32-14 مکارم الابرار المجلد الثانی والثلاثون ـ رسالة في جواب ‌بعض‌ الاخوان ‌في ‌امر الزوجة ‌الثيبة ـ مقابله

رسالة في جواب بعض الاخوان في امر الزوجة الثيبة

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۱ *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و الهداة المهديين و لعنة الله علي اعدائهم ابد الآبدين.

و بعــد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم انه قد سألني بعض الاخوان صانه الله عن طوارق الحدثان عن مسألة‌ عويصة قد ذکر انه ارسل اليه بعض الاخوان من يزد ان‌يسألني عنها و يکتب له جوابها و هي انه ما الوجه في کون اول زوجة من زوجات النبي9 ثيبة؟ و کونها متزوجة قبله بزوجين؟ و ما الوجه في تولد فاطمة عن الثيب؟ و قد سألني عنه في ايام شهر رمضان و انا مشغول بعوايق کثيرة و مبتل بضيق الفرصة الي ان حصلت لي فرصة قليلة فاغتنمتها و توجهت الي جوابه.

فاقول و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم لماکان الله جل جلاله واحداً احدي المعني لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه و لو فرضاً و اعتباراً و خلق الخلق لاجل التعريف و التعرف کماقال جل جلاله ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و قال کنت کنزاً مخفيا فاحببت ان اعرف فخلت الخلق لکي اعرف فوجب ان‌يکون ما منه سبحانه لا اختلاف فيه ليکون عليه دليلاً و اليه سبيلاً. و تدل وحدة‌ الخلق علي حقيقة التوحيد و سر التفريد و يقع التعريف و يحصل التوصيف و لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً فالاختلافات في الخلق تکون من قوابله لامحالة‌ فيقع ذلک الامر الوحداني الصادر عن الامر الواحد الذي هو ظهور الواحد جل شأنه في مرايا تلک القوابل و ينصبغ باصباغها و يتشکل باشکالها و يتکيف بکيفياتها و يتهيأ بهيئاتها فيقع الاختلاف و يرتفع الايتلاف و تظهر الکثرة و تخفي الوحدة کماقال علي7 نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياکل التوحيد آثاره.

ولکن الاختلاف اختلافان

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۲ *»

اختلاف ذاتي و هو ما ظهر من نفس ذلک النور الغيبي و الامر الوحداني من حيث نفسه لا من حيث الصدور من مبدئه و ذلک لماتنزل من القرب الاقرب و ترامي الي البعد الابعد و لحقه بسبب البعد البرد و اليبس اللازم للبعيد عن مبدء الحرکة و الحرارة تفرقت اجزاؤه و تفصلت اوصاله و تقطعت اعضاؤه حتي ظهرت في غاية الکثرة و التعدد و الاختلاف و ذلک البرد و اليبس هو لازم ذات الاثر من حيث نفسه و ادباره عن مبدئه. و هو ما دل عليه قول ابي‌جعفر7 لماخلق الله العقل استنطقه ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر الخبر. فلماادبر برد وجوده و يبس و کلما صار ابعد صار البرد و اليبس اکثر الي ان بلغ التراب فخمدت حرارته و انطفت انواره و غلبت ظلماته و استولت عليه کثراته و انطمست وحدته و هذا الاختلاف هو اختلاف يسع الحکيم الاستدلال عليه و السبيل اليه فانه علي نهج الحکمة و الصواب و غاية‌ الارتباط و الانتساب فماخلقکم و لابعثکم الا کنفس واحدة لماقال و ما امرنا الا واحدة فماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر کرتين ينقلب اليک البصر خاسئا و هو حسير.

فمن عرف من ذلک العالم شيئاً واحداً عرف جميع ذلک العالم من التوحيد فمادونه الي ارش الخدش فمافوقه لان جميع ما في ذلک العالم مرتبط بعضه ببعض و کل شيء منه فيه معني کل شيء و نسمي هذا العالم بهورقليا و العالم الاول. و يوم خلق هذا العالم کان طالع الدنيا سرطان و الکواکب في اشرافها فکان اول الزوال و ظهور النور. و في هذا العالم ليس تصادم و لاتمانع و لاتدافع يجري کل شيء منه علي حسب مقتضي ذاته و ميل سجيته لاظلم اليوم و لاعدوان و لاتقية و لاشقاق. و الحکم الواقعي في المسائل حظ اهل ذلک العالم و تکليف اولئک و اصحابنا طلبوا محالاً و راموا امرا ممتنعاً و لايصلون اليه ابداً حيث طلبوا معرفة‌ الاحکام الواقعية بالادلة الظنية فابتلوا بالظنون و الاوهام و ترددوا لاختلاف الافهام و اين الثريا من يد المتناول. فباب تلک الاحکام عليهم مسدود في هذا النظام.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۳ *»

و اختلاف عرضي و هو قد حصل بعد اللطخ و الخلط في الاشياء و بعد ان تغيرت البلاد و من عليها و وجه الارض مغبر قبيح فخرج الميت من الحي و الحي من الميت و صدرت الاعمال الخبيثة عن الطيبين و الاعمال الطيبة عن الخبيثين و اتصفت الاشياء باضدادها و ظهرت المواد بخلاف طبائعها و سکنت المتحرکات و تحرکت السواکن و علت السفليات و سفلت العلويات و ترکبت البسايط و انقطعت الوسائط و غابت المحکمات و ظهرت المتشابهات و نزلت الحرارات و صعدت البرودات و انفعلت اليبوسات و امتنعت الرطوبات فاشتبهت الامور و تشاکلت الظلمات بالنور

هذا الذي ترک الاوهام حائرة   و صير العالم النحرير زنديقاً
و عاقل عاقل اعيت مذاهبه   و جاهل جاهل تلقاه مرزوقاً

فهيهنا جاء الاختلاف و رفع الائتلاف و جاء الحکم النفس الامري فرب طيب کان الواجب ان‌يحکم عليه بالطيب يحکم عليه بالخبث لظاهره و بالعکس و رب نور کان اللازم ان‌يحکم عليه بالنور يحکم عليه بالظلمات و بالعکس و هکذا فهيهنا انقطعت حکمة الحکماء و علم العلماء لان الحکيم يعرف الاشياء في انفسها بحسب اقتضاء‌ کينوناتها انه لولا لطخ او خلط و کان هذا الشيء بطرفته کيف کان يکون و لايعلم ما قد طراه من الاعراض و الامراض و اللطخ و الخلط نعم يعلم بجميع ذلک صاحب مقام الجمع و الاحاطة الکلية و الوحدة‌ التامة الطاوية الذي لايشغله شأن عن شأن الا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير. فهيهنا بطل الاستدلالات العقلية و القواعد الحکمية ‌و القوانين المنطقية و القواعد الاصولية و ثبت التقليد الصرف علي القاصرين لصاحب الاحاطة الکلية العالم (للعالم ظ) بالتغيرات الجزئية اذ لم‌يبق کلي الا و قد تخلف و لاعام الا و خص و لامرسل الا و حدد و لا اصل الا و نقض و لابرهان الا و اعترض عليه و جاء التسليم الصرف لفرد فرد و التقليد المحض لجزء جزء و خاب و خسر من تخلف بالالحاد و ابتلي بالرأي و الاجتهاد من التکلف او العناد.

و الي هذين المقامين اشار سبحانه هو الذي انزل الکتاب منه آيات محکمات هن ام الکتاب و اخر متشابهات و اما الذين

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۴ *»

في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله الآيات. فالامور المتغيرة المتبدلة لايمکن الاستدلال عليها بالعقل المدرک للکليات المطلع علي الذاتيات علي نحو برهان کلي سار في جميع الجزئيات اللهم الا ان‌يطلع الحکيم علي ذلک الامر المسئول بخصوصه و يطلع علي اطرافه و احنائه و علله و اسبابه و مبدئه و ما به بخصوصه فيعرف الوجه فيه و الدليل علي خصوصيته ولکن قبل الاطلاع الخاص لايعلم بالکليات التي عنده حاله و مبدئه و مآله. نعم لو خلص العالم عن لطخه و اعراضه و صار کل شيء‌ علي حسب سجيته و صار العود علي البدء و صار طالع الدنيا السرطان و نزل کل کوکب في شرفه فهنالک يعرف الحکيم جميع ماخلق الله و يستدل علي جميع ملک الله و ان لم‌يشاهده. فان هنالک کل شيء فيه معني کل شيء ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.

و من الاشياء التي قل تغيرها و نزُر اعراضها و امتنع عن کثرة‌ اللطخ و الخلط و ان کان و لابد فبقدر ما يستمسک في عالم الاعراض دار البلي و الامراض ليقول انا بشر مثلکم و لم‌تحتجب انواره الذاتية و آثاره الذاتية بحجب الاعراض و الامراض نبينا محمد9 و علي و احدعشر من ولده و فاطمة الصديقة: فهم قد ظهروا علي صرافة سجياتهم و لطافة ‌طبيعاتهم و صفاء‌ انياتهم فظهرت جملة ‌صفاتهم و حرکاتهم و سکناتهم و کلماتهم و مالهم و منهم و فيهم و بهم علي نهج تقتضيه الحکمة و العقل و لم‌يتغيروا و لم‌يتبدلوا و لم‌يقبلوا الاعراض و لم‌يتمکنوا من حلول الامراض و ظهروا في کل عالم علي ماکانوا عليه و امروا به لانهم معصومون مطهرون عن کل رجس و اثم و بقوا و کانوا علي حق الدين و الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ذلک الدين القيم. فظهروا في جميع ما لهم علي نهج الحکمة و الصواب و ما يقتضيه ذواتهم الشريفة بلاتغير و انقلاب فکانت اسماؤهم و صفاتهم و مواطنهم و مهاجرهم و آجالهم و اکلهم و شربهم و تزويجهم و توالدهم و تناسلهم و اسفارهم و حضرهم و عبادتهم و افعالهم و سيماهم و هيئاتهم و الوانهم و سبب موتهم کلها موافقة للادلة العقلية مع انها مدرکة للکليات و يمکن ان‌يقام عليها الدليل العقلي لانهم: لا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۵ *»

يتغيرون و لايتبدلون بکرور الدهور و الايام و تغير الاعصار و الاعوام. اسمع ما قاله علي7 في خطبة له في الغدير و الجمعة‌ في صفة النبي9 و اختصه من تکرمته بما لم‌يلحقه فيه احد من بريته فهو اهل ذلک بخاصته و خلته اذ لايختص من يشوبه التغيير و لايخالل من يلحقه التظنين الخطبة.

فمن ذلک تزويج النبي9 بخديجة بنت خويلد و هي ثيبة فيجب ان‌يکون هذا الامر موافقاً للادلة العقلية و ساير الحکم الکلية کساير اموره9  فنقول و لاقوة الا بالله العلي العظيم ان کل شيء لابد له من جهتين جهة الي ربه و جهة‌ الي نفسه فجهته الي ربه جهة الاجمال و الاطلاق و الوحدة و البساطة و الغيب و جهته الي نفسه جهة‌ التفصيل و القيود و الکثرة و الترکيب و الشهادة و ذلک تقدير العزيز العليم في کل شيء اذ يمتنع ان‌يکون شيء و ليس فيه هاتان الجهتان. و قد قال الرضا7 في حديث ان الله لم‌يخلق شيئا فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي اراد من الدلالة ‌علي نفسه و اثبات وجوده الخبر و قد قال الله سبحانه و من کل شيء خلقنا زوجين لعلکم تذکرون و قد شاع عن الحکماء ان کل ممکن زوج ترکيبي. و هذا السر جار في جميع ماسوي الله حتي محمد9 لانه حادث مخلوق و غير الاحد الفرد الصمد.

فللنور المحمدي في العالم الاول حيث لااحد سواه هناک و هو عالم باطن النبوة و حقيقة‌ السفارة و نفسه التي هو باطن الولاية و هي منه لانهما من نور واحد و طينة‌ واحدة ايضاً@ جهتان جهة اجمال و جهة تفصيل و جهة‌ الي ربه و جهة الي نفسه و هاتان الجهتان هما ابوا محمد9 الاولان. فجهته الي ربه هي آدم الاول و جهته الي نفسه هي الحواء الاولي فلاآدم و لاحواء قبلهما في ملک الله سبحانه و تلک الزوجة خلقت من نفس ذلک الزوج کماقال سبحانه خلق لکم من انفسکم ازواجاً و ولدهما هو محمد9 ليس لهذين ولد غير هذا المولود الاکرم حملت به امه في ايام التشريق عند الجمرة‌ الوسطي و تولد  في السابع‌عشر من شهر ربيع الاول

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۶ *»

يوم الجمعة عند الزوال. فصار حمله في ايام التشريق اي في ايام اقبال النفس الي مشرق شمس الازل و بلوغها المني و کان عند الجمرة الوسطي لان الجمرات هي مقامات الانيات. فالجمرة التي تلي مکة هي مقام انية‌ العقل و الجمرة الوسطي هي مقام انية ‌النفس و الجمرة القصوي هي مقام انية ‌الجسد. و انما حملت به امه في مقام النفس الجمرة الوسطي لانه مقام الامومة.

و اما تولده في الربيع الاول فواضح لانه الاول الذي لااول قبله و هو الربيع فدائماً هو في الريعان و النمو و الاستفادة و الاستزادة فلاخريف له ابداً و لاصيف و لاشتاءً ظ) و کان في السابع‌عشر لانه کان اللازم ان‌يکون في الرتبة‌ الثانية کما مر في الجمرة‌ الوسطي فکان في العشر الثاني و کان في سابعه لان مراتب الخلق تنتهي الي سبعة ايام. و اما الثلثة الايام الاخر ففيها تتميم مراتب المبدء الثلث و هي المسميات و الاسماء و العنوان و هو9 تولد في عشر العبودية ولکن في غاية مراتب العبودية التي ليس فوقها عبودية. و کان اليوم الجمعة لانه اليوم السابع بعين تلک البراهين و کان عند الزوال لانه الظهر و وقت ظهور شمس الازل. و روي في وقت الفجر و الزوال عندي اصح لانه تولد في وقت کان طالع عالمه سرطان و کل کوکب في شرفه فکان الشمس في اول الظهر فافهم. و لم‌نطل الکلام في هذه الحکم لانها غير موضع السؤال.

فاذا عرفت ان کل شيء لابد له من جهتين فللخلق الاول ايضاً جهتان جهة‌ الي ربه و هي مقام النبوة و السفارة و البساطة و جهة الي نفسه و هي جهة الولاية و التفصيل و الکثرة. فالجهة‌ الاولي هي مقام القرب الاقرب و نهاية قوة النور و کماله و الجهة الثانية هي مقام البعد الابعد و غاية ضعف النور و نقصانه. فالجهتان کمثلثتين متداخلتين هکذا

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۷ *»

فيحدث من تداخلهما عالمان عالم الغيب و هو العالم الاول فيه حصتان من النور و حصة من الظلمة و عالم الشهادة فيه حصتان من الظلمة و حصة من النور. فظهر العالم الثاني لکثافة الحصتين و غلظتهما و غاب العالم الاول لقة الکثافة و غلبة اللطافة فحدث لعالم الغيب ايضاً مقامان اعلي و اسفل و لعالم الشهادة ايضاً مقامان اعلي و اسفل فصار الاعليان مقام النبوة الا ان الاول باطنها و الثاني ظاهرها و صار الاسفلان مقام الولاية الا ان الاول باطنها و الثاني ظاهرها. فمثال النبوة ‌الباطنة العرش و الولاية الباطنة الکرسي و هما من عالم الغيب کماقال ابوعبدالله7 العرش في الوصل منفرد عن الکرسي لانهما بابان من اکبر ابواب الغيوب و هما جميعاً غيبان و هما في الغيب مقرونان الخبر. و مثال النبوة الظاهرة الشمس و الولاية الظاهرة القمر قال الصادق7 «الشمس» رسول‌الله9 به اوضح للناس دينهم «و القمر» اميرالمؤمنين تلا رسول الله و نفثه بالعلم نفثاً الخبر. فالشمس ظاهرة العرش و حکايته و القمر ظاهر الکرسي و حکايته.

و لماکان الظاهر متولداً من الباطن لانه تفصيل ما استجن فيه و کمن و ظهور ما فيه بطن فکان الشمس ولداً للعرش و القمر ولداً للکرسي فلاجل ذلک کان محمد و علي8 في الباطن اخوين و في الظاهر ابني عم و ظهرت الشهادة علي طبق الغيب. و لماکان العرش مقام البساطة و الوحدة اقتضي ان لايبقي منه ولد لانه اطلس الا من الکرسي و في الکرسي الذي هو مقام الولاية. فلذا کان وُلد محمد9 من علي7 نعم للعرش بنت واحدة و هي نفس الکرسي من حيث الحاملية للبروج الاثني‌عشر و هي انيته اللازمة له لحدوثة المتولدة من نفسه کما حقق في محله و هو مقام الحجر في قوله تعالي قلنا اضرب بعصاک الحجر فانبجست منه اثنتي‌عشرة عيناً لان نفس الکرسي جزء‌ العرش مخلوقة من طينته و هي متولدة ‌منه و ولده انثي لا ذکر لان الکرسي مقام النفس و هي انثي فاذا صار نفس الکرسي مقام فاطمة فالکرسي من حيث الاعلي و الارتباط الي العرش مقام الولاية ‌الکلية و ذلک لان فاطمة زوجة علي و مخلوقة من نفسه. فمقام فاطمة نفس الکرسي و الولاية حقيقته. فلاجل ذلک صارت بنت

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۸ *»

محمد زوجة علي7 و علي7 صهره و البروج الاثني‌عشر تولد من تزويج اعلي الکرسي اسفله.

و بالجملة‌ باطن النبوة و الولاية و ظاهرهما و فروعهما کلها في رتبة المبادي و العلل و کلها في صقع لم‌يجعل الله لاحد فيما خلقهم منه و فيه نصيباً و ليس احد غيرهم معهم فلااحد کفو واحد منهم يکون زوجتهم فلازوجة لهم هناک و لايتخذون صاحبة بوجه من الوجوه و انما زوجاتهم حين نزولهم في عالم المؤمنين و مقام انا بشر مثلکم فتزوجوا مؤمنة من عرض الرعية ليس لها وجود و لاعين في عوالمهم المخصوصة بهم. الا انهم: لايعملون عملاً في عالم من العوالم الا لاجل حکمة سبقت فحکمة تزويجهم بغير جنسهم انهم: للطافة ذواتهم و بساطة حقايقهم و شرافة انياتهم لاظهور لهم و لا لانوارهم ابداً الا اذا تعلق نورهم بشيء کثيف ينصبغ فيه و يتکثف حتي يتمکن الناظر اليه من رؤيته. و مثال ذلک ان الشمس و ان کانت ظاهرة‌ النبوة و القمر و ان کان ظاهر الولاية الا انه لولا انصباغ انوارهما في کثافة عنصرية لم‌تتبين ابداً و لم‌يرهما احد و من انصباغهما انطباعهما في عينک الکثيفة العنصرية فلما انطبعا في عينيک و تکثفا و انصبغا ظهرا لک و رأيتهما. و هکذا لولا انصباغ انوارهما في بطون الاجسام الکثيفة لم‌تظهر. کذلک نور النبي و الولي لو لم‌ينصبغ في صبغ المؤمنين و البشرية التي هي دون رتبتهم لم‌يظهر لاحد و لم‌يره احد فلزم في الحکمة ان‌يتزوج من عرض البشر احداً ليتطابق العرضي الغير المرتب مع العرضي المرتب المطابق مع الطولي فتزوج بغير جنسه في العرض.

و لماکانت العناصر لو کانت علي بساطتها و لطافتها الاولية لم‌تکن لها کثافة و لم‌تظهر للناظر حتي التراب کما روي السيد العالم عن الشيخ الاوحد عن الحکماء السالفين انهم حفروا الارض حتي وصلوا الي جسم ثقيل يملأ الدلو و لايري فلايري شيء من العناصر لو کانت علي صرافتها الا ان‌يترکب بعض منها مع بعض حتي يتکثف و يري و يصبغ النور الواقع عليه و يظهره بالتکثيف. فوجب ان‌يکون اول متعلق النور جسماً مرکباً ليظهر للناظرين. و انت تعلم ان العناصر اربعة نار و هي حارة يابسة و هي ناشئة عن المبدء اي حرکة

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴۹ *»

الافلاک و هي اشبه سفلي بالافلاک حتي انه يوجد في اعاليها الحرکة الوضعية کالافلاک و هواء و هي حارة ‌رطبة و هي في الحرارة ادني من النار. و الفرق بينهما ان النار کانت يابسة مستقرة تحت ظل الفلک لاتخرج منه الي غيره و الهواء ابعد منها و هي رطبة مائلة الي الغير و کلاهما من جهة‌ المبدء فهما ذکران لوجود الحرارة الدالة علي الذکورة. و الماء و هو بارد رطب و التراب و هو بارد يابس و هما من جهة المفعول و جهة‌ الانية فالتراب جهة حقيقة الانية قبل المفعولية و الانفعال ليبسه و الماء جهة‌ المفعولية و الانفعال لرطوبته و امکان انفعاله تحت فعل الفاعل. فالتراب بکر غير متزوج و بالماء يزوج نفسه و يتبعل و زوجها النار. فالنار ايضاً رجل غير متزوج و بالهواء يتزوج التراب و يميل اليه فالهواء زوجية النار و فاعليتها و الماء زوجية التراب و مفعوليته. و لاجل ذلک لايسمي الرجل قبل تزوجه بالزوج فاذا تزوج يسمي زوجاً لانه قبل التزويج نار و بعد ان‌تزوج حدث له طبع الهواء ايضاً فالنار و الهواء زوج. و کذا المرأة قبل تزويجها لاتسمي زوجة فبعد ان حدث لها طبع الميل و القبول اي الماء سميت زوجة. فان التراب و الماء زوج فالزوجان في الحقيقة اربعة و في الصورة‌ اثنان و هذا معني قوله تعالي و من کل شيء خلقنا زوجين اي اربعةً لان کل اثر لابد و ان‌يکون مربع الکيفية کما اشرنا اليه هنا و حققناه في رسائلنا و مباحثاتنا. فالنار و الهواء و الماء و التراب للطافتها لم‌تکن تصلح لاظهار نور الشمس و ماکان يظهر بها ابداً فوجب في الحکمة ان‌يزوج التراب من النار اولاً حتي ينکثف و يکون قابلاً لاظهار ضوء الشمس فزوجت العناصر اي التراب و النار و قعد بينهما القاضيان وکيل الرجل و المرأة و ربطا بينهما و هما الحکمان اللذان خافا الشقاق بينهما ليبسهما و عدم ميل کل واحد منهما الي الآخر فانبعثا في البين و اصلحا بينهما کماقال الله سبحانه فان خفتم شقاق بينهما اي النار و التراب فابعثوا حکماً من اهله اي الهواء لانها حارة من اهل النار و حکماً من اهلها اي الماء لانه بارد من اهل التراب ان يريدا اصلاحاً تأليفاً و ترکيباً يوفق الله بينهما يرکبهما لا

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۵۰ *»

محالة. فانبعث الحکمان و اصلحا بينهما و رکباهما حتي تکثف التراب و صار قابلاً لاظهار الضياء و صلح للرؤية و الصبغ. فلاجل ذلک تزوج نور الشمس بغير جنسه من السفليات ليظهر للسفليات و يقول لهم بلسانهم انا بشر مثلکم ترونني و اريکم آکل مما تأکلون منه و اشرب مما تشربون.

و کذلک النبي9 کان في فلک النبوة و آدم بين الماء و الطين و لم‌يکن ظاهراً لاحد فلما اراد الظهور لاهل العالم تلبس بلباسهم حتي يروه و يسمعوه في السلسلة العرضية المرتبة و غير المرتبة. اما في المرتبة فتجسد في بدن مرکب من العناصر و القي في هويته مثاله و اظهر عنها افعاله و هو ايضاً تزوجه بمرأة الجسد و لسنا بصدد بيانه. و اما في الغير المرتبة فلماکانت المرأة لباس المرء و صورته کماقال تعالي هن لباس لکم فوجب ان‌يلبس لباسهم اي يتزوج من جنسهم و وجب ان‌يکون النبي9 بکراً لان ضوء الشمس بعد صدوره عنها لم‌يتزوج کثيفاً قبل الجسم المرکب الکثيف و وجب ان‌تکون زوجته الاولي ثيبةً لاجل تطابق الظاهر و الباطن لما مر. و لاجل ان الثيبة افتح رحماً و رحمها اجذب للنطفة و اعشق لها لما مسها قبل من حرارة الرجل و قويت جاذبتها بها و لانها اعلم بالتبعل و حفظ الزوج و مجربة بالولودية و الودودية و غيرها و الثيبة احب للرجل من البکر. فاللباس المظهرة للنبي و الماسکة نوره في العالم السفلي يجب ان‌يکون اجذب لنوره و احفظ له و اميل اليه و اعشق له و احب ليمسکه في العالم السفلي فوجب لاجل ذلک کله ان‌تکون ثيبة. و کذا ان البکر ليس فيها الرطوبة لما ذکرنا فهي في نفسها ابين من الرجل و لعلها تتأذي و تتنفر من الرجل و تکره الوقاع و الايلاج کثيراً. و اما الثيبة فتشتاق اليه و تحبه و انما ذلک لاجل انضمام الرطوبة بها و تسخنها بحرارة الرجل فتطلبه بالمشاکلة. و ايضاً البکر مولاة عليها غير مالکة نفسها و هي تحت ولي غيرها لبردها بخلاف الثيب فانها مالکة نفسها غير مولاة عليها و لما فيها من حرارة الرجل هي اولي بزوجية النبي الذي هو اولي بالکل من انفسهم. فالنبي الغني بنفسه لنفسه عن جميع السفليات لاتميل لنفسه بنفسه الي الاسفل حتي يظهر نفسه لغيره اللهم الا ان‌تکون للاسفل ميل و دعاء اليه حتي يميل اليه قل ما يعبؤ بکم

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۵۱ *»

ربي اي ما يتزوج النبي زوجة من جنسکم و لايميل و لايلتفت لولا دعاؤکم اي لولا ان‌تکون الزوجة ثيبةً داعيةً بطبعها اياه الي التزوج طالبةً لتزوجها باذلةً لصداقها من عندها فان الطالب يبذل الثمن و المال الذي تحب انفاقه و لايشتهيه احد تضع عليه ما يشوق الناس اليه ثم تنفقه.

فخديجة لاجل ثيبوبتها طلبت و اشتاقت و بذلت الصداق فالنبي الذي لايخيب رجاء راجيه و لايرد سائله عن بابه استجاب دعائها و قبل تزوجها و تزوجها فکيف کان يمکن ان‌يشتاق المبدء بطبعه و ميله الي الادني و هو الغني المطلق الا ان‌يکون الداني داعياً طالباً مشتاقاً بتمکين الاسباب السابقة و توطينها اياه. و ان الرجلين السابقين کانا للتمکين و التوطين و رفع التنافر ثم لما مکناها بحرارتهما تمکنت و استعددت لشدة حرارة ‌النبي فزوجها بعدهما الا تري ان القوارير الباردة لو عرضت عليها نار شديدة کسرتها و اما لو مکنتها بنار ضعيفة قليلاً قليلاً اطاقت النار الشديدة. فالرجلان بضعف حرارتهما مکنا خديجة لتلک النار القوية النبوية و الاقتران بها ثم اقترنت و اطاقت.

و ايضاً قد عرفت ان البکر يابسة مزاجاً و الثيبة رطبة و اليابس لايميل الي غيره ابداً فکيف کان يمکن ان‌يشتاق النبي الي البکر و هي لاتشتهي البعل و تستحيي و لاتظهر الاشتياق و لا تناسبه و لاتطلب. فوجب ان‌تکون زوجته الاولي ثيبة. و اما تزويجها بزوجين فلان فيه کمال الثيبة. فان الثيبة في نفسها باردة يابسة فاذا زوجت نفسها من زوج ترطب قليلاً و تميل الي الرطوبة و البرودة. فاذا زوجت نفسها بزوج آخر بتصرف نفسها و ميل نفسها کملت فيها الرطوبة و الحرارة و قويت و کمل فيها الميل الي الرجل. بخلاف الزوج الاول فانه لاجل يبس نفسها و تزويج وليها اياها لم‌تمل الي الزوج کثيراً. فکمال الثيب ان‌تکون متزوجة مرةً باختيار من نفسها حتي تقوي في مالکية امرها و الاستقلال في التصرف في نفسها لما تحصل فيها من الحرارة الباعثة للولاية و تولي الامور.

و لاينافي ذلک ما روي تزوجوا الابکار لانهن اطيب شيء افواها و افتخ شيء ارحاما لان الفتخ بمعني اللين اي الين شيء‌ ارحاماً و لين الرحم يوجب اللذة و هو غير ما نحن فيه من کون رحم الثيب اجذب للرحم و اشوق الي الزوج و ان الثيب اشد اشتياقاً الي الفحل و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۵۲ *»

اکمل في الاشتياق. و لذلک ثبت في الحکمة الفلسفية ان الشيء يتم و يکمل في حلين و عقدين فالحل الاول هو التزويج الاول و العقد الاول تبعلها تحت الزوج الاول و الحل الثاني هو التزويج الثاني و العقد الثاني تبعلها و استقرارها تحت الزوج الثاني. فاذا تم الحلان و العقدان کملت و تمت في الطلب و الميل الي البعل فطلبت النبي بتمام شوقها و کمال طلبها فاستجاب لها النبي حاجتها و تزوجها ثالثاً. و مثال ذلک في التراب الذي مثلنا به آنفا واضح فان التراب اول ما تزوج بالنار تزوج تزويجاً نوعياً و في هذا التزويج لاتحصل الکثافة و الظهور للمرکب فاذا انحل بالتزويج و انعقد تحت النوع تزوج نفسه تزويجاً ثانوياً بالنار و هو التزويج الشخصي فاذا انحل ثانياً بالتزويج و انعقد تحت الشخص کثف و ظهر و تناسب لاظهار نور الشمس و صبغه. فکذلک الامر في خديجة و اظهارها لنور النبي9. و اما ساير زوجاته فلما لم‌تکن من موضع السؤال لم‌نتعرض لبيانها.

و اما سبب تولد فاطمة عن الثيب فاعلم ان فاطمة لم‌تتولد عن خديجة في عالمها و انما تولدت عنها في الظاهر کما مر في تزوج النبي9 فالزهراء تولدت في الظاهر في العالم بعد ما تزوج شمس النبوة الجسم الکثيف العنصري في السفليات فزهر نورها الساطع منها و ظهر من بعد تزويج النور الصادر المحل فتولدت من بينهما بنت زهراء زهر بنورها السموات و الارض و ظهر النور و بدا في العالم فاضاء کل الاجسام. قال النبي9 في حديث ثم ان الله خلق الظلم بالقدرة فارسلها في سحائب البصر فقالت الملائکة سبوح قدوس ربنا مذ عرفنا هذه الاشباح مارأينا فبحرمتهم الا کشفت ما نزل بنا فهنالک خلق الله تعالي قناديل الرحمة و علقها علي سرادق العرش فقالت الملائکة الهنا لمن هذه الفضيلة و هذه الانوار فقال هذا نور امتي فاطمة الزهراء فلذلک سميت ابنتي الزهراء لان السموات و الارضين بنورها زهرت الخبر. و انت تعلم ان السموات و الارض مظلمة لولا تزوج الشمس کثيفاً فبعد ما تزوجت کثيفاً ظهر من بينهما نور اضاء السموات و الارض و زهرتا بالنور المتولد من بينهما. ثم بهذا النور المتولد

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۵۳ *»

الزاهر تزوج نور القمر الولاية و حصل من بينهما الائمة:. و لما لم‌يکن في السؤال اعرضنا عن الجواب و لو زدتم في السوال حرفاً واحداً لزدنا في الجواب حرفاً واحداً و الحمد لله اولاً و آخراً و ظاهراً و باطناً.

و قد تمت هذه الکلمات في غروب يوم الاثنين خامس‌عشر شهر رمضان المبارک من شهور سنة 1260 حامداً مصلياً مستغفراً و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين تمت.