03-01 جواهر الحکم المجلد الثالث ـ رسالة في جواب الآقا محمد الرشتي ـ مقابله

رسالة فی جواب الآقا محمد الرشتی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 9 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان بعض العلماء الاعلام و الفضلاء الکرام لازال محروسا بعناية الملک العلام قد ارسل الي مسائل انحطت دونها الافهام و ضلت لديها العقول و الاحلام و اراد جوابها علي التحقيق في الواقعي الاولي دون الثانوي و انا مع اختلال بالي و اغتشاش احوالي و مع قصور باعي و قلة اطلاعي قد کنت مشغولا بکتابة اجوبة المسائل التي اتت الينا من البلاد النائية و مايمکنني التأخير عنها فاخرت رسم جواب هذه المسائل الي ان‌فرغت منها و بعد ذلک احببت ان‌ارسم جوابها علي ما يسر الله سبحانه و اجري علي قلب عبده و لسانه و بنانه و لکن ما کل مايعلم يقال و لا کل مايقال حان وقته و لا کل ما حان وقته حضر اهله فان اسرار آل محمد: صعبة مستصعبة سيما علم هذه المسائل فان کشفها علي الواقع من الاسرار المقنعة بالسر و لکني آت بما هو الميسور و ملفق بين الامرين ليعلم کل اناس مشربهم و ينال کل احد مطلبهم و جعلت کلامه سلمه الله تعالي متنا و جوابي کالشرح له ليطابق کل جواب لسؤاله کما هو عادتي في اجوبة الاسئلة و قد اقتبسناها من الاستاد ادام الله ظله علي رؤوس العباد و بالله المستعان و عليه التکلان.

قال سلمه الله: الحمدلله رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد و علي و آلهما الطيبين الطاهرين الانجبين الذين بهم قامت الکائنات من السموات و الارضين لانهم محال مشية الله علي القطع و اليقين، و بعد فهذه هي المسائل المعروضة المشکلة او المتشکلة علي امثال السائل ذکرتها بعنوان سؤال سؤال و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 10 *»

ان کان بعض مرجع بعض في المآل و المقصود سماع الجواب من ذلک المرجع لاولي الالباب تحصيلا لمزيد الاطمينان.

اقول قوله: و ان کان بعض مرجع بعض الخ، اعلم ان العلوم کلها علي هذا المنهج و مبدؤها کلها واحد و بعضها يرجع الي الآخر و احدها دليل الآخر و يشتمل علي مايشتمل عليه الآخر و هو قوله7 العلم نقطة کثرها الجاهلون فجميع العلوم بانحائها المختلفة المتشتتة المتباينة کلها يرجع الي علم واحد و هو يرجع الي مسألة واحدة و هي ترجع الي نقطة واحدة و اليه ينظر قول اميرالمؤمنين کل ما في القرآن في الحمد و کل ما في الحمد في البسملة و کل ما في البسملة في الباء و کل ما في الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء الاتري ان مرجع الالفاظ و الکلمات بمعانيها الغير المتناهية الي ثمانية و عشرين حرفا و مرجعها کلها الي الالف و مرجعها الي النقطة و الحروف المعنوية علي طبق الحروف اللفظية ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و ما خلقکم و لا بعثکم الا کنفس واحدة فافهم ضرب المثل و تلک الامثال نضربها للناس و مايعقلها الا العالمون.

قوله: المرجع لاولي الالباب، هم اولوا الافئدة فان اولوا الالباب هم الواقفون مقام العقل المنخفض و المستوي او المرتفع و هم بالنسبة الي اولي الافئدة ناقصون و ان کانوا کاملون بالنسبة الي اصحاب العلوم في الصدور اذ لم‌يحيطوا بالعلم کله فما وصلوا الي العلم اصله فهم يحومون حول البيت و ليسوا بداخلين في اصل البيت و الداخلون هم اولوا الافئدة فمن دخله کان آمنا من الجهل و الشک و الريبة و الوسوسة و السفسطة بل من الخطاء و السهو لان الله معهم فمن کان الله معه لايغفل و لايخطئ و هو قوله تعالي ان الله لمع المحسنين لانهم قد جاهدوا في الله حق جهاده فهداهم الله سبله فهم علي صراط مستقيم صراط الذي انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين فهم اذن مرجع لاولي الالباب فاذا فهمت هذا البيان علمت ان قوله تحصيلا لمزيد الاطمينان ليس في موقعه فان اهل الفؤاد لايحتاجون الي السؤال عن امثالهم الا مايرد

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 11 *»

عليهم من الافاضات القدسية عن ائمتهم: و اولي (اولو ظ) الالباب ليسوا باهل الاطمينان في هذه المسائل لان الامام اميرالمؤمنين7 صرح بان الله تعالي رفع علم هذه المسائل عقولهم و بلغ شهاداتهم بابصار المشاعر و القوي کما سنذکر ان شاء الله فاذن لا اطمينان هناک حتي يطلبوا تحصيل زيادة الاطمينان و اما قول ابراهيم علي نبينا و آله و عليه السلام ليطمئن قلبي فذلک لطلب الاطمينان لا الزيادة مع ان المطلوب کان الخلة و هو من رتبته لا فوقها کما هناک فافهم و تبصر.

قال سلمه الله تعالي: المعروف من کلمات شيخنا ادام الله تعالي ظله ان الله خلق الخلق کرما و جودا و تفضلا و انعم عليهم ثم لما کان جوده و کرمه يجريه علي کمال ماينبغي و الا لم‌يکن کاملا وجب ان‌يجري فعله في جميع المفعولات علي حسب قوابلهم لان فعله واحد و نسبته الي جميع الاشياء علي السواء فلم‌يخلقهم علي مقتضي فعله و الا لکان الخلق شيئا واحدا لاتعدد فيه و لا اختلاف لان نسبة فعله الي جميع الخلق علي السواء ليس شئ منها اقرب من شئ و اسهل من شئ و لاشئ قبل شئ و لا جهة للعقل الي شئ دون شئ و لا حيث له في شئ دون شئ فيکون مصنوعه واحد بل خلقهم و جري فعله علي ساير الخلق علي حسب قابلياتهم حين الخلق لانه خلقهم علي ما هم عليه و لو خلقهم علي غير ما هم عليه لما کانوا اياهم بل کانوا غيرهم فالاختلافات انما کان باعتبار قبول القوابل و الا ماتري في خلق الرحمن من تفاوت کما يختلف الانعکاس عن النور الواحد باعتبار القابليات کانعکاس الشمس فانه يقع علي الارض بقدر مايقع علي المرآة و ينعکس عن المرآة انور و اشد مع انها لم‌يعطها اکثر من الارض و لذلک کلما کان اقرب الي المنير کان اقوي و کلما کان ابعد کان اضعف.

اقول اعلم ان هذه المسألة من اعجب المسائل و اغربها و ادقها و اخفاها لانها سر الخليقة و سر الامر بين الامرين في وجودي التکويني و التشريعي و  لو

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 12 *»

تتبعت الاخبار و تجسست خلال تلک الديار وجدت الائمة الاطهار: في آناء الليل و اطراف النهار ماعظموا امر مسألة في الدقة و الغموض و الخفاء کما عظموا امر هذه المسألة و قد قال مولانا الصادق7 لاجبر و لاقدر بل منزلة بينهما فيها الحق اوسع من السماء و الارض لايعلمها الا العالم او من علمه اياه العالم و قال مولانا اميرالمؤمنين7 و قد سئل عن القدر قال7 طريق مظلم فلاتسلکه و سئل ثانيا قال7 بحر عميق فلاتلجه و سئل ثالثا فقال سر الله فلاتهتکه و قال ايضا7 علي مارواه الصدوق في التوحيد عن اميرالمؤمنين7 ان القدر سر من سر الله و حرز من حرز الله و سر من سر الله و امر من امر الله مختوم بخاتم الله موضوع عن العباد علمه و رفعه الله فوق شهاداتهم و مبلغ عقولهم لانهم لاينالونه بحقيقة الصمدانية و لا بعزة الوحدانية بحر عميق مظلم کالليل الدامس مواج کثير الحيات و الحيتان يعلو مرة و يسفل اخري في قعره شمس تضئ لاينبغي ان‌يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليه فقد ضاد الله في ملکه و نازعه في سلطانه و باء بغضب من الله و ماواه جهنم و بئس المصير هـ ، و امثال ماذکرنا من الاخبار کثيرة و الوجه في ذلک انه قد ثبت بالادلة القطعية ان بين المدرک و المدرک لابد من المناسبة الذاتية فلابد ان‌يکون الادراک عين المدرک بالفتح و العلم عين المعلوم و لما اختلفت الادراکات اختلفت المدرکات من القوي و المشاعر و لذا لايمکنک ان‌تدرک بالبصر ماتدرکه باللمس او بالسمع و لا بالسمع ماتدرکه بالبصر و لا بالحواس الظاهرة ماتدرکه بالحواس الباطنية و لا بالحواس الباطنية ماتدرکه بالحواس الظاهرية.

فاذا صح ذلک فاعلم ان العقل اول زوج ترکب من الضدين من الوجود و الماهية و ماتحت العقل من المراتب و المشاعر کالنفس و الخيال و الحس المشترک و الحس الظاهر کلها اغلظ و اشد من العقل ترکيبا و المرکب من حيث الترکيب يعجز عن ادراک الجزءين بصرافة کل واحد منها و ادراک کيفية الاقتران و الترکيب الاتري ان الحار و البارد اذا اختلطا و کسر کل واحد منهما صورة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 13 *»

الاخر فبعد الکسر و الخلط لايمکن ان‌يعرف بالمرکب کيفية الحرارة الصرفة و البرودة الصرفة و کيفية المزج و الحالة الحاصلة عند اول المزج قبل الخلط و المزج التام فمن ادعي معرفة ذلک بنفس المرکب من حيث هو فهو کاذب لايعبؤ بقوله و لايعتني بشأنه نعم اذا قدر ان‌يميز بينهما و يرجع کلا منهما الي وحدتهما و بساطة تأثيرهما فحينئذ يمکن ان‌يعرف الحالات کلها اي التي قبل الترکيب و التي بعده.

فاذا فهمت هذا فاعلم ان الاختلاف في الوجود و التکثر و التشخص و تعدد الاقتضاءات و تشتت الميولات انما نشأ و حصل من اقتران الوجود بالماهية و اقتران الماهية بالوجود و سر الامر بين الامرين و حقيقة الاختيار انما وجدت حين الاقتران اي في مبدأ الاقتران لان الخلق انما تحقق بـ«کن فيکون» و العقل و ما تحته هو المکون المرکب فلايمکنه ادراک بسائط ذاته و معرفة کيفية ترکيب نفسه نعم في رتبته الفؤاد التي هي فوق العقل يمکن ان‌يعرف تلک المراتب و المقامات فان الفؤاد هو الوجود قبل اقتران بالماهية التي هي جزء للعقل و ساير المراتب التي بها حصلت الاقتضاءات و الميولات التي نشأ عنها الاختلاف و التعدد و الکثرة فله هيمنة و استيلاء علي کل المقامات فيشاهد کل شئ في مقامه و مرتبته فصاحب الفؤاد هو الذي اشهده الله خلق نفسه و اشهده خلق السموات و عنده هذه المسألة في غاية الظهور و الوضوح بل لايمکن ان‌يتصور صنعا و ايجادا الا بالامر بين الامرين و بالاختيار و لما کان الناس اغلبهم في مقام النفس مقام المجادلة بالتي هي احسن و قليلا منهم في مقام القلب و العقل مقام دليل الموعظة الحسنة و هؤلاء لايسعهم ادراک مسألة الاختيار و الامر بين الامرين نفوا: علم هذه المسألة من عامة الخلق و حصروا فهمها تارة فهم: کما في الحديث المتقدم لايعلمها الا العالم او من علمه اياه العالم و العالم هو الامام7 اذ اطلق في اخبارهم و هذا التعليم هو التعليم الخاص بالعناية الخاصة لا التعليم العام و الا لکان الکلام لغوا لان هذا التعليم يعم کل احد مع ان هذه المسألة لايعلمها کل احد الا من جهة الاعتقاد و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 14 *»

التسليم و العلم عند من خلق و رکبهم و رکب فهم القوي و المشاعر لاسواه و لما ان الله سبحانه اشهد محمدا9 خلق انفسهم و خلق السموات و الارض علمها اياهم بذلک الاشهاد و لقوله تعالي عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول و هم سلام الله عليهم علموها خواص شيعتهم و مخلصي محبيهم المنقطعين اليهم المعرضين عن کل ماسواهم بفتح عين فؤادهم و کشف الغطاء عن بصر ذاتهم و حقيقتهم فيعلمون بتعليم ائمتهم: غوامض العلوم و خبايا الاسرار فمن اراد ان‌يعرف هذه المسألة بغير عناية خاصة من الله بل بما عنده من الفهم و الذکاء و الفطانة ينظر العقل و غيره من المشاعر فقد ضاد الله في ملکه و نازعه في سلطانه و لکن الله ذو فضل علي عباده يعلم من انقطع اليه و اعرض عن کل ماسواه من کنوز علمه و اسراره و يعطيه عينا من عنده و يعرف بها دقايق الامور و خفيات الاسرار و تلک العين هو الفؤاد و هو باب المراد و هذا بعض الوجوه في معني الحديث و له اسرار اخر ترکتها خوفا من الناس.

فاذا فهمت ماذکرنا لک علمت ان هذه المسألة ليست مشرعة لکل فائض و انما هو بحر ضل فيه السوابح فمن لم‌ينفتح له باب الفؤاد و لم‌يفترق بين ادراکه و ادراک العقل فلايجوز له ان‌يخوض في هذه اللجة الغامزة (الغامضة ظ) فيغرق و يهلک بل يرد علمه الي الله و رسوله و اولي العلم الذين يستنبطونه و ليس هذا تکليفه و انما تکليفه ان‌يعرف ان لا جبر و لا تفويض بل امر بينهما بالدليل القطعي اما فهم الامر بين الامرين فلايجب عليه و ها انا ابين لک ماتقطع بالمراد و يتبين لک فساد ماذهب اليه اهل الفساد و ابين لک ايضا سبيل فهمها و طريق ادراکها ببيان و مثال علي نحو ما ذکر الاستاد اطال الله ظلاله علي رؤوس العباد فالامر الاول يحصل قطعا بحول الله لمن ترک العناد و اعرض عن الجدال و اللجاج و الامر الثاني بيد الله سبحانه ان اراد يسره له و الا فهو اعلم بعبده مثال ماذکرت ان الشخص اذا کان اعمي فلايري نور الشمس و ضوء النهار فانت يمکنک بالادلة القاطعة تثبت له ان الشمس الآن مشرقة و النهار موجود و اما

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 15 *»

کيفية اشراقها و صفة ضوئها و انبثاث نورها فلايمکنک تفهمها اياه الا اذا فتح الله عينه و اذهب عماه و ذلک بيد الله سبحانه لابيدک و کذلک الحکم هاهنا حرفا بحرف و قد صدقتک في المقال و الله شاهد علي في کل حال.

اما الامر الاول فاعلم انا علمنا يقينا جازما ان العالم حادث مخلوق و ان له صانعا صنعه و خالقا خلقه ثم بعد ذلک شاهدنا الاختلاف في العالم و راينا ان الاشياء جرت علي اطوار مختلفة و اوضاع متفاوتة بين مجرد و بادي و عال و سافل و سماء و ارض و لطيف و کثيف و بياض و سواد و حمرة و صفرة و لفظ و معني و دقيق و جلي و داء و دواء و سقم و شفاء و تغير و انتقال و ساکن و متحرک و مايع و جامد و مستقيم و معوج و غيب و شهادة و نهار و ليل و کواکب و افلاک و ثوابت و سيارات و حيوانات و نباتات و جمادات و معادن و هکذا ساير اجناس الموجودات و انواعها و اصنافها و اشخاصها و افرادها و صفاتها و اعراضها و ساير ما لها و عليها و بها و اليها و عنها و منها و فيها و لديها ثم تاملنا في هذه الامور المختلفة و الاشياء المتشتتة دائما تجمعها اصول معدودة متناهية کل اصل شجرة تتشعب عنها الاغصان و الاوراق الکثيرة الغير المتناهية و کلها ترجع الي ذلک الاصل الواحد الغير المختلف و هو الساري في تلک الکثرات و هذه الاصول و ان کانت کثيرة جدا حتي تبلغ الي الف الف کما في الخبر عن الباقر7 الا ان کلها تحت ثلاثة اصول العقل و العقول الجزئية المنبثة في العالم کله من حدود ذلک العقل و هو الملک الذي له رؤوس بعدد رؤوس الخلايق من وجد و من لم‌يوجد و النفس و مرجع النفوس کلها اليها و الجسم و مرجع الاجسام من الافلاک و العناصر و التولدات کلها الي الجسم المطلق.

ثم ان هذه الاصول الثلاثة مرجعها الي اصل واحد يجمع الکل و هو الوجود و هو شجرة الخلد التي اول غصن اخذ منها القلم و هو العقل و الغصن الثاني و (هو ظ) النفس و الغصن الثالث و هو الجسم فرجعت الکثرات و الاختلافات کلها الي الوجود و ماعداه حدود له بذاته او بظهورات آثاره ليرجع الامر الي الحقيقة بعد الحقيقة فعلمنا ان الاشياء کلها بکثراتها لها جهتان جهة وحدة و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 16 *»

اتحاد و جهة کثرة و اختلاف فمن حيث الاصل و المادة الاولي واحدة و من حيث الفرع و الهيولات و المواد الاخر مختلفة و علمنا ايضا ان قوام تلک الکثرات بذلک الامر الواحد و قد دلت عليه شواهد الکتاب و السنة بعد دلالة التأمل الصادق و الوجدان الفائق و العقل الضروري کقوله تعالي و ما امرنا الا واحدة و قوله تعالي ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و ما خلقکم و لا بعثکم الا کنفس واحدة و قول مولانا الصادق7 في الدعاء کل شئ سواک قام بامرک.

ثم لما کان الاختلاف و الکثرات حادثا فلابد له من مستند و مبدأ ضرورة ان الحادث مسبوق بمبدأ و علة و مبدأ هذه الاختلافات لايخلو اما ان‌يکون هو الله سبحانه او قابليات الخلق ضرورة بطلان الشق الثالث و هو نفس الخلق المختلف لانا في صدد علة اختلاف النفس الخلق متحد العلة و المعلول فان کان الاول اي مبدؤه الاختلاف و منشؤه هو الله فهو باطل لان نسبة فعل الله سبحانه بجميع مفعولاته علي حد سواء و الا لم‌يکن مخترعا للاشياء به لا من اصل ما حتي يکون ببعضه اقرب منه الي بعض و ذلک اسهل تناولا له بالنسبة الي ذلک و هو کفر و زندقة بل الله سبحانه اخترع الاشياء لا من اصل کان و ابتدعها لا علي احتذاء مثال فاذا کان فالکل في قدرته و فعله و مشيته سبحانه سواء بلا اختلاف فالترجيح بالتکوين بالصفة الخاصة من غير مرجع فعل العابث لا فعل الحکيم و يکون لخلقه حجة عليه اذا قال الکثيف و الخبيث لم جعلتني کثيفا خبيثا و الآخر لطيفا طيبا و شرفته و نزلتني مع اني و اياه في قدرتک سواء اما عکست الامر او ساويت بيننا فما الذي يجاوبه ان قال لم‌اقدر ذلک نقص في الهيته و ان قال اقدر لزمته الحجة فتفحمه الخلق بحجة تعالي ربي عن ذلک علوا کبيرا قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداکم اجمعين، لئلا يکون للناس علي الله حجة ثم انه سبحانه مدح في کلامه الاطياب و الاشراف و ذم الاخباث و الارجاس فکيف ليستحق المدح من لا صنع له فيه و يستحق الذم کذلک و لو قال المذموم انت خلقتني کذلک فان کان ذم فلايرجع الي فما کان الجواب ثم ان هذا ليس بفعل عاقل

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 17 *»

فضلا عن الحکيم المطلق العالم المطلق القادر المطلق و ذلک هو الظلم في التکوين و الايجاد و الله سبحانه منزه عن الظلم و الجور مطلقا و القول بان الخلق علي جهة الاختلاف کمثال البناء فان البناء العالي يحتاج من حيث کينونته الي حجرات فوقانية و تحتانية و ماء البئر و الحياض و المختلي و امثالها من الامور اللطيفة و الکثيفة و الا لم‌ينتظم امر البيت کذلک لاينتظم بناء العالم الا بوجود هذه الاختلافات و اللطايف و الکثافات و الارضين و السموات و الانوار و الظلمات فاسد باطل لان صنع البناء علي النهج المخصوص انما هو لاجل حاجة البناء لا لنفس البناء و لذا تجد من لم‌يحتج الي الخلاء لم‌يصنع في بيته البتة و کذلک الفوقاني و التحتاني علي حسب حاجة الباني الباعث للبناء و ذلک لا لمصلحة نفس البناء فمن اراد ايصال النفع الي نفس البناء مع عزل النظر عن البناء و الساکن و کان البناء ذا شعور فلا محالة يعترض علي البناء و يحتج عليه اي المراتب السفلية بالنسبة الي العلوية کما ذکرنا حرفا بحرف فلانفع حينئذ لاصل البناء و ذلک معلوم بالضرورة و هذا القائل اراد دفع محذور قبل ان‌يرفع المحذور وقع في محذور اعظم و اقوي کما ذکرنا و اثبت لله سبحانه الاستکمال و الحاجة او جعله عابثا تعالي ربي و تقدس عما يقوله المفترون علوا کبيرا.

فثبت بالبرهان القاطع و البيان الواضح بطلان الامر الاول اي نسبة هذه الاختلافات و رجوعها الي الله سبحانه لا غير و ان کان الثاني اي رجوع الاختلافات الي القابليات کما جرت عليه الالسن من الصوفية و اهل المعرفة فنقول هذه القابليات هل هي اشياء ام ليست باشياء فان کان الثاني فهو باطل لان اللاشئ لايکون مبدأ و علة للشيء ليکون المعلول اشرف من علته و المسبوق اعظم من سابقه و ان کان الاول فهل هي حادثة او قديمة فان کان الثاني يلزم تعدد القدماء و هو يستلزم الترکيب في ذاته تعالي لان المفروض ان القابليات اشياء قديمة ثم اين محلها في الامکان او في الازل و الاول لايصح لان الامکان محل الحوادث و الثاني هل هي في عين الذات او غيرها او هو عين الذات کما

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 18 *»

مذهب جماعة من منتحلي الاسلام کما قال ان الاعيان الثابتة ليست امورا خارجة عن ذات المقابل هي ذاتيات و انيات للحق و ذاتيات الحق لايقبل الجعل و التغيير و التبديل و الزيادة و النقصان ذکره الملامحسن في الکلمات المکنونة فعلي الاول يلزم ان‌يکون ذات الحق سبحانه مکانا و محلا منفصلا و متاثرا عن الحال فيه و لايثبت ان بين المحل و الحال لابد من مناسبة ذاتية و مرابطة حقيقية بها يختص به عن غيره فاذا تعدد الحال تعدد جهات المناسبات فيتحقق کثرات حقيقية في ذات الحق سبحانه و ان لم‌يکن متمايزة في الحس لانها محض الصلوح و النسبة کالکثرات الحاصلة في الخبث قبل تعينه بالصور الکثيرة و هي النسب و هذه لاشک انها قادحة في وحدة الحق سبحانه و علي الثاني فيلزم ان لايکون ازله تعالي عين ذاته فيکون الازل اوسع من الذات لاشتماله اياها و غيرها ثم يستلزم الترکيب لاشتراک الذات و الاعيان الثابتة التي هي القابليات في الازلية و افتراقهما بمخصص دونهما فکل منهما مشرک و ممتاز فللکل جهتان و لانعني بالترکيب غيره و القول بجواز الترکيب العقلي فاسد لان الذي في العقل ان کان مطابقا لما في الواقع الخارجي فهو حق و صدق و الا فهو کذب باطل فالترکيب العقلي ان کان من قبيل الاول فهو ترکيب خارجي و الفعل کاشف عنه و ان کان الثاني فلا ترکيب و ماتصوره العقل فهو کذب و افک و هو قوله تعالي و تخلقون افکا ثم ان الذي اتفقت عليه اقوال الشيعة هو بطلان الترکيب باي وجه کان عقليا کان او خارجيا و ما نقل عن الاردبيلي ان صح خلافه لايقادم الاجماع و لايقدح فيه لانه منفرد في ذلک فدل العقل و النقل علي بطلانه و لسنا الآن بصدد بيانه و الاشارة کافية و علي الثالث فيلزم التکثر في الذات الاقدس تعالي لان المفروض ان تلک القابليات اشياء متعددة لم‌يتعلق بها جعل الجاعل و بها تعددت الموجودات و الا فما من الله واحد لا تکثر فيه فوجب في القابليات التکثر و التعدد فاذا فرضت انها عين الذات کانت الذات ذا جهات کثيرة و شؤون عديدة ذاتية و هذا لايقول به مسلم فضلا عن المؤمن و قد اثبتنا التوحيد الحق الصرف الغير المشوب بشئ من الکثرات و ظهورات التوحيد و مقامات

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 19 *»

تلک الظهورات و مراتبها في الرسالة البهبهانية بما لامزيد عليه و فيها ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر علي قلب بشر من غير المؤمنين الممتحنين قال ابن الاعرابي مميت الدين:

فلولاه و لولانا

لما کان الذي کانا

و انا عينه فاعلم

اذا ما قيل انسانا

فلاتحجب بانسان

فقد اعطاک برهانا

و کن حقا و کن خلقا

تکن بالله رحمانا

و غذ خلقه منه

تکن روحا و ريحانا

فاعطيناه مايبدو

به فينا و اعطانا

و کنا فيه اعيانا

و ازمانا و اکوانا

و ليس بدايم فينا

و لکن کان احيانا

فصار الامر مقسوما

باياه و ايانا

و لو اردنا ان‌نشرح شناعة هذا القول لطال بنا الکلام و لسنا بصدده.

و قولهم عند التفصع عما يلزمهم من الکفر و الزندقة ان تلک الاعيان ليست موجودة و لا معدومة لا حادثة و لا قديمة سفسطة محضة لاتدرکه العقول و لاشيء من المشاعر اذ قد ثبت بالادلة العقلية ان بين الادراک و المدرک لابد من مناسبة ذاتية حتي يصح بها الادراک و لذا تري اذا اغمضت عينک لاتبصر شيئا مع ان العقل الذي هو المدرک موجود و لکن المناسبة لما کانت منتفية انتفي الادراک فاذا صحت المناسبة فالوجود لايدرک المعدوم لعدم المناسبة ضرورة ان المدارک منحصرة في الفؤاد و العقل و النفس بآلاتها و الحواس الظاهرية و الفؤاد لايدرک الا الحقايق و الذوات و العقل لايدرک الا الامور المعنوية کالکليات و النفس لاتدرک الا الصور الشخصية و ساير الجزئيات و الحس لايدرک الا الاجسام و الجسمانيات و المشاعر منحصرة لما ذکرنا و مايرجع اليه فاين لک المشعر الذي تدرک به الاعدام او شيء ليس بموجود و لا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 20 *»

معدوم و لو انصفت في نفسک و راجعت في وجدانک وجدت انک لايمکنک تصور الوجود و العدم حالة واحدة لان التصور حصول صورة الشئ في الذهن فاذا تصورت الوجود اوجدت صورته في نفسک و عند تصور العدم يجب ان‌تعدم تلک الصورة و تمحيها حتي تدرک العدم الاضافي فهل تجد في نفسک انک تلاحظ تلک الصورة حين حال ملاحظة عدمها لتکون تلک الحالتين حاضرتين في نظرک و التفاتک و لايدعيه الا کاذب و الله سبحانه يقول ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه و انما اتي به لبيان انه لايمکن التوجه الي الشيئين بتوجه واحد و التفاتة واحدة و اصرح من ذلک قول مولانا الصادق7 ليس بين النفي و الاثبات منزلة کما في الکافي و القول بان الشيء ليس بموجود و لا معدوم و ليس بوجود و لا عدم اثبات المنزلة و قال ايضا7 کما عن الباقر7 کل ماميزتموه باوهامکم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلکم مردود اليکم فصرح بانه لايمکن للممکن الموجود ان‌يدرک الا الممکن الموجود کما قال اميرالمؤمنين انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظايرها و قال مولانا الرضا7 علي ما في العلل مامعناه انه لم‌يتصور احد شيئا الا و قد خلقه الله قبل ذلک حتي لايقال لم لم‌يخلق ذلک و قد اوضحنا هذه المسألة في کثير من مباحثاتنا و اجوبتنا و قد ظهر هذا ايضا لکل ذي عقل سليم و ذهن صاف مستقيم ان ماقالوه من ثبات المنزلة بين الوجود و العدم و الشئ و اللاشئ و القدم و الحدوث قول من حيث قالوه و هم لايشعرون و ليس عندهم مشعر يدرک هذا المعني فاذن هو کذب محض و زور صرف مع مايرد في نفس هذه الکلمات من القبايح و الشنايع فثبت و ظهر ان القول بان القابليات قديمة غير مجعولة باطل فاسد و لما کانت المنزلة بين الحدوث و القدم ممتنعة فبنفي القدم يثبت الحدوث فاضطررنا الي القول بان القابليات حادثة کما ان بنفي رجوع الاختلافات الي الله سبحانه کما ذکرنا بالبرهان ثبت رجوعها الي القابليات و لما ثبت ان القابليات حادثة فلايکون مستقلة بذاتها في الاقتضاءات و الميولات التي بها نشأت الاختلافات و الا لم‌تکن حادثة و لا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 21 *»

مستندة الي الغير و هي اي القابليات لم‌تکن قبل الخلق و الايجاد لما ذکرنا و لا بعد تمام الصنع لان الصنع لايتم الا بها فوجب ان‌يکون مع الصنع حين الصنع و الايجاد فاضطررنا الي القول بان تلک القابليات تقتضي اختلاف الميولات و الشؤونات بالله سبحانه او ان الله يجعل الاختلاف في الوجود بالقابليات التي قد وجدت بالله سبحانه و ذلک هو سر الامر بين الامرين و فيه الحق و هو اوسع مما بين السماء و الارض فقد تم الامر الاول الذي التزمنا بيانه و اثباته في اول الکلام اي اثبات الامر بين الامرين بالحجة الواضحة و الدلايل الظاهرة فلايطيق المتصف  بعقله انکاره و الموسوم بصحة المعرفة جحوده(در حديث چنين عبارتي است ولي بجاي متصف منصف مي‌باشد).

و بقي الامر الثاني الذي هو بيان کيفية الامر بين الامرين و سر الحقيقة في البين و الکشف عن معني القابلية و کيفية القبول منشأ تحقق الاختلافات سر السلستين الطولية و العرضية و هذا هو الذي کتمه اهل المعرفة تبعا لائمتهم: حتي تواصوا علي کتمانه و تحالفوا علي عدم اظهاره و ابرازه الا بالتلويح و الاشارة لان الناس ماانفتح لهم باب المراد و ليس لهم ايضا الصبر و السکون حتي يسکتوا عما لم‌يعرفوا و يردوا علمه الي الله و رسوله و اولي العلم الذين يستنبطونه من العلماء الراسخين من المؤمنين الممتحنين بل يسارعون الي الانکار و يأبون عن الاقرار کما قال الله تعالي بل کذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله، و اذ لم‌يهتدوا به فسيقولون هذا افک قديم فحيث کان الامر کذلک فالسکوت لازم لقوله7 لاتتکلم بما تسارع العقول الي انکاره و ان عندک اعتذاره و ليس کل ماتسمعه نکرا توسعه عذرا الا اني ابين لک اقصي مايقال في هذا المقام و نهاية ما تجري به الاقلام فان عرفته کن لله من الشاکرين و الا فعليک بملاحظة الامر الاول و السکون لديه علي اليقين و ان لم‌تعرف حقيقة الامر و ليس ذلک لقصور البيان و انما هو لعلو المقام.

اعلم ان القابلية هي الانوجاد للوجود فان الوجود بدون الانوجاد لم‌يتحقق عينا و الانوجاد بدون الوجود لم‌يتحقق عينا و لا کونا فالوجود انما يحصل بقول کن و الانوجاد انما يکون بقوله فيکون فـکن کلمة الموجد بکسر

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 22 *»

الجيم و ضمير الفاعل في کن يرجع الي المکون بفتح الواو و الضمير في فيکون يرجع الي نفس الشئ المتکون الموجود بنفس الخطاب لا قبله و لا بعده و توضيح ذلک ان القابلية هي الحدود الستة التي هي الزمان و المکان و الجهة و الرتبة و الکم و الکيف و هي الايام الستة و قوي الواو و المقبول هو الامر الواحد الذي هو الوجود و هو لصرافته لم‌يوجد في الاکوان الا بهذه الستة اذ من المحال ان‌يوجد الشئ و يشار اليه بالاشارة المميزة عما عداه الا ان‌يکون له جهة خلاف جهة الاخري و له کم يخالف کم الآخر و له هيئة يخالف (تخالف خ‌ب1) الآخر و له استمرار وجودي يخالف استمرار الآخر و له رتبة تخالف رتبة الاخر و قد يتداخلان في بعض الوجوه و يمتازان بالبعض الآخر و لايمکن التساوي في المجموع مع بقاء الاثنينية الا ان کلا منهما لابد فيه من وجود و هذه (وجود هذه خ‌ب1) الستة بالضرورة و خلق هذه الستة لاظهار الوجود الذي هو مظهر قدرته تعالي و ينبوع معرفته و الا لم‌يظهر الخلق و لما کان الخلق علي ماينبغي کما ينبغي لان الخلق علي نهج الاختيار اي بان‌يکون الخلق مختارين احسن و اولي و اشرف من ان‌يکونوا مضطرين و لايصح اجراء فعله تعالي علي غير الاکمل و الاحسن لعموم قدرته تعالي کعلمه و حکمته و الاختيار لايحصل و لايتعدد (لايحصل الا بتعدد خ‌ب1) الجهات و هي تحصل بهذه الستة و انما اختار الستة لان العدد التام المنبئ عن تمام صنعه و احکام امره و لان (لانها خ‌ب1) تکرار الثلاثة التي هي تفصيل الواحد الذي هو مقام الوجود و رتبة الشهود و لذا اختار سبحانه الستة لهذه الحدود المشخصة لانها مدار التمايز و سبب ظهور الاسماء المتقابلة المختلفة.

و لما کان هذه الستة تقبل التجزية و الوجود الواحد باعتبار تلک الحدود و الاقتضاءات حسب اختلاف الجهات و الحيثيات اختلفت احواله و اقتضاءاته الاتري الشئ الواحد بحسب تعاقب الازمان و الايام و اختلاف الجهات و الاماکن و الکيفيات تختلف اقتضاءاته و ميولاته فبلسان تلک القابلية تطلب من الله المدد علي حسب مقامه فالاقتضاء متقوم بتلک الحدود الستة باختلافاتها و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 23 *»

تلک الحدود متقومة بالوجود الامر الواحد الذي اقام الله به کل شئ و الوجود قائم بالله قيام صدور و قائم بتلک الحدود قيام ظهور و تلک الحدود قائمة بالوجود قيام تحقق و الکل قائم بالله قيام صدور و الله من ورائهم محيط فالاختلاف مستند الي تلک الحدود و اقتضاءاتها يجريها الله بها فالله حافظ لمطالبها و ميولاتها بها فلولاها لما‌اختلفت الاشياء و لولا الله لماوجدت و لمااقتضت الاتري انک اذا نظرت الي المرايا العديدة يختلف ظهور وجهک فيها علي حسبها و الوجه واحد و المقابلة واحدة و ليس المرآة هي الزجاجة و انما هي الحدود الستة التي هي الزمان و المکان و الجهة و الرتبة و الکم و الکيف و اختلاف الوجه انما هو بهذه الستة الاتري انک مع قطع النظر عن المرآة تري اختلاف ظهورک و تجليک في الکون باعتبار الجهات و الاوضاع نعم لايظهر الا بالزجاجة و الماء الصافي و ساير الاشياء الصيقلية فاذا تجليت ظهر تجليک في هذه الستة و اختلف بحسبها و تلک الستة بمقارناتها الخاصة و اقتضاءاتها المتعينة لم‌تکن شيئا الا بتجليک و بها يمتازه (يمتاز خ‌ب1) ذلک الظهور و التجلي و يحکم باحکام مخصوصة مختلفة و يسمي باسماء مختلفة و لذا اذا قطعت النظر عن تلک الخصوصيات و الحدود لاتجد (لاتجد الاشياء خ‌ب1) الا شيئا واحدا و هو وجهک خاصة فمقابلتک هي کلمة کن (کن و خ‌ب1) فاعل فعل الامر و الخطاب هو نفس ذلک التجلي و الظهور و الوجه و المخاطب اي فيکون هو ذلک التجلي من حيث وقوعه في حد خاص متحقق باجتماع الستة و هي اعراض و لواحق لتجليک ذاک الامر الواحد قائمة به قيام تحقق و ضمير الفاعل في فيکون راجع الي هذا المجموع کضمير الفاعل في کن و هذا المجموع من حيث هو جهة احتجابک عنه و لذا اذا نظرت الي وجهک من حيث ظهور (ظهوره خ‌ب1) في المرآة الصغيرة العوجاء الحمراء و تلاحظ تلک الحدود و تتبرأ (الحدود تتبرأ خ‌ب1) منها و لاتستندها اليک بل تغفل عن نفسک في (في تلک خ‌ب1) الملاحظة يقينا فاذا قطعت نظرک عن تلک الحدود ماتجد سواک و لاتجد غيرک و هو قوله7 في الدعاء و انت لاتحتجب عن خلقک الا ان‌تحجبهم الآمال دونک

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 24 *»

هـ، الا انک في المقامين حافظا لذلک التجلي من حيث الحدود او في الحدود و ان کنت لاتجلها (لاتحبها خ‌ب1) لانها جهة غير جهتک و ان کانت متقومة بجهتک يا آدم روحک من روحي و طبيعتک خلاف کينونتي فافهم.

و اذا اردت اوضح من ذلک فاعلم ان الله سبحانه لما اوجد الخلق اول مرة فانوجد فحصل من تعلق فعله بالمفعول اربع طبايع النار و الهواء و الماء و التراب و بيانه بالاجمال انه قد حصل من حرکة الفعل الي جهة الايجاد و الصنع و الحرارة (الصنع الحرارة خ‌ب1) لانها لازمة للحرکة و الفعل هي الحرکة الايجادية کما قال اميرالمؤمنين7 الفعل ما انبأ عن حرکة المسمي و لما کان الفعل هو الاسم الذي استقر في ظله فلايخرج منه الي غيره اما انه اسم فلدلالته و انبائه عن الحق سبحانه بل هو الاسم الاعظم و قد قال اميرالمؤمنين7 الاسم ما انبأ عن المسمي اما انه استقر في ظله اي في ذاته و رتبة مکانه و لايخرج منه الي غيره لان الفعل لايصير عين المفعول و حقيقته بل الفعل في مکانه و المفعول اثر ذلک الفعل فمن جهة استقراره في مرتبته و عدم تجاوزه الي مقام غيره حصلت اليبوسة فهو عنصر النار الحار اليابس لونه الحمرة و حصل من ربط الفعل الي المفعول و توجهه الي (اليه خ‌ب1) الحرارة و الرطوبة و ذلک الربط هو احداث الاثر و هو المفعول المطلق و المصدر علي اصطلاح اهل النحو لان المصدر هو الاثر الحاصل من الفعل اما الحرارة فلکون ذلک الاثر وجها للفعل و نسبته منه و لذلک يکون في قوته و يقع تاکيدا منه کقولک قمت قياما فانه في قوة قولک قمت قمت فافهم فحرارته من اثر حرارة الفعل فيکون حارا و اما الرطوبة فلميله الي المفعول و ارتباطه به و ذلک مقتضي السيلان و الرطوبة فهو عنصر الهواء الحار الرطب و لونه الصفرة و حصل من ربط المفعول بالفعل بتلک الرابطة الالهية البرودة و الرطوبة اما البرودة فلکون ذلک الربط من جهة المفعول نفسه و هو تقتضي (يقتضي خ‌ب1) السکون المقتضي للبرودة اما (اما السکون خ‌ب1) فلکونه منتهي تعلق الحرکة الايجادية و اما البرودة فظاهرة انها من مقتضي السکون و لايحتاج الي البيان و لما کان

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 25 *»

ذلک الربط من جهة المفعول ظهرت فيه البرودة و اما الرطوبة فلما ذکرنا من الارتباط المقتضي للسيلان و الميل فهو عنصر الماء البارد الرطب و لونه البياض و حصل من نفس المفعول البرودة و اليبوسة اما البرودة فلما ذکرنا اما اليبوسة لانه حافظ لمايرد عليه من اثر الفاعل و ماسک له عن التضييع و الفناء او الخفاء کما هو مقتضي اليبوسة فهو عنصر التراب الحافظ لمايقع عليه من اشعة الکواکب و آثار الافلاک و هو البارد اليابس و لونه السواد.

فاذا تحققت هذه الطبايع في کل حادث وجد بفعل الله و مشيته و اقترنت بعضها ببعض حصلت الاختلافات الغير المتناهية لان بقران کل طبيعة مع الآخر يحدث خلقا غير ما يحدث بقران (بقران تلک خ‌ب1) الطبيعة بعينها مع الاخري و هکذا و ظهور هذه الطبايع في هذه الحدود الستة التي ذکرنا يقتضي الاختلافات الواقعة في تلک (الواقعة و تلک خ‌ب1) القرانات في تلک الحدود هي القابليات المخلوقة بالعرض انظر الآن فيما يحدث في الليل و النهار من الحيوان و النبات و المعادن و ساير الجمادات کل ذلک بقران هذه الطبايع و اختلافاتها في انحاء القرانات و الاوضاع و الاضافات و اطوار التعينات فان الله سبحانه يخلقها بحسب قران تلک الطبايع و لما کان بسط تلک القرانات بالبسط الکبير لاينتهي الي حد و کل قران يقتضي حکما خاصا و لونا خاصا و طعما خاصا و صفة خاصة و تعينا خاصا وجدت کلها دفعة عند الله سبحانه باحوالها المختلفة الغير المتناهية و اما عندنا فظهور تلک الطبايع في الاطوار فتدريجي انظر الي علم الرمل فان اصله من اربع نقاط نقطة النار و نقطة الهواء و نقطة الماء و نقطة التراب فلوحظت نسب هذه الاربعة بعضها في بعض صارت ستة عشر و کل واحد بيت خاص له حکم خاص باعتبار ذاته و بوقوع تلک الاشکال فيه فصار يعلم به کل شيء في العالم من کل جنس و من کل نوع و من کل صنف و من کل شخص و انما نشأت هذه الاحوال کلها بقران تلک الطبايع بعضها مع بعض و لم‌يکن تلک الصور و تلک الهيئات و الاشکال و الاقتضاءات قبل تلک النقاط شيئا ابدا و انما تشبث (نشأت خ‌ب1) بها و لولاها لما کانت اي

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 26 *»

لما تعلقت مشية الله تعالي و فعله اختلاف (باختلاف خ‌ب1) الاشکال و البيوت فالقابلية المقتضية لتلک الاختلافات هي القرانات و هي متعلقة بتلک الذوات و الطبايع و ذلک القران اوجده الله سبحانه لا اولا و بالذات بل ثانيا و بالعرض و هو لسان جعله الله سبحانه و جعله صالحا للسؤال و حفظه بيده فاعطاه مسؤوله بما حفظه له فان طلب الاستقامة بالحرارة المعتدلة اوجده کذلک و ان طلب الاعوجاج بالحرارة المفرطة او البرودة الغالبة اوجده الله کذلک و هذا هو الصراط المستقيم کما قال عز و جل فمن يرد الله ان‌يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان‌يضله يجعل صدره ضيقا حرجا کأنما يصعد في السماء کذلک يجعل الله الرجس علي الذين لايؤمنون و هذا صراط ربک مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذکرون و ارادة الله الهداية باقتضائه (باقتضاء خ‌ب1) الايمان بقابلية المحصولة (بقابليته و المجعولة خ‌ب1) حين وجوده و ارادة الله الضلالة بکفره کذلک و هو قوله تعالي يهديهم ربهم بايمانهم، بل طبع الله عليها بکفرهم لقد کررت و رددت العبارة للتوضيح و التفهيم و مع ذلک فان عرفت فانت انت و هذا الذي ذکرنا هو سبب الاختلاف في السلسلة العرضية و هي عبارة عن الکثرات و الاختلافات التي ليس بينهما ترتب علية و معلولية کزيد و عمرو و امثالهما و السلسلة الطولية هي ترتب العلية و المعلولية و الاثرية و المؤثرية و هذا واضح لمن عرف سياق کلامنا و الاشارة اليها بالاجمال هي ان الفعل و المشية الکلية الالهية لما تعلقت بالايجاد فکان اول ماتعلق به في غاية الشرافة و النورانية لضرورة ان الذي تعلق به الجعل الکلي الاولي الالهي بلاواسطة اشرف و اعلا و اقدم بل هو يحکي مثاله فکان له نور يتشعشع و يتلألأ و لذلک النور ايضا لقربه الي المبدأ الاول نور و جمال و لجماله ايضا جمال و الجمال جمال (و لجمال جماله ايضا جمال خ‌ب1) و هکذا فکل نور في کل رتبة هو امر الله الواحد الساري في جميع شؤونات تلک المرتبة و هو الاختلاف بالقابليات کما ذکرنا لان الطبايع في کل مقام و في کل رتبة موجودة و الحدود الستة ايضا کذلک علي ماذکرنا لک و بينا حرفا بحرف فراجع تفهم ان‌شاء الله

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 27 *»

تعالي قال الشاعر نعم (و نعم خ‌ب1) ما قال:

فان کنت ذافهم تشاهد ماقلنا

و ان لم‌يکن فهم فتاخذه عنا

فما ثم الا ماذکرناه فاعتمد

عليه و کن في الحال فيه کما کنا

قال سلمه الله تعالي: و فيه انا لانعني بالقوابل الا قبول الوجود و هو ايضا لازم للوجود قائم به قيام تحقق اذ الوجود بدون القبول الذي هو الماهية يلزم الانفکاک المستلزم لفناء الشيء لانه لا شيئية للشيء الا بها (بهما خ‌ب1) فالقبول ايضا مخلوق لله تعالي و لو کان ثانيا و بالعرض فان الجعل تعلق اولا و بالذات بالوجود و ثانيا و بالعرض علي الماهية کما قال7 و انما سمي الشيء شيئا لانه من شاء (لانه مشاء خ‌ب1) فلايندفع بذلک سبب اختلافات (الاختلاف خ‌ب1).

اقول اذا تأملت فيما ذکرت لک مشروحا مفصلا في معني القابلية علمت ان ماذکره اطال الله بقاه و جعلني فداه هو علة الاختلاف و سببه و لا مناص عنه لان القابلية و ان کانت مخلوقة لکنها بالعرض و لا لذاته و قولنا بالعرض شاهد صريح علي ان ايجادها ليس بمحض (لمحض خ‌ب1) الارادة الاولية و الا کانت مقصودة بذاتها و انما کان لاقتضاء الغير فالوجود الواحد الغير المتعدد خلقه الله سبحانه لطفا و کرما و هيئة و جعلها صالحا للظهور في الاکوان و للبقاء في مقام الوحدة و الجلوس علي سرير المحبة فکان له الوجهان و لما کان کون الشيء جامعا مملکا حاويا للمقامات و شاهدا للاسماء و الصفات و ظهورات التوحيد بانحاء التجليات اکمل و احسن من ان‌يکون ساذجا ذا مرتبة واحدة و ان کانت اعلي المراتب لان في الصورة الجامعية له تلک مع الکمالات الاخر و لذا رجح الوجود الظهور و سأل الله سبحانه و طلب منه ان‌يظهره في الاکون (الاکوان خ‌ب1) فاجاب الله دعوته و اکمل عليه عطيته لانه يجيب المضطر اذا دعاه و يکشف السوء عمن ناجاه فخلق له و له الحمد و المنة اسباب الظهور و تلک هي القابليات و هي الحدود الستة و الطبايع الاربعة فيهما (فبهما خ‌ب1) تدور

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 28 *»

الاطوار و الاکوار و عليهما جرت ساعات الليل و النهار و تلک الحدود هي السن الطلبات و هذا معني قولنا مخلوقة بالغير و مجعولة ثانيا و بالعرض فذلک الوجود باعتبار تلک الحدود و لواحق تلک القيود يقتضي حکما خاصا من المعبود فهو سبحانه يحفظه و يحفظ ما له و عليه و يجريه حسب مايريد علي وفق المشية الحتمية و ان کان علي خلاف المشية العزمية فامر الله سبحانه و قدره يري (يسري خ‌ب1) في الوجود (في الوجود و الوجود خ‌ب1) بتلک القابليات و الحدود و الصور يسأل من الله سبحانه الفيض المختلف لانه في ذاته خلقه سبحانه صالحا للقبول اي قبول کل شيء و کل صورة و تلک الحدود مرجحات لاستنطاق ما کان مستجنا في ذاته و المرجح ليس بموجب و لا جابر و جعله صالحا لاکماله و لاخراجه عن مقام الجبر الاتري المعصومين: فيهم صلاحية المعصية و الا لما کان لهم في ذلک فخر فالقابلية خلقت للوجود و الاختلاف ينشأ (نشأ خ‌ب1) من الوجود بالقابليات و هي العمل و ذلک الامر الساري في الوجود المحفوظ في مراتب الحدود هو القدر المفعولي فلولا ذلک الامر لانعدمت الحدود و الصور لانها اعراض ذلک و لولا تلک الحدود لما اختلفت الاشياء و الله من ورائهم محيط و هو قول مولانا علي بن الحسين7 ان القدر في العمل کالروح في الجسد فلولا الروح لم‌يوجد الجسد و لولا الجسد لم‌يظهر الروح و لو لم‌يکن القدر لم‌يوجد العمل و لولا العمل لم‌يظهر القدر نقلت بعض معني الحديث اذ لم‌احفظ کله فاذا فهمت ماذکرنا و اتقنت مابينا علمت ان ماذکره الاستاد روحي له الفداء واف بالمراد و يدفع به کل الايراد و لکن:

فمن حضر السماع بغير قلب

و لم‌يطرب فلايلم المغني

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 29 *»

قال ايده الله تعالي: لانه ان‌کان المراد ان مشية الله الامکانية کانت مقتضية لان يصدر عنه هذه الامکانات علي اختلاف الرتبة و المرتبة فلو لم‌يخلقه في الکون لبخل و فيه ان ذلک ليشم (يستشم خ‌ب1) منه رايحة الجبرية فان قلت الظلم وضع الشيء في غير ما وضع له فهاهنا ليس کذلک لانه وضع الشيء في عين ما وضع له بحسب اقتضاء الرتبة و المرتبة قلت نعم و لکن اعطاء تلک الرتبة و المرتبة لذلک في تلک ظلم.

اقول اعلم ان ذات الله سبحانه لا اقتضاء فيها بوجه لاستلزامه التکثر و التعدد و التغير و الانتقال من حال الي حال و الاقتضاء انما هو في الفعل و المشية و لما کانت مشيته تعالي تجري علي احسن الوجوه و اکمل النظام و ان کان نسبة الکل اليها علي حد سواء و قدرته تعالي بها علي الاحسن و غيره واحدة غير مختلفة فلما علمنا وفقا لکل العقلاء ان الوحدة اشرف من الکثرة و الاتحاد و الاتفاق و الايتلاف احسن من التعدد و الاختلاف و ادل لقهاريته تعالي و توحيده فوجب ان‌يجري الله سبحانه مشيته علي نهج (النهج خ‌ب1) الاحسن و الطريق الاقوم الذي هو ايجاد الواحد الغير المختلف و لا التعدد (المتعدد خ‌ب1) و ذلک حجاب الاحدية و مقام اللاهوت ثم لما کان الاختيار هو الاحسن في النظام من الجبر و الاضطرار جعل فيه صلاحية الظهور في الکثرات ثم اقتضي ذلک الامر الواحد بما فيه من الصلوح المحض الکثرات فاوجده الله سبحانه کما اقتضي و کان اول اقتضاء الکثرات الذکرية العلمية فوجدت بمشية الله الامکانية فالمراد بالمشية الامکانية حيث مانقول الوجه الاسفل من المشية المتعلقة بايجاد ذکر الکثرات بنفس قابلياتها الامکانية فتلک الکثرات الموجودة هناک و ان کان علي وجه البساطة و الوحدة انما کانت مجعولة بالمشية ثانيا و بالعرض لا اولا و بالذات فان المقصود لذاته في الايجاد يجب ان‌يکون اشرف مايمکن و ليس ذلک الا الوحدة و الکثرة خلاف الاصل فلايصار اليه الا بدليل قاطع فحيث اقتضي لوجود مانع اقوي و هو الظلم و الجبر لاحکم الله سبحانه بالاختلاف و الکثرة ثانيا و بالعرض ليقتضي (ليقضي خ‌ب1) الله امرا کان مفعولا ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة و مع هذا ليس (ليس شيء في الامکان شيء ابسط و اشد وحدة من المشية الامکانية و ليس خ‌ب1) الآن موقع بيان هذه الدقيقة و الحاصل ان المشية الامکانية بما ذکرنا من ظهور القابلية الامکانية و ان

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 30 *»

کان علي جهة الوحدة و البساطة اقتضت الکثرات الامکانية و هي ذکر الاشياء في المشية و الاعيان الثابتة الخلقية لا القديمة ثم اوجد الوجود مادة المواد و هيولي الهيولات و اصل الاصل (الاصول خ‌ب1) و ذات الذوات و عنصر العناصر و اسقطس الاسطقسات و جوهر الجواهر (الهباء خ‌ب1) و نور الانوار و امر الجبار الي غير ذلک من الاسماء بالمشية الکونية فطلب (و طلب خ‌ب1) الظهور الکوني و العيني فجعل سبحانه لظهوره تلک الحدود فاقتضي بها الاختلاف فقد يرجع الي الايتلاف و قد لايرجع کذلک صنع ربنا العزيز الغفار ثم ليس کل ما في المشية الامکانية وجد في الاکوان بل في الامکان اشياء لايظهر في الاکوان و الاعيان ابدا کشقاوة الانبياء و سعادة الاشقياء و امثالها فقد ظهر لک ان سبب الاختلاف ليس اقتضاء المشية الامکانية بل المقتضي هو القابلية في الامکان و الاکوان بغير تفاوت و القابلية هي الحدود و هي مساوقة في الوجود مع الامر الخلقي و هو کن و دلالة کن في الحد الخاص هي يکون فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون و لکن المسألة غامضة و ماذکرت لک اقصي مايمکن العبارة عنها.

قال سلمه الله: و ان کان المراد ان نظام العالم کان مقتضيا للايجاد علي جهة الاختلاف فالاختلاف منوط به فهو جبر محض.

اقول هذا الکلام يحتمل وجهين احدهما صحيح و الآخر فاسد اما الاول فبان يقال ان فعل الله سبحانه يجري علي احسن النظام و احسن النظام في العالم ان لايخلقوا علي جهة الجبر و الاضطرار و الاختيار ليستلزم (يستلزم خ‌ب1) تعدد الجهات و هي لتستلزم (تستلزم خ‌ب1) الاختلاف باختلاف الميولات و الاقتضاءات علي ما ذکرنا سابقا مفصلا فان اريد هذا المعني فهو صحيح لاشک فيه و يشهد عليه قوله نظام العالم کان مقتضيا فان (فان هذا خ‌ب1) الاقتضاء يرجع الي نظام العالم لا الي ارادة الله سبحانه فکان الاختلاف من اقتضاء الغير و ان کان بالله فلو کان محض ارادة الله لقيل ان الله سبحانه جعل

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 31 *»

العالم مقتضيا فحينئذ يستلزم الجبر و الظلم و اما اذا قيل بان الله وجد (اوجد خ‌ب1) الاختلاف باقتضاء نظام العالم حسب القابلية (القابليات خ‌ب1) کما فصلت (فصلنا خ‌ب1) سابقا فهو الحق الذي لاشک فيه و لاريب يعتريه و اما الثاني فبان يقال ان العالم کالبيت کما ان البيت يحتاج الي اوضاع مختلفة لايستقيم بدونها کذلک العالم يحتاج الي عال و سافل و شريف و وضيع و طيب و خبيث فخلق الله الخلق علي ذلک الاقتضاء و هذا القول فاسد باطل کما ذکرت سابقا مشروحا فراجع و ما قال سلمه الله فهو جبر محض صحيح في هذا الشق الثاني و في الشق الاول اختيار محض.

قال‌ سلمه الله: سؤال ـ المعروف من کلمات شيخنا ادام الله ظلاله (اطال الله بقاه خ‌ب1) ان الاختلاف انما کان في الصورة يعني في الذر الثاني فان الذر الاول اعني عالم العقول المتکون من ماء الوجود و ارض الجرز المشروط بالاکوان هيولي الاولي للانسان و فيها معاني الاشياء متمايزة بحسب المعني و هو المقام الذي اشار اليه سبحانه کان الناس امة واحدة و الذر الثاني ايضا مسبوق و مشروط و متوقف علي ما يتوقف علي (عليه خ‌ب1) الذر الاول من الماء و ارض القابلية و الاکوان الا ان هذا جميعا من فاضل مايتوقف عليه الذر الاول و هذا هو الخلق الثاني المشار اليه في الحديث السعيد من سعد في بطن امه و الام عبارة عن صورة الاجابة التي خلقت الاشياء و منها ظهرت و عنها برزت ما هو الکامن فيها في الخلق الاول و مثال (منازل خ‌ب1) الاول المداد المرکب من صمغ و سواد و زاج و عفص و ملح و صبر و نبات و آس فکلما (فکما خ‌ب1) ان المداد من حيث هو صالح للاسم الشريف و الوضيع و انما يتميز منها بالصورة الثانية اي الکتابة بهيئتها و هي الماهية الثانية فسألهم لعلمه بهم حين سألوه ان‌يسألهم الست بربکم.

اقول اعلم انا لانتصدي لشرح عبارات شيخنا و استادنا اطال الله بقاه المنقولة و لو اردنا ان‌نتصدي لذلک لطال بنا الکلام لما في کل کلمة و عبارة من

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 32 *»

الحکم و الاسرار و العلوم و الانوار مما لايکاد تحتمله القلوب و الافکار و تستطيع لمشاهدة نورها الاعين و الابصار بل نقتصر علي بيان موضوع (موضع خ‌ب1) السؤال و نتجنب من تطويل المقال لما في قلبي من دواعي الملال و ما انا عليه من اختلال الاحوال و اعلم انا قد ذکرنا لک ان الواحد البسيط الشامل الکامل الذي لا ثاني له اشرف و احسن من الکثرات و الاختلافات و من الواحد الذي له ثاني و قد ذکرنا ايضا ان فعل الله سبحانه يجري علي اکمل الوجوه و احسن النظام فکان اول متعلق فعله واحدا بسيطا اضافيا لا ثاني معه ثم لما ابطلنا الجبر و جهة الوحدة يستلزمه (تستلزمه خ‌ب1) جعل الله سبحانه فيه صلاحية المتعلق (التعلق خ‌ب1) بالکثرات و الظهور باطوار التعينات و هذا اول الترکيب من جزء من اليبوسة و اربعة اجزاء من الرطوبة لشدة العموم و الشمول و کثرته و خفة الخصوص و الجمود و قلته و ذلک هو معني اللابشرط و المعني الاطلاقي عند اهل الاصول و الکلي الطبيعي عند اهل المنطق و الاحد الساري و الواحد الساري في الاعداد عند اهل العدد (الاعداد خ‌ب1) و الالف اللينية الظاهرة بالالف المتحرکة القائمة السارية في کل الحروف عند اهل الحروف و المثلث الغير المتفق (المضيق خ‌ب1) بالبيوت عند اهل الاوفاق و المصدر المشتق عن (عنه خ‌ب1) الاسم الفاعل و الاسم المفعول و ساير المشتقات او مع الافعال کلها علي الخلاف عند اهل الصرف و هو اللفظ (اللفظ الساري خ‌ب1) في الکلمة السارية في الاسم و الفعل و الحرف بمتعلقاتها و احوالها و اوضاعها عند اهل النحو هو (و هو خ‌ب1) النقطة الواحدة الظاهرة في النقاط الاربعة الظاهرة في الاشکال و البيوت الستة عشرة (الستة عشر خ‌ب1) عند اهل الرمل و هو الحق المخلوق به و الوجود المطلق اللابشرط عند اهل الاشراق و هو امر الله و نور الله و کلمة الله و آدم الثاني و الاصل القديم و الفرع الکريم و الاب المطلق و الهيولي الاولي و النفس الرحماني بفتح الفاء الثانوي و دلالة الکلمة التي انزجر لها العمق الاکبر و مادة المواد و اسطقس الاسطقسات و الفؤاد و المداد و بحر المزن و الصاد و منشأ تولد القابليات و معني الاسماء و الصفات و مظهر الانوار و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 33 *»

التجليات الواقف علي الطتنجين الملتقي للعالمين اي الحاوي (للعالمين الحاوي خ‌ب1) لاسرار النشأتين و رحمة الله الواسعة و قدرته الشاملة و نعمته الوازعة و صراطه المستقيم و نوره القويم و حکمته البالغة عند اهل المعرفة و هو المسمي بالوجود المقيد اي مبدؤه و منشؤه و اصله.

ثم لما خلقه الله سبحانه اقامه في ظله فخر ساجدا تحت عرش ربه الف سنة ثم رفع راسه و قال اللهم انت اکرم الاکرمين و ارحم الراحمين اجعلني برحمتک و فضلک اشاهد اسماءک و صفاتک و اري انوار قدرتک و بهائک و اتقلب في جلال عظمتک و اتغوص في بحار آلائک فاجاب الله سبحانه دعاءه لانه تعالي لايرد سائليه و لايخيب آمليه فبعثه سبحانه الي بلد الکثرات و ارسله الي مقام تفاصل (تفاصيل خ‌ب1) الآثار و الافعال من الذوات و الصفات لينال بذلک مطلوبه و يصل الي مأموله فنزل من سماء الاطلاق الي ارض التقييد و من علو الوحدة الي ارض الکثرة و هي ارض الجرز و هي عبارة عن المشخصات الستة المذکورة المستدعية للمشية و الارادة و القدر و القضاء و الاذن و الاجل و الکتاب فتحدد بالحدود و تشخص بالقيود فکان ذائبا فانجمد و لکن لما کان هذه الحدود اول التعين و اقرب التعينات و الحدود الي الوحدة البسيطة لم‌يکن تشخصه تشخصا محضا بحيث و لايقبل (بحيث لايقبل خ‌ب1) الشمول و الاحاطة و (و انجماده خ‌ب1) انجمادا بحيث لايقبل (لم‌يقبل خ‌ب1) السيلان بل انجماده اضافي و کتشخصه (اضافي کتشخصه خ‌ب1) و انما هو واحد سار شامل لکنه لا کسريان الاول و جريانه و هذا هو الوجود بشرط لا و هو العام عند اهل الاصول اي العام الاستغراقي بحيث عنده ذکر جميع تلک الکثرات و ملاحظة کل تلک الافراد لکنها ليست ممتازة ظاهرة بعضها عن بعض و انما هو کالمداد المرکب من الصمغ و السواد و العفص و الملح (الزاج خ‌ب1) و الصبر و النبات و غيرها لکنه شيء واحد مذکور فيه جميع الحروف المکتوبة بجميع انحائها لکنها غيرمتميزة باشخاصها و هذا هو العالم بجميع (العام يجمع خ‌ب1) اقسامه عند اهل الاصول و الکلي العقلي عند اهل المنطق و الواحد المبدئ للاعداد

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 34 *»

کلها عند اهل الاعداد و الالف المتحرکة القائمة عند اهل الجفر و التکسير و ساير اهل الحروف و هو الشکل المثلث المتساوية الاضلاع المستخرج عنه الشکل المستدير و المربع عند اهل الهندسة و اهل الاوفاق و هو الفلک الاعظم و محدد الجهات عند الطبيعيين و اهل النجوم و هو الکلمة المنقسمة الي الاسم و الفعل و الحرف عند اهل النحو و هو الفعل الماضي المشتق عنه الافعال کلها عند اهل الصرف علي مذهب البصريين و هو شکل الطريق عند اهل الرمل و هو العقل الاول عند المشائين القائلين بالعقول العشرة و هو العقل الکلي عند اهل الاشراقيين (عند الاشراقيين خ‌ب1) و هو العقل و الروح و القلم و المصباح و النفس الرحماني الثالثي و العرش الاعظم و آدم الثالث و ابو الوجودات المقيدة و روح القدس و الروح من امر الله و الملک الذي له رؤوس بعدد رؤوس الخلايق مما وجد و ماسيوجد الي انقضاء الازمنة و الدهور الغير المتناهية و هو آکل الباکورة في جنان الصاقورة و هو العمود من النور و هو الحجاب الابيض من الدرة البيضاء و غيرها من الاسماء الالهية عند اهل المعرفة من شيعة اميرالمؤمنين7 و هذا هو الذر الاول اذ فيه ذکر الاشياء و وجودها الذکري علي نهج التفصيل لکن لا امتياز بينها و لا صورة (صور خ‌ب1) معينة مشخصة و ان کانت هناک حدود معنوية کلية.

ثم لما جعله الله سبحانه في هذا العالم اي عالم العقول و عالم الجبروت بقي قائما بين يدي الجبار و قائلا سبوح قدوس ربنا و رب الملائکة و الروح الف سنة ثم استدعي الظهور باستدعاء القابليات و الکينونات المستجنة فيه الغير الظاهرة کصور الحروف المکتوبة (المکنونة خ‌ب1) في المداد و هنا مقام کان الناس امة واحدة اذ لا اختلاف هناک و لا تعدد في الظاهرة (الظاهر خ‌ب1) و انما هو شيء واحد صالح للتعين بکل تعين و التصور بکل صورة ثم قال يارب ارني عظمتک و قدرتک التي استطلت بها علي کل شيء فاجاب الله سبحانه دعاءه و اخرج تلک الاعيان و تلک النسمات في عالم التشخص و الظهور الخارجي فخرجت تلک الذوات متمايزة باقتران القوابل و الماهيات متکثرة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 35 *»

مختلفة و ذرات متمايزة کل واحد منها يصلح لکل شيء ثم اقتضت الفيوضات و الامدادات و الرزق و الاجل و البقاء و الفناء و الدوام لبقاء کينونتها و اثبات انيتها و حقيقتها و لما کان الجبر محالا علي الله و تلک الاعيان بقوابلها ماتقتضي الاجبار فلو کان الله يعطي الکل علي حد سواء لماقبلوا لو خليوا و طباعهم بما فيهم من تلک الحدود و الاقتضاءات المختلفة المتفاوتة حسب دواعي الانيات و الکينونات علي ما ذکرت سابقا و اجبارهم خلاف المشية الحتمية و لو انه تعالي يمدهم و يعطيهم علي التفاوت من غير سبب خارجي لکان ذلک موجبا لعدم ابلاغ الحجة فکلفهم الله سبحانه في العالم الثاني اي الذر الثاني ذر النفوس فسألهم سبحانه تعالي لما سألوه تعالي المدد و الفيض علي جهة الاختيار لا الجبر و الاضطرار و کان ذلک لايمکن الا ان‌يکلفهم و سألهم (يسألهم خ‌ب1) مايريدون و ما لايريدون فسألوه تعالي ان‌يسألوهم (يسألهم خ‌ب1) و هذا معني عبارة مولانا اطال الله بقاه فسألهم لما سألوه ان‌يسألهم الست بربکم الخ، و هذا المجمع المحشر (و المحشر خ‌ب1) الذي اجتمعت فيه ارواح الخلايق و امتاز بعضها عن الآخر بالصورة الخاصة به علي حسب الاجابة و الانکار هو عالم النفوس فمن اجاب و اقر مخلصا خلقه الله تعالي من صورة الاجابة و هو (هو الصورة خ‌ب1) الانسانية و ساير هياکل التوحيد و من لم‌يقر و انکر خلقه الله من الصورة الخبيثة الحيوانية السبعية و ساير هياکل الشرک و من لم‌يقر و لم‌يجحد لم‌يخلقه و ابقاه علي ابهامه حتي يقر او ينکر فالشقي شقي في بطن الام و هو الصورة الشيطانية و السعيد سعيد في بطن الام اي في الصورة الانسانية و قبل الاجابة و السؤال کان کل واحد منهم صالحا للآخر مثاله الخشبة فانها في نفسها صالحة للسرير و الصنم فاذا صنعته سريرا او ضريحا للقبور المقدسة المنورة کانت بتلک الصورة سعيدة بحيث يقبلها الانبياء و المرسلون و الملائکة المقربون و ان صنعته صنما کان بتلک الصورة خبيثة لم‌يقربه المؤمنون و الملائکة و هو محل ورود الشياطين و الملاحدة و يجب کسرها فصارت السعادة و الشقاوة في صورة الاقرار و الانکار.

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 36 *»

و اما اطلاق الام علي الصورة فمن جهة العقل و النقل و الاشارة اليها توجب التطويل و اما الاشارة الي النقل فمن قول مولانا الصادق7 ان الله خلق المؤمنين من نور (نوره خ‌ب1) و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة  الحديث، فکان الخلق ممتازين مصورين في ذلک العالم و جعل الله سبحانه و قدر لهم بحسب اجابتهم و انکارهم الرزق و الاجل و العزة و الفقر و الغنا و ساير الاحوال الجارية عليهم في هذه الدنيا و غيرها من البرزخ و العقبي فبقوا في ذلک العالم ماشاءالله حتي اماتهم الله بلطيف حکمته و اذهب امتيازهم و تشخصهم و رجعهم الي الطين طين الطبيعة ثم احياهم في هذه الدنيا ثم يميتهم ثم يحييهم و هو قوله تعالي و کيف تکفرون بالله و کنتم امواتا فاحياکم ثم يميتکم ثم يحييکم ثم اليه ترجعون و کون الاشخاص باختلافاتها في عالم النفوس مثل کونهم في هذه الدنيا حرفا بحرف الا ان ذلک الطف و اشرف و انور و لذا قال7 في الروح انه جسم لطيف البس قالبا کثيفا فافهم فقد اسمعتک تغريد الورقاء بفنون الالحان علي اغصان سدرة المنتهي و شجرة الطوبي (طوبي خ‌ب1).

قال سلمه الله تعالي: فيلزم من ذلک اولا کونه منافيا لکلامه السابق في الجملة و ثانيا ان‌يکون عالم العقول مخلوقا اولا قبل عالم النفوس فيلزم التعطيل مع انه خلاف المعروف من الاخبار الواردة عن الائمة الاطهار:.

اقول اما منافاة هذا الکلام لکلامه السابق فحاشاه ان‌يکون کذلک و لا منافاة بين کلماته بوجه من الوجوه و لوکان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا کثيرا و ماذکره اطال الله بقاه و جعلني في کل محذور فداه کله من عند الله سبحانه لانه المحسن و الله مع المحسنين لانه المجاهد في الله فالله هداه سبل علومه و اسراره بل کلماته في کمال التوافق نعم لما کان غواصا في بحر الصاد و آخذا من ذلک المداد و هو يصلح لکل شيء فجري (فيجري خ‌ب1) کلامه امده الله تعالي علي انحاء شتي تبعا لائمته: (: کما ان لهم:

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 37 *»

خ‌ب1) بابا ترد (يرد خ‌ب1) الاختلافات الواردة في کلمات العترة الطاهرة: الي امر واحد و حکم غير مختلف و هو القرية الظاهرة للسير الي القري المبارکة: کذلک لخواص شيعتهم يجب ان‌يکون بابا يعرف مصدر کلامهم و مورده و يجعل کل شيء في محل (محله خ‌ب1) فان وجدت ذلک الباب فعليک بملازمته ليعرفک الخطاء من الصواب و يدلک الي الطريق الاقصد الارشد و الا فاياک و الخوض في هذه الکلمات الغامضة و الاشارات الفائقة لا فدع (الفائقة فدع خ‌ب1) عنک بحرا ضل فيه السوابح و لولا ما انا عليه من الکسل و الملل و ضعف البنية و توافر (توفر خ‌ب1) الاشغال لبينت لک من اسرار کلماته و تلويحات اشاراته ماتتحير فيها العقول و علمت صدقي في دعواي و ساوضح ذلک ان‌شاء الله في رسالة منفردة ان مدني الاجل.

و مما ذکرنا و فصلنا ظهر لک وجه عدم المنافاة فلانعيد،

و هب اني اقول الصبح ليل

ايعمي الناظرون عن الضياء

و اما قوله و ثانيا ان‌يکون عالم العقول مخلوقا قبل عالم النفوس فيلزم التعطيل مع انه خلاف المعروف من الاخبار فاعلم انه لاشک و لا ريب ان عالم العقول مخلوق قبل عالم النفوس و الاخبار الدالة عليه کثيرة بعد دلالة العقول الصحيحة المستنيرة (المنيرة خ‌ب1) کما ذکرنا مجملا منها سابقا و منها قوله7 ان الله خلق العقل و هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر فقوله7 اول خلق صريح في ان ماسواه بعده في الوجود و قوله7 اول ما خلق الله عقلي و نوري و امثالها من الاحاديث کثيرة اما التعطيل فيلزم لانه انما يلزم اذا کانت القبلية و البعدية زمانية و اما اذا کانت ذاتية کقبلية السراج و تقدمه علي الاشعة فلايلزم التعطيل و انما ذلک محض الافاضة علي انحاء مختلفة و اطوار متعددة اظهارا لکمال قدرته تعالي و ابانة عن ظهور جلال عظمته و المراد بالقبلية الذاتية ان لايکون البعد في رتبة ذات القبل بل کان في مقام قشره و قشر قشره و قشر قشر قشره و هکذا او في (في مقام خ‌ب1) صنعه و اثره و ظهور صفته و مثاله فالنفس

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 38 *»

للعقل بمنزلة الاول فهما دفعة في الزمان و احدهما مقدم علي الآخر في الدهر و هو اوسع من الزمان بل الزمان و الزمانيات کلها بالنسبة الي الدهر کالنقطة في وسط الدايرة (الدايرة و خ‌ب1) کالدرهم بين يديک فالتقدم الدهري لاينافي المساوقة الزمانية کما ان الوحدة النوعية لاتنافي و لاتضاد الکثرة الشخصية فنقول حينئذ ان الله تعالي خلق العقول قبل النفوس بمأتي الف عام کما ورد ان الله خلق نور محمد9 قبل نور علي7 بثمانين الف سنة و انه قد دلت الاخبار المتظافرة بل المتواترة بين الفريقين انه9 قال انا و علي کنا نورا واحدا ننتقل من الاصلاب الي الارحام حتي انتقلنا (انقلنا خ‌ب1) الي صلب عبدالمطلب فافترقنا و قيل للنصف (لنصف خ‌ب1) کن محمدا9 و للنصف الآخر کن عليا7 و الجمع بين الامرين حديث و انا (حديث انا خ‌ب1) الشجرة و علي اصلها و فاطمة فرعها الحديث، فان الشيء من حيث الاجمال و الوحدة مقدم عليه في مقام التفصيل و الکثرة في ذاته و ان کانا معا في ظهوراته و کما ورد ان الله سبحانه خلق آل‌محمد: قبل خلق الخلق بالف دهر و کل (کل دهر خ‌ب1) مائة الف عام او باربعة عشر الف دهر و هکذا من المقادير مع انه قد وردت الاخبار الکثيرة ان الانبياء من شعاع (الانبياء شعاع خ‌ب1) انوارهم خلقوا کشعاع الشمس بالنسبة اليها و قالوا: و ان انما (: انما خ‌ب1) سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع انوارنا و الانبياء: کلهم من شيعتهم: و ان من شيعته لابراهيم و الضمير يرجع الي اميرالمؤمنين7 فان کان قوله سلمه الله مع انه خلاف المعروف من الاخبار الخ، مراده ان التعطيل خلاف المعروف من الاخبار فصحيح عندنا و ان کان بعض العلماء جوزوا تعطيل (تعطيل الفيض مستندا خ‌ب1) ببعض الاخبار کقوله7 کان الله و لم‌يکن معه شيء و امثاله و هو قول فاسد لايعبأ به بل المعروف من الاخبار ان الانقطاع (ان لا انقطاع خ‌ب1) لفيضه تعالي و يدل عليه العقل المستنير و لايحتاج ذلک الي البيان لکمال الوضوح و الظهور و ان

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 39 *»

کان المراد (المراد ان خ‌ب1) تقدم عالم العقول علي عالم النفوس خلاف المعروف من الاخبار فهو باطل لما ذکرنا لک و الاخبار في هذا المضمار کثيرة و الاشارة کافية لاهل الفهم و الدراية.

قال سلمه الله: و ايضا ما المراد بعالم العقول التي کانت (کانت فيها خ‌ب1) معاني الاشياء متمايزة بحسب المعني و ما مکانه.

اقول هذا العالم قد شرحت لک (لک اصل خ‌ب1) تکوينه و مکانه و محله (محله في خ‌ب1) الخلق الاول و الذر الاول و معني ذکر معاني الاشياء فيه و عدم تمايز بعضها عن بعض و ازيدک بيانا اعلم ان العقل نور الهي بدا (برا خ‌ب1) من الاختراع الاول جوهر مجرد عن المادة الملکوتية و الجسمانية و الشبحية البرزخية و عن المدة المقدارية المثالية و المدة الزمانية اول نور مشرق من صبح الازل و آدم الثالث و اول ولد تولد من آدم الثاني الذي هو الوجود المقيد اعني الماء النازل من سحاب المشية الذي به کل شيء حي و من حوائه ارض الجرز ارض القابلية اي الماهية الاولي خلقه الله سبحانه من اربعة اجزاء من رطوبة ماء بحر الصاد اول المداد و جزء واحد من يبوسة ارض القابلية الارض الطبية (الطيبة خ‌ب1) ثم مزج بينهما باسمه الحي ثم عقدهما باسمه القابض ثم اخذ من هذا المجموع جزوين (جزأين خ‌ب1) و مزجهما مع جزء واحد من ارض الجرز و الارض المقدسة ثم عرکهما بحرارة اسمه النور مع الرطوبة ثم عقدهما بذلک الاسم مع قوة اليبوسة ثم قام قائما مسبحا بحمد ربه و ذلک هو العقل و هو اول غصن اخذ من شجرة الخلد و هو القلم في قوله تعالي ن و القلم و مايسطرون و هو عبد من عباد الله قائم في طاعة الله صورته هيکل التوحيد و صفته الرضا و التسليم و مقامه الرکوع و طبيعته البرودة و اليبوسة في ظاهر ذاته و عمله البرودة و الرطوبة في ظاهر فعله و الحرارة و اليبوسة في اصل ذاته و ادراکه المعاني الکلية و مخزنه کل الوجود بالذکر کالانسان المذکور عنده جميع الافراد و الجزئيات الغير المتميز في رتبة مقامه و دليله الموعظة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 40 *»

الحسنة و سبيله اليقين و طريقه (طريقته خ‌ب1) التقوي و علم الطريقة و صفته الاستقامة و ذکره سبوح قدوس ربنا و رب الملائکة و الروح و معرفته اسماء الله الحسني و صفاته العليا و نفي الاضداد و الانداد و معرفة الصفات الثبوتية و السلبية و شغله العبادة فلايتوجه الا الي المعبود الحق وحده لاشريک له و ثمرته العصمة عن الخطاء فطوبي لمن لاحظ حرمته و قوله لا اله الا الله محمد رسول الله9 و حکمه الاحتياط لتحصيل اليقين و مکانه کل الممکن لان العقل اول شيء برز في الوجود لمشية الله سبحانه و مادة امره الکوني و خطابه الشفاهي فلم‌يبق في الامکان الکوني مکان الا و قد وسع نوره و ظهر ظهوره و الاشياء کلها خفت (خفيت خ‌ب1) و اضمحلت عند سطوة جبروته و لذا سمي عالم الجبروت و نسبة کثرة الاشياء الموجودة الظاهرة في عالم النفوس و غيرها اليه بنسبة (نسبة خ‌ب1) الوحدة الشخصية الي الوحدة النوعية الشمولية و وقته الدهر و هو الوقت الثابت المستمر الذي جمع (يجمع خ‌ب1) المختلفات و يفرق المجتمعات الزمانية و لونه البياض في صفته و السواد في ظاهر ذاته و الحمرة في باطن حقيقته مقبل علي الله عز و جل مطيع لامره و نهيه اذ لايجد في مقام ذاته مايصرف (تصرف خ‌ب1) نظره عن الله تعالي اذ عداه (ماعداه خ‌ب1) کله باطل و ذکره لايقاوم تاصل الذات فلايمکن التوجه الا اليه تعالي.

فلما خلقه الله قال له اقبل فاقبل فاظهر الله باقباله الذي هو عين ادباره عنه خلايق (حقايق خ‌ب1) الاکوان و مستجنات عيوب الاکوان (غيوب الامکان خ‌ب1) ففي کل مرتبة نازلة اقبل اليها اظهر قشره و قشر قشره و هکذا فکان اول اقباله و نزوله الي عالم الارواح اي عالم الرقايق ثم الي عالم النفوس ثم الي عالم الطبايع ثم الي عالم المواد الجسمانية ثم الي عالم المثال (المثال ثم الي عالم خ‌ب1) الاجسام ثم الي (الي عالم خ‌ب1) العرش ثم الي (الي عالم خ‌ب1) الکرسي ثم الي فلک المنازل ثم الي فلک البروج ثم الي الشمس ثم الي فلک الزحل و القمر منها (فلک البروج ثم الي فلک الشمس ثم منها الي زحل و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 41 *»

القمر ثم منها خ‌ب1) الي المشتري و عطارد ثم منها الي المريخ و الزهرة ثم منها الي کرة النار بمراتبها ثم الي کرة الهواء کذلک ثم (ثم الي خ‌ب1) کرة الماء ثم الي کرة التراب الي هنا نهاية الادبار فامره الله سبحانه بالاقبال فاقبل اليه تعالي و تراکمت للطبايع بعضها مع بعض فاول ما صور (صعد خ‌ب1) الي المعدن ثم الي النبات ثم الي الحيوان ثم الي الجن ثم الي الملائکة ثم الي الانسان ثم الي الجامع7 الي ان وصل الي مرکزه و دار مستديرا علي وجه مبدئه فيمد (فيمد الله خ‌ب1) سبحانه به العالم و عليه جري نظام بني آدم من الف الف آدم في الف الف آدم علي ماروي عن الباقر7 رواه الصدوق في الخصال و عالم العقول عالم الوجود (الوحده خ‌ب1) و البساطة الاضافية فالعقل الکلي هو الاصل و هو عقل نبينا صلي الله عليه و آله و اولاده الطاهرين و عقول ساير الخلق من الانبياء و المرسلين منبعثة منه انبعاث النور من المنير و الاشعة من الشمس و الکلام من المتکلم فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم.

قال سلمه الله: اذ کل شيء لايجاوز وقته و لايوجد الا فيه و لا ذکر له قبل ذلک و کل ذي وقت فوقته مساوق (مساوي خ‌ب1) لمکانه و کونه لان الوقت و المکان و الکون متساوقة اذ کل واحد شرط للآخر و کذا باقي التعينات و التشخصات فيلزمها التضايق (التضايف خ‌ب1) و اي دليل دل علي ذلک.

اقول قوله سلمه الله و اي دليل دل علي ذلک، يحتمل علي وجهين (يحتمل وجهين خ‌ب1) احدهما ان‌يکون ذلک اشارة الي کون عالم العقول و النفوس و الذر الاول و الثاني و يريد الدليل علي اثبات هذا المدعي کما ذکر شيخنا اطال الله بقاه و هذه الارادة هو الظاهر من عبارته حيث اتي بعد ذلک بالدليل المصدر بقوله اذ کل شيء الخ، و الدليل لايجوز ان‌يکون مجهولا فيکون طلب الدليل لاصل مدعي الشيخ و لاثبات ان العقل (للعقل خ‌ب1) مکانا و طلب انه اين و ثانيهما ان‌يکون اشارة الي هذا المطلب المذکور اي لزوم کون کل شيء ذا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 42 *»

مکان و وقت مساوقان لوجود و ان اتي (لوجوده و اتي خ‌ب1) بهذا الکلام بصورة الدليل لکن هذه العبارة لما کانت بعينها عبارة شيخنا و مولانا حرسه الله تعالي سأل الدليل عليه و نحن نذکر الوجهين ان‌شاءالله.

و اما (اما خ‌ب1) الاول فلما ذکرنا من ان مبدأ الوجود يجب ان‌يکون احسن و اشرف مايتصور و يتعقل لعموم قدرة الله سبحانه و علمه و حکمته و غنائه و عدم افتقاره و لاشک ان اشرف ماندرک و نتعقل هي الوحدة الغير المشوب بشيء من الکثرات و الاضافات و هو الاحد و الطفرة لما بطلت فوجب ان‌يکون اول الخلق و الوجود واحدا بکل الاعتبارات حسب ماندرک اذ کل ماندرک فهو مخلوق مثلنا مردود الينا و هذا الواحد المخلوق اولا قبل کل شيء لا قبلية زمانية بل قبلية سرمدية او برزخية هو المعبر عنه عندنا بالفؤاد و نور الله و هو صفة معرفة الله تعالي و آية توحيده و مثل توصيفه و تعريفه للخلق و هو المثال في قول اميرالمؤمنين7 فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله ثم لما کانت الاعداد لابد من ابرازه و تحققه من الاحد و الکثرات و الاقتضاءات حسب مابينا سابقا لابد من نشوها من ذلک الامر الواحد و الطفرة لما کانت باطلة و الکثرة لما کانت قسمين کثرة معنوية ککثرة الاجناس و الانواع في ذاتها قبل تعينها بالحدود و المشخصات و کثرة شخصية جزئية کالافراد المنشعبة من الاجناس و الانواع و لما کانت الکثرة المعنوية اشرف و اعلي من الکثرة الشخصية الجزئية المختلفة لقربها الي الوحدة بالنسبة الي الشخصية و کلما کان اقرب الي الوحدة کان اشرف لتشبهها بصفة المبدأ لابذاته وجب ان‌تکون تلک الذات التي فيها الکثرات المعنوية کالانسان بالنسبة الي جزئياته و کالمرکب المداد بالنسبة الي الصورة (الصور خ‌ب1) المکتوبة مقدمة في الايجاد و الاحداث علي الذوات المتکثرة بالتشخصات الخارجية الوجودية و الا لکانت الطفرة الممتنعة المستحيلة عند ذوي العقول السليمة و لايقبح (لايصح خ‌ب1) تساوق الذاتين في الرتبة لان الثانية تخصيص الاولي و تعينها کما ان زيدا تعين الانسان فلايجتمع مع الانسان في رتبة واحدة و الا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 43 *»

لم‌يکن فردا منه کما هو الظاهر المعلوم و الذات الواحدة المتکثرة بالمعني هي العقل و عالمه عالم العقل و لما کان العقل الاول واحدا هو عقل محمد و اهل بيته الطاهرين و انبعثت من (منه خ‌ب1) الاشعة و الانوار مختلفة (الانوار فخلقت خ‌ب1) منها عقول الخلق علي صفته و هيئته سميت ذلک العالم بعالم العقول و العالم الثاني اي رتبة المتميز (التميز خ‌ب1) و الافتراق و الحدود و الکثرات الوجودية الخارجية يجب ان‌يکون مخلوقا بعد عالم العقول لما ذکرنا و هو عالم النفوس الذر الثاني باعتبار و الذر الاول باعتبار و الذر الثالث باعتبار آخر و قد شرحت الذر و کيفية عالمه و حقيقته (حقيقة خ‌ب1) المراد منه و کيفية اقامة الخلق في ذلک العالم و السؤال منهم و خلق طينة العليين و السجين بما لامزيد عليه في شرحنا علي الخطبة الطتنجية في المجلد الثاني منه و من اراد الاطلاع علي ذلک فليطلبه.

اما الامر الثاني فاعلم ان الاشياء اما ان‌تکون متمايزة ام لا و الثاني خلاف المفروض و المراد و الاول فالتمايز لايخلو اما ان‌يکون ذاتيا ام عرضيا و الاول بان‌يکون احدهما علة و الآخر معلولا و احدهما مؤثرا و الآخر اثرا کالکلام و المتکلم و کالنور و المنير و کالصورة في المرآة و المقابل الخارجي و امثالها فان ذات الاثر و حقيقته معدومة في رتبة ذات المؤثر و انما وجودها تحت مقام فعل المؤثر فالتغاير حينئذ يکون ذاتيا لان البينونة بينهما بينونة صفة لا بينونة عزلة فافهم و الثاني بان‌يکون کلا منهما معلوما لعلة اخري (اخر خ‌ب1) يعني تکون حقيقة واحدة اختلفت بالامور الحاجبة (الخارجية خ‌ب1) لا بالمغايرة الذاتية و تلک الامور لاتکون الا بهذه الحدود الستة لان التمايز لايخلو اما ان‌يکون بصفة و هيئة تختص بواحد مغايرة للصفة الاخري للآخر فذلک هو الکيف او بمقدار منقسم روحاني او جسماني بحسبهما يخالف مقدار الآخر و هو الکم او بفراغ يخص باحاطة مخالفا (باحاطته محاطا ظ خ‌ب1) للفراغ المختص بالآخر و هو المکان الي (اي خ‌ب1) البعد المجرد الموجود او بجهة من الجهات الست في کل عالم بحسبه تخالف الجهة الاخري او بنسبة و اضافة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 44 *»

مع الآخر و هو الوضع او باستمرار (باسرار خ‌ب1) وجودي يخالف بالآخر (الآخر خ‌ب1) و هو الزمان و کل ماعداها يرجع الي هذه الستة و لايمکن الاختلاف و التمايز الا بهذه الستة لانها العدد التام و هو تفصيل الثلاثة التي هي شکل المبدأ الفعلي.

و اما وجه التساوق فلان الشيء اذا وجد انوجد و لايصح ظهور الوجود الا بالانوجاد اذ لو لم‌ينوجد لم‌يوجد کما انه لو لم‌ينکسر لم‌يکسر و کذا لو لم‌يوجد لم‌ينوجد و لو لم‌يکسر لم‌ينکسر و الانوجاد ليس الا کتنات (اکتناف خ‌ب1) هذه الحدود الستة لان الانوجاد جهة نفس الوجود و هي لم‌تحصل الا بجهة غير الجعل الاولي و هي ليست شيء الا باقترانه بهذه الحدود و اما ان کل شيء لايوجد الا في وقته و لايجاوزه فلان الوقت هو استمرار وجود الشيء بحيث يوصف بالقبلية و البعدية و التقدم و التأخر و الاستمرار صفة ذاتية للوجود فمهما وجد وجد و مهما انتفي انتفي فاذا انتفي الاستمرار انتفي وجود الحادث فلا ذکر له قبله نعم يبقي حينئذ صفة القديم و کذلک المکان لان المکان هو الفراغ و البعد الموجود الذي يشغله الشيء الحادث بالکون فيه و هو محيط به لازم لوجوده و دليل لفقره و کونه محاطا فلايفارقه فمادام الحادث موجودا هو محاط بالمکان فاذا انتفي المحاطية انتفي الحدوث و احاطة الباطنة (الاحاطة الباطنية خ‌ب1) لابد لها من دليل و ظهور في عالم الوجود الخارجي و ذلک الدليل هو المکان فلاينفک الشيء عنه و لاينفک (لاينفک عنه خ‌ب1) الا عند طلب معرفة الحق سبحانه فحينئذ يقطع الالتفات عنه في الوجدان لا في الوجود و لذا کانت الثلاثة الکون و المکان و الزمان يساوقه (متساوقة خ‌ب1)‌ لان المکان هو المحيط و به يظهر (تظهر خ‌ب1) صفة الاحاطة و هو (هي خ‌ب1) بدون المحاط لاتتعقل و لاتتصور لکونها من الاضافيات الحادثة و اما القديم فمتعال عن ذلک فافهم و کذا الاستمرار لايتصور بدون (بدون الشيء خ‌ب1) الذي يوصف به و اما الکون فلايوجد الا بشيء يحيط به استدلالا علي حدوثه و فقره و ذلک من شان نفس الشيء الحادث و لايوجد ايضا الا باستمرار

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 45 *»

اثباتا لاستغنائه و بقائه بالمدد من المبدأ فالمکان هو قوله7 الهي کيف استعز و في الذل ارکزتني (اذکرتني خ‌ب1) و الزمان هو قوله7 و کيف لااستعز و اليک نسبتني فلا الشيء يفارق هاتين الصفتين و لا هما تفارقان  الشيء الحادث فبينها (فبينهما خ‌ب1) تساوق و تحاو ينتهي کل واحد من هذه الثلاثة الي الاخر و ينتهي الاخر اليه و قد اشرت لک الي لب العلم و حقيقته بعبارة مختصرة فما اسعدک لو وفقت لفهمه و لو کان لي مجالا (کان مجالا خ‌ب1) و للقلب توجها و اقبالا لفصلت شقوق هذه المسألة و ذکرت الاسرار المودعة فيها لکن فيما ذکرنا کفاية للعاقل المسترشد.

قال سلمه الله تعالي: سؤال‌­ـ المعروف من الاخبار و من کلمات امناء الله الابرار ان المؤمن خلق من عليين و الکافر من سجين و لاادري معناه و لا مدعاه فان کان زيد خلق قبل ان‌يؤمن من العليين و الکافر من السجين قبل ان‌يکفر فهو جبر محض اذ کل مقتض مقتضاه فلايکون الکمال للمؤمن و لا النقصان للکافر مع ان اطلاق المؤمن الذي هو المشتق حقيقة فيما تلبس به المبدأ دون ما سيتلبس فانه مجاز فيه کما کتبنا في کتابنا الاصول مستقصي و ان کان المراد ان المؤمن بعد الايمان خلق من العليين فهو ايضا غيرصحيح کما لايخفي اذ بعد الخلقة و قبول الايمان لايبقي شيء حتي يخلقه الله سبحانه منه و ان کان المراد انه خلق المؤمن من العليين حين الايمان کما هو الظاهر ففيه ان الايمان انما يکون في ذلک العالم لاسواه اذ لم‌يکن المخلوق شيئا مذکورا بل اخترع الله سبحانه و خلق حصته (حصة خ‌ب1) من الوجود فان اخترع زيدا مع الايمان و عمرا مع الکفر فهو جبر.

اقول المعروف من الاخبار و من کلمات امناء الله الابرار ان الله سبحانه خلق في الخلق الاول من (عن خ‌ب1) يمين کلمته بحرا تحت العرش اسمه الصاد و المزن و ن کما جاء في القرآن و ذلک البحر في اللون ابيض من العاج و الثلج و في الطعم احلي من العسل و في اللين الين من الزبد و في الرايحة اطيب

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 46 *»

من المسک و في السعة لا ساحل له و في العمق لايحاط به علما نعم في قعره شمس تضيء لاينبغي ان‌يطلع عليها الا الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله في ملکه و نازعه في سلطانه و باء بغضب من الله و ماواه جهنم و بئس المصير لان ذلک هو سر الاسم المکنون في علم الغيب عنده لايطلع عليه سواه و هو الاسم الواحد الاعظم الذي استاثره و اختص به دون الخلق و منه يمد الائمة: و عنه يستمدون و يستزادون العلم کما في قوله تعالي قل رب زدني علما اذ طلب القديم محال قبيح و تحصيل الحاصل اقبح ثم خلق الله سبحانه بتلک الکلمة تحت ذلک البحر ارضا طيبة صالحة فاجري ذلک البحر علي تلک الارض فمزجهما و صلصلهما و عرکهما بيده حتي جعلهما شيئا واحدا ثم خلق سبحانه بشمال کلمته بحرا في السجين من الماء المالح الاجاج امر من الصبر و انتن من الجيفة و اسود من القار و هو البحر اللجي الذي في الظلمات يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم‌يکد يراها و من لم‌يجعل الله له نورا فما له من نور، ثم خلق (خلق الله خ‌ب1) سبحانه بتلک الکلمة فوق ذلک البحر ارضا خبيثة منتنة نجسة و صعد بخار ذلک البحر اليها فجعل ماءً مالحا اجاجا ثم مزج بينهما و عرکهما و صلصلهما حتي صارا (صار خ‌ب1) شيئا واحدا خبيثا في غاية الخباثة ثم مرج (مزج خ‌ب1) سبحانه بلطيف حکمته و بحسن صنعته بين الاثنين الزوجين (المزدوجين خ‌ب1) اي العليين و السجين فخلط بينهما و عرکهما و صلصلهما حتي صار (صارا خ‌ب1) شيئا واحدا سمي (يسمي خ‌ب1) اسما واحدا مع بقاء کل منهما علي صرافة تأثيره و شدة تدبيره ذلک تقدير العزيز الحکيم و هو قوله تعالي و من کل شيء خلقنا زوجين اي الاربعة فکل شيء مرکب من اربعة اشياء في الجعل الاول الماءان و الارضان و بها تحقق الاختيار و الادراک و الشعور و کل منها مبدأ ميل الي احوال فالماء الطيب مبدأ ميله اي معرفة الاسرار الالهية و الاطوار القدسية و التوحيد و معرفة الحق بالحق (بالحق و الخلق بالحق خ‌ب1) و الارض الطيبة مبدأ ميله الي الذوات الطيبة و الحقايق النورية و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 47 *»

الاعمال الصالحة و الافعال الحسنة و ملاحظة الحق في الحق في الخلق (ملاحظة الحق في الخلق خ‌ب1) اي آثاره في حقايقهم و هياکلهم و الماء الخبث (الخبيث خ‌ب1) المالح مبدأ ميله الي معاندة الله و جحوده و انکاره و ادعاء اني انا الله و الارض الخبيثة المالح مبدأ ميله الي الاعمال الخبيثة الباطلة الفاسدة و الي الذوات النجسة الملعونة و بهما اي (الي خ‌ب1) انکار الله سبحانه و الاعمال القبيحة و بالاربعة تحقق الايتلاف و تقوم الکون و الوجود و ظهر اسم الله الحکيم و صار الشيء جامعا مملکا مختارا يصلح للصعود باعماله الي الدرجات العالية التي مافوقها درجة في رتبة مقامه و الي الدرکات السفلية التي مادونها درکة بحسب مقامه و مرتبته (رتبته خ‌ب1).

فخلق الخلق کلهم اهل کل سلسلة عرضية من هذه الاربعة و اقامهم في الذر الاول ثم کشف لهم عن باطن فلک الکرسي و اراهم الجنة و صور الطاعات و الحسنات و المثوبات و اقصي الغايات و منتهي النهايات ثم قال لهم و رضوان الله اکبر ثم کشف لهم عن الطمطام باطن النور (الثور خ‌ب1) و اراهم جهنم و حياتها و عقاربها و عفاريتها و شدة هيجان نيرانها و قال لهم ان هذه لمن عصاني و اعرض عني و عن طاعتي ثم اراهم الدنيا بزينتها و زخرفها و زبرجها و قال من اغتر بزينتها و زخرفها فليس له نصيب في الآخرة و الذي يريد الله و الدار الآخرة يجب عليه الاعراض عنها ثم اجج لهم نارا فامرهم بالدخول فيها فلما قربوا اليها و شاهدوا وهجها و احسوا بحرارتها فمنهم من صبر علي امر الله و دخل فيها لطاعته و لم‌يبال بالحرارة فهم المؤمنون و هم اصحاب اليمين فلما دخلوا النار کانت عليهم بردا و سلاما و ماشاهدوا الماء و لااحسوا (ماشاهدوا و لما احسوا خ‌ب1) بحرارة و منهم من لم‌يصبر علي الحرارة و هابها و لم‌يدخل النار فقال يارب انک خلقتنا لتحرقنا و تعدي عن حکم الله و اغتر بزبرج الدنيا و زينتها و راحتها و نعمتها (نعيمها خ‌ب1) لقربها فهو و من تبعه هم اصحاب الشمال و هم الکفار الفجار الاشرار ثم خلق الله المؤمنين بايمانهم من طينة عليين من الجنة و هي هيکل التوحيد و الصورة الانسانية الحقيقة (الحقيقية

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 48 *»

خ‌ب1) و قدر لهم المزيد من فضله و نواله و جعل لهم الارزاق الطيبة و الاعمار المحمودة فلما راي اصحاب الشمال مااعطي الله المؤمنين من الکرامة و الذخر و الدرجة الرفيعة و خلقهم علي احسن هيکل و هو هيکل التوحيد و الصورة الانسانية قالوا (قالوا يا خ‌ب1) ربنا اقلنا لندخل النار مرة ثانية فنفوز بما فاز به المتقون من المؤمنين فاقالهم الله سبحانه و اعطاهم الاذن بالدخول في النار مرة ثانية فلما قربوا منها و احسوا بحرارتها و وهجها فهابوها و امتنعوا من الدخول فردوا عنها و دخلها المؤمنون مرة ثانية فزادهم الله بالعطايا و الهبايا (بالعطا و الحباء خ‌ب1) فلما راي اصحاب الشمال ذلک قالوا ياربنا اقلنا حتي ندخلها فاقالهم الله اتماما للحجة عليهم و اکمالا للنعمة علي المؤمنين و امرهم بالدخول في النار المؤججة فلما قربوا منها هربوا و امتنعوا من الدخول فغضب الله عليهم و طردهم و خلقهم في الخلق الثاني من طينة سجين اي صورتهم (صورهم خ‌ب1) علي صورة الغضب و هي هيکل الشرک و النفاق و الصورة الشيطانية و هي صور البهائم و حشرات الارض فکان راسهم الي الارض البيان (لبيان خ‌ب1) انهم ناکسوا رؤوسهم عند ربهم و انهم المعرضون و لو شئنا لرفعناه بها و لکنه اخلد الي الارض، فمثله کمثل الکلب ان‌تحمل عليه يلهث او تترکه يلهث ذلک مثل القوم الذين کذبوا بآياتنا و الانسان راسه الي الاعلي لبيان انهم المقربون (المقرون خ‌ب1) و الناظرون و المتوجهون الي المبدأ الاعلي فماتجد من اسم الخلق في الاحاديث الطينة من العليين او السفليين (السجين خ‌ب1) فالمراد به هو الخلق الثاني علي حسب مقترفهم (مقترحهم خ‌ب1) و مسؤولهم بالنسبة (بالسنة خ‌ب1) اجاباتهم و طلباتهم خلقهم قال عز و جل بل طبع الله عليها بکفرهم و فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم و جعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الکلم عن مواضعه و غيرها من الآيات و قال عز و جل في حق المؤمنين يهديهم ربهم بايمانهم و لاتجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لوکانوا آباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئک کتب في قبولهم الايمان و ايدهم بروح منه فعلي هذا يصح ان‌تقول ان الله خلق

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 49 *»

المؤمن من العليين بعد الايمان في النظر الظاهر.

و قوله سلمه الله غير صحيح، غير صحيح و تعليله عليل اذ قوله اذ بعد الخلقة و قبول الايمان لايبقي شيء فاسد لان المراد بالخلقة هي الخلقة الاولي و الايمان انما کان بتلک الخلقة بقي الخلقة الثانية يخلقها الله سبحانه حسب ايمانه علي مقتضاه و حسب کفره کذلک مثاله ان الله لما اراد ان‌يخلق السرير و الصندوق و الباب و العمود و امثالها خلق العناصر الاربعة اولا ثم هيئتها (هيئها خ‌ب1) و رکبها و خلق من ترکيبها خشبة و هي مادة لها صورة نوعية تناسب جميع تلک الصور و ضرورتها (صيرورتها خ‌ب1) تلک الذوات ثم کلفها سبحانه ان فرض لها شعور هل اصنعک سريرا او صنما فيسأل السرير به (السريرية خ‌ب1) باجابتها و قبولها امر سيدها و مولاها فيخلق سبحانه له صورة السريرية و هي هيکل التوحيد مثلا و طينة عليين و بضد ما ذکر ان سأل الصنمية و هذا هو الخلق الثاني و کذلک الحق سبحانه خلق الخلق في العالم الاولي (الاول خ‌ب1) هيولي قابلة لکل صورة ثم کلفها و خلقها في الخلق الثاني علي مقتضي شهوته و ما ربک بظلام للعبيد و قولي بنظر الظاهر اشارة الي ان ذلک ليس بنظر الدقيق و اما بالنظر الدقيق فالمختار هو الشق الاخير اي خلق المؤمن من العليين حين الايمان بضد الکافر حين الکفر (الکفر کما يشير اليه قوله7 لکنه حين کفر خ‌ب1) کان في ارادة الله ان‌يکفر.

و قوله سلمه الله ان الايمان لايکون الا في ذلک العالم لاسواه اذ لم‌يکن المخلوق شيئا مذکورا فيه هل اتي علي الانسان حين من الدهر لم‌يکن شيئا مذکورا و قد کان مذکورا في العلم قبل ان‌يکون مکونا و قد کان مذکورا في الکون قبل ان‌يکون معينا و قد کان مذکورا في العين قبل ان‌يکون مقدرا و في هذا الذکر طلب السعادة و الشقاوة ثم حکم عليه بواحد منهما في القدر قبل القضا ثم في القضا ثبت عليه و خلق عليه فلا بداء و هو قوله تعالي الذي خلقک فسويک فعدلک في اي صورة ماشاء رکبک فالخلق مقدم علي التسوية و التعديل مقدم علي الترکيب في اي صورة ماشاء الله و في هذا الترکيب کان الخلق من

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 50 *»

العليين او السجين و طينة اوليين هي صورة (طينة العليين هي الصورة خ‌ب1) الانسانية و ضدها ضدها فافهم فان هنا مقامات عجيبة و اسرار غريبة ترکت ذکر اکثرها و رمزت الي قليل منها و اما التفصيل فکتمانه في الصدور خير من ابرازه في السطور و الله خليفتي عليک و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

قال سلمه الله: سؤال‌ـ المعروف من قوله7 خلق الارواح قبل الاجسام (الاجساد خ‌ب1) بالفي عام يقتضي خلق الروح قبل الجسد و هو تعطيل في الفيض مع انه معارض بقوله7 مامعناه ان الارواح بالنسبة الي الاجسام کاللفظ بالنسبة الي المعني فتلزمه المعية و القبلية بالرتبة فالجمع بين الاخبار لا بالطريقة المعروفة بين الاصولية لانها غيرمحتاج لنا الي البيان بل بطريق مخصوص عندکم يحتاج الي البيان مع ان الشيخ دام ظله تعالي (العالي خ‌ب1) صرح في (في بعض خ‌ب1) تحقيقاته في باب ان المؤمن قد يصدر منه الاعمال السيئة و الکافر علي العکس انما يکون باعتبار اللطخ و اول مراتب اللطخ کانت في عالم العقول و دونها رفرف اعني عالم النفوس علي ماوجدنا فهذا يدل علي الحديث الاول کما ان المستفاد من بعض تحقيقاته ان عالم العقول و النفوس و الجسم خلقوا معا و ليس بعضها مقدما علي بعض الا بالرتبة کالکسر و الانکسار و هذا يدل علي الحديث الثاني.

اقول قد سبق منها (منا خ‌ب1) فيما سبق في تقدم العقول علي النفوس و الارواح مايکون جوابا لهذا السؤال من بطلان التعطيل في الفيض و ان هذا التقدم لايستلزم التعطيل و انما هو تثبيت سريان (لسريان خ‌ب1) الفيض و ظهوره في المراتب الکثرة بالاطوار المختلفة و ان ذلک انما هو التقدم الذاتي و التقدم بالرتبة و ان هذا هو المراد في الاخبار العلماء و (الاخبار و خ‌ب1) في کلمات العلماء الاخيار (الاخيار و خ‌ب1) التعارض لايوجد بل لايتحقق في الاحاديث و القرآن کما بينا في کثير من مباحثاتنا و اجوبتنا و انما هو التعبير عن

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 51 *»

الجهات المختلفة في الشيء الواحد کما قال (قال الصادق خ‌ب1)7 اني لاتکلم بکلمة و اريد منها احد سبعين وجها لي لکل منها المخرج هـ، و الاحاديث المختلفة بعضها ببعض بيان (بعضها بيان خ‌ب1) للآخر و شرح للاجمال (لاجمال خ‌ب1) ماتضمنه الآخر کما في هذين الحديثين المنقولين في هذا المقام فان الحديث الاول يدل علي ان الارواح و الاجسام ليسا في رتبة واحدة و لايتوهمن متوهم ان الروح لما کانت يظهر (تظهر خ‌ب1) بعد ظهور النطفة و العلقة و المضغة و العظام و اکساء (اکتساء خ‌ب1) اللحم بعد اربعة اشهر فهي لحقيقة (في الحقيقة خ‌ب1) مؤخرة في الوجود عن الوجود الجسمي و الجسدي بهذه المراتب کلا بل هي (کلا هي خ‌ب1) مقدمة علي الجسم بمرتبتين احداهما مرتبة الطبيعة المقترنة بالمادة الجسمانية و هي النور الاحمر الذي منه احمرت الحمرة و هي الياقوتة التي زجرها الله سبحانه و نظر اليها بعين الهيبة فذابت و ماعت و کانت بحرا و البحر هو المادة و الثانية مرتبة المثال و الصورة و عالم البرزخ عالم (و عالم خ‌ب1) هورقليا و الاقليم الثامن ثم بعد هاتين الرتبتين المذکورتين يکون عالم الاجسام و مقام النقش و الارتسام و عبر7 عن رتبة بعام (عبر عنه7 عن کل رتبة بمقام خ‌ب1) و سنة لان السنة الظاهرية هي مقدار قطع الشمس تمام الدورة الفلکية و هي ثلاثة مائة (ثلاثمائة خ‌ب1) و ستون درجة فباتمام کل دورة يکون عام و سنة و کذلک کل مرتبة کلية مما ذکرنا يشتمل علي ثلاثمائة و ستين درجة اي مرتبة جزئية و لايتحقق (لاتتحقق خ‌ب1) الرتبة الاخري الثانية الا بعد تمام هذه المراتب فشمس الفيض و الافاضة قد قطعت هذه الدرجات کلها حتي نزلت في الرتبة الثانية فکانت سنة و اطلاق العام و السنة علي المرتبة حقيقة لا مجاز فان هذه الشمس الظاهرة ظهور شمس الفيض و مثالها و هذه الدرجات الفلکية هي ظهور تلک المراتب و المقامات قد تفصلت في العوالم السفلية التفصيلية و العالم الاسفل شرح و ظهور للعالم الاعلي کما قال مولانا الرضا7 قد علم اولوا الالباب ان (ان الاستدلال علي خ‌ب1) ماهنالک لايعلم الا بما هاهنا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 52 *»

 فافهم و اما اجتماع تلک المراتب الثلاثمائة و الستين في کل شيء فبيانه مشروحا في شرحنا علي الخطبة الطتنجية و بيانها هنا يحتاج الي تطويل و تفصيل و لست بصدده.

و لما کان في الحديث المتقدم لفظ القبل و لايفهم منه العوام الا القبلية الزمانية و ليست بمراده (بمرادة خ‌ب1) هنا و هم: الحجج البالغة فلايدعون الخلق في الاشتباه و يترکونهم (لايترکونهم خ‌ب1) کشف مولانا اميرالمؤمنين7 عن حقيقة المراد و ذکر ان المعني في اللفظ کالروح في الجسد کما هو مقتضي الحديث الثاني المنقول في هذا المقام و هذا الذي ذکرنا هو معني الحديث لا الذي ذکره سلمه الله و لاشک ان المعني مقدم في الدهر علي اللفظ و لکنه مساوق في الوجود الزماني فلايوجد اللفظ الا مقترنا بالمعني کالمعني بالنسبة الي اللفظ کذلک الروح و الجسد فهما متساوقان في الوجود الزماني لا الذاتي الدهري مثاله في الجملة السراج و الاشعة فان السراج مقدم علي الاشعة بسبعين الف سنة لکنه في الوجود الحسي الزماني مساوق بينهما (الزماني مؤخر تساوق بينها و ما خ‌ب1) ذکره شيخنا و استادنا جعلني الله فداه انما هو متابعة لکلام ساداته و مواليه: فلا منافاة و لاتعارض في کلماته و بيانه کما ذکرنا في الحديثين حرفا بحرف فراجع تفهم.

قال سلمه الله: المستفاد من بعض تحقيقاته الشريفة ان له اصلا يرجع اليه (اليه و خ‌ب1) هو ان کل مايجب في الواجب فهو في الممکن ممتنع و کل ما جاز في الممکن فهو في الواجب ممتنع فمقتضي تلک ان تکون عبارة الصدر الشيرازي ان البسيط (بسيط خ‌ب1) الحقيقة کل الاشياء الصحيحة لان کون الشيء البسيط کل الاشياء ممتنع في حق الممکن فيجب ان‌يکون في الواجب واجبا و الحال انه دام ظله غيرقائل به.

اقول البسيط الحقيقي (الحقيقة خ‌ب1) في الممکن ممتنع لان کل ممکن له وجه الي مبدئه و وجه الي نفسه و وجه الي غيره ممايصلح ان‌يظهر عليه في

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 53 *»

اطواره و شؤوناته الذاتية و الفعلية و لذا اجمعوا علي ان کل ممکن زوج ترکيبي لان کل حادث مثلث لما قلنا الآن و مربع لما ذکرنا في اول المسألة فکل شيء ممکن حادث مسبع فاين البساطة اذ لايصح ان‌يکون ممکن و ليس بحادث فاذا امتنعت البساطة في الامکان وجبت في الوجوب و الاشياء و ذکرها و جايزة (ذکرها جايزة خ‌ب1) في الامکان بل واجبة فيه فامتنعت في الوجوب و لايصح (فلايصح خ‌ب1) ان‌تکون الاشياء مذکورة فيه بوجه من الوجوه و بحال من الاحوال و الا لشابه الامکان و بطلت القاعدة الکلية المأخوذة من کلمات اهل العصمة: من ان کل ما في الممکن فهو في الواجب ممتنع لکون الاشياء في الامکان بکل وجه و الاجتماع اي کون بسيط الحقيقة کل الاشياء لايمکن الا ان‌يجوز ما في الممکن في الواجب و ان امتنع الاجتماع و حيث امتنع ذکر الاشياء في الازل (الاول خ‌ب1) سبحانه و تعالي لامکانه في الامکان امتنع الاجتماع فبطل اذن القول بان بسيط الحقيقة کل الاشياء علي مقتضي الاصل الذي عنده اطال الله بقاه، ثم ان القول بان کل ما في الممکن ممتنع واجب في الازل فيما اذا لم‌يستلزم النقص فيه تعالي و اما اذا کان مستلزما له فلايجوز الاثبات بحال و الا لاتجه قول المجسمة حيث قالوا ان الله جسم لا کالاجسام و قول المصور (المصورة خ‌ب1) انه تعالي صورة لا کالصور (صورة کالصور خ‌ب1) و قول الاشاعرة في ادعاء الرؤية بان الله يري ببصر العين و لايلزم التحديد و الجهة و التجسيم و کل هذه سفسطة ظاهرة فاذن قوله بان بسيط الحقيقة کل الاشياء ان کان المراد مدلول هذه العبارة اي ذکر الاشياء في الازل باي وجه کان فهناک لااقل جهتان جهة ذاته من حيث نفسه و جهة ذکر الاشياء ثبوتها (و ثبوتها خ‌ب1) فيه ثبوتا وحدانيها جمعيا علي قولهم هذا (و هذا خ‌ب1) ينافي البساطة الحقيقية کالمکان (الحقيقية لمکان خ‌ب1) الجهتين فان کان ذاته بذاته هو عين ذکر الاشياء فهذا اقبح لتعدد ذاته بتعدد ذکر الاشياء فان قيل ان هذه الکثرة هي عين الوحدة بلامغايرة فان اريد محض التسمية اي تسمية الوحدة بالکثرة و الکثرة بالوحدة للاصطلاح فلا مشاحة فيه و ان اريد

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 54 *»

الکثرة بمعناها و الوحدة بمعناها و مع ذلک يقال ان هذه عين ذلک (ذيک خ‌ب1) بلافرض مغايرة و لو بوجه‌ما فهذا لايعبأ بقوله لانه يتکلم عما لايدرکه و لايفهمه و لااخبره ايضا من يفهم ما لايفهمه و يدرک ما لايدرکه اذ لم‌يرد خبر و لا حديث و لا آية من کتاب الله علي ان الوحدة في ذات الله عين الکثرة و ملاحظة الکثرة من حيث هي مع الوحدة من حيث هي خارجة عن ادراک الممکن لان الذي لايشغله شان عن شان هو الله سبحانه و کل ماسواه لايمکنه ادراک المتضادين بادراک واحد لان الله ماجعل لرجل من قلبين في جوفه فاذا لم‌يخبره الله بذلک و لا هو ادرک ذلک و مع هذا يقول فلاشک ان ذلک مما لايعبأ به فلايصنع (فلايصغ خ‌ب1) اليه.

و اما الصفات الذاتية فهي ليست متعددة في الذات سبحانه و انما هي هناک شيء واحد من غير تعدد و لا تکثر و لا جهة و لا حيث و هذه الالفاظ المتعددة ترد علي معني واحد حقيقي لا اختلاف فيه بحسب المفهوم و لا بحسب المصداق و التعدد انما هو بعد تعلق فعله تعالي بالآثار فالتعدد في الاثر لا في الذات فمعني علمه تعالي و ذاته شيء واحد بلا مغايرة اصلا لا مفهوما و لا مصداقا کما بينا مشروحا في جواب المسايل التي اتت من مشهد الکاظمين8 فظهر لک ان اثبات مدلول هذه العبارة لله سبحانه کفر و زندقة و ان کان المراد من هذه العبارة ان الذات واحدة بکل الجهات و الاعتبارات مع انها لاتدل عليه فالمراد صحيح و العبارة فاسدة فلايصح القول بان البسيط (بسيط خ‌ب1) الحقيقة کل الاشياء صحيح في الله حيث انها ممتنعة في الامکان (الامکان لاستلزامها النقص عليه تعالي مع ان البيان الذي عبدالله بهذه العبارة هو موجود في الامکان خ‌ب1) ايضا و لذا قال في احدي رسائله الظاهر انها المشاعر ان العقل و ما فوقه کل الاشياء، و لاشک ان العقل ممکن و ان جعله في صقع الربوبية فاذا صح ذلک المعني في العقل فکيف يصح في الله سبحانه الا ان‌يجعل العقل عين ذات الله او واجبا معه و قد ذکر في الاسفار بعد ان جعل العقل من کلماته التامة العليا قال ليس القديم الا الله و اسماؤه و کلماته فافهم و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 55 *»

اشکر ربک علي ما هداک من التوحيد هـ، و الظاهر (فالظاهر خ‌ب1) ان مراده هنا بالقديم اعم من الذاتي و الزماني فالزماني ممکن قطعا فاثبت في العقل بانه کل الاشياء مع کونه ممکنا و ان کان قديما زمانيا علي زعمه فوجب ان‌يمتنع ذلک في الواجب سبحانه نظرا الي القاعدة المقررة و ان کان المراد من القديم الذاتي ففساده لايخفي علي ذي حجي مع انه کلام لم‌يقل به احد من العقلاء و الحکماء و لو اردنا لنشرح (نشرح خ‌ب1) هذه الاحوال لطال بنا المقال و لايعني (لايسعني خ‌ب1) الآن ذلک لکمال الاختلال الحاصل في البال و الحال.

قال سلمه الله: سؤال- کيف يدل العقل القاطع المطبوع علي النبوة الخاصة و الولاية الخاصة بل مانجد لايدل عليه الا العقل المسموع،

فلاينفع مسموع

اذا لم‌يک مطبوع

کما لاتنفع الشمس

و ضوء العين ممنوع

اقول لئن اقتصرت الخطبة فقد اعظمت المسألة، اعلم هداک الله ان جواب هذه المسألة مما لم‌يذکر في کتاب و لا جري في خطاب لکونه من مکنونات علم الائمة الاطياب سلام الله عليهم و لولا خوف القيل لضربت (لصرفت خ‌ب1) عنه صفحا و طويت کشحا اذ لو اردنا البيان علي ما هو الامر في الواقع لاستدعي الي کشف (لاستدعي کشف خ‌ب1) استار ابي الله ان‌تهتک في هذه الازمان الا اني اشير الي نوع الجواب اشارة للمؤمن الممتحن اعلم ان الله سبحانه لکمال صنعه المتقن و امره المحکم خلق الخلق و کتب بقلم الاختراع و الابتداع في الواح حقايقهم جميع ما اراد منهم من التکليفات الظاهرية و الباطنية و الاصلية و الفرعية لان التکليفات باسرها من مقتضيات الکينونات و ارتباطها بالاسباب و المسببات و ساير القرانات و الحالات فاذا وجد المقتضي فالمقتضي يلزمه بجميع خصوصياته فاذا ثبت ان ذات المکلف هي المقتضية بذاتها و باطوارها و بشؤوناتها للتکاليف فمن عرف حقيقة ذاته معرفة حقيقية عرف جميع مايقتضي ذاته من الآثار و الشؤونات و الاقتضاءات علي اختلافاتها

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 56 *»

کما اذا عرف النار عرف انها تقتضي الاحراق مثلا و الشمس عرف انها تقتضي الاشراق و هو قوله7 من عرف نفسه فقد عرف ربه و معرفة الرب سبحانه توحيده في المراتب الاربعة توحيد الذات و توحيد الصفات و توحيد الافعال و توحيد العبادة و جميع مايراد منک من العلوم و الاسرار و الاعمال کلها في هذه المراتب مع ان مراتب التوحيد تترقي الي خمسة آلاف و مأتين و ثمانين مرتبة کما شرحنا (شرحناها خ‌ب1) في جواب المسائل البهبهانية و هذه کلها مشروحة و مفصلة في النفس الانسانية و لذا قال عز و جل سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قال عز و جل ما اشهدتهم خلق السموات و الارض و لا خلق انفسهم و ما کنت متخذ المضلين عضدا فاذن کل ما يراد منک فهو فيک لا في غيرک و کل ما فيک ادرکه عقلک و احاط به فهمک و المراد بالعقل هو المميز المطلق الشامل للفؤاد و العقل اي القلب و النفس و ما يخبرک به غيرک هو (و هو خ‌ب1) تنبيه و اعلام لما فيک الا ان الخلق لما اشتغلوا بالدنيا و نسوا المقامات العليا احتجبوا عن ادراکها فاحتاجوا الي منبه و مذکر فالکتب المنزلة السماوية منبهات مذکرات لما استجن فيک مما اقتضاه بدو شانک في علم الغيب و کذلک الانبياء و المرسلون و کذا غيرهم من العلماء الراسخين و کذا ساير ماتخبر به من الاخبار المتواترة و الآحاد و غيرها من الاطوار و قد قال مولانا اميرالمؤمنين روحي له الفداء و عليه‌السلام:

دواؤک فيک و ماتشعر

و داؤک منک و ماتبصر

و تزعم انک جرم صغير

و فيک انطوي العالم الاکبر

و انت الکتاب المبين الذي

باحرفه يظهر المضمر[1]

فاذا فهمت ماذکرنا و سطرنا فرغ قلبک لمايتلي ان هو الا وحي يوحي و اعلم ان الله عز و جل لم‌يزل فردا متفردا واحدا متوحدا بلاکيف و لا مثال و لاتغير و لا انتقال و لا ابادة و لا زوال و هو کذلک في کل حال ثم خلق الخلق اظهارا لقدرته

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 57 *»

و اثباتا لمعرفته و تبيينا لرحمته و تتميما لحجته و تکميلا لنعمته و لما کان سبحانه لايعرف من سنخ ذاته و من جهة هويته و انما يعرف بآثار صنعه و انوار اثره و (انواره و خ‌ب1) فعله وجب ان‌يجري فعله و صنعه علي باحسن (احسن خ‌ب1) مايحتمله الامکان و اوفق ماتقتضيه النظام ليدل علي کمال قدرته و قهاريته و سطوته و جبروته و عظمته الغير المتناهية و علي کمال حکمته و کمال انبساط نوره و رحمته و لما کان فعله سبحانه واحدا لکون الوحدة اشرف من الکثرة و الکثرة لابد ان‌تنتهي الي الوحدة و هي تعدها و الکثرة لاتعدها وجب ان‌يکون مفعوله المطلق و اول ماتعلق به الفعل المعبر عنه بالمصدر واحدا لما ذکرنا من شرافة الوحدة و بطلان الطفرة و وجوب اجراء صنع الحق القدير الغني العلام علي احسن مايمکن من النظام ليکون دليلا علي کمال اثره التام و لما کان الاثر لما وجد انوجد فحصلت جهتان و النسبة الارتباطية بين الايجاد و الانوجاد ثالثهما و تولدت من هذه الثلاثة اربع طبايع علي مافصلنا فصارت کليات الجهات المتحققة حين الايجاد في الخلق الاول سبعة ثم لما کان کل شيء له مقامان مقام بساطة حين نظره الي الاعلي و مقام بسط حين نظره الي الاسفل و نفسه فتکررت السبعة و ثنيت فکانت اربعة عشر و الکثرة و ان احتملت ازيد من ذلک و لکن لما کان الخلق الاول مغمورا في بحر التوحيد و مقهورا تحت سلطان الوحدة اضمحلت الکثرات و بطلت و سقطت الاضافات و لما کان الامکان من حيث هو امکان مقتضاه الکثرة ظهرت علي اشرف مراتب الاعداد و اعلي طبقة الکثرات لکون السبعة هي العدد الکامل و لا اکمل منها لاجتماع المبدأين اللذين اليهما تنتهي الکلمات (الکمالات خ‌ب1) العددية فيها و هما مبدأ الفرد اي الثلاثة و مبدأ الزوج اي الاربعة فالجامع بينهما هو حائز الکمالات کلها و قد بسطنا هذه الکلمة في کثير من مباحثاتنا و لما اقتضي الخلق الاول متعلق الفعل (الفعل المطلق خ‌ب1) لامکانه الکثرة ظهرت علي اشرف مراتبها و اعلي طبقاتها فظهرت بذلک اليد و هي اربعة عشر کالوجه و اسماء الجواد و الوهاب فظهر لک ان المفعول المطلق الاول واحد قد تشعب الي

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 58 *»

اربعة عشر شعبة و هو (هي خ‌ب1) الشجرة و هي اغصانها و الکلمة و هي حروفها فهي شجرة الخلد و شجرة طوبي و سدرة المنتهي علي احد (احدي خ‌ب1) المعاني و الاطلاقات.

و لما کان العالم الاول و ان کان عالم الوحدة و البساطة الا ان فيه کثرة و هي الاربعة عشر و کل کثرة لابد ان‌تنتهي الي واحد من سنخها کالواحد الذي هو مبدأ الاعداد و انما قلت من سنخها لتکون (ليکون خ‌ب1) قطبا لها و وجه المبدأ لايصال الفيض اليها لان الادوات انما تحد انفسها و الآلات انما تشير الي نظائرها و الله سبحانه يمد کل شيء به فلابد ان‌يکون فيه جهة ربط الي الفعل الذي هو الواحد لکونه منسوبا الي الحق الواحد و الي المفاعيل المتکثرة فيجب ان‌يکون القطب من سنخ الشيء ففيه کثرة اجمالية و وحدة تفصيلية تعيينية کالواحد الذي هو اول الاعداد و هو و ان‌کان واحدا الا ان فيه ذکر جميع الاعداد و لذا نقول کل کثرة لابد ان‌تنتهي الي الوحدة و کل تفصيل لابد ان‌ينتهي الي الاجمال لان فعل الحق عز و جل في الغاية و النهاية من الوحدة فلايتعلق بالکثرات التفصيلية الا بوسائط هي برازخ بين الوحدة و الکثرة فالاجمال هو البرزخ بين الواحد المحض و الکثير المحض فاذا ظهر لک (لک ذلک خ‌ب1) علمت ان تلک الاربعة عشر لابد ان‌يکون مبدؤها واحدا قد تشعب منه ذلک کتشعب الاعداد من الواحد و ذلک الواحد هو مقام الاجمال و باقي الثلاثة عشر مقام التفصيل الاضافي کالعرش بالنسبة الي الکرسي فان للعرش رتبة الاجمال و ليس فيه کوکب و الکرسي مقام التفصيل و الکواکب کلها مرکوزة فيه و هذه الکثرات لابد من جامع حاو لها لتظهر کلها من ذلک الجامع الحاوي کنفس الفلک الکرسي بالنسبة الي النجوم و الکواکب المحفوظة فيه و الظاهرة منه کالتسعة الجامعة الحافظة لمراتب الآحاد کلها و مقامات المبادي باسرها فوجب ان‌يکون واحدا من الثلاثة عشر جامعا لباقي المراتب و المقامات و محلا لظهور آثارها في النشآت و يکون موقعا للنجوم و محلا للرجوم فکان واحد من الاربعة عشر قطبا لها و مبدأ و بابا لوصول الفيض اليها و هو اعلاها و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 59 *»

اشرفها نسبته اليها نسبة العرش الي الکرسي و واحد آخر منها حاملا لها و محلا لظهورات اطوارها و ذواتها و هو اسفلها و ادناها و نسبته اليها نسبة نفس الفلک الي الکواکب المرکوزة فيها و لاشک ان الکواکب (الکوکب خ‌ب1) اشرف من الفلک کما ذکرنا في رسالتنا في الهيئة و اثناعشر هي الاصول و عليها تدور الفصول و هي البروج الاثناعشر الواقعة علي منطقة البروج و لذا کان (کانت خ‌ب1) اثني عشر مثني العدد التام و الاربعة‌عشر مثني العدد الکامل.

و لما کان الحق سبحانه ابي الا ان‌يجعل خلقه کاملا جري حکمه في الخلق الاول ان‌يکون جامعا لجميع مراتب الکمال في المراتب کلها حتي في الاعداد فجمع مرتبة العدد الکامل و العدد التام و العدد الزائد و قولي في الخلق الاول لست اريد ان هذا الاول له ثان و انما هذا الکلام علي متفاهم العوام بل الحق ان هذا هو الخلق المقصود بالذات في الايجاد و لا ثاني له و هو الاول الذي لا آخر له کما ستعرف ان‌شاء الله تعالي و لما کان هؤلاء الاربعة عشر في رتبة الحدوث و الامکان و الحادث لايقوم الا بمدد جديد من عند الله سبحانه بفعله و الطفرة في الوجود باطلة (باطل خ‌ب1) وجب ان‌يصل الفيض اولا الي القطب و هو الذي قلنا ان مقامه مقام الاجمال ثم منه ينبسط الي الباقين لکونه اقرب لاجتماع الجهتين فيه جهة الوحدة لتلقي الفيض من المبدأ و جهة الکثرة للايصال الي الغير و لما کان الفيض علي قسمين تکويني و تشريعي و کلاهما متوقفان علي افاضة الحق سبحانه و يجريهما الي المستحقين بواسطة ذلک القطب کان لتلک الواسطة النبوة المطلقة لانها الانباء عن الله سبحانه بلا واسطة ابناء جنسه و نوعه و الانباء اعم من ان‌يکون تکوينيا او تشريعيا الا انهم اجروا اصطلاحهم في النبوة علي الانباء التشريعي لا التکويني و لا مشاحة في الاصطلاح و الا فحقيقة الامر هو الذي ذکرت لک فذلک القطب نبي مطلق علي نفسه و علي ثلاثة عشر.

ثم لما کان محض ايصال الفيض لايکفي في تحقق الشيء بل لابد من تمکين القابلية للقبول اذ لولا التمکين لماظهر الفيض و لما تحقق في الوجود

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 60 *»

العيني کما لو القي النار علي العود الاخضر لم‌يحترق و لم‌يشتعل بمحض الالقاء بل لابد مع ذلک من تجفيف الرطوبات و رفع الموانع حتي يظهر الاحراق و يحصل الاشتعال و لما کان تمکين القابلية للقبول ايضا من عند الله سبحانه بفعله و ايصال الفيض حسب قبول تلک القابليات بعد التمکين ايضا منه سبحانه وجب ان‌يکون ذلک بالواسطة فذلک التدبير العام من تمکين القابليات و تاهيلها للقبول و اعطاء کل ذي حق حقه علي حسب القبول في التکويني و التشريعي هو عبارة عن الولاية العامة المطلقة و قولي المطلقة في النبوة و الولاية لست اريد الاطلاق بحسب الحامل فانه خاص بل المراد الاطلاق بحسب المتعلق اي ليس متعلق هذا التدبير شيء دون شيء بل هذا هو التدبير (التدبير العام خ‌ب1) لکل ما دخل حوزة الوجود و المفروض الآن ليس الاربعة عشر فظهر لک ان ذلک القطب و الاصل و الواسطة هو وحدة (وحده خ‌ب1) حامل النبوة المطلقة و حامل الولاية المطلقة و لما کان (کانت خ‌ب1) الرتبة رتبتين رتبة الاجمال و رتبة التفصيل و کل شيء لايعدو (لايعدي خ‌ب1) مقامه و لايتجاوز رتبته فايصال الفيض و تمکين القابليات الخاصة الشخصية التفصيلية الجزئية و اعطاء کل ذي حق حقه في المقامات التفصيلية التعيينية لايکون بذلک القطب الذي هو حامل الامر الوحداني الاجمالي وجب ان‌يکون تفصيل الاعطاء و الافاضات في الرتبة الثانية و الا جاءت الطفرة و لم‌يتسق النظام کالعقل و النفس فان الفيض يجري علي العقل اولا علي جهة الاجمال ثم منه يفاض الي النفس اللوح المحفوظ مفصلا بکمال التفصيل ثم يتشعب من النفس قوي و مشاعر تحمل تلک الصور المفصلة الي محالها و مواقعها کالمفکرة و المتخيلة و سائر الحواس الظاهرية و الباطنية (الظاهرة و الباطنة خ‌ب1) و کالعرش منه يفاض علي الکرسي فيفصل و من الکرسي الي سائر الافلاک کذلک وجب ان‌يکون هناک في العالم الاول اصلا للحدود المفصلة و الافاضات المشخصة و العطاء کل ذي حق حقه حسب قبول القابليات حسب تمکينها و تمکنها من بارئ السموات و يکون لذلک الاصل شعبا (شعب خ‌ب1) قد تشعب منه.

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 61 *»

و لما کان الامر منحصرا هناک علي ما بينا في اثني عشر وجب ان‌يکون واحدا منهم الاصل نسبته نسبة النفس الکلية و الصدر و احدعشر منهم هو الشعب المتشعبة منه و الاغصان المتفرعة عليه کتشعب القوي من النفس فحيث کان ذلک هو الاصل و هم الفرع (الفروع خ‌ب1) وجب ان‌يکون (يکون هو خ‌ب1) صاحب الحکم و الامر التفصيلي اي عرش الرحمن باعطاء کل ذي حق حقه و السوق الي کل مخلوق رزقه فوجب ان‌يکون هو اميرالمؤمنين7 وحده لاسواه و المؤمنين (المؤمنون خ‌ب1) هم باقي الاحدعشر يعني يميرهم العلم و الفيض التکويني و التفصيلي (التکويني التفصيلي خ‌ب1) و اما القطب الاول فليس عنده تفصيل و تحديد و هذا الاصل الثاني هو صاحب تفصيله و مظهر امره و نهيه و معلن حجته في رعيته و صاحب حکمه و عنده الاختلاف و به ظهور الاسماء المتقابلة و الصفات المختلفة و الاحکام المتضادة و به الاختلاف و اليه يرد (مرد خ‌ب1)‌ الاختلاف و عنه يصدر (مصدر خ‌ب1) الاختلاف کما کان الاصل الاول هو صاحب الايتلاف و مقام الاجمال و هؤلاء الاربعة عشر لهم اسامي و هي علي قسمين اسماء يخص (يختص خ‌ب1) کل واحد منهم و اسماء يعمهم و القسم الاول قد کتبناها في اجوبة المسائل العاملية و وجه تسمية کل واحد منهم بذلک علي وجه دقيق انيق و ربما نشير الي بعضها هنا و اما القسم الثاني فاسماؤهم کثيرة لاتتناهي و لاتحصي کثرة مثل کلام الله و کتاب الله و طاعة الله و الاسلام و الايمان و المعروف و الخير و البرکة و الصلوة و الزکوة و الحج و بيت الله و المشعر و عرفة و الکعبة و الصوم و الذکر و الفکر و الحق و الدين و النور و الاسماء الحسني و آدم و نوح و ابراهيم و موسي و عيسي و ايوب و يوسف و اسحاق و يعقوب و اسماعيل و ذا الکفل الي آخر الاسامي و بالجملة کل اسم حق و اسم خير فهو اسمهم لوجهين وجه عام و وجه خاص.

اما الوجه الاول العام فلما ثبت بالدليل القطعي من ان بين الاسم و المسمي لابد من مناسبة ذاتية و مرابطة حقيقية فکل معني حسن يدل علي ان

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 62 *»

اسمه کذلک و کل معني قبيح يدل علي ان اسمه کذلک و لما کان (کانت خ‌ب1) الخيرات حقايقها و ذواتها کلها من عند الله سبحانه و قد ذکرنا ان الطفرة في الوجود باطلة فوجب ان‌يکون کل خير و کل نور و کل حق لاتصاله بالمبدأ (الي المبدأ خ‌ب1) الحق مخزونا و مکنونا عند هؤلاء الاربعة عشر ثم منهم نشأ بالفاضل الي غيرهم و الا لکانت الطفرة و کان ما بعد عن المبدأ انور و اشرف مما قرب منه و هذا لايجوزه عاقل فاذا ثبت ان حقيقة ذلک المعني النوري ثابت عندهم فيکون الاسم و اللفظ حقيقة لهم ثم اعطوا غيرهم حسب ما حکي الغير من وجه ظهورهم و هذا لايستريبه عاقل فوجب بالضرورة ان‌يکون کل اسم قد وضع لمسمي حق و خير فهو اسمهم و هم المعنيون بذلک علي الحقيقة و غيرهم بالتبع.

و اما الوجه الخاص فلايسعني الآن بيانه لادائه الي التطويل و لايبعد ان يکون مجلدا واحدا فالاعراض (فالاعراض عنه خ‌ب1) اولي سيما في هذا الوقت الذي قد تراکمت علي افواج الهموم و الامراض.

فاذا تبين لک ان الخلق الاول منحصر في الاربعة عشر و هم قد ملأوا الوجود فاعلم ان الله عز و جل انما خلق الخلق ليعرفهم نفسه و توحيده و عظمته و قدرته و قيوميته و کبرياءه و هيمنته و جلاله و جماله و عزه و بهاءه و کان ذلک لايعرف من جهة ذاته المقدسة سبحانه و تعالي فوجب ان‌يکون من جهة آثاره و صنعه ليصفوه تعالي صفة الاستدلال لا صفة التکشف فوجب ان‌يخلق سبحانه خلقه و متعلق فعله و مفعوله المطلق علي کينونة الاعتدالية تحکي جمال الله و عظمته و بهاءه و قيوميته و سعة احاطة قدرته و نور کينونته و قد ذکرنا لک ان متعلق الفعل اولا و بالذات بحقيقة ما هو اهله لايقتضي ان‌يکون فيه کثرة ازيد من اربعة عشر في حالة الفرق و التفصيل و ان‌يکون واحدا مطلقا من حيث الجمع فوجب ان‌يکون لتلک الهياکل الاربعة عشر حين الفرق و الحقيقة الواحدة حين الجمع و البساطة نور شعشعاني (نورا شعشعانيا قد خ‌ب1) ملأ الوجود و احاط بالغيب و الشهود و ذلک النور المطلق متقوم بسلطانهم و مستقهر

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 63 *»

تحت مشيتهم و قدرتهم ليظهر بذلک قدرة الحق القديم سبحانه و تعالي التي (الذي خ‌ب1) قد اضمحلت تلک الذوات تحت قدرته و مشيته و لما (کلما خ‌ب1) کان ذلک النور الالهي الظاهر من تلک الحقايق المقدسة و الذوات المنورة لقربه من المبدأ في کمال التلألؤ و اللمعان و الاشراق و هو و ان قارن بالماهيات و تعلق بالانيات التي هي مقام الانوجاد و رتبة الانفعال فتکثر بذلک و لکن من جهة شدة لمعان النور و قوة الظهور لکمال القرب ضعف جانب الکثرة التي تقتضيه قرانات الماهيات و تلاحق الطبايع و الاضافات کما انه ضعف ايضا جانب الوحدة التي تقتضيه الخلق الاول لبعده عن المبدأ بالاضافة اليه فمن هذه الجهة ذلک النور الواحد قد تشعب بقران الحدود و اتصال القيود الي مائة الف و اربعة و عشرين الف شعبة فکانت کثراته محدودة و اعداده مشهورة و قد عرفت نوع الوجه في ذلک و اما خصوص هذا العدد فتحتاج (فيحتاج خ‌ب1) الي بسط في المقال و ليس لي الآن ذلک الاقبال و ليس ايضا في موضع السؤال.

فظهرت تلک الوجوه المتحصلة من ذلک الامر الواحد الذي هو النور المنبعث من هياکل التوحيد الاربعة عشر علي هيئة تلک الهياکل و (و علي خ‌ب1) صفتها و اسمها فظهرت علي الهيئة الانسانية کاصلها لان هيئة (الهيئة خ‌ب1) الانسانية هيکل التوحيد و صفة التنزيه و التجريد و قد بينا الوجه في ذلک في کثير من مباحثاتنا و رسائلنا سيما فيما کتبنا في بعض مسائل اصول الفقه و لما کان (کانت خ‌ب1) تلک الهياکل لکمال قربها و مشابهاتها (مشابهتها خ‌ب1) للهياکل الاصلية ضعفت فيها جهة الظلمة و لکن لبعدها الاضافي و ظهور الظلمة الاضافية فيها ماتمکنت ان‌تحکي الهياکل الاصلية فتستحق اسمها العام الخاص من باب الحقيقة بعد الحقيقة و انما حکي کل واحد منها وجها من وجوه الاصل فاستحق (تستحق خ) للاسم الخاص بذلک الوجه من باب العارية و الحقيقة بعد الحقيقة کما تسمي للصورة (الصورة خ‌ب1) التي في المرآة الحاکية لزيد حال قيامه قائم فجعل الله سبحانه لهم تلک الاسماء الخاصة التي کانت مجتمعة في الاصل فسموا آدم و نوحا و ابراهيم و غيرهم الي آخر الاسماء لتمام مائة الف و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 64 *»

اربعة و عشرين الف و ذکر وجه اختصاص کل منهم باسم خاص به و حکايته للوجه الخاص مما (مما لم‌يبطن و خ‌ب1) لم‌ينطق به فمي و لايجري به قلمي.

ثم لما کان القدرة العامة و الهيمنة المطلقة للحق سبحانه و تعالي انما تظهر اذا کان لنوره نور و لجماله جمال و لجمال جماله جمال و لجمال جمال جمال جماله جمال و هکذا بخلاف ما اذا انقطع النور في الظهور و القدرة في الهيمنة و الاستيلاء فانه دليل ضعف الخالق العياذ بالله سيما اذا کان معرفة قدرة الخالق و عظمته منحصرة في آثار الصنع فوجب ان‌يکون لهؤلاء الاکابر نور شعشعاني (الاکابر ايضا نورا شعشعانيا خ‌ب1) منبسط علي اطوار الکائنات قد ملأ الارضين و السموات و ذلک النور لبعده عن المبدأ الاول بمرتبتين تمکنت الظلمة فيه و ظهرت بآثارها و استولت علي حکم الوحدة فصارت الشعب المتحصلة من هذا النور بحکم الغيور بتلاحق الحدود و الماهيات و تراکم القيود و الانيات مما لا حصر لها و لا نهاية لعدها و لکن من جهة عدم کمال البعد و صحة المقابلة حفظت الهيئة الانسانية و هيکل التوحيد فيها فخرجت النسمات معلنة بالثناء علي الله سبحانه علي الهيئة الانسانية و الحقيقة الفرقانية فالاربعة عشر لکون انوار الحق سبحانه منبسطة علي ظواهرهم و بواطنهم و سرائرهم و علانيتهم و مشرقة علي جميع ذراتهم و حقائقهم لم‌يبق للظلمة الامکانية علي مقتضي الماهية ظهور و تاثير سوي ماتحفظ (يحفظ خ‌ب1) به کونهم و عينهم و يصح لهم اسمهم فاذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فلايحصل منهم ترک الراجح ابدا لانهم من الوجود الراجح و هو لايميل الي المرجوح ابدا و اما الطبقة الثانية فمن جهة بعدها بواسطة و نسبتها الي الاول نسبة الشعاع الي الشمس ظهرت فيها الظلمة (الظلم خ‌ب1) لکن لونها زبرجدي و هؤلاء قد يترکون الاولي و الراجح علي حسب مقامهم و لايخالفون امر الله سبحانه الالزامي و اما الطبقة الثالثة من جهة تمکن (تمکين خ‌ب1) الظلمة فيها و ظهور اثرها قد يعصون و يخالفون امر الله الالزامي ثم ان الظلمة و ان تمکنت في هذه الطبقة لکنها اضافية و الا فهي في الحقيقة نور بالنسبة الي من دونها فتشعشع

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 65 *»

منها نور لما قلنا في الطبقة الاولي و الثانية فکان ذلک النور باقتران الحدود و الماهيات مبدأ طبقة الجن و هکذا الي تمام الثمانية من کليات الطبقات في السلسلة الطولية علي ماذکرنا اجمالها (اجماله خ‌) في اجوبة المسائل البهبهانية عند ذکر مراتب التوحيد.

فلما تحققت هذه الطبقات و خرجت تلک النسمات سألت من الله سبحانه المدد و الفيض بالسنة الطلبات (الطبقات خ‌ب1) و القابليات و ارادت منه سبحانه تمکين قابلياتها لقبول العطيات و الافاضات (الاضافات خ‌ب1) و لما کان اولئک الاربعة عشر هم الواقفون بباب القدر و مقابلون لفوارة الامر الکوني الابداعي بحکم مستقر و کلما عداهم من شعاع نورهم و فاضل ظهورهم وجب ان‌يمدهم الله سبحانه بهم و يفيض عليهم بيده التي هي حقيقتهم کمايفيض سبحانه علي الشعاع بالشمس و لما کان تدبير الخلق انما يکون بالنبوة و الولاية کما قدمنا و النبي9 هو صاحب الاجمال و الولي المطلق هو الظاهر بالتفصيل کان الفيض من البدء (المبدأ خ‌ب1) الحق سبحانه يجري اولا علي النبي9 و منه يفاض علي الولي7 فيفصل و من ظهور الولاية يسري في اطوار الکينونات الامکانية و الاکوانية و من ظهور النبوة يصل علي جهة الاجمال قبل الالزام فان النبي9 مبلغ للحکم الواحد الالهي و الولي7 مجر لذلک الحکم علي کل نفس و کل شخص بکل طور فافهم مااسعدک لو وفقت لفهمه، ثم لما کان الله سبحانه واسع قدرته و بالغ حجته و تام حکمته اراد و احب ان‌يري کل طبقة من هذه الطبقات الثمانية الکلية و جزئياتها عجائب قدرته و غرائب صنعه و عظائم امره و کرائم نواله ليکون له الحجة البالغة و لايکون لاحد عليه حجة سار بخلقه و بريته اي کل طبقة من الطبقات في عوالم کثيرة و مقامات عديدة عجيبة غريبة و لايمکن احصاء تلک العوالم علي الحقيقة و کلياتها علي ما وقفت (وفقت خ‌ب1) عليه في بادي الامر من غير استقصاء النظر و دون تعمق الفکر هي تسعة و عشرون الف الف و تسعمائة و تسعون الف و ثمانمائة و ثمانون عالما و لاهل

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 66 *»

کل طبقة في کل عالم وقوف و استمداد من المبدأ الحق عز و جل و جعل سبحانه لهم شعورا و ادراکا و فهما و اختيارا لکمال قدرته و نور حکمته فلابد ان‌يکون لهم تکليف و افاضة في التکويني و التشريعي اتماما لقابلياتهم لما استحقوا من طبقاتهم (طلباتهم خ‌ب1) و لما بطلت الطفرة وجب ان‌يوصل اليهم تلک التکاليف و الاحکام في التکويني (في الکونين خ‌ب1) بمبلغ و واسطة و ذلک المبلغ من النبي9 و الولي7 کلما کان اشرف و اعظم و احسن و اکرم کان اقرب لاتمام الحجة و اکمال النعمة و ادحض للجاج الاباطل (الاباطيل خ‌ب1) و اقطع لشبهات اهل الضلال و التضليل و اوضح دلالة علي کمال نوره سبحانه و بهائه و قدرته (و نهاية قدرته خ‌ب1) و سعة احاطة علمه و لم‌يکن اشرف من اولئک الاربعة عشر خلق بل هم خلق الله و غيرهم اشعتهم و عکوسات انوارهم فوجب ان‌يحتج الله علي الخلق في کل عالم من هذه العوالم المذکورة و غيرها بهم و يوصل التکاليف و الفيوضات التکوينية و التشريعية الي الخلق بهم فوجب ان‌يکون لهم ظهور (ظهورا خ‌ب1) في کل عالم بطور اهل ذلک العالم و لما کان نضج بنية العالم لايتم الا بالقوسين النزولي و الصعودي انزل الله تعالي الخلق من عالم اعلي الي عالم اسفل الي ان‌وصلوا الي التراب و نالوا نصيبهم من الکتاب فکانت تلک الانوار الاطهار يدبرهم باحکام النبوة و الولاية من وراء حجاب و يمدهم بما لهم و عليهم حسب اعمالهم في تلک المراتب من کل باب الي ان آن (الي آن خ‌ب1) اوان قوس الصعود و مقام الظهور و الشهود و لما کان کل اسفل يظهر في العود و الصعود قبل الاعلي فظهرت المراتب النازلة اولا من الاسفل فالاعلي و لذا کان اول ما وجد و ظهر في القوس الصعودي الجمادات و المعادن و الجبال ثم بعد ذلک خلق الله سبحانه اي اظهر النباتات و الاشجار و الثمار ثم بعد ذلک اوجد الحيوانات ثم بعد ذلک اوجد الملائکة و حشي بهم الارضين و السموات ثم بعد ذلک اوجد الجان و اسکنهم في الارض و لم‌يکن غيرهم حتي عتوا و استکبروا في الارض فانزل اليهم الملائکة الغلاظ الشداد و طهر الارض من لوث

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 67 *»

استيلائهم و انما فعل ذلک ليصفي الارض و يخليها لظهور الدولة العلية العالية الانسانية في اشرف البقاع و احسن الاماکن.

و لما اراد الله سبحانه اظهار الطبقة الانسانية من اهل المرتبة الثالثة کما ذکرنا و کان ما من الله سبحانه مقدما علي ما من الخلق في کل الاحوال فوجب ان‌يکون اظهار الحجة البالغة مقدما علي اظهار الهياکل البشرية و يکون ذلک سببا و منشأ لاظهار سائر النسمات بسر (لسر خ‌ب1) القابليات اما تقدم الحجة فمع ما (في ما خ‌ب1) ذکرنا يکون اتم و ابلغ في الحجة و اکمل للنعمة و لئلا يکون للناس علي الله حجة و کونه اکمل و احسن و اما کون النسل منه فلتقدمه و جريان الفيض علي الاشرف و کون (کونه خ‌ب1) الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اکلها کل حين باذن ربها و لما وجب تقديم الحجة و الواسطة الذي هو النبي9 وجب ان‌يکون اشرف الحجج و اکملها و احسنها و اعلاها لان فعله تعالي يجب ان‌يجري علي اکمل مايمکن في الامکان لسعة علمه و قدرته و غنائه المطلق و قد علمت سابقا ان اشرف الکائنات و المکونات هو الاصل الاول الذي نشأ منه البريات و عرفت انه هو القصبة الياقوتية المشتملة علي اربعة عشر عقدا و ان العقد الاول هو صاحب النبوة المطلقة اشرف العقود ثم بعده العقد الثاني صاحب الولاية المطقة و حامل لواء الحمد کما ذکرنا فمقتضي الاصالة وجوب اظهار تلک القصبة و لکن لما کان (کانت خ‌ب1) تلک القصبة نابتة في اجمة اللاهوت و هي الشجرة (الشجر خ‌ب1) الاخضر الشجرة الزيتونة (الزيتونية خ‌ب1) التي لا شرقية و لا غربية يکاد زيتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار و هي التي ظهرت من تلک الشجرة و مقام الظهور الانساني في مبدأ الصعود بعد انغماره في بحر البرودة و الرطوبة المخلوطة باليبوسة التي هي مقام الادبار و النزول مقام عدم النضج و الاعتدال و الضعف و الفتور و الدثور في کل الاحوال فاذا ظهرت في البدو تلک الانوار الالهية المشرقة من نور شمس الازل بل هي تلک الشمس بملاحظة و نظر و اعتبار و اشرقت علي العالم المغشوش الغير الناضج المستولي عليه برودة الانية

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 68 *»

و رطوبة الميولات الشهوانية فيضمحل و يبطل و لم‌يقدر علي تحمل اشراق تلک الانوار و لم‌يصبر علي تلک النار فيفسد الخلائق و هو خلاف حکمة الخالق الاتري ان الشمس في فصل الشتاء اذا مرت علي سمت الراس رفعه (دفعة خ‌ب1) و استولت الحرارة کيف تفسد المواليد و تبطل و تبيد و اذا بردت اليد مثلا بردا کليا لو حماها (حميتها خ‌ب1) بالنار الشديدة کيف تفسد اليد و کذا ساير الاعضاء فاذا کان هذا حالة اليد الناضجة فما ظنک بالعالم في المبدأ الصعودي قبل النضج التام و الاعتدال الاضافي في العالم (الاضافي العام خ‌ب1) فمقتضي الحکمة ان لاتظهر تلک الشموس الطالعة الا من وراء حجاب و سحاب و لما کانت الحقيقة اذا تعذرت فاقرب المجازات متعين وجب ان‌يظهر في البدو (البدء خ‌ب1) الصعودي في النشأة الانسانية واحد من اهل المرتبة (الرتبة خ‌ب1) الثانية التي عدد اهلها مائة الف و اربعة و عشرون الف لا من اعلاها ليکون کالبلور الحافظ لحرارة نور شمس الاربعة عشر ليکون غايته الاحراق فيعود المحذور الذي ذکرنا بل يکون کالزجاجة لتحکي الشمس بنورها و لايجمع النور المستدعي للاحراق فيکون فيه الحرارة المعتدلة کحرارة شمس الشتاء فيحصل به النضج شيئا فشيئا الي ان‌يبلغ مقام النضج البالغ ليکون صابرا علي النار و ثابتا له القرار فافهم ان ذلک لذکري لاولي الابصار.

فيجب ان‌يکون اسم هذا المبدأ اي الحجة الالهية و النبي الصفي آدم و هو اسم المبدأ المتنزل في عالم الکثرة فان الواحد هو مبدأ الاعداد فاذا فصل کان الثلاثة فاذا نظرت الثلاثة الي نفسها حصلت التسعة و هي کمالها الظهوري خمسة و اربعون و هي عدد حروف آدم و انما استنطق هذا العدد بهذه الحروف لان بالالف اشار الواضع الي انه المبدأ کما ان الالف القائم مبدأ الحروف و بالدال اشار الي انه مؤلف (مؤلف و خ‌ب1) مرکب من الطبايع الاربع المرة الصفراء و السوداء و الدم و البلغم و بالميم اشار الي انه خمرت طينته من هذه الطبايع اربعين يوما کل يوم ظهرت قبضة من الياقوت القبضات (قبضة من القبضات خ‌ب1) العشر في رتبة من المراتب الاربع رتبة العنصر و رتبة المعدن

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 69 *»

و رتبة النبات و رتبة الحيوان و بمجموع عدد الاسم تم وفق المثلث و لذا کان المثلث ابو الاشکال و احسنها و ماسواه انما ينتج منه و اشتق عنه کاشتقاق المشتقات من المصدر و لما کان کل ذکر لايظهر آثاره الا بالانثي و کل فاعل لايکون بلا قابل و کل سماء لايکون بلا ارض و بلامنفعل و کل انثي وجب ان‌يخلقها الله سبحانه من فاضل طينة الرجل کما برهنا عليه في سائر مباحثاتنا و لما کان (کانت خ‌ب1) الانثي في رتبة (الرتبة خ‌ب1) الثانية فيکون الرجل اقوي منها بمرتبتين مرتبة يجتمع فيها معها و الاخري ينفرد عنها و اذا نسبناها الي المثلث يکون لها ضلع واحد منه و الضلعان يخصان بالرجل و لذا کان الرجل وليا و قيما علي المرأة دون العکس فيجب ان‌يکون عدد اسمها خمسة عشر بعدد کل ضلع من اضلاع المثلث و لما کانت وجدت بآدم علي نبينا و آله و عليه السلام و من ظاهر احد اضلاعه اليسري سميت حوا لانها وجدت من الحي فباقترانهما وجب ان‌يظهر النسل و يکثر النوع کما کان باقتران حرکة السماء علي الارض ظهرت المواليد و کائنات الجو و غيرها من المکونات.

و لما ثبت في محله ان تمام الشيء لايکون الا بالستة و لذا کانت الستة هي العدد التام و ثبت ايضا ان العالم عالمان عالم الغيب و عالم الشهادة (و الشهادة خ‌ب1) و دلت الادلة العقلية (القطعية خ‌ب1) علي انهما متطابقان کما ذکرنا (ذکرناها خ‌ب1) في اجوبة بعض المسائل و عالم الشهادة بلغ غايته من التمام و هو البلوغ الي مرتبة (الرتبة خ‌ب1) الانسانية التي هي اشرف المراتب و اعلاها و اقصي الغايات و اسناها في ستة اطوار طور المعادن و طور النباتات و طور الحيوانات من البهائم و طور الملائکة و طور الجن و طور الانسان و في هذه الستة تمت و کملت حتي صلحت لظهور دولة (الدولة خ‌ب1) المبارکة الانسانية فاستدعت ظهور آدم7 و کذلک نضج البنية الانسانية لايکون الا بستة اطوار طور النطفة و طور العلقة و طور المضغة و طور العظام و طور اکتساء اللحم و طور انشاء الخلق الآخر و کذلک نضج الشيء حتي يظهر مشروح العلل و مبين الاسباب لايکون الا بستة ايام يوم الاحد و يوم الاثنين و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 70 *»

يوم الثلاثا و يوم الاربعا و يوم الخميس و يوم الجمعة وجب ان‌يکون (يکون نضج خ‌ب1) عالم الغيب و عالم الارواح لايتم حتي يستدعي ظهور الانسان الکامل و آدم الاول الا بستة اطوار و لما کانت الاطوار الشهودية سبب نضجها و تمامها الاسباب الظاهرية من الفصول الاربعة و المادة و الصورة و الطبايع و القرانات الجسمانية کانت الاطوار العينية (الغيبية خ‌ب1) سبب نضجها و تمامها الاسباب المعنوية و الطبايع الروحانية الحقيقية و هي الاعمال و الافعال و انحاء التوجهات الي الحق سبحانه و تعالي و الميولات الذاتية و العرضية و الحقية و الخلقية‌ و غيرها من الاحوال و کما ان اسباب (الاسباب خ‌ب1) الشهودية لها مبادي من الافلاک و الکواکب کذلک الاسباب الغيبية تکون لها مبادي من الحجج الالهية الظاهرة بالهياکل البشرية کما قدمنا ذکره و بيانه.

و لما کانت هذه الاطوار الستة کل طور اذا انتقل الي طور آخر تنتقل جميع احکامه الي الاحکام الاخر و تبطل الاحکام الاولية عند هذه (الاولة عند هذا خ‌ب1) الموضع المتغير الاتري النطفة فانها ماء ابيض غليظ فاذا صارت علقة يبطل البياض و تاتي الحمرة و کذلک حکم العلقة يرتفع اذا جاء طور المضغة کارتفاع حکم المضغة عند طور العظام و هکذا الي ولوج الروح و بعد ذلک لايرتفع حکمه ابدا الا انه يختلف اختلافا شديدا مع بقاء الاصل و الموضوع الي ان‌يبلغ الولد و يکون حکما لا اختلاف فيه الي ان‌يکبر و يهرم و يموت و يعود الي عالم آخر محفوظ فيه الروح و احکامها فلاترتفع احکامها ابدا کما ان ذات الروح لاترتفع و ان اختلفت احوالها و ذلک واضح معلوم و لما کانت الشرايع بالضرورة هي احکام الهية تحملها حججه و سفراؤه الي المخلوقين المکلفين حسب اقتضاء ارواحهم و ميولات کينوناتهم و هي لما وجب ان‌تکمل و تتم بعد ستة اطوار وجب ان‌يطرأ النسخ علي الشرايع خمس مرات و الشريعة السادسة تجب ان‌تکون باقية و ثابتة علي الدوام الي يوم القيام بل و مابعده من السنين و الاعوام ابد الابد و دهر السرمد لبقاء الموضوع المستدعي للحکم و الفيض الخاص به و نسخ کل شريعة ينبئ عن نضج بنية

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 71 *»

العالم و قوتها بمرتبة او مرتبتين او ثلاث کما ان رفع حکم العلقة و صيرورتها مضغة ينبئ عن قوة الجنين و نضج بنيته و کلما تقوي البنية تقرب الي التحمل لاشراق تلک الانوار الالهية التي کانت هذه الحجج مقدمة لظهورها و ممکنة لقوابل (للقوابل خ‌ب1) للمعان نورها لان (و لان خ‌ب1) الاصل و المقصود بالذات ظهور تلک الحقايق المقدسة المنورة و بهم احتج الله سبحانه علي خلقه و عرف بريته صفاته و اسماءه و لکنه قد حصل مانع لظهورهم و (و هو خ‌ب1) عدم تحمل العالم لعدم نضج بنية النضج التام فظهروا بحججهم و وسائطهم و هم الانبياء من اهل الرتبة الثانية الي ان‌جري النسخ فبعد اتمام الخامسة في السادسة يجب ان‌يظهر روح العالم لوجود المقتضي و رفع المانع و ذلک الروح هو اولئک الاربعة‌عشر الذين بهم قوام الخلق کما ان بالروح (الروح خ‌ب1) قوام البدن و تظهر الروح بعد نضج البدن و قوته لتحمله و ذلک اذا مرت عليه ستة اطوار و کذلک اذا ظهرت الشرايع الست يجب ان‌يکون حامل الشريعة السادسة هو ذلک النير الاعظم و النور الاقدم فيجب ان‌لاينسخ شريعته و لايطفي نوره و لايخفي حجته و وجب ان‌يکون ظهور هذه الشريعة بعد الالف السادس من ظهور آدم الصفي7 لان تمام الشيء قد قلنا في ستة ايام و کل يوم من ايام الدهر في عالم الزمان الف سنة لسر يطول الکلام بذکره و قد بينا ذلک في رسالتنا (رسائلنا خ‌ب1) و مباحثاتنا و اجوبتنا فيکون بين الالف السادس و السابع ظهور هذه الشريعة التامة و الطريقة العامة المطلقة لما بينا و ذکرنا يجب (و يجب خ‌ب1) ان‌يکون حامل هذه الشريعة (الشريعة هذه خ‌ب1) الباقية المستمرة اهل الرتبة الاولي العليا اي قصبة الياقوت و سر الملک و الملکوت و ظهور اهل الرتبة الثانية صاحب الشرايع الاخر تمهيد و مقدمة لظهور هذه الدولة العلية.

و لما کانت النبوة ماشيا و قد ذکرنا سابقا ان حامل النبوة المطلقة هو الاصل و القطب في عالم الاربعة عشر في البدو فوجب ان‌يکون هو الظاهر اولا في العود الاول ليثبت الشريعة (الشريعة له خ‌ب1) و يکون هو متبوعا وحده و ما

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 72 *»

سواه تابعا له و قولي في العود الاول اشارة لدفع ماعسي ان‌يرد علي عبارتنا اذا نظر اليها بعض البالغين مقام الکمال في المعرفة و بيانه موکول الي فهم من خطر بباله الاعتراض و الله الموفق و وجب ان‌يکون له اسمان اسم لاهل الملکوت الاعلي و اسم لاهل الملک الاسفل و الاولون يدعونه احمد و الآخرون محمد9 و مادتهما واحدة و التفاوت في الملحق اما المادة فهي مادة التربيع التي هي شکل الايتلاف و الاجتماع و لذا کان المربع شکل المحبة و المودة و الاجتماع و قد ذکرنا فيما سبق ان مقامه9 مقام الايتلاف و الجمع و الاجماع فقبل النزول الي العوالم لا وجود للکثرة عنده الا بالذکر و اما بعد النزول و الکثرة فوجب (وجب خ‌ب1) ان‌يکون تلک الجهة الجامعة الوحدانية محفوظ (محفوظة خ‌ب1) فيه و ذلک لايکون الا بالشکل المربع الذي غايته التاليف و الاجتماع و الارتباط فوجب ان‌يکون کوکبه الزهرة و هي کوکب الالفة و الاجتماع و الايتلاف و وجب ان‌يکون نکاح النساء لما فيه من قوة الايتلاف و لايکون له حد متعين للنساء لما ذکرنا من شدة الالفة فلاتتحقق جهة منافرة ابدا لا (الا خ‌ب1) انه يجب ان‌تزيد (لاتزيد خ‌ب1) نساؤه علي تسعة (التسعة خ‌ب1) لانها آخر مراتب الآحاد و هي غاية جهات الماهية التي اقتضت کثرة ظهور الواحد في المبدأ و لذا کانت الافلاک التي هي المبادي تسعة و ذلک باعتبار ظهور المبدأ الاصل الواحد في (الاصل في خ‌ب1) تسعة اطوار بحسب المتعلق کما بينا في رسالتنا في الهيئة و تعدد الافلاک ظهور و شرح و حکاية لاجتماع النبي9 مع الزوجات التسع فيکون يومه يوم الجمعة کما کان کوکبه الزهرة.

و لما کان هو صاحب الشکل المربع و کان بين الاسم و المسمي مناسبة ذاتية وجب ان‌يکون اسمه الشريف رباعيا اي اربعة احرف و يکون مادة اسمه ايضا حروفا مربعة و الدال لما کان اول الشکل و مبدأه في الحروف ظهر في آخر اسمه الذي هو الاول في عالم الغيب فلما تکررت الدال کانت الحاء و تکرار الدال اشارة الي نزوله من عالم اللانهاية الي عالم النهاية ثم الحاء

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 73 *»

تکررت خمس مرات ظهرت الميم و هي اشارة الي اطوار نزوله في عالم النهاية من العقل المرتفع الي العقل المستوي الي العقل المنخفض الي الروح الي النفس و هناک مقام الذر الاول و تمايزت النسمات فبعث عليهم بنشر التکاليف و الشرعيات و لما کان الدال تکرار الباء و هي تکرار الالف الذي هو المبدأ و کان هذا الاصل الاقدم و النور الاعظم9 هو مبدأ الکل فمقتضي المناسبة الذاتية ان‌يأتوا بالالف الذي هو المبدأ و يجعلوا مبدأ اسمه للتحکي عن کونه (ليحکي کونه خ‌ب) هو المبدأ فسمي احمد و هذا اسمه الشريف في الملکوت الاعلي لکونه (لکون خ‌ب1) اهله اقرب الي المبدأ من الملک الاسفل و اما اهل الاجسام و خاصة اهل الارض فتزيد (فزيد خ‌ب1) لهم الميم لبيان نزوله من عالم الملکوت الي ذلک العالم بعد خمسة عوالم و هي تکرار الحاء في عالم النفس و عالم الطبيعة و عالم المواد و عالم المثال و عالم الاجسام و شدد الميم الثاني لبيان اتصال عالم الغيب و عالم الشهادة فالميم الاول لبيان عالم الشهادة کما ان الثاني لبيان عالم الغيب و تقديم (تقدم خ‌ب1) مقتضي عالم الشهادة لحکم المناسبة لاهل العالم فيکون اصل اسمه حم و الاول و الثاني ظهور و اصل فالميم الاول ظهور الحاء و الحاء ظهور الدال فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم.

و لما کان مقام اهل هذا العالم ابعد من (عن خ‌ب1) المبدأ من العالم الاول ماظهر المبدأ في اصل الاسم في عالم الکثرة و الاختلاف فقالوا محمد9 يجب (و يجب خ‌ب1) ان‌يکون ابوه اسمه عبدالله لان الاب يحکي (يحکي عن خ‌ب1) جهة العقل و الام تحکي (تحکي عن خ‌ب1) جهة النفس و لذا کانت المرأة عورة يجب سترها بخلاف الرجل و العقل اول مقام العبادة و ينبوعها اذ العبادة في مقام الفرق و هو اول ذلک المقام و لما کان هو9 في مقام الجسم و الجسمانيات لم‌يخرج عن حکم العقل الکلي و مايقتضيه من احکام العبادة فماوصل الي ما وصل الا بالعبادة و العبودية فکانت العبادة اصلا له في بلوغه الي مقام (مقامات خ‌ب1) القرب و الزلفي في

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 74 *»

عالم الادني فوجب ان‌يکون ابوه الظاهري عبدالله و لذا کان بينات محمد9 يوافق زبر عبدالله (بينات عبد يوافق زبر محمد9 خ‌ب1) و البينات فرع للزبر کما تقرر في محله و الولد فرع لوالده من حيث الولادة و ان کان الجامع اقوي فان العقل اشرف من الجسم و العاقل اشرف من العقل و الظاهر علي طبق المعني و الصورة علي مثال الحقيقة فافهم فان تفاصيل هذه الاشياء مما ابي الله اظهارها و اعلانها.

و يجب ان‌يکون مبعثه الشريف بعد مضي اربعين سنة من ولادته لانه مقام الکمال لاجتماع مراتب القابليات و المقبولات و کمال نضج الطبيعة و اعتدال البنية لئلا يکون للناس علي الله حجة و يجب ان‌يکون يوم المبعث يوم النيروز اول انتقال الشمس الي برج الحمل و هو يوم (اليوم خ‌ب1) الذي خلق الله الدنيا و يعود العود کالبدء و يتصل الآخر بالاول لان مقام ظهوره9 اول مقام نضج العالم و صفائه و اعتداله فان في اول ظهوره9 استدار الزمان کهيئة يوم خلق (خلق الله خ‌ب1) السموات و الارض فان طالع الدنيا يوم خلقت سرطان و الشمس في شرفها في برج الحمل و لما کانت الام جهة ظهور النفس و هي علي (هي لها خ‌ب1) سبعة اطوار و اکملها المطمئنة ثم الراضية ثم المرضية ثم الکاملة و کل هذه النفوس مقام العصمة فتکون (الرحمة فيکون خ‌ب1) آمنة من کل خطأ لکونها تابعة للعقل الذي هو عبدالله فالعبد لم‌يزل متوجها الي مولاه و تابعه کذلک فاين الغفلة و اين (فاين خ‌ب1) الخطاء و الزلل و لما کان الاب الظاهري دليل العقل و الام الظاهرية دليل النفس و هذا النبي9 لما کان يجب ان‌يجمع جميع الکمالات علي الاطلاق وجب ان‌يسمي ابوه عبدالله و امه آمنة ثم لما کان يجب ان‌يکون واقفا في اعلي المقامات و اشرف المراتب حتي لايشد (لايشذ خ‌ب1) عنه کمال في الکون وجب ان‌يکون وقوفه في مقام الفؤاد و هو اعلي مشاعر الانسان يکون بذلک ملقبا بالحبيب لان الفؤاد مقام المحبة في کنت کنزا مخفيا فاحببت ان‌اعرف و يکون هذا الصعود بعد النزول و امتياز مراتب الشهود

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 75 *»

و لما کان مقام العقل و النفس مقام القيود و رتبة الحدود وجب ان‌يبقي9 يتيما من غير اب و ام و يکون منفردا في النشو و متوکلا علي الحق المطلق و حاميا حول ربه لا حول نفسه و لا حول قلبه.

ثم لما ذکرنا سابقا ان مقامه9 مقام الاجمال و البساطة و هو مقام النبوة و هو المتصدي لامرها و الحامل لاعبائها يجب (و يجب خ‌ب1) ان‌يکون هذا المعني ظاهرا لکماله المطلق في ظاهر بشريته وجب ان‌يکون علي کتفه الايمن خاتم النبوة لبيان انه الحامل علي کاهله اعباء النبوة و احکام الرسالة و ماسواه تابع له مطيع لامره و مقدمة لظهوره ثم لما بينا انه القطب و ان مقامه الوحدة و الاجمال و الکلية و ظهور نوره و آية نبوته و معلن حجته و ناشر امره و مقوي سلطانه انما هو الاصل القديم (القديم الذي خ‌ب1) هو الفرع الکريم و هو الاصل في الاثني عشر الذي قلنا سابقا انهم الاصول و عليهم تدور الفصول و ان الاصل فيهم واحد نسبته الي القطب اي الي محمد9 نسبة الکرسي الي العرش فلايظهر العرش و ظهور نوره و فيض آثاره الا بالکرسي فلولا الکرسي و الکواکب لم‌يکن للعرش ظهور اصلا في ترتب الآثار عليه و انه الاصل و لما کان تمام الصنع ان‌يوجد التفصيل بعد الاجمال و الکثرة بعد الوحدة ليدل علي کمال قدرته العامة و رحمته الواسعة التامة وجب ان‌يکون ذلک الاصل معه في الوجود في کل عالم بکل طور و يکون تابعا له و لکنه ناشر لاحکامه و معلن لاسلامه و اوامره و نواهيه الجزئية المشخصة فيکون هو وزيره و اميره و صاحب لوائه و ينبوع قدرته و يجب ان‌يکونا اخوين في العالم الاعلي و ابني عم في العالم الاسفل و شرح هذا يطول به الکلام الا اني امثل لک مثالا تستنبط منه نوع المطلوب.

فاعلم ان العرش و الکرسي هما بابان من العلم فالعرش باب باطن و الکرسي باب ظاهر و الاول مقام الاجمال و الثاني مقام التفصيل و هما اخوان خلقا من نور واحد و من طينة واحدة الا ان الجعل تعلق اولا بالعرش ثم بالکرسي اي قيل بقول (يقول خ‌ب1) کن لنصف عرشا و للنصف الآخر کن

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 76 *»

کرسيا و لا عکس ثم لما ظهرا في العالم الثاني عالم الافلاک بظاهرهما تولدت من العرش الشمس و من الکرسي القمر فالشمس و القمر ابنا عم في مقام الافلاک ثم صارت الشمس تستمد من الکرسي و لذا ليس لها عرض اذ لاتتعدي عن منطقة البروج ابدا و القمر يستمد من الشمس فابو الشمس العرش و ابو القمر الکرسي و الباطن اب للظاهر کما ان الظاهر اب للباطن فالعرش مثال محمد9 في العالم الاول الاعلي الذي ذکرنا و الکرسي مقام وزيره و اميره و صاحب لوائه الذي ذکرنا في العالم الاول و العرش (الشمس خ‌ب1) مثال محمد9 في العالم الثاني و القمر مثال وزيره (الوزير خ‌ب1) في العالم الثاني فوجب ان‌يکونا ابن (ابني خ‌ب1) عم فمحمد9 يستمد من باطن (باطنه خ‌ب1) وزيره في الاحکام التفصيلية التي تأتي بها الملائکة من احکام النبوة في الخصوصيات و باطن الوزير يستمد من باطن محمد9 و ظاهر الوزير من ظاهره.

ثم لما کانت الشمس تلازم منطقة الکرسي الذي هو ابو القمر و الکرسي يربيها فوجب ان‌يکون محمد9 يربيه بوزيره (ابو وزيره خ‌ب1) و کما ان القمر يتربي عند الشمس وجب ان‌يکون الوزير يتربي عنده (عنده9 خ‌ب1) لان تدبير الله سبحانه في الوجود کله (کله علي خ‌ب1) نمط واحد کما برهنا عليه في سائر مباحثاتنا و رسائلنا و لما عرفت ان الولاية هي الظاهر بالتدبير و الامر و النهي و اعطاء کل ذي حق حقه و السوق الي کل مخلوق رزقه و کان قد ظهر هذا المعني في عالم الکثرة و التميز بصاحب التفصيل الذي هو الوزير وجب ان‌يکون هو ولي الله کما ان محمدا9 نبي الله لانه الظاهر بالانذار و التبليغ فحسب کما يقتضيه مقامه9 و لما کان الولي هو حامل تدبير الله المتحقق بمشيته و ارادته في کل اطوار الکائنات المفصلة و مشية الله هي کلمة کن و استنطاق هذه الکلمة عين و الخلق علي رتبتين رتبة القابليات و رتبة المقبولات فالاولي علي ثلاثين مرتبة عدد ميقات موسي و الثانية علي عشر مراتب و هي

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 77 *»

اتمام الميقات و الولي هو حامل آثار المشية الي هذه الاطوار وجب ان‌يکون في اسمه الشريف مايدل عليه لما ثبت ان بين الاسم و المسمي لابد من المناسبة الذاتية فوجب ان‌يکون اسمه عليا7 فالعين اشارة الي المشية و کلمة کن و اللام اشارة الي مراتب القابليات و الياء اشارة الي مراتب المقبولات و هذه الصورة هو فعل ماض مستول علي الافعال کلها و لها هيمنة علي المشتقات باسرها و المصدر مشتق من الفعل الماضي و علي حرف من الحروف الجارة يعمل معمولها بالجر اليه و علي اسم المبالغة و علي علم لتلک الذات المقدسة ففي الاول و الثاني يعمل و لايعمل عليه و في الثالث يعمل و يعمل عليه و في الرابع يعمل عليه و لايعمل و هي جوامع مقامات الکلمة الکونية (الکونية و خ‌ب1) الحرفية و اسرار هذا الاسم الشريف مما لايحصي و قد ذکرنا شطرا منها في شرح الخطبة الشريفة الطتنجية و الآن ليس لي ذلک الاقبال حتي استقصي المطالب و مرادي نوع الاشارة الي حقيقة الامر فاذا ثبت له الولاية کان قاسم الجنة و النار لانه الذي يعطي کل ذي حق حقه و يسوق الي کل مخلوق رزقه من الامدادات الالهية من جهة محبته تعالي و من جهة سخطه و غضبه و لما کان علي7 فرعا من محمد9 و الاصل هو الاب فظهرت کنية محمد9 و هو ابو القاسم اي ابو قاسم الجنة و النار فالجنة بمتابعة محمد9 فيما بلغ و النار بمخالفته و لما کان الولي هو طالب کل شيء لايصاله الي غاياته المقررة له ظهرت کنية ابيه و هو ابوطالب و اسمه عمران و وجه التسمية ظاهر.

و لما ذکرنا ان الاربعة عشر واحد منهم قطب و واحد آخر جامع و حاو نسبته اليهم نسبة المحل الي الحال و المحل الظاهر منه الحال بتفاصيل احکامه يجب ان‌يکون الغالب عليه البرودة و الرطوبة و هي طبيعة الانثي و لما کانت هذه من سنخهم و من حقيقتهم و زيادة الاعتناء في شانها وجب ان‌يکون بنتا لمحمد9 من غير عکس لان محمدا9 ليس صاحب التفصيل حتي يظهر منه تلک الانوار الاحدعشر و هو مختص بعلي

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 78 *»

7و لا ثالث هنا من سنخهم في مقامهم فوجب ان‌يکون بنتا لمحمد9 لا ابنا لما ذکرنا حتي تکون زوجة لعلي7 فيکون علي7 هو اصل لتلک (تلک خ‌ب1) الانوار و تلک البنت (النسب خ‌ب1) حامل تلک الاسرار ان في ذلک لذکري لاولي الابصار و لما کانت هي آخر المبادي فيکون نسبة هؤلاء الاربعة عشر: في الکائنات نسبة الآحاد الي سائر المراتب من الاعداد و لذا قلنا انها آخر المبادي کالتسعة فانها آخر الآحاد و جامعة لمراتب هذه المبادي و من جهة المناسبة بين الاسم و المسمي و المرابطة بين اللفظ و المعني وجب ان‌يکون اسمها الشريف استنطاق التسعة‌ و هي (هو خ‌ب1) الطاء فاذا ضم معها کمالها (کمالاتها خ‌ب1) الظهوري و الشعوري فتظهر من کمالها الظهوري خمسة و اربعون و استنطاقها مه و من کمالها الشعوري واحد و ثمانون و استنطاقها فاء و اذا جعلت الطاء قطبا و قدم الکمال الشعوري و اخر الظهوري يکون فاطمة فظهر اسمها الشريف صلوات الله عليها حاکيا لمقامها و مرتبتها في التکوين و يجب ان‌يزوجها الولي صلوات الله و سلامه عليه اذ لا کفو لها سواه لانها لاخراج تلک الانوار المقدسة المطهرة و هي ارض لانبات (لاثبات خ‌ب1) تلک الاشجار الطيبة التي اصلها ثابت و فرعها في السماء و ليس لسقي تلک الارض الا علي صلوات الله و سلامه عليه فيجب ان‌يکون الله قد زوجه منها في السماء و قد حکي هذا العقد و الزواج و الاتصال في السماء فلک الجوزهر الحاصل من تقاطع الشمس (الشمس في خ‌ب1) خارج مرکزها المتحرکة علي التوالي و القمر في ممثله المتحرک علي خلاف التوالي و حصل من هذا التقاطع النقطتان و تقاطع الفلکين هو امتزاج البحرين و النقطتان هما اللؤلؤ و المرجان اي الحسنان8 الحاصلان من ازدواج علي و فاطمة8 فان الرجل طبعه الحار اليابس کالشمس و المرأة طبعها البارد (البارد الرطب خ‌ب1) کالقمر و بين الطلوعين حکاية ازدواجهما8 في الارض و السماء و لذا کان هو من ساعات الجنة و قوام العالم بهذه (هذا خ‌ب1) الازدواج

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 79 *»

و الا لفسدت الاشياء و بطل النظام و لم‌يظهر اولئک الائمة الاعلام: اذ الحرارة اذا قويت و لم‌يکن برودة و رطوبة تحملها و تعدلها لم‌تظهر و احرقها (احرق خ‌ب1) ماسواها و لذا تجد السراج اذا خلي من الدهن انطفا و ذهبت الحرارة و تعلقت بمرکزها و اذا کانت البرودة و الرطوبة و لم‌تکن الحرارة لم‌ينضج شيء و لم‌يظهر و لم‌يوجد فباجتماعهما يتسق النظام فالحرارة تنضج و البرودة تعدل الحرارة و تکسر سورتها و تکون حجابا بينها و بين الاشياء و الرطوبة تحملها و تحمل آثارها فلولا التسعة لم‌تظهر الآحاد و لولا نظر الثلاثة الي التسعة (التسعة بنظرها خ‌ب1) في نفسها في الرتبة الثانية لما کانت التسعة و لما کان المثلث مقامه التفريق کخاصيته و المربع مقامه الجمع و التاليف کخاصيته و کان محمد9 هو صاحب مقام الجمع و التاليف و علي7 هو مقام الفرق و التفصيل لوحظ هذا المعني في اسمهما فجعل اسم علي7 مثلثا کما جعل اسم محمد9 مربعا و لذا تجد ان اللام و الياء المفصلتان الممتازتان في اسم علي7 قد اجتمعتا (جمعتا خ‌ب1) و ائتلفتا في ميم محمد9 و قد صح عندنا کما برهنا عليه في مباحثاتنا ان اصل الاسم في الحروف (الحرف خ‌ب1) الاوسط بل هو الحرف الاوسط فان کان الاسم حروفها فردا کان الاصل واحدا و ان کانت زوجا کان حرفين فاسم علي7 علي هذا هو اللام و ليس مخرج الربع و انما هي مخرج الثلث و هو الياء التي بعد اللام اشارة الي هذه الدقيقة و اسم محمد9 حم فالحاء (و الحاء خ‌ب1) مخرج الربع کالميم و ليس مخرج الثلث.

و لما کان فاطمة3 شان من شؤون محمد9 و مقامه مقام الاجمال و ان کان مقامها التفصيل کما يشهد عليه اسمها الطاء و کمال (کمالها خ‌ب1) الظهوري معه (مه خ‌ب1) اذ ليسا مخرج الربع و انما هما مخرج الثلث الا (الا ان خ‌ب1) هذه النسبة اثرت فيها فوجب ان‌يکون لها من علي7 ابنان الاکبر منهما يحکي مقام جده مما حکته امه الطاهرة

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 80 *»

3 و الاصغر منهما يحکي مقام ابيه الطاهر فوجب ان‌يکون النسل و شعب الانوار المطهرة و الاعلام المقدسة من الاصغر لانه صاحب مقام ابيه الظاهر بالولاية التفصيلية و لما کان الولد فرع الوالد اي بسطه و تکريره و کان الوالد مبدأ اسمه اللام وجب ان‌يکون مبدأ اسمهما السين لانهما تکرير اللام و انبساطها و لما کانا حاکيين مقام جدهما9 من جانب الام التي هي فرع للاب و صفة له وجب ان‌يکون في اسمهما حرف هي صفة حرف اسم جدهما و لما کان اصل الاسم هناک (هنا خ‌ب1) الميم و بيناتها نون و هي صفة الزبر وجب ان‌يکون النون فيهما بعد السين و لما کانا مع جدهما من طينة واحدة و حقيقة واحدة مع کونهما انزل منه مرتبة فلابد ان‌يکون في اسمهما مايدل علي ذلک و کان اصل اسم جدهما حرفين فالميم ظهرت فيهما بالبينات لبيان ماذکرنا فالحاء يجب ان‌يجعل في اسمهما بعينها ليدل (لتدل خ‌ب1) علي انهم حقيقة واحدة فصارت مادة اسمهما السين والحاء و النون فالسين لکونها اصلا (قطبا خ‌ب1) هناک وجب ان‌تکون في الوسط و النون لکونها فرعا وجب ان‌تکون في الآخر و الحاء لکونها اصلا وجب ان‌تکون في الاول فکان حسن فسمي الاکبر به و الاصغر ايضا کذلک و لما ذکرنا ان الاصغر هو صاحب مقام التفصيل و الانوار العشرة الباقية يجب ان‌تظهر (يظهر خ‌ب1) فيه زيدت الياء بعد السين لبيان ان تلک العشرة الکاملة هو و اولاده الطاهرون سلام الله عليهم اجمعين و هذا الذي ذکرنا لک اشارة و تفصيل الامر بالاجمال في خصوصيات الاسماء و اسماء باقي الائمة: ذکرناه في اجوبة المسائل العاملية و نقتصر هنا بما لم‌نذکر سابقا.

و قد عرفت ان وفقت له ان هؤلاء الاربعة عشر بهم قوام الوجود و وجه الله المعبود و يد الله الباسطة علي کل موجود و مفقود و حکمه الجاري علي کل مخفي و مشهود لهم الهيمنة العليا و السلطنة العظمي و الرياسة الکبري و لهم ان‌يظهروا کما يشاؤون بما يشاؤون لما يشاؤون کيف يشاؤون اين يشاؤون اني يشاؤون اذ لايشاؤون الا ان‌يشاء الله و لايشاء الله الا مايشاؤون فلهم

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 81 *»

: ان‌يظهروا کلهم دفعة في الوجود من غير انتقال و تدريج (تدرج خ‌ب1) و تقديم و تاخير و لهم: ان‌يظهروا علي احوال اخر الا ان الحکمة اقتضت ان‌يظهروا في العالم متدرجين و يجري عليهم کما يجري علي الناس من المصائب و الآلام و الموت و المرض و ان‌يکون ذرية بعضها من بعض و الحکمة في ذلک امور کثيرة لاتدخل تحت قاعدة ضبطنا و فهمنا الا ان الذي ظهر لي منها امران احدهما اقتضاء بدو کونهم و شانهم ذلک في علم (عالم خ‌ب1) الغيب و لايتيسر لي تفصيل هذا المجمل و تبيين هذا المفصل فانه ممايحفظ في الصدور و لايکتب في الدفاتر و السطور و ثانيهما انهم: انما ظهروا لارشاد الخلق و لتمکين قابلياتهم لتحمل اوامر الحق و نواهيه فلابد ان‌يخاطبوهم بلسانهم و لغتهم (نعتهم خ‌ب1) و يظهروا لهم حسبما تحتمله (تحمله خ‌) جنانهم و افکارهم و عقولهم و الناس في مقام اول الصعود و غلبة الرطوبات المعنوية و عدم نضجها نضجا بليغا بالحرارة القوية بانواع التعفينات و التقطيرات مايفهمون مقتضي الربوبية و العبودية و لايعرفون حکم الحدوث و القدم في الاغلب فلو انهم: ظهروا دفعة واحدة و بقوا ابد الابد و دهر السرمد و لم‌يتغيروا و لم‌يتبدلوا و ظهروا کما يقتضيه مقامهم او بعض ذلک فاغلب الناس توهموا فيهم الربوبية و اتخذوهم آلهة يعبدون من دون الله و اتسع فج تصرف الشيطان فيهم فضلوا عن الطريق او ان الذين يعاندونهم و لايحبونهم لايمکنهم مخالفتهم لقوة امرهم و شدة بطشهم و سلطانهم فلم‌يتميز الخبيث من الطيب الذي وضع الدنيا و نزول الخلق اليها من جهة الامتياز فکانوا سبب ضلالة الخلق بعد ان‌جاؤوا و ظهروا لاجل الهداية فلابد ان لايخرجوا في الظهور الکوني الدنياوي دفعة واحدة و يکون خروج بعضهم عن بعض لئلايختلط غيرهم معهم و يکون حجة علي الخلق في شدة نورانيتهم اذا کانوا بعضهم من بعض بخلاف ما اذا تشتتوا لاتساع دائرة الاحتمال و الشبهة عند ذلک فوجب ان‌يکون ظهورهم و نشوهم في الدنيا علي حسب ماعليه اهل الدنيا و لابد ان‌يکون لهم ظهور آخر علي حسب ما لهم من المقتضيات الاصلية اذا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 82 *»

نضجت الطبايع و قويت البنية و نترقب ذلک الظهور و نرجو من الله تعالي ان‌يسعدنا بذلک بحقهم و حرمتهم.

ثم لما کان الله سبحانه قضي في عباده بحکمين نفذت فيهما قدرته و حتمت عليهما مشيته فلايتعداهما و لايعدل عنهما اذ في العدول تضييع للخلق و افساد للحکمة احدهما ان لايلجأ احد (احدا خ‌ب1) الي التکليف و قبول الايمان و امتثال الامر و النهي لان الله تعالي لم‌يطع باکراه کما انه لم‌يعص بغلبة و ثانيهما ان‌يظهر حجته و يعلن کلمته و لايخفي علي احد امره تعالي ليکون له الحجة البالغة علي جميع خلقه فعند بعث النبي محمد9 لما کانت الطبايع غيرناضجة و الزمان في اول بلوغ الحلم و النفس الامارة في غاية الاستيلاء و التسلط و الشيطان قد بسط دعاءه (دعاته خ‌ب1) و اجابه الخلق من کل جانب فلايقبل الخلق الي الطاعات و العبادات بل لايلتفت الي طلب الحق و طلب تحصيله و طلب معرفته حتي يصلوا الي ما اراد الله منهم من التکليف ليقبلوا او ينکروا فلابد ان‌ينبههم النبي9 علي ذلک و لما کان التنبيه باللسان لايلتفتون اليه و لايصغون الي قائله و لاينتشر بذلک صيت الدين و الاسلام و التکليف فوجب (فوجب عليه خ‌ب1) ان‌يقاتلهم بالسيف فانه هو الذي تهيج (يهيج خ‌ب1) العضلات و يبعثها للطلب اما للاخذ او الدفع فيستعينون بغيرهم فيشتهر الامر شيئا فشيئا فوجب علي النبي9 ان‌يسل سيفه و لکن لايلجأهم الي الايمان فيقبل منهم الفداء و الجزية و يقبل منهم الرحم و القرابة و يؤلف قلوبهم حتي لايلزم الالجاء و يکون المقصود اسماع الکلمتين لعامة المکلفين و لما کان في سل السيف توهم الالجاء و قد دخل في دينه من لايحب الله فيکون المؤمنين به9 علي اربعة اقسام کما ذکرناها في سائر مباحثاتنا و واحد منهم و هم القليلون من المخلصين وجب ان‌يامر وصيه عليا7 بعد ان‌يمضي بالموت لما ذکرنا بعدم سل السيف حتي يتميز الخبيث من الطيب و يجعل الله الخبيث بعضه علي بعض فيرکمه جميعا فيجعله في جهنم فوجب ان‌يقعد7 مع اظهار حقه و اعلان

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 83 *»

کلمته عن القتال و الجدال حتي تستنطق الطبايع و تستظهر السرائر و تبدو مستجنات الضمائر الي زمان طويل قد آن للدين ان‌يندرس و للاسلام ان‌ينطمس سل السيف (سيفه خ‌ب1) و اظهر امره و هذا الذي اردت ايراده باب طويل يحتاج الي بسط في المقال و لااحب ايراده هنا و احب ان‌اجعل له رسالة منفردة اذکر فيها جميع شقوقها و تفاصيلها العجيبة و الغريبة حسب التماس بعض من يجب علي رعايته.

و الکلام الموجز الجامع لما اردت بيانه هو ان الله سبحانه لابد ان‌يجعل للباطل دولة و اياما حتي لايحتجوا اهل الباطل و يقولوا لوجعلت لنا دولة و اياما لکنا اطعناک و هو سبحانه يريد قطع حجة کل محتج و رفع عذر کل معتذر فجعل لهم الدنيا الدنية فالاستيلاء في الدنيا لهم فاذا کان الاستيلاء للاعداء و هم يحبون و يسعون في اطفاء نور الائمة: و اخماد ذکرهم فوجب ان‌يجري عليهم: المحن و المصائب و الآلام و التقية و الخوف و ايقاع الاختلاف بين رعاياهم و غنمهم ليشابهوا بذلک اهل الباطل من الاعداء ليسلم بذلک رقابهم و لينالوا بذلک ثوابهم و يصيب الاعداء نکالهم و عقابهم و مع ذلک کله يجب ان‌يتم نورهم في قلوب من ارادهم و انقطع اليهم: حتي تمضي دولة الدنيا فيکثرون (فيکررون خ‌ب1) و ينالون نصيبهم من الکتاب و يفوز شيعتهم بذلک الآيات (الاياب خ‌ب1) و يکون اعداؤهم في جهنم و سوء المآب و هذا مجمل من نوع الاشارة الي النبوة الخاصة و الولاية الخاصة بالدليل القطعي العقلي من غير تمسک الي نقل و (و الي خ‌ب1) اجماع و تواتر و آحاد و غير ذلک بل بمحض الفطرة من غير الاستناد الي احد من المخلوقين و کم من عجائب ترکتها و غرائب کتمتها لامور منها عدم تحمل الناس فيسارعون اليها بالانکار و قد قال مولانا سيدنا سيد الساجدين7 لاتتکلم بما تسارع العقول في انکاره و ان کان عندک اعتذاره و ليس کلما تسمعه نکرا تسعه (توسعه خ‌ب1) عذرا، و منها و هو اکثرها لکثرة الکسل و الملل لتراکم افواج الهموم و الغموم و الامراض و تشتت البال و

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 84 *»

اختلاف (اختلال خ‌ب1) الاحوال و منها ما لااقدر علي التعبير عنه و ان‌کان عندي معناه و مراده (مؤداه خ‌ب1) و لکني لم‌اعط له عبارة و ذلک دليل عدم الاذن للاظهار و منها لاحتياجه الي بسط في المقال و تمهيد مقدمات طويلة لايسع الوقت ايرادها و لوجوه اخر.

و بقي الکلام في المرام (في هذا المراد خ‌ب1) في مقامات شتي و مطالب اخري و الذي ذکرت لونظرت اليه بنظر الانصاف لوجدت شرابا زلالا و صحوا بلاغبار و ان خفي عليک شيء منها فليس هو لقصور فهمک و انما هو لغموض المطلب و علو المسألة و مع ذلک فلو تدبرت فيما ذکرت بالفطرة المستقيمة الغير المعوجة لشبهات المتوهمين تبين (المموهين يتبين خ‌ب1) لک الحق و الله خليفتي عليک و قد قال الشاعر:

و من حضر السماع بغير قلب

و لم‌يطرب فلايلمِ المغني

قال سلمه الله تعالي: المعروف من العلماء (علمائنا خ‌ب1) رضوان الله عليهم ان خيال صورة المرشد للمسترشد حرام و لم‌نجد علي ذلک دليلا من العقل و لا من الکتاب و السنة مع ان مقتضي القاعدة ان ما لم‌يصل عن صاحب الشريعة حکم (حکم بتحريم خ‌ب1) شيء فالاصل فيه الاباحة دون الحرمة فما الدليل علي ذلک من المنع و ليس هناک (هنا خ‌ب1) اجماع حتي يتمسک به الي هنا قطعت الکلام و السلام عليکم و علي من حضر لديکم و رحمة الله و برکاته.

اقول ما مرادهم بتخيل صورة المرشد ان کان مرادهم انه يتخيل صورة المرشد و يقصر نظره و التفاته و توجهه اليه في کل وقت من الاوقات و کل حال من الحالات حتي في وقت العبادات و الذکر و التوجه الي الحق سبحانه و تلاوة القرآن و امثالها من الحالات فحين ما يصلي يکون نظره في الصلوة و القرآن (القراءة خ‌ب1) الي صورة المرشد لا ان‌يکون التفاته و توجهه الي الله سبحانه فهذا لاشک في بطلانه و تحريمه اما من العقل فان العبد لايکون موحدا حتي يوحد الله سبحانه في المراتب الاربع توحيد الذات (و خ‌ب1) توحيد

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 85 *»

الصفات (و خ‌ب1) توحيد الافعال (و خ‌ب1) توحيد العبادة بان‌يعتقد ان لا شريک لله تعالي في ذاته و لايصدق علي غيره تعالي صفاته و لايعنيه (لايعينه خ‌ب1) احد في افعاله و لايشارک غيره تعالي في عبادته بان لايري معبودا سوي الحق عز و جل و معني ذلک ان‌يعتقد بانه لايجوز ايقاع النظر و الالتفات الي غيره سبحانه فان کان هذا المريد يقع عبادته لذلک المرشد فلاشک في کفره و ان کان لله سبحانه و يقع توجهه و التفاته الي غيره سبحانه و لايکون توجهه الي الله عز و جل فهو المنافق المستهزئ حيث يجعل الصورة الظاهرية في القصد لله (القصد انه خ‌ب1) عز و جل و يجعل توجه قلبه و التفاته الي غيره سبحانه و قد قال مولانا الصادق7 علي ما روي شيخي و ثقتي اطال الله بقاه عنه7 ما معناه ان العبد اذا قام في صلوته و لم‌يقبل بقلبه اليه سبحانه و يجعل التفاته الي غيره تعالي اما يخاف الله ان (اما يخاف ان‌ خ‌ب1) يقلبه الله تعالي حمارا و قد فعل و قال ايضا7 کل مايشغلک عن الله عز و جل فهو صنمک و لاشک ان تلک الصورة حين التوجه اليها شاغلة عن الله عز و جل فيکون الصنم الذي يعبد من دون الله و قد دل العقل القاطع بمضمون هاتين الروايتين فتکونان صحيحتين و ان کان ضعف في سندهما مع شهرتهما کغيرهما من الاخبار في هذا الباب بل کل الاخبار الدالة علي لزوم التوجه الي الله تعالي في العبادات و الاذکار و ذم من يذکر الله و قلبه مشغول بغيره يتناول المقام.

فان قلت فعلي هذا يجب ان‌يکون الناس اغلبهم يفعلون الحرام حيث ان قليلا منهم يتوجهون الي الله تعالي بقلوبهم وقت العبادة و الا فاکثر الناس لاهية قلوبهم.

قلت لاشک ان الذي يتعمد التوجه و الالتفات الي الغير و يفعل (الغير يفعل خ‌ب1) الحرام فانه حينئذ کالمستهزئ بل هو المستهزئ کما دلت عليه الروايات الکثيرة اما (و اما خ‌ب1) الذي يشتغل قلبه في الصلوة و هو لايحب ذلک و لايري ان فيه حسنا بل يعلم انه قبيح فلابأس بذلک فيکون سبيله سبيل من

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 86 *»

يخطر بخاطره الخطورات الغير المشروعة فان کان متعمدا بذلک فهو معصية الا ان الله تفضل عليه فيما هو متعلق بفعل الخارج (الجوارح خ‌ب1) فلايکتب عليه و لايؤاخذه تسهيلا و تخفيفا علي هذه الامة و اما ماسوي ذلک فعقوبته هول المطلع و ان کان من غير محبته و اختياره فلابأس به و ان کان من جهة الضعف في الايمان و اما ما قال النبي9 فانه والله من محض الايمان يريد به التألم الحاصل للعبد عند خطور (حضور خ‌ب1) ذلک الخاطر لا نفس الخطور فانه لاشک انه من ضعف الايمان و اليقين و اما الذي يتعمد تصور الغير عند ذکر الله عز و جل و لايلتفت الي الله فهو خارج عن الايمان.

فان قيل انهم انما فعلوا و تخيلوا صورة المرشد ليکون سبب قربهم الي الله عز و جل حيث انهم في کمال النقصان و المرشد في غاية الکمال فهم لايليقون للتوجه الي حضرة القدس فتشبثوا بذيل کمل اوليائه الاقرب فالاقرب.

قلت هذا بعينه حجة عبدة الاصنام الذين اسسوا الصنم اولا کما حکي عنهم صاحب الملل و النحل فان هذه الاصنام اشباح و صور للمبادي العالية فلافرق بين ان‌تصنع هيکلا و صنما بالخشب او الذهب و بين (بين ان خ‌ب1) تصنع صنما و هيکلا و صورة في خيالک و تجعلها بين يديک حالة التوجه فانهم قالوا ايضا مانعبدهم الا ليقربونا الي الله زلفي کما حکي الله سبحانه عنهم بعد ما اکد الاخلاص و التوجه اليه تعالي بسر الاخلاص (الاختصاص خ‌ب1) فقال عز من قائل فاعبد الله مخلصا له الدين، الا لله الدين الخالص فانظر هل تري ان متخيل (المتخيل خ‌ب1) صورة المرشد حال العبادة تجوز في نفسک انه اخلص العبادة و الدين لله عز و جل بل هو اخلص العبادة و الالتفات الي مرشده (المرشد خ‌) بحيث مايشارک (ما شارک خ‌ب1) الله معه و لم‌يلتفت اليه ثم اخبر الله سبحانه عن هؤلاء و احتجاجهم الباطل بقوله الحق و الذين اتخذوا من دونه اولياء مانعبدهم الا ليقربونا الي الله زلفي ان الله يحکم بينهم فيما هم فيه يختلفون ان الله لايهدي من هو کاذب کفار ثم اخبر الله سبحانه ان الذين اتخذوا

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 87 *»

من دونه اولياء هم المتعلمون الذين اخذوا من علمائهم الصورية الجهال المعنوية و امروهم بان‌تجعلوا (يجعلوا خ‌ب1) صورهم او غيرها في اذهانهم و يلتفتوا (يلتفتون خ) اليها في العبادة مموهين بانکم لا لياقة لکم لتعلق قلوبکم بالاوساخ و الکثافات الشهوانية فلابد لکم اولا ان‌تحصل (يحصل خ‌ب1) لکم الفناء في الشيخ و يتمحض لکم الالتفات و التوجه اليه في کل حال من الاحوال و کل وقت من الاوقات حتي تستأهلوا للتوجه الي الله سبحانه بسبب (بسلب خ‌ب1) الاضافات و قطع الانيات و اخبروهم بانا قد اوتينا الحکمة و الله تعالي جعلنا السبيل اليه لکم ثم کذبهم الله سبحانه في دعواهم و ابان عن غيهم و افترائهم حيث قال عز و جل و ان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالکتاب لتحسبوه من الکتاب و ما هو من الکتاب و يقولون هو من عند الله و ما هو من عند الله و يقولون علي الله الکذب و هم يعلمون، ما کان لبشر ان‌يؤتيه الله الکتاب و الحکم و النبوة ثم يقول للناس کونوا عبادا لي من دون الله الي ان قال عز و جل ايامرکم بالکفر بعد اذ انتم مسلمون فانظر ماذا تري و اي عبادة اعظم من الالتفات الي الغير بحيث ينسي الله و ينسي کلما عداه و قد قال مولانا الصادق7 من استمع الي ناطق فقد عبده فان کان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله و ان کان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان و کيف يمکن ان‌يکون ناطقا عن الله حين الالتفات الي مرشده فانه حينئذ محجوب عن الله و الحجاب المانع لايکون دليلا موصلا و ما من الله سبحانه لايکون حجابا عنه فثبت ان هذا الخيال من الشيطان.

فان قلت کما انکم تتوجهون الي جهة الکعبة مع ان الله تعالي ليس في جهة و الملائکة سجدوا لآدم7 و يعقوب و بنيه سجدوا ليوسف7 مع ان السجود لله تعالي و کان آدم7 و يوسف7 واسطتين و کذلک العبادة و الطاعة کلها لله سبحانه و المرشد بصورته واسطة.

قلت ان الله سبحانه لايعبد الا من الوجه الذي امر الخلق به کما ان ابليس لما امره الله تعالي بالسجود لآدم7 قال يا رب اعفني من ذلک و ان

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 88 *»

عفوتني اعبد (و انا عبدک خ‌ب1) عبادة لم‌تعبد بمثله قال سبحانه اني لا‌اقبل العبادة الا من الوجه الذي امرت به هذا معني الحديث الوارد في تفسير القمي و الصافي و غيرهما فلايقبل الله تعالي عملا الا کما امر و قد امر الملائکة و يعقوب و بنيه ايضا بالسجود لآدم7 و ليوسف7 و الي جهة الکعبة و لم‌يأمرنا ان‌نجعل صورة المرشد او صورة غيره او احد الائمة: فلايجوز لنا ان‌نجعل و نختار لانفسنا ما لم‌يجعله الله و لم‌يختره لنا و لو جاز ذلک لاتجه قول عبدة الاصنام حتي يتقربوا (حين يتقربون خ‌ب1) الي الله تعالي بواسطة تلک الاصنام التي هي مثل للملأ الاعلي ثم ان حين توجهنا الي الکعبة و الملائکة حين توجههم الي آدم للسجود لم‌يخطر و لايخطر ببالنا و بال الملائکة الا الله عز و جل و نور معرفته و لم‌نذکر الجهة و لا الکعبة و لا غير ذلک بخلاف المريد فانه لابد له من الفناء في الشيخ المرشد و ان لاينساه ابدا فان قال اني حين التفاتي الي صورة المرشد التفت الي الله عز و جل فقد قال کذبا و جاء ظلما و زورا فان الله سبحانه ماجعل لرجل من قلبين في جوفه فوجب حين التوجه الي الله تعالي ان‌يکون غافلا عن المرشد فاذا غفل ماصح الفناء في الشيخ و مانفعه التصور فيکون ذلک فعلا لغوا لان ذلک مستمر في اول الامر الي نهايته و غايته.

فان قلت انهم يتوجهون الي الله تعالي بتلک الصورة.

قلت ان التوجه الي الشيء لايکون الا بصفته فالاحمر مثلا يتوجه اليه بالحمرة و القائم بالقيام و القاعد بالقعود و ذو الهيئة بالهيئة و غير ذي الهيئة و الحدود بعدم الهيئة و الحدود و الله سبحانه لا حد له و لا کيف له و لا اشارة اليه و لا عبارة عنه فالوجه الذي يتوجه به اليه يجب ان‌يکون کذلک و اما الصورة المحدودة و ذات (المحدودة ذات خ‌ب1) الهيئة و التشخص کيف يکون وجها لله (للحق خ‌ب1) سبحانه و تعالي عما يقول (يقوله خ‌ب1) الملحدون علوا کبيرا و لئن سلمنا انه يکون وجها و اسما و دليلا فان الوجه و الاسم حين التوجه و الالتفات الي المسمي و ذي الوجه لايکون ملحوظا اصلا فلئن لوحظ الاسم

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 89 *»

وحده من دون المسمي فهو کفر و ان لوحظ الامران فهو شرک و ان لوحظ المسمي دون الاسم فهو التوحيد کما في الکافي عن الصادق7 من عبد الاسم دون المسمي فقد کفر و لم‌يعبد شيئا و من عبد الاسم و المسمي معا فقد اشرک و من عبد المسمي دون الاسم فذلک التوحيد و في رواية اخري و من عبد المسمي بايقاع الاسماء عليه فذاک التوحيد و قد شرحت هذا الحديث في المسائل العاملية و غيرها من اجوبة المسائل و هذا الکلام لمحض التسليم و الالزام (الالتزام خ) و الا فالاسم المتوجه به الي المسمي مع قطع النظر عن خصوصية الاسم هو ذات الشخص المتوجه لذاته او لکونها اسما للاعلي مما هو واقع في السلسلة الطولية و اما هؤلاء المرشدون فليسوا باسماء لغيرهم انما هم لانفسهم و ليسوا کالمرآة الحاکية لنور الشمس لغيرهم لانهم و مريديهم في السلسلة العرضية و ما فيها يشرق عليه الشمس باشراق واحد و ان اختلفت فظهوره (اختلف ظهوره خ‌ب1) بحسب المرايا و اصل المسألة بيانها يحتاج الي بسط في المقال و ليس لي الآن ذلک الاقبال فاقتصرت بالاشارة فقد دل العقل و الکتاب و السنة و الاجماع المحصل علي ان تخيل صورة المرشد في کل الاوقات حتي حال العبادة و الصلوة و الفناء في الشيخ حرام اذا کان عن اختيار و عمد و اما اذا کان مضطرا حسب تصرفات اولئک فيهم (فهم خ‌ب1) بانواع المکايد من السحر مما اشتمل عليه علم السيميا و الريميا و الهيميا و الليميا فبلغ (فيبلغ خ‌ب1) امره الي الجنون او يکون مضطرا في تصورهم و تخيلهم بالاضطرار الشرعي فهو معذور و الوزر علي اولئک الاشرار حيث الزموا (التزموا خ) العار و الشنار و ماخافوا من العزيز الجبار فتبا لهم و سحقا ما اصبرهم علي النار و اما اذا کان تخيل تلک الصورة لا في اوقات العبادة و احوالها بل في سائر الاوقات و الاحوال من جهة المحبة و الالتفات و الاعتناء بشانه من باب محبة العلماء و تذکرهم و الاعتناء بهم و مراقبة اخلاقهم و عاداتهم فلااري به بأسا ما لم‌يهجم عليه کثرة التصور و الالتفات فيکون له شغلا شاغلا عن ذکر الله تعالي و (و عن خ‌ب1) ذکر اوليائه الائمة الهداة: فحينئذ يکون

 

 

«* جواهر الحکم جلد 3 صفحه 90 *»

کالاول في جميع ما قلنا.

و هذا آخر ما اردنا ايراده في جواب هذه المسائل الغامضة و اعذرک يا مولانا من عدم البسط و تحقيق الحقائق من جهة کمال اختلال البال و اغتشاش الاحوال و عروض مرض مانع من استقامة الحال و مع ذلک قد اشرت الي جميع ماتطلب و تريد عمق النظر و الفکر فيه و اسأل الله تعالي ان‌يفتح عليک باب فهمه فان هذه المطالب المذکورة ليست مذکورة في کتاب و لا جري عليها (عليه خ‌ب1) خطاب نسأل الله تعالي التوفيق و التسديد و العصمة في کل باب و الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين (الطاهرين قد فرغ من تسويدها منشيها صبيحة يوم السبت السابع و العشرين من شهر ربيع الثاني في سنة 1238 حامدا مصليا مسلما مستغفرا خ‌ب1).

[1]ـ  (فان تک تعرف حل الرموز                    فجسمک لوح به اسطر خ‌ب1)