رسالة في جواب الشاهزادة طهماسب ميرزا
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 251 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمد معترف بربوبيته مغترف من بحار رحمته مقر بوحدانيته شاهد بفردانيته الذي اخترع الخلايق علي طبق مشيته و ابتدعها علي وفق ارادته و حددها علي حذو قدره و ركبها علي نحو قضائه و اظهرها علي حسب امضائه و انزلها الي منزل الاستقرار بعزته و كلفهم بما به قوامهم برأفته و وعدهم و اوعدهم برحمته و يعيدهم الي ما بداهم منه بقدرته و يوصلهم الي ما قدم اليهم انجازاً لعدته و الصلوة علي آيته و وجهته و دليله و كلمته الشاهد علي وحدانيته الدال علي فردانيته و عيبة علمه و حكمته و بعيثه من بريته و صفيه من خليقته محمد حامل لواء مشيته و ناشر اعلام ارادته مجلي قدرته و مظهر انوار كينونته و علي الاطائب من ذريته المخلوقين من طينته الناشئين من ارومته القائمين بولايته مواضع رسالته و خزائن حكمته و السنته و تراجمته مجالي عظمته و مظاهر جلالته الناهضين بحجته الخاصين بخلافته و علي الخصيصين من شيعته المستحفظين لشريعته المعلنين لكلمته القائمين بسنته خلفائه في امته بعد الاطائب من عترته و لعنة الله علي الساعين في تعويج سنته و تخريب بنيان شريعته التاركين لواضح طريقته المتخلفين عما ابدي من حقيقته المنحرفين عن قويم محجته المغيرين لدينه و ملته.
و بعد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدارسل الي صاحب المفاخر الجليلة و مالك المآثر النبيلة نقطة دائرة الجلالة و مركز كرة النبالة صاحب حقيقة الرياسة و مالك زمام السياسة تاج العز و الفخار و اكليل المكرمة و النجار راقي ذروة السلطنة و عارج اوج المقدرة الذي حاز من العزة اقدمها و من الجلالة اكرمها حائز الرياستين السيف و القلم و جامع السياستين الحكم و الحكم ذروة اوج الولاية و درة تاج الامارة ناشر اعلام الشريعة و رافع رايات الملة مؤيد الدولة البهية و مقوم السلطنة العلية الشاهزادة طهماسب ميرزا لازال مؤيداً بتأييدات الله
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 252 *»
مسدداً بتسديداته انار الله بدوام دولته البلاد و امد ظله علي رؤس العباد رسالة قدوصلت اليه من بعض بلاد آذربايجان من بعض فضلاء مراغة قدكتبها في جواب من سأله عن حقيقة الاجسام و الاجساد و ايضاح كيفية المعاد قدتعرض فيه لرد العالم الكامل و العامل الباذل حجة الله في الكونين و آيته في النشأتين الذي قدقصر عن درك ادني درجات علاه الاوهام و كلّ عن فهم اظهر مقاماته بصاير الاحلام صفوة العلماء الراسخين و زبدة الحكماء المنتجبين و خلاصة الافاضل الربانيين و سلالة الكوامل المتألهين فخر الاوائل و الاواخر و ملاذ الاصاغر و الاكابر عيبة علم الله و خزانة حكمة الله قطب دائرة الحكوم و مركز كرة الرسوم و العلوم حافظ الشريعة و كافل الطريقة و صاحب الحقيقة قوام الدين و نظام الشرع المبين. المبين للمشكلات الموضح للمعضلات حامل انوار الكتاب الداخل في حرم السنة من كل باب الشاهد لآيات الله المطلع علي حجج الله الذي لايسع لرشح ما طفح منه من علومه حوصلة العلماء و يقصر عن بلوغ ما اراد في حرف من حروف كلماته افهام الحكماء اعني السيد الاوحد و المولي الامجد و الاولي المؤيد و الشيخ الممجد و الحبر المسدد المحمود الاحمد الشيخ احمد اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه و عمر بفواضل رواشح علومه البلاد و اشرق باشراق انوار حكومه قلوب البلاد و ذكر في تلك الرسالة ما لايليق مع انه لميفهم ما قاله الشيخ اعلي الله مقامه و لميظهر له دليله نعم بل كذبوا بما لميحيطوا بعلمه و لما يأتهم تأويله و اشار الي ادام الله دولته اناكتب عليها تعليقات و قدسأله ذلك العالم انيدفعها الي و يأمرني بتصنيف رسالة في ردها ان لماقبلها منه و قددفعها الي و امرني بتصنيف رسالة في رده فبادرت الي امتثال امره تقرباً الي الله و دفعاً عن حوزة الاسلام و المسلمين و حمايةً عن حمي الايمان و المؤمنين كما قدروي ان لنا في كل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و اعرضت عما ذكر في كتابه مما لايليق فان له اعلي الله مقامه مع منكريه الغير المطلعين علي مراده مقاماً عند الله سبحانه و هو الحكم العدل
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 253 *»
القاضي الفصل و لايحتاج امثال تلك الكلمات الي جواب هذا و اني اقول:
و لولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم اشعر من لبيد
فآكله الي من لايخفي عليه خافية في السموات و الارض و كفي بالله شهيداً بينه و بينهم و من عنده علم الكتاب و قد جاؤا شيئاً اداً تكاد السموات يتفطرن منه و تنشق الارض و تخر الجبال هداً انتعرضوا لاولياء الله و اودائه و ادلاء الله و احبائه من قبل انيحيطوا بعلم ما قالوا او يفهموا ما ارادوا او يسمعوا من فيهم او يتلقوا من حامل علومهم و اعجب من ذلك ما كتب في كتابه ما ترجمة الفاظه اني درست شرح الحكمة العرشية للشيخ المرحوم و اهتديت الي اصول مذاهبه و توغلت في اساس حكمته و تعمقت في سر تغييره اوضاع اهل المعرفة و في حقيقة نيته و اتضح لي سريرة نيته الي ان قال اراد تخريب اساس ما سبق و لما كان اكثر مطالب اهل المعرفة مبتنياً علي الوجودات العلمية للاشياء الازلية قطع طريقهم و انكر العلم الازلي و اراد نفي الكثرة عن الازل فانكر معلومية الاشياء في الازل و وقع في خلاف الضرورة الي آخر كلامه فانظر الي اختلال نظامه و انحلال زمامه و هل كان نية الشيخ تخريب الدين و قطع طريق السالكين حتي اطلع هو علي نيته و فساد سريرته نعوذبالله من زلة الاقدام و ضلة الاحلام و سنشرح هذه المسئلة ايضاً في آخر الكلام علي حقيقة امر الاجساد و الاجسام حتييتضح الامر للاعلام و يظهر للمحق من المبطل في المقام و من الله المستعان في البدء و الختام.
و لما كانت رسالته طويلة و لايسعني ايراد كلها نذكر منها مواضع الحاجة مصدراً «بقال» و ابين الحال بعده مصدراً «باقول» و لا قوة الا بالله ولكني احب اناذكر هنا مقدمة لتعرف قدر كل عالم و ما يحتاج في كل مسئلة من العلوم و ان من فقدها لاينبغي انيتكلم في المسئلة.
اعلم ايدك الله تعالي ان ميادين العلماء في فهم المسائل ثلثة ميدان الظاهر و ميدان الباطن و ميدان الحقيقة التي هي باطن الباطن.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 254 *»
اما فرسان الميدان الاول فهم ارباب النفوس اهل للمجادلة و غايتهم مفاهيم الالفاظ و سبقتهم الغلبة علي الخصم بالادلة اللفظية و مطيتهم المشاعر النفسانية سواء عرفوا كنه حقيقة الامر ام لميعرفوا و اذا دخلوا هذا البيت من بابه و وصلوا الي ما به يسلم لهم الخصم ايضاً و لايسألون عما وراء ذلك مثلاً اذا ادعي مدعيهم ان الفاعل مرفوع و استدل عليه باستقراء كلام العرب و استشهد بنص ائمة النحو علي المسئلة يسلم له ثم لايسئل عن معني الفاعل و حقيقته و سر الرفع و علته ابداً و كذلك ساير العلوم اللفظية فهؤلاء هم ادني العلماء و اخسهم و انزلهم مرتبة لانهم في الحقيقة مقلدون وهمهم في الحقيقة فهم مفاهيم الفاظ الغير لا غير و جهات التقليد مختلفة فتسمية هؤلاء بالمقلد اولي من تسميتهم بالعالم الا ان الاصطلاح جري علي ذلك و يجري مجريهم
و اما فرسان الميدان الثاني فهم ارباب العقول و اهل الموعظة وغاية هؤلاء معاني الاشياء الجبروتية و بواطنها و سبقتهم الفوز بالاسباب و العلل و مطيتهم العقل الجبروتي و الروح البرزخي و مرادهم معرفة اسباب الشيء و علله المشهودة القريبة و ما لميعرفوا شيئاً باسبابه و علله لايسكنون و هؤلاء لميصلوا الي هذا الميدان الا بعد قطع الميدان الاول و الفوز بسبقته الا ان اهل الميدان الاول قاصرون عن درك ما وصلوا اليه و لايعرفون لحنه و مقاله و لايجوز لهم الرد علي هؤلاء و انكار اقوالهم و ادلتهم فانهم من صقع قدكل عن دركه ابصارهم و مثل مقام هؤلاء في المثل السابق انيعرف ان الفاعل ان كان عين الذات من كل جهة لزم ان لاتوجد الا فاعلاً و هو خلاف البداهة فالفاعل غيرها و من البين ان الذات ما لمتظهر بصفة لمتوصف بتلك الصفة و ظهورها بصفة هو فعلها فما لمتفعل فعلاً لمتوصف بالفاعلية بذلك الفعل ففاعليتها فرع فعلها و فعلها مقدم عليها فالفاعل اي صفة الفاعل متأخر عن الفعل نازل عنه بدرجة و الفعل اقوي منه و اقرب الي الذات فالفعل يجب انيكون عاملاً و الفاعل يجب انيكون معمولاً و يجب انيكون عمله فيه رفعاً ليدل علي ارتفاع مدلوله الذي هو الذات فلاجل ذلك رفعه الفعل الي نفسه و ضمه اليها فالذي سنده في رفع الفاعل استقراء كلام العرب و قول
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 255 *»
سيبويه و اخفش لاينبغي له انيتكلم في هذا المقام و ليس له انيفهم قول هؤلاء و ليس من الانصاف و التدين الاعتراض علي هؤلاء بشيء نعم لما كان الباطن علي طبق الظاهر و لا باطن حق الا اذا نزل في عالم الظاهر انطبق علي الظاهر وجب انيكون مؤدي دليل اهل الباطن مطابقاً لما يعرف اهل الظاهر في الظاهر فان وجد اهل الظاهر مخالفة تنزل الباطن للظاهر لهم انينكروا الباطن اجمالاً كأن يؤدي دليل اهل الباطن الي ان الفاعل منصوب فمتي ما سمع اهل الظاهر ان الفاعل يجب انيكون منصوباً لهم انينكروا عليه لانه خلاف الظاهر و ان لميقدروا علي رد دليلهم و اما اذا نادي اهل الباطن علي انفسهم ان الفاعل مرفوع و اقاموا براهينهم عليه ليس لاهل الظاهر انيناقشوا في دليلهم. و اما فرسان الميدان الثالث فهم ارباب الافئدة المشاهدون للكيف و اللم المطلعون علي الامثلة الملقاة في هويات الاشياء فهؤلاء غايتهم المبادي و الحقايق التي اشار اليها اميرالمؤمنين عليه السلام لكميل فقال كشف سبحات الجلال من غير اشارة و محو الموهوم و صحو المعلوم و هتك الستر لغلبة السر و جذب الاحدية لصفة التوحيد و نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره و اطفئ السراج فقدطلع الصبح. و قوله عليه السلام تجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله و سبقة هؤلاء مشاهدة انوار الله و الفناء لدي تجلي اسماء الله و صفاته و مطيتهم الفؤاد و نور الله الذي اشار اليه رسول الله صلي الله عليه و آله اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و قال الصادق عليه السلام في تفسيره اي النور الذي خلق منه و مثل بيان هؤلاء في المثال السابق ان يقولوا ان الذات البحت البات تجل عن الصفات لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادتهما بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع عن الازل كما قال سبحانه سبحان ربك رب العزة عما يصفون و لفظة ما من ادوات العموم و تفيد عموم كل صفة و قد قال اميرالمؤمنين عليه السلام كمال التوحيد نفي الصفات عنه و لفظة «الصفات» جمع
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 256 *»
محلي بالالف و اللام و يفيد العموم فالذات البحت البات تجل عن جميع الصفات و جميع ما سوي القديم سبحانه حادث قدحدث بصنعه تعالي شأنه فمبدؤ جميع ما سويه صنعه و هو قول الصادق عليهالسلام خلقت المشية بنفسها ثم خلقت الاشياء بالمشية و الفاعل احد الصفات و هو الذات الظاهرة بالفعل اي الحدث الخاص و لا فعل الا بصنعه تعالي قدره فالمشية مقدمة علي الحدث المصنوع الظاهر فيه مثال الله الظاهر به فيه و هو بدلالته علي اضمحلال الفعل في جنب الذات متلاش في جنبه منزعج عن نفسه و هو الكلم الطيب المشاره اليه في قوله تعالي اليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح اي المشية يرفعه و هو قوله في ضده و لو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الي الارض واتبع هواه الاية. فوجب انيكون الفاعل مرفوعاً فهذا و امثاله نحو استدلال هؤلاء الجماعة و ارباب العقول معزولون عن هذا النحو من الاستدلال و المعرفة فضلاً عن ارباب النفوس و هيهات هيهات اني يسوغ لارباب العقول رد هؤلاء و الانكار عليهم فضلا عن ارباب النفوس بل يكون فخرهم و عزهم انيفهموا ما يقول هؤلاء نعم اذا نزل اهل الافئدة مطلبهم و لميطابق بعد التنزل ما عرفه ارباب العقول بعقولهم و اتفقوا علي صحته لهم انكاره و ذلك ليس الا انكار صرف النتيجة المتنزلة و مع ذلك ليس لهم الخدش في ادلة اولئك الاعلام فانهم لايفهمون قولهم و لنعم ما قال الشاعر:
قد يطرب القمري اسماعنا و نحن لانعرف الحانه
و كذلك اذا نزلوا حاصل مشاهدتهم الي عالم النفوس و خالف اجماعهم لهم انكار صرف النتيجة لا غير فتدبر ادام الله عزك و علاك في مراتب العلماء و مقاديرهم و درجاتهم فاعرف حال من يتعرض في كلام الشيخ اعليالله مقامه و هو اسبق السابقين في الميدان السابق بحيث لايسبقه سابق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراكه طامع و هو المؤمن الذي وصفه ابوجعفر عليه السلام في حديث انه لايقدر علي صفة الله فكما لايقدر علي صفة الله كذلك لايقدر علي صفتنا و كما لايقدر علي
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 257 *»
صفتنا كذلك لايقدر علي صفة المؤمن الخبر.
و من انكر علي ذلك فها اخلاقه معروفة و صفاته مشهورة و عبادته مشهودة و كتبه في البلاد منتشرة و علومه شاهدة و المسائل التي عجز عنها العلماء في العلوم التي لميسمعو اسمائها فضلاً عن مسائلها و حلها و عرضت عليه و حلها ناطقة و هل من الانصاف انيتعرض في قول هذا النحرير الاعظم كل من علم كليمات و قرأ كتباً عديدة وعلم مسائل زهيدة بالجملة كفي بالله شاهداً بينه و بينهم و اردت في مقدمة كتابي هذا انابين لك مراتب العلماء و مقاماتهم و بقي علي شيء و هو ايضاً من المهمات يجب اناقدمها في مقدمة الكتاب و هو ان الله سبحانه خلق هذا العالم و هو تنزل علمه سبحانه و تجسمه و لمينزل الي هنا الا بعد مروره في الخزائن الغيبية التي اشار الله سبحانه اليها و قال و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم و جميع هذه المراتب هي مراتب تنزل علمه سبحانه و قدخلق الله سبحانه الانسان انموذجاً لهذا العالم و خلق فيه من جنس جميع العالم حتييقدر علي استعلام احوال الايات و استفهام المقامات و الاستدلال علي خالق البريات فاعطاه سمعاً من جنس الاصوات يدركها به و بصراً من جنس الالوان و الاشكال يدركها به و شماً من جنس الروايح و ذوقاً من جنس الطعوم و لمساً من جنس الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة يدركها بها و كذلك اعطاه حواس باطنة من جنس المدركات الباطنة و الصور النفسية يدركها بها و اعطاه عقلاً من جنس المعاني الكلية المجردة يدركها به و فؤاداً من جنس الحقايق يدركها به فالواجب لطالب العلم اولاً انيعرف ان المسئلة المطلوبة من اي عالم و مدركه اي مدرك فيستعمل ذلك المدرك حتييعرف حقيقة المطلب و لايكون فيه كالعميان فان كان المطلوب مسئلة من الاصوات و مقاديرها فالواجب انيفتح مسامعه و يستعملها فيها و لو سد مسامعه و فتح بصره لايكاد يعرف شيئاً و لايراه ابداً و لايجوز له التعرض علي من فتح سمعه و ادركها و تصرف فيها و كذلك اذا كان المسئلة من علم الهيئية يجب انيفتح بصره و ينظر فلو اغمض و فتح مسامعه لايدرك شيئاً و ان القوم المتصرفين في العلوم قبل
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 258 *»
انيعرفوا مداركها يكونون كالعميان و الفيل لايدرون من اي الي اي و يتعرضون لحل المسائل و الابرام و النقض و الاعتراض فمن هيهنا يأتي الاختلافات في المسائل و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و انيقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم و كل صيحة تخص قوماً خاصاً و لكل كلمة مع صاحبها مقام و هذه المسئلة اي مسئلة المعاد من المسائل التي لاتدرك حقيقتها الا بنور الله اي الفؤاد لان معرفة العود علي طبق معرفة البدء كما قال الله سبحانه كما بدأكم تعودون و هو معرفة الصعود علي جميع المقامات النازل منها الشيء فما لميعرف الانسان حقيقة البدء لميعرف حقيقة العود و لايعرف حقيقة جميع مراتب النزول و الصعود و البداء الا الفؤاد المهيمن عليها جميعاً و ليس درك حقيقتها من حظ الحواس الظاهرة و لا الحواس الباطنة و لا العقول فان نصيب الحواس الظاهرة منها تلقي الايات و الاخبار علي مصادرها السلام و حظ الحواس الباطنة تصور مفاهيمها و مدلولاتها و حظ العقول تفهم معانيها و نسبها الحكمية و معرفة الاسباب و العلل المقترنة بها و اما حقيقتها فلاتكاد تدرك بغير الافئدة فالواجب اولا استعمال الفؤاد ان كان حاصلا و الا تحصيله اولاً ثم استعماله و ليس كل من طلب شيئا وجده و لاهل الافئدة علامات و هي بقاء في فناء و نعيم في شقاء و صبر في بلاء و فقر في غناء و عز في ذل و لهم خاصيتان الرضا و التسليم فان كان الرجل ممن يجد في نفسه هذه العلامات فليتكلم و الا فاقول له:
يا باري السهم برياً لست تحسنه لاتفسدنه و اعط القوس باريه
و ان الشيخ الاجل كان من سابقي اهل الافئدة و خصيصيهم و قدنطق في هذه المسئلة بلغتهم و استدل عليها من باطن باطن الكتاب و السنة و جعلها منطبقة علي الباطن و علي الظاهر فما لمن ليس من اولي الافئدة انينكر علي دليل الرجل و يعترض في قوله فلينظر الي النتيجة التي استنتجها و انزلها الي الباطن ثم الي الظاهر فلينظر هل توافق اجماع القوم ام لا و ليس لاحد ممن لميبلغ رتبته انيخدش في
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 259 *»
اقواله و ادلته فقدجاء في المثل «لايعلم رطني الا ولد بطني» فوالله لايعرفون غير الاخذين عنه معاني كلامه فضلا انيعرفوا الصحيح منه و السقيم هيهات لايعرفون الناس مقدمات هذه المسئلة فضلاً عن نتيجتها انظر هل يمكن معرفة الصرف قبل اللغة و هل يمكن معرفة النحو قبل الصرف و هل يمكن معرفة المعاني و البيان قبل النحو و هكذا كل علم له مبادي لايعرف الا بعد معرفة تلك المبادي و احب اناعنون لك فصلاً ابين لك مبادي علم المعاد حتيتعرف بعد ذلك اهل الكلام فيه من غيره.
فصل: اعلم ادام الله عزك و علاك ان الله سبحانه كان واحداً متفرداً بوحدانيته غير متناه الي شيء سواه اذ لا شيء سواه فتجلي بكينونته التي كونها من كان اذ كان هو حيث لا كان فكون اولاً ذلك الكان بنفسه حتي قيل له كان ثم اشتق منه الكينونة و هي المشار اليها في العلوية كنا بكينونته قبل مواقع صفات تمكين التكوين كائنين غير مكونين موجودين ازليين فكان فيما لميزل و لايزال و كذلك يكون بلا انقطاع و لا زوال و لا نهاية لهذه الكينونة و لا غاية و لما كانت كماله الازل و جلاله الاول كانت اشد الاشياء انبساطاً و اوحدها توحداً طاوية لجميع الكثرات نافذة في جميع المراتب و المقامات لم تتناه الي شيء من الغايات فاذا حيث هي هي:
ما في الديار سواه لابس مغفر و هو الحمي و الحي و الفلوات
فهي الربوبية اذ لا مربوب كوناً و لا عيناً و لا امكاناً فملأ الدهر قدسها و انبسط في جميع الاصقاع نورها و انتشر في كل القوابل ظهورها حتيعمرت الديار و اظهرت الجبار لا اله الا هو الملك القهار و ذلك التجلي اي تجلي الكينونة من حيث الكينونة هو نقطة دائرة الامكان و مركز كرة الاكوان عليه يدور رحي الايجاد و منه يجري جميع الفيوض و الامداد و هو نقطة العلم التي كثرها الجهال و من عرفها هو العالم بكل حال و هو نقطة باء بسم الله الرحمن الرحيم المشار اليها في الخبر خلقت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم و جميع ما في العوالم الالف الف
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 260 *»
تطورات هذه النقطة و شؤناتها و اطوارها في اكوارها و ادوارها ليس شيء غيره و هو قول الحسين عليه السلام أ يكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك الدعاء.
و انت تعلم ان العلوم من عالم الاكوان لا من خارج هذا العالم و جميع الاكوان تطورات تلك النقطة فجميع العلوم من تطورات تلك النقطة فمن عرف سر تطوراتها و ترتبها عرف درجة كل علم و مباديه و ما يتوقف عليه الا تجد في الاكوان ان المسحاة لاتكون الا بعد وجود الحديد و الحديد لايكون الا بعد وجود الزيبق و الكبريت و هما لايكونان الا بعد وجود العناصر و هي لاتكون الا بعد وجود الطبايع و هكذا الي انينتهي الي مبدء المبادي و غاية الغايات فالعلوم التي هي صفات الاكوان ايضاً مترتبة بعضها مقدم علي بعض و متوقف بعضها علي بعض فما لميحط الانسان بالمبادي لميعرف ما يبتني عليها البتة و انا ابين لك ادام الله اجلالك ترتيب بعض العلوم و درجاتها حتيتعتبر فذلك الظهور له ثلث مراتب الاولي جهة الائية للذات و حيث الرب و الثاني جهة استقلاله و حيث نفسه و الثالث هو البرزخ بين النشأتين و الواصل بين الطتنجين فمن عرف ذلك الظهور و اطلع علي ذلك النور في تطوراته و حالاته و مراتبه و مقاماته عرف جميع العلوم بحذافيرها فانه نقطة دائرة العلوم و مركز دائرة الرسوم فمن عرف الظاهر اي حيث ربه عرف علم البيان و العلم الالهي بالمعني الاخص و علم الحيرة و العمي و علم الوجود الحق و علم الكلام و من عرف الظهور اي المقام البرزخي عرف علم المعاني و العلم الامكاني و علم القضاء و القدر و علم حدود الفيض الاقدس و علم الاعيان الثابتة في حضرة العلم الحادث الامكاني و علم الجبر و الاختيار و ما يشاكلها و من عرف المظاهر اي حيث نفس ذلك الظهور بحسب اختلاف مراتبها اطلع علي ساير العلوم المختلفة و الرسوم المتشتتة و ذلك لانه مبدأ الاختلافات و منشأ الكثرات فمن المظاهر غيبية و منها شهادية و لكل منهما ذوات و صور فمن عرف الذوات الغيبية عرف العلم الالهي بالمعني الاعم بجميع شؤنه من علم المعاني الكلية و علم الرقائق الملكوتية و علم الصور المجردة و علم الطبايع الملكوتية و علم الهباء و علم الاظلة بجميع حدودها و ما
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 261 *»
يتعلق بها و من عرف الذوات الشهودية عرف الحكمة الطبيعية و علم ما دون العرش و هيهنا يحصل له علوم كثيرة اذا رجع البصر و استعمل النظر فاذا نظر في صورها المقدارية حصل له العلم الرياضي بجميع شؤنه فان نظر في هيئات الافلاك و احوالها و حركاتها و ادوارها حصل له علم المجسطي و ان نظر في نفس الهيئات بلا مادة حصل له علم الهيئة و ان نظر في نسب الاشكال حصل له علم الهندسة و ان نظر في معرفة مقادير قرب الاجسام و بعدها حصل له علم ابعاد الاجرام و ان نظر الي اوضاع الارض و الاقاليم و البلاد و البحار و الجبال و الطرق حصل له علم جغرافيا و ان نظر في اجراء المياه و تعديل الارض و توزينها حصل له علم السواقي و ان نظر في الاشكال لمعرفة المقادير في السطوح حصل له علم المساحة و ان نظر في تعديل آلات يعرف بها كمية الاشياء حصل له علم الموازين و ان نظر في تقارب الكواكب و تباعدها و اتصالاتها و انفصالاتها حصل له علم القرانات و ان نظر فيما يحدث في السفليات من طرح الاشعة من العلويات حصل له علم الاحكام و ان نظر الي معرفة مقادير حركات الكواكب و نظراتها و انتقالاتها حصل له علم التقاويم و الزيجات و ان نظر في الكم المنفصل من حيث الجمع و التفريق حصل له علم الحساب و ان نظر الي نسب الاعداد حصل له علم الارثماطيقي و ان نظر في تحصيل مجهولات من معلومات عددية يحصل له علم استخراج المجهولات كالجبر و المقابلة و الاربعة المتناسبة و ان نظر في توزينها و تعديلها و توفيقها في اشكال معينة حصل له علم الالواح و ان نظر في نسب الاصوات و مقدارها و كمها و كيفيتها في حصولها من القرع و القلع و الضغط حصل له علم الموسيقي و ان نظر في آلات كرية و رسم خطوط و دواير عليها توازي الافلاك حصل له علم الكرات او آلات مسطحة حصل له علم الاسطرلاب و علم الرخائم و علم الربع المجيب و علم التسطيح او آلات مختلفة حصل له علم الرصد و ان نظر في آلة يسهل معها استخراج نسب المقادير و تضاعفها و كسورها حصل له علم الفرجار المتناسب و المساطر و ان نظر في آلات يحدث معها اصواتا متناسبة حصل له علم المزامير و ما يشاكلها فاذا
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 262 *»
نظر ذلك العالم في انطباع صور الشواخص في القوابل حصل له العلوم الانطباعية و ذلك بحر ضل فيه السوابح فان نظر في مطارح اشعة الحوادث في الخيوط حصل له علم الخيوط او الحصي حصل له علم الحصيات او الاقطار و الجبال و الاراضي حصل له علم احوال البلاد او النقاط المضروبة حصل له علم الرمل او في الكف حصل له علم الكف او في الكتف فعلم الكتف او في النفوس و المتخيلة فعلم التعبير او في خروج النفس فعلم النفس المعروف بعلم الدم الي غير ذلك من العلوم الانطباعية .
فاذا كان النظر في الصفات المنفصلة المشرقة في النفوس حصل له علم الحروف و الالفاظ و ذلك ايضاً بحر ضل فيه السوابح و له تكثرات غير محصورة فان نظر في صفات الحروف الادائية حصل له علم القرائة و ان نظر في صفاتها الكتبية حصل له علم الخط و الرسم و ان نظر في طبايعها و موازينها و قراناتها و اقتضائاتها حصل له علم الجفر و ان نظر في تقديمها و تأخيرها و تنعيمها حصل له علم التكسير و ان نظر في مدلول ما تركب منه لفظاً حصل له علم اللغة و ان نظر في موادها و تغيراتها حصل له علم التصريف و ان نظر في توليد بعضها عن بعض و سوغها علي هيئات مطلوبة حصل له ٰو ان نظر في حركاتها و سكناتها في اواخرها حصل له علم النحو ان نظر في حسن سبكها و مأنوسيتها و حلاوتها حصل له علم الفصاحة و البيان و ان نظر في ايرادها مواردها علي حسب اقتضاء الاوقات و الامكنة و الاشخاص و الوقايع حصل له علم البلاغة و المعاني و ان نظر في توازنها و تعادلها و تجانسها و تضادها و ساير صفاتها حصل له علم البديع و ان نظر في اوزانها و تقاطيعها علي الموازين الموسيقية و قوافيها حصل له علم العروض و ان نظر في استخراج المبهمات المقصودة من اشاراتها و مناسباتها و اشتقاقاتها و موادها و صورها حصل له علم الالغاز و ان نظر في مناسباتها للاعيان للتوصل بها الي علم ما سيوجد حصل له علم الزجر و ان نظر في مدلولاتها و ما يستنبط منها مفردة و مركبة حصل له علم اصول الفقه و ان نظر في مدلولات ما صدر منها من الله سبحانه حصل له علم التفسير او من الحجج فعلم الاخبار و علم السنة.
فاذا كان النظر في اسباب دوام بقاء العباد و البلاد و ترقياتها و ترقيات ساير
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 263 *»
الموجودات و استكمالها يحصل له الحكمة العملية فان نظر في تكميل الارض و الماء حتييظهر ما جعل الله في قويها و التصرف فيما ينبت منها حصل له علم الفلاحة و ان نظر في اظهار ما قدكمن في بعض المولدات القابلة للتصوير حصل له علم الصنايع من الصياغة و الحياكة و الخياطةو العمارة و امثالها و ان نظر في تفصيل الاجسام الغاسقة و تطهيرها و تركيبها حصل له علم الكيميا و ان نظر في تركيب المختلفات لتوليد طبع خارج علي حسب ما يريد حصل له علم الضم و الاستنتاج و ان نظر في تحريك ثقيل بسهولة حصل له علم جرالثقيل و ان نظر في اوضاع الاشياء و حيزاتها و حركاتها اليها قصراً او طبعاً حصل له علم التقارب و التباعد ان نظر في تركيب العقاقير لحصول الاحوال الغريبة و الحركات الموحشة حصل له علم الليميا و ان نظر في تحصيل اسباب سفلية ليستنزل بها ارواحاً علوية حصل له علم السيميا و ان نظر في اسراع الحركات و الانتقالات و اظهار ما يشبه المعجزات حصل له علم الريميا و الشعبدات و ان نظر في الاستعانة ببعض الاجسام و صورها و قراناتها علي بعض آخر حصل له علم الطلسمات و ان نظر في اسباب جعل النفس مناسبة للروحانيات و تغليبها عليها حصل له علم التسخيرات و ان نظر في احوال الحروف خاصة ليتصرف بها في ساير الاجسام بل النفوس حصل له علم الهيميا و ان نظر في اسباب اظهار الحقايق الالهية حصل له علم الحقيقة و ان نظر في اسباب اصلاح القلب و تعديله حصل له علم الطريقة و ان نظر في ما يستكمل به النفوس و تستعدل و تقف بين الافراط و التفريط حصل له علم الاخلاق و ان نظر في ما به يحفظ المال و ينمو و يقدر في المدخل و المخرج حصل له علم المعاش و ان نظر في ما به ينتظم عشرة الاهلين و الخدم حصل له علم تدبير المنزل و ان نظر فيما به يتقرب الي الناس و يتحبب اليهم حصل له علم المعاشرة و ان نظر في ما يحبب به الي الناس من فنون الكلام و يونسهم حصل له علم المحاورة فان كان من الوقايع حصل له علم التاريخ و ان كان من الاشعار حصل له علم الدواوين و ان كان من انساب الرجال حصل له علم الانساب و ان كان من احوال الاشخاص من حيث
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 264 *»
العدالة و الفسق و المذهب حصل له علم الرجال و ان كان من الامثال و الكلمات الموجزة الحكمية حصل له علم الامثال و ان نظر فيما به تربية اقوام في معاشراتهم و تمدنهم حصل له علم سياسة المدن و ان نظر في دفع المتغلبين بالقهر حصل له علم الجهاد او بالحيلة و التعجيز حصل له علم هندسة الحرب و ان نظر في صنعة آلات يدفع بها الخصم حصل له علم آلات الحرب و ان نظر في تمثيل الخصوم بساير الاجسام و تصوير غلبة بعض علي بعض فعلم الملاعب و ان نظر في معاملة الخلق مع الخالق حصل له علم الفقه و ان نظر في طبايع الاجسام الانسانية و حفظ صحتها و دفع مرضها حصل له علم الطب او في طبايع اجسام الدواب حصل له علم البيطرة او الطيور حصل له علم البرذرة او في هيأت العقاقير حصل له علم العقاقير و ان نظر في ما به يترقي الي غاية ما يمكن له حصل له علم السير من الخلق الي الحق و ان نظر في اسباب الفناء من نفسه و البقاء بنور الله حصل له علم السير في الحق و ان نظر في اسباب التوجه الي الخلق و مشاهدة مباديها و خواتيهما حصل له علم السير من الحق الي الخلق و ان نظر في احوال المكلفين و مقتضيات طبايعهم و كيفية الايصال اليهم و ابلاغ ما حمل حصل له علم السير في الخلق.
بالجملة لا نهاية للعلوم و لا غايةو المطلع عليها قليل و هو قوله تعالي و ما اوتيتم من العلم الا قليلاً و قوله فوق كل ذي علم عليم و جميع هذه العلوم شؤن و اطوار ذلك الظهور و تجليات ذلك النور فمن عرف تلك النقطة و اطلع عليها و وقف علي ربوتها استعلي علي جميع هذه الاطوار و نظر في الكل بالنور الالهي و عين الله التي اعاره اياها و رأي كل شيء في حده و مقامه ثم يختلف حال الواقفين علي تلك النقطة فاما ساعدهم المقادير حتيتخلوا عن الدنيا و ما فيها و تمحضوا في النظر الي ذلك الظهور و اطواره و شؤنه و تجلياته في القوابل حتيعرفوا كليات جميع تلك الاطوار و كثيراً من جزئياتها و ليس لهم شغل الا النظر في ملكوت تلك الاشياء اتباعاً لقوله تعالي أولمينظروا في ملكوت السماوات و الارض و ان عسي انيكون قداقترب اجلهم و تصديقاً لقوله سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم فعرفوا الحيث و الوضع و الكيف والكم من كل
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 265 *»
شيء و موصولها و مفصولها و مباديها و مخاتيمها فهم علماء حلماء كادوا من الحكمة ان يكونوا انبياء فهم صلوات الله عليهم عالمون بجميع هذه العلوم كعلم احد من الناس بالصرف و النحو مهما سئلوا عن مسئلة من المسائل من اي علم كان اجابوا من غير روية كما يجيب احد اهل الادب في مسئلة من المسائل الصرفية فهو حينئذ قطب العلوم و مركز دائرة الرسوم و نقطة الحكوم و اما لميساعدهم المقادير و لميقدروا علي التخلي و الفراغ عن المشاغل و ابتلوا بمقاسات هذا الخلق المنكوس و معاشراتهم و مساوراتهم فلميقدروا علي جولان النظر في جميع اطراف العلوم و شعب الرسوم ولكن من الله عليهم بمعرفة نقطة العلوم و محو الموهوم و صحو ذلك المعلوم فحصل لهم عين باصرة يبصرون بها كل شيء اذا نظروا اليها و ذلك كمن حصل له عين يبصر كل مرئي الا انه ربما لميذهب اليه و لميقابل ببصره اياه فلايراه ولكنه شخص لو قابله رآه و لو ذهب اليه ادركه و لو بعد حين فهذا الرجل ليس له مقام الرجل الاول في الانبساط عرضاً الا انه معه طولاً لانه وصل الي ما وصل اليه طولاً الا انه لميبلغ الكمال الانبساطي و اما من لميقف علي تلك النقطة فهو العالم الجزئي يعلم ما تعلم كالاعمي الذي يقال له هذا احمر فيعرف هذا لا غير بل لو تغير عن لونه لميعرف الا ما قيل له و انصف ربك هل يجوز لهذا الاعمي انيناقش البصير في ما يدعيه من لون الاشياء و اشكالها حاشا ثم حاشا هذا و ان لميكن ذلك الرجل بلغ في ذلك العلم الجزئي الذي تعلم ايضاً غير كامل و لميبلغ مبلغ اساتيد ذلك الفن فتعرض مثل هذا الرجل لاستاد ذلك الفن قبيح فضلاً عن تعرضه علي العالم الكلي البصير المطلع الخبير و ان الشيخ اعلي الله مقامه استاد الراقين علي تلك المراقي و فحلهم و ناموسهم الذي عليه اعتمادهم و قدفتح الله عينه ببركة ساداته حتيشاهد تلك النقطة في جميع اطوارها و شؤنها و قدتخلي عن الدنيا و الخلق خمسين سنة يدور في البراري و القفار فراراً عن الناس الاشرار و امحض النظر في ملکوت السماوات و الارض و اخلص لله سبحانه خمسين سنة معرضاً عن الخلق ثم بعد ذلک مقبلاً اليهم بامر ساداته فهل يستوي هذا و من يبکي لادبار اعتبار من اعتبارات الدنيا عنه او
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 266 *»
يتملق لدنانير زهيدة اناساً عديدة و يرکض لطلب قليل من الدنيا في البلاد رکض الوحش في البرية و هل يجوز لمثل هؤلاء انيتعرضوا لمثل ذلک الحبر النحرير و السلطان العليم الخبير هيهات هيهات و الله ما انصفوا الرجل بل ما قدروا الله حق قدره اذ نظروا الي هذا الرجل بعين الازدراء و کفي بالله شهيداً بينه و بينهم و من عنده علم الکتاب و حسبک في هذا المقام الحنظلية المقبولة عند الجميع فيمن روي اخبارهم و عرف احکامهم اذا حکم بحکم و لميقبل منه فکأنما بحکم الله استخف و علينا رد و الراد علينا کالراد علي الله و هو علي حد الشرک بالله الخبر و الشيخ اعلي الله مقامه ارفع الراقين في درجة الرواية و معرفة الاحکام و ها کتبه مشهورة و المسائل التي حل فيها معروفة لاتنکر،
و هب اني اقول الصبح ليل أيعمي الناظرون عن الضياء
و قد روي البرقي في المحاسن عن ابيعبدالله عليه السلام انه قال له ابوبصير ارأيت الراد علي هذا الامر کالراد عليکم فقال يا بامحمد من رد عليک هذا الامر کالراد علي رسول الله و عنه عليه السلام ان الله تبارک و تعالي خلق المؤمن من نور عظمته وجلال کبريائه فمن طعن علي المؤمن او رد عليه فقدرد علي الله في عرشه و ليس هو من الله في ولاية و انما هو شرک شيطان انتهي. اي والله قاسوه بساير الناس و لبس لهم الخناس و لميعرفوه فمن ثم جسروا عليه و ليس الا کما قال ابوعبدالله عليه السلام لو کشف الغطاء عن الناس فنظروا الي وصل ما بين الله و بين المؤمن خضعت للمؤمن رقابهم و سهلت له امورهم و لانت له طاعتهم و في المستفيضة عنه عليه السلام ليس الناصب من نصف لنا اهل البيت فانک لنتجد احداً يقول اني ابغض محمداً و آل محمد و انما الناصب من نصب لکم و هو يعلم انکم تتولونا و انکم من شيعتنا و هل في ايمان الشيخ و تشيعه و في صعوده الي اعلي الدرجات مغمض لذي عينين و هل من الانصاف انيتعرض لذلک النور الظاهر في طخياء الديجور هؤلاء الاقشاب الغير الداخلين في الباب الجاهلين بامر المبدء و المآب اما و الله لميکن شأني اناذکر في رجل ما اعلم ولکن طغي القلم علي و اجري الله
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 267 *»
سبحانه عليه ما اراد وتلک شقشقة هدرت ثم قرت فلنرجع الي ما اردنا ايراده في المقدمة من امر المعلوم.
اعلم ان مراتب العلوم کما بينا آنفاً ثلثة مرتبة الحقيقة و مرتبة الباطن و مرتبة الظاهر فالحقيقة هي معرفة الظاهر الذي هو نقطة العلوم و حقيقتها فمن عرف حقيقة علم عرف حقيقة جميع العلوم فان حقيقتها کلها واحدة وهي الظاهر الذي قدمنا الاشارة اليه و بينا ان جميع العلوم شؤنها و اطوارها و الباطن هو مرتبة الظهور التي قدمنا فانه رتبة العلل و الاسباب کما عرفت انشاءالله و لايجب لمن عرف علة شيء و سببه انيعرف جميع العلومو الظاهر هو مرتبة المظاهر بکثرتها و ليس من عرف مظهراً من المظاهر عرف الساير و انما مثل ذلک کالشمس و الانوار و المرايا فمن عرف الشمس عرف جميع الانوار و جميع تطورها في المرايا الغير المتناهية و من عرف نوراً من الانوار او مرآةً من المرايا ليس يجب انيعرف ساير الانوار و ساير المرايا فليتدبر متدبر في امر ما يريد من المعاد فان کان المراد ظاهره فليکتف بما اجمع عليه المسلمون و نطق به الکتاب و السنة و ليعلم ان المتخلف عنها کافر و عن درجة الايمان ساقط لکن من اذعن بان المعاد جسماني علي جهة تقليد الاجماع و اتباع الکتاب و السنة ظاهرا ليس يجب انيعرف حقيقة امر المعاد و القيامة و الجنة و النار بل يعلم انه جسماني البتة و لايعلم علله و اسبابه و حقيقته و ان کان مراده معرفة اسبابه و علله فليکتف بما اراه الله في آيات الافاق و الانفس و بواطن الکتاب و السنة و ما يدل عليه العقل السليم الموزون بميزان الکتاب و السنة الموافق ما فهمه ظاهر الکتاب و السنة و الاجماع فان لميکن کذلک فليضربه بعرض الحائط فانه من الشيطنة و النکري و نظر النفس المنکوسة الي السجين و ان کان المراد معرفة الحقيقة فلابد و انيستعمل فؤاده عين الله التي اعاره اياها و لينظر الي باطن باطن الکتاب و السنة و آيات الافاق و الانفس و الامثلة الملقاة في هويات الاشياء بعد کشف سبحات الجلال من غير اشارة و محو الموهوم و صحو المعلوم و هتک الستر لغلبة السر و مشاهدة النور الذي اشرق من صبح الازل فلاح
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 268 *»
علي هياکل التوحيد آثاره و بعد اطفاء السراج عند طلوع الصبح الوهاج.
فتبين ان معرفة حقيقة المعاد لايمکن الا بعد معرفة نقطة العلم و مشاهدة النور الظاهر و معرفة حقيقة جميع العلوم التي ذکرنا و ما لمنذکره فمن ادعي الوصول الي ذلک و جهل شيئاً مما هنالک فهو المفتري علي الله والمنازع کبرياء الله فان حقيقة الکل واحدة فکيف يمکن للجاهل باکثر العلوم انيعرف حقيقةالمعاد الذي هو مرتبط بجميع العلوم او جلها و کيف يجوز لمن لايعرف ما يرتبط به من العلوم انيتکلم فيه فضلاً عن انيرد علي من عرف جميع ما يرتبط به و يتصل اليه و وصل الي حقيقة الحقايق و مبدء المبادي و شاهدها و شاهد جميع الحقايق رأي العين هب اني افرض ان رجلاً لايتيقن بوصول الشيخ الي تلک الدرجة مع ان وصوله اليها ابين من الشمس في رابعة النهار لمن کان له عينان اليس يتيقن من نفسه ان نفسه لمتصل الي رتبة الحقيقة و ليس له انيتکلم فيها و يخاطر بنفسه في التعرض لها فلينزعج منزعج ان اتقي الله و ليرتدع مرتدع ان خاف الله آه آه لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حکمة بالغة فما تغن النذر و نحن ننزل عن رتبة الکشف و الحقيقة و نقتصر علي معرفة العلل و الاسباب و فهم باطن الامر و ما يتجاوز به عن رتبة العوام فذلک ايضاً يحتاج في معرفة علم المعاد الي علوم عديدة.
فمنها العلم الالهي بالمعني الاخص فما لميعرف الانسان معني الاحدية و مقامات الواحدية و الاسماء و الصفات الالهية القدسية و الاضافية و الخلقية لميعرف غاية صعود الاشياء و هل المعاد الي ذات الحق کما زعمه بعضهم او الي مشيته کما زعمه آخرون او الي مبدء وجود الاشياء کما هو الحق الذي لا مرية فيه و لاريب يعتريه و غير ذلک من غايات امر المعاد.
و منها العلم الالهي بالمعني الاعم فان الانسان ما لميعرف مبدء حقيقة الشيء و اول صدوره و کيفية نزوله الي هذه الدنيا کيف يعرف احوال صعوده في تلک المنازل و الي اين ينتهي و اين غايته و الي اي مقام عوده لميعرف شيئاً منه.
و منها العلم الطبيعي فما لميعلم الانسان معني الجسم و حقيقته و مادته و صورته المقومة و المتممة وکمه وکيفه و جهته و رتبته و مکانه و زمانه و وضعه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 269 *»
و احواله و جوهره و عرضه لميعلم شيئاً من ذلک.
و منها العلم الفلسفي فما لميعلم الانسان کيفية التفصيل و التطهير والترکيب لميعلم کيف يموت الانسان و کيف يفصل اجزاؤه و کيف يطهر في القبر و کيف يعذب و يستقعد و يستنطق و يضغط و کيف يعود اليه الروح و يحيي و يقوم و يخلد.
و منها علم الهيئة فما لميعلم الانسان حقيقة الجسم التعليمي و احوال النقطة و الخط و السطح و لميفرق بينه و بين الجسم الطبيعي لميعلم حقيقة الجسم الاصلي و العرضي ابداً.
و منها علم الطب فما لميعلم الانسان کيفية تکون الانسان في الرحم و حالاته في تطوراته و کيفية ولوج الروح و حقيقة الروح البخاري و الفرق بينه و بين الروح الحيواني و النفساني و کيفية تکون تلک الارواح و تعلقها حال حيوتها و انفصالها حال موتها لميعلم شيئاً من ذلک.
و منها علم الاطلاق و التقييد فما لميعلم الانسان کيفية حال المطلق و کيفية تعلقه بالمقيدات و کيفية اشراقه في مراياها و القائه الامثلة فيها و اظهاره افاعيله منها و کيفية اعراضه عنها لميعرف شيئاً من ذلک.
و منها علم الضم و الاستنتاج فما لميعرف الانسان کيفية ضم العناصر المختلفة و توليد الطبيعة الخامسة و موازينها و مقاديرها و کيفية ضمها و ما يتعلق بها لميعرف شيئاً من ذلک.
و منها علم الهندسة فما لميعرف الانسان علم الهندسة و کيفية نسب الاشکال و نسبة النقطة بالخط و الخط بالسطح و السطح بالجسم و المقصود من هذا الجسم لميعرف شيئاً من ذلک.
و منها علم المعاني فما لميعرفه الانسان لميعرف کيفية بدء الانسان و حصوله من الماء النازل من سحاب المشية و لميعرف مقام الرضوان و غاية صعود الانسان و قرب الملک المنان في مقعد صدق عند مليک مقتدر.
و منها علم الرقايق فما لميعرفه الانسان لميعرف کيفية المزيد و الامداد و
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 270 *»
سلم الامتداد و تصفي الاستعداد و ترقي الانسان عن درجة النقصان.
و منها علم المجردات و ذلک هو العمدة في معرفة المعاد و من لميعرفه لميعرف مسئلة من مسائله لاسيما سعة عرصة القيامة و عظم الاجسام و سرعة الانتقالات و محل الجنة و النار و قوة الملاذ و هو علم العالم العلوي الذي اشار اليه اميرالمؤمنين عليه السلام حين سئل عن العالم العلوي فقال صور عارية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد الخبر.
و منها علم الطبايع و من لميعرف هذا العلم لميعرف کيفية موت الاجسام و الارواح و بطلانها بين النفختين و طول المدة التي بينهما اربع مائة سنة و لميعرف مدافن الناس و مستقراتهم.
و منها علم الاهبية فمن لميعرف هذا العلم لميعرف حقيقة الاجسام و رتبتها و جوهريتها و لميعرف نفخ الصور و کيفية موت اهل عالم البرزخ و لميعرف هيولي اجسامهم.
و منها علم الاشباح و الاظلة فمن لميعرف هذا العلم لميعرف ما ينتزع من هذه الاجسام ولميعرف الآلام و الملاذ البرزخيةو لميعرف حقيقة جنة الدنيا و حقيقة البرهوت و حضرموت و وادي السلام و کيفية طيران الاموات بين السماء والارض و زيارتهم قبورهم و بيوتهم و اهليهم و تلاقيهم الي غير ذلک من حالات بعد الموت.
و منها علم الاصول و الفضول و هو علم بسيط من لميعرفه ليس له حظ في علم المعاد بل في معرفة شيء من الاشياء فان الانسان ما لميفرق بين اصل کل شيء و فضله و کيفية ازالة الفضل و تطهير الاصل لميعرف حقيقة جسم شيء من الاشياء بل لايعرف کم شيء و لا کيفه و لا رتبته و لا جهته و لا اجله و مکانه و لا وضعه و لا شيئاً منه و انما حدث الفضل علي الاصل من يوم هبوط آدم علي نبينا و آله و عليه السلام حيث قال:
تغيرت البلاد و من عليها و وجه الارض مغبر قبيح
فاحتاج الناس الي هذا العلم منذ هبط آدم عليه السلام و من لميعرف هذا العلم کما
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 271 *»
ينبغي لميعرف الطينة المستديرة في القبر و لميعرف من يخد له خد من الجنة و خد من النار.
و منها علم الموازين فما لميعرف الانسان هذا العلم لميعرف قوله اعلي الله مقامه لو وزن زيد في الدنيا و في البرزخ و الآخرة لايتفاوت مثقال ذرة و لميعرف کيفية وزن الاعمال و ما الميزان و ما الاعمال و کيف توزن و اي شيء يوزن و ما الکفتان و ما العمود و ما اللسان و ما الباب.
و منها علم النجوم فما لميعرف الانسان هذا العلم لميعرف طبقات السماوات و ازدلافها يوم القيامة و کيفية خسوف شمسها وکسوف قمرها و تناثر نجومها و نزول شمسها علي قمة الرؤس وتنازل الافلاک و اقطارها.
و منها علم المجسطي فما لميعرف الانسان هذا العلم لميعرف معني کون الجنة في السماوات و کيفية حرکتها و سکونها و مواضعها و درجة کل جنة و لطافتها و صفائها و ما يشاکل ذلک.
و منها علم الطينة و علم الجبر والاختيار فما لميعرف الانسان هذا العلم لميعرف کيفية احوال الطين و سر اللطخ و الخلط و کيفيتهما و کيفية عود کل عرض الي جوهره الاصلي الذي يقوم به و لميعرف سر المجازات و غيرها مما يناسب هذا العلم.
و منها العلوم الانطباعية فما لميعرف الانسان هذه العلوم لميعرف سر شهادة الارض و الافلاک والازمنة وساير الاجسام علي الانسان و لميعرف صحيفة الاعمال و کيفية کتب الکاتبين علي الانسان و ظهورها يوم القيمة و اتيانها من الامام للمؤمنين و من اليسار او الخلف للکافرين.
و منها علم الآجالات فما لميعرف الانسان هذا العلم لميعرف سر التکليف و قلب المؤمن کافراً و الکافر مؤمناً و لميعرف ثمرة الدعوة و الامر و النهي و الوعد و الوعيد و الرجاء و القنوط و سر السعادة و الشقاوة و کون الانسان من عليين و سجين و خروج الانسان من الجنة و دخوله النار و خروجه من النار و دخوله الجنة.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 272 *»
و منها علم التقارب و التباعد فما لميعرف الانسان هذا العلم لميعرف کيفية دخول اهل الجنة الجنة بالاجسام العنصرية مع ان الجنة في السموات و کيفية عدم احتراق الاجسام بکرة النار و شدة حرارة الافلاک و کيف يستقرون هناک و الافلاک دائرة و هل هم هناک بالقسر او الطبع و کيفية استجنان الارواح الکافرة في جهنم مع لطافة الارواح و فلکيتها و کون النار في الارض فکيف تبقي في النار هل هو بالقسر او الطبع و کيف تزلف الجنة للمتقين و تبرز الجحيم للغاوين و هل الصراط ممدود علي العرض و علي الارض او هو کالعمود الي السماء فان کان الي السماء فکيف هو جسر و کيف يمشون الناس عليه.
و منها علم ظاهر الظاهر و علم الظاهر فلو لميعرف الانسان هذين العلمين لميعرف ما بينه الله سبحانه في کتابه و بينه النبي صلي الله عليه و آله من سنته و ما لميعرف الانسان ظواهر الکتاب و السنة لميقدر علي الاعتماد علي ما اداه اليه عقله لانهما الميزان القويم و القسطاس المستقيم الذي امرنا اننوزن به مختلفات العقول و کذا ما لميعرف الانسان هذين العلمين لميعرف ظواهر آيات الافاق وا لانفس و ظواهر ظواهرها و ما لميعرف ذلک لميعرف عالم الغيب لقول الرضا عليه السلام قدعلم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هيهنا.
و منها علم الباطن و علم باطن الباطن فما لميعرف الانسان هذين العلمين لميعرف علل امر المعاد و ما يتعلق به و اسبابه و حقيقته فان الله سبحانه في کتابه و النبي و الحجج عليهم السلام في کلماتهم اظهروا الظاهر و ادرجوا الشرح و البسط و بيان العلل و الاسباب و لميفرطوا من شيء الا ان الظاهر يؤدي اليه البيانات الظاهرية و الباطن يؤدي اليه الاشارات و البيانات الباطنية فما لميعرف الانسان علم الباطن لميقدر علي الاستدلال علي البواطن و لميعرف نحو استدلال آل محمد عليهم السلام و توقيفهم و تعريفهم علي بواطن الاشياء علي ان آل محمد عليهم السلام لميريدوا من الناس التقليد المحض و انما ارادوا ترقية الناس في درجات العلم و المعرفة و کذا من لميعرف هذين العلمين لميعرف بواطن آيات الآفاق و الانفس و ما ادرج الله سبحانه فيها من الاشارات و التلويحات و هو المشار
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 273 *»
اليه في قوله تعالي او لمينظروا في ملکوت السماوات و الارض الي ان قال فبأي حديث بعده يؤمنون و اما آية ظواهر السماوات و الارض فقوله سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم و قوله الي السماء کيف رفعت و الي الارض کيف سطحت و الي الجبال کيف نصبت فلابد من النظر في ملکوت الاشياء و هو بواطنها.
و منها علم التأويل و علم باطن التأويل و علم تأويل الباطن فما لميعلم الانسان علم التأويل و ما يضاف اليه لميعرف جمع مختلفات الآيات و الاخبار و ما لميجمع مختلفات الآيات والاخبار لميعرف الانسان انيؤمن بايها و ان العلماء الظاهريين لماعجزوا عن هذا العلم فتحوا باب الترجيح و الرجال و الحکم بالقراين و اخذ واحد في کل مسئلة و طرح باقي الاخبار و لو کانت صحيحة الصدور و من عرف صحة الاخبار و عرف معاريض کلامهم کما روي انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيهاً حتييلحن له فيعرف اللحن و في روايةحتييعرف معاريض کلامنا و في رواية حتييعرف معاني کلامنا فما لميعرف الانسان تأويل الاخبار و هو يعلم صحة صدورها اضطرب في دينه البتة لما يري ان بناء مذهب الشيعة علي انه ليس في دين الله اختلاف و يري ان اختلاف الاخبار اکثر شيء فيشوش عليه و اما ان عرف التأويل المطابق للظاهر و الباطن بتوقيف آل محمد عليهم السلام و تعريفهم و دلالتهم و لا کل ما يخطر ببال الانسان او يمکن جمع الاخبار عليه تأويل بل ذلک يؤدي الي الخروج عن الدين جملة فان عرف ذلک لميشوش عليه دينه و لميضطرب و وضع کل شيء موضعه و حيث صدر له و فيه و لما تعدينا من هذه العلوم وما يشاکلها فلابد لمن اراد تناول هذه المسئلة انيعلم علم اللغة و الصرف و النحو و البيان و المعاني و اصول الفقه والفقه و التفسير و الدراية و الرجال و ساير العلوم اللفظية التي عليها تناط معرفة الکتاب و السنةکما هو مبرهن في علم اصول الفقه فما لميعرف الانسان هذه العلوم لميعرف علم الظاهر لانها مبادي علم الظاهر و علم ظاهر الظاهر و قدعرفت لزوم علم الظاهر فقدتبين و ظهر ان الانسان ما لميعرف هذه العلوم علي الواقع لميعرف
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 274 *»
مسئلة المعاد بوجه من الوجوه و لايجوز له التکلم فيه فضلاً عن انيرد علي من عرف هذه العلوم علي الحقيقة حتيانه يحتاج جميع علماء هذه الفنون اليه في مشکلاتهم و ما لميقدروا علي حله سلفاً و خلفاً و فضلاً عن انيقدح فيه و يتکلم بما لايليق اما والله لايکفي ذلک المتکلف کفاء لعلمه ان ارد عليه انا او کل راد سوا جزاء الله سبحانه اياه يوم القيمة فلنکه الي من لايخفي عليه خافية و يحسبونه هيناً و هو عند الله عظيم و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون و هذا ما اردت ايراده لک في المقدمة لتکون علي بصيرة من امرک و امر من يتکلم في العلم فلا کل من حاز الجمال بيوسف و السلام علي من عرف الکلام.
قال بعد ان ذکر في صدر کتابه انه قدسأله السائل انبيبن حقيقة الاجسام و الاجساد و يوضح مع ذلک کيفية المعاد علي نحو ينشرح به الصدر و يطمئن الفؤاد قال في الجواب ان الجسم في اللغة البدن و اعضاؤه من الناس و الدواب و الجسد البدن و الجثة من الانسان و الملئکة و الجن و لايقال لغير العاقل جسد و الجسم في عرف المتکلمين هو الطويل العريض العميق فهو ما يقبل القسمة في الابعاد الثلثة.
اقول هذا تمام تحقيقه في کتابه في معن الجسم و الجسد علي نحو ينشرح به الصدر و الفؤاد ثم اخذ في ذکر عباير الشيخ الاعز الاجل اعلي الله مقامه و اخذ في رده بما لايسع له و لا لاحد من اهل الارض کما ستقف عليه و انظر بعين الدقة و الانصاف ان هذا التحقيق هل يشفي العليل و هل يبرد الغليل و اي شيء يزداد الانسان منه و اي شيء يحصل له ازيد من متفاهم العوام هذا مع انه قدخص المعني اللغوي للجسم بالدواب و ليس کذلک بل يعم کل حيوان عظيم الخلق کما قال في القاموس الجسم جماعة البدن و الاعضاء من الناس و ساير الحيوان العظيمة الخلق فلايخص الدواب و کذلک ماخصه بالذکر في معني الجسد لا خصوصية له بل ذکر في القاموس الجسد محرکة جسم الانسان و الجن و الملئکة و الزعفران کالجساد ککتاب و عجل بنياسرائيل و الدم اليابس و في غيره انه يطلق علي الهيئة و الصورة و الفلزات السبع فتبين ان ذکره للمعان اللغوية ايضاً ناقص و قد
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 275 *»
اخطأ فيما قال انه لايقال لغير العاقل جسد و اما قوله و الجسم في عرف المتکلمين الي آخر فهو افتراء علي المتکلمين فان الطويل العريض العميق هو الجسم التعليمي و اما الجسم الطبيعي فهو الجوهر القابل للابعاد الثلثة و بينهما بون بعيد فان الطويل صفة الجسم الا تري انک تصف الجسم به و قدقال علي عليه السلام ان الصفة غير الموصوف فالطويل و العريض و العميق صفةالجسم و صورته المعبر عنها بالجسم التعليمي و اما نفس الجسم فهو ذلک الجوهر القابل فالجسم مرکب من هيولي و صورة مقومة لجسميته اما الهيولي فهو الجوهر الذي هو مادته و اقوي رکنيه و به قوامه و اما صورة الجسم فهو القابلية للابعاد و هي التي لاتتغير بتغير الاوصاف الا تري انک اذا سبکت شمعة علي هيئة هي جسم و ان غيرت طوله و عرضه و عمقه هو جسم لميتغير عن جسميته و ان تغير الطول و العرض والعمق الا تري ان العصاء طويل فاذا کسرتها و طحنتها ذهب الطويل و الجسم باق و اذا اذبت صحنة صفر و سبکتها ذهب العرض مثلاً و الجسم باق فلو کان الطويل العريض العميق جسماً لکان ينبغي انيستحيل الجسم عن جسمانيته اذا ذهب الطول و العرض و العمق و ذلک ان الطويل طويل اذا کان طول فاذا ذهب الطول ذهب الطويل و هکذا العريض و العميق نعم الطويل العريض العميق هو الجسم التعليمي و هو يذهب و يتغير و الطبيعي باق علي ما کان عليه و صورة الجسم الطبيعي صورة کلية مطلقة عن جميع الهيئات الا تري اصناف الاشياء في انواع تغيراتها انک تسمي کلها جسماً و کل واحد منها يفقد ما يجده الآخر فليس واحدة من تلک الصور من حدود الجسمية و الا لکان الجسم عند فقدها ناقصاً البتة وهف کما تشاهد وتلک الصورة المطلقة صورة لاينافيها شيء من هيئات السماوات و الارض و ما بينهما و لاتخرج عما کانت عليه بانقلاب هذه الصور فاذاً هي ليست بطول و لا عرض و لا عمق فلو کان صورة الجسم طولاً و عرضاً و عمقاً ولايعقل غير تخصصها لکان يمتنع انيکون غير ما کان کما ان العصا يمتنع انتکون غير عصا الا انتتغير عن کونها عصا و تعود الي الهيولي و الاسطقسات ثم تکون شيئاً آخر و انت تري ان الجسم جسم في جميع
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 276 *»
الحالات علي الحقيقة من غير صحة سلب و ان لمتقنع بقولي و اردت الشاهد فهذا قول ابنسينا في الشفا ان الجسم هو الجوهر الذي يمکن انيفرض فيه امتداد و امتداد آخر مقاطع له علي قوائم و امتداد ثالث مقاطع لهما جميعاً علي قوائم و کونه بهذه الصفة هو الصورة التي بها صار الجسم جسماً و ليس الجسم جسماً بانه ذو امتدادات ثلثة مفروضة فان الجسم يکون موجوداً جسماً ثابتاً و ان غيرت الابعاد الي آخر کلامه انظر الي صراحته في المقام و اتقانه و انظر الي قوله و ليس الجسم جسماً بانه ذو امتدادات و هل الطويل الا ذو الطول فتبين انه لميعرف مراد الحکماء و لميفرق بين الجسم التعليمي و الجسم الطبيعي و هذا قول النظام في شرح التذکرة لنصيرالدين الطوسي عليه الرحمة قدبين في المقدمات الهندسية الشيء الذي يقبل الاشارة الحسية اما انيکون منقسماً في ثلث جهات و هي الطول و العرض و العمق او ينقسم في جهتين منها الي ان قال او ينقسم في جهةواحدة الي ان قال او لاينقسم في شيء من الجهات الي ان قال فالاول الجسم التعليمي و الثاني هو السطح و يسمي البسيط و الثالث هو الخط و الرابع هو النقطة الي آخر کلامه فالطويل العريض العميق بالفعل هو الجسم التعليمي لا غير و قال في الفصل الثاني في الطبيعيات الجسم الطبيعي و هو جوهر قابل للابعاد الثلثة الطول و العرض و العمق اما بسيط و هو فلان او غير بسيط الي آخر کلامه فتبين ان القوم فرقوا ما بين الجسم التعليمي و الطبيعي بالقوة و الفعلية و هذا قول صاحب تنقيح المقالة في المقدمات الهيئية بعد ما ذکر النقطة والخط و السطح ما معناه و ان کان القابل للاشارة قابلاً للقسمة في ثلث جهات و هي الطول و العرض و العمق فهو الجسم التعليمي و قال في المقدمات الطبيعية و الجسم الطبيعي و هو جوهر قابل للابعاد الثلثة اما بسيط او مرکب الي آخر کلامه. فتبين ان الجسم الطبيعي هو ذلک الجوهر القابل للابعاد و الجسم التعليمي هو نفس تلک الابعاد القابلة للقسمة من کل جهة و بينهما من البون ما لايخفي فانظر الي تحقيقه الذي ينشرح منه الصدر و يطمئن الفؤاد کيف اشتبه عليه و من لايعرف معني الجسم الذي قدشاع و ذاع حتيملأ الاصقاع و صم الاسماع
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 277 *»
کيف يجوز له انيتعرض لقول الحکماء الربانيين و العلماء الصمدانيين و کيف يراعي النبأة من اصمته الصيحة ثم انظر الي ترجمته لقول افترئه علي المتکلمين فهو ما يقبل القسمة في الابعاد الثلثة و هل القابل للقسمة في الابعاد الا الجسم التعليمي و متي تکلم المتکلمون في کلامهم في الجسم التعليمي و متي ارادوه في کلامهم و متي کان موضوع مسائلهم و انما هو من اصطلاح اهل الهيئة و موضوع کثير من مسائلهم کذلک يفعل الله بمن من نيته انيتعرض لولي الله المتسمع القدسي من آذي لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة و دعاني اليها و کل عزيز غالب الله مغلوب فضرب قبل انيضرب و طعن قبل انيطعن و صرع قبل انيصرع و تلک عاقبة من يصارع الله و هذا تمام تحقيقه في الجسم من اول الکتاب الي آخره و لايحتاج الي زيادة تعرض فقدتبين لکل ذي عينين خبطه.
قال قال الشيخ الاوحد اعلي الله مقامه للانسان الموجود الآن جسمان و جسدان فالجسم الاول هو الحامل للعقل و الروح و هو الذي وقع عليه التکليف في عالم الذر و به يدخل الجنة او النار و هو موجود الآن في غيب الانسان و هو الباقي الذي لايجري عليه الفناء و الدثور و له النعيم و العقاب الاليم و الجسم الثاني هو الذي يعبر عنه بانه هيکل کهيکل الدنيا فاذا رأيته قلت هذا فلان و هو الذي اذا قبض ملک الموت الروح قبضها فيه و اخذها معه و تبقي الي نفخة الصور الاولي و هذا الجسم ظاهر الجسم الاول و اما الجسد الاول فهو مخلوق من عناصر هورقليا و هو الطف من محدب محدد الجهات لان اسفل مراتبه فوق محدب محدد الجهات و هذا الجسد هو الطينة التي خلق منها الانسان کماقال انها تبقي في قبره مستديرة و اما الجسد الثاني فهو مخلوق من هذه العناصر المعروفة تکون منها من لطائف الاغذية فاذا تفکک في القبر رجع ما فيه من النار الي عنصر النار و امتزج بها و ما فيه من الهواء الي الهواء کک و کک الماء و التراب و ذهب فلايعود اذ لا حساب عليه و لا عقاب و لا نعيم له و لا ثواب و لا شعور فيه و لا احساس و لا تکليف عليه و لا مدخل له في الحقيقة و انما هو بمنزلة الثوب
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 278 *»
لبسته ثم ترکته و لبست غيره فافهم
اقول يظهر من قوله )ره( فالجسم الاول هو الحامل للعقل و الروح و من قوله و به يدخل الجنة او النار ان المعاد بضم الميم انما هو الجسم الروحاني و هذا بعينه هو القول بالمعاد الروحاني اذ المتبادر عن اطلاق اهل الشرع من المعاد الجسماني المعاد البدني اذ هو الذي يجب الاعتقاد به و يکفر من انکره باجماع اهل الملل الثلث و شهادة نصوص القرآن الي آخر کلامه الذي هو تتمة ما ذکر و في بيانه و الاستشهاد عليه بقول المفسرين والرازي علي حذو ما سننقله حرفاً بحرف.
اقول يحتاج اولاً للانسان الذي يريد انيتکلم علي رجل انيعرف لغته و رطنه ثم يعترض عليه ان کان في اعتراض و هو متي عرف ان اصطلاح الشيخ اعلي الله مقامه في الجسم و الجسد ما هو و الشيخ صاحب علوم شتي متي عرف ان مراده من الجسم اصطلاح اهل الهيئة فيکون القابل للقسمة في الابعاد الثلثة او اصطلاح اهل الکلام و العلم الطبيعي فيکون الجوهر القابل للابعاد او اصطلاح اهل الصناعة فيکون مراده من الجسم ما ليس فيه بلة غروية و من الجسد الجوهر المرکب من الروح و النفس و الواسطة الاکليلية ذو البلة او اصطلاح الاشراقيين فيکون محض الصورة الجوهرية العارية عن المواد الخالية عن القوة و الاستعداد او اصطلاح بعض العرفاء فيکون مراده بالجسم الجوهر الفلکي و بالجسد الجوهر العنصري او جري علي اللغة فاراد بالجسم ما له عظم او ما يخص بالحيوان دون ساير المواليد و الجسد للجوهر المشترک فيه الانسان و الملئکة و الجن و النبات و الجماد او علي اصطلاح له خاص لايعرفه غيره الا من اخذ عنه و هو کذلک فان الرجل ذو اصطلاح خاص في جميع الموارد و کلما يأخذ في علم في طي عباراته يورد الکلام علي اصطلاح ذلک العلم فمن هناک يشتبه علي الناس و المعترض الذي لميعرف الي الآن اصطلاح المتکلمين و ينادون علي انفسهم منذ الف سنة و لميکن في ايدي علماء الطبيعيين و المتکلمين غيره کيف يعرف اصطلاح هذا العلم الجديد الذي هو علي غيره شديد مع انه في کل کلمة من کتابه جري علي اصطلاح غير الاصطلاح الاول لان کل کلمة من کلماته اشارة الي علم خاص
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 279 *»
فتبين و ظهر ان اعتراضه ساقط عن الاصل فانه لميعرف اصطلاح علمه الذي يدعيه فضلاً عن اصطلاح غيره فاذا عرفت ذلک فاقول قوله يظهر من قوله لمن يظهر ان کان يظهر لمن يبصر فلا ليس يظهر و ان کان لغيره فلا عبرة به و قوله ان المعاد بضم الميم انما هو الجسم الروحاني فهو کقول الرجل السلس البول الکلامي و الماء الشعير القمحي نحن لانعرف الجسم الروحاني و قد ذاع و شاع حتي ملأ الاصقاع و طرق الاسماع ان الروح و الجسم مقابلان و تقرؤ في الزيارات السلام علي ارواحکم و اجسادکم و اجسامکم و قد صرح الشيخ في کلامه انه غير الروح فانه قال هو الحامل للعقل و الروح و الحامل غير المحمول و هکذا يصير اذا نظر الانسان في کلام بعين الجحود و الانکار الرجل يقول هو الحامل للروح و انت تقول يظهر منه ان المعاد هو الجسم الروحاني و ما تريد بالجسم الروحاني ان کنت تريد به الجسم الذي فيه روح فکل جسم و بدن روحاني فان فيه الروح و ان کنت تريد به جسماً منسوباً الي روح فکل جسم و بدن منسوب الي روح و اي مخالفة لهذين المعنيين مع کلام اهل الشرع و الکتاب و السنة و ان کنت تريد جسماً هو روح فالرجل يقول هو الحامل للعقل و الروح فسقط الاعتراضات و تبين عين الجحود من عين الانصاف و استشهد بعد ذلک لصحة اعتراضه بقول المفسرين و الرازي حيث قال الانصاف انه لايمکن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي و بين انکار الحشر الجسماني و من ذا انکر المعاد الجسماني و لماذا احتججت باقوال العامة العمياء ومتي صاروا حکماً بين علماء اهل البيت عليهم السلام ثم قوله اذاً المتبادر عن اطلاق اهل الشرع من المعاد الجسماني المعاد البدني اذ هو الذي يجب الاعتقاد به و يکفر من انکره باجماع اهل الملل الثلث فان کان مرادک المعاد البدني بما فيه من الاعراض فانت ايضاً خرجت عن الاجماع في آخر کتابک حيث قلت بعدم عود الفضليات و خرج عن الاجماع جماعة من علماء الشيعة و ان کان المراد المعاد البدني بعد التصفية فماذا تنکر علي
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 280 *»
الشيخ ثم ما الحاجة الي اجماع اليهود و النصاري و هل نيتک في هذا الاستشهاد الا الجرأة علي الله و علي رسوله و الائمة و اوليائه و اردت اخراج من تعرضت له عن الاديان حتي اليهودية و النصرانية مع هذا الفهم الذي ظهر منک و مع هذا الکلام المتهافت المختل النظام المنحل الزمام اعاذنا الله من زلة الاقدام و ضلة الاحلام.
ولکني اعذرک فقد عزلت الشيخ السجعة فان هذا التحقيق الذي حققت اخذ من شرح الدواني علي العضدي حيث قال علي ما نقله المجلسي و المعاد اي الجسماني فانه المتبادر عن اطلاق اهل الشرع اذ هو الذي يجب الاعتقاد به و يکفر من انکره باجماع اهل الملل الثلث و شهادة نصوص القرآن في المواضع المتعددة بحيث لايقبل التأويل کقوله تعالي او لمير الانسان الي قوله بکل خلق عليم قال المفسرون نزلت هذه الآية في ابي بن خلف خاصم رسول الله صلي الله عليه و آله و اتاه بعظم قد رم و بلي ففته بيده و قال يا محمد اتري الله يحيي هذه بعد ما رم فقال صلي الله عليه و آله نعم و يبعثک و يدخلک النار و هذا مما يقطع عرق التأويل و لذلک قال الامام الانصاف انه لايمکن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي صلي الله عليه و آله و بين انکار الحشر الجسماني انتهي انظر بالله عليک الي اخذ العبارة من البداية الي النهاية و اظهرا الفضيلة به لمن يشتبه عليه الامر نعم غير منه کلمة الامام و جعله الرازي لانه علم ان الامام الرازي و کل من اراد انيصنف کتاباً علي هذا قادر عليه فانه يؤلف عبارات الناس و يجعله کتاباً ينسبه الي نفسه و يهلک نفسه بذلک و يجعله اعتراضاً علي اولياء الله.
قال قوله (ره) و هو موجود الآن في غيب الانسان صريح في ان المعاد بالضم الغيب الذي ليس من عالم الشهود.
اقول انظر الي ما رأه الرجل بعين الجحود فيا سبحان الله اي صراحة فيه في ان المعاد بالضم ليس الجسم الظاهر فان کان المراد بالشهادة الصورة الظاهرة المرئية المحسوسة فلا احد من العلماء و المسلمين ادعي ذلک و قوله بانه المعاد فان الظاهر المرئي ربما يکون في اشوه خلقة و اخبث هيئة و ربما يکون المؤمن
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 281 *»
مبروصاً مجذوماً متأکلاً اسود قبيحاً و ربما يکون الکافر في احسن هيئة و اعجب منظر و انعم بدن و هل تظن ان المعاد هو الهيئة المشهودة و يدخل المؤمن الجنة مجذوماً مبروصاً متأکلا في قي و اسهال و استسقاء و قبح منظر و الکافر في احسن جمال و اعدل قامة او يطهر المؤمن عن الاعراض و يصير في انعم بشرة و اعدل جمال و يعود الکافر علي هيئة القردة و الخنازير و المسوخات و الصور المشوهة فان کنت تقول بلزوم عود الصورة المشهودة علي ما هي عليه فقدانکرت الکتاب و السنة و الاجماع و العقل القاطع و ان قلت بتغيير الصورة فقدقلت ان المشهودة لاتعود و لااظنک تري بالاول و لامحة تقول بعدم عود المشهودة لما تقول بعد ذلک بالاجزاء الاصلية فان لمتعد المشهودة فاخبرني ان الاجزاء الاصلية في غيب المشهودة او علي ظاهر المشهودة او هي المشهودة و لا رابع و ما اظنک اذا خلوت بنفسک انتختار الا ان الاجزاء الاصلية في غيب المشهودة يعني ان الاجزاء الاصلية هي غير المشهودة و لاتري بالعين الفضلية ولکنها في هذا البدن مخلوطة به کالبرادة في تراب دکان الصائغ و من البين ان البرادة مغبرة باغبرة الدکان و لاتري صفاؤها و لونها الا انتغسل فاي صراحة في کلام الشيخ اعلي الله مقامه علي ان الجسم المعاد غير هذا الجسم بل هو في هذا الجسم و عليه الاغبرة الفضلية و من يقول بالاجزاء الاصلية و الفضلية ليس يقول انهما في عرض واحد کبرادة الحديد و الذهب اذا خلطتهما فتريان معاً و تمسان معاً و کلاهما من عرض واحد بل الاجزاء الاصلية الطف من الفضلية سبعين مرة و علي جميعها غبار الفضلية قدسترها عن الاحسام ولکنها فيه و لاتتعجب من ذلک فان البلور جسم يقينا و الطف من التراب سبعين مرة و ربما لايري من کثرة الصفا فاذا اغبر بالاغبرة تري الاغبرة و لاتري البلورة و هي فيها بلاشک و جسم بلاشک و عنصري بلاشک الا انها لاتري و لولا ضنتي علي هذه المسئلة انتقع في يد هذا الرجل و امثاله لشرحت المسئلة شرحاً يشاهدها کل من له عينان ولکن اضن عليها و يضيق صدري بابدائها و لايضيق بکتمانها فتبين للناظرين ان قول الشيخ ان الجسم الاول في غيب هذا البدن لا صراحة
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 282 *»
فيه علي انه غير هذا البدن ابداً ولکنه معذور لان عينه لاتري الا هکذا.
قال قوله و هو الباقي الذي لايجري عليه الفناء و الدثور مناف لقوله تعالي کل من عليها فان و يبقي وجه ربک ذو الجلال و الاکرام و لقوله کل شيء هالک الا وجهه و لقول اميرالمؤمنين عليه السلام کما في نهج البلاغة انه سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه کما کان قبل ابتداعها کذلک الي ان قال فان قيل ان مراده رحمه الله من قوله و هو الباقي الذي لايجري عليه الفناء و الدثور بقاء الجسم الاول الي نفخة الصور قلت ذلک في الجسم الثاني الذي صرح فيه بقوله و تبقي الي نفخة الصور الاولي.
اقول انظر بعين البصيرة هل يعترض بهذه الاعتراضات مرتاد للحق و هل يحتمل في مذهب الشيخ ان يکون مراده من عدم فناء الجسم الاول و عدم دثوره عدم تفککه و فساده بالمرة و لو عند نفخة الصور کيف و قدصرح الشيخ اعلي الله مقامه في مقامات عديدة بان جميع المراتب الي العقل تفني فيما بين النفختين و من تلک ما يحضرني الآن في الرسالة السلطانية و هذا صريح عبارته و هذا الجسم الحقيقي لاتفارقه الروح و لايفارقها الا بين النفختين فانه اذا نفخ اسرافيل في الصور نفخة الصعق و هي نفخة الجذب انجذبت کل روح الي ثقبها من الصور و له ست مخازن فاول دخولها تلقي في المخزن الاول مثالها و في الثاني هيولاها و في الثالث طبيعتها و في الرابع النفس و في الخامس الروح و في السادس العقل فاذا تفککت بطلت و بطل فعلها فهي ليست بفانية الا بهذا المعني و لا بممازجة لان الممازجة انما هي في النفوس النباتية و الحيوانية الي آخر کلامه اعلي الله مقامه.
انظر الي نصه علي ان جميع المراتب يتفکک و تبطل اعمالها و افعالها و ذکر انه المراد بالفنا و ان قال انه لايفني فالمراد عدم ذهاب اجزاء مراتب الانسان الي بطلان التعين الشخصي کبطلان شخصية غرفة من الماء اذا صببتها في البحر فاذا تفکک اجزاء الانسان من عقله الي جسمه ليس يبطل شخصيته و تعينه الممتاز به
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 283 *»
عن آخر و يبقي کل مرتبة کبدن مرمي ممتاز عن بدن آخر فيموت المثال بخروج المادة و يبقي محفوظاً عن الالتباس بغيره و يموت المادة بخروج الطبيعة و تبقي محفوظة و هکذا تموت الطبيعة بخروج النفس الملکوتيةو تبقي محفوظة و هکذا و هذا شيء يساعده العقل و النقل و ان کنت تنکر ايضا و تقول بانه لابد و انيفني الاکوان بالمرة فلايکون الا امکاناً محضاً و صلوحاً صرفاً و يعود الاشياء الي العدم فذلک من البطلان بمحل فان ما دخل في ملک الاکوان لايخرج منه الي الامکان بل هو محفوظ في محله و وقته و ان عدم شيء بعد وجوده و انقطاع اجله فليس هو باعدام ما وجد بل هو انقطاع اجل و لايکون الشيء بعد انقطاع اجله و امثل لک مثالاً ان زيدا اذا وجد و کان اياماً في ملک الله فانه يثبت بجميع حالاته في لوح محله و وقته و حده و مهما توجهت الي ذلک الموضع من اللوح تجده مکتوباً هناک و ليس يمحي بعد ما ثبت في محله لانه حينئذ قد ثبت في اللوح المحفوظ و ما ثبت فيه لاينسي و ما کان ربک نسياً و اما اذا مات زيد و انقطع اجله فلاجل انه قدبلغ منتهي کونه و لميخلقه الله اولاً بعد اجله حتييفنيه من موضع خلقه فيه فالذي ثبت و خلق في الاکوان لايرجع الي الامکان و الذي لميخلق فهو معلق حتييخلق علي ما يخلق و ليس المراد بالفناء المذکور في الاية العود الي الامکان ثانياً ثم الايجاد منه لما روي عن الکافي بسنده عن عمار بن موسي عن ابيعبدالله عليه السلام قال سئل عن الميت يبلي جسده قال نعم حتيلايبقي لحم و لا عظم الا طينته التي خلق منها فانها لاتبلي في القبر مستديرة حتييخلق منها کما خلق اول مرة و هذا الخبر نص علي ان القبر يبقي و الطينة المستديرة تبقي مابين النفختين حتييخلق منها کما خلق منها اول مرة و قدمثل الله سبحانه ذلک لذي العينين في قوله او کالذي مر علي قرية الي قوله و انظر الي العظام کيف ننشزها نکسوها لحماً فلماتبين له قال اعلم ان الله علي کل شيء قدير و اذ قال ابرهيم رب ارني کيف تحيي الموتي قال او لمتؤمن قال بلي ولکن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير فصرهن اليک ثم اجعل علي کل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينک سعياً و
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 284 *»
اعلم ان الله عزيز حکيم و هذا هو البيان الذي بينه الله لانبيائه و اصفيائه انه يجمعها بعد التفرق لا انه يعدمها بالکلية ثم يوجدها و المراد بالفناء في الآية و الخبر فناء الترکيب لا فناء عدم و کذلک الهلاک ففي البحار عن محمد بن مسلم قال سألت اباجعفر عليه السلام عن قوله تعالي و ان من قرية الا نحن مهلکوها قبل يوم القيمة او معذبوها عذاباً شديداً قال انما امة محمد من الامم فمن مات فقد هلک و عن ابن سنان عن ابيعبدالله عليه السلام في تلک الآية قال هو الفناء بالموت او غيره و في رواية اخري عنه قال بالقتل و الموت و غيره و فيه عن تفسير علي بن ابرهيم بعد ان ذکر موت الخلايق قال فيقول الله لاسرافيل يا اسرافيل مت فيموت اسرافيل فيمکثون في ذلک ما شاء الله ثم يأمر الله السموات فتمور و يأمر الجبال فتسير ثم ذکر کيفية احياء الخلق
فتبين و ظهر من الکتاب و السنة لمن نظر و ابصر ان الخلق لايفني فناء عدم و انما يفني فناء موت و فساد ترکيب و تفتت اجزاء و مراد الشيخ ان الجسم الاصلي لايفني هو قول الامام ان الطينة الاصلية تبقي مستديرة الي انيحيي منها و قدصرح ايضاً ان الجسم الاصلي ايضاً يفني فناء تفکک و لايفني فناء اعدام فانقطع الاعتراضات بالنصوص من الآيات و الاخبار و العبارات و ادحض حجة المعترض بحمدالله ولکن الرجل معذور فانه اقتفي اثر العامة العمياء و کثير منهم قدذهب الي فناء الموجودات و اختلفوا في کيفية الافناء فعن القاضي و بعض المعتزلة ان الله تعالي يعدم العالم بلاواسطة و عن ابيالهذيل انه تعالي يقول له افن فيفني کما قال له کن فکان و عن جمهور المعتزلة ان فناء الجوهر بحدوث ضد له هو الفناء الي غير ذلک من ترهاتهم و استدلوا بهاتين الآيتين اللتين ذکرهما الرجل تعلماً منهم و انت تعلم ان آل محمد عليهم السلام اعلم ببدء الخلق و عوده لانهم الاعضاد و الاشهاد و قدعرفت تصريحاتهم و تلويحاتهم و انه يطلق الفناء و الهلاک علي الشيء الذي تفکک ترکيبه کقوله تعالي و لقدجاءکم يوسف من قبل بالبينات فمازلتم في شک مما جاءکم به حتي اذا هلک قلتم لنيبعث الله من بعده رسولاً
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 285 *»
و لاشک ان المراد به الموت فقوله کل شيء هالک اي يموت و يتفرق و اصرح من ذلک کله ما رواه المجلسي عن هشام بن الحکم انه قال الزنديق للصادق عليه السلام في کيفية الاحياء اوضح لي ذلک قال عليه السلام ان الروح مقيمة في مکانها روح المحسنين في ضياء و فسحة و روح المسيء في ضيق و ظلمة و البدن يصير تراباً منه خلق و منه تقذف به السباع و الهوام من اجوافها فما اکلته و مزقته کل ذلک في التراب محفوظ عند من لايعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الارض و يعلم عدد الاشياء و وزنها و ان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فاذا کان حين البعث مطرت الارض فتربوا الارض ثم تمخض مخض السقا فيصير تراب البشر کمصير الذهب من التراب اذا غسل بالماء و الزبد من اللبن اذا مخض فيجتمع تراب کل قالب فينتقل باذن الله تعالي الي حيث الروح فتعود الصور باذن المصور کهيئتها وتلج الروح فاذا قداستوي لاينکر من نفسه شيئاً انظر الي صراحة هذا الخبر و کون تراب الروحانيين اي البشر محفوظا و انه يمطر علي الارض و تمخض و تجتمع تلک الترب و من تدبر في الآيات والاخبار وجد الشاهد علي ما قلنا ما لايحصي و في ما ذکرنا عبرة لمن اعتبر و تذکرة لمن تذکر.
قال قوله و له النعيم و العقاب الاليم يشعر بان الجسم الثاني لا مدخل له في الثواب و العقاب فلايجب اذاً اعادتها لانها بمنزلة اللباس و اللباس لامدخل له في الانسان و ذلک مناف لضرورة الدين و الايمان.
اقول هيهنا لميجد عبارة من غيره ينقلها و اکتفي بمحض ادعاء ان ذلک مناف لضرورة الدين و الايمان ليتني علمت ان قوله ذلک اشارة الي اي مشار و علي حسب قواعد الفصحاء في عباراتهم ينبغي انيکون ذلک اشارة الي قوله ان الجسم الثاني لا مدخل له في الثواب و العقاب فاقول اولاً هل عرف النساء و الصبيان و اهل البوادي و الحضر و العوام و الخواص و غيرهم مراد الشيخ بالجسم الاول و الثاني و هل عرفت انت مراده و ما لميبلغ شيوعه في جميع اصناف المسلمين
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 286 *»
لايکون ضرورياً و تخصيص الثواب و العقاب بالجسم الثاني دون الاول فرع معرفتهما و قدتحير في فهمهما العلماء الفاضلون فکيف صار تخصيص الثواب و العقاب بالجسم الاول دون الثاني مخالفاً للضرورة أبمحض الادعاء يمکن الانکار علي الاولياء فيا سبحان الله هل بلغ الضرورة ان اعراض الانسان التي ليست منه و لا اليه تثاب و تعاقب بعقاب الانسان و ثوابه أليس هو بنفسه قداختار ان کان له اختيار ان الاجزاء الفضلية لاتعود و لاتثاب و لاتعاقب و اي شيء انکر علي الشيخ و قدوقع فيما انکر من حيث لايعلم نعم من حفر بئراً لاخيه وقع فيه و سيأتيک انه ايضاً اختار ايراد هذا القول اذا غفل عن عناده.
قال قوله (ره)و الجسم الثاني هو الذي يعبر عنه بانه هيکل کهيکل الدنيا فاذا رأيته قلت هذا فلان
اقول ان اراد من الهيکل صورة بلا مادة فلا معني لذلک اذ الصورة لاتحقق لها من دون مادة و ان اراد الصورة مع المادة فذلک هو الجسد فلا معني للفرق بينهما الا بحسب الاعتبار فالجثة باعتبار انها قابلة للابعاد الثلثة و الهيئة المخصوصة يعبر عنها بالجسم و باعتبار الثقل و الخفة و الزيادة و النقصان يعبر عنها بالجسد.
اقول لميجد بحثا هنا مع عزمه علي رد کل کلمة کلمة الا انينکر عليه بما لايدري اما قول الشيخ اعلي الله مقامه فمأخوذ من قول الصادق عليه السلام في حديث اذا قبضه الله عزوجل صير تلک الروح في قالب کقالبه في الدنيا فيأکلون و يشربون فاذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلک الصورة التي کانت في الدنيا و في رواية اخري عنه عليه السلام هي في روضة کهيئة الاجساد و في رواية اخري عنه عليه السلام المؤمن اکرم علي الله من انيجعل روحه في حوصلة طير لکن في ابدان کابدانهم فتبين ان الشيخ لميقل الا ما وصل اليه من آل محمد عليهم السلام و هل يقدر انيتعرض هذا المتکلف لکلام الصادق عليه السلام ايضاً و يقول ما المراد من هذا البدن و هذا القالب ان کان هو الصورة بلامادة فکذا او کانت
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 287 *»
الصورة مع المادة فکذا فتبين ان الرجل اعترض من غير روية و اما قوله ان اراد من الهيکل صورة بلا مادة فلا معني لذلک اذ الصورة لاتحقق بها من دون مادة الخ فلا معني لبحثه فان علياً عليه السلام سئل عن العالم العلوي فقال صور عارية عن المواد خالية عن القوة و الاستعداد فبين عليه السلام ان العالم العلوي صور بلا مادة و لا استعداد اتقدر انتعترض علي کلامه ايضا ام لا هذا و من البين ان عالم المادة لاتتجاوز عالم الهباء و مافوق ذلک کلها فعليات لا قوة فيها و لا استعداد و عالم القوة و الاستعداد من الطبايع فمادونها و لانمنع کون مادة مجردة لها من سنخ عالمها الا ان المواد الجسمانية و قويها لاتوجد هنالک ابداً و تنقطع عند انقطاع الجسم فارتفع غبار ما ظنه و احتمله في عبارة الشيخ اعلي الله مقامه و اما قوله و ان اراد الصورة مع المادة فذلک هو الجسد فلا معني للفرق بينهما الا بحسب الاعتبار. هذا البحث ليس علي اطلاقه فانه لا کل صورة مع المادة جسد اذ کل ممکن في ملک الله زوج ترکيبي باجماع العقلاء و قدقال الرضا عليه السلام ان الله لميخلق شيئاً فرداً قائماً بذاته و قال الله سبحانه و من کل شيء خلقنا زوجين و قدعرف العقلاء ان کل ممکن له مادة و صورة فعلي ما ظننت لک ممکن جسداني و ليس کذلک فلا کل مادة و صورة جسد فعلي فرض انيکون اراد الشيخ الصورة مع المادة لايلزم انيکون جسداً علي ما ظننت و لا ابين لک مراد الشيخ حتيتبقي علي ما انت عليه و ليس غرضي في هذا الکتاب بيان الحق من مرادات الشيخ بل قصدي اظهار ان ابحاثک لاترد عليه بالکتاب و السنة و مشاهدة العقل السليم حتييعرف العقلاء انک لمتنطق الا فيما لايحل لک و ما تعاقب عليه و اما قولک فالجثة باعتبار انها قابلة للابعاد الثلثة و الهيئة المخصوصة جسم و باعتبار الثقل و الخفة و الزيادة و النقصان جسد فهذا القول ايضاً خطاء فان الجثة في لسان العرب بمعني شخص الانسان قال في القاموس جثة الانسان شخصه و شخص الانسان هيئته کما هو ظاهر و هيئة الانسان ليست بقابلة للابعاد و الهيئة و انما القابلة لها هي الجوهر و لذا اطبق الحکماء علي ان الجسم هو الجوهر القابل
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 288 *»
و اما الجثة اي الشخصية فهي الجسم التعليمي لا الطبيعي و اما قوله في معني الجسد فان اراد اللغة فليس کذلک فان الجسد سمي بالجسد اما لالتصاق اجزائه بعضه ببعض کما يقال في العربية جسد الدم به کفرح اي لصق او من جهة اليبس و الجمود بعد ان کان ذائباً و ماء و نطفة آخذاً من الجسد بمعني الدم اليابس و لو کان الجسد يطلق بهذا الاعتبار الذي ذکره لکان هذه الجهات من معاني الجسد و لميسمع فهو محض خيال عرض له او اصطلاح وضعه حال کتب الکتاب و الا فانا لمنسمع هذا الاصطلاح من احد و مع ذلک البحث فيه قليل الجدوي فليکن ماکان.
قال قوله و هو الذي اذا قبض ملک الموت الروح قبضها فيه و اخذها معه و تبقي الي نفخة الصور الاولي و هذا الجسم ظاهر الجسم الاول
اقول يريد بذلک القالب المثالي و لاريب في ان الروح تتعلق بذلک عند الموت لان الجسد العنصري کان حجاباً عن مشاهدة البرزخ و احواله فاذا قطع تعلقه عن هذا البدن تعلق به فالاولي التعبير کما عبر في الاخبار و هو ان الروح صير في قالب کقالبه في الدنيا و في بعض الاخبار في ابدان کابدانهم و انهم في حجرات الجنة يأکلون و يشربون اقول و ذلک هو الجسد الاول الذي يقول هو مخلوق من عناصر هورقليا.
اقول قوله يريد بذلک القالب المثالي صحيح و قوله لاريب ان الروح تتعلق بذلک الي آخره کلام صدر عن غير محقق فانا نسألک عن ذلک القالب أهو موجود مع الانسان في جسده مع روحه او هو شيء خارج يؤتي به و يلبس علي الروح فان قلت انه موجود في بدن الانسان فالروح متعلقة به في الدنيا ايضاً الا ان الروح حين انهماکها في الدنيا غافلة عنه فاذا رفعت النظر عن الدنيا رأتها کما تراه في المنام و تراه اذا غرق الانسان في بحر التفکر حتي لميدرک حواسه الظاهرة شيئاً من الامور الظاهرة فيجد الانسان الامثلة حينئذ مجسمة محسوسة و کذلک عند الموت يريه الانسان لا انه يتعلق به و حين هو حي غير متعلق به و ان لميکن مع الانسان و يؤتي بشيء خارج فذلک يورث لک جرحاً لايداوي و لا اظنک تقول به فان الغير لايعذب
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 289 *»
و لايثاب بعذاب الغير و ثوابه و ان قلت انه موجود مع الانسان في بدنه و مرادي بالتعلق تعلق النظر فهو مطلب الشيخ و قدغيرت العبارة و افسدت الدلالة و اما قوله و الاولي التعبير کما عبر في الاخبار فلعمري يضحک منه الثکلي فانک صرت من اجل ذلک کناقل التمر الي حجر و حامل الکمون الي کرمان و داعي المسدد الي النضال فان الاقتفاء اثر الاخبار و ايراد الفاظ الاخبار و ادراجها في کلماته و عدم العدول عنها مهما امکن هو من شأنه و هو کفيله و منشاؤه في آخرالزمان و لميعهد من غيره الي هذه الايام ذلک بل لو فتش الانسان کلماته و قاسها مع الاخبار لوجد کل کلمةکلمة من عباراته اشارة الي لفظ خبر او معناه او تأويله او باطنه فانه اعلي الله مقامه متمحض في اقتفاء آثارهم و اتباع اخبارهم و الذي قاله و هو الذي اذا قبض ملک الموت الروح قبضها فيه و اخذها معه هو ايضاً مضمون الخبر و هو قول ابيعبدالله عليه السلام ان الارواح في صفة الاجساد في شجرة في الجنة فبين ان الارواح في صفة الاجساد و لميقل يصير فيها او يجعل و ان قال عليه السلام في حديث آخر صير تلک الروح في قالب کقالبه في الدنيا الا ان الشيخ اعلي الله مقامه اختار مضمون ذلک الخبر ارادة معني لايؤدي الا به و ان کان القول بالتصيير ايضاً صحيحاً فان التصيير في هذا المقام کقولک طبخت الطين فجعلته آجراً او صيرته آجراً و ليس طبخک الا تصييرک او تقول نزعت ثيابه و صيرته في قميص وحده و قدکان عليه القميص قبل و کذلک اذا قلت يقبض الروح فيصير في قالب ليس انه لميکن في ذلک القالب قدکان فيه لکن کان معه غيره فنزع غيره و صير في ذلک القالب وحده بالجملة لميتجاوز الشيخ معني الخبر وان لميختر لفظ هذا الخبر لحکمة فقداختار لفظ خبر آخر لحکمة اخري هذا و لا جدوي في هذا البحث کما هو ظاهر.
قال وهذا الجسد هو الطينة التي خلق منها الانسان ما ادري ما مراده (ره) من کون الجسد طينة اذ الجسد لايکون الا بعد تفکک اجزائه و تغير اوضاعه و ارتفاع صورته و انهدامه و هو يقول انه يبقي في القبر مستديرة و يفسر استدارته
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 290 *»
بانتکون اجزاء رأسه مما يلي رأس قبره و تليها اجزاء رقبته و تلي اجزاء رقبته اجزاء صدره و تليها اجزاء بطنه و تليها اجزاء رجليه کما صرح بذلک في شرح الحکمة العرشية فقوله هو الطينة التي خلق منها الانسان ان اراد ان الجسد الدنيوي خلق من هذه الطينة فقد صرح ان ذلک مخلوق من هذه العناصر المعروفة وان اراد ان الجسد البرزخي خلق من هذه الطينة فهي هو لا مغايره بينهما علي ما يقول و الحق ان الجسد البرزخي خلق من عناصر البرزخ و بهذا الجسد يعيش في حجرات الجنة او يعذب بالنار الي يوم القيمة و الطينة التي تبقي في القبر مستديرة هي الاجزاء الاصلية من هذا الجسد المخلوق من هذه العناصر المعروفة قوله عليه السلام فانها لاتبلي تبقي في القبر مستديرة حتييخلق منها کما خلق اول مرة انها محفوظة في جميع الاطوار مستديرة في الاحوال المتبدلة المتغيرة الي الهيولي الشخصية و دائرة الي المادة الاصلية و عائدة الي الاصل الاولية.
اقول قوله ما ادري ما مراده کلمة حق صدق فيها لايدري هو و لا امثاله و لا اعلي منه بدرجات فان علمه اعلي الله مقامه عند حامليه لميتجاوز الي غيره و اما قوله فان الجسد لايکون الا بعد تفکک اجزائه الي آخر رد علي الصادق عليه السلام لا علي الشيخ فان الشيخ تبع الصادق عليه السلام في کلامه و اما قوله و هو يقول انه يبقي في القبر مستديرة هو لايقول الصادق عليه السلام يقول و اما قوله ان اراد الجسد الدنيوي الي آخر نقلب الکلام عليه و نقول انت فسرت الطينة الباقية بالاجزاء الاصلية و تقول لاتعود الا الاجزاء الاصلية و تقول هي مستديرة حتي يخلق منها کما خلق اول مرة و مع ذلک تقول الجسد لايکون الا بعد تفکک اجزائه فما تعني بالاستدارة ان عرفتها و ما تعني بانه يخلق منها ان قلت الاعراض خلق منها نافي قولک ان الفضلية لاتعود و ان قلت الاصلية خلق منها فهي هي لاتغاير بينهما و اما قولک في معني الاستدارة انها مستديرة الي الهيولي و دايرة الي المادة فکلمات غير عربية و لا معني لها فانه لايقال فلان دار الي فلان و دائرة الي فلان
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 291 *»
و کذا قولک عائدة الي الاصل الاولية جري علي خلاف العربية و مع ذلک کله تفسير للخبر بالرأي و الهوي و متي کان معني الاستدارة في الشيء الواحد لغة او شرعاً العود الي الاصل الاول هذا و الاصل الاول ان کان هو الاجزاء الاصلية فهو هي بعينها و ان کان غيرها فالشيء لايعود الي غيره و اما ما فسره الشيخ للاستدارة فهو فرع العلوم التي مرت لاسيما علم عالم هورقليا و معرفة ارضه و سمائه و اشکال مواليده حقيقة و علم الهيئة و معني حرکة الشيء علي القطب و حرکته علي المحور و الحرکة في الوضع و الحرکة عن الوضع و الحرکة المستقيمة و الدورية و معني السطح و الکرة في الحقايق و استواء الرحمن علي العرش و الحرکة علي التوالي و علي خلاف التوالي في الاکوان و اعلم انه ليس المراد من کلام الشيخ هذا ظاهره و انما هو رطنه الذي لايعلمه الا ولد بطنه و اني ضنين بشرحه لک و لامثالک لان بقاؤکم علي ما انتم عليه احب الي من انتقالکم عنه و انا شرحنا ذلک في مباحثاتنا و ساير کتبنا مکرراً و قدعلمه الآخذون عنا و الحمد لله.
قال قوله (ره) و اما الجسد الثاني فهو مخلوق من هذه العناصر المعروفة تكون منها من لطائف الاغذية فاذا تفكك في القبر رجع ما فيه من النار الي عنصر النار و امتزج بها و ما فيه من الهوي الي الهوي كك و كك الماء و التراب و ذهب فلايعود خلاف ما اتفق عليه جميع المليين و مناف لضرورة الدين و الآيات الكريمة في ذلك ناصة لايعقل تأويلها و لقد نزل من القرآن المجيد قريباً الي مائة و اربعين آية من قبيل قوله سبحانه و ضرب لنا مثلاً الآية.
اقول ما ادري اي شيء انكر من هذا القول أليس هو ايضاً يقول ان الاجزاء الفضلية يلتحق نارها بالنار و هواؤها بالهواء و كذلك ماؤها و ترابها يلتحق كل بجنسه و هل يريد الشيخ من الجسد الثاني الا الاجزاء الفضلية و هل يريد من الجسد الاول الا الاجزاء الاصلية و ان استوحشت من قوله ان الجسد الاول من عناصر هورقليا فهو اصطلاح له خاص و لايريد من هورقليا الا اصول هذه العناصر و لايريد من عناصر هذه الدنيا الا الاجزاء العرضية فكما ان للانسان اصلية و فضلية
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 292 *»
لكل من هذه العناصر اصليةو فضلية بل للسموات ايضاً اصلية و فضلية و قدثبت في محله و اصول هذه العناصر الطف من فضول السموات و لذلك يقول ان الجسد الاول المركب من اصول العناصر الطف من محدب العرش و الفرق بينك و بينه انك اعترفت بالاصول و الفضول و لمتعرف حد لطافة الاصول و تفصيلها و هو عرف حد لطافتها و شاهدها فقال انها الطف من محدب العناصر فاصطلح هورقليا للاصول و الدنيا للاعراض والجسد الاول للاصول و الجسد الثاني للفضول و قال ان الجسد الدنياوي اي الاعراض الفضلية تعود الي اصول الاعراض عود ممازجة و لاتعود و الاجزاء الاصلية التي اصطلح لها الهورقليا و قال هي تبقي مستديرة الي انيخلق منها فلاترد اعتراضاتك الا علي ظنك السيء باولياء الله و تجل ساحتهم عما افتريت عليهم ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون و شاهد ذلك قوله اعلي الله مقامه حيث يقول في بيان الاجساد و الاجسام مثاله الزجاج فانه من الصخر و القلي و هما كثيفان بمنزلة الجسد العنصري المعروف عند العوام فلما اذيب ذهبت منه الكدورة فكان هو بنفسه زجاجاً شفافاً يري ظاهره من باطنه و باطنه من ظاهره و هو نظير الجسد الثاني الذي يبقي في القبر يدخل عليه من الجنة روح و ريحان و الكثافة نظير الجسد العنصري انظر كيف خرج من الصخر و القلي الكثيفين جسد شفاف لطيف و هو ذلك الصخر و هو غيره و هذا الزجاج اذا اذيب و القي عليه الجمع بجسمه في الطبع كان بلوراً كما لو القي عليه دواء الحكماء و الذي هو اكسير البياض فيكون بلوراً يحرق في الشمس لانه يجمع الاشعة التي تقع عليه من الشمس و هذا من الزجاج بل هو هو و انما اتاه شيء صفاه حتي كان اعلي مرتبة من الاول و هذا نظير الجسم الذي يخرج مع الروح و يدخل جنة المغرب جنة الدنيا و هذا البلور اذا اذيب و القي عليه الدواء الابيض كان بلوراً محرقاً و لما اذيب ثانياً و القي عليه الدواء ثانياض كان الماساً اذا وضع علي السندان و ضرب بالمطرقة خاض فيهما و لمينكسر و اذا ضرب بالاسرب و هو الرصاص الاسود انكسر مثلثاً مكعباً مكعباً و هذا علامة صحة كونه الماساً و كونه الماساً دليل علي انه كان غايباً في حقيقة الصخر لانه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 293 *»
قدتركب من الاصلين المعروفين و هو الزيبق و الكبريت علي ما قرر في الطبيعي و هذا الالماس المتخلص نظير اجسام المؤمنين في جنةالآخرة الي اخر كلامه اعلي الله في دار الخلد اعلامه و هل ابقي بعد هذا الكلام باقية يخدش فيها خادش و ما ذا ينكر من هذا المذهب عاقل فضلاً عن عالم او حكيم أليس الزجاج في غيب الصخر و هو هو و هو صافيه و لطيفه و هل صقع وجود الزجاج اعلي من صقع الصخر او معه في رتبته فمن عرف ان الالطف الاشرف الاوحد اقرب الي المبدء عرف ان صقع الزجاج اعلي من صقع الصخر و هذا معني قوله اعلي الله مقامه ان الجسد الاولي فوق محدب محدد الجهات فانه الطف من الاجسام العرضية و اشرف و اقرب الي المبدء و كما ان الزجاج غيب الصخر فان الصخر مشهود و الزجاج غايب عن درك البصر الجسد الاول غيب الجسد الثاني لان الجسد الثاني مشهود للاعين العرضية و الجسد الاول غايب عن درك الحواس العرضية و لكن هو هو بعينه كما نص عليه في رسالةالرجعة ان جنةالدنيا بعينها جنةالآخرة كما ان جسدك في الدنيا هو جسد البرزخ و هو جسد الآخرة كما نص عليه هنا ان الزجاج هو ذلك الصخر و مراده انه منه و اليه و مراده من قوله انه غيره انه صفوه و خالصه و هو كثيف و كذلك الجسد الاول بعينه جسد الآخرة فانه يصفي عن الكدورات كما صفي الزجاج فصار بلوراً فالماساً فالالماس هو ذلك الصخر لانه منه و اليه و هو غيره لانه لاينكسر بغير الاسرب و الصخر ينكسر فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم و الا فاستعد للجواب فان له معكم جواباً عند الله و ليعلم مؤمن ان الشيخ الاجل تابع لسادته و كلماته تابعة لكلماتهم فيها محكم و متشابه و مرسل و محدود و عام و خاص و لايمكن انيذكر الانسان جميع حدود المطلب في عبارة واحدة لاسيما اذا كان متوقفاً علي علوم عديدة فانت رأيت شيئاً و غابت عنك اشياء و هو لميبق لمحتج حجة ولكن علمه في كتبه متفرق و عند حامليه مجموع و عن الاغيار غايب فان كان متق فليتق الله و لايعترض الا علي حامل علمه شفاها او فليسكت فان الرأس حصيد اللسان و علي من فهم الكلام السلام.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 294 *»
قال قوله اذ لا حساب عليه و لا عقاب و لا نعيم له و لا ثواب و لا شعور فيه و لا احساس و لا تكليف عليه و لا مدخل له في الحقيقة و انما هو بمنزلة ثوب لبسته ثم تركته و لبست غيره اقول ذلك خلاف ما صرح به في كتبه من تحقيقاته من ان الموجودات كلها مكلفة و اذا ثبت تكليف الاجسام وجب حشرها للجزاء ثم ذكر استدلال الشيخ اعلي الله مقامه علي شعور كل شيء و مكلفية كل شيء الي ان قال الرجل اقول عليك بالله هل يكون التناقض اوضح و ابين من هذا او يكون التنافي في المرام اظهر و اعلن من هذا ام يكون الحكيم المتوغل امتن من هذا.
اقول لشيخي و سيدي:
لقد اسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حيوة لمن تنادي
يا ايها الرجل استعد للجواب يوم يقوم الحساب اي تناقض بين الكلام و اي اختلاف في المرام و هو من عند الله سبحانه و لو كان من عند غير الله لوجد فيه اختلافاً كثيراً كقولك حيث لمتنطق في جميع كتابك بكلمتين متوافقتين كما بينت للناظرين و مراد الشيخ ان الاعراض ليست مكلفة و لا جزاء عليها يعني انها ليست مكلفة بتكليف الانسان و لميتعلق بهم الخطابات الشرعية الانسانية و لا جزاء لها يعني في جنة الاناسي و نارهم و لاتحشر حيث يحشرون في درجتهم لا انها لا تكليف لها اصلاً الشيخ ليس بنسي ولكن علمه متفرق في كتبه و في كلماته عام و خاص و كلام الملوك ملوك الكلام و انت لو عددت هذا من التناقض لكان في كتاب الله و سنة نبيه اكثر و اكثر و كل شيء قلت هناك قلنا هنا فان قلت ان مذهب اهل العصمة معلوم و يجب تأويل ما يوجد في كلماتهم مما يتراءي منه خلاف مذهبهم اليه قلت كذلك ان مذهب الشيخ معلوم عند اصحابه و هم يعرفون محكم كلامه من متشابهه و عامه من خاصه و ظاهره من مأوله و ان قلت لم جعل كلامه كذلك قلت لم جعل آل محمد عليهم السلام كلامهم كذلك فما قلت هنالك قلنا هنا و وجهه ما قاله سبحانه ان الساعة آتية اكاد اخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي و من وجوهه ليتبع الذين في قلوبهم زيغ ما تشابه منه و يظهر تسليم المسلم و حقد الحاقد و عناد المعاند كما ظهر و قدجعل في كلامه اشارة لاهلها و هو قوله و هو بمنزلة ثوب
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 295 *»
لبسته ثم تركته و ثوب الانسان من اجزاء العالم من غير انسان من جماد او نبات او حيوان و كلها مكلفة بتكليفها لقوله سبحانه كل قدعلم صلوته و تسبيحه و قوله و ان من شيء الا يسبح بحمده و لقوله و ما من دابة في الارض و لا طاير يطير بجناحيه الا امم امثالكم و لقوله و ان من امة الا خلا فيها نذير فكيف ارضي الرجل نفسه بانيظن في الشيخ انه نسي هذا المقام و لمينشره بين العالم الا هو و كانوا من قبل يأولون كلما يدل علي شعور الجمادات و النباتات و اختيارها و تكليفها و هو قداسس هذا البنيان و اظهر الامر بالبرهان فكيف يمكن في حقه انينسي هذه المسألة الكلية العظيمة التي هي اصل من الاصول و عليه يتفرع فروع كثيرة يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن ان بعض الظن اثم و قدبينت ان كلام الشيخ تبع لكلام ساداته فمنه محكم و منه متشابه و اما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و ما يعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم و المتعلمون منهم.
قال قال في شرح الحكمةالعرشية طريقتنا ان زيداً له جسدان فالجسد الاول هو الظاهر المؤلف من العناصر الاربعة السفلية و فيه يشارك الشجر و هذا بعد الموت يتلاشي في قبره شيئاً فشيئاً و كلما تحلل فيه شيء لحق باصله فيمتزج به فتلحق ترابيته بالتراب فيمتزج به و تلحق مائيته بالماء فتمتزج به و تلحق هوائيته بالهواء فتمتزج به و تلحق ناريته بالنار فتمتزج به و الجسد الثاني في غيب الاول و هو من هورقليا نزل منه و كلما انفصل منه و تفرق قر في قبره في استنارة محله و بنيته حتيتتفرق جميع اجزائه فيكون في قبره مستديراً و هو الطينة التي عناها الصادق عليه السلام بقوله تبقي طينته التي خلق منها في قبره مستديرة الي ان قال قال اعلي الله مقامه فان قلت ظاهر كلامك نفي ان الجسد الاول يعاد و يلزم منه القول بنفي المعاد الجسماني قلت ليس حيث تذهب لانا نريد بالجسد الثاني المعاد و هو هذا الجسد المرئي الملموس بعينه و هو جسد الآخرة ولكنه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 296 *»
يكسر و يصاغ صيغة لايحتمل الفساد و الخراب و هذه الصيغة الدنياوية تفسد فاذا كسرت ذهبت الصورة الاولي المعبر عنها بالعناصر التي اشار اليها اميرالمؤمنين عليه السلام قال في النفس النباتية في الانسان فاذا فارقت عادت الي ما منه بدئت عود ممازجة لا عود مجاورة والحاصل نريد بالجسد الاول العنصري الاعراض الدنياوية فان الجسد الثاني الذي يحشر فيه لما نزل الي الدنيا لحقته اعراض عنصرية كالثوب اذا لبسته لحقه وسخ عارض ليس منه فاذا غسلته ذهبت اعراضه و لميذهب منه شيء فتأمل وافهم مذهب ائمتك و هداتك عليهم السلام. اقول اعتذر (ره) عن نفي المعاد الجسماني بما هو افضح في الدين و اصرح في النفي عند اهل البصيرة و اليقين قوله و هو هذا الجسد المرئي الملموس بعينه مناف لقوله فاذا كسرت ذهبت الصورة الاولي المعبر عنها بالعناصر التي اشار اليها اميرالمؤمنين عليه السلام الي قوله لاعود مجاورة اذ ذلك صريح في ان الجسد المرئي الملموس تتلاشي فتعود الي ما منه بدأت.
اقول من لميجعل الله له نوراً فما له من نور اللهم انا نعوذ بك من مضلات الفتن فانها لاتعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور و لابد هنا اناشير الي بعض كلمات الشيخ اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه حتيتعرف مراتب عناد الرجل و تتعجب انه كيف عمي عن رؤية الحق الظاهر الباهر فالاشارة الاولي في قوله اعلي الله مقامه في قوله من العناصر الاربعة السفلية فابان ان هناك عناصر علوية فالعناصر السفلية خلقت منها الجسد الاول اي الدنياوي و العلوية خلقت منها الجسد الثاني الهورقلياوي و ابان عن نسبة العناصر الدنيا و الاولي بقوله ذهبت الصورة الاولي المعبر عنها بالعناصر فابان بهذه الكلمة ان العناصر الاولي صرف صورة و هيئة للعناصر العليا و لذا يعبر عنه في غير هذا المقام بالجسم التعليمي و هو صرف المقادير و الهيئات ثم اكد ذلك بقوله نريد بالجسد الاول العنصري الاعراض الدنياوية فابان بهذه الكلمة ان الجسد الاول اعراض و فضول فهو اعراض وصفية مقدارية و ليست باعراض جوهرية للجسم الاصلي و انما هي محض هيئة و مقدار و اكد ذلك انه وسخ عارض ليس منه فاذا غسلته
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 297 *»
ذهبت اعراضه فتبين من هذه الجملة انه لايريد من الجسد العنصري الدنياوي الا محض الصورة الدنياوية المقدارية المعبر عنها بالجسم التعليمي و يريد بالجسد الاصلي اصول هذه العناصر و جواهرها التي عرضتها تلك المقادير الهيئية و من البين عند كل عاقل ان الهيئات الدنياوية لاتعود فان البدن يكسر في القبر و يصاغ صيغة اخري علي حسب عمله ان خيراً فخير و ان شراً فشر و لا عبرة بالهيئات و انت لو تدبرت في الاشخاص و لمستهم بالاخماص لعرفت انك لاتري بعينك منهم الا لوناً و شكلاً و باذنك منهم الا صوتاً و بانفك منهم الا رايحة طيبة او منتنة و بذوقك الا طعماً و بلمسك الا حرارة و برودة و رطوبة و يبوسة و ما يتبعها و كل ذلك كميات و كيفيات و صور و ليس شيء منها بجوهر و ليس ما تحس الا جسماً تعليماً و اما الجوهر فغائب عن درك هذه الحواس البتة و انت تري بعينك ان هذه الكيفيات تذهب في الحيوة الدنيا و يخلفها غيرها فضلاً عن حال الممات و ان هذه الكيفيات و الصور المحسوسة غير عائدة لانها ليست من الانسان و لا اليه الاتري انك تلقي مؤمناً كريه المنظر نتن الرائحة خشن البشرة ذا امراض خبيثة كريهة و تلقي كفاراً اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و انيقولوا تسع لقولهم أتزعم ان المؤمن يحشر بصورته في الدنيا و الكافر بصورته و لا اظن عاقلاً فهماً يظن ذلك فضلاض عن انيتفوه به فتبين ان الجسد العنصري باصطلاحنا الذي هو الجسم التعليمي باصطلاح اهل الهيئة و الجسم العرضي باصطلاح الحكماء و الاوساخ و الارمدة باصطلاح الفلاسفة لايعود و انما يمتزج بعد تفككه باصوله و هذا اصطلاح لنا خاص لايعرفه غيرنا و غير من اخذ عنا و ما لميعرف الانسان علم الصناعة خاصة لايكاد يعرف من هذه المسئلة ظاهراً و لا باطناً و يشترط فيه ساير العلوم التي مر ذكرها عامة فاي ايراد يرد علي كلام الشيخ اذا قال ان اللون لايعود و الشكل لايعود و الرايحة لاتعود فان لمتعرف ما قلت من كلامه فقدخالفت التقوي اذ جسرت عليه و ان عرفت ما قلت فلم عثرت علي عقلك الشيخ ينادي علي نفسه في محكم كلامه انا نريد بالجسد الثاني المعاد هو هذا الجسد المرئي الملموس بعينه و هذا جسد الآخرة و انت تغمض عنه و تتمسك بمتشابه كلامه و لما يأتك تأويله نعوذ
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 298 *»
بالله من ضلة الاحلام و زلة الاقدام و الجسارة علي الله و علي رسوله و الائمة و الاولياء عليهم السلام ان الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و اثماً مبيناً بل هو اذية الله و اذية رسوله صلي الله عليه و آله و الائمة عليهم السلام الحاصل و اما قوله هو هذا الجسد المرئي الملموس بعينه و هو جسد الآخرة و قدقلنا ان ما يدرك بالحواس الظاهرة اعراض لاتعود و الجوهر الاصلي لايدرك فاعلم ان مراده ان هذا الجسد المحسوس الملموس يحشر لكن بعد التصفية و مثل هذا الاطلاق لاجل ما يؤل اليه و في الاخبار و في كلمات العلماء الابرار كثير كقول النبي صلي الله عليه لجمل عليه حمل حنطة هريسة تمشي و انما هي هريسة بعد الطبخ و النضج و قدقال تعالي الذين يأكلون اموال اليتامي ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً و انما هي نار لكن بعد التصفية او هي الآن نار هناك و هي هريسة في مكانها و وقتها و كذلك هذا البدن هو ذلك البدن و الصخر هو البلور الا انه يصفي او هو هو هناك او ان الذي يشار اليه من الشيء هو ما به الشيء شيء لا ما هو خارج عن الشيء كما انك اذا اشرت الي زيد تريد اصل بدنه في الظاهر و لاتريد اوساخه و ثيابه فاذا قال الشيخ ان هذا الجسد هو ذلك الجسد يريد اصول هذا الجسد هو ذلك الجسد لا اوساخه و اعراضه.
و اما قول الرجل اعتذر رحمه الله عن نفي المعاد الجسماني بما هو افضح في الدين و اصرح في النفي عند اهل البصيرة و اليقين محض ادعاء بلاحجة و لا برهان و لو كان محض لانسلم علماً و تحقيقاً لكان كل احد يقدر علي فتح فلق فيه عالماً محققاً و اي بينة لك علي انه افضح في الدين و اي فضيحة في الدين اعظم من القدح علي اولياء الله من غير حجة و لا برهان هذا و كلامه انور من الشمس في رابعة النهار و اوضح في الدلالة علي الحق من العلم المنار كما اشرت اليه ولكن اذا لميفهم الغريب لغة اهل الديار لميدل علي انهم يخبطون في محاوراتهم يغلطون في كلماتهم.
قديطرب القمري اسماعنا
و نحن لانعرف الحانه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 299 *»
هذا و العجب ان الشيخ اعلي الله مقامه ينص مرة علي ان من لميقل بالمعاد الجسماني كافر خارج عن الاسلام و مرة بان اصطلاحه في العنصري الجسم التعليمي و مرة بان التعليمي عرض و صبغ و هيئة محضة و مرة بان هذا الجسد بعينه يعود و مع ذلك كله يقول الرجل بما يقول كفي بالله شهيداً بينه و بينهم ما ادري في دينكم هذا باي شيء يسلم المسلم ان كان بالاعتراف باركان الايمان و التصريح عليها و الاخذ بها ثم اذعانه بان ما تسمعون مني ما هو خلاف ما تعتقدون فانما هو اصطلاح لي خاص او لقوم خاص و انا عند الحاجة انطق به لحكمة داعية و مع ذلك يصرح بقول محكم ان مرادي بهذه المتشابهات هو موافق لما تجمعون عليه و انا منكم فبم تنكرون علي من فعل ذلك هل الدين طوع هويكم فيكفر من شئتم و يؤمن من شئتم اما تتقون الله الذي اليه معادكم اما تراعون ذمام الاسلام اما تلاحظون عهود الايمان.
و اما قوله قوله و هو هذا الجسد المرئي الملموس بعينه مناف لقوله فاذا كسرت ذهبت الصورة الاولي المعبر عنها بالعناصر التي اشار اليها اميرالمؤمنين عليه السلام الي ان قال اذ ذلك صريح في ان الجسد المرئي الملموس تتلاشي و تعود الي ما منه بدأت ففي غاية الغرابة و اي تناف بين القولين و قدذكرنا ان المشير اذا اشار الي زيد في شبابه و قال هذا زيد ثم قال بعد سبعين سنة هذا زيد تقع اشارته علي شيء واحد و لولا ذلك لكان احديهما كاذبة و يشهد كل عاقل بان المشار في الحالين واحد مع انه قدتحلل منه ما تحلل و تبدل منه ما تبدل ولكن المتحلل و المتبدل الفضول و الاصول باقية بابقاء الله سبحانه كيف يشاء و كما انك تشير الي ثوب في حال تلوثه بالاوساخ و تشير اليه بعد نظافته و المشار واحد و ليست الاعراض موضوعة للاسماء و لا مصداقة للالفاظ فانها اشياء خارجة عن حقيقة الموضوع و المصداق و كذا الاشارات تقع علي الموضوعات و المصاديق فاذا قال الشيخ هذا الجسد المرئي الملموس يريد به جوهره لا هيئاته المتغيرة المتبدلة الذاهبة الجائية في كل آن و معلوم ان جوهره الدنياوي هو الجسد البرزخي و هو الجسد الاخروي بلاتفاوت بل اقول انا ان سماوات الدنيا و
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 300 *»
عناصرها هي سماوات البرزخ و عناصره و هي سماوات الآخرة و عناصرها بعينها الا ان في الدنيا هيئآت و صوراً عرضية تبطل بانقراض الدنيا و في البرزخ هيئآت و صوراً عرضية تبطل بانقراض البرزخ و نفخ الصور و تبقي جوهر هذه السماوات و هذه الارضين صافية و انما مثل الدنيا و البرزخ و الآخرة مثل رجل كان مستلقياً ثم قعد ثم قام فالاستلقاء له عرض يزول اذا قعد و القعود له عرض يزول اذا قام و زيد حال الاستلقاء هو زيد حال القعود و القعود له عرض يزول اذا قام و زيد حال الاستلقاء هو زيد حال القعود و هو زيد حال القيام و انما اختلف اعراضه و لقد اسمعت لو ناديت حياً بل اقول لو وزن زيد حال استلقائه و حال قعوده و حال قيامه لميختلف بوجه و وزنه واحد في كل الحالات.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا
و ان لميكن فهم فيأخذه عنا
و ما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد
عليه و كن في الحال فيه كما كنا
فمنه الينا ما تلونا عليكم
و منا اليكم ما تلوتم به عنا
و ليس مذهب الشيخ الا هذا و ليس باطنه و لا ظاهره غير هذا فان صدقت فقد سبقت لك من الله الحسني و ان كذبت فاستعد للجواب عند القاضي بالحق بالفصل الخطاب و قدعبر الشيخ الاوحد عن هذا المطلب بانحاء البيان ولكن لمن له اذنان و ليس يكاد يفهم منه الا من اخذ عنه فان كان الانسان من اهل العلم و اراد انيفهم ذلك علي الحقيقة فليحصل اولاً مباديه و هو ما قدمنا من العلوم و ان كان من اهل الباطن فليحصل مباديه و هو ما عددنا آنفاً و ان كان من اهل الظاهر فليكتف بتصريح الشيخ و هو ان المعاد بالضم هو هذا الجسد المحسوس و من قال بغير ذلك فهو كافر و عن ربقة الاسلام خارج لكن من الناس من يقول و لا يفهم و منهم من يقول و يفهم و انت يا ايها الناظر لو اجلت النظر و ادرت الفكر في كلمات هذا الرجل لرأيت انه لميرد كلام الشيخ الا بصرف لانسلم او بمحض ادعاء انه مناف لكذا او هو خلاف كذا فان كان من فرسان الميدان فلم لميتكلم بكلام و لميحقق تحقيقاً و لو كان رسم تصنيف الكتاب و الاعتراض علي العلماء كذا لكان كل طفل من المكاتب عالماً نحريراً مصنفاً فان كل طفل يقدر علي انيورد فقرات
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 301 *»
كتاب فحل من الفحول فقرة فقرة و يكتب تحت كل فقرة لانسلم هذا و هذا خلاف البداهة و هذا خلاف الاجماع ثم يتمم بذلك كتاباً و يشهر بين العوام ان فلاناً رد علي كتاب فلان و يرسله الي البلاد و العباد هيهات ان علي ثغور المسلمين رجالاً مسلحين بآلات الحراب يذودون عن بلاد الاسلام ذود الابل الغريب عن المشارع و لله سبحانه في كل خلف عدول ينفون عن دين الله تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان جميع اعتراضاته نفخ في غير ضرام و انها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جائه لميجده شيئاً و وجد الله عنده فوفيه حسابه و الله سريع الحساب ألم تتنبه من كلامه اعلي الله مقامه بما اشار فاذا كسرت ذهبت الصورة الاولي المعبر عنها بالعناصر فاصطلح العناصر الدنياوية علي الصورة و قال ذهبت الصورة و لميقل ذهبت المادة و الجوهر الذي هو اصل جسمه و انما مثل ذلك ما مثله الامام عليه السلام انه كاللبنة كسرتها و وضعتها في الملبنة و صورت لبنة اخري فهي هي و هي غيرها و انما ذهبت الصورة الاولي اذا كسرت و جعلت ثانياً في جسد كجسدها الاول اي صورة كصورتها الاولي كما قال عليه السلام فافهم ان كنت تفهم ولكن عين العداوة عمياء لاتبصر و اذنها صماء لاتسمع.
قال قوله نريد بالجسد الاول العنصري الاعراض الدنياوية يعني انها لاتعود و لاريب في انها هي الملموسة المحسوسة في هذه الدنيا فليس هذا الا نفياً للمعاد الجسماني.
اقول: اعاذنا الله من غمص الحق و حقده الشيخ يصرح باني اريد من الجسد الاول العنصري الاعراض اي الاجزاء الفضلية و الاوساخ لا اصول هذه العناصر و جواهرها فان اصطلاحنا في الاصول اسم هورقليا فالاصول تعود و الفضول التي اصطلحنا عليها العنصري و الدنياوي لاتعود و الرجل يقول ليس هذا الا نفياً للمعاد الجسماني ما المراد بالجسماني فان كان المراد به التعليمي فانا ننادي علي انفسنا
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 302 *»
ان اعتقادنا انه لايعود و انه صرف هيئة كاللبنة التي كسرتها ذهبت صورتها الاولية و الجوهر باق و تصيغه صيغة اخري علي ما شئت و ان كان المراد بالجسماني الجسم الاصلي و الاجزاء الاصلية فالشيخ ينادي ان مرادي به العرضي و انت تقول انه نفي للمعاد الجسماني ان هذا الا عناد محض للحق و اهله فان لمتقبل من المسلمين المحكم من كلامهم و تنكر عليهم بمحض خيالك فذلك خرق يتسع الي ما شاءالله و يمكن انيقول فيك القائل ما شاء كيف شاء و اني انصحك نصح الشفيق و اقول:
اذا شئت ان تحيا سليماً من الاذي
و ذنبك مغفور و عرضك صين
لسانك لاتذكر به تهمة امرء
فعندك عورات و للناس السن
و عينك ان اهدت اليك معايباً
فعظها و قل يا عين للناس اعين
و عاش بمعروف و كن متودداً
و لاتلق الا بالتي هي احسن
ان الدنيا تفني و العمل يبقي و الجزاء موفي و المحاسب عليم و انا لله و انا اليه راجعون.
قال قال اميرالمؤمنين عليه السلام في النفس النباتية و انها تعود عود ممازجة فهي ليست بمادة للبدن و لا بصورة لها و انما هي قوة متصرفة في الجسد تورث الزيادة و النقصان و اذا عادت عادت الي ما منه بدأت و العجب من الشيخ انه فسر الجسد المرئي الملموس بالصورة الدنياوية و هي قوله ذهبت الصورة الاولي ثم فسرها بالعناصر ثم فسر العناصر بالنفس النباتية و ما ذلك الاضطراب منه (ره) الا لخروجه عن الطريق القويم و الصراط القويم.
اقول هذه الكلمات منه لا اقدر علي جوابها انا و لاينبغي لي ولكنه لما جسر علي الله و علي رسوله و اوليائه اثبته الملكان في كتابه و يؤتي به يوم القيامة عند القاضي الفصل و يحكم بما يريد و الموعد يوم الزينة و انيحشر الناس ضحي اما قوله ان النفس النباتية ليست بمادة و لا صورة للبدن و انما هي قوة
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 303 *»
متصرفة ليس من التحقيق بمراح و لا مغدي و محض لفظ و ادعاء و الفرق بينك و بين الشيخ انه عرف تلك النفس و شاهدها و اريها من اراد و انت لمتشاهد و لمتعرف و تقول ما لاتفهم فان سألك سائل ان النفس النباتية شيء ام لا شيء مااظنك انتقول لاشيء فهي شيء فان قال لك قائل هي عقلانية او روحانية او نفسانية او جسمانية ما ادري اي شيء تقول ان كنت تقول انها من الثلثة الاول فلابد و انتقر بانها شاعرة كالانسان و لا اظنك تقول و ان كنت تقول انها جسمانية فاسئلك هل هي فلكية فتكون متحركة بالارادة كالحيوان او عنصرية نامية كالنبات و ما اظنك انتقول هي فلكية فلابد و انتكون عنصرية و شاهد صدق ذلك قول اميرالمؤمنين عليه السلام في النفس النباتية حيث قال الاعرابي يا مولاي ما النباتية قال قوة اصلها الطبايع الاربع بدؤ ايجادها عند مسقط النطفة مقرها الكبد مادتها من لطائف الاغذية فعلها النمو و الزيادة و سبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت الي ما منه بدءت عود ممازجة لا عود مجاورة الخبر.
فتبين ان الشيخ اعلي الله مقامه لميذكر الا نفس الخبر و لميقتف الا اثر الاثر و الراد عليه راد علي اميرالمؤمنين عليه السلام و تبين ان النفس النباتية مادتها من لطائف الاغذية و الاغذية ليست الا مولدة من العناصر و لذا قال اصلها الطبايع الاربع و تبين ان كلام الشيخ في غاية الاستقامة و انما اضطرب و خرج عن الطريق القويم من وقع علي رد اميرالمؤمنين عليه السلام فالذي يعود عود ممازجة ليس من ذاتيات الانسان البتة فهي عرضية فتبين انها عرضية عنصرية نباتية و ان في كلامه ورده و اعتراضه عبرة لاولي الالباب و في ما ذكرنا لذكري لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد.
قال: قوله فتأمل و افهم مذهب ائمتك و هداتك عليهم السلام يعني ان الجسد المخلوق من عناصر هذه الدنيا اوساخ عارضة للجسد البرزخي كالثوب اذا لبسته لحقه وسخ عارض ليس منه فلافائدة في اعادته اقول و كذلك الجسد
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 304 *»
البرزخي عرض عنصري للروح لحقه في البرزخ و ليس منه فلا فائدة في اعادته يا سبحان هذا مذهب ائمتنا سلام الله عليهم ان هذا الا اختلاق.
اقول اللهم انت الشاهد علي ما يقولون في حق اصفيائك و امنائك و اوليائك فعاملهم بما يستحقون فانه لا حول و لا قوة الا بك و الرجل يفرع من حيث لايعلم و يرد ما فرع من حيث لايعلم و مع ذلك ليس جميع رده و اعتراضه الا شتيمة و وقيعة و متي كان هذا شيمة العلماء و متي صارت الشتيمة سجية الاتقياء فان كنت يا ايها الرجل تقدر علي رد من الكتاب و السنة و دليل العقل القاطع فافعل و الا فبالوقيعة لاتصير من عرض العلماء و لايعود نقصه الا اليك و الا فاولئك فقدنزه الله ساحتهم عن هذا الخلق المنكوس فضلاً عن اقوالهم فافعل ما شئت و ان ربك لبالمرصاد .
و اقول في جوابك ان الامر لايخلو اما انيكون في البرزخ اعراض برزخية لاحقة بالجسم الاصلي او لمتكن فان لمتكن فتفريعك باطل و ان كانت فتفريعك عن حلية الاعتبار عاطل و الثابت عن آل محمد عليهم السلام ان زيداً الماحض في زيديته يعود و ليس معه غيره يعذب بعذابه و يثاب بثوابه فان كانت اعراض فالقائل بانها تعذب او تثاب بعذاب زيد و ثوابه محيل و ان لمتكن اعراض فكيف فرعت ما لميكن و اما والله اني استحيف الشرح لمثلك و لولا عنادك لاسمعتك تغريد الورقاء علي الافنان بفنون الالحان ولكن عنادك منعني فابق علي ما انت عليه حتيتلقي ربك و هنالك تشاهد الحق و تعترف و لاينفعك و لاينفعكم الآن نصحي ان اردت انانصح لكم ان كان الله يريد انيغويكم هو ربكم و اليه ترجعون.
قال قال رحمه الله في شرح الحكمة و الجسم الاول تخرج به الروح اذا قبضها ملك الموت و تبقي فيه الي نفخة الصور الاولي نفخة الصعق و هو المؤلف لقواها في عالم البرزخ فاذا نفخ اسرافيل في الصور نفخة الصعق خلعته و هو ايضاً كالجسد الاول عارض من جملة اعراض البرزخ اقول يعني لايجب عودها كالجسد الاول.
اقول: والله يقضي الانسان العجب من تعرضك علي الشيخ و ايرادك لكلامه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 305 *»
ثم ردك عليه هب اي بحث في هذا الكلام اذا كان الشيخ اعلي الله مقامه اصطلح علي الاعراض البرزخية الجسم الاول او الثاني و قال انه يطهر من الاعراض حتييأتي القيمة و اوتدري ما يعني بالجسم هو و قدشرحنا آنفا انه يريد بالجسم العرضي و الجسد العرضي الجسم التعليمي و هو صرف وضع و هيئة و شكل و اي منع من عدم عود الوضع الدنياوي و الوضع البرزخي فان كان بحثك علي انه لم اصطلح ذلك فلايستحسنه العقلاء و قدشاع و ذاع انه لا مشاحة في الاصطلاح و ان كنت تقول انه يريد غير الجسم التعليمي فعليك البينة فأتنا بكلام منه قدبين فيه انه يريد الاجزاء الاصلية الجسدانية و الجسمانية و اني لك بذلك هذا و قدصرح بغير ذلك كما مر و ان غيرنا لايدري مراد الشيخ بالجسم و الجسد و الفرق بينهما حتييقبل او ينكر و حتييعرف ذاتيهما و عرضيهما و انما تعرفون ان كنتم تعرفون اصطلاحاتكم و اللغة فلم تكذبون بما لمتحيطوا بعلمه و لما يأتكم تأويله.
بالجملة مراد الشيخ ان زيداً الاصلي له جسم و جسد اصليان فيهما يحشر و يثاب و يعاقب و يدخل الجنة و النار و يخلد و يبقي و جسمه و جسده صاحب طول و عرض و عمق ولكنهما بصفاء اجسام الآخرة و اجسادها يري الحور العين وجهها في صدره من شدة البريق و الصفا و يري مخ ساقه من جلده و عظمه و لحمه بل من وراء سبعين حلة فجسم زيد و جسده بهذا الصفا لكن عرض لجسمه اعراض نسمي تلك الاعراض بالعناصر الدنياوية و الجسد التعليمي و الصورة الخاصة و الوضع الخاص فان كان لك سلطان علي منعنا من الاصطلاح فامنع و الا فقد اصطلحنا و قداخبرناك به و اتممنا الحجة عليك فان قلنا ان الجسد الاولي لايعود نريد وضع الجسد الدنياوي و ان قلنا ان الجسم الاولي لايعود نريد وضع الجسم البرزخي و الا هذا الجسم المحسوس الملموس بمادته و صورته يعود كما ان التراب له مادة و صورة ولكنه يلبن في الملبن ثم يكسر اخري و يلبن ذلك الطين بمادته و صورته في ذلك الملبن فهو هو بمادته و صورته الاوليتين و هو غيره بحسب الوضع و الصورة اللبنية الاولية لا الصورة
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 306 *»
الترابية فافهم ان كنت تفهم و قل بعد ذلك ما شئت فانك مسئول.
قال قال (ره) فالجسد الاول هو الصورة البرزخية و مثاله اذا كسرت خاتمك ثم صنعته خاتماً كالاول فانه لميذهب منه شيء فهو هو و انما خلع عرضاً و لبس عرضاً فالعرض الاول هو الجسد الاول في الدنيا و العرض الثاني هو الجسم الاول في البرزخ اقول عليك بالله هل يجوز للعالم الجليل الفاخر و الحكيم المتوغل الماهر انيقول ان الجسد عبارة عن الصورة فما معني قول الصادق عليه السلام حيث سئل عن الميت يبلي جسده قال نعم حتيلايبقي لحم و لا عظم الا طينته التي خلق منها فانها لاتبلي تبقي مستديرة حتييخلق منها كما خلق اول مرة.
اقول هذه كيفية رده و قدخلي عن التحقيق و عري عن التدقيق و لميرد الا بمحض استبعاد و اي نقص علي العالم انيسمي الصورة بالجسد أليس الجسم التعليمي صورة محضة و قداتفق العلماء علي تسميته بالجسم هب لميقل احد ذلك اي مانع من الاصطلاح و اية غضاضة علي امرء مسلم انيقول بمقتضي الكتاب و السنة و يتكلم باصطلاح خاص هذا و قدذكرنا ان الشيخ يثبت مسائله من كل علم فاذا اخذ في بيان المسئلة ربما يتكلم بعلم الهيئة و ربما يتكلم بالهندسة و ربما يتكلم بالفلسفة و ربما يتكلم بالجفر و كلما اخذ في علم تكلم باصطلاحهم حتييفهم مراده مما قال و اطلاق الجسم و الجسد علي الصورة من اصطلاح اهل الرياضي و اي نقص علي الرجل منه و انما تكلم هنا باصطلاح الرياضي لان المسئلة كانت في المقادير و الهيئة و الاعراض الوضعية الزايلة اما والله لمتظلم الشيخ ولكن نفسك ظلمت و بآيات الله جحدت.
و اما معني قولك فما معني قول الصادق عليه السلام فالمراد منه ظاهر و لميحله الي الآن حق حله الا الشيخ قال عليه السلام يبلي لحمه و عظمه و يتفرق اجزائه حتييطهر من الاعراض ثم يصاغ صيغة اخري و لميطلق الشيخ الجسد ابداً علي الصورة و انما سمي الجسد الاول بالصورة و الهيئة التعليمية و اما الجسد في الخبر فهو الجسد الثاني الاصلي الذي هو ذاتية زيد فهو يبلي لحمه و عظمه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 307 *»
و جميع اجزائه حتييطهر عن الاعراض الدنياوية المشوبة به المسمي بالجسد الاول و اي تفاوت بينه و بين كلام الشيخ و لايقول الشيخ الا به و لميشيد الا بنيانه و لميبين الا برهانه عرفه من عرفه ولكن ان اعتبر معتبر فليعتبر من عي هذا الرجل عن البيان و كيفية اعتراضه بلانسلم و التعجب البحت و القول بما لايليق فان كنت من العلماء الحكماء فأذن لجواد اليراعة حتييجول في ميدان البيان بالبرهان حتييظهر تفاوت الشجاع و الجبان و في نقل عبارة الشيخ سهو فان الشيخ لايقول فالجسد الاول هو الصورة البرزخية بل اما هو هو الصورة الدنياوية و اما هو فالجسم الاول فتدبر.
قال: قوله (ره) و انما خلع عرضاً و لبس عرضاً اقول الصورتان ليستا بمغايرتين و لابعرضين بل انما هي صورة واحدة اذا كسرت خاتمك رجعته الي الامكان ثم اذا صغته عاد الي الاكوان و اما قول الصادق عليه السلام في اللبنة اذا كسرتها ثم صوغتها لبنة هي هي و هي غيرها بحسب وضع المادة فان الاجزاء تتغير عند الكسر و الصوغ بحسب الاوضاع فقدتقع الاجزاء الواقعة في الوسط في الاركان و الاطراف و بالعكس لا كما يقول الشيخ (ره)ان الصورة تذهب و تأتي صورة اخري مثلها ان هذا الا اشتباه و لذا قال فالعرض الاول هو الجسد الاول في الدنيا و العرض الثاني هو الجسم الاول في البرزخ و هذا تصريح منه بان المعاد انما هو الجسم البرزخي مع انه يقول بانه عرض و العرض ليس من المعروض فلا فائدة في اعادته.
اقول قوله الصورتان صورة واحدة رجعت الي الامکان و عادت الي الاکوان کلام من لميعرف الامکان و لا حالة ما رجع اليه فان الامکان هو الصلوح المحض الغير المتناهي فاذا رجع شيء فرضاً و لايکون ذلک ابداً انحل في بحر الامکان و لميبق له تمايز مع ساير اجزاء الامکان حتييعود هو ثانيا الي الاکوان و انما فرضت انت الامکان کالمداد المحسوس و الاکوان کالالف و الباء فاذا کسرت الالف ردت الي المداد ثم يبقي تلک الحصة التي کانت للالف ممتازة
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 308 *»
عن حصةالباء لو کسرت ثم يصاغ تلک الحصة المعينة الفاً ثانية و ليس کذلک فان المداد المحسوس حرف من الحروف اي هو شخص في عالم الافراد و ليس هو المداد الکلي فاذا کسرت الالف رددتها الي صورة اخري فکأنها حرف آخر ثم تکسرها ثانية و تصيغها الفاً فلما تبين لک ان المداد المحسوس شخص لا کلي يتبين لک ان الحرف اذا کسر و رد الي المداد الکلي لميصر حصة امکانية ممتازة عن حصة حرف آخر بل اذا کسر و رد الي الامکان کان امکاناً يتسايو نسبته الي جميع الحروف فاذا صيغ منه حرف ثانياً ليس ان الحرف الاول ظهر بصورة اخري لان الحرف الاول اضمحل و عدم بل الحرف الثاني حرف ابتدائي خلق من الامکان اول مرة و لو کان الحرف الثاني انقلاب الحرف الاول لکان کل حرف انقلاب حرف و لکان الباء ابداً انقلاب الالف و الالف ابداً انقلاب الجيم بل کل شيء انقلاب کل شيء لتساوي النسب و هذا محال من القول فما کسر کونه و رد الي الامکان لميبق له خصوصية في الامکان بل کان الامکان المتساوي الي الکل فاذا صيغ شيء منه هو غير الشيء بالکلية کما ان الالف غير الباء بالکلية.
فاما قولنا في صدر الجواب و لايکون ذلک ابداً فان الله سبحانه کلما ادخل شيئاً في صقع الاکوان صار عبداً داخراً له مکلفاً و لايرده الي العدم اي الامکان ابداً فان الاکوان کمال الله سبحانه و نوره و ظهور فان کان الکون کمالاً کان عدمه نقصاً و لايکون النقص لله سبحانه فافهم ان کنت تفهم فانه دقيق و سيأتي لذلک زيادة بيان ان شاء الله فتبين لمن تبصر و اما قولک لا کما يقول الشيخ (ره) ان الصورة تذهب و تأتي صورة اخري مثلها ان هذا الا اشتباه فاقول ليس مراد الشيخ من ذهاب الصورة رجوع الکون الي الامکان ابداً و عود غيره بل ان الله سبحانه جعل لکل شيء اجلاً لايعدوه و وقتاً لايجاوزه کماروي ما من شيء في الارض و لا في السماء الا بسبعة بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل و کتاب فمن کان يزعم انه يقدر علي نقص واحدة فقداشرک فالله سبحانه اذا خلق الالف خلقها و لها اجل ينتهي اليه کونها و ليس لها وجود في ماورائها و هي موجودة في وقت قدر لها بدءاً و ختماً فاذا انتهي
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 309 *»
اجلها انتهي وجودها ثم يقدر الله سبحانه موجوداً آخر ابتدائياً له اول و آخر فليس ان الشيء الذي کونه الله يذهب الي العدم بل لميخلق الله الشيء بعد اجله من الاول و انما خلق شيئاً جديداً غاية الامر ان الموجود الثاني بدء وجوده بعد انقضاء اجل الاول و هذا معني کلام الشيخ اعلي الله مقامه اين ما وجدته فقوله اعلي الله مقامه و انما خلع عرضاً ولبس عرضاً يعني به ان الحصة المعينة من الفضة لبست صورة الخاتم اولاً و کان الخاتم مخلوقاً لله سبحانه له بدء و ختم فاذا انتهي اجله انتهي وجوده ولکن الخاتم الاول موجود في امکنة وجوده و اوقاته التي ضربها له فاذا انتهي اجله انتهي وجوده و لميخلقه الله بعد ذلک الاجل فاذا صغت خاتماً آخر فهو مخلوق جديد بدؤ وجوده بعض انقراض وجود الخاتم الاول فقد خلعت الحصة من الفضة الصورة الاولي و لبست غيرها فهي هي من حيث الحصية و هي غيرها من حيث الصورة الثانية و المراد بالصورة هنا الصورة المتممة لا المقومة و الصورة المتممة هي الجسم التعليمي الذي انقضي اجله و بدء غيره بعده فالجسم الطبيعي الاصلي قدلبس اولاً عرضاً برزخياً اي جسماً تعليمياً برزخياً و لبس عليه عرضاً دنياوياً فاذا لبس العرض الدنياوي اي الجسم التعليمي الدنياوي بقي و عليه العرض البرزخي فاذا خلعه اي انقضي الاجل البرزخي وا نتهي البرزخ و هو عند نفخ الصور خلعه و بقي بالصورة المقومة التي هي شرط کونه و رکن وجوده و هذا معني قول الشيخ فاني تکون الصورتان متحدتين و اني تذهب الاولي الي الامکان ثم ترد هي بعينها فما ذکرت امر لايعقل و صدر عن غير حکمة فانه لايرد شيء الي الامکان و لا اذا ما رد فرضاً يمکن عوده بعينه و قداردت انتأول الخبر علي غير مراد الامام و لمتقدر مع ذلک فان الطين بمنزلة الفضة و الصورة اللبنية بمنزلة الصورة الخاتمية و کما ان وضع اجزاء الطين ثانياً غير الوضع الاول فکذلک وضع اجزاء الفضة ثانياً غير وضع اجزائها اولاً و کما ان الطين بمادته و صورته باق في الحالين کذلک الفضة باقية بمادتها و صورتها في الحالين فلا فرق بين المسئلتين بوجه غير ان مثال اللبنة جاء في الخبر و لمتقدر علي رده فاولته و مثال الخاتم في کلام الشيخ و حملک العداوة علي انکاره و ليس انکاره الا انکار الخبر فان کان
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 310 *»
تغير الاوضاع في الطين کذلک يکون في الخاتم و ان کان ذهاب الصورة علي ما زعمت الي الامکان من الخاتم فکذلک في الطين و الصورة الخاتمية جسم تعليمي و الصورة اللبنية جسم تعليمي بلا تفاوت في المقام فتبين شدة عداوتک للحق و اهله فتبين ان الاشتباه ليس من الشيخ و اما قولک و هذا تصريح منه بان المعاد انما هو الجسم البرزخي ما ادري ان کلام الشيخ باي الثلث يدل علي ذلک بل هو اشد شيء احکاماً و تصريحاً ان الجسم البرزخي اي التعليمي البرزخي عرض و لايعود و ما ادري باي لفظ يمکن انيعبر الانسان عن نفسه اذا فتحت هذا الباب و قديفهم الاطفال في المکاتب من هذه العبارة ان الجسم العرضي لابرزخي لايعود و تقول انه صريح في ان الجسم البرزخي هو المعاد و هو مخالف لساير اقواله و لا اريک الا کمن يري الشمس في رابعة النهار ثم يقول هذه صريحة في ان الوقت نصف الليل هکذا تري عين العداوة و لا غرو اعاذنا الله و ساير المؤمنين من غمص الحق و اهله.
قال بعد ما ذکر الاقوال في المعاد بالضم اقول الحق هو المذهب الثالث و هو ان المعاد هو الموجود في الدنيا بمادته و صورته من غير تغيير و لا تبديل ولکن المراد من المادة الاجزاء الاصلية الباقية و اما الاجزاء الفضلية فهي ليست من المادة و انما هي امور زائدة علي شخص المادة و التغير و التبدل بحسبها عرض اعتباري لا اعتداد به و کذلک المراد من الصورة الصورة الشخصية الباقية بحسب المادة الاصلية و اما الصورة بحسب الاجزاء الفضلية فهي اعراض اعتبارية لا اعتداد بها فالحق ان لکل انسان تشخصين احدهما بحسب الاجزاء الاصلية التي هي المادة بالاصالة و الآخر بحسب الصورة الاصلية هي الصورة للاجزاء الاصلية و الانسان المعاد هو المتشخص بهذين الشخصين و لعل مراد الفاضل الشيرازي هو هذا ولکنه عجز عن اداء مراده کما و يحتمل بعيداً ان يکون الشيخ (ره) کان طالباً لهذا التحقيق و ان لميشرب من هذا الرحيق.
اقول هذا تمام تحقيقه في المقام و تدبر في عين العداوة الي اين تؤدي امر
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 311 *»
الانسان و هذا التحقيق الذي ظن ان الشيخ لميشرب من رحيقه هو التحقيق الذي ذکره المجلسي في حق اليقين للعوام و لا اري مثلک في هذا المقام الا کمثل ذلک الاعرابي الذي وجد ماء آسناً زعمه احسن ماء في الدنيا و حمله ليهدي الي الخليفة ليأخذ الجائزة و هو غافل ان اهل البلدان يشربون من ماء الفرات وکذلک اريک قداخذک البطر لهذا التحقيق الذي زعمته رحيق الجنة و لميشرب منه الشيخ اعلي الله مقامه و لميقدر علي الوصول اليه ثم لينظر ناظر الي عين العداوة انه يزعم ان الشيرازي اراد ذلک و لميستبعده مع انه نقل عنه قوله الصريح في ان البدن يذهب بمادته و صورته آناً فآناً و المعاد المنتسب الي النفس و ساير عباراته صريح في عدم جسمانية المعاد و يستبعد ارادة الشيخ ذلک مع انه قدکرر القول في مواضع کثيرة من الشرح المذکور ان الاجزاء الاصلية بمادتها و صورتها باقية و العرضية بمادتها و صورتها زايلة و قدميز بين تلک الاجزاء و زيلها و فصلها وحلها و بين بدئها و ختمها و جميع ما فيها و شرح ظاهرها و خافيها و ان الرجل لما لميفهم کلام الشيخ بالمرة حتي انه لميفرق بين الجسم التعليمي و الطبيعي کما تبين في صدر کتابه و سمع کلاماً مجملاً من بعض الناس و لميعرف موصوله و مفصوله زعم انه وصل الي رحيق لميشربه الشيخ و لميصل اليه و هذا المطلب من البديهيات الاولية لساير العلماء و مع ذلک ان الشيخ لميقل غير ذلک ابداً و الفرق بينه و بين ساير العلماء انه عرف کنه المسئلة و حله بجميع العلوم و ساير العلماء قالوا اجماله و لميعرفوا کنهه و انما ذلک کقول لا اله الا الله فکل الناس يقولونه الا ان منهم من يعرف کنهه و منهم من لايعرفه و الشيخ في هذه المسئلة ينادي علي نفسه في جميع کتبه ان للانسان اجزاء اصلية مادة و صورة و اجزاء عرضية مادة و صورة و العرضية تفني و الاصلية تبقي ثم فصل و بين و شرح بما لامزيد عليه ولکن لميفهم القوم مراده من ادلته لابتنائها علي علوم شتي لميحط بجميعها غيره کما ذکرنا شطراً منها في صدر الکتاب وکان اللازم لعي المتسفلين عن درجته انينظروا الي نتيجة کلماته و فذلکة استدلالاته فان کانت مطابقة لما اجمع عليه المسلمون يصدقها و الا يردها و الشيخ يصرح فذلکة بان المعاد جسماني و منکره
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 312 *»
کافر و ان هذا الجسد بعينه هو الجسد البرزخي و الجسد الاخروي ثم مالکم و نحو ادلته و لاتعرفون لحنه و مقاله و لمتحيطوا بجميع العلوم التي يحتوي بها کلامه هذا و ابحاثه التي اوردها علي کلمات الشيخ اعلي الله مقامه ترد علي کلامه بعينها فانه انکر انيکون المعاد هذا المحسوس الملموس بکله و بعينه بل قال يصفي و يخرج عنه الاجزاء الفضلية و يفني التشخصات الفضلية و يبقي الاصلية و لايقول الشيخ الا بهذا فمن عرف من کلام الشيخ غير هذا فلميعرف کلامه ابداً وانما ذلک لان کلماته مخلوطة بالعلوم و اصطلاحاتها و يحمل کلامه السامع علي متفاهمه فيخبط خبط عشواء و ينکر.
انظر الي کلامه الشريف في جواب من سأله عن الجسم المثاب المعاقب قال اعلي الله مقامه اما حقيقة جسم الانسان فهو مرکب من عشر قبضات من صفوة الاتربة قبضة من تراب الفلک الاطلس خلق منها قلبه و قبضة من تراب الفلک المکوکب خلق منها صدره و قبضة من تراب فلک زحل خلق منها دماغه و اسکنها عقله و قبضة من تراب فلک المشتري اسکنها علمه و قبضة من تراب فلک المريخ اسکنها وهمه و قبضة من تراب فلک الشمس اسکنها وجوده الثاني و قبضة من تراب فلک الزهرة اسکنها خياله و قبضة من تراب فلک عطارد اسکنها فکره و قبضة من تراب فلک القمر اسکنها حياته و قبضة من تراب ارض الدنيا اسکنها هذه القوي والنفوس النباتية و القوي العنصرية وهذه القبضات العشر من التراب و بسيطه ليس فيها فساد و رتبته في اللطافة رتبة الفلک الاطلس بمعني شدة بساطته و عدم فساده لکنه لو جمع و خلي و طبعه بدون قاسر ترتبت القبضات في العلو و الهبوط علي ما هي عليه الآن و بالجملة فزيد مثلاً يمرض و يکون في غاية الضعف و هو زيد ما تحلل من لحمه ليس من جسمه الحقيقي الذي هو القبضات المشار اليها و انما تحلل منه ما طرء علي تلک القبضات من المآکل و کذلک يصح زيد و يسمن سمناً کثيراً و هو زيد لانه لميزد في القبضات شيء و انما الزيادة من الاغذية التي ليست من جنس القبضات لانک لو اخذت سحالة ذهب و مزجتها بمثلها تراباً و عملت من الجميع صورة شيء کانت قيمة تلک الصورة و نورانيتها انما تتعلق
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 313 *»
بما فيها من سحالة الذهب و کک الحسن فاذا کسرت تلک الصورة و صفيت ما فيها من الذهب ثم مزجتها بتراب جديد و عملت تلک الصورة بعينها کانت قيمته هي القيمة قبل و تتعلق بما تعلقت به من غير مغايرة و هي بنفسها هي الاولي و لايضر تغيير تلک الصورة و صنع صورة اخري لبقاء الاجزاء الاصلية التي هي متعلق القيمة و الحسن و اصل هذه القبضات من مادة نورية مجردة و من صورة نوعية فهذا حقيقة جسم الانسان المثاب المعاقب المفاض عليه النفس لکن بواسطة الصورة الشخصية ان اردت بالنفس نفسه المختصة به الي آخر کلامه اعلي الله مقامه انظر بعين الانصاف الي هذه الکلمات التي هي کالدرر منظمات و ارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر کرتين ينقلب اليک البصر خاسئاً و هو حسير فاي کلام يضاهيها لا بل اي کلام يدانيها و قداحتوي بانحاء العلوم و انواع الحکوم و کل کلمة منها اشارة الي علم و يحسبه الجاهل انه قدفهمه بما فيه و احاط بظاهره و خافيه بالجملة کلامه هذا محکم غير متشابه ان الجسم الاصلي مرکب من عشر قبضات تسعة من هذه الافلاک واحدة من هذه العناصر الا انها افلاک صافية و ارض مطهرة رتبتها فوق المشوبة بدرجات و تلک الاجزاء مرکبة بدن الانسان الاصلي و مازجها اجزاء عرضية ليست منها و لا اليها اما والله ليس فوق هذا الکلام کلام و لميبق بعده لمحتج حجة و لا لذي مقال مقال ولکن الجهال يزعمون ان کلماته مختلفة في المقامات و حاشاه عن ذلک و انما اختلاف کلماته کاختلاف کلمات آل محمد عليهم السلام و هل تحسبها مختلفة حاشا و انما الاختلاف من نقصان فهم الناظرين و عدم احاطتهم باطراف کلامهم و اذا فتح الله اعين الشيعة يرون انها کلها مجتمعة و لا اختلاف فيها و کذلک ان وجدت کلمات الشيخ اعلي الله مقامه بحسب الظاهر مختلفة فانها اما جرت علي حسب افهام السائلين او علي حسب اصطلاحات خاصة الناس عنها غافلون.
قال قال اعلي الله مقامه فالمعاد حقيقة هو المادة بهيئة عمل الشخص و ان کانت المادة في نوعها تتبدل من نوع الي نوع بصور الاعمال لکن المعاد هو
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 314 *»
الملابس للصورة فان من وفي و عمل بما عاهد عليه الله خلق الله باطنه انساناً فيموت انساناً و يحشر انساناً و ان عصي و اتبع شهوة نفسه يحشر حيواناً فمنهم من يحشر قرداً او خنازير او غير ذلک و يحشر المتکبرون علي قدر الذر و منهم من ضرسه علي قدر جبل احد اقول ان اراد من المادة المعادة المادة لهذا البدن المحسوس الملموس فقدصرح فيما سبق بان المؤلف من العناصر السفلية کالثوب لبسته ثم ترکته الي ان قال و ان اراد المادة للجسد البرزخي المؤلف من عناصر هورقليا فذلک ليس بمحسوس.
اقول صرح في غير مقام ان الجسم الاصلي هو المؤلف من صوافي هذه العناصر الدنياوية و هذا الجسد بعينه هو الجسد الاخروي الا ان فيه فضولاً يصفي عنها و تلک الفضول هي الجسم التعليمي الدنياوي و لايعود ثم ما هذا التمادي في الرد عليه اعلي الله مقامه والعناصر التي هي کالثوب هي العناصر للاجسام التعليمية العرضية و امثل لک مثالاً ان عرفته فزت بالمسئلة و ان کنت عزمت انلا ابين لک شيئا حلا و اذکر نقض ما ابرمته في جميع الکتاب ولکن اظن الله قدقدر ان امثل لک مثالاً مرکب ترکب من عفص و کبريت و ماء ورد و دهن مثلاً ولکن العفص اصابه زاج فاسود و الکبريت اصابه زيبق فاحمر و الماء اصابه وسمة فصار ازرق و الدهن اصابه زعفران فاصفر فانت ترکب المرکب من هذه الاصول الاربعة و المرکب مرکب منها ولکن هنالک ثمانية عناصر اربعة غيبية و اربعة شهادية فالاربعة الغيبية العفص الاصلي و هو اخضر و الکبريت الاصلي و هو اصفر والماء الاصلي و هو ابيض و الدهن الاصلي و هو ابيض مثلاً و الاربعةالشهادية عفص مشوب و هو اسود و کبريت مشوب و هو احمر و ماء مشوب فهوازرق و دهن مشوب فهو مضرج معصفر فالعناصر المشهودة هي الالوان المشهودة و العناصر الاصلية في غيب المشهودة و يصدق ان ترفع الکبريت و تقول هذا هو الکبريت الخالص بعد التصفية و ترفع المشوبة و تقول هذا الذي ادخلته في المعجون فالمعجون فيه اجزاء اصلية و اجزاء عرضية و سيزول العرضية بعد التفکيک و التفتت في القبر و يصفي فيعود العفص الي خضرته و الکبريت الي صفرته و الماء
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 315 *»
الي بياضه و الدهن الي صفائه ثم اذا ترکبت ثانياً حصل من بينها المرکب بلون آخر و هيئة اخري البتة اليس يصدق ان هذا المرکب بعينه هو المرکب الاول و هل زاد في اصله شيء او نقص وهذا المثال لو تدبرت فيه لعرفت منه جميع المسئلة بظاهر البيان و انقطع ابحاثک البتة ان انصفت.
و اما قوله و ان اراد المادة للجسد البرزخي المؤلف من عناصر هورقليا فذلک ليس بمحسوس اقول ذلک ظنک و ليس عناصر هورقليا الا هذه العناصر المشهودة الا ان المشهودة قدلحقها اعراض فاذا زالت هي عناصر هورقليا کما مثلنا لک في المرکب فحقيقة العقاقير بمنزلة عناصر هورقليا و الشوب بمنزلة الدنيا و ليس الا کصورة عارضة علي العناصر الاصلية کما شاهدت انها سواد و بياض و حمرة عرضت علي العقاقير.
قال قوله و ان کانت المادة في نوعها تتبدل اقول خلط الشيخ (ره) بين المعاد و الحشر الي ان قال فلابد من المعاد قبل يوم التناد.
اقول يا ايها الرجل غير لحنک ما هذه الجسارة العظيمة الذي يشق الشعر لايعرف المعاد و الحشر علي قولک و هل الفرق الا اعتباري و هل الانسان اذا حيي يحيي في غير يوم القيمة و هل القيمة الا علي هذه الارض و هل لها سماء غير هذه السماء و هل قبور الناس في غير هذه الارض و هل يقومون من غير قبورهم و هل يحيون قبل يوم القيمة فاذا ردت الروح الي الجسد و حيي و قام من قبره کان علي وجه الارض في عرصة القيمة نعم معني المعاد غير معني الحشر الحشر هو جمع الناس في مجمع واحد للحساب و المعاد بالفتح هو زمان العود او مکانه و بالضم هو ذلک الجسد الذي عاد و هل في ذلک اشتباه و هل يغير صورة الانسان اذا حشر الي المحشر عما کان عليه اذا خرج من قبره و هل يکون المعاد بالضم علي صورة اخري ثم يلبس في المحشر صورة اخري ما هذه الابحاث السخيفة بل الانسان يکون في هذه الدنيا علي صورة و يکون في البرزخ علي تلک الصورة و في المحشر علي تلک الصورة بعينها صورها الاصلية في الدور الثلثة واحدة
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 316 *»
فالمعاد هو المادة و مراد الشيخ بالمادة هنا الوجود والماهية الکونية لا المادة المحضة التي لا صورة لها اصلا فمراده بالمادة المکون بمادته و صورته و هو اي المکون المميز بالصورة الکونية يتصور بصورة عمله فله مادتان و صورتان المادة الکونية و الصورة الکونية و هما معاً تصيران مادة للکون الشرعي کالسرير فانه من الخشب والخشب مادته ولکن الخشب مرکب من مادة هي الجسم النامي و الصورة الخشبية فاذا تحقق الخشب يؤخذ منه حصة هي مادة السرير و تلبس صورة الخشبية فقوله فالمعاد حقيقة هو المادة اي زيد بمادته و صورته و قوله بهيئة عمل الشخص يعني صورة الايمان و الکفر و العدالة والفسق و قوله و ان کانت المادة في نوعها تتبدل من نوع الي نوع بصور الاعمال يعني ان زيداً ربما يصبح کافراً و يکون بصورة بعض البهائم فان الناس کلهم بهائم الا المؤمن و يمسي مؤمناً و يکون بصورة الانسان و قوله ولکن المعاد هو الملابس للصورة اي المادة الکونية في صورة عملها والمادة المعادة هي البدن المحسوس لکن علي ما شرحنا آنفا اي الاجزاء الاصلية و هي محسوسة و هي من عناصر هورقليا و قدقلت انت ايضاً نظير هذه العبارة و قلت هو الموجود في الدنيا بمادته و صورته من غير تغيير و لا تبديل ثم استدرکت و قلت لکن المراد من المادة الاجزاء الاصلية و کذا الشيخ اعلي الله مقامه قال هو المحسوس الملموس و استدرک في غير موضع انه يصفي کما اقول انا للصخرة هذه هي الزجاج ثم اقول الا انها تصفي فان کان يرد بحث علي الشيخ يرد عليک و ان کان لايرد عليک فلايرد علي الشيخ ايضاً فانصف ان کنت منصفاً.
قال فقول الشيخ (ره) في رد الفاضل الشيرازي و غيره و الاصل انهم وجدوا ان کل حادث محتاج في بقائه الي المدد الي آخر ما قال لا معني له علي ان النفس ايضاً محدثة و کل محدث لا قوام له بدون المدد علي هذه القاعدة و کل جزء من الحادث ککله فما يجوز علي الجسم يجوز علي النفس بعين ما هو جار علي الجسم.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 317 *»
اقول لا غرض له الا الرد علي الشيخ و سوء الادب اليه فقوله ان النفس کالجسم في حاجتها الي المدد علي هذه القاعدة رد آخر علي الفاضل الشيرازي و لايفيد عدم کون معني لعبارة الشيخ و ذلک ان ذلک الفاضل صرح في عبارته بان الجسم دائم الاستحالة والحدوث و الانقطاع و هو معني ما قال الشيخ انهم وجدوا انه يحتاج الي المدد فکلامک هذا رد آخر علي ذلک الفاضل ان النفس ايضاً دائم الاستحالة و التبدل فهي ايضاً غير ثابتة فکيف يکون البدن بانتسابه الي نفسه ذلک البدن ابداً مع ان المنسوب اليه ايضاً غير ثابت و قداعتذر الفاضل ان البدن هو ذلک لانه ابداً منسوب الي النفس فالنفس کيف تکون ابداً تلک النفس وهي ايضاً مستحيلة متبدلة فباي نسبة تکون هي هي ابداً و الي اي شيء تنسب حتي تکون هي هي ابداً فتبين ان کلام الرجل رد علي الفاضل ولکن حمله العداوة علي انيصرفه الي کلام الشيخ کما انه ذکر کلام الفاضل في المعاد مع انه اختار غيره و لميرد عليه بشيء بل قال لعل مراد الفاضل هو هذا ولکنه عجز عن اداء مراده ثم لميتکلم بشيء و استبعد من کلمات الشيخ انيکون اراد الاجزاء الاصلية و الفضلية و اساء الادب اليه و نسب اليه ما لايليق ان هذا الا من جهة العداوة و العزم علي غمص الحق و اهله.
قال بعد ما ذکر عبارة طويلة عن الشيخ اعلي الله مقامه ان کل شيء محتاج الي المدد و المدد الجائي عين المدد الذاهب کالنهر المستدير اقول کل مدد يصدق عليه انه ممکن و کل ممکن محتاج الي المدد فيلزم ان کل مدد محتاج الي المدد فلابد للشيخ (ره) من انيلتزم الدور او التسلسل او بطلان قاعدة ان کل شيء يمحتاج الي المدد علي ان النهر المستدير الذي يصب آخره في اوله انما يحتاج بعضه الي بعض و اما من حيث الکلية فيلزم استغناؤه و عدم احتياجه الي المدد فلابد من انيلتزم ان بقاء النهر المستدير بابقاء الله و ادارته فاذا کان کل شيء نهراً مستديراً يکون بقاء کل شيء بابقاء الله و ادارته.
اقول انکار احتياج الشيء الي المدد انکار للقرآن فان الله سبحانه يقول کلا
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 318 *»
نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظوراً و کون الشيء محتاجاً الي المدد ليس يلزم استغناءه عن الله سبحانه فان المدد عطاؤ الله و خلقه فان لميعطه الله سبحانه اياه لميکن فالله سبحانه يمد کل شيء بمدده و يبقي الکل بابقائه و اي منافاة بين هذين اما سمعت الحديث ابي الله ان يجري الاشياء الا باسبابها فالله سبحانه يبقي الشيء و سبب الابقاء احداثه المدد له وامداده اياه به و الله سبحانه مبق للکل و في الدعاء کل شيء سواک قائم بامرک و في التنزيل و من آياته انتقوم السماء و الارض بامره و انت تري احتياج نفسک الي المآکل و المشارب في الامداد العرضية و لايلزم منه کفر اذا کان الله رازقک وهو يخلق الرزق و يرزقک به و هل الرازق الا الممد بالرزق و هل الرزق الا المدد فلا منافاة بين بقاء الشيء بابقاء الله و بين ابقاء الله باسباب خلقها ابداً و اما قوله فالمدد ايضاً يحتاج الي المدد فکذلک المدد الاول محتاج الي المدد الثاني فان المدد اذا وصل يکون عين الشيء لا شيئاً زايداً عليه فاذا صار عين الشيء يستمد و يمده الله بالمدد الثاني فيکون المدد الثاني مدد المدد الاول فاذا تحلل منه شيء اخذه الله بيده و صفاه و جعله مدداً لاحقاً فهو دائم التبدل و الاستحالة لکن الجائي ابداً عين الذاهب و لست تکاد تصل الي ذلک الا بمعرفة العلم الفلسفي مرآة الحکماء فانه لاينحل الا به فلماکان الجائي عين الذاهب شبهه اعلي الله مقامه بالنهر المستدير لا انه دائرة مقدرة محدودة و فيه مقدار من الماء و هو يدور ابداً و لايلزم من قوام الخلق بعضه ببعض الاستغناء عن الله سبحانه فان اللبنتين المستندتين احديهما بالاخري کل واحدة منهما قائمة بالاخري و تحفظها الاخري عن السقوط و ليستا بمستغنيتين عن الله سبحانه فالله سبحانه يحفظ کل واحدة عن السقوط بالاخري و هي يده في حفظ الاخري عن السقوط و هما معاً قائمتان بامر الله يحفظهما اما تشاهد ان العالم بعضه قائم ببعض فاعل في بعض منفعل عن بعض محتاج الي البعض لکن بجعل الله سبحانه والحفظ القائم فوق الکل و کل واحد منه يده سبحانه و سببه المجعول في اجراء ما يشاء و في العديلة کان عليماً قبل ايجاد العلم و العلة فالعلة للمعلول مخلوق له سبحانه موجود بمشيته
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 319 *»
و هو خالق الکل و الکل محتاج اليه و الله من ورائهم رقيب قال سبحانه له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله الا تري ان کل شيء يحتاج الي مکان يسکنه و وقت يستقر فيه و کم و کيف يظهر بهما مع ان الله سبحانه خالق الکل و الکل محتاج و الشيخ ليس ينکر بقاء الخلق بابقاء الله حتيتقول فلابد من انيلتزم ان بقاء النهر المستدير بابقاء الله نعم بقاؤه و بقاء کل جزء منه بابقاء الله سبحانه.
قال بعد ما ذکر عبارة اخري طويلة عن الشيخ اعلي الله مقامه حاصلها ان الله سبحانه يعيد الاجزاء المتحللة بالکسر و الصوغ کما بداها اول مرة اقول الاجزاء المتحللة الفانية انما تدور الي نفسها لا الي غيرها و کذلک الاجزاء الباقية تفني و ترجع الي الامکان فتعود و تدور في نفسها فبقاء کل جزء بابقاء الله و ادارته لا بالجزء الآخر و الا لزم الفقر و الاحتياج الي غير الله سبحانه و ذلک کفر علي الحقيقة و کاد انيکون کفراً علي المجاز.
اقول کيف يرد بحثک علي الشيخ بعد ان صرح ان الجائي عين الذاهب الا ان الله سبحانه يکسر الذاهب و يصوغه ثانياً و هل تزعم ان الشيخ يقول ان المدد غير المستمد حاشا ليس شيء في ملک الله يصير غيره و انما کل شي مخلوق عبد لله سبحانه مکلف مثاب و معاقب بعمله فکيف يجوز انيصير شيء شيئا آخر علي الحقيقة فالمدد ليس غير المستمد و انما هو نفس المستمد ترد الي نفسه يعني يبلي الشيء دائماً و يجدد دائماً و انما مثل في القول بانه نهر مستدير و الا في الحقيقة کل شيء بالنظر السرمدي نقطة قائمة بامر الله يأخذ ما بلي و هو النقطة و يجددها فالشيء دائم البلي و التجدد و اظنک قداخذت بخائنة الاعين المطلبين اي مطلب اصلية الاجسام و فضليتها و مسئلة المدد عن کلمات الشيخ صحيحاً ثم افسدتها قليلاً ثم قمت ترد علي الشيخ و يوم الحشر تجتمع الخصوم فالشيء له مراتب الاولي مرتبة فؤاده و هنالک يکون الشيء نقطة واحدة تدور علي نفسها باقياً بابقاء الله و هو ابداً في اول الصدور غض طري بطراوة الاحداث الاول
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 320 *»
و الثانية عقله فهو الف مرکب من نقطتين و هو لايدور علي نفسه و انما يدور علي نقطة الفؤاد و هنالک تغاير المدد و المستمد اکثر الا ان کثرة التغير ادته الي الخروج عن الاحدية لا الواحدية والثالثة مقام ورقة الآس و هنالک تکثره اکثر و يدور علي محور العقل و لمتخرجها تکثرها عن الواحدية الجنسية و الرابعة مقام الرفرف الاخضر و هنالک غاية الکثرة الغيبية و لميخرجها تکثرها عن الوحدة النوعية و تدور علي ورقة الآس فالشيء في حالة الاحدية و الواحدية لايعطي الا نفسه لکن تختلف حالات نفسه و کذلک يتکثر الامر الي انيصل الي عالم الاجسام و الوحدة الشخصية فکل مرتبة تمد بنفسها الا ان نفس المراتب تختلف علي ما سمعت فليس ما ذکرت علي نهج کلي علمت شيئاً و غابت عنک اشياء و الشاهد علي ما ظننت في حقک نفس العبارة التي رويت عن الشيخ بل الجديدة التي هي المدد هي الاجزاء الاولي المتحللة الفانية بعينها لانها حين تحللت خرجت عن رتبة التأليف و الترکيب الي رتبة الامکان الي آخر کلامه و هذا هو الذي اخذته ناقصاً و لما افسدته يرد عليه البحث انک قلت ان الاجزاء المتحللة الفانية انما تدور الي نفسها والاجزاء الباقية تفني و تعود الي الامکان فتعود فتدور في نفسها فبقاء کل جزء بابقاء الله و ادارته و البحث ان الشيء لايخلو اما انيتحلل شيئاً بعد شيء او لايتحلل فان کان لايتحلل و هو خلاف الحس فما قولک ان الاجزاء المتحللة الفانية انما تدور الي نفسها و ان کان يتحلل ما يصنع بالمتحلل أيرد الي الشيء الباقي ثانياً ام لايرد فان کان لايرد فينبغي انيفني الشيء عن رأسه او يرد اليه غيره فان کان يرد اليه فيلزم ما اورده الشيخ اعلي الله مقامه علي القوم من عدم کون اللاحق السابق و ان کان يرد الشيء الذاهب بنفسه الي الشيء فهو قول الشيخ اعلي الله مقامه و قد عرفت مما تقدم ان الشيء دائما يؤخذ من نفسه و يعطاها علي نحو السيلان او النقطة الحائرة او الکرة المستديرة او النهر المستدير فلايتفاوت و البحث الذي يرد عليک انک جعلت الاجزاء الفانية دائرة علي نفسها و الباقية علي نفسها کل علي حده کما يظهر من
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 321 *»
تصريحک بعد فبقاء کل جزء بابقاء الله ثم ان کان الشيء قائماً بالجزئين فجاء الفقر في کلامک و ان کان الباقي هو الشيء فالذاهب ليس منه و ننقل الکلام في الفائت من الشيء و الشيخ يقول ان الشيء ليس بجزء و جزء و انما هو جزء واحد يؤخذ من نفسه و يعطاه و هو النهر و هو الکرة و النقطة و يمثل بکل باعتبار فافهم و لو اذن لي اناشرح لک هذه المسئلة لسمعت مني ما لمتسمعه اذن ولکني ليس قصدي الا محض رد ابحاثک عليک و تنزيه ساحة الشيخ عنها بالبينات و الزبر.
قال قوله بل الجديدة التي هي المدد هي الاجزاء المتحللة الفانية بعينها اقول يلزم من ذلک ان الشيء يفني منه اجزاء و تبقي اجزاء اخري حتيتعود الاجزاء المتحللة الفانية فتکون مدد الباقية فح لو بقيت الباقية لمتکن دائرة لانها کانت قبل وصول المدد و بعد وصوله باقية و لو لمتبق بعد وصول المدد فلميکن المدد مدداً للبقاء بل مدداً للفناء فان قلت الباقية القديمة و العائدة الجديدة شيء واحد يدور من الاکوان الي الامکان ومن الامکان الي الاکوان بادارة الملک القادر المنان قلت فح يلزم من القول بان بقاء الشي بالمدد بقاؤه بنفسه کما ان احتياجه اليه و من القول بان کل شيء محتاج الي المدد احتياجه الي نفسه و الامران محال فالحق ان بقاء کل شيء بابقاء الله سبحانه.
اقول لعمري من تدبر في انحلال زمام هذا الکلام و عدم ارتباط بعضه ببعض قضي العجب منه و لايدري الانسان انيرد علي اي کلمة منه و الکلام الذي يرده العلماء عن غيرهم مطلب مرتبط بعضه ببعض ولکن هذا النوع من الکلام يحير الانسان انيبدء باية لکمة منه و تکرير المطلب الحق هنا اولي اقول قدقلت سابقاً ما حاصله ان الله سبحانه خلق الشيء بمشيته و هو دائم الافتقار الي مشية الله سبحانه في احداثه اياه فليس ان الله سبحانه اذا خلقه و رفع يده عنه يبقي بل لابد و انيکون يده ابداً عليه و احداثه اياه دائماً فوقه فالشيء عند المشية دائم التجدد کما ان نور السراج عند السراج دائم التجدد و ليس انه يحدثه اول الليل ثم هو باق الي آخر بل النور ابداً واقف في اول الاحداث و مهما حيل
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 322 *»
بينهما عدم و هذا الشيء ابداً مفتقر ليس من نفسه ايس بربه فليسه من نفسه تحلله و فنائه و ايسه بربه تبدله و ابقاؤه فهو ابداً فان و ابداً باق فان من نفسه باق بابقاء ربه و هذا مقصودنا من تحلل الشيء و تبدله و ليس انه يذهب من الشيء اجزاء اي تخرج من جثته و يدخل اجزاء في جثته و انما الالفاظ اذا کانت من عالم الکثرة لابد و انتجري علي نحوها فليس ما ظننت انه يذهب کل ساعة الي الامکان و يوجد ثانياً اذ لا اول و لا ثاني و هو ابداً في الاول الا ان هذه الکيفية تتوحد کلما تعلو و تتکثر کلما تنزل و هذا کنه مراد الشيخ و انما عبر عنه بالعبائر المتکثرة في عالم الکثرة و الشيخ قال و عرف ما قال و نصب القرائن علي ما اراد و انت اخذت بخائنة الاعين و لمتعرف ما قلت و ما قيل لک و افسدت الا تلتفت الي قوله بل الجديدة التي هي المدد هي الاجزاء المتحللة الفانية بعينها و اَلمتسمع لقوله فيکون الشخص في کل آن طرياً جديداً من حيث الکسر و الصوغ لا من حيث تبديل اجزائه بغيرها و المتسمع قوله فقد امده منه و لايلزم من ذلک احتياج الشيء الي نفسه فان نفسه بما لها قائمة بامر الله و ليس المدد شيئاً غير الشيء حتييحتاج الي غيره بل هو هو و لا معني لاحتياج الشيء الي نفسه لانه هو هو و هو محتاج الي ربه فسقطت الابحاث و تمت کلمة ربک صدقاً و عدلاً لا مبدل لکلماته و هو السميع العليم فالقول بان الشيء محتاج الي المدد کلام جري في عالم الکثرة نظراً الي دوام فناء الشيء من نفسه و استمراره في بقائه بابقاء ربه فاذا عبر عن الشيء الذي يفني دائماً و هو باق دائماً يعبر عنه کذلک بانه يتحلل منه دائماً و يؤخذ ما تحلل و يرد اليه فيا ايها الرجل ان کلمات العلماء صعبة مستصعبة لايحتملها الا ملک مقرب او نبي مرسل او مؤمن امتحن الله قلبه للايمان فعن علي بن الحسين عليه السلام في حديث ان علم العلماء صعب مستصعب لايحتمله الا نبي مرسل او ملک مقرب او عبد امتحن الله قلبه للايمان فقال و انما صار سلمان من العلماء لانه امرؤ منا اهل البيت فلذلک نسبته الي العلماء انتهي و کذلک علم الشيخ صعب مستصعب فلاتهلک نفسک بالتعرض له.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 323 *»
قال بعد ان ذکر آراء البعض في المدد و قال الشيخ اعلي الله مقامه و الحق ان کل ماسوي الله سبحانه محتاجة في کونها و وجودها و في بقائها الي المدد و ان جميعها متغير متبدل تبدل کسر و صوغ و انما تمد بما ذهب عنها و تحلل منها بعد اعادته علي ما نقلنا عنه فيما سبق و کل هذه قول بلا بصيرة و خطاء غير يسيرة و الحق ان کل ماسوي الله سبحانه محتاجة اليه في بقائه باقية بابقائه علي نحو ما بينا الخ.
اقول ليس لامثال هذه الکلمات منه عندي جواب الا اني اقول متي انکر الشيخ بقاء الشيء بابقاء الله بل هذا عين کلامه علي جماعة يقولون ان الخلق باق ببقاء الله فرد عليهم و قال ان الخلق باق بابقاء الله لا ببقائه و قوله بان الشيء محتاج الي المدد ليس معناه الا ان الشيء محتاج الي ابقاء الله فان ابقاء الله ايجاده البقاء و البقاء الذي يوجده الله للشيء هو المدد بعينه فان شئت سمه مدداً و ان شئت سمه بقاء مخلوقاً بابقاء الله فان ابقاء الله ان لميکن يؤثر شيئاً فاي ثمرة له فان کان يؤثر اثراً فاثره البقاء و البقاء شيء لامحة و بقاء کل شيء دوام وجوده في محله و دوامه في محله هو المعبر عنه بالمدد فانه فان بنفسه ابداً و باق ببقاء خلقه الله له بابقاءه و ذلک البقاء المخلوق هو المدد فان ذلک البقاء المستمر المخلوق للشيء ان کان غير الشيء فغير الشيء عرض للشيء و لايلحقه و لايعتبر في ذاته و ان کان عين الشي فهو هو بلا تغاير فالله سبحانه يحفظ کل شيء بنفسه کما روي ان الله يمسک الاشياء باظلتها و قال سبحانه و من آياته انتقوم السماء و الارض بامره و قال و کان امر الله مفعولاً فالشيء يقوم بامر الله و امر الله هو المفعول و المفعول هو نفس الشيء من حيث الاثرية فالله سبحانه يحفظ کل شيء بنفسه کما بينا و شرحنا آنفاً ولکن الرجل بني امره علي سوء الادب بالنسبة الي ذلک الجليل و کفي بالله شهيداً بينه و بينهم و من عنده علم الکتاب هذا و هذه المسئلة لاتکاد تنحل الا بالعلم الفلسفي المکتوم و علم التکسير و العلم الطبيعي و غيرها من العلوم فان کنت تعلمها فتکلم و الا فافعل.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 324 *»
قال و لينبغي ان يعلم ان الشيخ (ره) رد علي الفاضل الشيرازي حيث قال ان البدن المحسوس الملموس تتبدل عليه في کل وقت اعضاؤه و اجزاؤه و جواهره و اعراضه الخ ما قال بانه يلزم من ذلک ان الشخص في کل آن يکون جديداً فلو کان الامر کذلک کان المعاد جديداً لميخلق الا حال عوده و لميجب عليه التکليف بل لميکن ايجاده عوداً بل هو بدؤ يلزم من هذا کون الايجاد و الصنع عبثاً و التکليف في الدنيا مشقة بلا عوض و الخطابات الشرعية في الکتاب و السنة لغو و اقرب المذاهب و اشبهه بهذا القول مذهب الدهرية و المعطلة اقول صرح الشيخ (ره) بان المؤلف من العناصر الاربعة السفلية بعد الموت يتلاشي في قبره شيئاً فشيئاً و کلما تحلل فيه شيء لحق باصله و انه عرض بالنسبة الي الجسد المخلوق من عناصر هورقليا فلايعود الي ان قال و يلزم من ذلک انيتجدد الجسد العنصرية السفلية عند المعاد و الحشر فلو کان الامر کذلک کان المعاد جديداً لميخلق الا حال عوده و لميجر عليه التکليف بل لميکن ايجاده عوداً بل هو بدء و يلزم من هذا کون الايجاد والصنع عبثاً و التکليف في الدنيا مشقة بلاعوض الي آخر ما قال حرفاً بحرف.
اقول کل هذه الابحاث من جهة عدم اطلاعه باصطلاح الشيخ فزعم ان الشيخ يريد بالجسد العنصري الجوهر الاصلي و غفل عن ان المراد منه محض الصورة و الاجزاء الفضلية فقال الشيخ ان الاجزاء الفضلية التي سماها بالعنصرية اذا وضع الجسد في قبره و بلي يعود کل جزء فضلي الي عنصره کما مثلنا سابقاً من المرکب من العفص و الماء و الدهن و غيره و انما ذلک لاجل ان کل عنصر فيه اجزاء اصلية و اجزاء عرضية فالعرضية منها تسمي بالعنصرية الدنياوية و الاصلية منها تسمي في اصطلاحه بالهورقلياوية و تنبه بذلک الحکماء اليونانيون من فلاسفتهم کماقال الفيلسوف براکلسوس الحکيم اعلم ان الله سبحانه و تعالي لماخلق الهيولي الاولي و السر الاکبر فاض عنه العناصر الاربعة التي منها يتولد جميع المتولدات السفلية و هذه العناصر ظاهرها ظاهر للحس و سرها و باطنها خفي عن الحس و هذا الباطن محفوظ لايتغير و لايقبل الفساد و هو اصل للصور العنصرية
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 325 *»
الظاهرة القابلة للکون و الفساد و التغيير فان العنصر انما يکون عنصراً بهذا الاصل الباطن کما ان الانسان لايکون باللحم و الدم بل بالنفس و الروح کما لايخفي و اذا قلنا ان هذا النبات متولد من الارض فانما نعني به انه متولد و ناشئ من ذلک الاصل الذي لايقبل التغيير الي آخر کلامه و قداحسن و اجاد و عرف حقيقة الامر و کذلک مراد الشيخ اعلي الله مقامه فالعناصر لها سر و اصل مصون عن التغيير و لها صور تتغير و تفسد و الانسان المرکب من العناصر فيه اجزاء اصلية و صور عرضية فاذا لحد في قبره تفني الصورة الفانية و تلحق باصولها المتغيرة الفانية و تبقي الاصول مستديرة و ليس المراد بالاستدارة الاستدارة الکرية العرضية بل دورانها علي قطبها علي التوالي و اذا خليت الاجزاء الاصلية و طبعها وقفت علي ما يقتضيها طبعها فيقف اجزاء رأسه في حيزها و اجزاء عنقه تحتها و اجزاء صدره تحتها وهي مستديرة لان المکونات اذا خلت عن الموانع استدارت علي قطبها و دارت علي التوالي و لاتعرف ذلک الا انتعرف حقيقة المجسطي و علم الهيئة و الهندسة علي الحقيقة علي ما وصل عن آل محمد عليهم السلام فتبين ان بذهاب الاجزاء العنصرية اي العرضية الصورية لايلزم انيخلق الجسد يوم القيمة ابتداء و يبطل الثواب و العقاب و ان ذلک يرد علي الفاضل الشيرازي حسب لانه صرح بما يفيد ذلک.
قال فان قيل هذا انما يلزم لو قلنا بعدم تعين الجسد البرزخي و اما اذا قلنا بتبعيته و عوده فلايلزم ذلک قلت هذا لازم علي کل حال لان الجسد المؤلف من العناصر السفلية اذا جاز عليه التبدل فانما هو لاجل عروضه و عدم استقلاله بدون الجسد البرزخي و الجسد البرزخي ايضاً عرض بالنسبة الي الجسم الاول الحامل للروح و لايستقل من دونه و کذلک الجسم الاول بالنسبة الي الروح فما يجوز علي الجسد العنصرية السفلية يجوز عليهما بعين ما هو جار علي الجسد العنصرية السفلية فيلزم ما قلنا.
اقول اما ذلک القول الذي احتملت انيقوله قائل فنحن لانقول به و علي
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 326 *»
فرض ذلک القول الجواب غير سديد فان الجسم الاول ليس عرضاً للروح بل هو تنزلها الاصلي و لا قوام للروح بغيره فانه بمنزلة المرآة و الروح الخاصة به بمنزلة شبح الشمس الظاهر فيها فان لميکن مرآة فلا شبح خاص ابداً و ان کانت الشمس في محلها شمساً لکن الشبح الخاص الشخصي موجود بالمرآة فانها صورته الشخصية فليس الجسم الاول الاصلي عرضاً بالنسبةالي الروح و اما الجسم الثاني البرزخي ففيه اصول هي الجسم الاول و فيه صورة عرضية بها ظهر في عالم البرزخ و مشي فيه فالعرض البرزخي والصورة البرزخيةايضاً لاتعود فان بدؤها من البرزخ فعودها اليه کما ان اعراض الدنيا و فضولها بدؤها من الدنيا و عودها اليها و اما الجسد البرزخي اي الجسد الاول فکذلک له صورة برزخية بها ظهر في البرزخ فهي من البرزخ و الي البرزخ و له اصول هي اصول هذه العناصر الدنياوية بعينها فهي تعود الي يوم القيمة فانها منه و اليه فالجسم الاصلي له صورتان عرضيتان دنياوية يخلعها في الدنيا و برزخية يخلعها في البرزخ و الجسد الاصلي له ايضاً صورتان عرضيتان عرضية دنياوية يخلعها في الدنيا و عرضية برزخية يخلعها في البرزخ و تأتي اصول الجسد العنصري الدنياوي الي يوم القيمة و تأتي اصول الجسم الفلکي الدنياوي الي يوم القيمة و انما ذلک لان الانسان مرکب من قبضات عشر تسع من الافلاک و واحدة من العناصر و لکل قبضة عرضان کما عرفت فافهم ان کنت تفهم فاني و ان ضننت ببيان حقيقة الامر ولکني ما ابقيت باقية و لماترک لمحتج حجة وشرحت و بينت و فصلت و اوضحت.
فمن کان ذا فهم يشاهد ما قلنا
و ان لميکن فهم فيأخذه عنا
ان سبقت له من الله الحسني ثم ذکر اموراً لسنا بصدد ردها و قدحها فانه لا سابقة عداوة بيني و بين الرجل وانما تعرضت لرد ما رددت دفعاً عن حوزة الاسلام و المسلمين و نصرة لاولياء الله الممتحنين و اظهاراً لعداوته مع اهل الحق و اليقين و مالي بعد التعرض لساير اقواله فان الکلمات الباطلة في الدنيا کثيرة و الباطل يموت بترک ذکره و
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 327 *»
لکن قال بعد وريقات قال الشيخ اعلي الله مقامه في شرح الحکمة العرشية بعد ما نقل شبهة الآکل و المأکول و ذکر عبارة منه اعلي الله درجاته ما حاصلها ان الاجزاء الاصلية فوق الهاضمة الدنياوية فلاتهضمها هاضمة الآکل في الدنيا ثم قال اقول هذا تصريح من الشيخ رحمه الله بان الجسد المعاد هو الجسد البرزخي الذي لايحس و لايمس و لاتتسلط عليها المعدة و لاتهضمها القوة الهاضمة لعدم المجانسة الي ان قال و ذلک مخالف لضرورة الدين و مناف لطريقة اهلبيت الحکمة و اليقين و قداتفق اهل الملل الثلث علي ان المعاد هذا البدن الملموس المحسوس بالحواس و حکاية ابي بن خلف مع رسول الله صلي الله عليه و آله مما يقطع عرق التأويل و يدفع انتحال الخارج عن السبيل و الله سبحانه خير هاد و دليل الي ان قال فاذا کان الآکل و المأکول کلاهما عرضين من الاعراض الدنيوية لايجب عودهما ولا حسابهما اذ لا حساب عليهما و لا عقاب و لا نعيم و لا ثواب و لا شعور فيهما و لا احساس و لا تکليف عليهما فنقول و کذلک الناکح و المنکوح و القاتل و المقتول و الظالم و المظلوم و هکذا فيرتفع التکليف عن جميع المکلفين و ذلک بخلاف ضرورة الدين و مذهب الائمة الطيبين و شيعتهم الميامين.
اقول
و کل يدعي وصلاً بليلي
و ليلي لاتقر لهم بذاکا
ولکن:
اذا انبجست دموع من خدود
تبين من بکي ممن تباکا
اما قوله هذا تصريح بان الجسد المعاد هو الجسد البرزخي ابداً لايفهم من کلام الشيخ فان الشيخ لايصطلح الجسد البرزخي الا علي الصورة العرضية البرزخية و هو لايقول بعود تلک الصورة ولکن يقول الشيخ ان اصول هذه العناصر الدنياوية هي العائدة فانها هي النازلة من عرصة القيمة و قدلحقها حين نزولها صورتان برزخية و تخلعها في العود في البرزخ و دنياوية و تخلعها في العود في الدنيا و جوهر هذه العناصر و سرها هو العائد و لو تدبر متدبر في کلمات الشيخ لوجد ما قلت و العبارة المنقولة منه هذه ان الشخص بحقيقته و طينته الاصلية نزل
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 328 *»
بتمامه من عالم هورقليا و هو عالم البرزخ الذي فيه جنان الدنيا و نيران الدنيا و فيه جنة ابينا آدم و جميع من کان من ذرية آدم فجسده خلق من عناصر هذا العالم اعني عالم هورقليا و عالم البرزخ فلمانزل الي هذه الدنيا لحقته اعراض الي آخر کلامه اعلي الله مقامه و قدقال انه نزل بتمامه من عالم هورقليا و جسده خلق من عناصره و لميقل ان الجوهر المعاد برزخي بل الجوهر المعاد اخروي و نزل الي هورقليا و نزل من هورقليا الي الدنيا فصرح بان طينته الاصلية نزل من هورقليا و لميذکر انها من اين وصلت الي هورقليا و اما قوله فجسده خلق من هورقليا يعني به الجسد العرضي البرزخي و جوهر ذلک الجسد لميخلق منه و جوهر ذلک الجسد هو جوهر الجسد الدنياوي بعينه فالاصلية المعادة جوهر البرزخ و سره و هو جوهر عناصر الدنيا المحسوسة و سرها و التعليمي البرزخي محض صورة ظهر به في البرزخ کما ان التعليمي الدنياوي محض صورة ظهر بها في الدنيا و لامخالفة في ذلک لضرورة الدين فان ضرورة الدين لمتقم علي ان الصورة الدنياوية تعود و لا علي ان الصورة العرضية البرزخية تعود و انما الضرورة قامت علي ان جسم زيد المحسوس الملموس يعود و نحن نقر بذلک و نکفر من يقول بغير ذلک ولکن جسم زيد المحسوس لا ما لحقه به من غيره و انما الاعراض اللاحقة کلبنة اخذها زيد تحت ابطه و لميقم ضرورة علي ان اللبنة تعود و لا علي ان سواد وجه زيد المؤمن يعود و لا علي ان آکلة وجه زيد تعود و انما يعود جسم زيد بما هو جسم زيد لا غير و قدبينا و شرحنا بما فيه البلاغ و لاکفاية و نزيد ذلک وضوحاً ان الله سبحانه خلق زيداً و له عقل و روح و نفس و طبع و مادة و مثال و جسم و کما ان جسم زيد حصة من عالم الاجسام ساير مراتبه ايضاً حصص من عوالمها و نبين حال جسم زيد و قس عليه ماسويه من المراتب فان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هيهنا فخلق جسم زيد من عشر قبضات تسعة من الافلاک و واحدة من الارض وهذا الجسم هو الجسم الاصلي الذي هو جسم زيد و به يعيش و يحشر و يثاب و يعاقب فلمادارت الافلاک علي الارضين و
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 329 *»
طرحت شعلاتها حرکت العناصر فتمازج بعضها ببعض و حصل لکل عنصر صورة عرضية و من تأثير بعض الافلاک في بعض و تعاکس اشعتها حصل لها ايضاً اعراض فهذه الاعراض في الافلاک و العناصر غير الحالات الاصلية و الآثار و الطبايع و حصل من هذا التعاکس و التنازع عالماً وهذا العالم سمي بالبرزخ و هورقليا و لماتحرکت الافلاک المتغيرة علي العناصر المتغيرة احدثت فيها اعراضاً اخر في سماواتها و ارضيها و سميت بالدنيا و قدمثلت سابقا ان العفص اخضر فاذا شم رايحة الزاج علاه سواد و غشي الخضرة و هو صورة عارضة فاذا نظرت نظرت الي العفص و اذا لمست لمست العفص الا ان عليه سواداً و لو نذرت انتتصدق بعفص و تصدقت به ما حنثت فهذا الجسم المحسوس الملموس هو جسم زيد الا انه تصور بصورة عرضية برزخية مرة و بدنياوية اخري الا تري ان زيداً لو صبغ جسده بالحنا لميمنعه عن کونه محسوساً ملموساً فمن ذلک تبصر امرک و افهم قول الشيخ ان هذا الجسد بعينه هوالجسد البرزخي و هو الجسد الاخروي فاي بحث يمکن انيتطرق علي کلام الشيخ و اي خدش يمکن انيخدش فيکلامه و لا استحسن البيان ازيد من ذلک لاني لماجدک طالباً للحق و الصواب بالبرهان و لو وجدتک کذلک لاذنت لجواد القلم انيجول جولة في هذا الميدان ولکن اقتصر علي ما ذکرت و العاقل يکفيه الاشارة و الجاهل لايتنبه بالف عبارة و لا قوة الا بالله و ان نازعتک نفسک ان فلاناً لميفهم کلام الشيخ و عرفت انت فاعلم ان صاحب البيت ادري بما في البيت و کل احد يودع سره اخوانه و اصحابه و يحجبه عن اعدائه البتة.
فما ثم الا ما ذکرناه فاعتمد
عليه و کن في الحال فيه کما کنا
و لو وجدت عبارة متشابهة من کلماته اعلي الله مقامه ترجع الي ما ذکرنا لا غير.
و اما قوله و قداتفق اهل الملل الثلث الي آخر فهو مأخوذ من الدواني و لکل کلمة مع صاحبها مقام و اما قوله فاذا کان الآکل و المأکول کلاهماعرضين الي آخر ما قال فليعلم ان الاعمال بالنيات و کل يعمل علي شاکلته و لکل امرء ما نوي و لما عزم الناکح
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 330 *»
علي النکاح و نکح و القاتل علي القتل و قتل و الظالم علي الظلم و ظلم فقدتلبس جميع مراتبه الاصلية و العرضية بالعصيان و بما نهي عنه فان زيداً نهي عن الزنا يعني نهي عقله عن التوجه اليه و نفسه عن العزم عليه و جسمه عن العمل به و اعراضه عن العمل العرضي له فاذا عصي عصي کل مرتبة منه عما امر به فهو عاص في الدنيا و في البرزخ و في الآخرة الا تري ان زيداً لو کان نائماً علي سطح و وقع علي رجل فمات ذلک الرجل حدث القتل العرضي و لميعذب زيد به و انما يعذب اذا قتله عن شعور فالقياس له فارق و بون بعيد و مسئلة الآکل و المأکول لميلحظ فيها الطاعة و العصيان و انما لوحظ فيها صرف اکل آکل مأکولاً کأن يطعم رجل لحماً اي لحم انسان و هو لايدري فان کلماتک الا مغالطة محضة زخرفتها للجاهلين و لايغتر و لايتزلزل به العاقلون فاحذر مقام اولياء الله معک يا هذا عند الله سبحانه و تحسبونه هيناً و هو عند الله عظيم و فيما ذکرنا في مسئلة المعاد و اظهار ما له من العناد کفاية ثم في رسالته مسائل اخر و لميکن غرضنا الکلام فيها فاعرضنا عنها و جميع همنا في الذب عن حمي اولياء الله الممتحنين و من اجال النظر و ادار الفکر و انصف و اعتبر عرف ان الرجل ظلم نفسه في هذه الجسارة العظيمة التي تکاد السموات يتفطرن منها و تنشق الارض و تخر الجبال هداً و استهان بالدين بل بالائمة الهادين و صاحب الشرع المبين صلوات الله عليهم اجمعين بل آذي الله رب العالمين لقوله تعالي في القدسي من آذي لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة و دعاني اليها.
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 331 *»
خاتمـــــــة
في تحقيق مسئلة ردها علي الشيخ اعلي الله مقامه في رسالته الي الشاهزادة المعظم
علي سبيل الاجمال و الاختصار
قال في تلک الرسالة ما حاصله ان الشيخ المرحوم اراد انيهدم بنيان ما سبق و لماکان اکثر مطالب اهل المعرفة مبتنيا علي الوجود العلمي للاشياء في الازل فقطع طريقهم من هذا الوجه و اراد انينفي الکثرة عن الازل انکر معلومية الاشياء في الازل و وقع في خلاف الضرورة.
اقول هذه الضرورةالتي يکررونها في کلامهم اية ضرورة هي و کيف صارت المسائل النظرية التي هي محل انظار الحکماء و اختلاف العلماء و تشاجر الفضلاء خلاف الضرورة و متي عرف الصبيان و النساء بل الرجال بل العلماء المتفقهون تلک المسائل و متي ميز الناس بين ما يخالف منها الضرورة و بين ما لايخالف ثم ان الضرورة قدقامت علي ان الله سبحانه عالم لايجهل و هو عالم بکل شيء لايعزب عن علمه شيء في السموات و الارض و اما ان الاشياء موجودة بالوجود العلمي في ذاته سبحانه ام لا اي دخل له في الضرورة و عدم الضرورة و هي من المسائل الخفية النظرية و لو کانت ضرورية لمتکن تصير محل انظار العلماء و يضل کثير منهم فيها فالحکم بکون امثال هذه الاقوال خلاف الضرورة و الحکم عليه بمقتضيها مستعجلاً حکم بغير ما انزل الله و لايحسن ثم اذا عرفت ذلک نتکلم في اصل المسئلة انک باعترافک مقر بان اکثر مسائل من سبق تبتني علي الوجود العلمي للاشياء في الازل فهم و انت علي ما يظهر من لحنک مقرون به فنقول اولا ان العلم لايخلو اما هو عين الذات من کل جهة و لا جهة ام غير الذات من کل جهة ام عين الذات من جهة و غيرها من جهة فان کان عين الذات من لک جهة و لا جهة و الذات احد لا تکثر فيها بوجه من الوجوه و حيث من الحيوث و اعتبار من الاعتبارات و فرض من الفروض و لايدرک بمشعر من المشاعر الکثرة فيه مطلقاً نفياً و اثباتاً لقول الصادق عليه السلام النفي شيء فهو
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 332 *»
هو الذات و من اين عرف الخصوصية العلمي و الکمال العلمي و باي خصوصية سميت بالعلم بل العلم له حينئذ کتسمية الانسان بالفضل فلايثبت له کمال بهذه التسمية وان کان يقصد منه کمال آخر له سبحانه غير کنه الذات فقداثبتوا فيه غيره و يأتي الکلام فيه هذا و مفهوم العلم غير مفهوم الذات و تصيغ من العلم فعلا دالاً علي الحدث و الزمان و لاتصيغ من الذات کذلک فعلاً و نداريک بانه ان کان عين الذات کذلک من کل جهة فيمتنع ادراک معني علمه الذاتي و حقيقته و يکفيته و تفصيله کما يمتنع ادراک الذات يمتنع ادراک العلم لانه هو هي علي ما فرضت و لايجوز الکلام فيه و النظر فيه لانه لامجال لشيء من الکلام و النظر فيه ابداً اذا انتهي الکلام الي الله فاسکتوا و قال تعالي ان الي ربک المنتهي و عن ابيعبدالله عليه السلام من نظر في الله کيف هو هلک و عن ابيجعفر عليه السلام اياکم و التفکر في الله و لکن اذا اردتم انتنظروا الي عظمته فانظروا الي عظيم خلقه و سئل ابوجعفر عليه السلام عن شيء من الصفة فرفع يده الي السماء ثم قال تعالي الجبار تعالي الجبار من تعاطي ثم هلک و قال عليه السلام اياکم و التفکر في الله فان التفکر في الله لايزيد الا تيها ان الله لايدرک بالابصار و لايوصف بمقدار و قال عليه السلام تکلموا في کل شيء و لاتکلموا في الله فان کان العلم عين الذات من کل جهة بحيث يکون العلم و الذات موضوعين علي حقيقة احدية لا اختلاف فيها و لا تکثر فهو الذات لا غير و لايجوز التکلم فيه و معرفة العلم بکيفيته و اثبات کيفية له کما لايجوز انيتکلم الانسان بکل تلک المسائل و المباحث في عين الذات البحت البات الاحدية المعني و ان کان غير الذات من کل جهة فاما انيکون في الذات فيکون القديم محلاً للحوادث و محل الحادث حادث او في الحوادث فيتنزه الذات عنه و لا بحث حينئذٍ و ان کان عين الذات من جهة و غيرها من جهة فتبين ان الذات مرکبة من جهتين جهة علمية تتحد بها مع العلم و جهة اخري تفارقه في الکيفية فهو اعظم و ادهي نعوذ
بالله ثم هذه الوجودات العلمية علي ما يظنون شيء ام لا شيء فان کانت لا شيء
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 333 *»
محضاً فلا کلام فيه و ان کانت شيئاً غير الذات هي او عين الذات فان کانت غير الذات فکيف صار غير الذات في الذات و ان کانت عين الذات فالمتعدد کيف صار عين الاحد بلا جهة فاذ لا تعدد فهي هي الذات فکيف سميتها بالعلم بالاشياء و الوجودات العلمية و هل لهذه الکلمات مصاديق کمفاهيمها ام لا فان کانت لها مصاديق فقد تکثرت الذات و الا فهي قضايا کاذبة و الشيخ لاينکر ان الله سبحانه عالم بل يقر بان الله سبحانه ذاته عالمة بالاشياء تعلم کل شيء في مکان حدوده و مقام شهوده و هذه عين عبارته:
اعلم ان الله سبحانه علم المعلومات بعلمه الذي هو ذاته اذ لا شيء غيره بما يمکن في ذواتها و ما يمتنع في رتبة الامکان و هو اذ ذاک عالم و لا معلوم و علمه بها هو کينونة الذات علي ما هي عليه مما له لذاته بلا اختلاف و لا تکثر و هو الربوبية اذ لا مربوب الي آخر کلامه فهو ليس ينکر العلم کيف و قدقال الصادق عليه السلام کان الله عزوجل ربنا و العلم ذاته و لا معلوم الخبر و هو لايقول شيئاً مخالفاً لنصوص آل محمد عليهم السلام الا انه يتکلم بکلام غامض و لايفهمه من لميأخذ عنه فيبادرون الي انکاره حاشا و الله لمينکر هو العلم الذاتي ولکنه يقول بشيء لاتکادون تنالونه الا باخلاص السريرة و صدق النية و طلب العلم لله و في الله و لا اريد اناشرح مر الحق هنا و ساير کتبنا مملوة منه لکن هنا يضيق ببيانه صدري و لا ابالي بالنقض ما امکن و وافق الواقع و اقول انه کما لايصح انيقال في الذات الاحدية و کنهها انه حصولي او حضوري او فعلي او کشفي او انکشافي و من مقولة الکيف او الفعل او الانفعال او الاضافة او غير ذلک و انه يلزمه الخلق او لايلزم و انه کيف بدؤه و مطابقته للخلق او وقوعه علي الخلق او غيرها کذلک لايجوز الکلام في العلم الذي هو عين الذات من کل جهة فانقطع الکلام و خاب المرام و الطريق مسدود و الطلب مردود لايقترن بغيره و لاينتسب الي غيره و لايطابق غيره و لايوافق سواه و لايقتضي غيره و لايقتضيه غيره مجمل القول يقع عليه جميع ما ورد من التنزيه علي ذات الحق سبحانه و تلک التنزيهات و هذا التسليم منهم لنا يفسد عليهم جميع ما اصلوا و فرعوا و ينقض عليهم جميع ما فتلوا و هؤلاء ايرادهم علينا انکم تنکرون العلم الذاتي و حاشا ثم حاشا انهذا الا
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 334 *»
فرية علينا و لکنا ننزه العلم الذاتي عما ننزه عنه الذات و ننفي جميع هذه الکثرات التي يثبتونها في الذات و نثبت احدية علمه سبحانه و الوهيته و ازليته و قدوسيته و سبوحيته نعم نحن ننکر اشد الانکار انيکون في ذاته سبحانه غيره نفياً و اثباتاً او يکون کنه ذاته سبحانه مطابقاً لشيء او واقعاً علي شيء او متحداً مع شيء او مناسباً لشيء او مشاکلاً لشيء او موافقاً لشيء او مجانساً لشيء او مماثلاً لشيء او مخالفاً لشيء فان کل ذلک نسب و صفات تنافي معني الاحد فلايکون فيه و يصدقنا علي قوله سبحانه سبحان ربک رب العزة عما يصفون و العلم عين الرب فسبحانه عما يصفون و قدقال اميرالمؤمنين عليه السلام کمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة کل صفة انها غير الموصوف الخبر فکمال التوحيد نفي الصفات عن العلم و لفظة «الصفات» جمع محلي بالالف و اللام يفيد العموم و لفظة «کل» صفة مسورة بسور العموم و الکلام المدلل يفيد عموماً لا مزيد عليه فان القضايا العقلية لا تخصص لها فجميع الصفات کائناً ما کان بالغاً ما بلغ منفي عن العلم فجميع تحقيقاتهم فيه هباء منثور فلا معني للکلام في ان وجودات الاشياء العلمية تکون في الازل ام لا و کيف يکون الوجودات المتکثرة في ذات الازل و هل هي في اية حضرة و کم حضرة هناک و غيرها من الکلمات التي لا طائل تحتها فانقطع الکلام و خاب المرام و زلت الاقدام و ضلت الاحلام و التنزيه طريق النجاة و الاثبات مورد الهلکات فسبحان ربک رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين و نکتفي بهذا المقدار من البيان فان العقلاء يکتفون بالاشارة و الجهال لايکتفون بالف عبارة و والله لم يحملني علي ما کتبت سابقة عداوة بيني و بين الرجل او حسد او بخل او حمية او عصبية ولکن السائل مد الله ظله امرني و امره مطاع و لما رأيت جسارته علي اولياء الله التزمت انانصرهم بالحق و البرهان الصدق فلذلک کتبت ما کتبت و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و اله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 335 *»
و قدفرغ من تسويد هذه الاوراق العبد الاثيم کريم بن ابرهيم في عصر يوم الخميس العاشر من شهر ربيع الاول سنة 1266 حامداً مصلياً مستغفراً تمت.