رسالة في جواب الاقا محمد علي الرشتي
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۴۵ *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
و بعــد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم انه قد ارسل الي الجناب الزکي و المعتمد الوفي و الملاذ اللوذعي و الثمال الالمعي جناب الاقا محمدعلي بن التاجر الرشتي سلمه الله و ابقاه و من کل مکروه وقاه بمسائل ثلث. و قد وردت علي حين تبلبل البال و هجوم الاشغال من معاشرة اصحاب القيل و القال. و احببت انترد علي حين اجتماع الحواس و في ايام اعتزالي عن الناس حتي اقضي في جوابه حق البيان و اجعل ما خفي عليه منها له کالعيان. ولکن الله سبحانه هو مرتب هذه العوالم و الاوضاع و القاهر العدل الذي ليس عن حکمته امتناع و جعل الامور مرهونة باوقاتها و جعل کل شيء في محله. فنذکر في جوابه ايده الله ما يتيسر والله المسدد للصواب و عليه التکلان و اليه المئاب.
قال: سلمهالله انتبين لنا حقيقة العلل الاربع.
اقول: هذه المسألة مما ابتلي الله سبحانه و له الحمد علي حسن بلائه في هذه الازمان جماعة من ابناء الزمان و استخرج بها کوامن النفوس و اظهر بها بواطن اکثر هذا الخلق المنکوس. و منّ علي آخرين بالقبول و التمکين و الاذعان بحسن اليقين و الحمدلله علي آلائه و له الشکر علي نعمائه اذ جعلنا من العارفين بها و المستمسکين بعروتها و الواردين مناهلها و المطلعين علي مراحلها و الداعين اليها و الذابين عنها و جعل المتقدم علينا في مسالکها بعد البيان مارقاً والمتأخر عنا زاهقاً و السالک معنا لاحقاً اذ جعل قلوبنا عارفةً باستنباطها عن الکتاب و جعل السنتنا ناطقةً بها بالصواب و جعل الرد علينا فيها و في امثالها رداً عليه في المآب. و کفاک دليلاً علي ذلک ما رواه البرقي في المحاسن بسنده عن المفضل بن عمر
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۴۶ *»
عن ابيعبدالله7 قال ان الله تبارک و تعالي خلق المؤمن من نور عظمته و جلال کبريائه فمن طعن علي المؤمن او رد عليه فقد رد علي الله في عرشه و ليس هو من الله في ولاية و انما هو شرک شيطان. و بسنده عن ابيحمزة الثمالي قال سمعت اباعبدالله7 يقول لو کشف الغطاء عن الناس فنظروا الي وصل مابين الله و بين المؤمن خضعت للمؤمن رقابهم و سهلت للمؤمن امورهم و لانت طاعتهم و لو نظروا الي مردود الاعمال من السماء لقالوا مايقبل الله من احد عملاً. و قال ابوعبدالله7 في حديث اما اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلميثق به فهو کافر و اما من لميسمع ذلک فهو في عذر حتي يسمع. و قال الصادق7 في الحنظلية المقبولة قال ينظران من کان منکم قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احکامنا فليرضوا به حکماً فاني قد جعلته عليکم حاکماً فاذا حکم بحکمنا فلميقبل منه فانما استخف بحکم الله و علينا رد و الراد علينا الراد علي الله و هو علي حد الشرک بالله الخبر.
و ان قلت انتم تقولون کذلک و مخالفوکم ايضاً يدعون ذلک
و کل يدعي وصلاً بليلي | و ليلي لاتقر لهم بذاکا |
اقول:
اذ انبجست دموع في خدود | تبين من بکي ممن تباکا |
و انبجاس الدمع الاستدلال بمحکم الکتاب و السنة و ما اجمعت المسلمون عليه و ماعرف العقول عدله و آيات الافاق و الانفس. فمن اثبت مطلبه بها هو الباکي و الا فهو المتباکي و شتان مابينهما. و ان قلت و کلکم تدعون ذلک. اقول:
کل من يدعي بما ليس فيه | کذبته شواهد الامتحان | |
و هب اني اقول الصبح ليل | أيعمي الناظرون عن الضياء | |
و ثوب الريا يشف عما تحته | و ان التحفت به فانک عاري |
فاذا عرفت ذلک و تبينت ما هنالک فاعلم انه قد اجمع المسلمون بل العقلاء
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۴۷ *»
العالمون علي ان الله سبحانه احد لايثني فيجزي فيکون مرکباً و يکون کساير خلقه ممايعتري عليه التغيرات و البداوات فهو احد ليس له جزؤ و جزؤ و لايدخل فيه شيء غيره و لايخرج منه شيء سواه اذ ليس معه غيره. و من زعم غير ذلک فقد اخرج الله من احديته و الحد في واحديته. و قد نطق بذلک الکتاب و السنة و السنة الانبياء و الاوصياء و الحکماء و العلماء و العقلاء کما هو معروف ظاهر ولکن کم من مقر بالامور في اجمالها منکر للوازمها فلاتکن منهم انشاءالله.
فاذا ثبت باجماع العقول انه سبحانه احد نقول انه من الامور البديهية ان الصفة الفاعلية غير کنه الذات الاحدية فان معني الفاعلية مرکب من ظهور الذات و ذکر الفعل کماتري بداهةً ان الضارب هو الذات الظاهرة بالضرب و الناصر هو الذات الظاهرة بالنصر. و لاجل ذلک صار مفهوم الضارب غير مفهوم الناصر بداهةً. و ان کلمة الضارب لاتفيد معني الناصر و بالعکس بداهةً. فلو کان الضارب و الناصر عين الذات الاحدية لماکان معني کل واحد غير الاخر فان معني الذات معني واحد لااختلاف فيه ضرورةً. و الدليل علي ان معني الضارب و الناصر مرکب هو انه مما لايشک فيه ان الضارب مذکور فيه معني الضرب و الا لميکن ضارباً و الناصر مذکور فيه معني النصر و الا لميکن ناصراً. و بهذين المعنيين تمايزا عند العقول و فيهما ايضاً معني الفاعلية المطلقة يشترکان فيها و الا لميدلا علي الفاعلية فکل واحد منهما مرکب مما فيه يشترکان و هو الفاعلية و مما به يمتازان و هو خصوصية معني الضرب و خصوصية معني النصر.
فالذي فيه اشتراکهما هو مادتهما و الذي به امتيازهما صورتهما. فانا قد حققنا في الحکمة ان المتعددات تمتاز في صورها و تشترک في موادها کماتري ان الضريح و الباب يمتازان في صورتيهما و يشترکان في الخشب. و لذا سمي آلمحمد: المادة بالاب و الصورة بالام و جعلوا الاختلاف في بطن الام. کماروي عن الصادق7 ان الله خلق المؤمن من نوره و صبغه في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة انتهي. فالنور ابوه و الرحمة امه. و ادخل لفظة من الدالة علي بيان المادة علي النور کمايقول العرب صنعت الخاتم من
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۴۸ *»
الفضة. و الفضة مادته و صورة الخاتمية صبغه و صورته فالمادة هي الاب و الصورة هي الام. و قال7 الشقي من شقي في بطن امه و السعيد من سعد في بطن امه انتهي.
و من الضروريات ان الصورة و الذکورة و الانوثة و الحسن و القبح في بطن الام و ليس في صلب الاب اختلاف. و لذلک جعل مناط الاحکام الصورة الاتري ان مادة جميع المولدات العناصر و لااختلاف في نفسها و انما اختلافها في الصور. و اختلفت الاحکام علي حسب صورها الا تري ان الکلب مادام علي صورة الکلبية رجس نجس فاذا وقع في المملحة و استحال ملحاً طهر مع ان مادتها باقية. و کذلک قد افتي الفقهاء ان الکلب اذا نزي علي شاة و ولدت فان کان ولدها علي هيئة الکلب فهو نجس و ان کان علي هيئة الشاة فهو طاهر. فالاختلاف في بطن الام لاصلب الاب اذ لاصورة هناک و لاتعين. فتبين للمنصف البصير و الناظر الخبير ان الاشياء تختلف في صورها و تشترک في موادها فاذا لاشک کماعرفت ان الضارب ممتاز عن الناصر و الناصر ممتاز عن الماشي و لاشک ان امتيازها ليس في معني الفاعلية فانها مشترکة فيها و انما امتيازها في خصوصية الضرب و النصر و المشي. فهذه الخصوصيات صورها و الفاعلية المطلقة مادتها. فکل واحد من اسماء الفواعل مرکب من مادة و صورة.
و لعلک قد عرفت مما ذکرنا ان من زعم ان اسماء الفواعل بسايط خطاء محض فانها لو کانت بسايط لماکان بينهما امتياز و لدل کل واحد منها علي ما يدل عليه الآخر و هذا خلف بداهةً. فاذا ظهر ان اسماء الفواعل مرکبة فهي غير الذات الاحدية التي ليس فيها ذکر غيرها ابداً فاذا ثبت انها غير الذات فهي حادثة فانه ليس بينهما منزلة کماقال الرضا7 حق و خلق لاثالث بينهما و لاثالث غيرهما فجميع اسماء الفواعل حادثة بالکتاب و السنة و الاجماع و آيات الآفاق و الانفس فهي متأخرة عن رتبة الذات فان الذات ليس معها غيرها و لو کان مع الذات غيرها لزم حدوث الذات. فانه لو کان معها غيرها لکان و لابد انتمتاز عن غيرها فاذا امتازت عن غيرها لزم ترکيبها فانه لايصلح انتکون الذات عين الصفة التي بها الامتياز فان الصفة لابد لها من موصوف و الصفة عرض و لابد له من جوهر.
و کذلک لاشک ان الذات الواحدة تتصف بالصفات المختلفة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۴۹ *»
فتقول زيد ضارب و ناصر و آکل و شارب و ماش و غير ذلک فلو کان کل واحد منها قديماً لتکثر القدماء و هو باطل بداهةً. و لو کان کلها عين الذات القديمة فان کانت هي هي من جهات شتي و اعتبارات مختلفة لکانت الذات متکثرة الجهات مختلفة الاعتبارات و تنافي هذه الجهات الاحدية و البساطة الحقيقية. و کذلک لاشک و لاريب ان کثيراً من الاسماء تثبت و تنفي کماتقول زيد ضارب و ليس بضارب و ناصر ليس بناصر و ماش و ليس بماش و عاص و ليس بعاص و فاسق و ليس بفاسق و عادل و ليس بعادل فلو کان الاثبات عين الذات لکان النفي الذي ضده نفي الذات و عدمها مع ان الذات تتصف بهما جميعاً و هي باقية ثابتة في الحالين. و هذا يدلک علي ان هذه الصفات الثابتة الزايلة غير الذات الباقية الدائمة. و کلما هو غير الذات القديمة حادث الا تري انک تقول ان الله سبحانه خالق زيد طويلاً و ليس بخالقه قصيراً و رازق زيد قليلاً و ليس برازقه کثيراً و خالق للملک علي نهج الحکمة و الصواب و ليس بخلاقه عبثاً و کذلک تقول الله عالم بالشمس انها شمس و ليس بعالم بها انها قمر و هکذا سميع بدعائک بالعربية مثلاً و ليس بسميع له بالعجمية. الا تري انه قال ام تنبئونه بما لايعلم و تقول ان الله ليس بعالم لنفسه شريکاً و هکذا. فتثبت و تنفي تثبت ما هو الواقع و تنفي ما هو خلاف الواقع. فاذا کان الاثبات عين الذات فالنفي غيرها و اذا کان النفي عينها فالاثبات غيرها لانهما ضدان لايجتمعان. و القول بالاتحاد في صفة دون اخري مکابرة صرفة. فان الکليات العقلية لاتتخصص و الفارق معدوم لمابينا من العلة السارية الجارية في جميع الاسماء و الصفات.
فاذا فهمت هذه المقدمة السديدة الشريفة فاعلم ان العلة مالها معلول و کذلک المعلول ما له علة و هما متضايفان کالابوة و البنوة فالاب من له ابن و لولا الابن ليس الاب باب و الابن من له اب و من لااب له ليس بابن کماتري ان آدم ليس بابن احد. و کذلک العلة ما له معلول و لولا المعلول لمتکن العلة علة. و المعلول ما له علة و لولا العلة لميکن المعلول معلولاً. الا تري ان الله سبحانه ليس بمعلول لشيء فانه ليس له علة. و کذلک ما لااثر له ليس بعلة مع انه موجود. فاذا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۰ *»
صارا متضايفين فکل واحد منهما مرکب من جهة هو هو و من ذکر غيره الذي به يضاف الي غيره. فانا قد حققنا ان المضاف اليه فيه ذکر المضاف و هو شبحه المنفصل الواقع فيه و به صار منسوباً الي المضاف و کذلک العکس لما مر. بل و کذلک يکون الخالق و المخلوق و غيرهما من ساير المشتقات من الفاعل و المفعول. فالخالق ما له مخلوق و المخلوق ما له خالق. فما لامخلوق له ليس بخالق و ما لاخالق له ليس بمخلوق. و الکاتب ما له کتابة و المکتوب ما له کاتب. و ما عسي انيشک في هذه الامور عاقل. فالکاتب فيه ذکر المکتوب و المکتوب ما فيه ذکر الکاتب. فکل واحد منهما مرکب من حيث هو هو و من حيث ذکر الغير. و کذلک الخالق مرکب من حيث هو هو و من حيث ذکر المخلوق کماعرفت بداهةً. فصفة الخالق حادثة و يمتنع انيکون عين الذات الاحدية و کذلک ساير الصفات الاضافية. و کذلک العلة مرکبة و هي غير الذات الاحدية و کل ما هو غير الذات القديمة حادثة لماعرفت فالعلة حادثة البتة. و لذا روي في دعاء العديلة کان قديماً قبل ايجاد العلم و العلة و ايضاً لو کانت العلة عين الذات القديمة لکان و لايخلو اما هي علة تامة او ناقصة فان کانت تامةً کان معها المعلول في القدم و لايتخلف عنها فان المعلول لايتخلف عن العلة التامة. و ان کانت ناقصةً کانت الذات ناقصةً قابلةً للزيادة و النقصان ممکنةً حادثةً و کلاهما بمحل من البطلان. و قد حققنا هذه المسألة في بعض رسائلنا و في مباحثاتنا بما لامزيد عليه. و نقول ايضاً ان الذات القديمة غير متغيرة و لايعقل امکان تغيرها فاذا کانت هي العلة بعينها و لايجوز تغيرها فهي ابداً علة لاتزول و لاتحول. فاذا کانت الذات الابدية علةً و المفروض کونها تامةً و يستحيل تغيرها فقد زال اختياره سبحانه في الخلق و ليس له ان لايخلق فانه ليس يعقل ان لايکون هو هو. و لاعاقل يتفوه بان الله سبحانه مختار قادر ان لايکون هو هو. و قد ثبت بالنقل و العقل انه سبحانه مختار ان شاء فعل و ان شاء لميفعل. و ان الاضطرار ممتنع فيه بل و في خلقه. و علي ان يکون العلة حادثةً يثبت الاختيار الحقيقي فانه ان شاء خلق العلة و کان المعلول و ان لميشأ لميخلق العلة فلميوجد المعلول يفعل الله ما يشاء بقدرته و يحکم ما يريد بعزته. و تعالي الله
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۱ *»
عمايقول الظالمون علواً کبيراً
فقد تبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان العلة مخلوقة لله سبحانه و هو يتعالي عن العلية و السببية و هو مسبب الاسباب من غير سبب. فاذا عرفت ذلک فاعلم ان العلة في السنة الحکماء تطلق علي اربعة معان فان العلة هي السبب و اسباب وجود الشيء الکلية اربعة. فمنها السبب الفاعلي و منها السبب الغائي و منها السبب المادي و منها السبب الصوري. فالعلة الفاعلية هي الفاعل لا من حيث ما يراد منه و هو الذات الاحدية بل من حيث الفاعلية المقترنة بالمفعول و هو المتقدم علي وجود المفعول بذاته و صفته. و العلة الغائية هي الداعية الي الفعل فهي مقدمة علي المفعول وجوداً متأخرة ظهوراً و هي التي ترجح للفاعل فعله علي ترکه فيجب انتکون متقدمةً علي المفعول فان المفعول مفعول بالفعل و الفعل لايتعلق الا بداع و مرجح و يتأخر ظهورها عن المفعول فان ثمرة دعوتها و ترجيحها تظهر بعد وجود المفعول. و اما العلة المادية فهي عين المادة من حيث المادية و هو حيث اقترانها بالصورة لامطلقاً فان المادة و الصورة متضايفتان. و العلة الصورية هي عين الحدود و التخطيطات من حيث الصورية و الاقتران بالمادة فان الحدود صور من حيث الاقتران لا غير و ان کان الحد ايضاً کذلک ولکن ذکرناها تعبيراً. فهذه العلل اذا اجتمعت و تمت لزمها وجود المعلول بالوضع الالهي و ليس يتخلف عنها بما وضع الله و لو لميجعله الله سبحانه کذلک لميکن کذلک. و ليس يکفي واحدة منها في وجود الشيء بل و لااثنتان بل و لاثلث. و ليست العلة بقول مطلق تامةً الا بعد وجود الاربع الا تري في صنعة السرير ان العلة الفاعلية فيه النجار فلو کان النجار موجوداً و لاخشب و لاصورة و لاداع يهيجه علي صنعته لايوجد السرير. و العلة الغائية فيه جلوس الانسان عليه فلو کانت هي موجودةً دون البواقي لميوجد. و العلة الصورية فيه التربيع مثلاً و القوائم و الارتفاع المعلوم و الهيئة الخاصة فمع وجودها و فقد البواقي لايوجد. و العلة المادية فيه الخشب فمع وجوده و فقد البواقي ليس يوجد سرير ابداً. و اذا صار النجار موجوداً و دعاه الداعي الي صنعة السرير و کان الخشب موجوداً و الصورة معلومةً ليس يتخلف وجود السرير بعد ذلک عنها و يوجد لامحالة الا انيکون في واحد
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۲ *»
منها نقص بوجود المانع فلميکن النجار بارعاً او الداعي مهيجاً او الخشب صالحاً او الصورة لايقةً فان کان الامر کذلک بقي وجوده في الامکان معوقاً الي انتکمل العلل و صارت صرفةً محضةً في العلية خالصةً عن شوائب الموانع. و هذا الذي کان يقال اذا کان المقتضي موجوداً و المانع مفقوداً وجب وجود الشيء بايجاب الله سبحانه و جعله الاشياء متلازمةً.
فاذ قد عرفت لزوم اجتماع الاسباب في وجود المسبب في الظاهر فاعتبر منها في الباطن فانه قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هيهنا. أفرأيتم النشأة الاولي فلولا تذکرون. سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق. و العبودية جوهرة کنهها الربوبية فما فقد في العبودية من الکيفيات الوصلية و الاتحادية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية من الکيفيات الفصلية اصيب في العبودية. فاذ قد عرفت في الظاهر من الکيفيات الفصلية و عرفت وجودها في الباطن علي نهج اشرف و الطف و ابسط و اعلي فاعرف الکيفيات الباطنية علي نهج التفصيل علي حسب ما يقتضيه الوقت. اعلم ان العلة الفاعلية کماعرفت ليست عين الذات العالية المتقدسة عن شوائب الکثرات و الاضافات و الارتباطات و الاقترانات بل هي ظهورها بالفاعلية. و الظهور بالفاعلية ليس الا في رتبة الفعل فا ن فوق رتبة الفعل ليس الا الذات المقدسة. و قد حققنا في مباحثاتنا ان الفعل فعل في رتبة المصدر کماتري ان لفظ الفعل الموضوع لمعناه مصدر. و ما بين الاسماء و معانيها مناسبة ذاتية. فالظهور الاول عن الذات متعال عن معني الضرب و النصر و القعود و القيام. و انما يسمي ذلک الظهور بضرب حين تجليه في الضرب و بنصر حين تجليه في النصر و بقعد حين تجليه في القعود و هکذا. و لو کان التجلي الکلي الاول ضرب لميصدر عنه النصر و القعود و القيام ابداً فالتجلي الکلي نعبر عنه بالحرکة المطلقة الصالحة للتصور بکل صورة من صور الافعال. الا تري ان الافعال متمايزة في صورها مجتمعة في نفس الحرکة. فنفس الحرکة من حيث هي هي ليس فيها هذه الخصوصيات الا بالذکر الصلوحي و انما هذه الخصوصيات في تلک الصور الخاصة. کماتري ان
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۳ *»
الخشب من حيث هو هو ليس بضريح و لاصنم و لاسرير و انما الضريح ضريح في صورته و الصنم صنم في صورته و السرير سرير في صورته. الا تري ان مناط الاحکام الاسماء و متعلق الاسماء الصور. فضرب ضرب في صورة الضرب لا في نفس الحرکة و لو کان نفس الحرکة ضرب لميحصل عنها نصر ابداً.
و اقول ايضاً ان المشتقات التي اصولها الضاد و الراء و الباء لاتوجد الا في عالم يوجد فيها الضاد و الراء و الباء. و التي اصولها النون و الصاد و الراء توجد في عالم فيها النون و الصاد و الراء. و هکذا ساير الصيغ کما ان المصاغات من الفضة لاتوجد في عالم ليس فيه الفضة. و المصاغات من الحديد لاتوجد في عالم ليس فيه الحديد. فاذا لزم کونها في رتبة فيها تلک الاصول فاذا تحقق الاصول امکن حصول الصيغ و وجودها و کونها. فضرب في عالم الضرب و نصر في عالم النصر و هکذا و ليس يوجد ضرب في عالم ليس يوجد فيه الضرب. فضرب في رتبة الضرب ابداً و ليس له ذکر فوق عالم الضرب.
و من هذه القاعدة السديدة ايضاً علم ان اسماء الفواعل ليست توجد في رتبة الذات فان اصولها ليست في رتبة الذات الاحدية. فاذا ظهر ان الصيغ المصاغة من اصول موجودة في رتبة تلک الاصول فضرب موجودة في عالم الضاد و الراء و الباء ليست هذه الحروف نفس الحرکة المطلقة و الا کان جميع الافعال ضرب و هو معلوم البطلان. فضرب في عالم الضرب و کذلک يضرب و الضارب و المضروب و المضرب بالکسر و المضرب بالفتح و غيرها. فاذ قد ثبت کون جميعها في عالم الضرب فليعلم ان ضرب هو الضرب و کذلک ساير المشتقات. فان کونها في عالم الضرب مع کونها من هذه الاصول غيرها غير معقول کما ان الضريح و السرير و الصنم و غيرها مماينحت من الخشب في عالم فيه الخشب و هي عين الخشب المصور بهذه الصور و ليس غيرها. فهي جميعها الضرب الا ان بعض صور المشتقات الطف و ابسط و اعلي و بعضها اکثف و اخس و ادني کما ان جميع المکونات الموجودة في عالم الاجسام من الجسم لکن بعضها الطف صورةً و اعلي کالافلاک و بعضها اکثف صورةً و ادني کالعناصر. فکذلک الصيغ المکونة من الضاد و الراء و الباء.فنقول ان صورة ضرب الطف و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۴ *»
اعلي من ساير صور المشتقات و اکثرها اضمحلالاً و اشدها تلاشياً عند الحرکة المطلقة التي هي مبدؤها و اعلاها. و لذلک ليس يدل الا علي معني غير قائم بنفسه مستند الي غيره. و لذلک قال الصادق7 «خلقت المشية بنفسها ثم خلقت الاشياء بالمشية» فالمشية هي اول ماخلق و کل مکون في عالم هذه الاصول يدل علي معني الفعلية. اول هذه المرتبة و مقامه في عالم مقام الافلاک في عالم الاجسام. فکما ان الافلاک هي اجسام لطيفة متحرکة دالة علي حرکة المسمي کذلک ضرب في عالم اصوله اصول متحرکة دالة علي حرکة المسمي. و مقام الضرب المصدري مقام الارض في عالم الاجسام فان الارض هي المعفول المطلق للافلاک و مقام الافلاک مقام الفعل بها خلق الله سبحانه الارض. و لذلک صارت ساکنةً و صارت الافلاک متحرکةً کالفعل. و کما ان الافلاک عاملة في الارض کذلک الفعل عامل في المصدر. و اما اسم الفاعل فمقامه المصدر لکن من حيث الآئية للذات العالية به عرفه العالي نفسه بالفاعلية و به حکي الفعل عدم استقلال نفسه عند باريه. و لاجل ذلک نقول ان الفاعل مشتق من المصدر و عليه قام الاجماع. و کذا لاجل ذلک نقول ان الاسم الفاعل يقتضي مفعولاً و يعمل فيه کالفعل و هو فرع الفعل في العاملية. و انما تأخر الاسم الفاعل عن الفعل لاجل الاستقلال الظاهر فيه. و کل ما هو اکثر استقلالاً في الآثار ادني رتبةً لانه نقص فيه. و کلما هو اکثر اضمحلالاً في الآثار اعلي رتبةً لانه کمال له. فالاثر المضمحل مستقل بالعالي و المستقل مضمحل لاجل غلبة الانية فيه و انقطاعه عن العالي علي حسبه. و کذلک الامر في حقايقها الاتري ان زيداً ليس بکاسر للکأس الا عند کسره اياه و بعد کسره له و الکسر اثر حادث في الکاس لا خارج عنه و ذلک الکسر حاصل موجود بفعل زيد الذي هو کسر فاذا کسر زيد الکاس حصل الکسر فيه فاذا حصل الکسر فيه صار زيد کاسراً فاذا رماه و فعل ما هو منه و لمينکسر الکاس لميصر کاسراً فاذا رمي هو و انصبغ رميه بالکسر صدق کسر و حصل الکسر فصار کاسراً فالکاسر هو زيد الظاهر بالکسر لاغير و ظهوره للکسر بنفس الکسر لا بغيره فالکاسر هو الکسر من حيث الآئية و لايظهر زيد بالکسر الا بعد انيکسره. فاذا کسره اوجد الکسر. فاذااوجد
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۵ *»
الکسر ظهر به له. فاذا ظهر به له سمی نفسه له بالکاسر تعريفاً. فالکاسر بعد کسر عند المصدر من حيث الآئية و المکسور نفس الکسر فانه الاثر المخلوق بکسر. و لسنا في صدد بيان جزئيات هذه المسائل و عللها و اسبابها و انما المقصود محض تعيين رتبة الفاعل و قد تبين انه في رتبة المصدر من حيث الآئية.
ولکن بقي هنا اشکال و هو انه مما بينا ظهر ان الفاعل حيث آئية المصدر و قد ثبت بالاجماع ان المصدر اصل و الفاعل مشتق منه و فرع فان المشتق فرع المشتق منه و هو مبدؤه و اصله و معاده فکيف يکون الفاعل فرع المصدر و هو جهة آئيته؟ و حل هذا الاشکال علي الحقيقة في هذه الاوقات مما لايحتمله النفس المنکوسة الامارة بالسوء ولکن يمکن الاشارة اليه بلغة اخري. فنقول ان المصدر من حيث المصدرية تأکيد الفعل و في قوة الفعل کما قالت النحويون في ضرب ضرباً ان ضرباً تأکيد ضرب و هو في قوة قولک ضرب ضرب فلما کان المصدر تأکيداً للفعل و کان رتبة الفعل اعلي رتبةً من الفاعل يکون المصدر الذي هو تأکيد للفعل اعلي رتبةً منه فآئية الفاعل بالنسبة المفعول يعني بالنسبة الي المصدر من حيث المفعولية لا من حيث التأکيدية للفعل. فمقام الفعل حقيقةً مقام العرش و الکرسي و الافلاک في هذا العالم و مقام تأکيد الفعل مقام النار فانها تأکيد الافلاک و في قوة الافلاک. و لاجل ذلک تتحرک کالافلاک و ان کانت ابطأ حرکة. و مقام الفاعل مقام الهواء الذي هو جهة اعلي الماء و ارقه و الطفه لانهما رطبان سيالان الا ان الهواء ارق و الطف و فيه الف الفاعلية التي هي حرف دال علي المبدء الواحد و هو في الهواء الحرارة و الهبوب. و اما المفعول فهو مقام الماء المنفعل عند الفاعل و لا مفعولية في نفس التراب. فقد حققنا في محله ان مفعولية التراب الماء الرطب القابل للاشکال المنفعل عند فعل الفاعل بسهوله@ظ بسهولة فان الجامد اليابس غير منفعل. و اما التراب فهو اسم المکان فانه المظهر و حامل الکل. و هذه المراتب الاربع مراتب المصدر المفعول المطلق للافلاک فافهم. فانک لاتجد مثل هذا البيان في کتاب و لاتسمعه من خطاب. فالافلاک بالنار حکت عدم استقلالها للعناصر بالهواء الذي مقامه مقام اسم الفاعل. و اما النار في العناصر فمقامها في العناصر بالنسبة الي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۶ *»
مادونها مقام الذات المعراة عن الاوصاف و الهواء وصفها بالفاعلية. فالعلة الفاعلية في کل عالم مقامها مقام هواء ذلک العالم و يتقدم عليه ناره و افلاکه کماعرفت.
و ان قلت فعلي هذا اما يکون افلاک کل عالم بلا فاعل او يکون فاعلها متأخراً عنها اذا کان مقامه مقام الهواء. قلت لايلزم شيء من ذلک فان کل عالم بمنزلة شيء واحد بل مرادنا بالعالم هنا الشيء الواحد التام الکامل و افلاکه و عناصره اجزاؤه الوجودية التي کل واحد منها بعض الشيء الا تسمعنا نقول ان کل شيء له افلاک و عناصر و کل شيء مرکب من قبضات عشر فاذن کل قبضة بعض ذلک الشيء و کل قبضة منه عشرة اذا نظرنا اليه بنظر الواحدية و ذلک الشيء الواحد اثر مؤثره البتة مخلوق له و القي ذلک المؤثر مثاله فيه و عرفه نفسه و وصف نفسه له به فيصف العالي قدسه للداني باعلي مراتبه و يعرف ذلک الاثر قدس العالي و سبوحيته باعلي ما فيه من المراتب. فيجب انيکون اعلي مراتبه اقدس ما يکون في تلک الرتبة و اشد مراتبه بساطةً و نزاهةً عن کثرات تلک الرتبة و خصوصياتها و صفاتها و کذا يصف العالي للداني فعله و مشيته له به. و کذا يصف له ساير صفاته فالاثر بکل رتبة من نفسه يعرف شيئاً من ظهورات العالي و صفاته و جميع مراتبه اثر العالي مخلوق له الا ان کل رتبة منه آية لصفة من الصفات. و لنا هنا بيان دقيق و تحقيق رشيق فاستعد لفهمه ان کنت من اهله و ان فيه لذکري لمن کان له قلب او القي السمع و هو شهيد.
فمن کان ذافهم يشاهد ما قلنا و ان لميکن فهم فيأخذه عنا
اعلم ان الاثر او الشيء جميع مراتبه کرات مصمتة الظاهر و ان کانت في الحقيقة مجوفة بحرف العلة و هو ظهور المؤثر و لا صمد الا الذي لا موجد له و هو الله سبحانه و تلک المراتب و الکرات متداخلة تماس محدباتها في سطح واحد الا ان تلک الکرات ليست متشاکلة الاجزاء بل بعض کراتها اقوي عند المحدب و يضعف کلما يبعد عنه و بعض كراتها اقوي عند القطب و يضعف كلما يبعد عنه. و نمثل لک ذلک في کرتين حتي تعتبر بهما ماسويهما فافرض کرتين کرة نور و کرة ظلمة و هما متداخلتان تماس سطحاهما المحدب في سطح واحد. و کل جزء
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۷ *»
من النور يمازجه جزؤ من الظلمة امتزاج الماء و الخل الا ان کرة النور اقوي مراتبها ممايلي المحدب و يضعف شيئاً فشيئاً الي ان يکون غاية ضعفه عند القطب. و کرة الظلمة اقوي مراتبها عند القطب و تضعف شيئاً فشيئاً الي ان تبلغ المحدب فيکون غاية ضعفها عنده. و مثل هاتين الکرتين في التسطيح کالمثلثين المتداخلين هکذا@شکل مثلث نور و ظلمت ص132@ فقاعدة النور صفة محدب الکرة و رأسه عند القطب و قاعدة الظلمة عند القطب و رأسه عند المحدب و هذا الشکل صفة قوتهما و الا فهما کرتان متداخلتان متمازجتان کما وصفنا. فليس انه لايکون عند قاعدة النور ظلمة بل هي هناک موجودة الا انها ضعيفة و ظهورها و قوتها و کمالها عند القطب. و ليس انه لايکون عند قاعدة الظلمة نور الا انه موجود ضعيف و بروزه و قوته عند المحدب. و هکذا الامر في الشيء الذي ذکر ان له افلاکاً و هي مقام الفعل و ناراً و هي تأکيده و هواءً و هو اسم الفاعل و ماءً و هو اسم المفعول و تراباً و هو اسم المحل فجميعها کرات مصمتة متداخلة کلها ممازج لکلها الا ان الفعلية في الافلاک غالبة و ساير الصفات فيها خفية و التأکيدية في النار قوية و البواقي فيها ضعيفة و الفاعلية في الهواء قوية و البواقي فيه خفية ضعيفة و المفعولية في الماء غالبة و الباقية فيه ضعيفة و هکذا في التراب المحلية غالبة و ساير الصفات ضعيفة.
و مثال ذلک انا نقول ان المولود الکريم بجميع اجزائه مرکب من بخار مائي ودخان ناري و تراب يموثه الملک بينهما و الروح من تلک الاجزاء مرکبة من هذه الثلثة الا ان البخار فيها اغلب و حکمه فيها انفذ و النفس مرکب من هذه الثلثة الا ان الدخان فيها اغلب و حکمه فيها انفذ و التراب في الجسد اغلب و حکمه فيه انفذ و ان کان هو ايضاً مرکباً من
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۸ *»
الثلثة. فالبخار و الدخان و التراب کرات ثلثة متداخلة مصمتة تري في المنظر واحدةً و في المخبر ثلثاً و هذه الکرة الواحدة في المنظر اعلاها روح و فيه البخار اظهر و اوسطها نفس و فيها الدخان اظهر و اسفلها جسد و فيه التراب اظهر. فظهور بعض الصفات في بعض لايخرج الاجزاء عن ترکيبها و تکونها من الاصول الثلثة فليس انه ليس في الروح و النفس تراب اذا کان في الجسد اغلب و ليس انه ليس في الروح و الجسد دخان اذا کان في النفس اغلب و ليس انه ليس في الجسد بخار و دخان اذا کانا في الروح و النفس اغلب. فافهم ما ذکرته لک فانه باب يفتح منه الف باب. فاذا ليس لاحد انيقول لنا کيف صار مقام الفاعل في مقام الهواء و المفعول في الماء؟ فان سر الفاعلية في کل المراتب و سر المفعولية في کلها الا ان کل صفة تکون غالبة في موضع لايق بها فللکل فاعل و في الکل فعل و الکل مفعول. فافهم ان کنت تفهم.
فمنه الينا ما تلونا عليکم | و منا اليکم ما تلوتم به عنا | |
فما ثم الا ما ذکرناه فاعتمد | عليه و کن في الحال فيه کما کنا |
و لاقوة الا بالله العلي العظيم. فالعلة الفاعلية مقامها في الهواء لظهورها فيه لاغير لخفائها في غيره و المفعول و المعلول مقامه مقام الماء لظهوره فيه دون غيره لخفائه في غيره.
و اما العلة الغائية فهي کما ذکرنا هي المقدمة وجوداً و المؤخرة ظهوراً کماذکرنا فهي اول اذکار الشيء التي هي آية تعريف الحق سبحانه الذي به عرف نفسه لخلقه فهي حقيقتها في العوالم الفصلية مقامها مقام حقيقة ذلک العالم. ففي عالم الاجسام مقام العلة الغائية مقام الجسم المطلق فانه هو اول اذکار هذا العالم وجوداً و آخره ظهوراً الا تري انه بعد ما وجد الافلاک و العناصر و تنزل الجسم الي مقام التراب يأخذ بعده في الصعود فيتولد الجماد ثم يترقي الي المعدن ثم الي النبات ثم الي الحيوان ثم الي الانسان ثم يترقي الانسان في الطبايع ثم في الافلاک ثم في الکرسي ثم في العرش ثم يصل الي آخر ترقياته الي الجسم المطلق و يسير فيه الي ما لانهاية له و لاغاية. فآخر ما يظهر في الانسان الجسم المطلق و هو الاول
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵۹ *»
وجوداً و الاخر ظهوراً و هو ايضاً کماذکرنا سار في کل الاجزاء الا ان نهاية قوته و بروزه علي ما هو عليه في الجسم المطلق.
ولکن هيهنا شيء و هو ان الجسم المطلق لاطلاقه و تنزهه عن الحدود و القيود و الاوصاف و النعوت لايسمي بالعلة الا في رتبة النار لان الجسم المطلق مطلق عن القرانات الخاصة و الاذکار المخصوصة فهو منزه عن وصف العلية. و اما الافلاک فلان الغالب فيها جهة الفعلية و تنزهها عن کونها اول اذکار المفعول ليس يظهر فيها وصف العلية. و قد عرفت ان العلة متضايفة مع المعلول مقترنة معه. فحقيقة العلية للجسم المطلق و وصف العلية في النار کماکان حقيقة الفاعل هو العالي و وصفه بالفاعلية في مقام الهواء. فالنار اسم العلة الغائية دالة عليها حاکية لها و الهواء اسم العلة الفاعلية دال عليها حاک لها. فالافلاک حکت و وصفت العلة الغائية للعناصر بالنار کماحکت العلة الفاعلية لها بالهواء.
و اما العلة المادية فهي مادة الفاعل و قد حققنا ان مادة الشيء هي جهة جوهره و وجوده و رکنه القائم بنفسه المخلوق اولاً و بالذات و ابوه الذي خلق منه و جهة بساطته و وحدانيته و اول اذکاره و اول ما صدر من اجزائه من مبدئه و هي في العالم مقامها مقام الماء. و لذا روي انه اول ما خلق. و لذا صار مادة الحيوة و اب النبات بل الکائنات. و قد قال الله سبحانه و جعلنا من الماء کل شيء حي و قد عرفت ان العرب تدخل لفظة من علي مادة الشيء کماتقول صنعت الخاتم من فضة. فالماء مادة کل حي و کل ما خلق الله سبحانه حي لقوله سبحانه و ان من شسيء الا يسبح بحمده ولکن لاتفقهون تسبيحهم فرجع الي کل شيء ضمير العاقل الحي فالعلة المادية في عالم الشيء هي عنصره المائي. و اما افلاکه فهي ايدي الرب الفعلية في خلقته. و اما عنصر النار فهو آية الافلاک فيه و العلة الغائية في خلقته کما قال علي7 خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زکيها بالعلم و العمل فقد شابهت اوايل جواهر عللها فاذا اعتدل مزاجها و صح منهاجها و فارقت الاضداد فقد شارک بها السبع الشداد انتهي. و اما عنصر الهواء فکما ذکرنا هي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۰ *»
العلة الفاعلية في خلقته فبقي حيث المفعولية في الماء و التراب الباردين علي طبع المفعول الا ان الماء هو حيث المفعولية لرطوبته المطاوعة لفعل الفاعل و برودته التي هي من طباع المفعول و التراب حيث نفس المفعول قبل انيصير مفعولاً او مع قطع النظر عن المفعولية لاجل يبسه الغير المطاوع لفعل الفاعل. و لذا نقول ان المرأة من حيث نفسها باردة يابسة و من حيث التزوج و التبعل باردة رطبة لاجل انه لا انفعال الا في الرطب و لماکان المادة اطوع جهتي المفعول و اقرب رتبتيه الي المبدء و الطفهما و ابسطهما و ارقهما و اشبههما لمبادي العلل صار مزاجها علي طبع الماء و صار مادة المفعول حيث يصدق عليه المفعول و حيث الغالبه عليه حيث المفعولية و اما ما فوق ذلک فآثار المفعولية ضعيفة لاتتبين. و انت اذا ضبطت هذه القواعد التي اجريها الله علي قلمي لک انفتح لک ابواب من العلوم و الحکم باذن الله سبحانه و تستبصر امرک في کثير مما يرد عليک ولکن الشأن کل الشأن في فهم ذلک و لاقوة الا بالله العظيم.
و اما العلة الصورية فهي عن عالم الشيء في مقام عنصر التراب بارد يابس في غاية البعد عن المبدء و المخالفة لصفاته و في نهاية الکثرة و السواد و السکون و البرودة و اليبوسة و هي حيث المظهر فان الصورة مظهر المادة بها تقوم قيام ظهور و تحقق الصورة و قوامها بها. و هي مغرب انوار شمس الازل الثانية الطالعة من مطلع عرش الرحمن و فيها خمود الانوار و غروب الاشراقات من المنير الجبار. و هي منتهي النهايات و غاية الغايات و فيها تحد المادة و بها تتصف و تتميز. و هي مقام بطن الام للولد المکون فالشقي من شقي فيها و السعيد من سعد فيها و فيها و بجفافها جف القلم بما هو کائن و بجفافها استمحل تغيير ما بلغ اليها فانه ينتقش ما قدر فيها نقشاً لايقبل الانمحاء ابداً و اما قبل انيصل الامر اليها کان يقبل الانمحاء لسيلانها المطاوع القابل للتغيير و التبديل ففي کلها يحتمل البداء حتي يبلغ الامر الي التراب فلايقبل الانمحاء و ليس فيه بداء.
و ان قلت مقتضي القواعد و الحکم انيکون الماء هو مقام الذکر لانه المادة و الذکر حار يابس و التراب مقام الانثي لانه الصورة و الانثي بارد رطب
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۱ *»
فکيف قلت الماء البارد الرطب ذکر و هو ضد طبعه و التراب البارد اليابس انثي و هو يابس؟ قلت الماء و ان کان بارداً رطباً الا انه باطنه حار رطب الا تري انه طعمه طعم الحيوة و ريحه ريح الحيوة و يتولد منه الحيوة فهو ظاهره بارد رطب و باطنه حار رطب علي طبع الرجل المتزوج بعد التزويج فان الرجل قبل التزويج حار يابس فاذا تزوج صار حاراً رطباً فالماء ظاهره بارد رطب و هو شبح الزوجة الملقي عليه فلايري منه الا الشبح کما ان المرآة اذا قابلتها وجهک لايري فيها الا وجهک فيخفي حيث هي هي و يظهر منه حيث الشاخص فالماء قد خفي فيه حيث الحرارة و الرطوبة و بدا عليه حيث البرودة و الرطوبة لاجل الاقتران الا تري انه اسرع شيء استحالة الي الهواء الحار الرطب فيستحيل اليه بادني تدبير. و مثله في الفلسفي الماء ذو الوجهين فانه ظاهره بارد رطب و باطنه حار رطب و ظاهره ابيض و باطنه اصفر و يستعلم ذلک بانه اذا احمي صفحة فضة و اغمست فيه صبغها و مثله في المعادن الفضة فانها ظاهرها ابيض بارد رطب و باطنها اصفر حار رطب. و اما التراب فهو علي مزاج المرأة بارد يابس من حيث هو هو و اما بعد الامتزاج بالماء و صيرورته طيناً فينقلب الي البرودة و الرطوبة اذا انحل في الماء فيکون علي مزاج المرأة المتبعلة. فالتراب مقامه مقام الصورة اذا ترکب مع الماء لا من حيث نفسه. فانا قد بينا ان المادة و الصورة متضايفتان و المادة مادة بعد الاقتران و الصورة صورة بعد الاقتران. فالتراب و ان کان يابساً الا انه بعد الاقتران و الترکيب يلين و يترطب. فافهم هذه الحکم الدقيقة و اين هذه العلل من الذات القديمة جل شأنها و هي لاتليق بمقام المشية و مقام آياتها فضلاً عن الذات الازلية. و هذا الذي ذکرت لک هو في مقام الظاهر الطبيعي في الشيء.
و ان شئت مقام الباطن کمااظن ان سؤالک عنه فاستعد لفهم ما اقول و لاقوة الا بالله العلي العظيم. اعلم انه لابد هنا من بيان مقدمة يجب الاشارة اليها و هي دقيقة جداً و هي ان ما ذکرنا من تحقيق ظاهر الحال فهو علي حسب العوالم الفصلية و الظواهر الطبيعية. و اما في العوالم الوصلية فالامر ادق من ذلک و اخفي و لايبلغ الانسان حد المعرفة حتي يعرفه کماقال ابوعبدالله7 في
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۲ *»
حديث فاذا کان تأييد عقله من النور کان عالماً حافظاً ذاکراً فطناً فهماً فعلم بذلک کيف و لم و حيث و عرف من نصحه و من غشه فاذا عرف ذلک عرف مجراه و موصوله و مفصوله الخبر. فاعلم انک اذا قابلت مرآة و انطبع فيها شبحک يکون الشبح الذي في المرآة اثرک و ظهورک و انت المؤثر له و الظاهر به و ليس الا انت و ظهورک کماقال الرضا7 حق و خلق لاثالث بينهما و لاثالث غيرهما اما انت فانت کماتري لاتدخل المرآة بکلک و لا ببعضک انت علي ما انت عليه في مکانک و حدک ليس ينفصل عنک شيء يدخل في المرآة و لاتحتاج في القاء الشبح فيها الي نطق بعد سکوت و لاحرکة بعد سکون و انت تتجلي للشبح به و. هو ظهورک و ظاهرک اذ ظهرت به له لا بغيره و ليس بينک و بينه واسطة و هو اول ما صدر منک بلاکيف فهو فعلک و مفعولک اذا وجدته بنفسه. و هو صفتک الفاعل اي الظاهر اذ الظهور في حده و الظاهر ليس الا هو و انت الباطن المتصف في حده بالظهور فانت ظاهر به في عالمه و حده به فهو فعلک ظهر و ظاهرک و ظهورک. و هو من حيث نفسه مظهرک الحقيقي لان المرآة مظهر عرضي کماحققناه في محله و هو مفعولک الذي اوجدته و هو علي ما تري له مادة و هي حيث صدوره منک و له صورة من حيث نفسه. و ليس جميع ذلک الا شبح واحد و شيء واحد فان جميع الصيغ التي تصاغ من الظاء و الهاء و الراء في عالمه و هو عالم واحد و رتبة واحدة. فاذا نظرت في الشيء الواحد لاتجد جميع ذلک الا شيئاً واحداً و انما تختلف الاسماء باختلاف الانظار و بحسب لغات عالم الفصل و الا ففي الشيء الواحد يتحد جميعها بلاامتياز و انما تعددت و تکثرت في عوالم الکثرة عند الاحکام الثانوية النفس الامرية الحاصلة من الکثرة فان البعد عن المبدء عند الکثرة اقتضي الکثرة و الکثرة اقتضت التمايز و التمايز اقتضي اختلاف الصور و نظم الحکمة اقتضي مطابقة الکثرة مع کثرتها مع الحيوث الاعتبارية في الوحدة فحصل عال و سافل و لطيف و کثيف و متحرک و ساکن و غيب و شهادة و حاد و محدود و جوهر و عرض و وضيع و شريف و بسيط و مرکب و فعل و فاعل و مفعول و مادة و صورة و اول و آخر و مبدء و منتهي و مؤثر و اثر و مکمل و مستکمل و طباع و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۳ *»
اسباب و علل و غير ذلک ممايري و ما لايري و ما نري و لاتري. و اما اذا نظرت الي الشيء الواحد من حيث الوحدة في عالم الاتصال بنظر اهل الوصال فتتحد جميع العلل الاربع.
و مهما استشکلت شيئاً من ذلک فانظر الي ما مثلنا لک في امر ظهورک في المرآة و انظر الي نفس الظهور هل هو الا شبح واحد و شيء واحد و تدبر فيه کيف استجمع فيه جميع العلل في حقيقة واحدة. و يکشف عماذکرنا لک ما قاله الرضا7 في جواب عمران حيث قال عمران يا سيدي اليس قد کان ساکتاً قبل الخلق لاينطق ثم نطق. قال الرضا عليه السلام لايکون السکوت الا عن نطق قبله و المثل في ذلک انه لايقال للسراج هو ساکت لاينطق و لايقال ان السراج ليضيء فيما يريد انيفعل بنا لان الضوء من السراج ليس بفعل منه و لا کون و انما هو ليس شيء غيره فلما استضاء لنا قلنا قد اضاء لنا حتي استضأنا به فبهذا تستبصر امرک الخبر. فالضوء من السراج کالشبح من وجهک فکما ان الضوء من السراج ليس بفعل منه و لا کون و لمااستضاء لنا قلنا قد اضاء لنا کذلک الشبح من وجهک ليس بفعل بين وجهک و ظهورک الذي هو ذلک الشبح و لا بکون يؤخذ منه مادته و انما هو نفس تجليک فاذا تجليت له به قلنا قد ظهرت له به و هو فعلک و فاعليتک و مفعولک بمادته و صورته ليس شيء غيره. و کذلک تقدير العزيز العليم في کل شيء ماتري في خلق الرحمن من تفاوت. فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر کرتين ينقلب اليک البصر خاسئا و هو حسير.
فاذا عرفت هذه المقدمة السديدة القريبة البعيدة فاعلم ان الله سبحانه کان في قدس کماله و عز جلاله و لا شيء معه لا معلوم و لا مجهول و لا مثبت و لا منفي و لا کون و لا امکان و لا ذکر لشيء موجود او معدوم و الاحد من هو هکذا و لا هکذا غيره و من زعم غير ذلک فقد الحد في توحيده و زاغ عما نزل في کتابه جل قدسه. و اول ما بدا من تجلياته و ظهوراته و صفاته و اسمائه هو محمد9 بنص الکتاب و السنة و اجماع الشيعة و العامة من غير نکير بينهم لانه اشرف الموجودات و سيد الکائنات ببداهة الاسلام. و علي قاعدة امکان
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۴ *»
الاشرف يجب انيکون اشرف الکائنات اقربها الي الله سبحانه.
ثم انه سبحانه خلق من شعاعه و نوره جميع ماسواه کما هو مروي في اخبار الشيعة في المتواترة و في اخبار العامة في المتضافرة و لايشک في ذلک شاک و لو اراد امرء انيأتي لهذا المطلب خمسمائة حديث امکنه و اي مسألة من الفرايض و السنن فيه خمسمائة حديث و ان لميومن الشيعي بخمسمائة حديث من ائمته فبأي شيء يؤمن بعد ذلک؟ فاذا ليس ملک الله سبحانه و في ملکه الا محمد9 و شعاعه و نوره.
و لعلک قد عرفت ان وجود الشعاع من کمال المنير و ان النور صفة المنير و ظهوره و اسمه و لايلحظ مع المنير ابداً في ذکر و لا احساس الا تري ان احداً لايقول ان في الدار سراجاً و ضوئه او طلع الشمس و نورها فان النور صفة المنير و المنير منير بنوره و نوره کماله و هو لايکون ابداً ناقصاً بل هو کامل بلانهاية لانه اول تجلي الرب سبحانه و ظهوره و نوره و کماله و صفته و اسمه و اول شيء يضاف اليه فلانهاية لکماله و لاغاية لجماله و هو بمقتضي الذات غيبت الصفات قد غيب جميع تلک الايات و بمقتضي انطواء جميع الکثرات الآثارية تحت احدية المؤثر کلها منطوية تحت احديته فليس في الدار غيره ديار. في الرجبي القائمي7 بهم ملأت سماءک و ارضک حتي ظهر ان لا اله الا انت و في العرفي الحسيني7 أيکون لغيرک من الظهور ما ليس لک حتي يکون هو المظهر لک و في الدعاء ما معناه ليس فيها نور الا نورک و ليس فيها صوت الا صوتک.
فاذا عرفت ذلک و ضممت اليه المقدمة السديدة السابقة عرفت انهم سلاماللهعليهم هم العلة الفاعلية و الغائية و المادية و الصورية بلااشکال و لاتوقف. و من زعم غير ذلک فقد الحد في توحيده سبحانه و تعالي الله عمايقول الظالمون علواً کبيراً. فهم العلة الفاعلية في خلق الخلق اذ الفاعلية صفة لله سبحانه. و قد قال علي7 کمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة کل صفة انها غير الموصوف و شهادة کل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع عن الازل. و کذلک هم العلة الغائية لان غاية
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۵ *»
خلقة الصفة ظهور الموصوف و جميع ماسويهم نورهم و شعاعهم و صفاتهم و اسماؤهم کما قيل «ليس الا الله و صفاته و اسماؤه» و غاية ايجادها ظهورهم قال الله سبحانه کنت کنزاً مخفياً فاحببت اناعرف فخلقت الخلق لکي اعرف و لايعرف الله الا بهم کما في الزيارة من عرفهم فقد عرف الله و من جهلهم فقدجهل الله و روي بنا عرف الله و لولانا ماعرف الله و روي نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا. و کذلک هم العلة المادية فان الله سبحانه خلق ماسويهم من شعاعهم. و شعاعهم و نورهم مادة جميع ماسويهم فقد قال الصادق7 ان الله خلق المؤمن من نوره و صبغهم في رحمته و في الدعاء اللهم ان شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا. فهم العلة المادية للخلق من حيث الظهور بالمادية. و لذا روي انا و علي ابوا هذه الامة. و قد عرفت سابقا انهم: سموا المادة بالاب و الصورة بالام. و کذلک هم العلة الصورية فان صبغ ما سويهم في رحمة الله سبحانه و هم رحمة الله الواسعة و جميع الخلق مصورون بصورة الولاية مصبوغون بصبغ الرحمة.
و ان قلت بعض ما استدللت به من الاخبار مخصوص بالمؤمنين و الشيعة و هو اخص من المدعي. قلت «و نحن بواد و العذول بوادي»@ فانه في عرصة يکون کلامنا فيه ليس الا المؤمنون قال الله سبحانه و ان من شيء الا يسبح بحمده و لله يسجد ما في السموات و ما في الارض و في الدعاء سبحان من دانت له السموات و الارض بالعبودية الدعاء و في الدعاء ليس فيها نور الا نورک فجميع الاخبار واردة هناک کمايرد في الظاهر بالمعاني الظاهرة. فهم سبب خلق الخلق کما ورد في الخبر. و السبب اعم من الفاعلي و الغائي و المادي و الصوري فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم. و لعلک قد عرفت مما کررنا و رددنا القول فيه ان کونهم العلة الفاعلية لايلزم منه انيکون حقيقتهم کنه الذات القديمة فان الاسم الفاعل ليس بذات المسمي بالفاعل بلاشک الا تري ان کلمة الضارب اسم الفاعل و الفاعل المسمي بهذا الاسم هو زيد و ذات زيد هي غير کلمة الضارب و ان الضارب اسم لها و هو
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۶ *»
الفاعل الحق بفعله لا بذاته و اسمه الضارب لا ذاته. فکذلک الحقيقة المحمدية هي اسم الله سبحانه و هي بمنزلة الاسم الفاعل و ان کان کوناً و الاسم غير المسمي قل الله خالق کل شيء و قال سبحانه الله الذي خلقکم ثم رزقکم ثم يميتکم ثم يحييکم و کلمة الضارب لاتضرب و انما الضارب هو الذات بفعله و ضربه و اسمه کلمة الضارب. و المراد بالعلة الفاعلية اسم الفاعل لا ذاته المسماة به و من يحکي منا غير ذلک لميدخل بلدنا و لميجلس علي مائدتنا و لميأکل من زادنا و انما افتري علينا بظنه و
هذا اعتقادي فيه قد ابديته | فليقبل العذال او فليمنعوا |
و نحن لانقول بانهم خالقون او رازقون ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء ممايجرمون بل اعتقادنا ان الله سبحانه هو الخالق الرازق المحيي المميت بمشيته و ارادته و قضانه و قدره و اذنه و اجله و کتابه فمن کان يزعم انه يقدر علي نقض واحدة فقد اشرک. نعم نقول ان مقامهم في الملک عند الله سبحانه مقام الاسم و الصفة و هم اسم الله و صفته و الافعال صادرة عن المسمي لا الاسماء الا تري انها مشتقة من المصدر و المصدر مشتق من الفعل و الفعل فعل الله سبحانه فمقام الاسماء تحت الفعل فکيف يصدر الفعل عنهم. هذا اعتقادنا ولکن القوم يا اخي قد اولعوا في الکذب علينا و النسبة الينا ما نحن منه براء لينتقصوا بنا عند اعدائنا و يطفئوا به نور الله سبحانه و الله متم نوره و لو کره المشرکون. و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل فافهم.
قال سلمه الله تعالي: ما العلة في ترک الحسين7 ابنة منه في المدينة و عدم حملها مع ساير اهل بيته؟
اقول: ان لاعمالهم سلاماللهعليهم عللاً عديدةً يحار فيها العقل و لذلک ايضاً علل کثيرة منها ما نعرفه و منها ما يخفي علينا. فمن تلک الجهات انه قد بلغ اهل البيت: انواع المصائب و المحن کماشاؤا و ارادوا الا مفارقة الاحبة الغائبين. فانهم کلهم کانوا معاً يشهد بعضهم بعضاًَ و يتسلي بعضهم ببعض فابقي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۷ *»
فاطمة في المدينة حتي تبتلي بمفارقة الاب و الام و الاخ و الاخت و العم و العمة و غيرهم و يصيبها هذه المصيبة ايضاً و يصيب اهل البيت المسافرين مصيبة مفارقة الحبيب فکل واحد منهم مع محنه التي اصابته يکون له محنة مفارقة الحبيب. فمنهم من يحزن بمفارقة ابنته. و منهم من يحزن بمفارقة اخته و غير ذلک. و جهة اخري ان بوجودها في المدينة ظهرت آية و علامة و لولاها لميناسب غيرها تلک الاية و هي ما روي عن المفضل بن عمر الجعفي عن الصادق7 عن ابيه عن علي بن الحسين: قال لماقتل الحسين بن علي8 جاء غراب فوقع في دمه ثم تمرغ ثم طار فوقع بالمدينة علي جدار فاطمة بنت الحسين بن علي8 و هي الصغري فرفعت رأسها فنظرت اليه فبکت بکاء شديداً و انشأت تقول:
نعب الغراب فقلتمن |
تنعاه ويلک يا غراب | |
قال الامام فقلت من |
قال الموفق للصواب |
|
ان الحسين بکربلا |
بين الاسنة والضراب |
|
فابکي الحسين بعبرة |
ترجي الاله معالثواب |
|
قلت الحسين فقال لي |
حقاً لقد سکن التراب |
|
ثم استقل به الجناح |
فلميطق رد الجواب |
|
فبکيت مما حل بي |
بعد الدعاء المستجاب |
الخبر. فهذه علامة ظاهرة و آية باهرة ظهرت بواسطة کونها في المدينة و هذه معجزة ظاهرة فيها ظهور بعض مقام الحسين7 و خزي اعدائه حيث اثر مصابه في الطيور و نعته الي اهله. و جهة اخري ان وجودها في المدينة کان سبب قيام ماتم للناس يجتمعون اليها و يقيمون الماتم و يبکونه صلواتاللهعليه ويعزونها قبل مجيء الاخبار الانسية و بعدها فيکون بذلک اشتهار الامر اکثر و ظهور مظلومية الحسين و کفر قتلته اوضح. الي غير ذلک من الجهات يجدها من
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۸ *»
تدبر بحسب قابليته و فهمه.
قال سلمه الله: ما السبب في اختلاف مدة حمل الانسان و ساير الحيوانات؟
اقول: اعلم ان المولدات تختلف تراکيبها من شدة الترکيب و رخاوته و شدة نضج اخلاطها و ضعفها و لطافتها و کثافتها و اعتدالها و انحرافها و صفائها و کدورتها و تشاکل اجزائها و تخالفها و غير ذلک من الصفات. و من البين ان قلة النضج لاتحتاج الي مدة کثيرة و کثرتها تبتغي مدة کثيرة. و کذلک تشاکل الاجزاء يحتاج الي تدبير ازيد و تخالفها لايبتغي ذلک و کذلک في ساير الصفات. فماکان من المولدات ارخي ترکيباً و اقل نضجاً و اکثف و اشد انحرافاً و اکدر و اقل تشاکلاً في الاجزاء يکون مدة تکونه اقصر و ماکان بخلاف ذلک يکون علي حسبه. و کذلک ما کان من القسم الاول يکون اقل بقاء لسرعة انفعاله و تفککه بورود المفسدات المضادات للکون. و ماکان من القسم الثاني يکون اطول بقاء في الدنيا لقلة انفعاله بشدة ترکيبه و قربه من الاعتدال المشاکل للواحدانية الممتنعة عن الفساد. و ذلک سر من اسرار آلمحمد: لاينبغي افشاؤه اکثر من ذلک. فلذلک اختلف مدد تکون انواع الجمادات و مدد تکون انواع النباتات و مدد تکون انواع الحيوانات بل و مدد تکون اشخاص الانسان و ذلک انه لايتکون شيءالا في ستة اطوار و هي النطفة و العلقة و المضغة و العظام و اکساء اللحم و في هذه الخمسة اطوار تتم مراتب القابلية و تصلح لانتنشأ خلقاً آخر اي ينفح@ فيها الروح و ذلک انه قد حققنا في الحکمة الآلهية و الهرمسية ان الشيء لايتکون الا و انتتم مراتب قابليته حتي يصلح للمقبول الوارد عليه و مراتب القابلية لاتتم الا و انتصلح ظاهرها و طبعها و نفسها فاذا صلحت بمراتبه الثلث صارت قابلة للروحانية. فظاهرها مقامها الجمادي و طبعها مقامها النباتي و نفسها مقامها الحيواني. فالنطفة في کل شيء بحسبه مقام الظاهر و جماديته و العلقة مقام البرزخ بين الجمادية و النباتية و هي مقام المعدنية و المضغة مقام النباتية و العظام مقام البرزخ بين النباتية و الحيوانية و اللحم مقام الحيوانية فان اللحم تنزل الحيوة في عالم الاجسام. فاذا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶۹ *»
صلح ظاهره و طبعه و نفسه صلح لانينشأ خلقاً آخر و ينفح@ فيه الروح فيصير حياً بالحيوة الظاهرة المعروفة و تختلف مدد تکون هذه المراتب في المکونات لما قلنا و حد الاعتدال في مددها علي ما سأذکره في الانسان. فاذا کان اخلاط هذه المراتب صافيةً معتدلةً ناضجةً مشاکلةً صالحةً طالت مدته الي حد الاعتدال فان کان فيه افراط او تفريط انتقصت و زادت علي حسبه. و لنذکر اولاً کيفية تولد الانسان و انقلابه في الحالات من النطفة الي کماله و خروجه حتي تقيس عليه غيره و تعتبر عنه بحال غيره.
اعلم ان مادة الجنين الظاهرة من منيّ الانثي و منيّ الرجل بمنزلة الانفحة في اللبن فيعقده برايحته التي هي تنزل الروح الکامنة فيه النازلة من شجرة المزن او الصاعدة من شجرة الزقوم کماحققناه في محله. و اما دم الطمث فهو غذاء و مدد لتلک النطفة ينجذب اليها بالقوة الجاذبة التي فيها و ينهضم فيها بالقوة الهاضمة و يندفع عنه غير المشاکل بالقوة الدافعة فيبقي في المشيمة و يبقي الي انيتصرف فيه القوي بالقوة الماسکة ثم يستحيل الي مشاکلة النطفة بالقوة المغيرة التي فيها. ثم يصير غذاء لها بالقوة الغاذية التي فيه. فتنمو و تربو بالقوة النامية التي فيها فتنمو من جميع اقطارها علي حسب ما يليق به فتنمو شيئاً فشيئاً الي انتبلغ حد الکمال و تتغير صورتها في کل وقت علي حسب ما يحدث لها من الطبايع و المقتضيات و الکميات و الکيفيات. و الدليل علي ان الولد من نطفة المرأة و ان نطفة الرجل عاقدة ان في شهر زنان تولد النسوة اللاتي فيه من غير فحولة. و انما يستعملن غصن شجرة في بلادهن له رايحة کرايحة المني مني الرجل فيحبلن و يلدن اناثاً. و من هذا الباب ما تبيض الدجاج من غير ديک و کذا غيرها من ساير اصناف الحيوان. بل و من هذا الباب تولد عيسي علي نبينا و آله و عليه السلام من غير اب فان جبرئيل نفخ في جيبها او فمها علي اختلاف الروايتين بريح رايحتها کرايحة المني بعد ما اجري نطفتها في رحمها فحبلت من غير فحولة.
و اما ما روي «ان في الولد اربعة اشياء من ماء ابيه و هي العظم و المخ و العصب و العروق و اربعة من ماء امه و هي اللحم و الدم و الجلد و الشعر و ستة من الله و هي الحواس الخمس و النفس
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۰ *»
الحيوانية» فالمراد بذلک ان نطفة الاب هي حاملة المادة النازلة من شجرة المزن او الزقوم اليها و نطفة الام هي حاملة الصورة النازلة اليها من اوراق تينک الشجرتين. و تلک المادة و الصورة هما اصل النطفة و البدن الاصلي للولد يترکب منهما. فاذا اختلطت النطفتان هنا في الظاهر في الرحم ادت نطفة الرجل تلک المادة التي فيها الي نطفة المرأة فصورتها هي في بطنها فاذا تولد البدن من بينهما يکون ما يشاکل المادة التي هي اعظم الرکنين و اصلهما من الاعضاء الصلبة القوية و الشريفة التي بها قوام البدن. و تکون اصل الاعضاء يحکي المادة في عالم الاعضاء فهي من نطفة الرجل حاملة للبدن لا بمعني انه من نفس نطفة الرجل فان خلقة الاعضاء الظاهرة من نطفة المرأة بل بمعني ان الغالب عليها جهة نطفة الرجل و طبعها. و ماکان من الاعضاء مقامها مقام الصورة في عالم الاعضاء تکون حاکية لنطفة المرأة بمعني ان الغالب عليها طبع نطفة المرأة. و ماکان من الاعضاء الغالب عليها صفة الافلاک التي هي جهة الرب فهي حاکية لها و منسوبة الي الله سبحانه مع انها ايضاً مرکبة من النطفتين. فالمخ و العظم و العصب و العروق الخفية الباطنة في الاعضاء التي بناء البدن عليها من قبل الاب. و اما اللحم و الدم و الجلد و الشعر التي مقامها مقام الصورة و تکسو العظام و الاعصاب و العروق من قبل الام. و الحواس المدرکة و الحيوة من الله سبحانه لماعرفت. فان الشعور ليست من قبل السفليات و انما هي بغلبة الامداد السماوية. فالبدن الظاهر العرضي يخلق من نفس نطفة المرأة و رايحة مني الرجل و النطفة الاصلية في غيبهما و هي ايضاً بمادتها و صورتها في کلتي النطفتين الا انها من حيث المادة في نطفة الرجل اظهر و من حيث الصورة في نطفة المرأة اظهر لانها في غيب هذا العالم و لااختصاص لها بموضع دون موضع الا ان المواضع المناسبة تحکيها علي حسبها. و لذا ظهرت مادة تلک النسوة اللاتي في شهر زنان من رايحة غصن تلک الشجرة و مادة عيسي7 من نفخ جبرئيل7 کماعرفت. فافهم هذه الدقايق الشريفة فانها من عيون الحکمة الصافية تجري بامر الله سبحانه.
فاذا علمت ذلک فاعلم ان الله سبحانه جعل طبع الرحم مشتاقاً الي المني
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۱ *»
جذاباً له ضنيناً به. فاذا اندفع المني اليه بالقوة الدافعة من الرجل اعانتها القوة الجاذبة من الرحم فمصها من القضيب فيمر المني في فضاء الرحم و ينبث فيه في مقعره لاشتياق کل جزء منه اليه. و کذلک ينصب مني المرأة فيه و يختلط مع مني الرجل فيغلظه قليلاً لان مني الرجل حار يابس غليظ و مني المرأة بارد رطب رقيق فيغلظه باختلاطه و يعينه علي انبساطه في مقعر الرحم و يعدله. و قد خالفنا الاطباء في هذه المسألة فانهم يرون ان الولد من النطفتين جميعاً. و هو اشتباه منهم فان الله سبحانه يقول و من الماء کل شيء حي فجعل مادة الشيء الماء و الماء بارد رطب و هو مزاج مني المرأة. و اثبتنا في الفلسفي ان مادة الاشياء من البخار البارد الرطب و ان الدخان عاقد و صورة و يشهد لنا تولد نسوة شهرزنان. فلو کان الولد منهما جميعاً لماتولد منهن شيء. فالحق ان خلقة بدن الولد من نطفة المرأة و هي مادته و نطفة الرجل عاقدة مصورة لها برايحتها. فباطن مادة البدن من الرجل و باطن صورته من المرآة و ظاهر صورته من الرجل و ظاهر مادته من المرأة کما ان في الفلسفي من اول الامر الماء ذکر و الارض انثي الي انيزول ريش الغراب فاذا زال صار الارض ذکراً و الماء انثي و ليس هيهنا موضع ازيد من ذلک فافهم ان کنت تفهم.
فاذا انبسط مني المرأة في مقعر الرحم ينتضج المني المتلطخ بباطن الرحم بسبب الحرارة التي في جرمها فينعقد کغشاء ابيض رقيق بسهولة و سرعة. ثم ينفصل الغشاء عن جميع مواضع الرحم الملساء و يبقي ملتزقاً بالمواضع الخشنة التي فيه و اعدت لذلک و هي المعروفة بالنقر. فيصير ذلک الغشاء مع ما فيه من بقايا المني کالبيضة التي لميصلب قشرها و بعض مواضع هذه البيضة ملتزق بالنقر. و في تلک النقر افواه عروق کان ينصب منها دم الطمث في الرحم و شرايين@شرائين؟ يجري منها الروح اليه فيجري من تلک العروق و الشرايين الدم فينفذ في جرم ذلک الغشاء قبل انيصلب. و بذلک يحدث في ذلک الغشاء مجار للدم و لايزال يجري الدم بجذب النطفة و تتسع المجاري و تغلظ و يصلب ذلک الغشاء شيئاً بعد شيء و ينفذ منه الدم الي المني الذي في جوفه فيحدث فيه افواه عروق يجري منها الدم الي المني الذي في جوفه فتتصل العروق بفم العروق التي في النقر و الشرائين بالشرائين
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۲ *»
التي فيه ثم الاوردة تجتمع و تتصل بعضها ببعض و يلتئم منها وريدان و کذلک الشرائين تجتمع و تلتئم منها شريانان و تجتمع الاربعة في موضع السرة اي سرة الجنين فاذا جاوزتها اجتمع الوريدان فصارا وريداً واحداً و الشريانان صارا شرياناً واحداً. و هذا الغشاء المذکور يسمي بالمشيمة و قد يتولد من داخل المشيمة علي الجنين غشاءان الاول و هو المسمي باللفايفي و يسمي بالسفاء و هو من داخل المشيمة. و هذا الغشاء يحدث في الشهر الثاني لقبول بول الجنين حتي لايؤذي جسده و بوله يخرج من سرته لان مخرج احليله معد لما بعد الولادة. و الثاني و هو المسمي بالسلاء و ذلک لحفظ بشرة الجنين من الابخرة التي هي فيه بمنزلة العرق للاکابر و قبولها و يحدثان من فضول الاغذية التي تجري للجنين و لايحتاج في الشهرين الاولين الي غذاء کثير فيحدث منها الاغشية.
و اما المني الذي کان في جوف المشيمة اولاً فيحدث فيه نفاخات من حرارته و حرارة الدم الواصل اليه فيحدث في المني تجويف و يحدث فيه بخار کثير و يغلظ ظاهر المني بواسطة حرارة الرحم فينحبس فيه تلک الابخرة فلاتقدر علي الخروج و تغوص في اقعار المني و يجري من ذلک الوريد و الشريان اللذين ذکرناهما الدم فيملأو جوفه. ثم ان القوة المصورة التي جعلها الله في الملکين الخلاقين الموکلين بالدم و المني تصور الاعضاء فتحدث مما فيه المني اغلب الاعضاء البيض کالدماغ و العظام و الغضاريف و الاغشية و الرباطات و العروق و الشرائين. و من الدم الاعضاء الحمر الا ان القلب من الدم الشرياني و ساير الاعضاء الحمر من الدم الوريدي. و هذا الذي ذکرنا ان المخ و العظم و العصب و العروق من جهة الاب فان مني الرجل ابيض غليظ صالح للاعضاء البيض الصلاب يغير بعض نطفة المرأة الي شکله فيحدث منه الاعضاء البيض. و ان الدم و اللحم و الشعر و الجلد من مني المرأة فانه اصفر رقيق يشاکل الدم و يشارکه في الاعضاء. و ذلک هو المروي عن النبي9 ان ماء الرجل ابيض و ماء المرأة اصفر و کذلک هو عند اهل الفن. فاصول الاعضاء حادثة من هذه الثلثة فالدماغ من المني و القلب من الدم الشرياني و الکبد من الدم الوريدي .
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۳ *»
و اختلف الاطباء في اول متکون من الاعضاء. فمنهم من قال انه القلب لانه مبدؤ الحيوة و تکونها من البخار الحادث في جوف النطفة. و منهم من قال انه الکبد لانه اول ما يجري منه الدم الي القلب. و منهم من قال بتکون الدماغ قبل القلب لانه من المادة الرطبة و هي اسبق من مادة القلب اليابسة. و الذي يقتضيه الادلة الحکمية و نظم الملک و عدم التفاوت في الخلق انيتکون اولاً السرة التي هي مجري الدم الي النطفة. ثم يتکون الکبد الذي هو وعاؤه ثم يتکون القلب الذي هو محل الحيوة ثم يتکون الدماغ الذي هو وعاء الحس و الحرکة. و الاشارة الي ذلک ان النطفة من حين سقوطها يأخذ في قوس الصعود و الترقي فما لمتتجاوز الادني لمتبلغ الاعلي و کل اول في الوجود ينبغي انيکون آخراً في الظهور فما لمتقطع الرتبة الجمادية لمتصل الي النباتية و ما لمتقطعها لمتصل الي الحيوانية و ما لمتقطعها لمتصل الي النفسانية. فاول ما يحدث من اعضائه ينبغي انيکون العضو الجمادي واصله له السرة التي هي بمنزلة المجري اليه و له. ثم الکبد الذي هو حامل الروح الطبيعي النباتي. ثم القلب الذي هو محل الروح الحيوانية. ثم الدماغ الذي هو محل الروح النفسانية. و هکذا تقتضي الطبيعة ايضاً فان اول ما يحدث منه العرقان و الشريانان النافذان من المشيمة الي النطفة و من التيامهما و اجتماعهما و انعقاد النطفة عليهما بسبب حرارة الدم و الروح التي في جوفهما تحدث السرة. ثم اذا انصب الدم في تلک الفضوة الحادثة و انعقد بالحرارة صار کبداً فان الکبد ليس الا دم منعقد و بسبب الابخرة التي في جوف ذلک ينعقد متخلخلاً فيه فضوات و خلل فتجري فيه الدم و يبقي فيه عکرة و اجزاؤه الغليظة و يخرج صافيه الي موضع القلب فيتبخر کالدخان الحاصل من الدهن فيحدث هناک فضوة في الدم الشرياني الموجود هناک و ينعقد ذلک الدم حوله بحرارته فيحدث منه القلب فيتعلق نار الروح من الام من الشريانات النافذة اليه فيشتعل في ذلک الدخان اي البخار الرقيق فيحيي کالشعلة. فتنفذ الي موضع الدماغ في المني فيحدث هناک تجويفاً و يعقد بحرارته المني حوله فتتصور الدماغ و کل بخار له شکل علي حسب طبعه و ينعقد حوله الدم او النطفة علي حسب شکله فهکذا يحدث الاعضاء الرئيسة في البدن.
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۴ *»
ثم بعد ذلک يتفرع علي هذه الاصول الثلثة فروع فيتفرع من الکبد العروق غير الضوارب تنبث في النطفة و من القلب الشرائين و تنبث في ساير النطفة و من الدماغ الاعصاب و النخاع. ثم بعد ذلک يتصور لهذه الاصول و الفروع جنن فيحدث من المني القحف ليکون حصناً للدماغ و الفقار لتکون وقايةً للنخاع و اضلاع الصدر لتکون حصاراً للقلب و اضلاع الخلف لتکون حفظاً للکبد. ثم بعد ذلک يحدث خدم هذه الاعضاء کالمعدة و الطحال و المرارة و الکليتان و المثانة للکبد و آلات التنفس للقلب و آلات الحس للدماغ. ثم بعد ذلک الاعضاء الآلية کاليدين و الرجلين و امثالها. فاذا تمت الصورة بدأ بالحرکة و ظهرت منه.
فله من اول تکونه الي تمامه ست حالات: الاولي حالة النطفة و هي اول وقوعه في الرحم و لمايجري الدم اليه و الثانية حالة العلقة و هي بعد ما انتفخ جوفه و ملاء دماً و الثالثة حالة المضغة و هي بعد انعقاد الدم الذي في جوفه علي هيئة الکبد و القلب و الدماغ و ساير ما يتصل بها و يجري مجريها و الرابعة حالة العظام و هي بعد ما يتکون القحف و الفقرات و الاضلاع کما بينا و ذکرنا و الخامسة اللحم و هي بعد ما يحشي الله سبحانه المواضع الخالية منه باللحم و يکسي العظام باللحم و الجلد و تتم صورته و السادسة حين يشتعل في الابخرة الحادثة في جوفه الروح الحساسة المتحرکة فتتحرک منه کل عضو و شريان و عصب علي حسبه. و الجنين في جميع هذه الاحوال حي الا ان حيوته في حال النطفة حيوة جمادية لکمون الروح في باطنها و في العلقة برزخية لتوسطها و في المضغة نباتية لظهور حرکة طبيعية من الروح ما يتحرک به الجسد الظاهر علي حسبه و في العظام برزخية لتوسطه و في اللحم حيوانية و نعني به صرف الحيوة لا الحس و الارادة. و في الخلق الآخر نفسانية حساسة مريدة فتتحرک بالارادة الضعيفة التي لها و تحس الآلام و الاوجاع فافهم.
و اما مدة تکون کل مرتبة علي حسب تجارب المجربين فمختلفة علي حسب اختلاف الامزجة فمدة بقاء النطفة علي ما قيل علي حالها النطفية و هي المسمي بالزبدية ستة ايام و قد يکون سبعة ايام و في هذه المدة يتصرف قوي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۵ *»
المني فيه من غير امداد من الرحم. ثم بعد ثلثة ايام يحدث فيه الخطوط الحمر و النقط الحمر بواسطة ترشح الدم اليه من افواه عروق الرحم فيکون ذلک تسعة ايام علي الاول و عشرة علي الثاني. ثم بعد ستة ايام يکون علقة فيکون الخامسةعشرة علي الاول او السادسةعشرة علي الثاني. ثم بعد اثنيعشر يوماً يکون مضغةً و يتميز فيه الاعضاء الرئيسة و يتنحي بعضها عن بعض و قد يکون بعد تسعة ايام او عشرة ايام او احدعشر يوماً فيکون اربع و عشرون يوماً او خمسة و عشرون او ستة و عشرون او سبعة و عشرون يوماً او ثمانية و عشرون يوماً. ثم بعد تسعة ايام او اقل منها بقليل يکون عظاماً و ينفصل الاعضاء بعضها عن بعض. ثم بعد اربعة ايام يتم خلقه فادني مدة التمام شهر و اکثره خمسة و اربعون. و قد جرت التجارب بان ماکان مدة تمام الصورة يکون حرکته في ضعفها و تولده في ثلثة امثال مدة الحرکة. مثلاً اذا تم في شهر يتحرک في شهرين و يتولد في ستة اشهر و ما تم خلقه في خمسة و اربعين تحرک بعد ثلثة اشهر و تولد بعد تسعة اشهر. و يشهد علي اقل المدة و اکثرها الاخبار فقد روي عن اميرالمؤمنين7 انه لاتلد المرأة لاقل من ستة اشهر و سئل الباقر7 عن اقصي مدة الحمل ما هو؟ فان الناس يقولون ربما بقي في بطنها سنتين. فقال کذبوا اقصي مدة الحمل تسعة اشهر و لو زاد ساعةً لقتل امه قبل انيخرج. فما ينقل عن ابن سينا ان اقل مدة الحمل ستة اشهر و اکثره اربع سنين خطاء. و هو ايضاً ينقل عن معتمد عنده انه شاهد ذلک.
و اعلم ان الذکر يتصور في اقل من تصور الانثي و يتحرک في اقل من تحرکها و انما ذلک لرخاوة جوهر نطفة الانثي و رقته و عدم قبوله التصوير فيطول مکثها حتي يعتدل و يقبل الشکل بخلاف الذکر فان مادته اکثر نضجاً و اسرع قبولاً للصورة فيتصور في اسرع وقت. و اقل مدة تصور الانثي في خمسة و ثلثين يوماً و حرکتها الي سبعين و تولدها الي مأتين و عشرين يوماً سبعة اشهر و اکثر ذلک خمسة و اربعون ثم ثلثة اشهر ثم تسعة اشهر. و اعلم ان هذه المدد علي حسب مشاهدات المراقبين و المجربين و هي لاتقف علي حد و لاتکشف عن الواقع فلربما يکون الام في اول الحمل قوي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۶ *»
المزاج فتجري علي النظم الطبيعي ثم يعرضها عارض فلاتجري علي نهج الطبيعة فتبطيء اضافه شد@ بعض المدد و تسرع بعضها. و الذي يقتضيه الحکمة انيکون مدة تکون کل مرتبة في ستة ايام في جانب الاقل فيجري حکم الکل في البعض. فهو نطفة في ستة ايام و علقة في ستة و مضغة في ستة و عظام في ستة و لحم في ستة فهذه ثلثون يوماً فيتم فيها قابلية البدن و يستعد للروح الحساسة المريدة. و في کل مرتبة تتم في ستة ايام کمايتم الجنين في ستة ايام و کماخلق الله سبحانه السموات و الارض في ستة ايام و لانه العدد التام و يعلم برهان تکونها في ستة ايام مما مر فلانعيدها. و في المتوسط انتکون في سبعة ايام لانه العدد الکامل و يتم فيه دورة الکواکب و يکمل جميع مراتبه فيکون مدة تمام الصورة خمسة و ثلثين يوماً او ثمانية و ذلک علي خلاف الوضع الالهي الاولي فذلک لايعيش. و قد ثبت في علم النقاط ان البيت الثامن بيت الموت و الخطر و الخوف و قد برهنا عليه في کتابنا اسرار النقاط فلايمکن انيعيش فيه الولد فيکون تمام المدة اربعين يوماً و في جانب الاکثر يکون مدة تمام کل مرتبة تسعة ايام و ذلک علي النظم الطبيعي و يعيش فيه الولد. و التاسع في علم النقاط بيت السفر و الحرکة و لذلک يسافر الولد الي الدنيا و يعيش و هو بيت السعادة و الشرف و صاحبه المشتري. فيکون تمام المدة خمسة و اربعين يوماً فلها اربع مراتب. فعلي الستة تمام الصورة ثلثون و الحرکة بعد شهرين و التولد بعد ستة اشهر. و علي السبعة تمام الصورة خمسة و ثلثون و الحرکة بعد شهرين و عشرة ايام و التولد بعد سبعة اشهر. و علي الثمانية تمام الصورة اربعون يوماً و الحرکة بعد شهرين و عشرين يوماً و التولد ثمانية اشهر. و علي التسعة تمام الصورة خمسة و اربعون و الحرکة في ثلثة اشهر و التولد بعد تسعة اشهر. فمدة الشهور علي حسب مدة تکون المراتب فذو الستة يبقي في البطن ستة اشهر و ذو السبعة سبعة اشهر و ذو الثمانية ثمانية اشهر و ذو التسعة تسعة اشهر. و يعيش الاول و الثاني و الرابع و لايعيش الثالث کمايشهد به التجربة. و روي عن الصادق7 يعيش الولد لستة اشهر و لسبعة اشهر و لتسعة اشهر و لايعيش لثمانية اشهر انتهي.
و السر في ذلک ان النطفة اول ما تسقط في الرحم يربيها في الشهر الاول
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۷ *»
زحل لانها ميتة و مزاج الموت بارد يابس علي مزاج زحل. و يربيها في الشهر الثاني المشتري فانه حار رطب علي مزاج العلقة. ثم يربيها في الشهر الثالث المريخ لانه حار يابس علي مزاج المضغة. ثم يربيها في الشهر الرابع الشمس فانها کوکب المادة و العظام ايضاً في الاعضاء مقام المادة کما مر. ثم يربيها في الشهر الخامس الزهرة لانها باردة رطبة علي وجه علي مزاج الصورة لانها کوکب الصورة و اللحم مقام الصورة. و في الشهر السادس يربيها عطارد فانه کوکب الانقلاب علي مزاج الروح المنقلبة المترددة. و في الشهر السابع يربيها القمر کوکب الحيوة فاذا تولد لستة اشهر کان في تمام الخلق الآخر و في تربية عطارد الدبير و يبقي. و اذا تولد لسبعة اشهر کان في تدبير القمر کوکب الحيوة و يبقي. و ان لميتولد يعود عليه زحل کوکب الموت و يربيه في الشهر الثامن فيکون في غاية الضعف و سوء الحال فان تولد في هذا الشهر لايکاد يعيش. و ان لميتولد يربيه في الشهر التاسع المشتري و هو ايضاً کوکب الحيوة لانه حار رطب علي طبع الحيوة فيعيش انشاءالله. و کذلک تدور الکواکب علي ايام کل مرتبة ففي اليوم الاول من کل مرتبة يکون المربي زحل و في الثاني المشتري و في الثالث المريخ و في الرابع الشمس و في الخامس الزهرة و في السادس العطارد. و يعيش ذو الستة و في السابع القمر و يعيش و في الثامن زحل فلايعيش و في التاسع المشتري و يعيش. فهذه کيفية تولد الانسان و تکونه و مدته.
و اما ما روي ان النطفة اربعون يوماً و العلقة اربعون يوماً و المضغة اربعون يوماً فتلک الايام من ايام الشأن و المراد بها استکمال المراتب لا الايام المعروفة فان المشاهدة تشهد بخلافه. او يکون ذلک لبيان تقسيم الدية فانها وردت في تلک الابواب. فاذا عرفت ذلک فاعلم ان کل شيء فيه معني کل شيء ما تري في خلق الرحمن من تفاوت الا ان اسرار الخلقة تختلف في الاشياء ظهوراً و خفاءً و هذه الکيفية جارية في کل مولود بل کل مکون الا ان کلاً علي حسبه و ربما يقصر المدد و ربما تطول و ربما تنشرح الاحوال و تتبين و ربما تخفي و انما ذلک بحسب اختلاف العلل الغائية و الفاعلية و المادية و الصورية و علي حسب قوابلها. و ان شئنا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۸ *»
ان نبين احوال کل مکون فرداً فرداً مع عللها و اسبابها لانقطع العمر قبل انينقطع الکلام. فلنبين لک نوع المسألة و هي ان الفاعل ان کان ضعيفاً يضعف اثره و ان کان القابل قوياً و ان کان قوياً يقوي اثره و يکمل القابل بفاضل قوته و يظهر فيه اثره. و اما العلة الغائية فان کانت ممايلزم في الحکمة سرعة ظهورها و خفائها يسرع الفاعل تکوين الشيء او افساده و الا فيبطيء@ فيه الي وقت الحاجة. و اما العلة المادية فان کانت صالحةً قابلةً للفعل لا افراط فيها و لاتفريط يسرع تأثير الفاعل فيها و ان کان فيها افراط او تفريط يبطيء. و اما العلة الصورية فان کانت قليلة التخطيط اقرب الي البساطة و الوحدة يسرع ظهور تأثير الفاعل فيها و ان کانت کثير التخطيط کثير الشئون يبطيء ظهور اثر الفاعل فيها. فهذه الکليات في کلية المکون. ثم ان المادة کلما کانت اشد رطوبةً او اکثر يبوسةً تکون اکثر امتناعاً من التصوير و اذا کانت معتدلةً تقبل النقش و الارتسام في مدة معتدلة. و العلة الغائية کلما کانت ادني رتبةً يتم تکون الشيء في اسرع وقت و کلما کانت اعلي رتبةً يتم في وقت اکثر لان الغاية الدنيا تظهر في ادني مرآت و لايحتاج مرآتها الي ترکيب شديد و تدبير کثير و تصفية و تلطيف کثير. و اما الغاية العليا فيحتاج مرآته الي تدبير کثير و تربية وافرة و تصفية و تلطيف بالغ فيتم في وقت اکثر من الوقت الاول مثلاً اذا کان الغاية ظهور محض حيوة ضعيفة يتکون جسدها و بدنها في وقت قليل کتکون الديدان و الخنافس و الحشرات و امثالها. و اذا کانت الغاية ظهور حس و شعور ازيد يطول تکونه في اکثر مدة کتکون الکلاب و الشاء و امثالها. و اذا کانت الغاية ظهور عقل و حکمة و تدبير يطول اکثر من ذلک و هکذا. و ربما يکون الغاية ادني و القابلية في المادة و الصورة ناقصة کتولد الخيل و البغال و الحمير فانه لاغاية لها عالية الا ان موادها بطيء القبول عن التصور ليبسها. و ربما يکون القابلية في المادة کاملةً و القابلية عالية فيبطي@ لاجل ذلک. بالجملة يعرف العارف الفطن الناظر في الامور بعد ما ذکرنا هذه القواعد و فتحنا هذه الابواب جميع اختلاف مدد تکون المکونات. و قد طال بنا المقال و اورث لي الملال و قد اتضح الحال علي نهج الاجمال فلنختم الجواب حامداً لله
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷۹ *»
الوهاب الملهم للصواب. و قد فرغ من تسويدها مصنفها کريم بن ابرهيم حامداً مصلياً مستغفراً في ليلة الخميس لاثنتيعشرة خلت من شهر صفر المظفر من شهور سنة الف و مأتين و اربعة و ستين حامداً مصلياً مستغفراً و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين. تمت