03-07 جواهر الحکم المجلد الثالث ـ رسالة في جواب الآخوند ملا مهدي الرشتي ـ مقابله

 

 

رسالة فی جواب الآخوند ملامهدی الرشتی

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 235 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمدللّه رب العالمين و صلّي اللّه علي خير خلقه محمد و اله الطاهرين و لعن اللّه اعداءهم اجمعين.

اما بعــد؛ فيقول العبد الفقير الحقير الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الاكرم الاقدم المهتدي الاخوند الملاّمهدي هداه اللّه امر الدارين و حباه بماتقرّ به العين قدسألني عن بعض المسائل و انا في غاية الاشتغال و بلبال البال و تعارض الاحوال و لايمكنني مع‏ذلك الا اسعاف مطلوبه و انجاح مأموله علي حسب المقدور اذ لايسقط الميسور بالمعسور فجعلت كلامه سلمه اللّه متناً و جوابي كالشرح ليطابق كل جواب بسؤاله كماهو عادتي في اجوبة المسائل و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم.

قــال سلمه اللّه تعالي: الحمدللّه رب العالمين و صلي اللّه علي اشرف الانبياء و المرسلين و افضل الاولياء و الوصيين محمد و علي و الهما الطيبين الطاهرين اما بعـد فقد سنح بخاطري الفاتر ان اسأل عن بعض المجهولات التي اوجبت علي سؤالها و استدعي من جنابكم تبيين اسرارها المقدور ابرازها (ابرازه خ‌ل) بقدر فهمي و استعدادي و لاتكتم عني بعض الخبايا فاحسن الي احسن اللّه اليك جعلنا اللّه معكم في الدنيا و الاخرة و زاد اللّه في عمركم و كثر في الدنيا امثالكم.

مسألة: لم كان بعض الامزجة سوداوياً و بعضها بلغمياً و بعضها دموياً و بعضها صفراوياً و لم خصّ اللّه سبحانه بعض الانسان ببعضها فان قيل بقابليته نقول انها مخلوقة بالعرض لانه شي‏ء و اللّه خالق كل شي‏ء و لم كانت المحبة في السوداوي اشد و اكثر بالنسبة الي غيره و كذا غيره بالنسبة اليه و غيره و هكذا.

اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه اجري عادته ان‏يجيب المضطرين السائلين

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 236 *»

الواقفين ببابه اللائذين بجنابه في عالم الجواز و الامكان و رتبة الاعيان الثابتة في العلم الحادث علي مقتضي مسئولهم و وفق مقترحهم و مأمولهم بعد ان جعلهم سائلين و لعطاياه و مزاياه آملين اللّهم اني ادعوك كماامرتني فرخصهم في السؤال و بسط لهم من جوده و كرمه عظايم النوال علي حسب شهوتهم (شهواتهم خ‌ل) في السؤال و لو اراد ان‏يجبرهم و يأخذ عنهم مامنحهم اياه او لم‏يعطهم اولاً او يعاملهم علي مقتضي فعله لا مقتضي طلبهم و سؤالهم لفعل انه علي كل شي‏ء قدير و لو شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك فاقتضت هذه الحكمة ان‏يجري الاشياء بالاسباب و جعل لهذه الاسباب مبادي و عللا تنشأ عنها و يجري عليها الحكم بها و تلك المبادي الكلية هي الافلاك و العناصر في كل عالم من العوالم الغيبية و الشهودية فخلق في العالم الجسماني العرش و هو بلسان الظاهر فلك الاطلس و فلك المحدد و فلك الافلاك و هو مطرح الفيوضات و الامدادات الالهية الواردة النازلة علي القوابل الارضية و الفلكية لكنه علي الوجه الكلي و جعل اللّه سبحانه عنده جميع الطبايع و القوي الفعّالة في العالم الجسماني و هو المحيط بكل الاجسام احاطة ظاهرية و باطنية لحكم التدبير و جريان التقدير ثم خلق بعده الكرسي الذي وسع السموات و الارض و هو بلسان الظاهر فلك الثوابت و فلك البروج و المنازل و جعله سبحانه بلطيف صنعه باباً للعرش و تفصيلاً للمجملات المستجنة المفاضة علي العرش فظهرت فيه العلل و القوي الفعالة التي هي الكواكب و امتازت فيه الطبايع و جواهر العناصر و ظهرت علي منطقتها التي هي محاذي مركزه التي ليس اوسع منها مقام في الفلك علي السطح الظاهر منه البروج و قسمت علي اثني‏عشر لتمام ظهور الاركان الاثني‏عشر للاسم الاعظم و علي ثمانية و عشرين لظهور يداه المبسوطتان اللتان ينفق بهما كيف يشاء و يضرب اللّه الامثال للناس و مايعقلها الا العالمون فترتب الطبايع الاربع علي البروج و المنازل علي طور محكم متقن يطول بذكره الكلام و هذه هي العلل و المبادي في الكون الجسمي و كل هذه كليات ثم لماكان تمكين القابلية للاستفاضة من تمام ظهور اثر العلة خلق

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 237 *»

الافلاك السبعة لتنضج بها بنية القوابل الجسمانية و تتمكن و تستأهل لتلقي الفيوضات و الواردات العرشية و الكرسية فجعل فلك الشمس مربياً للمواد الجسمية بما فيها من طبايع الاركان الاربعة للعرش من النور الاحمر و النور الاخضر و النور الاصفر و النور الابيض و من ظهورها بالحرارة و اليبوسة اللتين (اللتان خ‌ل) هما طبيعة الفاعل كماذكرنا في كثير من مباحثاتنا و اجوبة المسائل و المنسوب الي الفاعل ليس الا المادة فكانت الشمس هي المدبرة للمواد و هي مرادنا بالوجود الثاني اذا قلنا ان الشمس مدبر الوجود الثاني و جعل فلك القمر مربياً للصور الجسمية لكونه الظاهر بالبرودة و الرطوبة اللتين (اللتان خ‌ل) هما طبيعة القابل و لذا كانت المياه منسوبة اليه و جعل فلك عطارد (العطارد خ‌ل) مربياً للقوي الفكرية ظاهره في ظاهره و باطنه في باطنه و هو الظاهر بالبرودة و اليبوسة و الباطن بالحرارة و الرطوبة و جعل فلك الزهرة مربياً للقوي الخيالية ظاهره لظاهرها و باطنه لباطنها الظاهر بالحرارة و الرطوبة و الباطن بالبرودة و اليبوسة و جعل فلك المريخ مربياً للقوي الوهمية ظاهره لظاهرها و باطنه لباطنها الظاهر بالحرارة و اليبوسة و الباطن بالبرودة و الرطوبة و جعل فلك المشتري مربياً للقوي العلمية ظاهره لظاهرها و باطنه لباطنها الظاهر بالبرودة و الرطوبة و الباطن بالحرارة و الرطوبة و جعل فلك زحل مربياً للقوي العقلية ظاهره لظاهرها و باطنه لباطنها الظاهر بالبرودة و اليبوسة و الباطن بالحرارة و الرطوبة ثم قدر سبحانه لكل فلك حركة خاصة من سرعة و بطؤ و اوج و حضيض و اقتران و اتصال و انفصال ليقدر بها اقوات الارض و مزاج الخلق الجسمي ثم جعل فلك الاطلس صاحب التسخير فسخر هذه الافلاك باذن اللّه يحركها في كل يوم و ليلة لتتم المحاذاة لاجزاء الارض و يتكرر عليه وقوع اشعة الكواكب ليحصل النضج التام اذ بدوام الحالة الواحدة كان مايحصل النضج اما تحترق القوابل الارضية لو كان ابداً نهاراً و صار لاتنبت شيئاً ان كان ابداً ليلاً و كذا لو كان مدة طويلة كمانشاهد الان و هو قوله تعالي قل أرأيتم ان جعل عليكم النهار سرمداً الي يوم القيمة من اله غير اللّه يأتيكم بليل تسكنون فيه

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 238 *»

 افلاتبصرون قل أرأيتم ان جعل الله عليكم الليل سرمداً الي يوم القيمة من اله غير اللّه يأتيكم بضياء افلاتسمعون و جعل سبحانه الافلاك الاخر صاحب التقدير يقدرون اقوات الارض بحركاتها الخاصة و الا لم‏يختلف الاشياء و لم‏يستنطق مستجنات البواطن من انواع المعادن و النبات و الحيوان فبهما تمّت الاسباب و ظهرت العلل مشروحة مبينة ثم ان اللّه سبحانه جعل الارض تستمد (يستمد خ‌ل) من السماء بمقابلتها اياها و محاذاتها لها فبقدر المقابلة و صفائها تتلقي الفيض من خالق السموات و بارئ المسموكات و المقابلة و المحاذاة في كل الاحوال ثابتة الا ان انحاء المقابلات مختلفة و بها اختلفت المتولدات اذ بالمحاذاة تقع اشعة الكواكب عليها و تستجن فيها ثم بالرطوبات المائية الحاصلة من الحركات القمرية و الادخنة و الابخرة المستجنة في ذلك الجزء من الارض يتهيج ذلك الجزء بالحرارة المستجنة فيه باعانة كرّ الافلاك و اشعة الشمس فالحرارة يهيجه و الرطوبة تنضجه و البرودة تجمده و اليبوسة تمسكه فيصير شيئاً واحداً مركباً تقتضي خاصية و حكماً ثم ان كانت الحرارة فيه غالبة بان كان ذلك الجزء انما حاذي الشمس مثلاً حال كونها في برج الحمل (حمل خ‌ل) و مقترنة بالمريخ و لم‏يكن هنا مانع اخر من قران اخر منافٍ او قرب ذلك الجزء من الماء الكثير او صبّ الاشياء الباردة فيه او غير ذلك من الموانع تغلب الحرارة في ذلك المركب و يكون من العقار الحارّ ففي اول التركيب جماد غير ناضج ثم ان بقي علي هذه الحالة من عدم وصول المانع و کرت (كرّر خ‌ل) عليه اشعة الكواكب و الافلاك يزداد نضجه و تقوي بنيته و يكثر صفاؤه الي ان‏تظهر فيه اللطيفة الغيبية الاولية و هي النفس النباتية و هنا ترقي المركب الي مرتبة اصفي حسب ماكان مستجناً فيه من المرتبة العليا من مراتب المثل الاعلي ثم ان هذا الشي‏ء لايبلغ رتبة الانسانية او الحيوانية الا اذا بلغ كمال التصفية و التنقية و يشبه اوائل جواهر العلل و هو لايكون الا باسباب و شرايط و معاون و مقوي فاذا اراد اللّه ذلك جعله غذاء للحيوان من البهايم او الانسان حتي بالمجاورة و اشتداد الحرارة الكونية

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 239 *»

الوجودية و الحرارة الغريزية البدنية و التعفينات الكيلوسية و الكيموسية و العروقية تصفي الغرايب عنه و تظهر فيه الروح القديمة و اذا اراد اللّه ان‏يربيه من غير تغذية الحيوان فعل كمافعل في خلق ابينا ادم7 و امّنا حوا3و قديكون في بعض الاماكن تجتمع فيه الشرايط فيحصل الحيوان من غير العادة المستمرة كماكان في جزيرة الواق‏واق بنات تحملهن الاشجار لكنهن غير ناضجات و غير تامة في الاعتدال الطبيعي و لذا لايبقين اذا قطعن من الشجرة و بالجملة فالنضج التام و الاعتدال الذي يحصل به القوام لايكون الا عند اغتذاء الحيوان او الانسان فاذا اغتذي به الانسان مثلاً فان كان ذلك الشي‏ء هو الغالب عليه الحرارة و اتفق ان الرجل المغتذي‏به تغلب في طبيعته الحرارة او يضم معه في الاكل اغذية حارة اخري فان الحرارة فيه تشتد سيما بعد ماتصفي من ثفل الكيلوس و الكيموس و تصفي في العروق اذ هناك تقوي الحرارة لزيادة النضج و اللطافة و تحملها الرطوبة المعتدلة او اليبوسة علي اختلاف الاقتضاءات فاذا كملت التصفية و بلغ مقام النطفة انتقل بداعي الشهوة الي رحم المرأة و امتزج بمنيها فاذا لم‏تكن في طبيعة المرأة من البرودة و الرطوبة الطبيعية او الفضلية ماتعارض حرارة مني الرجل و تضعفها و تقللها يبقي علي حاله فان غلبت علي المرأة الحرارة علي حسب مقامها في الذاتية او الفضلية او اغتذت في تلك الاوقات بالاغذية الحارة يؤثر في المنيين سيما اذا اتت الحمي لمعاونة الحرارة الغريزية لتعفين النطفتين و عقدهما بعد حلهما فتؤثر الحرارة فيها اي النطفة المنعقدة و كذا اذا كانت في بلد تغلب عليه الحرارة كعراق العرب بالنسبة الي عراق العجم و النجد و الحجاز و امثالها من البلدان فاذا اعتدلت اغذية المرأة و اكلت الاغذية اللطيفة المقوية و المعتدلة و اجتنبت عن اكل الاغذية الكثيفة و الغليظة و الاشياء الغير المعتدلة من المئاكل و المشارب و الادوية المقوية مع الحرارة المعتدلة فان تلك الاغذية تلطف الطفل الجنين و تعتدل (تعدل خ‌ل) خلقته بامر اللّه سبحانه و تحسن صورته و تجود تركيبه و

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 240 *»

تكمل فطنته و ادراكه سيما اذا كانت التربة التي يموثها الملك بين النطفتين اكثر من نصف نطفة الرجل الي ان‏يتولد الطفل و يتربي باغذية حارة و (او خ‌ل) اتفق ان‏تكون اكثر غذائه من غير مانع من جهة الهواء و المكان و غيرهما فان هذه الامور المذكورة و امثالها من الاسباب الالهية الجارية علي الكينونات البشرية الحاملة لتأثير جريان المشية الحتمية تكون علة لغلبة المرة الصفراء التي هي القوة الجاذبة في الانسان و اية الكرة الاثيرية و مهب ريح الدبور و محل نظر جبرائيل و انما كانت الصفراء مع ان الطبيعة تقتضي بحكم اللّه سبحانه ان‏تكون حمراء لان الحمرة اذا اختلطت مع الرطوبة تحدث عنها الصفرة و لذا تري نور الشمس اصفر و شعلة السراج و النار صفراء و علي هذا القياس ايضاً علة غلبة الدم الا ان العلة في ذلك استيلاء الحرارة و الرطوبة في المراتب التي ذكرنا و كذلك حكم غلبة البلغم الاّ ان العلة في ذلك استيلاء البرودة و الرطوبة و كذا السوداء الحاصلة من غلبة البرودة و اليبوسة و تفصيل القول في هذه الامور يؤدي الي التطويل و هو لايمكن الان و هذه الجملة هي (هو خ‌ل) السرّ في صفراوية بعض الامزجة و سوداوية الاخري و ذلك حسب زيادة مقابلة الكينونة البشرية الجسدية بطبيعة من الطبايع العلوية الفلكية بلا حجاب و واسطة كمقابلة جزء الارض باشعة الكواكب عند مقارنة الكواكب النارية مع البروج و المنازل النارية او الكواكب المائية و الهوائية و الترابية مع البروج و المنازل كذلك او بواسطة مكتسبة من غذاء الاب و طبيعته و الام و طبيعتها و الهواء و الماء و المكان و امثال ذلك من الامور و قديكون الشخص الواحد يتقلب عليه الطبايع ففي وقت تغلب عليه الصفراء اذا غلبت عليه الحرارة و اليبوسة اما بالاغذية و المئاكل او بالحركة الشديدة او العطش الشديد و امثال ذلك و في وقت اخر ينعكس الامر بتكثير الاغذية الباردة و الرطبة و هكذا غيرهما حرفاً بحرف.

و اما سرّ اختصاص البعض ببعضها دون بعض فهو ماقلنا لك ان اللّه سبحانه اجري عادته بفضله ان‏يجري الاشياء علي الاسباب و الاقتضاءات فخلق الافلاك و جعلها مدبرة بامره و تقديره للسفليات و خلق الارض و جعلها قابلة علي

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 241 *»

العموم فكل جزء من الارض اذا حاذي جزء من الفلك بدورانه اجري عليه تلك الاحكام باعتبار تلك المقابلة و اللّه سبحانه انما جعل الارض قابلاً علي جهة العموم و اما هذه الخصوصيات فمن جهة خصوصيات المقابلة الجزئية فيجري اللّه سبحانه عليه الحكم حسب تلك المقابلة الخاصة حكمها و اثارها من الحرارة و الرطوبة و اليبوسة و البرودة و تلك الخصوصيات انما هي من جهة المشخصات التي هي الزمان و المكان و الكم و الكيف و الجهة و الرتبة و الوضع و امثالها و هذه الامور انما تتحقق مساوقة لوقوع اشعة الكواكب علي الارض و لانعني بالقابلية و حدودها الا هذه الامور و هي قبل وقوع اشعة الكواكب التي هي جهة الفاعل و الاثر الحاصل من تأثير العلة لم‏تكن شيئاً فحين ماوقعت الاشعة وقعت مساوقة بهذه (لهذه خ‌ل) الامور الستة او السبعة او الثمانية فجري عليها مقتضاها باجراء اللّه سبحانه و هذا معني اقتضاء القابلية.

و اما قولكم ان القابلية مخلوقة للّه سبحانه بالعرض فهو يبطل الجبر و يرفع الاشكال فان المقصود بالعرض فرع و تابع للمقصود بالذات فهو انما اتي به للغير فلولا الغير لم‏يؤت به و هذا دليل علي ان الجاعل و الفاعل لم‏يرد هذه الاختلافات و الكثرات اولاً و بالذات و انما ارادها بالعرض لاقتضاء نفس المادة و الاثر الذي هي جهة الفاعل فذلك المقصود بالعرض ناظر الي نفس المقصود بالذات من حيث هو لا من حيث مبدئه و الا لم‏يكن بالعرض بل كان بالذات فمن حيث نظره الي نفسه المجتثة انقطعت عن مبدئها (مبدئه خ‌ل) الذي هو جهة الوحدة و الايتلاف و عدم الاختلاف فتحققت الكثرة و الاختلاف فاقتضي بزمانه و مكانه و وضعه و اقترانه بالاخر و كمّه و كيفه حكماً من الاحكام و اقتضاءاً من الاقتضاءات فلزمه ذلك الحكم مادام تلك الصورة باقية فاذا تغيرت اما الي الانسانية او الشيطانية لزمها حكمها بكسر جديد و صوغ مثله فلايزال هذا الكسر و هذا الصوغ الي ان‏يختم له اللّهم اختم لنا بخير و هو قوله عزّوجلّ ان اللّه لايغير مابقوم حتي يغيروا ما بانفسهم و قوله عزوجل أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد فالمواد من حيث نفسها لا حكم لها الا الصلوح

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 242 *»

فلمّا اقترنت بالقابلية (القابلية خ‌ل) التي هي الصور حصل الاقتضاء و الاثار علي مقتضي تلك الصورة التي هي القابلية و هذه الصورة هي الزمان المعين و المكان المعين و الجهة المعينة و الوضع المعين و الرتبة المعينة و هذه الامور تقتضي الكيف المعين و الكم المعين و باقتران المادة بها يحدث حكم معين و هو اما الاقبال او الادبار او الصفراء و الدم او البلغم و السوداء بعد ماكان في الاول متساوي النسبة في الامرين فافهم فانه دقيق.

و اما قولكم و لم كانت المحبة في السوداوي اكثر الخ قدظهر جوابه مماقررنا من ان المحبة هذه هي محبة الحتم التي هي مشية الحتم التي هي عبارة عن عدم الجبر و الظلم و اجراء الاشياء علي مقتضي اسبابها و عللها و شرايطها و اوضاعها و قراناتها و امكنتها و ازمنتها و غير ذلك من الامور التي هي من متممات القابلية.

قــال سلمه اللّه تعالي: مسألة: ما المراد بان الفؤاد هو وجه الانسان من جهة ربه و ليس للرب جهة لا عقلاً و لا وهماً و لا غيرهما و علي مايفهم انه قديم بمعني انه كان مع بقاء الرب ازلاً و ابداً و يؤيده الاية الشريفة كل شي‏ء هالك الاّ وجهه حيث قال هالك و لم‏يقل سيهلك.

اقــول: الكلام في هذا المقام يطول بالبيان لانه ميدان لايجول فيه الا اهل المعاني و البيان الا انا نشير اليه اشارة اختصاراً اقتصاراً و اعتماداً علي فهمه الشريف فنقول اعلم ان الشي‏ء اذا وجد انوجد و حقيقة الشي‏ء انما تحققت بهذين فلولا وجد لم‏يكن (لم‏يكن انوجد ظ) و لولا انوجد لم‏يكن وجد فهما متساوقان و الضمير الفاعل في وجد (اوجد ظ) يرجع الي اللّه سبحانه و الضمير في انوجد يرجع الي الشي‏ء نفسه فهو مجمع الامرين و ملتقي البحرين اذ من حيث وجد جمع ضمير الفاعل و من حيث انوجد جمع ضمير فاعلية نفسه و بهما تحقق و ذاته عبارة عنهما قال اللّه تعالي خطاباً لادم علي مافي الكافي يا ادم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي و اذا ثبت هذا فاعلم ان هذا الروح و الضمير الفاعل الذي قلنا

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 243 *»

مستتر في وجد لايجوز ان‏يكون هو الذات القديمة لاقترانه بانوجد و المقترنان حادثان للارتباط المقتضي للتركيب المقتضي للتجزية المقتضية للانفعال المقتضي للحدوث و هو قول اميرالمؤمنين7 و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع عن الازل الممتنع عن الحدث فيجب ان‏يكون ذلك الضمير ظهور فعله في ذات مفعوله و لمّاكان الفعل هو الذي قام به كل مخلوق و مفعول مماوجد و ماسيوجد لم‏يجز ان‏يكون ذلك الظهور الجزئي في فرد من افراد الموجودات و المخلوقات هو عين الفعل الكلي فيكون ذلك الظهور الالهي الذي تقوم به ذلك المخلوق وجه من وجوه الفعل الكلي الذي هو المشية الكلية و لمّاكان ذلك الوجه اي ذلك التعلق و التوجه و الالتفات في ذلك الشي‏ء انما هو بذلك الشي‏ء حين ايجاده كان ذلك الشي‏ء حاملاً لذلك الظهور و حاكياً لذلك النور و لمّاكان الشي‏ء مركباً من الجهتين جهة ايجاد و جهة انوجاد و نعبر عن جهة الايجاد بالوجود و عن جهة الانوجاد التي هي جهة نفسه و انيته بالماهية و كان جهة الوجود هو متعلق الايجاد الذي هو وجه خاص للمشية الكلية كان لايحكي و لايظهر فيه الا ذلك الوجه فالوجود في الشي‏ء هو المسمي عندنا بالفؤاد و هو بمنزلة الحديدة المحماة بالنار فان النار الظاهرة في الحديدة ليست هي عين النار الموجدة المؤثرة فيها هذا التأثير بالضرورة لظهور تلك النار في حديدة اخري و غيرها غيرها لكن هذه النار الظاهرة التي هي اثر تأثير النار الاصلية الحقيقية مثال لها و اية و دليل لمعرفتها و وجه به يتوجه العارفون اليها اي الي النار الاصلية من عرفها اي الظاهرة في الحديدة فقد عرفها اي النار الاصلية لا فرق بينها و بينها في التعريف و التعرف و المعرفة الا انها عبدها و خلقها فتقها و رتقها بيدها بدؤها منها و عودها اليها فالفؤاد بمنزلة الحديدة المحماة ليس الا ظهور اللّه له به بفعله فحقيقة ذات الشي‏ء مع قطع النظر عن حيثية نفسه من احكام الاضافات و القرانات و التمييزات ممايدركه العقل و الخيال و الحس المشترك و الحس الظاهر هو وجه اللّه اي اية معرفته و دليل تفريده و توحيده و بيان تنزهه عن مجانسة المخلوقين و عن ان‏ينتهي اليه

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 244 *»

الادراك و هناك يظهر سرّ سبحان ربك رب العزة عمايصفون و هذا الوجه ظهور للغير فظاهرية الغير التي هي فاعليته و ليس في حقيقته الا ذكر الغير لكنه ماتنتهي الي ذلك الغير بل ينتهي الي نفسه و يحوم حول مركزه و هو يريد الصعود الي العلوّ فيقع في رتبة ذاته قال الشاعر:

قدطاشت النقطة في الدائرة   و لم‏تزل في ذاتها حائرة
محجوبة الادراك عنها بها   منها لها جارحة ناظرة

و هو قول اميرالمؤمنين7 انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله الطريق مسدود و الطلب مردود فالمراد بالوجه الذي هو الفؤاد هو دليل المعرفة الالهية علي قدر الطاقة الامكانية بنسبة مقامه و ليس هذا هو ذات اللّه تعالي و لايشار به اليها حاشا و كلا تعالي ربي عن ذلك علواً كبيراً و انما هو جهة الظهور و مقام النور علي الطور و مرادنا بجهة الرب هو اية معرفته و دليل توحيده و هذه الجهة التي هي الاية ليست عقلية و لا وهمية و لا فرضية و لا اعتبارية و لا حقيقية و لا مجازية و لا كلية و لا جزئية و لا ذاتية و لا عرضية و لا جنسية و لا فصلية و لا مجردة و لا مادية و لا فلكية و لا عنصرية و لاغيرها من الاحوال الخلقية و المقامات الامكانية بل هي عين الهية منحك اياها بفضله و كرمه لتشاهد ظهوراته و صفاته اللايقة له بتلك العين و هي عين حادثة كالصورة في المرءاة فانها دليل معرفة المقابل و اية تجلي ظهوره لا ذاته فان ذاته لاتري و لاتدرك بالابصار و الظهور الذي ظهر منه في المرءاة هو عين المرءاة اي الصورة فان مرادنا بالمرءاة حيث مانطلق نريد به الصورة و هذه الصورة تحكي المقابل مع انها حادثة به الا انك حين مشاهدتك المقابل فيها لاتلتفت الي الجهة الفعلية و رتبة المغايرة فافهم ان كنت تفهم و الا فاسلم تسلم فان هذا هو المقام الذي ضلّ من ضلّ و اهتدي من سبقت له من اللّه العناية و هو (هي خ‌ل) بحر عميق قدغرقت فيه سفن كثيرة و لا حول و لا قوة الاّ باللّه.

و اما قولكم و علي مايفهم انه قديم فاعلم انه اية القديم سبحانه و دليله و مقام توحيده في الحدوث و هو مساوق للخلق بل هو عين الخلق و نفسهم من

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 245 *»

جهة ربهم قال اميرالمؤمنين7 من عرف نفسه فقدعرف ربه و قال7 و هو الصادق صلوات اللّه عليه اعرفوا اللّه باللّه و ان اللّه اجل ان‏يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون به و قال اميرالمؤمنين7 نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الا بسبيل معرفتنا و في الزيارة من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم موالي لااحصي ثناءكم و قالوا: نحن وجه اللّه للخلق و هم الذين لايهلكون لقولهم: نحن السائلون و نحن المجيبون و هذا الوجه الذي عندنا و نسميه فؤاداً انما هو وحي الهي و خطاب شفاهي خاطبنا اللّه اياه بهم: و التابع من حيث هو تابع يلحقه حكم المتبوع كما في قولك جاءني زيد القائم فان القائم مرفوع بجاءني الا انه بتبعية زيد فافهم ضرب المثل يقول الشاعر:

و مستخبر عن سرّ ليلي اجبته   بعمياء من ليلي بلاتعيين
يقولون خبّرنا و انت امينها   و ما انا ان خبّرتهم بامين

فلولا خوفي من اشباه الناس لاطلقت عنان القلم في هذا الميدان و بينت اموراً عجيبة غريبة الا ان للحيطان اذان و اللّه المستعان.

و اما القديم الازلي الابدي فهو الواجب الحق سبحانه و تعالي و ماسواه كائناً ماكان و بالغاً مابلغ كله حادث مخلوق مربوب.

و اما في قوله تعالي كل شي‏ء هالك الاّ وجهه فالعدول عن اتيان السين الاستقبالية يدل علي هلاك ماسوي الوجه في كل حال و ان و زمان بخلاف الوجه فانه دليل الحق و ايته و هو الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها فهو متمسك بحبل (بحبل الله خ‌ل) لا انفصام لها ظاهراً و باطناً سرّاً و علانية و هذا الوجه عند ظهوره في مقام الاسماء و الصفات هو السلطان و الملك اي التملك و القدرة في دعاء علي بن الحسين8 في الصحيفة عزّ سلطانك عزاً لا حدّ له باولية و لا منتهي له باخرية و استعلي ملكك علواً سقطت الاشياء دون بلوغ امده و لم‏يبلغ ادني مااستأثرت به من ذلك اقصي نعت الناعتين فاثبت ان هذا السلطان لايوصف باولية و لا اخرية مع

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 246 *»

ان السلطان هو الولاية التي للّه الحق سبحانه.

و اما الوجه الباقي الذي هو اعلي منه درجة و اسني منه مرتبة الذي هو اية الحق سبحانه كيف يوصف بالاولية و الاخرية و البداية و النهاية و الحركة و السكون و الا لعرفت اللّه بالاولية و الاخرية اذ من عرف نفسه فقد عرف ربه فمعرفة الوجه عين معرفة الحق لا عين الحق و ازال هذه الشبهة مولينا الحجة المنتظر عجل اللّه فرجه في دعاء شهر رجب و مقاماتك و علاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و روّاد فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت فاذا كان معرفة الوجه عين معرفة الحق الظاهرة للخلق فلايوصف بحدّ التمييز لان معرفة اللّه الظاهرة لاتوصف بالتمييز بالاولية و الاخرية فان التمييز بالحدود و هي تستلزم الانفعال و قد اشار الي ذلك مولينا علي بن الحسين8 في دعاء الحريق و اشهد ان كل معبود ممادون عرشك الي قرار ارضك السابعة السفلي باطل مضمحل ماعدا وجهك الكريم فانه اعزّ و اجلّ من ان‏يصف الواصفون كنه جلاله او تهتدي القلوب كنه عظمته مع انا قد قلنا ان الوجه اعلي مقامات الشي‏ء فالعقول و ماتحته كلها قاصرة عن ادراكه فاذا نفيت ادراك العقول فانف عنه كل‏مايدرك بالعقول و اعلي الحدود و اول التمييز في العقول و ليس فوقها حد و لا تمييز (تميز خ‌ل) فاعرفه بان لا حدّ له و لا تمييز (تميز خ‌ل) و هو مثال معرفة الحق للخلق و هو شهادة الملائكة و اولوا العلم في قوله عزّوجلّ شهد اللّه انه لا اله الاّ هو و الملائكة و اولوا العلم قائماً بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم فافهم السرّ الحق و الكبريت الاحمر فان فهمته فانت اعز من الكبريت الاحمر و الحمدللّه رب العالمين.

قــال سلمه اللّه تعالي: مسألة قول جنابكم ان اللّه تعالي خلق بفعله و فعله حادث ما معني الحادث هل المراد بالحدوث انه تعالي كان و لم‏يكن فعله فيلزم

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 247 *»

التعطيل و ان كان المراد به ان بقاء الفعل به تعالي كحركة اليد و المفتاح فيلزم الاضطرار في خلق فعله تعالي عن ذلك علواً كبيراً.

اقــول: هذه المسألة بعينها قدكتبتها في كتابي اللوامع الحسينية7 و بينت جميع شقوقها الا اني اشير في هذا المقام اشارة لما في قلبي من الاغتشاش بدواعي الاعراض و الامراض اعلم انهم قالوا ان الحدوث هو الوجود بعد العدم و الحادث هو المسبوق بالعدم و نحن نقول هذا العدم الذي قد سبق الوجود اي شي‏ء هل هو شي‏ء او ليس بشي‏ء فان كان الثاني فلايوصف بالسبق لانه امر وجودي لايعرض العدم الصرف فعلي مقتضي هذا يجب عليهم ان‏يقولوا ان الحادث ليس مسبوقاً بشيء لا انه مسبوقا (مسبوق خ‌ل) بالعدم و هذا القول كفر صحيح (صراح او صريح ظ) الا ان‏يراد به السبق الاضافي و ان كان الاول فهل هو حادث او قديم فان كان الاول فمامعناه فان عدتم عدنا و ان كان الثاني يلزم تعدد القدماء و قولهم في الحدوث الزماني انه يجب ان‏يكون زمان لايكون فيه خلق ليكون زمان فاصل بين اللّه و بين خلقه ليكون اللّه و لايكون شي‏ء ثم يخلق الاشياء نظراً بظاهر الحديث كان اللّه و لم‏يكن معه شي‏ء باطل لان الزمان الفاصل ان كان هو اللّه فماكان زماناً فما نفعهم اثبات هذا الزمان بشي‏ء فعاد المحذور المتوهم عندهم و ان كان غيره تعالي فان كان قديماً يتعدد القدماء و يقترن باللّه و الاقتران كما قلنا سابقاً علامة الحدوث فان كان حادثاً فهل حدوثه بزمان فاصل ام لا فان كان الاول فهو حادث ام لا و هلمّ جراً الي ما لا نهاية له و ان كان الثاني فتحقق حادث لا في زمان مع مايلزم من القول بفصل الزمان من التحديد و التكييف المستلزمين (المستلزمان خ‌ل) للتركيب المستلزم للحدوث و تعود الشبهة التي اوردها رئيس المشككين من ان الفاصلة لاتخلو اما ان‏تكون متناهية او غير متناهية فان كان الاول يلزم التحديد و التعيين و التمييز و ان كان الثاني يلزم ان لايوجد العالم المخلوق بعد و الا لكانت الفاصلة متناهية و كل هذه خرافات نشأت من القول بالفصل الزماني و لم‏يدروا ان الفاصلة متناهية كانت ام غيرها تستلزم التحديد و الا لم‏تكن فاصلاً و يلزم ان‏يكون حادثاً و الا

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 248 *»

لاحتاجت (لا حاجة خ‌ل) الي الفاصلة الاخري فيتم و لايكون قديماً و الا لتعدد القدماء و لايكون شيئاً و الا لكان حادثاً او قديماً و لا لاشيئاً و الا لم‏تكن فاصلة و الذي قال بالزمان الموهوم فان اراد بالذي له اثر في الخارج فيجري الكلام فيه كماذكرنا حرفاً بحرف و ان اراد محض توهم النفس و تصورها من غير ان‏يكون له اثر في الخارج فليس الكلام فيه اذ الكلام في الامر علي حسب الواقع لا علي المفاهيم الاعتبارية الكاذبة المزخرفة.

و الحق الحقيق بالتصديق هو ان الحادث علي اقسام حادث زماني و حادث دهري و حادث ذاتي و هو ينقسم الي قسمين حقي و حقيقي فالحادث الزماني هو ماحدث في الزمان من الاجسام و يعرف ذلك بطول بقاء القديم بالنسبة الي الحادث كالاب بالنسبة الي الابن و الحادث الدهري هو ماحدث في الدهر و هو مجموع العالم الجسماني من حيث المجموع فان اجزاءه حادث في الزمان و اما المجموع فلا لان الزمان علي الظاهر المعروف عندهم هو الحركة الفلكية و في الحقيقة هو المدد الجسمية الحسية و بالحركة تظهر و لا شك ان تلك المدد جزء مساوق للجسم فلايتقدم عليه حتي يفرض فيه التقدم المعروف عندهم و كذا الارواح و المجردات من العقول و الاظلة و الاشباح كل ذلك حادث دهري لعدم تطرق الزمان الجسمي الذي هو من نوع الحركة الفلكية مع ان كل الزمان و الزمانيات نقطة واحدة في الدهر و الحادث الذاتي فالحقي هو صفة الحق و ظهوره و دليله و ايته و وجهه و الحادث الحقيقي هو فعله و مشيته و ابداعه و اختراعه الي المفعول المطلق الذي هو المصدر فالحادث الزماني يسبقه العدم الاضافي الذي هو عين وجود قديمه و الا فالعدم الصرف لايعبر و لايشار اليه و لايصف و لايوصف و لايوصف به و هذا الوجود لمّاكان مادياً ينتظر في تحققه و كونه و وجوده الي الاسباب (اجتماع الاسباب خ‌ل) و المعدات و المتممات المكملة او المتممة المادية فيوجد عند تمامها و يعدم عند عدمها او اختلال احد اجزاء قابلياته او شرايطها او لوازمها في الحسية فقبل الاجتماع معدوم في الجسم و عند (بعد خ‌ل) الاجتماع يتحقق و يوجد و هذا هو

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 249 *»

السر في تجدد الاشياء و تغيرها و تبدلها و تقدمها و تأخرها و دليل سيّاليتها و اما الحادث الدهري فهو ايضاً من جهة افتقاره الي الشرايط و الاسباب و المتممات و المكملات النورية يتطرق فيه التقديم و التأخير و التوقف و التجديد و سبق العدم الاضافي الا ان ذلك ليس كالتقدم و التأخر الزماني المعروف بل علي نهج اعلي و طور اقوم و اشرف و اما الحادث الذاتي فلايتطرق فيه مايتطرق في الاولين (الاوليين خ‌ل) لان ذلك في وجوده لاينتظر شرطاً و سبباً و لازماً فلا فائدة اذن في تأخير ذلك مع ان الفياض علي الاطلاق دائم الفيضان لاينقطع جوده و لايقطع كونه فليس في هذا الحادث تقدم و لا تأخر و ليس بين هذا الحادث و محدثه فصل لماذكرنا و لا وصل لانه يستلزم المقارنة و المجانسة في الملتقي و يلزم من ذلك ان‏يكون المؤثر من حيث هو اثر و بالعكس او يتخلل بينهما برزخ ليس باثر و لا بمؤثر فاذا توسط بين الاثر و المؤثر شي‏ء غيرهما لم‏يكن المؤثر تاماً في التأثير و الا لما افتقر الي غيره عند ايجاد اثره او لايمكن ان‏يصدر من الشي‏ء ما هو من سنخه و اثره لان الصادر لايكون من جزء ذات المصدر بالضرورة فليس بينهما اتصال و لا انفصال و لا تباين لان البينونة جهة الفرقة و العزلة و عدم الانتساب الا بالتباين اذ لايستدل باحد المتباينين علي الاخر علي كمال التوصيف بخلاف الاثر لان الاثر ليس الا صفة المؤثر و دليله و ايته اذا عرفتها عرفت الموصوف كالصورة في المرءاة و كالشعاع للسراج و مباين الشي‏ء لايكون صفة له و لا تقارن و لا ارتباط لان المقارنة تستلزم الاتصال و الانفصال كليهما و قدمضي مادل علي امتناعهما و لا تناسب لان النسبة برزخ بين المنتسبين فكل منهما له حالتان حالة ذاتية و حالة ارتباطية الي الاخر و لو كانت الحالية (الحالة خ‌ل) الذاتية عين الحالة الارتباطية فهل الاخر عين الاول ام لا فان كان عين الاول فارتفعت النسبة لكونها بين امرين فان كان غير الاخر هل له ارتباط و انتساب اليه ام محض التخالف فان كان ارتباط فجهة المرابطة لا شك انها غير جهة المغايرة فجاء الاختلاف و لو كان جهة المخالفة عين جهة المرابطة و المناسبة للزم ان‏ينتسب (ان‌ينسب خ‌ل) كل شي‏ء بكل شي‏ء و

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 250 *»

البديهة و الضرورة تقضي بخلافه فمختلف الحالة ليس بقديم فلا تخالف و لا توافق و لا تضاد و لا تؤالف و لاتتصور (لايتصور خ‌ل) له اولية الا نفس مبدئه فيما لايتناهي لا لتناهيه الي مبدئه و الا لكانت اوليته نفسه او غيره و الثاني باطل بالضرورة و الاول هل اوليته بسبق شي‏ء غير مبدئه (سوا مبدئه خ‌ل) عليه ام لا و الثاني يثبت ماقلنا و الاول هل ذلك الشي‏ء السابق وجود او عدم قديم او حادث عين مبدئه او غيره كمابينا فلانعيد فاذا كانت اوليته هي عين مبدئه و انتسابه اليه فان كان مبدئه لا نهاية له في بدئه و لا غاية فيكون هذا الحادث ايضاً لا نهاية له في تكونه و وجوده في بدئه و عوده و ليست نهايته بدواً و عوداً الا انقطاع وجوده و كونه و عينه و كل احواله عند مبدئه و الا لكان فصلاً و قد ظهر لك بطلانه بالبرهان العقلي مضافاً الي قول اميرالمؤمنين7 علي مافي نهج‏البلاغة ليس بينها و بينه فصل و لا له عليها فضل فيستوي الصانع و المصنوع انتهي، و هو كلام عقلي نقلي لمن فهم و تدبر و هذا معني قولنا ان الفعل حادث وفقك اللّه لمعرفته و ايدك لحفظه.

و اما قولكم هل المراد بالحدوث انه تعالي كان و لم‏يكن فعله فيلزم التعطيل فجوابه انا اذا قلنا كان اللّه و لم‏يكن معه شي‏ء و اكتفينا بذلك و قلنا في الحديث مافهم بعض الضعفاء من المتكلمين يلزم التعطيل و القبايح المتقدمة و ان قلنا كان اللّه و لم‏يكن معه شي‏ء و هو الان علي ماعليه كان كما دلت عليه النصوص من اهل الخصوص: فلايرد مااوردتم لان المخلوق المصنوع عدم بحت و لا شي‏ء محض في رتبة الوجوب و الازل نسبتهم هناك نسبة الشريك و الخلق انما خلقهم و جعلهم في مراتبهم من الامكان و الاكوان و الاعيان فلايلحقون رتبته و لايلزم من ذلك التعطيل و انقطاع الفيض لان فيضه في امكانه و خلقه بحر و تجري منه الخلجان  و منها الانهار و منها المشارع و منها الجداول لا نهاية لهذا الجريان و لا غاية لهذا السريان اشار الي هذا المعني في الحديث القدسي لمن يفهم و يعقل كلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 251 *»

 لمحبتي غاية و لا نهاية و في الدعاء اللّهم اني اسألك بملكك القديم و سلطانك العظيم و قال مولينا علي بن الحسين8 في دعاء الصحيفة اللّهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود و السلطان ثم فسر هذا السلطان بقوله عزّ سلطانك عزّاً لا حدّ له باولية و لا منتهي له باخرية و استعلي ملكك علواً سقطت الاشياء دون بلوغ امده هل يريد بالسلطان ذات اللّه سبحانه بعد مقارنته بالملك و هل يريد بالملك كل الخلق بعد قوله سقطت الاشياء دون بلوغ امده و لم‏يبلغ ادني مااستأثرت من ذلك اقصي نعت الناعتين فتمحض ان المراد بالملك و السلطان مرتبة الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر فلا تعطيل في الفيض (للفيض خ‌ل) و مع‏ذلك كان اللّه و لم‏يكن معه شي‏ء ولو لم‏نفسّر الحديث بهذا المعني يلزم منه التغير لان كونه قبل الخلق و كونه بعد الخلق متغايران للاضافة فيلحقه مالم‏يكن في ذاته سبحانه و تعالي عمايشركون.

ان قلت ان كان فعل الماضي يدل علي الزمان اما المتوهم او الموجود قبل الخلق قلت انهم سلام اللّه عليهم فسروا الماضي اذا استعمل في الازل سيما لفظ كان و قد قال اميرالمؤمنين7 ان قيل كان فعلي ازلية الوجود و ان قيل موجود فعلي تأويل نفي العدم انتهي، فاين الزمان و الازل و لو جعل الازل شيئاً غير الذات يلزم ان‏يحيط به سبحانه ففي حال قدمه مع‏ذلك يتعدد القدماء و يلزم التركيب و في حال حدوثه يلزم ان لايكون اللّه سبحانه في ذاته ازلياً و كل ذلك ممتنع فبطلت هذه الفاصلة المتوهمة من المتوهمة و الموجودة و قال7 و لاكان خلواً من الملك قبل انشائه و لايكون منه خلواً بعد ذهابه و لاتتوهم من كلامي اني اقول بقدم العالم او بقدم المشية و الامكان بل اقول بحدوث كل ذلك لكن ليس حدوث العالم او الفعل و المشية من اللّه سبحانه كاللوازم الذاتية لملزوماتها و لا كالاشراقات الشمسية و السراجية و لا كالتوليدات الاستجنانية و لا كالاظلال و الاشباح المرءاتية و لا كالامواج البحرية و لا كمايقوله ذوق المتألهين و لا كالصوفية الملحدين المتعسفين بل علي جهة الاختراع و الابداع من غير نسبة و ارتباط و توافق و تخالف و تناسب و تؤالف و انما احدث المشية بنفسها و

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 252 *»

اقامها في ظلها فهي فاعلية نفسها باللّه سبحانه و هي كالكاف المستديرة علي نفسها تنتهي الي نفسها قائمة باللّه قيام صدور كالكلام بالمتكلم و ليس كحركة اليد و المفتاح علي مايعرفون و لا علي الحقيقة لان بينهما اقتران و اتصال و لا كيف لذلك كما قال مولينا الرضا7 و انما ارادته احداثه لا غير لانه لايروي و لايهم و لايفكر و انا يقول للشي‏ء كن فيكون من غير لفظ و لا كيف لذلك كما انه لا كيف له.

و انما قولكم يلزم الاضطرار فلايلزم ذلك لان الاختيار و المختار ليس شرط فعله ان‏يكون مسبوقاً بالعدم او بوقت لم‏يفعل فيه بل المختار هو المتسلط الذي لا مانع له ان شاء فعل و ان شاء ترك و ان شاء محي مافعل و غيّره الي مااحب بخلاف المضطر الذي لايقدر علي شي‏ء من ذلك و اللّه سبحانه لايتناهي كونه و لايحد و لا مانع له في ايجاد مااحب فاجري الفيض فيما لا نهاية له و بسط بساط الجود و الكرم فيما لا غاية له و هو مع ذلك فوق مالايتناهي بمالايتناهي فافهم.

قــال سلمه اللّه تعالي: مسألة قددلت الاخبار علي ان الذي يريد الانتباه في الليل يقرأ الاية التي في اخر الكهف اذا اوي الي فراشه لم صارت هذه الاية الشريفة مخصوصة بهذا الامر دون غيرها و لم يتخلف في بعض الاوقات و يوافق في اخري.

اقــول: اعلم ان القرءان وجه من وجه اللّه سبحانه و مظهر من مظاهر فعله كما قال مولينا الصادق7 ما معناه ان اللّه تجلي لخلقه بكلامه و هذا المظهر الكلي و الوجه الاقدس الالهي قد تعين باعتبار المتعلق فتحققت الوجوه و الرؤوس فكل وجه باب و رابطة بين المحتاج الواقف بذلك الباب اللائذ بذلك الجناب و بين الغني المفيض المبدئ فيفيض من بحر الجود و الغني علي ارض الفقر و الاستحقاق بقدر مقابلته لذلك الجناب و وقوعه للباب علي مقتضي ذلك الحجاب فان كان وقوفه علي الحجاب الابيض يفاض عليه من النور الابيض و ان (فان خ‌ل) كان علي الحجاب الاصفر يفاض عليه من النور الاصفر و ان كان

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 253 *»

علي الحجاب الزمرد يفاض عليه من النور الاخضر و ان كان علي الحجاب الياقوت يفاض عليه من النور الاحمر و هكذا فاذا عرفت هذا فاعلم ان القرءان هو ظهور فعل اللّه سبحانه المتعلق (المتعين خ‌ل) بالتعلق الخاص فكل اية وجه من ذلك الكلي و رأس منه يخص بشي‏ء حسب تعينه بذلك المتعلق و هو قوله عزّوجلّ لاتسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم و ان تسألوا عنها حين ينزل القرءان تبد لكم لانه يتعين بذلك المتعلق فيظهر مشروحاً مبيناً و مفصلاً هذا هو الحكم الكلي في كل الايات القرءانية و اما هذه الاية الشريفة و هي قوله عزّوجلّ قل انما انا بشر مثلكم يوحي الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لايشرك بعبادة ربه احداً فهنا (فهناك خ‌ل) وجوه كثيرة لخصوصية انتباه النائم حسب مذاقات العارفين و الوجه الظاهر منه لاهل المجادلة بالتي هي احسن هو ان هذه الاية الشريفة مشتملة علي توحيد العبادة لقوله و لايشرك بعبادة ربه احداً و علي الغاية المتفرعة علي هذا التوحيد الذي هو لقاء اللّه سبحانه الذي هو غاية الغايات و نهاية الطلبات و هو لقاؤه بوجه ظهوره له به و علي شرح هذا التوحيد و بيان كيفيته و هو العمل الصالح و هو الخالص عن الشوايب الغيرية و هذا الخلوص لايحصل الا عند الاعتزال عن الخلق و هو و ان كان امراً قلبياً لكنه اذا طابق القلب الظاهر و اللب وافق القشر لا شك انه احسن و اولي و ادخل في الخلوص و الاعتزال الحاصل الظاهري يحصل بالليل الذي هو اللباس يغشي ابصار الخلايق و يشتغل الناس بانفسهم عن غيرهم و يسكنون و الي اوكارهم يأوون و الي منازلهم و قطع ارتباطاتهم يسارعون و الاعتزال الاخر الظاهري بالنسبة الي نفسه و قواه و مداركه و مشاعره و احواله و اطواره و اوطاره و شئوناته و روابطه المانعة عن ملاحظة الوحدة في العبادة و ذلك الاعتزال الظاهري انما يحصل بالنوم الظاهر الذي يسكن معه كل القوا و الالات و الحركات و موانع الاصابة و لذا شرع الشارع7 عن اللّه عزوجل صلوة الليل في السحر لان ذلك وقت برد الهواء و سكون كل الحركات الخارجية (الخارجة خ‌ل) و الحرارات اليومية الباقية في

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 254 *»

اوايل الليل و عند السحر تسكن كل الكثرات و تبطل كل الاضافات و بالمنام ايضاً سكن الحواس و بطل الاضافات الزائدة فان لم‏يكن الشخص منغمساً في بحر الشهوات و غريقاً في لجة الكثرات فالمنام يمنع الاختلالات العرضية و الاختلافات البدنية الظاهرية فاذا قعد عن نومه فهو بارد الفؤاد حارّ الاستعداد ساكن خالص عن شوب الكثرات و القرانات الخارجية و الداخلية فهناك يصح توجهه الي خالق السموات و بارئ المسموكات و يناجيه بسر الدعوات فيلبيه سامع الاصوات و ربما يسمع نداء الحق له بلسانه في الخلوات في تلك الساعات فيصل اليه اللقاء و يذهب عنه الشقاء فتهيج ريح المحبة فيستأنس في ظلال المحبوب فيؤثر محبوبه علي من سواه قال اللّه سبحانه تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً و طمعاً و ممارزقناهم ينفقون و هذا هو مفاد الاية الشريفة في ظاهرها فاذا نام الرجل ليقوم لطاعة اللّه سبحانه و هو يخاف الغفلة فيتوضأ عند المنام وضوءاً سابغاً مع الادعية مع التوجه متفكراً في نفسه و حلول رمسه و اصداره عن ربه و مستعيناً عنه لطاعته و قارعاً بابه بدعائه و متوجهاً اليه بكلامه الذي هو تجليه له به و قاصداً وجه مطلوبه الذي هو مفاد هذه الاية الشريفة فيقرؤها بكمال الاقبال في لفظه و معناه و يتحرز عن الغلط و اللحن فيخلق اللّه سبحانه بنور التفاته و توجهه الي اللّه سبحانه ملكاً فيوقظه الوقت الذي اراد ليقوم بامر اللّه و اذنه و من فعل الذي ذكرنا فهو لابد ان‏ينتبه في تلك الساعة التي اراد الا ان‏يشاء اللّه الا ان العاملين مختلفون حسب (علي حسب خ‌ل) صفائهم و كدورتهم فمنهم من ينتبه من غير سماع و لا رؤية و منهم من ينتبه و يحس صوت الملك الذي يوقظه و منهم من يشاهده و تختلف هنا الاحوال و الاوضاع،

و لكل رأيت منهم مقاماً   شرحه في الكلام ممايطول

فان لم‏يأت بماذكرنا و لم‏يعمل الذي سطرنا و هذا قدينتبه اذا صادف قراءته فتح باب السماء للافاضة الي اهل الدعاء فيصحبه به اذا لم‏يكن مانع اقوي و الا فلاسيما اذا كان بطنه مملواً من الطعام و الشراب لتتصاعد الابخرة

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 255 *»

الي الدماغ و تحيط بكل البدن فتكثر الرطوبة و تتراكم فتمنع الحرارة الغريزية التي هي حاملة للروح النفوذ الي كل الجهات ليستيقظ كالغيم المانع للشمس ان‏تظهر بنورها في اقطار الارض و الملك الموكل بالايقاظ محله الحرارة الغريزية و متعلق بها فافهم و من موانع الانتباه اختلال الحواس و اغتشاش القلب و تعلقه بالامور الكثيرة الشهوانية الجسدانية فتبقي النفس تشتغل بتلك الصور و تلتهي بتلك المثل فلايلتفت الي الجسد الا اذا كانت اهوالاً منكرة فتستيقظ و هذه و امثالها هي السرّ للتخلف و حاشاه عن التخلف الا ان القارئ حين القراءة لم‏يقابل فوارة النور الا انه تلفظ لفظاً من غير قصد الي معناه و ان قصد مع اضطراب عظيم في القلب من دواعي الهوية (الهوي خ‌ل) فان الدواعي اية الشيطان و القرءان اية الرحمن فلايؤثر اذا مزج بسور الشيطان الم‏تر ان التربة الحسينية علي مشرفها الاف الثناء و التحية اذا مسّها الجان و الشيطان فلايؤثر في شفاء المريض العليل و اطفاء نايرة الغليل فاذا ختمتها في الحضرة المطهرة هناك ليس للشيطان اليه سبيل يشفي العليل و يبرد الغليل باذن اللّه الملك الجليل و انت ايضاً اختم قلبك في تلك الحضرة المطهرة لان قلبك من تلك التربة فهناك تأمن عن مسّ الشيطان فينكت في قلبك الرحمن و اللّه المستعان.

قــال سلمه اللّه تعالي: مسألة اذا نام الرجل اين يذهب روحه و اي شي‏ء سبب النوم.

اقــول: اعلم ان الروح قد اتت من مكان عال و فضاء وسيع فسيح الي هذا البدن المحبس الضيق المكدّر (الکدر خ‌ل) المشوب بانواع البلايا و المحن و الكثافات كما قال الشاعر:

هبطت اليك من المحل الارفع   ورقاء ذات تعزز و تمنع
محجوبة عن كل مقلة عارف   و هي التي سفرت و لم‏تتبرقع

الي ان قال:

حتي اذا اتصلت بهاء هبوطها   عن ميم مركزها بذات الاجرع
علقت بها ثاء الثقيل فاصبحت   بين المعالم و الطلول الخضع

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 256 *»

تبكي اذا ذكرت عهوداً بالحمي   بمدامع تهوي و لم‏تتقطع

الابيات، و هي في هذا البدن مشغولة بتدبيره و تصرفه بانحاء المعالجات من نضج الاغذية و طبخها و اخذ صافيها و دفع كثيفها و جريانها في العروق و غير ذلك من العلايق و العوايق البدنية و قديلحقها ملال و انضجار عن ذلك فتلتفت و تتوجه الي عالم المثل الشبحية و الصور المقدارية عالم هورقليا و جابرسا و جابلقا و تنظر الي احوال ذلك العالم و يبقي وجهه الذي هي الحرارة الغريزية مجتمعاً في القلب سارياً في اقطار البدن في الباطن و ماتري الروح عند التفاتها الي عالمها من الاشباح حسب (حيث خ‌ل) ما هي عليه من الصفات المكتسبة عند عروض التعلقات البدنية من الاحوال السعيدة و الردية هي الرؤيا و قداجاب مولينا الحسن بن علي بن ابي‏طالب8 عن هذه المسألة بعينها لمّاسأله الخضر7 اين تذهب الروح قال7 و اما ماسألت من امر الانسان اذا نام اين تذهب روحه فان روحه متعلقة بالريح و الريح متعلقة بالهواء الي وقت مايتحرك صاحبها لتيقظه فان اذن اللّه سبحانه بردّ تلك الروح علي صاحبها جذبت تلك الروح الريح و جذبت تلك الريح الهواء فرجعت و سكنت في بدن صاحبها و ان لم‏يأذن اللّه عزّوجلّ بردّ تلك الروح علي صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم‏ترد علي صاحبها الي وقت ما يبعث الحديث، و هذا الحديث الشريف يشير الي ماقلنا فان المراد بالروح هنا هو الروح المعروف عند عرف الاطباء و هي البخار الذي في تجاويف القلب اللحم الصنوبري الا ان الامام7 اطلق الروح علي الدم الاصفر الذي يتعلق به القلب و يتقوم به و هذا الاطلاق كثير في عرف الاطباء ايضاً و المراد بالريح هو البخار اللطيف الكائن في القلب الذي يتقوم به ذلك الدم المتقوم به القلب و انما اطلق عليه الريح للمناسبة الظاهرية و الطبيعية فان الروح هو مزاج الهواء و لونه اصفر و لمّا كان ذلك الدم كثافة ذلك البخار ظهر اللون فيه دون البخار لكمال اللطافة و الا فهما في اللون واحد و كذلك في الطبيعة و المزاج فان طبيعة الروح من حيث هي حار رطب لكونها الرابطة بين الاجساد الكدرة و الانوار

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 257 *»

اللطيفة و باباً للافاضة و الاستفاضة فمن جهة الربط اقتضت الرطوبة و من جهة الوجه اقتضت الحرارة و ان كانت حاملة للحرارة و اليبوسة اللتان هما طبيعة الفاعل الظاهر بتدبير للبدن (البدن خ‌ل) في هذه الروح فهي حينئذ كالحديدة المحماة و انما اطلق علي ذلك البخار الريح لان الريح هو الهواء المتحرك فهي ظهور للهواء و تعين له و كذلك هذا البخار بالنسبة الي الروح الحيوانية الحسية الفلكية التي هي عبارة عن الهواء الذي هو الغيب و هي (هو خ‌ل) الروح القديمة التي في كلام مولينا علي بن الحسين8 في قوله تعالي ثم انشأناه خلقاً اخر فالروح الحيوانية الحسية الغيبية متعلقة بالبخار المنبث في القلب و ذلك البخار متعلق بالدم الاصفر الذي في تجاويف القلب و هو الروح في عرف الاطباء كما سبق فاذا التفتت الروح الي عالمها بعد ان‏يحصل لها ملال و انضجار عن هذا البدن و عن تدبير الاغذية و تصفيتها و تنقيتها و وزنها و نضجها و طبخها و تقديرها و دفع الفضلات الزايدة سيما اذا عرضت الغرايب في البدن كالرطوبات الكثيرة التي بالحرارة تتصاعد بخاراً و تتراكم و تغلظ بالقوة السوداوية التي هي مخالفة (متخالفة خ‌ل) لطبيعة الروح فاذا لحقتها الغرايب تزيد في الملال و الضجر فتلتفت (و تلتفت خ‌ل) الي عالمها و تبقي تستريح مجتمعة في القلب و تقطع نظرها عن كل اقطار البدن و يبقي وجهها و شعاعها و هو الحرارة الغريزية و هي رابطة الحيوة فتظلم اقطار البدن و تبرد و تذيل و تسكن عن الحركة و الادراك الي ان‏تقل الموانع بتخفيف الرطوبات او بالتحريك لتلتفت الروح فان قدر اللّه علي الشخص الموت بتخلل الالات الجسمانية و فسادها فتنجذب الروح الي عالمها و البخار ينجذب اليها بلطايفها و صافيها و كذا العلقة التي هي الدم و هي الحرارة الغريزية فيحصل البرد الكلي و الظلمة الحقيقية و لذا اذا مات الانسان لم‏يبق لذلك البخار الذي في القلب اثر و ان لم‏يقدر له الموت فعند التحريك تجذب الدم الاصفر البخار بصافي الامداد الذي يأتيه من صحة الالات و العضلات و كذا البخار يجذب الروح القديمة

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 258 *»

كالدهن الذي يجذب الدخان المكلس و هو يجذب النار فيبقي السراج و ان تمّ الدهن و لم‏يبق داع و سائل و مقتض جذبت النار البخار الدخان و جذب الدخان تلك الاجزاء الدهنية القريبة للدخانية بتكليس النار فينطفي السراج فالبدن كالدهن و الفتيلة في مثال السراج و الروح اي الدم الاصفر و الحرارة الغريزية بمنزلة تلك الاجزاء القريبة الاستحالة من الدخانية و هي التي تنش نشيشاً و الريح اي البخار بمنزلة الدخان و الهواء اي الروح المدبرة المجردة بمنزلة النار فتدبر هذا المثال تجد الامر واضحاً ظاهراً ان‏شاءاللّه تعالي فالموت هو الوفاة الكبري و هي الرجوع الاصلي للروح و اعراضها عن هذا البدن بذاتها و نظرها و وجهها و النوم هو الوفاة الصغري و هي الرجوع الالتفاتي لها و اعراضها بنظرها و ابقاء وجهها و تعطيل الالات و العضلات و القوي و الحركات النفسانية و الجسدانية و هو قوله عزّوجلّ اللّه يتوفي الانفس حين موتها و التي لم‏تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت و يرسل الاخري الي اجل مسمي و علي مابينا تظهر لك حقيقة النوم و علته و سببه و وجه كونه حدثاً مستقلاً و التفصيل يؤدي الي التطويل و عالم الروح الذي تذهب اليه حال النوم و بعد الموت هو عالم المثال و مقام هورقليا اما في سماء ذلك العالم لتشرق عليها الانوار الالهية المتنزلة الي الاشباح النورية و المثل الحقيقية في غيب السماء الثانية فتقابلها (و تقابلها خ‌ل) في غيب هذه الارض علي ماهي عليه من الصفاء و الكدورة و شدة الصفاء و ضعفه و كذا الكدورة او في ارض ذلك العالم لتتصاعد اليها الابخرة المتصاعدة من شجر الزقوم متمثلة بصور الشبهات و الاوهام الباطلة و الخيالات فتنطبع في مرءاتها علي حسب ماهي عليه حال انتكاسها الي اسفل السافلين و هو معني ماورد مامعناه ان النائم كلما يراه في السماء فهو حق و كلما يراه في الارض فهو باطل او لضعف بصرها و قلة نضجها و عدم حركتها تبقي في القلب من غير نظر الي السماء او الي الارض و هي كالتي لاتري شيئاً في منامه في بعض الاحوال و ليست كلية فافهم فهمك اللّه.

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 259 *»

قــال سلمه اللّه تعالي: مسألة ما السر في ان بعض الناس زكي المعي و بعضهم بليد نهاية البلادة و بعض اخر متوسط هل يقدر البليد ان‏يحصل الزكاوة ام لا.

اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه لمّاخلق الانسان من ماء دافق يخرج من بين الصلب و الترائب اقتضت الحكمة ان‏يجعل بين النطفتين تربة لتتم خلقة الولد بمتممات وجوده و الزكاوة و البلادة انما تنشأ من تكثير تلك التربة و تقليلها و الاشارة الي بيان هذه التربة هي ان نطفة الرجل حارة يابسة و نطفة المرأة باردة رطبة لكون الثانية طبع القبول كما ان الاولي طبع الفعل و الوجود فهما متضادان لايجتمعان و لمّاكان اللّه سبحانه اجري عادته ان‏يجري الاشياء علي نهج الاسباب و الاقتضاءات جعل لربط النطفتين و لحصول المزاج بينهما تربة من الارض التي يدفن فيها الولد اجابة و اغاثة للارض حيث استغاثت و انّت و اشتكت الي اللّه سبحانه يوم الذي يقبض الملك التراب منها ليجعله بين النطفتين فاوحي اللّه سبحانه و تعالي اليها ان قري و اسكني فاني اجعلك مدفناً للولد لتعود تربتك اليك و هذه التربة في المزاج باردة يابسة فبالبرودة توافق نطفة المرأة و باليبوسة توافق نطفة الرجل فيصح المزج بينهما لاتمام النضج و هو القاضي الذي يشير اليهما بالتراضي و انما جعلت الواسطة التراب و لم‏يجعل الهواء لعدم الانعقاد لغلبة الرطوبة من الهواء و من الماء و ان كان الهواء ايضاً يصلح للتوسط بل هو الواسطة بين الماء و النار فان المطلوب من العقد الثاني هو اليبوسة لكمال الانعقاد و الامتياز فلو زيد الهواء لغلبت الرطوبة و بطل التماسك و اما التراب فمن جهة يبوسته يؤلف ثم ان كانت التربة اقل من نصف نطفة الرجل تورث البلادة لقوة الرطوبة و غلبة مادة البلغم فكلما تزداد التربة يزداد الذهن و الفهم و الصفا الي ان‏تبلغ مقدار نطفة الرجل فهناك كمال مرتبة الزكاوة و الفهم و الكياسة و هو المرة السوداء الصافية علي ماقال الرضا7 ان اللّه مابعث نبياً الاّ و هو صاحب المرة السوداء الصافية لانها طبع فلك الزحل الذي هو فلك العقل و المعرفة و اليقين و البصيرة فاذا زاد عن ذلك خرج عن حد الاعتدال

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 260 *»

فتجمد القريحة و تبطل الفطنة و الكياسة هذا هو السر في زكاوة بعض الناس و بلادة الاخرين و الحالة المتوسطة و اما وجه الاختصاص فكما ذكرنا سابقاً في وجه اختصاص بعض الناس بالمرة الصفراء و بعضهم بالسوداء فراجع تفهم ان‏شاء اللّه.

و اما قولكم هل يقدر البليد الي آخره. فجوابه انه قديحصل بعض الامور و المعالجات و الاحوال و الاوضاع و الاعمال يزكي الذهن و يصفي الفهم و يبلغ البليد درجة الفطن الزكي و اسرع الامور في هذا الشأن تزكية النفس عن الرذايل و تحليتها بالفضائل و اخلاص العمل للّه و الاعراض عماسوي اللّه و التفكر في خلق اللّه ان في خلق السموات و الارض و اختلاف الليل و النهار لايات للموقنين الذين يذكرون اللّه قياماً و قعوداً و علي جنوبهم و يتفكرون في خلق السموات و الارض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار و قدكتبنا الاشارة الي الامور التي يزيد في الفهم و العقل و يزكي الذهن في تفسيرنا علي اية الكرسي فان فيه اشارة الي نوع جميع شقوق المسألة و الان ليس لي توجه شرح ذلك جعلنا اللّه و اياكم من المطمئنين الفائزين الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.

قــال سلمه اللّه تعالي: هل الشيطان اللعين من الجن او من الملائكة و مايفهم من كلمات مولينا اميرالمؤمنين7 في نهج‏البلاغة انه من الملائكة و مايفهم من القرءان انه من الجن كيف الجمع و التوجيه بينوا و اخرجوا عبدكم من ظلمة الجهالة الي نور العلم ان اللّه لايضيع اجركم.

اقــول: نقل صاحب مجمع‏البحرين عن ابن‏عباس و قتادة و ابن‏جرير و الزجاج و ابن‏الانباري ان ابليس كان من الملائكة من طائفة يقال لهم الجن و كان اسمه بالعبرانية عزازيل (بزائين معجمتين بينهما الف) فلما عصي اللّه لعنه و جعله شيطاناً مريداً و بالعربية الحرث و كان رئيس ملائكة سماء الدنيا و سلطانها و سلطان الارض و كان من اشد الملائكة اجتهاداً و كان يوسوس مابين

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 261 *»

السماء و الارض فرأي (فيري خ‌ل) بذلك لنفسه شرفاً عظيماً فذلك الذي دعاه الي الكبر فعصي و كفر فمسخه اللّه شيطاناً رجيماً ملعوناً اقول الظاهر ان هؤلاء في قولهم هذا نظروا الي ظاهر الاستثناء في الكلام المجيد و الاخبار و ان الاصل في الاستثناء الاتصال و حملوا قوله تعالي فسجدوا الا ابليس كان من الجن علي ان الجن كانت طائفة من الملائكة كما قال اللّه سبحانه و جعلوا بينه و بين الجنة نسباً و لقد علمت الجنة انهم لمحضرون الاية فان الكفار قالوا ان الملائكة بنات اللّه و ما احد ادعي في حق الجن ذلك فصح ان الجن يطلق علي الملائكة فيجوز ان‏يكون المراد من قوله كان من الجن هذا المعني و يكون تلك الطائفة مخصوصين بهذا الاسم لئلاتتناقض الايات هذا اقصي مايقال لهم لكن لايخفي علي من له ادني معرفة ان الكفار الذين قالوا ان الملائكة بنات اللّه ماخصصوا طائفة دون اخري و فريقاً دون اخرين بل (و خ‌ل) عمّموا الحكم فاذن بطل القول بان الجن طائفة من الملائكة فاذا كان كذلك فاتجه الاستدلال علي كون ابليس من الجن بقوله عزوجل كان من الجن ففسق من امر ربه فجعل كونه من الجن علة لفسقه و بيان ان الملائكة معصومون لايعصون اللّه ماامرهم و يفعلون مايؤمرون و المعروف من مذهب اهل‏البيت: و طريقتهم ان ابليس ماكان من الملائكة و انما كان من الجن من كفارهم و متمرديهم و هو اعلي مظاهر الجهل الكلي و انما تشبه بالملائكة من حيث الصورة لا من حيث السيرة و كان يعبد اللّه سبحانه و تعالي في كمال (نهاية خ‌ل) الخضوع و الخشوع و الاستكانة الصورية المجتثة حتي ظنّت الملائكة انه منهم و يجري عليه احكامهم و كانوا يعظمونه و يبجلونه فاراد (فاذا اراد خ‌ل) اللّه سبحانه ان‏يظهر خبث باطنه و يعرف قبح سريرته فامر الملائكة الذين هو كان يحسب من جملتهم بل ربما يزعمون انه خيرهم بالعمل و اللّه سبحانه عالم بالسراير و ما اراد بذلك الا استنطاق مستجنات ضميره ليميز الخبيث من الطيب لان ولادة ادم اول مقام التمييز الذي هو التقطير من الحل الاول و الاخذ في العقد الثاني و الحل الثاني فتمرد عن امر اللّه و باء بغضب من اللّه فعلي هذا يصح ان‏تجعل

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 262 *»

الاستثناء متصلاً لحكم الصورة و الظاهر و علي معتقد الملائكة انه منهم بالصفة اذ من تشبه بقوم فهو منهم و لك ان‏تجعله ايضاً منقطعاً و ان كان علي خلاف الاصل لكن لمّادلّ الدليل القاطع فالمصير اليه اولي و اما كلام مولينا و سيدنا اميرالمؤمنين7 في نهج‏البلاغة ثم اختبر الملائكة المقربين ليميز المتواضعين عن المستكبرين فقال سبحانه و هو عالم بمضمرات القلوب و محجوبات الغيوب اني خالق الي ان قال7 فسجد الملائكة كلهم اجمعون الاّ ابليس اعترضته الحمية فافتخر علي ادم بخلقه و تعصب عليه لاصله فعدو اللّه امام المتعصبين الخطبة فهو لاينافي ماذكرنا لان مولينا الصادق7 فسر هذا الاجمال و شرح كلام اللّه و قول جده المفضال عليهم سلام اللّه بالغدو و الاصال علي مارواه علي بن ابراهيم باسناده عن جميل عن ابي‏عبداللّه7 قال سئل عماندب اللّه الخلق اليه ادخل فيه الضلال قال نعم و الكافرون دخلوا فيه لان اللّه تبارك و تعالي امر الملائكة بالسجود لادم فدخل في امره الملائكة و ابليس و ان ابليس كان مع (من خ‌ل) الملائكة في السماء يعبد اللّه و كانت الملائكة تظن انه منهم و لم‏يكن منهم فلمّا امر اللّه الملائكة بالسجود لادم اخرج ماكان في قلب ابليس من الحسد فعلم الملائكة عند ذلك ان ابليس لم‏يكن منهم فقيل له كيف وقع الامر علي ابليس و انما امر اللّه الملائكة بالسجود لادم فقال كان ابليس منهم بالولاء و لم‏يكن من جنس الملائكة و ذلك ان اللّه خلق خلقاً قبل ادم و كان ابليس فيهم حاكماً في الارض فعتوا و افسدوا و سفكوا الدماء فبعث اللّه الملائكة فقتلوهم و اسروا ابليس و رفعوه الي السماء فكان مع الملائكة يعبد اللّه الي ان خلق اللّه تعالي ادم7 انتهي، فجاء هذا الحديث شرحاً و بياناً لماتطلب و جمعاً بين مايتراءي من التناقض بين الاخبار او عدم المناسبة مع كلام اللّه و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم و صلّي اللّه علي خير خلقه محمد و اله الطاهرين.