طريقُ النجاة المجلّد الرّابع
لمصنّفه
العالم الر بانى و الحکيم الصمدانى مولانا المرحوم
الحاج محمّد کريم الکرمانى
اعلي اللّه مقامه الشر يف
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۵۷ *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد للّه رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.
و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم ان هذا هو المجلد الرابع من كتاب طريقالنجاة في علم الطريقة و قد مرّ منه ثلثة مجلدات تشتمل علي شرح الذكر و الفكر و العلم و الحلم و النباهة في خمسة ابواب و نشرع هنا في الباب السادس بحول اللّه و قوته.
الباب السادس
فی النزاهة و فيه علي العادة مقدمة و فصول
المقدمـة
فی بيان معنی النزاهة و ما يجب تقديمه و فيها مطالب
المطلب الاول
في بيان معني النزاهة و المراد منها التباعد عن المكاره مأخوذ من نزه الرجل ككرم اذا تباعد عن كل مكروه فهو نزيه كامير و التنزه من التفعل التباعد و الاسم النزهة و يقال رجل نزه الخلق بالفتح و ككتف و نازه النفس عفيف متكرم يحل وحده و لايخالط البيوت بنفسه و لا ماله و الاسم نزاهة كسحابة كذا حاصل ما في المعيار فالنزاهة التي هي خاصة من خواص الانسان اي النفس الناطقة القدسية و تسميتها في الخبر بالخاصية كما قال7 و لها خاصيتان النزاهة و الحكمة كأنها نسبة الي الخاص و التاء للتأنيث او الي الخاصة التي تاؤها للمبالغة فحذفت للنسبة و اتي بالتاء بعد النسبة للخصلة فالنزاهة خاصية للنفس اي منسوبة الي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۵۸ *»
خاصة النفس و هي من خواصها التي تخص بها و لاتوجد في غيرها من الحيوان و النبات و الجماد و بها تمتاز عن غيرها و ترسم بها اذا رسمت و ان لمتحد بها لانها من صفاتها و افعالها الخارجة عن ذاتها او الخاصيتان تصحيف الخاصتان و صحف لما اشتهر من لفظ الخاصية مع انه ليس في كتب اللغة و علي اي حال الخاصة ما يوجد في فرد او نوع او جنس و لايوجد في غيره و اما القوي فتوجد في جميع الافراد ان كانت نوعية و في جميع الانواع ان كانت جنسية فخاصتا الانسانية لاتوجدان في غير الانسان ممن دونه و بهما يمتاز عن غيره و الخاصة تظهر من الشيء بعد تمام وجوده و كماله و القوي ابعاضه في الظاهر و اجزاؤه بها جميعاً هو هو و اما الخاصة فهي تلزم الشيء بعد تمام وجوده من كل جهة.
المطلب الثانی
اعلم ان النزاهة هي من خواص النفس الناطقة التي لاتوجد في غيرها من الحيوانات و النباتات و الجمادات امـا الجمادات فهي طبايع واقعة في غاية البعد عن المبدأ و ضعف اختيارها حتي انها كأنها جبلت علي ما هي عليه مجبورة عديمة الاختيار لاتقدر علي التحول عما جبلت عليه فنارها نار لاتقدر علي التحول عن النارية فهي ابداً نار محرقة علي اي شيء وقعت من مستحق للاحراق و غيرمستحق كائناً ما كان بالغاً ما بلغ من غير روية و ملاحظة غاية و كذلك ساير الطبايع و امـا النباتات فهي و ان كان لها نفوس واحدية في الجملة الا انها سلافة الطبايع و صوافيها لاتقدر علي التحول عنها و هي بعد في بطنها لمتتولد عنها فهي حارة ان غلبت نارها و باردة ان غلب ماؤها وهكذا فهي عبد الطبايع تابعة لغلبتها منهمكة فيها بل هي منها فهي ايضاً تمشي علي وجهها من غير روية فمسهلها مسهل لكل احد وليّ او عدو و منضجها منضج لكل احد بلا روية لاتنتهي اذا نهيت و لاتزيد اذا استزيدت و لاتنقص اذا استنقصت و هي علي ما جبلت عليه جامدة عليه و امـا الحيوانات فهي و ان كان لها نفوس واحدة اقتلعت عن الطبايع في الجملة و تولدت عنها الا انها بعد في حضانتها و رضاعها ترتضع من ثديها و تنشأ و تنمو علي لبنها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۵۹ *»
و تتصور بصورها فان اللبن يعدي و يخلق منه الصورة حتي انه يتغير خَلق الولد و خُلقه علي حسب اللبن فيكون كالظئر فالحيوان و ان تولد عن الطبايع و خرج من بطنها و قطع سُرّه الا انه يرتضع طول عمره من ثديها و يكون في حضنها متوجهاً اليها مستمداً منها تابعاً لها متبعاً اهواءها مقيداً بقيودها منجمداً بجمودها ضعيف الاختيار لانهماكه فيها لايقدر علي التحول عن مقتضياتها فيعامل علي حسبها مع كل بر و فاجر و مع كل شيء و في كل حال من غير روية و تفكر كما يمثل به الفُرس يقولون ليس لدغ العقرب من جهة عداوة بينها و بين احد و انما هو مقتضي طبعها و في المحاسن عن يعقوب بن شعيب عن ابيعبداللّه7 قال لدغت رسولاللّه9 عقرب فنفضها و قال لعنك اللّه فمايسلم عليك مؤمن و لا كافر ثم دعا بملح فوضعه علي موضع اللدغة ثم عصره بابهامه حتي ذاب قال لو يعلم الناس ما في الملح مااحتاجوا معه الي ترياق بالجملة ان الحيوان يمشي علي وجهه الطبعاني و هو عبد الطبع منقاد له.
و امـا الانسان فقد تولد في الظاهر عن الطبايع و خرج من بطنها و قطع سُرّه و فطم من رضاعها و فارق حضنها فلايتفاوت عنده موتها و حيوتها و تغيرها و تبدلها و دعاؤها و سكوتها و اما في الواقع فلميك من نطفتها و لميك جزءها و انما كان ولد الغير قد ارقد في مهدها و اسكن في بيتها فلما انتبه و كبر خرج منه و ذهب الي ابويه و اتبعهما باحسان و ان كان بعض الافراد يشتبه عليه الامر فيحسبها امها فيأنس بحضنها و لربما يرتضع من لبنها فيؤثر فيه لبنها و طبعها و ليس كلامنا الآن فيه و انما الكلام في الانسان المفارق فهو لعدم جموده في الطبايع و انهماكه فيها و عدم انقياده للحيوان المنهمك في النباتية ليس مقيداً بغلبة طبع و مقتضاه بل هو منقاد والديه تابع لهما و انما مثل هذه المراتب كانسان راكب فرساً راتعة في مرعي نابت علي ارض فالارض هي مثل الجمادية و المرعي مثل النباتية و الفرس مثل الحيوانية و الانسان هو الانسان المنظور فالمرعي علي حسب الارض من كونها سبخة او طيبة و الحيوان علي حسب المرعي طبعاً مكبّ علي وجهه عليه مشغول بالاكل و الانسان يغتذي بفكره و علمه لايتفاوت عليه كون الارض سبخة او طيبة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۰ *»
و المرعي وبيّاً او سليماً و الحيوان جموحاً او قوداً فانه متوجه الي وجهه قاصد مقصده ناظر في امره يقصد ما يقصد عن روية و فكر و ليس يشتهي ما يشتهي الحيوان و لا ما يشتهي النبات و لا ما يشتهي الارض لايضره ما ضرها و لاينفعه ما نفعها فان عمل بما يشتهي الارض افسد المرعي و ان عمل بما يشتهي المرعي افسد الحيوان و ان عمل بما يشتهي الحيوان افسد نفسه و اهلكها و الغرض ان الانسان هو منزه عن صفات الجماد و النبات و الحيوان في اصل الفطرة و الخلقة لانه خلق من ارض العلم و عناصره من الملكوت ليس من طبايع الاجسام بدءاً و لا عوداً و لا استمداداً قال اللّه تعالي (فلينظر الانسان الي طعامه) روي اي الي علمه هذا عمن يأخذه بخلاف الحيوان فانه و ان لميكن من الطبايع العنصرية بدءاً و عوداً و لكنه منه استمداداً و انما مبدأه من الافلاك و بخلاف النبات فانه من الطبايع بدءاً و عوداً و استمداداً فالانسان طبعاً و كوناً ينبغي ان يكون منزهاً عن خصال الحيوان و النبات و الجماد و ان اتبعها فقد غير فطرة اللّه التي فطر الناس عليها و قال (لاتبديل لخلق اللّه ذلك الدين القيم) فالطاعة جريه مجري الانسانية و ما امر الا به و المعصية انيجري مجري الحيوانية و النباتية و مانهي الا عنه فتدبر و انصف و اعتبر.
المطلب الثالث
اعلم ان للنفس القدسية كساير موجودات العالم جهتين جهة الاثرية لمؤثرها و جهة نفسها من حيث هي هي اما جهة اثريتها لمؤثرها فهي حيث آئيتها لمؤثرها و حيث تعريف المؤثر نفسها لها بها فهي آية قدسه و تنزهه عن صفات خلقه حيث لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه فيكون جهتها الي مؤثرها ايضاً كذلك متنزهة مقدسة عن صفات ساير الآثار بها تستدل علي قدس مؤثرها و تنزهه و اما جهة نفسه و انيته فهي جهة عبوديته كما ان جهة اثريته جهة ربوبيته و جهة العبودية ان كانت علي حسب محبة اللّه بحيث لايفقدها اللّه حيث يحب و لايجدها حيث يكره خلصت للّه جلوعز فيجري منها ينابيع الحكمة لما يحكي من ورائها من انوار العالي و لما يستعلي و يشرف علي حقايق ما دونه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۱ *»
فيدركها علي ما هي عليه فيحصل لها حكمة علمية و عملية فلاجل ذلك صار لهذه النفس الطيبة القدسية الانسانية خاصيتان ناشئتان من هاتين الجهتين النزاهة الناشئة من جهتها الي ربها و الحكمة الناشئة من جهتها الي نفسها و لمننسب الحكمة الي الجهة الاولي لان الحكمة مقام الصورة و العلم بحقايق الاشياء و العلم و العمل ذلك مما اوحي اليك ربك من الحكمة كما ان النفس الكلية الالهية لها جهتان فينشأ من جهتها الي ربها الرضا لموافقتها التامة مع مشية اللّه فماتشاءون الا ان يشاء اللّه فبهذه الجهة لايرد اليهم ما لايحبون و يسرهم و لايحبون و لايسرهم الا ما يرد عليهم و من جهتها الي نفسها التسليم لانها منقادة للّه سبحانه عبد رق تتقلب كما يقلبها اللّه و كذلك للنفس الحيوانية جهتان جهة مادة بها اشتراكها و توافقها و تناسبها بعضها لبعض و جهة صورة بها امتيازها و تباينها و تنافرها كما تري في النار و الماء حيث يشتركان في الجسمانية و يختلفان في صورة الحرارة و اليبوسة و البرودة و الرطوبة فيأتلفان من حيث الجسمانية و يختلفان من حيث الصفة فكذلك انواع الحيوان تأتلف من حيث الحيوانية الجنسية و تختلف في الذئبية و الغنمية و الاسدية و البقرية وهكذا فينشأ من حيث مادتها الرضا من بعضها لبعض و ميل بعضها الي بعض و شهوتها للموافق و من حيث صورتها التنافر و التناكر بقدر اختلاف الصورة و تباين بعضها مع بعض فلاجل ذلك صارت النفس الحيوانية ذات خاصيتين ذات غضب و ذات شهوة فغضبها من حيث صورتها و شهوتها من حيث مادتها و اشار اليهما الامام7 في حديث الارواح بروح القوة و روح الشهوة و القوة هي الغضب الناشئ من دخان الصورة و الشهوة هي الناشئة من بخار المادة فافهم.
و كذلك النفس النباتية لها جهتان جهة مادة و هي تقتضي لها الزيادة و جهة صورة هي تقتضي لها النقصان لان جهة المادة هي جهة الافتقار الي العالي و الاستمداد فتمد فتزيد و جهة الصورة هي جهة الاستغناء عن العالي و الاعراض و ترك الاستمداد و ادعاء الاستقلال فتنقص بالجملة للنفس القدسية الانسانية كما عرفت جهتان و لكل جهة اقتضاء من مبدئها فيقضي لها بما اقتضت فيقضي لجهتها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۲ *»
الي ربها بالنزاهة و لجهتها الي نفسها بالحكمة و سنشرح كل واحدة في بابها ان شاء اللّه.
المطلب الرابع
اعلم ان اللّه سبحانه خلق الانسان انموذج العالم الكبير فجعله العالم الصغير قد جعل فيه من كل شيء في العالم شيئاً و جعله الكلمة التامة كما ينسب الي علي7:
دواؤك فيك و ماتشعر |
و داؤك منك و ماتبصر |
|
و انت الكتاب المبين الذي |
باحرفه يظهر المضمر |
|
اتزعم انك جرم صغير |
و فيك انطوي العالم الاكبر |
و عنه7 الصورة الانسانية هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي الهيكل الذي بناه بحكمته و هي مجموع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي كل غايب و هي الحجة علي كل جاحد و هي الصراط المستقيم الي كل خير و هي الصراط الممدود بين الجنة و النار انتهي، فجعل في الانسان من كل جزء من العالم جزءاً ليكون جامعاً لجميع اجزاء العالم ثم قال (خلقنا الانسان في احسن تقويم) و قال (سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم) فجعل جميع آياته في الانفس كما جعل في الآفاق فجعل فيه جمادية كجمادية العالم و نباتية و حيوانية و انسانية و جعل في محكم تدبيره ان يظهر من مراتبه الجماديةُ اول في التراب و الكيموس ثم النباتية حال كونه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم مكسياً ثم الحيوانية حين ينشأ خلقاً آخر ثم الانسانية اذا تولد و رُبِّي بالانسانية لكن في غاية الضعف ثم تشتد و تستحكم عند بلوغه و يصير قابلاً للتكليف و الامر و النهي و التعليم الي ان يبلغ اربعين سنة و يكمل عقله و لكل من هذه المراتب اقتضاء و قوي تدعو الي نفسها و تقوي ما يشاكلها و تضعف ما ينافرها و لا شك ان اول ما يبدو في الانسان الجماد و يتقوي يوماً فيوماً الي ان يظهر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۳ *»
عليه دولة النبات و يستولي علي اقتاره و ينفذ حكمه في جميع اصقاعه و يجري بامره في كل جهة ثم يمر هكذا الي ان يستولي عليه سلطان الحيوان بجنوده و اعوانه و ينفذ احكامه في جميع ممالك النبات و الجماد و يحكم فيها بما يري و يحب و يتملك الممالك بلا منازع حتي يري انها طلق له و يمر هكذا و يتقوي يوماً فيوماً و يستكثر الجنود و الاعوان الي ان يأتي سلطان الانسانية ضعيفاً حقيراً غريباً وحيداً ليس له ناصر و لا معين و قد تملك القوم البلاد و حفظوا الثغور و جنّدوا الجنود و عسكروا العساكر و استقلوا بالامر فلميسمعوا له كلمة و لماائتمروا له بامر بل غلبوه و قهروه و اثبتوه و ارادوا ان يقتلوه و لولا ان تداركه رحمة من ربه لكان من المقتولين فظل في بلاد الغربة مدحضاً فقيراً مسكيناً خائفاً مترقباً ساكتاً متقياً معتبراً مستفهماً شيئاً بعد شيء جارياً مجري القوم في احكامهم و احوالهم فتقوي شيئاً بعد شيء و ازداد فهماً و علماً و ذكاوة و فطنة لكن متبعاً للقوم سالكاً في مسالكهم الا ان القوم لما رأوه ذا فهم و رأي و روية اتخذوه وزيراً لهم يستشيرون منه في الامور و يجرون امورهم بتدبيره و امره و حكمه فهو يدين بدينهم و يعبد سلطانهم مع ذكاوة و فطنة و حزم ليس لواحد من القوم مثله و بقي هكذا الي ان صفا مزاجه و ذكا حسه و بلغ اشده و استوي و ظهر فيه العقل فايده اللّه بجنود لمتروها و ارسل اليه الرسل مهديين هادين له مبشرين و منذرين و انزل معهم الكتاب و الحكمة فعلموه و ذكروه و اعانوه و اناروا برهانه و ايده اللّه بالحجج واحداً بعد واحد معصومين مطهرين مؤيدين مسددين مبينين له غوامض العلم و متشابهات الكتاب و السنة عالمين معلمين و ايده بالاخوان المؤمنين المماشين المسالكين المعاهدين الناصرين الحافظين المراقبين المؤانسين له آناء الليل و النهار و ايده بدعاء الانبياء و المرسلين و الاوصياء المرضيين و الاخوان المؤمنين و الملئكة المؤيدين المسددين و حملة العرش اجمعين و رحمته و فضله فانه الغرض من الخلق اجمعين و العلة الغائية لبناء العالمين فجعل كلمة الذين كفروا السفلي و كلمة اللّه هي العليا علي حسب وعده كتب اللّه لاغلبن انا و رسلي و ان تنصروا اللّه ينصركم و حزب اللّه هم المفلحون و ان جندنا لهم الغالبون فوهن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۴ *»
بذلك اركان دولة الحيوان و هدم بنيانه و غلب دولة الحق و جلس سلطان العقل علي سرير الملك و ربط الحيوانات في مرابطها و احتضر الحشايش في حظائرها و امن المسالك و حفظ الثغور و عمر الديار و نادي باسم الجبار و اقر كل شيء في مقره و استعمل كل احد في خدمته و صنعته و امره و منع التحاسد و التباغي و الظلم و الغشم و المعاصي و الفجور و الدعاوي و التعاوي و نادي باسم الجبار في جميع الديار في آناء الليل و النهار حتي استأصل شافة الكفر و اطفأ نار الشرك و ظهر امر اللّه و هم كارهون هذا و ارانا اللّه ذلك اليوم اذا غلب العقل علي الجهل و جنوده.
و اما اذا غلب الجهل و جنوده التي هي شــٔون الجمادية و النباتية و الحيوانية علي البلاد و سخروا العباد و رأي العقل عدم المقاومة معهم فاحتجب بحجاب الغيبة و اخفي وجهه المبارك عنهم و تركهم في ظلمات لايبصرون و بقي فيهم النفس الامارة بالسوء فاشارت لهم بتدبيرها و حزمها و فهمها الذي اعده اللّه لها لتطيع العقل و تخدمه به فصارت تجري في مجاري الجهل قد غلب عليها ما غلب من الجمادية فكانت كما قال اللّه (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة) و كما هو تأويل قوله تعالي (قل كونوا حجارة او حديداً او خلقاً مما يكبر في صدوركم) او من النباتية فكانت كما قال اللّه(و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة) او من الحيوانية فكانت كما قال اللّه تعالي (لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون) و قال(ان شر الدواب عند اللّه الصم البكم الذين لايعقلون) و لا شك ان مقتضيات هذه المراتب كلها المعاصي و العمل بالسيئات و ذلك انها لاتعرف رباً و تعمل بطبايعها و آرائها و تمشي علي وجوهها و من ذلك يعلم ان اصل جميع المعاصي و الشرك و الكفر و النفاق العمل بالرأي و الهوي و ترك الانقياد لطاعة المولي و امره و نهيه فهذه المراتب جميعها تعمل بالرأي اما الجماد هو ابعدها عن المبدء و اجهلها به و اثبتها علي ما هو عليه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۵ *»
ميت لا حراك له لايشعر بخوف و لايعقل رجاء و لايعرف حباً و لايتعظ بوعظ و لايتنبه بحقيقة شيء و لايأتمر بامر و لاينتهي بزجر و لايؤثر فيه كلام مطلقاً و اما النبات فهو و ان ظهر عليه نفس الا انها جسمانية طبيعية و هو ايضاً كالجماد لايشعر شيئاً بوجه من الوجوه و هذان اموات غير احياء و مايشعرون ايان يبعثون و سواء عندهم النصح و الغش و الحق و الباطل و النور و الظلمة و الصدق و الكذب و العدل و الجور لايعرفون حُسن حَسَنٍ و لا قُبح قبيحٍ و سواء عليهم ءانذرتهم ام لمتنذرهم لايؤمنون و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة و اما الحيوان فلايعرف شيئاً الا ما ادركه بحواسه ثم لايعرف ما غاب عن حواسه و لايعرف عاقبة و لايخاف من امر مستقبل و لايميز بين حق و باطل و حسن و قبيح و ان كان يري كل واحد علي خلاف شكل الآخر و لايقدر علي الاعتبار و لا الاستدلال بشيء علي شيء و له قلب جسماني ولكن لايفقه به حقاً و باطلاً و له اذن ولكن لايسمع بها سمع تمييز للحق و الباطل و له عين ولكن لايبصر به الحق حقاً و الباطل باطلاً و لايرغب في طيب و لايتنزه عن رجس و شأنه الجري علي مقتضي طبعه بالنسبة الي الولي و العدو فهذه الثلثة نفوس امارة بالسوء داعية الي هويها و طبعها و مقتضاها و لا روية لها و لا تدبر و لا تفكر فاذا كان المستولي علي بدنٍ هذه النفوس تأمره و تحمله علي مقتضاها.
و اما الانسان فهو المدرك للغيب المميز للسلامة و العيب المفرق بين الحسن و القبيح المتنزه عن كل رجس العادل الواضع كل شيء في محله المعطي كل ذيحق حقه السالك في المسالك بروية الحازم المتدبر في العواقب المستدل بالشاهد علي الغايب و بالمعلوم علي المجهول المستنبط للغايات من المبادي و المستنتج للنتايج من المقدمات المميز بين الصدق و الكذب و الحق و الباطل المختار للامور عن روية الخارج عن سلطان الطبايع ان رأي حقاً اقتحمه و ان رأي باطلاً اجتنبه فهو لاجل(كذا) صاحب التنزه عن صفات الحيوان و النبات و الجماد و هو النفس اللوامة البرزخ بين الامارة و النفس المطمئنة الساكنة تحت امر هاديه و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۶ *»
مؤيده و مسدده كما روي في بحر العلوم عن اميرالمؤمنين7 في حديث النفوس قال الاولان اي النباتية و الحيوانية الامارتان بالسوء ليلاً و نهاراً لصاحبهما و تحكمان له بالاكل و الشرب و النوم و الفساد و الزنا و الاعراض عن اللّه و رسوله و الوصال الي الشيطان و الي ما هو خلاف دينه و اسلامه و الثالثة اللوامة لصاحبها ليلاً و نهاراً في كل عبادة و قبلها و بعدها اداء و قضاء و اعترفت و هي حريص في العبادة و قالت له اطع اللّه و رسوله و اعبده و اسجد له و الا لاتأكل من رزقه تعالي و لاتشرب من مائه تعالي و ان طغيت عن احكامه و عصيت عن امره تعالي فاخرج من ملكه و الرابعة المطمئنة و هي خالصة و مخلصة و عابدة(ظ) و راضية علي تقديره تعالي و صابرة علي بلائه و حامدة علي نعمائه و تعذيبه و المه عليه من اللّه تعالي و شاكرة علي ما خلق اللّه فيها و في غيرها و اللّه تعالي راض عنها انتهي، بالجملة النفس القدسية الانسانية ليست من الجسمانيات و الطبيعيات و من سلافتها و خلاصتها و ليس لها انبعاث من البدن و انما هو نور العالم يقع علي المتعلم و من لميجعل اللّه له نوراً فما له من نور و ذلك النور منحة من اللّه سبحانه يقذفه في قلب من يشاء و يحب فاذا جاء ذلك النور و استولي علي الحيوانية و النباتية و استعملهما في طاعة منيره و ربه ان طاوعتاه فكانتا كالكلب المعلم فصيدهما حلال و تصيدان من الملكوت و ان لمتطاوعاه يلومهما علي تركهما الطاعة و يبقي ما امكنه و ان غلبتا عليه يفر و يتركهما قال ابوعبداللّه7 العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل فيتم الحجة عليهما بما امرهما و نهاهما و علمهما فلمتطاوعاه و لمتعملا بقوله و حكمه و لاجل عدم كونها اي النفس القدسية من الجسمانيات تكون منزهة عن خصالهما و سيئاتهما و معاصيهما و جهلهما و كفرهما و شركهما و نفاقهما و ظلمهما و غشمهما بعيدة عن مقتضاهما قريبة من ربها قال الصادق7 للعبد ثلثة احرف العين علمه باللّه و الباء بونه من الخلق و الدال دنوه من الخالق فافهم.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۷ *»
فصل: فاذ قد علمت ان السيئات ما كان من خصال الجمادية او النباتية او الحيوانية فالاحري ان نقسم المعاصي علي ثلث تقسيمات و نفصل كل قسم علي ما يقتضيه رسم الكتاب بحول اللّه و قوته.
اعلم ان الجمادات كما شرحناه آنفاً و تراه اجسام ميتة لا حراك لها و لا شعور و لاحيوة فاذا غلبت الجمادية علي ساير النفوس جمدتها و اماتتها و كل نفس جمدت تنزل الي ادني مراتبها فتموت في حدها و تتعوق عن افعالها بحسبها فليس الحيوانية المنجمدة كالنباتية المنجمدة و لا النباتية المنجمدة كالجمادات الخالصة و ذلك ان النباتية اذا جمدت تقصر افعالها و قواها و تتبطأ في افعالها فلاتجذب و لاتهضم و لاتدفع و لاتمسك كما ينبغي لا انها تسقط قويها بالكلية فتكون كحجر ملقي ليس فيه نفس نامية و كذلك الحيوانية اذا جمدت تقصر افعالها و قواها عما كانت عليه و تتبطأ و تثقل فتقصر في حواسها و تضعف ادراكها و تبطئ حركاتها و تهن اراداتها و تثقل في افعالها و شهواتها و غضبها و ميلها و حنينها علي اولادها و نفارها و فرارها عن عدوها وهكذا و كذا الانسانية اذا جمدت فلاتكون كحد الحيوانات الجامدة و لا النباتات الجامدة و لا ساير الجمادات و انما تقصر اذا جمدت في علمها و حلمها و ذكرها و فكرها و نباهتها فتتثبط عن طاعة ربه و تكسل عن المبادرة الي العبادات و الطاعات و تقصر عن درك الحق و تمتنع عن التأثر بقول اللّه و قول رسوله و وعظ من يعظه و يسلب الرحمة و يقسو قلبه فلايبالي ما فاته من الدين و الدنيا و الآخرة و لايتعلق قلبه بشيء و لايخاف شيئاً و لايرجو و لايحب شيئاً و لايفهم ما قال و لا ما قيل له و امثال ذلك من الصفات و انت لو ركبت الصفات الانسانية مع الجمادية عرفت صفات من غلبت عليه الجمادية و انصبغت انسانيته في جماديته و استولت و استولي الشياطين الساكنة فيها عليه.
فاللازم علي من يريد الارتقاء الي مدارج القرب و الانسانية ان يسعي في ازالة الصفات الجمادية عن نفسه و الاتصاف بالصفات الانسانية و اعلم ان من قرع باباً و لجّ ولج و من طلب شيئاً و جدّ وجد و من تكلف صفة و تخلق بخلق حصل له لامحالة كما قال علي7 ان لمتكن حليماً فتحلم فانه قل من تشبه بقوم الا و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۸ *»
اوشك ان يكون منهم انتهي و سر ذلك ان الصور جواذب الامداد و السنة القوابل و النوازل من اللّه لا تعين لها الا في بطون القوابل فمن تكلف قابلية و تصور بصورة انصبغ الامداد النازلة في صورته و حصل المطلوب و هذا هو سر استحالة المواد الناقصة بعد اصلاح الصورة و تكميلها الي المواد الكاملة و الحقايق الفاضلة و هذا هو سر ان النطفة اذا تصورت بصورة كلب افيض عليها روح كلب و ان تصورت بصورة شاة افيض عليها روح شاة فمن تكلف الاخلاق الكريمة فيوشك ان تصير له سجية فقدقال علي7 الخير عادة فاذا اعتدت كرايم الاخلاق و نزل عليك الامداد انصبغت في بطنها فتحققت و ثبتت فاذا تكلفت صفات الانسانية تحققت فيك و لذلك امر الشارع المكلفين بالاخلاق الكريمة و زجرهم عن تركها بل ضرب الحدود علي كثير منها و لولا ان تكلف الاخلاق كان ينفع لماكلفهم و لمازجرهم و انتقم منهم و ان اللّه سبحانه قد مكن الانسان من اصلاح اخلاقه و تحسين صفاته كما مكنك من ان تحرك يدك للانفاق في سبيل اللّه و لطم اليتيم بالبداهة فلايقبل عذر المعتذر اني لااقدر نعم اذا طال بالانسان الاتصاف بصفة حتي صارت ملكة له عسر عليه نزعها عنه و الاتصاف بضدها الا ان خروج قوة الي الفعلية لايمنع خروج ساير القوي اذا قويت ففي الوسائل بسنده عن ابيخديجة قال دخلت علي ابيالحسن7 فقال لي ان اللّه تبارك و تعالي ايد المؤمن بروح منه يحضره في كل وقت يحسن فيه و يتقي و يغيب عنه في كل وقت يذنب فيه و يعتدي فهي معه يهتز سروراً عند احسانه و تسيخ في الثري عند اساءته فتعاهدوا عباد اللّه نعمه باصلاحكم انفسكم تزدادوا يقيناً و تربحوا نفيساً ثميناً رحم اللّه امرءاً هم بخير فعمله او هم بشرّ فارتدع عنه ثم قال نحن نزيد الروح بالطاعة للّه و العمل له و عن احمد بن محمد بن خالد رفعه قال قـال ابوعبداللّه7 اقصر نفسك عما يضرها من قبل ان تفارقك و اسع في فكاكها كما تسعي في طلب معيشتك فان نفسك رهينة بعملك و عن السكوني عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 كانت الفقهاء و العلماء اذا كتب بعضهم الي بعض
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۶۹ *»
كتبوا بثلث ليس معهن رابعة من كانت همته آخرته كفاه اللّه همه من الدنيا و من اصلح سريرته اصلح اللّه علانيته و من اصلح ما بينه و بين اللّه اصلح اللّه ما بينه و بين الناس الي غير ذلك من الاخبار.
فمن السيئات و الصفات التي تنشأ من غلبة الجمادية علي الانسان الجهل و هو رأسها و الكفر و الجحود و القسوة و الحمق و الغباوة و الامن من مكر اللّه و حب النوم و الراحة و الضجر و الكسل و العمي و الغفلة و امثال ذلك مما ينشأ من عدم انفعال النفس و عدم مطاوعتها لتأثير مؤثر و من السيئات و الصفات التي ينشأ من غلبة النفس النباتية حب الاكل و الشرب و حب النوم و الراحة و حب التزيين و ان كانت من الحرام و الحرص و حب الدنيا و الاموال و امثال ذلك مع الصفات السابقة و من السيئات و الصفات التي تنشأ من غلبة الحيوانية القنوط و الجور و السخط و الكفران و اليأس و الغضب و الحمق و التهتك و الرغبة و الخرق و الجرأة و الكبر و التسرع و السفه و الهذر و التجبر و الحقد و الجزع و الانتقام و السهو و النسيان و القطيعة و المنع و العداوة و الغدر و التطاول و البغض و الكذب و الخيانة و الشوب و البلادة و الغباوة و الانكار و الخشونة و المماكرة و الافشاء و الاضاعة و النكول و نبذ الميثاق و النميمة و عقوق الوالدين و الرياء و التبرج و الاذاعة و الحمية و البغي و القذارة و الخلع و العدوان و الشقاوة و الاصرار و التهاون و الاستنكاف و قتل النفس و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنات و الزنا و اليمين الغموس و الغلول و منع الحقوق و كتمان الشهادة و السرقة و اللواط و الكذب و الغيبة و البهتان و الهجاء و المحاكاة و ايذاء الناس و بخس المكيال و الميزان و معونة الظالمين و الركون اليهم و حبس الحقوق من غير عسر و الاسراف و التبذير و الخيانة و الاستخفاف بالفرايض و بغض اولياء اللّه و ولاية اعداء اللّه و الاشتغال بالملاهي الي غير ذلك من المعاصي فان جميعها من غلبة الحيوانية و يؤيدها النباتية و الجمادية و اصل جميع ذلك غلبة الجمادية فانها سلطان الجهل و لايبعد النبات عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۰ *»
الاعتدال و الكمال الا بغلبة الجمادية و كذا لايبعد الحيوان ايضاً عن الاعتدال و الكمال الا بغلبة الجمادية و كل شر في البعد عن المبدأ و الجماد هو البعيد الابعد و مستقر الجهل و كل خير في القرب من المبدأ و العقل و هو القريب الاقرب و هو في الانسان نسأل اللّه ان يكمل عقولنا و يحقق فينا الانسانية بحق محمد و آلمحمد صلي اللّه عليه و عليهم.
فصل: اعلم ان كل مؤثر يؤثر علي مقتضي كينونته و ما هو به هو فلايمل من اثره و لايشنأه بل يحبه و يهواه لانه منه و اليه و علي صفته و شكله و الاشياء انما تحب اشكالها و تبغض اضدادها فالمؤثر لايكره اثره و لايمل من تأثيره فالانسان جماديته منشأ آثار و كذا نباتيته و حيوانيته و انسانيته لكل واحدة منها آثار تحبها و تهويها و تسر بها كما تحب النار الاحراق و الماء التبريد فان صدر من الانسان فعل و وجد منه كراهة فليعلم ان ذلك من غير منشأ ذلك الفعل فالفعل من جزء آخر منه و الكراهة من جزء آخر حتماً و ذلك مما لا شك فيه و لا ريب يعتريه فالانسان اذا حدث منه معصية او قبيح و رأي في نفسه السرور به و التلذذ فليعلم انه منه و اليه و ان وجد في نفسه كراهة و تأذياً منه و غماً و كرباً و ضيق صدر فليعلم ان هذه الخصال من غير منشأ تلك المعصية ففيه منشأان لامحالة و لا شك ان منشأ المعاصي من جانب الجهل اي الجمادية و ما يليها و منشأ الكراهة من جانب العقل اي الانسانية ثم قد يغلب الكاره للمعصية بحيث يقهر العاصي و يضمحله و لايدعه انيعصي و يمنعه فكلما عرض امر تدبره الكاره فان كرهه لميدع العاصي انيقربه و يديم علي ذلك فلايصدر منه معصية و قد يغلب العاصي علي الكاره فيقتحم في المكروهات و ان كرهه الكاره كفرس جموح يعدو و يقتحم المهالك و المهاوي و التلال و الهضاب و راكبه يخاف علي نفسه و يصيح و يكره عدوه و لايقدر علي اشناقه و هو له كاره.
فمادام يوجد كراهة في الانسان و ان كان مقتحماً في المهالك مقترفاً للمعاصي يرجي له النجاة كفالج يجد الالم في اعضائه فيرجي له البرء لما علم ان فيها الروح و لمييأس الروح منها و هناك اعضاء و روح و اما اذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۱ *»
لميجد الالم علم انه قد يأس الروح منها و تركها و تخلي عنها فهنالك اعضاء و لا روح كذلك اذا فقد الانسان كاره المعصية في نفسه فليعلم ان روح الايمان قد تخلي منه و فارقه فليس من يتألم من المعصية و ان وجده فليعلم ان روح الايمان فيه موجود فليقوه قال ابوعبداللّه7 من سرته حسنته و ساءته معصيته فهو مؤمن و عنه7 جاء رجل الي النبي9 فقال يا رسولاللّه هلكت فقال له9 اتاك الخبيث فقال لك من خلقك فقلت اللّه فقال لك اللّه من خلقه فقال اي و الذي بعثك بالحق لكان كذا فقال رسولاللّه9 ذاك واللّه محض الايمان و في حديث آخر ان رسولاللّه9 انما عني بقوله هذا واللّه محض الايمان خوفه ان يكون قد هلك حيث عرض له ذلك في قلبه انتهي فوجدان الكراهة من الاعمال السيئة و الاخلاق الرذيلة و الوساوس اللامة انما هو دليل وجود روح الايمان فليحمد اللّه عليه و ليعلم بعد ذلك ان روح الايمان يزداد بالعمل الصالح فان العمل الصالح عمل روح الايمان و كلما عمل روح الايمان في البدن قوي و استولي لما ينزل عليه الامداد المجانسة و ضعف روح الحيوان و روح النبات و الجماد لما ينزل اليها امداد غير مجانسة و ضعفها سبب تقوي روح الايمان و استقلاله و كلما عصي المرء ازداد روح الحيوان و روح النبات و الجماد قوة لنزول الامداد المشاكلة و يضعف روح الايمان لنزول المدد غير المشاكل و قد مر عن الصادق7 نحن نزيد الروح بالطاعة للّه و العمل له و لما كان بنائي في هذا الكتاب علي تحقيق المسائل و تفهيمها لاشيرن الي سر ذلك و التفصيل يقتضي بسطاً كثيراً.
اعلم ان الروح الحيوانية النازلة من السماء لا خصوصية لها بحيوان دون حيوان و انما تأتي علي اطلاقها فاذا اشتعل الروح البخاري النباتي بها صار ذلك الاشتعال هو الحيوان الخاص و الاسد الخاص فاذا حصل الحيوان الخاص فالروح الايماني الصادر عن اصل الايمان صلوات اللّه عليه لا تعين له باحد دون احد ولكن اذا اشتعل به ذلك الروح الحيواني و اتصف به صار ذلك الاشتعال المؤمن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۲ *»
الخاص زيد او عمرو فذلك الاشتعال هو الروح الايمان الخاص فكلما يضعف الدخان و يصفو و يرق يكون الشعلة اصفي و اضوء و الطف و كلما يكثر الدخان و يكثف و يشتد سواده يخفي ضوء النار و يقل بريقه و لمعانه حتي ربما انه انطفي فلاجل ذلك يضعف روح الايمان بالمعاصي التي هي صفات المَرْكب و المظهر و يقوي روح الايمان بالطاعات المرققة المصفية للمظهر فلاجل ذلك قال7 نحن نزيد الروح بالطاعة للّه و عجباً لمن يعمل ليلاً و نهاراً عمل الحيوان و يريد ان يزداد روح الايمان نعوذ باللّه من بوار العقل و قبح الزلل و به نستعين كان الصادق7 كثيراً ما يقول:
علم المحجة واضح لمريده |
و اري القلوب عن المحجة في عمي |
|
و لقدعجبت لهالك و نجاته |
موجودة و لقد عجبت لمن نجي |
بالجملة الانسان كشعلة مركبة من نار و دخان و لكل منهما مقتضيات و صفات تضاد هذه هذه و هذه هذه و النار تتألم من خصال الدخان و الدخان يتألم من صفات النار و بغلبة كل واحدة تضعف الاخري حتي تفني من نفسها فناء رقة و خفاء لا فناء عدم فيبطل التركيب و كان غرضي في هذا الفصل ان اذكر لك ان المعاصي الصادرة ان كانت من النباتية و الحيوانية و هناك روح ايمان و هو له كاره فان هذه المعاصي معاص عرضية دنياوية ليست منه و لا اليه و تسوؤه تلك المعاصي البتة و تكرهها و هو نادم عليها معترف بتقصيره و ضعفه حيث عمل مركوبه ذلك العمل فهذا الرجل يأتي يوم القيمة و قد نزل من مركوبه و خلاه في سبيله فلحق كوكبته و ان كان الرجل مسروراً بها مستوحشاً من غيرها تسكن اليها و الي ذكرها و تضطرب عند تركها و نهي ناه عنها فهو العاصي بطباعه الذاتي و روح الايمان لايعصي فليس فيه روح الايمان و انما هو حيوان كما قال اللّه تعالي (ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون) و ليس فيهم من الارواح الا ما في الانعام كما روي في خبر الارواح في الكافي بسنده عن الاصبغ بن نباتة قال جاء رجل الي اميرالمؤمنين7 فقال يا اميرالمؤمنين ان ناساً زعموا ان العبد لايزني و هو مؤمن و لايسرق و هو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۳ *»
مؤمن و لايشرب الخمر و هو مؤمن و لايأكل الربا و هو مؤمن و لايسفك الدم الحرام و هو مؤمن فقد ثقل عليّ هذا و حرج منه صدري حين ازعم ان هذا العبد يصلي صلوتي و يدعو دعائي و يناكحني و اناكحه و يوارثني و اوارثه و قد خرج من الايمان لاجل ذنب يسير اصابه فقال اميرالمؤمنين7 صدقت سمعت رسولاللّه9 يقول و الدليل عليه كتاب اللّه خلق اللّه عزوجل الناس علي ثلث طبقات و انزلهم ثلث منازل و ذلك قول اللّه عزوجل في الكتاب اصحاب الميمنة و اصحاب المشأمة و السابقون فاما ما ذكر من امر السابقين فانهم انبياء مرسلون و غيرمرسلين جعل اللّه فيهم خمسة ارواح روح القدس و روح الايمان و روح القوة و روح الشهوة و روح البدن فبروح القدس بعثوا انبياء مرسلين و غيرمرسلين و بها علموا الاشياء و بروح الايمان عبدوا اللّه و لميشركوا به شيئاً و بروح القوة جاهدوا عدوهم و عالجوا معايشهم و بروح الشهوة اصابوا لذيذ الطعام و نكحوا الحلال من شباب النساء و بروح البدن دبوا و درجوا فيها فهؤلاء مغفورلهم مصفوح عن ذنوبهم ثم قال قال اللّه عزوجل (تلك الرسل فضّلنا بعضهم علي بعض منهم من كلّم اللّه و رفع بعضهم درجات و آتينا عيسي ابن مريم البينات و ايدناه بروح القدس) ثم قال في جماعتهم (و ايدهم بروح منه) يقول اكرمهم بها ففضلهم علي من سواهم فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم ثم ذكر اصحاب الميمنة و هم المؤمنون حقاً باعيانهم جعل اللّه فيهم اربعة ارواح روح الايمان و روح القوة و روح الشهوة و روح البدن فلايزال العبد يستكمل هذه الارواح الاربعة حتي يأتي عليه حالات فقال الرجل يا اميرالمؤمنين ما هذه الحالات فقال اما اولهن فهو قال اللّه عزوجل (و منكم من يرد الي ارذل العمر لكيلايعلم من بعد علم شيئاً) فهذا ينتقص منه جميع الارواح و ليس بالذي يخرج من دين اللّه لان الفاعل به ردّه الي ارذل عمره لايعرف للصلوة وقتاً و لايستطيع التهجد بالليل و لا بالنهار و لا القيام في الصف مع الناس فهذا نقصان من روح الايمان و ليس يضره شيئاً و فيهم من
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۴ *»
ينتقص منه روح القوة فلايستطيع جهاد عدوه و لايستطيع طلب المعيشة و منهم من ينتقص منه روح الشهوة فلو مرت به اصبح بنات آدم لميحنّ اليها و لميقم و يبقي روح البدن فيه فهو يدب و يدرج حتي يأتيه ملك الموت فهذا بحال خير لان اللّه عزوجل هو الفاعل به و قد يأتي عليه حالات في قوته و شبابه فيهم بالخطيئة فيشجعه روح القوة و يزين له روح الشهوة و يقوده روح البدن حتي يوقعه في الخطيئة فاذا لامسها نقص من الايمان و تفصي منه فليس يعود فيه حتي يتوب فاذا تاب تاب اللّه عليه فان عاد ادخله اللّه نار جهنم فاما اصحاب المشأمة فهم اليهود و النصاري يقول اللّه عزوجل (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم) يعرفون محمداً و الولاية في التورية و الانجيل كما يعرفون ابناءهم في منازلهم ( و ان فريقاً منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون، الحق من ربك )انك الرسول اليهم (فلاتكونن من الممترين) فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم روح الايمان و اسكن ابدانهم ثلثة ارواح روح القوة و روح الشهوة و روح البدن ثم اضافهم الي الانعام فقال (ان هم الا كالانعام) لان الدابة انما تحمل بروح القوة و تعتلف بروح الشهوة و تسير بروح البدن فقال السائل احييت قلبي باذن اللّه يا اميرالمؤمنين و عن محمد بن عبيدة قال قلت لابيعبداللّه7 لايزني الزاني و هو مؤمن قال لا اذا كان علي بطنها سلب الايمان فاذا قام رد اليه فان عاد سلب قلت فانه يريد ان يعود فقال ما اكثر من يريد ان يعود فلايعود ابداً و عن ابنبكير قال قلت لابيجعفر7 في قول رسولاللّه9 اذا زني الرجل فارقه روح الايمان قال هو قوله (و ايدهم بروح منه) ذلك الذي يفارقه و عن محمد بن حكيم قال قلت لابيالحسن7 الكباير تخرج من الايمان قال نعم و ما دون الكباير قال قـال رسولاللّه9 لايزني الزاني و هو مؤمن و لايسرق السارق و هو مؤمن و عن ابيخديجة قال دخلت علي ابيالحسن7 فقال لي ان اللّه تبارك و تعالي ايد المؤمن بروح يحضره في كل وقت يحسن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۵ *»
فيه و يتقي و يغيب عنه في كل وقت يذنب فيه و يعتدي فهي معه تهتز سروراً عند احسانه و تسيخ في الثري عند اساءته فتعاهدوا عباد اللّه نعمه باصلاحكم انفسكم تزدادوا يقيناً و تربحوا نفيساً ثميناً رحم اللّه امرءاً همّ بخير فعمله او همّ بشر فارتدع عنه ثم قال نحن نريد الروح بالطاعة للّه و العمل له انتهي و الظاهر ان نريد تصحيف نزيد و ان كان له معني.
بالجملة العاصي ليس فيه حين ارتكابه بالمعصية و اشتغاله بها روح الايمان المشاراليه بقوله تعالي (اولئك كتب في قلوبهم الايمان و ايدهم بروح منه) و (ان هم الا كالانعام بل هم اضل) ولكن هنا دقيقة لولاها لمتشرح الاحاديث و هي ان النوع المسمي بالانسان ان كان كافراً او عاصياً يشارك الحيوانات في شيء و يفارقها في شيء اما من حيث يشاركها فهو فقدان روح الايمان و هو روح شرعي ناشئ من شعاع الشارع و امتثال المتشرع و هذا هو الناشئ من ارض العلم و ليس له انبعاث من البدن و هو الروح الانساني الشرعي و من اعرض من الشارع و لميقبل عنه فليس بانسان بل هو بهيمة الناس كلهم بهائم الا المؤمن و من توجه اليه و اشرق عليه نوره و امتثل امره تهيأ بهيأته و تصور بصورته من تبعني فانه مني، ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه، نحن الناس و شيعتنا اشباه الناس و ساير الناس نسناس و اما من حيث يفارقها فهو وجدان روح مدرك للكليات عالم بالمغيبات عن الحواس الظاهرات و لا شك ان الكافر و العاصي فيه روح كذلك و هذا الروح هو الروح الانساني الكوني الذي هو امكان الشرع كاليد الصالحة للانفاق و لطم اليتيم فذلك الانسان الكوني لابد له من صورة يظهر بها كالجسم الذي لابد و ان يظهر بصورة متممة في الخارج فاما يتصور بصورة الامتثال و الطاعة فيكون انساناً شرعياً و اما يتصور بصورة المخالفة و العصيان فيكون غير انسان علي حسب امتثاله امر من امتثل امره من جماد او نبات او حيوان او شيطان فانه يتصور بصورة امتثاله امره و ذلك لان الانسان الكوني لا صورة متممة له من ذات نفسه خاصة به و انما هو علي حسب الامتثالات و هو المسمي بزيد فاما ان يؤمن زيد و اما ان يكفر فان كفر يكون
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۶ *»
صورته صورة الجهل و جنوده فيكون علي صورة الحيوان و لاجل انه انسان كوني يكون اضل و ان تصور بصورة النبات يكون كأنه خشب مسنّد و ان تصور بصورة الجماد يكون كالحجارة بل اشد قسوة كل ذلك لقوة بنية الانسانية الكونية و هذه الانسانية علي ما اري له منبعث و هو الدماغ و هو غيب غيب الروح الدخاني الذي في الدماغ فان غيبه الروح الحيواني و ظاهره الروح النباتي و هو من غيب غيب الكرسي كما ان الروح الحيواني من غيب فلك القمر و هذا الروح موجود في المؤمن و الكافر و المطيع و العاصي بالبداهة و اما النفس القدسية التي نحن بصدد شرح احوالها و اشار اليها اميرالمؤمنين7 فليست توجد الا في المؤمنين و هذه النفس من خواصها النزاهة عن الدناءات و مذام الاخلاق و ارجاس الاعمال و المعاصي و السيئات من صفات الجمادات و النباتات و الحيوانات و الشياطين فافهم.
فصل: اعلم ان اللّه سبحانه خلق الانسان حيث خلقه في دهره و حقيقته فاعطاه خلقه و تمام ما هو به هو ثم انزله الي عالم الاظلة و البسه لباس الاظلة و خلق له في هذا العالم مشاعر و حواس ظلية و نفساً ظلية ثم انزله الي عالم الزمان و البسه اللباس الزماني الدنياوي و خلق له في هذا العالم حواس و مشاعر و نفوساً زمانية ثم خوّله اياها و ملّكه نواصيها و اعطاه ازمتها ثم اختبره بارسال الرسل و انزال الكتب و التكليف و الامر و النهي فمنهم من ائتمر بما امر و انتهي عما نهي و استعمل مراتبه الظلية و الزمانية في ما كلف به و سعد بذلك و منهم من تمرد عليه مراتبه الزمانية و مراتبه الظلية و حقيقته عنه كارهتان فتطغي عليه مراتبه الحيوانية و النباتية و الجمادية و لاتطاوعه فيما امر به فحصل منها بعض العصيان و هو يستغيث الي اللّه منه و يكرهه و يشنأه و يتبرأ منه و يستعيذ باللّه حتي انه ربما يرضي بقتل نفسه لو كان للّه فيه رضاً فهذا النوع من المعصية معصية دنياوية صادرة من اعراضه ليست منه و لا اليه و ان لميعف عنه و ورد عليه عقوباتها ترد عليه في الدنيا و يموت و لاذنب عليه و ان اذنب ذنوب الثقلين في الدنيا فيكون كراكب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۷ *»
فرس جموح طغي علي راكبه فعدا به في كل جانب و علي كل تل و وهدة و في كل واد و هضبة و هو يستغيث برفقته و يستعيذ الي ان اوقعه و ذهب تائهاً في البراري و القفار و استراح منه الراكب و جاءه رفقته و طيبوا باله و غمزوا ايديه و ارجله و انسوه و قالوا لاتثريب عليك اليوم و لاتخف نجوت من شرها و حملوه معهم علي دابة رهجوة فسرّ بذلك و شكر اللّه علي ما نجاه من شر تلك الدابة الجموح و لميلمه احد علي ما طغي به فرسه.
و ربما يطغي عليه المسكين حامله الظلي و الدنياوي علي ان حامله الظلي اغتر بحامله الدنياوي و مال اليه و الي ما يميل و احبه و احب سيرته فسار بسيرته و اشتهي بشهوته و غضب بغضبه حتي صار من اوليائه متصفاً بصفاته متخلقاً باخلاقه ولكن اشتد بذلك فزع حقيقته و اضطرابها و وحشتها و استغاثتها و استعاذتها بربها و تبرّيها و اشتد خوفها علي نفسها من قرب اسباب الهلاك اليها فيعدو بها حاملها الدنياوي الجموح في كل وهدة و اكمة كما سمعت و يدبر لها الحامل الظلي اسباب الهلاك و يزين لها حسن طرق الضلالة و بوادي الهلاكة فان صدقته و الا هيأت له اسباب التخويف و الترهيب لعلها ترتدع عن مخالفته فان ارتدعت و الا شبه عليها الامر و لبس عليها حتي يحيرها فان تحيرت و اتبعته في حال الحيرة و الا دبرت لها اسباباً يستخرج جهلها بها من الشبهات العلمية و العملية حتي يزلزلها و يوهن امرها و يوهي بنيانها و يفسد عقايدها حتي تتبعه و ذلك اصعب الامور عليها فلربما يبلغ بها الحال الي ان ترضي ان تلقي نفسها من جبل و تقتل نفسها او تشق بطنها بسكين و لايوسوس لها حامله الظلي بما يوسوس فان كانت علي هذه الحالة و لميعف عنه نجاتها نفخة الصور و المحشر و لاينجو صاحبها من شره في البرزخ و يبتلي بهول المطلع و يعذب في البرزخ الي ان يطهر من شوب تلك الوساوس و الخطرات السيئة ولكن اذا مات بنفخة الصور و بلي بين النفختين و تفرق اوصاله و تطهر من اعراضه خرج يوم القيمة مبيضاً وجهه ساكنة جوارحه مطمئنة نفسه مستورة عورته و لا ذنب عليه و هو الذي يوحي اللّه الي بقاع الارض ان استري علي عبدي ما اكتسبه عليك من السيئات و ينسي اللّه الحفظة اعماله السيئة و يأتي يوم القيمة و لا ذنب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۸ *»
عليه و يدخل الجنة باعماله الحسنة و هو المشار اليه في خبر رواه معاوية بن وهب قال سمعت اباعبداللّه7 يقول اذا تاب العبد توبةً نصوحاً احبه اللّه فستر عليه في الدنيا و الآخرة فقلت و كيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب و يوحي الي جوارحه اكتمي عليه ذنوبه و يوحي الي بقاع الارض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب فيلقي اللّه حين يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب انتهي و سرّ ذلك ان المعاصي من التائب عرضية فاذا خلع البسة الاعراض و جاء بذاتيته يوم القيمة يأتي طيباً طاهراً لايشهد علي ذاتيته شيء من اجزائه و اجزاء العالم.
و اما اذا مال حقيقة الانسان نعوذ باللّه مع حاملها الظلي و الدنياوي و انست به و بلغ الحال بها الي ان اشربت في قلبها حبه و حب اعماله نعوذ باللّه و طغت بها النباتية و الحيوانية و الظلية فاطاعتها في محبة و رضاً فكرهت ما كرهته و رضيت بما رضيته فذلك لايكفيه نعوذ باللّه عقوبات الدنيا و عقوبات البرزخ و لابد و انيعذب في عرصات القيمة المصاقعة مع حقيقته ان لميلحقه شفاعة فان تطهر يدخل الجنة في آخرها و الا فلابد و ان يدخل ضحضاح جهنم و يبقي فيه الي انيطهر نعوذ باللّه ثم يخرج و يغسل بماء الحيوان و يدخل الجنة و دار السلام هذا اذا كان فيه سعادة و جهة امتثال لامر الشارع و انسانية شرعية و الا و احاطت به خطيئته و ليس فيه جهة امتثال و نورانية فهو من اصحاب النار الاصلية خالداً فيها نعوذ باللّه و اكثر الموالين المنتحلين من الصنف الثالث الذين معاصيهم دنياوية و برزخية و اخروية نعوذ باللّه و اقل منهم من يكون معاصيه دنياوية و ظلية و حقيقته بريئة و اقل منهم من يكون معاصيه دنياوية و ظله و حقيقته بريئان و اقل منهم من يكون جميع مراتبه بريئة طاهرة طيبة و هم الشيعة الخواص بل الخصيصون المتبعون لقادة الدين المشايعون للائمة الطاهرين و يدل علي هذه الجملة اخبار منها ما رواه في تفسير الامام7 قال رسولاللّه9 ان ولاية علي حسنة لايضر معها سيئة من السيئات و ان جلّت الا ما يصيب اهلها من التطهير
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۷۹ *»
منها بمحن الدنيا و ببعض العذاب في الآخرة الي ان ينجو منها بشفاعة مواليه الطيبين الطاهرين و ان ولاية اضداد علي7 و مخالفة علي سيئة لاتنفع معها شيء الا ما ينفعهم بطاعتهم في الدنيا بالنعم و الصحة و السعة فيرد الآخرة و لايكون لهم الا دائم العذاب ثم قال ان من جحد ولاية علي لايري الجنة بعينه ابداً الا ما يراه مما يعرف به انه لو كان يواليه لكان ذلك محله و مأواه فيزداد حسرات و ندامات و ان من توالي علياً و برئ من اعدائه و سلم لاوليائه لايري النار بعينه ابداً الا ما يراه فيقال له لو كنت علي غير هذا لكان ذاك مأواك و الا ما يباشره منها ان كان مسرفاً علي نفسه بما دون الكفر الي انينظف بجهنم كما ينظف القذر بدنه بالحمام ثم ينقل عنها بشفاعة مواليه ثم قال رسولاللّه9 اتقوا اللّه معاشر الشيعة ان الجنة لنتفوتكم و ان ابطأت بكم عنها قبايح اعمالكم فتنافسوا في درجاتها قيل فهل يدخل جهنم احد من محبيك و محبي علي7 قال من قذر نفسه بمخالفة محمد و علي و واقع المحرمات و ظلم المؤمنين و المؤمنات و خالف ما رسم له من الشرعيات جاء يوم القيمة قذراً طفساً يقول محمد و علي8 يا فلان انت قذر طفس لاتصلح لمرافقة مواليك الاخيار و لا لمعانقة الحور الحسان و لا لملائكة اللّه المقربين لاتصل الي ما هناك الا بان يطهر عنك ما هيهنا يعني ما عليك من الذنوب فيدخل الي الطبق الاعلي من جهنم فيعذب ببعض ذنوبه و منهم من يصيبه الشدايد في المحشر ببعض ذنوبه ثم يلتقطه من هنا و من هنا من يبعثهم اليه مواليه من خيار شيعتهم فيلقطهم كما يلقط الطير الحب و منهم من تكون ذنوبه اقل و اخف فيطهر منها بالشدايد و النوائب من السلاطين و غيرهم و من الآفات في الابدان في الدنيا ليدلي في قبره و هو طاهر و منهم من يقرب موته و قد بقيت عليه فيشتد نزعه و يكفر به عنه فان بقي به شيء و قويت عليه يكون له بطن او اضطراب في يوم موته قبل(ظ)([1]) من يحضره فيلحقه به الذل فيكفر عنه فان بقي شيء اتي به و لمايلحد فيوضع فيتفرقون عنه فيطهر فان كانت ذنوبه اكثر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۰ *»
و اعظم طهر منها بشدايد عرصات يوم القيمة فان كانت اكثر و اعظم طهر منها في الطبق الاعلي من جهنم و هؤلاء اشد محبينا عذاباً و اعظمهم ذنوباً و ليس هؤلاء يسمون شيعتنا و لكنهم يسمون محبينا و الموالين لاوليائنا و المعادين لاعدائنا ان شيعتنا من شيعنا و اتبع آثارنا و اقتدي باعمالنا قال7 و قال رجل لامرأته اذهبي الي فاطمة بنت رسولاللّه9 فاسأليها عني انا من شيعتكم ام لست من شيعتكم فسألتها فقالت3 قولي له ان كنت تعمل ما امرناك و تنتهي عما زجرناك عنه فانت من شيعتنا و الا فلا فرجعت فاخبرته فقال ياويلي و من ينفك من الذنوب و الخطايا فانا اذاً خالد في النار فان من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار فرجعت فقالت المرأة لفاطمة ما قال زوجها فقالت فاطمة قولي له ليس هكذا شيعتنا من خيار اهل الجنة و كل محبينا و موالينا و موالي اوليائنا و معادي اعدائنا و المسلم بقلبه و لسانه لنا ليسوا من شيعتنا اذا خالفوا اوامرنا و نواهينا في ساير الموبقات و هم مع ذلك في الجنة ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا و الرزايا او في عرصات القيمة بانواع شدايدها او في الطبق الاعلي من جهنم بعذابها الي ان نستنقذهم بحبنا منها و ننقلهم الي حضرتنا الي غير ذلك من الاخبار.
فمن كان معاصيه باعراضه الدنياوية و لو كانت بقدر ذنوب الثقلين فيجزي به في الدنيا او يعفي عنه و يأتي البرزخ آمناً روعته و يدخل جنة البرزخ و من كان معاصيه باعراضه البرزخية ايضاً فيجزي بها في البرزخ او يعفي عنه بفضل اللّه و من كان معاصيه بذاتيته الاخروية فلابد و ان يجازي ان جوزي بها في الآخرة في العرصات او في الضحضاح علي حسب تعرّق المعصية فيه و علامة براءة العالي عن مقتضيات الداني تبرّيه عنها و اضطرابه و قلقه عند صدورها او بعد صدورها غفلة و ندمه و توبته و ان لميتب و لميضطرب فالذنب منه و لابد و ان يطهر منه بعذاب او بشفاعة تلحقه و الذي يستفاد من الخبر ان الشفاعة مخصوصة بالآخرة كما روي عن الصادق7 واللّه ما اخاف عليكم الا البرزخ فاما اذا صار الامر الينا فنحن اولي بكم انتهي و يؤيد ذلك ان اللّه سبحانه الزم كل مقتضٍ
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۱ *»
مقتضاها و لابد و ان يناله و الذي يذنب ذنباً و لايري مقتضاه فصرف العذاب منه بمقتضي عمل آخر منه اقوي منه يقتضي صرفه فمن اذنب ذنباً في الدنيا او في البرزخ و لا صارف له جوزي به و ان كان عرضياً فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرة شراً يره و اما في الآخرة فان كان من الشيعة او من اوليائهم فان له عملاً مكفراً لذنوبه الاخروية لامحالة فيصرف مقتضي الذنب منه فالذنب الاخروي موجب للعقاب الاخروي ان جوزي به و لايصرفه صارف عنه و نظير ذلك ما روي عن ابيعبداللّه7 في قوله تعالي (و من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها) قال ان جازاه انتهي ولكن الموالي لآلمحمد: المعتقد بامامتهم و المصدق لما جاءوا به يتوب عن ذنوبه و لو قبيل موته و ان لميتب يندم اقلاً من افعاله القبيحة و ان لميندم ندماً قوياً يعلم اقلاً بفاضل علومهم ان اللّه جلوعز ان شاء اخذه و بعدله و ان شاء عفي عنه و بفضله و ان لميكن عالماً و لا ملتفتاً الي ذلك فهو محب لآلمحمد: اقلاً او محب لمحبيهم او لمحب محب محبيهم و اي ذلك اتفق فهو صارف عن العذاب الاخروي و مصاقع للذنوب الاخروية و متأصل متذوت فيصرف عنه العذاب الاخروي و من ورائهم شفاعة ساداتهم و دعائهم و دعاء الملئكة و الانبياء و الاولياء و الاخوان و شفاعتهم و اللّه ذو الفضل العظيم ففي البحار بسنده عن ابنابيعمير قال سمعت موسي بن جعفر7 يقول لايخلد اللّه في النار الا اهل الكفر و الجحود و اهل الضلال و الشرك و من اجتنب الكباير من المؤمنين لميسأل عن الصغاير قال اللّه تعالي (ان تجتنبوا كباير ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلاً كريماً) قال فقلت يا ابن رسولاللّه فالشفاعة لمن تجب من المؤمنين فقال حدثني ابي عن آبائه عن علي: قال سمعت رسولاللّه9 يقول انما شفاعتي لاهل الكباير و اللّه تعالي يقول (و لايشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون) و من يرتكب الكباير لايكون مرتضي فقال يا ابااحمد ما من مؤمن يرتكب ذنباً الا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۲ *»
ساءه ذلك و ندم عليه و قد قال النبي9 كفي بالندم توبة و قال من سرته حسنته و ساءته سيئته فهو مؤمن فمن لميندم علي ذنب يرتكبه فليس بمؤمن و لمتجب له الشفاعة فكان ظالماً و اللّه تعالي يقول (ما للظالمين من حميم و لا شفيع يطاع) فقلت له يا ابن رسولاللّه و كيف لايكون مؤمناً من لميندم علي ذنب يرتكبه فقال يا ابااحمد ما من احد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم انه سيعاقب عليها الا ندم علي ما ارتكب و متي ندم كان تائباً مستحقاً للشفاعة و متي لميندم عليها كان مصراً و المصر لايغفر له لانه غيرمؤمن بعقوبة ما ارتكب و لو كان مؤمناً بالعقوبة لندم و قد قال النبي9 لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الاصرار و اما قول اللّه(و لا يشفعون الا لمن ارتضي) فانهم لايشفعون الا لمن ارتضي اللّه دينه و الدين الاقرار بالجزاء علي الحسنات و السيئات و من ارتضي اللّه دينه ندم علي ما يرتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيمة و في الكافي عن علي الاحمسي عن ابيجعفر7 قال واللّه ماينجو من الذنب الا من اقر به وقال7كفي بالندم توبة و عن ابنفضال عمن ذكره عن ابيجعفر7 لا واللّه مااراد اللّه من الناس الا خصلتين ان يقروا له بالنعم فيزيدهم و بالذنوب فيغفرها لهم و عن عمرو بن عثمن عن بعض اصحابه عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول ان الرجل ليذنب الذنب فيدخله اللّه به الجنة قلت يدخله اللّه بالذنب الجنة قال نعم انه يذنب فلايزال منه خائفاً ماقتاً لنفسه فيرحمه اللّه فيدخله الجنة و عن يونس بن يعقوب عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول من اذنب فعلم ان اللّه مطلع عليه ان شاء عذبه و ان شاء غفر له غفر له و ان لميستغفر و عن ابان بن تغلب قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ما من عبد اذنب ذنباً فندم عليه الا غفر اللّه له قبل ان يستغفر و ما من عبد انعم اللّه عليه نعمة فعرف انها من عند اللّه الا غفر اللّه له قبل ان يحمده و في العوالم من الكشاف باسناده الي جريرابن عبداللّه البجلي قال قـال رسولاللّه9
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۳ *»
من مات علي حب آلمحمد مات شهيداً الا و من مات علي حب آلمحمد مات مغفوراً له الا و من مات علي حب آلمحمد مات مؤمناً مستكمل الايمان الا و من مات علي حب آلمحمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر و نكير الا و من مات علي حب آلمحمد يزف الي الجنة كما تزف العروس الي بيت زوجها الا و من مات علي حب آلمحمد جعل اللّه زوار قبره الملئكة بالرحمة الا و من مات علي حب آلمحمد مات علي السنة و الجماعة الا و من مات علي بغض آلمحمد جاء يوم القيمة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة اللّه الا و من مات علي بغض آلمحمد لميشم رايحة الجنة الي غير ذلك من الاخبار المتجاوزة حد التواتر قطعاً فالشيعة لايخلو من شيء من ذلك او من بعض موجبات المغفرة في اعماله فيأتي يوم القيمة و يغلب حسناته سيئاته و ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكري للذاكرين، اولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات فيرجي لهم ان يدخلوا الجنة بغير حساب اللهم و([2]) اهل التوحيد المجازون باعمالهم الذين يمكن دخولهم الجنة يعذبون في العرصات و في الضحضاح و اما القليل من عصاة الموالين فيعذبون بعرصات القيمة و اقل منهم من يعذب بالضحضاح فان قلوبهم محفوظة بانوار ساداتهم غالباً اللهم الا المغرور المائل الي اعدائهم في الجنة فهو الذي يخاف عليه عذاب ضحضاح النار ففي البحار بسنده عن ميسرة قال سمعت الرضا7 يقول واللّه لايري في النار منكم اثنان ابداً واللّه و لا واحد قال قلت اصلحك اللّه اين هذا من كتاب اللّه قال في سورة الرحمن و هو قوله تعالي (فيومئذ لايسأل عن ذنبه منکم(ظ) انس و لا جان) قال قلت ليس فيها «منكم» قال بلي واللّه انه لمثبت فيها و ان اول من غير ذلك لابناروي([3]) و ذلك لكم خاصة و لو لميكن فيها «منكم» لسقط عقاب اللّه عن الخلق و عن ميسر قال دخلت علي ابيعبداللّه فقال كيف اصحابك فقلت جعلت فداك لنحن عندهم شر من اليهود و النصاري و المجوس و الذين اشركوا قال و كان متكئاً و استوي جالساً ثم قال كيف قلت قلت واللّه لنحن عندهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۴ *»
اشر من اليهود و النصاري و الذين اشركوا فقال اما واللّه لايدخل النار منكم اثنان لا واللّه و لا واحد واللّه انكم الذين قال اللّه تعالي( و قالوا ما لنا لانري رجالاً كنا نعدهم من الاشرار اتخذناهم سخرياً ام زاغت عنهم الابصار ان ذلك لحق تخاصم اهل النار) يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في الدنيا و بسنده عن ابنعباس قال قـال رسولاللّه9والذي بعثني بشيراً و نذيراً لايعذب اللّه بالنار موحداً ابداً و ان اهل التوحيد يشفعون فيشفعون الخبر.
فالشيعة بحول اللّه و قوته قلوبهم لاتخلو من موجب المغفرة و به يستوجبون الشفاعة فيشفع فيهم ساداتهم صلوات اللّه عليهم و لا تنافي بين هذه الاخبار و بين ما دل علي تعذيبهم في العرصات و في الضحضاح اما لأن المراد من اخبار النجاة النجاة في المآل او المراد بالنار التي لايدخلونها النار الاصلية او ان استحقاقهم التعذيب في العرصات و الضحضاح ان جوزوا باعمالهم ولكن لايجازون ببركة ساداتهم لما سمعت و لغيرها من الاخبار المتواترة و ارجو اللّه ان يوفقني لتصنيف كتاب في نجاة الشيعة فانه يختلج ذكره كثيراً في قلبي.
فصل: لما جري ذكر المعاصي احببت ان اذكر شيئاً في المعاصي الكبيرة و الصغيرة فطال ما تكلم فيه العلماء و اشتبه امرهما عليهم و لميميزوا بينهما ثم حملوا ابهام الامر علي المصلحة و قد اختلف الاخبار ظاهراً ايضاً فلميقدروا علي جمعها و استخراج جوهر الحق من بحرها فتركوها في سنبلها.
فاقول قال اللّه سبحانه (ان تجتنبوا كباير ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و نغفر لكم) و ورد اخبار كثيرة في ان الذنوب كباير و صغاير و يظهر منها ان الكباير ما اوعد اللّه عليه النار و تجب لها و انا قد ذكرت في هذه المسئلة كتاباً منفرداً كبيراً و سميته بـ«ضياءالبصاير في تعيين الكباير» فمن اراد تفصيل المسئلة فليراجعه و اذكر هنا بقدر ما يتيسر لئلايخلو كتابي هذا منه. اعلم اولاً ان الذنوب كائنة ما كانت علي ثلثة اقسام:
ذنوب دنيوية صدرت من الجوارح عن تسويل او اغواء او غفلة او شبهة و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۵ *»
امثال ذلك مما لميعزم عليه بصدر و لميحبه بقلب ولكن يقع منه و ليس من سجيته و هذا هو المسمي باللمم في الكتاب و السنة قال اللّه جلوعز (الذين يجتنبون كباير الاثم و الفواحش الا اللمم) و سئل ابوعبداللّه7 عن ذلك قال هو الذنب يُلمّ به الرجل فيمكث ما شاء اللّه ثم يُلمّ به بعد و في رواية عن احدهما8 في تفسيره الهنة بعد الهنة اي الذنب بعد الذنب يُلمّ به العبد و سمع ابوعبداللّه7 يقول ان المؤمن لايكون سجيته الكذب و البخل و الفجور و ربما المّ من ذلك شيئاً لايدوم عليه قيل فيزني قال نعم ولكن لايولد له من تلك النطفة و قال7 ما من ذنب الا و قدطبع عليه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلمّ به و هو قول اللّه عزوجل و قرأ الآية ثم قال اللمم العبد الذي يلمّ بالذنب بعد الذنب ليس من سليقته اي من طبعه و روي عنه7 اللمم الرجل يلمّ بالذنب فيستغفر اللّه منه قيل بين الضلال و الكفر منزلة قال ما اكثر عري الايمان و قيل للباقر7 اخبرني عن المؤمن يزني قال لا قيل فيلوط قال لا قيل فيشرب المسكر قال لا قيل فيذنب قال نعم قيل جعلت فداك لايزني و لايلوط و لايرتكب السيئات فاي شيء ذنبه فقال يا فلان قال اللّه(الذين يجتنبون كباير الاثم و الفواحش الا اللمم) و قد يلم المؤمن بالشيء الذي ليس فيه مراد و روي عن الفقيه اللمم ان يفعل الانسان الشيء في الحين لايكون له عادة الي غير ذلك من الاخبار فهذا الذنب عرضي له ليس من سجيته و سليقته و الا لكان يلازمه و لايهجره زماناً و لايتبرأ منه و لايتأذي به حتي يدعه مدة فهذا الذنب ليس من ذات العبد حتي يستوجب بذلك النار و يموت عنه و لا اثر له معه في البرزخ.
و ذنوب برزخية صدرت عن المشاعر و الحواس فتخيل بخياله و تفكر بفكره و توهم بوهمه و علم بعلمه و عزم عليه ثم اتاها بجوارحه و اظهرها فتلك ذنوب برزخية لايموت عنها بهذا الموت الدنياوي فتلازمه في البرزخ و يعذب عليه و فيها قوله7 واللّه مااخاف عليكم الا البرزخ فاما اذا صار الامر الينا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۶ *»
فنحن اولي بكم و ما رواه في الكافي عن عمرو بن يزيد قال قلت لابيعبداللّه7 اني سمعتك و انت حدثت ان الشيعة كلهم في الجنة تقول كل شيعتنا في الجنة علي ما كان منهم قال صدقت كلهم واللّه في الجنة قال قلت جعلت فداك ان الذنوب كثيرة كبار فقال اما في القيمة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع او وصي النبي و لكني واللّه اتخوف عليكم في البرزخ قلت و ما البرزخ فقال القبر منذ حين موته الي يوم القيمة و روي من توالي علياً و تبرأ من اعدائه و احل حلاله و حرم حرامه ثم دخل في الذنوب و لميتب في الدنيا عذب عليها في البرزخ و يخرج يوم القيمة و ليس له ذنب يسئل عنه يوم القيمة و منها هول المطلع كما في حديث الحسن7 حيث كان يبكي فسئل عن ذلك قال ابكي لخصلتين هول المطلع و فراق الاحبة وفي كلام ابيذر; قاله علي قبره بعد ما مسحه و لولا هول المطلع لسرني ان اكون مكانك الي آخر كلامه و المطلع هو محل الاشراف و الاطلاع فاذا مات الانسان يطلع علي البرزخ فيري ما فيه من اعماله علي غير صور الدنيا و من البين ان المعاصي علي صور مصادرها و هي قوي الحيوانية فيري اعماله السيئة علي هيئات منكرة علي هيئة قرد و خنزير و دب و اسد و كلب و ثعلب و سنور و فار و نمل و خنافس وهكذا و علي صور مركبة منها و هي تلازمه و تحمل عليه و تصول عليه و تروعه و يفزع روحه من رؤيتها و حملاتها و صولاتها نعوذ باللّه و قل من ينجو منها و منها ما قال ابوعبداللّه7 في روح الكافر انه يوضع في النار ثم لمتزل نفحة من النار تصيب جسده فيجد المها و حرها في جسده الي يوم البعث و يسلط علي روحه تسعة و ستين تنيناً تنهشه ليس فيها تنين ينفخ علي ظهر الارض فينبت شيئاً و قال7 ايضاً في الكافر يسلط اللّه عليه في قبره الحيّات تنهشه نهشاً و الشيطان يغمه غماً الخبر و في خبر يخليان اي الملكان بينه و بين الشيطان فيسلط عليه في قبره تسعة و تسعين تنيناً لو ان تنيناً واحداً منها نفخ في الارض ماانبتت شجراً ابداً و في رواية اخري يسلط اللّه عليه حيّات الارض و عقاربها و هوامّها فتنهشه حتي يبعثه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۷ *»
اللّه من قبره و انه ليتمني قيام الساعة مما هو فيه من الشر الخبر بالجملة هو من ذنوب قد ارادها و عزم عليها و قدم الفكر فيها ثم عملها بجوارحه فرسخ اصولها في مشاعره و فروعها في بدنه او بالعكس باعتبار و لكنها في المؤمن نوع من اللمم يلم بها المؤمن زماناً ثم يتوب منها و يستغفر اللّه و يتبرأ منها و لايحبها و لايهواها و علامة اللمم انقلاع المرء من عصيانه و ان عاد و لو كان من ذاتيته لماكان ينقلع لانه ظل ذاته و مادام الجدار باقياً كان الظل موجوداً فاذا رأيت الرجل اذنب ذنباً ثم ارتدع و قلاه فاعلم انه لمم منه المّ به و لميك منه و لا اليه فان تاب منها و اصلح باله و خياله يرجي له ان يؤمن من هول المطلع و الا فلاينجو منه الا الاقلون و الخصيصون و لعل اغلب لمم المؤمنين من هذا القسم فانه قلما يتفق معصية لايكون للمرء فيها همة و روية و عزيمة و يشيرالي ذلك ما روي ان اللمم ما بين الحدين حد الدنيا و حد الآخرة فعلي ذلك هو المعاصي البرزخية التي هي من المشاعر الباطنة و هي الفكر و الخيال و الوهم و العلم و هذا النوع من الذنب ايضاً ليس من ذات العبد و انما هي مقتضيات اعراض برزخية تزول عنه بنفخ الصور بين النفختين و اذا جاء يوم القيمة جاء و لا ذنب عليه نعم يفتتن بعذاب البرزخ و يعذب عليها فهذه الذنوب ايضاً ليست مما يوجب النار اي نار الآخرة ايّ ذنب كانت فانها ليست في صقع الآخرة.
و ذنوب تصدر من الانسان نفسه فيحبها بقلبه و يحب اهلها و يحب من يأمر بها و يعينه عليها و يبغض تركها و من ينهاه عنها و يحول بينه و بينها نعوذ باللّه فتلك ذنوب اخروية قد خالطت روحه و نفسه و تلك توجب النار و مثل هذه الانواع الثلثة كمرآة عرض عليها غبار فتمسحها بمنديل فتزيله عنها و تعود الي صقالتها و جلائها و مرآة اخري قد عرض عليها الصدأ و تشبث بها فلايزول بالمسح بل تحتاج الي دلك بالرماد و الخِرَق الصفيقة بقوة حتي يزول و مرآة اخري قد خالط جوهرها من الاجسام الكدرة يوم اذيب فاذيبت معه و خالطته فلاتفارقه بالمسح و الدلك الا انيذاب في النار نار السبك حتي تفارقه و تطهر من ادناسها فكذلك المعاصي الدنيوية يطهر منها العبد بفتن الدنيا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۸ *»
و محنها و المعاصي البرزخية يطهر منها بنار المشرق و البرهوت و عيون بقر و حضرموت و جبال النار و العيون الحمئة و امثالها و المعاصي الاخروية يطهر منها بنار السبك نار القيمة فيذاب فيها حتي يخرج ما فيه من الجوهر و لو كان مثقال حبة من خردل فلايترك تلك الحبة و تخرج من النار و تدخل الجنة و لاتخلد في النار بل لاتدخل النار الاصلية لانه اصله طاهر و انما اعراضه دنسة طفسة فيدخل في النار العرضية الاخروية كما قال الرضا7 ان اللّه لايدخل النار مؤمناً و قد وعده الجنة و لايخرج من النار كافراً و قد اوعده النار و الخلود فيها و مذنبوا اهل التوحيد يدخلون النار و يخرجون منها و الشفاعة جايزة لهم ففي البحار بسنده عن ابنفرقد عمن سمع اباعبداللّه7 يقول لايدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر و لايدخل النار من في قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فاسترجعت فقال ما لك تسترجع فقلت لما اسمع منك فقال ليس حيث تذهب انما اعني الجحود انما هو الجحود هـ، اي المراد من الكبر الاستكبار من قبول الحق كما قال تعالي (اذا قيل لهم لا اله الا اللّه يستكبرون) و اكثر من يدخل الضحضاح مذنبوا اهل التوحيد الذين وحدوا اللّه و صدقوا برسوله و لميعرفوا الحجج: و لميجحدوهم و لميعادوهم و تمسكوا بالشريعة فاخذوا باغصان الشجرة و جهلوا اصلها فاولئك يحاسبون باعمالهم و يدخلون الضحضاح ان كانوا عصاة حتي يحترق ما فيهم من الارجاس ثم يخرجون و يغسلون بماء الحيوان عند باب الجنة و يذهب سوادهم ثم يدخلون الجنة و يعرفون بالجهنميين ما فيهم اثر من البعد عن اللّه جلوعز ثم يضجون من هذه النسبة فينسي اللّه اهل الجنة فيزول منهم ذلك الاثر فلايري عليهم و لايسمون به و يدل علي ذلك ما رواه عن حمران قال سمعت اباجعفر7 يقول ان الكفار و المشركين يرون اهل التوحيد في النار فيقولون ما نري توحيدكم اغني عنكم شيئاً و ما انتم و نحن الا سواء قال فيأنف لهم الرب عزوجل فيقول للملئكة اشفعوا فيشفعون لمن شاء اللّه و يقول للمؤمنين مثل ذلك حتي اذا لميبق احد تبلغه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۸۹ *»
الشفاعة قال تبارك و تعالي انا ارحم الراحمين اخرجوا برحمتي فيخرجون كما يخرج الفراش قال ثم قال ابوجعفر7 ثم مدت العمد و اعمدت عليهم و كان واللّه الخلود و عن ابيبصير قال سمعت اباجعفر7 يقول ان قوماً يحرقون في النار حتي اذا صاروا حمماً ادركتهم الشفاعة قال فينطلق بهم الي نهر يخرج من رشح اهل الجنة فيغتسلون فيه فتنبت لحومهم و دماؤهم و تذهب عنهم قشف النار و يدخلون الجنة فيسمون الجهنميون فينادون باجمعهم اللهم اذهب عنا هذا الاسم قال فيذهب عنهم ثم قال يا بابصير ان اعداء علي هم الخالدون في النار لاتدركهم الشفاعة و في رواية يسمي ذلك النهر بالحيوان و هو عند باب الجنة و عن حمران قال قلت لابيعبداللّه7 انهم يقولون لاتعجبون من قوم يزعمون ان اللّه يخرج قوماً من النار فيجعلهم من اصحاب الجنة مع اوليائه فقال امايقرأون قول اللّه تبارك و تعالي (و من دونهما جنتان) انها جنة دون جنة و نار دون نار انهم لايساكنون اولياء اللّه و قال بينهما واللّه منزلة ولكن لااستطيع ان اتكلم ان امرهم لاضيق من الحلقة ان القائم لو قام لبدأ بهؤلاء انتهي فاهل التوحيد العصاة اذا دخلوا النار يدخلون النار التي هي دون النار الاصلية و اذا اخرجوا منها و دخلوا الجنة يدخلون الجنة التي هي دون الجنة و لايجامعون اولياء اللّه في جنتهم و يظهر من خبر ان فساق الشيعة ايضاً لايجامعون الشيعة المؤمنين كما عن القمي سئل العالم7 عن مؤمني الجن يدخلون الجنة فقال لا ولكن للّه حظاير بين الجنة و النار يكون فيها مؤمنوا الجن و فساق الشيعة انتهي فليس يسوي اللّه سبحانه بين من عاش عمره في الدنيا في طاعة اللّه و مجاهدة النفس مع من عاش في المعصية و ادخل النار بمعصيته فلهم درجة دون درجة فاهل التوحيد يطهرون في الضحضاح ثم يدخلون في حظاير الجنة.
و اما من محض الولاية لآلمحمد: و كان ولياً لهم و لاوليائهم و معادياً لاعدائهم و لاوليائهم و يبغض المعصية و اهلها و الآمر بها و المعاون لها و يحب الطاعة و اهلها و الآمر بها و المعاون لها ولكن يصدر منه ذنوب و ان كثرت
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۰ *»
فهو و ان فتن في الدنيا او البرزخ او فيهما لكن يأتي القيمة مبيضاً وجهه آمنة روعته مغفورة ذنوبه مكفرة سيئاته و يدل علي ذلك اخبار متواترة و الحمد للّه فمنها ما رواه شيخنا الاوحد من رسالة ابرهيم بن سليمان القطيفي في رسالته في الفرقة الناجية عن زكريا ابن آدم قال دخلت علي ابيالحسن الرضا7 فقال يا زكريا بن آدم شيعة علي رفع عنهم القلم قلت جعلت فداك فمن اي العلة في ذلك قال انهم اخروا الي دولة الباطل يخافون علي انفسهم و اموالهم و يحذرون علي امامهم يا زكريا بن آدم ما احد من شيعة عليّ اصبح صبحه اتي بسيئة و ارتكب ذنباً الا امسي و قد ناله غم حط عنه سيئته فكيف يجري عليهم القلم و عن فرات بن احنف قال كنت عند ابيعبداللّه7 اذ دخل رجل من هؤلاء الملاعين فقال واللّه لاسوءنه في شيعته فقال يا اباعبداللّه اقبل اليّ فلميقبل و اعاد عليه فلميقبل فاعاد الثالثة فقال ها انا ذا مقبل فقل و لنتقول خيراً فقال ان شيعتك يشربون النبيذ فقال و ما بأس بالنبيذ اخبرني ابي عن جابر بن عبداللّه ان اصحاب رسولاللّه9 كانوا يشربون النبيذ قال ليس اعني النبيذ انما اعني المسكر فقال شيعتنا ازكي و اطهر انيجري للشيطان في امعائهم رسيس و ان فعل ذلك المخذول فيجد رباً رءوفاً و نبياً بالاستغفار عطوفاً و ولياً عند الحوض ولوفاً ثم قال له7 اخبرني ابي عن علي بن الحسين7 عن ابيه عن علي بن ابيطالب7 عن رسولاللّه9 عن جبرئيل عن اللّه تعالي انه قال يا محمد اني حظرت جنة الفردوس علي جميع النبيين حتي تدخلها انت و علي و شيعته الا من اقترف منهم كبيرة فاني ابلوه في ماله او بخوف من سلطانه حتي تلقاه الملئكة بالروح و الريحان و انا عليه غير غضبان فيكون ذلك جزاءً لما كان منه فهل عند اصحابك هؤلاء شيء من هذا فلُم او دع و عن الفقيه ابيمحمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة قدس اللّه روحه في كتابه المسمي بالتمحيص عن عمر النيسابوري قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۱ *»
قلت لابيعبداللّه7 اني لاري من اصحابنا من يرتكب الذنوب الموبقة فقال لي يا عمر لاتشنع علي اولياء اللّه ان ولينا ليرتكب ذنوباً يستحق بها العذاب فيبتليه اللّه في بدنه بالسقم حتي يمحص عنه الذنوب فان عافاه ابتلاه في ولده فان عافاه ابتلاه بجار سوء يؤذيه فان عافاه من بوائق الدهر شدد عليه خروج نفسه حتي يلقاه و هو عنه راض و عن ابيالصباح الكناني قال كنت انا و زرارة عند ابيعبداللّه7 قال لايطعم النار من وصف هذا الامر فقال زرارة ان ممن يصف هذا الامر من يعمل بالكباير فقال اوماتدري ما كان ابي يقول في ذلك انه كان يقول اذا ما اصاب المؤمن من تلك الموبقات شيئاً ابتلاه اللّه ببلية في جسده او بخوف يدخله حتي يخرج من الدنيا و قد خرج من ذنوبه وفي البحار بسنده عن ميسر قال دخلت علي ابيعبداللّه7 فقال كيف اصحابك الي ان قال طلبوكم واللّه في النار واللّه فماوجدوكم منكم احداً و عن عنبسة عن ابيعبداللّه7 قال اذا استقر اهل النار في النار يفقدونكم فلايرون منكم احداً فيقول بعضهم لبعض ما لنا لانري رجالاً كنا نعدهم من الاشرار اتخذناهم سخرياً ام زاغت عنهم الابصار قال و ذلك قول اللّه عزوجل (ان ذلك لحق تخاصم اهل النار) يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في الدنيا و عن عبداللّه بن سليمن الديلمي عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 لعلي7ثم تأخذ بحجزتي و آخذ بحجزة اللّه و هي الحق و تأخذ ذريتك بحجزتك و تأخذ شيعتك بحجزة ذريتك فاين يذهب بكم الا الي الجنة فاذا دخلتم الجنة فتبوأتم مع ازواجكم و نزلتم منازلكم اوحي اللّه الي مالك ان افتح باب الجنة لينظروا اوليائي الي ما فضلتهم علي عدوهم فيفتح ابواب جهنم فيطلّون عليهم فاذا وجد اهل جهنم روح رايحة الجنة قالوا يا مالك اتطمع لنا في تخفيف العذاب عنا انا لنجد روحاً فيقول لهم مالك ان اللّه اوحياليّ ان افتح ابواب جهنم لينظر اهل الجنة اليكم فيرفعون رءوسهم فيقولون (فيقول
* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۲ *»
ظ)هذا يا فلان المتك تجوع فاشبعك و يقول هذا يا فلان المتك تعري فاكسوك و يقول هذا يا فلان المتك تخاف فآويتك و يقول هذا يا فلان المتك تحدث فاكتم عليك فيقولون بلي فيقولون استوهبونا من ربكم فيدعون لهم فيخرجون من النار الي الجنة فيكونون فيها ملومين و يسمون الجهنميين فيقولون سألتم ربكم فانقذنا من عذابه فادعوه يذهب عنا هذا الاسم و يجعل لنا في الجنة مأوي فيدعون فيوحي اللّه الي ريح فتهب علي افواه اهل الجنة فينسيهم ذلك الاسم و يجعل لهم في الجنة مأوي و عن عمر بن شمر عن جابر عن ابيجعفر7 قال قـال علي7 اذا كان يوم القيمة نادي مناد من السماء اين علي بن ابيطالب قال فاقوم انا فيقال لي انت علي فاقول انا بن عم النبي و وصيه و وارثه فيقال لي صدقت ادخل الجنة فقد غفر اللّه لك و لشيعتك فقد آمنك اللّه و آمنهم معك من الفزع الاكبر ادخلوا الجنة آمنين لاخوف عليكم اليوم و لا انتم تحزنون و عن الصدوق باسناده عن ابيعبداللّه قال قال لشيعته دياركم لكم جنة و قبوركم لكم جنة للجنة خلقتم و الي الجنة تصيرون و عن صباح بن سيابة عن ابيعبداللّه7 قال ان الرجل ليحبكم و مايدري ما تقولون فيدخله اللّه الجنة و ان الرجل ليبغضكم و مايدري ما تقولون فيدخله اللّه النار و عن القمي في معني قوله (فيومئذ لايسأل عن ذنبه انس و لا جان) قال معناه من توالي اميرالمؤمنين و تبرأ من اعدائه و آمن باللّه و احل حلاله و حرم حرامه ثم دخل في الذنوب و لميتب في الدنيا عذب بها في البرزخ و يخرج يوم القيمة و ليس له ذنب يسأل عنه يوم القيمة و من مجمعالبيان و روي عن الرضا7 انه قال فيومئذ لايسأل منكم من ذنبه انس و لا جان ان من اعتقد الحق ثم اذنب و لميتب في الدنيا عذب عليه في البرزخ و يخرج يوم القيمة و ليس له ذنب يسأل عنه و من شرحالآيات الباهرة باسناده عن ميسرة قال سمعت الرضا7 يقول واللّه لايري منكم في النار اثنان لا واللّه و لا واحد قال قلت فاين ذلك من كتاب اللّه فامسك عني سنة قال فاني معه ذات يوم في الطواف اذ قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۳ *»
لي يا ميسرة اليوم اذن لي في جوابك عن مسألة كذا فقلت فاين هو من القرآن قال سورة الرحمن و هو قول اللّه (فيومئذ لايسأل عن ذنبه منكم انس و لا جان) فقلت له ليس فيه «منكم» قال ان اول من غيرها ابناروي و ذلك انها حجة عليه و علي اصحابه و لو لميكن فيها «منكم» لسقط العذاب من خلقه اذ لميسأل عن ذنبه انس و لا جان فلمن يعاقب اذاً يوم القيمة و في كتاب المحتضر عن ابيجعفر7 قال قال اللّه تبارك و تعالي وعزتي و جلالي لااخرج عبداً لي من الدنيا اريد رحمته الا استوفيت كل سيئة هي له اما بتضييق في رزقه او ببلاء في جسده و اما خوف ادخله عليه فان بقي عليه شيء شددت عليه الموت قال و قال اللّه وعزتي و جلالي لااخرج عبداً لي من الدنيا اريد عذابه الا استوفيت كل حسنة له اما بالسعة في رزقه او بالصحة في جسده و اما بامن ادخله عليه فان بقي شيء هونت عليه الموت و في العوالم بسنده عن الحسين بن مصعب قال سمعت جعفر بن محمد8 يقول من احبنا للّه و احب محبينا لا لغرض دنيا يصيبها و عادي عدونا لا لاحنة كانت بينه و بينه ثم جاء يوم القيمة و عليه من الذنوب مثل رمل عالج و زبد البحر غفرها اللّه تعالي له و عن ابيسعيد الخدري قال قـال رسولاللّه9من رزقه اللّه حب الائمة من اهل بيتي فقد اصاب خير الدنيا و الآخرة فلايشكنّ احد انه في الجنة فان في حب اهل بيتي عشرون خصلة عشر منها في الدنيا و عشر منها في الآخرة اما في الدنيا فالزهد و الحرص علي العمل و الورع في الدين و الرغبة في العبادة و التوبة قبل الموت و النشاط في قيام الليل و اليأس مما في ايدي الناس و الحفظ لامر اللّه و نهيه عزوجل و التاسعة بغض الدنيا و العاشرة السخاء و اما في الآخرة فلاينشر له ديوان و لاينصب له ميزان و يعطي كتابه بيمينه و يكتب له براءة من النار و بيض وجهه و يكسي من حلل الجنة و يشفع في مائة من اهل بيته و ينظر اللّه عزوجل اليه بالرحمة و يتوج من تيجان الجنة و العاشرة يدخل الجنة بغير
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۴ *»
حساب فطوبي لمحبي اهل بيتي و عن ابنعمر قال سألنا رسولاللّه9 عن علي بن ابيطالب فغضب فقال ما بال اقوام يذكرون من له منزلة عند اللّه كمنزلتي و مقام كمقامي الا النبوة الا و من احب علياً فقد احبني و من احبني رضي اللّه عنه و من رضي اللّه عنه كافاه بالجنة الا و من احب علياً استغفرت له الملئكة و فتحت له ابواب الجنة يدخل من اي باب شاء بغير حساب الا و من احب علياً اعطاه كتابه بيمينه و حاسبه حساب الانبياء الا و من احب علياً لايخرج من الدنيا حتي يشرب من الكوثر و يأكل من شجرة طوبي و يري مكانه في الجنة الا و من احب علياً يهون اللّه عليه سكرات الموت و جعل قبره روضة من رياض الجنة الا و من احب علياً اعطاه في الجنة بكل عرق في بدنه حوراء و شفعه في ثمانين من اهل بيته و له بكل شعرة علي بدنه حديقة في الجنة الا و من عرف علياً و احبه بعث اللّه اليه ملك الموت كما بعث اللّه الي الانبياء و دفع عنه اهوال منكر و نكير و نور قبره و فسحه مسيرة سبعين عاماً و بيض وجهه يوم القيمة الا و من احب علياً اظله اللّه في ظل عرشه مع الصديقين و الشهداء و الصالحين و آمنه من الفزع الاكبر و اهوال يوم الصاخة الا و من احب علياً تقبل اللّه منه حسناته و تجاوز عن سيئاته و كان في الجنة رفيق حمزة سيد الشهداء الا و من احب علياً اثبت اللّه الحكمة في قلبه و اجري علي لسانه الصواب و فتح اللّه له ابواب الرحمة الا و من احب علياً سمي اسير اللّه في الارض و باهي اللّه به ملئكته و حملة عرشه الا و من احب علياً ناداه ملك من تحت العرش ان يا عبد اللّه استأنف العمل فقد غفر اللّه لك الذنوب كلها الا و من احب علياً جاء يوم القيمة و وجهه كالقمر ليلة البدر الا و من احب علياً وضع اللّه علي رأسه تاج الكرامة و البسه حلة العزة الا و من احب علياً مر علي الصراط كالبرق الخاطف و لمير صعوبة المرور الا و من احب علياً كتب اللّه له براءة من النار و براءة من النفاق و جوازاً علي الصراط و اماناً من العذاب الا و من احب علياً لاينشر له ديوان و لاينصب له ميزان و قيل له ادخل الجنة بغيرحساب
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۵ *»
الا و من احب علياً امن من الحساب و الميزان و الصراط الا و من مات علي حب آلمحمد صافحته الملئكة و زارته ارواح الانبياء و قضي اللّه له كل حاجة كانت له عند اللّه الا و من مات علي بغض آلمحمد مات كافراً الا و من مات علي حب آلمحمد مات علي الايمان و كنت انا كفيله بالجنة وعن ابنعمر ايضاً قال قـال رسولاللّه9 من اراد التوكل علي اللّه فليحب اهل بيتي و من اراد ان ينجو من عذاب القبر فليحب اهل بيتي و من اراد الحكمة فليحب اهل بيتي و من اراد دخول الجنة بغيرحساب فليحب اهل بيتي فواللّه مااحبهم احد الا ربح في الدنيا و الآخرة و عن ابنمسعود قال قـال رسولاللّه9 اذا كان يوم القيمة يقعد علي بن ابيطالب علي الفردوس و هو جبل قد علا علي الجنة و فوقه عرش رب العالمين و من سفحه تفجر انهار الجنة و تتفرق في الجنان و هو جالس علي كرسي من نور تجري بين يديه التسنيم لايجوز احد علي الصراط الا و معه براءة بولايته و ولاية اهل بيته يشرف علي الجنة فيدخل محبيه الجنة و مبغضيه النار و عن سلمان الفارسي2 قال قـال رسولاللّه9 يا سلمان من احب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي و من ابغضها فهو في النار يا سلمان حب فاطمة ينفع في مائة موطن ايسر تلك المواطن القبر و الموت و الميزان و المحشر و الصراط و المحاسبة فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه و من رضيت عنه رضي اللّه عنه و من غضبت عليه فاطمة غضبت عليه و من غضبت عليه غضب اللّه عليه يا سلمان ويل لمن يظلمها و يظلم ذريتها و شيعتها و عن ابنعباس قال قـال رسولاللّه9 ياعلي ان جبرئيل اخبرني عنك بامر قرت به عيني فروح به قلبي قال يا محمد قال اللّه عزوجل اقرأ محمداً مني السلام و اعلمه ان علياً امام الهدي و مصباح الدجي و الحجة علي اهل الدنيا و انه الصديق الاكبر و الفاروق الاعظم و اني آليت و عزتي و جلالي ان لاادخل النار احداً تولاه و سلم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۶ *»
له و للاوصياء من بعده حق القول مني لاملأن جهنم و اطباقها من اعدائه و لاملأن الجنة من اوليائه و شيعته و عن حذيفة بن اليمان قال رأيت رسولاللّه9 آخذاً بيد الحسن بن علي8 و هو يقول ايها الناس هذا ابن علي فاعرفوه فوالذي نفس محمد بيده انه لفي الجنة و محبوه في الجنة و محبوا محبه في الجنة و عن ابنعباس قال قـال رسولاللّه9حب علي بن ابيطالب تأكل السيئات كما تأكل النار الحطب و عن زيد الشحّام قال قلت لابيالحسن موسي7 الرجل من مواليكم عاص يشرب الخمر و يرتكب الموبق من الذنب نتبرأ منه فقال تبرأوا من فعله و لاتتبرأوا من خيره و ابغضوا عمله فقلت يسع لنا اننقول فاسق فاجر فقال لا الفاسق الفاجر الكافر الجاحد لنا و لاوليائنا ابي اللّه انيكون ولينا فاسقاً فاجراً و ان عمل ما عمل و لكنكم قولوا فاسق العمل فاجر العمل مؤمن النفس خبيث الفعل طيب الروح و البدن لا واللّه لايخرج ولينا من الدنيا الا و اللّه و رسوله و نحن عنه راضون يحشره اللّه علي ما فيه من الذنوب مبيضاً وجهه مستورة عورته لاخوف عليه و لاحزن و ذلك انه لايخرج من الدنيا حتي يصفي من الذنوب اما بمصيبة في مال او نفس او ولد او مرض و ادني ما يصنع بولينا ان يريه اللّه رؤياً مهولة فيصبح حزيناً لما رآه فيكون ذلك كفارة له او خوفاً يرد عليه من اهل دولة الباطل او يشدد عليه عند الموت فيلقي اللّه عزوجل طاهراً من الذنوب آمنة روعته بمحمد و اميرالمؤمنين8 فعندها تصيبه رحمة اللّه الواسعة التي كان احق بها و اهلها و له احسانها و فضلها و من كتاب الحسين بن سعيد عن الصادق عن آبائه: عن رسولاللّه9 انه قال لاميرالمؤمنين7 بشّر شيعتك و محبيك بخصال عشر اولها طيب مولدهم و ثانيها حسن ايمانهم و ثالثها حب اللّه لهم و الرابعة الفسحة في قبورهم و الخامسة نورهم يسعي بين ايديهم و السادسة نزع الفقر من بين اعينهم و غني قلوبهم و السابعة المقت من اللّه لاعدائهم و الثامنة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۷ *»
الامن من البرص و الجذام و التاسعة انحطاط الذنوب و السيئات عنهم و العاشرة هم معي في الجنة و انا معهم فطوبي لهم و حسن مآب و عن ابيالصلت الهروي قال سمعت الرضا7 يحدث عن آبائه: عن اميرالمؤمنين7 قال سمعت رسولاللّه9 يقول سمعت اللّه جلجلاله يقول علي بن ابيطالب حجتي علي خلقي و نوري في بلادي و اميني علي علمي لاادخل النار من عرفه و ان عصاني و لاادخل الجنة من انكره و ان اطاعني و عن النبي9 انه قال الزموا مودتنا اهل البيت فانه من لقي اللّه و هو يودنا اهل البيت دخل الجنة بشفاعتنا و الذي نفسي بيده لاينتفع عبد بعمله الا بمعرفة حقنا و عن زيد بن مطرف قال قـال رسولاللّه9 من اراد ان يحيي حيوتي و يموت موتي و يدخل الجنة التي وعدني ربي فليتول علي بن ابيطالب و ذريته فانهم لنيخرجوكم من باب هدي و لنيدخلوكم في باب ضلالة و عن العسكري7 من ادمن محبتنا اهل البيت فتح اللّه عزوجل له من الجنة ثمانية ابوابها و اباحه جميعها يدخل مما شاء فيها و كل ابواب الجنان يناديه يا ولي اللّه المتدخلني المتخصني من بينها و عن الثمالي عن علي بن الحسين8 قال قـال رسولاللّه9 في الجنة ثلث درجات و في النار ثلث دركات فأَعلي درجات الجنة لمن احبنا بقلبه و نصرنا بلسانه و يده و في الدرجة الثانية من احبنا بقلبه و نصرنا بلسانه و في الدرجة الثالثة من احبنا بقلبه و في اسفل درك من النار من ابغضنا بقلبه و اعان علينا بلسانه و يده و في الدرك الثانية من النار من ابغضنا بقلبه و اعان علينا بلسانه و في الدرك الثالثة من النار من ابغضنا بقلبه وعن امسلمة قالت سمعت النبي9 يقول ان علياً و شيعته هم الفائزون يوم القيمة ومن كنزالكراجكي قال روي عن النبي9 انه قال لعلي7 يا علي اني سألت اللّه عزوجل ان لايحرم شيعتك التوبة حتي تبلغ نفس
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۸ *»
احدهم(ظ) حنجرته فاجابني الي ذلك و ليس ذلك لغيرهم و عن جابر الانصاري قال سمعت رسولاللّه9 يقول ان اللّه عزوجل خلقني و خلق علياً و فاطمة و الحسن و الحسين من نور واحد فعصر ذلك النور عصرة فخرج([4]) شيعتنا فسبحنا فسبحوا و قدسنا فقدسوا و هللنا فهللوا و مجدنا فمجدوا و وحدنا فوحدوا ثم خلق اللّه السموات و الارض و خلق الملئكة فمكثت الملئكة مائة عام لاتعرف تسبيحاً و لا تقديساً فسبحنا فسبحت شيعتنا فسبحت الملئكة و كذا في البواقي فنحن الموحدون حيث لا موحد غيرنا و حقيق علي اللّه عزوجل كما اختصنا و اختص شيعتنا ان يزلفنا و شيعتنا في اعلي عليين ان اللّه اصطفانا و اصطفي شيعتنا من قبل ان نكون اجساماً فدعانا فاجبناه فغفر لنا و لشيعتنا من قبل ان نستغفر اللّه عزوجل و عن يعقوب بن ميثم انه وجد في كتاب ابيه ان علياً7 قال سمعت رسولاللّه9 يقول قال اللّه عزوجل (ان الذين آمنوا و عملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) ثم التفت الي علي7 فقال نعم انت يا علي و شيعتك و ميعادك و ميعادهم الحوض غراً محجلين مكحلين متوجهين (متوجين ظ) و عن محمد بن مسلم عن جعفر بن محمد عن ابيه عن ابيه عن ابيه عن ابيه علي بن ابيطالب: عن رسولاللّه9 قال يا علي ان شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيمة علي ما بهم من العيوب و الذنوب و وجوههم كالقمر في ليلة البدر و قد فرضت عنهم الشدايد و سهلت لهم الموارد و اعطوا الامن و الامان و ارتفعت عنهم الاحزان يخاف الناس و لايخافون و يحزن الناس و لايحزنون شراك نعالهم تتلألأ نوراً علي نوق بيض لها اجنحة قد ذللت من غير مهانة و نجت من غير رياضة اعناقها من ذهب احمر الين من الحرير لكرامتهم علي اللّه عزوجل و من تفسيرالفرات جعفر بن احمد معنعناً عن ابيعبداللّه7 قال خرجت انا و ابي ذات يوم فاذا هو باناس من اصحابنا بين المنبر و القبر فسلم عليهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۴۹۹ *»
ثم قال اما واللّه اني لاحب ريحكم و ارواحكم فاعينوني علي ذلك بورع و اجتهاد من ائتم بعبد فليعمل بعمله و انتم شيعة آلمحمد: و انتم شرط اللّه و انتم انصار اللّه و انتم السابقون الاولون و السابقون الآخرون في الدنيا و السابقون في الآخرة الي الجنة قد ضمنا لكم الجنة بضمان اللّه و ضمان رسوله و اهل بيته انتم الطيبون و نساؤكم الطيبات كل مؤمنة([5]) و كل مؤمن صديق كم مرة قد قال اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب7 لقنبر يا قنبر ابشر و بشر و استبشر واللّه لقد قبض رسولاللّه9 و هو ساخط علي جميع امته الا الشيعة و ان لكل شيء شرفاً و ان شرف الدين الشيعة الا و ان لكل شيء عروة و ان عروة الدين الشيعة الا و ان لكل شيء اماماً و امام الارض ارض يسكن فيها الشيعة الا و ان لكل شيء سيداً و سيد المجالس مجلس (ظ) الشيعة الا و ان لكل شيء شهوة و ان شهوة الدنيا سكني شيعتنا فيها واللّه لولا ما في الارض منكم مااستكمل اهل خلافكم طيبات ما لهم و ما لهم في الآخرة من نصيب كل ناصب و ان تعبد منسوب الي هذه الآية (وجوه يومئذٍ خاشعة عاملة ناصبة تصلي ناراً حامية تسقي من عين آنية) و من دعي من مخالف لكم فاجابة دعائه لكم و من طلب منكم الي اللّه حاجة فله مائة و من سأل مسئلة فله مائة و من دعا بدعوة فله مائة و من عمل منكم حسنة فلايحصي تضاعفها و من اساء منكم سيئة فمحمد حجيجه يعني يحاج عنه من تبعتها واللّه ان صايمكم ليرعي في رياض الجنة تدعو له الملئكة بالعون حتي يفطروا و ان حاجكم و معتمركم لخاص اللّه و انكم جميعاً لاهل دعوة اللّه و اهل اجابته و اهل ولايته لا خوف عليكم و لاحزن كلكم في الجنة فتنافسوا في فضايل الدرجات واللّه ما من احد اقرب من عرش اللّه تعالي يوم القيمة من شيعتنا ما احسن صنع اللّه اليكم واللّه لولا ان تفتنوا فيشمت بكم عدوكم و يعلم الناس ذلك لسلمت عليكم الملئكة قبلاً و قد قال اميرالمؤمنين7 يخرج اهل ولايتنا من قبورهم يوم القيمة مشرقة وجوههم قرت اعينهم قد اعطوا الامان يخاف الناس و لايخافون و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۰ *»
لايحزنون واللّه ما من عبد منكم يقوم الي صلوته الا و قد اكتنفته ملائكة من خلفه يصلون عليه و يدعون له حتي يفرغ من صلوته الا و ان لكل شيء جوهراً و جوهر ولد آدم صلوات اللّه و سلامه عليه نحن و شيعتنا و عن ابيبصير قال الصادق7 يا بامحمد تفرق الناس شعباً و رجعتم انتم الي اهل بيت نبيكم فاردتم ما اراد اللّه و احببتم من احب اللّه و اخترتم من اختاره اللّه فابشروا و استبشروا و انتم واللّه المرحومون المتقبل منكم حسناتكم المتجاوز عن سيئاتكم فهل سررتك فقلت نعم فقال يا بامحمد ان الذنوب تساقط عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق من الشجر و ذلك قوله تعالي (و تري الملئكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم)( و يستغفرون للذين آمنوا) واللّه يا بامحمد مااراد اللّه بهذا غيركم فهل سررتك قلت نعم زدني فقال قد ذكركم اللّه في كتابه عز من قائل (رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه) يريد انكم وفيتم بما اخذ عليكم ميثاقه من ولايتنا و انكم لمتستبدلوا بنا غيرنا و قال (الاخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو الا المتقين) واللّه ماعني بهذا غيركم فهل سررتك يا بامحمد فقلت زدني قال لقد ذكركم في كتابه حيث يقول (اخواناً علي سرر متقابلين) واللّه مااراد اللّه بهذا غيركم هل سررتك([6]) قال و قد ذكركم اللّه تعالي بقوله (اولئك الذين انعم اللّه عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين) فرسولاللّه9 في هذا الموضع النبيون و نحن الصديقون و الشهداء و انتم الصالحون و انتم واللّه شيعتنا فهل سررتك فقلت نعم فقال لقد استثناكم اللّه تعالي علي الشيطان فقال (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) واللّه ماعني بهذا غيركم فهل سررتك فقلت نعم زدني فقال قال اللّه(قل يا عبادي الذين اسرفوا علي انفسهم لاتقنطوا من رحمة اللّه ان اللّه يغفر الذنوب جميعاً) واللّه ماعني بهذا غيركم هل سررتك يا بامحمد قلت زدني فقال يا ابامحمد مااستثني اللّه تعالي لاحد من الانبياء و لا اتباعهم ماخلا شيعتنا فقال عز من قائل (يوم لايغني مولي عن مولي شيئاً الا من رحم اللّه) و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۱ *»
هم شيعتنا يا بامحمد هل سررتك قلت زدني يا ابن رسولاللّه قال لقد ذكركم اللّه تعالي في كتابه حيث قال (هل يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون انما يتذكر اولوا الالباب) فنحن الذين نعلم و اعداؤنا الذين لايعلمون و شيعتنا هم اولوا الالباب قلت زدني يا ابن رسولاللّه قال يا بامحمد مايحصي تضاعف ثوابكم يا بامحمد ما من آية تعود الي الجنة و تذكر اهلها بخير الا و هي فينا و فيكم و ما من آية تسوق الي النار الا و هي في عدونا و من خالفنا واللّه ما علي دين محمد و ملة ابرهيم7 غيرنا و غيركم و ان ساير الناس منكم برءاء يا بامحمد هل سررتك قلت نعم يا ابن رسولاللّه صلي اللّه عليك و جعلت فداك ثم انصرفت فرحاً و عن ابيحمزة قال سمعت اباعبداللّه7 يقول شيعتنا اقرب الخلق من عرش اللّه يوم القيمة و قال انتم اهل تحية اللّه بالسلام و اهل اثرة اللّه برحمته و اهل توفيق اللّه بعصمته و اهل دعوته بطاعته لاخوف عليكم و لا انتم تحزنون اسماؤكم عندنا الصالحون المصلحون و انتم اهل الرضا لرضاه عنكم و الملائكة اخوانكم في الخير فاذا اجتهدتم دعوا و اذا اذنبتم استغفروا و انتم خير البرية بعدنا دياركم لكم جنة و قبوركم لكم جنة للجنة خلقتم و في الجنة نعيمكم و الي الجنة تصيرون و عن علي بن سليمان عمن اخبره عن ابيعبداللّه7 في قوله عزوجل (و كتاب مسطور في رق منشور) قال كتاب كتبه اللّه عزوجل في ورقة آس و وضعه علي عرشه قبل خلق الخلق بالفي عام يا شيعة آلمحمد اني انا اللّه اجبتكم قبل ان تدعوني و اعطيتكم قبل ان تسألوني و غفرت لكم قبل ان تستغفروني و عن الرضا7 باسانيده عن آبائه: قال قـال رسولاللّه9 يا علي ان اللّه قد غفر لك و لاهلك و لشيعتك و محبي شيعتك و محبي محبي شيعتك فابشر فانك الانزع البطين منزوع من الشرك بطين من العلم و في المحتضر عن سهل بن مهران في حديث عن النبي9 و كان في علم اللّه السابق ان لايدخل النار محب لي و لعلي و كذا كان في علمه لايدخل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۲ *»
الجنة مبغض لي و لعلي الي غير ذلك من الاخبار التي لاتحصي كثرة و من رام جمعها ينبغي ان يؤلف كتاباً كبيراً و الحمد للّه.
فالشيعة الماحضون للايمان في قلوبهم جميع ذنوبهم عرضية دنياوية او برزخية و اذا نشروا ليوم القيمة نشروا و لا عليهم وصمة ذنب لتجاوز المُلك عالمَ البرزخ و صعود اهله عنه فياتون المحشر و وجوههم مبيضة مشرقة و ذنوبهم مغفورة و هذا معني حب علي حسنة لاتضر معها سيئة يعني حب علي سبب طيب الذات التي ياتي بها الآخرة و لاتضر معها سيئة من الاعراض الدنياوية و البرزخية و بغضه نعوذ باللّه بعكس ذلك فعلي ذلك اصل حب علي بن ابيطالب7 توبة و كفارة للذنوب و لهم علي الاطلاق قوله تعالي (قل يا عبادي الذين اسرفوا علي انفسهم لاتقنطوا من رحمة اللّه ان اللّه يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم) فذنوب الشيعة مغفورة بلا استثناء و اعمالهم مقبولة بلا استثناء و دعواتهم مستجابة بلا استثناء فمما بينا علم ان الذنوب التي توجب النار ذنوب اخروية و هي اكبر الذنوب و هي التي وعد اللّه عليها النار و اما الذنوب العرضية فليست توجب النار و لاتأتي عرصة القيمة ايّ ذنوب كانت و من فضل اللّه علينا ان ولاية آلمحمد: بنفسها سبب عظيم للسعادة و تكون سبب الختم بالخير و التوبة كما مر ان النبي9 قال لعلي7 يا علي اني سألت اللّه عزوجل ان لايحرم شيعتك التوبة حتي تبلغ نفس احدهم حنجرته فاجابني الي ذلك و ليس ذلك لغيرهم انتهي و ان لميتب المسكين فاصل الولاية منه توبة الي اللّه و كفارة للذنوب كيف لا و جميع الحسنات اغصان شجرة الولاية و فرعها بالجملة الذنوب التي وعد اللّه عليها النار و توجب النار و يستحق الرجل بها النار هي الذنوب القلبية و ان كان الذنب صغيراً في الظاهر و ان كان الذنب عرضياً لاتوجب النار و ان كان في الظاهر عظيماً كبيراً.
بقي شيء و هو انه قد ورد في الاخبار تعيين بعض افراد المعاصي انها كبيرة و انها موجبة النار و تلك الاخبار ايضاً مختلفة فمنها نص علي الخمسة و منها علي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۳ *»
الستة و منها علي السبعة و منها علي الثمانية و منها علي التسعة و منها علي العشرة و منها علي العشرين و منها علي الثلثة و الثلثين او الاربعة و الثلثين و منها علي الخمسة و الثلثين او الستة و الثلثين و في المعدودات ايضاً اختلاف في الاخبار و ورد اخبار في بعض الصفات انها من الكباير و روي كل ذنب عظيم و روي لا صغيرة مع الاصرار و روي تشديدات عظيمة في معاص كثيرة تلحقها بالكباير بل باعظم الكباير و هذه التعيينات المختلفة مما حير العلماء و ايسوا من الجمع و تفرقوا تحت كل كوكب و قد ذكرنا في كتابنا «ضياءالبصاير في تعيين الكباير» ان مفهوم الحصر ان عرف حجة لكن في جهة الحصر و هي موقوفة بنظر الحاصر و لعل جهة الحصر كون المحصورات حاضرة او غايبة او مأنوسة او ميسورة او شايعة او قريبة او بعيدة او سهلة او ممتنعة او مناسبة او منافرة او داخلة او خارجة او عالية او دانية او جسمانية او روحانية او غير ذلك و بذلك اختلف اخبار العدد الصادرة عنهم و لا تعارض فيها اذا صحت فلا تعارض في الاخبار الحاصرة و لاينفي مفهوم الاقل منطوق الاكثر ابداً و قد حققنا ذلك في كتابنا «ضياءالبصاير» مفصلاً فان شئت فراجع.
و بقي شيء آخر و هو ان قيل ان مدلول هذه الاخبار سواء تعارضت او لمتتعارض ان في افراد المعاصي بعضها يوجب النار و هو كبير و بعضها ليس بكبير بل هو صغير و مقتضي ما حققت سابقاً ان كل ذنب يمكن ان يكون صغيراً و يمكن ان يكون كبيراً فما التوفيق قلت ان درجات الذنوب متدرجة علي نحو التشكيك و لا شك ان بعضها اكبر من بعض بل تتفاوت بمقارناتها و متعلقاتها فتكون مع مقارن اكبر منها مع مقارن آخر فان ذكر في الاخبار ان في الذنوب كباير و غيركباير فهو من هذا الباب و نحن لانمنع من كون نفس بعض الذنوب اكبر من بعض و مفهوم العدد ايضاً علي ما ذكرنا فلا تنافي و الحمدللّه.
و اما ما فيها من انها موجبات للنار او مما وعد اللّه عليها النار فاعلم ان كل ذنب مما وعد اللّه عليه النار فان اللّه جلوعز لميأمر الا بما يقرب منه و لمينه الا مما يبعد عنه كما روي في الكافي عن النبي9 يا ايها الناس واللّه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۴ *»
ما من شيء يقربكم من الجنة و يباعدكم من النار الا و قد امرتكم به و ما من شيء يقربكم من النار و يباعدكم من الجنة الا و قد نهيتكم عنه انتهي و قال اللّه سبحانه (و من يعص اللّه و رسوله فان له نار جهنم خالداً فيها) و قال (من يعص اللّه و رسوله و يتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها و له عذاب مهين) فكل معصية مما اوعد اللّه عليه النار كائناً ما كان بالغاً ما بلغ فاذا ذكروا لحكمة عند ذكر بعض المعاصي انه مما اوعد اللّه عليه النار فلا غرو و ان اللّه مانهي عن معصية الا و انها تقتضي النار و ماامر بطاعة الا لانها تقتضي الجنة فان خصوا عملاً بوجوب الجنة له فانما هو للترغيب و ان خصوا عملاً بوجوب النار له فانما هو للترهيب و لا شك ان وجوب النار للمعاصي الكبيرة ليس وجوب حتم لايقبل الشفاعة اذ الشفاعة معدة لاهل الكباير و كذا وجوب الجنة لعامل طاعة ليس وجوب حتم حتي انه يدخل الجنة و ان ارتد و كفر او نافق فالمراد بالوجوب الاقتضاء يعني هذا العمل يقتضي النار و هذا العمل يقتضي الجنة و لا شك ان الاعمال مقتضيات فان حدث معها مانع من عملها لميجر و ان لميحدث يجري و انما مثل الاعمال و الوعد و الوعيد ككتب الطب و ذكر العقاقير و خواصها فيذكر الطبيب ان العقار الفلاني سم قتال يعني لو خلي و طبعه و لا مانع و الا فان قارنه درياق فليس يقتل و العقار الفلاني يزيد في الحفظ يعني به لو خلي و طبعه و اما اذا شرب معه ما يزيد في النسيان فلايظهر اثره فالمعاصي كلها توجب النار لو خليت و طبايعها و الا لماحرمت و الطاعات توجب الجنة لو خليت و طبايعها و الا لماندب اليها و لما كان الناس و قد خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً احتيج الي ميزان العدل للموازنة حتي يعلم الراجح من المرجوح و يجازي الانسان علي حسب الراجح.
بالجملة المعاصي كلها موجبة النار فان كانت دنيوية توجب نار الدنيا و ان كانت برزخية توجب نار البرزخ و ان كانت اخروية توجب نار الآخرة الا ان نار الدنيا و البرزخ ليست بخالدة و نار الآخرة خالدة فمن دخل في نار الآخرة فلايخرج منها ابداً فانها دار خلود و ما روي في قوم انهم يدخلون النار و يخرجون و يدخلون الجنة فانما هو نار دون نار و جنة دون جنة كما مر في حديث حمران
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۵ *»
آنفاً و الائمة: اطباء النفوس و يتكلمون علي حسب ما يرون من المصلحة فلاجل تعظيم بعض الذنوب و ردع النفوس قالوا خمسة او ستة او سبعة من الذنوب او اقل او اكثر توجب النار كما يحصرون ساير الخصال و من راجع كتاب الخصال عرف لذلك كثيراً من المثال و قد عرفت ان الحصر علي حسب النظر و الحكمة و في المعاصي تدرج و فيها اكبر و كبير و صغير و اصغر و اقتضاء كل اعظم اعظم من الاصغر منه لامحالة فقالوا ما قالوا لاجل ذلك و اما المعاصي الكبيرة التي توجب نار الآخرة فهي المعاصي الاخروية اي ما كان عن محبة قلبية نعوذ باللّه و لو كان نظراً الي غير محرم فهو كبير و يوجب نار الآخرة و اما ما سوي ذلك فهي صغاير موهوبة لمن اجتنب الكباير فلايعذب عليها يوم القيمة و ان عذب عليها في البرزخ او الدنيا هذا و المعاصي الاخروية ايضاً مقتضية من حيث هي هي و اما اذا عرضها مانع فلاتؤثر كما عرفت و اي مانع اعظم من شفقة السادة و شفاعتهم صلوات اللّه عليهم و حب علي بن ابيطالب و آله الطاهرين سلام اللّه عليهم اجمعين و انما ذلك مثل قوله7 في قوله تعالي (و من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها) قال7 ان جازاه.
فصل: و يناسب هذا المقام ان نذكر شطراً من شفاعة محمد و آلمحمد: حتي يشتد بذلك رجاء مواليهم و ولايته لهم صلوات اللّه عليهم فان الانسان مجبول علي حب من ينفعه و بغض من يضره.
اعلم ان الشفاعة مأخوذة من الشفع و هو خلاف الوتر فالشفيع من يتصل بك و يجعل وترك شفعاً فيكون معينك علي ما انت عليه و يقال انه ليشفع علَيّ بالعداوة اي يعين علَيّ و يضارني و شفع له اي لحق به و اعانه علي ما يريد و منه قوله تعالي (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها و من يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) فالشفاعة الي اللّه سبحانه طلب امداد لمن يحسن امداده او طلب ترك حق لايقبح تركه فبالاول يزداد الدرجات و تتعالي و بالثاني يدفع اقتضاء ترك ذلك الحق من العبد و عدم ادائه الي ذي الحق فلايشفعون الا لمن ارتضي و لايرتضي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۶ *»
اللّه الا من كان صالحاً للامداد او ترك الحق قابلاً له و لو بالاعانة و التكميل من الشفيع ففائدة الشفيع تكميل قابلية المشفوع له بفضل نوره المشرق عليه حتي يستعد للامداد او ترك الحق فيظهر فيه اثر مشية اللّه و نوره علي حسبه و ينصبغ بصبغه فيكون علي حسب مراده فيكون ذلك حينئذ من باب العدل الحَكَمي و اجابة الدعاء و الا فلايجب علي اللّه شيء و كل نعمه ابتداء و كل احسانه تفضل و اما ما من المعين فهو فضل منه قل بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون فالشفيع يشفع المشفوع باشراق نوره عليه كما يحمي النار الحجر البارد باشراقها عليه و طرح حرارتها عليه فاذا احمي الحجر يظهر منه اثر النار فيحمي غيره و يجري عليه مدد الحارّ لانه حارّ فالشفيع يشرق علي المشفوع له فيغوص في ذرات كينونته اشراقه و ينبه رواقد ما من جنسه فيه و يحيي ميته و يقيم مزمنه فيقوم و يصير بالفعل فاذا اتصف بصفة المشرق يستحق ما يستحقه المشرق ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه، الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم فلربما يلحق المشفوع بدرجة الشافع كسراج يشتعل بسراج آخر و في الحقيقة كل هذا التعليم الظاهر في الدنيا و ابلاغ الرسل و تشريع الشرايع ظواهر الشفاعة و في الباطن اشراق الموالي بنور جمالهم هو شفاعتهم و ولاية الاولياء هو ذلك النور المشرق و توليهم هو قبولهم لذلك النور و حيوتهم بذلك الاشراق فبذلك النور يشفعونهم فتبين انهم لايشفعون الا لمن ارتضي اللّه دينه اي امتثاله لاوامر اللّه و نواهيه و قبوله للولاية المشرقة عليه فمن لميتوالهم ليس بقابل للشفاعة و لايحسن امداده و يقبح ترك حق عليه لعدم الاستعداد فالشفاعة لاتقع الا لمنكان قابلاً لنور الولاية و ذلك النور هو ما يشفعونه به و ذلك النور لايجامع ظلمات المعصية فاذا كان النور ذاتياً كانت المعاصي عرضية و العرضي لايغلب الذاتي لاجتثاثه و عدم تأصله و عرصة الآخرة تنتهي الي الذاتية و يتخلف جميع الاعراض منها نعم في اوائل عرصات القيمة يكون بعض الاعراض و تعذب الذوات عند تلبسها بتلك الاعراض و انسلالها منها و تخلصها عنها لما قويت مشاعرها و احسّت بتنافرها معها فتأذت بمجاورتها لاسيما و تلك الاعراض ايضاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۷ *»
ظهرت بصورها الاخروية من صنوف اسباب العذاب فتلك التي تعذب عند نشرها و في عرصات القيمة فان طهرت و الا فتعذب في ضحضاح جهنم و هو نار دون نار فهي نار عرضية لا ذاتية فتعذب فيها بمجاورتها الي ان تنسل منها و لاتنسل الا بقوة نور الولاية و صعوده عن درجتها و رتبتها فلاتخرج من نار الضحضاح الا بشفاعة محمد و آلمحمد: و لربما تلحق الشفاعة بعد ثلثمائةالف سنة نعوذ باللّه و هو قوله تعالي (لابثين فيها احقاباً) و اهل النار الاصلية مخلدون فيها و لايخرجون بعد احقاب و اما من لميكن معاصيه قلبية و كانت برزخية مشعرية فذلك ينشر يوم القيمة و قد انسل ذاته عنها و تخلص عنها فيأتي آمناً يوم القيمة بشفاعة ساداته و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون و قد يلحق شفاعتهم في الدنيا و البرزخ اذا كانوا علي ولاية قوية و عزم ثابت و قدم راسخ كما روي في حديث سهل بن يعقوب الملقب بابينواس انه قال قلت لابيالحسن علي بن محمد العسكري7 يا سيدي قد وقع اليّ اختيارات عن الصادق7 ما حدثني به الحسن بن عبداللّه بن مطهر عن محمد بن سليمان الديلمي عن ابيه عن الصادق7 في كل شهر فاعرضه عليك قال افعل فلما عرضته عليه و صححته قلت يا سيدي في اكثر هذه الايام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من النحس و المخاوف فدلني علي الاحتراز فيها فربما تدعوني الضرورة الي التوجه الي حوايج فيها فقال7يا سهل ان لشيعتنا بولايتنا عصمة لو سلكوا بها في لجج البحار الغامرة و سباسب البيداء الغايرة بين سباع و ذئاب و اعادي الجن و الانس لأَمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا فاتق اللّه عزوجل و اخلص في الولاء لائمتك الطاهرين و توجه حيث شئت و اقصد ما شئت الخبر فتبين ان الولي اذا اعتمد علي الولاية و طلب العافية من اللّه من مقتضيات اعماله و ثمرات افعاله الخبيثة و استشفع بهم الي اللّه سبحانه في دفع تلك الثمرات لدفعها اللّه سبحانه ببركة شفاعتهم التي هي عين تلك الولاية و ذلك انه قد ثبت في الحكمة ان البنية اذا قويت دفعت عن نفسها الاعراض و ازالت الامراض باذن اللّه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۸ *»
سبحانه و لاتكاد تتأثر بمناف يرد عليه كما تشاهد من ان الانسان اذا قوي العزيمة في دخول الماء البارد فلايكاد يتأثر و اما مع التزلزل و اضطراب الخاطر فيتأثر و يتضرر كثيراً و كذلك الشاب القوي لايتضرر من اغذية متضادة و الكهل و الهرم الضعيفان يتضرران و نري اناساً لايستعملون السواك ابداً و اسنانهم كاللؤلؤ و اناساً يستعملون و اسنانهم قلحة لضعفها و ذلك مشهود و لا شك ان المؤمن بايمانه الصادق يتقرب الي اللّه القوي الدائم القاهر و بذلك يشتد قوته و عزيمته و توحده و عافيته و صحته و دافعته للمنافي فيندفع عنه الاعراض بتلك القوة فلاتؤثر فيه و لاتضره و لايميل الانسان القوي الي المعاصي فاذا عزم علي اللّه سبحانه بعزيمة الايمان ان يدفع عنه شر ما صدر منه خطأ و سهواً و نسياناً او تسويلاً من نفسه يدفعه لامحالة بل الولاية القوية تأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب فلايبقي لها اثر كما ان الماء الكثير يحيل النجاسة فلاينجس اذا كان قاهراً عليها حتي اذا غلب النجاسة و قهرته تنجس الماء فكذلك الولي اذا كان قوياً في الولاية تحيل ولايته معاصيه اولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات فلاتؤثر و لاتقتضي مكروهاً و شراً عليه و لا قوة الا باللّه و يدل علي ذلك ما روي في العوالم عن سهل بن سعد قال بينا ابوذر قاعد مع جماعة من اصحاب رسولاللّه9 و كنت يومئذ فيهم اذ طلع علينا علي بن ابيطالب7 فرماه ابوذر بنظره ثم اقبل علي القوم بوجهه فقال من لكم برجل محبته تساقط الذنوب عن محبيه كما يساقط الريح العاصف الهشيم من الورق من الشجر سمعت نبيكم9 يقول له ذلك قالوا من هو يا اباذر قال هو الرجل المقبل اليكم ابن عم نبيكم الخبر و عن ابنعمر في حديث عن النبي9 الا و من احب علياً ناداه ملك من تحت العرش ان يا عبد اللّه استأنف العمل فقد غفر اللّه لك الذنوب كلها و عن ابنعباس قال قـال رسولاللّه9 حب علي بن ابيطالب تأكل السيئات كما تأكل النار الحطب و عن الازدي قال قـال ابوعبداللّه7 من احبنا نفعه اللّه بذلك و لو كان اسيراً في يد الديلم و من احبنا لغير اللّه فان اللّه يفعل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۰۹ *»
به ما يشاء ان حبنا اهل البيت ليحط الذنوب عن العباد كما تحط الريح الشديدة الورق عن الشجر و عن الحسين بن مصعب قال سمعت جعفر بن محمد8 يقول من احبنا للّه و احب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه و عادي عدونا لا لاحنة كانت بينه و بينه ثم جاء يوم القيمة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج و زبد البحر غفرها اللّه تعالي له و عن صفوان عن ابيعبداللّه7 قال من احبنا و لقي اللّه و عليه مثل زبد البحر ذنوباً كان حقاً علي اللّه ان يغفر له الي غير ذلك من الاخبار.
فصل: و احب ان اسرد بعض الاخبار في معني الشفاعة و اشرف كتابي و اثلج افئدة الناظرين بها رزقنا اللّه اياها بحق اصحابها ففي البحار بسنده عن انس بن مالك قال قـال رسولاللّه9 لكل نبي دعوة قد دعا بها و قد سأل سؤلاً و قد اخبأت دعوتي لشفاعتي لامتي يوم القيمة و عن ابنصدقة عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي: قال قـال رسولاللّه9 ثلثة يشفعون الي اللّه عزوجل فيشفعون الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء و من حديث الاربعمائة قال اميرالمؤمنين7 لاتعنونا في الطلب و الشفاعة لكم يوم القيمة فيما قدمتم وقال7 لنا شفاعة و لاهل مودتنا شفاعة و عن الحسين بن خالد عن الرضا عن ابيه عن آبائه عن اميرالمؤمنين: قال قـال رسولاللّه9 من لميؤمن بحوضي فلااورده اللّه حوضي و من لميؤمن بشفاعتي فلااناله اللّه شفاعتي ثم قال7 انما شفاعتي لاهل الكباير من امتي فاما المحسنون فما عليهم من سبيل قال الحسين بن خالد فقلت للرضا7 يا ابن رسولاللّه فما معني قول اللّه عزوجل (و لايشفعون الا لمن ارتضي) قال لايشفعون الا لمن ارتضي اللّه دينه و عن جابر بن عبداللّه الانصاري عن علي بن ابيطالب7 قال قالت فاطمة3 لرسولاللّه9
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۰ *»
يا ابتاه اين القاك يوم الموقف الاعظم و يوم الاهوال و يوم الفزع الاكبر قال يا فاطمة عند باب الجنة و معي لواء الحمد و انا الشفيع لامتي الي ربي قالت يا ابتاه فان لمالقك هناك قال القيني علي الحوض و انا اسقي امتي قالت يا ابتاه ان لمالقك هناك قال القيني علي الصراط و انا قائم اقول رب سلم امتي قالت فان لمالقك هناك قال القيني و انا عند الميزان اقول رب سلم امتي قالت فان لمالقك هناك قال القيني علي شفير جهنم امنع شررها و لهبها عن امتي فاستبشرت فاطمة بذلك صلي اللّه عليها و علي ابيها و بعلها و بنيها و عن سماعة عن ابيعبداللّه قال سألته عن شفاعة النبي يوم القيمة قال يلجم الناس يوم القيمة العرق فيقولون انطلقوا الي آدم يشفع لنا فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا عند ربك فيقول ان لي ذنباً و خطيئة فعليكم بنوح فيأتون نوحاً فيردهم الي من يليه و يردهم كل نبي الي من يليه حتي ينتهون الي عيسي فيقول عليكم بمحمد صلي الله عليه و آله و علي جميع الانبياء فيعرضون انفسهم عليه و يسألونه فيقول انطلقوا فينطلق بهم الي باب الجنة و يستقبل باب الرحمن و يخر ساجداً فيمكث ما شاء اللّه فيقول ارفع رأسك و اشفع تُشَفَّع و سل تُعط و ذلك قوله (عسي ان يبعثك ربك مقاماً محموداً) و عن معاوية و هشام عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في ابي و امي و عمي و اخ كان لي في الجاهلية و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه الصادق7 قال اذا كان يوم القيمة جمع اللّه الاولين و الآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمة شديدة فيضجون الي ربهم و يقولون يا رب اكشف عنا هذه الظلمة قال فيقبل قوم يمشي النور بين ايديهم قد اضاء ارض القيمة فيقول اهل الجمع هؤلاء انبياء اللّه فيجيئهم النداء من عند اللّه ما هؤلاء بانبياء فيقول اهل الجمع فهؤلاء ملئكة فيجيئهم النداء من عند اللّه ما هؤلاء بملئكة فيقول اهل الجمع هؤلاء شهداء فيجيئهم النداء من عند اللّه ما هؤلاء بشهداء فيقولون من هم فيجيئهم النداء يا اهل الجمع سلوهم من انتم فيقول
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۱ *»
اهل الجمع من انتم فيقولون نحن العلويون نحن ذرية محمد رسولاللّه9 نحن اولاد علي ولي اللّه نحن المخصوصون بكرامة اللّه نحن الآمنون المطمئنون فيجيئهم النداء من عند اللّه عزوجل اشفعوا في محبيكم و اهل مودتكم و شيعتكم فيشفعون و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال شيعتنا من نور اللّه خلقوا و اليه يعودون واللّه انكم لملحقون بنا يوم القيمة و انا لنشفع فنشفع و واللّه انكم لتشفعون فتشفعون و ما من رجل منكم الا و سترفع نار عن شماله و جنة عن يمينه فيدخل احباءه الجنة و اعداءه النار و عن القلانسي عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه: قال قـال رسولاللّه9 اذا قمت المقام المحمود تشفعت في اصحاب الكباير من امتي فيشفعني اللّه فيهم واللّه لاتشفعت فيمن آذي ذريتي و عن محمد بن عمارة عن ابيه قال قـال الصادق جعفر بن محمد7 من انكر ثلثة اشياء فليس من شيعتنا المعراج و المسألة في القبر و الشفاعة و عن ابيذر و سلمان قالا قـال رسولاللّه9 ان اللّه اعطاني مسألة فاخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من امتي يوم القيمة ففعل ذلك و عن ابياسامة عن ابيعبداللّه و ابيجعفر8 قالا واللّه لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتي تقول اعداؤنا اذا رأوا ذلك فما لنا من شافعين و لا صديق حميم فلو ان لنا كرة فنكون من المؤمنين قال من المهتدين قال لان الايمان قد لزمهم بالاقرار و عن القمي في تلو قوله (و لاتنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له) قال لايشفع احد من انبياء اللّه و رسله يوم القيمة حتي يأذن اللّه الا رسولاللّه9 فان اللّه قد اذن له الشفاعة من قبل يوم القيمة و الشفاعة له و للائمة من ولده ثم بعد ذلك للانبياء صلوات اللّه عليهم و علي محمد و آله و عن ابيالعباس المكبر قال دخل مولي لامرأة علي بن الحسين صلوات اللّه عليهما علي ابيجعفر7 يقال له ابوايمن فقال يا باجعفر تغرون الناس و تقول شفاعة محمد شفاعة محمد فغضب ابوجعفر7 حتي تربّد وجهه ثم قال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۲ *»
ويحك يا اباايمن أغرّك ان اُعِفّ بطنك و فرجك اما لو قد رأيت افزاع القيامة لقد احتجت الي شفاعة محمد9 ويلك فهل يشفع الا لمن وجبت له النار ثم قال ما احد من الاولين و الآخرين الا و هو محتاج الي شفاعة محمد9 يوم القيمة ثم قال ابوجعفر7 ان لرسولاللّه9 الشفاعة في امته و لنا شفاعة في شيعتنا و لشيعتنا شفاعة في اهاليهم ثم قال و ان المؤمن ليشفع في مثل ربيعة و مضر و ان المؤمن ليشفع حتي لخادمه و يقول يا رب حق خدمتي كان يقيني الحر و البرد و عن النبي9 في جواب اليهود و اما شفاعتي ففي اصحاب الكباير ماخلا اهل الشرك و الظلم و عن علي7 ان للجنة ثمانية ابواب باب يدخل منه النبيون و الصديقون و باب يدخل منه الشهداء والصالحون و خمسة ابواب يدخل منها شيعتنا و محبونا فلاازال واقفاً علي الصراط ادعو و اقول رب سلّم شيعتي و محبيّ و انصاري و من توالاني في دار الدنيا فاذا النداء من بطنان العرش قد اجيبت دعوتك و شفعت في شيعتك و يشفع كل رجل من شيعتي و من تولاني و نصرني و حارب من حاربني بفعل او قول في سبعينالفاً من جيرانه و اقربائه و باب يدخل منه ساير المسلمين ممن يشهد ان لا اله الا اللّه و لميكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا اهل البيت و عن الصادق7 اصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون و لا كافرون فان اللّه تبارك و تعالي لايدخل النار مؤمناً و قد وعده الجنة و لايخرج من النار كافراً و قد وعده النار و الخلود فيها و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء فاصحاب الحدود فساق لا مؤمنون و لا كافرون و لايخلدون في النار و يخرجون منها يوماً و الشفاعة جايزة لهم و المستضعفين اذا ارتضي اللّه عزوجل دينهم و قال الرضا7 مذنبوا اهل التوحيد يدخلون النار و يخرجون منها و الشفاعة جايزة لهم و عن الرضا عن آبائه عن اميرالمؤمنين: قال قـال رسولاللّه9 اذا كان يوم القيمة وُلِّينا حساب شيعتنا فمن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۳ *»
كانت مظلمته فيما بينه و بين اللّه عزوجل حكمنا فيها فاجابنا و من كان مظلمته فيما بينه و بين الناس استوهبناها فوهب لنا و من كانت مظلمته فيما بينه و بيننا كنا احق من عفا و صفح و عنه عن آبائه عن علي7 من كذّب بشفاعة رسولاللّه9 لمتنله و قال ابوعبداللّه7 ان المؤمن منكم يوم القيمة ليمرّ به الرجل له المعرفة به في الدنيا و قد امر به الي النار و الملك ينطلق به قال فيقول له يا فلان اغثني فقد كنت اصنع اليك المعروف في الدنيا و اسعفك في الحاجة تطلبها مني فهل عندك اليوم مكافاة فيقول المؤمن للملك الموكل به خلِّ سبيله قال فيسمع اللّه قول المؤمن فيأمر الملك انيجيز قول المؤمن فيخلي سبيله و قال7 ان المؤمن ليشفع لحميمه الا ان يكون ناصباً و لو انّ ناصباً شفع له كل نبي مرسل و ملك مقرب ماشفعوا و قال7 في قوله (لايتكلمون الا من اذن له الرحمن و قال صواباً) قال نحن واللّه الماذون لهم في ذلك اليوم و القائلون صواباً قيل جعلت فداك و ما تقولون اذا تكلمتم قال نمجد ربنا و نصلي علي نبينا و نشفع لشيعتنا فلايردنا ربنا و قال7 في قول اللّه (فما لنا من شافعين و لا صديق حميم) قال الشافعون الائمة و الصديق من المؤمنين و عن ابيجعفر7 انه قال لجابر يا جابر لاتستعن بعدونا في حاجة و لاتستعطه و لاتسأله شربة ماء انه ليمرّ به المؤمن في النار فيقول يا مؤمن الست فعلت بك كذا و كذا فيستحيي منه فيستنقذه من النار فانما سمي المؤمن مؤمناً لانه يؤمن علي اللّه فيؤمن امانه و قال ابوعبداللّه7(من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه) قال نحن اولئك الشافعون و عنه7 واللّه لنشفعن لشيعتنا واللّه لنشفعن لشيعتنا واللّه لنشفعن لشيعتنا حتي يقول الناس فما لنا من شافعين و لا صديق حميم و عن الرضا7 عن آبائه: عن النبي9 اربعة انا لهم شفيع يوم القيمة المكرم لذريتي و القاضي لهم حوايجهم و الساعي في امورهم ما اضطرّوا اليه و المحب لهم بقلبه و لسانه عند ما اضطرّوا و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۴ *»
عن ابيعبداللّه7 اذا كان يوم القيمة بعث اللّه العالم و العابد فاذا وقفا بين يدي اللّه عزوجل قيل للعابد انطلق الي الجنة و قيل للعالم قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم و عنه7 قال قـال رسولاللّه9 ما من اهل بيت فيدخل واحد منهم الجنة الا دخلوا اجمعين الجنة قيل و كيف ذلك قال يشفع فيهم فيُشَفَّع حتي يبقي الخادم فيقول رب خويدمتي قدكانت تقيني الحر و البرد فيشفّع فيها وعنه7 قال قـال رسولاللّه9 لاتستخفوا بشيعة علي فان الرجل منهم ليشفع لعدد ربيعة و مضر و عن عبدالحميد الوابشي عن ابيجعفر7 قال قلت له ان لنا جاراً ينتهك المحارم كلها حتي انه ليترك الصلوة فضلاً عن غيرها فقال سبحان اللّه و اعظم ذلك الااخبركم بمن هو شر منه قلت بلي قال الناصب لنا شر منه اما انه ليس من عبد يذكر عنده اهل البيت فيرقّ لذكرنا الا مسحت الملئكة ظهره و غفر ذنوبه كلها الا انيجيء بذنب يخرجه من الايمان و ان الشفاعة لمقبولة و ماتقبل في ناصب و ان المؤمن ليشفع لجاره و ما له حسنة فيقول يا رب جاري كان يكف عني الاذي فيشفع فيه فيقول اللّه تبارك و تعالي انا ربك و انا احق من كافي عنك فيدخله الجنة و ما له من حسنة و ان ادني المؤمنين شفاعة ليشفع لثلثين انساناً فعند ذلك يقول اهل النار فما لنا من شافعين و لا صديق حميم و عن سماعة قال كنت قاعداً مع ابيالحسن الاول7 و الناس في الطواف في جوف الليل فقال يا سماعة الينا اياب هذا الخلق و علينا حسابهم فما كان لهم من ذنب بينهم و بين اللّه عزوجل حتمنا علي اللّه في تركه لنا فاجابنا الي ذلك و ما كان بينهم و بين الناس استوهبناه منهم و اجابوا الي ذلك و عوضهم اللّه عزوجل و عن ابيعبداللّه7 اذا كان يوم القيمة وكلنا اللّه حساب شيعتنا فما كان للّه سألنا اللّه ان يعوضهم بدله فهو لهم و ما كان لنا فهو لهم و في رواية اخري و ما كان لمخالفيهم فهو لهم الي غير ذلك من الاخبار التي تزيد علي حد التواتر بمثل هذا فليفرح المؤمنون و علي مثل هذا فليعتمد المعتمدون و بمثل هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۵ *»
فليكتف المكتفون.
فصل: و لما ان فرغنا من ذكر اقسام المعاصي و معني الصغاير و الكباير ثم الشفاعة و كان في احاديث الشفاعة قول اميرالمؤمنين7 لاتعنونا في الطلب و الشفاعة لكم يوم القيمة فيما قدمتم و قول النبي9 انما شفاعتي لاهل الكباير من امتي فاما المحسنون فما عليهم من سبيل احب ان اذكر كلمات في معني التوبة و ما يتبين به حالها ان شاء اللّه و ان ذكرنا سابقاً في معني الاستغفار و التوبة فصولاً تامة فان فيما نذكره هنا كمال ما قدمناه و يناسب هنا ايضاً ذكرها.
اعلم ان جهة اللّه الواحد الاحد جلشأنه اصل كل خير و نور و كمال و دوام و ثبات و تحقق و نجاة و جهة خلافها و البعد عنه جلشأنه اصل كل شر و ظلمة و نقص و فناء و زوال و اجتثاث و هلاك و قد ظهر ذلك لكل من نظر و اعتبر في كتابنا هذا و ساير كتبنا بحيث لايبقي له شك و لا ارتياب و يري ذلك عياناً من كل باب ولما ان خلق الانسان الجامع الحاكي لجميع مظاهر الربوبية خلقه جامعاً لكل من الجهتين ليظهر فيه سر الجامعية و الاختيار و يتمكن من الافعال النورية و الخير و الافعال الظلمانية و الشر و يكون بذلك آية للّه المختار و دليل الجبار لاهل الاعتبار و يكون مثاباً علي اعماله الحسنة و معاقباً علي اعماله السيئة ثم بعث اليهم الرسل و انزل اليهم الكتب و دلهم علي ما يقربهم من مبدأ النور و النجاة و علي ما يقربهم من مبدء الظلمة و الهلاك فامرهم بالاول و نهيهم عن الثاني ففي الكافي بسنده عن ابيحمزة الثمالي عن ابيجعفر7 قال خطب رسولاللّه9 في حجة الوداع فقال يا ايها الناس واللّه ما من شيء يقربكم من الجنة و يباعدكم من النار الا و قد امرتكم به و ما من شيء يقربكم من النار و يباعدكم من الجنة الا و قد نهيتكم عنه الخبر و لايزيد الاعمال في الحقيقة علي القسمين فاما مقرب من الجنة و اما مقرب من النار فالمقرب الي الجنة طاعة و مأموربه و المقرب الي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۶ *»
النار معصية و منهيعنه ففي الواقع جميع الاعمال لايخلو من قسمين اما واجب و اما حرام و ذلك عند اهل الحقيقة و الناظرين الي حقايق الاشياء و الي المقربين بم تقربوا و الي المبعدين بم ابعدوا الذين يرون كل كمال من الجنة و دار رضاء اللّه و قربه و كل نقص من النار و دار سخط اللّه و بعده و اما اهل الطريقة فالاعمال عندهم علي ما هو المعروف علي اربعة اقسام فاما يكون العمل حافظاً للبنية و باعثاً لكون الانسان في دار القرب و من اهل الخير و النور و لولاه لانهدت بنيته و تزعزعت اركانه و هلك و طرد من دار القرب الي اسفل فذلك عندهم واجب و اما يكون العمل محسناً له زايداً في جماله و بهائه و سنائه و قربه من مبدئه و لولاه لنقص حسنه و جماله و بهاؤه و تأخر قليلاً فذلك عندهم مستحب و ذلك ظل الواجب و نوره و شعاعه و الحرام و المكروه بعكس هذين فالاعمال عندهم اربعة لا خامس لها فان عمل به للّه و في اللّه فاما واجب و اما مستحب و ان عمله لغيره كايناً من كان فهو اما حرام او مكروه و ليس غير القرب الا البعد و غير النور الا الظلمة و اما اهل الحقيقة فيرون اصل النور و اصل الظلمة فما به يتوجه الي النور فعندهم واجب و ما به يتوجه الي اصل الظلمة فعندهم حرام و اما في الظاهر و عند اهل الظاهر ففي الاحكام مباح رحمة و توسعة علي العباد الضعفاء لانهم لايطيقون احكام اهل الحقيقة و الطريقة و لايكلف اللّه نفساً الا وسعها فالمباح حكم ظاهري لهم.
و اعلم ان الذي تبين لي من علوم آلمحمد: بحيث لا شك فيه و لا ريب يعتريه ان الامر لاينحصر في هذه الخمس علي ما هو المعروف بين المتفقهة بل الامر علي نحو التدرج بين ادني درجات الاستحباب الي اعلي درجات الوجوب فلرب مستحب لايقصر عن الواجب بل يلحق به و لرب واجب هو كالمستحب و كذلك بين الحرام و المكروه فلهما درجات تشكيكية لاتنحصر في عدد و لاتحصي و كذلك الامر بين ادني الحرام الي اعلي درجات الحلال فلرب حرام يقرب من الحلال و لرب حلال يقرب من الحرام و لاجل ذلك اختلف اخبار آل اللّه: في كثير من المسائل فقد الحقوا الشيء بالواجب و قد الحقوه بالمستحب و كذلك في البواقي و لسنا بصدد ذلك في هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۷ *»
الكتاب و انما جري ذلك استطراداً و علي اي حال ليس بعد الحق الا الضلال و بعد النور الا الظلمة فما يقرب الانسان الي المبدء الواحد فذلك راجح و ما يبعده عنه فذلك مرجوح فالاعمال اقدام سلوك العبد اما الي عليين و جهته الي ربه و اما الي سجين و جهته الي نفسه فمن اقرب الي النجاة و الدوام و الثبات و النور من السالك اليها باقدام اعماله الحسنة و من اقرب الي الهلاك و الفناء و الزوال و الظلمة من السالك اليها باقدام الاعمال السيئة فمن داوم علي الاعمال الحسنة تقرب الي اللّه شيئاً بعد شيء فان اعرض يوماً او نفساً استحق الطرد عن دار القرب و العذاب الاليم و الظلمة و الشر و السجين و الهلاك الابدي يقيناً ان كان اعراضه ذاتياً و الهلاك و العذاب مادام معرضاً ان كان اعراضه وصفياً عرضياً و كذلك من داوم علي الاعمال القبيحة تباعد عن اللّه شيئاً بعد شيء و تقرب الي مبدأ الشر و استحق جميع انواع العذاب يقيناً فان توجه الي اللّه سبحانه يوماً او نَفَساً استنار و استحق التقرب و النعيم المقيم و النور و الخير و عليين و النجاة الابدية ان كان توجهه ذاتياً و الا فمادام متوجهاً الاتري انك لو توجهت الي الشمس الف سنة كنت مستنيراً في تلك الالف سنة ثم اذا توجهت الي خلافها طرفة عين اظطلمت و لو توجهت الف سنة الي خلاف الشمس كنت مظطلماً في تلك الالف سنة ثم اذا توجهت نَفَساً الي الشمس استنرت و زالت ظلمتك بالكلية فكذلك الامر في التوجه الي مبدأ النور و مبدأ الظلمة الاتري ان الانسان لو كان كافراً الف سنة ثم آمن طرفة عين ثم مات دخل الجنة و لو كان مؤمناً الف سنة ثم كفر طرفة عين ثم مات دخل النار فكذلك الامر في الاعمال فلو كان عاصياً الف سنة ثم آب و تاب و رجع الي مبدأ النور طرفة عين زال عنه ظلمة عصيانه و استنار و كان من الصالحين و لو كان مطيعاً الف سنة و عصي طرفة عين استحق العذاب الاليم و الطرد و البعد عن المبدأ بمقتضي عمله ان لميشمله عفو و شاهد ذلك قول سيد الساجدين في سجدة الشكر الهي و عزتك و جلالك و عظمتك لو اني منذ بدعت فطرتي من اول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة في كل طرفة عين سرمد الابد بحمد الخلايق و شكرهم اجمعين لكنت مقصراً في بلوغ اداء شكر خفي نعمة من نعمك
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۸ *»
علي و لو اني كربت معادن حديد الدنيا بانيابي و حرثت ارضها باشفار عيني و بكيت من خشيتك مثل بحور السموات و الارضين دماً و صديداً لكان ذلك قليلاً في كثير ما يجب من حقك علَيّ و لو انك الهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلايق اجمعين و عظمت للنار خلقي و جسمي و ملأت طبقات جهنم مني حتي لايكون في النار معذب غيري و لايكون لجهنم حطب سواي لكان ذلك بعدلك قليلاً في كثير ما استوجبه من عقوبتك و قال7 في دعاء الاستقالة و طلب العفو يا الهي لو بكيت اليك حتي تسقط اشفار عيني و انتحبت حتي ينقطع صوتي و قمت لك حتي تنتشر قدماي و ركعت لك حتي ينخلع صلبي و سجدت لك حتي تفقأ حدقتاي و اكلت تراب الارض طول عمري و شربت ماء الرماد آخر دهري و ذكرتك في خلال ذلك حتي يكلّ لساني ثم لمارفع طرفي الي آفاق السماء استحياء منك مااستوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي و ان كنت تغفر لي حين استوجب مغفرتك و تعفو عني حين استحق عفوك فان ذلك غير واجب لي باستحقاق و لا انا اهل له باستيجاب اذ كان جزائي منك في اول ما عصيتك النار فان تعذبني فانت غير ظالم لي الدعاء و لعمري ان الانسان ييأس من جميع اعماله حين ينظر الي اعمال الحجج و دعواتهم و تبصبصهم عند ربهم و تذللّهم لديه اللّه اعلم حيث يجعل رسالته.
بالجملة المراد ان الانسان بحكم الحكمة الجارية الكلية يستحق بمحض اعراضه العذاب الاليم و لو عبد اللّه الفالف سنة و يستحق بمحض توجهه الي ربه النعيم المقيم و لو عصي اللّه الفالف سنة الا ان هذا الاستحقاق بجعل اللّه سبحانه بمقتضي فضله و ليس يوجب توجهه علي اللّه سبحانه شيئاً فان انعم فبفضله و ان عذب فبعدله اذ هو اولي بالحسنات من عبده و عبده اولي بالسيئات منه جلشأنه و لكنه من فضله جعل كذلك و لاتحسبن اللّه مخلف وعده رسله و ماكان اللّه ليضيع ايمانكم و هذا الذي ذكر هو تمام سر التوبة و حقيقتها الا انها اذا ظهرت في
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۱۹ *»
هذا العالم عالم الكثرات ظهرت بجهات و صارت تلك الجهات شروط التوبة و ذلك انها اذا ظهرت في هذا العالم فمن جهة ماضي الزمان تظهر بالندم علي ما فرّط و التأثر و التألم علي ما صدر منه و ذلك هو الاعراض عن معاص فعلها و التبري منها الي اللّه عزوجل و من جهة الحال تظهر بالانقلاع عن المعصية التي فعلها و تركها بالكلية و التبري و التنفر منها و من جهة ما سيأتي من الزمان فتظهر بالعزم علي الترك و عدم العود الي المعصية فاي هذه لميفعل في هذا العالم دل علي تعلق قلبه بالمعاصي و الاعراض عن اللّه و التوجه الي الشيطان و ذلك خلاف المقصود و مما تظهر به في الحال الاقرار علي نفسه بالظلم و التقصير عند اللّه سبحانه فترك الاقرار دليل انه يستحسن ما فعله من القبايح و هو دليل رضاه بصفات الشيطان و سخطه علي صفات الرحمن و هو اعراض عن اللّه و اقبال الي الشيطان و هو خلاف معني التوبة و كذا منه الاقرار بما يستحق من اللّه جلوعز و علمه بانه ان عذبه فبعدله و ان عفي عنه فبفضله اذ لو لميقرّ بما يستحق لدل ترك اقراره ان العصيان لايقتضي ما قيل فيه من الآثار و كذب اللّه و كذب رسوله و حججه نعوذ باللّه فهو يشنأ الكذب و يجانبه فهو مجانب للرحمن و مقارب للشيطان و هو خلاف التوبة و منه تدارك ما قصّر فيه و فرّط سابقاً فان الابقاء علي التقصير و الاصرار علي التفريط هو عصيان آخر و المعرض عن الشيطان المتوجه الي الرحمن لايتم علي معصية.
ثم ان علي العاصي ضرران حين عصي فانه حين اعرض عن ربه منع من الترقي من حيث كان قبلها و حصل له التنزل من حيث كان فاذا تاب و توجه فانما يتوجه من حيث بعد و ليس يبلغ بتوبته المقام الاول فلابد و ان يسعي و يسلك الي ربه مدة حتي يبلغ مقامه الاول مثال ذلك عبد لك كان منك بمنزلة معينة فابق من عندك و ذهب و بعد منك الف فرسخ ثم اذا ندم علي فعله و اراد التوبة و الرجوع اليك يتوجه اليك من رأس الف فرسخ و يمشي اليك فبأباقه و عصيانه حصل له ضرران ضرر انه لميتقرب اليك في مدة اباقه و لميترق من منزلته الاولي و لو لميأبق و خدمك في كل تلك المدة لترقي و تقرب اليك و ضرر انه بعد عنك بسيره الي جهة اباقه فاذا ندم تاب و توجه اليك من غاية بعده فلابد
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۰ *»
له من سلوك جديد و اعمال جديدة حتي يصل الي مقامه الاول ثم يتقرب منه و ليس العبد العاصي المجتري علي ربه التايب من ذنبه كالذي لميعص و لميذنب البتة و التايب و ان كان محبوباً للّه تعالي و اللّه يحب التوابين و يحب المتطهرين ولكن الذي لميعص احب الي اللّه سبحانه البتة ففي الكافي بسنده عن ابيجميلة عن ابيعبداللّه7 ان اللّه يحب العبد المفتّن التواب و من لايكون ذلك منه كان افضل انتهي فالتايب اذا اراد الوصول الي درجته الاولي لابد و ان يذيق جسده مرارة الطاعة كما اذاقه حلاوة المعصية و يمكث و يلبث في الطاعة مدة مكثه و لبثه في المعصية حتي يبلغ درجته الاولي ثم يسلك الخاسر من هناك و يترقي فمن اجل هذه الجهات تعدد شروط التوبة و في الحقيقة كلها امر واحد و هو الاعراض عن الشيطان و التوجه الي الرحمن روي ان قائلاً قال بحضرة اميرالمؤمنين7 استغفر اللّه فقال7 ثكلتك امك اتدري ما الاستغفار الاستغفار درجة العليين و هو اسم واقع علي ستة معان اولها الندم علي ما مضي و الثاني العزم علي ترك العود اليه ابداً و الثالث ان تؤدي الي المخلوقين حقوقهم حتي تلقي اللّه املس ليس عليك تبعة و الرابع ان تعمد الي كل فريضة عليك ضيّعتها فتؤدي حقها و الخامس ان تعمد الي اللحم الذي نبت علي السحت فتذيبه بالاحزان حتي يلصق الجلد بالعظم و ينشو بينهما لحم جديد و السادس ان تذيق الجسم الم الطاعة كما اذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول استغفر اللّه انتهي فهذه الشروط بعضها شواهد بعض اذا كان عن صدق ليس يتخلف شيء منها عن شيء و انما تحير من تحير في حقيقتها و شروطها من قصر النظر و انت اذا عرفت الحقيقة لمتجد اختلافاً في الاخبار و لمتتحير كما تحير قاصروا الانظار و ذلك انه اذا توجه الانسان الي ربه و اقبل بعد ادباره حقيقة و ظهر اقباله في هذا العالم تحقق هذه الشروط و ان لميقبل حقيقة لميظهر في هذا العالم هذه الشروط و لو تحقق صورة شرط فانه مكر و خديعة او استهزاء و سخرية فمن قال اني نادم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۱ *»
علي ما فرطت و هو مقيم علي الذنب كاذب و من قال اني نادم و منقلع و سأفعل المعاصي غداً كاذب و مستهزئ باللّه العظيم و من قال اني نادم و منقلع و عازم علي الترك و هو لايقضي حقوق الناس و حقوق اللّه كاذب فان ترك القضاء هو الاصرار علي الذنب و اقامة عليه و ذنب حاضر مجدد فكيف يتوب و يندم علي ذنبه فلو عرفت ما ذكرت عرفت ان بعض الشروط يصدّق بعضاً و ان بعضاً لازم بعض فبايها عبرت عن التوبة فكأنما عبرت بالبواقي فان كل واحد اذا كان عن صدق يلزم البواقي فلاجل ذلك اختلفت الاخبار في الانظار و لا اختلاف فيها عند اولي الابصار.
و شرط آخر اعظم من الكل و هو رجوع العبد الي سيده من طريق يصل اليه و يكون عليه كما قال اللّه تعالي (هذا صراط علي مستقيم) فلو رجع من طريق لايمر عليه فلميتب الي سيده و لميرجع اليه فالتايب الي اللّه لابد و ان يرجع الي اللّه من سبيل اللّه و سبيل اللّه هو اولياؤه: فمن توجه الي اللّه في سبيله و من بابه فقد رجع الي اللّه و تاب و استنار و نجي من ظلمات ذنوبه كما قال اللّه(اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور) و اما من لميدخل من باب ولايتهم فلميصل الي اللّه و لميستنر بنوره (و الذين كفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) و ذلك انهم سلام اللّه عليهم وجه اللّه الذي منه يؤتي و يتوجه اليه الاولياء و نور اللّه الذي استضاء به كل من استضاء و اما من لميدخل من باب ولايتهم فان كان عدواً و ناصباً فلا توبة له و لا كرامة قال اللّه تعالي (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلي ناراً حامية تسقي من عين آنية ليس لهم طعام الا من ضريع لايسمن و لايغني من جوع) و اما ان كان من اهل التوحيد و الاسلام و ليس في قلبه ذرة من انكار آلمحمد: و لميفهموا شيئاً من امر الولاية فالذي يظهر من الاخبار انهم مجزيون باعمالهم و يمكن دخولهم الجنة اذا كانت اعمالهم حسنة فاولئك ايضاً يمكن ان يقبل توبتهم
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۲ *»
اذا تابوا و سر ذلك انهم متعلقون باوراق الشجرة غاية الامر انه لميظهر لهم الولاية و لو ظهر لقبلوا و انما ينجو منهم من كان كذلك و اما لو كان نفس اذا ظهر له سر الولاية لايقبل و يردّ علي النبي9 قوله لا توبة له و لا كرامة انما يتقبل اللّه من المتقين فالشرط الاعظم لمن ظهر له الولاية الرجوع من باب الولاية و التوجه الي اللّه بهم سلام اللّه عليهم فانهم الوسائط بينه و بين اللّه عزوجل و ما لميمر عليهم لميصل الي اللّه بل هذا هو تمام الامر و كماله و اوله و آخره فقد روي الفريقان ان حب علي حسنة لاتضر معها سيئة و بغضه سيئة لاتنفع معها حسنة و قال ابوجعفر7 في قول اللّه(و اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحاً ثم اهتدي) الاتري كيف اشترط و لمينفعه التوبة و الايمان و العمل الصالح حتي اهتدي واللّه لوجهد ان يعمل ماقبل منه حتي يهتدي قيل الي من جعلت فداك قال الينا انتهي و يهتدي من لايلبس ايمانه بظلم باولياء اللّه اذ يقول اللّه سبحانه (الذين آمنوا و لميلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن و هم مهتدون) و قال رسولاللّه9 من مات علي حب آلمحمد مات شهيداً الا و من مات علي حب آلمحمد مات مغفوراً له الا و من مات علي حب آلمحمد مات تائباً الخبر و احب ان اعنون فصلاً في سرد الاخبار التي تورث شوق الاخيار الي التوبة و يعرفهم فضله كما هو عادتنا في هذا الكتاب و ان كنا ذكرنا في سوابق الابواب انما يتذكر اولوا الالباب.
فصل: في الكافي بسنده عن علي الاحمسي عن ابيجعفر7 قال واللّه ماينجو من الذنب الا من اقرّ به قال و قال ابوجعفر7كفي بالندم توبة و عن ابنفضال عمن ذكره عن ابيجعفر7 قال لا واللّه مااراد اللّه من الناس الا خصلتين ان يقروا له بالنعم فيزيدهم و بالذنوب فيغفرها لهم و عن عمرو بن عثمن عن بعض اصحابه عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول ان الرجل ليذنب الذنب فيدخله اللّه به الجنة قلت يدخله اللّه به الجنة قال نعم انه
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۳ *»
يذنب فلايزال منه خائفاً ماقتاً لنفسه فيرحمه اللّه فيدخله الجنة و عن معوية بن عمار قال سمعت اباعبداللّه7 يقول انه واللّه ماخرج عبد من ذنب باصرار و ماخرج عبد من ذنب الا باقرار و عن ربعي عن ابيعبداللّه7 قال قـال اميرالمؤمنين7 ان الندم علي الشر يدعو الي تركه و عن ابان بن تغلب قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ما من عبد اذنب ذنباً فندم عليه الا غفر اللّه له قبل ان يستغفر و ما من عبد انعم اللّه عليه نعمة فعرف انها من عند اللّه الا غفر اللّه له قبل ان يحمده و عن يونس بن يعقوب عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول من اذنب ذنباً فعلم ان اللّه مطلع عليه ان شاء عذبه و ان شاء غفر له غفر له و ان لميستغفر و عن معوية بن وهب قال سمعت اباعبداللّه7 يقول اذا تاب العبد توبة نصوحاً احبه اللّه فستر عليه في الدنيا و الآخرة فقلت و كيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب فيلقي اللّه حين يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب و عن محمد بن مسلم عن احدهما8 في قول اللّه عزوجل (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف) قال الموعظة التوبة و عن ابيالصباح الكناني قال سألت اباعبداللّه7 عن قول اللّه عزوجل (يا ايها الذين آمنوا توبوا الي اللّه توبة نصوحاً) قال يتوب العبد من الذنب ثم لايعود فيه و عن ابيبصير قال قلت لابيعبداللّه7(يا ايها الذين آمنوا توبوا الي اللّه توبة نصوحاً) قال هو الذنب الذي لايعود فيه ابداً قلت و اينا لميعد فقال يا بامحمد ان اللّه يحب من عباده المفتّن التواب و عن ابن ابيعمير عن بعض اصحابنا رفعه قال ان اللّه عزوجل اعطي التائبين ثلث خصال لو اعطي خصلة منها جميع اهل السموات و الارض لنجوا قوله عزوجل (ان اللّه يحب التوابين و يحب المتطهرين) فمن احبه اللّه لميعذبه و قوله (الذين يحملون العرش يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة و علماً فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك و قهم عذاب الجحيم ربنا و ادخلهم جنات عدن التي
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۴ *»
وعدتهم و من صلح من آبائهم و ازواجهم و ذرياتهم انك انت العزيز الحكيم و قهم السيئات و من تق السيئات يومئذ فقد رحمته و ذلك هو الفوز العظيم) و قوله عزوجل (و الذين لايدعون مع اللّه الهاً آخر و لايقتلون النفس التي حرم اللّه الا بالحق و لايزنون و من يفعل ذلك يلق اثاماً يضاعف له العذاب يوم القيمة و يخلد فيه مهاناً الا من تاب و آمن و عمل صالحاً فاولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات و كان اللّه غفوراً رحيماً) و عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر7 قال يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن اذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة و المغفرة اما واللّه انها ليست الا لاهل الايمان قلت فان عاد بعد التوبة و الاستغفار من الذنوب و عاد في التوبة فقال يا محمد بن مسلم اتري العبد المؤمن يندم علي ذنبه و يستغفر منه و يتوب ثم لايقبل اللّه توبته قلت فانه فعل ذلك مراراً يذنب ثم يتوب و يستغفر فقال كلما عاد المؤمن بالاستغفار و التوبة عاد اللّه عليه بالمغفرة و ان اللّه غفور رحيم يقبل التوبة و يعفو عن السيئات فاياك انتقنط المؤمنين من رحمة اللّه و عن جابر عن ابيجعفر7 قال سمعته يقول التائب من الذنب كمن لا ذنب له و المقيم علي الذنب و هو مستغفر منه كالمستهزئ و عن معوية بن وهب قال سمعت اباعبداللّه7 يقول اذا تاب العبد توبة نصوحاً احبه اللّه فستر عليه فقيل و كيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كانا يكتبان عليه و يوحي الي جوارحه و الي بقاع الارض ان اكتبي عليه ذنوبه فيلقي اللّه عزوجل حين يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب و عن ابنالقداح عن ابيعبداللّه7 قال ان اللّه عزوجل يفرح بتوبة عبده المؤمن اذا تاب كما يفرح احدكم بضالته اذا وجدها و عن بكير عن احدهما8 قال ان آدم7 قال يا رب سلطت علَيّ الشيطان و اجريته مني مجري الدم فاجعل لي شيئاً فقال يا آدم جعلت لك ان من همّ من ذريتك بسيئة لميكتب عليه فان عملها
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۵ *»
كتبت عليه سيئة و من همّ منهم بحسنة فان لميعملها كتبت له حسنة و ان هو عملها كتبت له عشراً قال يا رب زدني قال جعلت لك ان من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له قال يا رب زدني قال جعلت لهم التوبة و بسطت لهم التوبة حتي تبلغ النفس هذه قال يا رب حسبي و عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9 من تاب قبل موته بسنة قبل اللّه توبته ثم قال ان السنة لكثير من تاب قبل موته بشهر قبل اللّه توبته ثم قال ان الشهر لكثير ثم قال من تاب قبل موته بجمعة قبل اللّه توبته ثم قال ان الجمعة لكثير من تاب قبل موته بيوم قبل اللّه توبته ثم قال ان يوماً لكثير من تاب قبل ان يعاين قبل اللّه توبته و عن زرارة عن ابيجعفر7 قال اذا بلغت النفس هذه و اهوي بيده الي حلقه لميكن للعالم توبة و كانت للجاهل توبة و في الوسائل بسنده عن معاذ الجوهري عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عن رسولاللّه9 عن جبرئيل7 قال قـال اللّه عزوجل من اذنب ذنباً صغيراً كان او كبيراً و هو لايعلم ان لي ان اعذبه او اعفو عنه لاغفرت له ذلك الذنب ابداً و من اذنب ذنباً صغيراً كان او كبيراً و هو يعلم ان لي ان اعذبه او اعفو عنه عفوت عنه و عن ابيبصير عن ابيعبداللّه7 قال سمعته يقول اوحي اللّه الي داود النبي يا داود ان عبدي المؤمن اذا اذنب ذنباً ثم رجع و تاب من ذلك الذنب و استحيي مني عند ذكره غفرت له و انسيته الحفظة و ابدلته الحسنة لاابالي و انا ارحم الراحمين و عن الرضا7 عن آبائه: قال قـال رسولاللّه9 مثل المؤمن عند اللّه كمثل ملك مقرب و ان المؤمن عند اللّه لاعظم من ذلك و ليس شيء احب الي اللّه تعالي من مؤمن تائب و مؤمنة تائبة و قال9 التائب من الذنب كمن لا ذنب له و عن حفص بن غياث قال قـال ابوعبداللّه7 لا_خير في الدنيا الا لرجلين رجل يزداد في كل يوم احساناً و رجل يتدارك ذنبه بالتوبة و اَنّي له بالتوبة واللّه لو
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۶ *»
سجد حتي ينقطع عنقه ماقبل اللّه منه الا بولايتنا اهل البيت و عن محمد بن احمد بن هلال قال سألت اباالحسن الاخير عن التوبة النصوح ما هي فكتب7 ان يكون الباطن كالظاهر و افضل من ذلك و عن كميل بن زياد انه قال سئلت اميرالمؤمنين7 العبد يصيب الذنب فيستغفر اللّه منه فقال يا ابنزياد التوبة قلت بس قال لا قلت فكيف قال ان العبد اذا اصاب ذنباً يقول استغفر اللّه بالتحريك قلت و ما التحريك قال الشفتان و اللسان يريد ان يتبع ذلك بالحقيقة قلت و ما الحقيقة قال تصديق في القلب و اضمار ان لايعود الي الذنب الذي استغفر منه قلت فاذا فعلت ذلك فانا من المستغفرين قال لا لانك لمتبلغ الي الاصل بعد قلت فاصل الاستغفار ما هو قال الرجوع الي التوبة عن الذنب الذي استغفرت منه و هي اول درجة العابدين و ترك الذنب و الاستغفار اسم واقع لستة معان ثم ذكر ما قدمناه من الشروط الستة في آخر الفصل السابق عنه7 و عن الارشاد قال قـال7 ما من عبد اذنب ذنباً فقام فتطهر و صلي ركعتين و استغفر اللّه الا غفر له و كان حقاً علي اللّه ان يقبله لان اللّه سبحانه قال (و من يعمل سوءاً او يظلم نفسه ثم يستغفر اللّه يجد اللّه غفوراً رحيماً) قال و قال رجل يا رسولاللّه اني اذنب فما اقول اذا تبت قال استغفر اللّه فقال اني اتوب ثم اعود فقال كلما اذنبت استغفر اللّه فقال اذن تكثر ذنوبي فقال عفو اللّه اكثر فلاتزال تتوب حتي يكون الشيطان هو المدحور و عن عبدالصمد بشير عن ابيعبداللّه7 في حديث قال ان المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتي يستغفر ربه و ان الكافر لينساه من ساعته و عن سفيان بن السمط قال قـال ابوعبداللّه7 ان اللّه اذا اراد بعبد خيراً فاذنب ذنباً اتبعه بنقمة و يذكره بالاستغفار و عن ابنرئاب عن بعض اصحابه قال سئل ابوعبداللّه7 عن الاستدراج فقال هو العبد يذنب الذنب فيملي له و يجدد له عندها النعم فيلهيه عن الاستغفار فهو مستدرج من حيث لايعلم و عن محمد بن مسلم عن ابيجعفر7 قال من كان مؤمناً فعمل خيراً في ايمانه ثم اصابته فتنة فكفر
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۷ *»
ثم تاب بعد كفره كتب له و حسب له كل شيء كان عمله في ايمانه و لايبطله الكفر اذا تاب بعد كفره الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة و الحمد للّه لمن جاس خلال الديار.
فصل: اعلم ان الذنوب لاتخلو من اقسام:
فاما هي تقصيرات نفسانية في حق اللّه سبحانه كالاعراض عنه و التوجه الي غيره و التوكل علي سواه و الخوف من دونه و الرجاء الي غيره و الحب لسواه و امثال ذلك فالتائب الصادق لابد و ان يسعي في اصلاح ذلك كله بتغليب اضدادها عليها و المواظبة علي اضدادها حتي تتعود النفس اضدادها و لاتقل ان ذلك امر عسير فان اللّه سبحانه جبل الانسان من الاضداد و امكنه من استعمال كل واحد و لذلك كلفه بكل واحد من الضدين في مقامه مثلاً ان اللّه سبحانه ركب البدن من بلغم و صفراء فالبلغم منه الحلم و اللين و الصفراء منه الغضب و البطش و امكنك من استعمال كل واحد حيث خلقك نفساً مهيمنة عليهما معاً و سلطك عليهما فان طغي في مزاجك الصفراء امكنك استعمال البلغم حتي يعدلها و ان غلب عليك البلغم امكنك استعمال الصفراء حتي تعدلها و لذلك كلفك باللين و الحلم في موضعه و الغضب و البطش في موضعه نعم اذا داوم الانسان علي احد الضدين و انهمك فيه بحيث نزلت نفسه الي حده و جمدت فيه عسر عليه مفارقته و نسي عالمه المستعلي عليهما و المجرد منهما و صار عبداً له بعد ما كان حرّاً و ليست التوبة الا رجوعه الي عالمه و انعتاقه من رقيّة تلك الاضداد و صيرورته حراً من العبودية لهما و تتحقق حريته من عبودية تلك الاضداد بعبودية اللّه الواحد القهار و ينبغي للانسان ان يتذكر التوبة و الرجوع الي ربه ما بقي له قوة العود الي ربه و ما لميَرِن علي قلبه و هو قوله سبحانه (كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون) و هوما رواه في الارشاد قال و قـال يعني رسولاللّه9 اذا اذنب العبد ذنباً كان نكتة سوداء علي قلبه فان هو تاب و اقلع و استغفر صفا قلبه منها و ان هو لميتب و لميستغفر كان الذنب علي الذنب و
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۸ *»
السواد علي السواد حتي يغمر القلب فيموت بكثرة غطاء الذنوب عليه و ذلك قوله تعالي (كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون) يعني غطاء انتهي و لذلك امر اللّه عباده بالذكر الكثير و التنبه حيناً بعد حين حتي لايموت القلب و لاينجمد النفس في عالم الاضداد و تتجسم فتكون كاحدها ولكن الناس لا خير فيهم و لايبالون بحفظ نفوسهم فيا من يتاثر من كثرة الذنوب و غلبة الغفلة استغنم تأثرك و بادر قبل ان يموت قلبك فلاتتأثر و شمّر عن ساق الجد و عضّ علي النواجذ و تدارك ما فات منك و ارجع الي ربك حتي تتجرد عن ادناس الاضداد و تتوحد بالرجوع الي اللّه الواحد رب العباد فتنال الربوبية بعد العبودية و الحرية بعد الرقية و هو قوله تعالي (ان الذين اتقوا اذا مسهم طايف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون و اخوانهم يمدونهم في الغي ثم لايقصرون) بالجملة النفس باقية الحيوة ما تتأثر من الذنوب و يرجي تجردها و نجاتها و خلاصها من قيد الاضداد فاذا لمتتأثر فهي ميتة لا احساس لها فلاتحيي بعدها الا انيشاء اللّه و هو خلاف العادة الجارية في المكلفين و انما امر اللّه العباد بالزهد في الدنيا و الاعراض عن الخلق و الانقطاع الي الخالق لاجل ذلك فالتوبة من المعاصي النفسية و التقصيرات في حقوق اللّه بالتوجه اليه و دوام الذكر و الدعاء و التضرع حتي تتجرد النفس و يسهل عليها استعمال كل واحد من الاضداد في مقامها ثم استعمال كل ضد اذا غلب ضده حتي يعتدل و يتوسط.
و اما هي تقصيرات نفسانية بالنسبة الي مبادي العلل محمد و آلمحمد: من التقصير في ولايتهم و التسليم لهم و التذلل عندهم و الخشوع لديهم و ترجيحهم علي النفس و الاهل و الولد و الآباء و الامهات و الاخوان و العشاير و جميع من سواهم او انكار فضل لهم فشرط التوبة السعي في الاخلاص لهم و الانقطاع اليهم و ترجيحهم علي من سواهم و الاقرار بفضائلهم و يحصل ذلك بمداومة النظر في فضائلهم و جلالتهم و عظمتهم و المبادرة الي خدماتهم و امتثال اوامرهم و ترجيحهم في المواطن علي من سواهم كما عرفت و لما عرفت.
و اما هي تقصيرات في ترك فرايض اللّه كالصلوة و الصوم و الحج و امثال
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۲۹ *»
ذلك فشرط التوبة العزم علي قضائها و ادائها و المبادرة الي تداركها علي ما قرر في الشريعة المقدسة فما لميعزم علي تداركها فهو منهمك في المعصية غير نادم عليها و غير تائب عنها و غير راجع الي ربه.
و اما هي تقصير في حق الاخوان فما كان من اتلاف مال لهم او غصب حق منهم فشرط التوبة العزم علي رد مالهم اليهم و اداء حقهم فان كان له مال يرده عليهم ان عرفهم و الا فيتصدق عنهم ففي الوسائل عن سعد بن طريف عن ابيجعفر7 قال الظلم ثلثة ظلم يغفره اللّه و ظلم لايغفره اللّه و ظلم لايدعه اللّه فاما الظلم الذي لايغفره اللّه فالشرك و اما الظلم الذي يغفره فظلم الرجل نفسه فيما بينه و بين اللّه و اما الظلم الذي لايدعه فالمداينة بين العباد و عن شيخ من النخع قال قلت لابيجعفر7 اني لمازل والياً منذ زمن الحجاج الي يومي هذا فهل لي من توبة قال فسكت ثم اعدت عليه فقال لا حتي تؤدي الي كل ذي حق حقه و عن ابيعبيدة الحذاء قال قـال ابوجعفر7 قــال رسولاللّه9من اقتطع مال مؤمن غصباً بغير حقه لميزل اللّه معرضاً عنه ماقتاً لاعماله التي يعملها من البر و الخير لايثبتها في حسناته حتي يرد المال الذي اخذه الي صاحبه و عن علي بن ابيحمزة قال كان لي صديق من كتاب بنيامية فقال لي استأذن لي علي ابيعبداللّه7 فاستأذنت له عليه فاذن له فلما ان دخل سلم و جلس ثم قال جعلت فداك اني كنت في ديوان هؤلاء القوم فاصبت من دنياهم مالاً كثيراً و اغمضت في مطالبه فقال ابوعبداللّه7 لولا ان بنيامية وجدوا لهم من يكتب و يجبي لهم الفيء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لماسلبونا حقنا و لو تركهم الناس و ما في ايديهم ماوجدوا شيئاً الا ما وقع في ايديهم قال فقال الفتي جعلت فداك فهل لي من مخرج منه قال ان قلت لك تفعل قال افعل قال له فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لمتعرف تصدقت به و انا اضمن لك علي اللّه عزوجل الجنة فاطرق الفتي طويلاً ثم قال لقد فعلت جعلت فداك قال ابن ابيحمزة فرجع الفتي معنا الي الكوفة فماترك شيئاً
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۰ *»
علي وجه الارض الا خرج منه حتي ثيابه التي كانت علي بدنه قال فقسمت له قسمة و اشترينا له ثياباً و بعثنا اليه بنفقة قال فمااتي عليه الا اشهر قلايل حتي مرض فكنا نعوده قال فدخلت يوماً و هو في السوق قال ففتح عينيه ثم قال لي يا علي وفیٰ لي واللّه صاحبك قال ثم مات فتولينا امره فخرجت حتي دخلت علي ابيعبداللّه7 فلما نظر الي قال يا علي وفينا واللّه لصاحبك قال فقلت صدقت جعلت فداك واللّه هكذا قال لي عند موته انتهي.
و ان لميكن له مال و تقرر في ذمته للمؤمنين اموال فليستغفر اللّه فان علم اللّه و رسوله و حججه منه الصدق بحيث لو حصل له مال لادّي اليهم اموالهم قبل اللّه منه و ادّي عنه حجة اللّه عجل اللّه فرجه اذا ظهر ففي الوسائل عن السكوني عن ابيعبداللّه7 قال قـال رسولاللّه9من ظلم احداً و فاته فليستغفر اللّه فانه كفارة له و عن موسي بن بكر قال قـال لي ابوالحسن7 من طلب هذا الرزق من حله ليعود به علي نفسه و عياله كان كالمجاهد في سبيل اللّه فان غلب عليه فليستدن علي اللّه و علي رسوله9 ما يقوت به عياله فان مات و لميقضه كان علي الامام قضاؤه فان لميقضه كان عليه وزره ان اللّه عزوجل يقول (انما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها) الي قوله (و الغارمين) فهو فقير مسكين مغرم و قال ابوعبداللّه7 الامام يقضي عن المؤمنين الديون و قال رسولاللّه9 في خطبته من ترك ضياعاً فعلَيّ ضياعه و من ترك ديناً فعلَيّ دينه و من ترك مالاً فآكله.
و ان كان عليه حق لاخوانه من غيبة او اذية او تهمة و امثال ذلك فليستغفر اللّه وليستحلّ منهم و روي عن ابيعبداللّه7 قال سئل النبي9 ما كفارة الاغتياب قال تستغفر اللّه لمن اغتبته كلما ذكرته و ان كان قد قتل نفساً فليمكّن ورثته من نفسه او يرضيهم بالدية و يستغفر اللّه فقد قيل لابيعبداللّه7 رجل قتل رجلاً متعمداً ما توبته قال يمكّن من نفسه قيل يخاف ان يقتلوه قال فليعطهم الدية قيل يخاف ان يعلموا بذلك قال فيتزوج اليهم امرأة قيل يخاف
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۱ *»
ان تطلعهم علي ذلك قال فلينظر الي الدية فليجعلها صرراً ثم لينظر مواقيت الصلوة فيلقها في دارهم و ان اضل احداً من الناس فليرده الي الحق و ليستغفر اللّه فقد روي في حديث طويل في قصة ضال مضل ان اللّه اوحي الي نبي من الانبياء قل لفلان و عزتي لو دعوتني حتي تنقطع اوصالك مااستجبت لك حتي ترد من مات علي ما دعوته اليه فيرجع عنه انتهي.
بالجملة القانون الكلي في ذلك ان ينظر التائب الي كل ذنب اذنبه و به تباعد عن ربه و ادبر فليستغفر منه وليعمل بضده حتي يتقارب من ربه و يقبل و ان اللّه لايغفر ان يشرك به فانه غيرمقبل مادام مشركاً و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء اذا اقبل الي اللّه تعالي و ان كان قبل مشركاً و وحد اللّه و رجع عن شركه فان كان اللّه يقبل التوبة عن الكفار و المشركين باسلامهم فكيف لايقبل التوبة عن العاصين و كما يشترط في توبة المشرك رجوعه عن شركه و توحيده للّه كذلك يجب لكل عاص يتوب رجوعه عن عصيانه و عمله بما ينافي العصيان و هو الطاعة و تدارك ما فات بما قرره النبي9.
فصل: و ما انسب اذ بلغ الكلام الي هيهنا ان نذكر شيئاً من امر الورع فانه افضل خصلة للنفس و اشرف كريمة و لايحصل النزاهة الا به. اعلم ان الورع هو كف النفس عن الانهماك في الشهوات و ما تقتضيه و تطلبه و من لميكف نفسه عما تقتضيه لاوردته في المهالك و اهلكته فان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي و هي كالفرس الشموس ركب اللّه الانسان عليه و اعطاه لجامه فان سيّب عارضه و اسلس لجامه اقتحم في مهاوي المهالك و توجه الي مضلات المسالك و ان اشنقه و كفه عما يشتهيه و سلك به الي حيث اراه اللّه من الطرق المسلوكة الشارعة الآمنة اورده في عيش رغيد و نعيم عتيد و سلم من جميع الآفات.
و لنعم ما قيل ان مثل الانسان مع قوتيه الغضبية و الشهوية كراكب فرس و معه كلب يمشي في بادية فان اطاع الانسان كلبه اورده علي كل جيفة و تعاوي مع كل كلب و تعاقب كل
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۲ *»
كلبة و جرحته و مزقته كل تمزيق و ان اطاع فرسه اورده في كل زرع و كلاء في البوادي و الفلوات ينزو علي كل رمكة و ينازع كل فرس و يترافسان و يعاركان و اما اذا عمل بمقتضي انسانيته و ذهب حيث هدي اليه في الطريق المستقيم وصل الي بلد و ربط فرسه في اريٍّ و سقاه و علفه و اطعم كلبه طعمته و آواه في كنّ و سكن هو في دار و محل قرار و صحبة ابرار و نعيم مقيم فالورع يكف شاهيته عما تشتهيه بطبعها و جهالتها و غاضبته عما تقتضيه بطبعها و جهالتها و يمشي بهداية اللّه و هداية رسوله علي مقتضي روح الايمان و انسانيته و هو تأويل قوله تعالي (افمن يمشي مكباً علي وجهه اهدي ام من يمشي سوياً علي صراط مستقيم) و اعلم ان النفس الامارة هي النفس الحيوانية و النفس النباتية و اما الجمادية فهي مقام الجهل الاعظم و قد جعلها اللّه للانسان لتحمل اثقاله الي بلد لميكن بالغه الا بشق النفس و محنة و تعب و قدّر في حكمته ان يتسلط عليها الانسان و يستعملها في جهاتها عند الحاجة اليها و الي كلها الحاجة و لابد من وجود جميعها فليس شيء من صفاتها خلق باطلاً حاشا بل جميع صفاتها مطلوبة محتاجاليها في مقامها فلاتحسبن حرصها مثلاً مذموماً فما لميكن لك آلة حرص لمتحرص علي طاعة اللّه و علي القرب الي اللّه سبحانه و انما المذموم استعمالها في جمع زخارف الدنيا و لاتحسبن حسدها سيئاً فان الانسان ما لميكن حسوداً لايرضي بسلب نعمة اعداء اللّه و لايكره تنعمهم في الدنيا و علي هذه فقس ما سواها فالنفس الامارة خلقت خادمة و قدر ان تكون مطمئنة تستعمل جميع آلاتها في طاعة الانسان و ليس اذا اطمأنت تركت آلاتها او كسرتها و انما هي هي دائماً الا انها تنقاد و تتذلل للانسان و تخدمه و تحمل اثقاله فالواجب كف النفس عن المشي علي وجهها و بمقتضي طبعها و ذلك لايمكن الا ان يكون الانسان اقوي منها فان كانت اقوي و اصعب فالواجب اولاً رياضتها و تضعيف قويها حتي تنقاد و تمكّن من قيادها ففي الحقيقة لايمكن الورع الا بعد الرياضة و تليين صعوبة النفس و اما اذا سقيتها ليلاً و نهاراً و علفتها و حسستها و سمّنتها فتزداد شماسة يوماً فيوماً الي ان تعجز عن امساكها و تركض علي وجهها و تصهل و ترفس و توردك المهالك و راحتك في ان
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۳ *»
توقعك و تطأك و تهلكك فتموت مرة واحدة و تنجو من شرها او يساعدك اللّه بقوة و ينجيك من شرها بقوة من هو اقوي منك و منها فيشنقها و يكفها و يؤدبها رزقنا اللّه ذلك بحق محمد و آلمحمد: و الا فانت وارد كل مهلك و تائه كل مسلك و عادم كل مدرك و لما ان تقدم منا شطر بيان في رياضة النفس في الابواب السابقة و ناسب المقام ذكر الورع احببنا ان نذكر شطراً من احواله.
اعلم ان النفس كيانها مجبولة علي العمل بمقتضي الجمادية و النباتية و الحيوانية كما ان كيان كل واحدة منها علي العمل بمقتضاها لاتتخلف عنه و هو من طباعها كما ان طباع العين الابصار و انما خلقت النفس هكذا ليقضي الانسان اوطاره عليها و بها و لميؤمر الانسان بصرف النفس عما يتاتي منها و لايتاتي منها غيره و ماخلقت لاجله و لمتخلق لغيره بل امر الانسان ان يستعملها في حاجاته علي حسب ما جبله اللّه عليه و عرفه اياه و هداه اليه و انما جبل الانسان علي وفق مشية اللّه و رضاه و خلق آدم علي صورته فلايشتهي الا ما فيه رضاء اللّه فلو ذهب الانسان و خلي سبيلها و تركها و هويها و هي جاهلة بمقتضيات الانسانية و مواضع رضاء اللّه و غضبه عملت اعمالها في جهالاتها و طبايعها كالنار اذا وضعتها في محل ينبغي احرقت ما ينبغي و ان القيت كيف ما اتفق احرقت كيف ما اتفق من غير روية صلاح و فساد فلاجل ذلك امر اللّه الانسان ان يستعمل نفسه في محابّ اللّه و يحجزها عن مساخط اللّه و ذلك الحجز هو الورع فالورع هو اُسّ التقوي و الاعمال و من لا ورع له لايبالي في اي واد هلك و اي طريق سلك و صاحب الورع لايخوض في شيء و لايعمل عملاً و لايقول قولاً و لايتحرك حركة الا و ينظر قبله هل فيه رضاء للّه سبحانه او سخطه و هل امرت بذلك ام نهيت عنه فان كان مما امر به و فيه رضاء اللّه ارتكبه و الا تركه و اما من لا ورع له يعمل الاعمال من غير روية فلربما يقع في المهالك و لربما يندم ثم يطلب رضاء اللّه في ذلك فالوَرِع اعماله وراء ايمانه و الخائض ايمانه وراء اعماله و الورع دليل قوة الايمان و كمال الانسان و مقهورية النفس له و رضاء الرحمن عنه و دليل القرب من اللّه و نجاة الانسان من النيران و دخوله الجنان و الورع مقدم علي الحكمة و الحكمة تاليته اذ لا حكمة
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۴ *»
لمن لا ورع له و لايورع النفس عن المآثم و مقتضياتها الا احد ثلثة: اما خوف يردعها عن المآثم و ذلك بعد العلم بمقتضيات الاعمال و الخوف فرع العلم بالضارّ فاذا خاف هرب و اذا هرب نجا و اما رجاء يسوقها الي الخيرات و يحجزها عن الشرور رجاء ان ينال مطلوبه الذي يرجوه و ذلك بعد حصول اليقين باللّه عزوجل و رسوله و انه اصل كل خير و في قرب كل كمال و من تقرب الي اللّه بما يرضيه و يدني منه ينال كل خير و كل نور و كل كمال فاذا حصل له هذا اليقين شاهد الفضل و اذا شاهد الفضل طمع فيه فاذا طمع فيه عمل له رجاء الوصول اليه و اذا عمل له ناله اذ لا بخل في مبادي الجود و الكرم و الفيوض و النعم و اما حب يجذبها الي اللّه سبحانه و يونسها بظلال المحبوب فتؤثر المحبوب علي ما سواه و تباشر اوامره و تجتنب نواهيه و تختارهما علي كل شيء غيرهما فتترك مساخط اللّه لتعلق قلبها بمحبوبها و تتعطل عن مقتضياتها و تتبع مرضات اللّه اذ يريها سبب قربها من اللّه جلوعز و انما ذلك كشاة مثلاً تفسد شيئاً في البيت فمرة تزجرها و تخوفها حتي ترتدع و مرة تدعوها الي علف فتتركه و تاتيك و مرة تريها سخلها من بعيد فتتوق نفسها اليه و تشتاقه و تحنّ اليه و تركض نحوه و تترك ما كانت تفسده فبهذه الحيل الثلث يمكن ردعها عن افسادها و كذلك حال نفس الانسان لاترتدع عن معاصيها و آثامها الا بهذه الحيل الثلث و هذه الحيل لاتتحقق لاحد و لاتتمكن منها الا بعلم و يقين و معرفة اذ الخوف فرع العلم و الرجاء فرع اليقين و الحب فرع المعرفة و لايحصل علم لاحد الا ان يأخذ من آلمحمد: الذين مستقي العلم في بيتهم و ساير الناس غثاء ان يتبعون الا ظناً و ما هم بمستيقنين و لايحصل يقين لاحد الّا من باب ولايتهم صلوات اللّه عليهم و امتثال اوامرهم و الرجوع اليهم و ساير الناس اتباع الظنون و الخرص و التخمين و مايتبع اكثرهم الا ظناً ان الظن لايغني من الحق شيئاً و ذلك ان اللّه لميجعل لباطل علامة حق فلايمكن استيقان ان باطلاً حق و اليقين امر قهري طبعاني لايذل ان استصعب و لايرد اذا اقبل و ان علامة الحق لاهل الحق و هم محمد و آلمحمد:
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۵ *»
فلا يقين لاحد الا لمن تمسك بولايتهم و تفكر في فضائلهم و آياتهم و اتبع سبيلهم فالشيعة هم اهل اليقين اذا انقطعوا الي مواليهم و اما المعرفة فلاتحصل الا لمن رأي مظاهر اللّه و شاهد انوار اللّه و هي هم سلام اللّه عليهم فمن عرفهم فقد عرف اللّه و من جهلهم فقد جهل اللّه و من تخلي منهم فقد تخلي من اللّه فمن اراد المعرفة و اليقين و العلم فعليه بولاية آلمحمد: فليس و لايمكن حصولها لغير مواليهم و كل من ادعي من غيرهم ذلك فهو مفتر كذاب فاذا حصل العلم و المعرفة و اليقين للمرء حصل له الخوف و الرجاء و الحب فاذا حصلت له او واحدة منها فهي رادعة للانسان عن مقتضيات جهالات النفس حاجزة بينها و بين المعاصي كافّة لها عن المآثم فاذا تورّعت نجت و كانت مع الآمنين و قد روي عن اهل العصمة و الطهارة اخبار في الحث علي الورع.
فمنها ما رواه في الكافي بسنده عن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي عن ابيعبداللّه7 قال قلت له اني لاالقاك الا في السنين فاخبرني بشيء آخذ به فقال له اوصيك بتقوي اللّه و الورع و الاجتهاد و اعلم انه لاينفع اجتهاد لا ورع فيه و عن حديد بن حكيم قال سمعت اباعبداللّه7 يقول اتقوا اللّه و صونوا دينكم بالورع وعن يزيد بن خليفة قال وعظنا ابوعبداللّه7 فامر و زهد ثم قال عليكم بالورع فانه لاينال ما عند اللّه الا بالورع و عن فضيل بن يسار قال قـال ابوجعفر7 ان اشد العبادة الورع و عن حنان بن سدير قال قال ابوالصباح الكناني لابيعبداللّه7 ما نلقي من الناس فيك فقال ابوعبداللّه7 و ما الذي تلقي من الناس فيّ فقال لايزال يكون بيننا و بين الرجل الكلام فيقول جعفري خبيث فقال يعيركم الناس فيّ فقال له ابوالصباح نعم قال فما اقل واللّه من يتبع جعفراً منكم انما اصحابي من اشتد ورعه و عمل لخالقه و رجا ثوابه فهؤلاء اصحابي و عن ابيسارة الغزال عن ابيجعفر7 قال قـال اللّه عزوجل ابن آدم اجتنب ما حرمت عليك تكن من اورع الناس و عن حفص بن غياث قال سألت اباعبداللّه7 عن الورع من الناس فقال الذي يتورع عن
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۶ *»
محارم اللّه عزوجل و عن ابيزيد قال كنت عند ابيعبداللّه7 فدخل عيسي بن عبداللّه القمي فرحب به و قرب مجلسه ثم قال يا عيسي بن عبداللّه ليس منا و لاكرامة من كان في مصر فيه مائةالف او يزيدون و كان في ذلك المصر احد اورع منه و عن ابيالصباح الكناني عن ابيجعفر7 قال اعينونا بالورع فانه من لقي اللّه عزوجل منكم بالورع كان له عند اللّه عزوجل فرجاً الحديث و عن عبيداللّه بن علي عن ابيالحسن الاول قال كثيراً ما كنت اسمع ابي يقول ليس من شيعتنا من لاتحدث المخدرات بورعه في خدورهن و ليس من اولياءنا من هو في قرية فيها عشرةآلاف رجل فيهم خلق للّه اورع منه و في الوسائل عن ابيعبداللّه7 لايجمع اللّه لمؤمن الورع و الزهد في الدنيا الا رجوت له الجنة و عن ابيجعفر7 لاتنال ولايتنا الا بالعمل و الورع و عن الصادق7 انه قال عليكم بالورع فانه الدين الذي نلازمه و ندين اللّه تعالي به و نريده ممن يوالينا لاتتعبونا بالشفاعة و قال في حديث واللّه لايدخل النار منكم احد فتنافسوا في الدرجات و اكمدوا عدوكم بالورع وعن الصادق7 اغلق ابواب جوارحك عما يرجع ضرره الي قلبك و يذهب بوجاهتك عند اللّه و يعقب الحسرة و الندامة يوم القيمة و الحياء عما اجترحت من السيئات و المتورع يحتاج الي ثلثة اصول الصفح عن عثرات الخلق اجمع و ترك الحرمة فيهم و استواء المدح و الذم و اصل الورع دوام المحاسبة و صدق المقاولة و صفاء المعاملة و الخروج من كل شبهة و رفض كل غيبة و ريبة و مفارقة جميع ما لايعنيه و ترك فتح ابواب لايدري كيف يغلقها و لايجالس من يشكل عليه الواضح و لايصاحب مستخفي الدين و لايعارض من العلم ما لايحتمل قلبه و لايتفهم من قائله و يقطع من يقطعه عن اللّه و الاخبار في الباب كثيرة اقتصرنا بما ذكر خوف التطويل.
«* مکارم الابرار عربي جلد ۱۲ صفحه ۵۳۷ *»
فصل: و يقرب من معني الورع العفة الا انها مخصوصة بالبطن و الفرج و معناها كفهما عن مشتهيهما و ضدها التهتك و عدم التستر و اظهار مقتضاهما…….
(الي هنا وجد بخطه الشريف)
([3]) اروي اسم امرأة و معناه انثي الوعول و ابناروي كناية قال المجلسي; هو عثمان. منه
([4]) فی نسخ الحديث: فخرج منه.
([5]) في نسخ الحديث: مؤمنة حوراء عيناء.
([6]) فی الاصل: فقلت نعم زدنی.