فائدة في بقاء النفس
من مصنفات
العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم حاج محمد کريم الکرماني
اعلياللهمقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۱ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة: اعلم ان الاكوان مسبوقة بالامكان و هو عدم الاشياء لا امتياز لها الا انه صلوح الكل اي يصلح لان يتصور بصورة كل مكون كما ان المداد هو صلوح الحروف صالح لان يتصور بصورة كل حرف فليس صورة حرف اولي به من صورة آخر فلايخرج كون من قوته الي عرصة الفعلية من غير مخرج خارج عن عرصةالامكان و هو الصانع الموجود بالفعل الكامل في فعليته بالاحدية فهو بفضل فعليته يخرج كل كاين من عرصة القوة الي الفعلية كما ان النار بالفعل بفضل فعليتها الكاملة تخرج الشعلة من عرصة قوة الدهن الي الفعلية و لولا نار بالفعل لما خرجت الشعلة الي عرصة الفعلية من قوةالدهن ابدا لانها كانت فيه معدومة و المعدوم بنفسه لايخرج الي الوجود و هو معني انت ما كونت نفسك و لا كونك من هو مثلك و ذلك الموجود بالفعل ينبغي ان لايكون مسبوقا بامكان فيكون معدوما فانه اذا يحتاج الي موجود بالفعل آخر فالصانع الذي اليه الغاية يكون واجبا غير مسبوق بامكان و عدم و لايكون ممكنا و يكون هو فوق الممكنات كائنة ما كانت و لو فرضت غير متناهية في العرض بالجملة ذلك الموجود بالفعل انما يخرج الممكنات من العدم الي الوجود بفعله و هو حركته الايجادية فيوجد فعله اولا بنفسه ثم يوجد الممكنات بفعله فاذا لابد و ان يصدر من فعله نور و ظل و تأثير عرضي يقع علي ذلك الامكان لتمكين قابليته و تربيته كما انه يقع من النار حرارة عرضية علي الدهن فتجففه و تكلسه و تدخنه حتي يشتعل و يتقوي ما فيه من النارية و يخرج من الكمون الي العيون و يصير شعلة و كما انه يقع من النجوم انوار علي الارض فتمكنها و تقربها تي تتأثر و تنفعل و تشتعل اما نباتا و اما حيوانا و قد علم اولوالالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا.
فكذلك النور الواقع هو الموافق لارادة المريد و علي صفتها تابع لها رابط بينها و بين المرادات و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۲ *»
لولاه لميكن المرادات صالحة للتلقي بانفسها من ارادة المريد لان عرصتها فوق عرصة القوابل الامكانية و لابد فيما بينهما من رابط و هو النور الواقع من افلاك الارادة علي ارض الامكان و هو نطفة الاب الواقع في رحم ام الارض يختلط مع نطفتها و هي لطايفها فتعقدها و تصورها في الارحام كيفما شاء الله و ذلك النور الواقع هو الملك الرابط بين الفعل و المفعول و هو نفس مستقلة غير المفعول و قويها و الملئكة يختلفون علي حسب اختلاف المخلوقات اذ كل ملك يكون علي صورة مراد يرده الله و لو لميكن كذلك لما صدر منه التمكين الخاص و لو لميكن حركة يدك و ظلها من الامام الي الوراء لما صار المداد الفا و لو لمتكن من اليمين الي اليسار لما صار باء و لو كان الشعاع الواقع باردا لما سخن و لو كان ساخنا لما برد و هكذا فلاجل ذلك لكل ملك خدمة خاصة مأمور بامر خاص و علي جبهته اسم خاص من الله و له تسبيح خاص فملك الجماد جمادي و ملك النبات نباتي و ملك الحيوان حيواني و ملك الجسم جسماني و ملك الروح روحاني و ملك الجزئي جزئي و ملك الكلي كلي و هكذا كل علي حسب ارادة الله لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فهم لاجل كونهم علي حسب الارادة معصومون مطهرون و لهم اجنحة بها ينزلون و يصعدون اولي اجنحة مثني و ثلث و رباع يزيد في الخلق ما يشاء بعدد جهات وجودهم و جهات قويهم و الجناح للطاير بمنزلة اليد للانسان و هي مظهر قدرته.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان بين كل ممكن و بين الفعل المتعلق به ملك يخصه الا الانسان فانه فوق ساير الملئكة و الملك لايطلع علي نفس الانسان بل حقيقته هي بنفسها متصلة بالمشية و ان نور المؤمن لاشد اتصالا بنور الله من اتصال نور الشمس بالشمس و ذلك ان الانسان ليس بذي روح اشراقي كالحيوانات فما دونها و انما روحه ركني و لاجل ذلك يكون عوده عود مجاورة و يكون نفسه اشبه شيء بنفوس الملائكة فالنفس الناطقة هي بنفسها نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره و ما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة فيمكن الله
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۳ *»
عزوجل قابلية الانسان بنفسها حيث خلقها و هي بنفسها ذلك النور الساطع من المشية و له مظهر من مرآة الحيوانية و النباتية فاذا انكسرت المرآة قام النور بالمشية دائما باقيا بابقائها و يعود عود مجاورة.
و ان قلت بم يتشخص ذلك النور و كيف يتشخص زيدا و عمرا؟
قلت تشخصه بالعلم و العمل لانه من ارض العلم و هو العالم العامل و صفة ذلك ان الله سبحانه لما خلق من ارض الطبايع نباتا بعد كونه جمادا و معدنا استشرق بشعاع فلك القمر و اشتعلبه فكان حيوانا تعينه من الروح البخاري كما ان النار اذا اشتعلت في الدخان تعينت بالدخان و انصبغت بصبغة و تهيأت بهيئته فذلك الاشتعال هو مثل الروح الخاص بالسبع او البهيمة مثلا و اما فوق ذلك الاشتعال فالروح الحيواني الفلكي الكلي لاتخصص له بسبع او بهيمة بل هو مطلق فاذا اعتدل ذلك البخار وصفا صار ذلك الاشتعال حيوانا ناطقا و تحقق فيه حصص ساير الافلاك ايضا بسبب الاعتدال و التصفية و في ساير الحيوانات لميتجاوز صفاء ذلك البخار من فلك القمر و لاجل ذلك ظهر فيه الحيوة حسب و اذا صفا حتي وازي ساير الافلاك ايضا اشتعل بروح المتفكرة و المتخيلة و المتوهمة و العالمة و العاقلة ايضا و حصل فيه ساير الافلاك كما حصل في الحيوانات فلك الحيوة فتلك البخارية لما اشتعلت صارت الشعلات هي القوي الخاصة الظلية بذلك الشخص و فوق ذلك القوي الكلية الفلكية العامة بلاتخصص و تلك القوي الظلية و الشعلات شعورات كما ان اشتعال بخار الحيوان حيوة محضة و لها حواس ظاهرية فتلك الحصص مشتعلة بالشعورات و تلك الشعورات متخصصة بتلك الحصص و لها تشخصات شرعية آخر بحسب ما تعلقت به و ادركته من الجزئيات من صور عليين او سجين فتلك الصور الشعورية هي الشعورات الخاصة الظلية و الانسان الظلي الراكب علي الحيوان الناطق الراعي في النبات النابت في الجماد و كما ان لهذا العالم كرسي هو كلي بالنسبة الي الافلاك و هي جزئياته و نسبتهما الروح البخاري و الباصرة و السامعة و الشامة و الذائقة و اللامسة و ادراك الكل من الروح البخاري و انما ينصبغ في العين و يصير باصرة و في الاذن و يصير سامعة و في الانف و يصير شامة و هكذا كذلك الكرسي هو ادراك كلي يكون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۴ *»
في زحل عاقلة و في المشتري عالمة و في المريخ واهمة و في الزهرة متخيلة و في عطارد متفكرة فكذلك في الانسان قد يبلغ الروح البخاري مبلغ الكرسي فاذا صفا و اعتدل كالكرسي واجه النفس الكلية و اشتعل بنورها اشتعال الدخان بالنار فذلك الاشتعال هو نفس زيد خاصة و هو كلية زيد الدراكة من عاقلته و عالمته و ساير حواسه و هي تنتزع من تلك المشاعر امرا كليا كما ينتزع الروح البخاري من الحواس و يحضر لديه جميع ما في الحواس علي نحو الوحدة و الاجتماع بلاتمايز و لذلك يكون الروح البخاري بكله باصرا و سامعا و شاما و ذائقا و لامسا و كذلك يجتمع ما في المشاعر الباطنة عند كرسيها و يتحد هناك اذ ذلك الكرسي بكله عاقل عالم متوهم متفكر متخيل فجميع المشاعر يؤدون ما لديهم اليهم و هو يتعين بتعين ما ادي اليه و هو الصورة الشرعية فانه اما صورة في عليين او من سجين و كذلك اذا بلغ البخار في الصفا و الاعتدال مبلغ العرش يتعلق به من نفس العرش الكلي و هي العقل الكلي نور فيشتعل ذلك البخار بذلك النور فذلك الاشتعال الخاص هو عقل زيد الخاص به و يكون حينئذ من اولي الالباب و اولي القلوب و يجتمع لديه معاني ما في كرسيه علي نحو الكلية و المعنوية و النفس المتعلقة بكلية تلك الابخرة التي هي بمنزلة الجسم المطلق للعالم هي فؤاد زيد و حقيقته و عنده حقيقة الجميع فافهم ان كنت تفهم.
بقي هنا شيء و هو ان الحيوانية التي في زيد اشتعال روحه البخاري يشتعل في صفايا عناصر بدن زيد التي هي نفسه النباتية و كل نباتيته تصير حية بنور الحيوة و منها تنفذ الي غلايظ بدنه و اشتعال مشاعر انما يتحقق في حيوانية بدن زيد اولا و منها تنفذ الي الصفايا و منها الي الغلائظ و ذلك ان حيوته تصير دراكة و من شأنها الادراك لا من شأن النبات فيشتعل حيوته بنار المشاعر ثم منها تنفذ الي النبات و الجماد في بدنه فالروح البخاري الذي هو صفايا العناصر و هو الروح النباتي بكله لايحيي و هو بكله لايترقي مع الحيوة حتي يصير متفكرا و بكله لايصعد حتي يصير متخيلا و هكذا بل يبقي منه غليظ في الرتبة الادني في كل رتبة فاذا بلغ مبلغ العاقلة يصعد صفاياه الي رتبة الكرسي و له صفايا الحيوة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۵ *»
و المشاعر فيتعلق النفس الكلية فيه بتلك المشاعر اولا لا بالحيوانية و لا بالنباتية فمشاعره تشتعل بالنفس الكلية فيه لا حيوانيته بل منها تنفذ الي الحيوانية و منها الي النباتية و منها الي الجمادية فمشاعره تشتعل بنار النفس لا الروح البخاري النباتي و هكذا تشتعل نفسه بنار العقل لا المراتب الدانية لانه معني صور النفس فتبين و ظهر ان العقل الخاص يزيد اشتعال نفسه و نفسه الخاصة به اشتعال مشاعره و مشاعره الخاصة به اشتعال حيوانيته و حيوانيته الخاصة به اشتعال نباتيته و نباتيته الخاصة به صفايا جماديته فللمشاعر و النفس و العقل تعينان تعين كوني علي ما ذكرنا و تعين شرعي بما علمته و عملته.
و علي اي حال الانسانية هي تلك النفس العلامة و هي نور النفس الكلية و قد وقع علي المشاعر الظلية و انصبغ بصباغها الكونية انصباغا كونيا و اكتسب من اصباغها الشرعية اصباغا شرعية فاذا كسرت الاظلة بطل من النفس تلك الاصباغ التابعة لكينونة المشاعر و بقي لها ما اكتسبته من العلوم متعينة بها كما ان حواسك اذا ادت ما اديها الي الروح البخاري ثم سدت بقي للروح ما وصل اليه و اكتسبه و ما تعين به و كذلك يبقي للنفس ما اكتسبته من المشاعر علي نحو الكلية و الاتحاد بعد بطلان المشاعر و بما شرحنا و بينا ظهر صفة تبعية النفس للبدن و حصولها منه و تجردها مع ذلك و دهريتها و بقاؤها بعد البدن و لكنا نزيدك بيانا انشاءالله.
اعلم ان هذا العالم المحسوس هو عالم الزمان و لاجزاءه صور متممة شخصية زمانية بها دخلت عرصة الزمان و تشخصت و صور مقومة دهرية بها تكون باقية في جميع الازمان و تسير في جميع الصور المتممة كالارض مثلا لا صورة متممة بها تمتاز عن غيرها و تتشخص في كل آن و مكان و صورة مقومة ثابتة بها تعرفها في جميع الازمان و تلك ثابتة لكل من له عينان حتي الحيوان الا تري ان للماء مثلا صورة متممة من كمه و كيفه و وقته و مكانه و جهته و رتبته و وضعه و بهذه الصورة يكون المطر غير النهر و البئر غير البحر و ما في هذا الاناء غير ما في ذلك الاناء و هكذا و له صورة مائية بها يمتاز عن التراب و هو السيال الصافي الابيض البارد الرطب الهابط مثلا و هي ثابتة في جميع شخصيات الماء
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۶ *»
لاتختص بواحدة منها و يري كل حيوان ذلك لانه اذا رأي الماء في مكان و وقت يعرفه في كل مكان و كل وقت بالجملة تلك الصورة المقومة دهرية و المتممة زمانية فللارض دهرية و للماء و الهواء و النار دهرية و للافلاك و الكرسي و العرش دهرية و هي صورها المقومة و كذلك لجميع المواليد دهرية الا ان بعض الزمانيات اذ زال صورها المتممة يبقي شيء مطلق دهري بلا حس و ادراك لانه هو كذلك كالماء مثلا اذا زال صورها الشخصية يبقي ماء مطلق دهري و هو الجسم السيال الابيض البارد الرطب و لا حس له و لا شعور لانه ماء و اما الذي مقومته و دهريته الحس و الشعور يبقي بعد بطلان المتممات و له حس و شعور و هذا القسم نوعان فاما يبقي الباقي علي النوعية كالاسد اذا بطل شخصياتها الزمانية يبقي اسد نوعي و له حس و حركة نوعية و ذلك ان مبدأ تشخصه من المتممات الزمانية اذ تشخص روح الاسد في بدنه لانهماكه في الطبايع فاذا عاد عاد ممازجة لا مجاورة و اما يبقي الباقي علي شخصية و لست اعني شخصية البدن و هو كزيد و زيد هو النفس الدراكة المقدرة المخططة بالعلوم و الاعمال فيكون بعد فناء البدن باقيا دراكا شاعرا عالما علي ذلك المقدار و علي ذلك التخطيط و علمه و عمله مقومة زيد لا متممته و متممته زمانه و مكانه و كمه و كيفه و جهته و رتبته و وضعه في الزمان المتغيرة المتبدلة في كل آن و زيد زيد في كل اوان و الفرق بينه و بين الاسد انه ليس لهذا الاسد الخاص شخصية دهرية غير الشخصية الزمانية و لميكتسب الحصة من الاسد شخصية دهرية تبقي لها بعد خراب البدن فاذا وصفت الحصة بشخصية و صفتها بالكبير و الصغير و الاحمر و الاصفر و البري و البحري و امثال ذلك و باوصاف اخلاط بدنه و جميع الافراد اسد بلا فرق دهري بخلاف زيد و عمر فان كل واحدمنهما يوصفان بصفات نفسانية مشخصة لانفسها سارية في جميع المتممات الزمانية و هذا هو الفرق فبعد خراب البدن يبقي زيد سخيا عالما متقيا و عمرو بخيلا جاهلا فاسقا و ليست هذه الصفات من المتممات الزمانية بل مقومات لشخصهما فشخص الحجر و الذهب و النعنع و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۴ صفحه ۲۴۷ *»
الاسد ليس شخصيتها الا في الدنيا و يأتي من كل شخص من الامر النوعي ما يأتي من كل شخص و ان لميأت من كل شخص زماني ما يأتي من كل شخص زماني من الامر الشخصي الزماني فليس لنعنع شخصي خاصة دهرية غير ما لنعنع آخر اللهم الا الخاصة الزمانية و كذلك ليس لاسد خاصة دهرية غير ما لاسد آخر اللهم الا الخاصة الزمانية بخلاف زيد فان له خاصة دهرية غير ما لعمرو.
و ان قلت فما معني تقاص القرناء من الجماء قلت ان الحيوان لايقوم في محشر الانسان انما يقوم في محشره و محشره حيث يذكره الله و حيث اخذ منه العهد و عودها علي بدئها فيعودون الي حيث بدأوا و يقتصون هناك و يصيرون ترابا و لمينزلوا من الدهر حتي يعودوا اليها بالجملة قد بينا في هذه الفائدة بحول الله و قوته و بركة ساداتنا صلوات الله عليهم مشكلات الفن بحيث لاتجد مثلها مشروحة في كتاب و لاتسمعه من خطاب و الحمد لله الوهاب قد فرغ من تسويدها مصنفها كريم بن ابراهيم في ثامن شهر ربيع الثاني من شهور السنة السابعة و السبعين من المائة الثالثة عشرة حامدا مصليا مستغفرا.
تمام شد تايپ اين رساله به دست محمدباقر سراجي در روز 5/12/1391