09-03 جوامع الکلم المجلد التاسع ـ خطبة عيد الاضحي ـ مقابله

خطبة عید الاضحی

 

انشأها الشيخ الاجل الاوحد

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 10 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي فتق السمك و مد السلك و نظم الاكوان في فوارة (نوار خ‌ل) متعاظم الامكان و دور الفلك و زين الحبك و شق المكان في تيار متلاطم الزمان و فتق الاجواء و مد الاضواء بنور النفس و خلق منه الشمس و جعلها سراجاً منيراً في الاعيان و قيضها  آية في النهار ليبتغوا من فضله و هو الكريم المنان و خلق من ضيائه القمر آيةً في الليل و محا آيته ليسكنوا فيه من حركات التعب و الامتهان و خلق منها النجوم و جعلها زينةً و رجوماً لمن استرق السمع من كل شيطان و حمل حركات دوائر الافلاك علي كواهل الاملاك لتقدير ما يكون و تسيير ما كان و جعل ثقل البحار و الارضين و القرار علي تخوم قطب سكون المكان و اودع رقائق الخلائق في طرائق اطوار الاعيان و ابرز غرايب العجايب بترتيب مراتب الاتقان و تعرف لكل شيء بلاعيان فسبحان من هو كل يوم هو في شأن.

و اشهد انه الله الذي ظهر وجوده بموجودية الموجودات و برز علمه بمعلومية المعلومات و عرفت صفاته بحدوث صفات المحدثات فمنه بدء كل شيء و به قوام كل شيء و له ملك كل شيء و اليه مرد كل شيء فبيده ملكوت كل شيء و اليه ترجعون.

و اشهد ان محمداً صلي الله عليه و آله عبده و رسوله ارسله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله و لو كره المشركون فحمل اثقال الرسالة و شيد قواعد الدلالة و عادي في طاعة ربه الاقربين و والي الابعدين و جاهد في سبيل الله المدبرين و بالغ في الاداء و حض (خص خ‌ل) علي الرضا و عبدالله مخلصاً حتي اتاه اليقين فصلي الله عليه و آله الطيبين و محبيهم الانجبين الي يوم الدين.

عباد الله اوصيكم و نفسي العاصية بتقوي الله فيما يعلمه منكم و اتباع اوامره فيما دعاكم اليه (فيه خ‌ل) و اجتناب نواهيه فيما حذركم عنه و اغتنموا

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 11 *»

فرصة المهلة و انتبهوا من سنة الغفلة فان العمر قصير و الامر خطير و الدنيا دار الغرور تهتف بالبلايا و الشرور قال اميرالمؤمنين عليه‌السلم الدنيا كله جهل الا مواضع العلم و العلم كله حجة‌ً الا ما عمل به و العمل كله رياء الا ما كان مخلصاً و الاخلاص علي خطر حتي ينظر العبد بما يختم له.

عباد الله ان الدنيا دار قد رضي الله لاهلها الفناء و قدر عليهم بها الجلاء فكل ما فيها ناقد (نافذ خ‌ل نافد ظ) و كل من يسكنها بائد و هي مع ذلك حلوة خضرة رائقة نضرة قد زينت للطالب و لاطت بقلب الراغب يطيبها الطامع و يحتويها الوجل الخائف دار بالفناء محفوفة و بالغدر معروفة لاتدوم احوالها و لايسلم نزالها احوال مختلفة و تارات متصرفة العيش فيها مذموم و الامان معدوم و انما اهلها فيها اغراض ترميهم بسهامها و تفنيهم بحمامها فبينما المرء في غفلته اذ عرضت له اسباب رحلته فيصبح بعد صحته و هو سقيم فيهجم عليه الموت و هو مليم فيقبض روحه بين صديقه و الحميم فينقل من دار افني (افق خ‌ل) عمره في عمارتها الي دار قد خربها دار الوحشة و الغربة‌ و الوحدة بين الاحجار و التراب تنتهسه (تنهسه خ‌ل) الديدان و الدواب فلو كشفتم التراب عنه في مدة قليلة لرأيتم منه حالة مهولة عينه سائلة علي خديه و كفه منخلعة من يديه و عنقه منخلعة و اوصاله متقطعة و فراشه بعد التنعم الاحجار و هي مع التراب دثار و هذا البيت المظلم اول منزل له من منازل الآخرة فان كان سعيداً (سعيد خ‌ل) فروح له عند خروج روحه و ريحان له في قبره و جنة نعيم معدة له و ان كان شقياً فنزل في قبره من حميم يسقي منه اتدرون ما الحميم هو ما (ماء خ‌ل) يجتمع من صديد جلود اهل النار و فروج الزنا (الزناة نسخة) قال صلي الله عليه و آله لو اهريقت دلو واحدة في الدنيا لمات اهل الدنيا من نتنها و تصلية حميم في الآخرة ان هذا لهو حق اليقين و قد قال في كتابه قل هو نبأ عظيم انتم عنه معرضون فرحم الله من استعد لفقره يوم التلاق فان المضمار اليوم و غدا السباق و ان (فان خ‌ل) السبقة الجنة و الغاية النار افلا تائب من خطيته قبل هجوم منيته او لا عامل لنفسه قبل يوم فقره و بؤسه جعلنا الله و اياكم ممن يخافه و يرجو

 

 

«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 12 *»

ثوابه.

الا و ان هذا اليوم يوم عظيم البركة رفيع المكانة عند الله يستجيب فيه الدعاء و يغفر فيه الذنوب و يضاعف فيه الاعمال و يبلغ فيه الآمال فاذكروا الله يذكركم و كبروه و سبحوه و مجدوه و ادعوه يستجب لكم و توبوا اليه يقبلكم و ادوا فرايضه و امروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و تعاونوا علي البر و التقوي و لا تعاونوا علي الاثم و العدوان عصمنا الله و اياكم بالتقوي و جعل الآخرة خيراً لنا و لكم من هذه الدنيا ان ابلغ الموعظة و خير الكلام كلام الله العظيم اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم و العاديات ضبحاً فالموريات قدحاً فالمغيرات صبحاً فاثرن به نقعاً فوسطن به جمعاً ان الانسان لربه لكنود و انه علي ذلك لشهيد و انه لحب الخير لشديد افلايعلم اذا بعثر ما في القبور و حصل ما في الصدور ان ربهم بهم يومئذ لخبير و استغفر الله لي و لكم انه هو الغفور الرحيم و الحمدلله رب العالمين.