رسالة في جواب بعض الطلاب
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۰۹ *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
و بعــد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم انه قد ارسل الي بعض الاخوان صانه الله عن طوارق الحدثان مسائل اتت اليه من بعض الطلبة ليسألني عنها و قد اتتني و انا في غاية تبلبل البال و اختلال الحال بحيث لاقلب لي مجتمع حتي اتوجه اليها و الي جوابها ولکن الميسور لايسقط بالمعسور فاقتصر علي ما يحضرني في مثل هذه الحال و الله المستعان و لاقوة الا به.
قال: سلمه الله ان الشيخ اعلياللهمقامه يقول بعد الجمع بين قوله7 انا القرآن الناطق اعلم ماکان و مايکون الي يوم القيمة و بين قوله7 لولا اية في کتاب الله لاخبرتکم بماکان و مايکون الي يوم القيمة و بين قوله7 لو کشف الغطاء ماازددت يقيناً «و يتفرع علي ما ذکرنا انه يمکن انيکون حکم لايعلم النبي في عصره و يعلم به الامام في عصره ولکن مايعلمه الامام فهو بواسطة النبي9 و يجوز ان لايکون في هذا القرآن ذلک الحکم في عصره و يکون موجوداً في عصر الامام بواسطة النبي الي آخر» ما المراد من هذه العبارة و کيف يمکن ان لايعلم النبي9 في عصره و يعلم الامام7؟
اقول: هذا الکلام في غاية وضوح المرام و ان کلام الملوک لملوک الکلام و شرح و بين فيه رتبة الرسول و الامام و کلام الملک العلام. و الاشارة الي ما في المقام من الاجمال و الابهام ان العلم هو نفس المعلوم في کل مقام کماشرحنا و بينا في مباحثاتنا و ساير رسائلنا و قد اشار الله سبحانه الي ذلک في کتابه حيث
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۰ *»
قال قال فمابال القرون الاولي قال علمها عند ربي في کتاب و المراد بالکتاب هو لوح الاعيان المکونة کماقال لقد لبثتم في کتاب الله الي يوم البعث فهذا يوم البعث. فعلم الله الحادث علمان علم امکاني و علم کوني. اما العلم الامکاني هو علمه تعالي بالاشياء في الوجود الراجح و عالم الامر و ليس قبله علم متعلق بالاشياء مقترن بها واقع عليها. و اليه الاشارة في حديث حماد بن عيسي قال سألت اباعبدالله7 فقلت لميزل الله تعالي يعلم؟ قال اني يکون يعلم و لا معلوم قال قلت فلميزل الله يسمع؟ قال اني يکون ذلک و لا مسموع قال قلت فلميزل يبصر؟ قال اني يکون ذلک و لا مبصر قال ثم قال لميزل عليماً سميعاً بصيراً ذات علامة سميعة بصيرة انتهي. فالعلم الامکاني هو علم فعلي و هو حادث ليس بقديم لميزل و هو قبل الاشياء في اکوانها و مع الاشياء و بعد الاشياء علي حد سواء. فان الاشياء قبل کونها کانت في الامکان و بعد کونها لمتخرج عن الامکان و بعد فنائها هي في الامکان و من الامکان کالحروف المکتوبة من المداد فانها قبل کونها و حين کونها و بعد کونها مداد لمتخرج عن المدادية و العالم بالمداد عالم بالحروف قبل کونها کعلمه بها بعد کونها. و الي ذلک الاشارة في قول ابيجعفر7 في رواية محمد بن مسلم قال سمعته يقول کان الله و لاشيء غيره و لميزل عالماً بماکون فعلمه به قبل کونه کعلمه به بعد ما کونه انتهي. و ذلک لانه في کلا الحالين في الامکان و من الامکان. و هذا العلم هو العلم المستأثر به في علم الغيب عند الله سبحانه لايطلع عليه احد من خلقه لانبي مرسل و لاملک مقرب و لامؤمن ممتحن لان مبدؤ [مبدأ] هؤلاء في الاکوان و ذلک العلم في الامکان و لايتجاوز شيء ماوراء مبدئه و لايحيط بمافوق حده فهو العلم الغيب الذي لايعلمه احد الا الله. و اليه الاشارة بقول الصادق7 الغيب ما لميکن و الشهادة ما قد كان. و هذا العلم هو الذي قال الله سبحانه و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء اي الا بماکون من ذلک. و نزله في الشهادة و هو العلم الخاص الذي اشار اليه الباقر7 ان لله تعالي علماً خاصاً و علماً عاماً فاما العلم الخاص فالعلم الذي لايطلع
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۱ *»
عليه ملائکته المقربين و انبياءه المرسلين و اما العلم العام فانه العلم الذي اطلع عليه ملائکته المقربين و انبياءه المرسلين و قد وقع الينا عن رسولالله9 هـ. فهذا العلم الامکاني علم لايطلع عليه احد الا الواحد الفرد. و هو علم القدر الذي اشار اليه اميرالمؤمنين7 ان القدر سر من سر الله و ستر من ستر الله و حرز من حرز الله مرفوع في حجاب الله مطوي عن خلق الله مختوم بخاتم الله سابق في علم الله وضع الله العباد عن علمه و رفعه فوق شهاداتهم و مبلغ عقولهم لانهم لاينالونه بحقيقة الربانية و لابقدرة الصمدانية و لا بعظمة النورانية و لا بعزة الوحدانية لانه بحر زاخر خالص لله عزوجل عمقه مابين السماء و الارض عرضه مابين المشرق و المغرب اسود کالليل الدامس کثير الحيات و الحيتان يعلو مرة و يسفل اخري في قعرها شمس تضيء لايطلع عليها الا الله الواحد الفرد فمن تطلع عليها فقد ضاد الله عزوجل في حکمه و نازعه في سلطانه و کشف عن سره و باء بغضب من الله و مأويه جهنم و بئس المصير هـ و هذا العلم هو مبدؤ البداء منه يقدم الله مايشاء و يؤخر و هو بحر لانهاية له و لاغاية و منه يمد الله سبحانه الخلق بلاغاية و لانهاية و لا نفاد له. و هو کما قال موسي بن جعفر7 علم الله لايوصف الله منه باين و لا يوصف العلم من الله بکيف و لايفرد العلم من الله و لايبان الله منه و ليس بين الله و بين علمه حد هـ. فهذا العلم هو ام الکتاب المشاراليه بقوله تعالي يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب. و قد سأل حمران بن اعين اباجعفر7 عن قول الله تبارک و تعالي عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احداً فقال له ابوجعفر7 الا من ارتضي من رسول فانه يسلک من بين يديه و من خلفه رصداً و کان والله محمد من ارتضاه و اما قوله تعالي عالم الغيب فان الله تبارک و تعالي عالم بماغاب عن خلقه بمايقدر من شيء و يقضيه في علمه فذلک يا حمران علم موقوف عنده اليه فيه المشية فيقضيه اذا اراد و يبدو له فيه فلايمضيه فاما العلم الذي يقدره الله و يقضيه و يمضيه فهو العلم الذي انتهي الي رسول الله
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۲ *»
9 ثم الينا هـ.
فاذا عرفت ذلک فاعلم ان اول ماخلق الله العقل و هو اول مکون جاء من بحر الامکان الي ساحل الاکوان و اول موجود نزل من رتبة القدر و القضاء الي عالم الامضاء و هو من مبدئه الي منتهاه في عالم الاکوان فلايحيط بالامکان ابداً نعم لماکان مبدؤ جميع الاشياء و مـآبها منه بدئت و اليه عادت يحيط بجميع الاکوان و يعلم ما فيها و يطلع علي ظاهرها و خافيها اذ هو الکلي و جميع مادونه تحته فجميع ماشاء الله و اراده و قدره و قضاه و امضاه فقد انتهي اليه و احاط هو به من جميع جهاته. و هو العلم الثاني الذي مر في حديث الباقر7 الذي اطلع الله ملائکته المقربين و انبيائه المرسلين و وقع اليهم صلوات الله عليهم علمه و لابداء فيه لانه سبحانه امضاه و ما امضي من شيء فلابداء فيه کما حققناه في محله. نعم يمکن محوه بعد ما اثبته و هو المشاراليه في کتابه تعالي يمحو الله ما يشاء و يثبت و قد قال ابوعبدالله7 هل يمحو الا ماکان و هل يثبت الا ما لميکن هـ و ذلک لان ماکان فقد امضي کونه في حده و مکانه و وقته و اما ادامته و ابقاؤه فلميمض بعد و هو في حد المشية او الارادة او القدر او القضاء و يحتمل فيه البداء. و لذا قال علي7 لولا آية في کتاب الله لاخبرتکم بماکان و مايکون الي يوم القيمة فانه لايؤمن علي الاشياء المثبتة المکونة المحو و اثبات غيره فلاجل ذلک لايمکن له انيخبر عن دوامه و ثباته الي حين حلوله فلعله قد بدا لله في ابقائه الي حين حلول وقته فلايقع. نعم يمکن ذلک بوحي خاص من الله سبحانه انه لابداء فيه او کان من امور يکون البداء فيه ممايخل بالحکمة و الوعد منه سبحانه. ففي ذلک يمکن البت لهم بانه لابداء فيه و احتمال البداء في ادامة الاشياء المثبتة و احتمال المحو فيها لاينافي مشاهدتهم جميع ماخرج من بحر الامکان الي ساحل الاکوان کما انک تري البناء عياناً و يحتمل البداء في ابقائه و تخريبه بعد طرفة عين. و ماورد في کتاب الله المجيد انه لارطب و لايابس الا في کتاب مبين و ان فيه تبيان کل شيء فذلک مما دخل في ساحة الاکوان فجميع
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۳ *»
ما دخل في عرصة الاکوان رطبها اي امدادها النازلة جديدة و يابسها اي امدادها العتيقة الذاهبة في الکتاب موجود.
و اما ما هو في الامکان و لمينزل الي الکون فليس مما حواه الکتاب و اشتمل عليه و کل ما ينزل في عالم الکون بامضاء الله سبحانه يندرج تحت معاني الکتاب فاذا اندرج تحتها يعلمه العالم بالکتاب سواء کان الکتاب تدوينياً او تكويناً [تکوينياًًظ] فالعالم بالکتاب يعلم جميع المکونات في کل حين و يزداد معانيه في کل آن و حين الامر بعد الامر و الشيء بعد الشيء و هذا العلم هو الذي لاغاية له و لانهاية. مثال ذلک ان الطعام في مبدء وضع اللغة مثلاً يوضع لمايطعم و ما يطعم في ذلک الزمان محصور معلوم و کلما ينبت في العالم نبات او يتولد حيوان او يحدث طعام علي ترکيب جديد يدخل تحت مدلوله. فالعالم بمعني الطعام في اول وضعه يعلم جميع ما في العالم ممايطعم و کلما يحدث نبات او حيوان او ترکيب يزداد علماً بمعاني لفظ الطعام مثلاً و هذا مثل تقريبي. فجميع الفاظ الکتاب مثلاً في سنة نزوله لها معان موجودة في الملک و العالم بها يعلم يعلم تلک المعاني الموجودة و لايعلم ما يوجد من المعاني التي تندرج بعد ذلک تحتها. فاذا جاء العالم الثاني بالکتاب يطلع علي ما امضي و اندرج تحت الکتاب قبله و يزداد علماً بما يحدث و يمضي في آناء الليل و النهار و يندرج تحت معاني الفاظ الکتاب. و ان هذا لهو العلم الواسع الذي لاغاية له و لانهاية. و اما ما امضي و دخل تحت الفاظ الکتاب فذلک محصور معدود عند العالم به و الي ذلک اشار مولاي ابوعبدالله7 لابيبصير قال ان داود ورث الانبياء و ان سليمان ورث داود و ماهناک و انا ورثنا محمداً9 و ان عندنا صحف ابرهيم و الواح موسي فقال له ابوبصير ان هذا لهو العلم. فقال يا بامحمد ليس هذا هو العلم انما هذا الاثر انما العلم ماحدث بالليل و النهار يوماً بيوم و ساعةً بساعة و اشار لمفضل فقال ورث سليمان داود و ان محمداً ورث سليمان و انا ورثنا محمداً و ان عندنا علم التورية و الانجيل و الزبور و تبيان ما في الالواح. قال قلت ان هذا لهو العلم. قال ليس هذا العلم انما العلم ما يحدث يوماً بيوم و ساعةً بعد ساعة هـ .و ذلک
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۴ *»
ان ما دخل تحت معاني هذه الکتب و الالواح انما هو اثر و رواية عن السلف و هو محصور معدود عند عالمه و انما العلم الذي لاغاية له و لانهاية هو العلم الذي يجري من بحر الامکان الي خليج الاکوان في کل آن فذلک الذي لاغاية له و لانهاية. فمعاني القرآن في عصر علي7 اکثر منها في عصر النبي9 و کذلک معانيه في عصر الحسن7 اکثر منها في عصر علي7 و هکذا بل في کل يوم يزاد في معاني الکتاب و في کل يوم يکون اکثر منه في امسه و هکذا يکون الي ماشاء الله. و في کل وقت جميع علم العالم ما في الکتاب لايزيد عليه حرفاً واحداً اذ فيه تبيان کل شيء موجود في کل طرفة عين و لايزيد العالم علي کل شيء. فتبين و ظهر ان علياً7 يعلم من علم الکتاب في عصره ما لايعلمه النبي9 في عصره و هکذا کل امام يعلم من علم الکتاب ما لايعلمه الامام السابق في عصره لان في العصر السابق لميکن مادخل تحت الکتاب في الاکوان و في الاشياء المکونة الموجودة المقضية حتي يعلمه الامام السابق او النبي السابق فلمادخل تحته علمه الامام اللاحق. و لايلزم من ذلک جهل الامام السابق بمعاني الکتاب فان هذه المعاني الحادثة لمتکن في عصره موجودةً مکوناً [مكونةًظ] في عالم الاکوان حتي يعلمه عالم العصر فلماوجد علمه. ارأيت لو لميکن في لوح شيء من الکلمات و الحروف و لمتعلم فيه حرفاً و کلمةً في وقتک هل يقال لک جاهل؟ بل لايقال لک جاهل. بل لو علمت فيه حرفاً و کلمةً يقال لک جاهل. فانک تدعي فيه ما ليس فيه فاذا کتب فيه حرف او لکمة ثم لمتعلم يقال لک جاهل فانه يکون حرف و لاتراه. و کذلک يعلم الامام السابق ما هو موجود في عصره مکون مقضي و هو تحت معاني الکتاب و لو علم ما ليس بموجود لکان کذباً و جهلاً فاذا حدث شيء بعد ذلک يجب انيعلمه الامام اللاحق و الا لکان منه جهلاً نعوذ بالله و يحدث في کل آن لکل شيء امداد جديدة لمتکن في الآن السابق و يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب.
و امثل لک مثالاً لتبصر بعينک المطلوب هذا السراج الموضوع منير مشرق
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱5 *»
علي صحن البيت و الدار و دائم الفيضان لانواره بحيث لو قطع توجهه و مدده و فيضه عن نوره لعدم من ساعته فيمد انواره في کل طرفة عين بمدد جديد و فيض جديد و انت ناظر الي انواره تري جميعها بمحضر منک و تحيط بکلها خبراً لايعزب عنک شيء من نوره فاذا غبت عنها او غمضت عنها نظرک او مت و نظر اليها غيرک يري تلک الانوار ولکن هو يعلم ما رأيت بالاثر و يعلم ما يري بالعيان و ما يري غير ما رأيت لان ما رأي هو امداد جديدة قد حدثت و برزت من عالم الامکان الي الاکوان بعد ما غبت عنها او مت و لعل بداء حصل فيها بعد ذلک کأن کانت في عصرک ساکنة و تحرکت في عصر صاحبک الذي اتي بعدک او بالعکس و کانت قوية في عصرک و ضعفت في عصر صاحبک او بالعکس او تغير لونها بسبب تغير الدهن و الفتيلة و غيرها من الاسباب فصاحبک في عصره يعلم من الانوار ما علمت بالاثر و الاشباح المنفصلة و ما لمتعلم في عصرک من الامداد الجديدة الحادثة بعدک في کل آن و حين.
فتبصر بذلک امرک فان السراج المنير في العالم هو المشية المشتعلة من زيت الرحمة الواسعة و هو مضيء لعالم الاکوان و جميع عالم الاکوان ماضيها و آتيها من انواره و آثاره و اشعته و هو دائم الفيضان و الامداد لجميعها و کل عالم في عصره يعلم ماکان و مايکون الي يوم القيمة. فان ماکان من الماضي و ما يأتي من المستقبل و کلاهما من الزمان و جميع الزمان بما فيه مخلوق به فلامضي و لااستقبال عنده و انما ذلک امر اضافي بالنسبة الي الوقتيات لا السراج. الا تري انک لو سرت من بعيد الي السراج فمن انواره ما تعديته و منها ما هو امامک و انت مستقبل اليه و کلاهما عند السراج موجودان في آن واحد. فجميع ماکان و مايکون موجود عند سراج المشية و کله مستمد منه مستفيض من فيضه و هو يفيض عليها و يمدها في کل طرفة عين. فاما يفيض عليها علي نوع ما سبق او يبدو لله سبحانه فيمحو ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب الذي لامحو فيه و لا اثبات و لامضي عنه و لا انقضاء اذ کل ما فيه مضي و انقضاء يحتمل فيه المحو و الاثبات في الآن الثاني. فالمدد النازل في کل طرفة عين يصدر من السراج و هو من حيث الصدور لا مضي له و لا انقضاء و هو ابداً في اول صدوره سرمدياً فکيف يمحو ما
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۶ *»
هو ابداً في اول اثباته الاول فهنالک لامحو و لا اثبات. و من حيث وقوعه في عالم الجبروت و الملکوت و الملک يحصل له مضي و انقضاء. فالآن الاول الجبروتي غير الآن الثاني و الآن الاول الملکوتي غير الآن الثاني و الآن الاول الملکي غير الآن الثاني. فهيهنا يظهر ذلک المدد علي المحو و الاثبات فربما يمحي ما اثبت في الآن الاول و اثبت شيء بعد ما محي. و لماکان هذا المحو و هذا الاثبات معاً حاضرين عند المشية فهنالک لامحو و لا اثبات. و لماکان الآن الثاني عند صاحب الآن الاول معدوماً و غايباً عنه و محجوباً رأي محواً بعد اثبات و اثباتاً بعد محو. کماتري ان النهار يمحي و يثبت الليل و الليل يمحي و يثبت النهار و اما المحيط بهما الشاهد لهما کل واحد منهما في موضعه و حده فلامحو عنده و لا اثبات فلايمحي من مشهوده شيء و لايزيد فيه شيء. بالجملة ليس تحقيق معني البداء و المحو و الاثبات من جملة سؤاله و انما اتينا بماذکرنا علي نحو الاجمال لتوقف بيان سؤاله عليه.
فالامام يعلم في عصره ما لميکن النبي9 يعلم في عصره. لان النبي9 کان يعلم مادخل في الاکوان و امضي من ماض عنا او آت الينا و اما ما لميدخل و هو بعد في المشية و لميرد او في الارادة و لميقدر او في القدر و لميقض او في القضاء و لميمض فليس يعلمه. لا لاجل انه شيء و لايعلمه بل لاجل انه ليس بشيء کماقال الله سبحانه او لايذکر الانسان انا خلقناه من قبل و لميک شيئاً و قال بل هم في لبس من خلق جديد و قال کلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و قال و لدينا مزيد بل النبي في يومه يعلم ما لميک يعلمه في امسه. و لذا قال الله سبحانه قل رب زدني علماً و کذلک الامام يزداد علماً في کل آن و حين و لو لميزداد [يزددظ] و لنفد ما عندهم کما قال ابوعبدالله7 انا لنزاد في الليل و النهار فلو لمنزد لنفد ما عندنا. و عن هشام بن سالم قال قلت لابيعبدالله7 کلام سمعته من ابيالخطاب فقال اعرضه علي قال فقلت يقول انکم تعلمون الحلال و الحرام و فصل مابين الناس. فلما اردت القيام اخذ بيدي فقال7 يا با محمد علم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۷ *»
القرآن و الحلال و الحرام يسير في جنب العلم الذي يحدث في الليل و النهار الي غير ذلک من الاخبار الموافقة لصحيح الاعتبار. و هذه الزيادة ما لميکن في عصر السابق و لميک يعلمه في عصره و حدث في عصر اللاحق و يعلمه اللاحق في عصره.
نعم انما الکلام في زمان اللاحق اذا ازداد علماً هل يصل اليه العلم من غير واسطة السابق؟ او يصل اليه اولاً في عالم البرزخ ثم يصل الي الحي في الدنيا؟ فتحقيق القول فيه انه يصل الي السابق اولاً في عالم البرزخ ثم يصل الي الحق في الدنيا فان ما ينزل الي الدنيا من امر فانما ينزل من خزائنه الغيبية من العقل الي الروح و منها الي النفس و منها الي الطبع و منه الي عالم الهباء و منه الي عالم المثال و منه الي عالم الاجسام فما لميمر في عالم البرزخ علي رسولالله9 و الماضي من الائمة لميصل الي الحي في الدنيا. و نحن قد قلنا ان اللاحق في عصره يعلم ما لايعلمه السابق في عصره مادام حياً و لمنقل انه يعلم ما لايعلمه النبي في هذا العصر او ما لايعلمه السابق في زمان اللاحق. فماحدث من شيء يعرض اولاً علي رسول الله9 ثم علي علي7 ثم الي الامام الذي يليه الي صاحب العصر فيعرض عليه فلايعلم شيئا لايعلمه رسولالله9.
و هذا الحادث ليس في الحلال و الحرام و علم التشريع فانه انهي کله الي رسولالله صلياللهعليه و ورثه الامام بعده ثم الامام بعده و هکذا و حلال محمد حلال الي يوم القيمة و حرامه حرام الي يوم القيمة. و انما ذلک في علم الاکوان و الايجاد و المحو و الاثبات الکوني و يدل علي هذه الجملة ما روي عن الثمالي قال قلت لعلي بن الحسين جعلت فداک کل ماکان عند رسولالله9 فقد اعطاه اميرالمؤمنين7 بعد ثم الحسن بعد اميرالمؤمنين ثم الحسين ثم کل امام الي انتقوم الساعة؟ قال نعم مع الزيادة التي تحدث في کل سنة و في کل شهر اي والله و في کل ساعة. و عن زرارة عن ابيجعفر7 قال سمعته يقول لولا انا نزاد نفدنا قال قلت فتزادون شيئاً لايعلمه رسولالله9 قال اذا کان ذلک عرض
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۸ *»
علي رسولالله9 و علي الائمة ثم انتهي الامر الينا. و عن محمد بن سليمان الديلمي عن ابيه قال سألت اباعبدالله7 فقلت جعلت فداک سمعتک و انت تقول غير مرة لولا انا نزاد لانفدنا. قال اما الحلال و الحرام فقد والله انزله الله علي نبيه بکماله و مايزاد الامام في حلال و لاحرام. قال فقلت فما هذه الزيادة؟ قال في ساير الاشياء سوي الحلال و الحرام قال قلت فتزادون شيئاً يخفي علي رسولالله9؟ فقال لا انما يخرج الامر من عند الله فيأتي به الملک رسولالله9 فيقول يا محمد9 ربک يأمرک بکذا و کذا فيقول انطلق به الي علي فيأتي علياً فيقول انطلق به الي الحسن فيقول انطلق به الي الحسين فلميزل هکذا ينطلق الي واحد بعد واحد حتي يخرج الينا. قلت فتزادون شيئاً لايعلمه رسولالله9. فقال ويحک يجوز ان يعلم الامام شيئا لميعلمه رسولالله9 و الامام قبله. و عن سماعة قال قال ابوعبدالله7 ان لله علمين علماً اظهر عليه ملائکته و انبيائه و رسله فما اظهر عليه ملائکته و رسله و انبيائه فقد علمناه و علماً استأثر به فاذا بدا لله في شيء منه اعلمناه ذلک و عرض علي الائمة الذين کانوا من قبلنا.
فتبين و ظهر ان اللاحق لايمکن انيصل اليه امر محدث من غير انيصل الي السابق فانه في عالم البرزخ و الشيء ما لميمر عليه لمينزل الي عالم الاجسام هذا مع ان النبي9 هو جهة الائمة: الي ربهم و هو عقلهم و قطبهم به فتح الله وجودهم و به يختم و هو الواسطة بينهم و بين ربهم. فکيف يمکن انينتهي اليهم علم لميصل الي رسولالله9 اولاً و الطفرة في الوجود باطلة و لاقوام لهم الا به صلوات الله عليه و آله. فجميع ما يصل الي الائمة: من الامداد و الفيوض و العلم و ما نعلمه و ما لانعلمه يصل الي رسولالله9 فانه لسانهم السائل ربهم و يد الله الباسطة عليهم بالانفاق و محل مشيته الجارية بالفيض و الامداد فمنه يبدؤ کلها و اليه يعود و هکذا الائمة: الاقرب فالاقرب. فلايصل شيء الي الادني الا بواسطة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱۹ *»
الاعلي. نعم مادام کان السابق حياً في عصره يعلم ما نزل و لايعلم ما لمينزل. فاذا نزل شيء من ذلک يعلمه الا انه يعلمه في عالم البرزخ و مادام في الدنيا لميک يعلمه و اللاحق في الدنيا يعلمه و يأخذ عن السابق الذي في البرزخ.
و هذا الذي اراده الشيخ انه يمکن انيکون حکم لايعلمه النبي9 في عصره و لميقل مطلقاً و قال و يعلم به الامام في عصره اي في عصره الذي برز هذا الحادث فيه من مکمن الامکان الي ميدان الاکوان و قد صرح بعده ولکن کل ما يعلمه الامام فهو بواسطة النبي9.
و اما قوله و يجوز ان لايکون في هذا القرآن ذلک الحکم في عصره اي عصر النبي لانه لميوجد في ذلک العصر و کان في الامکان و القرآن مبدؤه العقل و منتهاه الاجسام و لايتجاوز ماوراء مبدئه و ليس يراد منه ما لميوجد بعد نعم يقصد منه من جميع الامکان عنده اکوان و هو الله سبحانه.
و قوله و يکون موجوداً في عصر الامام بواسطة النبي يعني يجوز انينزل من غيب الامکان الي شهادة الاکوان امور و احکام محدثة لمتکن في عصر النبي9 موجودة و انما احدثت في عصر الامام7 و اندرجت تحت معاني القرآن ولکن انما يحدث ذلک بواسطة النبي9 فانه يد الله الباسطة بالامداد و الاحداث و وکر مشيته فما لميصل اليه لايصل الي غيره. و القرآن تفصيل عقل النبي9 القلم الاول الاعلي في عالم النفوس الذي هو عالم الکتاب و لايصل الي النفس شيء الا و يصل اولاً الي العقل. فکلما دخل في عرصة الامکان يکون بواسطة النبي و يمکن انيکون شيء احدث بعد وفات النبي9 و لميکن موجوداً في حيوته و في کلا الحالين لايوجد الا به فيعرض عليه اولاً مايزاد في معاني القرآن ثم الي علي7 ثم الي الامام الذي يليه و هکذا حتي ينتهي الي صاحب العصر فيخرج اليه فهو يعلم ما لايعلمه النبي9 مادام حياً و مع ذلک لايعلم ما لايعلمه الرسول9 هو الذي بعث في الاميين: رسولاً منهم يتلو عليهم آياته و يزکيهم و يعلمهم الکتاب والحکمة و ان کانوا اي الناس من قبل اي من
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲۰ *»
قبل انيخرج النبي الذي هو مدينة العلم علمه من الامام الذي هو بابه لفي ضلال مبين لايعرفون کتاباً و لاحکمةً و لاايماناً و لا اسلاماً فالاميون هم الائمة: من اهل ام القري اي مکة قطب الارض و قلبها فهم منسوبون الي القلب اي طينة اجسامهم قلب ساير القري اي الرجال لان قلوب شيعتهم خلقت من فاضل ابدانهم فهم الاميون الذين رسولالله منهم لانهم الذرية التي بعضها من بعض و ليس رسولالله9 من غيرهم. فلما بعثه الله و قال له انذر عشيرتک الاقربين و رهطک المخلصين و قال لاتکلف الا نفسک و هم نفسه منّ عليهم فقال هو الذي بعث في الاميين و اما قوله و ان کانوا من قبل يعني ساير الناس کانوا في ضلال من قبل انينطق الامام بعلم الرسول9 و الامام باب الرسول من اراد المدينة فليأتها من بابها. فمن لميأخذ علمه من آلمحمد9 کان في ضلال مبين. و قوله و آخرين منهم ان اخذ الاميون علي و فاطمة و الحسن و الحسين او علي وحده فالاخرون باقي الائمة. و ان اخذ الاميون کل الائمة فالضمير راجع الي الذين کانوا من قبل لفي ضلال مبين. و الاول ارجح لان الآخرين ايضاً من طينة الاولين و يشهد بذلک قوله بعد ذلک ذلک فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم اي بعث النبي من بين الائمة ليتلو عليهم آياته و يزکيهم و يعلمهم الکتاب و الحکمة فضل عظيم علي الائمة و قد آتاهم و لميؤت غيرهم و علي الناس اذ ينطقون بعلم النبي لهم. و لو کان الاميون جميع اهل مکة لوجب انيکونوا قد تزکوا کلهم و تعلموا کلهم الکتاب و الحکمة و لميتزک کلهم و لميتعلم الکتاب و الحکمة کلهم و لميکن النبي9 منهم و من طينتهم و لميکونوا منه سوي الائمة: فانهم تزکوا و تعلموا کما قال ام يحسدون الناس علي ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آلابرهيم الکتاب و الحکمة و آتيناهم ملکاً عظيماً و هذا الفضل هو المشار اليه بقوله ذلک فضل الله يؤتيه من يشاء و الکتاب و الحکمة هو الذي علمهم النبي9 و هذا الفضل عظيم دون غيره. فجميع ما عند الائمة من آثارهم و زياداتهم بواسطة النبي9
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲۱ *»
و ان کان بعد وفاته صدق الله العلي العظيم و صدق رسوله النبي الکريم و صدق وليه الصميم الفخيم و نحن علي ذلک من الشاهدين و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و اوليائهم المنتجبين و لعنة الله علي اعدائهم من الاولين و الاخرين.
قال: ما معني حديث ذکره ابن طاوس في اقباله لو علم الناس ما في زيارة نصف شعبان من الثواب لقامت ذکور رجال علي خشب؟
اقول: الحديث هکذا و قد نقله من کتاب محمد بن احمد بن داود المتفق علي صلاحه و علمه و عدالته علي ما رواه العاملي عنه باسناده عن يونس بن يعقوب قال قال ابوعبدالله7 يا يونس ليلة النصف من شعبان يغفر الله لکل من زار الحسين7 من المؤمنين ما قدموا من ذنوبهم و قيل لهم استقبلوا قال قلت هذا کله لمن زار الحسين7 في النصف من شعبان؟ قال يا يونس لو اخبرت الناس بما فيها لمن زار الحسين7 لقامت ذکور الرجال علي الخشب. و روي هذه الرواية بعينها عن جعفر بن محمد بن قولويه في المزار بسنده الي يونس بن يعقوب و ليس في الخبر ما عسي انيسئل عنه الا معناه الظاهر. فاقول المراد من ذکور الرجال فحولهم. يقال فلاة مذکار ذات اهوال لايسلکها الا ذکور الرجال اي فحولهم. و قوله علي الخشب اما بضمتين کالکتب جمع خشيب و هو السيف الصقيل. و قامت ذکور الرجال علي الخشب اي علي السيوف اي قامت بشأنها و صبرت عليها ابتغاء ذلک الثواب و لميبالوا بها و ان اصابهم ما اصابهم من سيوف الاعداء الصادين عن زيارة الحسين7. و الخشيب ايضاً السهم و جمعه ککتب و علي ذلک اي قامت ذکور الرجال علي السهام و صبرت عليها و لميبالوا بها. او علي الخشب ککتف اي الخشن و العيش غير المتانق فيه. يقال اخشوشب في عيشه اذا صبر علي الجهد. و علي هذا يعني لو علموا ثواب الزيارة قامت ذکور
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲۲ *»
الرجال و فحولهم ذووا النفوس الأبية من خفض العيش علي الخشن من الملبس و المأکل و عدم تانق العيش و صبروا علي الجهد و لاواء السفر و شدائده طلباً لما ذکر لهم من الثواب.
قال: سلمه الله و کذلک ما معني ما ذکر ان مأمون سأل الرضا7 فقال هل علمت ما علم رسولالله9؟ قال نعم بل اکثر.
اقول: لمار هذا الخبر و لماسمعه من احد. و علي فرض صحة الصدور لابأس بمعناه و انما المراد اني علمت في عصري اکثر مما علمه رسولالله في عصره لا في عصري و قد بينا ذلک مفصلاً في السؤال الاول فراجع و القرينة في الکلام واضحة و هي قوله ما علم رسولالله و لميقل ما يعلم رسولالله. و اخري ان الذين لايعلمون الا ظاهرا من الحيوة الدنيا لايسألون الا عنها و لايدرکون زيادة علم رسولالله في البرزخ حتي يسألوا عنها و انما اراد السائل علم رسول@9 في حيوته فاجابه7 علي حسب سؤاله. و لاشک ان علم الامام يزيد آناً فآناً مما يزيد الله في الخلق و ينزل من الامداد في کل حين فيزيد علم الامام في عصره علي علم رسول9 في عصره ولکن لايزيد علي علم رسولالله في عصر الامام لانه اذا کان ذلک يعرض علي رسول الله9 اولاً ثم يعرض عليه و قد مر مشروحاً فلانعيد.
قال: سلمه الله و کذلک ما معني قوله7 من احبني فهو کافر و من ابغضني فهو مؤمن؟
اقول: لمار هذا الخبر ايضاً و لماسمعه من احد غير السائل و لااتکلم فيه من باب انه خبر بل من باب ان لکل کلام مرتبط معني و هذا کلام مرتبط فان کان خبراً مأثوراً فهو و الا فما ذکرناه يمکن انيراد من هذا الکلام. فاقول ان متعلق الکافر و المؤمن غير مذکور في الکلام. فيحتمل انيکون المراد هو کافر بالجبت و الطاغوت و مؤمن بالله سبحانه يعني من احبني فهو کافر بالجبت و الطاغوت و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲۳ *»
هو الايمان بالله کماقال سبحانه و من يکفر بالطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسک بالعروة الوثقي فکما يقال کافر بالله يقال کافر بالطاغوت. و منه قوله تعالي حکايةً عن قول ابرهيم قد کانت لکم اسوة حسنة في ابرهيم و الذين معه اذ قالوا لقومهم انا برءاء منکم و مما تعبدون من دون الله کفرنا بکم و بدا بيننا و بينکم العداوة و البغضاء ابداً حتي تؤمنوا بالله وحده فلماکان المتعلق محذوفاً فکمايحتمل اضمار بالله يحتمل اضمار بالطاغوت و القرينة واضحة في اضمار بالطاغوت. فمن احبهم فهو کافر باعدائهم لامحالة فان حبهم ينافي الايمان بالاعداء. و کذا قوله «من ابغضني فهو مؤمن» اي مصدق للاعداء و مذعن لهم و ممتثل لامرهم فان المتعلق محذوف و القرينة دالة علي تعيين الطاغوت يعني هو مؤمن بالطاغوت. و هذا معني سائغ لاغبار عليه و لاريب يعتريه.
و يمکن انيؤخذ الکافر بمعني الساتر و منه قوله تعالي اعجب الکفار نباته اي اعجب الزراع لانهم يسترون الحب في الارض. و منه الکفارة للذنب اي الستارة مبالغة في الستر. و يقال کفر عليه يکفر اي غطاه و کفر الشيء ستره ککفره. فالکافر اي الساتر کالمکفر. فقوله من احبني فهو کافر يعني قد کفر جميع ذنوبه بحبي فان حب آلمحمد کفارة کل ذنب. و قد روي الفريقان حب علي حسنة لاتضر معها سيئة. و اما قوله من ابغضني فهو مؤمن اي امن نفسه مکر الله. و قد قال الله سبحانه أفامنوا مکر الله فلايأمن مکر الله الا القوم الخاسرون فمن ابغضهم فقد امن نفسه مکر الله الذي مکره باستدراج النعمة و العافية عليه. فقوله من ابغضني فهو مؤمن اي خاسر و مخسر نفسه اشاره الي هذه الاية. و هذا ايضاً معني سايغ لاغبار عليه.
و يمکن انيکون کلام صدر من قائله علي سبيل الاستفهام الانکاري و يميز الاستفهام الانکاري من الاخبار بشيئين حالة المستفهم و نحو ادائه و هي لاتروي في الرواية لانها حالة من القائل و عدم صلوح اللفظ لکونه اخباراً و هذه القرينة موجودة فيحمل علي الاستفهام الانکاري و مثله کثير في الاخبار و الآيات
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲۴ *»
و لاعجب و هذا ايضا احتمال صحيح لابأس به و يمکن ان کان من الائمة: صدر عنهم في موضع التقية و کل ذلک معان محتملة لهذه العبارة و قائلها اعلم بها.
قال: سلمه الله و ما معني ما روي عنه7 ان الله يکره البخيل في حياته و الکريم في مماته؟
اقول: هذا الخبر ايضاً لماسمعه في خطاب و لماره في کتاب ولکنه کلام مرتبط فله معني و انا اذکر ما يمکن انيراد منه من المعاني الصحيحة فيمکن انيراد منه ان الله سبحانه يکره حيوة البخيل و ممات الکريم. فلفظة في لبيان موضع الکراهة يعني الکراهة المتعلقة بالبخيل من جهة حيوته حيث لايحب الله حيوته و الکراهة المتعلقة بالکريم من جهة مماته حيث لايحب الله موته و يکره مساءته. و يعبر عن هذا المعني في عرف النحويين بالتعليل کقولهم دخلت امرأة النار في هرة حبستها اي لاجل حبس الهرة. و سبب دخول النار حبس الهرة فسبب کراهة البخيل حيوته و سبب کراهة الکريم مماته. فيحب انلايبقي بخيل و لايموت کريم. کماروي في القدسي ماترددت في شيء انا فاعله کترددي في وفاة المؤمن يکره الموت و اکره مساءته.
و يمکن انيراد بالحيوة الايمان و بالموت الکفر کما قال الله سبحانه او من کان ميتاً فاحييناه و قال استجيبوا لله و للرسول اذا دعاکم لما يحييکم فمعني قوله يکره البخيل في حيوته يعني في ايمانه يعني يکرهه مع انه مؤمن لمکان بخله و يکره الکريم في کفره لمکان کفره فيکرهه و ان کان کريماً و لاينبغي کراهة الکريم لمکان کفره فالله سبحانه يحب الايمان مع الکرم و يحب الکرم مع الايمان. فالايمان وحده مکروه و الکرم وحده مکروه و البخل مذموم و ان کان صاحبه مؤمناً و الکفر مکروه مذموم و ان کان صاحبه کريماً. و في هذا الکلام تعظيم امر البخل و الکرم ما لايخفي.
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲۵ *»
قال: سلمه الله هل شرط صحة التيمم طهارة محاله ام لا؟
اقول: اعلم ان الله سبحانه احل حلالاً و حرم حراماً و فرض فرائض و حد حدوداً و سکت عن اشياء رحمةً لا نسياناً فما حلل يجب انيستحل و ما حرم يجب انيستحرم و ما فرض يجب انيؤدي و ما حد يجب انلايقصر عنه و لايتعدي و ما سکت عنه يجب انيسکت عنه فانه سکت عنه عن عمد لانسيان و لاعجز و لايکلف الله نفسا الا ما آتيها و قال علي7 اسکتوا عما سکت الله و ابهموا ما ابهمه الله و قال الصادق7 کل شيء لک مطلق حتي يرد فيه امر او نهي و العلماء مقرون بعدم وجود نص في المقام فلايحتاج الي نقض و لا ابرام و لايجوز النظر فيه و لا الکلام فهو مطلق حتي يأتي الامر فيه عن ائمة الانام عليهم صلوات الله الملک العلام. و العلماء في المسألة علي قولين و عملنا علي الاطلاق. و قد وردت علي الاسؤلة في حال تبلبل البال و تقسم القلب المتهيأ للحل و الارتحال و لايسعني اکثر من ذلک. و فرغت من تسويدها ضحي يوم الثلثا الخامس و العشرين من شهر رجب من شهور سنة احدي و ستين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين تمت.