يعرفوهم بحقايقهم.
و ان قلت ان كان مع كل من الحق و الباطل لطخ من غيره فما الحيلة في المعرفة و عدم الزيغ قلت علي كل حق حقيقة و علي كل صواب نور و لايشتبه الحق بالباطل فالحق العرضي يزول و يختلف و الباطل العرضي يزول و يعلم عروضه و زواله و يبقي الحق الذاتي معروفاً لمن طلب و الباطل الذاتي معروفاً لمن طلب و اللّه ولي التوفيق فعن ابيعبداللّه7 قال ليس من باطل يقوم بازاء الحق الا غلب الحق الباطل و ذلك قوله (بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق).
فصل: و لما ان اتينا علي ما تيسر من صفة الايمان لايخلو من مناسبة ان نذكر ما يقدر اللّه من شرف المؤمن و عظمته و علو مقامه و نباهته التي فضله اللّه بها.
اعلم ان المؤمن حقيقة هو روح الايمان الذي يفاض علي الانسان الكوني و لولا ذلك الروح لكان انساناً كونياً ظاهرياً زيداً او عمراً لا مؤمناً و انما هو مؤمن بروح الايمان و هو امر خارج عن الكون مفاض عليه من اللّه سبحانه فاذا نظرت الي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۱ *»
زيد من حيث انه زيد فهو انسان كوني لا مؤمن و لا كافر و اذا نظرت اليه من حيث انه مؤمن فانما نظرت الي ذلك الروح المفاضعليه فمهما عاملته من حيث انه زيد اي احببته او ابغضته و اهنته او اكرمته فانما ترجع الي كينونته و حيث هو هو و انيته و ماهيته و طبيعته و اما اذا عاملته من حيث انه مؤمن و نظرت اليه من حيث ايمانه فانما ترجع الي ربه فان روح الايمان مسحة ربانية و هو صفة اللّه و تعريف اللّه نفسه لعبده و آيته و مقامه و علامته عند عبده فلايكون الا علي صفته بل ليس الا ظهوره و وجهه و نسبته و جهته في عبده فكل ما عاملته به يرجع الي ربه لا الي نفسه فلاجل ذلك صار زيارته من حيث ايمانه زيارة اللّه و اكرامه اكرام اللّه و اطعامه اطعام اللّه و سقيه سقي اللّه و مرضه و جوعه و عطشه مرض اللّه و جوع اللّه و عطش اللّه و عيادته عيادة اللّه و حبه حب اللّه و بغضه بغض اللّه و لقاؤه لقاء اللّه وهكذا اذ هو نسبة اللّه كل ذلك اذا وقع من حيث ايمانه و لما كان هاتان الجهتان تختلفان في المؤمنين فمنهم من يكون جهة طبيعته غالبة علي روحه و منهم من تتساويان فيه و منهم من يغلب جهة روحه عليه صار يختلف ظهور الروح منهم فمن يكون الغالبة عليه جهة طبعه فلابد في رؤية روحه من تعمد زايد و قصد خاص و من يكون الجهتان فيه متساويتان فملاحظتهما علي السواء و ان كان كل واحدة منهما تحتاج الي قصد خاص و عمد و من كان فيه جهة الروح غالبة فلاتحتاج ملاحظتها الي قصد خاص بل ملاحظة طبيعته و انيته تحتاج الي قصد خاص و مثل ذلك كلمات القرآن و آيه فلو كان كلمة «الذين» مثلاً مكتوباً علي لوح ليس لها حكم القرآن الا ان يقصد منها القرآن فان قصد منها القرآن لاتمس الا بطهارة و ان لميقصد فهي كلمة من الكلمات و لا حرمة لها و اما ان كتب( الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان) مثلاً فهي كما تحتمل ان تكون عبارة بشر و كلامه تحتمل ان تكون قرآناً فان قصد بها عبارة بشر لا حرمة لها و ان قصد بها القرآن لها حرمته و لاتمس الا بطهارة و الاحتمالان متساويان و اما ان كتب سورة التوحيد فلاتحتمل الا القرآن لغلبة جهة القرآن عليها فمن استهان بها و استخف بحرمتها لايعذر و لايقبل منه انه ماقصد بها القرآن فان سورة من القرآن معجزة لايقدر عليها البشر و كذلك تربة سيدالشهداء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۲ *»
مثلاً فان رفع تربة من بعيد الحضرة المقدسة فان قصد منها النسبة الي سيدالشهداء فلها حرمة تربته و الا فلا و ان رفعت من الحاير فالجهتان فيها متساويتان و اما ان رفعت من القبر المطهر فمن استهان بها و استخف بحرمتها كفر و لايقبل منه العذر بعدم قصد النسبة فكذلك حال المؤمنين فمن كان فيه جهة طبيعته غالبة فمن قصد به روحه الايماني و عاداه نصب او احبه فقد احب اللّه و الا فلا و علامة مثل هذا الايمان كون اغلب افعاله و علومه بمقتضي طبيعته و اما من كان متوسطاً يصدر منه بعض الاعمال بمقتضي طبيعته و بعض الاعمال بمقتضي روحه فايتهما قصد كان لها حكمها و اما من كان روحه الايماني غالباً و اغلب اعماله و علومه بمقتضي تلك الروح فذلك لايحتاج الي قصد خاص فانه معروف بالايمان مشهور بالايقان و الاذعان فلايعذر من اساء اليه ان قال اني ماقصدت ايمانه فمن ابغضه فقد ابغض اللّه و من آذاه فقد آذي اللّه و من اهانه فقد اهان اللّه فلايعذر احد في بغض سلمان و ابيذر و اضرابهما مثلاً لكونهما معروفين بالايمان و الانقطاع الي اللّه و رسوله فلو قال رجل اني ابغض سلمان نعوذباللّه و يعتذر باني ابغضه من حيث نفسه فهو كمن قال اني ابغض اميرالمؤمنين و يعتذر باني ماابغضه من حيث الامامة و انما ابغضه من حيث نفسه فلايعذر لان اميرالمؤمنين7 لميبق من حيث نفسه باقية و ليست منشأ اثر و ليس لها فعلية تحمله علي غير مقتضي الامامة كذلك من ابغض سلمان ليس بمعذور لانه لميبق لنفسه باقية و فعلية تحمله علي غير التشيع و المخالفة لساداته بل هو منقطع اليهم مخالف لهواه متبع لامر مولاه في جميع اقواله و افعاله و احواله فاذ لميكن لنفسه فعلية لايعذر مبغضه و كذلك من ابغض اليوم العلماء العاملين المتقين المنقطعين الي آلمحمد: الصارفين عمرهم في نشر علومهم و فضائلهم الساعين في متابعتهم في الاقوال و الافعال و الاحوال فمبغضهم بعد المعرفة ناصب كافر و لايقبل له عذر و هذا هو السر فيما رواه في الوسائل باسانيد عديدة منها ما رواه عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال ليس الناصب من نصب لنا اهل البيت لانك لاتجد رجلاً يقول انا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲6۳ *»
ابغض محمداً و آلمحمد ولكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم انكم تتولونا و انكم من شيعتنا انتهي فناط النصب بالعلم بانهم يتولونهم و انهم من شيعتهم لا بالقصد و البغض من حيث الايمان فان القصد لايحتاج اليه في كل مكان فكل من عرف بالايمان و كان فيه بالفعل و غالباً و يعلم ذلك بموافقته لمحمد و آلمحمد: في اعماله فما عمل من طاعة فهو و ما عمل من سيئة تاب و استغفر و رجع و اعتذر فهو المتبع لقادة الدين و سادة المسلمين و بغضه لايحتاج الي قصد و لايعذر مبغضه البتة كما روي في سلمان و امثاله ابغض اللّه من ابغضه و احب من احبه علي الاطلاق و لما بلغ الكلام الي هنا اشتقت ان اذكر فصلاً في فضل سلمان و اضرابه من ساير المؤمنين المعروفين ثم اردفه بفصل ان شاء اللّه في عظمة نوع المؤمنين.
فصل: فقد روي في البحار بسنده عن المسيب بن نجية عن علي صلي اللّه عليه انه قيل له حدثنا عن اصحاب محمد9 حدثنا عن ابيذر الغفاري قال علم العلم ثم اوكاه و ربط عليه رباطاً شديداً قالوا فعن حذيفة قال تعلم اسماء المنافقين قالوا فعن عمار بن ياسر قال مؤمن ملئ مشاشه ايماناً نسي اذا ذكر ذكر قيل فعن عبداللّه بن مسعود قال قرأ القرآن فنزل عنده قالوا فحدثنا عن سلمان الفارسي قال ادرك العلم الاول و الآخر و هو بحر لاينزح و هو منا اهل البيت قالوا فحدثنا عنك يااميرالمؤمنين قال كنت اذا سألت اعطيت و اذا سكت ابتديت و عن حذيفة قال سمعت رسولاللّه9 يقول ابواليقظان علي الفطرة ثلث مرات لنيدعها حتي يموت و عن عايشة قالت قـال رسولاللّه9 ماخُيّر عمار بين امرين الا اختار اشدهما و عن صفوان الجمال قال قـال ابوعبداللّه7 قال رسولاللّه9 ان اللّه تبارك و تعالي امرني بحب اربعة قالوا من هم يا رسولاللّه قال علي بن ابيطالب منهم ثم سكت ثم قال ان اللّه تبارك و تعالي امرني بحب اربعة قالوا من هم يارسولاللّه قال علي بن ابيطالب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۴ *»
و المقداد بن الاسود و ابوذر الغفاري و سلمان الفارسي و عن ابيالجارود عن ابيجعفر7 في قوله تعالي (و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه و لاتعد عيناك عنهم تريد زينة الحيوة الدنيا) فهذه نزلت في سلمان الفارسي كان عليه كساء فيه يكون طعامه و هو دثاره و رداؤه و كان كساؤه من صوف فدخل عيينة بن حصن علي النبي9 و سلمان عنده فتأذي عيينة بريح كساء سلمان و قد كان معرقاً و قد كان يوم شديد الحر فعرق في الكساء فقال يا رسولاللّه اذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا و اصرفه من عندك فاذا نحن خرجنا فادخل من شئت فانزل اللّه (و لاتطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا) و هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 في قوله تعالي (ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً) قال هذه نزلت في ابيذر و المقداد و سلمان الفارسي و عمار بن ياسر جعل اللّه لهم جنات الفردوس نزلاً و عن الحسن بن عبداللّه بن محمد الرازي عن ابيه عن الرضا7 عن آبائه: عن اميرالمؤمنين7 قال قـال النبي9 الجنة تشتاق اليك يا علي و الي عمار و سلمان و ابيذر و المقداد و في خبر الاعمش في فرايض الاسلام عن الصادق7 قال الولاية للمؤمنين الذين لميغيروا و لميبدلوا بعد نبيهم9 واجبة مثل سلمان الفارسي و ابيذر الغفاري و المقداد بن الاسود الكندي و عمار بن ياسر و جابر بن عبداللّه الانصاري و حذيفة بن اليمان و ابيالهيثم بن التيهان و سهل بن حنيف و ابوايوب الانصاري و عبداللّه بن الصامت و عبادة بن الصامت و خزيمة بن ثابت ذيالشهادتين و ابوسعيد الخدري و من نحا نحوهم و فعل مثل فعلهم و كذلك في حديث شرايع الاسلام عن الرضا7 و عن عيسي بن عبداللّه العمري عن ابيه عن جده عن جده عن علي7 قال خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون و بهم يمطرون و بهم ينصرون ابوذر و سلمان و المقداد و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۵ *»
عمار و حذيفة و عبداللّه بن مسعود قال علي7 و انا امامهم و هم الذين شهدوا الصلوة علي فاطمة3 و روي هذه الرواية عن ابيجعفر عن ابيه عن جده عن علي بن ابيطالب7 و فيها ضاقت الارض بسبعة و باسناد التميمي عن الرضا7 عن آبائه عن علي: قال قـال النبي9سلمان منا اهل البيت و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال كان علي محدثاً و كان سلمان محدثاً قال قلت فما آية المحدث قال يأتيه ملك فينكت في قلبه كيت و كيت و في رواية اخري يبعث اللّه اليه ملكاً ينقر في اذنيه كيت و كيت و من تفسير علي بن ابرهيم و السابقون الاولون من المهاجرين و الانصار هم النقبا و ابوذر و المقداد و سلمان و عمار و من آمن و صدق و ثبت علي ولاية اميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه و عن منصور بن بزرج قال قلت لابيعبداللّه الصادق7 ما اكثر ما اسمع منك سيدي ذكر سلمان الفارسي فقال لاتقل سلمان الفارسي ولكن قل سلمان المحمدي اتدري ما ذكري له قلت لا قال لثلث خلال احديها ايثاره هوي اميرالمؤمنين7 علي هوي نفسه و الثانية حبه الفقراء و اختياره اياهم علي اهل الثروة و العدد و الثالثة حبه للعلم و العلماء ان سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً و ماكان من المشركين و عن العسكري7 في حديث قال رسولاللّه9ان جبرئيل عن اللّه يقول يا محمد سلمان و المقداد اخوان متصافيان في ودادك و وداد علي اخيك و وصيك و صفيك و هما في اصحابك كجبرئيل و ميكائيل و الملئكة عدوان لمن ابغض احدهما وليان لمن والاهما و والا محمداً و علياً عدوان لمن عادي محمداً و علياً و اولياءهما و لو احب اهل الارض سلمان و المقداد كما تحبهما ملئكة السموات و الحجب و الكرسي و العرش لمحض ودادهما لمحمد و علي و موالاتهما لاوليائهما و معاداتهما لاعدائهما لماعذب اللّه تعالي احداً منهم بعذاب البتة و عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۶ *»
الاصبغ بن نباتة قال سأل ابنالكوا اميرالمؤمنين7 عن اصحاب رسولاللّه9 فقال عن اي اصحاب رسولاللّه9 تسألني؟ قال يا اميرالمؤمنين اخبرني عن ابيذر الغفاري قال سمعت رسولاللّه9 يقول مااظلت الخضراء و لااقلت الغبراء ذا لهجة اصدق من ابيذر قال يا اميرالمؤمنين اخبرني عن سلمان الفارسي قال بخ بخ سلمان منا اهل البيت و من لكم بمثل لقمان الحكيم علم علم الاول و علم الآخر قال يا اميرالمؤمنين فاخبرني عن عمار بن ياسر قال ذلك امرأ حرّم اللّه لحمه و دمه علي النار و ان تمس شيئاً منهما قال يا اميرالمؤمنين فاخبرني عن حذيفة بن اليمان قال ذلك امرأ علم اسماء المنافقين ان تسألوه عن حدود اللّه تجدوه بها عارفاً عالماً قال يااميرالمؤمنين فاخبرني عن نفسك قال كنت اذا سألت اعطيت و اذا سكت ابتديت و عن العسكري7 قال قدم جماعة فاستاذنوا علي الرضا7 و قالوا نحن شيعة علي فمنعهم اياماً ثم لما دخلوا قال لهم ويحكم انما شيعة اميرالمؤمنين الحسن و الحسين و سلمان و ابوذر و المقداد و عمار و محمد بن ابيبكر الذين لميخالفوا شيئاً من اوامره و من عللالشرايع روي ان سلمان الفارسي كان محدثاً فسئل الصادق7 من ذلك و قيل له من كان يحدثه فقال رسولاللّه9 و اميرالمؤمنين7 و انما صار محدثاً دون غيره ممن كانا يحدثانه لانهما كانا يحدثانه بما لايحتمله غيره من مخزون علم اللّه و مكنونه و عن الفضل بن عيسي الهاشمي عن ابيعبداللّه7 في حديث سلمان خير من لقمان و عن المفضل قال عرضت علي ابيعبداللّه7 اصحاب الردة فكل ما سميت انساناً قال اعزب حتي قلت حذيفة قال اعزب قلت ابنمسعود قال اعزب ثم قال اما ان كنت تريد الذين لميدخلهم شيء فعليك بهؤلاء الثلثة ابوذر و سلمان و المقداد و عن حنان بن سدير عن ابيه عن ابيجعفر7 قال كان الناس اهل ردة بعد النبي9 الا ثلثة فقلت و من الثلثة قال المقداد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۷ *»
و ابوذر و سلمان الفارسي ثم عرف اناس بعد يسير فقال هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا و ابوا انيبايعوا حتي جاءوا باميرالمؤمنين7 مكرهاً فبايع و ذلك قول اللّه(و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات او قتل انقلبتم علي اعقابكم و من ينقلب علي عقبيه فلنيضر اللّه شيئاً و سيجزي اللّه الشاكرين) و من روضة الواعظين قال ابوعبداللّه7 الايمان عشر درجات فالمقداد في الثامنة و ابوذر في التاسعة و سلمان في العاشرة و عن النبي9 ان الجنة لاشوق الي سلمان من سلمان الي الجنة و ان الجنة لاعشق لسلمان من سلمان للجنة و عن ابيالحسن موسي7 اذا كان يوم القيمة نادي مناد اين حواري محمد بن عبداللّه رسولاللّه الذين لمينقضوا العهد و مضوا عليه فيقوم سلمان و المقداد و ابوذر ثم ينادي اين حواري علي بن ابيطالب وصي محمد بن عبداللّه رسولاللّه9 فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي و محمد بن ابيبكر و ميثم بن يحيي التمار مولي بنياسد و اويس القرني و عن النبي9 مااظلت الخضراء و لااقلت الغبراء ذا لهجة اصدق من ابيذر يعيش وحده و يموت وحده و يبعث وحده و يدخل الجنة وحده و قال9 من اراد ان ينظر الي زهد عيسي بن مريم7 فلينظر الي ابيذر و عن مسعدة بن صدقة عن ابيعبداللّه7 قال ذكرت التقية يوماً عند علي بن الحسين8 فقال واللّه لو علم ابوذر ما في قلب سلمان لقتله و لقد آخا رسولاللّه9 بينهما فما ظنكم بساير الخلق ان علم العلماء صعب مستصعب لايحتمله الا نبي مرسل او ملك مقرب او عبد مؤمن امتحن اللّه قلبه للايمان فقال وانما صار سلمان من العلماء لانه امرأ منا اهل البيت فلذلك نسبته الي العلماء و عن حمران بن اعين قال قلت لابيجعفر7 جعلت فداك ما اقلنا لو اجتمعنا علي شاة ماافنيناها فقال الااحدثك باعجب من ذلك المهاجرون و الانصار ذهبوا الاو اشار بيده ثلاثة قال حمران فقلت جعلت
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۸ *»
فداك ما حال عمار قال رحم اللّه عماراً ابااليقظان بايع و قتل شهيداً فقلت في نفسي ما شيء افضل من الشهادة فنظر الي فقال لعلك تري انه مثل الثلثة ايهات ايهات و عن صالح الاحول قال سمعت اباعبداللّه7 يقول آخا رسولاللّه9 بين سلمان و ابيذر و اشترط علي ابيذر ان لايعصي سلمان و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول ان سلمان علم الاسم الاعظم و عن عيسي بن حمزة قال قلت لابيعبداللّه7 الحديث الذي جاء في الاربعة قال و ما هو قلت الاربعة التي اشتاقت اليهم الجنة قال نعم منهم سلمان و ابوذر و المقداد و عمار قلنا فايهم افضل قال سلمان ثم اطرق ثم قال علم سلمان علماً لو علمه ابوذر كفر و عن ابننباتة قال سألت اميرالمؤمنين7 عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه و قلت ما تقول فيه فقال ما اقول في رجل خلق من طينتنا و روحه مقرونة بروحنا خصه اللّه تبارك و تعالي من العلوم باولها و آخرها و ظاهرها و باطنها و سرها و علانيتها و لقد حضرت رسولاللّه9 و سلمان بين يديه فدخل اعرابي فنحّاه عن مكانه و جلس فيه فغضب رسولاللّه9 حتي در العرق بين عينيه و احمرتا عيناه ثم قال يا اعرابي أَتنحّي رجلاً يحبه اللّه تبارك و تعالي في السماء و يحبه رسوله في الارض يا اعرابي أَتنحّي رجلاً ماحضرني جبرئيل الا امرني عن ربي ان اقرئه السلام يا اعرابي سلمان مني من جفاه فقد جفاني و من آذاه فقد آذاني و من باعده فقد باعدني و من قربه فقد قربني يا اعرابي لاتغلطن في سلمان فان اللّه تبارك و تعالي قد امرني ان اطلعه علي علم المنايا و البلايا و الانساب و فصل الخطاب قال فقال الاعرابي يا رسولاللّه ماظننت ان يبلغ من فعل سلمان ما ذكرت اليس كان مجوسياً ثم اسلم فقال النبي9 يا اعرابي اخاطبك عن ربي و تقاولني ان سلمان ماكان مجوسياً ولكنه كان مظهراً للشرك مبطناً للايمان يا اعرابي اماسمعت اللّه عزوجل يقول (فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۶۹ *»
مما قضيت و يسلموا تسليماً) اماسمعت اللّه عزوجل يقول (ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا) يا اعرابي خذ ما اتيتك و كن من الشاكرين لاتجحد فتكون من المعذبين و سلم لرسولاللّه قوله تكن من الآمنين و عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر الباقر7 قال سمعت جابر بن عبداللّه الانصاري يقول سألت رسولاللّه9 عن سلمان الفارسي فقال9سلمان بحر العلم لايقدر علي نزحه سلمان مخصوص بالعلم الاول و الآخر ابغض اللّه من ابغض سلمان و احب من احبه قلت فما تقول في المقداد قال ذاك منا ابغض اللّه من ابغضه و احب من احبه قلت فما تقول في عمار قال و ذاك منا ابغض اللّه من ابغضه و احب من احبه قال جابر فخرجت لابشرهم فلما وليت قال اليّ يا جابر اليّ يا جابر و انت منا ابغض اللّه من ابغضك و احب من احبك قال فقلت يا رسولاللّه فما تقول في علي بن ابيطالب فقال ذاك نفسي قلت فما تقول في الحسن و الحسين قال هما روحي و فاطمة امهما ابنتي يسوءني ما ساءها و يسرّني ما سرّها اشهد اللّه اني حرب لمن حاربهم سلم لمن سالمهم يا جابر اذا اردت ان تدعو اللّه فيستجيب لك فادعه باسمائهم فانها احب الاسماء الي اللّه عزوجل و من الاختصاص بلغنا ان سلمان الفارسي2 دخل مجلس رسولاللّه9 ذات يوم فعظموه و قدموه و صدروه اجلالاً لحقه و اعظاماً لشيبه و اختصاصاً بالمصطفي و آله فدخل عمر فنظر اليه فقال من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب فصعد رسولاللّه9 المنبر فخطب فقال ان الناس من آدم الي يومنا هذا مثل اسنان المشط لا فضل للعربي علي العجمي و لا للاحمر علي الاسود الا بالتقوي سلمان بحر لاينزف و كنز لاينفد سلمان منا اهل البيت سلسل يمنح الحكمة و يؤتي البرهان و منه جري ذكر سلمان و ذكر جعفر الطيار بين يدي جعفر بن محمد8 و هو متكئ ففضّل بعضهم جعفراً عليه و هناك ابوبصير فقال بعضهم ان سلمان كان مجوسياً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۰ *»
ثم اسلم فاستوي ابوعبداللّه7 جالساً مغضباً و قال يا بابصير جعله اللّه علوياً بعد ان كان مجوسياً و قرشياً بعد ان كان فارسياً فصلوات اللّه علي سلمان و ان لجعفر شأناً عند اللّه يطير مع الملئكة في الجنة او كلام يشبهه و عن عبدالرحمن بن اعين قال سمعت اباجعفر7 يقول كان سلمان من المتوسّمين و عن احمد بن حماد المروزي عن الصادق7 انه قال في الخبر الذي روي فيه ان سلمان كان محدثاً قال انه كان محدثاً عن امامه لا عن ربه لانه لايحدث عن اللّه عزوجل الا الحجة و عن الفضيل بن يسار عن ابيجعفر7 قال قال لي تروي ما يروي الناس ان علياً7 قال في سلمان ادرك علم الاول و الآخر قلت نعم قال فهل تدري ما معني ما قال قلت علم بنياسرائيل و علم النبي9 قال فقال ليس هكذا ولكن علم النبي و علم عليّ و امر النبي و امر عليّ صلوات اللّه عليهما و عن الحسن بن منصور قال قلت للصادق7 اكان سلمان محدثاً قال نعم قلت من يحدثه قال ملك كريم قلت فاذا كان سلمان كذا فصاحبه اي شيء هو قال اقبل علي شأنك الي غير ذلك من الاخبار التي هي ساطعة المنار و تدل علي جلالة شأن الاخيار و الغرض منها ذكر نباهة المؤمن و شرفه و انه يبلغه هذا المبلغ و يصعد به الي هذه الدرجة و لاتحسبن هذا الشرف مخصوصاً بهؤلاء المذكورين بل نظراؤهم في كل عصر و قوام العالم بهم و هم المؤتمون بالامام المقتدون به و لابد لكل امام من مؤتم به و الا لميكن الامام اماماً و روي في منتهيالمقال عن الرضا7 ابوحمزة الثمالي في زمانه كلقمان في زمانه و ذلك انه خدم اربعة منّا علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و برهة من عصر موسي بن جعفر و يونس في زمانه كسلمان الفارسي انتهي و عن فضل بن شاذان حج يونس بن عبدالرحمن اربعاً و خمسين حجة و اعتمر اربعاً و خمسين عمرة و الّف الف جلد رداً علي المخالفين و يقال انتهي علم الائمة الي اربعة نفر اولهم سلمان الفارسي و الثاني جابر و الثالث السيد و الرابع يونس بن عبدالرحمن انتهي هكذا رأيت في نسختين و لااعرف السيد من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۱ *»
هو و روي عن ابيعبداللّه7 ارتدّ الناس بعد قتل الحسين7 الا ثلثة ابوخالد الكابلي و يحيي بن امالطويل و جبير بن مطعم ثم ان الناس لحقوا و كثروا و زاد في رواية جابر بن عبداللّه الانصاري و في ذلك فضل عظيم يبلغهم مبلغ الاولين و عن ابيالحسن موسي بن جعفر7 اذا كان يوم القيمة نادي مناد اين حواري محمد بن عبداللّه الذين لمينقضوا العهد و مضوا عليه فيقوم سلمان و المقداد و ابوذر ثم ينادي المنادي اين حواري علي بن ابيطالب وصي رسولاللّه9 فيقوم عمرو بن الحمق و محمد بن ابيبكر و ميثم التمار مولي بنياسد و اويس القرني ثم ينادي المنادي اين حواري الحسن فيقوم سفيان بن ابيليلي الهمداني و حذيفة بن اسيد الغفاري ثم ينادي المنادي اين حواري الحسين بن علي8 فيقوم كل من استشهد معه و لميتخلف عنه ثم ينادي المنادي اين حواري علي بن الحسين8 فيقوم جبير بن مطعم و يحيي بن امالطويل و ابوخالد الكابلي و سعيد بن المسيب ثم ينادي المنادي اين حواري محمد بن علي فيقوم عبداللّه بن شريك العامري و زرارة بن اعين و بريد بن معوية العجلي و محمد بن مسلم و ابوبصير ليث بن البختري المرادي و عبداللّه بن ابييعفور و عامر بن عبداللّه بن جذاعة و حجر بن زائدة و حمران بن اعين ثم ينادي ساير الشيعة مع ساير الائمة: يوم القيمة فهؤلاء المتحورة اول السابقين و اول المقربين و اول المتحورين من التابعين انتهي و انت تعلم انه من الكبار جابر بن يزيد الجعفي و هو من كبار اصحاب ابيعبداللّه و لميقدح فيه القادحون الا من جهة اعاجيب امره و كذلك مفضل بن عمر الجعفي و اما السفراء المحمودون اعلي اللّه مقاماتهم فشأنهم اجل من ان يخفي و فضلهم اكثر من ان يستقصي و علي جلالتهم اجمعت الشيعة فاولهم من نصبه ابوالحسن علي بن محمد العسكري و ابومحمد الحسن بن علي و هو الشيخ الاجل الاكرم ابوعمرو عثمان بن سعيد العمري الاسدي السمان العسكري و ثانيهم ابوجعفر محمد بن عثمان و ثالثهم الحسين بن روح النوبختي و رابعهم علي بن محمد السيمري اعلي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۲ *»
اللّه مقامهم و رفع في الخلد اعلامهم و في تفسير العسكري7 في تفسير قوله تعالي (و اتقوا يوماً لاتجزي نفس عن نفس شيئاً) قال الصادق7 و هذا اليوم يوم الموت فان الشفاعة و الفداء لاتغني عنه فاما في القيمة فانا و اهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء لنكونن علي الاعراف بين الجنة و النار محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبون من آلهم فنري بعض شيعتنا في تلك العرصات ممن كان منهم مقصراً في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان و المقداد و ابيذر و عمار و نظرائهم في العصر الذي يليهم ثم في كل عصر الي يوم القيمة فينقضّون عليهم كالبزاة و الصقور و يتناولونهم كما يتناول البزاة و الصقور صيدها فيزفّونهم الي الجنة زفّاً و انا لنبعث علي آخرين من محبينا خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب و ينقلونهم الي الجنان بحضرتنا الخبر، فظهر من هذا الخبر ان نظراء سلمان يكونون في كل عصر الي يوم القيمة و ان الارض لاتخلو من وجودهم المبارك و قد اتينا علي ما اردنا من ذكر نباهة امثال سلمان و ابيذر و اضرابهما و الحمد للّه فلنذكر فصلاً آخر في ذكر شرف نوع المؤمنين علي ما وعدنا.
فصل: في ذكر عظمة نوع المؤمنين اعلم ان اللّه سبحانه اول ما تجلي تجلي بمحمد و آله: فجعلهم آيته بهم تعرّف لهم و لغيرهم فجعلهم علي ما اراد منهم من توحيده فعرفوه بما وجدوه من انفسهم فاعظم به مقاماً و ارفع به شأناً فكانوا كما وصف اللّه نفسه به و يعرفونه به و كانوا شهادة اللّه بان لا اله الا هو كما قال (شهد اللّه انه لا اله الا هو) ثم امرهم صلوات اللّه عليهم بايصال التوحيد الي من دونهم فانزل (قل هو اللّه احد اللّه الصمد لميلد و لميولد و لميكن له كفواً احد) فاخبروهم باشراقهم انه هو اللّه احد و قال احتياطاً لغلوهم (انا بشر مثلكم يوحي الي انما الهكم اله واحد)فمن وحّده قبل عنهم و اخبروهم باشراقهم عليهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۳ *»
بان محمداً عبده و رسوله و علياً و احدعشر من ولده و فاطمة الصديقة اولياؤه فاخذ منهم المواثيق بالاقرار بالتوحيد و النبوة و الولاية فاول من اجاب و اذعن و اعطي الميثاق الرسل ثم الانبياء ثم الاوصياء فعرفوا التوحيد بما وصفوا اللّه لهم و عرفوهم بانفسهم و عرفوا النبوة و الولاية بما عرفوهم في انفسهم و وجدوه في انفسهم فصاروا موحدين و عارفين بالنبوة و الولاية و اعظم به نباهة و قدراً فلما بلغوا في هذا الايمان مبلغ الكمال لما صار فيهم بالفعل فكاملاً في كل بحسبه امروا بالتبليغ و الايصال و صاروا خلفاء محمد و الآل و قاموا مقامهم في الاداء فبلغوا الي ساير المؤمنين ما وصل اليهم من التوحيد و النبوة و الولاية و اخذوا الميثاق عليها من اممهم و عرفوهم اياها بانفسهم فكانوا كما وصفوها لهم و زادوا في الميثاق الاقرار بالانبياء و الاوصياء فاقر بجميعها المؤمنون و لمينكروا منها حرفاً واحداً حتي صار فيهم الايمان بالفعل فعرفوا التوحيد و النبوة و الولاية و شأن الانبياء و الاوصياء بما وجدوه في انفسهم كما وجدوه فاعظم به قدراً و اكرم به مقاماً فكانوا مشرفين بشرف اللّه و شرف رسوله و حججه و انبيائه و اوصيائهم و كفي به شرفاً فصار المعاملة معهم باي نحو كانت معاملة مع اللّه و رسوله و حججه: اذ كانوا نورهم و شعاعهم و خزانهم و ظواهرهم كما كان سادتهم نور اللّه و ظهور اللّه و خزان اللّه و امناؤ اللّه علي كمالاته و اسمائه و صفاته و احب ان اذكر هنا بعض شرف المؤمنين و نباهتهم في العالمين علي ما وصل من سادات الخلق اجمعين عليهم صلوات المصلين ففي المحاسن بسنده عن سليمان بن جعفر الجعفري عن ابيالحسن الرضا7 قال قال لي يا سليمان ان اللّه تبارك و تعالي خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته و اخذ ميثاقهم لنا بالولاية فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة فاتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه الذي خلق منه و عن المفضل بن عمر عن ابيعبداللّه7 قال ان اللّه تبارك و تعالي خلق المؤمن من نور عظمته و جلال كبريائه فمن طعن علي المؤمن او رد عليه فقد رد علي اللّه في عرشه و ليس هو من اللّه في ولاية و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۴ *»
انما هو شرك شيطان و عن محمد بن ابيحمزة الثمالي قال سمعت اباعبداللّه7 يقول لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا الي وصل ما بين اللّه و بين المؤمن خضعت للمؤمن رقابهم و تسهلت له امورهم و لانت طاعتهم و لو نظروا الي مردود الاعمال من السماء لقالوا مايقبل اللّه من احد عملاً وعن ابيحمزة الثمالي قال سمعت اباجعفر7 يقول ان اللّه تبارك و تعالي خلقنا من اعلي عليين و خلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه و خلق ابدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي الينا لانها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا هذه الآية (كلا ان كتاب الابرار لفي عليين و ما ادريك ما عليّون كتاب مرقوم يشهده المقربون) و عن صالح بن سهل الهمداني قال قلت لابيعبداللّه7 جعلت فداك من اي شيء خلق اللّه طينة المؤمن قال من طينة الانبياء فلنينجس ابداً و في العوالم عن ابنعباس انه قال قـال اميرالمؤمنين7 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه قال فقلت يا اميرالمؤمنين كيف ينظر بنور اللّه قال7 لانا خلقنا من نور اللّه و خلق شيعتنا من شعاع نورنا فهم اصفياء ابرار اطهار متوسّمون نورهم يضيء علي من سواهم كالبدر في الليلة الظلماء و عن المفضل في حديث عن الصادق7 يا مفضل اتدري لم سميت الشيعة شيعة يا مفضل شيعتنا منا و نحن من شيعتنا اماتري هذه الشمس اين تبدو قلت من مشرق قال الي اين تعود قلت الي المغرب قال هكذا شيعتنا منا بدأوا و الينا يعودون و عن جابر الجعفي قال كنت مع محمد بن علي فقال يا جابر خلقنا نحن و محبونا من طينة واحدة بيضاء نقية من اعلي عليين فخلقنا نحن من اعلاها و خلق محبونا من دونها فاذا كان يوم القيمة التقت العليا بالسفلي و اذا كان يوم القيمة ضربنا بايدينا الي حجزة نبينا و ضرب اشياعنا بايديهم الي حجزتنا فاين تري يصيّر اللّه نبيه و ذريته و اين تري يصيّر ذريته محبيها فضرب جابر يده علي يده فقال دخلناها و رب الكعبة ثلثاً و في الكافي عن نصير ابيالحكم الخثعمي عن ابيعبداللّه7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۵ *»
قال المؤمن مؤمنان فمؤمن صدق بعهد اللّه و وفي بشرطه و ذلك قول اللّه عزوجل (رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه) فذلك الذي لايصيبه اهوال الدنيا و لا اهوال الآخرة و ذلك ممن يشفع و لايشفع له و مؤمن كخامة الزرع تعوج احياناً و تقوم احياناً فذلك ممن تصيبه اهوال الدنيا و اهوال الآخرة و ذلك ممن يشفع له و لايشفع و في العيون بسنده عن النبي9 ان المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل اهله و ولده و انه لاكرم علي اللّه تعالي من ملك مقرب وعنه9 مثل المؤمن عند اللّه كمثل ملك مقرب و ان المؤمن عند اللّه اعظم من ذلك الخبر الي غير ذلك من الاخبار الدالة علي شرفه في نفسه و لنعنون فصلاً آخر في ذكر شرفه الذي يظهر من المعاملات معه و نذكر ذلك علي سبيل الاختصار لعدم امكان استيفاء جميعه لكثرته.
فصل: في الكافي بسنده عن جابر عن ابيجعفر7 قال قـال رسولاللّه9 من زار اخاه في بيته قال اللّه عزوجل انت ضيفي و زايري علَيَّ قراك و قد اوجبت لك الجنة بحبك اياه و عن عبداللّه بن محمد الجعفي عن ابيجعفر7 قال ان المؤمن ليخرج الي اخيه يزوره فيوكل اللّه عزوجل به ملكاً فيضع جناحاً في الارض و جناحاً في السماء يظله فاذا دخل الي منزله نادي الجبار تبارك و تعالي ايها العبد المعظم لحقي المتبع لآثار نبيي حق علَيَّ اعظامك سلني اعطك ادعني اجبك اسكت ابتدئك فاذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتي يدخله الي منزله ثم يناديه تبارك و تعالي ايها العبد المعظم لحقي حق علي اكرامك قد اوجبت لك جنتي و شفعتك في عبادي و عن زرارة عن ابيجعفر7 قال سمعته يقول ان اللّه عزوجل لايوصف و كيف يوصف و قال في كتابه (و ماقدروا اللّه حق قدره) فلايوصف بقدر الا كان اعظم من ذلك و ان النبي9 لايوصف و كيف يوصف عبد احتجب اللّه عزوجل بسبع و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۶ *»
جعل طاعته في الارض كطاعته في السماء فقال (و ما آتيكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا) و من اطاع هذا فقد اطاعني و من عصاه فقد عصاني و فوض اليه و انا لانوصف و كيف يوصف من رفع اللّه عنهم الرجس و هو الشك و المؤمن لايوصف و ان المؤمن ليلقي اخاه فيصافحه فلايزال اللّه ينظر اليهما و الذنوب تتحاتّ عن وجوههما كما تتحاتّ الورق عن الشجر و عن عبداللّه بن محمد الجعفي عن ابيجعفر و ابيعبداللّه7 قال ايما مؤمن خرج الي اخيه يزوره عارفاً بحقه كتب اللّه له بكل خطوة حسنة و محيت عنه سيئة و رفعت له درجة فاذا طرق الباب فتحت له ابواب السماء فاذا التقيا و تصافحا و تعانقا اقبل اللّه عليهما بوجهه ثم باهي بهما الملئكة فيقول انظروا الي عبدي تزاورا و تحابّا فيّ و حق علَيَّ ان لااعذبهما بعد ذا الموقف فاذا انصرف شيعه ملئكة عدد نفسه و خطاه و كلامه يحفظونه من بلاء الدنيا و بوايق الآخرة الي مثل تلك الليلة من قابل فان مات فيما بينهما اعفي الحساب و ان كان المزور يعرف من حق الزاير ما عرفه الزاير من حق المزور كان له مثل اجره و عن اسحق بن عمار عن ابيعبداللّه7 قال ان المؤمنين اذا اعتنقا غمرتهما الرحمة فاذا التزما لايريدان بذلك الا وجه اللّه و لايريدان غرضاً من اغراض الدنيا قيل لهما مغفور لكما فاستأنفا فاذا اقبلا علي المسائلة قالت الملئكة بعضها لبعض تنحّوا عنهما فان لهما سراً و قد ستر اللّه عليهما قال اسحق فقلت جعلت فداك فلايكتب عليهما لفظهما و قد قال اللّه عزوجل (مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) قال فتنفس ابوعبداللّه7 الصعداء ثم بكي حتي اخضلت دموعه لحيته و قال يا اسحق ان اللّه تبارك و تعالي انما امر الملئكة ان تعتزل عن المؤمنين اذا التقيا اجلالاً لهما و انه و ان كانت الملئكة لاتكتب لفظهما و لاتعرف كلامهما فانه يعرفه و يحفظه عليهما عالم السر و اخفي و روي عن الكاظم7 انه قال من لميقدر ان يزورنا فليزر صالحي اخوانه يكتب له ثواب زيارتنا و من لميقدر ان يصلنا فليصل صالحي اخوانه يكتب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۷ *»
له ثواب صلتنا و عن غياث بن ابرهيم عن ابيعبداللّه7 قال مااجتمع ثلثة من المؤمنين فصاعداً الا حضر من الملئكة مثلهم فان دعوا بخير امّنوا و ان استعاذوا من شر دعوا اللّه ليصرفه عنهم و ان سألوا حاجة تشفعوا الي اللّه و سألوه قضاها و مااجتمع ثلثة من الجاحدين الا حضرهم عشرة اضعافهم من الشياطين فان تكلموا تكلم الشيطان بنحو كلامهم و اذا ضحكوا ضحكوا معهم و اذا نالوا من اولياء اللّه نالوا معهم فمن ابتلي من المؤمنين بهم فاذا خاضوا في ذلك فليقم و لايكن شرك شيطان و لا جليسه فان غضب اللّه عزوجل لايقوم له شيء و لعنته لايردها شيء ثم قال7 فان لميستطع فلينكر بقلبه وليقم و لو حلب شاة او فواق ناقة و عن ابيالمعزا قال سمعت اباالحسن7 يقول ليس شيء انكأ لابليس و جنوده من زيارة الاخوان في اللّه بعضهم لبعض قال و ان المؤمنين يلتقيان فيذكران اللّه ثم يذكران فضلنا اهل البيت فلايبقي علي وجه ابليس مضغة لحم الا تخدد حتي ان روحه لتستغيث من شدّة ما تجد من الالم فتحسّ ملئكة السماء و خزّان الجنان فيلعنونه حتي لايبقي ملك مقرّب الا لعنه فيقع خاسئاً حسيراً مدحوراً و عن ابيحمزة الثمالي قال سمعت اباجعفر7 يقول قال رسولاللّه9 من سرّ مؤمناً فقد سرّني و من سرّني فقد سرّ اللّه و عن جابر عن ابيجعفر7 قال تبسم الرجل في وجه اخيه حسنة و صرفه القذي عنه حسنة و ماعبد اللّه بشيء احب الي اللّه من ادخال السرور علي المؤمن و عن عبيداللّه بن الوليد الوصافي قال سمعت اباجعفر7 يقول ان فيما ناجي اللّه عزوجل به عبده موسي علي نبينا و آله و عليه السلام قال ان لي عباداً ابيحهم جنتي و احكّمهم فيها قال يا رب و من هؤلاء الذين تبيحهم جنتك و تحكّمهم فيها قال من ادخل علي مؤمن سروراً ثم قال ان مؤمناً كان في مملكة جبار فولع به فهرب منه الي دار الشرك فنزل برجل من اهل الشرك فاظله و ارفقه و اضافه فلما حضره الموت اوحي اللّه عزوجل اليه و عزتي و جلالي لو كان لك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۸ *»
في جنتي مسكن لاسكنتك فيها و لكنها محرمة علي من مات بي مشركاً ولكن يا نار هيديه و لاتؤذيه و يؤتي برزقه طرفي النهار قلت من الجنة قال من حيث يشاء اللّه و عن مفضل بن عمر عن ابيعبداللّه7 قال لايري احدكم اذا ادخل علي مؤمن سروراً انه عليه ادخله فقط بل واللّه علينا بل واللّه علي رسولاللّه9و عن ابان بن تغلب قال سألت اباعبداللّه7 عن حق المؤمن علي المؤمن فقال حق المؤمن علي المؤمن اعظم من ذلك لو حدثتكم لكفرتم ان المؤمن اذا خرج من قبره خرج معه مثال من قبره يقول له ابشر بالكرامة من اللّه و السرور فيقول له بشرك اللّه بخير قال ثم يمضي معه يبشره بمثل ما قال و اذا مرّ بهول قال ليس هذا لك و اذا مرّ بخير قال هذا لك فلايزال معه يؤمنه مما يخاف و يبشره بما يحب حتي يقف معه بين يدي اللّه عزوجل فاذا امر به الي الجنة قال له المثال ابشر فان اللّه عزوجل قد امر بك الي الجنة قال فيقول من انت رحمك اللّه تبشرني من حين خرجت من قبري و آنستني في طريقي و خبرتني عن ربي قال فيقول انا السرور الذي كنت تدخله علي اخوانك في الدنيا خلقت منه لابشرك و اونس وحشتك و عن ابنسنان عن ابيعبداللّه7 قال من ادخل السرور علي مؤمن فقد ادخله علي رسولاللّه و من ادخله علي رسولاللّه فقد وصل ذلك الي اللّه و كذلك من ادخل عليه كرباً و عن المفضل عن ابيعبداللّه7 قال قال يا مفضل اسمع ما اقول لك و اعلم انه الحق و افعله و اخبر به علية اخوانك قلت جعلت فداك و ما علية اخواني قال الراغبون في قضاء حوائج اخوانهم قال ثم قال و من قضي لاخيه المؤمن حاجة قضي اللّه عزوجل له يوم القيمة مائةالف حاجة من ذلك اولها الجنة و من ذلك ان يدخل قرابته و معارفه و اخوانه الجنة بعد ان لايكونوا نصاباً و كان المفضل اذا سأل الحاجة اخاً من اخوانه قال له اماتشتهي ان تكون من علية الاخوان و عن علي بن جعفر قال سمعت اباالحسن7 يقول من اتاه اخوه المؤمن في حاجة فانما هي رحمة من اللّه تبارك و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۷۹ *»
تعالي ساقها اليه فان قبل ذلك فقد وصله بولايتنا و هو موصول بولاية اللّه و ان رده عن حاجته و هو يقدر علي قضائها سلط اللّه عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره الي يوم القيمة مغفوراً له او معذباً فان عذره الطالب كان اسوء حالاً و عن عبداللّه بن محمد الجعفي عن ابيجعفر7 قال ان المؤمن ليرد عليه الحاجة لاخيه فلايكون عنده يهتمّ بها قلبه فيدخله اللّه تبارك و تعالي بهمّه الجنة و عن ابيعبداللّه7 قال لان امشي في حاجة اخ لي مسلم احب الي من ان اعتق الف نسمة و احمل في سبيل اللّه علي الف فرس مسرجة ملجمة و عن ابيايوب الخراز عن ابيعبداللّه7 قال من سعي في حاجة اخيه المسلم طلب وجه اللّه كتب اللّه عزوجل له الفالف حسنة يغفر فيها لاقاربه و جيرانه و اخوانه و معارفه و من صنع اليه معروفاً في الدنيا فاذا كان يوم القيمة قيل له ادخل النار فمن وجدته فيها صنع اليك معروفاً في الدنيا فاخرجه باذن اللّه عزوجل الا ان يكون ناصبياً و عن زيد الشحام قال سمعت اباعبداللّه7 يقول من اغاث اخاه المؤمن اللهفان اللهثان عند جهده فنفّس كربته و اعانه علي نجاح حاجته كتب اللّه عزوجل له بذلك ثنتين و سبعين رحمة من اللّه يعجل له منها واحدة يصلح بها امر معيشته و يدخر احدي و سبعين رحمة لافزاع يوم القيمة و اهواله و عن بعض اصحابنا عن ابيعبداللّه7 قال من اشبع مؤمناً وجبت له الجنة و من اشبع كافراً كان حقاً علي اللّه ان يملأ جوفه من الزقوم مؤمناً كان او كافراً و عن حسين بن نعيم الصحاف قال قـال ابوعبداللّه7 اتحب اخوانك يا حسين قلت نعم قال تنفع فقراءهم قلت نعم قال اما انه يحق عليك ان تحب من يحب اللّه اما واللّه لاتنفع منهم احداً حتي تحبه اتدعوهم الي منزلك قلت ما آ كل الا و معي منهم الرجلان و الثلثة و الاقل و الاكثر فقال ابوعبداللّه7 اما ان فضلهم عليك اعظم من فضلك عليهم فقلت جعلت فداك اطعمهم طعامي و اوطئهم رحلي و يكون فضلهم علَيَّ اعظم قال نعم انهم اذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك و مغفرة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۰ *»
عيالك و اذا خرجوا خرجوا بذنوبك و ذنوب عيالك و عن نصر بن قابوس عن ابيعبداللّه7 قال لاطعام مؤمن احبّ الي من عتق عشر رقاب و عشر حجج قلت عشر رقاب و عشر حجج قال فقـال يا نصر ان لمتطعموه مات او تذلّونه فيجيئ الي ناصب فيسأله و الموت خير له من مسألة ناصب يا نصر من احيي مؤمناً فكأنما احيي الناس جميعاً فان لمتطعموه فقد امتّموه و ان اطعمتموه فقد احييتموه و عن يزيد بن عبدالملك عن ابيعبداللّه7 قال من اطعم مؤمناً موسراً كان له بعدل رقبة من ولد اسمعيل ينقذه من الذبح و من اطعم مؤمناً محتاجاً كان له بعدل مائة رقبة من ولد اسمعيل ينقذها من الذبح و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 انه كان يقول من كسي مؤمناً ثوباً من عري كساه اللّه من استبرق الجنة و من كسا مؤمناً ثوباً من غني لميزل في ستر من اللّه ما بقي من الثوب خرقة و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال من اتاه اخوه المسلم فاكرمه فانما اكرم اللّه عزوجل و عن جميل عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول ان مما خص اللّه عزوجل به المؤمن انيعرفه برّ اخوانه و ان قل و ليس البرّ بالكثرة و ذلك ان اللّه عزوجل يقول في كتابه (و يؤثرون علي انفسهم و لو كان بهم خصاصة)ثم قال(و من يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) و من عرفه اللّه عزوجل بذلك احبه اللّه و من احبه اللّه تبارك و تعالي وفاه اجره يوم القيمة بغير حساب ثم قال يا جميل ارو هذا الحديث لاخوانك فانه ترغيب لاخوانك في البر و عن ابيالمعتمر قال سمعت اميرالمؤمنين7 يقول قال رسولاللّه9 ايما مسلم خدم قوماً من المسلمين الا اعطاه اللّه مثل عددهم خداماً في الجنة و عن ابيحمزة عن ابيجعفر7 قال ان اللّه ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية الفناء و في رواية عنه لايصيب قرية عذاب و فيها سبعة من المؤمنين و عن هشام بن سالم قال سمعت اباعبداللّه7 يقول قال اللّه عزوجل ليأذن بحرب مني من آذي عبدي المؤمن و ليأمن غضبي من اكرم عبدي المؤمن و لو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۱ *»
لميكن من خلقي في الارض فيما بين المشرق و المغرب الا مؤمن واحد مع امام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في ارضي و لقامت سبع سموات و ارضين بهما و لجعلت لهما من ايمانهما انساً لايحتاجان الي انس سواهما و عن حماد بن بشير عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 قـال اللّه تبارك و تعالي من اهان لي ولياً فقد ارصد لمحاربتي و عن محمد بن ابيحمزة عمن ذكره عن ابيعبداللّه7 قال من حقر مؤمناً مسكيناً او غير مسكين لميزل اللّه عزوجل حاقراً له ماقتاً حتي يرجع عن محقرته اياه و عن حماد بن بشير قال سمعت اباعبداللّه7 يقول قال رسولاللّه9 قال اللّه عزوجل من اهان لي ولياً فقد ارصد لمحاربتي و ماتقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضت عليه و انه ليتقرب الي بالنافلة حتي احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سألني اعطيته و ماترددت عن شيء انا فاعله كترددي عن موت المؤمن يكره الموت و اكره مساءته و عن معلي بن خنيس عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه قــال اللّه عزوجل من استذل عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة و عن زرارة عن ابيجعفر و ابيعبداللّه8 قال اقرب ما يكون العبد الي الكفر ان يواخي الرجل علي الدين فيحصي عليه عثراته و زلاته ليعنفه بها يوماً ما و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال من عيّر مؤمناً بذنب لميمت حتي يركبه و في رواية من انّب مؤمناً انّبه اللّه في الدنيا و الآخرة و عن مفضل بن عمر قال قـال لي ابوعبداللّه7 من روي علي مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من اعين الناس اخرجه اللّه من ولايته الي ولاية الشيطان فلايقبله الشيطان و عن ابيبصير عن ابيجعفر7 قال قـال رسولاللّه9 سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و اكل لحمه معصية و حرمة ماله كحرمة دمه و عن جابر عن ابيجعفر7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۲ *»
قال ماشهد رجل علي رجل بالكفر الا باء به احدهما ان كان شهد به علي كافر صدق و ان كان مؤمناً رجع الكفر عليه فاياكم و الطعن علي المؤمنين و عن ابيحمزة قال سمعت اباعبداللّه7 يقول اذا قال الرجل لاخيه اف خرج من ولايته و اذا قال انت عدوي كفر احدهما و لايقبل اللّه من مؤمن عملاً و هو مضمر علي اخيه المؤمن سوء و عن الفضيل عن ابيجعفر7 قال ما من انسان يطعن في عين مؤمن الا مات بشر ميتة و كان قمناً ان لايرجع الي خير و عن عمر بن يزيد عن ابيه قال سمعت اباعبداللّه7 يقول من اتّهم اخاه في دينه فلا حرمة بينهما و من عامل اخاه بمثل ما يعامل به الناس فهو بريء مما ينتحل و عن ابرهيم بن عمر اليماني عن ابيعبداللّه7 قال اذا اتّهم اخاه انماث الايمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء و عن ابيبصير قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ايما رجل من اصحابنا استعان به رجل من اخوانه في حاجة فلميبالغ فيها بكل جهد فقد خان اللّه و رسوله و المؤمنين قال ابوبصير قلت لابيعبداللّه7 ما تعني بقولك و المؤمنين قال من لدن اميرالمؤمنين7 الي آخرهم و روي من سعي في حاجة لاخيه فلمينصحه فقدخان اللّه و رسوله و في رواية مثله معني و زاد و كان اللّه خصمه و عن هشام بن سالم قال سمعت اباعبداللّه7 يقول عدة المؤمن اخاه نذر لا كفارة له فمن اخلف فبخلف اللّه بدأ و لمقته تعرض و ذلك قوله (يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون كبر مقتاً عند اللّه ان تقولوا ما لاتفعلون) و عن مفضل عن ابيعبداللّه7 قال ايما مؤمن كان بينه و بين مؤمن حجاب ضرب اللّه بينه و بين الجنة سبعين الف سور غلظ كل سور مسيرة الف عام ما بين السور الي السور مسيرة الف عام و عن ابيحمزة عن ابيجعفر7 قال قلت جعلت فداك ما تقول في مسلم اتي مسلماً زايراً و هو في منزله فاستأذن عليه فلميأذن له و لميخرج اليه قال يا باحمزة ايما مسلم اتي مسلماً زايراً او طالب حاجة و هو في منزله فاستأذن عليه فلميأذن له
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۳ *»
و لميخرج اليه لميزل في لعنة اللّه حتي يلتقيا فقلت جعلت فداك في لعنة اللّه حتي يلتقيا قال نعم يا باحمزة و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال ايما رجل من شيعتنا اتي رجلاً من اخوانه فاستعان به في حاجته فلميعنه و هو يقدر الا ابتلاه اللّه بان يقضي حوائج عدة من اعدائنا يعذبه اللّه عليها يوم القيمة و عن علي بن جعفر عن ابيالحسن7 قال سمعته يقول من قصد اليه رجل من اخوانه مستجيراً به في بعض احواله فلميجره بعد ان يقدر عليه فقد قطع ولاية اللّه عزوجل و عن فرات بن اخنف عن ابيعبداللّه7 قال ايما مؤمن منع مؤمناً شيئاً ممايحتاج اليه و هو يقدر عليه من عنده او من عند غيره اقامه اللّه يوم القيمة مسوداً وجهه مزرقة عيناه مغلولة يداه الي عنقه فيقال هذا الخاين الذي خان اللّه و رسوله ثم يؤمر به الي النار و عن يونس بن ظبيان قال قـال ابوعبداللّه7 يا يونس من حبس حق المؤمن اقامه اللّه عزوجل يوم القيمة خمسمائة عام علي رجليه حتي يسيل عرقه او دمه و ينادي مناد من عند اللّه هذا الظالم الذي حبس عن اللّه حقه قال فيوبخ اربعين يوماً ثم يؤمر به الي النار و عن مفضل بن عمر قال قـال ابوعبداللّه7 من كانت له دار فاحتاج مؤمن الي سكناها فمنعه اياها قال اللّه عزوجل ملئكتي أ بخل عبدي علي عبدي بسكني الدنيا الا وعزتي و جلالي لايسكن جناني ابداً و عن بعض الكوفيين عن ابيعبداللّه7 قال من روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فلميصبه فهو في النار و من روّع مؤمناً بسلطان ليصيبه منه مكروه فاصابه فهو مع فرعون و آل فرعون في النار الي غير ذلك من الاخبار و هي لاتحصي لمن جاس خلال الديار و غرضنا بيان نوع ان المعاملة مع المؤمن بخير او شر هي المعاملة مع اللّه سبحانه و ان اللّه سبحانه باي شرف شرفه و باي كرامة كرمه و اي نباهة منحه و جميع ذلك من نباهة روح الايمان حيث انه من روح اللّه و نوره و مستعل علي جميع ما سواه ثم ان للمؤمنين درجات في ظهور هذا الروح منه كاملاً او تاماً او ناقصاً و لكل درجات مما عملوا كما قدمنا.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۴ *»
فصل: و اذ قد عرفت نباهة المؤمن و شرفه و عظمته عند اللّه سبحانه ناسب اننذكر اخوة المؤمنين بعضهم لبعض في فصل ثم نردفه بذكر حقوقها ان شاء اللّه ولكنا نذكر من ذلك علي سبيل الاختصار فانا قد وضعنا في ذلك كتاباً مستقلاً سميناه بـ «ابوابالجنان» في حقوق الاخوان و هو كتاب غير مسبوق بمثله و مع ذلك نحب ان لايخلو كتابنا هذا منه.
اعلم ان للانسان ثلث مقامات: الاول مرتبة كينونته الظاهرة و الثاني مرتبة ايمانه ان آمن او عقله و الثالث مرتبة كفره نعوذ باللّه ان كفر او نفسه.
اما الاول و هو مرتبة كينونته فان اللّه سبحانه قد قدر ان يوجد الانسان من نطفة رجل و امرأة فنطفة المرأة هي فيها القوة المنفعلة و هي منها مادة الولد الظاهرة يعني ان الولد يخلق منها و الصورة تخرج من كمونها و تظهر عليها بقوة نطفة الرجل و فعلها و اما نطفة الرجل ففيها القوة الفاعلية و العاقدة و ليس منها مادة الولد و لذلك وقع الولد من نطفة المرأة وحدها اذا حصل القوة العاقدة بغير نطفة رجل كما في عيسي و كما يذكر من شهر زنان انهن يستعملن غصن شجرة و يحبلن فالماء الذي يقول اللّه سبحانه (اللّه خلق كل دابة من ماء) و يقول (خلق من الماء بشراً) هو نطفة المرأة الباردة الرطبة و اما نطفة الرجل فهي حارة يابسة و هي النار لا الماء نعم منها القوة الفاعلة و العاقدة المصورة التي بها الولد ولد و يكون علي حسبها فما به الولد ولد منها و انما الماء الذي من الام محله و مظهره كما ان الخشب محل صورة السرير و ما به السرير سرير فهي اولي بالولد فان الفاعل اولي بمفعوله من مادة المفعول كما ان النجار اولي بالسرير من الخشب اذ هو مصنوعه و كذلك نطفة الاب صانعة الولد و هي اولي بالولد فالولد له و يغلب جهة الاب في مادة الولد و جهة الام في صورة الولد و لذلك ينسب المادة الي الاب و الصورة الي الام و يقال ان المادة هي اب الولد و الصورة امه.
بالجملة للانسان اب و ام كينوني و الولد جزؤهما كما قال اللّه سبحانه لمن جعل له ولداً (و جعلوا له من عباده جزءاً) و قد كان في صلب الاب علي نحو الابهام و تخصص في بطن الام و تشخص علي حسب قابلية مائه و لذلك قال تبارك و تعالي (يصوركم في الارحام كيف يشاء)
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۵ *»
و كما انه لكينونته اب و ام كذلك لروحه الايماني اب و ام ابوه النبي و امه الوصي و ذلك ان الولي نفس النبي و (خلق لكم من انفسكم ازواجاً) و (النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم) و في قرائة اهل البيت و هو اب لهم (و ازواجه امهاتهم) فالولي نفس النبي و صورته و ظاهره و النبي باطن الوصي و به قيامه و هما من نور واحد الا ان النبي مقامه مقام المادة و الوصي مقامه مقام الصورة لانه نفسه و روح الايمان شعاعهما و نورهما فمادته تابعة لمادة المؤثر و صورته تابعة لصورته كما ان نور السراج من حيث المادة تابع لنور الشعلة و من حيث الصورة تابع لهيئة الشعلة و كذلك نور كل ذينور و اثر كل ذياثر فنورهما صلوات اللّه عليهما من حيث المادة تابع للنبي و من حيث الصورة تابع للوصي و يصوركم في الارحام كيف يشاء قال9 ليس الاختلاف في اللّه و لا فيّ و انما الاختلاف فيك يا علي و هو قوله تعالي (عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون) و قال7 اي نبأ اعظم مني فالنبأ الذي هم فيه مختلفون هو الوصي الذي هو رحمة اللّه علي الابرار و نقمته علي الفجار و هو السور الذي باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و هو قسيم الجنة و النار فكل من نجا نجا به و كل من هلك هلك به و هو البينة المشاراليه في قوله (ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة) و النبي هو علي بينة من ربه كما قال (افمن كان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه) و في تفسير ظاهر الظاهر علي بينة من ربه بشد ياء علي فهو بينة اعطاها اللّه نبيه ليحقق بها التوحيد و الرسالة و قد علم الموافق و المخالف انه قد تحققا به و بسيفه و قدرته التي هي قدرة اللّه الجبار فالشعاع من حيث المادة التي لا اختلاف فيها تابع للنبي الذي لا اختلاف فيه و هو الرحمة الواسعة و فضل اللّه و من حيث الصورة تابع للولي الذي هو نفس رسولاللّه9 و جميع الاختلاف و المشخصات و المصورات منه فهما ابواه و لذلك استفاض و قرب التواتر انا و علي ابوا هذه الامة و المراد بها المرحومة و حقهما اعظم علي المؤمن من حق ابويه الجسمانيين و شرفهما عليهما بقدر شرف الروح علي الجسد فيجب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۶ *»
مراعاة حقهما باعظم من مراعاة الوالدين الجسمانيين و هما الوالدان اللذان قرنهما اللّه بتوحيده فقال (و قضي ربك ان لاتعبدوا الا اياه و بالوالدين احساناً) و قال (اشكر لي و لوالديك) و قال (و اعبدوا اللّه و لاتشركوا به شيئاً و بالوالدين احساناً) و امر بالاحسان بهما علي الاطلاق في جميع الاحوال وعن الاصبغ بن نباتة انه سأل اميرالمؤمنين7 عن قوله تعالي (ان اشكر لي و لوالديك الي المصير) فقال الوالدان اللذان اوجب اللّه لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم و ورثا الحكمة و امر الناس بطاعتهما ثم قال اللّه(الي المصير) فمصير العباد الي اللّه و الدليل علي ذلك الوالدان ثم عطف القول علي ابنحنتمة و صاحبه فقال في الخاص و العام (و ان جاهداك علي ان تشرك بي) يقول في الوصية و تعدل عمن امرت بطاعته (فلاتطعهما) و لاتسمع قولهما ثم عطف القول علي الوالدين فقال (و صاحبهما في الدنيا معروفاً) يقول عرف الناس فضلهما و ادع الي سبيلهما و ذلك قوله (و اتبع سبيل من اناب الي ثم الي مرجعكم) فقال الي اللّه ثم الينا فاتقوا اللّه و لاتعصوا الوالدين فان رضاهما رضا اللّه و سخطهما سخط اللّه.
و اما النفس الامارة بالسوء فليست من شعاعهما البتة فان الولد جزء الوالد و الظلمة و الخباثة لاتكون جزء والدي النور بل هي ظل والدي الظلمة و جزؤهما و هما الاول و الثاني مظهرا الجهل الكلي و هيكلاهما فالاول مظهره من حيث مادته و الثاني مظهره من حيث صورته و الاول اب لولده و الثاني ام لهم لعنهم اللّه و هما مظهرا الجهل الكلي و الابليس الاعظم كما ان محمداً و علياً صلوات اللّه عليهما مظهرا العقل الكلي و روح القدس فهما ابوا النفس الامارة التي تدعو اليهما و هي متصفة بصفتهما متهيئة بهيئتهما مائلة اليهما محبة لهما و لاحبائهما و اخلاقهما و صفاتهما و هما الوالدان الآمران بالشرك كما قال اللّه سبحانه (و ان جاهداك علي انتشرك بي ما ليس لك به علم فلاتطعهما) و اما الوالدان الجسماني الكينوني الدنياوي فهما اللذان قال اللّه سبحانه (و صاحبهما في الدنيا معروفاً)و هذا النسب الدنياوي ينقطع يوم القيمة فلا انساب بينهم يومئذ و لايتساءلون، يوم يفر المرء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۷ *»
من اخيه و امه و ابيه و صاحبته و بنيه، لقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم اول مرة ففي العوالم بسنده الي عمر بن الخطاب قال سمعت رسولاللّه9 يقول كل سبب و نسب ينقطع يوم القيمة ماخلا سببي و نسبي كل قوم عصبتهم لابيهم ماخلا ولد فاطمة فاني انا ابوهم و عصبتهم و بذلك استفاضت الاخبار و اما نسب روح الايمان الي محمد و علي8 فذلك باقٍ لاينقطع و اما نسب روح الكفر و النفس الامارة فذلك ايضاً و ان كان باقياً الا انه يلعن بعضهم بعضاً و يتبرء بعضهم من بعض و يفر بعضهم من بعض و لشدة اختلافهم و تعاديهم لايتواصلون و ينقطعون فلا ولاية و لا تواصل بينهم و يبقي نسب محمد و علي صلوات اللّه عليهما و اولادهما متصلون بهما ملحقون بهما كما قال اللّه تعالي (الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم و ماالتناهم من عملهم من شيء) فشيعتهم منهم و اليهم و في العوالم عن المفضل عن الصادق7 في حديث يا مفضل اتدري لم سميت الشيعة شيعة يا مفضل شيعتنا منا و نحن من شيعتنا اماتري هذه الشمس اين تبدو قلت من مشرق قال الي اين تعود قلت الي مغرب قال7 هكذا شيعتنا منا بدءوا و الينا يعودون و عن ابننباتة قال دخل الحارث الهمداني علي اميرالمؤمنين7 و ذكر حديثاً شريفاً طويلاً الي ان قال ثم اخذ اميرالمؤمنين7 بيد الحارث و قال يا حارث اخذت بيدك كما اخذ بيدي رسولاللّه9 فقال لي و قد اشتكيت اليه حسدة قريش و المنافقين اذا كان يوم القيمة اخذت بحجزة من ذي العرش تعالي و اخذت يا علي بحجزتي و اخذت ذريتك بحجزتك و اخذ شيعتكم بحجزكم فما ذا يصنع اللّه بنبيه و ماذا يصنع نبيه بوصيه و ما ذا يصنع وصيه باهل بيته و شيعتهم خذها اليك يا حار قصيرة من طويلة انت مع من احببت و لك ما اكتسبت قالها ثلثاً فقال الحارث و قام يجرّ رداءه جذلاً ماابالي و ربي بعد هذا لقيت الموت او لقيني و في العوالم عن جابر الجعفي قال كنت مع محمد بن علي8 فقال يا جابر خلقنا نحن و محبونا من طينة واحدة بيضاء نقية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸8 *»
من اعلي عليين فخلقنا نحن من اعليها و خلق محبونا من دونها فاذا كان يوم القيمة التقت العليا بالسفلي و اذا كان يوم القيمة ضربنا بايدينا الي حجزة نبينا و ضرب اشياعنا بايديهم الي حجزتنا فاين تري يصيّر اللّه نبيه و ذريته و اين تري يصير ذريته محبيها فضرب جابر يده علي يده فقال دخلناها و رب الكعبة ثلثاً انتهي.
فاذا فني الدنيا العرضية زالت النسب العرضية بزوالها و تبقي النسب الذاتية و اصل جميع النسب الذاتية نسب محمد و علي8 فشيعتهما منسوبة اليهما و من نسلهما حقيقة و من اولادهما حقيقة فهم اخوة لاب و ام ابوهم النور نور محمد9 و امهم الرحمة الرحمة المكتوبة المشاراليها بقوله (كتب علي نفسه الرحمة) و في الزيارة السلام علي نفس اللّه القائمة فيه بالسنن و هو نفس اللّه لانه نفس محمد9 بالاجماع و هو جهة نسبة اللّه و نفسه نفس اللّه فافهم فالمؤمنون جميعاً سادة محمديون علويون حقيقيون و كفي بها نباهة و شرفاً و فخراً ففي الوسائل عن الحسن بن علي العسكري في تفسيره عن آبائه عن النبي9 في حديث انه قيل له من يستحق الزكوة فقال المستضعفون من شيعة محمد و آله الذين لمتقو بصايرهم فاما من قويت بصيرته و حسنت بالولاية لاوليائه و البراءة من اعدائهم معرفته فذلك اخوكم في الدين امس بكم رحماً من الآباء و الامهات اما المخالفون فلاتعطوهم زكوة و لا صدقة فان موالينا و شيعتنا منا و كلنا كالجسد الواحد يحرم علي جماعتنا الزكوة و الصدقة الخبر و في امالي الشيخ عن الصادق7 شيعتنا جزء منا خلقوا من فاضل طينتنا يسوؤهم ما يسوؤنا و يسرّهم ما يسرّنا و كذلك اعداؤهم من اولاد الاول و الثاني و اجزاء لهما حقيقة و كفي به خمولاً و خساسة و ذلاً.
ثم كما انه قد يكون الولد في الظاهر من اب و ام ولكن يسترضع له ظئر فيرضع من لبنها فيتغير صورته و يشابهها و يشابه اولادها و يحرم عليه النكاح فيهم و يعدّ منهم كذلك في الباطن قد يكون الولد من محمد و علي8 و يرضع من لبن ابوي النفس الامارة فيؤثر اللبن فيه و يغير صورته و بتغير صورته يدخل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۸۹ *»
في اولادهما و يكون علي هيئتهما و هيئة اولادهما و قديكون الولد من الاول و الثاني فيرضع من لبن محمد و علي8 فيؤثر اللبن فيه و يغير صورته و بتغير صورته يدخل في اولادهما و يعدّ منهم في الظاهر و لذا روي في الوسائل عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 انظروا من يرضع اولادكم فان الولد يشب عليه و عن ابيجعفر7 لاتسترضعوا الحمقاء فان اللبن يعدي و ان الغلام ينزع الي اللبن يعني الي الظئر في الرعونة و الحمق و عن علي7 تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح فان الرضاع يغير الطباع و عن ابيجعفر7 استرضع لولدك بلبن الحسان و اياك و القباح فان اللبن قديعدي و قال ابوجعفر7 لبن اليهودية و النصرانية احب الي من ولد الزنا و قال جعفر بن محمد8 رضاع اليهودية و النصرانية خير من رضاع الناصبية بالجملة ان الرضاع يعدي و يجعل الولد كالمرضعة سيرة و صورة و سجية و طبيعة و يغير صورته كما هو مشهود و لذلك يدخل في اولاد المرضعة و كذلك الامر في الباطن فمن ارتضع بلبن الاعداء و استمد مما يمدون به و جاءه المدد من بطونهم فتعلم علومهم و عمل باعمالهم تغير صورته البتة و قد يرتضع اولاد الاعداء بلبن المؤمنين فيتعلمون من علوم الولي و يتكلفون بعض اعماله و يسيرون ببعض سيرته فيتصورون بصورته و صورة اوليائه و يتطبعون بطبعهم فيعدّون في الظاهر منهم فاذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة، و من الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا و يشهد اللّه علي ما في قلبه و هو الدّ الخصام و قال الصادق7 في حديث و منهم قوم نصاب لايقدرون علي القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا و ينتقصون بنا عند نصابنا ثم يضيفون اليه اضعافه و اضعاف اضعافه من الاكاذيب علينا التي نحن برءاء منها فيقبله المستسلمون من شيعتنا علي انه من علومنا فضلّوا و اضلوا و هم اضرّ علي شيعتنا من جيش يزيد علي الحسين بن علي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۰ *»
8و اصحابه فانهم يسلبونهم الارواح و الاموال و هؤلاء علماؤ السوء الناصبون المتشبهون بانهم لنا موالون و لاعدائنا معادون يدخلون الشك و الشبهة علي ضعفاء شيعتنا فيضلونهم و يمنعونهم عن قصد الحق المصيب الخبر.
بالجملة فهؤلاء اخوان الرضاعة من الطرفين فاذا رضع طفل من الاعداء من لبن امك و نشا عليه و نبت فيه منه اللحم و الدم فهو اخوك من الرضاعة و انت تراعي حرمة لبن امك فان له حرمة و تاثيراً البتة في الحيوة الدنيا في الدعاء ان قوماً آمنوا بالسنتهم ليحقنوا دماءهم فادركوا ما امّلوا و انا آمنا بك بالسنتنا و قلوبنا لتعفو عنا فادرك بنا ما امّلنا الدعاء و هذه الرضاعة هي اللطخ و الخلط المشار اليهما في الاخبار و في كلمات اصحابنا الابرار.
فالاخوان ثلثة: اخ من ابيك و امك و لميرتضع بلبن اعدائك فهو اخ الثقة و هو كنفسك و روحك و هم اقل من الكبريت الاحمر و اخ لابيك و امك ولكنه ارتضع بلبن عدوك فهو طيب الذات خبيث العمل كما رواه زيد النرسي قال قلت لمولاي موسي بن جعفر8 يا ابن بنت رسولاللّه ان هيهنا رجال من مواليكم يشربون الخمور و يرتكبون الموبق من الذنب فيسوغ لنا اننقول انهم فساق فجار فقال لا يا زيد واللّه ما الفاسق الفاجر الا الناصب لنا حرباً ولكن قولوا مؤمن النفس خبيث الفعل طيب الروح واللّه لنيخرج ولينا من الدنيا الا و اللّه و رسوله و نحن عنه راضون و ذلك ان اللّه يحشره علي ما فيه من الذنوب مبيضاً وجهه مستوراً عورته آمنة روعته و ادني ما يصفي به ولينا ان يريه اللّه رؤياً مهولة في منامه او يلقاه ظلم من دولة الظالمين او يشدد عليه عند الموت فيكون ذلك كفارة لذنبه فيخرج من الدنيا بغيرذنب انتهي فهؤلاء و ان كانوا طيبوا الذات و يجب ولايتهم من حيث الذات الا انه يجتنب عنهم لما عليهم من اللطخ و الخلط فيتنزه عنهم حتي يطهروا ثم يواخون ظاهراً و اخ ليس لابيك و لا امك بل هو من اعدائك الا انه ارتضع بلبن امك و يونسك بظاهره و حسن وصفه و عمله فيصف ما انت تصف و يعمل عملك و له حق اخوة البتة بقدر ما يظهر لك من الايمان و التقوي و هؤلاء خلقوا لاجل انس المؤمنين و قضاء حوائجهم و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۱ *»
بلوغهم مناهم بسببهم قال موسي بن جعفر7 ليس كل من يقول بولايتنا مؤمناً ولكن جعلوا انساً للمؤمنين و قال7 اما واللّه ان المؤمن لقليل و ان اهل الكفر لكثير اتدري لم ذاك فقال صيّروا انساً للمؤمنين يبثون اليهم ما في صدورهم فيستريحون الي ذلك و يسكنون اليه انتهي و لولا ذلك لميهنأ لذيايمان عيش و لاستوحش من جميع اهل الدنيا الا قليلاً منهم و هذا مجمل امر الاخوة و ان شئت التفصيل فراجع كتابنا «ابوابالجنان».
فصل: فيمن يليق بالاخوة الحقيقية و الظاهرة و علاماتهما اعلم ان اللّه سبحانه واحد احدي الذات ابدي ازلي مهيمن علي جميع ما سواه و خلق خلقاً في مراتب فما كان من الخلق اقرب اليه فهو اشبه بصفته و ما كان ابعد فهو اقل شبهاً بها فما كان منه اقرب اليه ينبغي ان يكون اوحد و اقرب الي الوحدة و لما كان الخلق لابد فيه من كثرة فالاقربون منهم ينبغي ان يكونوا اشد ارتباطاً و اتصالاً ليكونوا اقرب الي الاتحاد و الوحدة و الابعدون منهم ينبغي ان يكونوا اشد تفرقاً و تبايناً و تنافراً بعضها من بعض فلاجل ذلك خلق اللّه الانسان مدنيي الطبع يحتاج بعضهم الي بعض لايقدرون انيعيشوا فرادي الا ان يتمدنوا و يجتمعوا في مكان و يرتبط بعضهم ببعض و يتصل بعضهم ببعض و ذلك لشدة قربهم الي الواحد الفرد و اما الحيوان فهو اقل حاجة بعضه الي بعض و النبات فهو اقل من ذاك و اما الجماد فهو ابعدها من المبدء فكأنه لايحتاج بعضه الي بعض لخفاء سر الوحدة فيه فاحتاج افراد الانسان بعضها الي بعض لكمالهم و قربهم من المبدء فبعد الحاجة الي الاجتماع لو كان بناؤهم علي التعادي و التباغض و التطاول و التحاسد و التنازع و امثالها لأدّي الي تفرقهم و تنفر بعضهم من بعض فندبهم اللّه جلجلاله علي السنة رسله الي الاخوة و منّ عليهم في كتابه و قال (و اذكروا نعمة اللّه عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخواناً و كنتم علي شفا حفرة من النار فانقذكم منها) و قال (انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم) و وصف
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۲ *»
اهل الجنة فقال (اخواناً علي سرر متقابلين) و خطب رسولاللّه9 في مسجد الخيف فقال نضّر اللّه عبداً سمع مقالتي فوعاها و بلّغها من لمتبلغه يا ايها الناس ليبلغ الشاهد الغائب فرب حامل فقه ليس بفقيه و رب حامل فقه الي من هو افقه منه ثلث لايغل عليهن قلب امرء مسلم اخلاص العمل للّه و النصيحة لائمة المسلمين و اللزوم لجماعتهم فان دعوتهم محيطة من ورائهم المؤمنون اخوة تتكافا دماؤهم و هم يد علي من سواهم يسعي بذمتهم ادناهم انتهي فلاجل قربهم من المبدء الواحد يجب ارتباطهم و اتصالهم و اتحادهم حتي كأنهم يد واحدة ترتفع اذا ارتفعت كلها و تنخفض اذا انخفضت كلها و يجب اخوتهم الا ان مراتب الاخوة و الارتباط تختلف و لابد من الجميع.
منهـــا الاخوة العامة و الارتباط العام بين جميع المسلمين حتي يكونوا يداً واحدة علي من سواهم من المشركين و لهم الحقوق العامة من دفع الاذي و انقاذ الغريق و انجاء الحريق و دفع شر الاعداء و السلام و الكلام و المعاملات و التصادق و الترافق و امثالها من الحقوق العامة التي لاتورث عسراً و لاحرجاً و انما تؤدي عند ما تنوب و ذلك واجب بين جميع افراد المؤمنين فاسقهم و عادلهم جاهلهم و عالمهم راغبهم و زاهدهم عبدهم و حرهم صغيرهم و كبيرهم بلا تفاوت في ذلك و اداؤهم هذه الحقوق دليل توحيدهم و كونهم دايرين حول مركز واحد و من طينة واحدة و دليل اجتماعهم في الجنة و في مقام القرب و الا لايكادون يجتمعون في مقام واحد نعوذ باللّه.
و منهـــا الاخوة الخاصة مع المؤمنين المتصفين بصفات حسنة المتخلقين باخلاق زكية المتأدبين بآداب معروفة ففي هذه الدرجة لابد و ان يجتنب الانسان من اناس و يعاشر اناساً مع ان من يجتنبه من اخوانه العامة الذين لهم حقوق عامة اذا نابت و ذلك ان الانسان خلق خلقاً صالحاً للتأدب بآداب حسنة و الاتصاف بصفات رذيلة في جميع مراتبه كما ان اليد صالحة لان تقنت بها و تتصدق و لان تلطم وجه يتيم و تسلب مال ارملة فمنهم من اكتسب صفة حسنة حتي صارت فيه بالفعل و قوية و منهم من اكتسب صفة رذيلة حتي صارت فيه بالفعل و قوية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۳ *»
فالمشتعل بالصفة الحسنة الكامل فيها يؤثر فيمن هي فيه بالقوة و هو صالح لان تصير فيه بالفعل فاذا قارنه القابل انفعل من مقارنته و خرج تلك الصفة من كمونه الي البروز و صارت فيه ايضاً بالفعل و كذا المشتعل بالصفة الردية اذا قارنه القابل اثّر فيه و اخرج من كمونه الي البروز نحو صفته و ذلك مشهود مجرب لاشك فيه و لا ريب يعتريه و لذا روي المرء علي دين خليله و اخوك دينك فاحتط لدينك ما استطعت و المرء مع من احب فلاجل ذلك لايجوز للانسان ان يجالس كل احد و لو كان من المسلمين و يقارن كل احد و يواخي و يلازم كل احد فلابد و ان يتخير لصحبته الدائم الذين اتصفوا بالصفات الحسنة و تخلقوا باخلاق زكية و تادبوا بآداب الهية حتي ينتفع من صحبتهم و يخرج من كمونه الي البروز نحو صفاتهم و يجتنب عن جماعة كانوا علي خلاف ذلك نزاهة و احتياطاً علي نفسه حتي لايتصف بصفاتهم و لايتخلق باخلاقهم ففي الاخوان العامة يلحظ الاسلام في مقابل الشرك فيراعي حفظ الاسلام و حرمته و اما في الاخوان الخاصة فيلحظ فيهم حرمة تلك الصفات الحسنة و يؤدي حقوقها و هؤلاء ايضاً كثيرون و لايمكن اداء اكثر الحقوق المأثورة في الاخوان الاخصين بالنسبة اليهم الاتري ان من حقوق الاخوان الايثار و المواساة و ترك الهجر فوق ثلثة ايام فكيف يمكن اداء امثال هذه الحقوق بالنسبة اليهم نعم لهم حقوق ازيد من حقوق العامة كما يأتي.
و منهـــا الاخوة الخصّا و هي للاخصّين من المؤمنين و هم الذين اتصفوا باغلب الصفات الحسنة و تركوا اغلب الصفات الردية بل الخير منهم مأمول و الشر منهم مأمون و هم الروح و النفس و افضل من الروح و النفس و اولي بجميع مالك منك علي ما يأتي و الي هذين اشار اميرالمؤمنين7 حين قام اليه رجل من اهل البصرة فقال يا اميرالمؤمنين اخبرنا عن الاخوان فقال الاخوان صنفان اخوان الثقة و اخوان المكاشرة فاما اخوان الثقة فهم الكف و الجناح و الاهل و المال فاذا كنت من اخيك علي حد الثقة فابذل له مالك و بدنك و صاف من صافاه و عاد من عاداه و اكتم سره و عيبه و اظهر منه الحسن و اعلم ايها السائل انهم اقل من الكبريت
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۴ *»
الاحمر و اما اخوان المكاشرة فانك تصيب لذتك منهم فلاتقطعن ذلك منهم و لاتطلبن من وراء ذلك من ضميرهم و ابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه و حلاوة اللسان انتهي فالخواص هم اخوان المكاشرة الذين اذا لقوك سررت بهم و سرّوا بك و فيهم بعض الصفات الحسنة الذي خصهم بالاخوة دون غيرهم و اما الاخصون فهم اخوان المصادقة و اخوان الثقة و هم الكاملون في الصفات الحسنة كما يأتي و عن الرضا7 الاخ الذي يجب له هذه الحقوق الذي لا فرق بينك و بينه في جملة الدين و تفصيله ثم ما يجب له من الحقوق علي حسب قرب ما بين الاخوان و بعده بحسب ذلك الخبر و منه يعلم ان الاخ الذي يجب مراعاة حقوقه كما يأتي هو تربك في الدين المساوي معك في العلم و العمل و اما الذي هو اضعف منك فهو بمنزلة ولدك و الذي هو اقوي منك بمنزلة ابيك كما قال الرضا7 الاخ الكبير بمنزلة الاب و قال معلم الخير و الدين يقوم مقام الاب و يجب له مثل الذي يجب له و يؤيد ان الاخ هو المساوي ما يأتي في حديث ابان و قدكان في الطواف و طلبه رجل و رآه الصادق7 فقال هو علي مثل ما انت عليه قال نعم قال فاذهب اليه الخبر فاخوان المكاشرة هم الاصغرون و اخوان الثقة هم المساوون للمؤمن المحض و لابد و ان نذكر علامة كل واحد من النوعين.
اما علامات اخوان المكاشرة يعني الذين ينبغي ان تواخيهم فهي علي ما جمعنا من الاخبار في بادي النظر اربعون خصلة لابد من ان تكون فيمن تواخيه و تعاشره:
الاولي: ان لايصف اللّه بما لايليق فقد قال ابوالحسن7 لرجل ما لي رأيتك عند فلان فقال انه خالي فقال ابوالحسن7 انه يقول في اللّه قولاً عظيماً يصف اللّه و لايوصف فاما جلست معه و تركتنا و اما جلست معنا و تركته فقال هو يقول ما شاء اي شيء علَيّ منه اذا لماقل ما يقول فقال ابوالحسن7 اماتخاف انتنزل به نقمة فتصيبكم جميعاً.
* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۵ *»
الثانية و الثالثة و الرابعة: ان لايكون جاحداً للحق و منكراً لفضائل آلمحمد: و الهداة فقد قال الصادق7 في تفسير قوله تعالي (و قد نزل عليكم في الكتاب ان اذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها و يستهزأ بها) الآية انما عني بهذا الرجل الذي يجحد الحق و يكذب به و يقع في الائمة فقم من عنده و لاتقاعده كائناً من كان و قال ابوعبداللّه7 من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلايجلس مجلساً ينتقص فيه امام او يعاب فيه مؤمن.
الخامسة و السادسة و السابعة و الثامنة: ان لايكون مفتياً بغير ما انزل اللّه او راغباً عن ذكر آلمحمد: الي ذكر اعدائهم او صادّاً عن آلمحمد: بباطله او ناصباً لمواليهم: فقد قال ابوعبداللّه7 ثلثة مجالس يمقتها اللّه و يرسل نقمته علي اهلها فلاتقاعدوهم و لاتجالسوهم مجلساً فيه من يصف لسانه كذباً في فتياه و مجلساً ذكر اعدائنا فيه جديد و ذكرنا فيه رثّ و مجلساً فيه من يصدّ عنا و انت تعلم وقال7 اذا ابتليت باهل النصب و مجالستهم فكن كأنك علي الرصف حتي تقوم فان اللّه يمقتهم و يلعنهم و قد علمت انه7 قال ليس الناصب من نصب لنا اهل البيت لانك لنتجد رجلاً يقول اني ابغض محمداً و آلمحمد و انما الناصب من نصب لكم و هو يعلم انكم تتولونا و انكم من شيعتنا.
التاسعة و العاشرة: ان لايكون من اهل البدع و الريب فقد قال ابوعبداللّه7 لاتصحبوا اهل البدع و لاتجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم قال رسولاللّه9 المرء علي دين خليله و قرينه و قال رسولاللّه9 اذا رأيتم اهل الريب و البدع بعدي فاظهروا البراءة منهم و اكثروا من سبهم و القول فيهم و باهتوهم كيلايطمعوا في الفساد و في الاسلام و يحذروهم الناس و لايتعلمون من بدعهم.
الحاديةعشرة: ان لايكون من اهل الريبة و التهمة فقد قال اميرالمؤمنين
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۶ *»
7من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلايقومن مكان ريبة و قال علي7 اياك و مواطن التهمة و المجلس المظنون به السوء.
الثانيةعشرة و الثالثةعشرة و الرابعةعشرة: ان لايكون تاركاً للجماعة و اتيان المساجد من غير عذر و غيرحافظ لمواقيت الصلوات و تاركاً للبر بالاخوان فقد نهي اميرالمؤمنين7 عن مؤاكلة التاركين لمساجد المسلمين و مشاورتهم و مناكحتهم فقد قال ان قوماً لايحضرون الصلوة معنا في مساجدنا فلايؤاكلونا و لايشاربونا و لايشاورونا و لايأخذوا من فيئنا شيئاً او يحضروا معنا صلوتنا جماعة و اني لاوشك ان آمر لهم بنار و تشعل في دورهم فاحرقها عليهم او ينتهون قال الصادق7 فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم و مشاربتهم و مناكحتهم حتي يحضروا الجماعة مع المسلمين و قال ابوعبداللّه7 اختبروا اخوانكم بخصلتين فان كانتا فيهم و الا فاعزب ثم اعزب ثم اعزب محافظة علي الصلوات في مواقيتها و البر بالاخوان في العسر و اليسر.
الخامسةعشرة: ان لايكون من لاتنتفع بدينه و لا دنياه فقد قال النبي9 من لاتنتفع بدينه و لا دنياه فلا خير لك في مجالسته.
السادسةعشرة و السابعة عشرة و الثامنةعشرة و التاسعةعشرة: ان لايكون فاجراً و لا احمق و لا كذاباً و لا ماجناً فقد قال ابوعبداللّه7 لاينبغي للمسلم ان يواخي الفاجر و لا الاحمق و لا الكذاب و قال علي7 ينبغي للمسلم ان يجتنب مؤاخاة ثلثة الماجن و الاحمق و الكذاب اما الماجن فيزين لك فعله و يحب ان تكون مثله و لايعينك علي امر دينك و معادك و مقاربته جفاء و قسوة و مدخله و مخرجه عليك عار و اما الاحمق فانه لايشير عليك بخير و لايرجي لصرف السوء عنك و لو اجهد نفسه و ربما اراد منفعتك فضرك فموته خير من حيوته و سكوته خير من نطقه و بعده خير من قربه و اما الكذاب فانه لايهنأك معه عيش ينقل حديثك و ينقل اليك الحديث كلما افني احدوثة مطّها باخري حتي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۷ *»
انه يحدث بالصدق فمايصدق و يغري بين الناس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور فاتقوا اللّه و انظروا لانفسكم.
العشرون و الحادية و العشرون: ان لايكون بخيلاً و لا قاطع الرحم فقد قال علي بن الحسين8 في حديث يا بني انظر خمسة فلاتصاحبهم و لاتحادثهم و لاترافقهم اياك و مصاحبة الكذاب فانه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد و يباعد لك القريب و اياك و مصاحبة الفاسق فانه بايعك باكلة او اقل من ذلك و اياك و مصاحبة البخيل فانه يخذلك في ماله احوج ما تكون اليه و اياك و مصاحبة الاحمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك و اياك و مصاحبة القاطع لرحمه فاني وجدته ملعوناً في كتاب اللّه في ثلثة مواضع.
الثانية و العشرون و الثالثة و العشرون: ان لايكون عبداً و لا من السفلة فقد قال الصادق7 لاتستشر العبيد و السفلة في امرك فانك ان ائتمنتهم خانوك و ان حدثوك كذبوك و ان نكبت خذلوك و ان وعدوك موعداً لميصدقوك انتهي و من هذه صفاته لايليق بالاخوة كما يظهر من ساير الاخبار.
الرابعة و العشرون و الخامسة و العشرون و السادسة و العشرون و السابعة و العشرون: ان لايكون جباناً و لا من الانذال و لا من الاغنياء و لا من النساء فقد قال الباقر7 لاتقارن و لاتواخ اربعة الاحمق و البخيل و الجبان و الكذاب و قال النبي9 ثلث مجالستهم تميت القلب الجلوس مع الانذال و الحديث مع النساء و الجلوس مع الاغنياء انتهي والذين مجالستهم تميت القلب بعدهم خير من قربهم و لايليقون بالاخوة بالبداهة.
الثامنة و العشرون و التاسعة و العشرون و الثلثون و الحادية و الثلثون و الثانية و الثلثون: ان لايكون مجذوماً و لا ابرص و لا مجنوناً و لا ولد الزنا و لا الاعرابي فقد نهي النبي9 عن اقترابهم علي كل حال.
الثالثة و الثلثون: ان لايكون غاشاً فقد قال ابوجعفر7 اتبع من يبكيك و هو لك ناصح و لاتتبع من يضحكك و هو غاش و ستردون الي اللّه جميعاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۸ *»
فتعلمون.
الرابعة و الثلثون: ان لايكون من الاشرار فقد قال اميرالمؤمنين7 انظروا من تحادثون فانه ليس من احد ينزل به الموت الا مثل له اصحابه الي اللّه ان كانوا خياراً فخياراً و ان كانوا شراراً فشراراً و ليس احد يموت الا تمثلت له عند موته وقال ابوالحسن7 قال عيسي7 ان صاحب الشر يعدي و قرين السوء يردي فانظر من تقارن.
الخامسة و الثلثون: ان لايكون محدثاً لا عهد له و لا امان و لا ذمة و لا ميثاق فقد قال ابوعبداللّه7 عليك بالتلاد و اياك و كل محدث لا عهد له و لا امان و لا ذمة و لا ميثاق و كن علي حذر من اوثق الناس عندك انتهي و المراد من اوثق الناس اوثق اخوان المكاشرة فان امر اخوان الثقة اعظم من ذلك.
السادسة و الثلثون و السابعة و الثلثون و الثامنة و الثلثون و التاسعة و الثلثون و الاربعون: ان لايكون شارب الخمر و لا صاحب الشطرنج و النرد و البربط و الطنبور و لا مخنثاً و لا شاعراً يقذف المحصنات و لا عاملاً للتماثيل فانا نهينا من ائمتنا: ان نسلم علي هؤلاء فضلاً عن اقترابهم و اخوتهم فهذه اربعون خصلة يجب ان يكون من تواخيه منزهاً عنها لاتعدي اليك خصاله او تتلوث به فان امر الاخوة مندوب اليه للتعاون علي البر و التقوي لا الاثم و العدوان و من كان فيه صفات ردية بالفعل و كان له ملكة فيها تؤثر فيك و ترديك الا ان تكون اقوي منه في الخير و تريد اصلاحه و هو فوق امر الاخوة و انما هو كمعاشرة الانبياء مع الرعية لاصلاح نفوسهم و هدايتهم و لايتضررون و اما ضعفاء النفوس فانما هم يتضررون من قرين السوء فانظر من تواخي و تجالس و تلازم و تواظب علي لقائه فان كان ليس خير لك منه في دينك و دنياك فذره في الاخوان العامة و ادّ حقه اذا دهم الاسلام داهية او ناب له من حيث الاسلام نائبة فاد حقه كما ياتي و اما المرافقة و المواظبة علي المعاشرة و التزاور و المراودة فلا و ابيك فانه ضار.
و اما علائم اخوان الثقة فاعلم ان اخ الثقة من تثق به في جميع اموره مطلقاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۲۹۹ *»
و لاتتقيه علي دينك و نفسك و مالك و اهلك و ولدك و ظاهرك و باطنك و جميع ما يــٔول اليك فعند ذلك يكون كنفسك التي بين جنبيك و لاتخاف بائقته علي شيء منك ابداً و تستأمنه فهو المؤمن فان المؤمن من ائتمنه المؤمنون علي انفسهم و اموالهم كما قال رسولاللّه9 المؤمن من ائتمنه المؤمنون علي اموالهم و امورهم و المسلم من سلم المسلمون عن لسانه و يده و المهاجر من هجر السيئات و ترك ما حرم اللّه انتهي و من ائتمنه المؤمنون علي امورهم مطلقاً هو الذي يعمل بفرايض اللّه و يهجر محارم اللّه و من كان كذلك ثبت فيه روح الايمان و من اقتحم اودية المحرمات خرج روح الايمان منه و ليس بمؤمن و لذا قال اللّه سبحانه (افمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً) فلميثبت الايمان للفاسق و خصه بالعادلين و قال ابوعبداللّه7 من زني خرج من الايمان و من شرب الخمر خرج من الايمان و من افطر يوماً من شهر رمضان متعمداً خرج من الايمان و قيل لابيالحسن7 الكباير تخرج من الايمان قال نعم و ما دون الكباير الي غير ذلك من الاخبار فمن ليس بمؤمن و هو فاسق لايكون اخا ثقة و لاتثق به علي نفسك و مالك لمكان فسقه و من لايبالي بالرب لايبالي بالعبد و من لايراعي ميثاق الرب لايراعي ميثاق العبد فلايكون اخا ثقة الا ان يكون عادلاً مؤمناً متقياً و قد قدمنا لك علامات المؤمنين فراجع و المؤمن اعز من الكبريت الاحمر ثم تختلف درجاتهم علي حسب اختلاف درجات الايمان كما سمعت من ان سلمان في الدرجة العاشرة و ابوذر مع ما هو عليه في الدرجة التاسعة و المقداد مع ما هو عليه في الدرجة الثامنة و ذلك ان للايمان درجات و مراتب و لكل درجة علي حسب سبقه الي الايمان و نفوذه في العلم و اخلاصه في العمل المتسمع ما رواه في الكافي عن ابيعمرو الزبيري عن ابيعبداللّه7 قال قلت له ان الايمان درجات و منازل يتفاضل المؤمنون فيها عند اللّه قال نعم قلت صفه لي رحمك اللّه حتي افهمه قال ان اللّه سبق بين المؤمنين كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ثم فضلهم علي درجاتهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۰ *»
في السبق اليه فجعل كل امرئ منهم علي درجة سبقه لاينقصه فيها من حقه و لايتقدم مسبوق سابقاً و لا مفضول فاضلاً تفاضل بذلك اوائل هذه الامة و اواخرها و لو لميكن للسابق الي الايمان فضل علي المسبوق اذاً للحق آخر هذه الامة اولها نعم و لتقدموهم اذا لميكن لمن سبق الي الايمان الفضل علي من ابطأ عنه ولكن بدرجات الايمان قدم اللّه السابقين و بالابطاء عن الايمان اخّر اللّه المقصرين لانا نجد من المؤمنين الآخرين من هو اكثر عملاً من الاولين و اكثر صلوة و صوماً و حجاً و زكوة و جهاداً و انفاقاً و لو لميكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضاً عند اللّه لكان الآخرون بكثرة العمل متقدمين علي الاولين ولكن ابي اللّه عزوجل ان يدرك آخر درجات الايمان اولها و يقدم فيها من اخّر اللّه او يؤخر فيها من قدم اللّه قلت اخبرني عما ندب اللّه عزوجل المؤمنين اليه من الاستباق الي الايمان فقال قول اللّه عزوجل (سابقوا الي مغفرة من ربكم و جنة عرضها كعرض السماء و الارض اعدت للذين آمنوا باللّه و رسله) و قال (السابقون السابقون اولئك المقربون) و قال ( السابقون الاولون من المهاجرين و الانصار و الذين اتبعوهم باحسان رضي اللّه عنهم و رضوا عنه) فبدأ بالمهاجرين الاولين علي درجة سبقهم ثم ثني بالانصار ثم ثلث بالتابعين لهم باحسان فوضع كل قوم علي قدر درجاتهم و منازلهم عنده ثم ذكر ما فضل اللّه عزوجل به اولياءه بعضهم علي بعض فقال عزوجل(تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم اللّه و رفع بعضهم فوق بعض درجات ) الي آخر الآية وقال (و لقد فضلنا بعض النبيين علي بعض) و قال (انظر كيف فضلنا بعضهم علي بعض و للآخرة اكبر درجات و اكبر تفضيلاً) و قال (هم درجات عند اللّه) و قال (و يؤت كل ذي فضل فضله) و قال (الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل اللّه باموالهم و انفسهم اعظم درجة عند اللّه) و قال (و فضل اللّه المجاهدين علي القاعدين اجراً عظيماً درجات منه و مغفرة و رحمة) و قال ( لايستوي منكم من انفق من قبل الفتح و قاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد و قاتلوا) وقال (يرفع اللّه
* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۱ *»
الذين آمنوا منكم و الذين اوتوا العلم درجات) و قال (ذلك بانهم لايصيبهم ظمأ و لا نصب و لا مخمصة في سبيل اللّه و لايطأون موطأ يغيظ الكفار و لاينالون من عدو نيلاً الا كتب لهم به عمل صالح) و قال (و ما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند اللّه)و قال (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرة شراً يره) فهذا ذكر درجات الايمان و منازله عند اللّه عزوجل و عن عبدالعزيز القراطيسي قال قـال ابوعبداللّه7 يا عبدالعزيز ان الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلايقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست علي شيء حتي ينتهي الي العاشرة فلاتسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك و اذا رأيت من هو اسفل منك بدرجة فارفعه اليك برفق و لاتحملن عليه ما لايطيق فتكسره فان من كسر مؤمناً فعليه جبره.
بالجملة درجات الايمان مختلفة و لكل من المؤمنين مقام و حق يجب مراعاته كما ياتي ان شاء اللّه و قد مر علامات المؤمنين فاذا رأيت المؤمنين فاعلم انهم كالنفس او اقرب اليك منها و روي عن ابيعبداللّه7 لاتكون الصداقة الا بحدودها من كانت فيه هذه الحدود او شيء منها فانسبه الي الصداقة و من لميكن فيه شيء منها فلاتنسبه الي شيء من الصداقة فاوله ان يكون سريرته و علانيته لك واحدة و الثانية ان يري زينك زينه و شينك شينه و الثالثة ان لايغيره عليك ولاية و لامال و الرابعة ان لايمنعك شيئاً تناله مقدرته و الخامسة و هي تجمع هذه الخصال ان لايسلمك عند النكبات.
فصل: اعلم ان كل موجود مقتض لكونه هو هو و لايقتضي ان يكون غير نفسه فبذلك الاقتضاء يحب نفسه و لايؤثر علي نفسه شيئاً و لاجل ذلك يحب كل شيء يبقيه او يقويه و يبغض كل شيء يفنيه او يضعفه و لايبقيه و لايقويه الا ما هو من جنسه و لايفنيه و لايضعفه الا ما هو ضده و لذلك قيل الاشياء تتقوي باندادها و تتضعف باضدادها و هل يمكن ان يحب الانسان شيئاً اكثر من نفسه قيل لا حتي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۲ *»
انه لو فدي نفسه لاحد فانما يفديها لاجل الوصول الي الحيوة الابدية و الدرجات الرفيعة و امثالها و لابد و ان يراعي نفسه في كل ما يحب و قيل نعم و هو الحق فان الغير ان كان اصل وجوده و مؤثره و اولي به منه يمكن ان يفني نفسه له و يؤثره علي وجوده و لكنه مقام عال و ليس منال كل احد فعلي اي حال كل احد يحب من هو من جنسه فان قربه و الاتصال به يمده و يقويه و يتنفر من كل ما هو من ضده لانه يضعفه و ربما يفنيه فاذا المحبة دليل التجانس فان كان الانسان محباً لاولياء اللّه يكون هو من اولياء اللّه لامحالة و ان كان محباً لاعداء اللّه يكون من اعداء اللّه لامحالة فاذا كان من اولياء اللّه يكون حيزه حيزهم و سيلحق بهم و يصعد اليهم و اذا كان من اعداء اللّه يكون حيزه حيزهم و سيلحق بهم و ينزل اليهم نعوذ باللّه فكفي بالحب و البغض علامة للسجية و اصل الطينة فطوبي لمن كان محباً لمحمد و آلمحمد و اوليائهم و مبغضاً لاعدائهم و بؤساً و سحقاً لمن كان مبغضاً لمحمد و آلمحمد و اوليائهم و محباً لاعدائهم و من البين ان قلة المحبة لوجود بعض التنافي و التنافر فاذا كان احد لاحد مجانساً في بعض الجهات مضاداً في بعضها يحبه بقدر المجانسة و يبغضه بقدر المنافرة فان ذلك الغير مقويه من جهة و مضعفه من جهة فقلة الحب لآلمحمد: من جهة وجود المنافرة من مجالس الشيخ عن جابربن يزيد الجعفي عن ابيجعفر7 قال لما احتضر اميرالمؤمنين7 جمع بنيه فاوصاهم ثم قال يا بني ان القلوب جنود مجندة تتلاحظ بالمودة و تتناجي بها و كذلك هي البغض فاذا احببتم الرجل من غير خير سبق منه اليكم فارجوه و اذا ابغضتم الرجل من غير سوء سبق منه اليكم فاحذروه انتهي و من البين ان العبد كلما كان اخلص في توحيد اللّه في الذات و الصفات و الافعال و العبادات و اكثر اعتدالاً يكون انسب بهم و كلما كان فيه بعض الشوب و الشرك و الانحراف فبقدر شركه و انحرافه يباين محمداً و آلمحمد فبقدر تلك المباينة يقل حبه لهم فاشتداد حبهم دليل قوة الايمان و ضعفه دليل ضعفه و كلما كانت السيئات و المعاصي و قبايح الاعمال اكثر يقل حبه لآلمحمد: و كلما كانت اقل يكثر حبه لهم فعن ابيعبداللّه7 انظر قلبك فان انكر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۳ *»
صاحبك فاعلم ان احدکما قد احدث انتهي و معلوم انك ان انكر قلبك آلمحمد: فالاحداث منك و دليل انك قد عصيت و بذلك قلّت المناسبة بينك و بينهم و كلما ازددت حباً فاعلم انك قد احدثت طاعة تقربت بها الي اللّه او عفي اللّه عنك و تاب عليك بفضله و قربك منه و عن ابيعبيدة الحذاء عن ابيعبداللّه7 قال من احب للّه و ابغض للّه و اعطي للّه فهو ممن كمل ايمانه و عن فضيل بن يسار قال سألت اباعبداللّه7 عن الحب و البغض امن الايمان هو فقال و هل الايمان الا الحب و البغض ثم تلا هذه الآية (حبب اليكم الايمان و زينه في قلوبكم و كره اليكم الكفر و الفسوق و العصيان اولئك هم الراشدون) و عن عمرو بن مدرك الطائي عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 لاصحابه ايّ عري الايمان اوثق فقالوا اللّه و رسوله اعلم و قال بعضهم الصلوة و قال بعضهم الزكوة و قال بعضهم الصيام و قال بعضهم الحج و العمرة و قال بعضهم الجهاد فقال رسولاللّه9 لكل ما قلتم فضل و ليس به ولكن اوثق عري الايمان الحب في اللّه و البغض في اللّه و توالي اولياء اللّه و التبري من اعداء اللّه و عن داود بن فرقد عن ابيعبداللّه7 ثلث من علامات المؤمن علمه باللّه و من يحب و من يبغض و عن حفص بن البختري عن ابيعبداللّه7 قال ان الرجل ليحبكم و مايعرف ما انتم عليه فيدخله اللّه الجنة بحبكم و ان الرجل ليبغضكم و مايعرف ما انتم عليه فيدخله اللّه ببغضكم النار و عن جابر الجعفي عن ابيجعفر7 قال اذا اردت انتعلم ان فيك خيراً فانظر الي قلبك فان كان يحب اهل طاعة اللّه و يبغض اهل معصيته ففيك خير و اللّه يحبك و ان كان يبغض اهل طاعة اللّه و يحب اهل معصيته فليس فيك خير و اللّه يبغضك و المرء مع من احب و في العوالم عن ابيعبيدة الحذاء قال دخلت علي ابيجعفر7 فقلت بابي انت ربما خلا بي الشيطان فخبثت نفسي ثم ذكرت حبي اياكم و انقطاعي اليكم فطابت نفسي فقال يا زياد ويحك و ما الدين الا الحب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۴ *»
الاتري الي قول اللّه تعالي (ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه) و عن بريد بن معوية العجلي عن ابيجعفر7 واللّه لو احبنا حجر حشره اللّه معنا و هل الدين الا الحب انتهي.
و اعلم انه قد يمكن ان يحب رجل رجلاً لظن حسن منه فيه فيظنه اهل طاعة اللّه فيحبه او يبغض رجلاً لسوء ظن منه فيه فيظنه اهل معصية اللّه فيبغضه و ذلك لاجل ما يراه فيه فهو محب مرئيه و مبغض مرئيه و ان كان المحل علي خلاف المرئي فان ذلك لايضره فانه ظن محبوبه فيه فحبه و رأي مبغوضه فيه فبغضه و يكشف عن ذلك ما رواه في الكافي عن الحسين بن ابان عمن ذكره عن ابيجعفر7 قال لو ان رجلاً احب رجلاً للّه لاثابه اللّه علي حبه اياه و ان كان المحبوب في علم اللّه من اهل النار و لو ان رجلاً ابغض رجلاً للّه لاثابه اللّه علي بغضه اياه و ان كان المبغض في علم اللّه من اهل الجنة انتهي.
فاذا عرفت ذلك فاعلم انه لايمكن ان يحب رجل رجلاً بالذات و لايحب ذلك المحبوب محبه لان كل واحد منهما من جنس صاحبه و لابد و ان يحب كل واحد منهما صاحبه حتي انه ربما يمكن ان يعرف بذلك مقدار محبة صاحبه له حتي انه يمكن ان يحلف الانسان علي ذلك ولكن اذا كان احدهما يحب صاحبه لشيء خارج من ذاته كمال او جمال او علم او شيء آخر يمكن ان لايحب صاحبه اياه فلاعبرة بذلك الحب و يزول بزوال الباعث و اما اذا كان الحب للذات و بالذات فذلك ثابت بثبوت الذات لايزول و يكشف عنه ما رواه بشير الكناسي عن ابيعبداللّه7 قال قديكون حب في اللّه و رسوله و حب في الدنيا فما كان في اللّه و رسوله فثوابه علي اللّه و ما كان في الدنيا فليس بشيء و في العوالم بسنده عن علي بن الحسين8 قصيرة من طويلة من احبنا لا لدنياً يصيبها منا و عادي عدونا لا لشحناء كانت بينه و بينه اتي اللّه يوم القيمة مع محمد و ابرهيم و علي: و عن بشر بن غالب عن الحسين بن علي8 قال قـال لي يا بشر بن غالب من احبنا لايحبنا الا للّه جئنا نحن و هو كهاتين و قدر بين سبابتيه و من احبنا لايحبنا الا للدنيا فانه اذا قام قائم العدل وسع عدله البر و الفاجر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۵ *»
انتهي و الدليل علي ان كلاً من المتجانسين يحب احدهما صاحبه لامحالة ما رواه في المحاسن بسنده عن صالح بن الحكم قال سمعت رجلاً يسأل اباعبداللّه عن الرجل يقول اني اودّك فكيف اعلم انه يودّني قال امتحن قلبك فان كنت تودّه فانه يودّك و عن عبيداللّه بن اسحق المدايني قال قلت لابيالحسن موسي بن جعفر7 ان الرجل من عرض الناس يلقاني فيحلف باللّه انه يحبني فاحلف باللّه انه لصادق فقال امتحن قلبك فان كنت تحبه فاحلف و الا فلا انتهي و كذلك حبك لمحمد و آلمحمد: بل حبك للّه سبحانه فاذا اردت ان تعرف مقدارك عند اللّه و مقدار حبه لك فانظر في قدر اللّه عندك و حبك له او مقدارك عند محمد و آلمحمد: فانظر في مقدارهم عندك حرفاً بحرف فان التجانس من الطرفين علي حد واحد و روي عن مسعدة بن اليسع قال قلت لابيعبداللّه7 اني واللّه لاحبك فاطرق ثم رفع راسه فقال صدقت يا بابشر سل قلبك عما لك في قلبي من حبك فقد اعلمني قلبي عما لي في قلبك و قيل لابيالحسن7 لاتنسني من الدعاء قال اوتعلم اني انساك قال فتفكرت في نفسي و قلت هو يدعو لشيعته و انا من شيعته قلت لا لاتنساني قال و كيف علمت ذلك قال الرجل اني من شيعتك و انك تدعو لهم فقال هل علمت بشيء غير هذا قال الرجل لا قال اذا اردت ان تعلم ما لك عندي فانظر ما لي عندك و قال ابوعبداللّه7 انظر قلبك فان انكر صاحبك فاعلم ان احدكما قداحدث و عن الحسن بن جهم قال قلت للرضا7 جعلت فداك اشتهي ان اعلم كيف انا عندك قال انظر كيف انا عندك.
بالجملة اذا اردت ان تعرف ان الرجل المسلم في الظاهر هل هو اخوك لابيك و امك ام هو لغير ابيك و رضع من امك فانظر فان كنت تحبه حباً من غير ملاحظة مال او جمال او كمال او شيء من الاشياء غير ذاته و انت مؤمن فهو لابيك و امك و ان كنت تحبه لصفة خارجة عن ذاته و لاتحب ذاته فان كان تلك الصفة حسنة فهو رضيع لامك و ليس من ابيك و ان كنت تحبه لصفة سيئة فهو اما اخوك من الرضاعة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۶ *»
و انت سيّء او انت اخوه من الرضاعة و هو سيّء او كلاكما اخوا رضاعة لسيّء آخر هذا مجمل الامر و ان اردت التفصيل فعليك بكتابنا «ابوابالجنان».
فصل: في بيان حقوق اخوان الثقة و هذا الفصل قاصم الظهور و مهلك النفوس قد برك دون حمله الاكابر و حصحص من ثقل اعبائه اولوا القوة و البصاير و لايقدر علي ادائها حق الاداء الا الخصيصون و هي و ان كانت بالكتمان احري حفظاً علي النفوس الضعيفة الا انها بعد ما قد كانت في الاحاديث منتشرة و في كتب الاصحاب مبددة لايبقي للكتمان كثير فائدة فنذكرها علي نحو الاختصار و لانذكر جميع اخبار الباب لكثرتها و تبددها في الاماكن و كفاك في عظمة حقوق الاخوان و عجز النفوس عنها قول جابر لعلي بن الحسين8 كل من لايعرف هذا الامر علي الوجه الذي صنعته ـ اي تجليه بصور مختلفة ـ و بينته الا ان عنده محبة و يقول بفضلكم و يتبرأ من اعدائكم ما يكون حاله قال7يكونون في خير الي انيبلغوا قال جابر قلت يا ابن رسولاللّه هل بعد ذلك شيء يقصرهم قال نعم اذا قصروا في حقوق اخوانهم و لميشاركوهم في اموالهم و في سر امورهم و علانيتهم و استبدوا بحطام الدنيا دونهم فهنالك يتسلب المعروف و ينسلخ من دونه سلخاً و يصيبه من آفات هذه الدنيا و بلائها ما لايطيقه و لايحتمله من الاوجاع في نفسه و ذهاب ماله و تشتت شمله لما قصر في حقوق اخوانه قال جابر فاغتممت واللّه غماً شديداً و قلت يا ابن رسولاللّه ما حق المؤمن علي اخيه المؤمن قال7 يفرح لفرحه اذا فرح و يحزن لحزنه اذا حزن و ينفذ اموره كلها فيحصلها و لايغتنم بشيء من حطام الدنيا الفانية الا واساه حتي يجريان في الخير و الشر في قرن واحد قلت سيدي فكيف اوجب اللّه كل هذا للمؤمن علي اخيه المؤمن قال7 لأن المؤمن اخو المؤمن لابيه و امه علي هذا الامر لايكون اخاه و هو احق بما يملكه قال جابر سبحان اللّه و من يقدر علي ذاك قال7 من يريد انيقرع ابواب الجنان و يعانق الحور الحسان و يجتمع معنا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۷ *»
في دار السلام قال جابر هلكت واللّه يا ابن رسولاللّه لاني قصرت في حقوق اخواني انتهي و جابر هذا نظير سلمان في عصره و هو يقول هلكت واللّه يا ابن رسولاللّه لاني قصرت في حقوق اخواني فما ظنك بساير الناس و لاجل ذلك كان الكتمان و عدم اعلانها اصلح للنفوس لعذرها حينئذ بجهلها ولكن كثرة ورودها في الاخبار و ذكرها في كتب الاخلاق اجرأنا علي ذكرها هنا و في كتابنا «ابوابالجنان».
فاعلم انك اذا عرفت ان الاخوة لاجل الايمان و كون روح الايمان من شعاع محمد و علي صلوات اللّه عليهما و آلهما تعرف ان مدار الاخوة علي الايمان فمن كان اقوي ايماناً و اسبق اجابة فهو اكبر منك سناً و اعلي منك درجة و هو خليفة ابيك عليك و كل من هو مساو لك في الايمان و الاجابة فهو تربك و من كان اضعف منك ايماناً و متأخراً اجابة فهو اصغر منك سناً و انت خليفة ابيه عليه و لكل واحد منهم حق يخصه اما الذين هم اكبر سناً منك فحقهم عليك ان تؤثرهم علي نفسك في نفسك و مالك و خدمك و بيتك و جميع ما خولك ربك في الظاهر و الباطن فان المؤمن يري المال و الملك للّه وحده لا شريك له و من اي محل كان جلجلاله اظهر فهو اولي بالمال و الملك و النفوس و ما لها و منها و اليها و ان رأيت نفسك اولي بمالك من ربك فانت لست مخاطبي في كتابي و ان كنت تري ربك اولي فمن اينما يظهر اكثر يكون هو اولي و يكشف عن ذلك ما رواه العسكري7 في حديث الطبيب اليوناني و اسلامه فقال في ذلك الحديث في القاء علي7 شروط الاسلام اليه و اخذ العهد عليها و آمرك ان تواسي اخوانك المطابقين لك علي تصديق محمد و تصديقي و الانقياد له و لي مما رزقك اللّه و فضلك علي من فضلك به منهم بسد فاقتهم و بجبر كسرهم و خلتهم و من كان منهم في درجتك في الايمان ساويته فيما لك بنفسك و من كان منهم فاضلاً عليك في دينك آثرته بما لك علي نفسك حتي يعلم اللّه منك ان دينه آثر عندك من مالك و ان اولياءه اكرم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰8 *»
عليك من اهلك و عيالك الخبر فجعل7 حق الفاضل عليك ان تؤثره بما لك علي نفسك و هذا الايثار دليل ايثارك دينك و اولياء اللّه و عن ابان بن تغلب قال كنت اطوف مع ابيعبداللّه7 فعرض لي رجل من اصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجة فاشار اليّ فكرهت ان ادع اباعبداللّه7 و اذهب اليه فبينا انا اطوف اذ اشار الي ايضاً فرآه ابوعبداللّه7 فقال يا ابان اياك يريد هذا قلت نعم قال فمن هو قلت رجل من اصحابنا قال هو علي مثل ما انت عليه قلت نعم قال فاذهب اليه قلت فاقطع الطواف قال نعم قلت و ان كان طواف الفريضة قال نعم قال فذهبت اليه ثم دخلت عليه يعني ابيعبداللّه7 فسألته فقلت اخبرني عن حق المؤمن علي المؤمن فقال يا ابان دعه لاترده قلت بلي جعلت فداك فلمازل اردد عليه فقال يا ابان تقاسمه شطر مالك ثم نظر الي فرأي ما دخلني فقال يا ابان اماتعلم ان اللّه عزوجل قد ذكر المؤثرين علي انفسهم قلت بلي جعلت فداك فقال اما انت اذا قاسمته فلمتؤثره بعد انما انت و هو سواء انما تؤثره اذا انت اعطيته من النصف الآخر انتهي فقد ذكر من جميع حقوق المؤمن الكامل حقاً واحداً حتي يقيس صعوبة الباقي عليه و لو اردنا ان نذكر اخبار حقوقهم يطول بنا المقال ولكن نذكر فذلكتها فمن حقوقه ان لاتكثر عليه السؤال و ان لاتسبقه في الجواب اذا سئل و لاتلح عليه اذا اعرض و لاتأخذ بثوبه اذا كسل و اذا دخلت عليه و عنده قوم فسلّم عليهم جميعاً و خصه بالتحية و اجلس بين يديه و لاتجلس خلفه و لاتغمز بعينك له الي شيء و لاتشر بيدك و لاتكثر من قول قال فلان و قال فلان خلافاً لقوله و لاتضجر بطول صحبته فانما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها متي يسقط عليك منها شيء و لاتفش له سراً و لاتغتب عنده احداً و احفظ له شاهداً او غائباً و لاتسارّه في مجلسه و لاتطالب عوراته و ان كانت له حاجة اسبق القوم الي حاجته و لاترد عليه قوله و لاتطعن عليه و لاتخالف حكمه و امره و لاتخالف مشاورته و اجله و اكرمه و لاتضحك في مجلسه فانه يعدل خمساً و عشرين زنية هذه مزيداً علي ما يأتي من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۰۹ *»
حقوق الاخوان المساوين و الاصغرين فيجب ان تراعي جميعها مع الاكبر مع ما يخصه من التعظيم و التكريم.
بالجملة المؤمن سبيل اللّه كما روي عن العسكري7 سبيل اللّه شيعتنا و هو خليفة الحجج و مظهرهم كما عرفت ان جميع المعاملات معه هو معاملة معهم و جميع المعاملات معهم هو معاملة مع اللّه جلجلاله و في الحقيقة يعتبر تعظيم الشخص لربه و نبيه و ذريته بتعظيمه اخوانه الاكبرين فانهم مظاهر اللّه رب العالمين في ظلمات الارضين و لايري ظهوره من شيء كما يري منهم و ذاته جلت عظمتها لاتري فلا اعتبار لمقدار تعظيم الشخص لربه مثل تعظيمه لاخيه الاكبر و لايعتبر معاملته مع اللّه الا بمعاملته مع اخيه الاكبر فعن عبداللّه بن ابييعفور قال قـال لي ابوعبداللّه7 انه من عظم دينه عظم اخوانه و من استخف بدينه استخف باخوانه يا محمد اخصص بمالك و طعامك من تحبه في اللّه جل و علا الاتري انه لو كان سلطان محجوب بحجب جلاله و عبد له مقرب يمشي بين الرعية اليس تعظيم ذلك العبد هو تعظيم السلطان و توهينه توهينه و يعتبر مقدار تعظيم احدهم للسلطان بتعظيمه ذلك العبد فانه ظاهر السلطان بين الرعية و سبيله و خليفته و هل يمكن انيدعي احد حب الشمس مع بغضه لشبحها في المرآة او تعظيمه لها مع توهينه اياه كلا هذا محال و كذلك المؤمن بالنسبة الي اللّه سبحانه و قد قال ابوعبداللّه7 ان روح المؤمن لاشد اتصالاً بروح اللّه من اتصال شعاع الشمس بها وقال7 ان اللّه تبارك و تعالي خلق المؤمن من نور عظمته و جلال كبريائه فمن طعن علي المؤمن او رد عليه فقد رد علي اللّه في عرشه و ليس هو من اللّه في ولاية و انما هو شرك شيطان و قال7 لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا الي وصل ما بين اللّه و بين المؤمن خضعت للمؤمن رقابهم و سهلت له امورهم و لانت طاعتهم و لو نظروا الي مردود الاعمال من السماء لقالوا مايقبل اللّه من احد عملاً و قال العسكري7 في حديث ان موالينا و شيعتنا منا و كلنا كالجسد الواحد و قال الصادق7 شيعتنا جزء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۰ *»
منا خلقوا من فضل طينتنا يسوؤهم ما يسوؤنا و يسرهم ما يسرنا فاذا ارادنا احد فليقصدهم فانهم الذي يوصل الينا و قال ابوعبداللّه7 لعمر بن يزيد يا ابنيزيد انت واللّه منا اهل البيت قلت جعلت فداك من آلمحمد قال اي واللّه من انفسهم قال من انفسهم جعلت فداك قال اي واللّه من انفسهم يا عمر اماتقرأ كتاب اللّه عزوجل (ان اولي الناس بابرهيم للذين اتبعوه و هذا النبي و الذين آمنوا و اللّه ولي المؤمنين) ا وماتقرأ قول اللّه عز اسمه(فمن تبعني فانه مني و من عصاني فانك غفور رحيم) انتهي فمقدار مراعاة الانسان اخاه المؤمن الاكبر هو ميزان توحيده و اشراك نفسه مع ربه في ملكه و تعظيمه و توقيره له لاتطلب له علامة اخري و ان كانوا يقولون بالسنتهم ما ليس في قلوبهم و يدعون حب اللّه و توقيره و تعظيمه و من ذلك يعلم ان التوحيد مسلوب عن اكثر الناس و مايؤمن اكثرهم باللّه الا و هم مشركون و ان الناس يرجحون علي ربهم قيراطاً واحداً بل كلمة واحدة طيبة فيبخلون بها عن ربهم قال اللّه سبحانه (قل ان كان آباؤكم و ابناؤكم و اخوانكم و ازواجكم و عشيرتكم و اموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها و مساكن ترضونها احب اليكم من اللّه و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتي ياتي اللّه بامره واللّه لايهدي القوم الفاسقين) و من كان تلك الامور احب اليه من اخيه المؤمن الاكبر فقد اتخذها احب اليه من اللّه و رسوله فان جميع المعاملات مع المؤمن معاملة مع اللّه جلوعز كما عرفت و قصر الكلام علي ما ذكر في المقام اولي اذ فيه هلاك الانام و علي مراعي الحقوق السلام.
و اما حقوق الاتراب المساوون لك في الايمان و العلم و العمل فلهم حقوق دون ادائها خرط القتاد فضلاً عن اداء حق الاكبرين و الي هؤلاء اشار اميرالمؤمنين7 حيث قال و من كان في درجتك في الايمان ساويته في ما لك بنفسك فالمواساة مقامه هيهنا لان المال مال اللّه و لست احق به منه و لا هو احق به منك فتواسيان في جميع ما لَك بفتح اللام و كذا يواسيك اخوك في جميع ما لَه بفتح اللام
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۱ *»
و نتبرك بذكر بعض الاخبار ثم نسرد الحقوق المستنبطة من الاخبار فعن معلي بن خنيس قال قلت لابيعبداللّه7 ما حق المسلم علي المسلم قال سبع حقوق واجبات ما منهن حق الا و هو واجب ان ضيع منها شيئاً خرج من ولاية اللّه و طاعته و لميكن للّه فيه من نصيب قلت له جعلت فداك و ما هي قال يا معلي اني عليك شفيق اخاف انتضيع و لاتحفظ و تعلم و لاتعمل قال قلت لا قوة الا باللّه قال ايسر حق منها انتحب له ما تحب لنفسك و تكره له ما تكره لنفسك و الحق الثاني انتجتنب سخطه و تتبع مرضاته و تطيع امره و الحق الثالث انتعينه بنفسك و مالك و لسانك و يدك و رجلك و الحق الرابع انتكون عينه و دليله و مرآته و الحق الخامس ان لاتشبع و يجوع و لاتروي و يظمأ و لاتلبس و يعري و الحق السادس ان يكون لك خادم فواجب انتبعث خادمك فيغسل ثيابه و يصنع طعامه و يمهد فراشه و الحق السابع انتبر قسمه و تجيب دعوته و تعود مريضه و تشهد جنازته و اذا علمت ان له حاجة تبادر الي قضائها و لاتلجئه انيسألكها ولكن تبادره مبادرة فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته و ولايته بولايتك و عن عبدالاعلي بن اعين قال كتب اصحابنا يسألون اباعبداللّه عن اشياء و امروني ان اسأله عن حق المؤمن علي اخيه فسألته فلميجبني فلما جئت اليه لاودعه فقلت سألتك فلمتجبني فقال اني اخاف انتكفروا ان من اشد ما افترض اللّه علي خلقه ثلثاً انصاف المرء من نفسه حتي لايرضي لاخيه من نفسه الا بما يرضي لنفسه منه و مواساة الاخ في المال و ذكر اللّه علي كل حال ليس سبحان اللّه و الحمد للّه ولكن عند ما حرم اللّه عليه فيدعه وقال7 حق المسلم علي المسلم ان لايشبع و يجوع اخوه و لايروي و يعطش اخوه و لايكتسي و يعري اخوه فما اعظم حق المسلم علي اخيه المسلم و قال احب لاخيك المسلم ما تحب لنفسك و ان احتجت فسله و ان سألك فاعطه لاتمله خيراً و لايمله لك كن له ظهراً فانه لك ظهر اذا غاب فاحفظه في غيبته و اذا شهد فزره و اجلّه و اكرمه فانه منك و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۲ *»
انت منه فان كان عليك عاتباً فلاتفارقه حتي تسأل سميحته و ان اصابه خير فاحمد اللّه و ان ابتلي فاعضده و ان تمحل له فاعنه و اذا قال الرجل لاخيه اف انقطع ما بينهما من الولاية و اذا قال انت عدوي كفر احدهما فاذا اتهمه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء و قال7 يحب المرء المسلم لاخيه ما يحب لاعز اهله و يكره المرء المسلم لاخيه ما يكره لاعز اهله و يناصحه الولاية و قيل لابيجعفر7 جعلت فداك ان الشيعة عندنا كثير فقال هل يعطف الغني علي الفقير و هل يتجاوز المحسن عن المسيئ و يتواسون فقيل لا فقال ليس هؤلاء شيعة الشيعة من يفعل هذا و قال ابوعبداللّه7 قـال رسولاللّه9 للمؤمن علي المؤمن سبعة حقوق واجبة من اللّه عزوجل الاجلال له في عينه و الودّ له في صدره و المواساة له في ماله و ان يحرم غيبته و ان يعود مريضه و ان يشيع جنازته و ان لايقول فيه بعد موته الا خيراً و قال علي7 قـال رسولاللّه9 للمسلم علي اخيه ثلثون حقاً لا براءة له منها الا بالاداء و العفو يغفر زلته و يرحم عبرته و يستر عورته و يقيل عثرته و يقبل معذرته و يرد غيبته و يديم نصيحته و يحفظ خلته و يرعي ذمته و يعود مرضته و يشهد ميتته و يجيب دعوته و يقبل هديته و يكافي صلته و يشكر نعمته و يحسن نصرته و يحفظ حليلته و يقضي حاجته و يشفع مسألته و يسمت عطسته و يرشد ضالته و يرد سلامه و يطيب كلامه و يبر انعامه و يصدق اقسامه و يوالي وليه و لايعاديه و ينصره ظالماً و مظلوماً فاما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه و اما نصرته مظلوماً فيعينه علي اخذ حقه و لايسلمه و لايخذله و يحب له من الخير ما يحب لنفسه و يكره له من الشر ما يكره لنفسه و عن الرضا7 حق الاخوان فرض لازم ان تفدوهم بانفسكم و اسماعكم و ابصاركم و ايديكم و ارجلكم و جميع جوارحكم و هم حصونكم التي تلجأون اليها في الشدايد في الدنيا و الآخرة لاتباطـــݘــوهم و لاتخالفوهم و لاتغتابوهم و لاتدعوا نصرتهم و لا معاونتهم و ابذلوا النفوس و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۳ *»
الاموال دونهم و الاقبال علي اللّه عزوجل بالدعاء لهم و مواساتهم و مساواتهم في كل ما يجوز فيه المساوات و المواساة و نصرتهم ظالمين و مظلومين بالدفع عنهم الخبر الي غير ذلك من الاخبار و تركناها مخافة التكرار و نعد الحقوق المذكورة فيها و هي علي ما وفقت من جمعه مائة و خمسون خصلة:
ا المواساة معه في المال ب ان تكون عينه ج ان تكون مرآته د ان تكون دليله هـ ان تكون خادمه و ان تشبع جوعته ز ان تروي ظمأته ح ان تواري عورته ط ان تفرج كربته ي ان تقضي دينه يـا ان تخلفه بعد موته في اهله و ولده يب ان تحب له ما تحب لنفسك يج ان تكره له ما تكره لنفسك يد ان تجتنب سخطه و تتبع مرضاته يـه ان تطيع امره يـو ان تعينه بنفسك و مالك و لسانك و يدك و رجلك يزان تبعث خادمك ان لميكن له خادم ان يخدمه يح ان تبر قسمه يط ان تجيب دعوته كـ ان تعود مرضته كا ان تشهد جنازته كب ان تبادر بحاجته قبل سؤاله و تنفذ اموره كلها فتحصلها كج ان ترضي له من نفسك بما ترضي لنفسك منه كد ان تعطيه اذا سألك كه ان تسأله اذا احتجت كو ان لاتمله كز ان تكون له ظهراً كح ان تحفظ غيبته كط ان تزور شهادته ل ان لاتفارقه اذا عتب عليك حتي تستعفيه لا ان تحمد اللّه ان اصابه خير لب ان تعضده اذا ابتلي لج ان تعينه ان تمحل له امر لد ان تسلم عليه اذا لقيته له ان تسمته اذا عطس لو ان تودّه في صدرك لز ان تنصره ظالماً و مظلوماً لح ان تأخذ حصته من الانفال ان كان غائباً لط ان تزور قبره اذا مات م ان تناصحه الولاية ما ان تجاوز عن اساءته مب انتواصله و تعاقده علي التعاطف مج ان تغتم لما لمتشهد من امره مد ان تعلمه اذا سافرت مه ان تأتيه ان رجع من سفره مو ان تظهر حسنه مز ان تجله في عينك مح ان تحرم غيبته مط ان لاتقول فيه بعد موته الا خيراً ن ان تغفر زلته نا ان ترحم عبرته نب ان تستر عورته نج ان تقيل عثرته ند ان تقبل معذرته نه ان ترد غيبته نو ان تديم نصيحته نز ان تحفظ خلته نح ان ترعي ذمته نط ان تقبل هديته س ان تكافي صلته سا ان تشكر نعمته سب ان تحسن نصرته سج ان تحفظ حليلته سد ان تقضي حاجته سه ان تشفع مسئلته سو ان ترشد ضالته سز ان ترد سلامه سح ان تطيب كلامه سط ان تبر انعامه ع ان تصدق اقسامه
* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۴ *»
عا ان توالي وليه عب ان تحسن جواره و عشرته عج ان تغض عنه عد ان لاتطلبه بالانصاف عه ان تصافي من صافاه عو ان تعادي من عاداه عز ان تكتم سره عح ان تكنيه في حضرته و لاتسميه الا في غيبته عط ان لاتنقبض عنه ف ان لاتخونه فاان لاتخدعه فب ان لاتظلمه فج ان لاتكذبه فد ان لاتتهمه فهان لاتغشه فوان لاتخذله فز ان لاتعاديه فح ان لاتسلمه فط ان لاتقول له اف ص انلاتقول له انت عدوي صا ان تقبل عتابه صب ان تتقي فراسته صج ان توقره و تكرمه صد ان تمشي معه اذا دخل بيتك و اذا خرج صه ان تأتمر امره اذا دخلت بيته صو ان تجلس في بيته حيثما يأمرك صز ان تتبسم في وجهه صح ان ترفق به في السفر و الحضر صط ان تشيعه اذا فارقك هنيئة ق ان تكاتبه في السفر قا ان تبدء باسمه في الكتاب قب ان تسابقه في صلته قج ان لاتمد الرجْل بين اخوانك قد ان تخالقه و تؤالفه قه ان تلقاه بالبشر و طلاقة الوجه قو ان تعفو عنه و ان ظلمك قز ان تصله و ان قطعك قح ان تحسن اليه و ان اساء اليك قط ان تعطيه و ان منعك قي ان تراحمه و تلاطفه و تزاوره قيا ان تصافحه اذا لقيته في الحضر و ان قرب عهد اللقاء و لو فارقته بقدر دور نخلة قيب ان تعانقه اذا سافر عند المفارقة قيج ان تستقبله اذا قدم قيدان تشيعه اذا سافر قيه ان لاتترك السلام عليه و لو في التقية قيو ان لاتناجي بحضرته غيره اذا كنتم ثلثة قيز ان لاتعترضه في حديثه قيح ان لاتذهب الحشمة بينكما بالكلية قيط ان لاتماريه و لاتخاصمه قك ان لاتهجره فوق الثلث قكا ان لاتسلّم عليه ان كان فقيراً بخلاف الغني قكب ان لاتحدّث بما ائتمنك عليه قكج ان لاتحجبه قكد ان لاتمكر به قكه ان لاتحسده قكو ان لاتقول له زعمت قكز ان لاتكون له ذا وجهين و لسانين قكح ان لاتؤذيه قكط ان لاتهينه قل ان لاتذله قلا ان لاتحتقره قلب ان لاتحصي عثراته و عوراته لتعيره بها يوماً ما قلج ان لاتستخف به قلد ان لاتعيره و لاتؤنبه قله ان لاتبهته قلو ان لاتذيع سره قلز ان لاتروي عليه ما يعيبه قلح ان لاتصدق ما يروي عليه قلط ان لاتسبه قم ان لاتعرض عرضه و ماله و دمه قما ان لاتطعن عليه قمب ان لاترد عليه قوله قمج ان لاتضمر السوء له قمد ان لاتلعنه قمه ان تحزن لحزنه و تفرح
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۵ *»
لفرحه قمو ان لاتسيئ الظن به قمز ان لاتخيفه و لو بالنظر قمح ان لاتعين علي اذاه و لو بشطر كلمة قمط ان لاتحاكيه قن ان لاتنقل حديثه بغير اذنه.
فهذه مائة و خمسون حقاً منصوصاً و ذكرنا ما تيسر لنا جمعه و ان كان بعضها داخلاً في بعض فلاجل انا اردنا اتباع النصوص و مع ذلك لا ضير اذ يجمع ذلك ان تحب له ما تحب لنفسك و تبغض له ما تبغض لنفسك و البواقي تفصيل ذلك و من عجيب اتمام الحجة ان اللّه جلوعز جعل ميزان ذلك نفسك التي بين جنبيك ليس ببعيد عنك حتي لاتقول انا كنا عن هذا غافلين و ماعلمنا الخير و الشر ففي كل معاملة قولي او فعلي مع اخيك اعرضه علي نفسك فان كنت تحبه لنفسك من اخيك فعامله به و الا فاتركه.
و ان قلت و اين لي القدرة علي اداء جميع هذه الحقوق و عدم الغفلة عنها اقول لك ان اللّه تبارك و تعالي جعل ذلك في طباع الحب فان كنت لاتحب اخاك فانت ساقط من ولاية اللّه و لا كلام معك و ان كنت تحبه فذلك كله طباع الحب و سجيته الاتري ان الام الشفيقة بولدها ماتعلمت من احد علم حقوق الولد بل هي لما احبت ولدها حقيقة كان من طباع حبها ان تعامله بما تعامله فتسهر لينام و تجوع ليشبع و تعري لتكسوه و تظمأ لترويه و توقع نفسها في النار و الماء لتنجيه و لاتقدر انتسمع له عيباً و لاتنقصه عند احد تبكي من كل عيب فيه يضحك منه غيرها و تفرح لفرحه و تحزن لحزنه و تمرض لمرضه و تؤثره علي نفسها في كل حال من غير ان تكون تعلمت من عالم حقوق الولد و لو لمتكن في سجية حبها و كانت تعلمت لماعملت و لو عملت لتوانت او لاخطأت و لذلك قلت بعد تدرب الامور ان اردت اسوة في حب الاولياء فعليك بالامهات و ان اردت اسوة في بغض الاعداء فعليك بالضرات و ان اردت اسوة في التقوي في الدين فعليك باهل الدنيا في دنياهم و ان اردت الاسوة في تحصيل العلم فعليك بطلاب المال.
بالجملة مدار جميع ذلك الحب فان كنت تحب اخاك بحب صادق فهو له طباع قهري و هو يقتضي جميع ذلك و يحملك عليه عالماً كنت او جاهلاً و الا فلا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۶ *»
فائدة في تعليمك و لست من فرسان هذا الميدان و لنعم ما قال الشاعر:
هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوي سهل | و ما اختاره مضنيً به و له عقل | |
و عش سالماً فالحب راحته عنا | و اوله سقم و آخره قتل | |
ولكن لدي الموت فيه صبابة | حيوة لمن اهوي عليه به الفضل | |
نصحتك علماً بالهوي و الذي اري | مخالفتي فاختر لنفسك ما يحلو | |
و ان شئت ان تحيي سعيداً فمت به | شهيداً و الا فالغرام له اهل |
فهذه حقوق الاخوان الذين هم اترابك و نظراؤك فما ظنك بحقوق الذين هم اكمل منك ايماناً و اعظم شأناً هيهات هيهات تلك حقوق لاتؤدي و امور لايمكن انتصدي الا ان يعاملونا بالمسامحة و العفو اللهم اني اسألك بحق محمد و آلمحمد: ان ترزقني العفو و العافية و المعافاة في الدنيا و الآخرة اللهم اني ان كان لي حق علي اترابي و من هو دوني فاني تصدقت به عليهم و عفوتهم عما قصروا فيه من حقي فارزقني عفو من هو فوقي من اوليائك فانهم اولي بالعفو.
و اما الذين هم اصغر سناً منك يعني اضعف ايماناً و اقل بصيرة منك فلهم ايضاً حق بقدر ما ظهر فيهم من نور ابويك و نور ربك و هم الذين اشاراليهم اميرالمؤمنين7 في حديث مر و آمرك ان تواسي اخوانك المطابقين لك علي تصديق محمد و تصديقي و الانقياد له و لي مما رزقك اللّه و فضلك علي من فضلك به منهم بسد فاقتهم و بجبر كسرهم و خلتهم الخبر انظر الي قوله7 في السابقين حيث قال آثرته بمالك و في المساوين قال ساويتهم في مالك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۷ *»
بنفسك و قال في الادنين ان تواسي اخوانك مما رزقك اللّه الدال علي التبعيض و ذلك ان لهؤلاء جبر الكسر و سد الفاقة و الانفاق من فضول المال بقدر قوة ايمانهم و كذلك ينبغي انيكون علومك و سرايرك و اسرارك في حق هذه الفرق فتؤثر من هو اعلي منك فلاتكتمه حديثاً و تساوي من هو مثلك فتعلمه شطر علمك و اما الادنون فلهم بقدر قابليتهم و تحملهم فتؤدي اليهم جميع الحقوق المستحبة التي مرت علي حسبهم و اما المحرمات منها فلاتستعملها فيهم ايضاً بالكلية و كذا الواجبات منها فلاتترك فيهم ايضاً و اما المستحبات فتؤدي منها اليهم علي حسب ظهور نور اللّه و نور ابويك منهم و هذا مجمل حقوق اخوان الثقة و ان اردت التفصيل فعليك بكتابنا «ابوابالجنان» فانه كتاب مفرد في حقوق الاخوان.
و اماحقوق اخوان المكاشرة و هم اخوانك من ابيك و امك المرتضعون من ثدي حبتر لعنه اللّه او من غير ابيك و امك و لكنهم رضعوا من ثدي امك و اما بنوالعلات فلاتوجد هنا فهنا مقامان و احب ان افردهم بفصل آخر.
فصل: اعلم ان الاشياء علي ثلثة اقسام فاما ان يكون لطيفة الشيء اي جهة ربه اكثر من كثيفته و انيته فتكون فيه اللطيفة قوية و منشأة آثار و آثار كثيفته ضعيفة و اما انتكون لطيفته مساوية لانيته و لكل منهما آثار و هي متكافئة و اما ان تكون انيته غالبة و منشأة آثار قوية و لطيفته ضعيفة لها آثار ضعيفة مغلوبة و كذلك الصفات علي قسمين صفات ذاتية و هي اذا كان ذاتية الشيء غالبة علي اعراضه غالبة فلايبدو من اعراضه صفات يعتني بها و صفات عرضية و هي اذا كان عرضية الشيء غالبة علي ذاتيته فلايبدو من ذاتيته صفات يعتني بها و هذا العالم عالم الاعراض و كل من نزل اليه لحقه اعراض كما قال علي7كلما بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه و انما الكمال كل الكمال في غلبة الذاتية النورية علي الاعراض بحيث تكون الاعراض مضمحلة متلاشية لاحكم لها و لا اثر مع تلك الذاتية و النقص كل النقص في غلبة الذاتية الظلمانية علي الاعراض بحيث تكون الاعراض متلاشية عندها لاحكم لها و لا اثر و بين هذين مراتب من زيادات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۸ *»
الاعراض شيئاً فشيئاً و مدار هذه الدنيا علي الصفات الظاهرة من الاشخاص فمن كان صفاته الظاهرة من صفات ذاتيته النورانية و لايظهر من اعراضه صفات فبخ بخ له هو الكامل حقاً و من كان صفاته الظاهرة من صفات ذاتيته الخبيثة فسحقاً سحقاً له هو الشرير المحض حقاً و من كان ذاتيته نورانية لكنها مغلوبة لاعراضه بحيث لايظهر لذاتيته صفة يعتني بها او كثيرة فبؤساً له في الدنيا و ان كان يطهر في الدنيا و الآخرة و يدخل الجنة بذاتيته و من كان ذاتيته ظلمانية لكنها مغلوبة لاعراضه في الدنيا بحيث لايظهر لذاتيته صفات يعتني بها فمرحباً به في الدنيا و ان كان في الآخرة من الاخسرين فالمؤمن يتضرر من عشرة مَن صفاته سيئة قوية و ان كان في ذاته طيباً و انما رجوعه الي ربه و حسابه عليه و اما في الدنيا فضرر عشرته ظاهر بين فينبغي المباعدة عنه الي ان تزول اعراضه و انما مثلهم ككافور اصابه رايحة الفلفل حتي اخفت رايحة الكافور فلاينتفع بشمه من يحتاج الي شم الكافور و يتضرر برايحة الفلفل بل يتضرر به البتة و ينتفع المؤمن من عشرة مَن صفاته حسنة قوية و ان كان في ذاته خبيثاً اذ حسابه علي ربه اذ رجع اليه و مدار الدنيا علي الظاهر و ينتفع بصفاته كفلفل غلب عليه رايحة الكافور فمن يحتاج الي رايحة الكافور ينتفع به و من يتضرر برايحة الفلفل لايتضرر به الي ان يزول عنه رايحة الكافور و يظهر رايحة الفلفل فعند ذلك يجتنب المتضرر من رايحة الفلفل.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان اخوان المكاشرة هم الذين غلب عليهم الاعراض و هم علي قسمين فمنهم من هو من ابيك و امك لكنه غلب عليهم لبن حبتر الذي رضعوا به و بدا منهم صفات قبيحة منكرة فهؤلاء لايمكن تركهم بالكلية لمكان ذاتهم و لايمكن معاشرتهم لمكان صفاتهم و في الحقيقة انت متقرب الي والديك و مجتنب عن اعدائهما و منهم من هو من غير ابيك و امك و لكنهم رضعوا بثدي امك فلايمكن مودتهم لمكان ذاتهم و ينبغي معاشرتهم اداء لحق امك و حرمة لبن امك اما الذين هم من ابيك و امك و لكنهم رضعوا بلبن حبتر لعنه اللّه فلاينبغي مجالستهم و مساورتهم مادام فيهم رايحة الاعداء غالبة بل ينبغي اظهار الكراهة و البراءة من اعمالهم و التقبض عنهم و نهيهم عن المنكر قال اللّه سبحانه (و اخفض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۱۹ *»
جناحك للمؤمنين فان عصوك فقل اني بريء مما تعملون) و في الوسائل عن الحرث بن المغيرة قال قـال ابوعبداللّه7 لآخذن البريء منكم بذنب السقيم و لم لاافعل و يبلغكم عن الرجل ما يشينكم و يشينني فتجالسونهم و تحدثونهم فيمر بكم المار فيقول هؤلاء شر من هذا فلو انكم اذا بلغكم عنه ما تكرهون زبرتموهم و نهيتموهم كان ابرّ بكم و بي و في رواية بمعناه ثم قيل اذا لايقبلون منا قال فاهجروهم و اجتنبوا مجالسهم و في رواية اخري لو انكم اذا بلغكم عن الرجل شيء تمشيتم اليه فقلتم يا هذا اما ان تعتزلنا و تجتنبنا و اما ان تكف عن هذا فان فعل و الا فاجتنبوه و قد مر اخبار عديدة في الذين لاينبغي مؤاخاتهم من اهل المعاصي و هي جارية في هؤلاء ولكن ينبغي مودة ذاته اذا ظهر ايمانه و طيب ذاته بمودة محمد و آلمحمد: و مودة اوليائهم و مودة الصالحات و سروره اذا اطاع و حزنه و سخطه علي نفسه اذا عصي فحينئذ ينبغي مودة ذاته و الاجتناب عنه مادام منتناً انظر الي ما رواه يعقوب بن ميثم التمار مولي علي بن الحسين7 قال دخلت علي ابيجعفر7 فقلت جعلت فداك يا ابن رسولاللّه اني وجدت في كتب ابي ان علياً قال لابي ميثم احب حبيب آلمحمد: و ان كان فاسقاً زانياً و ابغض مبغض آلمحمد: و ان كان صواماً قواماً فاني سمعت رسولاللّه9 و هو يقول الذين آمنوا و عملوا الصالحات اولئك هم خير البرية ثم التفت اليّ و قال هم واللّه انت و شيعتك يا علي و ميعادهم الحوض غداً غراً محجلين متوّجين فقال ابوجعفر7 هكذا هو عياناً في كتاب علي7 و انظر الي رواية زيد النرسي قال قلت لمولاي موسي بن جعفر7 يا ابن بنت رسولاللّه ان هيهنا رجال من مواليكم يشربون الخمور و يرتكبون الموبق من الذنب فيسوغ لنا ان نقول انهم فساق فجار فقال لا يازيد واللّه ما الفاسق الفاجر الا الناصب لنا حرباً ولكن قولوا مؤمنوا النفس خبيث الفعل طيب الروح واللّه لنيخرج ولينا من الدنيا الا و اللّه و رسوله و نحن عنه راضون و ذلك ان اللّه يحشره علي ما فيه من الذنوب مبيضاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۰ *»
وجهه مستوراً عورته و ادني ما يصفي به ولينا ان يريه اللّه رؤياً مهولة في منامه او يلقاه ظلم من دولة الظالمين او يشدد عليه عند الموت فيكون كفارة لذنبه فيخرج من الدنيا بغير ذنب و في العلل بسنده عن اسحق القمي قال دخلت علي ابيجعفر الباقر7 فقلت له جعلت فداك اخبرني عن المؤمن يزني قال لا قلت فيلوط قال لا قلت فيشرب المسكر قال لا قلت فيذنب قال نعم قلت جعلت فداك لايزني و لايلوط و لايرتكب السيئات فاي شيء ذنبه فقال يا اسحق قال اللّه تبارك و تعالي (الذين يجتنبون كبائر الاثم و الفواحش الا اللمم) و قد يلم المؤمن بالشيء الذي ليس فيه مراد قلت جعلت فداك اخبرني عن الناصب لكم يطهر بشيء ابداً قال لا قلت جعلت فداك قد اري المؤمن الموحد الذي يقول بقولي و يدين اللّه بولايتكم و ليس بيني و بينه خلاف يشرب المسكر و يزني و يلوط و آتيه في حاجة واحدة معبس الوجه كالح اللون ثقيلاً في حاجتي بطيئاً فيها و قد اري الناصب المخالف لما آتي عليه و يعرفني بذلك فآتيه في حاجة فاصيبه طلق الوجه حسن البشر متسرعاً في حاجتي فرحاً بها يحب قضاءها كثير الصلوة كثير الصوم كثير الصدقة يؤدي الزكوة يستودع فيؤدي الامانة قال يا اسحق ليس تدرون من اين اوتيتم قلت لا واللّه جعلت فداك الا ان تخبرني فقال يا اسحق ان اللّه عزوجل كان متفرداً بالوحدانية ابتدأ الاشياء لا من شيء فاجري الماء العذب علي ارض طيبة طاهرة سبعة ايام مع لياليها ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين و هي طينتنا اهل البيت ثم قبض قبضة من اسفل تلك الطينة و هي طينة شيعتنا ثم اصطفانا لنفسه فلو ان طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لمازني احد منهم و لاسرق و لا لاط و لاشرب المسكر و لااكتسب شيئاً مما ذكرت ولكن اللّه عزوجل اجري الماء المالح علي ارض ملعونة سبعة ايام و لياليها ثم نضب الماء عنها ثم قبض قبضة و هي طينة ملعونة من حماء مسنون و هي طينة خبال و هي طينة اعدائنا فلو ان اللّه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۱ *»
عزوجل ترك طينتهم كما اخذها لمتروهم في خلق الآدميين و لميقروا بالشهادتين و لميصوموا و لميصلوا و لميزكوا و لميحجوا البيت و لمتروا احداً منهم بحسن خلق ولكن اللّه تبارك و تعالي جمع الطينتين طينتكم و طينتهم فخلطهما و عركهما عرك الاديم و مزجهما بالمائين فما رأيت من اخيك المؤمن من شر لفظ او زنا او شيء مما ذكرت من شرب مسكر او غيره فليس من جوهريته و لا من ايمانه انما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت و ما رأيت من الناصب من حسن وجه و حسن خلق او صوم او صلوة او حج بيت او صدقة او معروف فليس من جوهريته انما تلك الافاعيل من مسحة الايمان اكتسبها و هو اكتساب مسحة الايمان قلت جعلت فداك فاذا كان يوم القيمة فمه قال لي يا اسحق ايجمع اللّه الخير و الشر في موضع واحد اذا كان يوم القيمة نزع اللّه عزوجل مسحة الايمان منهم فردها الي شيعتنا و نزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها علي اعدائنا و عاد كل شيء الي عنصره الاول الذي منه ابتدأ اما رأيت الشمس اذا هي بدت الاتري لها شعاعاً زاجراً «زاخراً» متصلاً بها او بائناً منها قلت جعلت فداك الشمس اذا هي غربت بدا اليها الشعاع كما بدا منها و لو كان بائناً منها لمابدا اليها قال يا اسحق كل شيء يعود الي جوهره الذي منه بدئ قلت جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد الينا و تؤخذ سيئاتنا فترد اليهم قال اي واللّه الذي لا اله الا هو قلت جعلت فداك اخذتها من كتاب اللّه عزوجل قال نعم يا اسحق اماتتلو هذه الآية (اولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات و كان اللّه غفوراً رحيماً) فلم يبدل اللّه سيئاتهم حسنات، لكم واللّه يبدل انتهي و شاهد ذلك قوله تعالي (الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات و الطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات اولئك مبرءون مما يقولون) و من الخبيثات و الطيبات الاعمال و الاقوال و الاحوال فهي خبيثة للخبيثين و طيبة للطيبين فاعمال اخيك الخبيثة من لبن حبتر و لطخ طينة الاعداء فمادام ذلك اللطخ منه ظاهراً تجتنبه كأن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۲ *»
يتلوث يد اخيك المؤمن بالنجاسة فتجتنبها لامحالة و انت تحبه و تهواه و انما امر الناس بمجانبة الماجن و الفاسق خوف سراية فسقه اليهم كما قال اللّه جلوعز (و لاتركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار) فسراية فسقه اليك و اخراجه ما في قوتك منه هو مس النار اياك فنهيت عن معاشرتهم لاجل ذلك و اما مودتهم في القلب و عدم قطعهم عن بعض البر و الصلة من الحقوق العامة فلابد منه فانهم ارحامك من آلمحمد: و صلة ارحامك الايماني اوجب من صلة ارحامك الجسماني فقد قال علي بن الحسين8 في حديث الحقوق و اما حق اخيك فان تعلم انه يدك و عزتك و قوتك فلاتتخذه سلاحاً علي معصية اللّه و لا عدة للظلم لخلق اللّه و لاتدع نصرته علي عدوه و النصيحة له فان اطاع اللّه و الا فليكن اللّه اكرم عليك منه و لا قوة الا باللّه و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 ان القوم ليكونون فجرة و لايكونون بررة فيصلون ارحامهم فتنمي اموالهم و تطول اعمارهم فكيف اذا كانوا ابراراً بررة و روي ان رجلاً اتي النبي9 فقال يا رسولاللّه اهل بيتي ابوا الا توثباً علي و قطيعة لي و شتيمة فارفضهم قال اذاً يرفضكم اللّه جميعاً و عنه9 من مشي الي ذي قرابة بنفسه و ماله ليصل رحمه اعطاه اللّه عزوجل اجر مائة شهيد و له بكل خطوة اربعونالف حسنة و محي عنه اربعونالف سيئة و رفع له من الدرجات مثل ذلك و كان كأنما عبد اللّه عزوجل مائة سنة صابراً محتسباً انتهي فاذا كان هذا حال قرابات النسب الجسماني المنقطع يوم القيمة فما ظنك بالقرابات الدينية الباقية ابد الابد فعن العسكري7 في تفسيره عن النبي9 من رعي حق قرابات ابويه اعطي في الجنة الفالف درجة بعد ما بين كل درجتين حضر الفرس الجواد المضمر مائة سنة احدي الدرجات من فضة و الاخري من ذهب و الاخري من لؤلؤ و الاخري من زمرد و الاخري
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۳ *»
من زبرجد و اخري من مسك و اخري من عنبر و اخري من كافور فتلك الدرجات من هذه الاصناف و من رعي حق قربي محمد و علي اوتي من فضائل الدرجات و زيادة المثوبات علي قدر زيادة فضل محمد و علي علي ابوي نسبه وقالت فاطمة3 لبعض النساء ارضي ابوي دينك محمداً و علياً بسخط ابوي نسبك و لاترضي ابوي نسبك بسخط ابوي دينك فان ابوي نسبك ان سخطا ارضياهما محمد و علي بثواب جزء من الفالف جزء من طاعة من طاعاتهما و ان ابوي دينك ان سخطا لميقدر ابوا نسبك ان يرضياهما لان ثواب طاعات اهل الدنيا كلهم لاتفي بسخطهما و قال الحسن بن علي8 عليك بالاحسان الي قرابات ابوي دينك محمد و علي و ان اضعت قرابات ابوي نسبك و اياك و اضاعة قرابات ابوي دينك بتلافي قرابات ابوي نسبك فان شكر هؤلاء الي ابوي دينك محمد و علي اثمر لك من شكر هؤلاء الي ابوي نسبك ان قرابات ابوي دينك اذا شكروك عندهما باقل قليل فنظرهما لك يحبط عنك ذنوبك و لو كانت ملأ ما بين الثري الي العرش و ان قرابات ابوي نسبك ان شكروك عندهما و قد ضيعت قرابات ابوي دينك لميغنيا عنك فتيلاً و قال علي بن الحسين8 حق قرابات ابوي ديننا محمد و علي و اوليائهما احق من قرابات ابوي نسبنا ان ابوي ديننا يرضيان عنا ابوي نسبنا و ابوا نسبنا لايقدران ان يرضيا عنا ابوي ديننا محمد و علي صلوات اللّه عليهما و قال محمد بن علي8 من كان ابوا دينه محمد و علي8 آثر لديه و قرابتهما اكرم من ابوي نفسه و قراباتهما قال اللّه عزوجل فضّلت الافضل لاجعلنك الافضل و آثرت الاولي بالايثار لاجعلنك بدار قراري و منادمة اوليائي الاولي و قال جعفر بن محمد8 من ضاق عن قضاء حق قرابة ابوي دينه و ابوي نسبه و قدح كل واحد منهما في الآخر فقدم قرابة ابوي دينه علي قرابة ابوي نسبه قال اللّه عزوجل يوم القيمة كما قدم قرابة ابوي دينه فقدموه الي جناني فيزاد فوق ما كان اعدّ له من الدرجات الفالف ضعفها و قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۴ *»
موسي بن جعفر8 و قد قيل له ان فلاناً كانت له الف درهم عرضت له بضاعتان يشتهيهما لاتتسع بضاعته لهما فقال ايهما اربح لي فقيل له هذا يفضل ربحه علي هذا بالف ضعفه قال اليس يلزمه في عقله انيؤثر الافضل قالوا بلي قال فهكذا ايثار قرابة ابوي دينك محمد و علي افضل ثواباً باكثر من ذلك لان فضله علي قدر فضل محمد و علي علي ابوي نسبه و قيل للرضا7 الانخبرك بالخاسر المتخلف قال من هو قالوا فلان باع دنانيره بدراهم اخذها فرد ماله من عشرةآلاف دينار الي عشرآلاف درهم قال بدرة باعها بالف درهم الميكن اعظم تخلفاً و حسرة قالوا بلي قال الاانبئكم باعظم من هذا تخلفاً و حسرة قالوا بلي قال ارأيتم لو كان له الف جبل من ذهب باعها بالف حبة من زيف الميكن اعظم تخلفاً و اعظم من هذا حسرة قالوا بلي قال من آثر بالبر و المعروف قرابة ابوي نسبه علي قرابة ابوي دينه محمد و علي لان فضل قرابات محمد و علي ابوي دينه علي قرابات ابوي نسبه افضل من فضل الف جبل ذهب علي الف حبة زائف و قال محمد بن علي الرضا7 من اختار قرابات ابوي دينه محمد و علي علي قرابات ابوي نسبه اختاره اللّه علي رءوس الاشهاد يوم القيمة و شهره بخلع كراماته و شرفه بها علي العباد الا من ساواه في فضائله او فضله و قال علي بن محمد8 ان من اعظام جلال اللّه ايثار قرابة ابوي دينك محمد و علي علي قرابة ابوي نسبك و ان من التهاون بجلال اللّه ايثار قرابة ابوي نسبك علي قرابة ابوي دينك محمد و علي8 و قال الحسن بن علي8 ان رجلاً جاع عياله فخرج يبغي لهم ما ياكلون فكسب درهماً فاشتري خبزاً و اداماً فمر برجل و امرأة من قرابات محمد و علي فوجدهما جائعين فقال هؤلاء احق من قراباتي فاعطاهما اياه و لميدر بماذا يحتج في منزله فجعل يمشي رويداً يتفكر فيما يعتل به عندهم و يقوله لهم ما فعل بالدرهم اذ لميجئهم بشيء فبينما هو متحير في طريقه اذا بفيج يطلبه فدل عليه فاوصل اليه كتاباً من مصر و خمسمائة دينار في صرة و قال هذه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۵ *»
بقية حملته اليك من مال ابن عمك مات بمصر و خلف مائةالف دينار علي تجار مكة و المدينة و عقاراً كثيراً و مالاً بمصر باضعاف ذلك فاخذ الخمسمائة دينار و وسع علي عياله و نام ليله فرأي رسولاللّه9 و علياً7 فقالا له كيف تري اغناءنا لك لما آثرت قرابتنا علي قرابتك ثم لميبق بالمدينة و لا بمكة ممن عليه شيء من المائةالف دينار الا اتاه محمد و علي في منامه و قالا له اما بكرت بالغداة علي فلان بحقه من ميراث ابن عمه و الا بكرنا عليك بهلاكك و اصطلامك و ازالة نعمك و ابانتك من حشمك فاصبحوا كلهم و حملوا الي الرجل ما عليهم حتي حصل عنده مائةالف دينار و ماترك احد بمصر ممن له عنده مال الا و اتاه محمد و علي في منامه و امراه امر تهدد بتعجيل مال الرجل اسرع ما يقدر عليه و اتي محمد و علي8 هذا المؤثر لقرابة رسولاللّه9 في منامه و قالا له كيف رأيت صنع اللّه لك و قد امرنا من بمصر ان يعجل اليك مالك و امرنا حاكمها بان يبيع عقارك و املاكك و يسفتج اليك باثمانها لتشتري بدلها من المدينة قال بلي فاتي محمد و علي حاكم مصر في منامه فامراه ببيع عقاره و السفتجة([2]) بثمنه اليه فحمل اليه من تلك الاثمان ثلثمائةالف دينار فصار اغني من بالمدينة ثم اتاه رسولاللّه9 فقال يا عبد اللّه هذا جزاؤك في الدنيا علي ايثار قرابتي علي قرابتك و لاعطينك في الآخرة بدل كل حبة من هذا المال في الجنة الف قصر اصغرها اكبر من الدنيا مغرز ابرة منها خير من الدنيا و ما فيها الخبر وانت تعلم ان قرابة ابويك محمد و علي المؤمنون فانه كما يكونان ابويك يكونان ابوي غيرك من المؤمنين فالمؤمنون اخوة ابوهم محمد و امهم علي فالمؤمنون قرابات محمد و علي و ان كان لمؤمن مع الايمان نسب ظاهري معهما فهو نور علي نور.
بالجملة المؤمنون ارحامك في الدين و ينبغي تقديم حقهما بقدر تقدم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۶ *» الدين علي الدنيا و الجسد الدنياوي فاذا كان ارحامك من اهل المعصية لايسقط عنك حق رحمهم و انما يسقط حق البررة فلاتعاملهم كما تعامل الابرار ولكن تصلهم لرحمهم ببعض الحقوق و ان كان ابرار قرابتك من دينك اقرب اليك و اولي باداء الحق و بالمراقبة فاذا وجدت رجلاً من اهل دينك يصف ما تصف و يظهر منه ان ذاتيته الايمان و علامة ذلك ان تحبه مع معاصيه لذاته كما مر بعد ما وازنت نفسك بحب اولياء آلمحمد: و هو مع تلك المعاصي يوالي محمداً و آلمحمد: و اوليائهم و اهل الطاعة و يقر بفضائلهم و يذعن بوجوب طاعتهم و يسرّ باطاعته و يسوؤه عصيانه و هو ساخط علي عصيانه و علي نفسه به ولكن يصدر منه ما يكرهه المؤمنون فاعلم انه اخوك الفاسق العمل الفاجر القول الطيب الذات فلاحظ فيه قرابة محمد و علي8 و صله ببعض الحقوق و اجتنب معاشرته و مراودته ان كان قوياً في معصيته و تخاف علي نفسك منه ان يزين لك عمله و من اداء حقه ان تأمره بالمعروف و تنهاه عن المنكر و تعبس له وجهك و تهدده و توعده بعقاب اللّه فان رجع عن غيّه و الا تهجره لعله يتذكر او يخشي و ان اجتنبته فلاتجتنبه عجباً من نفسك انك بريء من عيوبه هيهات هيهات ما اصابك من حسنة فمن اللّه و ما اصابك من سيئة فمن نفسك فان حفظك اللّه لحكمة و خذله لحكمة و صدر منه بعض القبايح و لميصدر منك بحفظه فليس يدل علي براءتك و قدسك منه بل لو وكلك اللّه عزوجل الي نفسك طرفة عين لظهر منك جميع الكبائر فانها كلها في قوتك و انما لمتظهر الي الفعلية بحفظ اللّه و قطع اسباب بروزها عنك فاحمد اللّه علي عدم بروزها منك و ترحم عليه حيث ابتلي و وكل الي نفسه و ادع له حتي يوفقه اللّه علي الترك و فعل الخيرات و اعلم انه رب عاص جرّه عصيانه الي الجنة و رب مطيع ساقه طاعته الي النار فرب عاصٍ نادم علي ما فرط خجل مما قدم وَجِل مما فعل يتوب و يسعد بدخول الجنة و رب مطيع معجب بطاعته مانٍّ علي ربه و علي اوليائه متدلل بين الناس بطاعته تسوقه الي النار نعوذ باللّه قال ابوعبداللّه7 ان الرجل ليذنب الذنب فيدخله اللّه به الجنة قيل يدخله اللّه بالذنب الجنة قال نعم انه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۷ *»
ليذنب فلايزال منه خائفاً ماقتاً لنفسه فيرحمه اللّه فيدخله الجنة و عن احدهما7 قال دخل رجلان المسجد احدهما عابد و الآخر فاسق فخرجا من المسجد و الفاسق صديق و العابد فاسق و ذلك انه يدخل العابد المسجد مدلاً بعبادته يدل بها فتكون فكرته في ذلك و تكون فكرة الفاسق في التندم علي فسقه و يستغفر اللّه عزوجل مما صنع من الذنوب انتهي فاذا جانبت اهل المعاصي فجانبهم خوفاً علي نفسك من ان يسري اليك سوء فعلهم فيظهر منك كما ظهر منهم و من ان تستأنس بالمعصية فتهون عليك و تنبيهاً و زجراً لهم عما يفعلون و من باب النهي عن المنكر هذا و من الذي يخلو من الذنب و الجرأة علي اللّه في الصغير و الكبير واحدة هذا و ان كنت تستصغر ذنبك فهو اعظم جرم و ان كنت تستعظمه فانت مثله في الذنب العظيم قال ابوعبداللّه7 اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لاتغفر قيل و ما المحقرات قال الرجل يذنب الذنب فيقول طوبي لي لو لميكن لي غير ذلك.
بالجملة الاخوان الذين تحبهم من غير علة و قد جربت نفسك في حب الاولياء و بغض الاعداء فهو اخوك لابيك و امك و له حق الولاية و ان كان ينبغي اجتنابه الي ان يطهر كالمؤمن المجذوم تواليه بولاية الايمان و تتباعد منه لمكان مرضه الي ان يبرأ انشاءاللّه و اما الذين هم ليسوا من ابويك ولكنهم رضعوا من ثدي امك و هم الكفار الذين تلطخ طينهم بطينة المؤمنين فظهر منهم آثارها فحسن اخلاقهم و زكا صفاتهم و كثرت عبادتهم و انبسطت ايديهم و علامة ذلك انك مع هذه الصفات الحسنة تبغضه بعد ما وازنت نفسك بحب الاولياء و بغض الاعداء فتبغضه من غير جهة و لاتدخل اعماله قلبك و لايلتصق بك فحينئذ يجب عليك انتراعي حرمة لبن امك و تعلم ان تلك الآثار من لبن امك و ان لميكن فيه موجوداً لماظهر منه تلك الاعمال فتراعيه و تعاشره و تواخيه بقدر ما يظهر منه و تبغضه في ذاته الي ان يزول عنه عرضيته و يفارقه لبن امك فيعود الي اصله و يظهر كفره الباطن فيسقط عنه التكليف و في الحقيقة كل الكلفة و المشقة في اداء هذه الحقوق فان الانسان يعلم انه منافق ملعون و متبرئ منه و مع ذلك يجب عليه ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۸ *»
يواخيه و يخالله و يخالقه و يجامله و يعاشره و يعاونه لحرمة لبن امه و لربما ينتفع الانسان في الدين و الدنيا بمجالسته ما يفوح منه الرايحة الطيبة رايحة لبن امك و يكون فيه الخير قوياً غالباً و لربما تنتفع بعلومه و اعماله و اخلاقه و نصايحه و حكمه فلاتتباعد منه فانك آخذ عن محمد و علي8 فعن المسيح7 خذوا الحق من اهل الباطل و لاتاخذوا الباطل من اهل الحق كونوا نقاد الكلام الخبر و عن ابيجعفر7 يقول ليس عند احد من الناس حق و لا صواب و لا احد من الناس يقضي بقضاء حق الا ما خرج منا اهل البيت و اذا تشعبت بهم الامور كان الخطاء منهم و الصواب من علي7 انتهي فجميع ما عنده من حق و صواب علمي او عملي فهو من عند علي7 و انت تحب علم علي و عمله و تراعي نوره و صفته و لذلك بني الاسلام علي العمل بظاهر المنافقين و الحكم بالاسلام عليهم و مواخاتهم مادام عليهم لطخ الايمان فعن معوية بن وهب قال قلت لابيعبداللّه7 كيف ينبغي لنا ان نصنع فيما بيننا و بين قومنا و فيما بيننا و بين خلطائنا من الناس قال فقال تؤدون الامانة اليهم و تقيمون الشهادة لهم و عليهم و تعودون مرضاهم و تشهدون جنايزهم و قال7 في حديث آخر لزيد الشحام اقرأ علي من تعلم انه يطيعني منهم و ياخذ بقولي السلام اوصيكم بتقوي اللّه عزوجل و الورع في دينكم و الاجتهاد للّه و صدق الحديث و اداء الامانة و طول السجود و حسن الجوار فبهذا جاء محمد9 ادّوا الامانة الي من ائتمنكم عليها براً و فاجراً فان رسولاللّه9 كان يأمر باداء الخيط و المخيط صِلوا عشايركم و اشهدوا جنايزهم و عودوا مرضاهم و ادّوا حقوقهم فان الرجل منكم اذا ورع في دينه و صدق الحديث و ادي الامانة و حسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري فيسرني ذلك و يدخل عليّ منه السرور و قيل هذا ادب جعفر و اذا كان علي غير ذلك دخل عليّ بلاؤه و عاره و قيل هذا ادب جعفر واللّه لحدّثني ابي7 ان الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي7 فيكون زينها ادّاهم للامانة و اقضاهم للحقوق و اصدقهم للحديث و سمع
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۲۹ *»
يقول عليكم بالورع و الاجتهاد و اشهدوا الجنايز و عودوا المرضي و احضروا مع قومكم مساجدكم و احبوا للناس ما تحبون لانفسكم امايستحي الرجل منكم ان يعرف جاره حقه و لايعرف حق جاره و قال7 عليكم بالصلوة في المساجد و حسن الجوار للناس و اقامة الشهادة و حضور الجنايز انه لابد لكم من الناس ان احداً لايستغني عن الناس حيوته و الناس لابد لبعضهم من بعض و قال اوصيكم بتقوي اللّه و لاتحملوا الناس علي اكتافكم فتذلوا ان اللّه عزوجل يقول في كتابه (و قولوا للناس حسناً) ثم قال عودوا مرضاهم و احضروا جنايزهم و اشهدوا لهم و عليهم و صلوا معهم في مساجدهم حتي يكون التمييز و تكون المباينة منكم و منهم وقال7 صلوا في عشايركم و عودوا مرضاكم و اشهدوا جنايزكم و كونوا لنا زيناً و لاتكونوا علينا شيناً حببونا الي الناس و لاتبغضونا اليهم فجُرّوا الينا كل مودة و ادفعوا عنا كل شر و قال كان اميرالمؤمنين7 يقول ليجتمع في قلبك الافتقار الي الناس و الاستغناء عنهم يكون افتقارك اليهم في لين كلامك و حسن سيرتك و يكون استغناؤك عنهم في نزاهة عرضك و بقاء عزك و قاليا شيعة آلمحمد اعلموا انه ليس منا من لميملك نفسه عند غضبه و من لميحسن صحبة من صحبه و مخالقة من خالقه و مرافقة من رافقه و مجاورة من جاوره و ممالحة من مالحه و قال وطّن نفسك علي حسن الصحبة لمن صحبت في حسن خلقك و كف لسانك و اكظم غيظك و اقل لغوك و تفرّش عفوك و تسخو نفسك و قال ابوجعفر7 مايعبأ بمن سلك هذا الطريق اذا لميكن فيه ثلث خصال ورع يحجزه عن معاصي اللّه و حلم يملك به غضبه و حسن الصحبة لمن صحبه و قال اميرالمؤمنين7 خالطوا الناس مخالطة ان متّم بكوا عليكم و ان غبتم حنّوا اليكم و عن احدهما8 الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة و قال رسولاللّه9 التودد الي الناس نصف العقل و قال تحبب الي الناس يحبوك و قال ابوعبداللّه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۰ *»
7 من كف يده عن الناس فانما يكف عنهم يداً واحدة و يكفون عنه ايدياً كثيرة و قال7 و اما اخوان المكاشرة فانك تصيب منهم لذتك لاتقطعن ذلك منهم و لاتطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم و ابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه و حلاوة اللسان الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة لمن جاس خلال الديار.
فصل: اعلم ان اللّه سبحانه واحد احد متفرد غني عن جميع ما سواه لاتنفعه طاعة من اطاعه و لاتضره معصية من عصاه و لميخلق ما خلق ليربح عليهم و انما خلقهم ليربحوا عليه و كما انه لاتلحقه جلوعز فائدة من ايجادهم لاتصل اليه اعمالهم بخير او شر و انما يلحقهم الفائدة و يعود اليهم الاعمال فلميكلفهم جلوعز بعمل يصل الي ذاته او يلحقه فائدة منها فانه الغني البحت و انما كلفهم باعمال تصل الي ذواتهم و تلحقهم منافعها و نهاهم عن اعمال تصل الي ذواتهم مضرتها لا غير فاذا نظرنا الي صنوف الخلق رأينا صنفاً منهم محمداً و آلمحمد: فرأيناهم في مقام المنير و جميع الخلق انوارهم و آثارهم فهم ايضاً صلوات اللّه عليهم اجل و اعظم من ان يصل اليهم اعمال ساير الخلق و ينتفعون فما من شيء من الخلق الا و هم له السبب و له العلة فكيف ينتفعون بما هو منهم و اليهم نعم اعمالهم في مقامهم يلحقهم آثارها دون اللّه عزوجل و كذلك الانبياء بعدهم فهم ايضاً في مقام اعلي من ساير المؤمنين فلايلحقهم ثمرات اعمال ساير المؤمنين نعم يلحقهم ثمرات اعمالهم انفسهم كما مر فما كلف المؤمنون من بعض الاعمال بالنسبة الي اللّه او الي محمد و آلمحمد: او الي الانبياء فانما هو لحاجة المؤمنين الي تلك الاعمال لا لحاجتهم و هم اغنياء عن المؤمنين و عن اعمالهم فانحصر اعمال المؤمنين في ان تصل هي و فوايدها الي انفسهم دون اوائل العلل و دون اللّه عزوجل فهي منهم و اليهم و لهم.
فاذا نظرنا الي تكاليف المؤمنين فمنها ما يكون متعلقها الافلاك و منها ما يكون متعلقها العناصر و منها ما يكون متعلقها الجمادات و منها ما يكون متعلقها النباتات و منها ما يكون متعلقها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۱ *»
الحيوانات و منها ما يكون متعلقها الاناسي فمنها ما يكون متعلقها انفسهم و منها ما يكون متعلقها اخوانهم و يلحق فوائد جميع ذلك الي انفسهم ليستكملوا و يبلغوا مقام الرباح علي اللّه و من البين ان الانسان اشرف من جميع تلك المتعلقات و اعظم فاشرف التكاليف و افضلها ما تعلق بالاناسي هذا و جميع ما سويهم خلق خلق لهم و لاجلهم و لايستوي المالك و المملوك و المسخر و المسخر له و افضل الاناسي المؤمنون فالتكاليف المتعلقة بالمؤمنين افضل التكاليف و اشرفها ثم التكاليف المتعلقة بالاخوان منهم الموثوق بهم افضل من الجميع لفضل متعلقها علي غيرها و لايساويها شيء من التكاليف و اما ما يتعلق بنفس المؤمن من اصلاح نفسه في نفسه وحدها فمتي يساوي التكاليف المتعلقة بالمؤمنين اذ في التكاليف المتعلقة بالمؤمنين اصلاح النفس و اصلاح العباد و البلاد و مثل من يشتغل باصلاح نفسه و من يشتغل بالمؤمنين نبي مرسل الي قوم و نبي غيرمرسل و شتان بينهما و عالم مشغول باصلاح العباد و البلاد و عابد مشغول بنفسه و شتان بينهما و من ياكل زاده لحفظ نفسه و من ينفق ماله في سبيل اللّه فاني و اني.
فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر و انصف و اعتبر ان اداء حقوق الاخوان افضل من الصلوة و الصيام و الزكوة و الحج و الجهاد و جميع العبادات و الطاعات و الاعمال و لايساويها شيء و فيه ارتباط الخلق الذي به يظهر التوحيد و سر التفريد و يعلم انهم عبيد اللّه الواحد الفرد المجيد و لذلك ارخي للناس ابليس في جميع التكاليف و اشنق لهم في ذلك فمنعهم من ادائه حتي كأنه من المنسوخات او لميشرع بل لو قال قائل انه لميبعث الرسل و لمينزل الكتب الا لاجل ذلك فان فيه الائتلاف و رفع الاختلاف و اصلاح العباد و نظم البلاد و ساير المتعلقات قد خلق لهم فتعود مع تكاليفها اليهم و اللّه جلجلاله غني عنهم و عن اعمالهم و عن فوائدها لميقل شططاً هذا و قد عرفت ان المؤمنين مظاهر حجج اللّه علي العالمين و هم مظاهر اللّه جلوعز في الارضين و المؤمنون هم ظاهر الظاهر المنبــݘـون عن باطن الباطن و لاجل ذلك قد قدمنا ان جميع المعاملات معهم يعود الي اللّه و الي محمد و آلمحمد: و روي سبيل اللّه شيعتنا و لا شك ان المؤمنين هم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۲ *»
اقرب الطرق الي اللّه و الي رسوله و الي اوليائه صلوات اللّه عليهم فما لحقهم فقد لحق اللّه و رسوله و حججه: و ما عاملتهم به فقد عاملت اللّه جلوعز به بل لا معاملة مع اللّه سبحانه الا معاملة المؤمنين كل علي حسب مقامه و رتبته فجميع ما تريد ان توقعه علي اللّه جلوعز فاوقعه عليهم و لا سبيل لك غيرهم و جميع ما تريد ان توقعه علي محمد و آلمحمد: فاوقعه عليهم فاذا قد عاد جميع الاعمال اليهم فاداء حقوقهم افضل الاعمال و اشرف الفعال و اقرب القربات الي اللّه المتعال و ان اردت الشاهد فاصغ لما اقول و من اللّه المأمول قال الحسن بن علي العسكري8 في تفسير قوله تعالي (الذين آمنوا و عملوا الصالحات) شيعة علي7 هم الذين يؤثرون اخوانهم علي انفسهم و لو كان بهم خصاصة و هم الذين لايريهم اللّه حيث نهاهم و لايفقدهم من حيث امرهم و شيعة علي7 هم الذين يقتدون بعلي7 في اكرام اخوانهم المؤمنين ما عن قولي اقول لك هذا بل اقوله عن قول محمد عليه و آله السلام فذلك قوله (و عملوا الصالحات) قضوا الفرايض كلها بعد التوحيد و اعتقاد النبوة و الامامة و اعظمها قضاء حقوق الاخوان في اللّه و استعمال التقية من اعداء اللّه عزوجل قال رسولاللّه9 مثل مؤمن لا تقية له كمثل جسد لا رأس له و مثل مؤمن لايرعي حقوق اخوانه المؤمنين كمثل من حواسه كلها صحيحة فهو لايتأمل بعقله و لايبصر بعينه و لايسمع باذنه و لايعبر بلسانه عن حاجته و لايدفع المكاره عن نفسه بالادلاء بحججه و لايبطش بشيء بيديه و لاينهض الي شيء برجليه فذلك قطعة لحم قد فاتته المنافع و صار غرضاً لكل المكاره فكذلك المؤمن اذا جهل حقوق اخوانه فانه يفوت حقوقهم([3]) فكان كالعطشان بحضرة الماء البارد فلميشرب حتي طفئ و بمنزلة ذي الحواس لميستعمل شيئاً منها لدفاع مكروه و لا لانتفاع محبوب فاذا هو سليب كل نعمة مبتلي بكل آفة و قال اميرالمؤمنين7 التقية من افضل اعمال المؤمن يصون بها نفسه و اخوانه من الفاجرين و قضاء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۳ *»
حقوق الاخوان اشرف اعمال المتقين يستجلب مودة الملئكة المقربين و شوق الحورالعين و قال الحسن بن علي8 ان التقية يصلح اللّه بها امة لصاحبها مثل ثواب اعمالهم و ان تركها ربما اهلك امة تاركها شريك من اهلكهم و ان معرفة حقوق الاخوان تحبب الي الرحمن و تعظم الزلفي لدي الملك الديان و ان ترك قضائها يمقت الي الرحمن و يصغر الرتبة عند الكريم المنان و قال الحسين بن علي8 لولا التقية ماعرف ولينا من عدونا و لولا معرفة حقوق الاخوان ماعرف من السيئات شيء الا عوقب علي جميعها لكن اللّه عزوجل يقول (و ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير) و قال علي بن الحسين زينالعابدين8 يغفر اللّه للمؤمن كل ذنب و يطهره منه في الدنيا و الآخرة ماخلا ذنبين ترك التقية و تضييع حقوق الاخوان و قال محمد بن علي8 اشرف اخلاق الامة الفاضلين من شيعتنا استعمال التقية و اخذ النفس بحقوق الاخوان و قال جعفر بن محمد8 استعمال التقية لصيانة الاخوان فان كان هو يحمي الخائف فهو من اشرف خصال الكرام و المعرفة بحقوق الاخوان من افضل الصدقات و الزكوات و الصلوات و الحج و المجاهدات و قال موسي بن جعفر8و قد حضره فقير مؤمن يسأله سد فاقته فضحك في وجهه و قال اسألك مسألة فان اصبتها اعطيتك عشرة اضعاف ما طلبت و ان لمتصبها اعطيتك ما طلبت و كان قد طلب منه مائة درهم يجعلها في بضاعته يتعيش بها فقال الرجل سل فقال موسي7 لو جعل اليك التمني لنفسك في الدنيا ما ذا كنت تتمني قال كنت اتمني ان ارزق التقية في ديني و قضاء حقوق اخواني قال فما بالك لمتسأل الولاية لنا اهل البيت قال ذلك قد اعطيته و هذا لماعطه فانا اشكر علي ما اعطيت و اسأل ربي عزوجل ما منعت فقال احسنت اعطوه الفي درهم و قال اصرفها في كذا يعني العفص فانه متاع باير و سيقبل بعد ما ادبر فانتظر به سنة و اختلف الي دارنا و خذ الاجر في كل يوم ففعل فما تمت له
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۴ *»
سنة اذ قد زاد في ثمن العفص للواحد خمسةعشر فباع ما كان اشتري بالفي درهم ثلثينالف درهم و كان علي بن موسي8 بين يديه فرس صعب و هناك راضة لايجسر احد منهم ان يركبه فان ركبه لميجسر ان يسيره مخافة ان يثب به فيرميه و يدوسه بحافره و كان هناك صبي ابن سبع سنين فقال يا ابن رسولاللّه اتأذن لي اناركبه و اسيره و اذلله قال انت قال نعم قال لما ذا قال لاني استوثقت منه قبل اناركبه بان صليت علي محمد و آله الطيبين مائة مرة و جددت علي نفسي الولاية لكم اهل البيت قال اركبه فركبه فقال سيّره فسيّره و مازال يسيّره و يعديه حتي اتعبه و كدّه فنادي الفرس يا ابن رسولاللّه قد آلمني منذ اليوم فاعفني منه و الا فصبرني تحته قال الصبي سل ما هو خير لك ان يصبرك تحت مؤمن قال الرضا7 صدق اللهم فصبر فلان الفرس و سار فلما نزل الصبي قال سل من دواب داري و عبيدها و جواريها و من اموال خزانتي ما شئت فانك مؤمن قد شهرك اللّه بالايمان في الدنيا قال الصبي يا ابن رسولاللّه و اسأل ما اقترح قال يا فتي اقترح فان اللّه يوفقك لاقتراح الصواب فقال سل لي ربك التقية الحسنة و المعرفة بحقوق الاخوان و العمل بما اعرف من ذلك قال الرضا قد اعطاك ذلك لقد سألت افضل شعار الصالحين و قيل لمحمد بن علي8 ان فلاناً نقب في جواره علي قوم فاخذوه بالتهمة و ضربوه خمسمائة سوط قال محمد بن علي8 ذلك اسهل من مائةالفالف سوط في النار نبه علي التوبة حتي يكفر ذلك قيل و كيف ذلك يا ابن رسولاللّه قال انه في غداة يومه الذي اصابه ما اصابه ضيع حق اخ مؤمن و جهر بشتم ابيالفصيل و ابيالدواهي و ابيالشرور و ابيالملاهي و ترك التقية و لميستر علي اخوانه و مخاطبيه و مخالطيه فاتهمهم عند المخالفين و عرضهم للعنهم و سبهم و مكروههم و تعرض هو ايضاً فهم الذين بهتوا عليه البلية و قذفوه بهذه التهمة فوجهوا اليه و عرفوه ذنبه ليتوب و يتلافي ما فرط منه فان لميفعل فليوطن نفسه علي ضرب خمسمائة سوط و حبس في مطبق لايفرق فيه بين الليل و النهار فوجه اليه فتاب و قضي حق الاخ الذي كان قد قصر فيه فمافرغ
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۵ *»
من ذلك حتي عثر باللص فاخذ منه المال و خلي عنه و جاءه الوشاة يعتذرون اليه و قيل لعلي بن محمد8 من اكمل الناس في خصال الخير قال اعملهم بالتقية و اقضاهم لحقوق اخوانه و قال الحسن بن علي8 اعرف الناس بحقوق اخوانه و اشدهم قضاء لهم اعظمهم عند اللّه شأناً و من تواضع في الدنيا لاخوانه فهو عند اللّه من الصديقين و من شيعة علي بن ابيطالب حقاً و لقد ورد علي اميرالمؤمنين7 اخوان مؤمنان اب و ابن فقام اليهما و اكرمهما و اجلسهما في صدر مجلسه و جلس بين ايديهما ثم امر بطعام فاحضر فاكلا منه ثم جاء قنبر بطشت و ابريق خشب و منديل لينشف و جاء ليصب علي يدي الرجل فوثب اميرالمؤمنين7 فاخذ الابريق ليصب علي يدي الرجل فتمرغ الرجل في التراب و قال يا اميرالمؤمنين اللّه يراني و انت تصب علي يدي قال اقعد و اغسل فان اللّه عزوجل يراك و اخوك الذي لايتميز منك و لايفضل عنك يزيد بذلك في خدمه في الجنة مثل عشرة اضعاف عدد اهل الدنيا و علي حسب ذلك في مماليكه فيها فقعد الرجل فقال له علي7 اقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته و نحلته و تواضعك للّه حتي جازاك عنه بان ندبني لما شرفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئناً كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبراً ففعل الرجل ذلك فلما فرغ ناول الابريق محمد بن الحنفية و قال يا بني لو كان هذا الابن حضرني دون ابيه لصببت علي يده ولكن اللّه عزوجل يأبي ان يسوي بين ابن و ابيه اذا جمعهما في مكان لكن قد صب الاب علي الاب و ليصب الابن علي الابن فصب محمد بن الحنفية علي الابن قال الحسن بن علي8 فمن اتبع علياً7 علي ذلك فهو الشيعي حقاً انتهي.
و انما قرنوا: التقية بحقوق الاخوان لان التقية من الاعداء من حقوق الاخوان لان فيها حفظ اموالهم و ازواجهم و اولادهم و رقابهم و دمائهم و المذيع يذل نفسه او يهلكها و يذل اخوانه او يهلكهم و يذل امامه او يصير سبب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۶ *»
قتله فهي لاجل حفظ الاخوان و من جملة لوازم محبتهم و اخوتهم و ان شئت قل ان المؤمن ينبغي ان يعطي كل ذي حق حقه و حق المؤمن ما علمت و اما حق الكافرين المتغلبين علي الملك الظاهرة دولتهم ان يداري المؤمن معهم و لايخالفهم و يماشيهم الي ان يشاء اللّه غير ذلك فما يشاء اللّه قوام دولتهم لايجوز ان يخالف مشية المؤمنين مشية اللّه عزوجل و قد اراد اللّه من اعزازهم و غلبتهم شيئاً فليُرِد المؤمن ذلك الشيء و ليعاملهم بما يناسب غلبتهم و دولتهم فهو حقهم فافهم وفقنا اللّه و اياكم علي هذين الامرين العظيمين المنسيين كأن لميكونا من الدين اللهم الا انيخاف بعضهم علي دمه فيتقيهم لاجل حفظ نفسه لا لاجل امتثال امر اللّه بحيث لو امره بسل سيفه عليهم لسل بالجملة ليس في جميع عري الايمان عروة اوثق من حب اولياء اللّه و بغض اعدائه و ليس عمل اعظم و لا اشد تقرباً الي اللّه جلوعز من اداء حقوق الاخوان هذا و ساير الاعمال لها شروط دقيقة خفية لايمكن كل احد الاتيان بها و للشيطان فيها حيل كثيرة و اما اداء حقوق الاخوان فهو اقرب الي رضاء اللّه المنان فانه ان شاب عملك شيء ينقصه من حيث صدوره منك فلايشوب انتفاع الاخ شيء و سروره بادائك حقه و دعائه لك مثلاً اذا وصلت اخاك بشيء رياء او سمعة و كانت من حيث الصدور منك غيرخالصة فليكن كذا و اما حصول انسداد خلة اخيك و قضاء دينه و استقامة ظهره و سرور قلبه و دعاؤه في غيبك و انتفاعه بها و توسعته علي عياله بها فذلك حاصل و المؤمن غر كريم و الكافر خب لئيم فان لمتنتفع بعملك صدوراً منك فلاتعدم النفع وقوعاً فان المؤمن كريم يتلافي و يقع عليه حق منك و ان فعلت ذلك للّه و في اللّه فبخّ بخّ فانك تنتفع به صدوراً و وروداً والحاصل ان المؤمن احكي الخلق للّه جلوعز و اقربهم منه و اشدهم اتصالاً به و اشدهم اظهاراً له و كل شيء اردت ان توصله الي يد اللّه جلوعز و كل معاملة اردت ان تعامل بها اللّه تبارك و تعالي فأت به الي المؤمن و اعمله بالنسبة اليه فانه السبيل الاقوم و الطريق الاقرب و هو شهادة اللّه في خلقه و ظاهره في عباده و لاجل ذلك صار سروره سرور اللّه و اكرامه اكرام اللّه و اذاه محاربة اللّه وهكذا علي ما عرفت
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۷ *»
آنفاً ففي الخصال بسنده عن يونس بن ظبيان قال قـال ابوعبداللّه يا يونس اتقوا اللّه و آمنوا برسوله قال قلت آمنا باللّه و برسوله فقال المحمدية السمحة اقام الصلوة و ايتاء الزكوة و صيام شهر رمضان و حج البيت الحرام و الطاعة للامام و اداء حقوق المؤمن فان من حبس حق المؤمن اقامه اللّه يوم القيمة خمسمائة عام علي رجليه حتي يسيل من عرقه اودية ثم ينادي منادٍ من عند اللّه جلجلاله هذا الظالم الذي حبس من اللّه حقه قال فيوبّخ اربعين عاماً ثم يؤمر به الي نار جهنم انتهي فحقوق المؤمن هي حقوق اللّه و اداؤها اداؤ حقوق اللّه لانه مظهر نور اللّه فاذاً مقدار توحيد كل احد علي حسب ادائه حقوق اخوته فافهم ذلك راشداً موفقاً و ان اردت التفصيل فعليك بكتابنا «ابوابالجنان» في حقوق الاخوان و الغرض في هذا الكتاب بيان شرف المؤمن و نباهته فلنكتف بما ذكرنا.
فصل: لما ان قد ذكرنا امر الوالدين الباطنيين سنح لنا ان نذكر كلمات في امر الوالدين الظاهريين فان الشارع صلوات اللّه عليه و آله قد عظم امرهما في الشريعة المقدسة و قرنه بالتوحيد و ذلك ان اللّه سبحانه قد خلق جسد الولد من نطفتهما التي هي جزؤهما و انشأ روحه من روحهما فهما السببان الاعظمان في انشائه و ايجاده اللذان ابي اللّه ان يوجده الا بهما فهما يدا الخالق المتعال في ايجاده و محلا مشيته في انشائه و وكرا ارادته في تدبير امره ثم لما خلقه من جزئهما ابرّهما به و اعطفهما به اعطافهما علي انفسهما بل جعلهما يؤثرانه علي انفسهما فيطويان كي يشبعانه و يظمآن كي يرويانه و يعريان كي يكسيانه و يسهران كي ينومانه و يقتحمان المهالك كي ينجيانه و يغفلان عن انفسهما كي يحفظانه و يسلمان للعيب كي يبرءانه و يمرضانه كي يصححانه و يعالجانه و يحتميان كي يسوغانه و ربما يعاملان اللّه في مرضه ان يعافيه اللّه و يسلبهما عينهما او اذنهما او حيوتهما كما شاهدنا نحوها و يتعبان كي يريحانه و يتذللان كي يعزانه و يفقران كي يغنيانه و يضحيان كي يؤويانه و يعانيان كي يخدمانه وهكذا يؤثرانه علي انفسهما من كل حيث و جهة و ذكرت رحمة اللّه هنا بعبده اذ هذان عبدان من عبيد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۸ *»
اللّه الذين لايحصي عددهم الا اللّه و خلقان من ساير خلق اللّه الذين لايعلم عددهم الا اللّه و قد جعلهما محل مشيته في ايجاد عبد لميعبده في سابق امره و لميعرفه و هو في عداد الحيوانات و في تربيته حتي يستقل فظهر من رحمته بعبده فيهما مع كثافة قابليتهما و نقصان صلاحيتهما هذا المقدار من الرحمة فما مقدار رحمته الظاهرة في القوابل الصالحة الكاملة صلوات اللّه عليها و هذه مقدار رحمته في الدنيا الكثيفة الغاسقة فما مقدار رحمته جلوعز في الآخرة اذا زالت الموانع و ظهرت علي ما هي عليه فهذا من اعظم اسباب الرضا فمن عرف ذلك و علم يقيناً ان الوالدين محلا مشيته جلوعز و ظهر فيهما من رحمته هذا المقدار حتي انهما يهلكان انفسهما لكي ينجيان ولدهما فما حال مشية اللّه جلوعز و رحمته بعبده و كيف يحتمل ان يقدر اللّه لعبده غير الخير او يريد لعبده غير الصلاح و كيف يرضي لعبده ان يعذب بالنار مع الاشرار ما امكن اللهم اجعلنا لقدرك و قضائك من الراضين و لامرك من المسلمين و اليك من المفوضين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.
و كذلك اذا كان هذا حال الوالدين الجسمانيين فما حال الوالدين الايمانيين محمد و علي صلوات اللّه عليهما و آلهما و ما مقدار رحمتهما بهذه الامة المرحومة و ما مقدار عطفهما بهم صلوات اللّه عليهما و آلهما قال العسكري صلوات اللّه عليه قال اميرالمؤمنين7 من رحمته انه خلق مائة رحمة جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم فبها يتراحم الناس و ترحم الوالدة ولدها و تحنو الامهات من الحيوانات علي اولادها فاذا كان يوم القيمة اضاف هذه الرحمة الواحدة الي تسع و تسعين رحمة فيرحم بها امة محمد ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من اهل الملة حتي ان الواحد ليجيئ الي مؤمن من الشيعة فيقول اشفع لي فيقول و ايّ حق لك علَيّ فيقول سقيتك يوماً فيذكر ذلك فيشفع له فيشفع فيه و يجيئه آخر فيقول ان لي عليك حقاً فاشفع لي فيقول و ما حقك علَيّ فيقول استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار فيشفع له و لايزال يشفع حتي يشفع في جيرانه و خلطائه و معارفه فان المؤمن اكرم علي اللّه مما تظنون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۳۹ *»
و عنه7 قال اللّه تعالي لموسي بن عمران ياموسي اوتدري ما بلغت برحمتي اياك فقال موسي انت ارحم بي من امي قال اللّه يا موسي و انما رحمتك امك لفضل رحمتي انا الذي رققتها عليك و طيبت قلبها لتترك طيب وَسَنِها لتربيتك و لو لمافعل ذلك بها لكانت و ساير النساء سواء ياموسي اتدري ان عبداً من عبادي يكون له ذنوب و خطايا تبلغ اعنان السماء فاغفرها له و لاابالي قال يا رب و كيف لاتبالي قال لخصلة شريفة تكون في عبدي احبها بحب اخوانه الفقراء المؤمنين يتعاهدهم و يساوي نفسه بهم و لايتكبر عليهم فاذا فعل ذلك غفرت له ذنوبه و لاابالي الخبر و كيف يمكن اليأس من رحمته و قال في كتابه الصادق (يا عبادي الذين اسرفوا علي انفسهم لاتقنطوا من رحمة اللّه ان اللّه يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم) و جميع ما علي المؤمن ذنب بخلاف ما علي الكافر فانه كفر و آثار كفر لا ذنب و اما المؤمن فكل ما يفعله من سيئة فهو ذنب و قد اخبر اللّه عن نفسه انه يغفر الذنوب جميعاً من غير استثناء كيف لا و قد اخبر الصادق الامين عن ابيه عن جده قال قـال رسولاللّه9 من مات و لايشرك باللّه شيئاً احسن او اساء دخل الجنة و قال ابوعبداللّه7 في قول اللّه عزوجل (هو اهل التقوي و اهل المغفرة) قال اللّه تبارك و تعالي انا اهل ان اتقي و لايشرك بي عبدي شيئاً و انا اهل ان لميشرك بي عبدي شيئاً ان ادخله الجنة وقال7 ان اللّه تبارك و تعالي اقسم بعزته ان لايعذب اهل توحيده بالنار ابداً انتهي و من البين ان اهل التوحيد من لميجحد محمداً و آلمحمد: و لاجل ذلك صار حب علي حسنة لاتضر معها سيئة و بغضه سيئة لاتنفع معها حسنة و كيف يمكن اليأس و روي حذيفة بن اليمان قال رأيت رسولاللّه9 آخذاً بيد الحسن بن علي8 و هو يقول ايها الناس هذا ابن علي فاعرفوه فو الذي نفس محمد بيده انه لفي الجنة و محبوه في الجنة و محبوا محبيه في الجنة و في رواية مرت محب محب شيعة علي7 في الجنة و عن صباح بن سيابة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۰ *»
عن ابيعبداللّه7 قال ان الرجل ليحبكم و مايدري ما تقولون فيدخله اللّه الجنة و ان الرجل ليبغضكم و مايدري ما تقولون فيدخله اللّه النار بالجملة جري ذكر رحمة اللّه لما تذكرتها و في البحار بسنده عن زيد الشحام عن ابيعبداللّه7 في حديث الينا الصراط و الميزان و حساب شيعتنا واللّه انا لارحم بكم منكم بانفسكم الخبر و لنرجع الي ما كنا فيه من امر الوالدين.
فلما ان كانا هما سبب ايجاد الولد و يدا الرحمن في خلقه و تربيته الي ان يستقل وجب اداء حقوقهما علي كل من يعرف للّه حقاً و ان اداء حقهما من اداء حق اللّه و عقوقهما من المعاصي الكبيرة التي توجب النار و عن الرضا7 من لميشكر المنعم من المخلوقين لميشكر اللّه عزوجل و هما اعظم المنعمين علي الانسان بعد اللّه و رسوله و اوليائه و قال علي بن الحسين8 اشكركم للّه اشكركم للناس و قال النبي9 لايشكر اللّه من لايشكر الناس هذا و ان كانا مسلمين فلهما مع حق الولادة حق الاسلام و ان كانا مؤمنين فمع حق الولادة و الاسلام حق الايمان و ان كانا عالمين فمع حق الولادة و الاسلام و الايمان حق العلم و لهما مع ذلك حق اجلال الكبير ذي الشيبة و حق السابق الي الايمان و ما ذا تصنع حتي تؤدي حقهما و هما سببا ايجادك و انت لاتقدر ان تكون سبب ايجادهما و كفي بسبقهما عليك في هذا الحق الذي ليس لك مثله و لاتقدر علي اداء شكره ثم ان ربياك علي الاسلام و الايمان و الولاية و العلم و ادباك باحسن الادب فاعظم بحقهما و اعظم فذلك نعمة لايؤدي شكرها و لاتكافي بل ان دخلت الجنة و نلت المغفرة و بلغت الدرجات الرفيعة من جوار اللّه و قربه و رزقت المعارف و الحكم و تشرفت بولاية آلمحمد: و وصلت الي كل خير من الدنيا و الآخرة فجميع ذلك بسببهما فانك ان لمتكن لميكن شيء من ذلك و جميعها فرع وجودك و وجودك منهما فما اعظم حقهما عليك و اوجب حرمتهما عليك قال علي بن الحسين8 و اما حق امك انتعلم انها حملتك حيث لايحتمل احد و اعطتك من ثمرة قلبها ما لايعطي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۱ *»
احد احداً و وقَتْك بجميع جوارحها و لمتبال ان تجوع و تطعمك و تعطش و تسقيك و تعري و تكسوك و تضحي و تظللك و تهجر النوم لاجلك و وقَتْك الحر و البرد لتكون لها فانك لاتطيق الا بعون اللّه و توفيقه و اما حق ابيك فان تعلم انه اصلك فانك لولاه لمتكن فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان اباك اصل النعمة عليك فيه فاحمد اللّه و اشكره علي قدر ذلك و لا قوة الا باللّه و قد ورد في الحث علي برهما اخبار كما في الكافي عن ابيولاد الحناط قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (و بالوالدين احساناً) ما هذا الاحسان فقال الاحسان ان تحسن صحبتهما و ان لاتكلفهما ان يسألاك شيئاً مما يحتاجان اليه و ان كانا مستغنيين اليس يقول اللّه عزوجل (لنتنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون) قال ثم قال ابوعبداللّه7 و اما قول اللّه عزوجل (اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلاتقل لهما افٍ و لاتنهرهما) قال ان اضجراك فلاتقل لهما اف و لاتنهرهما ان ضرباك قال (و قل لهما قولاً كريماً) قال ان ضرباك فقل لهما غفر اللّه لكما فذلك منك قول كريم قال (و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة) قال لاتمل عينك من النظر اليهما الا برحمة و رأفة و لاترفع صوتك فوق اصواتهما و لا يدك فوق ايديهما و لاتقدم قدامهما و عن محمد بن مروان قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان رجلاً اتي النبي9 فقال يا رسولاللّه اوصني فقال لاتشرك باللّه شيئاً و ان احرقت بالنار و عذبت الا و قلبك مطمئن بالايمان و والديك فاطعهما و برهما حيين كانا او ميتين و ان امراك ان تخرج من اهلك و مالك فافعل فان ذلك من الايمان و عن منصور بن حازم عن ابيعبداللّه7 قال قلت اي الاعمال افضل قال الصلوة لوقتها و بر الوالدين و الجهاد في سبيل اللّه و عن درست بن ابيمنصور عن ابيالحسن موسي7 قال سأل رجل رسولاللّه9 ما حق الوالد علي ولده قال ان لايسميه باسمه و لايمشي بين يديه و لايجلس قبله و لايستسب له و عن محمد بن مروان قال قـال ابوعبداللّه7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۲ *»
مايمنع الرجل منكم ان يبر والديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيد اللّه عزوجل ببره و صلته خيراً كثيراً و عن معمر بن خلاد قال قلت لابيالحسن الرضا7 ادعو لوالدي اذا كانا لايعرفان الحق قال ادع لهما و تصدق عنهما و ان كانا حيين لايعرفان الحق فدارهما فان رسولاللّه9 قال ان اللّه بعثني بالرحمة لا بالعقوق و عن هشام بن سالم عن ابيعبداللّه7 قال جاء رجل الي النبي9 فقال يا رسولاللّه من ابر قال امك قال ثم من قال امك قال ثم من قال امك قال ثم من قال اباك و عن ابرهيم بن شعيب قال قلت لابيعبداللّه7 ان ابي قدكبر جداً و ضعف فنحن نحمله اذا اراد الحاجة فقال ان استطعت ان تلي ذلك منه فافعل و لقمه بيدك فانه جنة لك غداً و عن جابر قال سمعت رجلاً يقول لابيعبداللّه7 ان لي ابوين مخالفين فقال تبرهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا و عن عنبسة بن مصعب عن ابيجعفر7 قال ثلث لميجعل اللّه عزوجل لاحد فيها رخصة اداء الامانة الي البر و الفاجر و الوفاء بالعهد للبر و الفاجر و برّ الوالدين برين كانا او فاجرين و عن سدير قال قلت لابيجعفر7 هل يجزي الولد والده فقال ليس له جزاء الا في خصلتين يكون الوالد مملوكاً فيشتريه ابنه فيعتقه و يكون عليه دين فيقضيه عنه و عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر7 قال ان العبد ليكون بارّاً بوالديه في حيوتهما ثم يموتان فلايقضي عنهما دينهما و لايستغفر لهما فيكتبه اللّه عزوجل عاقاً و انه ليكون عاقاً لهما في حيوتهما غير بار بهما فاذا ماتا قضي دينهما و استغفر لهما فيكتبه اللّه عزوجل باراً و في جامعالاخبار قال رسولاللّه9 رقودك علي السرير الي جنب والديك في برهما افضل من جهادك بالسيف في سبيل اللّه و قال رسولاللّه9 رضا اللّه كله في رضاء الوالدين و سخط اللّه كله في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۳ *»
سخطهما وقال9 يقال للعاق اعمل ما شئت فاني لااغفر لك و يقال للبار اعمل ما شئت فاني ساغفر لك و قال9 اكرم الجار و لو كان كافراً و اكرم الضيف و لو كان كافراً و اطع الوالدين و لو كانا كافرين و لاترد السائل و ان كان كافراً و قال9 يا علي رأيت علي باب الجنة مكتوباً انت محرمة علي كل بخيل و مُراء و عاقّ و نمام و في الانوار النعمانية قال روي ان رجلاً اتي الصادق7 فقال له اني خدمت ابويّ حتي كبر سنهما فصرت اخدمهما كما تخدم الاطفال فهل اتيت بحقهما فقال7 لا وذلك انهما خدماك و هما يحبان بقاءك و انت تخدمهما و تكره بقاءهما و في كنزالدقايق روي ابواسيد الانصاري قال بينا نحن عند رسولاللّه9 اذ جاءه رجل من بنيسلمة فقال يا رسولاللّه هل بقي من بر ابويّ شيء ابر بهما بعد موتهما قال نعم الصلوة عليهما و الاستغفار لهما و انفاذ عهدهما من بعدهما و اكرام صديقهما و صلة الرحم التي لاتوصل الا بهما و قال في خبر آخر فليعمل العاقّ ما شاء ان يعمل فلنيدخل الجنة و في الصحيفة السجادية دعائه7 لوالديه اللهم صل علي محمد عبدك و رسولك و اهل بيته الطاهرين و اخصصهم بافضل صلواتك و رحمتك و بركاتك و سلامك و اخصص اللهم والديّ بالكرامة لديك و الصلوة منك يا ارحم الراحمين اللهم صل علي محمد و آله و الهمني علم ما يجب لهما علي الهاماً و اجمع لي علم ذلك كله تماماً ثم استعملني بما تلهمني منه و وفقني للنفوذ فيما تبصرني من علمه حتي لايفوتني استعمال شيء علمتنيه و لاتثقل اركاني عن الحفوف فيما الهمتنيه اللهم صل علي محمد و آله كما شرفتنا به و صل علي محمد و آله كما اوجبت لنا الحق علي الخلق بسببه اللهم اجعلني اهابهما هيبة السلطان العسوف و ابرهما بر الام الرءوف و اجعل طاعتي لوالدي و بري بهما اقر لعيني من رقدة الوسنان و اثلج لصدري من شربة الظمآن حتي اوثر علي هواي هواهما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۴ *»
و اقدم علي رضاي رضاهما و استكثر برهما بي و ان قل و استقل بري بهما و ان كثر اللهم خفض لهما صوتي و اطب لهما كلامي و الن لهما عريكتي و اعطف عليهما قلبي و صيرني بهما رفيقاً و عليهما شفيقاً اللهم اشكر لهما تربيتي و اثبهما علي تكرمتي و احفظ لهما ما حفظاه مني في صغري اللهم و ما مسهما مني من اذي او خلص اليهما عني من مكروه او ضاع قبلي لهما من حق فاجعله حطة لذنوبهما و علواً في درجاتهما و زيادة في حسناتهما يا مبدل السيئات باضعافها من الحسنات اللهم و ما تعديا علي فيه من قول او اسرفا علي فيه من فعل او ضيعاه لي من حق او قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته لهما و جدت به عليهما و رغبت اليك في وضع تبعته عنهما فاني لااتهمهما علي نفسي و لااستبطئهما في بري و لااكره ما تولياه من امري يا رب فهما اوجب حقاً علي و اقدم احساناً الي و اعظم منة لدي من ان اقاصّهما بعدل او اجازيهما علي مثل اين اذاً يا الهي طول شغلهما بتربيتي و اين شدة تعبهما في حراستي و اين اقتارهما علي انفسهما للتوسعة عليّ هيهات مايستوفيان مني حقهما و لاادرك ما يجب عليّ لهما و لا انا بقاض وظيفة خدمتهما فصل علي محمد و آله و اعني يا خير من استعين به و وفقني يا اهدي من رغب اليه و لاتجعلني في اهل العقوق للآباء و الامهات يوم تجزي كل نفس بما كسبت و هم لايظلمون اللهم صل علي محمد و آله و ذريته و اخصص ابوي بافضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين و امهاتهم يا ارحم الراحمين اللهم لاتنسني ذكرهما في ادبار صلواتي و في كل اناً من آناء ليلي و في كل ساعة من ساعات نهاري اللهم صل علي محمد و آله و اغفر لي بدعائي لهما و اغفر لهما ببرهما بي مغفرة حتماً و ارض عنهما بشفاعتي لهما رضيً عزماً و بلغهما بالكرامة مواطن السلامة اللهم و ان سبقت مغفرتك لهما فشفعهما في و ان سبقت مغفرتك لي فشفعني فيهما حتي نجتمع برأفتك في دار كرامتك و محل مغفرتك و رحمتك انك ذو الفضل العظيم و المن القديم و انت ارحم الراحمين.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۵ *»
الي غير ذلك من الاخبار و كفي عنها ما نزل من الحث الاكيد في الكتاب المجيد و هو قوله تعالي (و اذ اخذنا ميثاق بنياسرائيل لاتعبدون الا اللّه و بالوالدين احساناً و ذي القربي و اليتامي و المساكين و قولوا للناس حسناً) و قوله (و اعبدوا اللّه و لاتشركوا به شيئاً و بالوالدين احساناً) و قوله (قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم ان لاتشركوا به شيئاً و بالوالدين احساناً) وقوله (و قضي ربك ان لاتعبدوا الا اياه و بالوالدين احساناً اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلاتقل لهما اف و لاتنهرهما و قل لهما قولاً كريماً و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) و قال (و وصينا الانسان بوالديه حسناً و ان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلاتطعهما الي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون) و قال (و وصينا الانسان بوالديه احساناً حملته امه كرهاً و وضعته كرهاً) تدبر في هذه الآيات و ما تتضمن من الحث الاكيد و التحريض الشديد حتي تعرف عظمة امرهما و كفي بقرن اللّه امرهما بتوحيده.
و اعلم ان لبرهما و اداء حقهما فوائد كثيرة: منهـا رضاء اللّه جلجلاله كما سمعت ان رضا اللّه كله في رضا الوالدين و منهـا المغفرة كما سمعت انه يقال للبار بوالديه اعمل ما شئت فاني ساغفر لك و يقال للعاقّ اعمل ما شئت فاني لااغفر لك و اعظم من ذلك ما روي من بعض السماويات ان اللّه سبحانه قال من برّ والديه و عقّني اكتبه بارّاً و من برّ بي و عقّ والديه اكتبه عاقاً و منه يعلم ان برهما حسنة لاتضر معها سيئة و عقوقهما سيئة لاتنفع معها حسنة و منهـا طول العمر لما يأتي في صلة الرحم و هما من اعظم ارحامك و روي انه قال رسولاللّه9 رأيت في المنام رجلاً قد اتاه ملك الموت لقبض روحه فجاءه بره بوالديه فمنعه منه و منهـا تخفيف سكرات الموت لما روي عن الصادق7 من احب ان يخفف اللّه عنه سكرات الموت فليكن بقرابته وصولاً و بوالديه باراً فاذا كان كذلك هوّن اللّه عليه سكرات الموت و لميصبه في حيوته فقر و منهـا الغنا في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۶ *»
الدنيا لان الانفاق عليهما من احسن الانفاق و اقربه الي رضاء اللّه فيزيد له اضعافاً مضاعفة و لما مر من الخبر عن الصادق7 آنفاً و منهـا ان البار يكون دائماً في افضل العبادة كما مر و منهـا ان البر بهما فتح سبل الخير و تكثير النسل و اقبال الآباء و الامهات علي الاولاد و لولا بر الولد و تشريعه لمااقبل اب و لا ام علي ولد ليأسهما من نفعهما و برهما و منهـا ان برك بوالديك سبب بر ولدك بك لان اللّه يكافي عبده بمثل ما يعمل و كما تدين تدان.
و اعلم وفقك اللّه انه كما يكون برهما من الطاعات العظيمة و البار ابداً في الطاعة يكون عقوقهما من المعاصي الكبيرة و العاق ابداً في المعصية فعن عبيد بن زرارة قال سألت اباعبداللّه7 عن الكباير فقال هن في كتاب علي7 سبع الكفر باللّه و قتل النفس و عقوق الوالدين و اكل الربا بعد البينة و اكل مال اليتيم ظلماً و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و عن ابيالحسن7 السبع الموجبات قتل النفس و عقوق الوالدين و عد الباقي كما مر و بدل الكفر بـقذف المحصنة، الي غير ذلك من الاخبار الكثيرة و عن حديد بن حكيم عن ابيعبداللّه7 قال ادني العقوق اف و لو علم اللّه عزوجل شيئاً هو اهون منه لنهي عنه و في حديث الاربعمائة عن علي7 من احزن والديه فقد عقّهما و عن عبداللّه بن المغيرة عن ابيالحسن7 قال قـال رسولاللّه9كن باراً و اقصر علي الجنة و ان كنت عاقاً فاقصر علي النار و عن يعقوب بن شعيب عن ابيعبداللّه7 قال اذا كان يوم القيمة كشف غطاء من اغطية الجنة فوجد ريحها من كان له روح من مسيرة خمسمائة عام الا صنف واحد قلت من هم قال العاق لوالديه و عن سيف بن عميرة عن ابيعبداللّه7 قال من نظر الي ابويه نظر ماقت و هما ظالمان له لميقبل اللّه له صلوة و عن ابيالبلاد عن ابيعبداللّه7 قال لو علم اللّه شيئاً ادني من اف لنهي عنه و هو من ادني العقوق و من العقوق ان ينظر الرجل الي والديه فيحدّ النظر اليهماو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۷ *»
عن عبداللّه بن سليمان عن ابيجعفر7 قال ان ابي نظر الي رجل و معه ابنه يمشي و الابن متك علي ذراع الاب قال فماكلمه ابي مقتاً له حتي فارق الدنيا و عن الرضا7 حرم اللّه عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التوقير للّه عزوجل و التوقير للوالدين و تجنب كفر النعمة و ابطال الشكر و ما يدعو ذلك من قلة النسل و انقطاعه لما في العقوق من قلة توقير الوالدين و العرفان بحقهما و قطع الارحام و الزهد من الوالدين في الولد و ترك التربية لعلة ترك الولد برهما و في الانوار النعمانية عن الزهري قال كان علي بن الحسين8 لاياكل مع امه و كان ابر الناس بامه فقيل له في ذلك فقال اخاف ان آكل معها فتسبق عينها الي شيء من الطعام و انا لااعلم فآكله فاكون قد عققتها و من الاحاديث القدسية ما معناه انه قال جلجلاله وعزتي وجلالي و علو شأني لو ان العاق لوالديه عبدني كعبادة جميع الانبياء لااتقبل منه و اول ما كتب في اللوح اني انا اللّه لا اله الا انا من رضي عنه ابواه فانا راض عنه و من سخط عليه ابواه فانا ساخط عليه و عن النبي9 جميع الناس يرونني يوم القيمة الا العاقّ لوالديه و شارب الخمر و من سمع اسمي و لميصل علي.
اعلم ان العقوق هو العصيان و ترك الاحسان و هما محرمان بالنص من الكتاب و السنة فان امرا بترك واجب عيني فلا طاعة لهما لما فيه من عقوق والدي دينه محمد و علي صلي اللّه عليهما و آلهما اللذان امراه بذلك الواجب العيني و حرمة عقوقهما مقدمة فاذا منعاك عن الصلوة و الصوم و الحج و تحصيل العلوم الواجبة اصولاً و فروعاً و امثالها فلا طاعة لهما في معصية الخالق و في تفسير الامام7 قال الحسن بن علي7 من آثر طاعة ابوي دينه محمد و علي علي طاعة ابوي نفسه قال اللّه عزوجل لاوثرنك كما آثرتني و لاشرفنك بحضرة ابوي دينك كما شرفت نفسك بايثار حبهما علي حب ابوي نسبك و امـا الواجب الكفائي ففيه الخلاف و عن جمع اشتراط رضاهما و هو الظاهر من الاخبار كما روي عن جابر عن ابيعبداللّه7 قال اتي رجل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۸ *»
رسولاللّه9 فقال يا رسولاللّه اني راغب في الجهاد نشيط قال فقال النبي9 فجاهد في سبيل اللّه فانك ان تقتل تكن حياً عند اللّه ترزق و ان تمت فقد وقع اجرك علي اللّه و ان رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت قال يا رسولاللّه ان لي والدين كبيرين يزعمان انهما يأنسان بي و يكرهان خروجي فقال رسولاللّه9 فقرّ مع والديك فو الذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً و ليلة خير من جهاد سنة و روي في معراجالسعادة ما معناه ان رجلاً من اليمن جاء الي رسولاللّه9 ليجاهد معه فقال له9 ارجع و استأذن ابويك فان اذنا لك فجاهد و الا فبرهما ما استطعت فذلك افضل من جميع ما امر اللّه به بعد التوحيد وجاءه رجل آخر للجهاد فقال9 ألك ام قال نعم قال اذهب فكن معها فان الجنة تحت قدمها و امـا المستحبات فلا شك ان طاعتهما واجبة و عقوقهما محرم فلاتصح بدون رضاهما و علي كراهتهما و يدل علي ذلك ما رواه في الوسائل عن النبي9 في حديث من بر الوالدين ان لايصوم تطوعاً الا باذن ابويه و امرهما و الا كان الولد عاقاً و في رواية و من بر الوالدين ان لايصوم تطوعاً و لايحج تطوعاً و لايصلي تطوعاً الا باذن ابويه و امرهما و الا كان الولد عاقاً و في روايات عديدة لا يمين لولد مع والده و تطلق اليمين علي النذر ايضاً و امـا المباحات فعلي الاحري لان البر بهما واجب و عصيانهما حرام فلو كرها عمل مباح منك فلايجوز و امـا المكروهات و المحرمات فامرهما ظاهر بالجملة طاعتهما واجبة و اما اذا امراك بما لاتطيقه ضرراً فلا ضرر و لا ضرار في الاسلام ولكن ارضهما بما امكنك لما روي ان امراك ان تخرج من اهلك و مالك فافعل فان ذلك من الايمان.
بقي هناكلام و هو ان ابويك اللذين هما اصل جسدك اذا كان حقهما ما سمعت و عقوقهما علي ما ذكر فما حال ابوي علمك اللذين هما اصلا علمك و بهما علمت و علّماك الكتاب و الحكمة و فهّماك الانسانية و عرّفاك ربك و نبيك و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۴۹ *»
ائمتك سلام اللّه عليهم اجمعين و بهما نلت درجات قرب المنان و تصل الي الجنان و تعانق الحور الحسان فحقهما اعظم من حق ابوي الجسد بقدر فضل الروح علي الجسد و اعظم من جميع ذلك حقوق محمد و آلمحمد: كما مر فراجع.
فصل: و لما ان ذكر امر والديك الجسماني و حقوقهما فلايخلو من مناسبة بل من لزوم ان نذكر ما يتيسر من امر صلة الارحام و حقوقها و ثمراتها.
اعلم ان للارحام حقوقاً لاجتماعهم معك في رحم امك و لانهم اجزاء ابيك الذي تجتمع معهم فيه كما انت جزؤه فهم اعضاؤك و اعضادك و اعوانك و انصارك و انتم كبدن واحد و ينبغي في البدن الواحد ان يدفع اليد عن الكل و ينظر العين عن الكل و يسمع الاذن عن الكل و ينطق اللسان عن الكل وهكذا يعين كل عضو ساير الاعضاء بما يتأتي منه و الا فليست اعضاء بدن واحد و كذلك الارحام كلهم اعضاء بدن واحد فاذا اعان كل واحد منهم رحمه بما يتأتي منه فيتماسك بدنهم و يعتدل و يجلب اليه كل خير و يدفع عنه كل شر و يغلب سواه و اذا لميدفع كل عضو عن الباقي هجم علي البدن كل شر و خرّ صريعاً عن قليل و العجب من الانسان انه ولوع بما فيه فساده و متنفر عما فيه صلاحه و حق ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي فمن اجل ذلك تري جل التباغض و التحاسد و التفاخر و التسالب و التماكر و التعادي و التباغي في الارحام مع انه يجب ان يكون عكس ذلك فيهم و من ذلك يعلم ان النفس داعية الي الهلاك و قد جاء حجج اللّه سلام اللّه عليهم لينقذوها واذكروا نعمة اللّه عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخواناً وكنتم علي شفا حفرة من النار فانقذكم منها.
فالواجب علي المؤمن المسلم الطالب للنجاة انيصل ارحامه ما استطاع طاعة للّه و لرسوله و حججه سلام اللّه عليهم مع ما فيه من تعمير البيوت و تكثير الاعوان و ترهيب الاعداء و تقوية الظهر و طول العمر و توفير الاحباء و الاخوان هذا مع ما في الارحام من عرق يكونون اسرع الي الايتلاف و اقرب الي الانصاف و اولي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۰ *»
بالاخوة و احري بالمحبة و هم اكثر اغماضاً عن العيوب و اشد حمية للقريب فهم اولي بالصلة من ساير المؤمنين و احري بالبر من باقي المسلمين اللهم الا ان يكون غيرهم اكثر ايماناً و اولي بمحمد و آلمحمد: فيقدم رحمهما الاولي علي رحم النسب الابعد عنهما لقلة ايمانهما كما يأتيك ان شاء اللّه من الاخبار فان كان ارحامك مؤمنين فلهم حقان حق الرحم الباطن الايماني و حق الرحم الظاهر الجسماني و ان كانوا غيرمؤمنين فلهم حق الرحم الظاهري الجسماني و المؤمن لايضيع حق ذي حق و لو راعي الناس بعضهم حق بعض لعمرت الديار و عبد الجبار و لكنهم لا خير فيهم و هم الي ما يضرهم اسرع منهم الي ما ينفعهم كلية و قد عظم اللّه امر الارحام في كتابه حيث قال (فاتقوا اللّه الذي تساءلون به و الارحام) و قال (اذ اخذنا ميثاق بنياسرائيل لاتعبدون الا اللّه و بالوالدين احساناً و ذي القربي و اليتامي و المساكين و قولوا للناس حسناً) و قال (الذين يصلون ما امر اللّه به ان يوصل) و قال (و هل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض و تقطعوا ارحامكم) و قال (و اعبدوا اللّه و لاتشركوا به شيئاً و بالوالدين احساناً و بذي القربي) و قال (الذين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه و يقطعون ما امر اللّه به ان يوصل و يفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار) و في الكافي بسنده عن جميل بن دراج قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه جلذكره (و اتقوا اللّه الذي تساءلون به و الارحام ان اللّه كان عليكم رقيباً) قال فقال هي ارحام الناس ان اللّه عزوجل امر بصلتها و عظمها الاتري انه جعلها منه و عن اسحق بن عمار قال بلغني عن ابيعبداللّه7 ان رجلاً اتي النبي9 فقال يا رسولاللّه اهل بيتي ابوا الّا توثّباً عليّ و قطيعة لي و شتيمة فارفضهم قال اذاً يرفضكم اللّه جميعاً قال فكيف اصنع قال تصل من قطعك و تعطي من حرمك و تعفو عمن ظلمك فانك اذا فعلت ذلك كان ذلك من اللّه عليهم ظهيراً وعن احمد بن محمد بن ابينصر عن محمد بن عبيداللّه قال قـال ابوالحسن الرضا7 يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلث سنين فيصيرها اللّه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۱ *»
ثلثين سنة و يفعل اللّه ما يشاء و عن ابيحمزة قال قـال ابوجعفر7 صلة الارحام تزكي الاعمال و تنمي الاموال و تدفع البلوي و تيسر الحساب و تنسي الاجل و عن جابر عن ابيجعفر7 قال قـال رسولاللّه9 اوصي الشاهد من امتي و الغائب منهم و من في اصلاب الرجال و ارحام النساء الي يوم القيمة ان يصل الرحم و لو كانت منه علي مسيرة سنة فان ذلك من الدين و عن ابيحمزة عن ابيعبداللّه7 قال صلة الارحام تحسن الخلق و تسمح الكف و تطيب النفس و تزيد في الرزق و تنسي الاجل و عن احمد بن محمد بن ابينصر عن ابيالحسن الرضا7 قال قـال ابوعبداللّه7 صل رحمك و لو بشربة من ماء و افضل ما توصل به الرحم كف الاذي عنها و صلة الرحم منساة في الاجل محبة في الاهل و عن سدير عن ابيجعفر7 قال قال ابوذر2 سمعت رسولاللّه9 يقول حافتا الصراط يوم القيمة الرحم و الامانة و اذا مر الوصول للرحم المؤدي للامانة نفذ الي الجنة و اذا مر الخاين للامانة القطوع للرحم لمينفعه معهما عمل و تكفأ به الصراط في النار وعن الحكم الخياط قال قـال ابوعبداللّه7 صلة الرحم و حسن الجوار يعمران الديار و يزيدان في الاعمار و عن ابيعبيدة الحذاء عن ابيجعفر7 قال قـال رسولاللّه9 ان اعجل الخير ثواباً صلة الرحم و عن اسحق بن عمار قال قـال ابوعبداللّه7 مانعلم شيئاً يزيد في العمر الا صلة الرحم حتي ان الرجل يكون اجله ثلث سنين فيكون وصولاً للرحم فيزيد اللّه في عمره ثلثين سنة فيجعلها ثلثاً و ثلثين سنة و يكون اجله ثلثاً و ثلثين سنة فيكون قاطعاً للرحم فينقصه اللّه ثلثين سنة و يجعل اجله الي ثلث سنين و عن يحيي عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 لنيرغب المرء عن عشيرته و ان كان ذا مال و ولد و عن مودتهم و كرامتهم و دفاعهم بايديهم و السنتهم هم اشد الناس حيطة من ورائه و اعطفهم عليه و المّهم لشعثه ان اصابته مصيبة او نزل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۲ *»
به بعض مكاره الامور و من يقبض يده عن عشيرته فانما يقبض عنهم يداً واحدة و يقبض عنه منهم ايد كثيرة و من يلن حاشيته يعرف صديقه منه المودة و من بسط يده بالمعروف اذا وجده يخلف اللّه له ما انفق في دنياه و يضاعف له في آخرته و لسان الصدق للمرء يجعله اللّه في الناس خيراً من المال ياكله و يورثه لايزدادن احدكم كبراً و عظماً في نفسه و نأياً عن عشيرته ان كان موسراً في المال و لايزدادن احدكم في اخيه زهداً و لا منه بعداً اذا لمير منه مروة و كان معوزاً في المال لايغفل احدكم عن القرابة بها الخصاصة ان يسدها بما لاينفعه ان امسكه و لايضره ان استهلكه.
و عن سليمان بن هلال قال قلت لابيعبداللّه7 ان آل فلان يبر بعضهم بعضاً و يتواصلون فقال اذاً تنمي اموالهم و ينمون فلايزالون في ذلك حتي يتقاطعوا فاذا فعلوا ذلك انقشع عنهم و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 ان القوم ليكونون فجرة و لايكونون بررة فيصلون ارحامهم فتنمي اموالهم و تطول اعمارهم فكيف اذا كانوا ابراراً بررة و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 صلوا ارحامكم و لو بالتسليم يقول اللّه تبارك و تعالي (و اتقوا اللّه الذي تساءلون به و الارحام ان اللّه كان عليكم رقيباً) و عن صفوان الجمال قال وقع بين ابيعبداللّه7 و بين عبداللّه بن الحسن كلام حتي وقعت الضوضاء بينهم و اجتمع الناس فافترقا عشيتهما بذلك و غدوت في حاجة فاذا انا بابيعبداللّه7 علي باب عبداللّه بن الحسن و هو يقول يا جارية قولي لابيمحمد قال فخرج فقال يا اباعبداللّه ما بكر بك قال اني تلوت آية في كتاب اللّه عزوجل البارحة فاقلقتني قال و ما هي قال قول اللّه عز و جل ذكره (الذين يصلون ما امر اللّه به ان يوصل و يخشون ربهم و يخافون سوء الحساب) فقال صدقت لكأني لماقرأ هذه الآية من كتاب اللّه قط فاعتنقا فبكيا و عن عبداللّه بن سنان قال قلت لابيعبداللّه7 ان لي ابن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۳ *»
عم اصله فيقطعني و اصله فيقطعني حتي لقد هممت لقطيعته اياي ان اقطعه قال ان وصلته و قطعك وصلكم اللّه جميعاً و ان قطعته و قطعك قطعكم و عن داود بن فرقد قال قـال لي ابوعبداللّه7 اني احب ان يعلم اللّه اني قد اذللت رقبتي في رحمي و اني لابادر اهل بيتي اصلهم قبل ان يستغنوا عني و عن الجهم بن حميد قال قلت لابيعبداللّه7 تكون لي القرابة علي غير امري ألهم علي حق قال نعم حق الرحم لايقطعه شيء و اذا كانوا علي امرك كان لهم حقان حق الرحم و حق الاسلام و عن اسحق بن عمار قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان صلة الرحم و البر ليهونان الحساب و يعصمان من الذنوب فصلوا ارحامكم و بروا باخوانكم و لو بحسن السلام و رد الجواب و في الوسائل عن ميسر عن احدهما قال قـال يا ميسر اني لاظنك وصولاً لبني ابيك قلت نعم جعلت فداك لقد كنت في السوق و انا غلام و اجرتي درهمان و كنت اعطي واحداً عمتي و واحداً خالتي فقال اما واللّه لقد حضر اجلك مرتين كل ذلك يؤخر و في الوسائل عن النبي9 من مشي الي ذي قرابة بنفسه و ماله ليصل رحمه اعطاه اللّه عزوجل اجر مائة شهيد و له بكل خطوة اربعونالف حسنة و محي عنه اربعونالف سيئة و رفع له من الدرجات مثل ذلك و كان كمن عبد اللّه عزوجل مائة سنة صابراً محتسباً و عنه9 الصدقة بعشرة و القرض بثمانيةعشر و صلة الاخوان بعشرين و صلة الرحم باربعة و عشرين وسئل9 اي الصدقة افضل قال علي ذي الرحم الكاشح و قال علي7 لا صدقة و ذو رحم محتاج الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة لمن جاس خلال الديار و وجوب صلة الارحام و تحريم قطيعتها مما لا شك فيه و لا ريب يعتريه و مزيداً علي ثواب الآخرة يستفاد من الاخبار ان لها في الدنيا خواص لايرغب عنها الا الاحمق و هي كون ظهير من اللّه لك و تطويل العمر و تزكية الاعمال و تنمية الاموال و دفع البلوي و تحسين الخلق و اسماح الكف و تطييب النفس و زيادة الرزق و صلة اللّه و محبة في الاهل و تعمير الديار و الخلف من اللّه و نماء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۴ *»
العدد و العصمة من الذنوب و وقاية مصارع السوء و مما جرب ان اهل بيت اذا كانوا متواصلين مظاهرين لنيتسلط عليهم عدو و لايقع عليهم داهية الا و تزول عنهم سريعاً لتعاونهم في دفعها و يعتمد عليهم الناس و يستعينون بهم و يخاف منهم الاعداء و لايقع بين اهل بيت شقاق و نفاق و تقاطع الا و تفرقوا و انقرضوا و تسلط عليهم العدو و تلفت اموالهم و خربت بيوتهم و ذلك محسوس مشاهد و من العجب ان الشيطان اكثر همّه القاء العداوة و البغضاء و التحاسد بين الارحام ليفرقهم و كأن الارحام اشد حرصاً علي التقاطع و التحاسد و التماكر من الشيطان حتي كأنه ارتفع هذا الامر من بين الناس في آخر الزمان و لميبعث به النبي9 و ليس من الفرايض و ليس قطعه من المحرمات و شاع و ذاع في الديار بين الفجار و الابرار حتي انه لايعد في منافيات العدالة و لايتناكرون عليه ابداً ابداً و لذلك قصرت اعمارهم و خربت ديارهم و فسد ضياعهم و خسرت صفقاتهم و تسلط عليهم اعداؤهم و فتحت قلاعهم و نقصت عنهم بركات السماء و الارض و هم لايشعرون هذا و من العجايب ان ثمرة صلة الارحام اعجل من ساير الخيرات كما قال رسولاللّه9 ان اعجل الخير ثواباً صلة الرحم انتهي و كذلك بشقاق اهل بيت يسرع فيهم الانقراض و الزوال جعلنا اللّه بحق محمد و آلمحمد: من الذين يصلون الارحام و يطيعون رسول الانام صلوات اللّه عليه و آله.
و اعلم بعد ما عرفت ان صلة الرحم واجبة ان المراد بالرحم هي التي تعرف ان بينك و بينها قرابة و لو كانت بعيدة لما رواه في الوسائل عن الحسن بن علي الوشا عن ابيالحسن الرضا7 عن آبائه: قال قـال رسولاللّه9 لما اسري بي الي السماء رأيت رحماً متعلقة بالعرش تشكو الي اللّه رحماً لها فقلت كم بينك و بينها من اب فقالت نلتقي في اربعين اباً انتهي فكل من عرف انه يلتقي مع آبائك و لو في اربعين اباً هو رحمك بل لو قال قائل ان بني آدم كلهم ارحام الا ان درجات الصلة تختلف بحسب قرب الالتقاء و بعده لميقل بعيداً فلكل حق بحسبه و بحيث لايلزم منه عسر فقد عرفت ان من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۵ *»
صلة الرحم السلام و سقي الماء و امثال ذلك فجميع بني آدم ارحام حاشا من عودي في اللّه و نهي اللّه عن صلته فان اللّه يقول (انما ينهيكم اللّه عن الذين قاتلوكم في الدين و اخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم) و اما من لمينه اللّه عن صلته فهو علي حقه الا ان المعروف بالقرابة العرفية اشدها حقاً و هو المراد من الرحم في الاخبار و يجب صلته و لميُحدّ لها في الشرع حد يعرف الا انه حُدَّ جانبُها الاقل و هو قوله7 صل رحمك و لو بشربة من ماء و افضل ما توصل به الرحم كف الاذي عنها و قوله صلوا ارحامكم و لو بالتسليم و قوله فصلوا ارحامكم و بروا باخوانكم و لو بحسن السلام و رد الجواب و لا شك ان معني الصلة جذبها اليك و التودد اليها حتي تتصل بها و تتصل بك حتي تصيرا واحداً و القطع هو فصل ما بينك و بينه حتي تكون و هو اثنان و علامة الوحدة انيوجعك ما يوجعها و تهتم لهمها و تسر لسرورها و تدفع عنها بلية اذا حلّت عليها و ترد عنها عادية عدو اذا نزلت عليها و تكون جُنّتها و سيفها و عينها و دليلها و الشفيق بها كعضو و عضو و افضل من جميع ذلك ان تهديها من ضلالها و تعلمها من جهلها و تامرها بالخير و المعروف و تنهاها عن الشر و المنكر فاذا فعلت ذلك صدق عليك الوَصول لرحمه مطلقاً و اما اذا وصلتها من جانب و قطعتها من جانب صدق عليك الاسمان كأن تسلم عليها اذا لقيتها و اذا هجم عليها عدو تركتها و انت تقدر علي دفعه فان صح عليك اسم الوَصول بالسلام كيف لايصح عليك اسم القاطع عند اتلافها فليس معني قوله صِل رحمك و لو بشربة من ماء ان تسقيها يوماً ماء ثم تتركها الي آخر عمرها مقطوعة منفردة مسلمة لكل هلكة فافهم فالسقي و التسليم مثلان لتفهم ان معني الصلة تتحقق بمثل هذا فلاتستحقره و افعله فلابد من وصل الرحم حتي تتحد معها و يعرف عدوكما انكما يد واحدة ترتفعان معاً و تنخفضان معاً فلابد من عيادة مريضهم و فك اسيرهم و اقالة عثرتهم و العفو عن مسيئهم و سد فاقتهم و رفع حاجتهم و دفع الغوائل عنهم و امثال ذلك بقدر ما يمكنك و لايبلغ حد العسر و تقدم ايهم اقوي ديناً و اكثر تقوي و ذلك كأنه من اشد ما افترض اللّه علي الخلق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۶ *»
بعد اداء حقوق الاخوان الاباعد فان الرحم قد ترقق القلب و تسهل البذل و الصلة و اما الاباعد في النسب فان اداء حقوقهم اشد شيء كما مر في باب حقوق الاخوان و لا قوة الا باللّه و اعلم ان الارحام اذا كانوا اخوانك في الدين فحقهم اعظم و اعظم اذ هم يجمعون الامرين و ان لميكونوا فلهم حق الرحم فتصلهم بقدر ما لايضر بالدين.
و اعلم انه اذا كان هذا حال قرابات ابوي نسبك في الجسد فقرابات ابوي ايمانك اعظم حقاً عليك و اكثر حرمة و شرفاً بقدر فضل الايمان علي البدن فاذا وجب صلة ارحام نسبك فصلة ارحام ابوي ايمانك اوجب و اعظم و ان تعارضتا يوماًما فينبغي ان تقدم ارحام ابوي ايمانك حتي يعلم اللّه انك تؤثر الآخرة علي الدنيا و ايمانك علي جسدك و نبيك و وليك علي والديك و قد ورد في هذا المعني اخبار نتبرك بذكرها ففي تفسيرالعسكري قال رسولاللّه9 من رعي حق قرابات ابويه اعطي في الجنة الفالف درجة بعد ما بين كل درجتين حُضْر الفرس الجواد المضمر مائة سنة احدي الدرجات من فضة و الاخري من ذهب و الاخري من لؤلؤ و الاخري من زمرد و الاخري من زبرجد و اخري من مسك و اخري من عنبر و اخري من كافور فتلك الدرجات من هذه الاصناف و من رعي حق قربي محمد و علي اوتي من فضائل الدرجات و زيادة المثوبات علي قدر زيادة فضل محمد و عليّ علي ابوي نسبه و قالت فاطمة3 لبعض النساء ارضي ابوي دينك محمداً و علياً بسخط ابوي نسبك و لاترضي ابوي نسبك بسخط ابوي دينك فان ابوي نسبك ان سخطا ارضياهما محمد و علي بثواب جزء من الفالف جزء من طاعة من طاعاتهما و ان ابوي دينك ان سخطا لميقدر ابوا نسبك ان يرضياهما لان ثواب طاعات اهل الدنيا كلهم لاتفي بسخطهما و قال الحسن بن علي8 عليك بالاحسان الي قرابات ابوي دينك محمد و علي و ان اضعت قرابات ابوي نسبك و اياك و اضاعة قرابات ابوي دينك بتلافي قرابات ابوي نسبك فان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۷ *»
شكر هؤلاء الي ابوي دينك محمد و علي اثمر لك من شكر هؤلاء الي ابوي نسبك ان قرابات ابوي دينك اذا شكروك عندهما باقل قليل فنظرهما لك يحبط عنك ذنوبك و لو كانت ملأ ما بين الثري الي العرش و ان قرابات ابوي نسبك ان شكروك عندهما و قد ضيعت قرابات ابوي دينك لميغنيا عنك فتيلاً و قال علي بن الحسين8 حق قرابات ابوي ديننا محمد و علي و اوليائهما احق من قرابات ابوي نسبنا ان ابوي ديننا يرضيان عنا ابوي نسبنا و ابوا نسبنا لايقدران ان يرضيا عنا ابوي ديننا محمد و علي صلوات اللّه عليهما و قال محمد بن علي8 من كان ابوا دينه محمد و علي8 آثر لديه و قرابتهما اكرم من ابوي نفسه و قراباتهما قال اللّه عزوجل فضلت الافضل لاجعلنك الافضل و آثرت الاولي بالايثار لاجعلنك بدار قراري و منادمة اوليائي الاولي و قال جعفر بن محمد8 من ضاق عن قضاء حق قرابة ابوي دينه و ابوي نسبه و قدح كل واحد منهما في الآخر فقدم قرابة ابوي دينه علي قرابة ابوي نسبه قال اللّه عزوجل يوم القيمة كما قدم قرابة ابوي دينه فقدموه الي جناني فيزاد فوق ما كان اعدّ له من الدرجات الفالف ضعفها و قال موسي بن جعفر8 و قد قيل له ان فلاناً كانت له الف درهم عرضت عليه بضاعتان يشتهيهما لاتتسع بضاعته لهما فقال ايهما اربح لي فقيل له هذا يفضل ربحه علي هذا بالف ضعفه قال اليس يلزمه في عقله ان يؤثر الافضل قالوا بلي قال فهكذا ايثار قرابة ابوي دينك محمد و علي افضل ثواباً باكثر من ذلك لان فضله علي قدر فضل محمد و علي علي ابوي نسبه و قيل للرضا7 الانخبرك بالخاسر المتخلف قال من هو قالوا فلان باع دنانيره بدراهم اخذها فرد ماله من عشرة آلاف دينار الي عشرة آلاف درهم قال بدرة باعها بالف درهم الميكن اعظم تخلفاً و حسرة قالوا بلي قال الاانبئكم باعظم من هذا تخلفاً و حسرة قالوا بلي قال ارأيتم لو كان له الف جبل من ذهب باعها بالف حبة زيف الميكن اعظم تخلفاً و اعظم من هذا حسرة قالوا بلي قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۸ *»
من آثر بالبر و المعروف قرابة ابوي نفسه علي قرابة ابوي دينه محمد و علي لان فضل قرابات محمد و علي ابوي دينه علي قرابات ابوي نسبه افضل من فضل الف جبل ذهب علي الف حبة زيف و قال محمد بن علي الرضا8 من اختار قرابات ابوي دينه محمد و علي علي قرابات ابوي نسبه اختاره اللّه علي رءوس الاشهاد يوم التناد و شهره بخلع كراماته و شرفه بها علي العباد الا من ساواه في فضائله او فضله و قال علي بن محمد8 ان من اعظام جلال اللّه ايثار قرابة ابوي دينك محمد و علي علي قرابة ابوي نسبك و ان من التهاون بجلال اللّه ايثار قرابة ابوي نسبك علي قرابة ابوي دينك الي غير ذلك من الاخبار و قد مر كثير منها في حقوق الاخوان.
و اعلم ان قرابات ابوي دينك علي ثلث طبقات: طبقة و هي الفضلي بحيث لاتماثل و لاتشابه هي طبقة آلمحمد: و الائمة الطاهرون فهم اولوا الارحام علي الحقيقة الاولية و علي الاطلاق و لهم الحقوق العليا العظمي و طبقة هي دونها و هي طبقة السادة من اولاد الرسول9 و هم ايضاً ارحام النبي9 و اجزاؤه و لهم حق دون حقوق الائمة سلام اللّه عليهم اجمعين و ينبغي رؤية محمد و علي فيهما و تعظيمهما و تبجيلهما و تكريمهما و اعانتهما و نصرتهما علي ما سمعت من حقوق الاخوان و لهم الحقوق العظمي بالنسبة الي العوام فمن ضيع حرمتهم فقد ضيع حرمة محمد و آلمحمد: فان كانوا صالحين فلهم حقان و الا فلهم حق واحد و طبقة هي دونها في الظاهر من جهة و هي طبقة المؤمنين الذين هم من آلمحمد في الباطن و من حيث الايمان فقد مر في فصول حقوق الاخوان فهؤلاء هم ارحام محمد و علي و قراباتهما و يجب اداء حقوقهم علي حسب درجتهم و ايثارهم علي ارحام نسبك ان لميكونوا مؤمنين فان كانوا مؤمنين فهم ارحامك من وجهين و لهم حقان بالجملة ينبغي ايثار الروح علي الجسد و اختيار الايمان علي البدن و ترجيح ارحامك الروحاني الايماني علي ارحامك الجسداني و تفضيلهم عليهم بقدر تفضيلك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۵۹ *»
ايمانك علي جسدك و تفضيلك الآخرة علي الاولي و ميزان تفضيلك الآخرة علي الاولي تفضيل اهل الآخرة علي اهل الاولي.
فصل: فاذ قد عرفت ما تيسر من امر صلة الارحام فنؤكده بذكر كلمات في قطيعتها اعلم ان كل خير عرفته في صلة الارحام يكون ضده في قطيعتها و مما جرب و صح في التجربة و ظني انه لايخفي علي ذي مسكة انه لمينقرض سلسلة اهلبيت الا بما وقع فيهم من النفاق و الشقاق و التحاسد و التباغض و التدافع و من العجب حرص الناس علي جمع المال و سعيهم في اتلافه و حرصهم علي طول البقاء في الدنيا و سعيهم في افناء حيوتهم و حرصهم علي العزة و سعيهم في الذلة و حرصهم علي زيادة الاعوان و سعيهم في تفريق الناس و طردهم من حولهم وهكذا و ليس ذلك الا ان الشيطان علم من اين يأتيهم حتي يخرب عليهم الدين و الدنيا و الآخرة فبذلك امرهم بقطيعة الارحام اذ رأي في صلتها تعمير الدين و الدنيا و الآخرة و حري لمن عرف فضل صلة الارحام و مفاسد القطيعة ان يبادر بصلتهم و يراقبهم ليلاً و نهاراً فان وَصول الرحم ابداً في الطاعة اما ما يدل علي حرمة القطيعة و ذمها فمنها ما رواه عن حذيفة بن منصور قال قـال ابوعبداللّه7 اتقوا الحالقة فانها تميت الرجال قلت و ما الحالقة قال قطيعة الرحم و عن مسمع بن عبدالملك عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 في حديث الا ان في التباغض الحالقة لااعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين و عن عثمن بن عيسي عن بعض اصحابنا عن ابيعبداللّه7 قال قلت له ان اخوتي و بني عمي قد ضيقوا عليّ الدار و الجأوني الي بيت و لو تكلمت اخذت ما في ايديهم قال فقال الي اصبر فان اللّه سيجعل لك فرجاً قال فانصرفت و وقع الوباء في سنة احدي و ثلثين فماتوا واللّه كلهم فمابقي منهم احد قال فخرجت فلما دخلت عليه قال فما حال اهل بيتك قال قلت قد ماتوا واللّه كلهم فمابقي منهم احد فقال هو بما صنعوا بك و بعقوقهم اياك و قطع رحمهم بتروا اتحب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۰ *»
انهم بقوا و انهم ضيقوا عليك قال قلت اي واللّه و عن ابيعبيدة عن ابيجعفر7 قال في كتاب علي7 ثلث خصال لايموت صاحبهن ابداً حتي يري وبالهن البغي و قطيعة الرحم و اليمين الكاذبة يبارز اللّه بها و ان اعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم و ان القوم ليكونون فجاراً فيتواصلون فينمي اموالهم و يثرون و ان اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من اهلها و ينغل الرحم و ان نغل الرحم انقطاع النسل و عن عنبسة العابد قال جاء رجل فشكي الي ابيعبداللّه7 اقاربه فقال له اكظم غيظك و افعل فقال انهم يفعلون و يفعلون فقال اتريد ان تكون مثلهم فلاينظر اللّه اليكم و عن ابيحمزة الثمالي قال قـال اميرالمؤمنين7 في خطبة اعوذ باللّه من الذنوب التي تعجل الفناء فقام اليه عبداللّه بن الكوا اليشكري فقال يا اميرالمؤمنين اوتكون ذنوب تعجل الفناء فقال نعم ويلك قطيعة الرحم ان اهل البيت ليجتمعون و يتواسون و هم فجرة فيرزقهم اللّه و ان اهل بيت ليتفرقون و يقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم اللّه و هم اتقياء و عن ابيحمزة عن ابيجعفر7 قال قـال اميرالمؤمنين7 اذا قطعوا الارحام جعلت الاموال في ايدي الاشرار انتهي و اذا كان هذا حال قطيعة ارحام نسبك فكيف يكون حال قطيعة ارحام دينك و لامحالة تكون اعظم و اعظم بقدر عظمة دينك و فضله علي جسدك.
فصل: و لما ان بلغ الكلام الي هنا تذكّرت امراً يكون ان شاء اللّه ذكره و ضبطه هنا من صلة ارحام ديني و فيه رضا ابوي و ارجو من فضلهما ان يوفقاني و يسدداني و يلما لي شعثه و يجمعا لي متفرقه و يدلاني علي شوارده في الامكنة المتفرقة حتي اضبطه علي ما يرضيان و لماجده مضبوطاً في كتاب و لااعلمه مجتمعاً في فصل او باب و هو امر السادة الاجلاء من اولاد الرسول9 و حقهم و حرمتهم و صلتهم و كيفية المعاملة مع فرقهم و ذلك اني اجد في آخر الزمان لميبق لهم حرمة و لا شرف و انما يعدّهم الناس في عرض الفقراء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۱ *»
و المساكين و يكون تسليمهم علي الناس ثقيلاً فضلاً عن غيره لما يتوهمون من سؤالهم شيئاً من حقهم و لايعتنون بهم في المحافل و لايراعون لهم حرمة في المجالس و كان من قصدي اناكتب في ذلك كتاباً مفرداً لما صعب علَيّ هوانهم علي اهل الزمان و لميتيسر لي الي ان بلغ الكلام الي هيهنا فاحببت ان اكتب هنا ما يتيسر مع انه لميضبط اخباره في باب مخصوص فيما اعلم و لذلك يصعب علَيّ التتبع في كتب الاخبار لاجل تحصيل اخباره مع كثرة اشغالي ولكن رجائي واسع ان الهم ببعض مواقعها و يتيسر لي ضبط شواردها و لا قوة الا باللّه العلي العظيم.
اعلم ان ذرية النبي9 آلوا بعد جدهم الاقدس9 علي ثلثة اقسام منهم مؤمنون باقون علي دين جدهم موالون لآلمحمد: و متشيعون سواء كانوا علماء عدولاً او جهالاً و عصاة و منهم معادون للحق و اهله و منكرون لآلمحمد: و فضائلهم و امامتهم ومنهم مستضعفون ليسوا علي بصيرة من امر دينهم و امامهم و انما يمشون علي وجههم في اي قوم كانوا عمياناً و لكل منهم حكم فنذكر احكامهم في ثلثة مطالب.
المطلب الاول
فی المؤمنين الموالين منهم
اعلم ان الولد كما عرفت جزء والده و قد كان في صلب والده فانتقل الي رحم امه و للسادة المؤمنين نسبان الي النبي9 نسب دنياوي عرضي و نسب اخروي ديني اما في الدنيا فلهم شرف النسب الدنياوي لانهم كانوا اجزاء النبي9 و من لحمه و دمه و كانوا برهة من الدهر في صلب النبي9 يشتملهم انواره و يتشرفون بشرفه و ينزل عليهم ما ينزل عليه من بركات اللّه و فيوضه و كفي بذلك فخراً و عزاً و شرفاً في الدنيا و ان الناس يفتخرون بان يكونوا من نسل بعض الجبابرة الفسقة و يعتزون بذلك فكيف لايكون فخراً لاولاد محمد9 خير النبيين و سيد المرسلين و اول الخلق اجمعين و مظهر صفات رب العالمين فلهم الفخر الاعلي و الشرف الاسني في الدنيا و ان كان هذا النسب ينقطع يوم القيمة لانه عرضي قال اللّه سبحانه (انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح)
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۲ *»
فنفاه عنه و ان كان بالنسب الدنياوي ولده فذلك يدل علي انقطاع النسب العرضي و قوله9كل سبب و نسب ينقطع يوم القيمة الا سببي و نسبي فالمراد به هو النسب الاصلي الديني الذي يشتركون ساير المؤمنين فيه فهو نسب اخروي ديني كما شرحنا و بينا فالسادة المؤمنون قد حازوا شرف الدنيا و الآخرة و اتصلوا بالنبي9 في الدنيا و الآخرة فلاجل نورانية طينهم و شدة اختيارهم استحقوا بالحسنة حسنتين و بالسيئة سيئتين ففي البحار عن الرضا7 قال كان علي بن الحسين8 يقول لمحسننا حسنتان و لمسيئنا ذنبان فلهم حقان ثابتان في اعناق المؤمنين و يجب اداؤهما و مراعاتهما و الذي يظهر من الاخبار ان هؤلاء جميعهم في الجنة و يجب توليهم و لايموت احد من هؤلاء الا علي ولاية آلمحمد: و فيهم يجري ما يروي الصالحون للّه و الطالحون لي و ينبغي التحمل منهم و الاغماض عن مسيئهم كرامة للنبي9 و تكريم محسنهم و لا شك في ان النبي9 يسر بتكريمهم و يرضي عمن يعظمهم و يعززهم و يراعي لحمته فيهم و يري شأنه فيهم و لا شك ان النبي اذا رضي من احد يكافيه و يشفع له و يتجاوز عن سيئته و يدل علي هذه الجملة اطلاق قوله تعالي (قل لااسألكم عليه اجراً الا المودة في القربي) و هي في آلمحمد: خاصة و في ساير الذرية عامة ففي البحار بسنده عن ابيجعفر7 في حديث انه قال لزيد بن علي بن الحسين8 ان الطاعة مفروضة من اللّه عزوجل و سنة امضاها في الاولين و كذلك يجريها في الآخرين و الطاعة لواحد منا و المودة للجميع و امر اللّه يجري لاوليائه بحكم موصول و قضاء مفصول و حتم مقضي و قدر مقدور و اجل مسمي لوقت معلوم فلايستخفنك الذين لايوقنون الخبر فتبين ان الآية في جميع الذرية المؤمنين عامة بعد ان كانت في الائمة سلام اللّه عليهم خاصة فلهم حقوق ساير المؤمنين و حق القرابة و الرحم الموصولة بالنبي9 و فيه بسنده عن ابنبكير عن زيد بن علي قال حدثني
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۳ *»
ابي عن ابيه عن جده قال قـال رسولاللّه9 اربعة انا لهم الشفيع يوم القيمة المكرم لذريتي و القاضي لهم حوائجهم و الساعي لهم في امورهم عند اضطرارهم اليه و المحب لهم بقلبه و لسانه و عن المفضل بن عمر قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه(و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته) فقال هذه نزلت فينا خاصة انه ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لايخرج من الدنيا حتي يقر للامام و بامامته كما اقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا و بسنده عن سليمان الجعفري عن ابيالحسن7 في حديث ياسليمان ان علي بن عبيداللّه و امرأته و ولده من اهل الجنة يا سليمان ان ولد علي و فاطمة اذا عرّفهم اللّه هذا الامر لميكونوا كالناس و في العوالم عن ابيهريرة عن النبي9 ما بال اقوام يؤذون نسبي و رحمي الا من آذي نسبي و ذا رحمي فقد آذاني و من آذاني فقد آذي اللّه و يدل علي جلالة شأنهم انهم خيرة اللّه في الدنيا من ساير الشعوب و القبائل و لولا ما فيهم من الكمال و الشرف مااختارهم اللّه و يدل عليه ما رواه في العوالم بسنده عن المفضل بن صالح عن جعفر بن محمد قال قـال رسولاللّه9 خلق اللّه الخلق قسمين فالقي قسماً و امسك قسماً ثم قسم ذلك القسم علي ثلثة اثلاث فالقي ثلثين و امسك ثلثاً ثم اختار من ذلك الثلث قريشاً ثم اختار من قريش بنيعبدالمطلب ثم اختار من بنيعبدالمطلب رسولاللّه فنحن ذريته فان قال الناس لميكن لرسولاللّه ذرية جحدوا و لقد قال اللّه (و لقد ارسلنا رسلاً من قبلك و جعلنا لهم ازواجاً و ذرية) و عن ابنعمر قال قـال رسولاللّه9 لما خلق اللّه الخلق اختار العرب فاختار قريشاً و اختار بنيهاشم فانا خيرة من خيرة الا فاحبوا قريشاً و لاتبغضوها فتهلكوا الا كل سبب و نسب منقطع يوم القيمة الا سببي و نسبي الا و ان علي بن ابيطالب من نسبي و حسبي فمن احبه فقد احبني و من ابغضه فقد ابغضني فتبين ان السادة الاجلاء خيرة اللّه في الارض و لهم شرف بنيهاشم و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۴ *»
شرف بنيعبدالمطلب و شرف محمد9 و شرف الاسلام و شرف الايمان فلو زاد احدهم العلم و التقوي فيزداد بذلك كرامة و شرفاً هذا و ان اللّه سبحانه حفظ الغلامين لصلاح ابويهما و كان بينهما و بينه سبعمائة سنة و سبعة آباء فما بال السادة الاجلاء لايحفظ حرمتهما لصلاح جدهما الاطهر9 و صلاح الائمة: و روي عن الصادق7احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين و كان ابوهما صالحاً و قال7 ان اللّه يصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده و يحفظه في دويرته و دويرات حوله فلايزالون في حفظ اللّه لكرامته علي اللّه ثم ذكر الغلامين فقال و كان ابوهما صالحاً المتر ان اللّه شكر صلاح ابويهما لهما انتهي و لا شك ان رسولاللّه صلاحه اعظم الصلاح و يقتضي ان يحفظ له في ذريته الي يوم القيمة و في العوالم عن ابيالجارود قال قال زيد بن علي و قرأ الآية (و كان ابوهما صالحاً) قال حفظهما اللّه بصلاح ابيهما و ما ذكر منهما صلاح فنحن احق بالمودة ابونا رسولاللّه و جدتنا خديجة و امنا فاطمة الزهراء و ابونا اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب7 و لقد اجاد2 في ما قال و كذلك ان اللّه يقول (الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم و ماالتناهم من عملهم من شيء) فاذا كان من الذرية الطاهرة علي الايمان يلحق بابيه لامحالة و ابوه خير المرسلين و خاتم النبيين و فيه الفخر الذي لايضاهي و الشرف الذي لايباري ان يلحق رجل برسولاللّه9 و بالائمة الطاهرين بالجملة اذا كانوا مؤمنين صالحين فلهم الشرف الاشرف فوق كل شريف و المقام الاعلي فوق كل عال حتي انه روي في الفصولالمهمة بسنده عن الحسين بن خالد عن ابيالحسن الرضا7 قال النظر الي ذريتنا عبادة قلت النظر الي الائمة منكم او النظر الي ذرية النبي9 قال بل النظر الي جميع ذرية النبي9 عبادة ما لميفارقوا منهاجه و لميتلوثوا بالمعاصي و بسنده عن عيسي بن عبداللّه عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۵ *»
من صنع الي احد من اهل بيتي يداً كافيته يوم القيمة و اذاكانوا مؤمنين في عقايدهم ولكن يرتكبون الموبقات و يؤتون السيئات و يعملون الكباير فهم عصاة الذرية يجب امرهم و نهيهم بشروطه فان فاءوا الي الحق فهو و الا فخلهم مع ربهم و لهم حق السيادة و شرف النسب و وجوب الموالاة القلبي و ان لمتعاشرهم لمكان الكباير كيف لا و قد بشروا شيعتهم بغفران الذنوب و حط السيئات و اولادهم الموالون لهم من شيعتهم و هم اولي بذلك فقد روي الشيخ عن زكريا بن آدم قال دخلت علي ابيالحسن الرضا7 فقال يا زكريا بن آدم شيعة علي7 رفع عنهم القلم قلت جعلت فداك فمن اي العلة في ذلك قال انهم اخروا الي دولة الباطل يخافون علي انفسهم و اموالهم و يحذرون علي امامهم يا زكريا بن آدم ما من احد من شيعة علي اصبح صبيحة اتي بسيئة و ارتكب ذنباً الا امسي و قد ناله غم حطّ عنه سيئته فكيف يجري عليهم القلم انتهي فرفع القلم عن ذرية فاطمة3 اولي و اوجب فانهم لميزالوا مطرودين مشرودين مغصوبين حقوقهم منذ مات جدهم صلوات اللّه عليه و آله و لها حرمتها العظمي و عزتها الكبري و حقها علي اللّه ان يسرها بانجاء ذريتها و اولادها من النار و حسبها ما ثكلت بابنائها يوم الطفوف و عن عمر النيسابوري قال قلت لابيعبداللّه7 اني لاري من اصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة فقال لي ياعمر لاتشنع علي اولياء اللّه ان ولينا ليرتكب ذنوباً يستحق بها العذاب فيبتليه اللّه في بدنه بالسقم حتي يمحص عنه الذنوب فان عافاه ابتلاه في ولده فان عافاه ابتلاه في اهله فان عافاه في اهله ابتلاه بجار سوء يؤذيه فان عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه حتي يلقاه و هو عنه راض قد اوجب له الجنة و عن ابيالصباح الكناني قال كنت انا و زرارة عند ابيعبداللّه7 قال لايطعم النار من وصف هذا الامر انتهي فاذا كان هذا حال شيعتهم فكيف حال نسلهم الذين هم من لحمهم و دمهم مع حقهم و حرمتهم علي اللّه عزوجل و شفاعتهم لاهل الكباير و ذريتهم اولي بها.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۶ *»
فاما ما روي في ذمهم عند ارتكاب الموبقات فانما هو تأديب لهم كما ادبوا شيعتهم في ساير الاخبار فمن ذلك ما رواه في البحار قال دخل زيد بن موسي بن جعفر8 علي المأمون فاكرمه و عنده الرضا7 فسلم زيد عليه فلميجبه فقال انا ابن ابيك و لاترد سلامي فقال7 انت اخي ما اطعت اللّه فاذا عصيت اللّه لا اخاء بيني و بينك و بسنده عن ياسر قال خرج زيد بن موسي اخو ابيالحسن7 بالمدينة و احرق و قتل و كان يسمي زيد النار فبعث اليه المأمون فاسر و حمل الي المأمون فقال المأمون اذهبوا به الي ابيالحسن قال ياسر فلما ادخل قال له ابوالحسن7 يا زيد أغرك قول سفلة (نقلة ظ) اهل الكوفة ان فاطمة احصنت فرجها فحرم اللّه ذريتها علي النار ذاك للحسن و الحسين خاصة ان كنت تري انك تعصي اللّه و تدخل الجنة و موسي بن جعفر8 اطاع اللّه و دخل الجنة فانت اذاً اكرم علي اللّه عزوجل من موسي بن جعفر واللّه ماينال احد ما عند اللّه عزوجل الا بطاعته و زعمت انك تناله فقال زيد انا اخوك و ابن ابيك فقال له ابوالحسن7 انت اخي ما اطعت اللّه عزوجل ان نوحاً7 قال (رب ان ابني من اهلي و ان وعدك الحق و انت احكم الحاكمين) فقال اللّه عزوجل (يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح) فاخرجه اللّه عزوجل من ان يكون من اهله بمعصيته و عن محمد بن مروان قال قلت لابيعبداللّه7 هل قال رسولاللّه9 ان فاطمة احصنت فرجها فحرم اللّه ذريتها علي النار قال نعم عني بذلك الحسن و الحسين و زينب و امكلثوم و كذا قال حماد بن عيسي لابيعبداللّه7 جعلت فداك ما معني قول رسولاللّه9 ان فاطمة احصنت فرجها فحرم اللّه ذريتها علي النار فقال7 المعتقون من النار ولد بطنها الحسن و الحسين و زينب و امكلثوم رواهما في معانيالاخبار و عن الحسن بن موسي الوشاء البغدادي قال كنت بخراسان مع علي بن موسي الرضا7 في مجلسه و زيد بن موسي حاضر قد اقبل علي جماعة في المجلس يفتخر عليهم و يقول نحن و نحن و ابوالحسن7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۷ *»
مقبل علي قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت اليه فقال يا زيد أغرك قول ناقلي الكوفة ان فاطمة احصنت فرجها فحرم اللّه ذريتها علي النار واللّه ما ذاك الا للحسن و الحسين و ولد بطنها خاصة و اما ان يكون موسي بن جعفر8 يطيع اللّه و يصوم نهاره و يقوم ليله و تعصيه انت ثم تجيئان يوم القيمة سواء لانت اعز علي اللّه عزوجل منه ان علي بن الحسين8 كان يقول لمحسننا كفلان من الاجر و لمسيئنا ضعفان من العذاب قال الحسن الوشاء ثم التفت الي فقال تقرءون هذه الآية (قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غيرصالح) فقلت من الناس من يقرأ انه عمل غيرصالح فمن قرأ انه عمل غيرصالح نفاه عن ابيه فقال7كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصي اللّه عزوجل نفاه عن ابيه كذا من كان منا لميطع اللّه عزوجل فليس منا و انت اذا اطعت اللّه عزوجل فانت منا اهل البيت و في العيون بسنده عن ابيالصلت الهروي قال سمعت الرضا7 يحدث عن ابيه ان اسمعيل قال للصادق7 يا ابتاه ما تقول في المذنب منا و من غيرنا فقال7(ليس بامانيكم و لا اماني اهل الكتاب من يعمل سوء يجز به) و عن الحسن بن الجهم قال كنت عند الرضا7 و عنده زيد بن موسي اخوه و هو يقول يا زيد اتق اللّه فانا بلغنا ما بلغنا بالتقوي فمن لميتق اللّه و لميراقبه فليس منا و لسنا منه يا زيد اياك ان تهين من به تصول من شيعتنا فيذهب نورك يا زيد ان شيعتنا انما ابغضهم الناس و عادوهم و استحلوا دماءهم و اموالهم لمحبتهم لنا و اعتقادهم لولايتنا فان انت اسأت اليهم ظلمت نفسك و ابطلت حقك قال الحسن بن الجهم ثم التفت7 الي فقال يا ابنالجهم من خالف دين اللّه فابرأ منه كائناً من كان من اي قبيلة كان و من عادي اللّه فلاتواله كائناً من كان من اي قبيلة كان فقلت له يا ابن رسولاللّه و من الذي يعادي اللّه قال من يعصيه و عن ابرهيم بن محمد الهمداني قال سمعت الرضا7 يقول من احب عاصياً فهو عاص و من احب مطيعاً فهو مطيع و من اعان ظالماً فهو ظالم و من خذل عادلاً فهو خاذل انه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۸ *»
ليس بين اللّه و بين احد قرابة و لاينال احد ولاية اللّه الا بالطاعة و لقد قال رسولاللّه9 لبني عبدالمطلب ائتوني باعمالكم لا بانسابكم و احسابكم قال تبارك و تعالي (فاذا نفخ في الصور فلاانساب بينهم يومئذ و لايتساءلون فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون و من خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون) و عن محمد بن سنان قال قـال ابوالحسن الرضا7 انا اهل بيت وجب حقنا برسولاللّه9 فمن اخذ برسولاللّه9 حقاً و لميعط الناس من نفسه مثله فلا حق له و عن ابرهيم بن العباس قال سمعت علي بن موسي الرضا7 يقول حلفت بالعتق الا احلف بالعتق الا اعتقت رقبة و اعتقت بعدها جميع ما املك ان كنت اري اني خير من هذا و اومي الي عبد اسود من غلمانه بقرابتي من رسولاللّه9 الا ان يكون لي عمل صالح فاكون افضل به منه الي غير ذلك من الاخبار و في الكافي بسنده عن حماد اللحام عن ابيعبداللّه7 ان اباه قال يا بني انك اذا خالفتني في العمل لمتنزل معي غداً في المنزل ثم قال ابي اللّه عزوجل ان يتولي قوم قوماً يخالفونهم في اعمالهم ينزلون معهم يوم القيمة كلا و رب الكعبة و جميعها حق و كذلك غير السادة اذا عصوا ولكن هذا حكم العصيان و مقتضاه اذا لميشمل العفو و الشفاعة و لميكن المعاصي بالعرض و اما اذا كانت بالعرض يمحوها الشفاعة و النسبة و الحسنات و الولاية كما يظهر من الاخبار المتواترة و جميع ما روي في غفران الشيعة يشمل السادة لانهم من الشيعة و لهم مزيد شرف النسبة ففي العيون عن موسي بن علي القرشي عن ابيالحسن الرضا7 قال رفع اللّه القلم عن شيعتنا فقلت يا سيدي كيف ذاك قال لانهم اخذ عليهم العهد بالتقية في دولة الباطل يأمن الناس و يخوفون و يكفرون فينا و لانكفر فيهم و يقتلون بنا و لانقتل بهم ما من احد من شيعتنا ارتكب ذنباً او خطاءً الا ناله في ذلك غم يمحص عنه ذنوبه و لو انه اتي بذنوب بعدد القطر و المطر و بعدد الحصي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۶۹ *»
و الرمل و بعدد الشوك و الشجر فان لمينله في نفسه ففي اهله و ماله و ان لمينله في امر دنياه ما يغتم به تخايل له في منامه ما يغتم به فيكون ذلك تمحيصاً لذنوبه الي غير ذلك من الاخبار التي لاتحصي فالسادة العصاة مآل عصيانهم الي ربهم و نرجو لهم المغفرة و دخول الجنة و لهم حق النسبة و قد ذكرنا حقوق الشيعة العصاة في باب اخوان المكاشرة فراجع.
المطلب الثانی
و اما السادة المعادون للحق و اهله الخارجون عن المذهب الناصبون لاجدادهم المنكرون لامامتهم و فضلهم او الخارجون عن الاسلام بالشرك و الكفر او المبدعون بدعة و المدعون امامة و غير ذلك مما يوجب الكفر فالعمومات الكتابية و السنية جميعها متفقة علي وجوب البراءة منهم كساير الكفار من غير السادة و يؤيدها بالخصوص ما مضي آنفاً من الاخبار في من خالف اللّه و عصاه من السادة و خصوص ما روي في البحار من التوقيع الرفيع اما ما سألت عنه ارشدك اللّه و ثبتك من امر المنكرين من اهل بيتنا و بني عمنا فاعلم انه ليس بين اللّه عزوجل و بين احد قرابة و من انكرني فليس مني و سبيله سبيل ابن نوح و اما سبيل عمي جعفر و ولده فسبيل اخوة يوسف: و قد مر رواية الحسن بن الجهم من خالف دين اللّه فابرأ منه كائناً من كان من اي قبيلة كان و من عادي اللّه فلاتواله كائناً من كان من اي قبيلة كان فقلت له يا ابن رسولاللّه فمن الذي يعادي اللّه قال من يعصيه و في العوالم بسنده عن سورة بن كليب عن ابيجعفر الباقر7 في قوله تعالي (يوم القيمة تري الذين كذبوا علي اللّه وجوههم مسودة اليس في جهنم مثوي للمتكبرين) قال من قال اني امام و ليس بامام قلت و ان كان علوياً فاطمياً قال و ان كان علوياً فاطمياً قلت و ان كان من ولد علي بن ابيطالب قال و ان كان من ولد علي بن ابيطالب و عن ابيالمعزا عن ابيعبداللّه7 في قوله تعالي (و يوم القيمة) الآية قال من ادعي انه امام و ليس بامام قلت و ان كان علوياً فاطمياً قال و ان كان علوياً فاطمياً و في البحار بسنده عن حمران عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۰ *»
ابيعبداللّه7 مد المطمر بينك و بين العالم قلت يا سيدي و ما المطمر فقال انتم تسمونه خيط البنا فما خالفك علي هذا الامر فهو زنديق فقال حمران و ان كان علوياً فاطمياً فقال ابوعبداللّه7 و ان كان محمدياً علوياً فاطمياً و عن عبداللّه بن سنان قال قـال ابوعبداللّه7 ليس بينكم و بين من خالفكم الا المطمر قلت و اي شيء المطمر قال الذي تسمونه التر فمن خالفكم و جازه فابرأوا منه و ان كان علوياً فاطمياً و من الاحتجاج قيل للصادق7 مايزال يخرج رجل منكم اهل البيت فيقتل و يقتل معه بشر كثير فاطرق طويلاً ثم قال ان فيهم الكذابين و في غيرهم المكذبين و روي عنه9 ليس منا احد الا و له عدو من اهلبيته فقيل له بنوالحسن لايعرفون لمن الحق قال بلي ولكن يمنعهم الحسد الي غير ذلك من الاخبار المؤيدة بالمطلقات و العمومات في الناصبين و المنافقين و المشركين و الكافرين و لزوم البراءة منهم و الكفر بهم ولكن روي هنا روايات اخر تدل علي لزوم سكوت الرعية عن السادات كما روي في البحار عن ابيسعيد المكاري قال كنا عند ابيعبداللّه7 فذكر زيد و من خرج معه فهمّ بعض اصحاب المجلس ان يتناوله فانتهره ابوعبداللّه7 قال مهلاً ليس لكم ان تدخلوا فيما بيننا الا بسبيل خير انه لمتمت نفس منا الا و تدركه السعادة قبل ان يخرج نفسه و لو بفواق ناقة قال قلت و ما فواق ناقة قال حلابها و عن ابن الوليد بن صبيح قال كنا عند ابيعبداللّه صلوات اللّه عليه في ليلة اذا طرق الباب طارق فقال للجارية انظري من هذا فخرجت ثم دخلت فقال هذا عمك عبداللّه بن علي فقال ادخليه قال لنا ادخلوا البيت فدخلنا بيتاً فسمعنا منه حساً ظننا ان الداخل بعض نسائه فلصق بعضنا ببعض فلما ادخل اقبل علي ابيعبداللّه فلميدع شيئاً من القبيح الا قاله في ابيعبداللّه ثم خرج و خرجنا فاقبل يحدثنا من الموضع الذي قطع كلامه فقال بعضنا لقد استقبلك هذا بشيء ماظننا ان احداً يستقبل به احداً حتي لقد همّ بعضنا ان يخرج فيقع به فقال مه لاتدخلوا فيما بيننا فلما مضي من الليل ما مضي طرق الباب طارق فقال للجارية
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۱ *»
انظري من هذا فخرجت ثم عادت فقالت هذا عمك عبداللّه بن علي قال لنا عودوا الي مواضعكم ثم اذن له فدخل بشهيق و نحيب و بكاء و هو يقول يا ابن اخي اغفر لي غفر اللّه لك اصفح عني صفح اللّه عنك فقال غفر اللّه لك يا عم ما الذي احوجك الي هذا قال اني لما اويت الي فراشي اتاني رجلان اسودان فشدا وثاقي ثم قال احدهما للآخر انطلق به الي النار فانطلق فمررت برسولاللّه فقلت يا رسولاللّه لااعود فامره فخلي عني و اني لاجد الم وثاقي فقال ابوعبداللّه7 اوص قال بِمَ اوصي ما لي مال و ان لي عيالاً كثيراً و علَيَّ دَيْن فقال ابوعبداللّه7 دينك علَيّ و عيالك الي عيالي فاوصي فماخرجنا من المدينة حتي مات و ضم ابوعبداللّه7 عياله اليه و قضي دينه و زوج ابنه ابنته فامثال هذين الخبرين تجري في رجل منهم لميبلغ امره مبلغ الكفر و الشرك و انما كان قليل المعرفة بحق الامام و يحسب نفسه مثله الا انه عالم و فقيه و ينبغي الاخذ عنه ثم اذا لميحصل له من الامام ما عسي ان يتوقع كان يقع في الامام و يتكلم علي حسب قوله تعالي (ان اعطوا منها رضوا و ان لميعطوا منها اذا هم يسخطون) او ربما كان يحب الرياسة و احتشاد الناس حوله و يمنعه الامام فيأخذه الحسد و يتكلم ببعض ما لاينبغي لقلة المعرفة ثم مرة اخري يرجع و يندم و يتوب كما يتنازع اخ و اخ و قريب و قريب فيتنازعان صباحاً و يتصالحان مساء و اذا اراد اجنبي الوقيعة فيهما يتوازران عليه و يتظاهران و يتركان تنازعهما بالجملة ما وقع من السادات خلاف لميبلغ الكفر ينبغي السكوت عنهم و عدم الدخول في امرهم و يرجي لهم الخير في عاقبة امرهم كما عرفت و لقوله تعالي (و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته) و لانهم بنو سلطاننا و بنو موالينا و بنو ساداتنا و نحن خدامهم و رعيتهم و عبيدهم صلوات اللّه عليهم و ليس ينبغي للعبيد ان يدخلوا في بني سيدهم و يقعوا فيهم بقبيح القول و يجب الستر عليهم و السكوت عنهم و نهيهم عن المنكر بالادب و الرفق و المداراة حتي يرجعوا الي امر ابيهم و قدروي في كنزالدقائق من تفسيرالعياشي عن الصادق7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۲ *»
انه سئل عن هذه الآية اي (و ان من اهل الكتاب) فقال هذه نزلت فينا خاصة انه ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لايخرج من الدنيا حتي يقر للامام و بامامته كما اقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا تاللّه لقد آثرك اللّه علينا انتهي و يشهد بحقيته رجوع عبداللّه بن علي كما سمعت و كذلك يؤيد ما جمعنا به الاخبار الاخبار الواردة في تفسير قوله تعالي (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات باذن اللّه ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها) الآية فمن احتجاج الطبرسي عن ابي بصير قال سألت اباعبداللّه7 عن هذه الآية (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) قال اي شيء تقول قال اقول انها خاصة لولد فاطمة3 فقال7 اما من سل سيفه و دعا الناس الي نفسه الي الضلال من ولد فاطمة3 و غيرهم فليس بداخل في هذه الآية قلت من يدخل فيها قال الظالم لنفسه الذين لايدعون الناس الي ضلال و لا هدي و المقتصد منا اهل البيت العارف حق الامام و السابق بالخيرات الامام و عن سليمان بن خالد عن ابيعبداللّه7 قال سألته عن قوله تعالي (ثم اورثنا الكتاب) الآية فقال اي شيء تقولون انتم قلت انها في الفاطميين قال ليس حيث تذهب ليس يدخل في هذا من اثار بسيفه و دعا الناس الي خلاف فقلت اي شيء الظالم لنفسه قال الجالس في بيته لايعرف حق الامام و المقتصد العارف بحق الامام و السابق بالخيرات الامام فتبين من هذا الخبر ان المدعي للامامة ليس من ورثة الكتاب المصطفين المبشرين بالجنة و اماساير السادات كثرهم اللّه و اعزهم هم من المصطفين و اهل الجنة كما قال اللّه(ان اللّه اصطفي آدم و نوحاً و آل ابرهيم و آل عمران علي العالمين) و هم من آل ابرهيم ان اتبعوه لقوله (من تبعني فانه مني) و من خالفه فليس منه لقوله (انه ليس من اهلك انه عمل غيرصالح) فكان مدار السيادة و الشرف علي الايمان بهم فمن كان مؤمناً بهم فله الشرف و ان كان عاصياً بجوارحه فانه یؤل امره الي خير و من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۳ *»
كان كافراً فليس له شرف و ليس من اهلهم و اولادهم و منفي عنهم فينبغي البراءة منه و ان اللّه سبحانه لما شرّف فاطمة لما احصنت فرجها حرم ذريتها الاصلية علي النار و ان كانوا ظالمين لانفسهم و حد الظلم ان لايخرجه من الايمان و روي في معني الآية ان السابق بالخيرات الامام و المقتصد العارف للامام و الظالم لنفسه الذي لايعرف الامام و ليس المراد من عدم المعرفة الانكار بل عدم التصديق التام بالاركان و ارتكاب الموبقات و يشهد بذلك ما روي اما السابق بالخيرات فعلي بن ابيطالب و الحسن و الحسين و الشهيد منا و المقتصد فصائم بالنهار و قائم بالليل و اما الظالم لنفسه ففيه ما في الناس و هو مغفور له و ما روي ان الظالم يحوم حول نفسه و المقتصد يحوم حول قلبه و السابق يحوم حول ربه و روي الظالم لنفسه من استوت حسناته و سيئاته منا اهل البيت و المقتصد العابد للّه في الحالين حتي يأتيه اليقين و السابق من دعا ربه و امر بالمعروف و نهي عن المنكر و لميكن للمضلين عضداً و لا للخائنين خصيماً و لميرض بحكم الفاسقين الا من خاف علي نفسه و دينه و لميجد له اعواناً و روي ان السابق يدخل الجنة بغير حساب و اما المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً و اما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة فهم الذين قالوا (الحمد للّه الذي اذهب عنا الحزن) و روي الظالم لنفسه هو الهالك و المقتصد الصالحون و السابق بالخيرات علي7 و يؤيد ذلك ما روي ان الظالم هو الجاحد للامام و المقتصد هو المقر بالامام و السابق هو الامام انتهي فان اخذ كناية يدخلونها عبارة عن الفرق الثلث فلايمكن ان يكون الظالم هالكاً و جاحداً بل هو العاصي المقترف الضعيف غير العارف لامامه و ان كانت عبارة عن المقتصدين و السابقين صلح ان يكون الظالم هو الهالك كما روي في رواية جنات عدن يدخلونها يعني المقتصد و السابق فعلي ذلك فمنهم ظالم لنفسه اي من عبادنا و المراد بني فاطمة و المصطفين من بني فاطمة هم السابقون و هم ورثة الكتاب لاجميع السادات كما قال ابوالحسن الاول7 في حديث نحن الذين اصطفانا اللّه و اورثنا الكتاب فيه تبيان كل شيء و لايخالف وجه وجهاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۴ *»
فان القرآن ذلول ذووجوه فوجه منها ثم اورثنا الكتاب الائمة الذين اصطفيناهم من بني فاطمة فمن بني فاطمة ظالم لنفسه كافر بامامه و منهم مقتصد معترف بامامه و منهم الامام السابق بالخيرات و قوله (جنات عدن يدخلونها) اي السابق و المقتصد و هذا الاصطفاء هو اصطفاء الامامة و وجه منها ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا و هم بنو فاطمة من عبادنا من بني آدم فمن بني فاطمة المصطفين منهم عاص ظالم لنفسه و منهم متق مطيع لربه و منهم الامام و كل الفرق الثلث يدخل الجنة لكن يدخل الامام بغيرحساب و المقتصد بحساب يسير و الظالم يحبس حتي يطهر ثم يطلق عنه و يدخل الجنة ببركة شفاعة فاطمة و جده8 بالجملة الكافر منهم ليس من آلمحمد: و يجب البراءة منهم كما نطق به اخبار خاصة و عمومات الكتاب و السنة و اما غير الكافر سواء كان ضعيفاً او قوياً فله الشرف و لكل بحسبه من الكرامة و هم مغفور لهم ذنوبهم و سيتوبون و ليسوا كساير الناس ففي البحار من الخرايج روي الحسن بن راشد قال ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند ابيعبداللّه7 فقال لاتفعل رحم اللّه عمي اتي الي فقال اني اريد الخروج علي هذه الطاغية فقلت لاتفعل فاني اخاف ان تكون المقتول المصلوب علي ظهر الكوفة اماعلمت يا زيد انه لايخرج احد من ولد فاطمة علي احد من السلاطين قبل خروج السفياني الا قتل ثم قال الا يا حسن ان فاطمة احصنت فرجها فحرم اللّه ذريتها علي النار و فيهم نزلت (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات) فان الظالم لنفسه الذي لايعرف الامام و المقتصد العارف بحق الامام و السابق بالخيرات هو الامام ثم قال يا حسن انا اهل بيت لايخرج احد منا من الدنيا حتي يقر لكل ذي فضل فضله.
المطلب الثالث
و اما المستضعفون الذين لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلاً و هم علي دين من عاشوا بينهم فمقتضي الاخبار انهم حين موتهم يقرون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۵ *»
للامام بامامته و هو الظالم لنفسه الذي لايعرف الامام و مآلهم الي الجنة و لهم مع ذلك شرف السيادة و لهم حرمة السادة و فضيلة الانتساب الي القادة اجمل لك القول ان آلمحمد: هم سلاطين الدنيا و الآخرة و اولياء نعم الخلق و هداة طرق الحق و اولادهم اولاد السلاطين و ساير الناس رعاياهم المتربون بنعمتهم المهتدون بهديهم و من شكر نعمتهم و معرفة كل امرئ قدره ان يخضع لهم و يؤدي حقوقهم و يراعي حرمتهم و يري لحمة جدهم فيهم و يعفو عن مسيئهم و يصل قاطعهم و يعطي حارمهم و يقيل عثرتهم و ينظر اليهم بعين الرحمة و الرأفة و يؤثرهم مهما امكن علي نفسه و يختارهم للتقدم مهما امكن في صلوة او تعليم او مجلس او مشي او غير ذلك و يري في كل ذلك لحمة جدهم فيهم و يقصد تعظيم حرمة رسولاللّه9 فيهم و يطلب سرور جدهم في تعظيمه اياهم ففي التفسير المبارك قال رسولاللّه9من رعي حق قربي محمد و علي اوتي من فضائل الدرجات و زيادة المثوبات علي قدر زيادة فضل محمد و علي علي ابوي نسبه و عن الحسن بن علي8 عليك بالاحسان الي قرابات ابوي دينك محمد و علي و ان اضعت قرابات ابوي نسبك واياك و اضاعة قرابات ابوي دينك بتلافي قرابات ابوي نسبك فان شكر هؤلاء الي ابوي دينك محمد و علي اثمر لك من شكر هؤلاء الي ابوي نسبك ان قرابات ابوي دينك اذا شكروك عندهما باقل قليل فنظرهما لك يحط عنك ذنوبك و لو كانت ملأ ما بين الثري الي العرش و ان قرابات ابوي نسبك ان شكروك عندهما و قد ضيعت قرابات ابوي دينك لميغنيا عنك فتيلاً و قال علي بن الحسين8 حق قرابات ابوي ديننا محمد و علي و اوليائهما احق من قرابات ابوي نسبنا ان ابوي ديننا يرضيان عنا ابوي نسبنا و ابوا نسبنا لايقدران انيرضيا عنا ابوي ديننا محمد و علي صلوات اللّه عليهما و قال محمد بن علي8 من كان ابوا دينه محمد و علي8 آثر لديه و قرابتهما اكرم من ابوي نفسه و قراباتهما قال اللّه عزوجل فضلت الافضل لاجعلنك الافضل و آثرت الاولي بالايثار لاجعلنك بدار
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۶ *»
قراري و منادمة اوليائي الاولي وقال جعفر بن محمد8 من ضاق عن قضاء حق قرابة ابوي دينه و ابوي نسبه و قدح كل واحد منهما في الآخر فقدم قرابة ابوي دينه علي قرابة ابوي نسبه قال اللّه عزوجل يوم القيمة كما قدم قرابة ابوي دينه فقدموه الي جناني فيزاد فوق ما كان اعدّ له من الدرجات الفالف ضعفها و قال الرضا7 في حديث فضل قرابات محمد و علي ابوي دينه علي قرابات ابوي نسبه افضل من فضل الف جبل ذهب علي الف حبة زائف و قال محمد بن علي الرضا8 من اختار قرابات ابوي دينه محمد و علي علي قرابات ابوي نسبه اختاره اللّه علي رءوس الاشهاد يوم التناد و شهره بخلع كراماته و شرفه بها علي العباد الا من ساواه في فضائله او فضله و قال علي بن محمد8 ان من اعظام جلال اللّه ايثار قرابة ابوي دينك محمد و عليّ علي قرابة ابوي نسبك و ان من التهاون بجلال اللّه ايثار قرابة ابوي نسبك علي قرابة ابوي دينك محمد و علي8 و في الوسائل بسنده عن عيسي بن عبداللّه عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9من صنع الي احد من اهل بيتي يداً كافيته به يوم القيمة و عن بعض اصحابنا عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9انا شافع يوم القيمة لاربعة اصناف و لو جاءوا بذنوب اهل الدنيا رجل نصر ذريتي و رجل بذل ماله لذريتي عند الضيق و رجل احب ذريتي باللسان و القلب و رجل سعي في حوائج ذريتي اذا طردوا او شردوا و قال الصادق7 اذا كان يوم القيمة نادي مناد ايها الخلايق انصتوا فان محمداً يكلمكم فتنصت الخلايق فيقوم النبي فيقول يا معشر الخلايق من كانت له عندي يد او منة او معروف فليقم حتي اكافيه فيقولون بآبائنا و امهاتنا و اي يد و اي منة و اي معروف لنا بل اليد و المنة و المعروف للّه و لرسوله علي جميع الخلايق فيقول لهم بلي من آوي احداً من اهل بيتي او برّهم او كساهم من عري او اشبع جائعهم فليقم حتي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۷ *»
اكافيه فيقوم اناس قد فعلوا ذلك فيأتي النداء من عند اللّه تعالي يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافاتهم اليك فاسكنهم من الجنة حيث شئت قال فيسكنهم في الوسيلة حيث لايحجبون عن محمد و اهل بيته و عن داود بن سليمان عن علي بن موسي الرضا عن ابيه عن آبائه عن علي: قال قـال رسولاللّه9 اربعة انا الشفيع لهم يوم القيمة و لو اتوني بذنوب اهل الارض معين اهل بيتي و القاضي لهم حوائجهم عند ما اضطروا اليه و المحب لهم بقلبه و لسانه و الدافع المكروه عنهم بيده و عن حسين بن موسي بن جعفر عن اخيه علي بن موسي بن جعفر عن آبائه: ان رسولاللّه9 قال ايما رجل اصطنع الي رجل من ولدي صنيعة فلميكافه عليها فانا المكافي له عليها و عن ابان بن تغلب عن ابيجعفر محمد بن علي الباقر عن ابيه عن جده: قال قـال رسولاللّه9 من اراد التوسل الي و ان يكون له عندي يد اشفع له بها يوم القيمة فليصل اهل بيتي و يدخل السرور عليهم و عن الصادق7 عن آبائه: قال قـال رسولاللّه9 من وصل احداً من اهل بيتي في دار الدنيا بقيراط كافيته بقنطار و عن ابيحمزة عن ابيجعفر7 قال اذا كان يوم القيمة جمع اللّه الاولين و الآخرين فينادي مناد من كانت له عند رسولاللّه يد فليقم فيقوم عنق من الناس فيقول ما كانت اياديكم عند رسولاللّه9 فيقولون كنا نصل اهل بيته من بعده فيقال لهم اذهبوا فطوفوا في الناس فمن كانت له عندكم يد فخذوا بيده و ادخلوه الجنة و قال ابوعبداللّه7 من وصلنا وصل رسولاللّه و من وصل رسولاللّه9 فقد وصل اللّه تبارك و تعالي، الي غير ذلك من الاخبار و قد ذكرنا شطراً منها في باب اخوان دينك فراجع.
بالجملة للسادة الاجلاء حقان النسبة الي محمد و علي8 في النسب الظاهر و الاسلام و ينبغي مراعاتهما فان نقصوا في الايمان و الاسلام
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۸ *»
لمينقصوا في النسب الظاهر و لكل ذي فضل فضله و اللّه اسأل ان يوفقني لاداء الحقوق فان اداء الحقوق اعظم و اصعب ما شرع في الاسلام و لاحول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم و اني اري في زماني هذا ان السادة اجلهم اللّه من اذلاء الخلق تزدريهم اعين الخلق و يثقل علي الخلق كل شيء منهم حتي رد سلامهم خوفاً لسؤالهم شيئاً من حقوقهم و ما ذلك الا ان الناس كما بقي فيهم كثير من صفات التسنن لانهم قريبوا عهد به بقي فيهم هذه الخصلة من اول ظالم ظلم حق محمد و آلمحمد: فانه اهانهم و حقّرهم و زوي عنهم حقهم و ازالهم عن مراتب شرفهم و عزتهم و اوقع بهم ما اوقع فاورث تلك الخصال احباءه و اتباعه ثم الشيعة المعاشرون لهم اكتسبوا منهم تلك الخصال و كذا من تشيع بعد ضلالة بقي فيه بعض ما كان عليه من ذلك فلاجل ذلك ذل السادة الاجلاء بين هذه الامة الجافية و آل امرهم الي ما آل و الظاهر انه لايعود العزة اليهم حتي يظهر سيدهم و سندهم الحجة7 و يرجع الحق الي اهله فهنالك يعود العزة اليهم ان شاء اللّه.
و من عجايب البركة التي جعلها اللّه في هذا النسل المبارك انه لاينعقد مجلس في بلاد الاسلام الا و جميعهم من هذا النسل اما من جهة الاب او من جهة الام او اكثرهم و لايخلو مجلس منهم الا قليلاً و انتشروا في جميع البلاد و القري و الجبال مع ما جهدت الجبابرة في اطفاء نورهم و انقراض نسلهم و اخماد ذكرهم و قتلوهم كل مقتل و شردوهم و سلبوهم و مع ذلك بارك اللّه عليهم حتي ملأوا العالم و سمعت سيدي و شيخي اجل اللّه شأنه و نوّر رمسه انه قال الذي اري انه يقل نسل ساير العوام يوماً فيوماً و ينمو هذا النسل المبارك الي ان يصير في الرجعة جميع اهل الارض من ذرية محمد9 بالجملة هذه قليل من كثير من هذا الامر المذكور و انما كانت نفثة مصدور و لاحول و لا قوة الا باللّه.
فصل: لما فرغنا مما قدر اللّه و قضي مما سنح بخاطرنا و اعترض بالنا اردنا اننرجع الي ما كنا فيه من امر الايمان و شرفه و نباهته فمن اسباب تلك النباهة و الشرف امر العلم و اليقين و المعرفة و الفرق بينها و بيان اصلها و فرعها و اسباب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۷۹ *»
حصولها و لو علي نحو الاختصاراعلم ان الصادق7 قال نجوي العارفين تدور علي ثلثة الخوف و الرجاء و الحب فالخوف فرع العلم و الرجاء فرع اليقين و الحب فرع المعرفة فدليل الخوف الهرب و دليل الرجاء الطلب و دليل الحب ايثار المحبوب علي ما سواه فاذا تحقق العلم في الصدر خاف و اذا صح الخوف هرب و اذا هرب نجا و اذا اشرق نور اليقين في القلب شاهد الفضل و اذا تمكن من رؤية الفضل رجا و اذا وجد حلاوة الرجاء طلب و اذا وفق للطلب وجد و اذا تجلي ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة و اذا هاج ريح المحبة استانس في ظلال المحبة و آثر المحبوب علي ما سواه و باشر اوامره و اجتنب نواهيه و اختارهما علي كل شيء غيرهما و اذا استقام علي بساط الانس بالمحبوب مع اداء اوامره و اجتناب نواهيه وصل الي روح المناجاة و القرب الخبر.
فصل: في العلم اعلم ان اللّه جلوعز خلق العالم في ثلث مراتب: مرتبة صورة و لها مرتبتان مرتبة صورة مقترنة بالمواد و مرتبة صورة مجردة عنها و مرتبة معني و مرتبة حقيقة مقدسة عن المعني و الصورة و المعني مقام برزخي بين الحقيقة و الصورة فمن حيث الاعلي يرتبط بالحقيقة و من حيث الاسفل يرتبط بالصورة كما ان الروح برزخ بين الامر و الجسم فمن حيث الاسفل مرتبط بالجسم متعلق به و من حيث الاعلي صادر من الامر مرتبط به قل الروح من امر ربي فالمعني في الصورة كالروح في الجسد و منشأه و مصدره الحقيقة و لما ان خلق اللّه الانسان كلمة جامعة لحروف هذا العالم و انموذجاً له جعل فيه من كل مرتبة حرفاً و جعل كل حرف آلة لتوصله الي رتبة تناسبه كما قال اميرالمؤمنين7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها فخلق في الانسان رتبة صورية و هي نفسه بها يدرك الصور و جعل لها مرتبتين مرتبة مجردة و هي نفسه و مرتبة مقارنة و هي جسده و بين المقارن و المجرد مرتبة اخري برزخية ظلية فمدركاتها مادية المبدء مجردة المنتهي و رتبة معنوية و هي عقله به يدرك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۰ *»
المعاني الكلية و مثل المرتبتين انك تدرك العصا مثلاً بعينك فتدرك صورة مقارنة بالمادة و تنتزع تلك الصورة فتدركها بخيالك فهي مادية المبدء مجردة المنتهي و ان نظرت بنفسك ادركت العصا مجردة عن المادة و هي العصا المطلقة السارية في جميع العصيّ في العالم ليس عليها شوب الاقتران بالمادة و اذا نظرت بعقلك رأيت معني كلياً نحو ما يتوكأ عليه فهو اذا معنوي كلي و هناك رتبة اخري فوقهما و هي رتبة الحقيقة و هي فؤاده و به يدرك الحقيقة مجردة عن المعنوية و الصورية فاذا هي الوجود الخالص معريً عن الحدود المعنوية و الصورية و الكلية و الجزئية و لما كان مراتب الناس مختلفة في فعلية هذه المقامات فيهم فمنهم من اهل العلم و الغالب عليهم النفس و منهم من اهل اليقين و الغالب عليهم العقل و منهم من اهل المعرفة و الغالب عليهم الفؤاد امر اللّه سبحانه نبيه ان يدعو الناس بثلثة انواع دعوة و يخص كل نوع منهم بواحدة فقال (ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن) فامره ان يدعو اهل العلم بالمجادلة و اهل اليقين بالموعظة الحسنة و اهل المعرفة بالحكمة ثم ذم قوماً يجادلون بالتي هي اسوء و لايعملون بشيء من ادلة الحق فقال (و من الناس من يجادل في اللّه بغير علم و لا هدي و لا كتاب منير) فالعلم هو ظاهر و الهدي هو الحكمة و الكتاب المنير هو اليقين و نريد ان نذكر في هذا المقام شرح احوال العلم علي ما يناسب هذا الكتاب و هذا الباب اذ قد مر ذكره مفصلاً في الباب الثالث.
اعلم انه قد يطلق العلم و يراد به اعم من اليقين و المعرفة كما قد يستعمل اليقين اعم من العلم و المعرفة و يستعمل المعرفة اعم من العلم و اليقين ولكن اذا اجتمعت افترقت كما في الصادقي الشريف فيختص العلم بما في الصدر و المراد به النفس كما قد يطلق القلب و يراد به العقل و لما كانت النفس وعاء العقل سمي بالصدر تسمية الباطن بالظاهر فجميع المشاعر النفسية مقامها الصدر كالعاقلة و العالمة و الواهمة و المتخيلة و المتفكرة و الحس المشترك و الباصرة و السامعة و الشامة و الذائقة و اللامسة فما يحضر في هذه المشاعر من الاشباح المنفصلة من الاشياء و تنصبغ به فهو العلم و هو المعلوم فانما تحد الادوات انفسها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۱ *»
و تشير الآلات الي نظائرها فهذه المشاعر ان كانت متوجهة الي عليين ينطبع فيها الصور الحقة النورانية فتستنير و ان كانت متوجهة الي سجين ينطبع فيها الصور الباطلة الظلمانية فليس كل علم من الكمال و مما يقرب النفس من اللّه المتعال و العلم المندوب اليه الذي للعالم به الفضل و خلافة اللّه و خلافة رسوله و اوليائه: هو العلم النوراني العلييني و هو المشار اليه بما روي عن النبي9 ليس العلم بكثرة التعلم و انما العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يحب فينفسح فيشاهد الغيب و ينشرح فيحتمل البلاء قيل فهل لذلك علامة يا رسولاللّه قال التجافي عن دار الغرور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل نزوله و لعلي نقلته بالمعني و في حديث العنوان البصري عن الصادق7 ليس العلم بكثرة التعلم انما هو نور يضعه اللّه في قلب من يريد انيهديه فان اردت العلم فاطلب في نفسك حقيقة العبودية و اطلب العلم باستعماله و استفهم اللّه بفهمك الخبر و عن علي7 ليس العلم في السماء فينزل اليكم و لا في الارض فيصعد اليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم انتهي و قال اللّه سبحانه في عيسي (و لما بلغ اشده و استوي آتيناه حكماً و علماً و كذلك نجزي المحسنين) فمن احسن اوتي الحكم و العلم و هذا العلم لايحصل الا بالتوجه الي عليين و التوجه الي عليين ليس توجهاً الي الارض او السماء او الشهادة او الغيب او الصورة او المادة او الصفات او الذوات و انما يتوجه الي عليين بالتوجه الي مبادي الخير الذين هم اصل كل خير و من فروعهم كل بر فمن توجه اليهم في كل شيء و من كل شيء فقد توجه الي عليين فليس التوجه الي عليين الا التوجه الي المثال اي مثالهم الملقي في هويات الاشياء و من ذلك علم ان العلم الحق هو ما صدر منهم و لا علم الا ما صدر منهم و الباقي جهل في صورة العلم و ان شق فيه الشعر و لذلك قال ابوجعفر7 لسلمة بن كهيل و الحكم بن عتيبة شرقا و غربا لاتجدان علماً صحيحاً الا شيئاً خرج من عندنا اهلالبيت و في رواية اخري عنه7 واللّه لايؤخذ العلم الا من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۲ *»
اهل بيت نزل عليهم جبرئيل و في رواية اخري عنه7 قال7 ليس عند احد من الناس حق و لا صواب و لا احد من الناس يقضي بقضاء حق الا ما خرج منا اهل البيت و اذا تشعبت بهم الامور كان الخطاء منهم و الصواب من علي7 و في رواية قال7 ليس عند احد علم شيء الا خرج من عند اميرالمؤمنين7 فليذهب الناس حيث شاءوا فواللّه ليس الامر الا من هيهنا و اشار بيده الي بيته و عن ابيعبداللّه7 يغدو الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء و عنه7 لاتغرنك صلوتهم و صومهم و كلامهم و رواياتهم و علومهم فانهم حمر مستنفرة ثم قال يا يونس ان اردت العلم الصحيح فعندنا اهل البيت فانا ورثناه و اوتينا شرع الحكمة و فصل الخطاب و عن ابيجعفر7كل ما لميخرج من هذا البيت فهو باطل و يكفي ما روي عن النبي9 انا مدينة العلم و علي بابها من اراد المدينة فليأتها من بابها انتهي.
فاذا عرفت ان العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يحب فلا نور الا من منير و المنير هو محمد و آلمحمد: كما قال تعالي (انا ارسلناك شاهداً و مبشراً و نذيراً و داعياً الي اللّه باذنه و سراجاً منيراً) و اهل بيته نفسه و من طينته و كذلك ليس العلم الا من العالم و هم العلماء و شيعتهم المتعلمون و ساير الناس غثاء فمن توجه اليهم باطناً و ظاهراً حصل له العلم الحق النوراني الذي هو الكمال و من اعرض عنهم فلا علم له و انما هو جاهل خابط خبط عشواء و ليس عنده الا ظلمة و سواد و هذا احد محامل الاخبار الواردة في العمل بالعلم و ان من لميعمل بالعلم و لميفت به لعنته ملئكة الرحمة و ملئكة العذاب البالغة مبلغ التواتر فان ما خرج عنهم هو العلم و الاخذ به اخذ بالعلم و ما لميخرج منهم فانما هو ظنون و اهواء و آراء و شكوك و شبهات ليس من الحق و لا الي الحق و ان استدل عليه بادلة عقلية علي زعمه محكمة و انهاها الي البديهيات فجميع ذلك جهل و خبط لايجوز التعويل عليه ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لميكد يراها و من لميجعل اللّه له نوراً فما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۳ *»
له من نور ففي العيون بسنده عن النبي9 من دان اللّه بغير سماع الزمه اللّه عزوجل التيه الي الفناء و من دان بسماع من غير الباب الذي فتحه اللّه لخلقه فهو مشرك و الباب المأمون علي وحي اللّه تعالي محمد9 و هذا شيء لايدخل اغلب مسامع العالمين الا المؤمنين المسلمين فالعلم هو ما خرج عنهم و هو النور الناشئ من المنير و هو الذي يقذفه اللّه في قلب من يحب من الشيعة المسلمين.
و ان قلت لميصدر من آلمحمد: جميع العلوم و جميع المسائل فكيف الطريق فيها قلت ان ما لميصدر منهم فمنها علوم مكتومة كان في كتمانه صلاح الخلق و في اظهاره فسادهم و بوارهم و هلاكهم و الواجب في سياسة الدين و الدنيا كتمانها و المنع من طلبها و انما الخلق يتكلفون فيها و يسعون في اضرار انفسهم كالسحر و الشعوذة و السيميا و الريميا و الليميا و امثال ذلك فيقعون فيما ضرره عليهم اكثر من نفعه و الواجب السكوت عما سكتوا عنه و منها علوم اظهروا منها قليلاً لاخبار الناس ان هناك شيء و لان في قليلها صلاحهم دون كثيرها و سكتوا عن تفصيلها لاجل صلاح الخلق كالنجوم و الجفر و الكيميا و علم الرؤيا و امثالها فما زاد علي ما صدر منهم غيرصالح للخلق مفسد لهم و انما هم يتكلفون و لايظفرون الا بظنون و اهواء و خيالات فاسدة فيها تضييع المال و العمر و يحسبون انهم يحسنون صنعاً و هم لاهون به ولعون بفهمه من غيرحاجة و من غير امكان وصولهم اليه فهي و ان لميصدر عن آلمحمد: فليس في ايدي الناس ايضاً الا خيالات و ظنون و اهواء لاتسمن و لاتغني من جوع و منها علوم طبيعية و صناعات عجيبة و اعمال يدية لمتصدر منهم صلوات اللّه عليهم اذ لميك فيها صلاح هذا الخلق واللّه و كان في اظهارها فسادهم و اشتغالهم بطلب الدنيا و غفلتهم عن الآخرة ولكن الشيطان اغواهم و شغلهم بما ليس فيه صلاحهم بل فيه فسادهم و فساد مدينتهم ولكن اكثر الناس لايعلمون و اما ما فيه صلاح هذا الخلق و لابد لهم من علمه في اصلاح دينهم و دنياهم فقد صدر منهم و فصلوه و شرحوه و ان اتفق مسئلة لميظهروها ففي عدم اظهاره صلاحهم فهم اطباء النفوس و كل ما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۴ *»
صدر منهم ففيه صلاح الخلق و كل ما لميصدر لميك في اظهاره صلاحهم عياناً بتة و الناس تكلفوه فمنه ما ظفروا به عن يقين و كان فيه المضرة و منه ما لميظفروا به و ضيعوا في طلبه العمر.
فتبين ان العلم الحق هو ما صدر منهم صلوات اللّه عليهم و يجب فيه الرجوع اليهم و الاخذ عنهم بلا واسطة او بواسطة الثقات و مشعر هذه العلوم الاكتسابية كما عرفت النفس و دليلها فيها المجادلة بالتي هي احسن و هي الاستدلال بالمقدمات الصحيحة و استنتاج النتايج منها علي النحو المقرر في علم الميزان و مستنده النقل عن محمد و آلمحمد: و الكتاب و البديهيات التي تتفق عليها العقول باذنهم صلوات اللّه عليهم فالبديهيات هي حقيقة من موضوعات احكامهم فلو نهونا عنها لانتهينا و شرطه انصاف الخصم بالاستدلال بالامور الثابتة و ترك الاستدلال بالباطل علي باطل او علي حق و ترك انكار الحق و لو توسل به الخصم الي باطله و مراتب هذا العلم ثلث علم استنباطي بالاستدلال و علم عادي و علم شرعي و لابد في كل علم ان يكون دليله من جنسه.
اما الاول فدليله مقدمات قطعية منتهية الي الضروريات القطعية و لايجوز الاستناد فيه الي الظنون و الشكوك لقول الصادق7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقد حبط عمله ان حجة اللّه هي الحجة الواضحة و عنه7 لو ان العباد وصفوا الحق و عملوا به و لميعقد قلوبهم علي انه الحق ماانتفعوا و عن ابيالحسن7 قال قال لي الرشيد احببت ان تكتب لي كلاماً موجزاً له اصول و فروع يفهم تفسيره و يكون ذلك سماعك عن ابيعبداللّه7 فكتبت: بسم اللّه الرحمن الرحيم امور الاديان امران امر لا اختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون عليها و الاخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط عنها كل حادثة و امر يحتمل الشك و الانكار و سبيل استيضاح اهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۵ *»
لميثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الامران من امر التوحيد فما دونه الي ارش الخدش فما فوقه فهذا المعروض الذي يعرض عليه امر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوؤه نفيته و لا قوة الا باللّه و حسبنا اللّه و نعم الوكيل انتهي فالذي يعرف بالدليل فلابد فيه من مقدمات ثابتة بعقول مستنيرة بنور الكتاب المستجمع علي تأويله او سنة جامعة و اما ما اعتمد عليه القوم من الادلة التي سموها عقلية و لا شاهد عليها من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها فلا عبرة بها اصلاً و لا تعويل عليها عندنا فان العقول المشوبة لاتدرك الجزئيات بالدليل العقلي اللهم الا باخبار من يحيط بالجزئيات و هو العقل الكلي و قد مر عن النبي9 من دان اللّه بغير سماع الزمه اللّه التيه الي الفناء الخبر فلا دين للشخص الجزئي الا بالسمع و النطق و الكليات التي تعرفها العقول لاتتمشي في عالم اللطخ و الخلط و لايمكن التعويل عليها و انما وقعت الحكماء تحت كل كوكب لاستبدادهم بعقولهم الناقصة و كل يدعي انهاء مقدماته الي البديهيات و اذا كان عقول الحكماء كذلك فما ظنك بعقول ساير الناس و اذا كان عقولهم في ساير احوال العالم كذلك فما ظنك بهم في فهم الدين و قد روي الناس في الدنيا اكياس و في الدين حمقي و اما القياس المذكور فهو من باب التقية و لايمكن العلم بما اشترط فيه من معرفة جميع العقول عدله مع اختلافها.
و اما الثاني فمرجعه العاديات التي جبل الانسان علي ان يسكن قلبه عندها و يركن اليها كالقطع الحاصل بالتواتر و باخبار الثقات فبه يثبت لك ما غاب عنك من الجزئيات و كالمحسوسات بالحواس الظاهرة فانها ايضاً من العاديات و يسكن القلب الي ما احسّت و ان لميكن له دليل عقلي عليه يمتنع عند العقل خلافه فهذا هو علم معتبر طبعاً و شرعاً لما قرر الشارع الناس عليه و دليل ذلك المقدمات الثابتة عادة التي تسكن اليها النفوس و لاتضطرب.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۶ *»
و اما الثالث فدليله الشرعيات اي ما ثبت من الشرع عادة وجوب الاخذ به و العمل بمقتضاه فاذا قام ذلك الدليل الشرعي وجب الاخذ به و ان لميكن لك عليه دليل علمي او دليل عادي كما اذا ثبت عادة من الشرع الاخذ بقول الثقة ثم اخبرك ثقة بخبر فذلك الخبر معلوم شرعاً و ان لميحصل لك به قطع عادي و لا علمي و كطهارة ثوبك اذا كان طاهراً و ظننت وصول النجاسة اليه فهو طاهر شرعي قام عليه دليل شرعي و ليس بطاهر عادي و لا علمي و انما دليله السنة و ليس هيهنا موضع ازيد من ذلك و معوله علي كتبنا الاصولية.
بالجملة اذا حصل العلم في صدر الانسان اي علم ما صدر من آلمحمد: من ذكر الجنة و النار و اهوال القيمة و البرزخ وخواص الاعمال و شرح الاخلاق الحسنة و الردية و صفة العبودية و ذكر عظمة اللّه جلوعز و رسوم عبوديته و معني التوجه اليه و شرح احوال الحجج و صفة الاخلاص لهم و شرح حقوق الاخوان و الآباء و الامهات و علم بها ثم نظر الي نفسه و غلبة الشيطان و مكائده و ضعف نفسه و لميسول لنفسه كالجهال و حاسب نفسه و عرف خطيئاته و مقتضياتها خاف من غضب اللّه جلوعز و اذا اشتد الخوف و صح هرب من المعاصي ما امكنه و اذا هرب نجا من غضب اللّه جلوعز و معلوم ان الانسان ما لميكن له شامة يشمّ بها المنتنات لميجتنبها فان شمّ و احسّ بالنتن اجتنبه البتة فمن لاعلم له بالمعاصي و آثارها يكون اجتنابها عن طبع او عن مشقة و اما العالم الصحيح الحواس فهو يجتنب المعاصي عن بصيرةٍ و قطعٍ بضررها و ادراكٍ لمرارتها و نتنها و الانسان مجبول علي الاجتناب عما يتأذي منه و لايتأذي من المعاصي الا العالم بالجملة من نباهة الانسان حصول العلم له كما قدمنا و ليس هذا الشرف لغيره من ساير الحيوانات و ما دونها و لما ان شرحنا سابقاً مراتب العلم لانطيل الكلام بذكره هنا.
فصل: في اليقين و هو من كرائم مقامات السالكين و شرايف درجات المتقين و الفايز به اقل الاقلين و اعز المؤمنين و هو من صفات القلب الذي هو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۷ *»
العقل فهو ثبات و اطمئنان يحصل في العقل اذا كان خالصاً عن شوائب الاكدار و الواث الاغيار و كان علي الفطرة التي فطره اللّه عليها و ذلك ان اللّه سبحانه خلق عقل كل شيء اول جميع مراتبه محيطاً علي جميع ما دونه خارجاً عن الاوقات ناظراً الي ما مضي و ما هو آت و لذلك قال فيه علي اميرالمؤمنين7 و العقل وسط الكل لكيلايعقل احدكم شيئاً من الخير و الشر الا بقياس معقول و قال7 العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشيء قبل كونه فهو علة الموجودات و نهاية المطالب انتهي فهذا الجوهر دراك بالطبع كلما يتوجه اليه محيط بالاشياء التي دونه من جميع جهاتها فيعرفها بجميع حيوثها و جهاتها لايخفي عليه خافية و لخروجه عن الاوقات مشرف علي جميع الآنات و يعرف المواضي و الاَوات بخلاف المدارك التي تدرك الاشباح الزمانية فانها تدرك الحال و اما المدارك البرزخية فاسفلها مقترن بالحال و اعلاها يدرك المواضي فقط و اما العقل فانه يدرك ما لميأت و ان اتي كيف ينبغي ان يكون و هو علة الموجودات اما الفاعلية فلانه خلق اللّه الاشياء به و اما الغائية فانه قد خلق جميع الاشياء لظهوره و بروزه و اما المادية و الصورية فان الكل من شعاعه بمادته و صورته و هذه الكمالات علي الاطلاق للعقل الكلي الا ان من ذلك في كل شيء بحسبه فهذا العقل اذا كان علي الفطرة كان علي حسب مشية اللّه صافي الادراك نافذ النظر يدرك كلما يقابله علي ما هو عليه ثابتاً جازماً لايتزلزل في ادراكه و اما اذا كان مشيباً بشوائب النفس يعمي عن درك الحق الواقع و يحصل فيه جهتان جهة الفطرة الاصلية و جهة الفطرة المغيرة فيري بكل جهة شيئاً و يلتبس عليه الامر و يتردد فاما انيرجح احدي الجهتين فيظن و يتوهم الاخري او يتساوي فيشك و علي اي حال لايخلو الانسان من يقين بشيء مما في الدنيا فمن عمل بما يتيقن به يستبصر فيما يشك فيه و يزداد بصيرة فيما يتردد فيه و يوفق لليقين و من ترك ما يتيقن به لما يشك فيه يعمي عن درك الحق و يزول يقينه و كذلك يفسد العقل الوسوسة في التوهمات و التجويزات و الامكانات و كلما يزداد وسوسته فيها تزداد قوة و تقرب من الوقوع عنده فتساوي الواقع و يحصل الشك فالواجب اذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۸ *»
صار الانسان علي يقين في شيء انيثبت عليه و يعرض عن التجويزات و يعمل به و يديم عليه و لاينقضه بشكه في شيء آخر ابداً و انما يزول يقين الناس لاجل انهم ينقضون يقينهم بشيء بشكهم في شيء آخر فيعرضون عنهما معاً و اكمل آلات العقل في تحصيل اليقين في السلوك الي اللّه جلوعز بعد شوبه و تلوثه دليل الموعظة الحسنة و هو ان تنظر في كل شيء الي جهته التي لا شك فيه و لا ريب يعتريه فتأخذ به و تنظر الي جهته المشكوكة عندك فتتركه و هو طريق الاحتياط في كل شيء و هو ما قاله النبي9 دع ما يريبك الي ما لايريبك و عن الصادق7 خذ بالاحتياط في جميع امورك ما تجد اليه سبيلاً و مثال ذلك ما رواه في الكافي عن ابيعبداللّه7 انه قال لابن ابيالعوجاء ان يكن الامر علي ما يقول هؤلاء و هو علي ما يقولون يعني اهل الطواف فقد سلموا و عطبتم و ان يكن الامر علي ما تقولون و ليس كما تقولون فقد استويتم و هم و ما رواه في العيون عن الرضا7 في مكالمة زنديق ارأيت ان كان القول قولكم و ليس هو كما تقولون ألسنا و اياكم شرعاً سواء و لايضرنا ما صلينا و صمنا و زكينا و اقررنا فسكت فقال ابوالحسن7 و ان يكن القول قولنا و هو قولنا و كما نقول الستم قد هلكتم و نجونا الخبر و كقوله تعالي (قل ارأيتم ان كان من عند اللّه ثم كفرتم به من اضل ممن هو في شقاق بعيد) و قوله تعالي (قل ارأيتم ان كان من عند اللّه و كفرتم به و شهد شاهد من بنياسرائيل علي مثله فآمن و استكبرتم ان اللّه لايهدي القوم الظالمين) فاذا فهمت ان شقاً من الامر قطعي لا شك فيه و شق منه يحتمل الخلاف فالعقل يحكم حينئذ بلزوم الاخذ بالمقطوع به فاذا حكم بوجوب الاخذ به فشرطه ان تنصف عقلك و تصدقه في حكمه و تسلم لامره و تعمل بمقتضاه و مستنده القلب فانه مقر اليقين و صاحبه الموصوف به و الحافظ له الكتاب و السنة فانهما اصل كل خير و بهما يؤيد العقل و يسدد و يوفق و يعتدل و يستوي و يعدل في قضائه و بهذا الدليل يستخرج مسائل علم الطريقة اي السلوك العملي و تهذيب الاخلاق و تعديل احوال النفس و معرفة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۸۹ *»
كيفية التخلق باخلاق اللّه و تجنب ما فيه الضرر و امثل لك امثلة تعتبر بها و تستخرج الباقي علي حذوها فاذا اردت ان تتكلم بكلام في مجلس مثلاً فانظر بعقلك هل عليك وصمة ان لمتتكلم بذلك الكلام في دينك فتري انه لا وصمة عليك في ذلك بوجه ثم تنظر ان تكلمت فيحتمل انيترتب عليه اثر ردي فتتركه و ان اردت ان تضرب احداً تنظر و تري انك لو لمتضربه لايكون عليك وصمة ابداً ولكن ان ضربته يحتمل فيه مكروه فلاتضربه و اذا اردت انتقوم الي طاعة فتنظر و تقول ان بادرت الي الطاعة فلا نقص فيه ابداً و ان تثبطت يحتمل وقوع المكروه فبادر و ان اردت ان تنفق في سبيل اللّه تنظر و تقول ان انفقت فلايكون عليّ منه ضرر ديني و ان لمانفق يحتمل الضرر في ديني فانفق وهكذا فتدور ابداً مدار القطع و اليقين و من العجايب ان امور الدين كلها موضوعة في جانب الاحوط المسلمي و الحمد للّه و بهذا الدليل يمكن الانسان الوصول الي اليقين في كل شيء و هو اقوي عصاً للسالك الي اللّه سبحانه يتوكأ عليها و يستأنس بها و يدفع المضرة عن نفسه و اخوانه بها و من توكأ عليها لايخيب و لايخزي و اما المجادلة بالتي هي احسن فلايفيد اليقين لان مدارها علي الالفاظ و دلالاتها و هي لاتخلو من الاحتمالات نعم تفيد الالتزام و حصول صورة الملتزم في النفس و اما هذا الدليل فلاجل انه معنوي لايتطرق فيه الاحتمالات اللفظية و لما كان مبناه علي الاحتياط و الاخذ بما لا ريب فيه يأمن الانسان فيه عن الشكوك و ان كان الانسان في مسألة لايعرف وجهاً لا ريب فيه فيها و هو متردد في جميع اطرافها فبحكم الموعظة الحسنة يكون سكوته عنها اولي و فيه يقين النجاة فيذرها في سنبلها حتي يحصل له يقين بجهة فيمضي فيها و يدع الآخر.
ثم قد يكون متعلق اليقين الصانع جلوعز و صفاته و اسماؤه و قد يكون متعلقه افعال اللّه و مقاديره و قد يكون الرسول9 و صفاته و قد يكون الامام7 و صفاته و قد يكون اولياؤهم و ما يتعلق بهم او اعداؤهم و ما يتعلق بهم و قد يكون ساير مسائل الدين الشرعية من الحلال و الحرام و قد يكون ساير مسائل الطريقة و الاخلاق و الصفات المحمودة و المذمومة و قد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۰ *»
يكون ساير مسائل الحقيقة و المعاملات مع اللّه سبحانه و قد يكون ساير امور العالم و جميعه من خواص الانسان الكامل و من نباهته و شرفه و ليس يوجد في شيء من الخلق الذين دونه و لايخفي ما فيه من الروح و الراحة و الفرح و السرور في الدين و الدنيا و الآخرة و ما في الظن و الشك من الضنك و الضيق و الحرج و التعب و الهم و الغم الدائم فمن يرد اللّه انيهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد انيضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل اللّه الرجس علي الذين لايؤمنون.
فصل: اعلم ان اليقين علي قسمين: قسم مقرون بالعمل و قسم غير مقرون بالعمل و ذلك انه قد يحول الآمال و الشهوات و العادات و الطبايع و امثالها بين الانسان و يقينه فمتي ما يلتهي بهذه الحجب و الموانع ينسي اليقين فيصير كأنه لايقين له و في الواقع له يقين بدليل انه اذا خرق الحجب و نظر الي يقينه سكن عنده و ثبت عليه و قد لايحول شيء بين الانسان و يقينه فهو ملتفت اليه شاهد اياه.
اما الاول فكاليقين بالموت فان كل احد متيقن بالموت لايشك فيه ولكن قد حال بينه و بين يقينه الشهوات و العادات و امثالها فهو مُلتهٍ بها غافل عنه و اذا ما رفع الحجب و نظر الي اليقين رآه و علم انه يموت و كل نفس ذائقة الموت فاذا رفع الحجاب و فك الباب رآه بلا ارتياب و اشرق نوره علي القلب و الاعضاء و الجوارح و اعرض عن الدنيا و زهد فيها و لميتعلق بشيء منها ثم اذا عادت الحجب و ارخي السجف توجه الي الدنيا و مقتضياتها و انما ذلك كمن يعلم يقيناً ان له مالاً كثيراً في بيته فكلما توجه اليه و ذكره سُرّ به و زاد اعتماده و اذا ما اشتغل بمصيبة من مصائب الدنيا نسيه و اهتم لها فليس هذا القسم من جهة شك الانسان في متعلق يقينه و انما هو لاجل غفلته عنه فعن سلام المستنير قال كنت عند ابيجعفر7 فدخل عليه حمران بن اعين و سأله عن اشياء فلما همّ حمران بالقيام قال لابيجعفر7 اخبرك اطال اللّه بقاك لنا و امتعنا بك انا نأتيك فمانخرج من عندك حتي ترقّ قلوبنا و تسلو انفسنا عن الدنيا و يهون علينا ما في ايدي الناس من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۱ *»
هذه الاموال ثم نخرج من عندك فاذا صرنا مع الناس و التجار احببنا الدنيا قال فقال ابوجعفر7 انما هي القلوب تصعب مرة و تسهل ثم قال ابوجعفر7 اما ان اصحاب محمد9 قالوا يا رسولاللّه نخاف علينا النفاق قال فقال لهم و لم تخافون ذلك قالوا اذا كنا عندك فذكرتنا و رغبتنا وجلنا و نسينا الدنيا و زهدنا حتي كأنا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك فاذا خرجنا من عندك و دخلنا هذه البيوت و شممنا الاولاد و رأينا العيال و الاهل يكاد اننحول عن الحالة التي كنا عليها عندك و حتي كأنا لمنكن علي شيء افتخاف علينا انيكون ذلك نفاقاً فقال لهم رسولاللّه9 كلا ان هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا واللّه لو تدومون علي الحالة التي وصفتم انفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم علي الماء و لولا انكم تذنبون فتستغفرون اللّه لخلق اللّه خلقاً حتي يذنبوا ثم يستغفروا اللّه فيغفر اللّه لهم ان المؤمن مفتّن توّاب اماسمعت قول اللّه عزوجل (ان اللّه يحب التوّابين و يحب المتطهرين) و قال (استغفروا ربكم ثم توبوا اليه) انتهي و روي عن النبي9 لولا ان الشياطين يحومون علي قلوب بني آدم لنظروا الي ملكوت السموات و الارض و قال اميرالمؤمنين7 مارأيت يقيناً لا شك فيه اشبه بشك لا يقين فيه من الموت انتهي فهذه الغفلات لاتضر باليقين الذي منح اللّه الانسان اياه نعم اذا نزل نفس الانسان الي دار الطبايع و انهمكت فيها الي ان جمدت و تجسمت و صارت علي حسب مقتضيات تلك الحجب و زال عنها اليقين و صارت في شك هلكت.
و اما الثاني فهو كاليقين الذي انت ذاكره متوجه اليه و لميحل بينك و بينه حجاب فصار منشأ آثار في حواسك و مشاعرك و اعضائك و جوارحك و استعمل كلاً في مقتضاه و لميبق في نفسك شيء يحول بينك و بينه و ازلت جميعه بالرياضات و المجاهدات فهذا هو الكمال و كل الكمال و هذا هو المقرب من اللّه المتعال المرقي للانسان الي درجات الكمال الباعث لمشاهدة فضل الرب الفضال فلاشك ان ذلك يحصل للانسان اذا عمل بمقتضي يقينه و اعرض عما سواه و سعي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۲ *»
في تصفيته البدن و تعديله و مجانبة مقتضيات الجمادية و النباتية و الحيوانية التي هي خطوات الشياطين حتي ترق تلك الحجب و تشف عما وراءها و الا فرفعها بالكلية مما لايمكن و انما المطلوب ترقيقها و صيرورتها شافة عما وراءها فروي عن ابيعبداللّه7 العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل عنه و هذا هو اليقين بالفعل فهذا الانسان هو الذي صار اليقين فيه بالفعل و صار منشأ آثار فمن رام الفوز الي مقام اليقين فليجانب اسباب الغفلة و ما يحول بينه و بين يقينه و ليدم علي العمل بمقتضاه دائماً حتي يثبت له و يكون نصب عينيه دائماً و يصير منشأ آثار فكلما عملت قوي اليقين و كلما ازداد اليقين دعا الي العمل كما قال اميرالمؤمنين7 بالحكمة يستخرج غور العقل و بالعقل يستخرج غور الحكمة و لذلك قال اميرالمؤمنين7 لانسبن الاسلام نسبة لمينسبه احد قبلي و لاينسبه احد بعدي الا بمثل ذلك ان الاسلام هو التسليم و التسليم هو اليقين و اليقين هو التصديق و التصديق هو الاقرار و الاقرار هو العمل و العمل هو الاداء ان المؤمن لميأخذ دينه عن رأيه ولكن اتاه من ربه فاخذه ان المؤمن يري يقينه في عمله و الكافر يري انكاره في عمله فوالذي نفسي بيده ماعرفوا امرهم فاعتبروا انكار الكافرين و المنافقين باعمالهم الخبيثة انتهي فاليقين اذا صار بالفعل صار منشأ عمل بالاركان بحسب مقتضاه كما اذا تيقن الانسان ان من ورائه عدواً قاهراً شاهراً سيفه عازماً علي قتله و يدركه الآن يفر منه لامحالة و يستعمل جميع جوارحه في النجاة من شره و اذا تيقن ان من امامه ملك جواد يعطي من سأله و لايخيب امله و هو في غاية الحاجة الي نائله يستعمل يقينه جميع اعضائه في طلب نائله و يسعي في الوصول اليه البتة و لذلك قال اميرالمؤمنين7 يزعم انه يرجو اللّه كذب والعظيم ما باله لايتبين رجاؤه في عمله و كل من رجا عرف رجاؤه في عمله يرجو اللّه في الكبير و يرجو العباد في الصغير فيعطي العبد ما لايعطي الرب الخبر فاذا حصل اليقين في القلب شاهد الفضل فانه لا مشاهدة بعد الوصول اعظم من اليقين و اذا شاهد الفضل رجا و اذا رجا طلب و اذا طلب وجد فان اللّه جواد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۳ *»
كريم فعلامة فعلية اليقين في الباطن مشاهدة الفضل و حصول الرجا و علامتها في الظاهر الطلب و الوجدان و لايصل الانسان الي خير الدنيا و الآخرة الا باليقين فانه الحاكم المسلط المستعمل للاعضاء و الجوارح في مقتضاه و غيره قد يستعمل و قد لايستعمل لعدم ثباته و امالة كل ريح له فلايثبت و لايستقر علي شيء و ليس فيه نجاة قطعية و وصول قطعي فقديصيب و يصل و قديخطي و لايصل و اللّه سبحانه دعا عباده الي اليقين لانه اليقين و لما كان متعلق اليقين امور عديدة يختلف آثاره علي حسب اختلافها فاذا كان علي يقين باحدية اللّه سبحانه و كان فيه بالفعل يكون بريئاً من الشرك غير متماسك النفس مضمحلاً متلاشياً تحت سطوع انواره و اذا كان علي يقين بوحدته في صفاته فلايرجو معه سواه و لايخاف معه غيره و يري دائماً نفسه في حضرة الجبار فيراعي رسم ادبه و لايجسر علي عصيان بحضرته و لا علي النظر الي غيره في مشهده و يدعو موقناً بسماعه دعوته و يتقلب موقناً برؤيته اياه و يسأله موقناً بقدرته علي قضاء حاجته و يرضي و يسر بما جري عليه موقناً بحكمته وهكذا اذا كان موقناً بكل صفة و بوحدته فيها يعمل بمقتضاه و لايشرك به احداً و اذا كان موقناً بافعاله و مجاري قدره و قضائه عالماً بوحدته فيها فلايري محركاً في الوجود سواه و لايري خالقاً غيره و يعلم ان جميع ما يجري من الحوادث بامره و حكمه فلايرجو سواه و لايخاف غيره و لايسأل دونه و لايري لاحد استقلالاً معه و يعلم ان ما اصابه لميكن ليخطئه و ان ما اخطأه لميكن ليصيبه فيسكن عند مجاري القدر و يحب ما يحبه اللّه و يبغض ما يبغضه اللّه وهكذا و اذا كان موقناً بعظمته و استحقاقه جلجلاله للعبادة و بمالكيته لاَزمّة الخلق و نواصيهم و تفرده في جميع الكمالات اخلص له العبادة و لميشرك بعبادة ربه احداً و قطع النظر عما سواه و ادام التوجه اليه و اذا كان موقناً برسوله9 صدق اخباره و افترض طاعته و اخلص في امتثال اوامره و اجتناب نواهيه و صدق احاديثه من مقاماته و فضائله و صدقه في عترته و فضائلهم و في اخباره عن البرزخ و يوم القيمة و الجنة و النار و غير ذلك و اذا كان موقناً باوصيائه سلام اللّه عليهم تولاهم و تبرأ من عدوهم و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۴ *»
صدقهم في احاديثهم و افترض طاعتهم و سلم لهم تسليماً في جميع ما ورد عنهم و اذا كان موقناً باوليائهم تولاهم و تبرأ من مخالفيهم و اعترف بفضائلهم و ادي حقوقهم و آثر من ينبغي ايثاره منهم و واسي من ينبغي مواساتهم منهم و انفق علي من ينبغي الانفاق عليهم منهم وهكذا و اذا كان موقناً بشرايع دينه و بثمراتها عمل ثلج الفؤاد ساكن القلب عالماً بان منفعته في الدنيا و الآخرة في العمل بالطاعات و مضرته في الدنيا و الآخرة في العمل بالمعاصي راغباً الي الطاعات مشتاقاً اليها اشتياق السليم الي الدرياق متنفراً عن المعاصي متأذياً منها تأذي الضلع من السياق وهكذا و علي هذه فقس ما سواها.
فبأي شيء حصل اليقين في القلب و صار بالفعل اشرق نوره علي الاعضاء و الجوارح و ظهر آثاره و من لميظهر منه آثار اليقين فليس يقينه بالفعل فاما هو ذويقين ولكن حال بينه و بينه الحجب فستر انواره ولكن اذا توجه الي يقينه هو متيقن ساكن مطمئن فذلك اذا مات و زال عنه الاعراض يعود الي اليقين ولكن يقينه كأصل لا فروع له و لا اوراق و اما ليس له يقين و اغلب المؤمنين يقينهم من القسم المستور بالحجب فلايظهر آثاره الا بعد رفع الحجب و التذكر و كذلك اغلب اهل العلم و الاستدلال يقينهم مأخوذ من الادلة فلايوجد في قلوبهم يقين الا عند الالتفات الي الادلة فاذا اعرضوا عن الادلة و اشتغلوا بغيرها فلا يقين لهم و المطلوب انيحصل في القلب نور يقين و ثبات و اطمئنان غيرمحتاج الي الادلة و المقدمات حتي لاتشغله عن التوجه الي ربه و الاخلاص في عبادته و ذلك يحصل بالمواظبة علي الادلة اولاً و مداومة ذكر الموت و قطع العلايق و هتك الحجب حتي يصير اليقين مستقراً منقطعاً عن المقدمات منفطماً عن ابويه المنتجان له مفارقاً عما نشأ منه مستقلاً فهنالك يكون سبباً للوصول الي الدرجات و الفوز بالقربات و تتمكن معه من الاخلاص و تفوز به بالخلاص.
و اعلم انه بعد ما عرفت ان اليقين هو بصيرة العقل بالشيء و سكونه و اطمئنانه تعرف انه لا معني لزيادة نفس اليقين ولكن كما عرفت قد يحول بين اليقين و بين القلب سحب العادات و الشهوات و الطبايع و امثالها فلايظهر نوره
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۵ *»
بالكلية و قد يرق تلك الحجب فيظهر من ورائها كما يظهر نور الشمس اذا جللّها السحاب و هذه الحجب رقتها تقبل الزيادة و النقيصة و كلما تزداد رقة يزداد ظهور النور و ظهور آثار اليقين فمدار زيادة اليقين علي ترقيق حجاب الانية و التمحض في نور العقل و لذلك روي في حق عيسي لو زاد يقينه لمشي علي الهواء و ذلك ان العقل هو صاحب اليقين و هو علة الاشياء فلو صار في احد بالفعل لصار منشأ آثار و يفعل باللّه ما يشاء و انما يعوق الانسان عن ذلك الحجب بينه و بينه و كلما ترق الحجب يزداد يقيناً و كلما يزداد يقيناً يظهر منه المعجزات و خوارق العادات اكثر اذا كان من اهل المعجز و الا فالكرامات فتنبه.
و اعلم انه وقع الاصطلاح علي تقسيم مراتب اليقين علي ثلث: الاول علم اليقين و هو الاعتقاد الثابت الجازم المطابق للواقع و الثاني عين اليقين و هو مشاهدة المطلوب معاينة و الثالث حق اليقين و هو مقام اتحاد العاقل بالمعقول كذا قال بعضهم و الذي يدل عليه الخبر عن ائمة البشر ان علم اليقين هو المعاينة و في حديث آخر انه حين يؤتي بالصراط فينصب بين جسري جهنم و لا مشاحة في الاصطلاح اذا لميفسر به الكتاب.
فصل: ينبغي ان ازيّن كتابي بذكر اخبار الباب كما هو عادتي في هذا الكتاب فقد روي الديلمي في الارشاد ان سعد بن معاذ دخل علي رسولاللّه9 فقال كيف اصبحت يا سعد فقال بخير يا رسولاللّه اصبحت باللّه مؤمناً موقناً فقال يا سعد ان لكل قول حقيقة فما مصداق ما تقول قال يا رسولاللّه مااصبحت فظننت اني امسي و لاامسيت فظننت اني اصبح و لامددت خطوة فظننت اني اتبعها باخري و كأني بكل امة جاثية و كل امة معها كتابها و نبيها و امامها تدعي الي حسابها و كأني باهل الجنة و هم يتنعمون و باهل النار و هم يعذبون فقال له رسولاللّه9 يا سعد عرفت فالزم و عن النبي9 الصبر نصف الايمان و اليقين الايمان كله و عن الصادق7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳9۶ *»
اليقين يوصل العبد الي كل حال سني و مقام عجيب كذلك اخبر رسولاللّه9 عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده ان عيسي بن مريم8 كان يمشي علي الماء فقال لو زاد يقينه لمشي علي الهواء فدل بهذا ان رتب الانبياء: مع جلالة محلهم من اللّه كانت تتفاضل علي حقيقة اليقين لا غير و لا نهاية بزيادة اليقين الي الابد و المؤمنون ايضاً متفاوتون في قوة اليقين و ضعفه فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبري من الحول و القوة الا باللّه و الاستقامة علي امر اللّه و عبادته ظاهراً و باطناً قد استوت عنده حالتا العدم و الوجود و الزيادة و النقصان و المدح و الذم و العز و الذل لانه يري كلها من عين واحدة و من ضعف يقينه تعلق بالاسباب و رخص لنفسه بذلك و اتبع العادات و اقاويل الناس بغيرحقيقة و السعي في امور الدنيا و جمعها و امساكها مقرّ باللسان انه لا مانع و لا معطي الا اللّه و ان العبد لايصيب الا ما رزق و قسم له و الجهد لايزيد في الرزق و ينكر ذلك بقوله و فعله قال اللّه عزوجل (يقولون بالسنتهم ما ليس في قلوبهم و اللّه اعلم بما يكتمون) انما عطف اللّه بعباده حيث اذن لهم في الكسب و الحركات في باب العيش ما لميتعدوا حدوده فلايتركوا من فرايضه و سنن نبيه9 في جميع حركاتهم و لايعدلوا عن محجة التوكل و لايقفوا في ميدان الحرص و اما اذا ابوا ذلك و ارتبطوا بخلاف ما حد لهم كانوا من الهالكين الذين ليس معهم في الحاصل الا الدعاوي الكاذبة و كل مكتسب لايكون موكلاً فلايستجلب من كسبه الي نفسه الا حراماً و شبهة و علامته ان يؤثر ما يحصل من كسبه و يجوع و ينفق في سبيل الدين و لايمسك و المأذون بالكسب من كان بنفسه مكتسباً و بقلبه متوكلاً و ان كثر المال عنده قام فيه كالامين عالماً بان كون ذلك المال عنده و فوته سواء و ان امسك امسك للّه و ان انفق انفق فيما امره اللّه عزوجل و يكون منعه و اعطاؤه في اللّه و في الكافي عن اسحق بن عمار قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان رسولاللّه9 صلي بالناس الصبح فنظر الي شاب في المسجد و هو يخفق و يهوي برأسه مصفراً لونه قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۷ *»
فقال له رسولاللّه9 كيف اصبحت يا فلان قال اصبحت يا رسولاللّه موقناً فعجب رسولاللّه9 من قوله و قال ان لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك فقال ان يقيني يا رسولاللّه هو الذي احزنني فاسهر ليلي و اظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا و ما فيها حتي كأني انظر الي عرش ربي و قد نصب للحساب و حشر الخلايق لذلك و انا فيهم و كأني انظر الي اهل الجنة يتنعمون في الجنة و يتعارفون علي الارائك متكئون و كأني انظر الي اهل النار و هم فيها معذبون مصطرخون و كأني الآن اسمع زفير النار يدور في مسامعي فقال رسولاللّه9 لاصحابه هذا عبد نور اللّه قلبه بالايمان ثم قال له الزم ما انت عليه فقال الشاب ادع اللّه لي يا رسولاللّه ان ارزق الشهادة معك فدعا له رسولاللّه9 فلميلبث ان خرج في بعض غزوات النبي فاستشهد بعد تسعة نفر و كان هو العاشر اقول الظاهر ان الرجل حارثة بن مالك النعمن الانصاري كما يظهر من خبر آخر و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال ليس شيء الا و له حد قال قلت جعلت فداك فما حد التوكل قال اليقين قلت فما حد اليقين قال ان لاتخاف مع اللّه شيئاً و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال من صحة يقين المرء المسلم ان لايرضي الناس بسخط اللّه و لايلومهم علي ما لميؤته اللّه فان الرزق لايسوقه حرص حريص و لايرده كراهة كاره و لو ان احدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت ثم قال ان اللّه بعدله و قسطه جعل الروح و الراحة في اليقين و الرضا و جعل الهم و الحزن في الشك و السخط و عن هشام بن سالم قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان العمل الدائم القليل علي اليقين افضل عند اللّه من العمل الكثير علي غير يقين و عن زرارة عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 علي المنبر لايجد احد طعم الايمان حتي يعلم ان ما اصابه لميكن ليخطئه و ما اخطأه لميكن ليصيبه و عن زيد الشحام عن ابيعبداللّه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۸ *»
7ان اميرالمؤمنين7 جلس الي حائط مائل يقضي بين الناس فقال بعضهم لاتقعد تحت هذا الحايط فانه معور فقال اميرالمؤمنين7 حرس امرءاً اجله فلما قام سقط الحائط قال و كان اميرالمؤمنين7 مما يفعل هذا و اشباهه و هذا اليقين و عن صفوان الجمال قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (و اما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة و كان تحته كنز لهما) فقال اما انه ماكان ذهباً و لا فضة و انما كان اربع كلمات لا اله الا انا من ايقن بالموت لميضحك سنه و من ايقن بالحساب لميفرح قلبه و من ايقن بالقدر لميخش الا اللّه و عن علي بن هاشم بن البريد عن ابيه قال قـال علي بن الحسين8 الزهد عشرة اجزاء اعلي درجة الزهد ادني درجة الورع و اعلي درجة الورع ادني درجة اليقين و اعلي درجة اليقين ادني درجة الرضا و عن اميرالمؤمنين7 في حديث صفة الايمان و اليقين علي اربع شعب تبصرة الفطنة و تأول الحكمة و معرفة العبرة و سنة الاولين فمن ابصر الفطنة عرف الحكمة و من تأول الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السنة و من عرف السنة فكأنما كان مع الاولين و اهتدي الي التي هي اقوم و نظر الي من نجي بما نجي و من هلك بما هلك و انما اهلك اللّه من اهلك بمعصيته و انجي من انجي بطاعته و عن جابر قال قـال لي ابوعبداللّه7 يا اخا جعف ان الايمان افضل من الاسلام و ان اليقين افضل من الايمان و ما من شيء اعز من اليقين و عن الوشا عن ابيالحسن7 قال سمعته يقول الايمان فوق الاسلام بدرجة و التقوي فوق الايمان بدرجة و اليقين فوق التقوي بدرجة و ماقسم في الناس شيء اقل من اليقين و في رواية بمعناه ثم قال الراوي قلت فأي شيء اليقين قال التوكل علي اللّه و التسليم للّه و الرضا بقضاء اللّه و التفويض الي اللّه و في المحاسن عن صفوان بن يحيي قال سألت اباالحسن الرضا7 عن قول اللّه لابرهيم (اولمتؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي) أكان في قلبه شك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۳۹۹ *»
قال لا كان علي يقين و لكنه اراد من اللّه الزيادة في يقينه و عن هشام بن سالم عن ابيعبداللّه7 في قول اللّه(لو تعلمون علم اليقين) قال المعاينة و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9كفي باليقين غني و بالعبادة شغلاً و عن محمد الحلبي عن ابيعبداللّه7 في قول اللّه(الذين يؤتون ما اتوا و قلوبهم وجلة انهم الي ربهم راجعون) قال يعملون ما عملوا من عمل و هم يعلمون انهم يثابون عليه و عن اميرالمؤمنين7 في خطبة ايها الناس سلوا اللّه اليقين و ارغبوا اليه في العافية فان اجلّ النعمة العافية و خير مادام في القلب اليقين و المغبون من غبن دينه و المغبوط من غبط يقينه قال و كان علي بن الحسين8 يطيل القعود بعد المغرب يسأل اللّه اليقين و عن زرارة عن ابيعبداللّه7 قال لو ان العباد وصفوا الحق و عملوا به و لميعقد قلوبهم علي انه الحق ماانتفعوا و عن ابيعبداللّه7 قال قـال علي7 اعلموا انه لايصغر ما ضر يوم القيمة و لايصغر ما ينفع يوم القيمة فكونوا فيما اخبركم اللّه كمن عاين و يؤيد ذلك ما روي عنه7 ما من احد منكم الا قد عاين الجنة و النار ان كنتم تصدقون بالقرآن و عن عبداللّه بن سنان قال سمعت اباعبداللّه7 يقول الايمان في القلب و اليقين خطرات و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال ان القلب ليترجج فيما بين الصدر و الحنجرة حتي يعقد علي الايمان فاذا عقد علي الايمان قر و ذلك قول اللّه(و من يؤمن باللّه يهد قلبه) قال يسكن و عن خضر بن عمرو قال قـال ابوعبداللّه7 ان المؤمن اشد من زبر الحديد ان الحديد اذا دخل النار لان و ان المؤمن لو قتل و نشر ثم قتل لميتغير قلبه و عن محمد الحلبي عن ابيعبداللّه7 قال ان القلب ليتجلجل في الجوف يطلب الحق فاذا اصابه اطمأن و قر ثم تلا ابوعبداللّه7 هذه الآية (فمن يرد اللّه ان يهديه يشرح صدره للاسلام) الي قوله (كأنما يصعد في السماء) وعن علي بن جعفر عن ابيالحسن موسي7 قال ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۰ *»
اللّه خلق قلوب المؤمنين مطوية مبهمة علي الايمان فاذا اراد استثارة ما فيها نضحها بالحكمة و زرعها بالعلم و زارعها و القيم عليها رب العالمين.
فصل: اعلم ان اليقين تطوّل من اللّه يتطوّل به علي عبده و ليس له فيه صنع و لايقدر احد ان يحدث لنفسه يقيناً و ان اكتسب الفالف دليل فانا نري اناساً لايكادون يتيقنون بالبديهيات فكيف بالنظريات فاليقين بمنزلة الصحة و الشك بمنزلة المرض كما روي عن اميرالمؤمنين7 الروح حيوتها في علمها و موتها في جهلها و مرضها شكها و صحتها يقينها و نومها غفلتها و يقظتها حفظها و كما انه لايقدر احد ان يصحح نفسه الا ان يرزقه اللّه الصحة و يلبسه العافية كذلك لايقدر احد ان يحصل يقيناً الا ان يرزقه اللّه اليقين و لذلك وقع سؤاله في دعوات آلمحمد: فمن اسباب استزادة اليقين السؤال من اللّه جلجلاله كما روي في تعقيب المغرب اللهم اني اسألك بحق محمد و آلمحمد عليك ان تصلي علي محمد و آلمحمد و ان تجعل النور في بصري و البصيرة في ديني و اليقين في قلبي و الاخلاص في عملي و السلامة في نفسي و السعة في رزقي و الشكر لك ابداً ما ابقيتني و قد عرفت ان علي بن الحسين8 كان يطيل القعود بعد المغرب يسأل اللّه اليقين و هذا لاستزادة اليقين لا اصل اليقين فان المرء ما لميكن علي يقين لايستجاب دعاؤه و الذي يدل علي ان اليقين منحة من اللّه ما رواه في المحاسن عن صفوان قال قلت لعبدصالح هل في الناس استطاعة يتعاطون بها المعرفة قال لا انما هو تطوّل من اللّه قلت أ فلهم علي المعرفة ثواب اذا كان ليس فيهم ما يتعاطونه بمنزلة الركوع و السجود الذي امروا به ففعلوه قال لا انما هو تطوّل من اللّه عليهم و تطوّل بالثواب و عن الحسن بن زياد قال سألت اباعبداللّه7 عن الايمان هل للعباد فيه صنع قال لا و لا كرامة بل هو من اللّه و فضله و قد مر ما يدل علي ذلك و عن زرارة عن ابيجعفر7 قال ليس علي الناس ان يعلموا حتي يكون اللّه هو المعلم لهم فاذا علمهم فعليهم ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۱ *»
يعلموا و عن سليمان بن خالد قال قـال لي ابوعبداللّه7 ياسليمان ان لك قلباً و مسامع و ان اللّه اذا اراد ان يهدي عبداً فتح مسامع قلبه و اذا اراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلايصلح ابداً و هو قول اللّه عزوجل (ام علي قلوب اقفالها) و عن معوية الاسدي قال قـال ابوعبداللّه7 ما انتم و الناس ان اللّه اذا اراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة بيضاء فاذا هو يجول لذلك و يطلبه فاصل اليقين موهبة من اللّه يهبها من يشاء من عباده و هو قوله سبحانه (من يرد اللّه ان يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل اللّه الرجس علي الذين لايؤمنون) و هو بمنزلة العين فلايري من لا عين له.
و اما في الظاهرفمن اسبابه النظر في السماوات و الارض و آيات الآفاق و الانفس كما قال اللّه سبحانه (سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق) و قال (و في الارض آيات للموقنين و في انفسكم افلاتبصرون) فلابد لطالب اليقين ان يكثر النظر في الآفاق و الانفس كما قدمنا في باب الفكر و يعتبر عن الاشياء حتي يصير الغيب له كالشهادة و البعيد كالقريب و النتيجة كالمقدمات و يكثر النظر في هادم اللذات و يذكره و يعتبر بمن سبقوه الي دار الآخرة و هم في بحار جزاء اعمالهم يغوصون و هو قوله سبحانه (اولمينظروا في ملكوت السموات و الارض و ان عسي ان يكون قد اقترب اجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون) فاذا صار بهذه المنزلة قر قلبه و اطمأن و انما يحتاج الانسان الي الدليل و المقدمات اذا كان المطلب بعيداً منه خفياً عنه فاذا ادام النظر حتي قرب البعيد و شاهد الخفي استغني عن الدليل و استقل في مشاهدة المدلول عليه.
و من اسبابه تحصيل البرهان و الادلة الواضحة البينة علي المطلوب و يداوم عليها و يكثر النظر فيها حتي يصير انتاجها للنتيجة بديهياً ثم يديم العمل بمقتضاها و يذكرها دائماً بالعمل حتي تثبت و تستقر في قلبه و ترسخ و يطمأن ان كتب له كما روي ان العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل عنه و من لميعمل بمقتضاه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۲ *»
ارتحل عنه و بقي له الشكوك و الشبهات و من اسبابه ان يركن الي يقينه الذي حصل له و يعرض عن الريب و الشك و الشبهة فان نفس الانسان اذا توجهت الي جهة او الي خلط من اخلاط بدنه او الي صفة و ادامت اشرقت عليها و احياها و قويها فاذا ادام التفكر في الشبهة احياها لامحالة و قويها و اعانه عليها الشياطين و هيئوا لها مقربات و مؤيدات و شواهد حتي يقووها و يقيموها في مقابلة اليقين كما يظهر من الوسواس و كثير الشك من انه لايكاد يستيقن بشيء و يقوي عنده الشك و يجد له مؤيدات و شواهد عديدة ما لايعتني به السليم فالواجب ان يسعي الانسان في تحصيل اليقين فاذا حصل له اليقين اخذ به و اعرض عما سواه اعراض نسيان و لايلتفت منكم احد و امضوا حيث تؤمرون و هذا هو الصراط المستقيم في الامور الظاهرة و الباطنة و لاجل ذلك وقع عليه التكليف كما قال علي7 لاترتابوا فتشكوا فتكفروا و من اسباب تحصيل اليقين المداومة علي الاعمال الصالحة و الاخلاق الزكية و اجتناب العادات و الشهوات و الطبايع و عدم تغليبها علي العقل و نصرة العقل و ما يقتضيه و الحكم له دائماً اذا ظهر قوله و ميله فان الحكم لها و عليه يعمي العقل و كذلك تصديق الحق من كل من ظهر و ابطال الباطل و انكاره من كل من سمع و تعويد النفس بذلك حتي تجري عليه في الظاهر و الباطن و يكون دائماً طالباً للحق مشتاقاً اليه مبغضاً للباطل مجتنباً عنه فمثل ذلك حري بان يشرق في قلبه نور اليقين و يصل الي مقام الروح و الراحة و برد القلب و السكون و الاطمينان قال اللّه تعالي (و اعبد ربك حتي يأتيك اليقين) علي ان يكون حتي تعليلية و ذلك ان بالعبادات تطرد الشياطين المشككة الموسوسة في الصدور و يطهر القلب و الصدر عن ارجاسها فيشرق نور اليقين الكامن في العقل و يظهر و ذلك معني قوله7 الايمان في القلب و اليقين خطرات يعني كلما يران علي القلب يخفي اليقين و يظهر الشك و كلما يجلو القلب يظهر اليقين كما اذا كان فانوس فيه سراج فمهما طليت ستره بحاجب خفي ضوء السراج و اذا نظفته ظهر ضوؤه فافهم و من اسباب تحصيل اليقين تعديل الطبع بممارسة الادلة الحقة و العلماء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۳ *»
الربانيين و مجالستهم و استماع ادلتهم و الرجوع الي كتبهم و اعظم من جميع ذلك ممارسة الاخبار فان كلامهم نور و امرهم رشد و وصيتهم التقوي و لكلامهم اثر خاص عن تجربة في تنوير القلب و ترقيقه و امالته الي الحق و الي صراط مستقيم و ذلك مشهود مجرب و كذا قراءة القرآن بتدبر و تذكر و اعتبار فان هذه الامور تعوّد النفس علي الاخذ باليقين و من اسبابه مجالسة اهل اليقين و المضاء في الامور و مجانبة اهل الهوس و الوسوسة و اهل الشبهات و الآراء و البدع و كتب الحكماء و المتكلمين و اهل الملل الباطلة فان كل ذي صفة قوية يقوي ما في قوة النفس من جنس صفته و يخرجه من القوة الي الفعلية و يزين للانسان نوع صفته و ذلك مجرب مشهود فالواجب ان يجالس اهل اليقين و الايمان و التقوي و يجانب اهل البدع و الآراء و الاهواء و اعظم من ذلك ترك مراجعة كتب الضلال و اهل المذاهب الباطلة فلا كل نفس يقدر علي تمييز الغث من السمين و السراب من الماء المعين فيقع في احتمالات و شكوك و شبهات و ان وسوس في نفسك الوسواس ان المنع من مراجعة المذاهب و كتبها و اهلها بسبب عدم الاطلاع علي المذاهب و اغترار الانسان بما في يده و جموده عليه و لعل في ساير المذاهب ايضاً حقاً قلت انا لانقول انيهجر الانسان قبل يقينه بمذهب المذاهب و يأخذ بمذهب عمياناً بل نقول اذا ظهر لك بالبرهان الحق و بآيات اللّه و بيناته ان الاسلام مثلاً حق فاعرض عن كتب النصاري و اليهود و المجوس فانها حينئذ كتب ضلال و مراجعتك لها صرف العمر في ضلال و احياء للشبهات و تقوية لها و تضعيف لايمانك فاذا عرفت الحق بالبينات فالزمه و الزم مقتضياته و اعرض عما سواه و هذا لازم واجب و تركه مفسد حتي في الامور المحسوسة و من تردد في الريب سبقه الاولون و لحقه اللاحقون و وطئته سنابك الشياطين و شابه المجانين و فسد عليه دينه و دنياه قل اللّه ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
فصل: اعلم ان من فضل اللّه علي الخلق ان خلق الخلق علي صفة مشيته و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۴ *»
طبق ارادته و علي جبلة و فطرة لاتكاد تستيقن الحق باطلاً و الباطل حقاً و هذا من تمام حجة اللّه علي الخلق فلا احد في الدنيا يستيقن الباطل حقاً ابداً انهم الا يظنون او يسامحون و لايعتنون و الا فلو راجعوا انفسهم و طالبوها بالجزم لرأوا انه لا جزم لها علي حقية شيء هو في الحقيقة باطل و علي بطلان شيء هو في الحقيقة حق و لو كان غير ذلك لميقم للحق عمود و لميتم للّه حجة علي خلقه و لميكن لاحد علي احد حجة و كان يسع كل كافر ان يقول اني علي يقين من امري فلا فائدة في دعوتك اياي الي دينك و لميكن لاحد ان يدعو احداً الي حق فان ثمرته الوصول الي اليقين و هو واصلٌ هذا و لميبق اطمئنان لاحد وصل اليحق لانه يجوز انيكون ما وصل اليه و تيقنه و علم انه حق في الواقع باطلاً و هو علمه حقاً او بالعكس فلاكان لتحصيل يقين فائدة و لاانقطع كلام اهل دين عن دين و لميكن لاحد فضل علي احد و بذلك يدل الخبر كما رواه خثيمة بن عبدالرحمن الجعفي قال سمعت اباجعفر7 يقول ان القلب ينقلب من لدن موضعه الي حنجرته ما لميصب الحق فاذا اصاب الحق قرّ ثم ضم اصابعه و قرأ هذه الآية (فمن يرد اللّه ان يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً) و عن هشام بن سالم عن ابيعبداللّه7 في قول اللّه تبارك و تعالي (و اعلموا ان اللّه يحول بين المرء و قلبه) فقال يحول بينه و بين ان يعلم ان الباطل حق و عن عبداللّه بن ابييعفور عن ابيعبداللّه7 قال ابي اللّه ان يعرف باطلاً حقاً ابي اللّه ان يجعل الحق في قلب المؤمن باطلاً لا شك فيه و ابي اللّه ان يجعل الباطل في قلب الكافر المخالف حقاً لاشك فيه و لو لميجعل هذا هكذا ماعرف حق من باطل الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة لمن جاس خلال الديار فاهل الباطل كاذبون في دعوي اليقين و انهم الا يظنون الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و من ذلك يعلم احوال الحكماء المختلفين في المسئلة الواحدة المدعي كل واحد منهم انه ينهي دليله و برهانه الي البديهيات الاولية و يقول ان دليلي قطعي فان احدهم مصيب و الباقون مخطئون و لميجعل اللّه ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۵ *»
يصير المخطي قاطعاً بحقية خطائه فانهم الا كاذبون او مقصرون او اشتبه عليهم الامر او سامحوا و ليسوا بمستيقنين قطعاً و لاجل ذلك لميترك اللّه خلقه سدي و لميكلهم الي عقولهم المختلفة و ارسل اليهم رسلاً بالبينات المحسوسة المرئية و المعجزات الواضحة حتي لايبقي لاحد علي اللّه حجة بعد الرسل فاذا تبين امر الرسل بالبينات الواضحة تبين كل سر خفي و صار واضحاً جلياً باخباره و ثبت كل ما يقول بالبينات الواضحات فله الحمد من كريم ما اجوده و من حكيم ما اعلمه و من ذلك علم ان اهل الشرع الآخذين بالكتاب و السنة هم اشد يقيناً علي امرهم من الحكماء الذين يشقون الشعر و هم مختلفون في المسائل فانا باختلافهم عرفنا ان المصيب واحد منهم و الباقون حاكمون بالظن فان القلب لايمكنه ان يتيقن بالباطل قطعاً فالحكماء و المتكلمون اهل الظن و اهل الشرع اهل اليقين و ان لميعرفوا حقيقة الاشياء فافهم فاذا قد تبين ان اهل الباطل ليسوا علي يقين من امرهم فهم علي ظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً و قال ابوعبداللّه7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقد حبط عمله ان حجة اللّه هي الحجة الواضحة و لو كان البناء علي الظن جائزاً لكان لاهل الباطل عذر في ظنهم بحقية طريقتهم فلميقم للّه علي خلقه حجة و علي كفاية الظن و حصوله لاهل الباطل كان كامكان حصول اليقين لاهل الباطل علي حقية باطلهم فحينئذ لميكن للّه علي خلقه حجة و غاية البراهين احداث اليقين فاذا جاء اليقين ذهب فائدة اقامة البرهان علي خلافه فافهم فانه مطلب شريف فما تيقنت بحقيته فاعلم انه حق و ما تيقنت ببطلانه فاعلم انه باطل في الواقع فان اللّه لميجعل في حكمته ان يظهر الباطل حقاً و الحق باطلاً بان يجعل الباطل خالصاً في العلائم الحقية و الحق خالصاً في علائم البطلان هذا و العقل صاحب اليقين من نور مشية اللّه و علي صفتها فلايمكن ان يكون مجبولاً علي ان يعرف الحق باطلاً و الباطل حقاً و الا لكانت المشية ايضاً كذلك بل لكان علم اللّه كذلك و ما علمه اللّه حق لا باطل فيه و ذلك من فضل اللّه علينا و علي الناس ولكن اكثر الناس لايشكرون.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۶ *»
فصل: اعلم ان لليقين فوايد جمة و آثاراً عديدة نذكر منها ما يسنح بالبال في هذه الحال و لا قوة الا باللّه المتعال فمنها النجاة الاخروية فانه لا نجاة لاهل الظن و الشك كما سمعت من شك او ظن فاقام علي احدهما فقد حبط عمله و عن زرارة عن ابيعبداللّه7 لو ان العباد وصفوا الحق و عملوا به و لميعقد قلوبهم علي انه الحق ماانتفعوا و عن بكر بن محمد الازدي عن ابيعبداللّه7 قال قـال علي7 ان الشك و المعصية في النار ليسا منا و لا الينا و عن ابيعبيدة الحذاء عن ابيجعفر7 قال ان اناساً اتوا رسولاللّه9 بعد ما اسلموا فقالوا يا رسولاللّه ايؤخذ الرجل منا بما عمل في الجاهلية بعد اسلامه فقال من حسن اسلامه و صح يقين ايمانه لميأخذه اللّه بما عمل في الجاهلية و من سخف اسلامه و لميصح يقين ايمانه اخذه اللّه بالاول و الآخر و عن اميرالمؤمنين7 من عمي نسي الذكر و اتبع الظن و بارز خالقه الي ان قال و من نجا من ذلك فمن فضل اليقين.
و منهـا السرور الدائم و الروح و الراحة لانه اذا آمن الرجل باللّه و شاهد فضل اللّه و سمع وعد اللّه و ما تواتر من آلمحمد: من نجاة شيعتهم و لحوقهم بهم و كفايتهم امر دنياه و آخرته و تيقن بجميعها و تيقن بما وعده اللّه في كتابه من حسن الكفاية و انه سبحانه لايقدّر لعبده الا ما هو خير له استراح و سر و فرح بفضل اللّه و برحمته لاسيما اذا سمع ما رواه ابن ابييعفور عن ابيعبداللّه7 قال عجبت للمرء المسلم الايقضي اللّه عزوجل له قضاء الا كان خيراً له ان قرض بالمقاريض كان خيراً له و ان ملك مشارق الارض و مغاربها كان خيراً له انتهي فهو ابداً في الروح والراحة و السرور و انه في الجنة و هو في الدنيا لان بناء الجنة علي اليقين و بناء النار علي الشك و الظن و قال ابوعبداللّه7 ان اللّه بعدله و قسطه جعل الروح و الراحة في اليقين و الرضا و جعل الهم و الحزن في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۷ *»
الشك و السخط و عن اميرالمؤمنين7 انه قال لاصحابه اعلموا يقيناً ان اللّه لميجعل للعبد و ان عظمت حيلته و اشتد طلبه و قويت مكائده اكثر مما سمي له في الذكر الحكيم و العارف بهذا العاقل له اعظم الناس راحة في منفعته و التارك له اعظم الناس شغلاً في مضرته و الحمد للّه رب العالمين.
و منهـا استجابة الدعاء و بلوغ المآرب و عدم خيبته و ذلك انه يدعو اللّه عارفاً بان بيده مقاليد العطاء و مغاليق المنع و ليس غيره نافع و لا ضار منقطعاً عن الخلق الي اللّه جلوعز داقّاً باب فضله نازلاً بفنائه سائلاً اياه من بابه فلايرد له حينئذ دعوة و لايخيب له طلبة فعن الحسن بن علي8 في حديث انا الضامن لمن لميهجس في قلبه الا الرضا ان يدعو اللّه فيستجاب له.
و منهـا كونه دائماً في عبادة و طاعة ليس فوقها عبادة و طاعة فانه اصل كل عبادة و ثمرة جميع العبادات قال اللّه تعالي(و اعبد ربك حتي يأتيك اليقين) علي ان يكون حتي تعليلية و صاحب اليقين دائماً في التوجه و الذكر و العمل الصالح قال ابوعبداللّه7 ان العمل الدائم القليل علي اليقين افضل عند اللّه من العمل الكثير علي غير اليقين و روي عن النبي9 ما معناه من اعطي نصيبه من اليقين و الصبر لايبالي بما فاته من صيام النهار و قيام الليل و قال اليقين الايمان كله.
و منهـا ظهور الكرامات و خوارق العادات من صاحبه فانه بيقينه مرتبط بالمبدء مفوض للّه مسلم له راض بقضائه متوكل عليه لايريد الا ما يريد اللّه و لايحب الا ما يحب اللّه فيكون محل مشيته و موضع ارادته جلشأنه و لذلك قال النبي9 في حق المسيح7 لو زاد يقينه لمشي علي الهواء و حكي ان بعض الاولياء كان في سفينة فاشتد بهم الموج و اشرفوا علي الغرق فالتجأوا اليه ان يدعو اللّه فقال ليس لي ان اعترض علي ربي فلما اشتد الامر ضجوا و تضرعوا اليه فحرك شفتيه فسكن الموج علي الفور كأن لميكن فقال له شخص كثير الملازمة له و الخدمة اخبرني باي شيء دعوت اللّه فقال انا نترك ما
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۸ *»
نريد لما يريد فاذا اردنا ترك ما يريد لما نريد.و منهـا الامن من المخاوف و الانقطاع من الخلق و السكون و كفاية الشرور و الآفات و العاهات في الدنيا و الآخرة قيل لابيعبداللّه7 ما حد اليقين قال ان لاتخاف مع اللّه شيئاً و قال7 من صحة يقين المرء المسلم ان لايرضي الناس بسخط اللّه و لايلومهم علي ما لميؤته اللّه و قال علي7 علي المنبر لايجد احد طعم الايمان حتي يعلم ان ما اصابه لميكن ليخطئه و ان ما اخطأه لميكن ليصيبه وجلس اميرالمؤمنين7 تحت حائط معور فقيل له في ذلك فقال حرس امرءاً اجله فلما قام سقط الحائط.
و منهـا سرعة السير و الترقي و التقرب الي اللّه فان صاحب اليقين كالساير في متن الطريق يقرب الي مقصده بكل خطوة بل و لو مشي شعيرة او شعرة و اما الحيران المتردد في الريب يبقي دايراً حول مركزه و يسبقه السابقون و يلحقه اللاحقون و يطأه سنابك الشياطين الي غير ذلك من الفوائد ثبتنا اللّه و اياكم بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الآخرة و رزقنا و اياكم العلم و اليقين و المعرفة بحق محمد و آله صلوات اللّه عليهم اجمعين.
فصل: و اذ قد اتينا علي ما قدر اللّه من امر اليقين لا علينا ان نذكر كلمات مختصرة في امر الظن من باب المناسبة. اعلم ان الظن هو حالة في النفس يرجح احد طرفي الشيء من الوجود و العدم فاما يرجح وجود شيء لاجل ما يري من امارات الوجود الغالبة و اما يرجح عدمه لاجل ما يري من امارات العدم الغالبة فقد تكون النفس سليمة و تحكم بحسب الامارات برجحان احد طرفي الشيء و اما انتكون مؤفة و في ادراكها مرض و عوج و ربما لايكون للشيء في الخارج الا امارات جهة واحدة ولكن لنقصان مشاعرها تظن اذا لاتصرح لها الامر كخط دقيق يروم قراءتها ضعيف العين فيظن انه مكتوب كذا و الخط جزم و ليس فيه من نفسه دليل خلاف ولكن المرض في العين فلاتقطع بالواقع و تظن و ربما يبلغ به المرض مبلغاً تشك فسبب الظن شيئان اما من تعارض الامارات في الخارج
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۰۹ *»
و اما من نقص في المشاعر يعارض الحق و علي اي حال لايكون ماشياً الي اللّه سبحانه مستمراً في مشيه بل اذا رفع قدمين يرجع قدماً و هو متردد في ريبه بخلاف المستيقن فانه يستمر في مشيه و يختلف سرعته و بطؤه بحسب مضائه في يقينه و قوته قال ابوجعفر7 العامل علي غير بصيرة كالساير علي غير الطريق لايزيده سرعة السير الا بعداً و سبب الظن ان كان من نفس الشيء في الواقع يكون من نقص الداعي و ان كان من مرض في الناظر فهو حجة علي الناظر و اللّه كامل و فعله كامل و دينه كامل و نعمته تامة و له الحجة البالغة فلايكون الظن في شيء من دينه منه و اليه و لذلك ذم الظن و الظانين في كتابه بابلغ بيان و قال (هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الا الظن و ان انتم الا تخرصون) و قال (ما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً) و قال (ان يتبعون الا الظن و ما تهوي الانفس و لقد جاءهم من ربهم الهدي) الي غير ذلك من الآيات و ذم الذين لايعملون بالعلم و هو ما صدر من اهل اليقين و الحجج ذوي البينات من ربهم لا غير و قال (انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغي بغير الحق و انتشركوا باللّه ما لمينزل به سلطاناً و ان تقولوا علي اللّه ما لاتعلمون) اي ما لمتأخذوه من العلماء و الحجج هم العلماء و الآخذون عنهم المتعلمون و ساير الناس غثاء و قال (انما يامركم بالسوء و الفحشاء و ان تقولوا علي اللّه ما لاتعلمون) و قال (لاتقف ما ليس لك به علم) الي غير ذلك من الآيات و قد بلغ بها العدّ الي سبعين فالعمل بالظن ليس من اللّه و لا الي اللّه و كيف يمكن ان يكون من اللّه و ليس هو المضاء الصرف الي اللّه و لابد في الظن من التولي و الاعراض و التردد و اللّه لايأمر بالاعراض عنه و التولي و لاجل ذلك تواتر الاخبار بالنهي عن العمل بالظن و بغير علم فعن النبي9اذا تطيرت فامض و اذا ظننت فلاتقض و قال ابوعبداللّه7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقد حبط عمله ان حجة اللّه هي الحجة الواضحة و عن اميرالمؤمنين7 من عمي نسي الذكر و اتبع الظن و بارز خالقه الي ان قال و من نجا من ذلك فمن فضل اليقين و قال الصادق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۰ *»
7من افتي الناس برأيه فقد دان بما لايعلم و من دان بما لايعلم فقد ضاد اللّه حيث احل و حرم فيما لايعلم و عن ابيالحسن7 اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به و ان جاءكم ما لاتعلمون فها و اهوي بيده الي فيه هـ، قوله7 ما تعلمون يعني به ما تروون من العلماء فيه شيئاً و الا فلاعلم و الشاهد قول الصادق7 لايسعكم فيما ينزل بكم مما لاتعلمون الا الكف و التثبت و الرد الي ائمة الهدي حتي يحملوكم فيه علي القصد و يجلو عنكم فيه العمي و يعرفوكم فيه الحق قال اللّه(فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون) و عن علي بن الحسين8 ان دين اللّه لايصاب بالعقول الناقصة و الآراء الباطلة و المقائيس الفاسدة و لايصاب الا بالتسليم فمن سلم لنا سلم و من اهتدي بنا هدي و من دان بالقياس و الرأي هلك و من وجد في نفسه شيئاً مما نقوله او نقضي به حرجاً كفر بالذي انزل السبع المثاني و القرآن العظيم و هو لايعلم و عن الصادق7 ان اللّه تبارك و تعالي حصر عباده بآيتين من ان لايقولوا حتي يعلموا و لايردوا ما لميعلموا قال اللّه عزوجل(الم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لايقولوا علي اللّه الا الحق)و قال (بل كذبوا بما لميحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله) و عن الرضا7 يا ابنمحمود اذا اخذ الناس يميناً و شمالاً فالزم طريقتنا فان من لزمنا لزمناه و من فارقنا فارقناه ان ادني ان يخرج الرجل من الايمان ان يقول للحصاة هذه نواة ثم يدين بذلك و يبرأ ممن خالفه احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا و الآخرة و عن الرضا عن آبائه عن اميرالمؤمنين7 قال قـال رسولاللّه9من افتي الناس بغير علم لعنته ملائكة السموات و الارض و عن ابيجعفر7 من افتي الناس بغير علم و لا هدي لعنته ملئكة الرحمة و ملئكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و سئل7 ما حق اللّه علي العباد قال ان يقولوا ما يعلمون و يكفوا عن ما لايعلمون فاذا فعلوا ذلك فقد ادوا الي اللّه حقه و عن علي7 في وصيته لكميل بن زياد يا كميل لا غزو الا مع امام عادل و لا نقل الا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۱ *»
من امام فاضل يا كميل هي نبوة و رسالة و امامة و ليس بعد ذلك الا موالين متبعين او معادين مبتدعين انما يتقبل اللّه من المتقين يا كميل لاتأخذ الا عنا تكن منا الي غير ذلك و قد ذكرنا ما يتجاوز حد التواتر منها في كتابنا فصلالخطاب و ساير الكتب و في جميع هذه الاخبار المراد بالاخذ بالعلم هو الاخذ بما صدر عنهم لا بما حصل العلم به بالرأي و الاستدلال فرضاً علي ما يظنون فانك لنتجد علماً صحيحاً الا ما خرج من بيتهم و هم العلماء و يشهد بذلك اخبار اخر انه لايحل لاحد النظر في الدين و الرأي و الهوي في شيء من الاشياء فكل ما صدر عنهم فهو علم و هو نور يقذفه اللّه في قلب من يحب و لايحب الا من اتبع محمداً و آلمحمد قال (فاتبعوني يحببكم اللّه) فمن لميأخذ بالعلم فانما هو آخذ بالظن ان يتبعون الا الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً فالواجب علي المؤمن ان يكون في دينه علي بصيرة من ربه عاملاً باليقين و اليقين هو ما صدر منهم فانه دين اللّه يقيناً.
و ان قلت فما نصنع اليوم بعد انطماس الآثار و فساد الاخبار بدس الاشرار و تحريف الفجار و سهو الاخيار و طول الزمان و اختلاف اللغات و انسداد باب العلم و عدم حصول غير الظن مع بقاء التكليف قلت انا قد كتبنا في ذلك كتباً عديدةً و هي المتكفلة ببيان ذلك مفصلاً ولكني اقول هنا ان الانصاف يقتضي ان يقال انه لو كان الامر كما يقولون و ليس كما يقولون من صدور هذه الاخبار عن الحجج الاطهار و وقوعها في ايدي الاشرار في جميع الادوار و خفاء القرائن بتقلبات الليل و النهار و ساير ما حدث فيها في اثناء القرون و الاعصار ثم لا حافظ من ورائها لماحصل لنا اليوم منها الا الشك و اني لعمرك اعجب من ادعائهم حصول الظن منها اذ لايحصل منها بنفسها و عندنا قلوب كما هو عندهم و تتبع كما يتتبعون و خبرة كخبرتهم و لايحصل لنا من انفسها الا الشك فالاصوليون القائلون بالظن مفرطون و اذا كان الامر كما نقول و هو كما نقول فلايقف علي الظن بل يحصل العلم.
و ان قال القائلون بالظن انتم علي اشتباه و لايحصل لكم الا الظن و تسمونه علماً فلقائل ان يقول لهم انتم ايضاً علي اشتباه و ليس يحصل لكم الا الشك و تسمونه ظناً و الجواب الجواب و ان اردت ان تعلم انه كيف يحصل العلم فراجع
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۲ *»
كتبنا الاصولية لاسيما الدرةاليتيمة و البينة حتي تصدق و ليس هيهنا موضع ازيد من ذلك و اعجب من ذلك انه آل ببعضهم الحال الي ان جوز مطلق الظن الا ما اخرجه الدليل و اعجب من ذلك تجويز بعضهم الظن في اصول العقائد و المعصوم من عصمه اللّه تعالي.
فصل: و اذ قد ذكرنا امر اليقين و الظن لايخلو من مناسبة ذكر الشك اعلم ان الشك تردد في اثبات الشيء يحصل في النفس من مشاهدة ادلة الوجود و العدم و لاتقدر علي ترجيح احديهما علي الاخري فتبقي مترددة بينهما و اول التردد و احتمال المخالف ريب فاذا قوي صار شكاً و الذي يستنبط من الاخبار ان الشك اعم من الظن اذا استعمل وحده و اذا اجتمعا فلكل معناه و كذا الريب في اللغة يعم الشك و الظن ولكن منفرداً فاذا اجتمع معهما فلكل معناه الخاص به و ربما يكون الامر في الخارج صرفاً و ليس الا دليل الوجود او العدم ولكن مشاعر النفس عليلة لاتدرك الواقع كما هو فتتردد كما اذا كان الخط في الواقع صريحاً و العين كليلة فلاتري فيشك الانسان في المكتوب و القصور من العين لا من الخط و لذلك ربما يبلغ الامر في الخارج التواتر و يكون كالشمس في رابعة النهار ولكن النفس مسبوقة بشبهات او مصبوغة بامراض فلايحصل لها اليقين بالمتواتر و غيره اذا بلغه الامر قطع به و كذلك يسلب اليقين من اهل الوسواس حتي انه ربما يرتمس في الماء مائة و عشرين مرة و لايتيقن بانه ارتمس و بلغني انه ابتلي احدهم بهذا المرض بحيث كان يدخل يده في الماء ثم يلتمس الناس ان اخبروني هل دخل يدي الماء ام لا و ابتلي احدهم ايضاً بحيث كان يشك في طلوع الفجر و يبقي متردداً لايصلي الي قريب من طلوع الشمس ثم كان يشك في طلوع الشمس و لايدري ايصلي اداء ام قضاء و ربما يمر احدهم بالنجاسة و بينه و بينها مسافة فيشك في وصول النجاسة اليه و امثال ذلك من مرض في النفس و يحصل هذا المرض كثيراً في ممارسي الشبهات و الاحتمالات و ممارسي الاقوال المختلفة و المذاهب المتشتتة و لاسيما كتب الحكماء في تشتت اقوالهم و لذلك لاتشتهر في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۳ *»
عصر الا و يتزندق كثير من اهله و كذلك كتب اصحاب الآراء كالعامة فان الآراء لاتقف علي حد فمن نظر فيها اعوج نفسه فتجوز الاحتمالات البعيدة و النفس اذا توجهت الي جهة و اشرقت عليها ربتها و احيتها و اقامتها و قوتها حتي قامت في مقابلة ساير الجهات و ربما غلبت فلاجل ذلك ممارسوا كتب اصحاب الآراء تتشوش اذهانهم و تضطرب نفوسهم و يكثر في كل بديهي عندهم الاحتمالات ما لايخطر ببال غيرهم فلاجل ذلك انسد باب العلم علي جماعة منا و يحتملون في كل كلمة احتمالات عديدة و اما من خلا منا ذهنه عن الشبهات و الشكوك يسمع الخبر و يفهم معناه بلا تأمل كما اذا سمع تاريخ اليميني يقرأ يفهم المراد كما هو المعتاد و علي اي حال سبب الشك قد يكون من المشكوك فيه و قد يكون من الشاك و اللّه سبحانه اجل من ان يدع امره و امر اوليائه و امر دينه مشكوكاً و اما ان كان الناظر مريضاً فللّه عليه الحجة لا له علي اللّه قال الصادق7:
علم المحجّة واضحٌ لمريده |
و اري القلوبَ عن المحجّة في عمي |
|
و لقد عجبتُ لهالكٍ و نجاته |
موجودة و لقد عجبتُ لمَن نجي |
و قال7 في وصيته لمفضل بن عمر من شك او ظن فاقام علي احدهما فقد حبط عمله ان حجة اللّه هي الحجة الواضحة و في الكافي بسنده عن الحسين بن الحكم قال كتبت الي العبد الصالح7 اخبره اني شاك و قد قال ابرهيم رب ارني كيف تحيي الموتي فاني احب ان تريني شيئاً من ذلك فكتب اليه ان ابرهيم كان مؤمناً و احب ان يزداد ايماناً و انت شاك و الشاك لا خير فيه و كتب انما الشك ما لميأت اليقين فاذا جاء اليقين لميجز الشك و كتب ان اللّه عزوجل يقول (و ماوجدنا لاكثرهم من عهد و ان وجدنا اكثرهم لفاسقين) قال نزلت في الشاك و عن ابياسحق الخراساني قال كان اميرالمؤمنين7 يقول في خطبته لاترتابوا فتشكوا فتكفروا هـ، و الريب اول الشك عند حدوث الاحتمال فاذا قوي الاحتمال و استوي الطرفان فهو الشك و في اللغة يطلق الريب علي الظن و الشك و عن محمد بن مسلم قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۴ *»
كنت عند ابيعبداللّه7 جالساً عن يساره و زرارة عن يمينه فدخل عليه ابوبصير فقال يا باعبداللّه ما تقول فيمن شك في اللّه فقال كافر يا بامحمد قال فشك في رسولاللّه9 فقال كافر ثم التفت الي زرارة فقال انما يكفر اذا جحد و عن ابيبصير قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (الذين آمنوا و لميلبسوا ايمانهم بظلم) قال بشك و عن بكر بن محمد عن ابيعبداللّه7 قال ان الشك و المعصية في النار ليسا منا و لا الينا و عن عثمن بن عيسي عن رجل عن ابيعبداللّه7 قال من شك في اللّه بعد مولده علي الفطرة لميفء الي خير ابداً وعن ابيجعفر7 لاينفع مع الشك و الجحود عمل و عن اميرالمؤمنين7 في حديث دعائم الكفر بني الكفر علي اربع دعائم الفسق و الغلو و الشك و الشبهة الي ان قال و الشك علي اربع شعب علي المرية و الهوي و التردد و الاستسلام و هو قول اللّه عزوجل (فباي آلاء ربك تتماري) و في رواية اخري علي المرية و الهول من الحق و التردد و الاستسلام للجهل و اهله فمن هاله ما بين يديه نكص علي عقبيه و من امتري في الدين تردد في الريب و سبقه الاولون من المؤمنين و ادركه الآخرون و وطأته سنابك الشياطين و من استسلم لهلكة الدنيا و الآخرة هلك فيما بينهما و من نجا من ذلك فمن فضل اليقين و لميخلق اللّه خلقاً اقل من اليقين و الشبهة علي اربع شعب اعجاب بالزينة و تسويل النفس و تأول العوج و لبس الحق بالباطل و ذلك بان الزينة تصدف عن البينة و ان تسويل النفس يقحم علي الشهوة و ان العوج يميل بصاحبه ميلاً عظيماً و ان اللبس ظلمات بعضها فوق بعض فذلك الكفر و دعائمه و شعبه و عن منصور بن حازم قال قلت لابيعبداللّه7 من شك في رسولاللّه9 قال كافر قلت فمن شك في كفر الشاك فهو كافر فامسك عني فرددت عليه ثلث مرات فاستنبطت في وجهه الغضب و عن عبداللّه بن سنان عن ابيعبداللّه7 من شك في اللّه و في رسولاللّه9 فهو كافر و عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۵ *»
النبي9 من ناصب علياً حارب اللّه و من شك في علي فهو كافرو عنه9 المخالف لعلي بعدي كافر و الشاك به مشرك مغادر و المحب له مؤمن صادق و المبغض له منافق و المحارب له مارق و الراد عليه زاهق و المقتفي لاثره لاحق الي غير ذلك من الاخبار فالشك ليس من اللّه و لا الي اللّه و لايدعو اللّه عباده الي الشك و لايرضي منهم بالشك.
فصل: قد ذكر في الاخبار التي ذكرنا ان الشاك كافر و ليست علي اطلاقها لمكان اخبار اخر و ذلك ان الكافر بمعني الساتر للحق و الشخص لايكون كافراً الا ان يكون جاحداً للحق معانداً و اما الشك و الظن و اليقين فهي حالات قهرية لايمكن للانسان الفرار منها اذا حصلت و لا تحصيلها اذا امتنعت فلا معني لان يكون الشك ما لميكن جحود كفراً و ذلك انه ربما لايطاوع نفس الرجل اياه في قبول امر او اليقين به لشبهات لها او لنقص في الادلة الواصلة اليه او لمرض و اللّه سبحانه اجل من ان يكلف بما لايستطيع هذا و ان كان مريض النفس و كليل الادراك لتقصير منه لكنه الآن مريض و ليس علي المريض حرج فلربما يكون الشخص في شك لعدم استبانة الدليل له و عدم اطلاعه التام و لكنه ذو نفس اذا ظهر لها الامر و استبان تقبل و تسلم بلا اكراه فكيف يكون كافراً مثل هذا الرجل نعم علي الشاك ان لايجحد فان الجحود اثر البتّ علي الخلاف و الشاكّ ليس بباتّ علي الخلاف فاذا لميجحد لميكفر و اذا جحد كفر فالشاكّ في عليّ و لمايتبين له الامر و هو امرأ اذا تبين له امره قبله و سلم بلا اكتراث ليس بكافر نعم اذا كان علي شك و جحد من غير سبب فهو كافر حقاً او كان علي يقين من النبي9 و من نصه علي امامة علي7 و مع ذلك يشك في علي7 فهو كافر جاحد في الواقع و كذلك اذا كان علي يقين من نبوة النبي9 ثم يشك في وجوب ما صدر منه او تواتر عنه وجوبه يقيناً و امثال ذلك مما مآله الجحود و الانكار و معاندة الحق و بما ذكرنا وردت اخبار فمنها ما سمعت في الفصل السابق من حديث محمد بن مسلم ان الشاك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۶ *»
كافر اذا جحد و ايضاً عن محمد بن مسلم قال سمعت اباجعفر7 يقول كل شيء يجره الاقرار و التسليم فهو الايمان و كل شيء يجره الانكار و الجحود فهو الكفرو عن ابيجعفر7 لو انّ العباد اذا جهلوا وقفوا و لميجحدوا لميكفروا انتهي و كذلك يبلغ الاستخفاف و التهاون حد الكفر لانه جحود العظمة و الكبرياء و وجوب الطاعة و روي في الكافي عن ابيعمرو الزبيري عن ابيعبداللّه7 قال قلت له اخبرني عن وجوه الكفر في كتاب اللّه عزوجل قال الكفر في كتاب اللّه علي خمسة اوجه فمنها كفر الجحود و الجحود علي وجهين و الكفر بترك ما امر اللّه و كفر البراءة و كفر النعم فاما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية و هو قول من يقول لا رب و لا جنة و لا نار و هو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية و هم الذين يقولون و مايهلكنا الا الدهر و هو دين وضعوه لانفسهم بالاستحسان منهم علي غير تثبت منهم و لا تحقيق بشيء مما يقولون قال اللّه عزوجل( ان هم الا يظنون) ان ذلك كما يقولون و قال (ان الذين كفروا سواء عليهم ءانذرتهم ام لمتنذرهم لايؤمنون) يعني بتوحيد اللّه فهذا احد وجوه الكفر و اما الوجه الآخر من الجحود علي معرفة و هو ان يجحد الجاحد و هو يعلم انه حق قد استقر عنده و قد قال اللّه عزوجل (و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلماً و علواً) و قال اللّه عزوجل (و كانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللّه علي الكافرين) فهذا تفسير وجهي الجحود و الوجه الثالث من الكفر كفر النعم و ذلك قوله تعالي يحكي قول سليمان (هذا من فضل ربي ليبلوني ءاشكر ام اكفر و من شكر فانما يشكر لنفسه و من كفر فان ربي غني كريم) و قال (لان شكرتم لازيدنكم و لئن كفرتم ان عذابي لشديد) و قال (فاذكروني اذكركم و اشكروا لي و لاتكفرون) و الوجه الرابع من الكفر كفر ترك ما امر اللّه عزوجل به و هو قول اللّه عزوجل (و اذ اخذنا ميثاقكم لاتسفكون دماءكم و لاتخرجون انفسكم) الي قوله (افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۷ *»
فما جزاء من يفعل ذلك منكم) فكفرهم بترك ما امر اللّه عزوجل به و نسبهم الي الايمان و لميقبله منهم و لمينفعهم عنده فقال (فما جزاء من يفعل) الآية و الوجه الخامس من الكفر كفر البراءة و ذلك قول اللّه عزوجل يحكي قول ابرهيم (كفرنا بكم) الي قوله (باللّه وحده) يعني تبرأنا منكم و قال يذكر ابليس و تبريه من اوليائه من الانس يوم القيمة (اني كفرت بما اشركتموني من قبل) و قال (انما اتخذتم من دون اللّه اوثاناً مودة بينكم في الحيوة الدنيا ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض و يلعن بعضكم بعضاً) يعني يتبرأ بعضكم من بعض انتهي الحديث الشريف و الثلثة الوجوه الاخيرة لاتكون سبب الكفر المعروف و انما الكفر الذي يجري عليه احكام الكفار هو كفر الجحود بقسميه.
فتبين و ظهر ان الشك ليس بكفر ما لميؤد الي الجحود لانه حالة قهرية للنفس و هو فاحص طالب يريد الوصول الي الحق و لو وصل و عرف لقبل و هو ساخط علي نفسه لانها شاكة فما باله يكفر و اما الجحود فهو حالة اختيارية لا وجه لها لمن لايعلم حقيقة شيء و ليس الا من جهة المشاقة و العناد و اما الشاك فلا عناد له و انما هو طالب باحث المتسمع ما رواه العياشي عن محمد بن مسلم عن احدهما8 قال في ابرهيم7 اذا رأي كوكباً قال انما كان طالباً لربه و لميبلغ كفراً و من فكر من الناس في مثل ذلك فانه بمنزلته و اما قول ابيعبداللّه7 من قال هذا اليوم فهو مشرك و لميكن من ابرهيم شرك و انما كان في طلب ربه و هو من غيره شرك الخبر فانما هو بعد وضوح الامر و تمام الحجة فمن قال مثل ذلك فهو مشرك و اما عند عدم الوضوح و في اثناء الطلب و تردد النفس في المحتملات من غيرجحود فلا بأس سواء اليوم و ذلك اليوم و لكل احد المتسمع قوله تعالي (لئن لميهدني ربي لاكونن من القوم الضالين)و اما قول علي7 لاترتابوا فتشكوا فتكفروا فمعناه لاترتابوا فيؤديكم الي الشك و لاتشكوا فيؤديكم الي الجحود و الكفر لا ان الريب شك و الشك كفر.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۸ *»
فصل: في المعرفة و قد ذكرنا انها لغة اذا انفردت تطلق علي العلم و اليقين ايضاً و اذا اجتمعت فهي تختص بالوصول الي عين المعروف و لذلك لايقابلها الا الانكار و ليس هناك محل ظن و شك كقوله تعالي (فعرفهم و هم له منكرون)و قوله (يعرفون نعمة اللّه ثم ينكرونها) و قد يطلق عدم المعرفة علي الانكار كقوله7 من لميعرف امام زمانه فقد مات ميتة جاهلية اي من انكر امام زمانه و اما من لميعرف و لميجحد و هو في الطلب ليعرف و يأتم به فليس موتته ميتة جاهلية و هي اذا اجتمعت مع اخويها تختص بما يدركه الانسان بفؤاده فلمعرفته ثلثة مقامات الاول معرفته بالعالي فهي بالوصول الي صفته التي وصف نفسه له بها و الثاني معرفته بنفسه فهي بالاعراض عن جميع ما هو غير ذاته و ادراكها بها و الثالث معرفته بساير الحقايق التي دونها فيري كل ما يري بالاحاطة و الواصل الي مقام الفؤاد قليل قليل و هو اقل من المؤمن مع ان المؤمن اقل من الكبريت الاحمر لانه مقام الوصال و الاتصال بصفة ذي الجلال و قطع مراتب الخلق بالكلية و هو مقام الحقيقة التي سأل عنها كميل اميرالمؤمنين7 و هو انه كان ذات يوم رديفاً له7 علي ناقته فقال يا مولاي ما الحقيقة فقال7 ما لك و الحقيقةيا كميل فقال كميل
اولست صاحب سرك فقال بلي ولكن يرشح عليك ما يطفح مني قال اومثلك يخيب سائلاً قال7 الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير اشارة قال زدني بياناً قال7 محو الموهوم و صحو المعلوم قال زدني بياناً قال7 هتك الستر و غلبة (لغلبة خل) السر فقال زدني بياناً قال7 جذب الاحدية لصفة التوحيد فقال زدني بياناً قال7 نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره قال زدني بياناً فقال7 اطفئ السراج فقد طلع الصبح انتهي و هذه الحقيقة هي ذلك الفؤاد الذي اشار اليه الصادق7 في قوله اذا تجلي ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة و هي نور اللّه المشار اليه في قول النبي9 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه و هي المثال الذي اشار اليه اميرالمؤمنين7 تجلي لها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۱۹ *»
فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله فذلك المقام اذا صار في انسان بالفعل فله آثار في جميع المراتب فلايتحرك و لايسكن الا باللّه و في اللّه و للّه و لايري الا اللّه و لايمشي الا اليه و لايعطي الا اياه و لايدعو سواه و لايكلم غيره و لايسمع من دونه و يهيج في قلبه ريح المحبة فتنتشر في جميع اعضائه و جوارحه و ظواهره و بواطنه فيستأنس في ظلال المحبوب و يستقر في ظله لايخرج منه الي غيره و يؤثره علي ما سواه و يباشر ليلاً و نهاراً اوامره و يجتنب نواهيه و يقول يا نعيمي و جنتي و يا دنياي و آخرتي و يكون جميع لذاته في النظر الي وجه محبوبه و تفكره فيه و ذكر اسمه بلسانه و جريه في خدماته متوجهاً اليه في جميع حالاته قال الصادق7 العارف شخصه مع الخلق و قلبه مع اللّه لو سهي قلبه عن اللّه طرفة عين لمات شوقاً اليه و العارف امين ودايع اللّه و كنز اسراره و معدن انواره و دليل رحمته علي خلقه و مطية علومه و ميزان فضله و عدله قد غني عن الخلق و المراد و الدنيا فلا مونس له سوي اللّه و لا نطق و لا اشارة و لا نفس الا باللّه للّه من اللّه مع اللّه فهو في رياض قدسه متردد و من لطائف فضله اليه متزود و المعرفة اصل فرعه الايمان و في الكافي بسنده عن جميل بن دراج عن ابيعبداللّه7 قال لو يعلم الناس ما في فضل معرفة اللّه عزوجل ما مدوا اعينهم الي ما متع اللّه به الاعداء من زهرة الحيوة الدنيا و نعيمها و كانت دنياهم اقل مما یطؤنه بارجلهم و لنُعّموا بمعرفة اللّه جلوعز و تلذذوا بها تلذذ من لميزل في روضات الجنان مع اولياء اللّه ان معرفة اللّه عزوجل انس من كل وحشة و صاحب من كل وحدة و نور من كل ظلمة و قوة من كل ضعف و شفاء من كل سقم ثم قال7 و قد كان قبلكم قوم يقتلون و يحرقون و ينشرون بالمناشير و تضيق عليهم الارض برحبها فمايردهم عما هم عليه شيء مما هم فيه من غير ترة وتروا من فعل ذلك بهم و لا اذي بل مانقموا منهم الا ان يؤمنوا باللّه العزيز الحميد فاسألوا ربكم درجاتهم و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۰ *»
اصبروا علي نوائب دهركم تدركوا سعيهم و عن ابيحمزة قال قـال لي ابوجعفر7 انما يعبد اللّه من يعرف اللّه فاما من لايعرف اللّه فانما يعبده هكذا ضلالاً قلت جعلت فداك فما معرفة اللّه قال تصديق اللّه عزوجل و تصديق رسوله9 و موالاة علي و الائتمام به و بائمة الهدي: و البراءة الي اللّه من عدوهم هكذا يعرف اللّه عزوجل و في حديث الخيط عن علي بن الحسين8 المعرفة اثبات التوحيد اولاً ثم معرفة المعاني ثانياً ثم معرفة الابواب ثالثاً ثم معرفة الامام رابعاً ثم معرفة الاركان خامساً ثم معرفة النقباء سادساً ثم معرفة النجباء سابعاً و في تفسيرالبرهان عن يونس بن ظبيان قال دخلت علي الصادق جعفر بن محمد8 الي ان قال قـال7 ان اولي الالباب الذين عملوا بالفكرة حتي ورثوا منه حب اللّه فان حب اللّه اذا ورثته القلوب استضاء به و اسرع اليه اللطف فاذا نزل منزلة اللطف صار من اهل الفوايد فاذا صار من اهل الفوايد تكلم بالحكمة و اذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة فاذا نزل منزلة الفطنة عمل بها في القدرة فاذا عمل بها في القدرة عمل بها في الاطباق السبعة فاذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلب في لطف و حكمة و بيان فاذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته و محبته في خالقه فاذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبري فعاين ربه في قلبه و ورث الحكمة بغير ما ورثته الحكماء و ورث العلم بغير ما ورثته العلماء و ورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون ان الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت و ان العلماء ورثوا العلم بالطلب و ان الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع و طول العبادة فمن اخذ بهذه السيرة اما ان يسفل و اما انيرفع و اكثرهم الذي يسفل و لايرفع اذا لميرع حق اللّه و لميعمل بما امره به فهذه صفة من لميعرف اللّه حق معرفته و لميحبه حق محبته فلاتغرنك صلاتهم و صيامهم و رواياتهم و علومهم فانهم حمر مستنفرة الخبر و في المحاسن بسنده عن عبدالاعلي قال قلت لابيعبداللّه7
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۱ *»
هل جعل في الناس اداة ينالون بها المعرفة قال لا قال فهل كلفوا المعرفة قال لا ان علي اللّه البيان لايكلف اللّه العباد الا وسعها و لايكلف اللّه نفساً الا ما آتيها و عن عمر بن اذينة قال سألت اباجعفر7 عن قول اللّه(حنفاء غير مشركين به) ما الحنيفة قال هي الفطرة التي فطر اللّه الناس عليها فطر اللّه الخلق علي معرفته و عن زرارة قال سألت اباجعفر7 عن قول اللّه عزوجل (فطرة اللّه التي فطر الناس عليها) قال فطرهم علي معرفة انه ربهم و لولا ذلك لميعلموا اذا سئلوا عن (من ظ) ربهم و لا من رازقهم و عنه قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (و اذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم الست بربكم قالوا بلي) قال ثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه يوماًما و لولا ذلك لميدر احد من خالقه و لا من رازقه و عن حسن الصيقل قال سمعت اباعبداللّه7 يقول لايقبل اللّه عملاً الا بمعرفة و لا معرفة الا بعمل و من عمل دلّته المعرفة علي العمل و من لميعمل فلا معرفة له انما الايمان بعضه من بعض و عن عبدالاعلي مولي بنيسام عن ابيعبداللّه7 قال لميكلف اللّه العباد المعرفة و لميجعل لهم اليه سبيلاً و في الكافي بسنده عن مقرن قال سمعت اباعبداللّه7 يقول جاء ابنالكوا الي اميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه فقال يا اميرالمؤمنين (و علي الاعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم) فقال نحن علي الاعراف نحن نعرف انصارنا بسيماهم و نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه عزوجل الا بسبيل معرفتنا و نحن الاعراف يعرفنا اللّه عزوجل يوم القيمة علي الصراط فلايدخل الجنة الا من عرفنا و عرفناه و لايدخل النار الا من انكرنا و انكرناه ان اللّه عزوجل لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا ابوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذي يؤتي منه فمن عدل عن ولايتنا او فضل علينا غيرنا فانهم عن الصراط لناكبون فلا سواء من اعتصم الناس به و لا سواء حيث ذهب الناس الي عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض و ذهب من ذهب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۲ *»
الينا الي عيون صافية تجري بامر ربها لا نفاد لها و لا انقطاع و عن الفضل بن السكن عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 اعرفوا اللّه باللّه و الرسول بالرسالة و اولي الامر بالامر بالمعروف و العدل و الاحسان وعنهم: بنا عرف اللّه و لولانا ماعرف اللّه و في الزيارة من عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه و في حديث النورانية ان معرفتي بالنورانية هي معرفة اللّه عزوجل و معرفة اللّه عزوجل معرفتي و لعلي نقلته بالمعني الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة لمن جاس خلال الديار.
فصل: اعلم انه ليس وضع هذا الكتاب علي بيان العلوم و الحكم و الا لارخينا عنان القلم ليجول شيئاً في هذا الميدان ولكن بناءه علي بيان حقايق الطريقة و ما لميتكفل ببيانه ساير كتبنا فلاجل ذلك لايمكنني البسط في بيان المعرفة و لكني اقول ما يناسب وضع هذا الكتاب ان المعرفة في اللغة هي المعروف تقول عرفت زيداً يعني رأيته و علمت انه هو هو و تقول اعرف زيداً اي اينما اجده اعلم انه هو هو و هي ضد الانكار فاذا رأيت زيداً و لمتعلم به من هو قلت انكرته فان علمت انه ابن من و ابو من و من هو قلت عرفته فمعرفة اللّه عزوجل يتحقق لك اذا عرفت ما تجلي لك به فاينما رأيت تجليه عرفت انه هو فمن بلغ هذا المبلغ عرف اللّه المتر انك لو لمتر زيداً لمتعرفه معاينة و الذي تراه تجليه و لونه و هيئته و صفته فاذا رأيت صفته و رأيته في صفته و علمت به تقول عرفته فمن لايعرف صفة اللّه و لميعلم بها لايعرف اللّه و اما الذات فالنبي9 مع غيره في حقها سواء لايعرفها و لايصل اليها نبي فمن دونه فمعرفة اللّه المكلفبها معرفة صفته القائمة مقامه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار فمن عرف تلك الصفة معاينة عرف اللّه و الا فقد جهل اللّه و انما يذكر لفظاً لايسمن و لايغني من جوع فالفرق بين الحكيم و العارف ان الحكيم يصفه انه هكذا وهكذا ولكن اذا شاهده لميعرفه و اما العارف فانه يعرفه علانية و معاينة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۳ *»
و لعله لايقدر علي ان يصفه كذلك الحكيم الذي يصفه و لايعرفه و قد حققنا في ساير كتبنا ان اللّه جعل محمداً9 خليفته و القائم مقامه في خلقه و ظاهره في عباده و وجهه الذي يتوجه اليه الاولياء و صفته التي وصف بها نفسه و مثله الاعلي الذي مثل به لنفسه فهو وجه المعرفة فمن عرفه فقد عرف اللّه و من جهله فقد جهل اللّه و انما يعرف محمداً9 كذلك من عرف علياً و آله: بذلك فانهم انفسه و من نوره و من طينته و من روحه هم محمد و محمدٌ هم و هم ابواب محمد9 التي لايؤتي الا منها و سبيله الذي لايوصل اليه الا به و ظاهره و صفته و تجليه و ليس معرفة محمد معرفة جثته و انما المراد معرفة حقيقته و حقيقته لاتعرف الا في آله فانهم ظواهره صلوات اللّه عليهم فمن عرفهم فقدعرف محمداً9 و من جهلهم فقدجهل محمداً9 و بذلك و بما يلزمه تواتر الاخبار عن الائمة الاطهار صلوات اللّه عليهم و قد ملأنا بها كتبنا و ملأت الاقطار و قد قال اللّه تعالي (ذرية بعضها من بعض) و كذب من زعم انه يعرف محمداً9 و لايحبه و كذب من زعم انه يحب محمداً9 و لايحب آله و كذلك لايعرف آلمحمد: حق معرفتهم من لميعرف اوليائهم اذ ليس المراد معرفة جثث آلمحمد: و انما المراد معرفة حقايقهم و انوارهم و هي لاتعرف الا بصفاتها و صفاتها اشعتها و اشعتها شيعتهم صلوات اللّه عليهم اجمعين و ذلك ان حقايقهم فوق مشاعر العباد و لايمكن ان تصل اليها الا الي ما ظهر منها في رتبتهم فبذلك صارت المعرفة الحقيقية معرفة اللّه في محمد9 و معرفة محمد في آله صلوات اللّه عليهم و معرفة آلمحمد: في شيعتهم و اوليائهم و في جميع هذه المراتب ليس المراد معرفة الجثث و انها لاتتوقف علي معرفة غيرها و بذلك ملأنا ساير كتبنا و لاجل ذلك مر في حديث جابر ان المعرفة هي المعارف السبع و الا فلا معرفة و ان المعرفة معرفة اللّه و معرفة رسوله و معرفة آله صلوات اللّه عليهم و البراءة من عدوهم و روي ان اركان الاسم الاعظم اربعة لا اله الا اللّه محمد رسولاللّه و نحن و شيعتنا و ليس هيهنا موضع التفصيل فمن عرف مواقع الصفة بلغ قرار
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۴ *»
المعرفة و مواقع الصفة هي مظاهر اظهر اللّه صفاته فيها و تجلي بها و اري نفسه خلقه فيها و لاجل ذلك قال اميرالمؤمنين7 لماعبد رباً لماره فرؤية اللّه رؤية مظاهره و مواقع صفاته اذ هي منظره و مرآه و اعلم ان اللّه جلوعز احد ليس شيء غيره كذلك كان و كذلك يكون و هو اولي بخلقه منهم و اوجد منهم في امكنة وجودهم و اقرب اليهم منهم ولكن الخلق يحجبهم الاعمال و الآمال و انياتهم عنه فمن رق حجاب انيته حتي شف يحكي ما وراءه و من غلظ حجاب انيته يشتغل به و يغفل عنه و لايشف عما وراءه و علامة الرقة ظهور صفات العالي و افعاله و انواره منه فالخلق في ذلك مختلفون فمنهم من يحكي شيئاً و منهم من يحكي شيئين وهكذا و انما الكمال كل الكمال لمن يحكي جميع ما وراءه و هو من لميدع لنفسه انية و فني عبوديته في ربوبيته فاخفي نفسه و اظهر ربه و فقد نفسه و وجد ربه فذلك هو خليفة اللّه في الارضين و القائم مقامه في الاداء في العالمين الذي من اراد اللّه بدأ به و من وحده قبل عنه و من قصده توجه اليه و هو منظره و مرآه و دليله و جهته و ظهوره و آيته و وجهه و سبيله و بابه و مناله و مسماه و اسمه و ما يعبر عنه به منه و ما يدرك او يعقل منه و ما يراد منه ليس للخلق شيء سواه و لا ملجأ دونه و كذلك المجلي الثاني عند المجلي الاول و المجلي الثالث عند الثاني فليس عند اهل كل رتبة من العالي الا مجلاه الذي فيه فيرونه فيه و يرومونه منه قال اللّه سبحانه (ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب ولكن البر من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها) فمن زعم انه له سبيل الي العالي من غير هذا الباب فقد ضل و غوي و كذب و افتري و من يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم و ليس كل ما طلب وجد و اللّه خليفتي عليك فذلك هو المعرفة التي من تقدم عليها مرق و من تخلف عنها زهق و من لزمها لحق و من عرفها سبق و ذلك منتهي المعرفة التي اراد اللّه من خلقه و بها نزل الكتاب و جرت السنة و اعلم انك كلما تسعي و تجهد لاتتجاوز رتبتك و حدك كيفما كنت و اينما كنت و الذي هو اولي بربك اعلي منك رتبة و درجة و كل فيض يصل اليك من ربك يصل اليه اولاً ثم يصل اليك من فاضله و قشوره
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۵ *»
علي حسب رتبتك و ليس معني ذلك ان يكون اولي بربك من حيث و لعلك تكون اولي من حيث آخر كاللذين يكون احدهما اعرف بالفقه و الآخر اعرف بالنجوم و يكون احدهما احذق في الطب و يكون صاحبه احكم في الفلسفة فليس احد هذين واسطة علي الاطلاق نعم كل واحد باب يدخل منه الآخر فكل واحد من حيث كماله باب ينبغي حين طلب ذلك الشيء الرجوع اليه بل المراد ان الواسطة بينك و بين ربك هو الذي هو اولي بربك منك من كل جهة و انت تحتاج اليه من كل جهة فهو خليفة ربك عليك و القائم مقامه بين ظهرانيكم فلايذهبن بكم المذاهب و لاتتخذوا عباد اللّه ارباباً و لاتلجــݘـوا الي كل قائم و لاتأووا الي كل ركن و لاتتخذوا من دون اللّه و دون رسوله و اوليائه: ولايج فان وجدت من يكون اولي بربك من كل جهة فهو من مراتب المعرفة و شروط التوحيد و الا فهو من الآيات الجزئية التي اراك اللّه في الآفاق و الانفس فاطلبها فيه من ذلك الحيث كما يطلبه فيك من حيث آخر حتي ان الحجر له صلابة ليس لغيره و يلجأ اليه عند الحاجة و المدار علي الفعلية،
و ما ليس فيه خرزة لمحبه | و لا لعداه السم ليس بحية |
و لايجوز بيان هذه المطالب باوضح من ذلك و ان كنت اوضحت لمن كان له عين و اللّه يهدي السبيل بالجملة العارف من يعرف ربه حيث يراه و الا فليس بعارف و المراد برؤية الرب رؤية مواقع صفاته و مجاليه لا غير فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم.
فصل: اعلم ان جميع ما في هذا العالم جسم من العرش الي الفرش لا مزية لواحد مما بينهما علي الآخر و ليس شيء منها اقرب الي الجسم المطلق و لا احكي له من الآخر و لا فخر لواحد علي الآخر و منها العناصر الاربعة النار و الهواء و الماء و التراب و كل واحد منها جسم الا ان النار جسم حار يابس و قد تجلي الجسم فيها بصفة لميتجل بها في اخوتها فلها من حيث الحرارة و اليبوسة مزية ليس لاخوتها و تلك المزية هي مصداق النار و المسمي به و كذلك تجلي الجسم في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۶ *»
الهواء بالحرارة و الرطوبة و خصه به و له هذه المزية و هي مصداق الهواء وهكذا اخواهما فهي من حيث الجسمية لا مزية لواحد منها علي الآخر و انما يقاس بعضها ببعض من حيث الفعليات التي ظهرت بها فاذا قسنا النارية و الهوائية و المائية و الترابية فالنارية اشرف من الكل و هي سيدهم و ملاذهم و ملجأهم و مبدأهم يجب ان يرجعوا اليها حين دعواتهم و حوايجهم و لايتجاوزها ترقي مترق منها ثم هكذا الهواء بالنسبة الي ما دونه و الماء بالنسبة الي التراب فالنار نوعاً اعلي و اقرب من المبدء ثم الهواء ثم الماء ثم التراب و جميع ما ينزل من السماء يصل الي النار ثم الي الهواء ثم الي الماء ثم الي التراب و كل عال منها بالنسبة الي الداني قبلة و وجهة حال توجهه الي السماء و باب السماء اليه في الافاضة و بابه الي السماء في الاستفاضة و الاعالي قري ظاهرة للسير الي القري المباركة السماوية و ما لميقطع التراب قرية الماء ثم قرية الهواء ثم قرية النار لميقدر ان يصل او يتصل الي السماء و لابد في الوجود من التدرجات الحكمية صعوداً كما خلق عليه نزولاً.
ثم اذا ركبت هذه العناصر تركيباً و صنعت منها النباتات كان كل نبت مركباً من العناصر و لا مزية و لا فخر لواحد من هذا الحيث علي الآخر و قد ظهر في الكل النفس النباتية التي هي من صوافي العناصر و لطايفها فجميعها نامٍ جاذب دافع هاضم ماسك مرب يزيد و ينقص بدون تفاوت نعم كل ما كان منها اعدل و اصفي و انعم كان افضل وهكذا الامثل فالامثل ففضل نبات علي نبات بفعلية خاصة له دون غيره و تلك الفضيلة هي مصداق اسمه و مسماه فله الشرف الاشرف و ليس لنبات دونه ان يتكبر عليه او يسوي نفسه به لاني ايضاً من العناصر كما انت منها و لا فخر لك علي اذ له من اللطافة و الاعتدال ما ليس في غيره و تلك الفعلية هي هو و هي مصداق اسمه فله الشرف الذي ليس لغيره فعلي النباتات الدنيا ان يتقربوا بالنبات الاعلي الي السماوات العلي و يبتغوا به اليها الوسيلة و يتخذوه سبيلاً و قبلة و وجهة و باباً و جناباً و دليلاً و حجاباً و اعدلها و اصفاها ما هو اقرب الي الحيوانية فلعله النخل و بورايخ او اشجار جزيرة واقواق و امثالها فكلما ينزل من سماء الحيوة يطلع عليها تلك الاشجار قبل ساير النباتات و تنتفع منها قبل ساير النباتات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۷ *»
بل تنتفع منها بما لاينتفع به ساير النباتات لخفائه عليها و كونه فوق مشاعرها فتاخذ تلك الاشجار صفايا الفيوض النازلة و ترسل البواقي الي ساير النباتات الغاسقة المنحرفة فتنتفع بقشور ما انتفعت به تلك الاشجار و بعدها فتلك الاشجار تحكي من سماء الحيوة ما لايحكيه ساير النباتات و تفهم منها ما لاتفهمه و لايمكن ان تصل ساير النباتات الي سماء الحيوة الا ان تمر علي تلك الاشجار و تبلغ درجتها و ليس لنبات كثيف انيتكبر عليها باني نبات مثلكم فيّ ما فيكم و ان كان فيكم لطافة ليست فيّ ففيّ كثافة ليست فيكم لانهم يقولون ان نحن الا نبات مثلكم ولكن اللّه يمن علي ما يشاء من عباده فمن علينا بان جعلنا صافية معتدلة حاكية للحيوة السماوية و انا و ان كنا لطائف في كنهنا لانفقد ما تجدونه في ادني درجاتنا فانا نزلنا اليكم ايضاً و اخذنا لصافي طويتنا لباساً غاسقاً من جنسكم فقمنا به في صفوفكم فلنا مزية ليست فيكم و قدرة و عين و سمع و بصر و يد ليست لكم و لنا سلطان عليكم فبذلك يجب عليكم انتتبعونا و تقرون بفضلنا.
ثم لما صفا النبات و اعتدل مزاجه و لطف طباعه و شف عناصره اشتعل بشعاع الفلك و صار حيواناً علي حسب ركنه الفلكي و ركنه النباتي العنصري مادة و صورة و جميع الحيوانات مشترك في هذين الركنين ليس لواحد منهما فخر علي الآخر و كلها متحركة مريدة حساسة فمن هذا الحيث ليس لواحد منها فخر و مزية علي الآخر نعم كل حيوان فيه فعلية زائدة له فخر علي الذي ليس فيه تلك المزية بالفعل و تلك الفعليات هي عرصة التشريع و الحسن و القبح و العلو و الدنو و الكمال و النقصان و السعادة و الشقاوة و جميع الاضداد من عرصة التشريع فما كان من الحيوان فيه لطافة موجودة و صفاء بالفعل و قدرة و ذكاء حواس و اعتدال و تعلم بشباهته الانسان فله الفضل و المزية و الشرف علي غيره الاتري ان الديدان و الخنافس و ان كانت تشارك الدواب في محض الحيوة و النما ولكن للدواب فضل اعتدال و ذكاء حواس و قوة و قدرة ليست فيها البتة و بذلك الفضل مقدمة رتبة عليها و تحوز من امداد الافلاك ما لاتحوزه الديدان فاذا نزل من الافلاك مدد يصل الي الدواب اول و المراد بالاول الاول الرتبي لا الزماني و امثل لك لهذه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۸ *»
الاولية مثلاً اذا كان مكان الهواء النار و كان علي الارض شجرتان رطبة و يابسة فتشتعل اليابسة بتلك النار و تحس بها و تنفعل و لاتحس بها الشجرة الخضرة ابداً الا انتنصبغ النار في اليابسة و تغلظ حتي توافق حس الخضرة فتدركها في اليابسة و باليابسة و من اليابسة مع قرب النار منهما معاً و اتصالها بهما و كذلك الامر في جميع العوالم فما ينزل من مدد من السماء لايحس به الخنافس بل يدركه الدواب و ما يشاكلها ثم بعد تغلظه فيها تدركه الخنافس و هذا معني توسط الحيوانات المعتدلة بين غير المعتدلة و المبدأ و وصول الامداد الي المعتدلة قبل وصولها الي غير المعتدلة و عدم امكان وصول غير المعتدلة الي المبدأ الا بواسطة المعتدلة فان حيز المعتدلة اعلي و حكايته لفعليات المبدأ اكثر و ذلك ان جميع الشهادة فعليات الغيب و تمثلاته و بعض الفعليات اقدر و اقوي و اكمل و الطف و اعلي و اغني و اصفي و اوفق بالمبدأ و انسب لظهور وحدانيته و بعضها دون ذلك و ما هو كذلك فهو باب افاضة عرضية برانية علي الذي هو دون ذلك كما ان السراج باب الافاضة البرانية و ان كان النار في جميع الفضاء مثلاً فالدواب باب مفتوح بين المبدأ و بين الديدان منه يخرج ما ينزل من العالي و اليه يصعد ما يصعد الي العالي و قلنا انه منه يخرج لانه يتنبه قبل ان يتنبه غيره فكأنه يحوزه ثم يصل القشور و هي ما يخرج منه الي غيره و قلنا انه اليه يصعد فان مشاعر الدون لايتجاوزه و لايدرك ما سواه و ليس عنده من ذكر العالي الا ما ذكر في ذلك الباب و سمع من ذلك الجناب الاتري ان الشجرة الرطبة لمتتنبه بالنار الخفية و لمتطلع عليها ولكن يتنبه بها الشجرة اليابسة و تشتعل بها فلما كثفت النار اللطيفة الخفية في بطن الشجرة اليابسة ادركتها حواس الاشجار الرطبة و استنارت بها بعد فالشجرة المشتعلة باب واسط بين الاشجار الرطبة و النار الخفية فكلما ينزل من النار الي الاشجار الرطبة من ضياء فمن هذا الباب و كلما يدرك الاشجار الرطبة من النار ففي ذلك الباب فهو خليفة النار بين الاشجار و وجهته و ملاذ الاشجار و قبلتهم اليه يرفعون الحاجات و يشخصون الابصار و يمدون الاعناق و يبسطون الايدي و يوجهون الدعوات فهو القرية الظاهرة بينهم و بين القرية المباركة و السفير بينه و بينهم و النبيء عنه لهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۲۹ *»
ينبئهم عن القرية المباركة و يعرض حوائجهم عليه بالجملة لابد و ان يكون بين الحيوانات الضعيفة و بين الانسان واسطة هو احكي لصفات الانسان و اعلم به و اولي يصل اليه الفيوض اول ثم يصل منه الي الضعاف كما شرحنا و بينا.
و كذلك لابد و ان يكون بين المؤمنين و بين الانبياء وسايط هم اشبه بالانبياء و احكي لصفاتهم و اعمل بسنتهم و سيرتهم و اعلم باسرارهم و حقيقتهم كما روي عن الرضا7 منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبياء في بنياسرائيل و عن النبي9 فضل العالم علي العابد كفضلي علي ادناكم فهم يكونون وسائط نزول الامداد و صعود حوايج الاستعداد من اهل الوداد و علي ذلك مدار العالم من آدم الي خاتم و ان كانوا مشتركين مع الجمادات في البدن الجمادي و مع النباتات في البدن النباتي و مع الحيوانات في البدن الحيواني و مع ساير الاناسي في البدن الانساني و ليس لاحد ان يساجلهم في البدن الانساني و يقول اي فخر لكم علينا تأكلون مما نأكل منه و تشربون مما نشرب منه و تنكحون الازواج و تلبسون اللباس و تركبون المراكيب و تمشون في الاسواق مثلنا فان لهم فعلية فوق ما فيهم و انما الشرف كل الشرف لتلك الفعلية و بها فضلوا علي من دونهم الاتري ان الشمس لا فضل لها علي السجيل من حيث كونها جوهراً ذا ابعاد ولكن الفضل في فعلية النور و الحرارة و اللمعان و اللطافة التي لها دون السجّيل و بذلك سادت الشمس علي السجّيل و يجب ان يخضع لها و يتبعها و يكتسب منها فكذلك افراد البشر كلهم ذو نفس ناطقة لا فضل لاحد منهم علي الآخر من هذا الحيث و اما من فضله اللّه بالتقوي و رفعه بالعلم و زينه بالحلم و منحه مكارم الاخلاق و شرفه بالحكم فذلك الذي ظهر بفعلية يفقدها من هو دونهم و ان النار الغيبية المحيطة بالكل التي عمي عنها اعين الناقصين و لميطلعوا عليها قد اشتعلت في وجوده فاضاء بنورها و اشراقها فصار ضيئاً مشرقاً منبئاً عن النار الغيبية مخبراً بذاتها و صفاتها و افعالها فكل من رام الاطلاع علي تلك النار الغيبية يجب ان يراجع هذا المشتعل و يستبين منه و يستطلع منه و الا فهو محروم عن درك النار الغيبية و لايطلع عليها و ان سماها يوماًما فليس الا محض لفظ لايفهم معناها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۰ *»
بل نار الجدران ليست الا الشعلة و انهم لعميانون عن رؤية النار الغيبية محجوبون عن دركها ممنوعون عن ارادتها فنارهم الشعلة المشتعلة بنور النار الغيبية و لايخبرون الا عنه و لايطلبون الا اياه و ليس ذلك بشرك بالنار فان النار الغيبية هي اولي بالشعلة من الشعلة و اوجد منها في مكانها و اقرب اليها منها و الشعلة هي مرأي النار و ظهورها و هي تري اذا رُأِي منها الشعلة فليس ذلك اخذ شعلة دون النار و لا اخذ شعلة مع النار بل هو اخذ النار في ظهورها و صفاتها و كمالاتها قال ابوعبداللّه7 من عبد اللّه بالتوهم فقد كفر و من عبد الاسم دون المعني فقد كفر و من عبد الاسم و المعني فقد اشرك و من عبد المعني بايقاع الاسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه و نطق به لسانه في سر امره و علانيته فاولئك اصحاب اميرالمؤمنين حقاً انتهي، والظاهر ان المراد من عبادة اللّه بالتوهم ان يعبده من غير ان يتوسل باسمائه و صفاته التي وصف بها نفسه فمن لميتوسل بالشعلة فقد توهم النار توهماً و لميرها بظهورها و لايصل الي شيء فقد كفر النار و سترها بانكاره الظهور و من توجه الي الشعلة غافلاً عن النار فقد كفر النار و سترها و من توجه الي النار و الشعلة معاً فقد اشرك بها عبدها و ظهورها و من توجه الي النار في الشعلة و بالشعلة فقد فاز برؤية النار و اولئك اصحاب الشعلة التي هي ظهور النار حقاً فهم اصحاب النار حقاً.
فالاناسي في رتبتهم لهم مراتب فمن كان منهم ذا فعليات كاملة و هي الصفات العقلانية الروحانية التي عبر عنها الشرع فهو عقل ظاهر مقدم علي ساير المراتب و هو الواسطة بين الناقصين الابعدين و بين اوائل جواهر العلل و هو المفضل بصفاته علي الفاقدين لها و من لميكن فيه الصفات الروحانية بالفعل فليس بشيء اذ كل شيء فيه معني كل شيء و لا فخر و ما لميتلطف القابلية لمتحك عما ورائها علي ما هو عليه فاذا تلطفت علا حيزها و صعدت فيه و ارتفعت عن البواقي الخوالف فتوسطت بينهم و بين العلة فصارت باباً ينزل منه جميع فيوض العالي و امداده اذ هو يطلع عليها قبل الكل و يحوزها قبل الكل و يصطفي منها ما يناسبها و ينزل الغلائظ الي الغلائظ لينالوا منها حظهم و لتعلم ان الغلائظ
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۱ *»
فيها تتغلظ و بها تتكثف و الا فمن العالي لاينزل لطيف و كثيف حتي يستنقيها و يصطفي اللطيف لنفسه و يرسل الكثيف الي الباقين و انما مثلها بينهم كمثل الروح البخاري بين الاعضاء حيث لطف و رق حتي صار صفات الروح الملكوتي فيه بالفعل و بذلك علا حيزه و توسط بين الروح الملكوتي و بين ساير الاعضاء و صار حياً بالفعل مشتعلاً بنار الروح الملكوتي متصفاً بصفاته فبذلك تفضل علي من سواه و صار كعبة الاعضاء و وجهتهم و امامهم و مرجعهم اليه ايابهم و عليه حسابهم و امرهم و نهيهم و هو معروفهم لايعرفون سواه و لميكلفهم الروح الملكوتي علي لسان ذلك الروح البخاري بغيره و لا معرفة له عندهم بغيره بالجملة اي عضو من الاعضاء تكبر علي الروح البخاري او اعرض عنه او حال بينه و بينه سدة مات و انتن و يقطع من ساير الجسد لئلايفسد الباقي و دليل وجود هذا البخار في البدن وجود الكثائف و حيوتها مع عدم استعدادها للتلقي عن الروح الملكوتي فلابد و ان يكون من هو قابل للتلقي من الروح الملكوتي و الاشتعال بناره هذا و اوضح دليل علي ذلك ان حيوة الاعضاء و نورها برانية اشراقية من الخارج و الروح ملكوتي فلابد من واسطة مستشرقة بالجوانية مشرقة بالبرانية و ذلك سر سار في كل غيب و شهادة اولميكف دليلاً علي وجود المرآة المقابلة للشمس خارجاً ضوء المخزن غيرالمقابل للشمس و لا شك ان الاعضاء غير قابلة للتلقي من الروح الملكوتية فلابد و ان يكون بينها و بينه واسطة قابلة مستشرقة فالدليل علي وجود اكابر المؤمنين وجود الاصاغر و وصول الامداد اليهم مع عدم استعدادهم للتلقي عن الانبياء مع بعد النسبة فافهم و تدبر.
فصل: ربما يتوهم بعض الناقصين غير المتدربين في الحكمة انه اي حاجة الي الوسائط بين الجهال و بين النبي9 و نحن نري انه كان يأتيه الجاهل و يسأله و يستفيض منه كما يأتيه العالم و لميكن يتوقف استفاضة الجاهل علي الاخذ عن العالم و اخذه عن النبي و كذلك كان الناس يأخذون عن الائمة: عالمهم و جاهلهم بلا فرق فاي حاجة الي الوسائط.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۲ *»
فاقول ان هذا العالم عالم الاعراض و ليس شيء منه علي الاصل الواقع الاتري انه ربما كان علي7 في بعض الغزوات و منافق قاعد في جنب النبي9 فلا عبرة بهذا القرب و ذلك البعد فلايقال ان المنافق اقرب الي النبي من علي7 و كذلك ربما يرسل النبي9 يهودياً الي علي7 او سلمان او غيره بامر او نهي و لايمكن ان يقال ان اليهودي هو واسطة الفيض بين النبي9 و بين علي7 و مؤمن قبيح المنظر نتن الريح و كافر حسن المنظر طيب الريح الاتري ان النبي9 تولد من آمنة و عبداللّه و ليسا مقدمين عليه و سببي وجوده و ولد نوح في الظاهر ولده و ليس بولده في الواقع وهكذا فلا عبرة بامور هذا العالم في اجراء الاحكام الاصلية و في نظر الحكماء و اما في نظر الحكماء فلو كان طابوقة علي رأس جبل و مرآة في قعر بئر فالمرآة اقرب الي الشمس لحكايتها اياها من الطابوقة لعدم حكايتها فلا عبرة بقرب المسافة العرضية و بعدها و كذلك الاستفادات و الاستفاضات الظاهرية و استماع كلام النبي9 المتسمع النبي9 يقول انا مدينة العلم و علي بابها من اراد المدينة فلياتها من بابها مع ان المنافق كان يدخل علي النبي9 في الظاهر من غير باب علي7 فالسماع من النبي9 من غير واسطة الوصي صوت يطرق اذنه من فم نبي ظاهر في اللباس العرضي الدنياوي و اما اذا لاحظت مقام النبي9 في كونه اول المخلوقات و رأيت ساير الخلق في درجات بعدهم لعرفت ان علياً7 هو المتأخر عن النبي9 و المتقدم علي ساير الرعية فهو الواسطة بين النبي9 و بين ساير الرعية و اللطائف الالهية التي تنزل من عند اللّه يحس بها النبي9 و اللطائف النازلة من النبي9 يحس بها الوصي دون غيره و لايتنبه بها سواه ابداً الا ما انصبغ بصبغه و اتضح بوضوحه و ايضاحه فعسي ان يدركه ساير الرعية كما مثلنا آنفاً بالشجرتين و لما نزلا في دار الاعراض في عرض ساير الرعية سمع النبي المنافق كما سمعه الموافق و كلاهما بالعرض و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۳ *»
لا عبرة به البتة و ليس منافقوا عصر النبي9 باقرب اليه من ساير الائمة: و لا اسبق استفاضة منهم و لا اولي به منهم و لا وسائط فيض بينه و بينهم و انك لو وضعت اصبعك من يدك اليمني علي ثديك اليسري لكان اصبعك بالعرض اقرب الي قلبك من زندك و ساعدك ولكن الحيوة تصل الي صدرك ثم الي كاهلك ثم الي كتفك ثم الي ساعدك ثم الي مرفقك ثم الي زندك ثم الي رسغك ثم الي كفك ثم الي اصبعك فافهم المثل.
فلا عبرة باستماع الناس من النبي و الامام و ممر الفيض علي الترتيب الكوني و الوضع الالهي فيصل من النبي الي الامام ثم الي اولي العزم ثم الي الرسل ثم الي الانبياء ثم الي الاوصياء ثم الي النقباء ثم الي النجباء ثم الي العلماء ثم الي الصلحاء ثم الي ساير الرعية البتة (و لكل درجات مما عملوا)(تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض)(هل يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون)(ام نجعل المتقين كالفجار)(افمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لايستوون) الي غير ذلك من الآيات و لا شك ان الصالحات توجب القرب من اللّه و لا شك انه ليس القرب بقرب مكاني لان اللّه سبحانه ليس في مكان فالمراد بالقرب تلطيف الطينة و تصفية السريرة فاذا لطفت الطينة و صفت السريرة تنبه بما لايتنبه به كثيف الطينة و كدر السريرة فينتفع بامداد لاينتفع بها من دونه و لايطلع عليها سواه و اما الذي دونه و ابعد فله القشور الغلاظ الكدرة التي يمكنه دركها و يحيط بها مشاعره و تلك الامداد انما تكثفت من مجاريها لا من مصدرها التي صدر منها لطيفها و مجاريها هي الخلق الذي جرت عليه و فيه فجميع ما فيها من الكدورة فانما هو من المجاري كما تكدر النار و تغلظ من الدهن و في الدهن حتي ظهرت للابصار و اما من حيث نفسها فلا كدورة لها و لاتدركها الابصار فكذلك الامداد النازلة من العالي لطيفة صدوراً فتنصبغ في الوسائط حتي تناسب الاداني فتصل الي الاداني منصبغة في الاوساط مشروحة كما اذا صنف عالم ماهر كتاباً غامضاً و شرحه من هو دونه حتي افهمه الادنين و تبين الحق لذي عينين و اللّه خليفتي عليك هـ.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۴ *»
فصل: ان الوسائط بين ضعفاء الشيعة المعروفين من جاهل و عالم و حكيم و بين آلمحمد: صنفان صنف منهم يسمون بالنجباء و صنف منهم يسمون بالنقباء علي اصطلاح آلمحمد: و ذلك ان ضعفاء الشيعة لهم مقامان فمنهم من هو واقف موقف الاجسام و هم كالعوام يعلمون ظاهراً من الحيوة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون و منهم واقف موقف الاظلة فهم اصحاب الفقه و العلوم و الحكم الظاهرة علي ما في ايدي الناس و اصحاب الشريعة و الطريقة و الحقيقة علي المعروف بين الناس فهؤلاء هم ضعفاء الشيعة لعدم فعلية مفادات علومهم فيهم فهم اصحاب علم بلا عمل و قول بلا فعل و ان بلغوا من العبادة اقصي الغاية و مع ذلك يخبطون في العلم من غير بصيرة خبط عشواء و يمشون فيه مشي العميان بعصا الاستدلال و سحب اهل السؤال و ما يخطـــݘـون اكثر مما يصيبون و لميصر شيء مما يقولون فيهم بالفعل و لميصر منشأ اثر فيهم فهم من الضعفاء المساكين الفقراء العميانين فالذين هم فوق هؤلاء بدرجة هم النجباء الذين قد صار فيهم النفس الناطقة بالفعل و صارت منشأ اثر و علامة و هي الذكر و الفكر و العلم و الحلم و النباهة و ظهر منه خاصيتاه و هما النزاهة و الحكمة فهؤلاء هم اصحاب العلم و العمل ليس علمهم علم استدلال و لا علم تعلم بل علم مشاهدة و عيان يرون جميع ما يتكلمون فيه و ينكشف لهم حقايق الاشياء و يطلعون علي نقطة العلم و يجرونها حيث يشاءون و علمهم هذا هو نور يقذفه اللّه في قلب من يحب فينشرح فيشاهد الغيب و ينفسح فيحتمل البلاء فبين علمهم و علم العلماء دونهم فرق ما بين البصير و الاعمي و مايستوي الاعمي و البصير و لا الظلمات و لا النور و لا الظل و لا الحرور و مايستوي الاحياء و لا الاموات ان اللّه يسمع من يشاء و ما انت بمسمع من في القبور ان انت الا نذير و ليس عملهم كعمل اصحاب الجهد و التكلف و الرياضة و انما عملهم من طباعهم يلتذون به كما يلتذ اهل الاجسام بطعامهم و شرابهم و نكاحهم و يلتذون بالتوجه الي اللّه سبحانه و يغتذون بالتسبيح و التهليل كالملئكة و ينمون بالعمل كما ينمو ساير الناس باكلهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۵ *»
و شربهم و يتكلفون التوجه الي الدنيا كما يتكلف اهل الدنيا التوجه الي الآخرة و يتأذون منها و من حطامها فاين هؤلاء من الصلحاء و الزهاد الذين يجاهدون انفسهم و يحملونها علي مشاقّ الاعمال و يتكلفون و ينحلون من تعبها و يضعفون من ثقلها و يتحملون اعباءها و لاتزعم كالجهال ان كل عمل كان عليك اصعب كان ثوابك عليه اعظم لانك تجاهد نفسك فتفعله فانه لميصعب عليك الا بمنافرة بين طبعك و بين ذلك العمل و بجماح لنفسك و شماس لمتتذلل للحق و بغلظة و كثافة فيها تمنعها عن المطاوعة و عمل كل ذي عمل اثره و علي طبق طباعه فكيف يكون هذا العمل اعظم اجراً و لو كان كذلك لكان يجب ان يكون اعمال النبي9 و الائمة: و الاولياء رضوان اللّه عليهم اقل ثواباً من اقل الجهال الجامحين او يكون نفوس اولئك اشد جماحاً عن الحق و الطاعة للّه لهم اشد و المعصية عندهم اسهل و اهنأ من الطاعة نعوذ باللّه فكلما يتقرب العبد الي اللّه جلوعز يصير انسب بطاعة اللّه و ارغب اليها و تكون عليه اسهل و اهنأ حتي يكون لذته في الذكر و استهتاره بالطاعة فلو غفل ساعة لتعذب و تألم و تضور من المها فمعني ما يقال ان افضل الاعمال احمزها اي امتنها و اقويها و علي فرض ان يكون المراد اشدها فالمعني ان العمل الذي هو علي البنية البشرية اصعب افضل من العمل الذي هو اسهل و لذا كانوا اذا ترددوا بين عملين كانوا يختارون اصعبهما ولكن يفعله الولي بسهولة و يتلذذ بفعله و غيره يصعب عليه عمله و مثل ذلك ان العاشق يقوم بحضرة المعشوق من اول الليل الي الفجر لاينام و لايأكل و لايزول و لايحس بتعب و لايصعب عليه ابداً و يلتذ منه كما يلتذ اهل الراحة من راحتهم فعمله هذا افضل من ذكره اسم المعشوق مثلاً لا ان افضل اعمال العاشق ما يكره فعله و يصعب عليه عمله و يتعب فيه نفسه فمن يكره عملاً للمعشوق فليس بعاشق و انما هو اجنبي يعمل عملاً للاجرة فمعني افضل الاعمال احمزها اشدها علي البنية البشرية لا النفس الناطقة القدسية المشتاقة الي الطاعة المستقلة كل ما تفعله قال النبي9 افضل الناس من عشق العبادة فعانقها و احبها بقلبه و باشرها بجسده و تفرغ لها فهو لايبالي علي ما اصبح من الدنيا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۶ *»
علي عسر ام علي يسر و عن ابيعبداللّه7 العبادة ثلثة قوم عبدوا اللّه عزوجل خوفاً منه فتلك عبادة العبيد و قوم عبدوا اللّه تبارك و تعالي طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء و قوم عبدوا اللّه عزوجل حباً له فتلك عبادة الاحرار و هي افضل العبادة و عنه7 قال اللّه تبارك و تعالي يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدنيا فانكم تتنعمون بها في الآخرة.
بالجملة ان النجباء هم اصحاب العلم و العمل لكن ليس علمهم كعلم ساير العلماء و لا عملهم كعمل ساير العاملين و هم علي ما سمعت من الوصف فهؤلاء هم ادني الوسائط و اعلي منهم النقباء و هم الذين قد تحقق فيهم العقل و صار فيهم بالفعل فصار منشأ آثار فافادهم مع العلم و العمل حكماً و استيلاء فان العقل علة الموجودات و سببها و مبدأها و منشأها المحيط بها من جميع جهاتها و هو وكر مشية اللّه و مهبط ارادة اللّه و مظهر امر اللّه قد تجلي اللّه له فاشرق و طالعه فتلألأ فالقي في هويته مثاله فاظهر عنه افعاله ففي حديث الاعرابي قال الاعرابي و ما العقل قال7 جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها عارف بالشيء قبل كونه فهو علة الموجودات و نهاية المطالب انتهي فمن صار العقل فيه بالفعل يحيط بالاشياء من جميع جهاتها و يكون عارفاً بالشيء قبل كونه و يكون علة الموجودات و نهاية المطالب و يكون وكر مشية اللّه و محل ارادة اللّه و بهذا المعني يكون الشخص اول ما خلق اللّه اذ هذه الاولية هي الاولية الدهرية لا الزمانية فاذا ظهر العقل في مخلوق شخصي في اي جزء من اجزاء الزمان كان يكون هو اول ما خلق اللّه اذ حقيقته فوق جميع ما خلق ثم هؤلاء يختلفون في مظهرية العقل فمنهم من يظهره بشأن من شؤنه و منهم بشأنين و منهم بشؤن و منهم من يظهره بكله فمن اظهره بكله فهو صاحب العقل الكلي و من اظهره ببعض شؤنه فهو صاحب العقـل الجزئي و كذلك يختلفون في خلوص الاظهار و عدم الخلوص فمنهم من لميتصفّ كل التصفّي فيظهره مشيباً ببعض الاصباغ و الهيئات فيصبغه قليلاً و يعوجه فلاجل ذلك يحتاج في ما يدركه الي ميزان و منهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۷ *»
من لايصبغه بوجه من الوجوه فهو المعصوم المطهر و يكون نظره حجة و احاطته تامة كاملة و معرفته بالاشياء صحيحة عامة شاملة و لما كان العقل هو احب خلق اللّه الي اللّه و اول خلق اللّه و كان محل اسماء اللّه و صفاته باجمعها فمن اظهره ببعض جهاته ظهر فيه بعض اسمائه سبحانه بالفعل فقدر علي التصرف به في متعلقه و من اظهره بجهات منه ظهر فيه اسماء عديدة من اسمائه سبحانه علي حسبه و تصرف بها و من ظهر فيه جميع جهاته بكله ظهر فيه جميع اسماء اللّه و صفاته و قدر علي التصرف بها في جميع جهات متعلقاتها فاذاً يكون عين اللّه الناظرة و اذنه السامعة و يده الباسطة و لسانه الناطق و وجهه الظاهر و ظاهره في خلقه و الوصلة و الوسيلة بين اللّه و بين خلقه قال اللّه عزوجل (فللّه الاسماء الحسني فادعوه بها و ذروا الذين يلحدون في اسمائه) و اذا غلب عليه الباطن و السر و محا موهومه و هتك ستره و جذب احديته صفة التوحيد سمي باسم ما غلب عليه كما سمي الجماد نباتاً و النبات حيواناً و الحيوان انساناً فافهم و احب ان اذكر هنا عبارة ذكرها السيد الاجل في شرح القصيدة في صفة الصنفين.
فصل: اعلم ان هذا العالم علي ما تري له مراتب: فمنها العرش فهو يدور في حيزه لايصعد عنه و لاينزل و منها الكرسي و هو ايضاً يدور في حيزه لايصعد عنه و لاينزل و لايصل الي العرش كلما دار في حيزه و منها الافلاك فكل فلك له حيز خاص به يدور ابداً في حيزه لايصعد بكثرة الدوران و لاينزل و منها العناصر و لكل منه حيز معلوم لايصعد عنه و لاينزل و المبدأ جلجلاله ليس من سنخ واحد من هذه الاجزاء و تنزه عن مجانسة مخلوقاته و مشاكلة مبروءاته فما صدر من مشيته يكون صفة مشيته منزهاً عن الكثرات و الكدورات فلايطلع عليه واحد من هذه الاجزاء مع تساوي نسبته الي الكل و تسوية قربه و بعده من العرش و الفرش فالذي يصدر منه لاينفعل له و لايحس به غير العرش فيظهر ذلك عليه دون ساير الاجزاء فينبأ عن المبدأ و ينبئ هو دون غيره من الاجزاء فاذا وقع النبأ في قلبه و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۸ *»
جري علي لسانه سمعه الكرسي لانه ناسب اذنه بعد جريه علي لسان العرش ولكن الصبغ العرشي لميصبغه باكثر مما يسمعه الكرسي فلايسمع الافلاك صوت العرش الا بعد جريه من حلقوم الكرسي و انصباغه فيه وهكذا علي هذا الترتيب الي التراب و كذلك حكم الاشخاص المخلوق منها فمن خلق مبدأه من التراب فلايصل اليه النبأ الا بواسطة من خلق من الماء و كذلك من خلق مبدأه من العناصر لايصل اليه النبأ الا بواسطة من خلق من الافلاك و كذلك من خلق من الكرسي الا بواسطة من خلق من العرش فان كل من خلق من رتبة هو بلطافة تلك الرتبة و تنبهه مثل تنبه تلك الرتبة فما يصدر من المبدأ جلشأنه المستوي نسبته الي البر و الفاجر و العالي و الداني لايفهمه و لاينفعل له و لايشتعل به و لايحس به الا الذي خلق من حصة عرشية و حيزه العرش و لطافته بلطافة العرش فينزل اليه ما ينزل الي العرش فيكون باب علم الغيب و علم الكيف و الكون و القدر و الحد و الاين و المشية و صفة الارادة و علم الالفاظ و الحركات و الترك و علم العود و البدأ كما يكون العرش كذلك فيطلع علي الغيب قبل ان يطلع عليه احد من الخلق و لو لميشرحه لبقي علم الغيب ابداً في حجاب الغيب و لميطلع عليه احد و لكنه اذا شرحه و ترجمه المخلوق من العرش سمعه المخلوق من الكرسي دون غيره و لميطلع عليه احد سواه فان المخلوق من العرش لايصبغه باكثر من صبغه ثم يسمع من المخلوق من الكرسي المخلوق من الافلاك وهكذا الي انيسمعه المخلوق من التراب كل علي حسب رتبته و كذا الامداد الوجودية فاذ لميحس الداني ما يصدر من الاعلي لاينفعل به الا ان يغلظه العالي و يجعله مناسباً للداني و كذلك الامر في المراتب الباطنية من الفؤاد الي الجسم فالذي فيه العقل بالفعل و هو مبدأه و غايته لايحس بما يصدر من المشية المنزهة الا بعد وصوله الي الذي فيه الفؤاد بالفعل و انصباغه فيه وهكذا الذي فيه النفس بالفعل و هي مبدأه و غايته لايحس به الا بعد وصوله الي العقل و انصباغه فيه و علي هذه فقس ما سواها و لكل منا مقام معلوم و انا لنحن الصافون.
و ان عرفت ذلك عرفت ان ما ينزل من مشية اللّه من الامداد الكونية او
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۳۹ *»
الشرعية لاينفعل بها و لايستمد منها الا الخلق الاول مع استواء نسبة المشية الي الكل ولكن لايحس بها الا الخلق الاول اي محمد و آلمحمد: فاذا وصلت اليهم انصبغت فيهم و غلظت ثم نزلت منهم فانفعل بها و استمد منها الانبياء: و بدون ذلك لايطلعون عليها و لايحسون بها البتة وهكذا اذا وصلت اليهم انصبغت فيهم و غلظت حتي امكن انيدركها و ينفعل بها و يستمد منها النقباء و اذا وصلت اليهم انصبغت فيهم و غلظت حتي امكن ان يدركها و ينفعل بها و يستمد منها النجباء و اذا وصلت اليهم انصبغت فيهم و غلظت حتي امكن ان يدركها و ينفعل بها و يستمد منها العلماء وهكذا الي آخر درجات الخلق و هذا هو حكم نوعي يعني نوع الانبياء مقدمون في الدرجة و يصل المدد اليهم نوعاً و ينصبغ في نوعهم ثم ينزل من نوعهم الي نوع النقباء ثم من نوعهم الي نوع النجباء ثم من نوعهم الي نوع العلماء ثم من نوعهم الي نوع الضعفاء و ليس ذلك حكم كل فرد فرد فيحوز جميع ما ينزل من الخلق الاول موسي مثلاً او عيسي او غيرهما بل ذلك حكم النوع و جميع ما ينزل من الخلق الاول ينتشر في الانبياء و ما ينزل من نوعهم ينتشر في النقباء فلايحوز الكل الا الواحد الاول فاذا حصل التكثر في رتبة يحكي جميع اولئك المتكثرين الواحد الاعلي فعند كل واحد منهم جزء منه فلاجل ذلك اختلف درجات الانبياء و الاولياء في العلم و العمل و الحكم علي حسب استعدادهم.
بقي شيء و هو ان اختلاف درجات النوع الاعلي يكون فيما بين افراده في رتبته و لاينافي شرفهم و فضلهم علي من دونهم فاذا كان جماعة مبدأهم من العقل و لهم حصص منه مختلفة فجميع تلك الحصص من عرصة الجبروت و حيزها عرصة الجبروت و هي اعلي من عرصة الملكوت برمتها و يطلع اهل عرصة الجبروت علي لطائف لايطلع عليها اهل عرصة الملكوت و يصل الامداد اليهم قبل انيصل الي هؤلاء و ان كانوا فيما بينهم مختلفين في درجاتهم و ذلك كاجزاء العرش مثلاً او اجزاء الكرسي و كواكبه فهي و ان كانت مختلفة فيما بينها الا ان كل كوكب منها حيزها محل الكرسي فلو خلي و طبعه صعد اليه و وقف موقفه و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۰ *»
هو بلطافة الكرسي و يدرك ما لايدركه ساير الافلاك البتة فتفاوت الكواكب فيما بينهم لا بالنسبة الي فلك ادني و اعلم ان الانسان بالنسبة كلمة تامة ليس علي حد ساير الموجودات فهو جامع لجميع ما في العالم كما ينسب الي علي7:
دواؤك فيك و ماتشعر |
و داؤك منك و ماتبصر |
|
و انت الكتاب المبين الذي |
باحرفه يظهر المضمر |
|
اتزعم انك جرم صغير |
و فيك انطوي العالم الاكبر |
و عنه7 ما معناه الصورة الانسانية هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هو انموذج صور العالمين و هي الجسر الممدود بين الجنة و النار انتهي فالانسان هو كلمة جامعة تحتوي علي انموذجات حروف جميع العالم فكل فرد منه كلمة جامعة عنده جميع ما عند الآخر و ان كان بينهما تفاوت كان في اللطافة و الكثافة و العلو و الدنو و الا فكل واحد من افراده عنده من نوع ما عند الآخر الاتري ان كل واحد منهم يجب عليه ان يوحد اللّه و يعرف صفاته و اسماءه و يعرف النبي9 و صفاته و يعرف الحجج و صفاتهم و يعرف شرايع دينه و احكامه و يعبد اللّه بها فلابد و ان يكون في كل واحد منهم مشعر لكل واحدة من هذه الفرايض يدركها بما يناسبها فكل واحد منهم يوحّد ربه بفؤاده و الفرق ان فؤاد واحد غليظ كثيف و فؤاد واحد آخر لطيف شريف وهكذا ففي كل واحد من الكاملين ما في كل واحد منهم و ان تفاوتوا ففي اللطافة و الكثافة و العلو و الدنو و الرقة و الغلظة ولكن ادناهم اعلي من الضعفاء و جميع ما عنده اشرف مما عندهم فلايضره بالنسبة الي الادني و التوسط كونه انقص من واحد آخر في عرضه فهما بمنزلة المصنع و البحر فكل واحد منهما يملأ الكاس و ان تفاوتا عندهما فان كان الرجل كاملاً قد صار فيه المراتب الوجودية و الشرعية بالفعل ففيه غنية عن البواقي و ان لميعرفهم الرجل ارأيت ان النبي المبعوث في عصر اليس كان يكفيهم و الميكن فيه غنية اذا كان في الانبياء احد اكمل منه بلي في كل نبي غنية عن غيره فانه يكفي من دونه و هو كلمة جامعة فيه جميع الحروف الكونية اوليس ان علياً7 ادني درجة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۱ *»
من النبي9 و الحسن7 ادني درجة من علي و الحسين ادني درجة من الحسن و علي بن الحسين8 ادني درجة من الحسين7 وهكذا و مع ذلك كل واحد منهم كان يكفي من يليه من عصره مع انه ماكان يدري ما يخص به الافضل و يفقد فضل الافضل الذي به كان افضل ولكن فقدان الناقص ليس بنقصان حرف من الكلمة و انما النقصان بغلظة الحروف و كثافتها كما اذا كتبت زيداً و قابلت به المرآة ففي الشاخص و الشبح كليهما زاء و ياء و دال الا ان ما في المرآة تابع لما في الخارج فمن هذا اعتبر امرك فاذا صار الرجل كاملاً و ظهر عليه فعلية الكمال و هو استجماع المراتب الثماني و العشرين الوجودية فيه غنية عن كامل آخر هذا و الكاملون من نور واحد و روح واحد و طينة واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض و الغالب عليهم جهة الوحدة و الرب و انت اذا توجهت الي واحد لمتتوجه الي خصوصية شخصيته و انما تكشف عنه سبحات الجلال فلايبقي فيه الا مقام الوحدة و ذلك جار في كل واحد و علي ذلك مدار العالم من المبدأ الي الخاتم. قال السيد السناد: «اعلم ان ابواب الباب و وجوه الجناب كلها واحدة اذا كان الالتفات و النظر الي ما في البيت و المدينة و ان كان النظر و الالتفات الي نفس الابواب فارتفع الباب و انقطع الجناب و كان الباب عين البيت و انقلب السافل عالياً و لميكن الباب باب حطة بل بيت ارتفع من غير ان يرفعه اللّه بل ارتفاعه ادعاء ماانزل اللّه بها من سلطان» انتهي كلامه.
و هنا شبهة تعترض بعض الخواطر و هي انه هل يطلع الجناب علي من وقف بفناء الباب اينما كان ام لا فان كان مطلعاً فهو و ان لميطلع فكيف يلتجي الي ما لايسمع و لايبصر و لايغني عنك شيئاً قلت ان الكامل هو الذي قد اشتعل بنور الايمان باللّه عزوجل و بنور معرفته و معرفة رسوله و حججه: و صار المعرفة و الايمان و ما يعتقد و يقول فيه بالفعل و ليس ايمانه و معرفته باللّه عزوجل محض خيال او الفاظ يقولها و صار فيه الاسماء الثمانية و العشرون فيه بالفعل و هي جميعها في غيره بالقوة فاذا كان علي ذلك الحد و جميع ما يقول و هو فوق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۲ *»
ما تقول فيه بالفعل فهو اعظم مما تقول الا ان له مقامين مقام حقيقته اللاهوتية التي هي مظهر اسماء اللّه و صفاته و مقام ظاهره الزماني فان لميستجمع الزماني جميع ما في الحقيقة و لها في كل آن فلا ضير فان الظاهر الزماني لايسع غير ذلك الاتري ان اللسان لايتكلم في آن بكلامين و اليد لاتتحرك في آن بحركتين كذلك الخيال لايتخيل في آن بخيالين و الفاكرة لاتتفكر في آن بفكرين و ذلك ان الجسد ظاهره و باطنه زماني لايسعه الاتصاف بصفتين في آن واحد نعم اذا كان كاملاً يمكن ان يجري عليه جميع ما في نفسه في آنات فينطق بكل علوم نفسه و يصنع جميع صنايع نفسه و الناقص ليس جميع ذلك في نفسه و لا في جسده و كذلك كان الانبياء و الحجج: فلميك بدنهم الشخصي يحتوي في كل آن بجميع ما في انفسهم البتة و كذلك الامر فيما نحن فيه فان المفروض انه كامل قد صار ما يقوله فيه بالفعل فاذا كان كذلك و بلغ هذا المبلغ كان عالماً بمن بفناء الباب في نفسه و ان لميكن عالماً في شخصية ظاهره و لذلك ان شاء ان يعلم علم قل اعملوا فسيري اللّه عملكم و رسوله و المؤمنون نحن خزان اللّه في الدنيا و الآخرة و شيعتنا خزاننا فهم في مقام نفسانيتهم وسائط و انما نزل الفيض اليهم و صدر منهم الي غيرهم فمن اعرض عنهم شرعاً حرم الفيض الشرعي و من اعرض عنهم كوناً حرم الفيض الكوني بالجملة جميع ما لك من مبدأك الي منتهاك منهم صدر و اليهم يعود فان استقبلتهم استمددت و ان اعرضت عنهم حرمت و هم في مقام دهريتهم و نفسانيتهم مطلعون و ان كانوا في شخصيتهم غافلين و لايشترط اطلاع الشخصية في الامداد و انما المعتبر اطلاع النفسانية.
فصل: قال السيد الاستاد في صفة الجناب و عبّر عنه بالرواق فقال: «هو الجناب و باب الباب و حجاب الحجاب الموصل الي الاحباب الدليل الي الدليل و السبيل الي السبيل و الحجة من الحجة و الداعي الي الخليفة و هو سُلّم الطريق و هو اول الرفيق و الركن الوثيق و الجار اللصيق و المرشد علي التحقيق و نور النور و حجاب الظهور السفينة في البحر القمقام و الساحل للتيار
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۳ *»
الطمطام و الركن الذي يلجأ اليه الانام و القطب الذي يدور عليه الايام بدر الظلام السبب العام و السلطان العام كهف الضعفاء و عون الفقراء منجي الهلكي منقذ الغرقي معز الاولياء مذل الاعداء جامع الكلم علي التقوي و العدل الذي ينفي عن الدين القويم تحريف الغالين و انتحال المبطلين و الحاكم علي الرعية و خليفة الامام الامين الواقف علي الثغر الذي يلي ابليس و جنوده من الشياطين المكمل للاسفار الاربعة الساير في العوالم الاربعة الشارب من حوض الولاية اوفي كأس الواقي لمن التجأ اليه من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس الكلمة العليا و شجرة التقوي من لولاه لانطمست آثار النبوة و لولاه لانهدمت اركان بنيان ظهور الولاية الناظر في الاشياء بنور التوسم العالم بغيرالتعلم العارف باسرار الوجود من الغيب و الشهود و المطلع علي نقطة العلم التي كثرها الجاهلون و انكرها الضالون المضلون و اقر بها المخلصون العالمون و العالم بسر المذهب و سر التوحيد و سر الولاية و سر القيمة و احكام يوم الطامة و سر الجنة و النار و سر الوحدة و الاختلاف و سر الكثرة و الايتلاف و سر الجمع و جمع الجمع و سر الثواب و العقاب و سر مبدأ المعاصي و السيئات و سر الاقبال و الادبار و سر الاكوار و الادوار و سر اليمين و اليسار و سر الصغار و الكبار و سر القلب و الاطوار و سر النفس التي من عرفها عرف اللّه و سر النفس الامارة و سر النفس الملهمة و سر النفس اللوامة و سر النفس المطمئنة و سر النفس الراضية و سر النفس المرضية و سر النفس الكاملة و سر النفس النامية النباتية و سر النفس الحيوانية الفلكية و سر النفس الناطقة القدسية بقواها و اطوارها و سر النفس الملكوتية الالهية التي هي شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لميشق ابداً و من جهلها ضل و غوي و سر الروح من امر اللّه و سر العقل المرتفع و سر العقل المستوي و سر العقل المنخفض و سر العقل بالملكة و سر العقل بالمستفاد و سر العقل بالفعل و سر الظهورات و الآيات و سر المقامات و العلامات و سر الآيات في قوله تعالي (سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق) فاذا عرف هذه الاسرار و جاس خلال تلك الديار فهو العروة الوثقي و النور الاعلي رواق
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۴ *»
مدينة العلم و القرية الظاهرة للسير الي القري المباركة و الحاكم الذي من انكر حكمه كفر و اشرك فالعناية من الغوث انما تتوجه اليه و به و له تصل الفيوضات الي غيره فان كان مع علمه بهذه الاسرار و غيرها من الاطوار خضعت له الاشياء و انقادت له الامور و يسرت له الاسباب و خشعت له الرقاب و ذلت له الملوك و نزلت عليه الملئكة و بشرته بالمساعدة و المعاونة كما في قوله تعالي (الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئكة ان لاتخافوا و لاتحزنوا و ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحيوة الدنيا و في الآخرة) و اعطي الاسم الاعظم بالمعاني كلها لاسيما الاسم اللفظي فاعطي به اجابة الدعاء متي ما اراد و كان هو المضطر الذي اذا دعي اجيب فتطوي له الارض و تحمله السحاب و الدنيا كلها له خطوة واحدة و يتصرف في الوجود كيفما شاء و اراد بما شاء و اراد فان ارادته لاتخالف ارادة اللّه كمشيته فيكون لهذا العالم نيابتان عن الولي المطلق احديهما نيابة في بذل العلوم و التصرف في الاسرار كيفما يريد الولي المختار و ثانيتهما نيابة في التصرف في الوجود من الغيب و الشهود و انفعال الاشياء و ذوات الموجودات و صفاتها و اعراضها و اطوارها له تمتثل امره و تنقاد بحكمه و تخبره بخبرها و تعلمه باثرها و يشاهد الشعور و الارادة فيها و يعرف اللغات لغات الجمادات و النباتات و الحيوانات فاذا اجتمعت فيه النيابتان و تمت فيه الخصلتان فذلك يسمي في عرف اهل الحقايق و الشهود نقيباً و هم ثلثون نفساً كما نص عليه اميرالمؤمنين7 و هؤلاء عددهم لاينقص ولكن اشخاصهم تتبدل و لذا سموا بالابدال اذ متي مات واحد منهم جاء بدله مثله من اهل الطبقة الثانية فلاينقص عددهم عن قوي لام التعريف لانهم مصلحوا القوابل و هي لاتصلح الا بعد ثلثين دورة كما اشرنا اليه سابقاً و ربما نصرح اليه لاحقاً في مقام يقتضي ذلك ان ساعد القدر و اللّه هو المساعد و المعين و هنا اشخاص موصوفون بهذه الصفات المذكورة و فوقها و لهم الهيمنة علي هؤلاء النقباء ايضاً يسمون بالاركان و هم اربعة لاتتبدل اشخاصهم و لا صفاتهم فهم باقون الي يوم الوقت المعلوم فان كان جامعاً للعلوم خاصة و له نيابة في العلوم و الاسرار يعطي من يشاء و يمنع عمن يشاء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۵ *»
فهو المسمي بالنجيب و الاشخاص الذين في مقامهم يسمون بالنجباء و هؤلاء يقال انهم اربعون و الدليل العقلي و الاعتبار الاستحساني و ان كان يساعد ما ذكروا و يقوي ما علموا الا انا ماوجدنا بذلك حديثاً عن النبي و اهل بيته و خلفائه صلي اللّه عليه و عليهم و لاوجدنا آية من الكتاب تدل علي هذا العدد و لذا توقفت عن العدد و اقتصرت بالصفة و بالجملة فالرواق في هذا المقام ينقسم الي ثلثة اقسام:
احدها الاركان و هم اربعة موجودون باشخاصهم و اعيانهم لايتغيرون و لايتبدلون و لايختلفون و لهم الهيمنة علي الاشياء كلها حتي علي النقباء و ذلك اعلي المقامات و اعلي الدرجات و اقرب الي البيت.
و ثانيها النقباء و هم ثلثون نفساً و لهم هيمنة علي الاشياء بطاعة اللّه سبحانه و ظهرت عليهم احكام الاسماء العظام الثمانية و العشرين و كل اسم له هيمنة علي عالم من العوالم و طور من الاطوار كالبديع المربي لعالم العقول و قد ظهر عليه سر هذا الاسم فيتصرف في العقول كيف شاء اللّه من الزيادة و النقصان و الصحة و الفساد و الخلل و الثبات و كالباعث المربي لعالم الارواح و النفوس باحوالها يتصرف في الارواح و النفوس كيفما يريد مما اراد اللّه وهكذا الي تمام الثمانية و العشرين من الاسماء المربية لقوسي النزول و الصعود و المراتب كلها مجتمعة في الانسان الصغير لكونه انموذجاً من العالم الانسان الكبير فاذا ظهرت عليه آثار تلك الاسماء تظهر تصرفاته لظهور تلك الاسماء فيدعو اللّه سبحانه بالاسم المربي لذلك العالم فيقع الامر كما يريد و بالجملة فالنقباء قد كملوا الاسفار الاربعة في مراتب التكوين و الذوات و كملوا الاسفار الاربعة في مقام الاسماء و الصفات و كملوا الاسفار الاربعة في مقام الحروف و القوي و الاعداد فصاروا مظاهر للحق سبحانه في كل المقامات فيكون لهم التصرف في كل الجهات و هؤلاء الثلثون لهم الاتصال بالغوث الاكبر و السر الاعظم بواسطة الاركان و يتصلون به ما ارادوا و شاءوا في كل الاحيان فكل منهم الانسان الكامل و البشر الواصل قد ظهرت فيه النفس الناطقة القدسية التي من عرفها فقد عرف اللّه و من جهلها فقد جهل اللّه و من تخلي منها فقد تخلي من اللّه قد ظهرت فيه القوي الخمس و الخاصيتان اما القوي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۶ *»
فهي علم و حلم و فكر و ذكر و نباهة و اما الخاصيتان فالنزاهة و الحكمة فنزهوا عن مقتضي الكثرات وامتلؤا حكمة من باري السموات و سامك المسموكات و هؤلاء هم الرواق الثاني بعد الرواق الاول.
و ثالثها النجباء و هم اربعون علي ما ذكروا و قالوا و هؤلاء هم الذين اكملوا الاسفار الاربعة في التكوين و لميصلوا الي مقام الاسماء و الصفات و مقام سلب القيود و الانيات مهما شاءوا و ارادوا و هم العلماء الاعلام و الامناء و القوام و الحفاظ و الحكام و هم الذين كلفوا بحفظ الدين و سد الثغور التي فيها طرق للشياطين و حفظ القلوب عن تطرق ابليس اللعين بجنوده من الجن و الانس اجمعين و علموا طريق التعليم بامارات الحق و اليقين و معاونة الضعفاء و المساكين في امر الدين من غير ان يتصرفوا في التكوين و لايلزم ان تنقاد الاشياء و تنفعل لهم و للنقباء هيمنة و استيلاء عليهم و نسبتهم الي النقباء نسبة النقباء الي الاركان و هم الذين ورد فيهم عن طرق اهل البيت: ان لنا في كل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و هم القري الظاهرة للسير الي القري المباركة في قوله تعالي (و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً آمنين) الليل عبارة عن الظن و التخمين و اليوم عن العلم و اليقين و الامان عن الغلط و الفساد و هم الذين في علومهم مستندون الي كتاب اللّه و سنة نبيه9 و الدليل العقلي الواضح و آية من العالم فانه الكتاب الاكبر من قوله تعالي (سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق) و هم اصحاب الشريعة و الطريقة و الحقيقة و هؤلاء آخر الرواق او الرواق الثالث و بعض المشايخ قال ان بعد النجباء قوم صالحون و هم ثلثمائة و ستون نفساً و هم العلماء الا ان مقامهم دون مقام النجباء و لميثبت لنا ذلك بواضح الدليل و الذي دل عليه الدليل من وسائط الخلفاء و رواق مدينة العلم هو الذي ذكرناه و نص عليه سيد الساجدين و زينالعابدين7 في كلام له يخاطب جابر بن عبداللّه الانصاري الي ان قال7 اتدري ما المعرفة المعرفة اثبات
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۷ *»
التوحيد اولاً و معرفة المعاني ثانياً و معرفة الابواب ثالثاً و معرفة الامام رابعاً و معرفة الاركان خامساً و معرفة النقباء سادساً و معرفة النجباء سابعاً و الحديث طويل». و ذكر كلاماً طويلاً ثم قال:
«اعلم ان الذي ذكرناه من بيان النقباء و النجباء محصله ان الفرق بينهم باعتبار صعودهم لاكمال الاسفار الاربعة فمن سافر متصاعداً الي ان بلغ مقام مبدأ تكوينه و قطع المنازل الثمانية و العشرين في التكوين و المنازل الثمانية و العشرين في التدوين و هو مراتب الحروف ثم صعد منها الي ان قطع المنازل الثمانية و العشرين من منازل الاسماء التي هي ارباب الانواع حافظة وجود كل مرتبة من مراتب التكوين و التدوين و مفيضة عليهما بالفيض المقدس من خزانة الفيض الاقدس فاذا قطع تلك المنازل و سري تلك المراحل فقد حصل الاسم الاعظم الجامع الكلي بالنسبة الي جميع مراتب العوالم و الاسماء العظام المختصة كل اسم منها بمرتبة من المراتب فعال مؤثر في جميع شؤن تلك المرتبة و اطوارها و احوالها و كل ما لها بها منها اليها عندها فهو الواقف علي فوارة القدر الجاري بامر مستقر و يفيض علي كل مرتبة بحسب اطوارها و شؤنها ما يناسب مقامها و مرتبتها فقد بلغ من المقام الي ان حصل الاسماء العظام و الاسم الجامع الكلي التام منفعل له الاشياء لما عنده من تلك الاسماء و تخضع لديه و تخشع عنده فهو الفعال في مراتب الوجود مما يختص بمرتبة في السلسلة العرضية و هذا الواصل الكامل هو النقيب و النجيب هو الذي اكمل الاسفار الاربعة في مراتب التكوين و التدوين و لميقطع منازل الاسماء و لميرحل اليها فمادام هو في هذا المقام نجيب و اذا رحل عنه الي مراحل الاسماء و منازلها و قطع تلك المراحل الي ان وصل الي مقام الاسم الجامع يكون نقيباً فالنجيب قبل النضج التام و الاعتدال العام و النقيب هو المعتدل الفعال فالنجباء يصلون الي مقام النقباء و النقباء هم في كمال المرتبة و لايصلون الي رتبة الاركان لان سلسلة النقباء مع الاركان طولية و مع النجباء عرضية هذا ملخص ما ذكرناه و محصل ما بيناه و لكنه في هذه الايام قد ورد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۸ *»
وارد غيبي من عالم اللاهوت علي القلب و عرفت ان النقباء و النجباء هم قسمان لايصل كل منهما الي ما يصل اليه الآخر».
ثم قال بعد كلام طويل في التمثيل بسبق بعض كرات هذا العالم علي بعض سبق وجودي لا زماني و سبق بعض المراتب الثمانية علي بعض سبق وجودي:
«فان تحقق لك هذا المثال و عرفت حقيقة الحال فاعلم ان العالم ينحل الي شيئين احدهما الاجزاء و الثاني الكل فالموجودات لها مقام في الجزئية و لها مقام في التمامية و الجامعية فكما ان الاجزاء تحتاج في تحققها الي وجود ما هو اقرب منها كذلك الكليات و مرادي بها الحقايق الجامعة كافراد الانسان مثلاً فان كل واحد تام في الجامعية و جامع للاجزاء الحقيقية و تمام هذا النوع لايتحقق الا بالوسايط كالاجزاء ففي الانسان من هو بمنزلة القطب الذي يدور عليه الكون بتمامه و هو الحقيقة المحمدية صلي اللّه عليها مع ما تشتمل عليه من المراتب و المقامات التي ذكرها سيد الساجدين و سند العابدين علي جده و عليه آلاف التحية و الثناء من مقام التوحيد الذي هو مقام البيان و مقام المعاني اركان التوحيد و مقام الابواب مقام الانبياء الذين هو سرهم و مبدأ تحققهم و كلهم قطرات من فاضل سباحته في ابحر التفريد و التجريد و لجة بحر الاحدية و طمطام يم الوحدانية كما ذكره الشيخ الاكبر، في الدعاء رب ادخلني في لجة بحر احديتك و طمطام يم وحدانيتك و لذا روي انس بن مالك عن النبي9 انه سئل عن تفسير قوله تعالي (اولئك الذين انعم اللّه عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك رفيقاً) قال9 اما النبيون فانا الخ، فهو9 جامع لمقام الابواب بعد مقام التوحيد و المعاني و من مقام الامام الذي هو مقام خلفائه و اولاده الحقيقيين الذين من سنخ ذاته و نفسه فهو9 و خلفاؤه و اولاده هو القطب الذي يدور عليهم الوجود من الغيب و الشهود و الموجود و المفقود و لولا احد من خلفائه الحامل لولايته لساخت الارض باهلها و لذا اشتهر عند الناس كلمة صحيحة و هي قولهم لو خليت لقلبت و من هو بمنزلة العرش الاركان الاربعة المذكورين و من هو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۴۹ *»
بمنزلة الكرسي الحامل للمنازل التي بالسير فيها يكمل القمر شهراً تاماً ثلثين يوماً هم النقباء ثلثين نفساً علي ما قاله اميرالمؤمنين7 و من هو بمنزلة الافلاك السبعة هم النجباء فعلي هذا البيان التام تبين لك ان النجباء لهم مركز يدورون حوله و مقام يقفون عنده لايصلون الي مقام النقباء في حال من الاحوال و وقت من الاوقات كما ان الافلاك السبعة لاتصل الي العرش و الكرسي في حال من الاحوال و وقت من الاوقات فالسبعة في مقامها تدور و تستمد بلا انقطاع و الكرسي في محله و مركزه يدور بلا انقطاع و العرش في محله و مركزه يدور بلا انقطاع و كل عال منها محل فيض للسافل و كذلك النجباء لهم مقام و مرتبة لايصل اليها احد مما تحتهم من المؤمنين و غيرهم و ان ترقوا ما ترقوا و بلغوا ما بلغوا و وصلوا الي ما وصلوا و هم قدامهم اينما ترقوا يدلجون بين يدي المدلج من عباد اللّه و خلقه من الذين تحت مرتبتهم و المستقهرين لسلطانهم و المحاطين تحت احاطتهم فهم اكملوا الاسفار و جاسوا خلال تلك الديار و بلغوا اعلي مراتب الانوار و وصلوا الي سر الاسرار و ساروا و قطعوا مراحل الثمانية و العشرين من منازل الاسماء و بلغوا الي الاسم الاعظم و عرفوه بسرهم المقدم الاقدم و استداروا علي نقطة وجودهم و فنوا عن غيبهم و شهودهم فاشرق عليهم الجبار مقدار سم الابرة من نور عظمته فامدوا و استمدوا و لميزل هذا شأنهم و دأبهم الي ما لا نهاية له و اليهم اشرت فيما قلت سابقاً
فيا لهم بشراً عزت مدارجهم | حتي علوا رتبة الاوهام و الفكر | |
ساروا فطاروا فداروا اذ احاط بهم | لطف الحبيب بلا عين و لا اثر |
فهؤلاء هم النجباء تنفعل لهم الاشياء و تنقاد لهم الامور و تخضع لهم الرقاب الصعاب و هم من حيث لايشعرون و اما النقباء فهم علي وصفهم المتقدم و لهم رياسة عامة و سلطنة تامة تصدر النجباء و ترد عن امرهم و ينفذ عليهم حكمهم و لذا سموا بالنقباء و النقيب انما سمي نقيباً لعلو شأنه و نفوذ امره و حكمه و هم نافذوا الحكم في الاشياء مما هي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۵۰ *»
تحت رتبتهم علي جهة العموم و اللّه سبحانه يريد لارادتهم و يشاء لمشيتهم علي حد ما قال ذلك العارف الكامل الذي لعله منهم انا نترك ما نريد لما يريد اللّه فهو سبحانه يترك ما يريد لما نريد و لايريدون الا ما يريد اللّه و لايشاءون الا ما يشاء اللّه و هو قوله تعالي (و ماتشاءون الا ان يشاء اللّه) و هؤلاء و ان ظهروا بالثلثين عدد قوي لام التعريف و عدد اول ميقات موسي و لكنهم اذا مات منهم واحد يقوم بدله ما هو من سنخه و رتبته لا انه يترقي احد من النجباء بل الذي يقوم بدله شخص من رتبته و مقامه و مرتبته و كذلك اذا مات رجل من النجباء يقوم شخص من سنخه و مرتبته و مقامه لا ان رجلاً من المؤمنين الاتقياء يترقي و يكون بدله حاشا و كلا لايكون ذلك ابداً».
الي ان قال: «هذا مجمل احوال الرواق علي ما عند اهل الاشراق من اهل الوفاق و الاتفاق و هو ثلثة في عين كونها واحدة الرواق الاول الاركان و الرواق الثاني النقباء و الرواق الثالث النجباء فالاول مظهر التوحيد في مقام التابعية و الثاني مظهر النبوة في ذلك المقام و الثالث مظهر الولاية في ذلك المقام و ان كان الكل مظهر التوحيد و الكل مظهر النبوة و الكل مظهر الولاية و الكل مظهر البعض و الكل مظهر الكل قال تعالي (و ما امرنا الا واحدة) (ماتري في خلق الرحمن من تفاوت)( فلو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) فالناظر الي الوجه الواحد اعور و الناظر الي الوجهين في الوجه الواحد من حيث هو واحد احول و الناظر الي الجميع بالوجه الواحد لا من حيث هو كذلك بصير كامل فافهم و ابن عليه امرك و اعلم ان ابواب الباب و وجوه الجناب كلها واحدة اذا كان الالتفات و النظر الي ما في البيت و المدينة و ان كان النظر و الالتفات الي نفس الابواب فارتفع الباب و انقطع الجناب و كان الباب عين البيت و انقلب السافل عالياً و لميكن الباب باب حطة بل بيت ارتفع من غير ان يرفعه اللّه بل ارتفاعه ادعاء ماانزل اللّه بها من سلطان لقد قال مولانا و سيدنا علي بن محمد الهادي عليهما آلاف التحية و الثناء في بعض احاديثه و كلماته اذا صرت بالباب فاشهد الشهادتين و انت علي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۵۱ *»
غسل» الي آخر كلامه اعلي اللّه مقامه و رفع في الخلد اعلامه و كان غرضي من ذكر كلامه امور: منها ان يسلم له المسلمون منه المنكرون لي ما اقوله زعماً منهم اني مخالف له في ما اقول و منها ان عبارته اكمل العبارات و كانت وافية مفصلة فذكرتها بطولها و منها ان يكون ختم هذا المجلد ببيانه انار اللّه برهانه و ظهر مما بينا في هذا الباب نباهة الانسان و شرفه علي ساير المخلوقات بقدر استطاعة الزمان و نكتم الآن منه ما لايستطيعه اهل الطغيان الي ان يشاء اللّه صلاح الاَوان و لاحول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم فلنختم الباب و نختم بختمه هذا المجلد و ارجو اللّه جلوعز ان يوفقني لاتمام المجلد الرابع فانه الموفق المسدد فختم هذا المجلد علي يد مؤلفــه و مصنفــه
كريم بن ابرهيم في قرية لنجر في الثامن و العشرين من شهر صفر
من شهور السنة التاسعة و السبعين من المائة الثالثةعشرة الهجرية
حامداً مصلياً مستغفراً سائلاً انيوفقني اللّه للعمل به
و يوفق اصحابي له
تمـــت
([1]) الصفات المذكورة في الخبر تسععشرة و ان لميكن في الخبر سقط فلعل العشرون التقوي و اشار اليها علي نحو الدعاء. منه
([2]) السفتجة: ان تعطي مالاً في بلد لاحد و تأخذ في بلد آخر لتأمن خوف الطريق.
([3]) فی التفسير: فاته ثواب حقوقهم. و فی البحار: فانه فوّات حقوقهم.