رسالة في تنزيهالله تعالي
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۳ *»
من کلام مولينا ادام الله بقاه:
اعلم ان الله سبحانه ذات بحت حقيقي احدي المعني ليس معه شيء مذکور لا باثبات و لا بنفي و لا بوجود و لا بعدم و لا بعين و لا بکون و لا صلوح و کذلک کان و يکون اذ لا کان و لايکون فهو هو بلا نهاية و لا غاية و لا سواه و لماکان هو الله سبحانه ذاتاً احدياً و لا معني لکونه ذاتاً الا کونه غير متناه قائماً بنفسه تاماً في وجوده کاملاً في معناه فکان تاماً فيما به هو هو کاملاً في معناه بلا نهاية فلمينته بمنير و لا نور و لا بجوهر و لا بعرض و لا بغيب و لا بشهادة و لا بأمر و لا بخلق و لا بمسمي و لا باسم و لا بموصوف و لا بصفة و لا بمکان و لا بکون و لو کان ينتهي الي واحد من ذلک لکان من جنسه و لکان محدوداً بحده فهو في کل مکان و لايخلو منه مکان مع انه موجد المکان و في کل وقت مع انه موجد الوقت و کل کم و کيف و جهة و رتبة مع انه موجد کل ذلک و لميحد بشيء من ذلک لانه ليس معه غيره يحد و ينتهي اليه و کونه في کل حد لميجعله محدوداً لانه لمينته الي الحد کالمحدود و انما قد عم الحد ظهوره و الحد من ظهوره کالمحدود فافهم فاذا هو هو لا غيره احدي لعدم الحد غير متناه الي شيء اذ لا شيء و هو علي ذلک ازلاً و ابداً و هذا معني کان الله و لميکن معه شيء و الآن کماکان و لميتصف بالصفات لاجل عدم التناهي لنفوذ ظهوره في الصفة و الموصوف و لميحد بحد لاجل احديته لعموم ظهوره في الحد و المحدود ففي هذا المقام الذي هو مقام الازل لا شيء سواه و لا ذکر لغيره احد لايثني لان الشيء يثني بفاصل غيرهما و لا فاصل صمد لايدخل فيه شي لميلد اذ لا سواه يخرج منه ولميولد اذ لاسواه يخرج و لميکن له کفواً احد اذ لا شيء دونه و ليس معني عدم التناهي ان لايدرک له طرف بل انه ليس له جزء و جزء فانه ما له جزء و جزء کل جزء منه محدود و غير صاحبه فهو مجزي مثني بل هو سبحانه ليس له جزء و جزء لعموم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۴ *»
ظهوره الجزء و الکل و العموم و الخصوص و الاطلاق و التقييد و الحد و المحدود و الصفة و الموصوف فکيف يکون له جزء و جزء و قولنا انه ليس له جزء و جزء ليس معناه انه نقطة واحدة لاتقبل القسمة فانها محاطة بحدها و حدها سواها و لها جوهر انتهي الي حده و هو غير حده محدود به و لا هکذا احديته سبحانه فهو احد يعني غير متناه و غير مجزي ليس له کل و لا بعض اذ الکل له بعض و البعض جزء من الکل و ليس لعدم تناهيه حقيقة ماسواه و وجودها اذ حقيقة ماسواه و وجودها کلي و ماسواها افرادها يشترکون في تلک الحقيقة و يمتازون في الصورة و الصورة غير الحقيقة و الموجود و المشترک بينهما و هي محدودة بالصورة المميزة و حاشا الله سبحانه ان يکون کلياً او جزئياً ذلک قول الذين لايعقلون و ذلک لان الکلي محدود بالکلية موصوف بها و حدها غير ذاتها الا تري انک تدرک الانسان مرة من حيث انه هو ممتازاً عن الحيوان و لاتدرکه بالکلية و مرة تدرکه بالکلية و الظهور في الافراد فالکلية صفة الکل و ربنا لا صفة له حتي يکون کلياً او جزئياً او عاماً او خاصاً او محدوداً او مرسلاً و المادة ما له صورة و الصورة ما له مادة و وجود الاشياء مقرون بالاشياء و حاشا ربنا ان يتصف بالاقتران و بالجملة قد عم ظهور ربنا جل شأنه جميع ما فصلنا و عددنا سابقاً من مجمل اقسام الخلق فليس لغيره من الظهور ما ليس له حتي يکون هو المظهر له ففي هذا المقام لاسواه حقيقة و لا نهاية لهذا المقام کما مر و ليس عدمه سواه لعدم النظر الي سواه او لعدم الالتفات الي غيره او لعدم فرض دونه و اعتبار سواه بل واقعاً حقيقة لا سواه ازلاً و ابداً.
فقد تبين لمن القي السمع ان قولهم بسيط الحقيقة کل الاشياء تحديد لله سبحانه بالکلية و توصيف له و من حده فقد عده و من عده فقد ثناه و من ثناه فقد جزاه و من جزاه فقد الحد فيه و اخراج لله عن الصمدية فانه جعله طرفا لذکر الاشياء فيه و اثبات لکفو له و هو وصف الکلية سبحانه و تعالي عما يقول الظالمون علواً کبيراً و انما الحقيقة الکلية خلق له سبحانه و هو الماء الاول الذي منه کل شيء هو منزه عن کل وصف و کمال التوحيد نفي الصفات عنه لان من وصفه فقد قرنه لان الصفة غير الموصوف و هما مقترنان و من قرنه فقد حده و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۵ *»
من حده فقد الحد فيه و لان الصفة علي مثلها تدل و في شکلها تحل و هو قديم ازلي و ماسواه حادث و لايقترن الشيء بغير جنسه و اين غيره حتي يتصف به او يقترن تعالي الله عن کل ذلک علواً کبيراً فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم سبحان ربک رب العزة عما يصفون فهو لا اسم له و لا رسم و لا تعبير عنه و لا اشارة اليه و لا دال عليه سواه و لا عارف به غيره و جميع ما قلنا تنزيه لا توصيف و تقديس و تسبيح لا تحديد و لا تعريف و لا يبلغ احد کنه معرفته بما يليق کرم وجهه و عز جلاله الا بالتسبيح و التقديس و التنزيه فکمال معرفته نفي الالوهية عماسواه و ترک اتخاذ الانداد و الاشباه و خلع الربوبية عن عباده و ذلک منتهي معرفة العارفين و غاية توحيد الموحدين و لا حد لذلک لانه يدلج بين يدي المدلج من خلقه فسبحان ربک رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين المنزهين و الحمدلله رب العالمين لانه کما اثني علي نفسه لايحصي احد ثناء عليه فتجلي الله سبحانه لا بنطق بعد سکوت و لا بحرکة بعد سکون و لميکن تجلي في مکان اذ لا مکان و لا في زمان اذ لا زمان و لا في کم اذ لا کم و لا في کيف اذ لا کيف و لا في جهة اذ لا جهة و لا في رتبة اذ لا رتبة و لميصر تجليه معه فيکونان اثنين و ان کان الله معه بمعية لا نهاية لها کما مر اذ ليس ازل سواه فيکون معه و تجليه حادث و الحادث لايکون غير الله اذ ليس الله غير الحادث و الغيرية تضايفي و صفة و نفي الغيرية عن الله ليس اثبات العينية لان لا غير خلقه و لا عين خلقه لان کل واحد من الغير و العين محدود بالغيرية و العينية و کذا نفي الغيرية عن الخلق ليس علي ما يوجب العينية لان مرادنا بنفي الغيرية عن الخلق نفي الغيرية عن الله لتضايف الغيرية لا اثبات العينية للخلق مع الله و اما الغيرية مع قطع النظر عن التضايف فثابت للخلق کما روي غيوره تحديد لما سواه و المراد من قولنا ان الخلق غير الله اثبات وصف العبودية لخلقه و اثبات تحديد الخلق و نفي عدم التناهي عنه فکون الحدود غير المتناهي اثبات لحد الحدود لا تحديد لغير المتناهي النافذ ظهوره في الحد و المحدود فغير المتناهي ليس بغير المحدود فيکون ممتازاً عنه محدوداً بامتيازه و لا عين المحدود فيکون غير ما هو
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۶ *»
عليه و ليس تسميتنا اياه بغير المتناهي توصيفه بالغيرية بل معناه الاحد و اللانهاية بمعني امتناع النهاية من غير ذکر النهاية لان امتناع الشيء ليس فيه ذکر الشيء و انما هو تعبير لتصل الي المراد فلميکن تجليه معه اذ لا شيء غيره معه فيکون معه و لميکن تجليه فيه لانه لا شيء معه سواه فيکون فيه و لميکن تجليه في سواه اذ لا سواه حتي يکون ظرفاً له و لميحدث بحدوث التجلي فيه حادث لانه لا سواه معه و لميتغير عن کيانه الله سبحانه لانه لميخرج عما هو عليه قبل التجلي و مع التجلي و بعد التجلي اذ قد نفذ ظهوره في التجلي من مبدئه الي منتهاه و ليس التجلي عين ذاته سبحانه لانه بالنسبة اليه محدود و لا غيره لاستلزامه ان يکون الله محدوداً مبايناً عنه بينونة عزلة نعم هو غير الله سبحانه بينونة صفة و لابد من شرح ذلک علي سبيل الاجمال لانه ينفعنا هنا و فيما سيأتي.
اعلم انک اذا سميت شيئاً باسم کالنور مثلاً سميته باسم النور فانت تتلفظ الاسم و يقع الاسم علي ما به امتاز عن غيره و تريد الموصوف و لماکان الموصوف اظهر من وصفه لاينصرف الذهن عند سماع الاسم الا الي الموصوف فالمراد من کل اسم حين التسمية الموصوف لا غير و الموصوف محدود بالصفة و الصفة غير الموصوف فالصفة التي يقع عليها الاسم اسم کوني و الاسم الذي تسميه به صفة لفظية و الاسم غير المسمي فکل سميته باسم تريد المسمي الموصوف المحدود الذي هو غير وصفه مقترن به فالتجلي اسم تسمي به الظهور الاول و تريد به الموصوف بوصف التجلي فهو محدود بحد التجلي علي ما هو عليه فالتجلي غير الله سبحانه لانه محدود و الله سبحانه لا نهاية له فلاينتهي الي محدود و لا حد فحکم البينونة بينه و بين خلقه بينونة صفة يعني بينونة هي الصفة فلاتدل الا علي مثلها و لاتحل الا في شکلها و هو معني غيوره تحديد لماسواه فالبينونة التي بين الله و بين خلقه صفة لخلقه فالله ليس بمتباين عن خلقه و انما خلقه متباين عنه او معني بينونة الصفة يعني ذاته سبحانه ليست مباينة عن خلقه لانه بعيد لا بمنائاة قريب لا بمداناة و اما صفته فمباينة عن الخلق فانه ليس کمثله شيء و ليس بينونة عزلة و هو البينونة الذاتية التي تعزل هذا عن هذا و هذا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۷ *»
عن هذا فاذا بعد هذا التقرير اذا لاحظت الموصوف فهو غير الله سبحانه و غيريته صفته و حده فمعني غيره يعني انه محدود و اما اذا نظرت الي الصفة و الموصوف بنظر الوحدة فلاتري غير الله سبحانه لانک لاتري سواه اذ لاسواه و ليس معني هذا ان الله تصور بصورة و اتصف بوصف اذ الصفة غير الموصوف و لا شيء سواه و ليس انه بعضه صار موصوفاً و بعضه صفة لان البعضية لاتثبت للشيء الا ان يکون موصوفاً و مثني و هو احد.
فاذا عرفت ذلک کله فاعلم ان التجلي هو غير الله سبحانه و ليس هو مع الله و لا في الله و لا في سواه و قلنا بحدوثه لانه محدود بکونه تجلياً مفتقراً الي الله سبحانه مستمداً منه و لميکن في ذات الله سبحانه لانه متناه ثم کان في حده متناهياً و ليس معني الحادث الا انه لميکن ثم کان الا ان الحدوث في کل عالم بحسبه فالحدوث في عالم التجلي الاول الا انه لميکن في الازل اي غير متناه ثم کان في عالم التناهي و جري لفظ ثم الدال علي التراخي لان المحدود قائم بغير المحدود فغير المحدود متقدم يعني ثابت بلانهاية و الحدود فرعه الا ان اثبات الحدود للتجلي بالنسبة الي الله سبحانه و اما في نفسه و بالنسبة الي مادونه فهو کائن غير مکون و هو منزه عن کل وصف و اسم و رسم و لايحده احد سوي الله سبحانه و هو الحرف الواحد الذي استأثر الله اياه في علم الغيب عنده لايعلمه احد سواه و هو ما في نفس الله سبحانه الذي لايعلمه عيسي في قوله تعلم ما في نفسي و لااعلم ما في نفسک ففي الحقيقة جميع ما ذکر من التنزيه محل وقوعها هذا التجلي و ان کان المراد هو الله سبحانه فهذا التجلي هو اللاتعين و اللانهاية التي لا اسم لها و لا رسم و لا حد و لا وصف و ليس لاحد ان يفرق بينه و بين الله سبحانه لانه اول التجليات و اقرب الظهورات الي الحضرة الازلية فقد خفي في نفسه حتي ظهر في کل شيء و لميتناه الي شيء کما مر فلا سواه معه فهو هو وصف الله الاحد الصمد الذي لميلد و لميولد و لميکن له کفواً احد و هو الکائن الغير المکون الازلي الابدي الغيب الممتنع الذي لايدرک الذي لا اسم له و لا رسم الذي قد امر الله به ان يوصل و نهي عن تفريقه عنه و هو لرقة حده و صفاء وصفه صار بحيث
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۸ *»
کأنما خمر و لا قدح و هو اقرب الاشياء الي اللانهاية الحقيقية لان له نهاية رقيقة لايبصرها الا طرف الله سبحانه و لايحيط بها الا الله سبحانه بل هو حقيقة لا نهاية الله عزوجل و الله سبحانه منزه عن اللانهاية اذ هو ايضاً وصف و هو في شکلها تحل و هو قدم الله و ازل الله و لا تعين الله و تنزه الله و جميع هذه الاسماء ايضاً يقع علي آثاره لا علي نفسه و لذا قال الله سبحانه سبحان ربک رب العزة عما يصفون و استعمال التجلي لهذا المقام انما هو بالمعني الاعم لانه في الحقيقة تغيب و اختفاء لان هذا التجلي مقام غيب الغيوب و باطن الباطن و سر الله الکامن فأين هو من التجلي لانه مقام الظاهر فالتجلي مقام الظهور و هذا المقام مقام البطون فاستعمالنا التجلي انما کان بالمعني الاعم لاجل انه صفة کائنا ما کان بالمعني الاعم ثم لماکان هذا التجلي هو لا نهايته سبحانه الذي به وصف قدمه و ازله و احاطته و علمه و قدرته و ان کان استعمال هذه الالفاظ عليه من حيث تجلياته وجب ان يکون نافذاً في کل شيء بحيث لمينته الي شيء من محدود و حد و موصوف و وصف و مادة و صورة و جوهر و عرض و غيب و شهادة و اسم و مسمي الي غير ذلک لانه مما وصف الله نفسه به لخلقه کذلک و لانه ما اثني الله به نفسه و هو کما اثني علي نفسه فلذلک صار اجل من الحدود المعنوية و الصورية و من الموصوفية و الوصفية و انما صار کذلک لاجل بطلان الطفرة في الوجود فاول ما تجلي تجلي بالتذوت و مقام انا الذات المجرد من الغياب و الشهود المهيمن علي الاضداد ثم تجلي بالهوية ثم بالالوهية ثم بالاحدية ثم بالواحدية فهنالک تم مقام التوحيد بمقاماته الخمس فالتجلي الاعظم هو مقام النبوة و التذوت مقام الولاية لقوله عليه السلام ظاهري امامة و وصية و باطني غيب ممتنع لايدرک و لقوله عليه السلام انا الذات الي آخره ثم مقام الهوية النبوة الثانية و الالوهية مقام الولاية الثانية ثم مقام الاحدية هي النبوة الثالثة و مقام الواحدية هي الولاية الثالثة فالدورة الاولي دورة جهة المبدأ الصرف و الربوبية اذ لا مربوب علي معني لا بشرط و الدورة الثانية جهة من نفسه و الربوبية اذ لا مربوب بشرط لا و الدورة الثالثة حيث الظهور في الغير و الربوبية اذ مربوب علي معني بشرط شيء ذکراً صلوحياً فلماوصل
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸۹ *»
التجلي الي هذا المقام صار مقام احببت ان اعرف و مقام المشية الامکانية فهنالک جاء الامکان لصلوح الاشياء و ذکر الاشياء فيه بالصلوح فخلق الخلق لکي يعرف فجميع الامکان هو جميع الکون کالبحر الموجود في الامواج فلا شيء من البحر الا و قد صار موجاً فالبحر مقام الامکان و الامواج الخلق و کل موج مرکب من مادة و هو قطعة من البحر و صورة هي صورة الموج و لميتقطع البحر الا في صورة الموج فلذلک تضايفتا و لانفصل الکلام في الخلق لوضوحها في الحکمة فاذا کسرت الامواج و اذبتها صارت بحر الامکان فاذا کسرت فيه الصلوح صار احداً و اذا کسرت الاحدية و نظرت الي الاحد و الاحدية بنظر واحد تري الله و اذا نظرت الي الله و الالوهية بنظر الوحدة تري هو و اذا نظرت الي هو و الهوية بنظر الوحدة رأيت الذات و اذا نظرت الي الذات و الذاتية بعين واحدة رأيت التجلي الاعظم و الغيب المطلق و اذا رأيت التجلي و الجلوة بنظر واحد رأيت الذي لا اسم له و لا رسم فليس بينه و بين شيء من خلقه بينونة عزلة فانه ليس بمعزل عن الخلق و لا الخلق بمعزل اذ ليس الملک خلواً منه و لا هو خلواً من ملکه و حکم البينونة بينه و بين خلقه بينونة صفة يعني خلقه موصوف بصفة و هو غير متناه الي موصوف و لا صفة و مع ذلک قلنا انه خلق الخلق و قلنا بحدوث الخلق و انهم عبيد مربوبون مع انه لا شيء غيره لان هذه الالفاظ و هذه الاحکام امر اضافي فلما لميکن زيد مثلا ثم کان خلقه الله لانه لميکون نفسه و لميکونه من هو مثله و انما کونه غيره يعني ان ظهور غيره و تجلي غيره فلما ظهر الله سبحانه به خلقه الله فجميع الخلق بالنظر الاعلي افعال لازمة و هو قولک ظهر الله سبحانه بکذا و کذا و انما يعبر عنها بالافعال المتعدية اذا نظرت الي ترتب الخلق بعضه علي بعض فيکون العالي حينئذ فعلاً و الثاني مفعولاً به کقولک ضرب زيد عمرواً و عمرو ليس ذاته مضروباً و الا لميصلح ان يصير منصوراً فعمرو لماوقع الضرب عليه و صار محلاً لظهور الضرب في وقوعه عليه اتصف بالضرب المفعولي فالعمرو الظاهر في الضرب المفعولي هو المفعول و ذلک العمرو الظاهر في الضرب المفعولي ليس الا نفس الضرب من حيث الاقتران بعمرو فالضرب مرآة واجهت عمرواً فوقع فيها عکسه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۹۰ *»
و واجهت زيداً فوقع فيها عکسه فعکس زيد هو ذلک الضرب من حيث الصدور و هو الضارب و عکس عمرو هو ذلک الضرب من حيث الظهور لان الضرب مادة لابد لها من زمان و مکان و آلة و حد و نفس تظهر بها فهو من حيث الزمان مضرب و من حيث المکان مضرب و من حيث الآلة مضرب و من حيث النفس مضروب به و من حيث الاقتران مأخوذ فيه عکس عمرو فعمرو هو المفعول به.
فاذا عرفت ذلک فاعلم ان الله سبحانه في الحقيقة لا فعل عنه لا لازماً و لا متعدياً و التجلي الاول کائن غير مکون و اما الافعال اللازمة کلها راجعة الي مقام التجلي و الافعال المتعدية کلها راجعة الي مقام احببت ان اعرف فافعال النبي لازمة و افعال الولي متعدية و اما الله سبحانه فلا فعل له لانه لميتحرک بعد سکون و لمينطق بعد سکوت و لا معني للفعل لازماً و لا متعدياً الا ذلک فالفاعل اللازم هو النبي و الفاعل المتعدي هو الولي فلما رأينا مقام ترتب بعض الخلق علي بعض و النبي هو مظهر اسم الله الکائن و الولي مظهر اسم الله الخالق قلنا کان الله و خلق و المراد من قولنا انهما مظهرا اسم الله انه ظهر فيهما انوار الله سبحانه و اطاعاه کمايقال للنبات حيوان اذا استولي عليه الحيوان و للحيوان انسان فکل من اطاع الله حتي استولي عليه يقال له اسم الله لانه اظهر في ظهوره من ظهوره فکل من استولي عليه بوجه يسمي من ذلک الوجه کمن فعل لله فعلاً يقال الفاعل هو الله و من استولي عليه من کل جهة يقال له اسم الله بقول مطلق فليس مظهر اسم الله المطلق الا الولي و کل من سواه مظهر بالاضافة فافهم ذلک فانه سر عميق و امر دقيق فافهم و تعقل و کل فعل ليس من استيلاء الله راجع الي الخلق و يجب الاجتناب منه و الفرق بين الفعلين ان کل فعل مصدر عن فاعله بمقتضي الحکمة يضاف الي الله سبحانه و کل فعل صدر عن فاعله علي خلاف الحکمة يضاف الي العبد و الحکمة حکمتان حکمة کونية و حکمة شريعة ففي الکون لايقع شيء الا علي الحکمة ففاعل الکل الله و اما الشرع و هو في الظاهر المعلوم للمکلف فما فعل بحسب ما ظهر له من الحکمة فهو فعل الله في عالم الشرع و ما فعل بخلاف الحکمة الظاهرة له هو فعله في الشرع و فعل الله هو الکون لانه لايقع
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۹۱ *»
في الکون خلاف الصواب و الايمان و الکفر في الشرع و الطريقة لا في الحقيقة فيجازون في الظاهر بحسب اعمالهم و المجازي هو الله فقتل الانبياء في الشرع و الطريقة من فعل الکفار و اما في الحقيقة لماکان هو علي مقتضي الحکمة و الصواب و النبي ايضا راض بفعل الله فالله سبحانه بيد من شاء و اليد لعدم علمه کفر و الله لعلمه و حکمته اصاب و ذلک سر دقيق و بحر عميق قل کل من عند الله و قل الله خالق کل شيء و لايخلق خلاف الصواب و الحکمة ان لايظلم احداً و انما الناس انفسهم يظلمون.