32-02 مکارم الابرار المجلد الثانی والثلاثون ـ رساله في جواب محمد جواد القزويني ـ مقابله

 

 

رسالة في جواب الملا محمد جواد القزويني

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷۹ *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لم‌يخلق العباد عبثا و لم‌يتركهم سدي و لم‌يدعهم هملا بل خلقهم ليبتغوا اليه الوسيلة و الزلفي و يعرفوه بما عرفهم نفسه من وصفه الاعلي و الصلوة علي نبيه المبعوث من لاهوته الابهي المذروء في الرتبة القصوي و اهل بيته ذوي الكرامة العظمي و آله الذين شرفهم الله بالشرف الاسني و لعنة الله علي الفرق المختلفة عليهم لعنة لاغاية لها و لا منتهي.

و بعد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدارسل الي المولي الاولي صاحب الفضل الاوفي و العلم الاعلي الذاب عن دين الله الرفيع و الدافع عن حمي الله المنيع المسدد بلطف الله و المؤيد بتوفيق الله صاحب الاستقامة و السداد و الهدي و الرشاد المولي الجواد الملا محمدجواد بن‌محمد طاهر القزويني ايده الله و سدده و زاد في توفيقه و ارشده بمسائل مشكلة و مطالب معضلة لم‌يكشف عن اكثرها الي الآن اللثام و لم‌يفض منه ختام فورد الي حين تبلبل البال و اختلال الاحوال من معاشرة هذا الخلق المنكوس و مداراة الاذناب و الرؤس الذين اذا اعطوا منها رضوا و ان لم‌يعطوا منها اذا هم يسخطون و لعمري انها محنة توهي العظام و تضيع الايام كيف لا و ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون و ما لنا ان لانتوكل علي الله و قدهدانا سبلنا و لنصبرن علي ما آذيتمونا و علي الله فليتوكل المتوكلون ربنا افرغ علينا صبرا و توفنا مسلمين و لما كانت اجابته لازمة و ان‌كانت الفرصة علي ما احب عادمة اقدمت علي الجواب متكلا علي ذكاء جنابه المستطاب مكتفيا بالميسور غير تارك له بالمعسور و علي الله التوكل في جميع الامور و اجعل فقرات سؤاله كالمتن و جوابي له كالشرح ليتبين جواب كل سؤال و اسأل الله التوفيق و التأييد و التسديد في المبدء و المآل.

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۰ *»

قال ايده الله يا سيدي هل يكفي في النكاح اذن البالغة الرشيدة الباكرة ام يلزم مع كون ابيها اذن الاب هـ..

اقول اعلم ان العلماء رضوان الله عليهم تفرقوا في هذه المسئلة الي ستة اقوال الاول ما هو المشهور بين المتأخرين استقلالها في النكاح من دون حاجة الي اذن اب او جد و ذهب اليه من المتقدمين علي ما نقل عنهم الشيخ في البيان و المرتضي و المفيد في احكام النساء و القاضي و سلار و ابن‌ادريس و هو عن المحقق و العلامة و الثاني استقلالهما في العقد من دون حاجة الي اذنها و هو عكس القول الاول و هو المنقول عن الشيخ في اكثر كتبه و اليه ذهب في النهاية و هو المنقول عن الصدوق و اليه ذهب في الفقيه و هو المنقول عن الاسكافي و عن القاضي ايضا و عن السيد في شرح النافع و عن الشيخ احمدبن‌ابرهيم والد الشيخ يوسف و عن الشيخ احمدبن يوسف المقابي البحراني و الي ذلك كان يذهب السيد الاستاد اجل الله شأنه و انار برهانه و الثالث التشريك بينها و بين الاب و الجد و هو المنقول عن ابي الصلاح و المفيد في المقنعة و ذهب اليه الشيخ الحر و الرابع ولايتهما عليها في الدائم دون المنقطع و هو عن الشيخ في التهذيبين و الخامس عكسه و هو مجهول القائل الا انه منقول و السادس ثبوت التشريك بينها و بين ابيها دون ساير الاولياء و هو المنسوب الي المفيد ايضا و السبب في اختلافهم اختلاف الاخبار و الانظار و السبب في اختلافها ايقاع الخلاف من الائمة الاطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار لحفظ رقاب شيعتهم من كيد المنافقين الفجار فاللازم اولا ذكر ادلة كل قوم ثم النظر فيها و ما يؤدي اليه النظر القاصر فنقول اما ادلة القول الاول فما رواه العاملي عن الصدوق و الكليني بسندهما عن الفضيل بن يسار و محمد بن مسلم و زرارة و بريد بن معوية كلهم عن ابي جعفر7 قال المرأة التي ملكت نفسها غير السفيهة و لا المولي عليها تزويجها بغير ولي جايز هـ.. و هذا الخبر دال علي جواز تزويج الثيب من غير ولي دون غيرها كما روي في الثيب تخطب الي نفسها و هي املك بنفسها فانه

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۱ *»

عليه السلام يقول و لا المولي عليها و الكلام في تعيينها. و عن الطوسي بسنده الي منصور بن حازم عن ابي عبد الله عليه السلام قال تستأمر البكر و غيرها و لاتنكح الا بأمرها و هذا الخبر ليس فيه امر و لانهي يفيد الوجوب و الحرمة و انما هو بصيغة الاخبار و قدحققنا في الاصول انها حقيقة في الاخبار و في غيره مجاز و اذا جاءت القرينة الصارفة عن الحقيقة و هي كونها في محل بيان الحكم لابد من قرينة معينة للوجوب فانه يحتمل ان تكون مجازا في الندب كما يحتمل ان‌تكون مجازا في الوجوب و كونها في محل بيان الحكم لايفيد ازيد من استعماله في الرجحان فليس الخبر دالا علي وجوب استيمارها و وجوب النكاح بأمرها فلتحمل علي اقل مراتب الرجحان و هو الاستحباب و عنه باسناده عن زرارة عن ابي‌جعفر7 قال اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع و تشتري و تعتق و تشهد و تعطي مالها من شاءت فان امرها جايز تزوج ان‌شاءت بغير اذن وليها و ان لم‌تكن كذلك فلايجوز تزويجها الا بامر وليها. هذا الخبر دال علي مرادهم ان اخذت جملة تبيع و تشتري تفسيرا لمالكة امرها و اما اذا كانت خبرا ثانيا لكان فسبيله سبيل الخبر الاول و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال و عن الكليني بسنده الي ابي‌مريم عن ابي‌عبد الله عليه السلام قال الجارية البكر التي لها اب لاتتزوج الا باذن ابيها و قال اذا كانت مالكة لامرها تزوجت متي شاءت و هذا الخبر علي الخلاف ادل بل صريح في الخلاف و المراد بالمالكة امرها الثيب او من لا اب لها بقرينة صدر الخبر و عن الطوسي باسناده عن سعدان بن مسلم قال قال ابوعبد الله عليه السلام لابأس بتزويج البكر اذا رضيت بغير اذن ابيها و هذا الخبر في الظاهر صريح في مذهب هؤلاء و عن الكليني بسنده الي عبد الرحمن بن ابي‌عبدالله عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال تزوج المرأة من شاءت اذا كانت مالكة لامرها فان شاءت جعلت وليا. وهذا الخبر ايضا غير مجد لهم فان النزاع في المالكة امرها و هؤلاء تمسكوا بهذه الاخبار و حملوا ما خالفها علي التقية و لم‌ينقل القول به الا عن مالك و هو يري استمرار ولاية الاب علي البكر و الثيب و اختار استقلاله دونها مفصلا بين

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۲ *»

البكر و الثيب كما يأتي فلامجال للحمل علي التقية هذا مع ان الحمل علي التقية سائغ في محل تقابل الاخبار و تعارضها كما روي عن ابي‌عبد الله عليه السلام في حديث فان كان فيه اختلاف و تساوت الاحاديث فخذوا بابعدهما من قول العامة و اذا تلونا عليك تلك الاخبار علمت انه لاتكافؤ بين هذه الاخبار و التي تدل علي استقلاله كما ستسمعها ان شاء الله مفصلا مشروحا.

و اما ادلة القول الثاني اخبار عديدة و هي ما رواه العاملي عن الطوسي بسنده عن الحلبي عن ابي‌عبد الله عليه السلام في الجارية يزوجها ابوها بغير رضا منها قال ليس لها مع ابيها امر اذا انكحها جاز نكاحه و ان كانت كارهة و عن علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يزوج ابنته بغير اذنها قال نعم ليس يكون للولد مع الوالد امر الا ان تكون امرأة قددخل بها و عن الكليني بسنده الي فضل بن عبد الملك عن ابي‌عبد الله عليه السلام قال لاتستأمر الجارية التي بين ابويها اذا اراد ابوها ان يزوجها هو انظر لها و اما الثيب فانها تستأذن و ان كانت بين ابويها اذا اراد ان يزوجاها و عنه بسنده الي ابي مريم عن ابي‌عبد الله عليه السلام قال الجارية البكر التي لها الاب لاتتزوج الا باذن ابيها و قال اذا كانت مالكة لامرها تزوجت متي شاءت و عن الشيخ بسنده الي الحلبي عن ابي‌عبد الله عليه السلام قال سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء الها مع ابيها امر قال ليس لها مع ابيها امر ما لم‌تثيب و عنه بسنده الي عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث قال لاتستأمر الجارية في ذلك اذا كانت بين ابويها فاذا كانت ثيبا فهي اولي بنفسها و عن الكليني بسنده الي زرارة بن اعين قال سمعت اباجعفر عليه السلام يقول لاينقض النكاح الا الاب و قال الشيخ الحر «في هذا الخبر انه دال دلالة ما علي اشتراك الولاية بين الاب و البنت و الا لكان العقد الواقع منها غير صحيح و لاحاجة الي نقضه» انتهي و ليس دالا بوجه لانه قديقع النكاح فضولا و يتوقف علي اجازة الاب فاذا لم‌يجز العقد فقدنقضه بل

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۳ *»

هو صريح ان البنت علي الاطلاق لاتقدر علي نقضه اذا اجازه الاب مثلا فانه نفي جواز النقض عن كل احد الا الاب و عنه باسناده عن محمدبن‌مسلم عن احدهما عليهما السلام قال لاتستأمر الجارية اذا كانت بين ابويها ليس لها مع الاب امر و قال يستأمرها كل احد ما عدا الاب و عنه باسناده عن عبد الله بن الصلت قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها لها امر اذا بلغت قال لا ليس لها مع ابيها امر قال و سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء الها مع ابيها امر قال ليس لها مع ابيها امر ما لم‌تثيب و عنه بسنده الي الفضل بن عبد الملك عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث قال اذا زوج الرجل ابنه فذاك الي ابنه و اذا زوج الابنة جاز و عن الصدوق باسناده عن العلاء عن ابن ابي يعفور عن ابي‌عبد الله قال لاتنكح ذوات الآباء من الابكار الا باذن آبائهن و عن الشيخ عن ابرهيم بن ميمون عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا كانت الجارية بين ابويها فليس لها مع ابويها امر و اذا كانت قدتزوجت لم‌يزوجاها الا برضي منها و نقل الشيخ يوسف من كتاب البحار من كتاب الحسين بن سعيد عن ابن ابي يعفور قال قلت لابي عبد الله عليه السلام يتزوج الرجل الجارية متعة فقال نعم الا ان يكون لها اب و الجارية يستامرها كل احد الا ابوها و عن الكليني باسناده عن محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جايز علي ابنه و لابنه ايضا ان يزوجها الخبر و عنه بسنده الي عبيد بن زرارة قال قلت لابي‌عبد الله عليه السلام الجارية يريد ابوها ان يزوجها من رجل و يريد جدها ان يزوجها من رجل آخر فقال الجد اولي بذلك ما لم‌يكن مضارا ان لم‌يكن الاب زوجها قبله و يجوز عليها تزويج الاب و الجد و عنه بسنده عن هشام بن سالم و محمد بن حكيم عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا زوج الاب و الجد كان التزويج للاول فان كانا جميعا في حال واحدة فالجد اولي @@و عنه بسنده الي الفضل بن عبد الملك عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الجد اذا زوج ابنة ابنه و كان ابوها حيا و كان الجد مرضيا جاز قلنا فان

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۴ *»

هوي ابو الجارية هوي و هوي الجد هوي و هما سواء في العدل و الرضا قال احب الي ان ترضي بقول الجد و بسنده عن عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام قال اني لذات يوم عند زياد بن عبد الله اذ  جاء رجل يستعدي علي ابيه فقال اصلح الله الامير ان ابي زوج ابنتي بغير اذني فقال زياد لجلسائه الذين عنده ما تقولون فيما يقول هذا الرجل فقالوا نكاحه باطل قال ثم اقبل علي فقال ما تقول يا ابا عبد الله فلما سألني اقبلت علي الذين اجابوه فقلت لهم اليس فيما تروون انتم عن رسول الله صلي الله عليه و آله انت و مالك لابيك قالوا بلي فقلت لهم فكيف يكون هذا و هو و ماله لابيه و لايجوز نكاحه قال فاخذ بقولهم و ترك قولي و عن الطوسي باسناده عن عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جايز علي ابنه قال و لابنه ايضا ان يزوجها فان هوي ابوها رجلا وجدها رجلا اولي بنكاحها و عن عبد الله بن جعفر في قرب الاسناد بسنده عن علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجل اتاه رجلان يخطبان ابنته فهوي ان يزوج احدهما و هوي ابوه الآخر ايهما احق ان ينكح قال الذي هوي الجد احق بالجارية لانها و اباها للجد و عن الطوسي باسناده عن ابان عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا زوج الرجل ابنه كان ذلك الي ابنه و اذا زوج ابنته جاز ذلك.

الي غير ذلك من الاخبار و هي كثيرة لمن جاس خلال الديار و هي كلها كما تري ظاهرة باهرة لذي عينين بحيث لاغبار عليه و لا مين و لما لم‌يأت كثير من الاصحاب علي كلها بل اقتصروا بذكر بعضها ثم اولوها و ذهبوا الي تلك الاخبار الاولة و اغتروا بالشهرة مع انها حجة اذا كان المخالف نادرا و القول باستقلال الاب و الجد ليس بنادر حتي يصير الي المشهورة بل اخبار هذا الباب متواترة معني فكيف يمكن تركها و المصير الي تلك الاخبار التي قد عرفت عدم صراحتها الا خبر سعدان بن مسلم و هو ايضا غير صحيح لمكان سعدان و كونه غير موثق في كتب الرجال و احتمال كونه علي

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۵ *»

نحو الاستخبار و الانكار لبداهة خلافه فبالحري ان يترك القول باستقلالها لندرة الخبر الدال عليه و قد امرنا بترك النادر و اخذ المشهور و جبر عدم صحته بالشهرة لايجدي نفعا فانه غاية ما في الباب يكون خبرا واحدا صحيحا و ليس يقاوم هذه الاخبار المتواترة و لا اقل من شهرتها هذا مع انها مؤيدة بدليل العقل المستنير بانوار اهل بيت العصمة و الطهارة و مناسبة للغيرة الالهية المحمدية العلوية فما ابعد عن غيرتهم ان يربي الرجل بنتا و يتحمل صحتها و مرضها و شدتها و رخائها و يبلغها الي خمسة عشرة سنة ثم يدخل بيته يوما و هي تغتسل او يجدها وهي حامل فيقول لها ما بالك فتقول تزوجت و ما يدري اهي صادقة ام كاذبة نعوذ بالله او تتزر يوما و تخرج من بيته فكلما يقول لها الي اين فتقول له تزوجت فمالك نعوذ بالله فلينظر ناظر هل يناسب هذا القول هذه الملة الحنيفة القويمة التي قد جرت علي الفطرة الالهية و لينظر كل من شاء هل يرضي ان تخرج بنته عزبة جاهلة و هي غير عارفة بالناس و انسابهم و احسابهم و غير مجربة لاخلاقهم و احوالهم و تختار كل علج غرها او كل زنيم خدعها فان كان الناظر يستحسن ذلك فليسئل الله ان يصلح عقله و يكمل غيرته و الا فكيف ينسب هذا القول الي آل محمد عليهم السلام فصدور هذه الاخبار الدالة علي استقلالها من باب التقية وايقاع الخلاف قطعا مع انه مذهب ابي حنيفة كما نقل عنه فانه قال بالبلوغ تستقل بالولاية بكرا كانت او ثيبا و هو المنقول عن احمد بن حنبل و الشافعي فلاوجه للقول بما يوافق هؤلاء مع ندرة الخبر به مع عدم مناسبته بطريقة آل محمد عليهم السلام و شيمتهم و غيرتهم و مع رد العقل الصريح له و قد قيل للرضا عليه السلام تجيئنا الاحاديث عنكم مختلفة قال ما جاءك عنا فقسه علي كتاب الله عزوجل و احاديثنا فان كان يشبهها فهو منا و ان لم‌يشبهها فليس منا الخبر فانشدك الله هل يشبه استقلالها شيئا من شيمتهم و طريقتهم ام لا احاكمك عند عقلك و فطرتك لا و الله شتان بين هذا القول و ساير سننهم و طريقتهم و لربما نشير الي الاستدلال عليه من طريق العقل ايضا ان شاء الله تعالي و الي ذلك يشير قوله تعالي و انكحوا الايامي منكم و الصالحين من عبادكم و امائكم حيث كلف الرجال بانكاح الايامي و الايامي مقلوب ايايم جمع

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۶ *»

ايّم ككيّس و هو من لازوج لها بكرا او ثيبا و من لا امرأة له فيخرج منه الثيب و من لا امرأة له بالدليل و يبقي الباقي و هو تكليف الرجال و يخرج من المخاطبين من لاولاية له و يبقي الولي و هو الاب و الجد و من هذا الباب قوله تعالي اني انكحك احدي ابنتي هاتين الآية فافهم نعم يستحب ان تستاذن البكر لان لها في نفسها حقا و يدل علي ذلك ما رواه العاملي عن الطوسي بسنده الي منصور بن حازم و قد مر و عنه بسنده عن ابن فضال قال استشار عبد الرحمن موسي بن جعفر عليهما السلام في تزويج ابنته لابن اخيه فقال افعل و يكون ذلك برضاها فان لها في نفسها نصيبا قال و استشار خالد بن داود موسي بن جعفر عليهما السلام في تزويج ابنته علي بن جعفر فقال افعل و يكون ذلك برضاها فان لها في نفسها حظا و هذان الخبران صريحان ان ذلك علي نحو الاستحباب و من الامالي بسنده الي الضحاك بن مزاحم قال سمعت علي بن ابي طالب عليه السلام يقول و ذكر حديث تزويج فاطمة و انه طلبها من رسول الله صلي الله عليه و آله فقال يا علي انه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها و لكن علي رسلك حتي اخرج اليك فدخل عليها فاخبرها و قال ان عليا قد ذكر من امرك شيئا فما ترين فسكتت و تول وجهها و لم‌ير فيه رسول الله صلي الله عليه و آله كراهة فقام و هو يقول الله اكبر سكوتها اقرارها فمن جهة الاخبار السابقة و التأسي به صلي الله عليه و آله استحببنا استيمارها لانها هي التي تعيش مع الزوج و يستحسن طلب رضاها لئلا تعيش في كراهة و مضض و مرارة و يشير الي ذلك ما روينا في حديث فضل بن عبد الملك في ولاية الجد فراجع.

و اما الاستدلال علي القول الثالث فالظاهر انه من باب الجمع بين الاخبار و انت تعلم ان الجمع بين الاخبار في مقام التعارض ليس في كتاب الله و لم‌يصل من نبي و لا وصي نبي و انه في الحقيقة طرح الاخبار و الجامع لايعمل بخبر منها لانه يصرف كل واحد منها عن حقيقته من غير قرينة نعم قد يكون ذلك اذا رجح الفقيه

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۷ *»

احد المتعارضين فيحمل المردود محملا قريبا من المعمول به صونا عن الطرح فهذا القول ضعيف غاية الضعف و قد قدمنا ان رواية منصور غير دال علي وجوب استيمارها و كذا رواية ابن فضال صريح في الاستحباب حيث يقول و يكون ذلك برضاها و ليس فيه امر و لانهي و فعل النبي صلي الله عليه و آله ايضا اعم من الاستحباب و الوجوب علي المشهور و ان كان التحقيق ان الاصل فيه الوجوب و لكن مع القرينة يحمل علي الاستحباب اتفاقا و القرينة وجود الاخبار المتواترة عن معادن علمه و المطلعين علي قلبه عليهم السلام.

و اما الاستدلال علي القول الرابع فالظاهر انه من باب الجمع بين الاخبار بوجود اخبار روي في استقلالها في المنقطع و هذا الرأي ايضا غير محمود و لامأمور به من الله و من رسوله و اوليائه عليهم السلام و تلك الاخبار ما رواه العاملي عن الكليني باسناده عن زياد بن ابي الخلال قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لابأس ان يتمتع بالبكر مالم‌يفض اليها كراهية العيب علي اهلها و هذا الخبر في اصل حكم التمتع بالبكر و تعميم ذلك من باب تعميم عدم ذكر القيود و الشروط و هو غير معمول به بلاشك فان حكم الامام يتعلق ببيان اصل الماهية عند بيان حكمها مثلا لو قال الامام يجوز وطي الرجل زوجته ليس يعم ذلك حال الصلوة و حال الصوم و حال الاحرام بل الحكم متعلق بنفس الزوجية يعني ان الزوجية لاتمنع من الوطي ان لم‌يمنع منه مانع خارجي فساير الشروط و القيود و الموانع مسكوت عنه لا انه تحت عموم الحكم اذا لا عموم فافهم و هذا باب من الفقه قد غفل عنه الاكثرون ففي هذا المقام قال يجوز التمتع بالبكر يعني نفس البكارة لاتمنع من التمتع و اما ساير الشروط و القيود فمسكوت عنه الاتري انه قد سكت عن كبرها و صغرها و ساير حالاتها المانعة و اما سر كراهية العيب فان العامة يعيبون علي المتمتع بها و كذا ما رواه عنه باسناده عن محمد بن ابي حمزة عن بعض اصحابه عن ابي عبد الله عليه السلام في البكر يتزوجها الرجل متعة قال لابأس مالم‌يفتضها و كذا ما رواه عنه بسنده عن ابن

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۸ *»

عذافر عمن ذكره عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المتمتع بالابكار فقال هل جعل ذلك الا لهن فليستترن و ليستعففن. و هذا الخبر شاهد انه خشي الشنعة عند العامة و كذا ما رواه عن الشيخ باسناده عن ابي سعيد قال سئل ابوعبد الله عليه السلام عن المتمتع بالابكار اللواتي بين الابوين فقال لابأس و لا اقول كما يقول هؤلاء الاقشاب و ليس في هذا الخبر انه تمتع بغير اذن ابيها و لايدل صريحا علي مراد هؤلاء الا ما رواه عن الشيخ باسناده عن ابي سعيد القماط عمن رواه قال قلت لابي عبد الله عليه السلام جارية بكر بين ابويها تدعو الي نفسها سرا من ابويها فافعل ذلك قال نعم و اتق موضع الفرج قال قلت و ان رضيت بذلك قال و ان رضيت فانها عار علي الابكار و عنه بسنده الي ابي سعيد عن الحلبي قال سألته عن المتمتع من البكر اذا كانت بين ابويها بلااذن ابويها قال لابأس مالم‌يفتض ما هنالك لتعف بذلك و في سندهما احمد بن محمد بن يحيي و لايحضرني حاله و اظنه مجهولا و علي اي حال هما معارضان باخبار متواترة مرت و هي كانت ناهية عن التزويج و هو اعم من المتعة و الدائمي و معارضان باخبار ناصة و هي ما رواه العاملي عن عبد الله بن جعفر في قرب الاسناد بسنده الي البزنطي عن الرضا عليه السلام قال البكر لاتتزوج متعة الا باذن ابيها و حديث الرضا احدث و قد امرنا بالاخذ بالاحدث و موافق لاخبار مشهورة و قد امرنا بالاخذ بالمشهور و ترك النادر و عن الشيخ باسناده عن ابي مريم عن ابي عبد الله (ع) قال العذراء التي لها اب لاتتزوج متعة الا باذن ابيها و عن احمد بن محمد بن عيسي في نوادره بسنده الي ابي بكر الخصماني (ظ الحضرمي) قال قال ابوعبد الله (ع) يا ابابكر اياك و الابكار ان تزوجوهن متعة و عنه بسنده الي عبد الملك بن عمرو قال سألت اباعبد الله عليه السلام عن المتعة فقال ان امرها شديد فاتقوا الابكار و يؤيدها ما رواه عن الشيخ بسنده الي حفص البختري عن ابي عبد الله عليه السلام في الرجل يتزوج البكر متعة قال يكره للعيب علي اهلها و كثيرا ما يستعمل الكراهة علي الحرام فمع هذه الاخبار و ما مر من الاخبار المتواترة لايمكن العمل بهذين الخبرين مع مخالفتهما

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸۹ *»

للاحتياط و الشهرة و ندرة القائل به فانه لم‌ينقل الا عن الشيخ في كتابي الاخبار و مخالفتهما للغيرة الالهية المحمدية العلوية و صراحتهما في النهي عن الافتضاض و اضمار الثاني و ضعف سندهما فهما مردودان الي قائلهما محمولان علي ايقاع الخلاف.

و اما ادلة القول الخامس و هو المجهول القائل فالظاهر انه بالجمع بين اخبار القول الاول و اخبار القول الثاني بحملها علي المتعة و بما ذكرنا في القول الرابع من النهي عن التمتع بها بغير اذن ابيها و هو قول مرغوب عنه بالكلية لما عرفت آنفا و اما ادلة القول السادس فاخبار ناصة بذكر الاب دون غيره و لسنا بصدد بيان ذلك لعدم السؤال عنه فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان الاب مستقل في تزويج ابنته العذراء و يستحب استيذانها و الله العالم بحقايق احكامه.

و اما الاشارة الي ذلك من دليل العقل علي وجه الاجمال اعلم ان الله سبحانه هو الخالق لجميع الخلق من غير شيء و مبدعهم لا علي احتذاء شيء و هو الولي الحميد اولي بخلقه من انفسهم و لما كان اولويته بخلقه من صفات الاقتران و الاضافة و الذات البحت البات منزهة عنها ظهرت تلك الصفة في مجالي فعله و محال مشيته و مظاهر ارادته و هي مقام محمد صلي الله عليه و آله فولاية الله ظاهرة فيه صلي الله عليه و آله و هو قوله تعالي النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم و المراد بالمؤمنين المؤمنون بالاوامر الكونية و ان من شيء الا يسبح بحمده قالتا اتينا طائعين سبحان من دانت له السموات و الارض بالعبودية و لما كان النبي صلي الله عليه و آله في مقام الاجمال و في اعلي مدارج الجمال و الجلال و لايظهر تعلقه بالخلق الا في مقام الاقتران و التفصيل في مقام الولاية فولايته صلي الله عليه و آله تظهر في مقام الولاية الكلية و هو قوله سبحانه انما وليكم الله و رسوله و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۰ *»

الذين آمنوا و نعم الاولياء مع انه قال فالله هو الولي اذا لاولاية الا لله سبحانه و هكذا تظهر ولايته جل شأنه فلاولاية له الا ما ظهر فيهم و بهم و لاولاية لهم الا ولاية الله سبحانه و هذه الولاية هي الاولوية الكلية علي كل شيء فهم عليهم السلام اوليون بكل شيء من كل شيء ثم لما كانت الاشياء بحذافيرها من تجلياتهم و حكاة لانوارهم و صفاتهم و اسمائهم و ليس كل واحد منها الا جزئيا حاكيا لشأن من شئونهم و صفة من صفاتهم لم‌يظهر في كل واحد الا شأنا من تلك الشؤن و صفة من تلك الصفات فلاخير و لا كمال و لانور عند احد من الخلق الا ما برز منهم و سطع من انوارهم ان ذكر الخير كانوا اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه فالعرش يحكي علوهم و عظمتهم و الكرسي يحكي سعتهم و فلك زحل يحكي عقلهم و فلك المشتري يحكي علمهم و هكذا فجميع العالم كتاب فضلهم و في كل صفحة منه مكتوب فضل من فضائلهم و صفة من صفاتهم و مكرمة من مكارمهم قد تعرفوا لها بها و تعرف الله سبحانه لها بهم بها فاجمل القول بما اجمله العزيز الجبار و ان من شيء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم فافهم و من ذلك الاب يحكي ابوتهم لمن هو اب له فكما تظافر عنهم صلي الله عليهم عن النبي صلي الله عليه و آله انا و علي ابواه هذه الامة فالنبي صلي الله عليه و آله اب و الولي ام و قد قال الله سبحانه النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم فالاب في مقام التجليات حاك لمقام النبي و الام حاكية لمقام الولي فيكون الاب اولي باولاده من انفسهم و ان قلت فلم لايكون الام ولية مع ان الامام ولي قلت اذا لوحظ الامام مع النبي لاولاية للامام معه كما لاولاية للنبي مع الله و اما اذا لوحظ مقام النبوة في الامامة ترجع مقام الامومة في الشيعة من النقباء و النجباء فلاولاية للشيعة مع الامام كما اذا رأيت تجلي النبوة في النقباء و الولاية في النجباء يكونان هما ابوا السالكين فيكون النقيب ابا و هو اولي بالسالكين من انفسهم و لاولاية للنجباء فعلي طريق الاجمال الولاية دائما للاب و مظهر الاب من حيث الظاهر و مظهر المظهر من حيث الظاهر و هكذا و لاولاية للأُم ابدا فافهم فلما كان الوالد في

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۱ *»

اي رتبة و مقام مظهر النبوة و آية للنبي صلي الله عليه و آله لمن ولده فيكون اولي بولده دائما من نفسه نعم اذا انحرف الوالد عن الفطرة التي فطر الله الوالد عليها من الحنان و العطف و الرحمة علي ولده و قصد اضراره ينقلب مرآة نفسه منكوسة فحينئذ لاينطبع فيها نور النبي و اولويته فتنقطع ولايته و ليس بولي حينئذ و هكذا اذا امره بالشرك فلاطاعة له قال الله سبحانه و ان جاهداك علي ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلاتطعهما و ذلك لانه في حال الامر بالشرك منكوس متوجه الي السجين فلاينطبع فيه اولوية النبي و لزوم اطاعته كما قال الله سبحانه اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و كذلك في حال الاضرار فان الله وصف النبي صلي الله عليه و آله و قال لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم فاذا لم‌يكن الوالد موصوفا بالرأفة و الرحمة و لايكترث بعنت الولد انقطعت ولايته البتة و انما يشترط في انطباع كل صفة منهم في مرآة القوابل وجود ما يشترط في تلك الصفة و يصير سبب انطباعه و عدم ما يضادها و يمنع من الانطباع ولذلك لم‌نشترط في بقاء ولاية الاب العصمة و العلم بكل شيء و القدرة علي كل شيء و اشترطنا فيه عدم الاضرار بالولد و عدم كونه مجنونا او مختبطا او سفيها و اشترطنا فيه الرأفة و الرحمة و الشفقة و ملاحظة الصلاح و هكذا و يكفيك هذا القليل من الكثير لان السؤال لم‌يقع من وجه الحكمة و انما ذكرنا ذلك لما جري القلم آنفا بذكر دليل العقل فكذلك الجد يكون له الولاية لان الابن و ماله للاب كما قال النبي صلي الله عليه و آله و قد مر الخبر به فراجع و الله ولي التوفيق.

قال ايده الله و سدده هل يجوز متعة الصغيرة التي لم‌تبلغ حد الكبر و ليست هي قابلة للتمتع بها بغير ادخال وقت البلوغ ام يلزم اجراء الصيغة في مدة تصير قابلة للتمتع.

اقول و من الله التسديد اني لم‌اجد من اصحابنا المتقدمين قولا في ذلك و انما

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۲ *»

اطلقوا جواز التمتع بالمرأة قبل البلوغ و بعده و لم‌اجد في الاخبار ايضا نصا خاصا في ذلك و انما حدث الاختلاف في هذه المسئلة في المتأخرين في هذه الاعصار و قد ذكر الشيخ ابوعلي في ترجمة محمد بن محمد اكمل الشهير بآقا نور الله رمسه في جملة كتبه رسالة في فساد العقد علي الصغيرة لمحض حلية النظر الي امها و لم‌نرها و عمومات اخبار تزويج الولي الغصيرة و عمومات اخبار المتعة و مطلقاتها تجوز ذلك مثل رواية الفضل بن عبد الملك عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث قال اذا زوج الرجل ابنه فذاك الي ابنه و اذا زوج الابنة جاز ه. و قد قال علي عليه السلام اسكتوا عما سكت الله و ابهموا ما ابهمه الله فيجوز تزويج الرجل بنته دائما و منقطعا الي اجل يقصر عن حد بلوغها ام لا فنبهم ما ابهم الله و ذلك تزويج قطعا و النكاح جايز و المنع عن قصر الاجل عن حد البلوغ غير وارد و كل شيء لك مطلق حتي يرد فيه امر او نهي و سأل علي بن يقطين ابا الحسن عليه السلام قال اتزوج الجارية و هي بنت ثلث سنين او يزوج الغلام و هو ابن ثلث سنين و ما ادني حد ذلك الذي يزوجان فيه فاذا بلغت الجارية فلم‌ترض فما حالها قال لابأس بذلك اذا رضي ابوها او وليها ه. و لايخفي ان قوله فاذا بلغت الي آخر سؤال آخر و الجواب عن كل مسائله فيبقي اطلاق تزوج الجارية و هي بنت ثلث علي حاله و عمومات المتعة مثل رواية هشام بن سالم عن ابي عبد الله عليه السلام قال اني لاحب للمؤمن ان لايخرج من الدنيا حتي يتمتع و لو مرة و ان يصلي الجمعة في جماعة و ما ارسله الصدوق قال و روي ان المؤمن لا يكمل حتي يتمتع و ما زعمه اقوام انها ليست قابلة للتمتع فليس بشيء‌ لان التمتع ليس منحصرا في الوقاع ها قد رويت اخبار في جواز التمتع بالبكر من غير افتضاض كما مر في الخبر لابأس ان يتمتع بالبكر ما لم‌يفض اليها كراهة العيب علي اهلها و هو تمتع من غير الفضاء و هذا الخبر ايضا دليل علي الجواز لان البكر اعم من الصغير و كذلك ما مر في الخبر في البكر يتزوجها الرجل متعة قال لابأس ما لم‌يفتضها و هذا ايضا دليل بعمومه الاطلاقي و كذا قوله في الخبر و قد مر البكر لاتتزوج متعة الا باذن ابيها و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۳ *»

هو ايضا عام باطلاقه و ما مر انه سئل ابوعبد الله عن المتمتع من الابكار اللواتي بين الابوين فقال لابأس و لااقول كما يقول الاقشاب و عن الكليني بسنده الي محمد بن مسلم قال سألت اباعبد الله عليه السلام كم المهر يعني في المتعة قا ما تراضيا عليه الي ما شاء من الاجل و هذا الخبر عام في ما شاء و غير مقيد بالكبيرة و الصغيرة و عنه بسنده الي عمر بن حنظلة عن ابي عبد الله عليه السلام قال يشارطها ما شاء من الايام و هذا ايضا كسابقه و عن الطوسي باسناده عن هشام بن سالم في المتعة قال قلت لابي عبد الله عليه السلام كيف اتزوجها قال اياما معدودة بشيء مسمي مقدار ما تراضيتم به الخبر و عن الكليني بسنده الي زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام قال لاتكون متعة الا بامرين اجل مسمي و اجر مسمي الي غير ذلك من الاخبار و هي كلها بعمومها و اطلاقها و ابهامها شاملة لموضع النزاع و اخذنا بعموم هذه الاخبار من باب ابهموا ما ابهمه الله و من باب كل شيء لك مطلق حتي يرد فيه نص فالعمل باطلاق هذه الاخبار في مثل هذا المقام جايز نعم لو كان معارض ناص له كنا نصير اليه و الحال بخلافه فالعمل باطلاقها متعين و يؤيد ذلك و يبين نحو التمتع ما رواه العاملي عن الكليني بسنده الي عمار بن مروان عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت جاء رجل الي امرأة فسألها ان تزوجه نفسها فقالت ازوجك نفسي علي ان تلتمس مني ما شئت من نظر و التماس و تنال مني ما ينال الرجل من اهله الا ان لاتدخل فرجك في فرجي و تتلذذ بما شئت فاني اخاف الفضيحة قال ليس له الا ما اشترط فيعلم من هذا الخبر ان شرط التمتع ليس الوقاع و جميع انحاء التلذذ تمتع و يحصل من غير البالغ ايضا كلما غير الوطي فهو تمتع و في عدم الوقاع مشترك بين الصغير و الكبير المشترط عليها فافهم و الله العالم بحقائق احكامه.

قال ايده الله ما الفرق بين قول اهل الاصول ان المستنبط العلة ليس بحجة و المنصوص العلة حجة و هل هذا القول فصل ام هزل.

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۴ *»

اقول و من الله التأييد اعلم ان القياس في لغة العرب بمعني التقدير يقال قاسه بغيره و علي ذلك اذا قدره علي مثاله و في اصطلاح اهله اجزاء الحكم الثابت لاصل الي غيره لعلة جامعة بينهما و هي اما منصوصة في الاصل من الشارع او يستفيده الفقيه باجتهاده من كلام الشارع من لحن الخطاب و فحويه او بدلالة التنبيه او يستنبط باجتهاده من القراين الخارجة و الظنون الغير المعتبرة و يسمي بمسنبط العلة اما نص الشارع علي علة الحكم فيه فقد اختلف الاصحاب رضوان الله عليهم في جواز تعديتها الي الفرع فمنع السيد المرتضي عنه كما حكي و احتج بان علل الشرع انما تنبيء عن الدواعي الي الفعل او عن وجه المصلحة فيه و قد يشترك الشيئان في صفة واحدة و يكون في احدهما داعية الي فعله دون الآخر مع ثبوتها فيه و قد يكون مثل المصلحة مفسدة و قد يدعو الشيء الي غيره في حال دون حال و علي وجه دون وجه و قدر منه دون قدر و هذا باب في الدواعي معروف و لهذا جاز ان يعطي لوجه الاحسان فقير دون فقير و درهم دون درهم و في حال دون اخري و ان كان فيما لم‌نفعله الوجه الذي لاجله فعلنا بعينه ثم قال و اذا صحت هذه الجملة لم‌يكن في النص علي العلة ما يوجب التخطي و القياس و جري النص علي العلة مجري النص علي الحكم في قصره علي موضعه و ليس لاحد ان يقول اذا لم‌يوجب النص علي العلة التخطي كان عبثا و ذلك انه يفيدنا ما لم‌‌نكن نعلمه لولاه و هو ما له كان هذا الفعل المعين مصلحة انتهي و عن المحقق العمل به و قال اذا نص الشارع علي العلة و كان هناك شاهد حال يدل علي سقوط اعتبار ما عدا تلك العلة في ثبوت الحكم جاز تعدية الحكم و كان ذلك برهانا و عن العلامة الاقوي ان العلة اذا كانت منصوصة و علم وجودها في الفرع كان حجة و احتج في النهاية لذلك و بان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح الخفية و الشرع كاشف عنها فاذا نص علي العلة عرفت انها الباعثة و الموجبة لذلك الحكم فاين وجدت وجب وجود المعلول انتهي و تحقيق الحق في المسئلة انه لاشك ان الله سبحانه غني عن العالمين

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۵ *»

لاتنفعه طاعة من اطاعه و لاتضره معصية من عصاه قال و من كفر فان الله غني عن العالمين و انما امر و نهي رأفة علي عباده و حنانا عليهم فعلمهم ما به صلاح معادهم و قوام معاشهم فعلمهم ما يضرهم و ما ينفعهم و كان يختلف جهات منافعهم و مضارهم لاختلاف جهات انفسهم فعرفهم الله سبحانه تلك الجهة الضارة ليجتنبوها و تلك الجهة النافعة ليرتكبوها فربما كان الشيء‌ ضارا او نافعا من حيث الفاعل و ربما كان كذلك من حيث المادة و ربما كان كذلك من حيث الصورة الذاتية و ربما كان كذلك من حيث الصورة العرضية و ربما كان كذلك من حيث الغاية و ربما كان كذلك من حيث ما يقترن به و ربما كان كذلك من حيث وضعه في نفسه او بالنسبة الي غيره فيتعلق الحكم بذلك الشيء لاجل تلك الجهة الضارة او تلك الجهة النافعة و ليس كما يزعمه اقوام من الاشاعرة و غيرهم انه ليس الحسن و القبح من اقتضاء الاشياء و ليس عقليا و انما هو بوضع الواضع فانا قد حققنا ان الله سبحانه بنفسه غني و لايحدث فيه ميل و لانسبة الي شيء و لامنافرة مع شيء و انما يحكم علي حسب الاقتضاءات و ليس هيهنا محل تفصيل ذلك فمثال تعلق الحكم بالشيء‌ من حيث الفاعل كقول النبي صلي الله عليه و آله في النساء اعصوهن في المعروف فان الامر بترك المعروف ليس الا لاجل صدوره منهن و ذلك لان الشيطان اكثر استيلاء عليهن من الرجال فاذا اطاعهن الانسان فقد عبد الشيطان لما روي ان من اصغي الي ناطق فقد عبده فان كان الناطق عن الله فقد عبد الله و ان كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان و مثال تعلق الحكم بالشيء من حيث المادة كقول ابي جعفر عليه السلام لابأس بالصلوة علي البوريا فمتعلق الحكم المادة لا صورة البوريا و اما تعلق الحكم بالصورة الذاتية و العرضية فانه قد يتعلق باللون كقول النبي صلي الله عليه و آله البسوا البياض فانه اطيب و اطهر و كفنوا فيه موتاكم و قد يتعلق بالرايحة كقول الصادق عليه السلام صلوة متطيب افضل من سبعين صلوة بغير طيب و قد يتعلق بالشكل كاستحباب اسدال العمامة من الامام و الخلف و قد يتعلق بالطعم كقوله صلي الله عليه و آله ما جعل

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۶ *»

الله في شيء من المر شفاء و امر بالتداوي بالسكر و قد يتعلق باللينة و الخشونة كاستحباب لبس الخشن مما يلي الجلد و الناعم من فوقه و مطلق لبس الخشن عند عدم الشهرة و قد يتعلق بالبلل و الجفاف ككراهة لبس الثوب المبلول في الصيام و قد يتعلق بالحرارة و البرودة كالتداوي بالماء البارد و الافطار بالماء الفاتر و قد يتعلق بالمزاج و الطبيعة كالاوامر الواردة في الادوية و الاغذية الدوائية و قد يتعلق بالكم كحدود النصب في الزكوة و قد يتعلق بالجهة كتعيين القبلة و التوجه الي الفوق و الجانبين عند الزيارة و قد يتعلق بحدود مجتمعة كالحكم بنجاسة الكلب فانه لاجل صورته الاتري انه اذا استحال ملحا طهر و قد حكم الفقهاء انه لو نزي كلب علي شاة فولدت فان كان ولدها علي هيئة الكلب هو حرام و نجس و ان كان علي هيئة الشاة هو حلال و طاهر و قد يتعلق بالكيفيات الخاصة كالحكم بحرمة الخمر و اذا استحال خلا صار حلالا و مثال تعلق الحكم بالشيء لاجل غايته كقول الصادق عليه السلام ان الله يبغض شهرة اللباس و قال عليه السلام الشهرة خيرها و شرها في النار و مثال تعلق الحكم بالشيء لاجل ما اقترن به كعدم جواز استعمال الماء النجس في الوضوء و الغسل و الشرب و مثال تعلق الحكم بالشيء من اجل وضعه في نفسه كقول ابي جعفر عليه السلام اياك و التحاف الصماء و هو ان يدخل الثوب من تحت جناحه فيجعله علي منكب واحد و مثال تعلق الحكم بالشيء من اجل وضعه بالنسبة الي غيره ككراهة استقبال حائط ينز من بالوعة و استقبال النار و التماثيل الي غير ذلك و من تتبع في احكام الله تعالي يجدها علي ما ذكر فاي جهة من جهات الشيء اقتضت حكما حكم الله سبحانه فيه به و ربما يقتضي الحكم من جهات شتي و ربما يقتضي كل جهة منها حكما غير ما يقتضيه الاخري و في ما مثلنا لك كفاية للجميع فاذا عرفت ذلك فاعلم ان للحكم الواحد خمس علل: العلة الفاعلة و هي امر الله سبحانه يحكم في كل شيء بما يحكم و العلة القابلة الداعية المقتضية و هي ما ذكرنا من جهات الشيء‌ علي ما فصلنا فانها هي المقتضية السائلة من الله سبحانه ان يحكم لها بما تقتضي و العلة المادية و هي جهة صدور ذلك الحكم من المبدء

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۷ *»

الشارع و العلة الصورية و هي جهة وقوع ذلك الحكم علي القابل و كونه واجبا او ندبا او مكروها او حراما و العلة الغائية و هي هداية العباد و اتمام الحجة عليهم لئلا يقولوا يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين فلايخلو حكم من الاحكام من هذه العلل الخمسة و يمكن ان يعلل الحكم بكل واحدة من هذه العلل كأن تقول الخمر حرام و يجب الاجتناب عنها لان الله سبحانه حرمها او الخمر حرام لانها مسكرة او الصلوة علي البوريا جايزة لانه من الارض غير مأكول و لاملبوس و ساير ما مر من الامثلة او استمع ذلك فانه امر الله او صل فانها واجبة و سبح فانه مندوب اليه و لاتشرب الخمر فانها حرام و لاتنم بين الطلوعين فانه مكروه او ان الله سبحانه امر و نهي ليختبر عباده و ليهديهم و يتم حجته عليهم و الحكيم العالم المطلع علي الاحكام و حقايقها و عللها و اسبابها و مواقعها اذا ذكر حكما و علله ليس ينبغي ان يظن بمثله ان تعليله ناقص و ما ذكره علة ليس تاما في هذا المعلول و ان ذلك نعوذ بالله من السفاهة ان يقول الانسان ان الصيف حار لان السماء موجودة و هي احد الاسباب التي من اجلها يكون الصيف حارا لانه لابد من سماء و شمس و صعود لها في السماء و هواء و فضاء و هكذا فالعاقل لايتفوه بمثل ذلك و لو صدر مثل ذلك عن احد من عرض الناس لاستهجنه العقلاء و استقبحوه فكيف يظن مثل ذلك بالحكيم الماهر فضلا عن المعصوم المطلع الشاهد القاهر و هل يرضي احدهم ان يعلل للشيء الذي يسئل عن علته باحد الاسباب الغير التام الكامل في السببية فيسئل مثلا لم يجوز العمل بالظن فيقول لان حكم الله موجود عند آل محمد عليهم السلام او يقول لان نبينا محمد صلي الله عليه و آله فاذا سئل وجه الدلالة فيقول ان قولي حكم الله موجود عند آل محمد عليهم السلام او ان نبينا محمد صلي الله عليه و آله احدي مقدمات دليل جواز العمل بالظن و باقي المقدمات في قلبي لم‌اذكره هل يتفوه بذلك عاقل فضلا عن المعصوم فالحكيم اذا ذكر علة عمله و قوله و حكمه لابد و ان يكون علة تامة كاملة مستقلة فيما علل له غاية الامر يكون لحكمه علل كثيرة كل واحدة منها كافية مستقلة في تشريع الحكم او في قوله او في عمله نعم قد يعللون للحكم بالعلة الفاعلة و قد يعللون بالعلل القابلة و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۸ *»

قد يعللون بالمادية و قد يعللون بالصورية و قد يعللون بالغائية و قد يعللون بعلل كثيرة من القابلة و قد يعللون بكلها او بعضها او يضمون بها من ساير العلل و ما ذكروه في مقام العلية مستقلة تامة لامحة مثال ذلك اذا امرك الف سلطان بخروجك يوم السبت و كل واحد منهم امره مطاع لازم كنت تعمل به و لو كان منفردا فاذا سئلت عن علة الخروج مرة تقول امرني فلان و مرة تقول امرني فلان غير الاول و مرة تقول امرني فلان غيرهما و مرة تقول امرني فلان و فلان او تضم اليهما الثالث او الي الالف و كل واحد مستقل و لكن يمكن التعدد في العلة القابلة و الغائية و الصورية و لايتعدد العلة الفاعلية و العلة المادية في احكام الله سبحانه اما تعدد العلل القابلة فكما عرفت و اما تعدد العلل الغائية فتقول ان الله سبحانه امرك بذلك لهدايتك و اختبارك و لاظهار عطفه و لطفه و رحمته و لاتمام حجته و هكذا و كل واحد منها ايضا مستقل و اما تعدد العلل الصورية كأن تقول اغتسل ليوم لانه يجب عليك الغسل للجنابة و يستحب عليك للجمعة و هكذا و اما الفاعل فهو الله سبحانه و هو لايتعدد في احكام الشرع و اما العلة المادية فهي اثر امر الله سبحانه و لا تعدد فيه لقوله سبحانه و ما امرنا الا واحدة و الاثر تابع لصفة مؤثره فافهم فمهما علل الشارع حكمه بعلة علم استقلال تلك في ايجاد المعلول او وجوده او ظهوره او وضعه فان ما وجد تلك العلة التامة الكاملة يوجد معلوله لامحة لأن المعلول لايتخلف عن العلة التامة و لو تخلف علم عدم تمامية العلة فاذا قال الشارع اجتنب الخمر لان الله حرمه عرف منه ان علة لزوم الاجتناب تحريم الله سبحانه اياها فاين ما وجد تحريم الله الذي هو العلة الفاعلية يجب ان يوجد الاجتناب لامحة فهذا التعليل في قوة اطلاق الحكم او عمومه يعني في قوة قولك يجب اجتناب حرام الله او يجب اجتناب ما حرم الله لان العلة هي تحريم الله و المعلول الاجتناب و قد وجد العلة في الخمر فوجد المعلول و اين ما وجدت يتبعها المعلول الذي هو الاجتناب و كذا اذا قال الخمر حرام لانه مسكر فعلة التحريم السكر اين ما وجد السكر وجد الحرمة لانه كما قلنا السائل من الله التحريم هو السكر فاين ما وجد السكر هو سائل للتحريم مقتضي له من

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹۹ *»

الله سبحانه و الله سبحانه مجيب لمن دعاه معطي لمن سأله فمهما سأل يستجاب له لامحة فذلك في قوة قوله المسكر حرام او كل مسكر حرام و لما كان الخمر احدي افراده حرمت و كذا قوله احتفظوا بالصلوة و الصيام فانهما امر الله فيعلم منه ان كل اوامر الله سبحانه يجب احتفاظه و ضبطه و كذا قوله لاتشرب الخمر فانه حرام فيعلم منه ان علة الاجتناب الحرمة فكل محرم يجب الاجتناب عنه و ذلك كله لان الحكيم لايعلل حكمه بما ليس علة تامة و العلة التامة لايتخلف معلولها عنها كما عرفت و كما هو محقق في محله فهذا هو المنصوص العلة و اين ما حصل القطع بوجود العلة من غير موضع النص حكم عليه بمعلوله و ليس ذلك بقياس اصلا فان ذلك في قوة الحكم المطلق او العام الصادر من الشارع فان الشارع اذا قال اكرم العلماء مثلا او العالم وجب اكرام الجميع و علة الاكرام هو العلم بقي شيء و هو انه ربما يحكم الحكيم العليم بحكم لعة غالبة علي قوم و ان كانت تلك العلة غير ثابتة في الكل و لكن لاجل غلبتها فيهم يقتضي صدور الحكم علي الكل كالحكم بغسل الجمعة معللا بارياح الآباط فان احكام السياسة العامة جارية علي الغالب و غلبة العلة تقتضي صدور الحكم علي الجميع قال الله سبحانه فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم فلايقدح ذلك فيما قدمنا من اقتضاء العلة الحكم و دورانه مدارها فافهم و قد يستفاد العلة من الاجماع كما اذا روي اغسل ثوبك من ابوال مالايؤكل لحمه يستفاد بسبب الاجماع ان العلة النجاسة فيجري الحكم بمعونة الاجماع الي البدن و المسجد و ما يشترط فيه الطهارة و يجب تطهيره و انما هذه التعدية بسبب العلة المستفادة من الاجماع لاغير و هذا ايضا متبع لحجية الاجماع اذا تحقق و ان قلت لاشك في ان الله سبحانه لايحكم بحكم الا بعد وجود المقتضي و رفع المانع و العلة المنصوصة هي علة الحكم و مقتضيه و لما كان في موضع النص مقتضي الحكم موجودا و مانعه معدوما حكم عليه به و يصح ان يعلل بعلته و اما في غير موضع الحكم قد تكون العلة موجودة و لكن معها مانع من الحكم فلايتعلق به الحكم لامحة لوجود المانع غاية الامر انك تري العلة في الفرع موجودة و انت

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۰ *»

جاهل بوجود المانع فكيف تحكم بسريان الحكم في الفرع ايضا و العلم بعدم المانع الواقعي ليس يحصل الا بالنص عن العليم الخبير و الفرض خلافه قلت احتمال وجود المانع ليس يضر مع القطع بوجود المقتضي بالنص لان الاصل عدم المانع ما لم‌يثبت وجوده و العلم المعتبر في الشرع عدم العلم بالضد لا العلم بالعدم و ذلك قوله عليه السلام لاتنقض اليقين الا بيقين مثله و عدم كل شيء يقيني فلاينقض ذلك اليقين الا بيقين الوجود فحدوث المانع غير مقطوع به و لايضر مع العلم بوجود المقتضي كما انك اذا صليت علي حسب ما امرت لايبطل صلوتك باحتمال حدوث مبطل لاتعلمه بل ما لاتعلمه ليس بمبطل فكذلك المانع المجهول ليس بمانع فانا قد حققنا ان الاسماء موضوعة للمعاني المعلومة لا المجهولة فما لم‌يظهر المانع للمستنبط ليس بمانع فاذا المقتضي موجود و المانع مفقود و الحكم جار الاتري انه لو خفي عليك وجود المقتضي لم يكن لك ان تجري الحكم فان المجهول ليس بمقتض و كذلك المجهول ليس بمانع فافهم و اغتنم.

و اما الجواب عما اورده المرتضي و ان كان علم مما بينا الا انا نؤكده بان العلة لو كان لها خصوصية بالمحل كان الواجب علي الحكيم البليغ ان يضم بعلته خصوصية المحل فان خصوص المحل حينئذ جزء للعلة التامة الموجبة للحكم فالتعليل بالعلة من دون خصوص المحل تعليل ببعض العلة و هو قبيح كما قدمنا مثال ذلك اذا قال الحكيم لاتنظر الي الثلج لانه ابيض و يفرق البصر فان كان البياض الخاص علة للمنع يكون البياض وحده بعض العلة و يسع السامع ان يقول هذه العلة مخدوشة لعدم المنع من اللبن اللهم الا ان يقول لاتنظر الي الثلج لبياضه الخاص به فان له خصوصية في تفريق البصر فح لايمكن الخدش فيه فما زعمه المرتضي انه قد يكون للعة خصوصية بالمحل حق و لكن الحكيم البليغ لايعلل ببعض العلة ليصير محل خدش الخصم و العيب عليه فان اطلق العلة لابد و ان يكون نفسها علة تامة من دون ضم شيء‌ فافهم فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ببيان شاف كاف و ان كان مجملا ان منصوص العلة حجة و دليل و حكمه جار في غير موضع النص الخاص بدلالة موضع النص

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۱ *»

لا بالقياس ثم قد يذكر الشارع حكما و لايذكر العلة فيه صريحة و ذلك علي اقسام و يجب التنبيه في بيانه علي مقدمة و هي اعلم ان المفهوم من اللفظ اما من حيث نطق الناطق به و دلالته باحدي الدلالات الثلاث فهو المنطوق و اما من غير حيث نطق الناطق و دلالته باحدي الثلث فهو المفهوم بالمعني الاخص فالمنطوق اما صريح او غير صريح و الصريح هو المعني المطابقي و الغير الصريح فهو التضمني علي الاصح و الالتزامي و هو علي ثلثة اقسام المدلول عليه بدلالة الاقتضاء و المدلول عليه بدلالة التنبيه و المدلول عليه بدلالة الاشارة فالاول اما ان يقصد و يتوقف عليه صدق الكلام فهو كقول النبي صلي الله عليه و‌ آله رفع عن امتي تسعة الخطاء و النسيان و ما اكرهوا عليه الخبر. فانه يدل بالالتزام علي رفع المؤاخذة و يتوقف علي اضماره صدقه فان نفس الخطاء و النسيان حاصل في الامة او يتوقف عليه صحته عقلا فهو كقوله و اسئل القرية التي كنا فيها اي اهلها فهو مقصود و يتوقف صحة السؤال علي اضماره او شرعا كأن تقول اعتق عبدك عني علي الف اي مملكا علي الف فانه لاعتق الا بعد التمليك و اما الثاني فكأن يجاب بحكم بعد بيان قضية فانه يدل بالالتزام علي علية القضية لهذا الحكم كأن يسأل السائل و يقول وقع في البئر فأرة فيجيب بانه انزح منها دلاء فيفهم العقل السليم ان علة النزح وقوع الفأرة فمهما وقع الفأرة فيها ينبغي ان ينزح منها الدلاء فهذا دلالة تنبيه و ايماء علي العلية و من هذا الباب ما روي انه سئل احدهم عليهم السلام عن بيع الرطب بالتمر فقال اينقص الرطب اذا جف قيل نعم قال فلا اذا فنبه بسؤاله عن كيفية الحال بان علة عدم جواز البيع نقصان الرطب بالجفاف و من هذا الباب قول الصادق عليه السلام في الزكوة اذا كانت علي الميت انه بمنزلة الدين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتي يؤدي جميع ما اوصي به من الزكوة فانه نبه بحكم الزكوة علي حكم الدين بسبب التشبيه و انحاء التنبيه و الايماء كثيرة و يتفاوت مراتبها في الخفاء و الظهور و خفياتها كثيرة

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۲ *»

لايطلع عليها الا الفقيه الماهر فقد روي انتم افقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا و في رواية معاريض كلامنا و روي انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيها حتي يلحن له فيعرف اللحن و اما الثالث فهو ان لايكون مقصودا و لكن يحصل مطلب جديد و حكم جديد من ضم كلام الي كلام مثل ما يعرف ان اقل ايام الحمل ستة اشهر من ضم قوله تعالي و فصاله في عامين مع قوله و حمله و فصاله ثلثون شهرا و هذه الدلالة واسع الذيل لايطلع عليه الا الفطن الذكي و ليس حظ كل غبي كمامر في الخبر.

و اما المفهوم فان كان مفهوم موافقة فهو المسمي بلحن الخطاب و فحوي الخطاب و ذلك مثل ما يفهم حرمة ضرب الوالدين بالنهي عن التأفيف و ذلك ليس من باب القياس الاولوي لان العرف جري لحنهم في نفي جميع افراد النوع بنفي ادناها فيعبرون عن ذلك مشعرا بذلك النوع ليعلم ان المراد نفي افراد هذا النوع لاغيره من الانواع فتقول لاتعطه فلسا او ما عندي فلس و تريد نفي جميع الافراد و النهي عن جميع الافراد تنبيها علي جنس الفلس فلاينبغي اذا اردت نفي نوع الانسان ان تقول ليس في الدار متحرك او نامي بل يجب ان تقول انسان و اذا اردت نفي جميع العالم تقول ليس شيء و هذا طريق لحن المتكلمين البلغاء فقوله تعالي لاتقل لهما اف هو مفهومه حقيقة النهي عن جميع انواع الاذي فافهم ذلك و لاتحسبه قياسا و ان كان مفهوم مخالفة فهو دليل الخطاب و هي علي اقسام ثمانية الاول مفهوم الشرط و هو حجة عندنا للتبادر و لقول الصادق عليه السلام لزرارة في قوله تعالي من شهد منكم الشهر فليصمه ما ابينها من شهد فليصمه و من سافر فلايصمه فنبه بقوله ما ابينها بوضوح مفهوم الشرط و تبادره و فيه الحجة البالغة و لسنا بصدد بيان حجيته فلانطيل الكلام الثاني مفهوم الصفة و هو ايضا حجة فان تخصيص ذكر وصف من دون مخصص ليس من شأن الحكيم و للتبادر في جميع المحاورات و للاخبار الواردة

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۳ *»

عن اهل العصمة و الطهارة عليهم السلام كما روي عن الرضا عليه السلام في قوله خلق السماوات بغير عمد ترونها قال ثم عمد و لكن لاترونها و عنه عليه السلام في قوله لاينال عهدي الظالمين فابطلت هذه الآية امامة كل ظالم الي يوم القيمة فصارت في الصفوة و من يأتي ردا علينا بآية او خبر لم‌يكن فيهما مفهوم الشرط و الوصف معمولا به قطعا فنسأله من اين علمت عدم جواز العمل به فان قال من نفس المفهوم كذب و ان قال بقرينة او معارض اقوي صدق و هما صارفان للمنطوق عن حقيقته فضلا عن المفهوم و كلامنا ان نفس المفهوم من حيث هو هو حجة و لولا ذلك لم‌يكن مفهوما فليقل الخصم انه ليس بمفهوم و لا اظنه يقول فان كان مفهوما فهو دليل التبادر و الا فلايكون مفهوما و كونه مفهوما بديهي و ما يفهم من كلام الحكيم عرفا حجة ما لم‌يصرفه عنه قرينة الثالث مفهوم الغاية و هو ايضا حجة و الا يكون التقييد لغوا و هو لايصدر من الحكيم الرابع مفهوم اللقب و هو ايضا حجة فان الحكيم لايخص بالذكر ما ليس له خصوصية في الذكر كما اذا قال الشمس كوكب النهار و الدنيا دار العمل و الآخرة دار الجزاء و قوله حلال محمد حلال الي يوم القيمة و حرام محمد حرام الي يوم القيمة الي ليس غيره حلال و لاحرام و عن الصادق عليه السلام في قوله و جعلناهم ائمة يهدون بامرنا قال لابامر الناس يقدمون امر الله قبل امرهم و حكم الله قبل حكمهم و اخبار عديدة عن علي عليه السلام في قوله فما بكت عليهم السماء و الارض ثم اشار الي الحسين عليه السلام فقال لكن هذا لتبكين عليه السماء‌ و الارض و ما ردوا علي ذلك ببداهة ثبوت الحكم علي غير المذكور في كثير من المواضع فانما هو بالقرائن و الصوارف و البداهات و كل ذلك دليل علي صرف المفهوم عما هو عليه في تلك الموارد بعينها لاغيرها الاتري انه لايسع احدا انكار الحقايق بسبب وجود المجازات الخامس مفهوم الحصر و هو ايضا حجة للتبادر و العرف و عدم صدور اللغو

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۴ *»

من الحكيم و لم‌يكن غرضنا اثبات حجية المفاهيم و الا كنا نبسط الكلام بالنقض و الابرام السادس مفهوم العدد و هو ايضا حجة لان الحكيم لايخص الحكم بعدد مع جريه في غيره ايضا لقبح التكرار و يدل علي ذلك ما روي عن الرضا عليه السلام قال ان الله تعالي قال لمحمد ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فاستغفر لهم مائة مرة ليغفر لهم فانزل الله سواء عليهم استغفرت لهم الآية السابع مفهوم الزمان و الثامن مفهوم المكان و هما ايضا حجتان لقبح التقييد من الحكيم بما ليس بقيد و نقول كلية في المفاهيم ان الحكيم الفصيح البليغ المطلع علي اسرار المعاني و حقايق المباني لابد و ان يكون كلامه وافيا للمراد غير زايد عن مقدار الحاجة بحرف و لاناقص عنه بحرف و يكون جميع كلماته مفيدا لمعني خاص لايفيده غيره فان التكرار لغو و عجز الاتري انه لو اردت من احد عشرا فتقول له اعطني واحدا و اعطني واحدا و اعطني واحدا و هكذا الي العشر لكان مستهجنا عند جميع العقلاء و مقتضي الحكمة ان تقول اعطني عشرا وافيا للمقصود و كذلك اذا اردت اكرام القوم فيستقبح ان تقول اكرم زيدا اكرم عمروا اكرم بكرا و البليغ يقول اكرم القوم كافيا و كذا يستهجن العقلاء ان تقول اكرم زيدا ان كان عالما اكرم زيدا ان كان صايغا اكرم زيدا ان كان نجارا فان هذا التكرار لغو و لايليق بالفصاحة و اللازم ان تعلق الحكم بشرط يعم هذه الصنايع كلها او تذكرها علي العطف و كذا القول في الصفة و كذا ان تقول صم الي الضحي صم الي الظهر صم الي العصر صم الي الغروب ليوم واحد و البليغ الحكيم يقول صم الي الغروب لئلا يلزم تكرار في قوله و هكذا فالحكيم يكون جميع كلماته تأسيسا مفيدا لمعني خاص لايفيده غيره و ان كان الحكم في المسكوت عنه مطابقا للمنطوق لاحتاج الي تكرار الحكم علي المسكوت عنه ايضا و هذا خلاف الحكمة فليحمل علي التأسيس جميع كلمات اهل العصمة و الطهارة عليهم السلام الا ان يقوم قرينة

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۵ *»

علي التكرار فتتبع بل الاضمار لرفع غائلة التكرار في كلام الحكماء الابرار اولي من تجويزه فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم انا لم‌نكن بصدد بيان حجية المفاهيم و الا كنا نقضي للبيان حقه و لكن ذكرنا هذا المجمل استطرادا ثم اعلم ان مالم‌يصرح الشارع بعلة الحكم و يستفيده الفقيه من كلامه عليه السلام يكون علي اقسام اما يستنبطه من دلالة التنبيه و هو علي اقسام فمن ذلك مثل ما روي انه سئل احدهم عليهم السلام عن بيع الرطب بالتمر فقال اينقص الرطب اذا جف قيل نعم قال فلااذن فان الفقيه العارف باللحن يفهم ان سبب عدم الجواز نقصان الرطب فيجري ذلك في كل ما ينقص و من ذلك مثل ان يسأل صليت و ثوبي نجس فيقول الشارع اعد صلوتك فانه يفهم الفقيه منه ان علة الاعادة نجاسة الثوب و هذا القسم يسمي بتنقيح المناط القطعي فيجريها في كل من صلي و ثوبه نجس و بذلك جري استدلال الائمة عليهم السلام و فقهاء الاعصار في الاخبار و الآثار الواردة في الموارد الخاصة و لولا ذلك لاختص كل جواب بسايل القضية الخاصة و لكن لتنقيح المناط حد ينبغي ان يوقف عليه و لا يتعداه و هو انه ينبغي ان يخرج من مناط الحكم ما قام الاجماع علي خروجه او دل الكتاب و السنة عليه و ماسوي ذلك يلحق السبر و التقسيم في مستنبط العة و سيأتي بيانه مثال ذلك اذا قال الاعرابي واقعت اهلي في نهار شهر رمضان و قال له النبي صلي الله عليه اعتق رقبة فينبغي ان يقال ان خصوصية الاعرابية لامدخل لها لما روي ان حكم الله علي الاولين و الآخرين واحد و لا اختصاص له بالوقاع مثلا اذا كان ساير المفطرات الموجبة له ايضا هكذا و لا اختصاص له بذلك الشهر الخاص في زمان النبي صلي الله عليه لان حكم الله جار الي يوم القيمة و اما ساير مالم‌يقم له دليل من اجماع او كتاب او سنة لايجوز اخراجه بوجه كما يأتي كأن يقول لااختصاص له بالنهار مثلا و هو جار في الليل ايضا و لا اختصاص له بشهر رمضان بل يجري في الاشهر الحرم حال الاحرام ايضا و لا اختصاص له بالاهل لان الزنا اعظم و اشر و هكذا فلايجوز الاعتماد عليها ابدا فان ذلك لايوقف له علي حد و ينمحق الدين بالكلية كما يأتي

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۶ *»

و من هذا الباب يستفاد العلة من بعض المفاهيم.

اما مفهوم الشرط فنحو ان كان زيد عالما فاكرمه فانه يستفاد منه ان علة الاكرام العلم و قوله ان كان الماء كرا لم‌ينجسه شيء‌ فيستفاد منه ان علة عدم الانفعال الكرية اما مفهوم الوصف فكقوله تعالي لاينال عهدي الظالمين يستفاد منه ان علة عدم نيل العهد الظالمين ظلمهم و قوله تعالي بئس للظالمين بدلا ما اشهدتهم الآية يستفاد منه ان علة عدم الاشهاد ظلمهم و علة عدم اتخاذهم اعضادا ضلالهم و قد استدل الائمة عليهم السلام في اخبارهم بمفهوم الشرط و الوصف كثيرا فذلك و اشباهه طريق استفادة العلة من دليل الخطاب و كل هذه الاقسام مستنبطة من كلام الشارع و لايحصر طرق تنبيهاتهم فانهم ينبهون علي مراداتهم من طرق شتي و لهم اشارات خفية لايطلع عليها الا العلماء الكاملون كما روي انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيها حتي يلحن له فيعرف اللحن و روي انتم افقه الناس ما عرفتم معاريض كلامنا بالجملة هذه الوجوه ليست بقياس و انما هي عمل بالنص و صريح الخطاب او لحنه و فحواه او دليله او بمدلوله التنبيهي او الايمائي او غير ذلك و لاشك في اعتبارها اذا افادت العلم العادي و لم‌يعارضها ما يمنع من حصول العلم بها و اما ما سوي ذلك مما يستنبط العلة فيه بالظنون من غير مواضع النصوص فان تحقيق ذلك يحتاج الي بيان مقدمة و هي انك قد عرفت مما سبق ان الله سبحانه غني عما سواه لم‌يهد خلقه لجلب منفعة لنفسه او دفع مضرة عن ذاته و انما هديهم لينالوا به خيره و كرمه و جوده فنهاهم عما فيه فساد معاشهم و معادهم و امرهم بما فيه صلاح معاشهم و معادهم و خلق خلقه من طبايع متضادة و غرائض متخالفة و امزجة متشتتة و ميول متفرقة فكل شيء منه يتقوي فيما هو عليه من غلبة ما هو من جنسه و يضعف من غلبة ما هو من ضده كما هو بين و لما كان جميع خلقه مخلوقا من جهتين جهة الي ربه و جهة الي نفسه و كل واحدة منهما ضد الآخر في الطبع و الميل و الغريزة و القوة و الضعف و الاقتضاء و كان في عملهم بمقتضي جهتهم الي ربهم دوامهم و بقاؤهم و صلاح معاشهم و معادهم و في عملهم بمقتضي جهتهم الي انفسهم زوالهم و فناؤهم و فسادهم في معاشهم و معادهم امرهم

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۷ *»

بمقتضيات الجهة الربانية و نهاهم عن مقتضيات الجهة النفسانية كما قررناه في محله و لم‌يتعبدهم في شيء من الشرايع من غير ملاحظة صلاح خلقه و فساده و ما يزعمه بعض العلماء ان بعض الاعمال الشرعية تعبدي فذلك زخرف من القول فان الله سبحانه اجل من ان يكلف عبده بعمل لاثمرة فيه من نفع او ضر بمحض التعبد او يكون بعض الشرايع صرف التوقيف الذي لاعلة فيه و لا حكمة فان ذلك عمل اللاغي و المحتاج و الغني الحكيم لايحتاج الي ان يتعبد خلقه بمالاثمرة فيه لصرف الامتحان مثلا او لمحض التعبد و انما حدث هذا القول في بعض العلماء لما عجزوا عن علة فهم بعض الشرايع و الاحكام فاضطروا الي احداث هذا القول و ليس لهم دليل من كتاب او سنة او عقل قاطع و انما هو صرف قول ينبي عن عجزهم فلم‌يأمرالله سبحانه بشيء‌  الا و فيه مصلحة لخلقه في ذواتهم او صفاتهم او افعالهم في معاشهم و معادهم و لم‌ينههم عن شيء الا و فيه مصلحة لخلقه في ما ذكرنا عرفها من عرفها و جهلها من جهلها وقد عرفت مما سبق ان منافع الاشياء و مضارها تختلف فمنها ما ينفع و يضر من حيث الفاعل و منها من حيث المادة و منها من حيث الصورة الذاتية و منها من حيث الصورة العرضية و منها من حيث الغاية و منها من حيث ما يقترن به و منها من حيث الوضع و لما كان حيث الصورة و حيث ما يقترن به و حيث الوضع مختلفا متكثرا لكثرة حدود الصور و كثرة ما يقترن به الشيء و كثرة الاشياء التي يلاحظ معها الوضع صارت مقتضيات الاحكام بلاغاية و لانهاية لايحيط بها الا الذي خلقها فربما يكون مقتضي الحكم كمه او كيفه او جهته او رتبته او وقته او مكانه او كوكبه او برجه او طالعه او المستولي عليه او غاربه او رابعه او تاسعه او ساير منسوباتها او سهامها او مربيها او عنصره او طبعه او غيبه او شهادته او قويه او حروفه او تركيبه او مستعمله او مخترعه او القوم الذين شاع فيهم او بلده او ذاته او عقله او روحه او نفسه او طبعه او مادته او مثاله او جسمه او ما فيه من العرش او ما فيه من الكرسي او ما فيه من فلك زحل او المشتري او المريخ او الزهرة او عطارد او القمر او ما فيه من الاعراض المقومة او ما فيه من الاعراض المكملة او

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۸ *»

قلة ما فيه او كثرته او صفاؤه او كدورته او جنسه او نوعه او صنفه او شخصه او ما يتصل به او ما ينفصل عنه او ما يؤل اليه او ما بدء منه او ما يناسبه او ما ينتسب به او ما يشبهه او ما يشتبه به او طعمه او وزنه او ريحه او ملمسه او رخاوته او شدته او خشونته او ملاسته او تفككه او تلززه او معدنه او مأويه او منتهاه او اصله او فرعه او عرضه العام او عرضه الخاص او طوله او قصره او عرضه او سمكه او لطفه او كثافته او منظره او مخبره او موافقته او مخالفته او حسنه او قبحه او اوله او آخره او ظاهرظاهره او ظاهره او باطنه او باطن باطنه او قوته او ضعفه او صحته او مرضه او خاصيته الي غير ذلك من وجوه الكثرات و الاختلافات و القرانات اللازمة لكل حادث واقع في عالم الكثرات و الاختلافات مما لايحيط به غير خالقه و باريه و ذاريه و لما كانت هذه الامور المتعددة مقتضيات الاحكام و اسباب الاصلاح و الافساد و لايحيط بها غير خالقها لايسع احدا استنباط علة تعلق حكم من الاحكام بشيء من الاشياء حتي يقيس عليه و كيف و ان الشيء الواحد يحلل مرة و يحرم اخري و يكره تارة و يستحب اخري بحسب الازمان و الاشخاص و الامكنة فاين مجال القياس لاحد حتي يستنبط العلة و يقيس فلربما يكون شيء من وجه اقرب و من وجوه ابعد و يكون شيء من حيث اولي و من حيث خلافه نعم الذي يعرف العلة الحقيقية للحكم يعلم ان الذي يكون العلة فيه اكد يكون اولي بذلك الحكم المتعلق بغير الاولي و اما غيره فربما ينظر الي غير تلك الجهة و يريد ان يقيس عليها فيخر فتخطفه الطير او يهوي به الريح في مكان سحيق مثل ما قاس ابليس فرأي انه امرت الملئكة بسجدة آدم فرأي انه من الطين و نفسه من النار فرأي ان النار الطف من الطين فزعم انه اولي بان يصير مسجودا فقاس و جسر و هوي فلوكان يعلم ان مناط الحكم نورانية آدم و صدور عن الحقيقة المحمدية اولا و صدور الملئكة عنها بواسطة الانبياء و الشيعة و صدور الجن عنها بواسطة بني آدم لعلم ان آدم اولي بان يكون مسجودا و لكنه جهل علة الامر فهلك بقياسه فلربما يتعلق الحكم بشيء فير القايس ان غيره اعلي منه مثلا فيزعم ان متعلق الحكم العلو و السفل فيزعم ان الاعلي اولي بالحكم و الحال ان متعلق الحكم اللطافة و الكثافة و قد كان

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰۹ *»

الاسفل لطيفا و الاعلي كثيفا فلايجري حكم اللطيف في الكثيف و هكذا و ربما يتعلق الحكم بشيء من جهة كوكبه و هي خفي علي الاكثرين فيري القايس شيئا يشترك معه في الكم و يختلف معه في ساير الجهات التي يعلمها فبالسبر و التقسيم ينفي الحكم عن الجهات الفارقة و يثبته في الجهة الجامعة بزعمه مع ان لهما جهات كثيرة قد خفي عليه جلها او كلها و منها متعلق الحكم و علته و هو لايعلمه فيحصر الامر فيما يعلم فيضل بقياسه و يضل الي غير ذلك من الوجوه التي يطول بذكرها البيان فلايجوز القياس في الدين ابدا ابدا و انما مرجع ذلك الي خالقها و الشاهد المطلع عليها اللهم الا ان يصرح الشاهد المطلع علي علة الحكم او نيته عليه فعند ذلك يجري الحكم اين ما جرت العلة فانك ما تري في خلق الرحمن من تفاوت و اقدار الله و احكامه علي حسب المقتضيات فاذا صرحوا و نبهوا علي علة الحكم التي يدور عليها الحكم وجودا و عدما نحكم به اين ما وجدت العلة و نفيه من اين ما انتفت فتبين الفرق بين منصوص العلة و مستنبطها بينا واضحا ثم لانطيل الكلام بذكر كيفية استنباطهم العلة من الدوران و السبر و التقسيم و تنقيح المناط الظني و تحقيق المناط و تخريج المناط و الاولوية و اتحاد طريق المسئلتين و غير ذلك فانه لاطايل تحته بعد القطع بعدم الجواز بالكتاب و السنة و الاجماع و قد تواترت الآثار عن الائمة الاطهار بعدم جواز العمل بالقياس كلية حتي القياس الجلي و اوردنا شطرا من تلك الروايات في كتابنا فصل الخطاب و لنكتف هنا بذكر حديث واحد و هو ما روي ان ابا عبد الله عليه السلام قال لابي‌حنيفة انت فقيه اهل العراق قال نعم قال فبم تفتيهم قال بكتاب الله و سنة نبيه قال يا اباحنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته و تعرف الناسخ من المنسوخ قال نعم قال يا اباحنيفة لقد ادعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك الا عند اهل الكتاب الذين انزل عليهم ويلك و لا هو الا عند الخاص من ذرية نبينا محمد صلي الله عليه و آله و ما ورثك الله من كتابه حرفا الي ان قال يا اباحنيفة اذا ورد عليك شيء ليس في كتاب الله

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۰ *»

و لم‌تأت به الآثار و السنة كيف تصنع قال اصلحك الله اقيس و اعمل فيه برأيي فقال يا اباحنيفة ان اول من قاس ابليس الملعون قاس علي ربنا تبارك و تعالي فقال انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين فسكت ابوحنيفة فقال يا اباحنيفة ايما ارجس البول او الجنابة فقال البول فقال فما بال الناس يغتسلون من الجنابة و لايغتسلون من البول فسكت فقال يا اباحنيفة ايما افضل الصلوة ام الصوم قال الصلوة قال فما بال الحائض تقضي صومها و لاتقضي صلوتها فسكت انظر في هذا الخبر الشريف و اعرف ان هذا شأن القياس الجلي فما ظنك بغيره من الآراء و الاهواء و الاستنباطات الظنية فلنكتف بماذكرنا فانه كاف لذي عينين و الصلوة علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

قال سلمه الله تعالي ما باطن غير المنصرف في عالم التكوين و لزوم هذه الشروط فيه و ما معني حقيقة هذه الشروط في التكوين في عالم الكبير و الانسان الصغير و الوسيط.

اقول هذا سؤال عجيب و طلب غريب لم‌يرسم جوابه في كتاب و لم‌يجر ذكره في خطاب بل ليس له علي وجه الارض جواب و الظاهر انه ايده الله اراد بالباطن التأويل بقرينة ذكر العوالم الثلثة فان الاصطلاح قد جري بان مدلول اللفظ علي ظاهر العربية هو الظاهر و ان اخذ صورة اللفظ و تصرف في مادته من دون ملاحظة ظاهر القواعد الموضوعة في الاشتقاقات و ظاهر العربية فهو ظاهر الظاهر و ان صرف المعني الظاهر عما هو الشايع المتعارف و المفهوم من اللفظ علي حسب التبادر العرفي الي ساير الآفاق و الانفس في العرض من باب ان كل شيء فيه معني كل شيء و قوله تعالي ما تري في خلق الرحمن من تفاوت بحيث يضع كل شيء في موضعه فهو التأويل و ان اجري تلك الحقايق و المعاني الجارية في الآثار في المؤثرات فهو الباطن ثم ان صرف الباطن الي ما في عرضه من عالمه فهو تأويل الباطن و ما باطن الباطن فهو مما لايجوز تعيين مقامه خوفا

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۱ *»

من هذا الخلق المنكوس القائلين انا نريد من بقلها و قثائها و فومها و عدسها و بصلها المقول لهم اتسبدلون الذي هو ادني بالذي هو خير اهبطوا مصرا فان لكم ما سئلتم و ضربت عليهم الذلة و المسكنة و الظاهر من سبك سؤاله سلمه الله انه اراد تأويل غير المنصرف في الآفاق و الانفس و المولود الفلسفي فالانسان الكبير هو هذا العالم المشروح المفصل و الانسان الوسيط هو المولود الكريم الفلسفي فان فيه انموذج جميع العالم علي نحو الاختصار و لكن مشروحا مفصلا بالنسبة الي الانسان الصغير و الانسان الصغير هو الانسان ابن آدم فان فيه ايضا انموذج جميع العالم علي نحو الاندماج و الاندراج كما هو فيما ينسب الي اميرالمؤمنين عليه السلام

اتزعم انك جرم صغير

و فيك انطوي العالم الاكبر

فاراد سلمه الله تأويل الغير المنصرف في الاناسي الثلثة فنقول ان بيان ذلك يحتاج الي رسم مقدمات حتي يتضح المقام و يتبين المرام اعلم ان العرب في لغة العرب ظاهرا هم سكان الامصار و الاعراب هم اهل البادية و ليس واحده عرب و لايجمع عرب علي اعراب بل يجمع علي ضمتين و يجمع الاعراب الاعاريب و باطن العرب سكان مصر اللاهوت و قطان بلد الماهوت السنة الله سبحانه المعبرون عنه مشياته و اراداته و اقداره و اقضيته الناطقون باحكامه في عرصة الملك المخبرون عنه بآياته و كلماته و هم امراؤالكلام الذين فيهم تنشبت عروقه و عليهم تهدلت غصونه و العربي هو لسان الله سبحانه الذي تكلم به و عبر به عن ارادته و لذا روي عن الصادق عليه السلام ان الوحي ينزل من عند الله عزوجل بالعربية فاذا اتي نبيا من الانبياء اتاه بلسان قومه و عنه عليه‌‌السلام ما انزل الله تبارك و تعالي كتابا و لاوحيا الا بالعربية و كان يقع في مسامع الانبياء بالسنة قومهم و كان يقع في مسامع نبينا صلي الله عليه و آله بالعربية فاذا كلم به قومه كلمهم بالعربية فيقع في مسامعهم بلسانهم و كان احد لايخاطب رسول الله باي لسان خاطبه الا وقع في مسامعه بالعربية كل ذلك يترجم جبرئيل

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۲ *»

عنه تشريفا من الله عزوجل و عنه عليه السلام تعلموا العربية فانها كلام الله الذي يكلم به خلقه و عنه عليه السلام تعلموا العربية فانها كلام الله الذي كلم به خلقه و نطق به للماضين انتهي فالعربية لسان الله الذي يتكلم به علي لسانه لمن شاء من خلقه و انما يصدر منه علي الفطرة المستقيمة الالهية و يقع في مسامع اهل الجبروت و الملكوت و الملك فينصبغ ذلك الكلام في مرايا مسامعهم انصباغ شعاع الشمس في المرايا المختلفة فكما ان الشعاع يصدر من الشمس علي هيئة صفتها و ينصبغ في المرايا المختلفة علي حسبها كذلك كلامه جل شانه يصدر من لسانه علي هيئة صفته و هو عربي مبين فيكون كلامه ايضا عربيا فيقع في مسامع القوابل الامكانية علي حسب تلك القوابل فينصبغ في بطونها علي حسبها فكل قابلية كانت مستقيمة صافية حكت ذلك الكلام علي ما هو عليه و لم‌تغير و لم‌تحرف شيئا منه و سمعته عربيا و كلما كانت منحرفة حرفت الكلام علي حسب انحرافها و سمعت علي ساير السنة العجم و لما عرفت ان العرب سكان مصر اللاهوت و قطان بلد الماهوت فكلامهم الاكوان الموجودة في عالم السرمد و الجبروت والملكوت و الملك و هو عربي مبين و لذلك سميت اجزاؤها في كتاب الله بالكلمات كقوله تعالي فتلقي آدم من ربه كلمات و كلمة منه اسمه المسيح و سميت بالآيات باعتبار و عبر عن المشية بالقول و قال انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون و قال و لقد وصلنا لهم القول اي اماما بامام.

بالجملة كلامهم عربي كوني لانه جار علي نهج الحكمة و الصواب و الفطرة المستقيمة الالهية و هو عربي لانه يعرب اي يفصح عن مرادات الله سبحانه من خلقه الخلق و هي المعرفة فسبحان من دانت له السموات و الارض بالعبودية و اقرت له بالوحدانية و شهدت له بالربوبية فان من شيء الا يسبح بحمده و لكن لاتفقهون تسبيحهم و هو عربي لانه منسوب الي العرب المبينين مرادات الله سبحانه المفصحين عنها كما قال سبحانه شهد الله انه لا اله الا هو و الملئكة و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۳ *»

اولوالعلم قائما بالقسط و سمي العرب بالعرب لان عربة ناحية قرب المدينة و اقامت قريش بعربة فنسب العرب اليها و هي باحة العرب و باحة دار ابي الفصاحة اسمعيل علي نبينا و آله و عليه السلام و اليها يشير الشاعر:

و عربة ارض ما يحل حرامها

من الناس الا اللوذعي الحلاحل

يعني النبي صلي الله عليه و آله و الحلاحل بالضم السيد الشجاع و باطن عربة هي باحة اللاهوت و ساحة الماهوت كما قدمنا و هي قرب مدينة الرسول صلي الله عليه و آله و هي حضرة العلم و لذا قال صلي الله عليه و آله انا مدينة العلم و علي بابها فالعربة مقام الولاية و هي ناحية قرب المدينة و هي مقام الكلام و مقام النقش و الارتسام و مقام الظهور و التجلي و مقام النبي مقام الكنز المخفي و الغيب المطلق فسمي العرب عربا لانهم من اهل عربة الولاية المطلقة و الرياسة الكاملة و هم المبينون اسرار العلم و الشارحون خفايا الحكم ثم لذلك المصر القاهرة قري و كورات و مضافات و اعمال و سكنة تلك القري و الكورات و المضافات كلهم عرب يفصحون عن مرادات الله سبحانه علي ما اشرق عليهم و وصل اليهم مما فضل عن اهل المصر علي طبق قوله عليه السلام و انما يرشح عليك ما يطفح مني و ضرب علي تلك القري سور و هو سور الولاية الالهية المطلقة في مقام انا الآمل و المأمول و مقام ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و بهم ملأت سماءك و ارضك له باب و هو علي عليه السلام باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب فقطان داخل السور هم العرب لانهم من اهل الامصار ومضافاتها و للعرب ثلثة احرف حرف من جروف الجبروت و هو العين و حرف من حروف الملكوت و هو الراء و حروف @ من حروف الملك و هو الباء كما حقق في علم الحروف ليدل علي انهم ملؤا اقطار الوجود و اظهروا سر المعبود ففي الجبروت في المقامات السبعين مجالي الكاف و النون و في الملكوت في المقامات المأتين المحلات الاربعين في البلدان الخمسة الملكوتية و في الملك في السموات و الارض بهم

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۴ *»

ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت و اما الساكنون خارج الباب في البوادي فهم الاعراب الذين هم اشد كفرا و نفاقا و اجدر ان لايعلموا حدود ما انزل الله علي رسوله فلذا روي ما معناه شيعتنا العرب و ساير الناس علج و اشتهر عنه عليه السلام انا من العرب و ليس العرب مني فقوله انا من العرب اي من شيعتنا لانهم العرب حقيقة و علي تفسير ظاهر الظاهر انا اي مقام المتكلم من العرب اي من رتبة الشيعة لان المتكلم صفتنا و الصفة في مقام الشعاع و ليس العرب اي العرب الظاهرون المتكلمون بالعربية الظاهرة باجمعهم مني لان منهم كفارا و هم اعاريب في الحقيقة فالشيعة عربي حقيقة و ان كان من العجم ظاهرا و الكافر عجمي و ان كان من العرب ظاهرا فان هذه العربية و العجمية الدنياوية لطخية و خلطية و ليست ذاتية فاذا ماتا يرجع كل الي اصله و ينقلب لسان المؤمن الي العربية و لسان الكافر الي العجمية الاتري انك تلقن الموتي بالعربية و اهل الجنة يتكلمون بالعربية و عن القمي في قوله تعالي عربا اترابا قال يكلمن بالعربية و روي انه احيا علي عليه السلام رجلا فقام يتكلم بالعجمية و سئل عن ذلك فقال لمت مت علي غير ولاية علي7 انقلب لساني عجميا و روي انه رأي امرأ القيس رجل في المنام و هو يتكلم بالعجمية فالشيعة هم من العرب لانهم شعاع العرب كما ورد الناس ثلثة عربي و مولي و علج فالعرب نحن و اما المولي فمن والانا و اما العلج فمن تبرأ منا و ناصبنا و روي نحن قريش و شيعتنا العرب و عدونا العجم و اما هم قريش لانهم خيار العرب و ايضا سميت الشيعة بالعرب لانهم آل محمد عليهم السلام كما روي في حديث سدير قال قال ابوعبد الله7 انتم آل محمد انتم آل محمد و الائمة عليهم السلام كلهم محمد و هم القري المباركة بنص الكتاب فالشيعة اهل القري و اهل القري عرب و عدوهم التيه و اهل التيه شيعتهم فهم الاعراب اشد كفرا و نفاقا و ايضا سميت الشيعة بالعرب لانهم ولدوا في الاسلام اي التسليم لعلي7 و قد رود من ولد في الاسلام فهو عربي فالشيعة ولد علي الفطرة في التسليم لعلي7 و اخذ علمه عن علي7

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۵ *»

و روي من لم‌يتفقه في الدين فهو اعرابي و الدين هو علي7 و من لم‌يتفقه فيه و لم‌يسلم له فهو اعرابي بالجملة اصل العرب هم سكان مصر اللاهوت كما ذكرنا و كلامهم الاكوان السرمدية و الجبروتية و الملكوتية و الملكية تقوم بهم قيام الكلام بمتكلمه فنقول كلمات العرب علي ثلثة اقسام فعل و اسم و حرف فالفعل هو ما دل علي حركة المسمي و الاسم مادل علي المسمي و الحرف ما لايدل علي ذا و لاذا و انما هو الرابطة بين الفعل و الاسم و ما بين الاسمين علي اختلاف المقامين و الاصل الاشرف الاجل الاعلي في الثلثة الفعل لقول الصادق7 خلقت الاشياء بالمشية و خلقت المشية بنفسها و لأن كل ما سوي الله سبحانه حادث و انما يحدثه الله سبحانه بفعله فالفعل مقدم علي الاسم و الاسم اثر للفعل و شعاع له مخلوق به و لذلك يكون المصدر علي الاصح مشتقا من الفعل فرعا له كما هو مذهب الكوفيين الآخذين عن علي7 و انما ذهب البصريون اصحاب المؤتفكة بالخاطئة الي خلاف ذلك حنقا لعلي7 و كان ديدنهم انهم كانوا يأخذون عن علي7 و يقولون بخلافه فالفعل هو الاصل و المصدر مشتق من الفعل كما هو في التكوين ما فقد في العبودية وجد في الربوبية ما تري في خلق الرحمن من تفاوت.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان المعرب ما يختلف آخره باختلاف العوامل و هو علي قسمين منصرف يدخل عليه التنوين و الكسر و غير منصرف لايدخلانه كما يأتي و المبني مالايختلف و هو ايضا علي قسمين اما يكون عدم اختلافه بسبب عدم تقدم عامل عليه كالفعل او بسبب ثقله و عدم ظهور اثر العامل فيه لثقله المانع من الانفعال كالمركبات و الامثال الصائرة اعلاما و غيرها فالاعراب سمة الاسماء و الاصل فيها و البناء الاول سمة الفعل بالذات و الحرف بالتبع و البناء الثاني سمة غيرهما فالبناء الاول اشرف من الاعراب و لذلك صار الفعل الماضي الذي هو الاصل في الافعال و اشرف من الاسماء و مبدؤها مبنيا لايعمل فيه عامل و لذلك صار الحق في المسئلة ان المبني الاول اشرف من المعرب لان المعرب قد اثر فيه

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۶ *»

العامل و استولي عليه و المبني الاول لم‌يؤثر فيه عامل و لم‌يقو عليه شيء حتي يغيره عن كيانه و علي قاعدة امكان الاشرف كلما هو ابعد عن التغير هو اقرب الي المبدء و كلما هو اكثر تغيرا و انقلابا هو ابعد عن المبدأ فالمبني الاول اشرف من المعرب و لذلك صار البنا سمة الفعل و الاعراب سمة الاسم فالبنا هو الاصل في الفعل لانه هو نفس العامل و الاعراب هو الاصل في الاسم لانه مفعول و معمول للفعل يغيره كيف شاء و لذلك صارت الحركات البنائية ضما و فتحا و كسرا غير مقترنة بنون و الحركات الاعرابية رفعا و نصبا و جرا مقترنة بالنون و السر فيه ان النون حرف العين و الانية و المبني لتمحضه في مبدئه و توجهه اليه و قربه منه لايقترن بنون الانية و اما المعرب لبعده عنه صار مقترنا بالنون التي هي من حروف الانية و الماهية و السر في كون النون حرف الانية و الماهية لان قواها خمسون و هو مكعب الخمسة التي هي قوي الهاء حرف الوجود و ظهور المعبود في عالم الشهود و لذلك صارت في زبر اسم الهمزة و قد اقامتها مقامها في الاداء كما اقامت الالف اللينية اياها مقامها فصارت آية ما فوقها كما صارت الهاء آيتها فلما كان المعرب في مقام المعمولية و غلبة الانية و الماهية الباعثة لذلك صار يقترن بالنون ليطابق الظاهر الباطن و لذلك يكون الاسم اقرب الي الاستقلال الذي هو حقيقة اضمحلال و لما كان الفعل مضمحلا تحت سطوة الفاعل و يكون الغالب عليه جهة الرب حتي انه ظهر بالعرضية الصرفة صار مبنيا لايقترن بنون الانية ابدا الا في حال الاتصال بالمفعول المتكلم الموجب للتنزل و الخفض فيؤتي بالنون الرابطة بينه و بين المفعول ليلحقها الخفض دونه فتقول ضربني و هذا ادل دليل علي ان ضمير المتكلم اخس الثلثة فانهما لايوجبان له خفضا تقول ضربه و ضربك و اما ضربنا فهو فرع ضربني لان نا للمتكلم مع الغير و لم‌يوجب خفضا لمكان النون ايضا فافهم و لما كان الفعل مبدءا لايسبقه سابق و لم‌يتقدمه عامل صار لايتغير و لايتبدل عن كيانه و اما الفعل المضارع مع كونه مضارعا للماضي من ضرع واحد صار يؤثر فيه العامل فلضعف جهة الفعلية فيه فانه لايكون الفعل مستقبلا الا مع عدم المقتضي او ضعفه و كمال قوة المانع او توحده فهو بعد لم‌يخرج من حيز

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۷ *»

الامكان الي الكون و سيخرج اذا وجد المقتضي او قوي و فقد المانع و لما كان جهة المبدء الكائن الموجود الثابت الازلي البحت البات فيه ضعيفا صار متغيرا الا ان تغيره ليس كتغير المعربات الاخر فانه مع ذلك لم‌يخفضه شيء لم‌يلحقه نون ابدا فتقول لن يضرب و قد يلحقه الجزم بلا و لم ليدل علي قطع تعلق الفعل عن المفعول و توقف الفاعل و عدم المقتضي في نفس المفعول للفعل فافهم ما اذكره لك فانه دقيق و بالتوجه و الاقبال حقيق فالفعل فالفعل المضارع برزخ بين المبني و المعرب ففي عدم التنوين يشبه المبني و في الانفعال بالعامل يشبه المعرب.

و اما حقيقة اصل الحركات في اواخر الكلم فاعلم ان الالفاظ قوالب المعاني و اجسادها و نسبة المعاني اليها نسبة الروح الي الجسد والعبودية جوهرة كنهها الربوبية فما خفي في الربوبية اصيب في العبودية و قد علم اولوالالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الابما هيهنا و قد ثبت في الحكمة ان المحل لابد و ان يكون مناسبا للحال و الحال لابد و ان يكون مشابها للمحل فان المحال جواذب الحوال علي حسب مقتضي ما هي عليه فلاتسأل الا ما تحتاج اليه و لاتعطي الا ماسأل فالحركة هي الانتقال من مكان الي مكان سواء كان للامداد او الاستمداد و السكون هو اللبث في المكان الذي كان فيه فالحركة هي الميل الي الغير اما للامداد او الاستمداد في كل عالم بحسبه و هي علي ثلثة اقسام لارابع لها اما ان يتحرك الشيء الي الفوق و هو الرفع و الارتفاع و اما ان يتحرك في وضعه فهو النصب الانتصاب و اما ان ينزل الي الاسفل فهو الخفض و الانخفاض فالقطب في المرفوعات الفاعل و ماسواه فرع عليه فهو يرتفع بجذب الفعل الي مقعر كرة الفعل و لايتعداه لان الفاعل هو حكاية الفعل عدم استقلال نفسه للمفعول به يعرف ان الفعل مضمحل متلاش تحت سطوة الذات و سلطانها و تلك الحكاية من عرض المفعول ليعرفه و يتم به الحجة عليه و لذلك صارا يشتقان من المصدر فهما في الحقيقة متضارعان ضرعا واحدا و هو ضرع المصدر و لما كان الفاعل حكاية عدم استقلال الفعل و جهة عدم استقلال الفعل اعلاه فصار الفاعل يرتفع من ارض المصدر بحرارة الفعل الي ان يرتكم تحت كرة فلك الفعل فيتجلي له الفعل

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۸ *»

فيشرق و يطالعه فيتلألأ فيلقي في هويته مثاله فيظهر عنه افعاله انظر الي آثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها و قد فصل حيث قال هو الذي يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فتري الودق يخرج من خلاله و هو فعل الاحياء الظاهر منه فلما رفع الفاعل و ازجاه من لطائف ارض المصدر اربعة اجزاء من رطوبته مع جزء من هبائه فعفنه و جلله و جعله ركاما تحته القي فيه شعاعه و مثاله المحيي فتري الودق يخرج من خلال الفاعل فصار محييا يحيي ارض المصدر باذن الله فاحيينا به بلدة ميتا و هي المصدر فاخرج به نبات المفعول الله انبتكم من الارض نباتا و ذلك المفعول هو المنصوب المنتصب مقام الزوجة المنتصبة تحت حركة الفاعل فالقطب في مقام المنصوبات و قلبها و اصلها المفعول و ما سواه فرع عليه و هو اول منصوب ينتصب و اما الجر فالقطب فيه و قلبه و اصله المضاف اليه و ذلك لان ذات الشيء و حقيقته لاتضاف الي شيء و لايضاف اليها شيء و انما المضاف اليه هو ظهور الذات و تنزلها الي مقام المضاف لتحقق الاضافة و الربط فما لم‌ينخفض المضاف اليه لايضاف اليه المضاف ابدا فالمضاف اليه ينخفض وجودا قبل المضاف ليقترن به و اما في الظهور فالخافض له هو المضاف لان المضاف هو المستنزل الجاذب للمضاف اليه الي حده قل لايعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم قال موسي يا رب ابعيد انت مني فاناديك ام قريب انت مني فاناجيك قال يا موسي انا جليس من ذكرني قال الله تعالي اذكروني اذكركم فوجودا مالم‌يذكر الله العبد بالتوفيق لم‌يقدر العبد علي ذكره كما ان الشبح في المرآة لاينظر اليك الا ان تنظر اليه و لايعرض عنك الا ان تعرض عنه و لكن ظهورا يظهر ذكره سبحانه و اعراضه بعد ذكرك له و اعراضك عنه فيظهر علي هيئة الجزاء نسوا الله فنسيهم فوجودا مالم‌ينخفض المضاف اليه الي مقام المضاف لايمكن للمضاف ان يضاف اليه و لكن في مقام الظهور يكون المضاف قبل المضاف اليه و يكون الخافض للمضاف اليه هو المضاف و هذا في مقام اضافة الداني الي العالي ظاهر كقولك عبد الله و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱۹ *»

اما العكس كرب محمد و آله علي@ فخفي وجهه و الاشارة اليه ان للشيء مقامان مقام ربوبية و مقام عبودية و اما مقام ربوبيته فهو آية الله سبحانه و وصف تعريفه به وصف نفسه و عرف لعبده فهو علي طبق ما وصف لا اسم له و لا اقتران و لا ارتباط و لانسبة فلايضاف اليه شيء و لايرتبط به شيء الا بعد التنزل الي مقام العبودية الصالح لان يضاف اليه شيء و ان يرتبط بشيء فبملاحظة نزول الداني الي مقام العبودية مقام الاضافة و الارتباط استحق الخفض فخفضه العالي فهذا ايضا علي طبق ما مر ما تري في خلق الرحمن من تفاوت و ان قلت علي ذلك لابد و ان يكون المضاف ايضا مخفوضا في الحالين قلت نعم مالم‌ينزل المضاف الي حد الاضافة لايضاف الا ان لاختلاف الانظار يتفاوت الحال فان من لاحظ ثبوت المضاف في مقامه و لما اراد تعريفه و اظهاره اتي بالمضاف اليه ليعرف المضاف به فهو ينزل المضاف اليه و يخفضه لاجل تعريف المضاف و لذا يكون المضاف اليه دائما مقصودا في الكلام بالعرض و كلما يحكم به في الكلام يرجع الي المضاف لا المضاف اليه و اذا لزمت هذه القاعدة تفوز بباطن الباطن من القرآن و اما من لاحظ نزول المضاف من رتبته العليا الي الدنيا فانه يخفض المضاف لامحة كما لاحظ واضع لغة العجم من الفرس و الترك و غيرهم فانهم يخفضون المضاف دائما كقولهم في الفرس غلامِ زيد بل ربما يقدم المضاف اليه علي المضاف في بعض الانظار لتمهيد المعرف ثم انزال المعرَّف بالفتح و ذلك كله لاختلاف انظار الواضع علي حسب اختلاف قوابل آلات الوضع بالجملة الاصل في الجر المضاف و ما سواه فرع عليه فان آلة وضع العربية كانت علي الفطرة الالهية فوضعها الله علي الاستقامة و الاعتدال و اما الحركات البنائية اما في الفعل فانها حركة غير ناشئة من العوامل و العلل و انما هي حركة لاتدرك بالحركة كما انه سكون لايدرك بالسكون و مثال الحركة البنائية الحركة في الوضع فانك ان شئت قلت انه ساكن لانه لاينتقل بجملته من مكان الي مكان فانه استقر في ظل العالي فلايخرج منه الي غيره و ان شئت قلت انه متحرك بانتقال جميع اجزائه فهو خلق ساكن لايدرك بالسكون و متحرك

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۰ *»

لايدرك بالحركة مثال ذلك حركة الافلاك العلوية فحركتها حركة بنائية بخلاف السفليات العنصرية المنفعلة فانها معربة تتحرك بتحريك العوامل الفلكية عن وضعها فالبنا اشرف من الاعراب كشرافة الافلاك علي الارضين فالفعل متحرك اذا لاحظت حركة حروفه في وضعه نحو ضَرَب فالباء مفتوحة كما ان الضاد و الراء مفتوحتان بلافرق فحركته حركة في الوضع الاتري انه لم‌تتعلق حركته بنون كما تعلقت حركة هذا زيدٌ و رأيت زيدا و مررت بزيد و لم‌تخرج عن وضعه و هو ساكن ايضا اذا لاحظت عدم خروجه عن وضعه الاتري انه لاينزعج بازعاج شيء عن وضعه فليست حركات اواخر المبنيات الا كحركات ساير حروفها ثم السر في كون بعضها مضموما و بعضها مفتوحا و بعضها ساكنا هو مثل السر في اختلاف حروفها وطبايعها و كواكبها و بروجها و نورانيتها و ظلمانيتها و نحسها و سعدها و غير ذلك و لابد و ان يستنبط ذلك في كل كلمة كلمة و لانهاية لذلك حتي تستقصي و فتح آخر الفعل الماضي لانه به فتح الله و هو اول مخلوق بنفسه و اشد الاشياء اضمحلالا عند ربه و الفتح انسب الي المفعول المضمحل الفاني المتلاشي عند ربه لانه شبيه آية المفعول و لطيفه و شريفه فافهم راشدا موفقا.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الاصل في الحروف ايضا البناء لعدم استقلالها في نفسها و غلبة جهة الرب عليها كالفعل و لذا قلنا ان مقامها مقام الملئكة الواسطة بين الفعل و المفعول و هم حملة الامداد من الفعل الي المفعول و من الاسم الي الاسم فكما ان الملئكة معصومون مطهرون لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و هم اشبه الاشياء اطاعة بمشية الله سبحانه و اشدها انقيادا لها و اكثرها اضمحلالا و عند تقليباتها صارت الحروف ايضا كذلك فاستحقت البناء و الحركة في الوضع و عدم الخروج منه الي غيره فلكل منا مقام معلوم و انا لنحن الصافون فالملئكة ايضا مبنيون لانهم صافون في حدهم و مقامهم لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون فالحروف قد يربطن بين الفعل و الاسم كقولك مررت بزيد وقد يربطن بين اسم و اسم كقولك محمد افضل من علي و علي ادني من محمد و لغلبة جهة المبدء فيها صارت عاملة فاعلة تؤثر في غيرها من الفعل و الاسم و مع

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۱ *»

ذلك ليست باشرف من الفعل و الاسم من حيث نفسها لان عملها ليس في حقيقة الفعل و الاسم و لاتعمل بظاهرها فيهما و انما تعمل بباطنها في ظاهرهما كما اذا اخذت بيد زيد فاقمته او حركتها فليس ان ظاهرك عمل في ظاهره و انما عمل فيه اي في ظاهره باطنك و كذلك الملئكة تدبر امر الانبياء و الائمة و الاناسي و الجن و ليست باشرف منهم و انما تعمل بباطنها في ظاهرهم و ان من الملئكة لمن باقة بقل خير منه و ان الملئكة لخدامنا و خدام شيعتنا و سلمان خير من جبرئيل فالحروف و ان كانت عاملة و لكن ليست باشرف من حقيقة المعمول فالحروف بحقيقتها عاملة و ليست الافعال و الاسماء بحقايقها معمولة لها بل معمولة لها بظاهرها و لسنا بصدد تفصيل مقام الحروف و كان غرضنا الاشارة لي سر بنائها في الجملة و اما ما كان بناؤه من جهة عدم انفعاله تحت العوامل و الفواعل لثقله و كثافته فكما قدمنا و حركاته ايضا ضم و فتح و كسر و انما صارت متحركة مع كون السكون انسب بمثله فلاجل ظهور آثار العوامل فيها من تحت الحجب الغليظة و لو مضمحلا و نسبة ظهور الآثار فيها مع كثافتها نسبة رأس مخروط النور الي قاعدة الظلمة و لولا شوب هذا النور به لم‌يخرج الي عرصة الوجود الاتري انك لاتقدر ان تنطق بكلمة يكون كل حروفها ساكنة فمثل هذا القسم ايضا مبني خلق من ظل المبني الاول وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله فالاقسام ثلثة فمنهم ظالم لنفسه يحوم حول نفسه و منهم مقتصد يحوم حول عقله و منهم سابق بالخيرات يحوم حول ربه فالسابق هو المبني الاول و المقتصد هو المعرب المنفعل المطيع و الظالم هو المبني الثاني العاصي فافهم ذلك فاذا عرفت معني الاسم و الفعل و الحرف و معني الحركات البنائية و الاعرابية علي سبيل الاجمال و الاختصار لئلا يورثك الملال و لايلزم خاطرك الغبار[1].

فاعلم ان الاسم اما معرب يجري عليه الحركات الثلث  و يتصل به النون و اما مبني اما مبنية فليس في موضع السؤال و اما المعرب منه علي ضربين منصرف

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۲ *»

و غير منصرف اما المنصرف فقد عرفت كيفية اعرابه و اما الغير المنصرف فهو مالايلحقه كسر و لانون كالفعل المضارع و يتغير في الضم و الفتح و يفتح في حال الخفض فهو ايضا حالته حالة البرازخ بين المبنيات و المعربات فبتغيره معرب و بعدم نونه مبني و يكون الاسم غير منصرف اذا كان فيه علتان من تسع او واحدة منها تكفي عن الاخري فالاول من تلك العلل العدل و هو اخراج اللفظ عن صيغته الاصلية تحقيقا كثلث المعدول عن ثلثة ثلثة و عمر الذي قدر عدله عن عامر و ليس بمعدول حقيقة فانه لفظ موضوع علي هذا الوزن ابتداء من غير ملاحظة عامر بل لما وجدوه غير منصرف في كلام العرب قدروا فيه العدل فهو سبب المنع من الصرف اذا ضم بالعلمية كعمر او الوصفية كثلث و الثاني الوصف الاصلي و ان غلب استعماله في فرد خاص كاسود و ارقم الثالث التأنيث فما هو بالالفين فهو مستقل في التأثير و ما هو بالتاء او المعنوي فشرطه العلمية لاسيما اذا كانت حروف الكلمة ازيد من الثلثة او تكون متحرك الوسط او كانت عجمية و ان سمي بها مذكر فشرطه الزيادة علي الثلثة و ان لايكون ذاك المؤنث منقولا عن مذكر و ان لايكون تأنيثه تأويليا و ان لايغلب استعماله في تسمية المذكر به الرابع المعرفة و شرطها العلمية و الخامس العجمة و شرطها العلمية في العجمية و تحرك الاوسط او زيادته علي الثلثة السادس الجمع ان كان علي صيغة منتهي الجموع بلاهاء و هو مستقل في التأثير كمساجد و مصابيح السابع التركيب و شرطه العلمية كبعلبك و ان لايكون باضافة و لااسناد فانه ان كان كذلك وجب ابقاء الجزئين علي حالهما قبل العلمية الثامن وجود الالف و النون فان كان اسما فشرطه العلمية كعمران و ان كان صفة فانتفاء فعلانه و قيل وجود فعلي كسكران و اما ندمان فمنصرف لانتفاء الشرطين التاسع وزن الفعل و شرطه ان يكون مختصا به او يكون اوله زيادة كزيادة الفعل كاحمد غير قابل للتا كيعمل فهذه اسباب منع الصرف و يرفع حكم الجميع الالف و اللام و الاضافة فيجر بالكسر و احوال غير المنصرف في عالم الالفاظ معلوم قد تكلم فيه اهله و اما في الانسان الكبير فاعلم انا قد قدمنا ان المعرب هو المطاوع للعوامل عند تواردها و المبني هو غير

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۳ *»

المطاوع لها اما المبني الغير المطاوع لغيره اما هو مبني اما هو مبني لعدم تقدم غير عليه و كونه اول موجود فكالفعل الماضي اي المشية المخلوقة بنفسها الوجود الراجح الذي لايسبقه سابق و لايتوقف وجوده علي شيء غير نفسه بربه فهو مبني الاصل لايتغير و لايتبدل و هو مبني بالفتح لانه به فتح الله الامكان و هو مخلوق بنفسه غير مقترن بغيره و اما هو مبني لثقله وكثافته المانع من الانفعال تحت افعال الفواعل و اوامرهم و نواهيهم و احكامهم فهو كالتراب الكثيف المبني علي حاله لايطاوع لعوامل النفوس ابدا الا بعد التلطيف والاذابة و كالماهية من حيث هي‌هي فانها مبنية لايظهر فيها آثار المشية التي هي الوجود و لذا قيل الماهية ما شمت رايحة الوجود و اما المعرب المنصرف المطاوع للفواعل و العوامل فكالروح الجسماني البخاري سواء كان طبيعيا او حيوانيا او نفسانيا فانها معربة مطاوعة للنفوس الغيبية العاملات في الاجسام الشهادية و كالنفوس المطمئنة و العقول فانها مطاوعة لمشية الله سبحانه يقلبها كيف يشاء و هي في حركاتها مرتبطة بالاجسام و بانياتها التي هي في الكون بمنزلة التنوين كما قدمنا فان النون هي حرف العين و لذا وقع في آخر كلمة الامر ليشير الي ذلك و اما الغير المنصرف فهو برزخ بين المعرب المنصرف و بين المبني فهو علي قسمين اما برزخ بين المعرب المنصرف و بين المبني الاول الاعلي و اما برزخ بين المعرب المنصرف و بين المبني الثاني الادني و كلاالبرزخين يورث عدم الانصراف الا ان النحاة لما لم‌يعضوا علي حقيقة الامر بضرس قاطع و يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا و هم عن الاخرة هم غافلون اجروهما مجري واحدا و الحق انه علي نوعين نوع اعلي و هو بين المنصرف و الفعل و نوع ادني و هو بين المنصرف و غاية الوجود المبني بالعصيان فالنوع الاعلي منه هو ما حصل فيه بعض خواص الفعل و بعض خواص الاسم كما هو شأن البرازخ حتي يمتنع بسبب خواص الفعل عن الخفض و التنوين و يتغير في الجملة عند توارد العوامل بسبب خواص الاسم فخاصية الفعل هو وزنه و اما خواص الاسم فلما كان للاسم ثلث مراتب من حيث نظره الي الفعل و آئيته له و من حيث نفسه و من حيث التركيب و الحالة الحاصلة بين الرتبتين حصل له

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۴ *»

ثلثة خواص فخاصيته من حيث نظر الي الفعل الوصفية و لذا يكون شبح الفعل الذي هو حروف اصوله باقية و فيه تغير ما بحسب مرآة قابليته و خاصيته من حيث نظره الي نفسه التأنيث لانه من جهة نفسه و انيته و قابليته المنفعلة عند سطوع اشراق المؤثر و خاصيته من حيث الحالة الواسطة بينهما العلمية فمهما حصل في اسم خاصية الفعل مع واحد من خواص الاسم يقتضي له حالة برزخية بين الاسم و الفعل فيمتنع عن التنوين و الكسر من جهة خاصية الفعل و يتقلب في الضم و الفتح من جهة خاصية الاسم لان الاسم بالنسبة الي فوقه مفعول معرب مطاوع و كذا اذا حصل لاسم خاصية من رتبته العليا و الدنيا و ذلك لان الرتبة العليا حينئذ تكون بالنسبة الي الدنيا في مقام الفعل و يكون اثر الاعلي بالنسبة الي الادني اثر الفعل فيقتضي البنا و تقتضي رتبته الدنيا الاعراب لانها حيث مفعوليته بالنسبة الي العليا فيحصل له حينئذ حالة منع الصرف بخلاف ان يكون في الاسم صرف خاصية الرتبة العليا و لايكون فيه خاصية الرتبة الدنيا فانه حينئذ لايلاحظ فيها الفعلية فلايورث اثر البناء و ذلك لان كل عال آية الفعل للادني و هو مفعول بالنسبة الي نفسه و الي الاعلي و اما النوع الادني فهو ان يكون فيه خاصية من خواص الاسم علي ما مر و خاصية من خواص غاية الوجود و اول مراتب الشهود فهو ايضا يورث حالة منع الصرف اما خواص الاسم فقد عرفتها و اما خواص غاية الوجود فهي اربعة العجمة فانها ضد العربية المفصحة عن اسرار المبدء و ليس فيه ذكر من الفعل ولا من الاسم و خواصهما و هي مقام الخرس عن الحق و آياته و مقام الانجماد الصرف و مقام اهل السجين و اهل النار و غاية البعد عن حضرة الملك القهار و التركيب و هو مقام التصادم و الاختلاف و التمانع و الكثرة الحاجبة لظهور انوار المبدء و الالف و النون الزايدتان و هي مقام لحوق الاعراض و الاتصال بالامراض ومقام الادبار والاعراض و مقام وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و العدل و هو مقام الانصراف عن مقامات الاسم و الاشتقاق ومقام ستر مبدء الوفاق و انكشاف الالحاد و النفاق و تغيير الفطرة الالهية مقام فلآمرنهم ليغيرن خلق

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۵ *»

الله فهمهما حصل في شيء شيء من هذه الخواص مع شيء من خواص الاسم اقتضي حالة منع الصرف فيمتنع عن الكسر و الخفض استكبارا علي الله سبحانه و طلبا للترفع والاستعلاء و ادعاء للاستقلال الذي هو في الحقيقة اضمحلال و عن التنوين الذي هو حرف التمكن من اثر الفاعل فلايتمكن للمؤثر ابدا و ذلك لان النون حقيقة هو حرف النفس و العين الساكنة المطمئنة و الولاية القابلة الحاملة لاعباء النبوة فيمتنع عنه المبني بالعصيان و المدعي للاستقلال و الطغيان فاذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون و يقبل الفتح و الضم لما فيه من خواص الاسم المعرب المطاوع لحكم ربه فبهاتين الخاصيتين يصير الاسم غير منصرف و هنا خاصيتان برزخيتان بين المبني بالعصيان و بين المعرب ففيهما مقتضي البناء و مقتضي الاعراب معا و هما الجمع والفا التأنيث فالجمع يغلب فيه جهة المبني الا ان فيه جهة الاعراب فانه من حيث الجمعية يناسب الكثرة و الاختلاف الموجبة للبنا و من حيث ان له مفرد و فيه ذكر الواحد و المبدء يقتضي الاعراب فهو بوحدته كاف في منع الصرف فان فيه الجهتان معا و كذلك الفا التأنيث فان مقامها ايضا مقام البرزخية بين المعرب و المبني بالعصيان و الفرق بينها و بين التاء ان التأنيث هنا ذاتي و التانيث بالتاء عارضي في الاصل فيكون اصل الاسم من حيث هو مذكرا و انما يلحقه التاء‌ للدلالة علي مقام النفس و اما التأنيث بالالف فهو ذاتي لايزول و لايحول و التانيث الذاتي اسفل مقاما من التانيث العارضي بالبداهة و التانيث بالتاء مقام النفس لان اصلها مذكر و هو العقل منه بدأت و اليه تعود و انما لحقها برد النفس حين نزل عرش العقل الواحد صاحب الاركان الاربع الي مقام الروح فصار اربعين ثم الي مقام النفس فصار اربع‌مائة و استنطاقها التاء فلذلك صار حرف التأنيث الملحق بالعقل المذكر عرضا التاء و لذلك تزول في اللفظ في اصل الوضع و ان‌لم‌تزل حال كونه علما و اما مقام التانيث بالالف فهو مقام تانيث الماهية التي لاتزول و لاتحول و هي ذاتيتها و لذا لايزول الالف في اللفظ الذي هو جسد المعني و انما لحق النفس التانيث بسبب قربها الي هذا المؤنث و الفرق بين المقامين ظاهر ان شاء الله فالتانيث بالالفين برزخ بين اسفل النفس و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۶ *»

بين اعلي المبني بالعصيان و السبب في كونه اعلي من المبني انفعاله الحاصل من تأنيثه فافهم فكل اسم حصل فيه واحد من هذين السببين البرزخيين منعاه الصرف علي ما بينا و شرحنا و اوضحنا فاذا عرفت هذه التحقيقات العجيبات و التدقيقات الغريبات فاعلم ان المبني بالطاعة في هذا الانسان الكبير هو السموات العلي المتحركات في اوضاعها الغير الزائلات عن مواقعها فهي مبنيات علي ما وضعت و اليها يلوح قوله تعالي في تفسير ظاهر الظاهر و السماء بنيناها بايد و انا لموسعون و اما المبني بالعصيان فالتراب الكثيف الغليظ و اما المعرب فالرياح المنصرفة علي حسب اشعة الكواكب و شعلاتها العاملات في السفليات و غير المنصرف الاعلي كرة النار المشابهة للافلاك في المدار و غير المنصرف الاسفل كرة الاهبية المنتشرة من اندكاك جبل الطور الظاهرة في النور او كرة الماء فهي من جهة منفعلة لأشعة الكواكب و شعلاتها و من جهة ثقلها و ارضيتها ممتنعة عن حقيقة الانصراف فهي برزخية كما ان كرة النار برزخية فالسماء مقام الفعل الظاهر و المبني بالطاعة و مظهر حركة المسمي و الهواء مقام الاسم الدال علي المسمي المشتق من الفعل الذي هو السماء اذ هو مقام الظاهر و حكاية الفعل عدم استقلال نفسه اذ مقامه مقام الروح المشتق من الريح اي الروح البخارية اسم و ظاهرة للروح الغيبية الفلكية الحيوانية التي هي عدم استقلال الافلاك الذي قد حكاه الروح البخارية الريحية الهوائية فالهواء مقام الاسم و هو معرب مطاوع لانه مركب الروح الحيواني تجيله كيف شاءت فخاصية السماء لطافتها و بساطتها و استدارتها و حركتها في وضعها و هي وزن الفعل و خاصية الهواء امور اعليها الوصفية و هو ما يلي كرة النار فان فيه آثار المبدء اظهر و اوضح و هو مشتق من كرة النار الفلك السيار و اوسطه العلمية لعدم ملاحظة علائم المبدء اي مبدء الاشتقاق فيه كثيرا و هو كرة الزمهرير الاسم المحض الدال علي المسمي بلطافته الصرفة و الحرارة و الرطوبة الذاتية و اسفله التأنيث و هو كرة الرياح المنفعلة للشعلات الفلكية الهابة الي اين ما امالتها و غير

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۷ *»

المنصرف بين الافلاك و الهواء كرة النار اعلاها و اسفلها ففيها وزن الفعل للطافتها المشاكلة و استدارتها و سيرها بمشايعة الافلاك و ربما يلحقها بعض خواص الاسم كما بينا سابقا و شرحنا فيمتنع عن الصرف و يصير برزخيا فيه اثر الانصراف و اثر البناء كما بينا سابقا فتذكر ان لم‌تنسه و ان نسيته فراجع و اما المبني بالعصيان و عدم المطاوعة فالارض و فيها خواص من العجمة اي الانجماد و الانعقاد المانع عن الانصراف و التركيب من الاجزاء المتكثرة المختلفة و الالف و النون الزائدتان العارضتان غير الاصليتان فالالف ما لحقه من الاعراض من جهة الاعلي جهة المبدء و النون ما لحقه من الاعراض من جهة الاسفل جهة العين و النفس و لضعفه لايقدر علي منع الاعراض من نفسه و جدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و العدل مقام ادبارها و عدولها و ميلها عن المبدء الاصلي و الموطن الاولي و الوضع الحقيقي كذب العادلون بالله و هم الذين قال الله فيهم و هم بربهم يعدلون و ما بين هذا المبني و بين الهواء واسطة و هي كرة الهباء او الماء باعتبار و الهباء هو صورة الماء و انيته لان تركيبه من اربعة اجزاء من الهواء و جزء من الهباء و الجزء الهبائي سبب عقده و منشاؤ صورته و جموده فكرة الهباء او كرة الماء برزخ بين المبني و المعرب فبما حصل فيهما من صفات الارض و من صفات الهواء ظهر فيهما آثار الطرفين فبذلك امتنعتا من الصرف فتطاوعان العوامل بثقل و صعوبة فصار غير المنصرف بكلاقسميه قابلا للضم و الفتح لما فيهما من اثر المعرب و ممتنعا عن الكسر و النون لما فيهما من اثر المبني كما بينا سابقا فقد تبين و ظهر امر غير المنصرف في العالم الكبير و لو علي سبيل الاجمال لضيق المجال و تكلانا علي فهم ذلك الجناب المتعال.

و اما بيان ذلك في الانسان الصغير و هو الانسان انموذج جميع الاكوان و الاعيان و مختصر كتاب الرحمن فالمبني بالطاعة عقله الذي هو سماء وجوده يعبد به الرحمن و يعصي به الشيطان و يكتسب به الجنان المتحرك علي محور المثال الملقي في هويته و المعرب المطاوع مقام نفسه المطمئنة الملكوتية الساكنة تحت اعباء الامر و المبني بالعصيان ماهيته و انيته الجسمانية و الغير المنصرف

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۸ *»

الاعلي روحه و الغير المنصرف الادني مثاله علي نحو ما مر و لك ان تجري هذا النحو من البيان في الانسان الكبير و تجري ما مر في الانسان الكبير في الانسان الصغير فتجعل قلبه و صدره و عقله الجزئي و علمه و وهمه و مادته و خياله و فكره و حيوته التي هي سماوات وجوده مقام المبني بالطاعة و تراب جسده الذي هو ارض وجوده مقام المبني بالعصيان و هواء جسده اي دمه مقام المعرب و صفراؤه مقام غير المنصرف الاعلي و بلغمه مقام غير المنصرف الادني علي طبق ما مر.

و اما في الانسان الوسيط اي المولود الفلسفي الذي يهزم الصفوف و لايكترث بالالوف اخت النبوة و عصمة المروة انموذج العالم الكبير و تفصيل العالم الصغير ايضا كذلك فالمبني بالطاعة هو سماوات وجوده اي اكليل الغلبة (زحل) فجعل باطنه و ظاهره (المشتري للونه) و الفتي الكرشي (المريخ) و هو الاحمر الشرقي و الفتي الشرقي (الشمس) و هو الاصفر و الفتاة (الزهرة) الغربية قبل التطهير ( بالمناخل) و بعده باصعاد و انزال (عطارد و قمر) و اما المعرب فهو النفس الداخلة علي المركب في التركيب الثاني فانه لاشيء اطوع منها للصبغ و لها ثلث مقامات مقام مما يلي الصبغ و هو مقام الوصفية الحاكية للمبدء و مقام مما يلي الجسد و هو حيث تأنيثها و انفعالها و برودتها و رطوبتها و مقام حيث هو هو و هو مقام علميته به يعرف الجسد الصبغ الغيبي و يعبر عنه به و هي الزيبق الشرقي و اما المبني بالعصيان فهو مقام اليبوسة المادية من اول بدوها الي ان تكون هيولي الي ان تكون شحمة بيضاء و عسلا ماذيا لما فيها في هذه الاحوال من العجمة الغير المفصحة عن الصبغ لسوادها و التركيب من الاجزاء المتباينة الغير المشاكلة للمغتذي و العدل لانصرافه عن المبدء الاصلي و لكن يلوح فيه من وراء الحجب المغيرة المبدلة عن الفطرة الاصلية المقتضية للاعتدال ان له اصلا معتدلا موضوعا

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲۹ *»

اولا و بالذات و الالف و النون الزائدتان هما الاجزاء العرضية المفسدة للمغتذي المانعة عن انصرافه تحت عامل الصبغ و الغير المنصرف الاول هو باطن الاحمر الشرقي و الفتي الكرشي الذي يكون بين النفس و الصبغ اخس من الصبغ و الطف من النفس و السببان المانعان لها عن الصرف وزن الفعل اي الصبغ الخفي فيها و ما فيها من الارتباط بالنفس من حيث الاسفل و اما الغير المنصرف الاسفل فالنفس اليابسة اي التراب الذي يماث بين النفس و الروح للالتيام و هو القاضي و الحكم بينهما و اما مقام الجمع و الفا التانيث فهو بعد التزويج في التركيب الاول و استخدام الجواري الست و بعد المناخل الاكسيرية و هو مقام الرصاص الابيض و الارض المطهرة فهي جميع من حيث الارضية و يظهر منه آثار المفرد اي النفس الوحدانية و اعلاه عند التزويج الثاني مقام الفي التانيث لانه تنزل النفس و ظهورها و اعلم ان اكثر مراتب الهيولي في هذه الصنعة الي ان يكون غذاءا للذهب و بعد نمائه الي ان يكون حيوانا الي ان يكون انسانا تدريجية متقارب الاجزاء لايمكن تسميتها باسماء تتميز و تتبين بها و لو سماها الانسان لم يعرفها السامع مثال ذلك نور السراج فيه من اول صدوره الي آخر انقطاعه و اتصاله بقاعدة مخروط الظلمة جميع العوالم و المقامات يعرفها الحكيم علما و لكن هو متدرج الاختلاف و التنقص ليس لكل جزئين منه تمايز بين و اسم خاص فلايمكن تميز الجزئين منه الابالاشارة الحسية او كانا متباينين كثيرا و مع ذلك لا اسم لأجزائه يعرف و لاصورة لها فيميز و في كل واحد من مراتبه جميع الحالات و اشبه شيء‌ بها الحروف فان كل حرف كوكب باعتبار و برج باعتبار و منزل باعتبار و عنصر باعتبار و نهاري باعتبار او ليلي باعتبار و ذكر او انثي باعتبار و لكل واحد منسوبات كثيرة باعتبارات مختلفة و الكل صحيح عند الحكيم و يري فيه التكرار من لاخبرة له به فاذا تكليف شطط ان يلزم الانسان الحكيم و يعزم عليه ان يبين المراتب الالف الالف في شعاع السراج مثلا و انما عليه ان يبين نوعا انه فيه العوالم الالف الالف بالادلة الواضحة و اما تسمية الاجزاء القريبة التشاكل و التماثل المتدرج التنقص فلايمكن و كذلك اغلب مراتب هذه الصنعة هكذا مثلا الاحمر الشرقي من اول

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۰ *»

تقطيره يختلف مراتبه في اللطافة و الكثافة الي آخر تقطيره و من حيث باطنه و ظاهره و طبعه و لونه و طعمه و شكله الي غير ذلك و ليس يقدر الحكيم ان يسمي كل قطرة و نصف قطرة و كل جزء من بخاره باسم خاص و يعرف السائل اياه فهذا تكليف شطط من القول كالسؤال عن عدد شعر الرؤس و قصب الآجام مثلا كما سأل الاشعث اميرالمؤمنين عليه السلام فقال له كم في رأسي من شعر فقال عليه السلام لولا انه يعسر برهانه لاجبتك فافهم ذلك و اياك ان تسأل العلماء تعنتا و تجربة و عليك ان تسأل ما يعنيك و لو انا نصحناك قبل جوابك لعلك كنت تظن انه فرار مني من الجواب و لكن بعد الجواب ينجح ان شاء الله تعالي.

قال ايده الله ما معني صلوة علي (ع) صلوة المغرب بعد اعادة الشمس و انقضاء الوقت كيف يكون اداء و الحال ان حال الرجوع كان زمانا آخر غير الزمان الاول و ان كان هو الزمان الاول كيف يتداخل الزمانين و هذا محال افيدوا بالبيان التام من الادلة بتمامها بحيث يكون منهل كل شارع.

اقول في العبارة تحريف و كان فيها ركاكة اصلحناها و لعل ذلك لان الكتاب لما لم‌يكن بخطه سلمه الله و انتسخ ناسخ من خطه صار في النسخ تحريف و تغيير و لعل الاصل كان صلوة العصر بعد اعادة الشمس كما كان الواقع فعلي اي حال الخبر في ذلك ما رواه في الخرايج و الجرايح في معجزات علي عليه السلام قال و منها ما رواه جويرية بن مسهر قال اقبلت مع علي عليه السلام من النهروان فلما صرنا في ارض بابل حضر وقت الصلوة فقال ايها الناس ان هذه ارض ملعونة قد خسف بها مرتين من الدهر و هي احدي المؤتفكات و هي اول ارض عبد فيها وثن و لاينبغي لنبي و لا لوصي نبي ان يصلي فيها و ضرب بغلة رسول الله صلي الله عليه و آله و سار قال فتبعته فو الله ما عبر سوري حتي غربت الشمس فظهر الليل فالتفت فقال يا جويرية صليت قلت لا فنزل و اذن و تنحي عني فاحسبه توضأ ثم دعا بكلام حسبته بالعبرانية او من التورية فاذا الشمس قد بدت راجعة حتي استقرت في موضعها من الزوال فقام و صلي و صليت معه الظهر و العصر باذان واقامتين

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۱ *»

فلما قضينا صلوة العصر هوت الشمس و صرنا في الليل ثم قال يا جويرية ان الله يقول فسبح باسم ربك العظيم و اني دعوت الله باسمه العظيم فرد لي الشمس كما رأيت و في بصاير الدرجات بسنده الي ام المقدام الثقفية قالت قال لي جويرية بن مسهار قطعنا مع اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب عليه السلام جسر الصراة في وقت العصر فقال ان هذه الارض معذبة لاينبغي لنبي و لا لوصي نبي ان يصلي فيها من اراد منكم ان يصلي فليصل قال فتفرق الناس يمنة و يسرة يصلون قال قلت انا و الله لأقلدن هذا الرجل صلوتي و لا اصلي حتي يصلي قال فسرنا و جعلت الشمس تستفل قال و جعل يدخلني من ذلك امر عظيم حتي وجبت الشمس و قطعنا الارض قال فقال يا جويرية اذن فقلت تقول لي اذن و قد غابت الشمس قال فاذنت ثم قال اقم فاقمت فلما قلت قد قامت الصلوة رأيت شفتيه تتحركان و سمعت كلاما كأنه كلام العبرانية قال فارتفعت الشمس حتي صارت في مثل وقتها في العصر فصلي فلما انصرف هوت الي مكانها و اشتبكت النجوم قال فقلت انا اشهد انك وصي رسول الله صلي الله عليه و آله قال فقال يا جويرية اما سمعت الله يقول فسبح باسم ربك العظيم فقلت بلي قال فاني سألت ربي باسمه العظيم فردها الله علي و فيه ايضا بسند آخر عن ابي‌بصير عن ابي المقدام عن جويرية بن مسهر قال اقبلنا مع اميرالمؤمنين عليه السلام من قتل الخوارج حتي اذا قطعنا ارض بابل حضرت صلوة العصر قال فنزل اميرالمؤمنين عليه السلام فنزل الناس فقال اميرالمؤمنين عليه السلام فنزل الناس فقال اميرالمؤمنين عليه السلام ايها الناس ان هذه ارض ملعونة و قد عذبت من الدهر ثلث مرات و هي احدي المؤتفكات و هي اول ارض عبد فيها وثن انه لايحل لنبي و لا لوصي نبي ان يصلي فيها فامر الناس فمالوا عن جنبتي الطريق يصلون و ركب بغلة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فمضي عليه السلام قال جويرية فقلت و الله لاتبعن اميرالمؤمنين و لاقلدنه صلوتي اليوم فمضيت خلفه فو الله ماجزنا جسر سوريا (سوراء خ‌ل) حتي غابت الشمس قال فسببته او هممت ان اسبه قال

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۲ *»

فالتفت الي فقال يا جويرية اذن قال فقلت نعم يا اميرالمؤمنين قال فنزل ناحية فتوضأ ثم قال فنطق بكلام لا احسبه الا بالعبرانية ثم نادي بالصلوة قال فنظرت و الله الي الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير فصلي العصر و صليت معه قال فلما فرغنا من صلوتنا عاد الليل كما كان قال فالتفت الي فقال يا جويرية بن مسهر ان الله يقول فسبح باسم ربك العظيم و اني سألت الله باسمه الاعظم فرد علي الشمس و فيه بسنده الي ابي الجارود قال سمعت جويرية يقول اسري بنا علي بن ابي طالب عليه السلام من كربلا الي الفرات فلما صرنا ببابل قال لي اي موضع هذا يا جويرية قال قلت هذا بابل يا اميرالمؤمنين قال اما انه لايحل لنبي و لا لوصي نبي ان يصلي بارض قد عذبت مرتين قال قلت هذا العصر قد وجبت الصلوة يا اميرالمؤمنين قال قد اخبرتك انه لايحل لنبي و لا لوصي نبي ان يصلي بارض عذبت مرتين و هي تتوقع الثالثة اذا طلع كوكب ذنب و قد جسر بابل قتل عليه مائة الف يخوضه الخيل الي السنابك قال جويرية قلت و الله لاقلدن صلوتي اليوم اميرالمؤمنين عليه السلام و عطف علي عليه السلام برأس بغلة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الدلدل حتي جاز سورا قال لي اذن بالعصر يا جويرية فاذنت و خلي علي عليه السلام ناحية فتكلم بكلام له سرياني او عبراني فرأيت للشمس صريرا و نقيقا حتي عادت بيضاء نقية ثم قال اقم فاقمت ثم صلي بنا و صلينا معه فلما سلم اشتبكت النجوم فقلت وصي النبي و رب الكعبة و في البحار في تلو الاخبار الواردة في براثا و روي ان اميرالمؤمنين عليه السلام صاح بالبئر فقال يا بئر بالعبراني اقرب الي فلما عبر الي المسجد و كان فيه عوسج و شوك عظيم فانتضا سيفه و كسح ذلك كله و قال ان هيهنا قبر نبي من انبياء الله و امر الشمس ان ارجعي فرجعت و كان معه ثلثة عشر رجلا من اصحابه فاقام القبلة بخط الاستواء و صلي اليها و قال رحمه الله و ذكر بعض الاصحاب انه يستحب الصلوة في مسجد الشمس خارج الحلة و هو المسجد الذي رد فيه

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۳ *»

الشمس علي اميرالمؤمنين صلوات الله عليه بعد وفات النبي صلي الله عليه و آله و هو ايضا الآن معمور و معروف اقول فلعل قوله فلما عبر الي المسجد في الحديث الاول اشارة الي العبور من جسر سوري كما في الاخبار المتقدمة و المسجد مسجد الشمس المعروف و في القاموس سوري كطوبي موضع بالعراق و موضع من اعمال بغداد و في البحار ايضا قال القاضي في الشفا خرج الطحاوي في مشكل الحديث عن اسماء بنت عميس من طريقين ان النبي صلي الله عليه و آله كان يوحي اليه و رأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتي  غربت الشمس فقال رسول الله صلي الله عليه و آله اصليت يا علي قال لا فقال رسول الله صلي الله عليه و آله اللهم انه كان في طاعتك و في طاعة رسولك فاردد عليه الشمس قالت اسماء فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت و وقعت علي الارض و ذلك بالصهباء في خيبر قال و هذان الحديثان ثابتان و رواتهما ثقات و حكي الطحاوي ان احمد بن صالح كان يقول لاينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث الاسماء لانه من علامات النبوة و فی الخرايج عن اسماء بنت عميس قالت ان عليا عليه السلام قد بعثه رسول الله صلي الله عليه و آله في حاجة في غزوة حنين فصلي النبي صلي الله عليه و آله العصر و لم يصلها علي فلما رجع وضع رسول الله صلي الله عليه و آله رأسه في حجر علي و قد اوحي عليه فجلله بثوبه و لم‌يزل كذلك حتي كادت الشمس تغيب ثم انه سري عن النبي صلي الله عليه و آله فقال اصليت يا علي فقال لا قال النبي صلي الله عليه و آله الله رد علي علي الشمس فرجعت حتي بلغت نصف المسجد قالت اسماء ذلك بالصهباء الي غير ذلك من الاخبار و هذه الاخبار واردة في امرهم الصعب و فيها مشكلات الاول تأخيره الصلوة متعمدا حتي تغيب الشمس كما في حديث جويرية الثاني صلوته بعد ما رجعت الشمس الي مكانها في العصر او في الظهر كما في الخبر الاول فان هذا الوقت من الزمان غير الوقت الاول قطعا و الصلوة قد فاتت بوقتها بحسب الظاهر

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۴ *»

فكيف تكون اداء في غير وقتها و هل هي قضاء ام اداء الثالث انه لو كانت من خصوصيات الامام ان لايصلي في الارض المعذبة مرتين فما وجه تمكينه لجويرية و من كان معه من ساير الاصحاب ان يؤخروا الصلوة حتي تفوت و لم‌ينههم عن تأخير الصلوة الي الفوت الرابع في خبر اسماء انه لم‌يصل حتي كادت ان تغرب و لاشك انه وقت تضييع و من صلي في ذلك الوقت موتور في الجنة كما روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله الموتور اهله و ماله من ضيع صلوة العصر قيل و ما الموتور اهله و ماله قال لايكون له اهل و لامال في الجنة قال و ما تضييعها قال يدعها و الله حتي تصفر او تغيب الشمس و قال ابوعبدالله عليه السلام من ترك صلوة العصر غير ناس لها حتي تفوته وتره الله اهله و ماله يوم القيمة هـ. فهل كان صلوة علي7 في ذلك الوقت وقت صلوة الموتور و التضييع ام كانت في وقت الكمال و الفضيلة الخامس ما معني الاذان و الاقامة للعصر في وقت غيبوبة الشمس ثم اعادة الشمس بعدهما.

اعلم ايدك الله بتأييداته انك اهل للبيان و اقامة البرهان فاعلم ان الزمان هو امتداد تركيب الجسم من اول كونه الي آخره فيختلف طول المدة و قصرها بحسب شدة تلزز الاجزاء و تخلخلها فما كانت اشد تلززا كانت ابعد تفككا و ما كانت اكثر تخلخلا كانت اسرع تفتتا فمدة مصاحبة الاجزاء هو الزمان و انما حركة الشمس و القمر و النجوم و الافلاك مكيال يكال به الزمان و ممساح يمسح به الزمان كما قال الصادق7 في حديث المفضل الاتري ان السنة مقدار مسير الشمس من الحمل الي الحمل فبالسنة و اخواتها يكال الزمان من لدن خلق الله العالم كل وقت و عصر من غابر الايام و بها يحسب الاعمار و الاوقات الموقتة للديون و المعاملات و غير ذلك من امورهم و بمسير الشمس تكمل السنة و يقوم حساب الزمان علي الصحة الخبر. فتدبر في الخبر واعلم ان سير الافلاك اكيال للزمان و ليس بزمان و لولا ذلك لكانت اجزاء المدة متشاكلة لم‌يعرف ما مضي منها و ما بقي فبهذه المقائيس يقاس و يمسح الزمان و ليس حركة الفلك

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۵ *»

زمانا و هو احد الزمانيات و لا الليل و لا النهار و لا الاسبوع و لا الشهر و لا العام و لا القرن و انما كل ذلك ممساحات كالذراع و القصبة و القفير للارض و غيرها و كالمد والصاع و القفير و الوسق و الكر للموزونات بلاتفاوت ارأيت لو امر الامام الفلك باللبث مقدار ثلثة ايام مثلا اليس يكون الآن الثاني غير الآن الاول و الفلك لابث و يمر علي السفليات و العلويات الانات لامحة ارأيت لو قعدت في بيت ظلماني لايعلم فيه الليل من النهار اليس يمر عليك الوقت و لعلك تقايس الزمان في ذلك البيت بالساعات الافرنجية فتقول انا هيهنا منذ مائة ساعة و ابقي مائة ساعة لانه ليس لك مقياس نهار و لا ليل و ربما تقايس مدتك بالسرج و المصابيح فتقول انا هنا منذ تم مائة شمعة و نظل هنا الي ان تتم مائتا شمعة و هكذا تقايس الزمان بكل شيء حتي الانفاس فتقول انا هنا منذ الف كرور نفس و نظل هنا الفي كرور نفس و هكذا فالايام ليست الا تنور الارض و الهواء و بدو الشمس و الليالي ليست الا ظهور ظل الارض فوقها و خفاء الشمس و ليس يري الا نور او ظلمة و كون الشمس فوق الارض و تحتها و ليس النور و لا الظلمة و لا كون الشمس فوق الارض و لا تحتها بزمان و انما كل ذلك مقائيس و كذلك فلك الافلاك هو بنفسه جسم زماني مثل جسدك انت و يتحرك كما تتحرك الا انه حركته دائمة و انت قد تسكن فليس هو بزمان و لا انتقاله في وضعه بزمان و ليس الزمان امرا ينتزع منها فان المنتزع من الحركة شبح الحركة و شبح الحركة ليس بزمان بالجملة الزمان مدة بقاء اجزاء المركب معا الا ان بعضها اطول و بعضها اقصر و تقيس كلها او بعضها بالمقياس فتقول قد كون هذا الشيء او تولد هذا الولد منذ عشر دورات للشمس و ليس الا انك تقيس و تمسح من اول تولد الولد الي وقته بدورة الشمس كما تمسح الثوب بالذراع.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان ذلك الامتداد ليس بقار و انما هو امر يوجد بوجود الاجزاء و يفني بفنائها فكما ان الاجزاء دائما تذهب و توجد و تذهب و توجد و يحتاج في كل حين الي المدد و لولا المدد الجديد لفني و عدم كالكلام الصادر منك فما دمت تتكلم هو موجود و ان سكت فني و عدم فكما توجد الاجزاء دائما

 

* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۶ *»

بايجاد جديد و يذهب العتيق كذلك يوجد اجزاء الامتداد مع وجود الاجزاء و يفني بفنائها و آية هذا المجيء و الذهاب النهر الجاري المستدير و ذلك قوله تعالي افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد فذلك الامتداد مدام يوجد في الاجسام حين ايجاده في الاجسام زمان فاذا ذهب يكون دهرا الاتري انك لاتدركه بعد ذهابه بعينك الجسمانية و لكن تدركه بعينك الدهرية المثالية انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها فافهم و كذلك الدهر هو امتداد تكون الدهريات في الدهر و هو ايضا ذاهب و جاء كالزمان الا انه اشد بقاء و دواما و ثباتا فاذا كان في عالم الدهريات دهر و اما اذا ذهب فهو سرمدي الا تري ان الدهريات لاتدركها بعد بالعين الدهرية و لكن يدركه العين السرمدية و النور المحمدي و لايذهب السرمد و انما هو دائما في اول صدوره الاولي الذي لم‌يسبق له عليه حال فلم‌يذهب منه شيء ابدا و لم‌يأت له حال ثان ابدا و انما هو ابدا في حالة واحدة حالته الاولي فافهم ذلك و اغتنم لانك تسمع الناس يقولون زمان و دهر و سرمد و لكن لايعقلونه فيقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم.

فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم ان الصلوة لم‌توضع علي الازمان و لم‌يوقت فيها لانه لايوقف لها علي حد و انما وضعت علي مسير الشمس و حركتها فوضعت حين طلوع الفجر و هو حال انحطاطها عن الافق ثمانية عشرة درجة و حين دلوكها في وسط السماء و بعده و حين غروبها في الافق و بعده ولادخل لها بالزمان و ليست حركات الشمس زمانا و لاضوء النهار و غسق الليل زمانا و انما هو كوضع سراج و انتشار نور و رفع سراج و غشيان ظلمة و ليس رفع السراج و لا وضعه زمانا و لاقربها من المشرق و لادلوكها و لاغروبها و انما هذه كلها من الزمانيات و في الزمان قال الله سبحانه اقم الصلوة لدلوك الشمس الي غسق الليل و قران الفجر ان قران الفجر كان مشهودا و عن الرضا عليه السلام في حديث طويل انما جعلت الصلوات في هذه الاوقات و لم‌تقدم و لم‌تؤخر لان الاوقات المشهورة المعلومة التي تعم اهل الارض فيعرفها الجاهل و العالم اربعة

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۷ *»

غروب الشمس مشهور معروف تجب عنده المغرب و سقوط الشفق مشهور تجب عنده العشاء و طلوع الفجر مشهور معلوم يجب عنده الغداة و زوال الشمس مشهور معلوم يجب عنده الظهر و لم‌يكن للعصر وقت معلوم مشهور مثل هذه الاوقات الاربعة فجعل وقتها عند الفراغ من الصلوة التي قبلها الخبر. و لو كان الصلوة موضوعة علي الزمان لم‌يكن يختلف في جميع الارض و كان الواجب ان يصلوا في وقت واحد او يصلي كل انسان في وقت مختص به ثم لم‌يكن يعين ذلك الوقت بشيء مضبوط ان لم‌توضع علي الشمس الاتري ان طلوع الشمس هنا غروب للآخرين و زوال لقوم و نصف ليل لقوم آخرين و كل قوم يصلون الظهر عند زوالهم و العصر بعيدها و المغرب عند غروبهم و العشاء بعيدها و الغداة عند طلوع فجرهم فدائما يكون الشمس في الطلوع و الزوال و الغروب يعني دائما هي في حال طلوع و دائما في حال زوال و دائما في حال غروب كما هو بين لمن عرف علم الهيئة و لذلك قلنا ان صوت الملك الذي ينادي حين وقت الصلوة قوموا الي نيرانكم صوت ممتد يدور مدار الشمس يسمعه اهل كل افق علي حسب وضع الشمس لهم فلقوم يكون نداؤه للغداة و لقوم يكون للظهر و لقوم يكون للعصر و لقوم يكون للعشاء الاولي و لقوم يكون للعشاء الاخيرة و كذلك صوت ذلك الملك الذي ينادي في الثلث الآخر من كل ليلة هل من مستغفر فاغفر له النداء. و هو ايضا صوت ممتد يدور مدار ظل الارض في جنب ظلع المخروط مما يلي الشمس حول جميع الارض بالجملة وضع الصلوة علي حركات الشمس و اوضاعها و لادخل للزمان فيها.

فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم ان الشمس مركبة من مادة و صورة اما مادتها فهي جسمها المناسب للفلك الرابع و اما صورتها استدارتها و ضوءها الواقع عليها من الكرسي و حرها التابع لنوع نورها و قابلية مادتها ثم اعلم ان العرش مخلوق من شعاع جسم الامام7 و الكرسي تنزل العرش و فلك الشمس تنزل فلك الكرسي و الافلاك الستة تنزلات فلك الشمس و تفاصيله و زمام الشعاع بيد المنير ان شاء حركه و ان شاء سكنه في الزيارة بكم تحركت المتحركات

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۸ *»

و سكنت السواكن و في اخري و بكم يمسك السماء ان تقع علي الارض كما يمسك الشعاع بالمنير و المنير يد الله في امساك الشعاع و تحريكه و تسكينه و تسريعه و تبطيئه فهو كالكلام بالنسبة الي المتكلم و الصوت بالنسبة الي الصائت ان شاء جهر به و ان شاء اخفت و ان شاء اسرع فيه و ان شاء ابطأ فلما كان السماء و الارض منهم و بهم و لهم و اليهم كانتا طايعتين لهم ان شاؤا اقفوها و ان شاؤا خرقوا الارض و ان شاؤا صعدوا الي السماء و ان شاؤا اقفوها و ان شاؤا اسرعوها الم‌تسمع ان قبيل قيام القائم عجل الله فرجه يدوم الليل مقدار ثلثة ايام ثم تطلع الشمس من مغربها الم‌تسمع ان الفلك في عهد السلطان العادل يؤمر باللبوث و في عهد السلطان الجاير يسرع و هكذا يتصرفون فيها كيف شاؤا حتي انهم يشقون القمر و ينزلون الكوكب و يصعدونه كيف شاؤا و لوشاؤا اخذوا نور الكوكب و لو شاؤا البسوه اياه و زادوه النور و نقصوه و فرقوا بين مادته و صورته علي ما شاؤا و بيدهم زمام الامور كما يأخذون نور الشمس في الخامس عشر من شهر رمضان و لاحائل و نور القمر في آخره من غير حيلولة فحين جاء علي7 الي ارض بابل و هي الزوراء الملعونة و هي ارض بغداد احدي المؤتفكات و لم‌يحل لنبي ولاوصي نبي ان يصلي فيها و اراد السير حتي يخرج منها و حضر وقت الصلوة امر الفلك باللبوث و امر صورة الشمس اي نورها و استدارتها ان تسير الي جانب المغرب سيرها المتعارف فسارت الصورة الي جهة المغرب ومادة الشمس لابثة في مكانها التي هي وقت فضيلة العصر او الظهر علي اختلاف الروايتين و سار عليه السلام حتي خرج من ارض بابل و صورة الشمس تسير الي ان غربت و مادة الشمس واقفة في محلها و هي اذا صارت بلانور كانت كساير جرم فلكه لاتبدوا للنظر و الناس يرون الصورة سايرة الي جانب المغرب و ليس بمحال نزع النور من المادة و انما نزعه منها كما ينتزع من جرم القمر و ذلك لان القمر يكتسب النور من الشمس كالمرآة المكتسبة للنور من السراج و كذا الشمس تكتسب النور من الكرسي كالمرآة فاذا شاؤا لم‌يشرقوا علي الجرم فكان كساير جرم فلكه و اراءة الصورة في غير جرم الشمس الي ان تغيب يكون بقسمين احدهما مثل ما تري

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳۹ *»

صورة الشعلة في غير محلها اذا اجيلت سريعا و ذلك بالحس المشترك المسمي ببنطاسيا و مثل انك اذا حددت النظر في النور ثم دخلت بيتا مظلما تري ذلك النور ايضا وكذا اذا بقيت مدة في ظلمة ثم خرجت الي النور تري الظلمة و لاتري النور او حددت النظر الي الحمرة و اعمقت النظر فيها ثم نظرت الي البياض تري الحمرة فيها و هكذا فاذا شاء الامام القادر المختار ان يري الناس ضوء الشمس في غير محلها يريهم بتقوية الحس المشترك و اراءتهم مثاله في ذلك المسير الي ان يغرب او يضيء قطعة من الفلك بعد قطعة كما انك تسير بسراج في جنب حوض كبير فيقع شبحه في قطعة بعد قطعة فيري الشبح يسير في بطن الماء كل ذلك و جرم الشمس واقف في محله محل الفضيلة الي ان خرج من ارض الزوراء فامر الصورة ان ترجع الي مادتها و البسها اياها فصلي في وقتها الاولي الاصلي فانا قد حققنا ان الصلوة وضعت علي مسير الشمس لا علي الزمان ارأيت لو وقف الشمس في محل الظهر مقدار عشرة ايام اتقضي صلوة الظهر و لاتحل صلوة المغرب ارأيت تلك الليلة التي تطول مقدار ثلثة ايام اتحل بالناس صلوة الصبح بل لاتحل حتي يطلع الفجر لان الصلوة وضعت علي سير الشمس و قد علمت ان الشمس كانت واقفة في محل الفضيلة و انما ذهبت صورتها ارأيت لو وصلت الشمس في محل الزوال و اراد الله ان يذهب بنوره ساعة كما يأخذ نورها في خامس عشر شهر رمضان قبل ظهور الامام7 تحل صلوة المغرب بل لاتحل حتي تغرب فمدار الصلوة علي سير الشمس و هي كانت واقفة في محل الفضيلة حتي يصليها الامام في وقت الفضيلة فاذا كان الاذان و الاقامة للعصر ايضا جايزين لعدم خروج الوقت و اذا لم‌يكن واجبا ان يأمر جويرية و من معه من الاصحاب بالصلوة و لابأس بتقريره اياهم علي تركهم الصلوة حتي وجبت الشمس و لم‌يرتكبوا محرما لما فعلوا ذلك تأسيا باميرالمؤمنين7 و لم‌يتداخل الزمانان و مر الزمان كما كان يمر في ساير الايام و انما وقف المقياس الاول اي الشمس و صار المقياس صورة الشمس السايرة

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۰ *»

فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان صلوته7 و صلوة من معه كانت اداء في وقت الفضيلة و انما فعل ذلك ليتبين فضله7 و يكون دليلا علي ولايته و يستخرج ما في نفس جويرية فانه كان شاكا و يثبته علي الدين القيم و غير ذلك و اما خبر اسماء فكذلك و لم‌يكن صلوته صلوة الموتورين و امسك الله الشمس في محلها ليتبين فضل رسول الله صلي الله عليه و لزوم حرمته و تقدمها علي الصلوة المفروضة و لو فاتت و يتبين فضل علي بطاعته لرسول الله صلي الله عليه و آله و يتبين انه وصي رسول الله صلي الله عليه و خليفته هذا و في هذه المرة يمكن ان يكون مصليا بالايماء و كان يمكنه الصلوة بالايماء فصلي كما هو في رواية لانه عذر سائغ شرعي و اعظم الاعذار و هو حرمة رسول الله صلي الله عليه و آله و عدم رفع رأسه من حجره لحفظ الظاهر و لان الناطق كان مغمي عليه بالوحي و هو صامت ليس يظهر المعجز بنفسه و مادام كان النبي مغمي بالوحي لم‌يكن ظاهرا معجز و بعد ما سري عنه اظهر الاعجاز فحينئذ كان يقتضي ان يصلي بالايماء لانه لم‌يكن له عنه عذر فيعتذر اذا سئل و اما في الحقيقة كان الوقت باقيا كما مر ثم بعد ذلك اي بعد ما قام صاحب النطق و الاعجاز اظهر الاعجاز و امره بالصلوة فبرده الشمس و امره بالصلوة علم بقاء الوقت علي ما بينا فلما كان باقيا اعاد الصلوة اداء و لاينافي صلوته بالايماء و صلوته ثانيا فان الوقت باق و العذر مرفوع و مثل ذلك كثير في الاحكام الفقهية كأن يصلي رجل بعد الطلب و عدم وجدان الماء بالتيمم ثم يجد الماء و الوقت باق فانه يعيد الصلوة استحبابا و غير ذلك فبعد رفع العذر و بقاء الوقت اعاد الصلوة و يدل علي ذلك ما رواه في الخرايج ان عليا7 بعثه رسول‌الله صلي الله عليه و آله في بعض اموره بعد صلوة الظهر فانصرف من وجهه بعد ذلك و قد صلي رسول الله صلي الله عليه و آله العصر بالناس فلما دخل علي7 جلس يقص عليه ما كان قد نفذ فيه فنزل الوحي عليه في تلك الساعة فوضع رأسه في حجر علي7 و كان كذلك حتي غربت الشمس فسري عن رسول الله صلي الله عليه في وقت الغروب فقال لعلي7 هل صليت العصر قال لا فاني كرهت ان ازيل رأسك و رأيت جلوسي تحت رأسك

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۱ *»

في تلك الحال افضل من صلوتي فقام رسول الله صلي الله عليه و آله فاستقبل القبلة فقال اللهم ان عليا كان في طاعتك و حاجة رسولك فاردد عليه الشمس ليصلي صلوته فرجعت الشمس حتي صارت في موضع اول العصر فصلي علي ثم انقضت الشمس للغروب مثل انقضاض الكوكب قال و روي ان النبي صلي الله عليه و آله قال يا علي ان الشمس مطيعة لك فادع فدعا فرجعت و كان قد صلاها بالاشارة انتهي فخذه من عين صافية و كن لله من الشاكرين و الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

قال وفقه الله ما حقيقة طي الارض بحيث ينطبق علي فهم كل احد من الاعالي و الاداني.

اقول قد عرفت فيما سبق و مما سبق ان السموات و الارض كلها من شعاع اجسامهم الشريفة و انهما بالنسبة اليهم كالكلام بالنسبة الي احدكم و المنير المؤثر هو قطب كرة النور و الاثر يدور عليه رحاه و مرادنا بالقطب في هذا الموضع توسط الرحمانية اي استوائها لاتوسط النقطة في الدائرة فليس شيء من الاثر اقرب الي المؤثر من شيء و نسبته الي الكل علي السواء فنسبة السراج الي اقرب اجزاء النور مثل نسبته الي ابعد اجزائه من حيث المؤثرية و الاثرية الا ان النور تختلف مراتبه من حيث الامكنة العرضية و هي لاتورث قربا و لابعدا ارأيت روحك اقرب الي رأسك من رجلك او بالعكس او اذا قلت ابجد اتكون انت اقرب الي ا من ب او ج او د بل كلها صادرة منك بنسبة واحدة الا انك تفوهت بالالف اولا ثم تفوهت بالباء ثم بالجيم ثم بالدال و كذلك آية الرحمن و نوره نسبتها الي السماء و الارض بمشارقها و مغاربها و جميع اجزائها علي السواء الا ان السماء اعلي و الارض اسفل فنسبة نور الرحمن الي اعلي طبقات العرش و اسفل طبقات الثري علي السواء بقرب واحد و بعد واحد و ان شئت تشاهد هذه النسبة بعينك فانظر و لله المثل الاعلي الي المداد هل هو يتفاوت نسبته الي اول الصفحة و آخرها او الي حرف و حرف هذا المداد هو صفة الاستواء و هو عرش الرحمن حقيقة في

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۲ *»

عالم الحروف فاذا كان عرشه الذي هو تجليه و ظهوره هكذا فما ظنك بالرحمن المستوي عليه فقد يعبر عن هذه السعة بقولهم في الدعاء بهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت و قد يعبرون عن هذه الاحاطة بقولهم علي ما رواه في بصاير الدرجات عن سماعة بن مهران قال قال ابوعبدالله7 ان الدنيا لتمثل للامام في مثل فلقة الجوزة فما يعزب عنه منها شيء و انه ليتناول من اطرافها كما يتناول احدكم من فوق مائدته ما يشاء و قد يعبرون عن اخذهم بنواصي الامكنة بما رواه فيه عن اسود بن سعيد عن ابي‌جعفر7 قال قال يا اسود بن سعيد ان بيننا و بين كل ارض ترا مثل تر البناء فاذا امرنا في الارض بامر جذبنا ذلك التر فاقبلت الارض الينا باسواقها و بقليبها و دورها حتي ننفذ فيها ما نؤمر من امر الله تبارك و تعالي‌ هـ. و ذلك التر في الارض مثل العصب في البدن فكما ان الروح اذا اراد ان تقلص عضوا او تمده جرت الاعصاب فتقلص الجوارح و تمد كذلك بيدهم اعصاب كل الارض و هي جهة كل جزء منها الي المؤثر فيحركها كيف شاء و يعبر عن امتثالها تحت امرهم بقولهم في الزيارة بكم تحركت المتحركات وسكنت السواكن و قد يعبر عن اطلاعهم علي جميع اجزائها برفع العمود لهم و هو عقلهم المطلع علي كل شيء الي غير ذلك من التعبيرات و التعبير الواضح الجلي بقدر افهام اصحابنا ما ذكرت من مثل المداد و سريانه في جميع الحروف و هو مقام عرش استوائهم علي جميع السموات و الارض و هم مستوون عليه فلايعزب عنهم مثقال ذرة في السموات و لا في الارض و لاتقل كقوم من المتقشفين انهم يطلعون بعلمهم و يسعون كل شيء بعلمهم حاشا بل حاضرون في كل مكان بجسمهم الشخصي كما يحضر المداد في كل حرف بجسمه الشخصي و ذلك ان المداد شخص بالنسبة الي الجسم السيال فهو شخص و الماء شخص و الدبس شخص و الدهن شخص و هكذا و ان كان له مظاهر من الحروف فان كل شخص في مظاهره كلي و نوره سار في جميع مظاهره سريان المداد في الحروف فاذا كان ظهور الشخص في المظاهر كالمداد الساري في الحروف فما ظنك

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۳ *»

بالظاهر الطاوي للظهور و المظهر و هو اظهر من كليهما فهو اقرب الي الحروف بشخصيته من المداد سبعين مرة فنور الرحمن اقرب الي كل جسم جسم شخصي بذاته من الجسم الكلي بالنسبة اليها سبعين مرة و مقام الجسم الكلي مقام العرش المستوي للرحمن فالرحمن اقرب الي كل جسم جسم شخصي من الجسم الكلي سبعين مرة قال الله سبحانه و نحن اقرب اليه من حبل الوريد و الوريد مجري الروح و مظهرها و حبله جهته الي ربه و هي الحبل الممدود بين الله و بينه و ذلك الحبل هو الظهور اي الروح فان الظهور حبل ممدود بين المظهر و الظاهر طرف منه بيد الظاهر و طرف منه بيد المظهر و يقول الظاهر نحن اقرب الي المظاهر من الظهور المتصل و خذها علي تفسير ظاهر الظاهر حتي تفوز بالمراد فالرحمن اقرب الي الاشياء من العرش و هو الظهور.

فاذا عرفت هذه المقدمة السديدة فاعلم ان الامام7 هو منير جميع السموات و الارض قال الله سبحانه يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا اليه باذنه و سراجا منيرا فهذه ست مقامات ثبتت له الاول: مقام النبوة و هو مقام شخصيتهم الجزئية الظاهرية انما انا بشر مثلكم يوحي الي انما الهكم اله واحد و الثاني مقام الشاهد و هو مقام القطبية في عرض الخلق قال سبحانه و كنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم بتفسير ظاهر الظاهر و انت مقام المخاطب و هو ظهور الذات و نفسها السلام علي نفس الله القائمة فيه بالسنن فبعد توفي الشاهد يكون انت رقيبا و الثالث مقام المبشر و هو مقام ظهوره بمواد الاشياء باعتبار و بعقولهم باعتبار و مقام العقل مقام ما يكتسب به الجنان و يعبد به الرحمن و مقام الرجاء و مقام ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون و الرابع ظهورهم في نفوس الاشياء و صورها لانها اما صبغ باطن الولاية او ظاهرها و هو مقام الانذار و الخوف لان النفس مقام الخوف و الخامس مقام الداعي الي الله و هو مقام ظهورهم بافئدة الاشياء و حقايقها الداعية الي الله ابدا لا الي غيره و السادس مقام السراج المنير و هو مقام المؤثرية و المنيرية في الكل فاذا هم ملأوا

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۴ *»

السموات و الارض و ما فوقهما بحيث لايخلو منهم مكان قال علي7 انا الآمل و المأمول بالجملة:

ما في الديار سواه لابس مغفر

و هو الحمي و الحي و الفلوات

اجمل لك القول بما اجمله الحسن7 ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك فلاظهور الا ظهور الله و هم ظهور الله و اجمل لك القول بما اجمله العزيز الجبار اين ما تولوا فثم وجه الله و قال سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و الآيات هم عليهم السلام بالبداهة عند اهله ثم قال او لم‌يكف بربك انه علي كل شيء شهيد قال الصادق7 يعني موجود في غيبتك و حضرتك ثم قال الا انهم في مرية من لقاء ربهم اي يلاقونه في كل شيء و هم مع ذلك في مرية من لقائه ثم قال الا انه بكل شيء محيط فافهم ذلك و تبصر و افتح عينك فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ان شاء الله فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فما اسهل عليهم طي الارض و غيره قال الله سبحانه الارض جميعا قبضته اي في قبض يد الله يوم القيمة و السموات مطويات بيمينه عليه السلام فما اسهل عليه طي الارض و طي السماء ففي مقام السير لهم جهات و اطوار فان شاء احدهم غاب في مكان و ظهر في مكان آخر باي بعد كان و اي مكان كان من سماء او ارض باقل من طرفة عين و لو شاؤا ظهروا في مكان آخر و جالوا فيه و طافوا مع عدم غيابهم من المكان الاول كما رواه في البصاير بسنده الي عبد الصمد بن علي قال دخل رجل علي علي بن الحسين عليهما‌السلام فقال له علي بن الحسين عليهما السلام من انت قال انا منجم قال فانت عراف قال فنظر اليه ثم قال هل ادلك علي رجل قد مر مذ دخلت علينا في اربع عشر عالما كل عالم اكبر من الدنيا ثلث مرات لم‌يتحرك من مكانه قال من هو قال انا و ان شئت انبأتك بما اكلت و ماادخرت في بيتك هـ. و لو شاؤا ساروا ببدنهم الظاهري بالسير الظاهري و جالوا الدنيا باسرع من طرفة عين فان العرش خلق من فاضل ابدانهم و هو يقطع الدنيا باقل من يوم و نسبته الي ابدانهم نسبة الواحد

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۵ *»

الي السبعين فهم اسرع حركة منه بسبعين مرة فما اسهل عليهم السير في الارض بابدانهم باقل من طرفة عين و لذلك ما استبعدنا ان يقرأ علي7 من حين يضع رجله في الركاب الي ان يركب جميع الكتب السماوية باداء حروفها و حفظ وقوفها في غاية الترتيل ارأيت لو كتب علي صفحة السماء علي استدارة المنطقة الكتب بالحروف المقطعة كم كتب كان يكتب لايحصي عد كتبها البتة اليس يمر الشمس علي كل حرف حرف و يحاذي كل حرف الي ان تأتي عليها في يوم فما ظنك بلسان علي7 لايقدر ان يمر بكل حرف حرف في دقيقة و يؤديه علي ما هو عليه بلي و الله لو شاء قرأ اللوح المحفوظ الجسماني بكل حروفه في دقيقة بتحريك اللسان لاغير ذلك فتثبت ثبتك الله ان شاء الله تعالي و لو شاؤا امروا الارض المطلوبة ان تقرب من قدمهم بالانطواء فوضعوا قدمهم عليها ثم تنبسط كما مر في حديث التر و لايجب ان يقع جميع البلدان المتوسطة في جوف الطي فانه يكفي لاجل ذلك موضع قدم و لايجب ان يكون الطي علي الاستقامة و يمكن الطي علي الانحراف و الاعوجاج ايضا و العجب من اقوام لايتعجبون من هذا القسم و يستبعدون سيرهم بتلك السرعة فان في هذا القسم لابد و ان تسير الارض الكثيف من موضعها في طرفة عين الي مكان الامام حتي يضع قدمه عليها ثم ترجع الي مكانها في طرفة عين و عليها الامام و هو ايضا يسير معها فلايستوحشون من مجيء الارض الكثيف و ذهابها بهذه السرعة و يستوحشون من سير الامام بجسده اليس قد يسير جسده ايضا في هذا القسم و قد وقع هذا القسم لهم كثيرا حتي انهم اصحبوا معهم غيرهم ايضا كما صنعوا بمعلي بن خنيس و جابر و غيرهما و لو شاؤا ركبوا السحاب و لو شاؤا ركبوا الرياح فاذا عرفت ما ذكرنا من المقدمة لاتسبعد شيئا من ذلك و لو شاؤا خفضوا ما بينهم و ما بين الموضع المطلوب فرأوا ما فيها و اروا غيرهم من دون صعوبة و ان شاؤا صوروا المكان الذي هم فيه بصورة ذلك المكان المطلوب و اروه غيرهم و اجمل لك القول كما اجمله العزيز الجبار قال سبحانه و ما كان الله ليعجزه من شيء في السموات و لا في الارض انه كان عليما قديرا فافهم فهمك الله.

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۶ *»

ثم اعلم انك قد ذكرت في سؤالك ان ابين هذه المسائل بجميع انحاء الادلة و زعمت انك تريد الامتحان و لم‌يكن حاجتي الي اظهار فضل و كان اللازم علي جواب المسئلة علي ما هو الحق علي مقدار ما يحصل اليقين للمطلع علي رسالتي كما كان دأب اشياخي هب اني استدللت بجميع الادلة هل يفهم الادلة الا من كان من اهلها و من عوالمها و الدليل ما يدل الطالب الي المقصود فاذا كان الدليل مما لايفهمه الطالب كيف يدله الي المقصود و هو بنفسه مجهول فلرب دليل يحتاج في فهم نفسه الي مقدمات عديدة و التعلم مدة مديدة فان لكل مقام اهلا ارأيت يفهم باطن الكتاب كل احد فضلا عن باطن باطنه و لو القي عليه و ارأيت يفهم دليل الحكمة اصحاب العقول و دليل الموعظة اصحاب المجادلة و دليل الانفس من لم‌يقرأ حروفها فاياك ان تسأل العلماء تعنتا و تجربة اليس يقول النبي صلي الله عليه نحن معاشر الانبياء نكلم الناس علي قدر عقولهم ايكون من الحكمة ان يخاطب الرجل الحكيم العجم بالعربي و العربي بالتركي بل ذلك من السفه لا من الحكمة و انما يخاطب كل احد بما يليق بمقامه لاغير نعم اذا حضر اهل كل مقام لابد للعالم ان يجيب كل واحد علي حسب مقامه فما سمعت المشايخ يقولون انه لابد للعالم البالغ ان يستدل علي كل مطلب باربعة و عشرين دليلا يعنون لمن هو من اهل ذلك و لنفسه لا لكل احد ارأيت احدا من المشايخ تصدي في بيان مطلب واحد في كتابه او في درسه ببيان جميع الادلة فاذا لم‌يكن ذلك فاعلم انما هو لاهله و لاحداث اليقين و المعرفة لانفسهم لالغيرهم قال الله سبحانه لاتسألوا عن اشياء ان تبدلكم تسؤكم اي لاتفهموا

و الي هذه المسئلة انتهت مسائله سلمه الله و الي هيهنا ختمنا الكلام في جوابها و لكن لما ارسل الي سلمه الله مع سؤالاته صورة مقالاته مع رجل قد ظهر بشيراز يدعي انه باب القائم المنتظر عجل الله فرجه و يدعي العظيمات مما يخص بآل محمد عليهم السلام و يدعي انه ينزل عليه الوحي كما انزل علي محمد صلي الله عليه و صنع كتابا علي سبك القرآن قد خلط فيه عملا صالحا و آخر سيئا فسرق بعض آيات الكتاب و ضرب بعضها ببعض و ادرج فيها شيئا كثيرا من اضاليله و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۷ *»

اباطيله و يدعي انه وصل فوق مقام او ادني و مقام او ادني مقام محمد صلي الله عليه و آله و هو فوق ذلك المقام و انه افضل من الانبياء و اعلم منهم و ان من لم‌يؤمن به فهو كافر و من آمن به فهو ناج و يجب علي الناس طرا ان ينفروا اليه و يجاهدوا معه الي غير ذلك من الاباطيل و الاضاليل و ذكر سلمه الله في ذلك الكتاب انه سار اليه ليطلع علي ما لديه و وقع بينهما مقالات فرآه كسراب بقيعة يحسبه الظلمآن ماء حتي اذا جاءه لم‌يجده شيئا و ذكر انه جادله فخصمه اذ لم‌يكن عنده شيء فوجده اشد عيا من الباقل و اظهر شيء في الباطل فاحببت ان اذكر له سلمه الله في آخر هذه الرسالة حقيقة امر هذا الرجل و سبب اقواله و احواله و ادعائه الامور العظيمة و معاني كلامه و مراداته علي ما هو عليه فاني بامره بصير و لاينبؤك مثل خبير.

اعلم ثبتك الله بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الآخرة ان حقيقة امر هذا الرجل انه رجل سمع شيئا من الحق من اهله و عرف شيئا من التأويل ثم ارتاض بعض الرياضات الشاقة حتي احترق في مزاجه السوداء و توجهت الحرارة العارضة من الرياضة الي دماغه و جف تلك الرطوبات التي جعلها الله في تجاويف الدماغ للينته و سرعة انتقاله الي الفهم و ذوبانه في الاشياء ففسد دماغه و اختل امر فكره فتعلق به بعض الشياطين الساكنين في الارض الثالثة الذين شأنهم القاؤ الشكوك و الشبهات و تمثيل القوي الفكرية و الالحاد في العلوم الجزئية و ذلك قوله تعالي و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين و عشاه عن ذكر الله استقلاله في الرياضة و عدم سيره في ظل حماية ذكره سبحانه الذي هو مطرد الشياطين و معدل الطبع و هو الذي اشار الله سبحانه اليه و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياما آمنين فعشا عن هؤلاء فقال ربنا باعَدَ بين اسفارنا و ظلموا انفسهم فمزقهم الله كل ممزق مع انه سبحانه قال له او لم‌يروا انا جعلنا حرما آمنا و يتخطف الناس من حولهم افبالباطل يؤمنون و بنعمة الله هم يكفرون فخرج عن حرم ظل حماية الذكر الامن و استقل بنفسه في الرياضة فافسد طبعه و لما وجد الشيطان مسكنا مناسبا سكنه

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۸ *»

و هو قوله نقيض له شيطانا فهو له قرين و ذلك ان الشياطين لايسكنون الا في كل مكان قذر فاسد كثيف و لذلك مالم‌يفسد المزاج لايعرضه صرع و لاجنون لان الشيطان لايجد لنفسه مسكنا مناسبا لقذارته فلايسكنه ولاجل ذلك الطبيب يعالج المجنون و المعزم و صاحب الرقي ايضا يعالج فالطبيب يكنس المحل بعلاجه فيذهب الحال لما يجده غير مناسب و المعزم و الراقي يطردان الحال و يبقي المحل كثيفا الي ان ينظفه الطبع و عمل كليهما منجعان في المعالجة فهذا الرجل لما ارتكب الرياضات الشاقة فسد دماغه و سكنه الشيطان فسول له امره و زينه في قلبه و اولئك الشياطين علماء بالشبه و الشكوك و التسويلات في كل العلوم فزينوا في قلبه انك بسبب هذه الرياضات الشاقة وصلت الي مقام الفؤاد هو مقام عنوان الله من دون ملاحظة العنوانية فهو مقام الالوهية و الربوبية و جسده الظاهر مقام عبوديته فالعبودية جوهرة كنهها الربوبية ولاشك انه لايصل مدد و لافيض و لاحركة و لاسكون و لانطق و لاسكوت الا باذن الفؤاد و ارادته و مشيته فصار يقول اني لااتحرك و لااسكن و لاانطق الا بالله اي بالفؤاد ثم تخيل ان جميع ما يخطر بالبال فانما هو من الفؤاد و بالفؤاد بواسطة العقل و النفس و مقام العقل مقام النبي الباطن و مقام النفس مقام الولي الباطن فصار يقول ينزل علي الوحي بواسطة النبي و الامام الغايب المنتظر اللذان هما العقل و النفس في الباطن فمرة التفت الي كونه في مقام الفؤاد و العقل مقام النبي و النفس مقام الولي فزعم انه فوق مقام او ادني لان مقام او ادني مقام العقل فقال ان النبي و الولي كانا في مقام الكيف يعني ان العقل و النفس في مقام الكيف و انا في مقام لاكيف يعني الفؤاد ثم رأي ان العقول الجزئية مقام الانبياء و هي في الفلك السابع و هو في مقام الفؤاد فزعم انه افضل من الانبياء و اعلم منهم ثم رأي ان مقام الاوصياء مقام النفوس الجزئية مقام الفلك الثامن و زعم نفسه في مقام الفؤاد فزعم انه افضل منهم و كل ما جري بخاطره سماه وحيا من الله فمرة زعم غلبة توجهه الي الفؤاد فزعم انه يوحي اليه بغير واسطة و مرة زعم قلة توجهه فزعم انه يوحي اليه بواسطة النبي و الامام و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴۹ *»

لذلك سول و قال مرة اخري اني اتكلم بفطرتي و مرة انه بالوحي و لما رأي ان النبي صلي الله عليه واصلا الي مقام الفؤاد و كذا الانبياء قال اوحي الي كما اوحي اليهم و زعم ان مقام جبل طور مقام جبل الانية و هو صاعد عليه و كل من هو بعد في مقام الانية تحت الجبل و هو ناديهم و خاطبهم ثم زعم نفسه متحدا بالفؤاد و العقل و النفس فزعم ان طاعته مفترضة كطاعة الحجج ثم زعم ان جميع ما يفعل و يقول باذن فؤاده و ارادته فزعم انه لايقول و لايفعل الا بالله ثم زعم ان قلبه عرش الرحمن و صدره كرسيه و مداركه الباطنة سمواته و جسده ارضه و كل ذلك محل تجليات الفؤاد و كلها تابعة لامره موالية له زعم ان ولايته عرضت علي اهل العرش و الكرسي و السموات و الارض و لما كان مطلعا علي قلبه و خياله و حركاته زعم انه اشهده الله خلق العرش و الكرسي و السموات و الارض و لما نزل ما في خياله من عقله الي نفسه الي قلبه الي صدره الي فكره و ظهر من لسانه زعم ان الوحي الذي نزل عليه قد نزل الي العرش ثم الكرسي ثم السموات ثم الي الارض و هكذا و هو خذله الله لايعلم ان الفؤاد له نظير في تحت الثري و هو الماهية المدعية للربوبية و العقل له نظير في سجين و هو الجهل و هو شيطنة و نكري و هي شبيهة بالعقل و ليست به و النفس القدسية لها شبيهة في سجين و هي النفس الامارة و هي ايضا نفس و ليست بها قال الله سبحانه كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء و كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار وقال فاحتمل السيل زبدا رابيا و مما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله و هكذا كلما في عليين نظيره في سجين موجود و هو يدعي مثل دعوة ما في عليين و لكن الله سبحانه من لطفه العميم جعل لاهل الحق علامة و لاهل الباطل علامة و لاتشتبهان ابدا اما الزبد فيذهب جفاء و ما ينفع الناس فيمكث في الارض و قال الله سبحانه انه لايفلح الظالمون و لايفلح الكافرون و لايفلح المجرمون وقال ما جئتم به السحر ان الله سيبطله و قال لايفلح الساحر حيث اتي و قال بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه و قال ان الباطل كان زهوقا و قال المنافقون و المنافقات

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۵۰ *»

بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف و يقبضون ايديهم نسوا الله فنسيهم ان المنافقين هم الفاسقون وقال و لتعرفنهم في لحن القول وقال يعرف المجرمون بسيماهم بالجملة لايشتبهان ابدا ارأيت ان البخيل بالطبع الشحيح يمكنه ان يجود خديعة دهرا و لايظهر منه الشح و لايستفزه الطبع و الغضوب الحاد المزاج هل يمكن ان يلين برهة من الزمان و يظهر طلاقة الوجه مكرا و لايظهر عليه طيش و لاعبس و صاحب الشهوة الغالبة هي يمكنه ان يتعفف عمرا و لايظهر منه خائنة عين و الابكم يظهر زلاقة لسانه و لايظهر جهله فان كان الرجل رجلا مسلطا علي عادته و طبعه و شهوته و غضبه و ساير اخلاقه الردية و اعماله و اقواله بحيث يمكنه صرف النفس عنها بحيث لايظهر منه شيء مناف فهو الكامل الغالب علي النفس فاتبعه فهو المراد و الا فان كان الغالب عليه نفسه و هواه فلابد و ان يظهر اثر الغالب و لايمكن للمغلوب كتمان امر الغالب برهة من الزمان و اي امر باطل في الدنيا اشتبه بالحق حتي يشتبه امر الدين بل قوله سبحانه بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق وقوله ان الباطل كان زهوقا مطلق و لايشتبه الامر في الدنيا فضلا عن الدين و ان الله سبحانه من باب اللطف و من باب حب آل محمد عليهم السلام حتم ان يظفر الحق علي الباطل و قال و كان حقا علينا نصر المؤمنين الاتري انه ادعي انه جاء بمثل القرآن و ان الجن و الانس لايقدرون علي مثل كتابه كيف افتضح و تبين غلطه علي كل من له ربط بالعربية و ظهر ركاكة عباراته و قباحة جهالاته و وعد فاخلف و ادعي فلم‌يقدر و اظهر العلم فتوحل و اظهر القدرة فعجز و هكذا و هذا الذي ذكرنا من سبب ادعائه و وجه تسويل الشيطان له ليس انه كان غلطا من حيث صدوره منه يعني لو صدر مثل هذه الالفاظ من ولي كامل كان جايزا حاشا الولي الكامل ان يكون نزقا هذا المقدار و ان يدعي مالاينبغي ان يدعيه الا محمد و آل محمد عليهم السلام ارأيت هل يسع العبد ان يتسمي باسم سيده فيسمي مثلا عبد السلطان بيته دارالامارة يقول لانه يأمر زوجته في داره و

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۵۱ *»

يسمي نفسه السلطان لانه مسلط علي زوجته و يسمي عمله السلطنة لانه يعمل مع زوجته بالتسلط و يسمي قلنسوته تاج السلطنة لانه مسلط علي زوجته و هذا تاجه و يسمي زوجته خازن الدولة لان سفرة خبزه بيدها و هي دولته و يسمي ولده امين الدولة لانه لايسرق خبزه من بيته و يسمي ولده تارة بامير الممالك لانه يامر في داره و في دار ابيه و هكذا امثال ذلك من الخرافات فان كل ذلك في المثال صحيح و لكن لهو و لعب و تسويل او غرور و ما شأن العبد و ما سعته حتي يتسمي بهذه الاسماء و يسمي بهذه الاسماء مع حضور السلطان و ان هذا الا لهو و لعب و ان كان من غرور فيكون مورد سخط السلطان لامحة فان ذلك سخرية به و استهزاء هذا مع انه لو جاز ذلك لاتسع الخرق فانه يجوز لكلب ايضا ان يدعي جميع هذه الدعاوي فان له بحسب مقامه كل هذه المراتب و لاتزعم ان لاكل احد يبلغ مقام الفؤاد فان لاهل كل رتبة و مقام فؤاد بحسب مقامه حتي للجسم فؤاد و هو ما فيه من الجسم المطلق و عقل و هو ما فيه من العرش و نفس و هو ما فيه من الكرسي و هكذا و ينزل جميع ما يرد علي ظاهره الشخصي من فؤاده و فيه آية التوحيد و النبوة و الولاية اذ كل شيء فيه معني كل شيء و قال تعالي ما تري في خلق الرحمن من تفاوت و قال و ما خلقكم و لابعثكم الا كنفس واحدة فاذا يسع هذه الدعاوي كل شيء حتي النملة فهي ايضا اوحي اليها ان تتحرك و تحمل الحبة الي جحرها فاي مقام هذا حتي يصير الانسان به وليا و الغلط الغير المرتبط مثل ما قال هذا الباب باب جهنم كل احد يمكنه ان يقول فكل احد يمكنه ان يدعي ذلك و يقول بعض الغلط و يتوحل اذا سئل اي ثمرة في هذه الدعوي و حاشا الاولياء الازكيا الحكماء العلماء ان يلعبوا هكذا بالدين و لايراعوا حرمة النبي الامين و اميرالمؤمنين عليهم صلوات المصلين و يشككوا الناس و يلبسوا عليهم امرهم و دينهم نعوذ بالله و انما سول لهذا الرجل ابليس اللعين و امهله الله لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالآخرة و يفتتن الذين سموا انفسهم عرفاء و زعموا انهم فازوا بالمعرفة و ضحكوا علي الناس و قبحوهم فاراد الله ان يجري عليهم قوله تعالي الم احسب الناس ان يتركوا

 

«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۵۲ *»

ان يقولوا آمنا و هم لايفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين اي و الله لقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه فقل كما نقول يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك و هذا دعاء الغريق و روي انه يأتي زمان لاينجو الا من تمسك بدعاء الغريق فسئل و ما هو فقرء هذا الدعاء فداوم عليه ثبتك الله و ايانا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الآخرة و ينجينا من مضلات الفتن بجاه محمد و آله سلام الله عليهم. قد كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم و فرغ من تسويده في اول ليلة الاثنين الثاني و العشرين من شهر ربيع الثاني من شهور سنة 1262 في قرية لنگر من قري كرمان حامدا مصليا مستغفرا. تمت.

[1] لو شاء الانسان ان يفصل مقدمات كل مسئلة لفني العمر قبل ان تفني مقدمات المسئلة و لم‌يصل السائل الي جواب سؤاله ابدا او الي ان يمل فلذلك ينبغي ان يشار الي مقدمة جواب السائل و لايفصل لئلا يمل منه.