رسالة في جواب الشيخ محمد جعفر القزويني
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵ *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و ذريته الطيبين و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين الي يوم الدين.
و بعد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدارسل الي جناب لب الالباب و سلالة الاطياب العلام الفهام الاعز الافخر الشيخ محمد جعفربن الحاج ملا محمدتقي البرغاني لازال مؤيداً محروساً من دارالسلطنة اصبهان لازالت محروسة عن الحدثان بمسائل قدطلب مني جوابها و الح في السؤال و انا في غاية تبلبل البال مع ان بعضها من علم لماتعاطاه و لاينبغي استعماله ولكن لماالح علي في السؤال و كان حقيقاً بالنوال لماستحسن رد سؤاله عليه و اكتفيت في جوابه بما هو الميسور و علي الله التكلان في جميع الامور و ارجو الله ان لايكون سؤاله تعنتا و لاتجربة و امتحانا لي في الباطن كما هو في الظاهر فانهما منهي عنهما كما في حديث عنوان البصري و علي اي حال اجعل فقرات سؤاله كالمتن و جوابي له كالشرح كما هو عادتنا.
قال سلمه الله لماغاب بدر الدجي و افل شمس الهدي و ايتمنا الدهر بممات سيدنا السند و ركننا المعتمد و صرنا بعده روحنا لتربته الفداء حياري كالسائمة الضالة عن راعيها لاندري اين المفر و الي من يومئذ المستقر و هداني الله بفضله ان الهمت بان المقتبس من الشمس هو القمر و وجه ضيائها البدر الانور و انت يا مولاي ذلك القمر و النور الازهر فوفدت عليك و توجهت اليك سائلا من عميم فضلك و راجياً من كريم بابك انيمن علي بالجواب بعض المشاكل و حل معضلات القول من المسائل التي اشكلت علي من بعض العلوم مما اثبت العلماء في كتبههم و دونوه في زبرهم علي ما اصطلحوا عليه و بلسان تكلموا فيه علي نهج الاستدلال بالبرهان العقلي الخالص من طور الاقيسة الاقترانية او
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶ *»
الاستثنائية العقلية القضايا التي تفيد النتيجة بعد سلامة مقدمتيها بحل شاف و بيان كاف و اقسم ذلك الجناب بالنورين النيرين اللذين لهما شأنا عظيما و مقاما رفيعا عنده و لايعرفهما علي ما هما عليه الا هو ان لايحرمني من بابه فاني ككلب ملتجي بحضرة ذلك المولي الاولي و انا يا سيدي متمني منك الجواب و ان لماكن اهلا للخطاب فان الكريم لايخيب سائله و لايطرد نائله اسأل الله تيسير الاسباب للاستفادة من حضرتك من اليوم الي يوم المآب حشرنا الله و اياكم في محضر محمد و آله الاطياب عليهم سلام الله الملك الوهاب.
اقول اراد ايده الله و سدده بغيبوبة بدر الدجي و افول شمس الهدي توفي السيد السند و المولي المعتمد كافل ايتام آل الله الحامي حوزة دين الله آية الله في العالمين و حجته في الارضين اعني الحبر العامل الكامل العالم و الولي الفاضل الباذل من آل هاشم السيد كاظم بنقاسم الحسيني الرشتي اجل الله شأنه و انار برهانه فانه انار الله الدهر بانواره عاش ما عاش للدين حاميا و للمسلمين كافيا كان يشد اليه الرحال و يفد اليه الرجال يحمل اليه المعضلات و يحمل عنه كلمات حلالة للمشكلات يرد اليه الصعاب و يصدر عنه الجواب فعاش الناس تحت ظل حمايته زمانا و استراحوا تحت فيء رعايته اوانا بل كانوا لايظمأون ابدا لوثوقهم بالماء المعين و لميلجأوا بوجوده الي تميز الغث من السمين فكانوا بوجوده محروسين بحراسة الله محميين بحماية الله من كيد الابالسة و الشياطين و من شر تحريف الغالين و انتحال المبطلين و لماتولي عنهم غير ملوم و توفي حميدا سعيدا غير مذموم آل الناس الي اهواء متشتتة و آراء متفرقة و اتخذ كل رهط رؤساء جهالا و وجوها ضلالا ناسين للسيرة تاركين للوتيرة لالامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حكمة بالغة فما تغن النذر و انما ذلك فتنة ارادها الله سبحانه بعده و تلك سنة الله التي قدخلت من قبل و لنتجد لسنة الله تبديلا و لنتجد لسنة الله تحويلا و انما ذلك ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و ليخرج منها من دخل فيها بغير روية و انما ذلك كان عهدا معهودا و ترا ممدودا قداخبر به الصادق الامين المجيد و الاستاد العليم السديد و لقدصدق اجل الله شأنه و انار
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷ *»
برهانه قدآل الحال علي حسب ما قال و اعظم تلك الفتنة و ادهاها فتنة خوار العجل الفارسي و اثارة غبارها السامري
فدع عنك نهبا صيح في حجراته | و لكن حديث ما حديث الرواحل |
و هلم الخطب خطب هذا العجل لمفحم ذي الخوار و انثيال الناس عليه كالفراش المبثوث من كل دار انه مع فحومة لسانه و عي بيانه و عدم تميزه الهر من البر و النفع من الضر قدتقدم علي القوم و كساهم بتقدمه عليهم كساء العار و اللوم ليت شعري الميروا انه لايكلمهم و لايهديهم سبيلا اتخذوه و كانوا ظالمين ولعمري انهم قداوضحوا لنا طرق عمل الماضين و نفوا عجبنا من سيرة السابقين حيث كنا نتعجب من اتخاذ القوم العجل بدل رب العالمين و استبدال السامري برسول الله الجليل المبين و استعواضهم ابن ابي قحافة من خاتم الوصيين و تمكينه من جلوسه مجلس النبي الامين عليه صلوات المصلين فواعجبا هليستخلف الماء السراب و هليتخلف عن السماء الحباب ألميروا نور السيد الانور و بهاءه الازهر و مقاماته العلية و مراتبه السنية و علومه الكافية و بياناته الشافية ألميروا تلك الاحوال ألميعتبروا بتلك الافعال أنسوا تلك الاقوال ما انساهم تلك السيرة و ما اغفلهم عن تلك الوتيرة حتي ارضوا انفسهم بهذا الرجل عنه خلفا و عن ذلك الطود الاعظم بدلا اي والله و لاعجب اي والله و لاغرو« الناس من حسب التمثال اكفاء» اعاذنا الله و اياكم من مضلات الفتن و فوادح المحن و ثبتنا و اياكم بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الآخرة انه بعباده المنقطعين اليه رؤف رحيم. و الي هذه النفثة اشار سلمه الله بقوله و صرنا بعده روحنا لتربته الفداء حياري كالسائمة الضالة عن راعيها لاندري اين المفر و الي من يومئذ المستقر.
و اما زعمه اني الذي تحملت علمه و حملت اعباء فضله فاستغفر الله لي و له من هذا الزعم فاني لو وصلت الي قطرة من بحار فضله و رشحة من لجج يم علمه لافتخرت علي العالمين و استغنيت عن جميع الكاملين و اني و متي ما انا و ما خطري انا مثل الذرة بل اقل في جنب سماء جلاله و عرش عظمة كماله من انا حتي اسري في هذه المسالك و ما خطري حتي اهجم في تلك الممالك كفاني
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۸ *»
فخرا ان اعد منسوبا اليه او من تلامذته الادنين لديه و علم الله و شهد انا استفدنا منه كاستفادة الغرفة من البحار و بلغنا منه ما تبلغ العين من القمر السيار و اما قوله سلمه الله علي نهج الاستدلال بالبرهان العقلي الخالص من طور الاقيسة الاقترانية او الاستثنائية العقلية القضايا الي آخر ما قال فليعلم اولا ان مشاعر الانسان ثلثة و كل مشعر منها مدرك لما يجانسه و قدقال علي7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها فمن رام انيدرك بكل مشعر غير ما يجانسه فقدرام محالا و لنفسه اتعب و لمسئوله انصب و ذلك لان للموجودات ثلث مراتب الاول مقام الصورة سواء كانت مقترنة بالماديات او مفارقة لها و الثاني مقام المعني و الثالث مقام الحقيقة المجردة عن المعني و الصورة و لارابع لها و ان الله سبحانه قدخلق الانسان انموذج العالم الكبير و قدجعل فيه من كل رتبة و مقام ما يجانسه فجعل للانسان مدركا من جنس الحقايق اللاهوتية لكييدركها به و مدركا من جنس المعاني الجبروتية لكييدركها به و مدركا من جنس الصور بمقاميها لكييدركها به فخلق في الانسان فؤادا مجردا عن الصورة و المعني فبه يدرك الحقايق و الامثلة الملقاة في هويات الاشياء علي ما هي عليه بقدر قوته و استعداده و هو نور الهي مجرد عن حدود الصور الجزئية و المعاني الكلية و هو المشار اليه في قوله9 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و به يعرف الله سبحانه لابغيره من المشاعر فان الله سبحانه ليس بمعني و لاصورة و لايدرك المجرد عنهما المصور المقترن بهما ابدا فمن رام معرفة الله سبحانه بغيره من المشاعر فقدعرف حادثا مخلوقا و سماه ربا فانعرف قدما فقدعرف القدم الوقتي و هو امتداد وقت بلابداية و لانهاية و انعرف وحدة فقدعرف وحدة جنسية او نوعية او شخصية و انعرف غيرهما من الصفات فهي من الصفات الخلقية المعنوية او الصورية و لايليق بجنابه تعالي شيء من ذلك و لتعرفنهم في لحن القول و الله يعلم اسرارهم و ذلك كما انك تري يسأل احدهم عن دليل الوحدة و دليل القدم و دليل ساير الصفات و هذا السؤال بعينه دليل
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۹ *»
انهم يرومون معرفة ذلك بالمشعر المعنوي و الصوري لان ما يمكن انيكون و يمكن ان لايكون و يمكن انيكون واحدا او ازيد و يمكن انيكون كذا و يمكن انيكون كذا فهو حادث فلما رأيناهم يجوزون ذلك و يسألون عن الدليل علي احد طرفي الامكان عرفنا انهم لميدخلوا البيت من بابه و راموا معرفته سبحانه بالمشاعر الخلقية الممكنة و لو طلب الناس اولا مدرك ما يريدون معرفته ثم استعملوا مدركه لزال عنهم الاختلاف و عرفوا مطلوبهم من غير خلاف مثال ذلك ان الرجل اذا اراد انيعرف علم الهيئة فليفحص اولا عن مدرك هذا العلم فاذا عرف ان مدرك هذا العلم هو العين فليعالج عينه و ليستعملها حتي يدرك المقادير بها و اذا اراد تميز النغمات و الالحان الملذة من الموذية فليستعمل اذنه و ليصغ باذنه حتييعرف فلو كان الرجل اصم و فتح عينه و لمير صوتا و يري بعض الناس يحسنون صوتا و بعضهم يقبحونه فليمسك عن الكلام فيه و الدخول مع واحد منهم او فليعالج اذنه اولا ثم ليخض فيما يخوضون فيه ولكن الناس غافلون عن ذلك و يأتون البيوت عن ظهورها كما نهي الله و لايأتونها من بابها كما امر فضربهم الله بالاختلاف و التنازع و التشاجر فجعلوا امرهم بينهم زبرا كل حزب بمالديهم فرحون فتري الاعمي يتصرف في معرفة الالوان و الاشكال و الاصم يتصرف في معرفة الاصوات و من لاذائقة له يتصرف في المطعومات و من لاشامة له يتصرف في الروايح و من لالامسة له يتصرف في الكيفيات الملموسة فلاجرم «لالامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون» و لايزالون مختلفين الا من رحم ربك فاني اوصيك ايها الطالب للحق ان تطلب اولا مدرك مسئلتك ثم تستعمله في معرفتها حتي تفوز بما فاز به الفائزون و تدخل البيوت من حيث دخل الداخلون و لاتعزم علي من تسأله ان يبين لك المبصرات بالادلة السمعية و الاصوات بالادلة العينية و هكذا و خلق للانسان عقلا و هو نور مجرد عن الصور المجردة و المادية و هو نور جبروتي معنوي كلي منه البدء و اليه العود و هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و هو جوهر دراك لجميع الاشياء محيط بها من جميع جهاتها و هو وسط الكل المقلب للكل و اليه الاشارة بقوله تعالي ان في ذلك لذكري لمن كان له
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۰ *»
قلب او القي السمع و هو شهيد الي غير ذلك من الآيات الواردة في العقل وكذلك الاخبار فشأن العقل ادراك المعاني الكلية لاالحقايق اللاهوتية و لاالصور الجزئية فالدليل العقلي موصل الي المعاني الكلية و ليس ربنا معني و لاكليا فاني يوصلك الدليل العقلي الي معرفة من هو منزه عن المعاني الكلية و الجزئية و بذلك تاهوا عن معرفة الله سبحانه و ابتلوا بهذه الاختلافات و التشكيكات و خلق للانسان نفساً و هي نور مجرد ملكوتي مدرك للصور الجزئية المفارقة بنفسه و للصور البرزخية آلاتها و ادواتها و للصور المادية بواسطة الآلات و الادوات المهياة لها و لكن كل ذلك من اقسام الصور الجزئية و من اعلي مقامات الصورة الي اسفل مراتبها عشرون مقاما لكل واحدة منها مدرك يختص بها و يكون علي حسبها من اللطافة و الكثافة و المقارنة و المفارقة و البرزخية و العلوية و السفلية «فان الادوات تحد انفسها و الآلات تشير الي نظائرها» فمن رام ادراك الصور المثالية البرزخية بالادوات المادية الظاهرية من الحواس الخمس فلنيصل اليه ابدا و لابد في ادراكها من الحواس الباطنية البرزخية و كذلك من رام ادراك الصور المجردة بالقوي المثالية فلنيصل اليه ابدا فان كل شيء يقترن بشكله و يدرك جنسه و تميز مدرك المسئلة قبل الخوض فيها و السؤال عنها من اعظم الوصلات و الاسباب الي معرفة تلك المسئلة و بدون ذلك ليس يعرف شيئا منها ابدا كما عرفتك ثم اقول ان لكل واحد من هذه الثلثة دليلا يهتدي به الي مدركة اذ لابد من المناسبة بين الدليل و المدلولعليه و لماكان مطلوب النفس ادراك الصور الجزئية و تميزها فما كان ضروريا لها عرفتها بآلتها من غير حاجة الي دليل و اما ما كان لها نظريا احتاجت الي دليل يدلها عليه فلزم ان يكون الدليل مما يمكنها ادراكه اذ ما لمتدركه لمتدرك ما يدل عليه و قدعلمت ان النفس لاتدرك الا الصور الجزئية فلابد و انيكون دليل تستدل به لغيرها او يستدل به غيرها لها من الصور الجزئية حتي يمكنها ادراكه اولا ثم الاهتداء به الي المطلوب فلاجل ذلك صارت ادلة النفس كلها من المفهومات اللفظية علي القواعد المنطقية المضبوطة في كتب القوم فان مبني جميعها علي المفاهيم اللفظية و التصورات الخيالية و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۱ *»
التصديقات العلمية و القضايا المركبة من التصورات و الاقيسة المترتبة من القضايا و جميعها من عالم المفاهيم اللفظية التي مدركها النفس لانها من الصور المجردة او المادية كما هو معلوم عند الخائضين فيها فلاجل ذلك لايفيد تلك الادلة للنفس الا العلم و هو حضور المعلوم عندها و يقابله الجهل و هو خفاء المعلوم عنها ولعمري ليس يوجد اليقين عندها فان غاية ما يحصل من الادلة العلمية النفسية هو التزام الخصم و عجزه عن الرد و الاعتراض و التزام النفس و عجزها عن ردها و الاعتراض عليها و اما اذا راجعت نفسها بعد العجز و تخلي بها و استنبط ما فيها ليس يجد فيها و لها الا العلم و مع ذلك يحتمل انيكون ما حضر لديها اي معلومها مخالفا للواقع لما يحتمل في الفاظ الادلة من الاحتمالات من الحقيقة و المجاز و النقل و الاشتراك و الوهم في بديهياتها و مسلمياتها فان بديهي قوم عند قوم من المخفيات و مسلم قوم عند قوم مما تنوزع فيه و ربما يسلم الانسان شيئا من اجل غفلته عن المخالف او يكون بديهيا في بادي النظر لاجل عدم تعمقه فيه و هكذا يحتمل في كل لفظ منها ما لايحصي و لاجل ان اهل الاصول كان مدارهم علي الالفاظ و رأوا انه يحتمل فيها كل هذه الاحتمالات عدلوا عن ادعاء اليقين في المسائل و اكتفوا بالظن و التخمين مع انهم يستدلون في علم الاصول بالادلة المنطقية و القياسات المعروفة و العقلية علي زعمهم و مع ذلك كلهم مختلفون في المسائل فلو كانت هذه القواعد مما يحفظ العقل عن الخطاء في الفكر لكان يحفظ المتدربين فيها الشاقين للشعر في مسائلها و انقلت ان هذا الاختلاف لاجل عدم مراعاتهم للقواعد فلو راعوها لما اختلفوا قلت ليس كذلك بل انهم مراعون لذلك ولكن لما كانت تلك القواعد لاتدرك الا بالعقل فاولا لابد و انيدركوها ثم يرتبوها علي ترتيبها حتيتنتج لهم ما تنتج و من العجب قولهم ان المنطق يصون الذهن عن الخطاء في الفكر و لايتفطنون ان كتاب المنطق ليس يصون الذهن و مسائله في علم الله او في علم غير الشخص ليس يصون ذهن الشخص كما هو ظاهر و انما هو يصون اذا كان صائنا بعد فهم الشخص اياه و تصوره و تصرفه له و فيه فاذا كان الفهم مخطئا فانه
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۲ *»
يخطئ في فهمه قبل انيتحقق فيه و يصونه و انكان مصيبا فلايحتاج اليه و انكان مصيبا في بعض و مخطئا في بعض فيكفي في عدم الصيانة الخطاء في البعض و كفاك ان اختلاف الحكماء اكثر من اختلاف جميع اهل الفنون مع شدة مراعاتهم لهذا العلم فاذا لميشف ما يسمي درياقا من اول الدهر الي آخره سليما فكيف يكون درياقا و ما ترجو منه و الي مَ تستشفيمنه و كفاك في الانزجار عنه انه لو كان شرط تميز العقل و كان يبتني عليه امر من الفهم اوكان نشره و ذكره اولي من تركه لما اخل به صاحب الشرع المعصوم من ترك الاولي و انما تكلم في الناس علي حسب فطرتهم و كلمهم بلسانهم و دعا الي الله سبحانه و الي دينه و الي جميع الحكم الباطنة و قدقال الله سبحانه ما فرطنا في الكتاب من شيء و روي ما من شيء الا و فيه كتاب او سنة فبينوا جميع العلوم من غير انيضعوا للناس منطقا مع انهم وضعوا علم العربية اذا احتاج الناس اليه و انقلت جميع كلام الناس عوامهم و خواصهم منطبق علي علم المنطق قلت فما الحاجة اليه اذا و انما الناس يتكلمون بالفطرة علي الوضع الالهي و كفاك كون هذا العلم من علوم النصاري و اليونانين و لميكن في الاسلام منه ذكر الي عهد المأمون و قدجاؤا في عهده بكتب اليونانين و ترجمه العالمون بلغتهم و انتشر في الاسلام بالجملة مدار النفس علي الالفاظ و المفاهيم و دليلها منها و هي لكثرة الاحتمالات فيها ليس يورث يقينا و انما يورث التزام النفس و عجزها عن الرد فلما عجزت عن الرد و حضر عندها صورة حاصلة عن الادلة ركنت اليه و اتخذته رأيا له و قولا و هو علم لايقين فان العلم هو الصورة الحاضرة عند العالم سواء طابق الواقع و ايقن انه مطابق للواقع او لميوقن فيجتمع العلم مع اليقين و الظن و الشك و ضده الجهل و قديستعمل الناس لفظ العلم في معني اليقين و حينئذ مرادف مع اليقين و ليس من صفات النفس و انما هو من صفات العقل كما سنبينه انشاءالله و اما العقل فهو فوق النفس و هو مدرك للمعاني الكلية فاذا كانت ضرورية له يدركها من غير حاجة منه الي دليل يدل عليها و اما اذا كانت نظرية احتاج الي دليل يتوصل به اليها و يجب انيكون دليله من المعاني الكلية فانه لايدرك الا اياها و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۳ *»
لايصاقعه و لايجانسه الا هي فليس يستنبط دليله من مفاهيم الالفاظ و التصورات اللفظية و التصديقات العلمية و انما يستنبط دليله من المعاني الكلية و هنا دقيقة و هو انه سبيل القاء المستدل ما عنده من الدليل علي المستدل عليه في هذه الدنيا لايكون الا بالالفاظ سواء كان الدليل نفسيا او عقليا او فؤاديا لكن النفس تتبع مفاهيم الالفاظ من حيث الجزئية و من حيث الارتباط بالالفاظ و اما العقل فليس يتبع المفاهيم من حيث الارتباط بالالفاظ و الخصوصيات اللفظية ولكن يتبع بما يحصل له من تمام الالفاظ معا من غير ملاحظة خصوصية الالفاظ و يأخذ بحاصل الكلام انكان يقينا يقطع بمطابقته للواقع و يترك ما يخالف الواقع و هو معني كلي عقلي يحصل له حين اصغائه للكلام و ذلك ان الفاظ الدليل تطرق الاذن و تنفعل منها بنطاسيا و تؤديها الي الخيال و الفكر و تدركها النفس بنظرها الاعلي من حيث العقل فتدرك خلاصة ذلك و تؤديها الي العقل فيدرك معناها الكلي فان رآه مطابقا للواقع سكن و الا تلجلج و تردد فان كان علائم المطابقة غالبة ظن و انكانت علائم المطابقة مغلوبة و علائم المخالفة غالبة وهم و ان تساوتا شك و ليس يلتفت الي خصوص الالفاظ ابدا و انما نظره الي الحاصل من الكل لا من حيث حصولها من الالفاظ بل من حيث مطابقتها للواقع بخلاف النفس فانها ملتفتة الي خصوص الالفاظ ثم قديكون الاختلال من جهة الناظر فانه قد لاينظر بعينه العقلي و يروم درك المعني الكلي بعين نفسه او يشوب عقله بنفسه و لاجل ذلك لايحصل له اليقين و انكان الدليل سليما مورثا للقطع ثم قديكون العقل غالبا فيظن و قديكون النفس غالبة فيوهم و قديتساويان فيشك و انكان العقل صرفا فيوقن و انكانت النفس صرفة فيعلم و قلما استدل العلماء بالدليل العقلي علي ما ذكرنا وجل ما يستدلون به و يتكلمون فيه الادلة العلمية النفسية و سموها عقلية و بعد اطلاعك علي ما فصلنا و شرحنا لعلك تلتفت الي صدق ما ذكرنا بخلاف الاستادين السنادين اعلي الله مقامهما انهما جل ما يستدلان به من الدليل العقلي و الفؤادي كما سنذكره انشاءالله و لذلك يورث كلامهم اليقين و المعرفة و يورث كلام القوم العلم لاغير.
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۴ *»
و اما الفؤاد فانه نور الهي ناظر بعين لاهوتية الي حقايق الاشياء فقديكون قويا و يعلم الحقايق بالمعاينة و قديكون ضعيفا فيحتاج الي دليل يدله عليه و لما كان الفؤاد مدركا للحقايق المنزهة عن لوث المعني و الصورة فلايدرك بنفسه الا الحقايق المنزهة فلابد و انيكون دليله مما يدركه ليوصله الي ما لايدركه فلابد و انيكون دليله من الحقايق اللاهوتية ليدركه ثم ليوصله الي مطلوبه فلايوصله الي مطلوبه الادلة النفسانية و العقلانية و لايدركهما بنفسه بل لايدلان الي معرفة شيء بحقيقته لان اليقين بوجود شيء لايورث معرفة ذلك الشيء بكنهه كما انك تتيقن بوجود جبرائيل و لاتعرفه او تعلم ان فطرس مثلا موجود و لاتعرفه فالعلم و اليقين غير المعرفة و الدليل الدال عليهما غير مؤدٍّ لها ولكن وصول الفؤاد الي مطلوبه من معرفة الدليل الموصل له الي ما لايعرفه لايمكن في عالم الشهادة الا بواسطة الالفاظ فهو يعرف الدليل الحقيقي من الالفاظ لكن لا من حيث المفاهيم اللفظية الصورية الجزئية و لا من حيث المعاني الكلية علي ما بينا و شرحنا ولكن يعرف منها حقيقة مجردة عن الصورية و المعنوية و الجزئية و الكلية و انكان بواسطة طروقها الاذن و انطباعها في بنطاسيا ثم انطباع مفاهيمها في الذهن ثم اكتساب النفس منها صورا مجردة ثم استنباط العقل منها معان كلية فالفؤاد يدرك منها الحقايق لا من حيث خصوص الجزئية و لا من حيث خصوص الكلية و اناصعب عليك فهم مثل ذلك فلاجل ان مدرك ذلك الفؤاد و لايمكن ذلك بامعان نظر النفس و العقل و كثيرا يستدل السنادان الاستادان انار الله برهانهما بدليل الحكمة ولكن هو من قبيل قول الشاعر:
قد يطرب القمري اسماعنا | و نحن لانعرف الحانه |
و قدحرم عن فهم هذا الدليل الا قليل من الحكماء و قدشحن بمثل هذا الدليل الكتاب و السنة و كتبهما انار الله برهانهما و لما كان الناس في قوس صعودهم من غاية نزولهم يتدرجون في المعارج شيئا بعد شيء و يتلطفون حينا بعد حين فيكونون في مبدء صعودهم نطفة ثم يتلطفون بحرّ الطباخ المعدني الي انيصيرون علقة و مضغة ثم يتلطفون بحر
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۵ *»
الطباخ النباتي حتيينبت عليهم العظم و اللحم ثم يتلطفون بحر الطباخ الحيواني الي انيكون خلقا آخر و يخرج الي فضاء الدنيا ثم لابد في تلطيفهم الي حر طباخ نفساني و ذلك ليس له انبعاث من الجسد و لابد من العمل بمقتضي الشرايع و الاحكام و النواميس النازلة من السماء التي هي شعلات و انوار ساطعة من تجليات النفس و تلطيفهم في هذه الدورة بحر طباخ الاعمال الشرعية و انه اشد حرا من نار الطبع و نار الحيوة سبعين مرة فاذا تعلق بهم شعلاتها و ظهر عليهم آثارها انتضجوا شيئا بعد شيء الي انيكونوا انسانا و انفس قدسية و بدون ذلك الطبخ لايكادون يصلون الي مقام الانسانية ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون الناس كلهم بهائم الا المؤمن و المؤمن عزيز ثم يتلطفون بعد ذلك بتعلق آثار العقل بهم و انواره و عملهم بمقتضاه و انفعالهم تحت سطوع اشعته و انواره فيتلطفون بحر طباخ تلك الاشعة و هو اشد حرا من النفس بسبعين مرة الي انيظهر فيهم العقل و يكونون من اولي العقول و الالباب ثم يتلطفون شيئا بعد شيء بحر طباخ المحبة و هي نار تطلع علي الافئدة فتحرق غير المحبوب و نارها نار سبك تحرق ما سواه فتكلسهم و تفرق موصولهم و تجمع مفصولهم و تجعلهم متلاشين مضمحلين و تدكدك جبل انيتهم الي انيظهر فيهم الفؤاد فيكونون بذلك من اولي الافئدة و ماكذب الفؤاد ما رأي و كل من قعد به حر الطباخ في رتبة من المراتب بقي غير منتضجا في تلك الرتبة فاقدا للرتبة العلياء و هو قوله سبحانه مخلقة و غير مخلقة و نقرّ في الارحام ما نشاء الي اجل مسمي فلما كان الخلق لهم مراتب مختلفة فمنهم من هو من اهل الافئدة و منهم من هو من اهل العقول و منهم من هو من اهل النفوس و منهم من هو غير مخلقة لميبلغ مقام التمام و الكمال و كل واحد من هؤلاء يهتدي بمالايهتدي به الاخر و يكتفي بما لايكتفي به الآخر و الرسول هو المبعوث الي الناس كافة و ينبغي انيكلم كل طائفة بما يقنع به و يهتدي به و يناسبه امر الله سبحانه رسوله المبعوث علي الكافة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۶ *»
انيدعو الناس علي ثلثة انحاء فقال ادع الي سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن فامر الله سبحانه الداعي اليه انيدعو اصحاب الافئدة بالحكمة و هي دليل ذوقي عياني مجرد عن الصورية و المعنوية يفيد المعرفة و انيدعو اصحاب العقول و اولي الالباب بالموعظة الحسنة و هي دليل لبي يقيني من عالم المعاني الكلية و انيدعو اصحاب النفوس بدليل المجادلة بالتي هي احسن و هو الدليل اللفظي المفهومي المعروف من القضايا و القياسات المعروفة و لايلزم فيه انيرتب الالفاظ و الحروف علي نهج ما قرروا في علم المنطق و انما اللازم تفهيم المطلوب باي لفظ كان و كيف ما اتفق كما كان النبي9 و الائمة: يفعلونه في مجادلاتهم و انكان بعد التحليل ينطبق علي قواعد المنطق و يطابق واحدا من اقيسته ولكن الفطرة الالهية تجري علي ما طبعت عليه من دون حاجة الي المطنق و هو اثمه اكبر من نفعه لانه كثيرا ما يكون مخلا بالمطلب اذا راعي المستدل الاختصار في المقدمات ليصيغها علي هيئة الاشكال المقررة فيبقي المقدمات مجهولة فان وضع مقدمات و يستخرج نتيجة ثم ذهب يفصل كل مقدمة ليبين المرام فيلزم في اثبات المقدمات ايضا ترتيب المقدمات علي ما مر و ان لكم في رسولالله اسوة حسنة فان كان المنطق علي خلاف نطق الناس علي الفطرة فما لنا فيه من حاجة فان فطرة الله التي فطر الناس عليها كافية في هذا المقام لاتبديل لخلق الله ذلك الدين القيم اي لايجوز تبديل خلق الله و انما التبديل من الشيطان كما قال و لآمرنهم فليغيرن خلق الله و ان كان المنطق يوافق الفطرة و كل من يتكلم ينطبق علي قواعد المنطق فنحن نتكلم علي الفطرة و هو يكون موافقا للمنطق فليركن اليه المحب للمنطق و ليس فراري منه و بغضي له من جهة جهلي به و الانسان عدو ما جهل بل لأجل ان الاسلام اغناني و الحمد لله عن علوم النصاري و حفظ ذهني عن الخطاء في الفكر الموازنة بالموازين الالهية النبوية المعصومية صلوات الله عليهم اجمعين و لميبق لي حاجة اليه و اغناني الله و رسوله9 من فضله. و اني قدصنفت فيه كتابا لطيفا في اوائل تحصيلي و كنت فيه ماهرا ثم شنأته لمافتح الله عين بصيرتي بفوزي من حضرة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۷ *»
الاستاد السناد اجزل الله اكرامه عليه و انما قدمنا هذه المقدمة لما استنبطنا عن عزمك علينا اننبين المرام بالقياسات الاقترانية و الاستثنائية العقلية القضايا كثرة ركونك اليه و هلعك فيه و ولعك به فاردنا ان يبدلك ربك خيرا منه زكوة و اقرب رحما و لاجل انتعلم ان تلك القضايا و الاقيسة ليست عقلية و انما هي نفسية و ليست مفيدة لليقين و انما هي مورثة للعلم و ليست برهانا عقليا و انما هي براهين صورية فنحن نتكلم في مسائلك و لاقوة الا بالله بما يورثك اليقين انشاءالله و المعرفة و يكون محشوا بالمجادلة ايضا لئلايبقي لك عذر ثم ان اهل المنطق يقولون ان جميع نطق الناس منطبق علي القواعد فليكن دلائلنا ايضا منطبقة و علي ذلك نحن مسعفون لطلبتك و مستدلون بالاقيسة العقلية علي زعمك فاذا يحصل المطلب علي ما طلبت و علي ما نطلب و اما نسب الي نفسه ازدراء بنفسه فانما هو من رفعة مقامه و علو شأنه و انما هو جليل الشأن رفيع البنيان عالم فاضل و عامل باذل مع انه في عنفوان الشباب قدبلغ مبلغ اولي الالباب و الحمد لله رب العالمين و انا اقول كفاء لماذكر في مما لايليق و لست به حقيقا انا اعلم بنفسي من غير و الله اعلم مني بنفسي اللهم اجعلني احسن مما يظنون و اغفر لي ما لايعلمون فانك انت الغفور الرحيم و هذا ابتدا مسائله.
قال سلمه الله المسألة الاولي بينوا بالبرهان المزبور تشارك كل من قسمي الحد التام و الحد الناقص مع كل من قسمي البرهان اللمي و الاني الذي قدشحن به الملاصدراء الشيرازي تجاوز الله عنه و عن تابعيه كتبه و استدل به ولكن علي نحو الاطلاق و الاجمال حيث يقول باشتراكهما في الحدود و ان ما لاحد له لابرهان له و ما لابرهان له لاحد له.
اقول معلوم عندكم ان الحد قول يحمل علي الشيء ليفيد تصوره بكنهه فلابد من كونه ذاتيا للمحدود و هو الفصل ثم انكان معه جنس قريب فهو حد تام و الا فهو حد ناقص و لابد و انيكون الحد مساويا للمحدود و اجلي فان لميكن
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۸ *»
مساويا يكون الحمل كذبا و ان لميكن اجلي لميكن معرفا له و هذا رمز مبهم و سر منمنم لاكوه بين لحييهم و لميعرفوا كنه ما يقولون فان المحمول ان كان مساويا في الجوهر و الصفات الذاتية المشخصة له من الكم و الكيف و الجهة و الرتبة و الزمان و المكان و الوضع و غيرها فهوهو لاغير فيكون الحمل هو حمل الشيء علي نفسه و حمل هوهو و ان غير اللفظ مع اتحاد المعني فهو تعريف لفظي كقولهم زمين بالفارسية هو الارض لامعنوي و المفروض ان الحد يقع في جواب ما هو او اي شيء هو في ذاته و المطلوب معرفة حقيقة ذاته و ان لميكن مساويا له في الجوهر و جميع الصفات الذاتية فتكون القضية كاذبة و الحمل كذبا فان الموضوع حينئذ ليس هو المحمول ثم ما معني قولهم لابد و انيكون اعرف هل ينبغي انيكون اعرف بحسب اللفظ فيكون المعرف لفظيا لايكشف عن حقيقة المسؤل او يكون اعرف بحسب الحقيقة فلايكون حينئذ مساويا للمحدود الموضوع فان الاعرف ليس يساوي غير الاعرف في الذات البتة و لااقل من اختلاف الرتبة و الكثافة و اللطافة و القرب و البعد و ليس الداني عين العالي و ليس الكثيف عين اللطيف و البعيد عين القريب فعدم التساوي و كذب الحمل و خالفت القضية الواقع فبين لنا يا ذا المعالي و الفضل هل لهم لهذا السر المنمنم حل ام لا فان كان فما هو و لِمَ لميكشفوا في كتبهم لثامه و لميفضوا في زبرهم ختامه و انا اوقفك عليه انشاءالله تعالي.
اعلم ان القوم قالوا ان المحمول لابد و ان يكون له جهة جامعة مع الموضوع بها يصح الحكم انه هوهو و جهة مميزة بها تحصل الفائدة اذ لافائدة في حمل هوهو كقولك الماء ماء و الارض ارض و هكذا و هذا الكلام منهم غير تام فان ما له جهتان ليس بعين ما له جهة واحدة فالمحذور لايندفع بهذا القول ايضا و بيان المسئلة علي سبيل الاجمال الغير المخل و التفصيل الغير الممل ان المحمول ما لميكن عين الموضوع من كل جهة لايصح الحمل البتة الا انه لابد من معرفة الموضوع هل هو ذات الشيء من حيث هيهي او هو ظهور الشيء اما ذات الشيء فلايصح ان يحكم عليها بشيء فانها ليست الا هي و لا اسم لها و لارسم من
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۱۹ *»
حيث هيهي و ليس هناك كثرة الوضع و الحمل و النسبة و الحكم ارأيت حين تلتفت الي نفسك من حيث هيهي اتذكر شيئا من هذه الكثرات حتي تنسب شيئا اليه او تحكم بشيء عليه هذا مع ان المحمول لابد و انيكون وصفا فان الذات القائمة بنفسها لاتحمل علي شيء فلاحمل في رتبة الذات الصرفة البحت الباتة فاذ لاحمل لاوضع فانهما متضايفان فاذ لاوضع و لاحمل لانسبة لانها تابعة لهما و اذ لانسبة لاحكم فامتنع انيكون نفس الذات من حيث هي موضوعة و مزيدا علي ما ذكر عدم وجود المحمول في رتبة الذات بوجه فان المحمول صفة و الصفة ليست في رتبة الذات و كمال معرفة الذات نفي الصفات كما قال علي7 في معرفة الحقيقة كشف السبحات فمع وجود الذات في رتبتها و لاذكر فيها للصفات و كون الصفات في رتبتها و لاذات لايصح التساوي و لاالاتحاد و لو من جهة حتي يصح به الحمل فليس نفس الذات موضوعة في حال من الاحوال و ليس سوي الذات الا الصفات فلابد و انيكون الموضوع من عالم الصفات الا ان الصفات لها مرتبتان مرتبة الموصوف و مرتبة الصفة الاتري ان المفعول ايضا صفة للذات اذ قديكون مفعولا و قدلايكون و لو كان المفعول عين الذات لمتعقل الا مفعولة مثلا تقول زيد مضروب فالمضروب صفة زيد قدتكون و قدلاتكون و لو كان المضروب عين ذات زيد لمتعقل الا بانه مضروب فتبين ان الموصوف ايضا صفة فان الذات قدتكون موصوفة بكذا و قدلاتكون موصوفة بكذا فالموصوف ايضا من رتبة الصفات الا ان من الصفات ما يحكي الذات لغلبة الجهة العليا فيها و هي حيث الآئية للذات و منها ما لايحكي الذات و انما الغالب عليها جهة نفسها و انما ذلك باختلاف نظر و الا فبحسب الكون الخارجي هي واحدة و لما كان الخلق في قوس الصعود ناظرين الي ظواهر الاشياء و جهاتها من انفسها و غافلين عن حقايقها و جهاتها الي ربها جهلوا الحقايق و احتاجوا في معرفتها الي الحدود و المعرفات و قدعلمت ان الحد ان لميكن اعرف من المحدود لميكن فيه فائدة و ان لميكن مساويا في الحقيقة يكون كذبا فانه غيره في الحقيقة فلاجل ذلك جعل الحكماء يحدون حقايق الاشياء بظواهرها التي هي عين تلك الحقايق في
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۰ *»
الكون الخارجي فاذا وصفوها بوصف ظاهر للسائل عرفه و قدعلمت انه لايعلم الا جهة نفس الشيء فجهة نفس الشيء هي حد حقيقته بها يمتناز عن غيره لاغير و حدود الحقيقة نوعان حد مادي و حد صوري و مادة الشيء هي غير حقيقته فان الحقيقة من حيث هي ليس بمادة ظاهرة بالصورة و لاصورة قائمة بالمادة و انما المادة و الصورة ركنا مظهر الحقيقة قدصارا بعد اجتماعهما مظهرا للحقيقة و انكان الظاهر و المظهر في الحقيقة شيئا واحدا في الكون الخارجي الا ان المظهر جهة نفس الظاهر فلذلك اذا سئل عن حقيقة بما هي يعرف بمادته و صورته المتساويتان لها في الحقيقة الظاهرتان عند السايل فاذا سأل السائل عن الماء عرف له بانه جسم بسيط بارد رطب سيال فالجسم البسيط البارد مادة له و الرطب السيال صورته و هما ركنان لمظهر حقيقة الماء و قدظهر الماء في هذا العالم بهما و ليس الماء غيرهما في الحقيقة و الكون الخارجي الا انهما نفس الماء و انيته و لايظهر للناظرين الا بهما فذات الماء من حيث هيهي ليس بموضوع هذا الحد و لاسؤال عنها و لاجواب و هي لشدة ظهوره و تغييبها الصفات قدخفيت و لعظم نورها استترت حتيفاتت ابصار الناظرين و تجاوزت الحد و المحدود و طواهما حجاب احديته.
قال علي7 في الجواب عن الحقيقة و فيه عبرة لمن اعتبر و تذكرة لمن تذكر كشف سبحات الجلال من غير اشارة و قال محو الموهوم و صحو المعلوم الي آخر الخبر فانما يقع السؤال علي ظهورها اي الذات الظاهرة و يعرف بمظهرها و المظهر نفس الظهور و اظهر فمن عرف هذا السر المبهم و الرمز المنمنم فقدعرف موصوله و مفصوله و عرف ما به يستغني عما سواه.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا | و ان لميكن فهم فيأخذه عنا | |
و ما ثم الا ما ذكرناه فاعتمد | عليه و كن في الحال فيه كما كنا | |
فمنه الينا ما تلونا عليكم | و منا اليكم ما تلوتم به عنا | |
فدع عنك قول الشافعي و مالك | و احمد و المروي عن كعب الاحبار | |
و خذ عن اناس قولهم و حديثهم | روي جدنا عن جبرئيل عن الباري |
قال الله سبحانه و لاتمدن عينيك الي ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۱ *»
لنفتنهم فيه و رزق ربك خير و ابقي و قال في وصفهم يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون فهذا وصف من البداية الي النهاية و ما ذكروا غير ذلك فانما هو تطويل لاطائل له و اجساد لاروح لها و اما البرهان فهو بلغة القوم قياس يقيني يفيد معرفة وجود شيء او هو قياس مؤلف من يقينيات لانتاج يقيني و هو علي قسمين اما هو علة التصديق بالنتيجة وحده و اما هو مع ذلك علة وجود النتيجة فالاول يسمي بالان و الثاني باللم و المراد بمطلقه اللمي و هو هو الحد الاوسط في الشكل المبرهن به و هو محمول الاصغر وصفته الذاتية كما قدمنا في الحد و موضوع الاكبر في الشكل الاول المؤلف علي نهج الحكمة و الصواب الكاشف عن حقيقة الشيء بمادته و صورته و ساير الاشكال يأتي و لماكان شأن الاوسط فيه اثبات محموله لموضوعه فهو علة ثبوت المحمول للموضوع اي الاكبر للاصغر ايضا فهما اي الاوسط و محموله وصفان للاصغر و ذلك يختلف بحسب اختلاف المطالب فانكان المطلب تصديق ثبوته يجب انيكون الاوسط علة اجتماهما في الذهن و انكان معرفة تلازمهما في الوجود الخارجي يجب انيكون الاوسط علة التلازم مثال الاول تقول النهار مشرق و كل مشرق انما يشرق بمنير فالنهار يشرق بمنير فقدافاد لنا هذا البرهان لزوم التصديق بان المشرق لايكون مشرقا الا بمينر و لميفدنا معرفة حقيقة الامر في الخارج و علة اجتماعهما في الخارج و مثال الثاني النهار مشرق و كل مشرق انما يشرق بتأثير جسم ذي ضياء يلقي شبحه في مرآة وجوده فالنهار مشرق بتأثير جسم ذي ضياء يلقي شبحه في مرآة وجوده فافادنا التصديق و معرفة الكيفية مفصلا علي اي حال الحد الاوسط مع محموله وصفان للاصغر الا ان الحد الاوسط في الصغري حصة من كلي قدظهر به الاصغر كما قدمنا آنفا فمقامه مقام المادة و الاكبر محمول الاوسط و صفته و مقامه مقام الصورة النوعية للاوسط فالاوسط و محموله مادة و صورة نوعيتان للاصغر و هو ركن الحد الذي بيناه آنفا فالبرهان التام الكامل ما كان الاكبر فيه فصلا ذاتيا للاوسط بالنسبة الي الجنس الاعلي و الصورة الجنسية بالنسبة الي الادني لانه الحمل الحقيقي لا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۲ *»
الخاصة و لا العرض العام و ذلك لتسور الكبري بالكلية فلايكون محموله الا الذاتي و هو الفصل او الصورة الذاتية الجنسية فاذا صح قولهم «ما لاحد له لابرهان له و ما لابرهان له لاحد له» فان ما لاحد له لامادة له و ما لامادة له لابرهان له و ما لابرهان له لامادة له و ما لامادة له لاحد له.
و ان قلت هذا في الحد التام الذي يجب فيه الجنس القريب و الحد الناقص اذا كان فيه الجنس البعيد مسلم و اما في الحد الناقص الذي لامادة له كيف يجري ذلك؟ قلت الفصل صفة حصة الجنس و الجنس مادة له و الصفة قائمة بموصوفها فما لاجنس له لافصل له حقيقة فما لابرهان له لاجنس له و ما لاجنس له لافصل له فاذا ما لابرهان له لاجنس له و ما لاجنس له ليس له حد تام و لاناقص هذا في ظاهر المراد و اما باطنه الذي نعني به اذا قلنا ان الحد التام قدعرفت انه المميز للشيء عما سواه في النوع و الشخص او الجنس و الفصل فهو في عالم الصورة و اما البرهان فهو الحد بعينه من حيث الدلالة علي الحقيقة فان النسبة بين الشيئين اما هو عرضية او طولية فالنسبة بينهما في العرضية بينونة عزلة لايفيد معرفة احدهما معرفة الآخر بوجه و اما النسبة بينهما في الطولية بينونة صفة يعني احدهما صفة للآخر و ظهور له دال عليه من حيث الظهور اما اللذان بينهما بينونة عزلة فلايكون احدهما برهانا للاخر و اما اللذان بينهما بينونة صفة فالموصوف من حيث هو لايكون برهانا علي وجود الصفة لثبوت الاختيار علي الاصح. و علي ما هو الحق الحقيق بالتحقيق فالصفة برهان علي وجود الموصوف و قدسمي الله سبحانه صفته برهانا فقال لقدجاءكم برهان من ربكم اي محمد9 و قدقال علي7 الصفة علي مثلها تدل و في شكلها تحل فغاية دلالة البرهان الموصوف لاحقيقة الذات و لذا قال7 صفة استدلال عليه لاصفة تكشف و قال دليله آياته و قال انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله فالذي يدل عليه الصفة هو الموصوف كما مر ان المحدود بالحد هو الموصوف بالحد و قدبينا ان الموصوف ايضا صفة فما لاحد له اي الذات الغيبية
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۳ *»
لابرهان له و ما لابرهان له لاحد له فكنهه تفريق بينه و بين خلقه و غيوره تحديد لما سواه واذا عرفت ذلك فاعلم ان ساير الاشكال ايضا كالشكل الاول في بعض الجهات فان علة ثبوت محمول النتيجة سواء كان سلبيا او اثباتيا لموضوعها هو الحد الاوسط فهو علة ذاتية مطلقة لاتصاف الموضوع بنفي المحمول او اثباته و النفي شيء كما قال الصادق7 و ذلك لان الحد الاوسط اما محمول في الصغري و الكبري معا فهو الصورة الذاتية المادية لموجبهما و عدمه صورة سالبهما او موضوع في الصغري و الكبري معا و حينئذ يكون مقامه مقام المادة لدخول السور الكلي عليه في احدهما او موضوع في احديهما و محمول في الاخري فهو مادة نوعية في احديهما و صورة نوعية لها في الاخري فعلي الاجمال ان كان الاوسط محمولا فهو صفة ذاتية لموضوع و انكان موضوعا فهو مادة لمحمول و لايحمل عليه الا احد ركني النتيجة و لايوضع له الا احد ركني النتيجة و علي اي حال هو ذاتي لهما فهو ركن الحد الاعظم فما لابرهان له لا حد له و ما لاحد له لابرهان له كما مر فياشيخي انا قدذكرنا ما ذكرنا من باب ان لكل سؤال جواب و من اكرام السائل عدم ترك جوابه و الا كل ذلك كصيد الخنزير يخاف منه علي النفس و لايرجي منه ما ينفع و لكن نحن لماكان قصدنا اكرامك في جوابك نرجو الثواب من الله الوهاب و الا فاثم هذه المسائل اكثر من نفعها و كلها صرف عمر في استخراج نسب الالفاظ و ارتباطاتها و قراناتها ولاطائل تحت اكثرها فلابهذا امرت و لالهذا خلقت فان متكلموا هذه العصابة شرار مَن هم منهم و لاقوة الا بالله.
قال المسئلة الثانية بينوا لنا بالبرهان المذكور برهانا علي وحدة الواجب تعالي غير ما في كتب العلماء مزبور و في السنتهم مذكور.
اقول اتفق من اقتران هذا السؤال بالسؤال الاول ما يقتضي بحثا و هو انه بعد
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۴ *»
ما ثبت ان ما لاحد له لابرهان له و قدثبت في محله ان الله سبحانه ليس بمركب و لاحد له و لامادة و لاصورة فينبغي ان لايكون له برهان فكيف يطلب له البرهان و يقام له و الجواب عنه انه كذلك ان كنه الذات الغيبية غير مركب و لامحدود و كذلك لايقام له برهان يكشف عن كنهه و البرهان الذي ينفي بنفي الحد هو العلة الذاتية و الله سبحانه موجد كل علة فلاعلة له فلابرهان لكُنه غيبه كما قال7 صفة استدلال عليه لاصفة تكشف عنه و ان قلت انما يقام الدليل علي وجوده سبحانه و وجوده عين كنه ذاته قلت ليس كذلك فان الوجود المثبت بالبرهان المدرك بالعقل ليس هو كنه ذاته الغيبي و انما هو الوجود الحق الخلقي الذي تجلي لخلقه به و عرفهم نفسه به فهو عنوانه سبحانه لا من حيث العنوانية. قال علي7 دليله آياته و وجوده اثباته و نفي في الدعاء انيكون هذا الوجود عينه سبحانه فقال السجاد7 لميمثل فيكون موجودا فالوجود المثبت بالبرهان مثبت و المثبت موصوف و كل موصوف مصنوع فلابرهان لكنهه الغيبي تعاليعزه و ما له برهان من مقاماته و علاماته التي لاتعطيل لها في كل مكان كما في الدعاء و آياتك و مقاماتك التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لافرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك الدعاء. فاذا عرفت ذلك فنقول في البرهان علي وحدة الواجب انه يجب عليك اولا انتتبين مدرك معرفة هذه المسئلة. فانك لو رمت انتعرف شيئا بغير مدرك يناسبه لنتصل اليه ابدا. لان كل اداة تحد نفسها و كل آلة تشير الي نظيرها كما ان من رام معرفة صوت و استعمل عينه و طلب البراهين العينية عليه و اقامها المبرهن ليست تفيد معرفته ابدا و بذلك وقع القوم في التيه حيث لميتبينوا اولا مدرك المسئلة و ملأوا الطروس و صاحوا في الدروس و خالفوا الله سبحانه في الناموس في قوله و أتوا البيوت من ابوابها فاتوها من ظهورها فضلوا و اضلوا كثيرا عن سواء السبيل فاني اعظك ان تكون من الجاهلين فاقول ان لمداركك ثلث مراتب تنحل الي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۵ *»
خمس مقامات: المقام الاول مقام مداركك الجسمانية الخمسة المعروفة فلاشك و لاريب ان الواجب سبحانه ليس مما يدرك بالحواس الخمسة الظاهرة فان الحواس الخمسة لاتدرك الا صفات الاجسام و صورها المتممة و تلك الصور اعراض قائمة بمعروضاتها لابانفسها و هي كلها مفتقرة الي محالها و هي بكلها تنقلب و تتغير و تفني و تحدث غيرها كما تري ان ما تري بالعين نور و ظلمة و الوان و اشكال و الاوضاع و الحركة و السكون و كل واحد منها يتغير و يتبدل فيخلف النور الظلمة و الظلمة النور و ينقلب الالوان و الاشكال و الاوضاع و يخلف كل شيء منها اضدادها و يخلف الحركة السكون و السكون الحركة و كل شيء منها عرض غير قائم بنفسه بل قائم بمحله محتاج اليه متغير منفعل من قوي يغلب عليه و ما يسمع بالاذن الاصوات و هي هيئات عارضة للهواء تنمحي و تنقلب و تفني و تخلفها غيرها و هكذا ما تشمه و تذوقه و تلمسه فان كلها اعراض غير قائمة بنفسها كما هو مشاهد من زوالها و تخلف غيرها عنها و هي كلها صفات محالها تتصف بها و نهايات وجود جواهرها تنتهي اليها فليس شيء منها ذات قائمة بنفسها فاذ لميكن الواجب من جنس المحسوسات الجسمانية فلاينبغي انيستعمل لمعرفته هذه المشاعر و لا ان يبرهن عليه ببراهين هذه المشاعر فانها لاتدل الا علي حادث مثلها فتركنا هذه المشاعر و المقام الثاني مقام المشعر البرزخي ما بين الباطن و الظاهر و هو المعبر عنه بالحس المشترك و انت تعلم ان جميع ما تدرك بهذه الحاسة من حيث التعلق بالمواد الخارجة صور منطبعة فيها من الخارج علي الاصح كالشبح في المرآة و الوجود الخارجي كالشبح لها و لسنا بصدد بيان تفاصيل هذه المقدمات فانا لو بنينا علي شرح جميع ما يبتني عليه المسئلة لفني العمر قبل ان تفني المسئلة فجميع الاشباح الواقعة في الحاسة قائمة بشواخصها قيام صدور و بتلك الحاسة قيام ظهور و ما يكفيك في هذا المقام انك لو شئت تغيير الصورة التي في ذهنك فعلت و تراها في ذهنك علي ما غيرت فان الصورة تتغير بتغير المرآة فانكانت من الشواخص
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۶ *»
الخارجية فقدعرفت حال الخارج فهي اشد حدوثا و افتقارا بالغير و ان لمتكن كما قيل فهي بنفسها منقلبة متغيرة كما انك تقدر انتصور المتصل منفصلا و الواحد متكثرا و المتحرك ساكنا و الموجود معدوما و هكذا تقدر انتصور كل صورة علي خلاف ما هي عليه بلانهاية كما تري من انقلاب الاشياء في المنام عن هيأتها فجميع ما في مدركك البرزخي متغيرة حادثة ممكنة و ليس الواجب من جنسه فلاتدركه ابدا و لاينبغي استعماله في معرفته و لا انيبرهن ببراهينه عليه فان هذه الحاسة لاتدل الا علي جنسها و لاتثبت بها الا شكلها و الذين يتصورون وجود الهين نقول لهم تصور وجود ثالث فيتصور ثم نقول لهم تصور عدم الثاني فيتصور ثم نقول له تصور عدمهما بالكلية فيتصور فنقول له كيف تطلب دليلا علي وجوب هذا الذي تصورته علي زعمك و تعقلته و هو مما يمكن وجوده و يمكن عدمه و كيف تطلب الدليل علي وحدة شيء يمكن تعدده بل هو متعدد ممكن بالفعل و انما سميته الها واجبا فانما هو مثل انتسمي زيدا واجبا ثم تطلب الدليل علي وجوب ذاته و امتناع تعدده و تري في نفسك انه لايمتنع عدم زيد هذا و لايمتنع تعدده فانك تاتي بعمرو و تقيمه معه فيكونان اثنين و هكذا الامر في ما تصورته و سميته الها مرة تطلب البرهان علي اثبات الواجب فاذا اقامه المقيم تتصور امكان عدمه و مرة تطلب البرهان علي وحدة الواجب فاذا اقامه المقيم تتصور امكان تعدده و عدم امتناعه و الحق معك من وجه و ليس الحق معك من وجه اما في انه حادث يمكن تصور عدمه و تعدده فالحق معك فلايدل دليل علي امتناع عدم الممكن ولا عدم تعدده و لزوم وحدته و ليس لأحد انيأتي بدليل قاطع علي ذلك و اما من حيث انك امحلت فهو من حيث انك لمتأت البيت من بابه و تريد اقامة البرهان علي وجوب الممكن و وحدته بل هذا الذي تصورته وجود شخصي و اقامة الدليل علي الوجود الشخصي الجزئي مما لايمكن فلايقبل فهمك دليلا ابدا و اصل هذا الخطا في انك تصور الاله الواجب فاللازم انتطفئ سراج هذه الحاسة و لاتستعملها في هذا المقام ابدا و لذا قال علي7 كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم و قال انما تحد
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۷ *»
الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها و قال الرضا7 في خطبة له فليس الله من عرف بالتشبيه ذاته و لا اياه وحد من اكتنهه و لا حقيقته اصاب من مثله و لا به صدق من نهاه و لا صمد صمده@ من اشار اليه و لا اياه عني من شبهه و لا له تذلل من بعضه و لا اياه اراد من توهمه كل معروف بنفسه مصنوع و كل قائم في سواه معلول الخطبة فضلّ الشاكون و تاه الجاهلون لما ارادوا تصوير القديم و طلبوا الدليل علي وحدته فاذا اقيم الدليل رأوا انه لميفد امتناع التعدد لان ما في ذهنهم لايمتنع تعدده
المقام الثالث النفس المجردة الدهرية و هي ايضا صورية مدركة للصور الجزئية المجردة عن المواد الجسمانية لا الدهرية بمشاعرها التي هي الفكر و الخيال و الوهم و العلم والعقل الجزئي باعتبار و ليست هي ايضا مَدرك معرفة الواجب جلت عظمته لانها ايضا محدودة ممتازة مركبة من مادة دهرية و صورة دهرية و مادتها غير صورتها بالبداهة وصورها نهايات مادتها و صفاتها القائمة بها المحتاجة اليها فالصور المجردة ايضا حادثة لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع عن الازل من وجهين الاول ان الاقتران قائم بهما فلولاهما لميكن اقتران بالبداهة فليس الاقتران قائما بنفسه دونهما فهو حادث و انما الموصوف موصوف و الصفة صفة بعد الاقتران فالصفة و الموصوف حادثان بالبداهة. و الثاني ان الاقتران صفة انفعالية في كل واحد منهما بالبداهة و كل منفعل حادث بالبداهة فليست النفس ايضا مدرك معرفة الواجب فمن رام ادراك الواجب بالنفس فقداخطأ هذا و ان النفس ليست الا حقيقة الشخص المعبر عنها بانا و المضاف اليها كل ما هو لها و هي ممتازة عن عمرو و بكر و خالد و غيرهم بالصورة الزيدية الخاصة و هي الحقيقة الخاصة بالنسبة الي ما في عرضها الكلية بالنسبة الي ظهوراتها السارية في جميع حالات زيد مثلا من بدو كينونته الي ما هو موجود في ملك الله المعطية كل حال منه اسمها و حدها و ذلك لانها هي الزيدية
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۸ *»
المطلقة و هي غير العمروية و البكرية فهي حقيقة كل حادث اي هي حقيقة كل شيء حادث لا من حيث الكلية و مشاعرها الحواس الباطنة المدركة للصور المجردة كما مر فهي ايضا مدركة لمثلها و هو حادث مثلها و يجري عليه ايضا ما عرفت فيما يدرك بالحس المشترك المسمي ببنطاسيا من التغيير و التبديل و امكان الوجود و العدم و التفرد و التعدد فراجع في المقام الذي مضي آنفا فالذي يتصور المخلوق و محال انيكون واجبا و ليس في محال القول حجة و لا في المسئلة عنه جواب و لا لله في معناه تعظيم و لا لجلال قدسه فيه تكريم و لابرهان علي وجوبه و لا علي وحدته فافهم.
و اما المقام الرابع فهو مقام عقل الشخص و هو مدرك للمعاني المجردة عن الصور الملكوتية و المثالية و المواد الملكية و هو نور انطبع في مرآة نفسه عن السراج الانور و البدر الازهر العقل الكلي و هو ايضا تراه يتزايد و يتناقص و يختلف في الاشخاص بالقوة و الضعف بما لايتناهي و هو ايضا يعلم شيئا و يغيب عنه اشياء و يتزايد شيئا بعد شيء و يكثر تعمقه و معرفته بالاشياء شيئا بعد شيء و يتقوي بنفسه شيئا بعد شيء لانه في الاول مطبوع ثم يترقي و يصير مكتسبا ثم يصير مستفادا ثم عقلا بالفعل علي الاصح و قلته و كثرته علي حسب مقدار التراب الذي يموثه الملك في النطفة الامشاج و عينه التي بها يعقل الاشياء العاقلة المتعقلة بما في الانسان من جنس فلك زحل و به يعقل ما يعقل كما حققناه في محله فاذا كان هذا حال العقل في الزيادة و النقصان و الصفاء و الكدورة فهو ايضا حادث فكل ما يدركه الحادث حادث مثله فليس ما تعقل بواجب كما قال الرضا7 كل معروف بنفسه مصنوع و قال علي7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها و قال كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فليس بواجب ما تعقلته و لايمتنع تعدد المعقولات فلايمكن اقامة برهان عقلي علي وجوب المعقول و امتناع تعدده فليس العقل مدرك
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۲۹ *»
معرفة هذه المسئلة ايضا و لنعم ما قال الشاعر في هذا المقام:
تالله لا موسي الكليم و لا المسيح و لا محمد
كلا و لا جبريل و هو الي محل القدس يصعد
عرفوا و لا النفس البسيطة لا و لا العقل المجرد
من كنه ذاتك غير انك اوحدي الذات سرمد
فليخسأ الحكماء عن حرم له الاملاك سجد
من انت يارسطو و من افلاط قبلك يا مبلّد
و من ابنسينا حين يذهب ما اتيت به و شيد
ما انتم الا الفراش رأي السراج و قدتوقد
فدني و احرق نفسه و لو اهتدي رشدا لا بعد
فاذا انحصر مدرك فهم هذه المسئلة في نور الله البسيط المجرد عن الصورة و المعني و الكثرات و الاختلافات و التعددات فان جميع ذلك تحصل بالصورة و هو مجرد عن الصورة و هو الوصف الفحواني الذي وصف الله نفسه لعبده به و عرفه نفسه به و هو العين التي اعاره الله اياها ليراه بها كما قال الشاعر:
اذا رام عاشقها نظرة | و لميستطعها فمن لطفها | |
اعارته طرفا رآها به | فكان البصير بها طرفها |
و هو عنوان الوجود الحق في مقام من غير ملاحظة العنوانية و لذلك روي اعرفوا الله بالله و في الدعاء يا من دل علي ذاته بذاته و هي الذات المخلوقة المشار اليها في الخبر و هي ذات الله العلياء و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و هو منتهي المخلوق و ملتجاه الذي لاطريق له الا اليه و لاسبيل له الا فيه و هو غاية المرام و نهاية الكلام و وجه الله ذو الجلال و الاكرام و هو المشار اليه في قول علي7 كشف سبحات الجلال من غير اشارة و قال محو الموهوم و صحو المعلوم و قال جذب الاحدية لصفة التوحيد و قال هتك الستر لغلبة السر, الي غير ذلك من الاسماء الواقعة المقصودة منها فمن رام معرفة التوحيد بهذا العين الالهية و الحقيقة الربانية فهو من اهل التوحيد و يمكن ان يكلم او يصغي اليه و اما كل من هو غير
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۰ *»
هذا فلايمكن الكلام معه و الاصغاء اليه فانهم يصفون مخلوقا مركبا و يتكلمون في مخلوق و يستدلون علي مخلوق و سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين.
فاذا استعمل الانسان هذه العين الوحدانية و هذه الحقيقة الصمدانية في معرفة مقام الصانع القديم و الخالق الكريم اني يدرك تعددا حتي يثبته في ربه و اني يكون في هذا المقام مجال الكثرة و الاختلاف او الاتفاق و الايتلاف هيهات هو لايجد في نفسه تعددا و لااختلافا و لاحيثا و حيثا و لااعتبارا و اعتبارا و لاجهتا و جهتا بل يفقد نفسه حيث يجدها فكيف يجد في صانعه احتمال التعدد الاتري ان الآذان اذا تصدين لمعرفة الالوان و هن لايدركن الا ما يناسبهن فتري اُذناً تقول ان لون الشمس كصوت الرعد و منها من تقول ان لون الشمس كصوت الانسان و منها من تقول هو صوت حسن و منها من تقول هو كنغمة البربط و هكذا يجعلن امرهن بينهن زبرا و يملأن مثلا طوامير و كتبا كل واحدة منهن تقول ان لميكن كذا يلزم كذا و تلك ترد و تلك تستدل بغيره و تلك تعترض و هكذا تشتعل بينهن نائرة الخلاف و الشقاق و الاختلاف و مثلهن في القال و القيل كمثل العميان و الفيل و يحسبن انفسهن علماء اعلاما و حكماء كراما و كلهن علي الخطاء لانك قدعرفت ان مدرك ادراك اللون ليس الاذن جملة واحدة و لما كن يتكلمن بغير لسانه و ينظرن بغير عينه خبطن خبط عشواء و اتين شوهاء خرقاء و اللازم فتح عين البصر و النظر بها فاذا نظر الناظر اليها بالعين تري انه لايلزم شيء من اقوالهم و لايرد شيء من ابحاثهم و كلها اباطيل و اضاليل و لايتمشي شيء منها في معرفة التوحيد و اني اعظك انتكون من الجاهلين فافتح مدرك التوحيد و انظر به بنظر التفريد تجد صحوا بلاغبار و صفاء بلااكدار و استرح دفعة واحدة من شبهات القوم و شكوكهم و علومهم و كتبهم فانهم لميأتوا البيوت من ابوابها ولميمشوا في طريقها و تركوا آل محمد: و راموا معرفة معالم دينهم بكتب اليونان فوالله لميفدهم ذلك الا ظلمة علي ظلمة و بعدا علي بعد و الشيعي اذا علم و ايقن من كلامهم في الزيارة من اراد الله بدء بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۱ *»
توجه بكم و سمع في الزيارة السلام علي الذين من عرفهم فقدعرف الله و من جهلهم فقدجهل الله و سمع في الحديث يا سلمان و يا جندب معرفتي بالنورانية هي معرفة الله عزوجل و معرفة الله عزوجل معرفتي و سمع قولهم: نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا و سمع قول الحسين7 كما روي عن الصادق7 عنه7 كما في العلل قال خرج الحسين7 علي اصحابه فقال ايها الناس ان الله جل ذكره ما خلق العباد الا ليعرفوه فاذا عرفوه عبدوه و اذا عبدوه استغنوا بعبادته عن من سواه فقال له رجل يابن رسول الله بابي انت و امي فما معرفة الله قال معرفة اهل كل زمان امامهم الذي تجب عليهم طاعته الي غير ذلك من الاخبار فالشيعي اذا علم بهذه الاخبار و جاس خلال الديار و جانب الاغيار عرف ان معرفة الله لايمكن الا من حيث معرفة آل محمد: و الا انيدخل من حيث دخلوا ويخرج من حيث خرجوا فواعجبا اليس عارا علي آل محمد: ان نسمي انفسنا لهم عبدا رقا ثم نسأل باكفنا في امر الدين و الدنيا اعدائهم النصاري و الكفار و الزنادقة و النواصب و المخالفين فنكفف علي ابوابهم فنأخذ من بعضهم الصرف و من بعضهم النحو و من بعضهم المعاني و البيان و من بعضهم المنطق و من بعضهم الحكمة الطبيعية و من بعضهم الحكمة الالهية و من بعضهم اسرار المبدء و المعاد و من بعضهم اصول الفقه و من بعضهم ساير العلوم المكنونة و المعروفة و هكذا اليس عارا عليهم اننكون عبدهم و نتكفف علي ابواب اعدائهم فاذا ليس خاصية وجودهم سلام الله عليهم الا بيان خيار بيع الحمار و احكام سؤر الكلب و الفار و نكاح الشغار مثلا نعوذ بالله بل اذا اخذنا تلك المقدمات عن اعدائهم و فرعنا عليها فروع احكامهم لاتبع الاصول الفروع لانا ندخل في كلماتهم بهداية تلك العلوم و دلالتها و نأول كلماتهم عليها فلميبق لنا اول و لا آخر اين قولهم ليس العلم الا ما خرج من هيهنا هل ادعوا الامامة و تركوا الرعية يحتاجون الي اليهود و النصاري و المجوس و النواصب و الضلال في المبادي و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۲ *»
المنتهيات اين انهم خزان علم الله اين انهم حملة علم الله اين انهم مفاتيح غيب الله و علي اي حال نرجع الي ما كنا فيه فاذا عرفت ان مدرك كل شيء ما يناسبه و مدرك معرفة الله الفؤاد لا الحواس الظاهرة و لا الحاسة البرزخية و لا الحواس الملكوتية و لا النفس الملكوتية و لا العقل الجبروتي فان كلها مؤلف متغير متبدل حادث و انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها و انما مدرك معرفة الله ما خلقه الله لاجل ذلك و هو الفؤاد الذي وصف الله نفسه به و هو النفس التي قال النبي9 من عرف نفسه عرف ربه و قال علي7 اعرفكم بنفسه اعرفكم بربه و في الانجيل علي طبق ما في الاسلام يابن آدم اعرف نفسك تعرف ربك ظاهرك للفناء و باطنك انا و هو نور الله سبحانه و وصفه العنواني و مثاله الفحواني و انما حظ العبد الممكن في كينونته معرفة صفة الله سبحانه فان الله بذاته لاينزل الي مقام الحوادث فيشاهدوه و لايترقي الحوادث الي مقام الذات البحت البات فيلاقوه و انما يعرفون ربهم من حيث عرفهم و لايتحقق التعريف الا ان يمكنهم معرفته و لايمكنهم معرفته الا ان يكون في رتبتهم و لايناسب ذلك الوصف مما في رتبتهم الا حقيقتهم المعراة عن التعدد و الاختلاف و الكثرة المعنوية و الصورية فوصف نفسه لهم به و عرفهم نفسه به فمن عرف نفسه عرف ربه.
و ان قلت هذا الفؤاد ايضا حادث لايدرك الا الحادث فكيف يمكن لنا ان نعرف به الله سبحانه قلت قداشرت في ما سبق ما يكفيك لهذا القول و نزيد عليه ان الفؤاد من مبدء تكونه الي منتهي تعلقه له مراتب ففي مبدء تكونه هو حيث الآئية بلاملاحظة الآئية هو آية الله و عنوانه بحيث لايعتبر فيه الآئية و العنوانية فاذا لمير فيه غير وصف الله سبحانه جاز معرفة الله به فانا قلنا ان الله سبحانه لايعرف من حيث الذات و انما يعرف من حيث الوصف و ما وصف الله نفسه به انه ليس كمثله شيء و انه واحد احد صمد لميتخذ صاحبة و لا ولدا و هكذا فاذا رأيت وصف الله سبحانه في الفؤاد عرفته به من غير ملاحظة الفؤاد الاتري انك تري
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۳ *»
الارض و تعرفها و تسميها ولكن الهواء مع انه موجود لايري كنفسه و لاتريه و انما يريك ماوراءه فلاتري الا ما وراءه و كذلك الفؤاد و انكان حادثا موجودا الا انه لايري لكثرة اضمحلاله و تلاشيه في جنب مثال الله الملقي في هويته بحيث لايكون ظهور الا لذلك المثال المتحد بهويته من حيث الآئية بلاملاحظة الآئية فبذلك المدرك يمكن معرفة الله سبحانه و ما حصل به هو غاية الغايات و نهاية النهايات و منتهي الطلبات و المطلوب من السؤالات فاذا ما لميفتح الانسان ذلك المدرك ليس من اهل التوحيد و لايفهم لسان اهل التفريد و نحن نذكر هنا اولا علي لسانهم لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد و ان كفي ما ذكرنا لاهله و لكنا نزيد توضيحا ان ما سوي الاحد الحقيقي مثني و كل مثني مجزي و كل مجزي حادث لان المركب من الاجزاء غير الاجزاء البتة كما تري ان الطعم الحاصل من بين الخل و الدبس غير طعم الخل و الدبس البتة و مزاجه غير مزاجهما و اثره في مزاج الانسان غير اثرهما و لونه غير لونهما وكمه غير كمهما و كيفه غير كيفهما البتة و الاكسير الحاصل من العقاقير غير كل واحد من الاجزاء لان كل جزء ليس بفعال البتة و ليس كل واحد بصابغ و لاذائب و لاممازج و لانافذ و لاثابت البتة و انما الحالة الحاصلة بعد تركيب الاجزاء حالة حادثة بعدها مفتقرة اليها في كيانها و وجودها و لولاها لمتكن البتة و هكذا ليس كل واحد من العناصر معدنيا ذائبا منطرقا و لانباتا ناميا و لاحيوانا متحركا حساسا و لا انسانا ناطقا دراكا و انما الحالة الحاصلة منها بعد تركيبها حالة حادثة مفتقرة اليها في وجودها كما هو ظاهر فكل مركب مفتقر في وجوده الي اجزائه و الحالة الحاصلة غير الاجزاء البتة كما هو مشاهد من حدوث حالة في كل مركب يترتب عليها الاثار مالميكن قبل فاذا صار كل مركب مفتقرا في وجوده الي غيره حادثا يمتنع ان يكون قديما قائما بنفسه فالقديم لايصلح انيكون مركبا فاذا امتنع انيكون القديم مركبا امتنع انيكون متعددا فان المتعددون@المتعددين ظ@ لابد و انيكون بينهم امر مشترك و امر مميز فانهم ان لميشتركوا و لو في الوجود او القدم كان غير الموجود معدوما و غير القدم حادثا و اناشتركوا و لو في الوجود فهو احد اجزاء التركيب ثم ان لميكن امتياز بينهم فلا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۴ *»
تعدد و انكان امتياز فما به الامتياز غير ما به الاشتراك البتة فكل واحد منهم مركب مما به الاشتراك و مما به الامتياز فاذا جاء التركيب جاء الحدوث و اذا جاء الحدوث امتنع فيهما القدم فتبين و ظهر ان القديم القائم بالنفس الغني عما سواه لايعقل الا الأحد و لايعقل تعدد الاحد و نقول ايضا اذا جاء التعدد فاما انهم يمتازون في الذات فاحدهما موجود و الآخر معدوم او في الصفات فثبت لهم الصفات و من البين ان الصفات حادثة قائمة بالذوات و الا لمتكن صفة و كانت ذاتا مستقلة و ان ذا الصفة مركب من مادة و صورة و ذا الصفة مقترن بصفته و الا لميكن موصوفا و الاقتران قائم بالموصوف و الصفة بداهة فاذا الصفة و الموصوف حادثان و لذلك قال علي7 كمال التوحيد نفي الصفات عنه و قال الصفة علي نفسها تدل و في شكلها تحل و نقول ايضا ان القديم لايجوز ان يكون شبيها بالحادث لتباين ذاتيهما و لان الشباهة في الصفة و الصفة مناسبة للحادث و يمتنع في القديم اذ لايجري عليه ما هو اجراه و لايعود فيه ما هو ابداه و اما كونها مناسبة للقديم فلايعقل لعدم تعقل الصفة في القديم تعالي شأنه فلايمكن انيكون القديم مشابها للحادث بوجه و مشابه الحادث حادث و التعدد من صفات الحوادث فلايجري في القديم تعالي شأنه و ليس اذا نفينا عنه التعدد يكون واحدا شخصيا او نوعيا او جنسيا و ليس اذا نفينا عنه الوحدة العددية و قلنا انه احد غير مركب يعني انه جزء صغير لايقبل التجزية في الخارج و الذهن نعوذ بالله بل هو احد قدطوي باحديته جميع الكثرات و هو محيط واسع عليم ولكن جل ما تكلموا و استدلوا يرد علي الوحدة العددية و سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين و لما لميكن في سؤالكم ازيد من اثبات الوحدة لمنتعرض لها و لو زدتم في السؤال حرفا واحدا لزدنا في الجواب مثله و لكن الآن نقتصر علي ما اردتم فما ذكرنا من البيان نحو دليل الحكمة علي اثبات الوحدة علي حسب نظر اصحاب الافئدة و انما ذلك علي نحو الحقيقة حظ الخصيصين و انت ايضا انفهمت المطلب من كلامي من غير مفاهيم الكلام و معانيها فانت وارد موردهم و عالم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۵ *»
بلغتهم و الا فذره في سنبله حتي اورد عليك من القسمين الآخرين و هو الدليل علي نحو الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي احسن انشاء الله.
فاقول اما الاستدلال علي ذلك من نحو الموعظة الحسنة فانظر اولا في هذا العالم و ردد طرفك فيه مرة بعد اخري و كرة بعد اولي و انظر في بنائه المتقن و امره المحكم و انظر و تبصر انه بمنزلة بيت منضد و السماء سقفه و الارض فراشه و النجوم قناديله و الجبال خزائنه و البراري فضاؤه و البحار حياضه و الانهار جداوله و المعادن ذخائره و الغنم فرشه و الخيل و البغال و الحمير حمولته و الانسان هو صاحب البيت المخول له قدخول كل هذه الدار بما فيها و سخر له ظاهرها و خافيها ثم اذا نظرت في كل جزء من اجزاء هذا العالم تراه علي احسن نظم و اتقن حكم قدحار فيه عقول الحكماء و افهام العلماء و اعترفت بالعجز السنة البلغاء عن وصف عشر من معشار ما فيه من الحكم و اقرت بالعي افهام الفضلاء عن ادراك جزء واحد من ظاهره فضلا عن خافيه بحيث لميختلف في اتقان الصنع احد من الاولين و الآخرين و لمينكره احد من السابقين و اللاحقين و اي دليل ادل من تمام الحكمة و اتقان الامر من بلوغ كل مخلوق مرامه و يعيش مقضي الحاجة ايامه قدهيئ لكل واحد واحد من اجزاء العالم جميع ما يحتاج اليه من ما به قوامه و اعد لكل شيء جميع ما به عيشه و نظامه لاشيء منها يفقد ما ينبغي له قداعطي ما اعطي بحكمة و منع ما منع بحكمة و احسن القول قوله سبحانه في ذلك ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا و هو حسير و قال ان في خلق السموات و الارض و اختلاف الليل و النهار لآيات لاولي الابصار و ليس اقدر الآن علي عد حكمه سبحانه بل لو ملأ دفاتر من ما اودع الله سبحانه في خلق ذرة من العالم لبقي فيها حكم كثيرة لمتبلغها العقول فكيف لنا ببيان حكم العالم علي سبيل التفصيل نعم قدتكفل بنوعها التوحيد المروي عن المفضلبنعمر رضي الله عنه عن الصادق7 فراجعه فانك تجده شفاء من كل داء و امانا من كل خوف و حفظا من كل سوء و علما من كل جهل و يحصل لك العلم بنوع حكمة العالم و ذلك مما
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۶ *»
لايخفي علي كل غبي و جاهل و عالم و فاضل و انخفي بعض منها فلدقة علة الصنع فيها او لانها قدملأ الاسماع و الابصار و القلوب و المشاعر فخفيت لشدة ظهورها و استترت لعظم نورها و لو صنع رجل واحدا من هذه الحكم لملأ الآفاق شهرته و اطبق الاصقاع قدرته الحاصل حكمة العالم ظاهرة و اتقانه باهر لمن نظر بعين العبرة و تفكر من وجه البصيرة و من تلك الحكم خلقة المعادن و النباتات و الحيوانات و الاناسي فانظر فيها كيف اعطي كل ذي حق منها حقه و سيق الي كل مخلوق منها رزقه و كيف اوجد المعدن علي ما ينبغي و وفر بعضها لحاجة الخلق اليها في آلاتهم و ادواتهم و صناعئهم و قلل بعضها ليكون عليه مدار معاملاتهم و معاوضتهم و لايعسر عليهم حفظ معونات كثيرة و اموال غزيرة ثم كيف جعل النبات علي الاختلاف فمنها ما هو حطبهم و وقودهم و منها ما هو غذاء حمولاتهم و فرسهم و دوابهم و منها غذاء لهم و منها ما هو دواء لهم و فيها منافع اخر من صرفها في منافعهم و آلاتهم و ادواتهم و بيوتهم و استظلالهم و امثالها مما يطول بها الكلام ثم كيف جعل الحيوان منه حمولة لهم و منه غذاء لهم و جعل بعضا منها غذاء بعض و جعلت لمنافع العباد كلها ثم منها ما ينتفع منه و انكان واحدا واحدا متفرقا و منها ما لاينتفع منه الا اذا كان منه اشخاص كثيرة مجتمعة فهم مع ذلك مدني الطبع كالنحل فانه لاينتفع من كل واحد واحد منها انتفاعا يعتد به فجعلت في الحكمة مدني الطبع و جعل لهم امير يجمعهم يصدرون عنه و يردون اليه و يجتمعون عليه و لايخالفون حكمه و منها ما لابد من كونه مجتمعا الا انه مكلوء محفوظ بغيره كالغنم و الفرس و البغال و الحمير و دود القز و امثالها فجعلت ضعيفة العقل مسخرة لراعيها ليست تتفرق عنه ابدا و يكون بعضها مع بعض ثم انظر في الانسان كيف جعل مدني الطبع لابد من كون جميع افراده معا مجتمعين يتحمل كل واحد منهم حاجة و يتكفل كل واحد منهم امرا و يكتسب كل واحد منهم مكسبا و لو كانوا متفرقين كالوحوش لماعاشوا ابدا لكثرة حوائجهم و عدم تحمل خلقتهم لأواء التوحد و التفرق كالوحوش فجعل مدني الطبع ثم خلقوا مختلف الطبع و السلق و الامزجة و الاحوال و الطبايع ليتحمل كل واحد منهم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۷ *»
صنعة من الصنايع المناسبة لطبعه و مزاجه و يقدر انيسكن ارضا تناسب مزاجه فانهم بجميعهم مع كونهم مدني الطبع لايقدرون انيسكنوا بلدة واحدة لكثرتهم و لتفرق ما يحتاجون اليه في اطراف الارض فلابد و انيسكنوا شرق الارض و غربها لينالوا حوائجهم المناسبة لهم و تسعهم القري و الدور و البلدان فاذا خلقوا مدني الطبع لكثرة حوائجهم و ضعف بنيتهم و مختلف الطبايع ليتمكنوا من تحصيل الحوائج صار يحدث فيهم الفساد المنبعث من اختلاف طبايعهم فلابد في الحكمة من تأديبهم و تعليمهم ما به صلاح معاشهم و معادهم و من الحكم بينهم اذا ثار بينهم فساد و الاخذ بنواصيهم الي طريق بالسلوك فيه يعيشون و بالعمل به يديمون هذا مع انه اقتضت الحكمة الالهية انيخلقوا اولا جهالا لايعلمون شيئا لحكم كثيرة يطول بذكرها البيان فلابد و انيكون فيهم من يعلمهم و يسددهم و يحكم فيهم فصار وجود الحكام و المعلمين فيهم واجبا لازما و الا لاختل النظام و فسد الدوام و الصانع الذي احكم في خلق العالم كما سمعت لايخل به كما لميخل بشيء يسع احدا انيقول لو كان كذا كذا لكان احسن فلميخل الصانع الحكيم بهذه الحكمة التي لولاها لفسد جميع العالم و كانت خلقته بلاغاية و لو كانت لصلح جميع العالم و ثبتت غايته و علة ايجاده فلما لزم في الحكمة وجود المعلم الحكيم الحاكم فلزم انيكون من وضع الصانع الحكيم و لماكان من وضعه لابد و انيكون معصوما مطهرا عن كل فساد حتي يحكم بالعدل و يعلم الحق و يدعوهم الي ما فيه نجاتهم و نظام معاشهم و صلاح معادهم كما تري انه بعد انقدر ان يكون للنبات و الحيوان اعضاء و اجزاء كثيرة و احتيج في خلقتهما الي طبع واحد متوسط بين تلك الاعضاء و الاجزاء يحكم بينها بالطبع فيعطي كل ذي حق حقه و يسوق الي كل عضو رزقه صار معصوما في عالمه و مقامه لايغلط ابدا في حكم و لايجور ابدا في قسمة و لايشير ابدا الي ما يضره حتي قيل ان الطبيعة لاتغلط فكما احتاج في وجودهما و وجود كل فرد من افراد الانسان الي طبع واحد حاكم او قلب واحد حاكم معصوم لايغلط ابدا فكذلك لما احتيج في هذه الافراد الي حاكم و لزم انيكون من وضع الحكيم العالم بالصلاح و الفساد لزم انيكون معصوما
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۸ *»
لايغلط و لايجور و لايخون ابدا فلذلك خلق الانبياء و الرسل و الاوصياء و النقبا و النجباء بينهم يحكمون اذا حكموا بالعدل و يقولون بالعدل و يعلمونهم من الجهل و يعرفونهم ما فيه صلاح معاشهم و نظام معادهم و انت تعلم انه لو اخل بهذا الامر العظيم لمااخضر للخلقة عود و لماقام لها عمود لاجتماع الجهال و تصادم الضلال و لانقرضوا في يوم او بعض يوم و ما تري الآن في بعض المحال انهم يعيشون مثلا اياما و لو في مر فانما ذلك بعد ان جاءهم مائة الف و اربعة و عشرون الف نبيا و وصيا و جاءهم المعلمون و النذر و علموهم و عرفوهم كثيرا مما فيه صلاحهم و انت لو شئت انتعرف صدق ما اقول تدبر في انيخلق انسان من تراب جاهلا لايعلم شيئا ثم يخلق له زوجة جاهلة مثله ثم افرض انحصل بينهم نتاج اليس انهم لايعرفون لسانا و لاصنعة و لايدرون الضار من النافع و لا الخير من الشر و لايدرون ما يصلحهم و لايفسدهم بل صاروا اذا اضل من الحيوان لان الحيوان لميخلق مدني الطبع فجعل في طبع كل فرد علم ما يصلحه و ما يفسده طبعا و الانسان خلق مدني الطبع و اريد في الحكمة انيكونوا مضطرين الي الرجوع الي العلماء و الحكام طبعا حتي انك تري كل احد من الناس كائنا من كان طالبا لانيتصل بمن يكفله و يكون اقوي منه و اعلم و يعلمه ليكون الحجة عليهم ابلغ و يكون الرجوع الي الانبياء مجبولا في طباعهم فخلقوا في بدو الامر ضعيف العقل و الفهم و العلم و القوة و البدن و الروح و كل شيء فيه خلق ضعيفا يحتاج الي من يكفله و يعلمه و يقويه و يعطيه و هكذا فاذا لميلجئوا الي ركن وثيق و معلم شفيق و حاكم حقيق صاروا اضل من الحيوان و ان شئت انتجرب ذلك سرح ولد حيوان صغير و ولد انسان صغير في فلاة ثم عد اليهما بعد مدة فتري الحيوان مهديا الي ما يصلحه و يفسده و عايشا و تري ولد الانسان اضل و اخسر و ربما لايعيش ابدا الي ان تراه فاذا يكون اللازم في الخلقة وجود الانبياء و الحكام بين الخلق و بدونه يكون الخلقة عبثا ناقصا كما عرفت فاذاً انتدبرت في هذا العالم تري قدجاءت الانبياء و الرسل و الاوصياء المبعوثون من عند الله المعصومون الصادقون المصدقون و قددعوا الخلق الي اله
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۳۹ *»
واحد و صانع واحد علي التتالي و التواتر فدعوا من بدو الخلقة الي ختمها الخلق الي اله واحد و جاؤا بعلوم و آداب و مكاسب و معايش و شرايع ينتظم بها المعاش و يصلح بها النظام و جرت علي ايديهم علي حسب الحكمة خوارق عادات لزم في الحكمة انتكون علي يد المبعوث الحق ليمتاز عن المفسدين و لميأت الخلق نبي يدعو الي اله آخر و يحكم بالحق بين العباد و ينظم معاشهم و يصلح نظامهم فلو كان لنا اله آخر و هو عالم بنا حكيم في صنعنا لارسل الينا من يدلنا عليه و يهدينا اليه و يحكم بيننا بالحق و يرفع الفساد من بيننا فاذا لميأتنا غير هذه الانبياء و لميبلغنا حجة فلاحجة علينا اذا لمنقر باله آخر و لمنعمل بعمل آخر و لله الواحد القهار حجة علينا اذ بعث فينا انبياء و هدانا سبله و شرايع دينه علي نحو الحكمة و الصواب و اجري علي ايديهم الخوارق للعادة و لما عرفنا بالادلة السابقة ان الانبياء لايكذبون كما ان الطبيعة لاتكذب اذا ارادت الماء او الغذاء مثلا فانها من وضع الحكيم و كذلك الانبياء لا يكذبون فان الكاذبين مفسدون و المفسد لايكون من وضع الحكيم و هم قددعونا ليلا و نهارا و سرا و جهارا الي الواحد القهار و ندبونا الي الشرايع الموضوعة عرفنا ان الهنا واحد لاشك فيه و لاريب يعتريه قال الله سبحانه يا ايها الناس لقد جاءكم برهان من ربكم و انزلنا اليكم نورا مبينا و اعظم البراهين و اشرفها و اجلها و اسناها هو محمد9 قدجاءكم و انزل معه نور مبين هو خليفته الذي هو نوره لان الشمس ضياء و القمر نور كما حقق في محله و كونهما اعظم البراهين لان البرهان قول مؤلف من يقينيات تنتج يقينا و هو اي ذلك القول ليس بقديم بل هو حادث فالبرهان حادث يدل باستقامته و صفائه علي المدلول المنطبع فيه بلاامتراء فهو صلي الله عليه و آله اعظم البراهين علي وجود الصانع الحكيم و وحدته و ساير صفاته و اسمائه و هو برهان قاطع ناطق بلسان و لايقصر البرهان اذا نطق عن كونه برهانه فها هو برهان ناطق باذن الله قدجاء بمعجزات دليلا علي انه برهان يقيني و ساير براهين الناس ليس بناطق و ليس له معجز فافهم هذا البرهان الالهي و الدليل الصمداني الذي قداقمناه و لعمري
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۰ *»
انه دليل لاشك فيه و برهان لاريب يعتريه قداتت به الانبياء المرسلون و دعا به الاوصياء المقربون و هو قول فصل ليس بالهزل لايحتمل فيه الخطاء و الريب و ليس فيه وصمة عيب و هو طريق واضح للسالكين و مشرب صاف للواردين و لو كانت براهين الفلاسفة و اليونانيين برهانا موصلا لاختارها الانبياء المرسلون و الاوصياء المقربون و لدعوا الناس به الي الله سبحانه و تلك البراهين و الله اثمها اكبر من نفعها و شكوكها اكثر من يقينها و ضلالاتها اكثر من هدايتها و شبهاتها اكثر من بيناتها و غلطها اكثر من صحيحها و خطاؤها اكثر من صوابها و انها لميوصل احدا ابدا الي الحق و هي منهي عنها محرم الوغول فيها و اصحابها من هذه الامة شرار الناس و لذلك لمتورث فيهم اتقاء من محارم الله و خشية من سطوة الله و رجاء الي الله و حبا لله و لوكانت حقا و كانت اقرب الطرق لكان يختاره الله في كتابه و اختارته الانبياء في دعواتهم بل نهوا عنها اشد النهي و انا قداقمنا بابا في كتابنا فصل الخطاب علي حرمة مراجعتها و عدم جواز النظر و التكلم فيها نعم بعد ما اخذنا بدعوات الانبياء و اتبعنا سبلهم كل ما وافق من الادلة العقلية اقوالهم و طابق آثارهم و قام شاهد عليه من اخبارهم و كتاب ربهم ركنّا اليه و ايقنا انه دليل حق موصل الي الحق ولكن القوم لما سموا الادلة الالهية سمعية اعرضوا عنها بزعمهم الي الادلة العقلية و تاهوا حيث تركوا اعلام الهدي و سلكوا سبل الردي و ضلوا و اضلوا عن سواء السبيل و لميعلموا ان الدليل العقلي ما يورث اليقين و هذا الذي ذكرنا و امثاله يورث اليقين و تلك الادلة ادلة علمية مورثة لحصول صورة في الذهن تعجز النفس عن الاعراض عنها و الرد عليها فتزعمها يقينا قدحصل لها و هو خطاء صرف و ليس من اليقين بمراح و لامغدي و لذلك قلنا ان الانسان ربما يعجز عن الرد علي برهان و الاعتراض عليه فتسلم و هي مع ذلك ربما تتوهم مطابقتها للواقع و ربما تشك و ربما تستيقن فالعلم غير اليقين و تلك الادلة ادلة علمية نفسانية لايقينية عقلية فافهم و راجع ما قدمنا في صدر الرسالة و فيما ذكر كفاية لاهل الدراية.
و اما دليل المجادلة بالتي هي احسن فكثير قدشحن به كتب القوم ولكنا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۱ *»
امتثالا لامر السائل نذكر منها ما يكون علي النهج الاحسن و يطابق الكتاب و السنة فاعلم انه لو كان الهين اثنين فلايخلو اما انيكون كل واحد منهما غنيا بالذات او يكونا فقيرين بالذات او يكون احدهما فقيرا و الآخر غنيا اما كونهما معا فقيرين محتاجين بالذات فينافي الالوهية لانهما حادثان محتاجان الي استفادة الوجود من غيرهما و من كان كذلك لايكون الها يرجع اليه ما سواه و يسد حاجتهم و يغني عائلهم علي نهج الاستقلال بل هو الة في يد الغير و سبب من الاسباب به يعطي القديم بالذات و يمنع فهو عبد و خلق غاية الامر انه واسطة و آلة كالمنشار في يد النجار و انكان احدهما غنيا و الآخر فقيرا فالفقير المحتاج بالذات ليس باله لما مر و انكانا غنيين بالذات بالفرض يلزم نقصهما معا و احتياجهما الي غيرهما فان كل واحد منهما لو كان و يحتاج اليه الآخر لكان اكمل و اقدر و اوسع البتة فاذا لميكن كذلك لكان اقل كمالا و قدرة و وسعة البتة فان ما اذا زيد عليه شيء صار ازيد فمع عدم الزيادة يكون انقص من حال الزيادة البتة فهو اذا ناقص و كل ناقص فاقد لما ليس له و كل فاقد لما ليس له فقير الي ما ليس له البتة و عاجز عن تحصيله بنفسه البتة. فهما معا فقيران الي مكمل غيرهما فهما حادثان و الآخر المحتاج اليه هو القديم المهيمن عليهما و نقول ايضا ان كانت آلهة متعددة لكان كل واحد منهم محصورا محدودا و المحصور المحدود معدوم في غير حده لان حده نهاية وجوده فهو مما يمكن وجوده في حده و عدمه في خارج حده و عدمه ايضا موجود لان كل واحد منهم عدم الآخر فيعقل وجود كل واحد و عدمه و يمكن وجود كل واحد و عدمه اذ لايسعك انتقول يجب وجود كل واحد و عدمه فهم اذا كساير الممكنات التي يمكن وجودها و عدمها و الواجب ما يكون عدمه ممتنعا و هؤلاء عدمهم موجود و انقلت ما المانع من اننقول يجب انيكون كل واحد منهم موجودا في حده و يمتنع ان لايكون موجودا في حده و يجب ان لايكون موجودا في غير حده و يمتنع انيكون موجودا في غير حده قلت اليس ان كل واحد منهما عدمه و وجوده موجودان و اليس تقول له في حده هذا وجوده و للذي في غير حده هذا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۲ *»
عدمه و تضيف العدم اليه فتلاحظه في العدم موصوفا بالعدم و لذا و تسميه و تصفه و تقول له معدوم و تلاحظه في الوجود موصوفا بالوجود و لذا تصفه بالموجود فهو موصوف فهو في الواقع ان لميكن موصوفا بالعدم فليس بمعدوم و انكان موصوفا بالعدم كما هو موصوف بالوجود الا ان كل وصف في حد و في مقام فكل واحد منهم موصوف بالوجود و العدم و قابل للاتصاف بهما غاية الامر ان العدم غير الوجود و في الحوادث ايضا كذلك فالشيء الواحد القابل للاتصاف بوصفين متضادين كالوجود و العدم ممكن. غاية الامر انه اتصف بالوجود في حد و بالعدم في حد فهو في نفس ذاته قابل لهما فهو ممكن كزيد فانه موجود في حده معدوم في غير حده و هو قابل لهما فلما كان ذاته قابلة للوصفين امكن اتصافها بالوصفين و لايمكن انيكون كل واحد منهما واجبا لانهما وصفان للذات قائمان بها و الوصف القائم بالغير حادث نعم من كان وجوده عين ذاته لاوصفا طاريا عليها كالحوادث امتنع عدم ذاته و لماكانت الذات غير محدودة فوجودها الذي هو عينها غير محدود فامتناع عدمه غير محدود فهو موجود واحد حق واجب يمتنع عدمه فكل واحد من المتعددين حادث ممكن الوجود و العدم موصوف بهما و من ليس بواجب الوجود حادث و الحادث لايكون الها لانه كالآلة في يد الغير لاحراك له من نفسه و ليس بمعط و لامانع و ليس بمستقل فان وجوده مستفاد من الغير و ما كان وجوده مستفادا من الغير كان جميع ما له و به و عنه و منه و فيه مستفادا من الغير فهو واسطة و الاله هو الواجب المستقل و هذه الادلة اذا قطع النظر عن مفاهيم الالفاظ و معانيها و نظر اليها بنظر الحقيقة كان كلها من دليل الحكمة فان علي كل حق حقيقة و علي كل صواب نورا و يكفي ما ذكرنا للطالب المرتاد للحق الغير المجرب المتعنت و السلام علي تابعي الحق و سالكي السبيل.
ثم اعلم ان مقامات التوحيد اربعة الاول توحيد الذات و تخليتها عن الانداد و الاضداد و التركيب من الاجزاء و الي ذلك الاشارة بقوله تعالي قل هو الله احد و بقوله الهكم اله واحد فهو سبحانه واحد في ذاته و الدليل عليه نحوا مما تقدم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۳ *»
و الثاني توحيد الصفات و هو انتعلم انه سبحانه واحد في جميع صفاته لاشريك له فيها فهو متوحد في حيوته اذ لاموت فيه و لو كان له شريك فيه لكان حيوته محدودة ممتازة و لكان له موت البتة و ليس له شريك في علمه اذ لاجهل فيه و لو كان له شريك في علمه لكان علمه محدودا و لكان له جهل و هكذا في قدرته و سمعه و بصره و قوته و كماله و سلطنته و ولايته و ربوبيته الي غير ذلك من الصفات و الدليل علي الجملة انه اذا كان واحد آخر متصفا بمثل ما هو متصف به من العلم و القدرة و الحيوة و غير ذلك لكانا محدودين بالصفات البتة لامتناع عدم تناهي اثنين في صقع واحد فلابد و انيكونا محدودين فاذا صارا محدودين صار كل واحد منهما فاقدا لصفة الاخر بعينها الا انه مالك مثلها و فقدان المثل هو عدم المثل فعدم الحيوة موت و عدم العلم جهل و عدم القدرة عجز و لان الفاقد للمثل ناقص حادث كما مر و الي ذلك الاشارة بقوله سبحانه ليس كمثله شيء فالله سبحانه كما هو واحد في ذاته واحد في صفاته اي الموصوف بالصفات الغير المتناهية واحد ليس كمثله شيء و له المثل الاعلي في السموات و الارض فلاتضربوا لله الامثال و الثالث توحيد الافعال يعني انه سبحانه واحد في افعاله لامصدر لها غيره لايوجد الشيء لامن شيء غيره و هو الموصوف بالوحدة في جميع الافعال و كلها من فاعل واحد هو صفة الله سبحانه لاذاته فان الفاعل من صفات الافعال فهو الفاعل للافعال وحده ليس كمثله شيء و الي ذلك الاشارة بقوله سبحانه الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء و قال قل الله خالق كل شيء فلافاعل في الوجود الا الله سبحانه و الرابع توحيد العبادة يعني ان لاتشرك بعبادة ربك احدا و تعلم انه واحد في اتصافه بالمعبودية فلامعبود الا هو سبحانه و الي ذلك الاشارة بقوله سبحانه فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لايشرك بعبادة ربه احدا فالموحد الحقيقي هو الذي يوحد الله سبحانه في كل هذه المقامات الاربعة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۴ *»
المترتبة و يقصد في الكل اياه سبحانه فيلاحظ انطواء الاشياء تحت الاحدية و عدمها فيه ثم يلتفت الي ظهوره بالوحدة الوصفية و يراه متوحدا في الخلق و الرزق و الحيوة و الموت فييأس عن غيره و يطلبه و يتوجه اليه وحده سبحانه من الوجه الذي امره و لايشرك به احدا من خلقه في شيء من ذلك فحينئذ يكون موحدا حقا فافهم و فيما ذكرنا كفاية لاهل الدراية و الله ولي التوفيق.
قال سلمه الله المسئلة الثالثة بينوا لي بالبرهان المسطور علة كون دَرزَي اسفل عظمي اليافوخ كاذبين و درزه الاعلي صادقا.
اقول اعلم ان الله سبحانه جعل العظام في بدن الانسان لمنافع شتي فمنها ما هو اساس البدن و عليه بناؤه كفقرات الظهر و هي في البدن بمنزلة الخشبة تحت السفينة التي يغرز فيها الاجنحة و منها ما هو جنة و وقاية كالاضلاع الواقية للاحشا و عظام الرأس الواقية للدماغ و كالسناسن الشواخص في الفقرات و تلك لتقيها من اذي ما يحمله الانسان علي ظهره او من اذي ما يصيبه من الآفات و منها ما هو للحشو كالسمسمانية التي بين فرج السلاميات و لما قدر انيكون الانسان ذا مهنة و حرفة و معاناة للاشياء و انيكون له اختلاف حركات خلقت عظامه متعددة ليقدر علي الحركات المختلفة و في تعدد العظام حكم اخري منها ان لو اصيب عضو بآفة تختص به و لاتسري الي غيره و منها ان كل قطعة منها مخلوقة لمنفعة خاصة و لابد و انتناسبها و تكون بحيث تاتي منها تلك المنفعة و في تعددها و تركيبها و ارتباطها بالرباطات و الاوتار و الاعصاب ما لايخفي من قوة الدلالة علي صنعة الحكيم كما هو ظاهر لاهل النظر ثم مفاصل العظام علي قسمين موثق و غير موثق فالموثق ما لايتحرك احد العظمين الا مع الآخر و هو علي ثلثة اقسام فاما يتصلان بزايدة و حفرة ام لا فالاول اما هما من الجانبين اي لكل منهما زائدة و حفرة فهو المسمي بالشأن و الدرز هو معرب و ذلك كاسنان المنشارين اذا اطبقتها بحيث يدخل كل سن من واحد بين السنين من الآخر و اما يكون لواحد زايدة و لآخر حفرة فهو المسمي بالركز
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۵ *»
كركز الاسنان في الفكين و اما الثاني فهو الالتصاقي و الالتزاقي فاما يلتصقان طولا كالزندين و القصبتين او عرضا كعظام الصدر و فقرات العصعص و اما غير الموثق فعلي قسمين سلس و عسر فالسلس ما يسهل حركة احدهما بدون الآخر كالرسغ مثلا و العسر ما يصعب كمفصل الرسغ و المشط و المقصود من هذا سر اختلاف عظام الرأس و تعددها و كيفية اتصال بعضها ببعض و اما عظام الرأس اي الجمجمة فهي سبعة احدها العظم الوتدي و هو قاعدة الدماغ و خلق صلبا لانه مصب الرطوبات فخلق صلبا لئلا يتعفن او يفسد سريعا و لانه حامل للدماغ و لابد و انيكون اصلب و اربعة كالجدران فمنها جدار اليمين و اليسار و هما حجريان صلبان لان الانسان ينام غالبا علي طرفيها و يقع من حيث يقع علي طرفه و قل ما يقع علي ام رأسه فخلقا صلبين لتحمل الاذي و الآفة و وقاية للدماغ عن الآفة و منها جدار من الامام و هو الجبهة و هو ايضا صلب لا كصلابة الحجريين و ذلك لان الطبع ملتفت الي القدام اكثر من التفاته الي الخلف و تشايعه الابخرة الي القدام فلمتخلق حجريا صلبا لتندفع منها الابخرة اكثر و منها جدار من الخلف و هو القمحدوة و عظمان بمنزلة السقف و هما اليافوخ و هما رخوان لان اليافوخ مصعد الابخرة و تميل اليه الحرارة من جميع البدن فلو كان حجريا صلبا لمنع الابخرة عن الخروج و لافسدت الدماغ الذي خلقته باردة رطبة لتضادهما معها و هما ايضا مقدمهما اشد رخاوة من مؤخرهما لان الطبع مايل الي القدام اكثر كما عرفت و خلقت هذه العظام مع ذلك مستدير الشكل لمنافع شتي منها ان الكرة اوسع من ذات الاضلاع كما هو مبرهن في محله و منها انها ابعد تفطرا عن ذوات الزوايا و منها انها محل الروح النفساني الفلكي و هي تقتضي الاستدارة في التجسم و المحل فلابد و انتكون مستديرة و خلقت متعددة العظام لانها حامل الروح النفسانية ذات الحس و الحركة فمهما اصابت آفة بموضع منها تختصها و لمتسر الي غيرها كما ذكرنا آنفا و لانها مصعد الابخرة و كثرة الشؤن و القبايل فيها مطلوبة و تميل مع الاستدارة الي الطول و له نتوان من الامام و الوراء لان مقدم الدماغ منبت اعصاب الحس و منه عصب الحركة اقل و مؤخره منبت
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۶ *»
اعصاب الحركة و منه عصب الحس اقل و الدروز الموجودة فيها كثيرة منها الدرز الاكليلي الذي تنتهي اليه الجبهة من الاعلي و هو علي هيئة اسفل الاكليل او محل وضعه و شكله هكذا @@@ و منها الدرز المعروف باللامي تنتهي اليه القمحدوه من الاعلي و هو علي هيئة اللام في خط اليونايين و في خط الاسلام في هذه الايام شبيه بالدال @@و منها الدرز السهمي الواقع بين عظمي اليافوخ شبيه بالسهم الواقع في كبد القوس لما كان الاكليلي شبيه القوس و يسمي الاكليلي و السهمي معا بالسفودي و شكله هكذا @@@ فاول السهمي من منتصف الاكليلي و آخره ينصف زاوية اللامي و مجموع هذه الدروز هكذا @@@ و من طرفي الاكليلي الي اللامي درزان آخران و هما المسميان بكاذبان و اما الثلثة الاول حقيقية صادقة و جعلت الثلثة صادقة حقيقية لمنافع منها ما ذكرنا من صعود الابخرة الغليظة التي لايمكن نفوذها من القحف فهي تصعد من هذه الثلثة و قدذكرنا ان الابخرة بنفسها تصعد الي اليافوخ فجعل الدرز السهمي حقيقيا لانتنفذ منه الابخرة الغليظة الصاعدة و من حيث مشايعة الطبيعة تميل الي مقدم الرأس اكثر من ميله الي مؤخره فجعل الاكليلي و اللامي ايضا حقيقيان لانتنفذ منهما الابخرة الغليظة و لتحققها خواص اخر من دخول العروق من خارج الدماغ الي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۷ *»
داخله لايصال الغذاء اليه و يخرج منها الرباطات النابتة من الغشاء و تستحكم فوق القحف لئلايقع ثقله علي الدماغ فتبين الحاجة الي تحقق هذه الدروز الثلثة و اما الدرزان الكاذبان فاعلم انهما درزان حقيقة لاختلاف جوهري الجدار و القحف فالجدار حجري صلب و القحف رخو متخلخل الا ان درزهما كاذب اي غير منفصل متشرج كتشرج السهمي و الاكليلي فانه لاحاجة الي انفراجهما و انما يحتاج الي تعددهما كما قدمنا من انه اذا اصاب آفة احد العظمين لاتسري الي الآخر فاحتيج لذلك الي مفصل و لما لميكن حاجة الي كونه منفرجا متشرجا التصق المفصل بحيث لميبق فيه منفذ فلذلك سمي الدرزان قشريان لانهما غير متعمقان كتعمق الثلثة فهيئة الشان معلومة ولكن لا انفراج لعدم الحاجة اليه و الزايد في الخلقة لغو و هو لايصدر من الحكيم فلذلك صارت الثلثة صادقة و الاثنان كاذبين و الدرز الكاذب لاينحصر بهذين بل تحت الجمجمة حيث تلتصق بالقاعدة ايضا درز من كل جانب كذينك الدرزين ولكنه ليس يعد مع هذه الخمسة فذلك الدرز من الامام علي الحاجبين و من الجانبين يكون من اللامي الي الاكليلي تحت الحجريين و اما من المؤخر فهو تحت الدرز اللامي علي الوتد و يصل بين طرفي اللامي فشكل المجموع هكذا @@@ كما في الهامش فهذا مختصر من علة التسمية بالكاذب و الصادق و تقسيم الدروز و بيانه و ان اردت التفصيل فاطلب كتب القوم الموضوعة في هذا الشأن و انكنا قدذكرنا لك جميع تشريح عظام الراس بحيث لايحتاج الناظر الي غيره و ما ذكرت من اننبين ذلك بالادلة المسطورة و قصدت بها القياسات فاعلم ان مبني علم التشريح علي الرؤية و الحس و لميهتدوا الي ما ذكروا و
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۸ *»
شرحوا بالادلة العقلية و انما حصل لهم ذلك بالمشاهدة بعد سلخ الجلود و اذابة اللحوم و غير ذلك و اما ما يفسد بالسلخ و الاذابة فاعتقادي انه بتعليم الانبياء و الاوصياء و اهل الكشف فسبيل معرفة امثال ذلك ايضا السماع و مشاهدة الآثار بموافقة المعالجات و وقوع الآفات و لاسبيل للقياسات الاقترانية و الاستثنائية اليها نعم يمكن للحكماء الربانيين انيذكروا للاحكام الاصلية و الخلقة الفطرية الالهية ادلة علي نهج الكلية لا الخصوصية فاذا انتهي الكلام الي هيهنا فاعلم ان العقل مدرك يدرك به المعاني الكلية قبل ظهورها و بعد ظهورها في افرادها و ليس يهتدي به الي الاشخاص الجزئية الا بالنفس المدركة للجزئيات بعد ظهورها في مشاعرها اللهم الا انه يمكن الاهتداء بالعقل الي اشخاص لميغيرهم العوارض عن فطرتهم الاصلية و عن كينونتهم الالهية و قدظهروا في عالم الشهادة كما كانوا في عالم الغيب فحينئذ يمكن الاستدلال بالعقل عليه و تعيين جميع ما له و به و منه و فيه و غير ذلك مثلا يمكن معرفة خاتم النبيين و اوصيائه: باشخاصهم و القابهم و كناهم و اعمارهم و احوالهم و اولادهم الاصلية و غير ذلك لانهم لميغيروا فطرة الله و اما غيرهم فالانبياء يعرف احوالهم النوعية و الصنفية و ربما يعرف في بعضهم الشخصية ايضا و اما في غيرهم فربما يعرف الحكم النوعي و الصنفي ولكن الحكم الشخصي غير ممكن نعم يعرف الجزئيات من ملأ الله به جميع مراتب العوالم بحيث لاتعطيل لهم في كل مكان فهم يعرفون جميع الجزئيات بما هي عليه معرفة احاطة لا اخبار و لذلك هم يعلمون الشرايع الجزئية و غيرهم لايعلم ابدا و يجب عليه انيأخذ عنهم نعم يعرف بالحكمة الحكم الذاتي في الشيء قبل التغيير و التبديل و اما بعد لحوق العوارض فليس يمكن الا لمن اشهدهم الله خلق السموات و الارض و خلق انفسهم فالمسائل الجزئية الشخصية ليس يقام عليها الدليل الكلي العقلي و دليلها المشاهدة و الآثار او السمع لاغير ذلك.
قال المسئلة الرابعة انتبين لي بالبرهان المسطور ما حقق في علم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۴۹ *»
الموسيقار ان التعدي من طرف احد بعد ذي الاربع اعني نغمة ح موجب للتنافر و لهذه الجهة ثلثة ابعاد ط علي التتالي و اربعة ابعاد علي نسبة ج موجب للتنافر المزبور و ان الجمع بين الابعاد الثلثة اللحنية في بعد ذي الاربع و ان جعل طرف احد بعد ب اثقل د و ان تتالي البعدين علي نسبة بعد ب موجب للتنافر.
اقول اني ما تعاطيت هذا العلم الي الآن و ليس عندي من كتب هذا الفن كتاب استخرج منه شيئا و انظر في حله و اوزنه بالموازين الكلية التي عندنا و لو كان عندي من كتبه ربما سهل لي بعون الله استخراج ما يكتفي به المكتفي و لكن الاصطلاحات الخاصة شيء لايعرف بالادلة العقلية فلابد و ان اذكر علي النهج الكلي علي مقتضي الحكمة امورا يندرج تحتها هذه المسئلة و غيرها من هذا العلم و ارجو من الله انيلهمني الصواب انه كريم وهاب.
اعلم ان الصوت هو حركة دفعية تحدث في الهواء بسبب قرع جسم علي جسم يخرج من بينهما الهواء دفعة او قلع جسم عن جسم يدخل بينهما الهواء دفعة او انضغاط الهواء و خروجه بشدة من ثقبة ضيقة او بين جسمين يسحب احدهما علي الآخر او بسبب شق الهواء و تفرق اجزائه بجسم دفعة فاي هذه الامور حصل يتحرك منه الهواء تحركا دفعيا شديدا بالنسبة فيموج ساير الهواء علي حسب شدته و ضعفه و ثقله و حدته الي انيدخل الهواء الاذن فيقرع العصبة المفروشة تحت ثقبة العظم الحجري فتدركه القوة السامعة المتعلقة بذلك العصب و كيفية الادراك ان الهواء يقرع ذلك العصب و ذلك العصب حامل للروح النفسانية في خلله و فرجه و هي بعينها هي الروح البخارية الجسمانية الا انها تلطف بعد صعودها الي الدماغ فاذا قرع العصب و تحرك علي حسب تحرك الهواء انفعلت الروح البخارية المتخللة فيه و تحركت علي نحو حركة العصب التابعة لحركة الهواء و تلك الروح البخارية المتخللة هي الحس المسمي ببنطاسيا و هي برزخ بين الجسم الظاهر و النفس فيؤدي بنطاسيا تلك الهيئة الي النفس و هي دراكة بالذات فتدرك ذلك الصوت بالاحاطة عليه او لمشاهدة له فاذا اجتمع اصوات عديدة حتي حصل لها امتداد و لبث زمانا سواء كانت حادة او ثقيلة تسمي «بـالنغمة» فاذا اجتمع نغمتان
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۰ *»
مختلفتان في الحدة و الثقل بانيكون احديهما حادة و الاخري ثقيلة فهو «البعد» و اذا اجتمع نغمات عديدة فهو الجمع فاذا كان الجمع علي نسبة تأليفية فهو «اللحن».
ثم اعلم ان الصوت يختلف اقسامه بحسب اختلاف بواعثه فانه اما حيواني او غير حيواني فالاول اما منطقي او غير منطقي و الثاني اما الي او غير اليّ و علي اي حال هو علي اقسام من حيث نفسه صغير و كبير و بطيء و سريع و حاد و غليظ و جهير و خفي[1]و متصل و منفصل فاذا عرفت ذلك فاعلم ان النفوس علي اقسام فمنها ما هو علي نهج الاعتدال و الاستقامة و منها ما هو منحرف لانحراف المحل فالمنحرفة بانحراف المحل اما هي راكنة اليه طالبة له و اما هي متنفرة منه متأذية طالبة للتخلص منه و كل قسم من هذه الاقسام الثلثة يلتذ بما يجانسه و يتأذي بما يخالفه فالمعتدلة تلتذ بكل مدرك معتدل متناسب الاجزاء علي حسب اعتدالها و تحب التوجه اليه و الاقتران به و حضوره لديه بل تتقوي بميله اليه للمشاكلة و تتأذي بكل منحرف عن الاعتدال و تفر منه بل تضعف بادراكه للمخالفة و المضادة و المنحرفة الغير الراكنة طالبة لمخالف جهة الانحراف للمشاكلة الذاتية مشتاقة الي ادراكه ملتذة بالتوجه اليه متقوية به من باب دفع المرض بضد المرض و ضد المرض موافق لاصل الطبع و اما المنحرفة الراكنة فهي ناسية للعهد القديم و صارت العادة لها طبيعة ثانية فتلتذ بكل منحرف للمشاكلة بل تتقوي به و تتأذي بكل معتدل بل تضعف به و ذلك لااختصاص له بمحسوس دون محسوس بل هو حكم جار في كل المحسوسات و لذلك تحصل الالتذاذ و التأذي للنفس بكل واحد من المحسوسات من كل حاسة و ذلك لان عالم الاجسام تنزل عالم النفوس و تفصيلها و هي علي هيئته و انما التفاوت في الكثافة و اللطافة فجميع ما في عالم الاجسام نازل من عالم النفوس قال الله سبحانه و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم و قال الصادق7 العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما خفي في الربوبية اصيب في العبودية فجميع ما في هذا العالم من البسايط و المركبات و الكميات
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۱ *»
و الكيفيات و الجهات و الرتب و الوقت و المكان علي طبق عالم النفوس الا ان هناك الطف و هيهنا اكثف حتي ان نسبة ظاهر الشيء الي هذا العالم نسبة باطنه الي باطن هذا العالم فكما ان في هذا العالم نور و ظلمة و لون و شكل و صوت و روايح طيبة و غير طيبة و طعوم و حرارة و برودة و رطوبة و يبوسة و خشونة و ملاسة و حركة و سكون و غير ذلك كذلك للنفوس كل ذلك و كما ان الجسم المركب مركب من العناصر الاربع كذلك النفوس موجودة في عالمها من عناصرها و يتبعها جميع ما يتبع العناصر في هذا العالم و انما التفاوت في الكثافة و اللطافة حتي ان من النفوس حارة و منها باردة و منها رطبة و منها يابسة و منها ثقيلة و منها خفيفة و منها لينة و منها خشنة و يعرف جميع ذلك من آثارها فاذا صارت النفوس علي طبق الاجسام فتتقوي و تلتذ بادراك ما يشاكلها فان كان المحسوس اقوي يشتد اثره في النفس و ان كان اضعف يضعف اثره و لذلك يشاهد للنفوس صرعات و انتعاشات و تغيرات و تكملات بسبب المحسوسات مما لايخفي حتي قيل ان المرء علي دين خليله و نراها يهيج ما فيها من الحب بسماع ذكر الحبيب و رؤيته و يهيج ما فيها من البغض سماعُ ذكر العدو و مشاهدته و ربما يبلغ المحسوس المنافر مبلغا يخرج النفس باحساسه و تترك البدن و ربما يبلغ المحسوس الموافق مبلغا ينجذب اليه النفس فتخلع بدنها و تأثير المحسوسات في النفوس مما لايخفي و لاتتعجب من تأثير الادني في الاعلي فان الادني الاقوي يؤثر في الاعلي الاضعف لامحة و ليس كل نازل تنزل كل عال فلعله تنزل عال اقوي من ذلك العالي فبذلك تستكمل بالاقتران به و يخرج ما كمن فيه من جنس الداني بسبب الاقتران كما تتقوي النفس و تتقوي بسبب الادوية و الاغذية.
فاذا عرفت ذلك فاعلم ان من تلك الاسباب الملذة و الموذية الاصوات فانها حركات حادثة في الهواء تحرك العصب المفروش تحت الصماخ و تتحرك بسببه الروح البخاري و تؤديه الي النفس فانكانت تلك الحركات مؤلفة علي التناسب و علي نهج الاعتدال صار احساسها ملذا للنفس المعتدلة الموزونة التي هي ميزان هذا العلم و اذا كانت مؤلفة علي خلاف التناسب و علي خلاف نهج
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۲ *»
الاعتدال صار احساسها موذية للنفس و تصير سبب تنفره و معلوم ان الصوت بسيط لايوجب التذاذا و كذلك النغمة الواحدة بسيطة و انكانت مركبة من الاصوات الا انها متشاكل الاجزاء فلاتوجب التذاذا للنفس المركبة و انما تحصل الالتذاذ بسبب تركيب النغمات و تأليفها فمهما تركب النغمات المختلفة في الحدة و الثقل علي نهج التناسب صارت ملذة و لماكانت الاصوات لمراتبها كميات قدرت بالكميات و عرفت تناسبها بتناسب الكميات و معلوم ايضا ان الترقي من الكم الاقل الي الكم الاكثر البعيد دفعة علي خلاف الطبيعة حتي انه ربما يورث دهشة تكون نفسه فيها و ذلك كصوت الصاعقة و الصيحة فلعله يموت السامع باستماعه فلما صار اعلاه ثقيلا فيتدرج التنافر الي انيفني و يأتي التناسب و الالتذاذ و كذلك التنزل من الكم الكثير الي الكم القليل البعيد دفعة علي خلاف الاعتدال فيوجب دهشة و تنافرا فمهما صار الترقي و التنزل علي حسب التدرج في الدرجات القريبة صار انسب ثم التدرج اما يكون بجزء قليل لايحس بترقيه و تنزله النفس كأن تكون احدي النغمتين واحدا و الاخري واحدا و جزء من مائة جزء مثلا لاتحس به النفس و يكون البعد الحاصل منهما كالنغمة الواحدة المتصلة عندها و اما يكون بجزء او كم بين يحس به النفس ولكن لايكون خارجا عن حد الاعتدال كانيكون احديهما واحدا و الآخر اثنينا فانه يحس به النفس و تلتذ به البتة او يكون احديهما واحدا و الآخر واحدا و نصف مثلا او ما يقرب من ذلك من الابعاد فانه يحصل الالتذاذ القليل ولكنه يحتاج الي زيادة توجه و الاحسن ان يكون زيادة احديهما بالضعف و يكون الآخر نصفا حتي لايحتاج النفس الي كثرة توجه و تعرفه من غير كلفة فان كلفتها في الادراك مملة لها فالانسب انيكون نسبتها نسبة الواحد و الاثنين و الاربعة و الثمانية و هكذا فلو تخلف عن ذلك و عما يقرب من ذلك من الابعاد و يشبهه و لو في الجملة اورث كلفة او تنفرا للنفس و كذلك يختلف الالتذاذ بحسب اختلاف الامزجة فان لكل صوت و نغمة مزاج خاص يهيج احساسه ما يشاكله في النفس فالصوت الحاد حار يابس و الثقيل بارد رطب و البطيء بارد يابس و السريع حار رطب و كلما قويت هذه الصفات قوي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۳ *»
طبعها و كلما ضعفت ضعف فاذا روعي المزاج و تناسب التأليف كما مر و الوقت و المكان و الاشخاص و الكم و الكيف والوضع و ساير القرانات يوجب التذاذا عظيما للنفس و تغيرات عجيبة حتي انه يمكن معها معالجة الامراض العسر البرء في زمان قليل و يمكن معها احداث صفات غريبة في النفس من الحب و البغض و الضحك و البكاء و السرور و الحزن و النوم و اليقظة و امثال ذلك و لماكانت النفس معها تتوجه الي الجهات الخلقية و تحصل لها الالتذاذات النفسية حرم في الشرع فان عند استماعها تنجذب اليها و هي علي خلاف جهة المبدء فتصير ممن قال الله فيهم وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله و ما زعمته الفلاسفة ان النفس بها تميل الي مبدئها سفه من رأيهم فان مبدء النفس هو العقل منه بدأت و اليه تعود و النفس تكون ملتفتة الي المبدء اذا غفلت عما سوي الله و اضمحلت و تلاشت عند سطوع انوار العظمة لا اذا انهمكت في شهواتها و ملاذها فتوبوا الي بارئكم و اقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم و تكميل النفس بمخالفتها فان الجنة حفت بالمكاره و النار حفت بالشهوات و لو كان التذاذ النفس سبب ترقيها لماابتلي الله الانبياء و المؤمنين بالبلايا و الامراض و المحن و المصائب الموجبة لمقتهم للدنيا و اعراضهم عنها و اقبالهم الي الله و لكان يؤتي اليهم ما يديم الذاذ نفوسهم نعوذ بالله من سفه الاحلام قال الله سبحانه و لايحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و قال و لولا ان يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة و معارج عليها يظهرون و لبيوتهم ابوابا و سررا عليها يتكؤن و زخرفا الآية و لمازعمت الفلاسفة ان الافلاك هي عالم الآخرة و العناصر هي عالم الدنيا زعموا ان النفس مادامت ملتفة الي الاعراض السفلية هي ملتفة الي الدنيا و ليس لها لذة اخروية و اذا هذبت بسبب التعليمات و العلوم التي هي من شأنها صارت من اهل الجنة و المغفرة و زعموا ان علم المنطق و الرياضي و الطب و العلم الطبيعي مثلا يكون سبب تهذيب النفس و من ذلك الغنا فان النفس تتقوي بذلك و تذكر عالمها و تتوجه اليها و كذبوا
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۴ *»
ليس شيء من ذلك يهذب النفس و لو كان كذلك لكان نفس الكفار الحاذقين في هذه العلوم اقوي النفوس و لماحرم الشارع الكلام و الغنا و السحر و الكهانة و الرياضات الغير المشروعة و لدعي الشارع الغير التارك للاولي الناس اليها و انما يحب الله انيعبد من حيث امر و انيدخل عليه من بابه و بابه هو الذي فتحه و جعل باطنه هو الرحمة و ظاهره من قبله العذاب فلايلتفت منكم احد و امضوا حيث تؤمرون بالجملة هذا الذي ذكرنا في جواب سؤالكم كان من باب ان لكل سؤال جواب و كان علي حسب قواعد الحكمة و اما الاصطلاحات الخاصة باصحاب هذا العلم فما تعاطيته الي الآن و لميكن عندي منهم كتب اراجعها فافصل بين حقها و باطلها لاسيما و كان سؤالكم علي نهج الاجمال و الاختصار فلو كان مفصلا لكان يمكن بيان الحق و الباطل فيه فاتيت بما كان عندي علي حسب ما يقتضيه الوقت و لاقوة الا بالله.
قال سلمه الله تعالي المسئلة الخامسة ان المعروف ان شعاع الشمس اذا لمتكن تام الانكساف يظهر من وراء الشبك و الفرج الضيقة علي طبق انكساف الشمس يعني انه اذا كان الشمس قدانكسف نصفه يكون الشعاع علي هيئة نصف ما كان عليه لو لمتكن الشمس منكسفة و ان انكسف ثلثها فالثلث و ان انكسف ربعها فالربع و هكذا فالمرجو انتبين ان هذا الامر واقع ام لا؟ و علي فرض الوقوع فالملتمس انتبينه بالبرهان المزبور و القمر ليس شعاعه حين اختلاف اشكاله كذلك و التمس من كريم بابك انتجيبني في هذه المسائل علي نحو ما استدعي و اريد و ان لميكن واجبا عليك و لا من شأنك جوابها الي آخر ما قال.
اقول ان تحقيق هذه المسئلة يحتاج الي رسم مقدمات من علم المناظر و المرايا فنقول قدثبت في ذلك العلم ان المنير اذا كان اكبر من الكثيف و كان من وراء الكثيف صار ظل الكثيف علي هيئة المخروط حتي ينتهي الي نقطة ثم يعدم فاذا نظر الناظر الي الكثيف و هو في داخل المخروط يريه و ان كان حيث ينتهي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۵ *»
المخروط و ابعد لايراه ابدا و لماكان الارض اصغر من الشمس صار ظلها علي هيئة المخروط و ينتهي الي قريب من فلك الزهرة و هنالك لاليل و لاتري ارض ابدا و كذلك اذا انت اخذت جسما قريبا من الارض في الشمس يكون له ظل عليها وكلما ابعدته يدق الظل و يصغر الي ان لايبقي له اثر فيكون الارض تحته نورانية كساير اجزائها فاذا كلما كان الجسم اكبر يكون مخروط الظل اطول حتي انه لو كان كثيف بكبر الشمس علي الشمس او اصغر منها بقليل لطال مخروط ظله الي الارض و يري ذلك الكثيف و لاجل ما ذكرنا من انتهاء ظل الكثيف الصغير يري شعاع الشمس الواقع من خلل اوراق الاشجار علي الارض مستدير اذا كانت الخلل ضيقة مع عدم استدارتها الحقيقية لانتهاء ظل تضاريسها و عدم تبينها عند الارض بسبب بعدها و اما اذا وضعت جسما ذاثقبة مثلها علي الارض او امسكته قريبا منها لتبين الشعاع علي هيئة الثقبة و هذه احدي المقدمات التي احببنا تقديمها.
و الثانية ان المرئي من الاجسام هو نور منصبغ في صبغ ذلك الجسم و متشكل بشكله و لايري غير النور فان غير النور ظلماني و ليس يري و لماوقع النور الظاهر في نفسه علي ذلك الصبغ و الشكل انصبغ و تشكل علي حسب المحل فراي علي ذلك الصبغ و ذلك الشكل كالماء المنصبغ المتشكل في الاناء علي حسب صبغه و شكله و لذلك لايري الاشياء علي الوانها الحقيقية في الشمس و في القمر و في السراج فانا جربنا ان اللون المائي يري في السراج اخضر لان لون السراج اصفر و يختلط مع المائي فيحدث لون اخضر و لو كان المرئي نفس ذلك اللون لماتغير و كذلك يري الثوب الابيض في الشمس مشيبا بالصفرة و الحمرة و في القمر اشد بياضا و اللون المائي في القمر اقرب الي البياض منه في الشمس و الثوب الابيض الذي نصفه في القمر و نصفه في السراج نصفه الذي في القمر اشد بياضا و نصفه الذي في السراج اشد صفرة و كذلك الثوب الابيض في الشمس و الظل يختلف لونه و هكذا جرب تجد فالمرئي من الالوان و الاشكال هو النور المنصبغ المتشكل لاغير و لذلك ينعكس من الانسان المستنير بنور الشمس او غيرها في المرآة الوان و اشكال و من البين ان نفس الالوان و الاشكال لاتنعكس
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۶ *»
في المرات و انما الواقع في المرات شعاع النور الواقع المنصبغ المتشكل في كل عضو منه علي حسبه و ذلك العكس و الشعاع منعكس من كل مستنير دائما فان قابله شيء صيقلي من وجه و كثيف من وجه يظهر فيه الشعاع و ان كان صيقليا من وجهين ينفذ فيه الشعاع و يخرج منه كالهواء و البلورة و الزجاجة و ان كان كثيفا من وجهين ينطبع فيه و لكن ان كان الكثيف بنفسه في الضياء يغلب الضياء علي العكس المنطبع لانه بكثافته لميظهر الشعاع كل الاظهار و كان فيه ضعيفا فغلب في الضياء و خفي الاتري ان النور الواقع علي المرآة ابين منه علي الجدار الكثيف فكذلك عكس الاجسام المستنيرة فانه نور و يكون في الصيقلي ابين منه في الكثيف فاذا قابلت الجدار يقع شبحك فيه البتة الا ان الانوار الواقعة عليه المنصبغة بصبغه يغلب شبحك فلايدعه انيظهر و لولميكن الانوار علي الجدار و كان النور الواقع عليه منحصرا بشبحك الواقع لتبين شبحك عليه كما في المرآة حرفا بحرف و لابد في ظهور النور الواقع علي الكثيف من فضل قوة ليظهر لضعف القابل فالنور يظهر عليه البتة الا انه اضعف مما في المرآة بقليل بقدر صقالة المرآة و كثافة الجدار و بقدر لون الجدار من نفسه المغير لمايقع عليه و عدم لون للمرآة من نفسها و انشئت انتعرف صدق ما اقول فاوقف رجلا بازاء الشمس حتييستنير وجهه و ليكن في مقابل وجهه بيت مبيض و يكون لذلك البيت كوة بازاء وجه الرجل فانه يقع شبح الرجل من تلك الكوة علي الحائط المقابل من داخل البيت حرفا بحرف بسواده و بياضه و حمرته و خضرته و اعضائه كلها كما في المرآة و قدجربنا ذلك و كان كذلك و ينبغي انيكون البيت مظلما لايدخله نور الا من تلك الكوة فمن ذلك علم ان الشبح يقع علي الكثيف ايضا فان غلبه نور يضمحل و يخفي و الا يظهر و هذه مقدمة اخري لهذا المطلب فاضبطها فنقول اذا كان ثقب مستدير مثلا يخرج منه شعاع الشمس و يظهر علي الارض مستديرا فاذا وضعت من فوق الثقب جسما يغطي نصف الثقب او ثلثه او ربعه يري الشعاع من ورائه ناقصا من الاستدارة علي حسبه البتة فاذا رفعت ذلك الجسم شيئا بعد شيء علي محاذاة ما كان يصغر ظله كما بينا و كلما صغر صار
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۷ *»
ظله الواقع من الثقب علي الارض اصغر الي انيفني و يعود الشعاع مستديرا كأن لميكن حاجب و اما اذا صار الحاجب كبيرا بحيث لايفني ببعده يكون الشعاع النافذ من الثقب ناقصا علي حسب حجبه البتة فافرض الحاجب القمر اذا ستر الشمس فكما يري الكسف يكون له ظل البتة لما قلنا في المقدمات فاذا كان له ظل لابد و انيحجب نصف الثقب البتة فيتبين الشعاع من وراء الثقب علي الارض نصف الثقب و اذا كان الكسف ثلثا او ربعا يكون الشبح ثلثا او ربعا علي حسبه كما يتبين في المرآة بعينه فبعين ذلك السبب الذي ينطبع في المرآة علي هيئة انكسافه يجب ان ينطبع من الثقب علي الارض علي هيئة انكسافه و اما ظهوره من وراء الثقب و عدم ظهوره في ساير العالم لماقلنا ان غلبة النور يسترشح الحاجب فالعالم مستنير بالباقي من الشمس و قوة ذلك النور تحجب ظل الساتر الاتري انك حال انكسافها اين ما وضعت مرآة علي الارض تريها منكسفة علي حسبها و قدقلنا ان الشبح مثل ما ينطبع في المرآة ينطبع في الكثيف الا ان غلبة النور و كثافة الكثيف الصابغة للشبح يمنع من الظهور و اما اذا كان من وراء ثقبة ضيقة و كان النور يدخل من ذلك الثقبة فقط و باقي ماوراء ذلك الجسم المثقب ظلماني او اقل نورا من الشبح الواقع يتبين الشبح علي حسب الشمس حرفا بحرف و هذا الامر لايختص بالشمس بل القمر في انكسافاته و اختلاف اشكاله في اوقات الشهر ايضا كذلك الاتري انه ينطبع في المرآة علي شكله فلابد و انيكون منطبعا في الكثايف ايضا كذلك الا ان المانع من ظهور ضعف نور القمر و ضعف ظل الحاجب او الباقي من جرم القمر الغير المستنير فلو كان له قوة نور لكان ايضا كذلك حرفا بحرف و قدقلنا ان المانع من ظهور الشبح علي الكثيف اما ضعف الشبح من نفسه او ضعفه عند النور الواقع من غيره علي الكثيف بل هذا الامر في اللطيف الصيقلي ايضا كذلك فانك ان وقفت مدبرا للشمس و اخذت المرآة بازاء وجهك مواجهة للشمس لايتبين شبحك فيها مثل ما اذا كان الامر بالعكس لغلبة نور المرآة و ضعف نور وجهك عنده فلما كان نور القمر ضعيفا ليس يتبين مقدار ظلمانيته و نورانيته في الثقب و غلبة ظلمة الليل و ضعف الشبح يمنع من الظهور و اما المرآة لصقالتها يظهر فاين ما وضعت المرآة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۸ *»
علي الارض و لو من وراء ثقبة يتبين القمر ايضا فيها علي حاله و انما المانع من ظهور الاشياء اما ضعف الفاعل او ضعف القابل و في القمر كلاهما موجودان و في الشمس الفاعل قوي فيظهر و ان كان القابل ضعيفا و في ما ذكرنا كفاية و بلاغ لذي الفهم انشاء الله.
بقي شيء انه اذا كان الثقب مقابلا للاجزاء المستنيرة من الشمس او القمر بحيث اذا نظر الناظر من ذلك الثقب لايري الا الاجزاء النورانية او اذا وضع مرآة تحت الثقب و لاينطبع فيه الا الاجزاء المستنيرة فليس يقع الشبح علي هيئة الانكساف البتة و اذا كان الثقب مقابلا للجزئين يقع علي حسبه فذلك يختلف بحسب بعد المحل المنطبع فيه من وراء الثقب عن الثقب و قربه منه فكلما كان اقرب ينطبع فيه من الجزئين اكثر و كلما كان ابعد يصير ما ينطبع فيه اقل فيمكن تخصيصه بجزء دون جزء فيمكن ان لاينطبع في المحل المنطبع فيه الا الجزء النوراني اذا كان المحل بعيدا و يكون مواجها للجزء المستنير الا ان بعد الشمس و القمر يهون الخطب فانه كلما بعد الطرف المقابل يكون المواجهة الي كله اسهل و كلما قرب كان تخصيص المواجهة اسهل فلبعدهما صار في اغلب الحالات يكون الانطباع علي حسب الانكساف و اشكال القمر فافهم راشدا موفقا فانه دقيق و بالتوجه حقيق.
قال سلمه الله و ايضا استدعي من جنابكم انتبين لي بالبرهان المذكور وجه انحصار السلسلة الطولية في الثمانية فاني ما رأيت في كتب الشيخ و السيد اعلي الله مقامهما برهانا علي ذلك و المأمول ان لاتطردني من بابك فاني وحق علي بن ابيطالب7 من جملة المخلصين و العبيد الطالبين المسترشدين.
اقول هذا آخر مسائله ايده الله و هذه المسئلة من معضلات المسائل و مشكلاتها لميجر البرهان عليها في خطاب و لميذكر في كتاب غير ان الشيخ اعلي الله مقامه قدخالف الجمهور في ذلك و وشح كتبه الشريفة بذلك و اقتفا اِثره السيد الجليل و الاستاد النبيل اجل الله شأنه و انار برهانه و لميذكرا لذلك
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۵۹ *»
دليلا يكشف لثامها و يفض ختامها و يبين ما فيها و يظهر خافيها حتي اني سألت السيد اجل الله شأنه عن هذه المسئلة و سألته انيكتب في ذلك رسالة يبرهن عليها بالبراهين ما يزيل الظن و التخمين و الححت عليه مدة خمس سنين او ازيد و راودته بكتب و رسائل و التماس و وسائل فمنعه المقدور عن الجواب حتي اجاب دعوة الله الوهاب و لمافز منه بجواب و لميشرفني في ذلك بخطاب و كان ذلك الي انسألتني عن ذلك و التزمت اجابتك لعلل شتي فها انا ذاكر لك هذه المسئلة علي ما يقتضيه الحال علي غاية الاجمال بتوفيق الله المتعال فاعرف قدرها و اغل مهرها فانها حسناء لميكشف لاحد لثامنها و لمتعلل احدا بكلامها فهي عذراء لميطمثها انس و لاجان و لمازفها اليك انشاءالله الا بسلطان و اعلم ان الذي جري في السن المشايخ العظام و اللضالض الفخام انها تسعة و القول بانها ثمانية عد مراتب الخلق انصدر عن عالم و غلط و سهو انكان من جاهل كما ستعرف و هذا ابان الشروع في المقال لكشف الحال علي نحو الاجمال بعون الله المتعال.
اعلم ان هذه المسئلة تنحل الي ثلث مسائل. الاولي بيان معني التأثير و التأثر و الفرق بينه و بين التكميل و التكمل و هذه مسئلة عجيبة غريبة قدزل فيها الاقدام و ضل فيها الاعلام و تاه فيها الاكثرون و ما برحوا عليها خابطين عاثرين الثانية هل اختلاف مراتب الوجود في الطول علي نحو الاثرية و المؤثرية فتكون اختلافها بالمادة ام علي نحو التدرج علي صفة مراتب التشكيك فهي موادها واحدة و انما الاختلاف في الصورة و في القوة و الضعف الثالثة اذا صار اختلاف المراتب علي نحو الاثرية و المؤثرية فكم مرتبة هي و لمكان يقال انها تسعة مع عدم تناهي فيض المبدء و قوته و جماله و كماله فنبين ذلك في ثلث فصول.
فصل اعلم ان الله سبحانه كان اذ كان فخلق الامكان لا من شيء قدكان و انما اخترعه اختراعا و ابتدعه ابتداعا لا من اصول ازلية و لا من حقايق قديمة فان ذلك محال و ليس في محال القول حجة فخلق الامكان بمشيته الامكانية و ذلك الامكان هو نفس تلك المشية المخلوقة بها لاغير اذ لو تقدمت المشية علي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۰ *»
الامكان لكان قديما فهما مساوقان مصاقعان حادان في الوجود و معهما السرمد كذلك كمحادة المحدد و الجهات و المكان و الزمان حرفا بحرف فلايفضل احدها علي صاحبه بجزء ابدا و الامكان هو بحر سيال في الخارج حقيقة كوجود المداد قبل الحروف و الماء قبل الامواج فهو وجود كوني في نفسه لنفسه و امكان لمايصاغ منه و يصنع مثل الماء انه موجود في الخارج وجودا حقيقيا و يصاغ منه الامواج علي اختلافها فكذلك الامكان مخلوق اولا لا من شيء ثم جميع ما صيغ منه بعده فمن شيء و ذلك الشيء الامكان انظر الي الجسم المطلق حيث انه لميصنع من مادة جسمانية اخري و اما جميع ما في عالم الاجسام مصنوع من الجسم و صورة شخصية عارضة عليه «و قدعلم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالك لايعلم الا بما هيهنا» «ما تري في خلق الرحمن من تفاوت» فكذلك الامكان خلق اولا لا من شيء فانه ليس سواه الا الواجب و هو لايصير مادة الحوادث و الممتنع غير قابل للايجاد فاذا هو لا من شيء و هو امر وجودي و بحر سيال متشاكل الاجزاء و لاتصغ الي الذين يزعمون انه امر ذهني انتزاعي و ليس له وجود في الخارج فان الامكان ان لميكن في الخارج لميقدر الذهن علي انتزاعه فانه لايدرك و لايوجد في نفسه ما لميوجده الله سبحانه و لتحقيق هذه المسئلة محل آخر فذلك الامكان بحر سيال متشاكل الاجزاء كل جزء منه صالح لان يصاغ منه نبي و انسان و جن و ملك و حيوان و نبات و جماد و جواهر و اعراض و اكوان و اعيان و غير ذلك كما تري من صلوح المداد لان يكتب منه اسم طيب و اسم خبيث و اسم دني و اسم فاضل و اسم عال و اسم دان و هكذا و الهواء صالح لان يصاغ منه كل قول حسن و قبيح و كلمة كفر و ايمان و لاشك انك اذا اردت انتكتب كتابا تهيأ اولا مداد صالحا لانتكتب منه ما شئت ثم توجد الحروف منه علي حسب المصلحة و الحكمة فكان ذلك الامكان صالحا لجميع الاشياء و لانهاية لصلوحاته و لماكان كل موجود من الامكان الصالح لكل موجود فصار و
كل شيء فيه معني كل شيء فتفطن و اصرف الذهن الي
كثرة لاتتناهي عددا قد طوتها وحدة الواحد طي
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۱ *»
فكل شيء من حيث الامكان مع قطع النظر عن شخصيته صالح لانيظهر لكل صورة كما ان الالف صالح من حيث المدادية لانتظهر بصورة الباء و الجيم و غير ذلك من الحروف و انما ظهر بصورة الالف و كمن فيه ساير الصور للمرجحات فلو كسرتها و رددتها الي بحر المداد يمكن انتصيغه حينئذ باءً و جيما و غير ذلك و انما يمتنع عن ذلك حين كونه مصورا بصورة الالف فكذلك كل شيء فيه من حيث الامكان صلوح التصور بكل صورة فاذا كسر زيد و رد الي الامكان صلح لان يظهر بصورة عمرو و يكون عمروا حقيقة كما انه اذا استحال ما فيه من العناصر الدنياوية الي جواهرها يمكن لان يصور منها عمرو و بكر و غيرهما.
فاذا عرفت هذه المقدمة فاعلم ان الامكان ليس بمادة للاشياء و انما هو حقيقة صالحة للمواد و الصور معا و نسبته الي المواد و الصور علي حد سواء فانه ليس ما سوي الله الا ممكنا و كل ممكن مخلوق من الامكان و الصور ايضا من الامكان كما ان المواد من الامكان لان الصور ايضا مخلوقة ممكنة و ليس لنا خارج الامكان شيء فلااختصاص للامكان بمواد الاشياء و لميأت صورة لها من الواجب و الممتنع ليس بشيء فالصور ايضا مصوغة من الامكان كما ان المواد مصوغة منه و نسبته اليهما علي السواء الا ان كل صورة ممكنة فيه لايمكن انتلبس علي كل مادة ممكنة فيه فانهما و انكانا ممكنين الا انه يمكن في الامكان ما يمكن لا ما يمتنع مثل ما تري من ان كل واحد من النقيضين ممكن و اما اجتماعهما فلايمكن في الامكان و السماء ممكنة و كبرها ممكن و البيض ممكن و صغره ممكن و ادخال السماء بكبرها في البيض في حال صغرها غير ممكن و هكذا فليس يمكن في الامكان لبس كل صورة علي كل مادة و لاتصور كل مادة بكل صورة فالمادة الكثيفة لايمكن انتلبس عليها صورة لطيفة حال كونها كثيفة من حيث كونها كثيفة و الصورة الكثيفة لايمكن انتلبس علي مادة لطيفة فانه لابد من المناسبة بين الحال و المحل و الجري علي مقتضي الحكمة و لان الصورة نهايات المادة فلاتكون النهاية الا مناسبة لذي النهاية و لذلك لايمكن انتلبس صورة الياقوت بتلك اللون و الشفافية علي مادة الحجر الكثيفة علي كثافتها و ان
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۲ *»
كان يمكن تلطيف المادة و ردها الي الامكان ثم صوغها الطف و لكن ذلك الحين لاتكون هي هي و انما هي غيرها و الحجر حجر اذا كان مادته كثيفة و صورته علي حسبها فاذا كسرته و صغته علي صورة النبات فليس اذا بحجر و انما هو نبات فصارا يشتركان في الامكان و لايشتركان في المادة و لكن لمادة الحجر الكثيفة صور كثيفة بلانهاية يمكن تقلبها فيها مع كثافتها و لمادة النبات اللطيفة صور لطيفة بلانهاية يمكن تقلبها فيها و للمادة الكثيفة ايضا اختلافات ذاتية في الكثافة يمكن التدبير في تغييرها الي تلك الحالات و مع ذلك لايمتنع من الصور الكثيفة و كذلك المادة اللطيفة مثال ذلك الالف الف و لها صورة معينة و مع ذلك يصدق الاسم علي ما تغير عن تلك الصورة قليل تغير مثلا ما كتب بحسن الخط الف و هكذا اذا كتبت بقليل نقص و هكذا و منتهاه انتقرأ بالالف فاذا بلغت مبلغا قلت انها ليست بالالف فهنالك خرج من حدود الالفية فكذلك للمادة الكثيفة حدود يصلح كلها للصورة الكثيفة المعينة و كذلك للمادة اللطيفة و يمكن التصرف فيها بالترقي قليلا و بالتنزل قليلا الي غاية حد كل واحد مثل ما يمكن تغيير كتابة الالف الي نهاية ما تقرأ بالالف من جهة الاعلي و الاسفل و اما اذا جاوز ذلك الحد فلايسمي بالالف و انما هو باء مثلا او جيم و اوضح الامثلة لذلك ان مادة الحروف المداد و صورتها صورها المعروفة و يمكن ترويق المداد و تلطيفه و تكثيف المداد و تغليظه و يكون في هذه الحالات مدادا يمكن انيصاغ منه الحروف فما يمكن في الشيء من التغيرات علي قسمين قسم انيتغير مع بقاء الاسم و قسم انيتغير بحيث لايصدق عليه الاسم و القسم الثاني ايضا علي قسمين قسم انيتغير مع بقاء المادة علي حالها و قسم انيتغير بحيث يتغير المادة ايضا و القسم الثاني ايضا علي قسمين قسم انيتغير المادة و لايخرج بذلك عن حدودها و قسم انيتجاوزها حدودها فالقسم الاول كتغير الالف في الحدود الالفية في الحسن و القبح و كتغير زيد بالصحة و المرض و الكبر و الصغر و المادة هي هي بلاتفاوت و القسم الثاني انيغير عن مسمي ذلك الاسم مع بقاء المادة كتغيير صورة الالف حتييصير باءً و جيما و المداد علي حاله لميتغير و القسم الثالث انيغير المادة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۳ *»
اي المداد ايضا في الترويق و التصفية او التكثيف و التغليظ بحيث لايخرج بذلك عن مسمي المداد و مع ذلك يمكن ان يكتب به ما يشاء من الحروف و القسم الرابع انيغير المادة اي المداد بحيث لايكون مدادا اصلا فلايكون صالحا للكتابة بانيستحيل ترابا مثلا لايمكن الكتابة به و هكذا يمكن تغيير الاشياء في صورها و موادها و مواد موادها اي النوعية و الشخصية و مهما كانت المادة النوعية باقية في حدود نوعها يمكن اتخاذ المواد الشخصية منها و مهما كانت المواد الشخصية علي حالها في حدودها يمكن تقليبها في الصور المختلفة بالجملة ليس اختلاف الاشياء في الصورة وحدها و انما لابد من اختلافها في المواد ايضا فما زعمت الحكماء ان الحيوان جنس مشترك بين الانسان و الفرس و انما الاختلاف في الصورة الفصلية خطاء فان الحصة من الحيوان الصالحة لفصل النطق لاتكون صالحة للصورة الفرسية و الحصة الصالحة للصورة الفرسية ليست صالحة للنطق البتة فان صورة النطق الطف من صورة الفرس فانكان الحيوان قابلا لصورة النطق ليس بقابل لصورة الفرس و انكان قابلا لصورة الفرس ليس بقابل لصورة الانسان كما عرفت فالحيوانية التي البست صورة الانسان الطف من الحيوانية التي البست صورة الفرس و هكذا الجسم الذي البس صورة النماء الطف من الجسم الذي البس صورة الجماد و هكذا لان صورة النماء الطف ارأيت يمكن انيجعل العقل مثلثا و مربعا و ملونا بلون الاجسام او يجعل مادة الجسم علي هيئة العقل حاشا فتبين و ظهر ان مواد الاشياء مختلفة علي حسب اختلاف صورها في اللطافة و الكثافة و ذلك كله لان الصور نهايات الوجود و حدوده فانكان الوجود لطيفا كان نهاياته التي هي صوره لطيفة و انكان كثيفا كان نهاياته كثيفة و بذلك عرف ان مادة مراتب الخلق مختلفة فالمادة التي تلبس صورة الاربعة عشر المعصومين صلوات الله عليهم ليس تتقدر بتقادير الانبياء و لايتخذ بحدودهم البتة و ليس لاحد من غيرهم فيها نصيب و لذا ما كان يصلح لآدم انيتمني الدخول في عرصتهم و الترقي الي مقامهم و نهي عن اكل شجرة علومهم و لذا روي لميجعل في مثل الذي خلقنا منه نصيبا و لذا كانوا فعالين في الانبياء نبيا و حجة عليهم و اخذ عهد ولايتهم عليهم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۴ *»
و المادة التي تلبس صورة الانبياء غير مادة الاربعة عشر و غير مادة من دونهم من الخلق فلذلك كانوا فعالين متصرفين في مادونهم و لميجعل في مثل الذي خلقهم منه نصيبا لغيرهم و ليس لاحد من الرعية تمني مقامهم و الدخول في عرصتهم كما يأتي تفصيل ذلك في الفصل الآتي بالجملة اذا كانت المادة بين الشيئين واحدة و يكون الاختلاف في الصورة يمكن لكل حصة من تلك المادة انتتهيأ بهيأة الحصة الاخري البتة كالمداد المصور بصورة الالف فانه صالح لانيصور بصورة الباء و الجيم و غيرهما من الحروف لان الحروف من المداد و جميع الصور الحرفية صلوحات كامنة في المداد يصلح انيظهر بكل صورة فاذا ظهر بصورة ليس يخرج ما فيه من المداد عن المدادية و ليس يخرج عن صلوح التصور بساير الصور الحرفية غاية الامر انهذه القطعة قدظهر بهيئة خاصة بالمرجحات الخارجية و كمن فيه ساير الهيئات الممكنة الصالحة فيه فاذا جاء مرجح آخر لصورة اخري اقوي كسر هذه الهيئة الظاهرة و ادخلها في الامكان و اخرج صورة اخري كانت فيه قبل ذلك و الاشارة الي ذلك ان المداد اذا صلح لجميع الصور الحرفية صلوحا متساويا لمتظهر صورة منها لتدافعها و تضادها و تساويها في القوة و الصلوح و لميرجح احديهما علي الاخري من نفسها فاذا جاء من يقوي ما فيه من احدي تلك الهيئات حتييجعلها اقوي من الباقي خرج الي عرصة الظهور فالمقوي ليس يوجد الصولح في المداد و انما يقويه و يكمله و كيفية التكميل ان المكمل ما لميكن في نفسه كاملا ليس يقدر علي تكميل الغير البتة و الكامل ما كان لطيفة ذاته ازيد من نفسه و ذلك ان الاشياء علي ثلثة اقسام ناقص و تام و كامل فالناقص محتاج الي غيره و التام غني عن غيره و غير مغن لغيره و الكامل الغني المغني لغيره فالشيء لولميكن كاملا اي لميكن له فضل يلقيه علي المتكمل لايتكمل المتكمل البتة فان لطيفة التام لايتجاوز عن نفسه و لاينبيء غيره عن حال نفسه و عما له فكيف التكميل و التكميل فعل للمكمل و فاضل لطيفته فاذا لميكن للطيفته فاضل فلافعل فلاتكميل فالمكمل لابد و ان
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۵ *»
يكون كاملا و كذا لابد و انيكون المتكمل مما يصلح فيه ما يجانس فعل المكمل حتييتقوي به ذلك الصلوح و يخرج من العدم اي عدم الكون الذي هو الصلوح الي الكون الخارجي فاذا صار المكمل هكذا يكون باب فيض لله سبحانه الي المتكون و باب للمتكون الي الله سبحانه و يكون يد الله الفاعلة الباسطة القابضة المنفقة الباطشة و المغير هو الله سبحانه و المخرج من العدم هو الله سبحانه و انما المكمل آلة و واسطة كما قال ابوعبدالله7 في الربوبية العظمي و الالهية الكبري لايكوّن الشيء لا من شيء الا الله و لاينقل الشيء من جوهريته الي جوهر آخر الا الله و لاينقل الشيء من العدم الي الوجود الا الله انتهي فالمكمل آلة لله سبحانه به يفعل ما يشاء و هو المكون الناقل بما شاء كيف شاء كما تصنع ما تصنع بالالآت القوية الصالحة علي ما تشاء و انت الصانع لا الآلة بالجملة كذلك لابد و انيكون المكمل من مادة المتكمل و يكون الاختلاف في القوة و الضعف و الصورة لاغير حتييتحقق المباشرة و المقارنة و التقليب و يطلع المتكمل به علي ارادة الفاعل و امره و نهيه و حركته و سكونه و في غير المتصاقعين لايتحقق ذلك فان الادوات تحد انفسها و الآلات تشير الي نظائرها و لذلك ليس وجود المتكمل موقوفا علي وجود المكمل بحيث يوجد بوجوده و يعدم بعدمه و يكون البينونة بينهما بينونة عزلة غاية الامر ان احدهما اقوي و الآخر اضعف و الاقوي هو باب افاضة العالي علي الاضعف و قدجرت عادة الله سبحانه ان لايكمل الناقص الا بكامل و لذلك محال علي حسب العادة انيصل السالك الي مقصوده الا بشيخ يسير به كما قال سبحانه و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياما آمنين فلما تقارنا المتكمل و المكمل يقع شبح الكامل علي الناقص اي في مرايا مشاعره الظاهرة و الباطنة فاذا ادام الشبح فيها و كان قويا ازال العلة المرجحة لما هو عليه فانا قدذكرنا ان المرجحات امور خارجية ليست من ذات الامكان الخاص الاقرب فان جميع الصلوحات فيه علي السواء و لذا سمي بالجواز و احتاج الي موجد يرجح احد تلك الصلوحات علي غيره فاذا دام الشبح القوي عليه ازال ذلك المرجح السابق الذي اقتضي كونه علي ما كان عليه و رجح
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۶ *»
جانب ضده فظهر ذلك الامكان علي صورة المقتضي الثاني فليس هذا المكمل يؤثر صلوحا فيه او يوجد نفس الامكان بل هما موجودان و انما المكمل يقوي ما فيه من صلوح الهيئة فيتقوي حتييظهر فاذا ظهر يستقل بنفسه سواء بقي المكمل ام عدم مثال ذلك الجمرة و الدهن فان الجمرة قدكملت في الحرارة حتي زادت لطيفتها عليها و انتشرت و اما الدهن فهو ناقص و الغالب عليه البرودة و الرطوبة فاذا قارنا القت الجمرة شبحها الذي هو الحرارة العرضية علي الدهن فافنت ما فيه من البرودات و الرطوبات العرضيتين الباعثتين للزوجته و اتصال اجزائه فاذا افنت ما فيه من الرطوبة و البرودة و غلبت عليه كلسته و فرقت اجزائه لزوال سبب ميعانه و لزوجته فاذا تهيأ بهيئة صالحة لظهور النار سال من مبدئه افاضة فيض الحرارة الذاتية عليه بناء علي «ان الابدان مغناطيس الارواح» و جواذب لما يناسبها من الارواح حتي انه قيل لو صنع السامري صنمه علي هيئة الانسان لنطق ولكن صنعه علي هيئة العجل فخار و هو كلام حق فافاض الله سبحانه عليه فيض الحرارة الذاتية فاشتعلت في الدهن المكلس و استقل بنفسه سواء بقيت الجمرة ام فنيت و كذلك الشيخ مكمل لتلميذه فانه بمقارنته معه يلقي شبحه من الاعمال الصالحة و الاخلاق الزكية و العقائد الحقة و الصفات الحسنة علي تلميذه فينطبع في مشاعره الظاهرة و الباطنة فاذا ادام عليه ذلك تزيل تلك الاشباح الاعراض المرجحة لظهوره بالجهل و النقصان و ذلك لان الطبع مكتسب و المرء علي دين خليله فاذا ازال تلك الاعراض و تسلط الشبح عليه ازال الاعراض و نفي الامراض فصلح لظهور فيض العمل و العلم عليه و جذب العلم و العمل من مبدئه فافيض عليه و ظهر بهما ثم استقل فيهما كما عرفت و ذلك الفيض هو الرحمة الواسعة لجميع الاشياء و هو نفس ذلك الامكان و ذلك الفيض امر وحداني دائم يختلف احكامه باختلاف الصور يعني اذا حصل صورة النار فهو الحرارة الذاتية و اليبوسة الذاتية المفاضة و ان حصل صورة الماء فهو البرودة الذاتية و الرطوبة الذاتية
كقطر الماء في الاصداف درّ و في فم الافاعي صار سماً
و الماء واحد لااختلاف فيه و انما اختلافه في بطن الصورة و لذلك روي السعيد
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۷ *»
من سعد في بطن امه و الشقي من شقي في بطن امه و ما من الله اي الرحمة الواسعة اب ليس في صلبه اختلاف و انما الاختلاف في ما من الخلق اي الصورة التي هي الام و لو كان المادة من عند غير الله لوجدوا فيها اختلافا كثيرا و الصورة من عند غيره ففيها الاختلاف الكثير في القدسي يا آدم روحك من روحي و طبيعتك علي خلاف كينونتي فافهم و هذا شأن المكمل علي نحو الاجمال و الاختصار ثم ان التكميل له مراتب كلياته تنتهي الي ثلثة اقسام:
الاول مقام القاء الشبح و الانفعال العرضي من غير تأثير في نفس المتكمل كتحريك المفتاح و اول وقوع الحرارة من الحار علي الشيء فانه ليس الا بالقاء شبح الحركة عليه مثلا فيتحرك تحركا عرضيا بحركة يدك فيسكن بسكون يدك لايستقل بنفسه شيئا يبقي متحركا بعد رفع يدك عنه فهذا القسم من التكميل اشبه الاشياء بالتأثير و يمثل به دائما للتأثير و ليس الا التكميل الاتري انك لو قويت تحريكه كما تحرك الحجر المرمي يبقي متحركا بعد سكون يدك و الثاني ان يؤثر الشبح في المتكمل تأثيرا يغيره بعض التغيير الجاذب لروح مشاكل للمكمل من حيث التكميل الا انه لميبلغ حدا يستقل به و يمنع العرض الوارد عليه لضعفه و ذلك كالحجر المرمي فان حركة يدك غيرته بعض التغيير و احدثت فيه حرارة ضعيفة و ازالت البرودة ازالة قليلة فصارت تتحرك و تصعد بعد سكون يدك الي انتغلب اسباب السكون عليه شيئا بعد شيء من برد الجو و ثقل خرق الهواء و دفع الافلاك له فيرجع نازلا و مثله الحمام المسخن و البيت المسخن و غيرهما فان التكمل في هذه الاشياء متوسطة و الثالث ان يؤثر الشبح الملقي علي المتكمل تأثيرا بالغا و يغيره تغييرا تاما حتييجذب روحا من نحو روح المكمل من حيث التكميل حتييستقل فيه بروحه و جسده كتأثير الحرارة في الدهن حتيتفني رطوباته و تفر بروداته و يتهيأ بصورة صالحة لظهور النار فتجذب روح النار فتشتعل فيها فتستقل بنفسها و انانطفي السراج الاول و هذه المراتب الثلث كلها من مراتب التكميل و المادة في المكمل و المتكمل واحدة و الاختلاف في الصورة و القوة و الضعف فافهم
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۸ *»
راشدا موفقا.
و اما التأثير من المؤثر للاثر فهو يتحقق اذا كانا في المادة مختلفين و يكون مادة الاثر تابعة لمادة المؤثر يعني توجد بايجاده و تعدم بعدمه و اعدامه كما نمثل بحركة المفتاح و نور السراج فانهما موجودان بوجود مؤثرهما و معدومان بعدمهما فهما اذا لايدركان بمدرك واحد علي نهج واحد فان الادوات تحد انفسها و الآلات تشير الي نظائرها فانكان المدرك من جنس الاثر فلايتجاوز ماوراء مبدئه و انكان من جنس المؤثر فلايدرك الاثر علي نحو ادراكه للمؤثر و مع المؤثر في صقع واحد و عرض واحد فكل اثنين ادركا بمدرك واحد هما من عرض واحد و في صقع واحد يجمعهما مادة واحدة فالمؤثر و الاثر لايجتعان في صقع واحد فلايتركبان ابدا فلايوجد شيء مركب من الاثر و المؤثر فلايوجد شيء يكون له مدرك يدرك به المؤثر و مدرك يدرك به الاثر فكل شيء يدرك الاشياء الموجودة في رتبة واحدة نعم يعلم آثاره لكن لا علي نحو الاكتساب و الانطباع بل علي نحو الاحاطة كما سنشرحه انشاءالله فاذا لميجتمعا في رتبة واحدة و كان وجود الاثر تابعا لوجود المؤثر و ايجاده فالنسبة بينهما بينونة صفة يعني ان الاثر صفة تابعة للموصوف باق بابقائه و يدل اليه و يدعو الي مولاه و يشير الي معناه لانه منه بديء و اليه يعود و ليس المؤثر و الاثر شيئين اثنين و لايعدان معا اذ ليسا في صقع واحد و لايقترنان و انما الموجود هو المؤثر و الاثر جماله و كماله و ظله و بهاؤه و سناؤه و مجده لاغير ذلك و لذلك بيان دقيق و شرح بالكتمان حقيق و يضيق القلب باظهاره و لايضيق باستاره فالمؤثر هو الكامل و الاثر كماله و هو الجميل و الاثر جماله.
بالجملة الاثر تابع للمؤثر و يقوم بفعله و مشيته انشاء اوجده و ابقاه و انشاء اعدمه و افناه كالقيام بالنسبة اليك فانك تقوم متي شئت و تنقض القيام متي شئت و انت انت و يلزم عدمك عدمه و لايلزم وجودك وجوده و لسنا نقول كالآخذين عن الفلاسفة انتخلف المعلول عن العلة التامة محال و نعني بالعلة الذات فان الذوات عند آل محمد: مختارة و ليست بمضطرة و هي ايضا ليست بالعلة و انما العلة فعلها فانشاءت توجد اثرها و الا فلا لأن الكل
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۶۹ *»
آثار مشية الله سبحانه و الاثر تابع لصفة المؤثر و الله سبحانه هو المختار بفعله فجميع آثاره مختار لا اضطرار في شيء منها ابدا فهذا هو مختصر في الفرق بين التكميل و التأثير و لو مد الله في عمرنا حتيتشرفنا بلقياك يمكن تفصيلهما حتيتقف علي ما فيهما بظاهرهما و خافيهما.
فصل
ان من نظر في مراتب الوجود بعين الله التي اعاره اياها رأي ان مراتب الوجود ليست كلها من مادة واحدة اذ يري بعضها غير متوقف علي بعض و بعضها متوقفا علي بعض تابعا لبعض فالاول كوجود الافراد الواقعة تحت كلي واحد كافراد الانسان مثلا فان وجود زيد ليس متوقفا علي وجود عمرو مثلا و كل واحد منهما قائم بمادته و صورته سواء كان الآخر موجودا او كان معدوما و بعضها تابع وجوده بوجود الآخر كوجود قيام زيد بالنسبة الي زيد فان زيدا ان لميكن لاقيام و انكان و اوجد القيام كان قيام و المنير ان لميكن موجودا فلانور و انكان و اوجد النور كان نور و الفاعل ان لميكن موجودا فلافعل و انكان و اوجد الفعل كان الفعل فكيف يمكن انيقال ان جميع مراتب الخلق من مادة واحدة و انما الاختلاف في الصورة و لو كان كذلك لماترتب شيء منها علي شيء و لماتوقف شيء منها علي شيء و كانت نسبة الكل علي نحو التواطي او التشكيك في القوة و الضعف فاذا رأي من الترتب في البعض انخرمت القاعدة المسلمة بينهم هذا مع انه لو كانت الكل من رتبة واحدة و مادة واحدة لامكن للداني انيلحق بالعالي مع بقاء مادته بالتكميل فامكن للقيام ان يترقي و يصير ذات زيد علي ان المادة واحدة و الاختلاف في الصورة كما بينا آنفا و لامكن للنور انيكون ذات المنير و الصفة انتكون ذات الموصوف و ذلك شنيع من المقال و فرضه محال فان ما حقيقة كيانه بمادته و صورته تابعة لشيء لايمكن انينقلب متبوعا مع بقاء المادة و ان افني المادة و كسرت و ردت الي الامكان فرضا مثلا ثم صيغ متبوعا ليس بتابع انقلب متبوعا و انما هو متبوع اوجد ابتداء و لو كان غير ذلك لكان كل متبوع تابعا صار متبوعا و ذلك كلام عن التحقيق بمحل من البعد و اما في الواقع فتغير الاثر
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷۰ *»
القائم بفعل المؤثر لايوجد الا بفعل المؤثر فانه هو الذي اوجده و يعدمه و يغيره فاذا كان المؤثر هو المغير للاثر كيف يمكن انينقلب اثر فعل الذات القائم بالفعل القائم بتجلي الذات بذلك الفعل ذاتا فذلك محال من الخيال بخلاف ما اذا كانت المادة باقية و غيرت صورتها فانه تغيير و تغير و ذلك لان المتغير هو مادة قبلت صورة غير الصورة الاولي و المغير هو المؤثر لهما يفعل فيهما ما يشاء بقدرته و يحكم ما يريد بعزته و اما اذا كسرت المادة في بحر الامكان الطاوي للمتغير و الغيرية و التغيير و التغير و المادة و الصورة ثم صيغ ثانيا شيئا آخر فلايقال عليه التغير فلايمكن ان ينقلب النور الي المنير و الفعل الي الفاعل فان النور بمادته و صورته تابع تحت المنير و الفعل بمادته و صورته تابع للفاعل فلايمكن استحالته و انقلابه الي الفاعل هذا مع ان الاثر شأن من شؤن المؤثر و لايمكن لشأن الشيء انينقلب الي ذلك الشيء المهيمن عليه و علي ساير الشؤن كما ان العدد لايصير احدا لا بالتضعيف و لا بالتنصيف فان تغيرات العدد في عالمه و جميع ما فيه و له و به تابع له و كذلك الاثر تغيراته في عالمه و اذا تغير فالمؤثر هو الذي يغيره فكيف يعود فيه ما هو ابداه و يجري عليه ما هو اجراه و ينقلب اليه ما هو مقلبه ففرض ذلك محال للحكيم و ليس في محال القول حجة و لا في المسئلة عنه جواب فاذا كان المؤثر هو المغير للاثر و ليس لاحد غيره تغييره عما جعله عليه لقيامه بامره و علي فرض ارادة الاعلي من المؤثر تغيير اثره فانما يغيره به فانه يده في ايجاده و اعدامه فلايمكن انينقلب فيصير ذات المؤثر فان المؤثر اذا فعله فعله بفعله و تغييره اثر فعله و اثر فعل الشيء لايصير ذات ذلك الشيء الاحدية و ذلك ظاهر لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد فاذا ليس المؤثر و الاثر من مادة واحدة و ليس الاختلاف فيهما محض اختلاف الصورة بل المادة ايضا مختلفة و مادة الاثر تابعة لمادة المؤثر و جمال لها و كمال و وصف و نور فبذلك انخرمت قواعدهم و تخربت بنيانهم و تبين و ظهر ان الخلق ليس كله في رتبة واحدة علي سبيل الاجمال و يكفي في قدح ما بينوا و تخريب ما شيدوا من اساس كون مراتب الوجود من سنخ واحد ما بينا و لو كان مجملا.
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷۱ *»
فصل
في عدد مراتب الوجود و انها هل هي ثمان او اكثر اعلم انك بعد ما عرفت ان الاثر من كمال المؤثر و جماله و قوته و غلبته و قهره و ان الاثر علي نحو صفة مؤثره تعرف ان المؤثر كلما كان اقوي كان مراتب تجلياته في الطول اكثر و كلما كان اضعف كان اقل كما تري من ان الشمس اذا كانت ضعيفة انعكس منها شعاع و من شعاعه شعاع و ينتهي الانعكاسات مثلا في المرتبة الثالثة او الرابعة او الخامسة الي الظلمة الصرفة فلايكون نور بعد الآخرة و اما اذا كانت اقوي ربما تنتهي الي العاشرة او العشرين او ازيد و اذا كانت اقوي تنتهي الي المائة مثلا و هكذا فاذا كان المؤثر لانهاية لقوته و لاغاية لجماله و كماله لميكن لتجلياته نهاية و لاغاية فتحديد التجليات دليل تحديد المؤثر البتة كما عرفت من الآية المحكمة الآفاقية و لماكان الله سبحانه لاغاية لكماله و لانهاية لجماله و لاحد لقوته و لاشَأو[2] لقدرته فكيف يمكن انيكون مراتب تجلياته منحصرة في الثمانية او ازيد بل هو سبحانه لاغاية لتجلياته في الطول و العرض و ليس لاحد تحديدها و لايقدر احد علي استقصائها و وجه تسمية التسعة و ترك الباقي لقوة وجود هذه المراتب و ظهور امرها و ترتب الآثار عليها و كثرة استقلالها فهذه المراتب اولها المشية و ثانيها الحقيقة المحمدية و ثالثها الانبياء و رابعها الاناسي و خامسها الجن و سادسها الملئكة و سابعها الحيوانات و ثامنها النباتات و تاسعها الجمادات ثم ماوراء ذلك عوالم شتي و مراتب مختلفة لميجر ذكرها في خطاب و لميدون في كتاب لخفاء امرها و كونها اخفي من انيدركها غير اهل الافئدة جل و عز قدسه سبحانه و كماله و جماله انتنتهي الي تسع مراتب و هو سبحانه ليس لصفته حد محدود و لانعت موجود و لاغاية تستقصي اذا لايعقل له منتهي و ليس ذلك مخصوصا بالعالم بل انت في مراتبك غير متناه و لك مقامات شتي بحيث لاغاية لها و لامنتهي فعد المقامات التسعة فيك ايضا من جهة قوة وجود هذه المراتب و شدة ترتب الآثار الظاهرة عليها و الا مراتبك انت ايضا غير متناهية و لماكان العالم شخص مثلك انت الا انه انسان كبير و انت انسان
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷۲ *»
صغير و انت انموذج ذلك الكبير و المختصر منه طابق الجزء و الكل في المراتب المستقلة فكما ان لك فؤاد و عقل و روح و نفس و طبع و مادة و مثال و جسم و جسد كذلك العالم الكلي شخص فؤاده عالم الامر و عقله الحقيقة المحمدية صلي الله علي صاحبها و روحه الانبياء عليهم السلام و نفسه الاناسي و طبعه الجن و مادته الملائكة و مثاله الحيوان و جسمه النبات و جسده الجماد ثم باقي مراتبك علي طبق باقي مراتبه من الاشباح و اشباح الاشباح و هكذا مما يطول بيانه و يخفي برهانه و قدفصلنا وجه تقابل هذه المراتب في مباحثاتنا كثيرا حتي انا نحن الآن في مباحثتنا متصدون لبيان نوع هذه المسئلة و ليس لي الآن اقبال الي الكتابة لهجوم السؤالات و المطالب علي و لابد اناقسم اوقاتي لجميعها حتياعطي كل واحد حقه فلايمكنني التفصيل ولكن تكلانا علي فهمكم العالي اشير الي سره بعض الاشارة و يكفي لمثل جنابك انشاءالله اعلم ان عالم الامر في العالم بمنزلة الفؤاد فيك لانه اول ذكر الموجودات و مبدؤها و هو اول التجليات و اصل الظهورات و آية رب البريات و عنوانه في المخلوقات و الحقيقة المحمدية فيه كالعقل فيه لانه اول ما خلق الله في الملك كما ان العقل اول ما خلق الله منك و هو اول الوجود الخلقي بعد الامري كما ان العقل اول مقام العبودية بعد آية الربوبية و لذا به يعبد الرحمن و يكتسب الجنان و الانبياء فيه كالروح فيك لانهم برزخ و رسل من نبينا محمد9 الي الخلق و فيهم صفة الرعية و صفة الحجية و لذا يصدر عنهم بعض ترك الاولي من جهة كونهم رعية لمحمد و آله: و يكونون معصومين لانهم حجج علي الاناسي بخلاف الحقيقة المحمدية فانه ليس فيها صفة الرعية و لايصدر عنهم ترك الاولي و الاناسي في العالم كالنفس في الانسان و فيها تكثر الخلق و حصل التعدد و الاختلاف و هم الرعية للحقيقة المحمدية و الانبياء: يتأدبون بآدابهم و يتقربون بهم الي الله سبحانه و خلقة الاناسي من التراب لان النفس مقام التراب البارد اليابس و لونه الخضرة و الجن في العالم بمنزلة الطبع في الانسان و هو حار يابس و لذلك خلق الجان من مارج من نار و تلك النار هي النار الخارجة
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷۳ *»
من الشجر الاخضر اي النفس فالجن و انكان من النار الا انه نار ادني من تراب الانسان و مخلوقة به فبطل قياس ابليس و صار به رجيما و اما الملئكة في العالم فبمنزلة المادة في الانسان كما ان المادة متمحضة في الوحدة بعيدة عن الكثرة و الغالب فيها جهة الرب كما هو محقق في محله و كذلك الملئكة يكون فيهم جهة الانية ضعيفة و الغالب عليهم جهة الرب و لو في الرتبة الادني و لذا صار مقامهم في العالم مقام المادة و اما الحيوانات في العالم بمنزلة المثال في الانسان لان المثال برزخ بين الملكوت و الملك و هو آية الروح البرزخ بين العقل و النفس في الشهادة بل هو الروح الشهادي و لذا حين قبض الروح عن البدن يقبض المثال و يبقي في عالم المثال و هو عالم البرزخ فمقام الحيوانات مقام مثال العالم و حيوته الظاهرية و مقام النبات في العالم بمنزلة الجسم في الانسان لان الجسم فيه بقايا شعور و حركة من جهة ارتباطه بالمثال و فيه طبايع مؤلفة تأليفا تاما فكان النبات بمنزلة الجسم لان النبات ايضا فيه بقايا حركة من الحيوان و يوجد فيه بعض صفاتها من الذكورة و الانوثة و اللقاح و الحركة و التغذي و النماء و امثال ذلك و مقام الجماد في العالم مقام الجسد الظاهر في الانسان لانه تركيب عرضي غير حقيقي كالجماد و لميظهر فيه من اسرار المبدء شيء ليس له حس و لاحركة ظاهرة و هو غاية ما يترتب عليه الآثار من مراتبك و مراتبه ثم بعد ذلك مقام اشباحك و اشباحه و اشباح اشباحك و اشباح اشباحه و هكذا و من تلك العوالم التي بعد الجماد ما اشار اليه ابوجعفر7 علي ما رواه الصدوق في آخر الخصال عن جابربنيزيد قال سألت اباجعفر7 عن قول الله عزوجل افعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد فقال يا جابر تأويل ذلك ان الله عزوجل اذا افني هذا الخلق و هذا العالم و اسكن اهل الجنة الجنة و اهل النار النار جدد الله عزوجل عالما غير هذا العالم و جدد عالما بغير فحولة و لا اناث يعبدونه و يوحدونه و خلق لهم ارضا غير هذه الارض تحملهم و سماء غير هذه السماء تظلهم لعلك تري ان الله عزوجل انما خلق هذا العالم الواحد و تري ان الله عزوجل لميخلق
«* مكارم الابرار عربي جلد ۳۲ صفحه ۷۴ *»
بشرا غيركم بل والله لقدخلق الله تبارك و تعالي الفالف عالم و الفالف آدم انت في آخر تلك العوالم و اولئك الآدميين انتهي و هكذا يكون عوالم بعد ذلك الي ما شاء الله منها ما اشار اليه في صدر الحديث و لو كانوا من سنخ هذه التسعة لكان تقلهم ارضها و تظلهم سماؤها و هم في الرتبة العاشرة من الوجود و من تلك العوالم ما رواه القمي تحت قوله تعالي يوم نقول لجهنم هل امتلأت و تقول هل من مزيد قال هو استفهام لان الله وعد النار انيملأها فتمتلي النار ثم يقول لها هل امتلأت و تقول هل من مزيد علي حد الاستفهام اي ليس مزيد قال فتقول الجنة يا رب وعدت النار انتملأها و وعدتني انتملأني فلمتملأني و قدملأت النار قال فيخلق الله يومئذ خلقا فيملأ بهم الجنة فقال ابوعبدالله7 طوبي لهم لميروا غموم الدنيا و همومها الي غير ذلك من الاخبار بالجملة مراتب تجلياته سبحانه ليس لها غاية و لانهاية و انما التسعة الي عالمنا هذه و هذه التسعة اشدها استقلالا و اقويها اثرا و ساير المراتب اضعف اختيارا و اقل اثرا حتي انهم لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون كما اشار اليه الباقر7 في رواية جابر يعبدونه و يوحدونه فلايحتاج الي اقامة دليل علي حصر المراتب الطولية في الثمانية مع انها في الملك تسعة و انما يعد ثمانية في الخلق في مقابل الامر كما قال تعالي له الخلق و الامر و لو بنينا علي عد بعض المراتب فقل هي خمسة او ستة علي معني مراتب المحجوجين دون الحجج او الظاهر دون الباطن او اقويها اختيارا دون اضعفها و هكذا فانها تعدادات اضافية ليس لها مزيد فائدة و الي هيهنا اقطع الكلام لانه قدتبين المرام و لو علي نحو الاشارة و لمثلكم تكفي الاشارة و الجاهل لايتنبه بالف عبارة فكان قطعي له في عصر يوم الاحد سادس عشر شهر الجمادي الاولي من شهور سنة اثنتين و ستين بعد (1262) المأتين و الالف حامدا مصليا مستغفرا مستقيلا تمت.
[1] الجهر يحصل من شدة القرع و الخفا يحصل من لينه.
[2] شأو: نهاية