31-15 مکارم الابرار المجلد الواحد والثلاثون ـ رسالة في جواب سؤالات الملا محمد جعفر الکازروني ـ مقابله

 

 

رسالة في جواب سؤالات الملا محمد جعفر الکازروني

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 619 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدارسل الي جناب العالم العامل الاكرم الافخر الملامحمد جعفر بن المرحوم المبرور الحاج عبد الصاحب الكازروني الفارسي برسالة قد سأل فيها بعض السؤالات قداسعف جوابه و انا في غاية كثرة الاشغال و تبلبل البال و لايسعني تطويل المقال فاقتصر علي ما يقتضيه الحال و اجعل سؤالاته كالمتن مصدرة بقال و اجوبتي كالشرح مصدرة باقول كما هو عادتنا في ساير رسائلنا و لاقوة الا بالله العلي العظيم.

قال سلمه الله اسألك ان تكتب لي جميع اسماء العلوم الواردة في الاخبار.

اقول هذا سؤال لايضر الجهل بجوابه من جهله و ليس العلم به كمالاً يعتني به و ليس عندي كتب الاخبار و لافرصة التجسس خلال الديار و لعدم لزوم المعرفة به لايميل القلب الي الفحص عنه و لو بقدر الامكان الا انا نعلم كلية ان الكتاب و السنة يحويان كل شيء و لارطب و لايابس الا في كتاب مبين فنذكر لك بعض الامور و العلوم علي نحو الكلية فانه الميسور و قدروي عن ابي عبدالله7 ما من شيء يحتاج اليه ولد آدم الا و قدخرجت فيه السنة من الله و من رسوله الخبر. و عنه7 ما من شيء الا و فيه كتاب او سنة و قيل لابي‌الحسن7 ا كل شيء في كتاب الله و سنة نبيه9 او تقولون فيه قال بل كل شيء في كتاب الله و سنة نبيه. الي غير ذلك من الاخبار و ذلك يكفي المؤمن لأيمانه الا انا نذكر هنا اخبارا تنتفع به و ينتفع به ساير المؤمنين فعن ابي‌الحسن موسي بن جعفر8 عن آبائه: قال دخل رسول‌الله9 المسجد فاذا جماعة قداطافوا برجل فقال ما هذا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 620 *»

 فقالوا علامة قال و ما العلامة قالوا اعلم الناس بانساب العرب و وقايعها و ايام الجاهلية و بالاشعار و العربية فقال النبي9 ذاك علم لايضر من جهله و لاينفع من علمه انما العلم ثلثة آية محكمة او فريضة عادلة او سنة قائمة و ما خلاهن فهو فضل و عن ابي‌عبد الله9 وجدت علم الناس كلهم في اربع اولها ان تعرف ربك و الثاني ان تعرف ما صنع بك و الثالث ان تعرف ما اراد منك و الرابع ان تعرف ما يخرجك عن دينك انتهي و المراد علمهم النافع و ما هو نور يقذفه الله في قلب من يحب و عنه7 تعلموا العربية فانها كلام الله الذي يكلم به خلقه و عنه7 تفقهوا في الحلال و الحرام و الا فانتم اعراب و عن النبي9 ما انعم الله عزوجل علي عبد بعد الايمان بالله افضل من العلم بكتاب الله و معرفته بتأويله و من جعل الله له من ذلك حظاً ثم ظن ان احداً لم‌يفعل به ما فعل به قدفضل عليه فقدحقر نعم الله و عن ابي‌عبد الله7 من علامات المؤمن العلم بالله و من يحب و من يبغض و عن موسي بن جعفر7 عن آبائه: قال قال رسول الله9 من انهمك في طلب النحو سلب منه الخشوع و عن ابي‌عبدالله7 من حفظ من احاديثنا

اربعين حديثاً بعثه الله يوم القيمة عالماً فقيهاً و قال ابوجعفر7 تكلموا في خلق الله و لاتتكلموا في الله فان الكلام في الله لايزداد صاحبه الا تحيراً و قيل لابي‌عبدالله7 ان الناس يقولون ان النجوم لايحل النظر فيها و هي تعجبني فان كانت تضر بديني فلاحاجة لي في شيء منه تضر بديني و ان كانت لاتضر بديني فوالله اني لأشتهيها و اشتهي النظر فيها فقال ليس كما يقولون لاتضر بدينك ثم قال انكم تنظرون في شيء منها كثيره لايدرك و قليله لاينتفع به و عن علي7 من تعلم شيئا من السحر قليلاً او كثيراً فقد كفر و كان آخر عهده بربه وجده ان يقتل الا ان يتوب و قيل لابي عبد الله7 انا نأتي هؤلاء المخالفين فنسمع منهم الحديث يكون حجة لنا عليهم قال لاتأتهم و لاتسمع منهم لعنهم الله

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 621 *»

 و لعن مللهم المشركة و عنه7 يهلك اصحاب الكلام و ينجو المسلمون ان المسلمين هم النجباء و عن ابي‌جعفر7 انا لانعد الرجل فقيهاً عالماً حتي يعرف لحن القول و هو قول الله عزوجل و لتعرفنهم في لحن القول و عنه7 اياك و الخصومات فانها تورث الشك و تحبط العمل و تردي صاحبها و عسي ان يتكلم الرجل بالشيء لايغفر له الي غير ذلك من الاخبار و هذه الجملة ينفعك و يكفيك و لاحاجة الي ما لاينفعك علمه و لايضرك جهله و ان عرفت ان في الكتاب و السنة علم كل شيء عرفت ان جميع العلوم فيهما و لاحاجة الي سردها و عدها و ان اردت اسماء العلوم بعينها و هي كلها في الكتاب و السنة فقدكتبنا نحن في الفوائد فراجع.

قال سلمه الله و مسألة شرب التتن فاني متحير فيها.

اقول ان النبي9 قدجاء بالناس و هم اهل جاهلية منهم يهود منحرفون عن اليهودية الحقة و منهم نصاري و منهم مجوس و منهم عبدة اصنام و اشجار و احجار و منهم جهال اهل البوادي و القفار فجاء بعيثاً من الله اليهم بشرع و دين فحلل لهم ما حلل و حرم عليهم ما حرم فما حلله ينبغي الاخذ به و ما حرمه ينبغي الاجتناب عنه و سكت عن اشياء فلاتخلو من ان تقول سكت عن اشياء و فوض النبوة و التشريع فيها الينا فذلك بطلانه بمحل او تقول سكت عنها نسياناً و اغفالاً فذلك كالاول او تقول سكت عنها رحمة و تخفيفاً فاسكتوا عما سكت الله و ابهموا ما ابهمه الله و من الذي قال لكم ان الاصل في الاشياء الحرمة و روي ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و عن علي7 ابهموا ما ابهمه الله و روي عن علي7 قال قال رسول الله9 ان الله تعالي حد لكم حدوداً فلاتعتدوها و فرض عليكم فرائض فلاتضيعوها و سن لكم سنناً فاتبعوها و حرم عليكم حرمات فلاتنتهكوها و عفا لكم عن اشياء رحمة من غير نسيان فلاتتكلفوها و عن الصادق7 كل شيء مطلق حتي يرد

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 622 *»

 فيه نص الي غير ذلك من الاخبار فانظر بنظر الاعتبار الي شرب التتن أ فيه كتاب مجمع علي تأويله ام سنة جامعة ليست بمختلف فيها ام اجماع قائم لاريب فيه ام دليل عقل تعرف العقول عدله ام فيه نص معتبر في كتب معتبرة فاذ لم‌يكن فيه شيء من ذلك فما الوجه في تحريمه و تشريع حرمته و القول بان الاصل فيما لانص فيه الحرمة قول ساقط لادليل عليه و قداثبتنا بطلانه في كتبنا الاصولية فهو علي اطلاقه حتي يرد فيه نص بل اقول هو مورد الاحكام الخمسة ان اضر فهو حرام و ان انحصر علاج مرض به فهو واجب و ان شرب لوجه الله في امر يؤل اليه فهو مستحب و ان شرب لوجه يكرهه الله فهو مكروه و ان لم‌يكن فيه وجه من ذلك فهو مباح مطلق بالجملة لاوجه لحرمته مطلقاً و ما يروي من بعض الاخبار فيه فليس في كتب معتبرة و هو بالوضع اشبه.

قال و هل صلوة الجمعة واجبة ام محرمة.

اقول هي مع وجود الامام المعصوم او من نصبه لها واجبة لاشك في وجوبها و اما في زمان الغيبة علي ما فهمته من مجموع الاخبار و لحنها انها مستحبة و تجزي عن الفرض و تجزي صلوة الظهر ايضاً عنها اما قولنا بعدم وجوبها لعدة ادلة و اخبار منها ما روي عن النبي9 الجمعة و الحكومة لامام المسلمين و عنه9 اربعة الي الولاة الفيء و الحدود و الصدقات و الجمعة و اما قولنا باستحبابها فلما رواه زرارة قال حثنا ابوعبدالله7 علي صلوة الجمعة حتي ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت نغدو عليك فقال انما عنيت عندكم و الحث ظاهر في الاستحباب الي غير ذلك من الادلة التي لايسعني الآن تفصيلها.

قال سلمه الله و كم اصناف العلماء و ايهم حق و ايهم باطل.

اقول اعلم ان الله جل و عز هو الحق ذلك بان الله هو الحق و ان ما يدعون من دونه هو الباطل و ان الله هو العلي الكبير و اظهر حقه في رسوله9

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 623 *»

كما قال و شهدوا ان الرسول حق و جاء‌هم البينات و اظهر حقه في كتابه كما قال بالحق انزلناه و بالحق نزل و في سنة نبيه9 كما قال يا ايها الناس قدجاءكم الرسول بالحق من ربكم فامنوا خيراً لكم و في علي7 كما قال و يستنبؤنك احق هو قل اي و ربي انه لحق و في عترته كما قال و يحق الله الحق بكلماته و لو كره المجرمون و هم كلماته فاذا كان الحق في الكتاب و السنة و العترة فمن حاد عنهم حاد عن الحق و من لزمهم لزم الحق فماذا بعد الحق الا الضلال و العلماء الاثناعشرية كثرهم الله كلهم علي الحق و علي صراط مستقيم في اصل المذهب و اما في جزئيات المسائل فالمعصوم من عصمه الله و العصمة منحصرة في العترة و لم‌يدع احد من العلماء لنفسه و لالغيره العصمة عن الخطاء فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما خفي عنك ضوؤه نفيته حتي ينجلي هذه الغمة عن هذا الامة و يظهر الحق و لايذهبن بك المذاهب و لاتجسر علي علماء الشيعة و لاتسيء الظن بهم فانهم متوخون الحق مرتادون اياه ظفروا به في الجزئيات ام حرموه و ذلك ممالايعبؤ به في غير المعصوم و لايعاب عليه به فانه معذور.

قال سلمه الله هل يجب التسبيحات الاربع في الجهرية علي الامام ام لا.

اقول لا لايجب عليه التسبيحات و لم‌اظفر بقائل بذلك نعم روي ان الامام يسبح في الاخيرتين و المأمومين يقرأون فاتحة الكتاب و روي عكس ذلك و الامر فيهما بالتخيير و ان كانت القراءة مطلقاً افضل لما روي عن صاحب الزمان عجل الله فرجه.

قال سلمه الله باب العلم مفتوح ام مسدود.

اقول العلم ثلثة علم عقلي لايحتمل عند محصله النقيض في الخارج الواقع و علم شرعي يحصل بالاسباب الشرعية كما يحصل العلم ببقاء الطهارة مع الشك في الحدث مع انه يحتمل زوالها في الخارج الواقع و علم عادي كعلمك ببقاء بلد

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 624 *»

مكة و المدينة مثلاً مع انه يحتمل عقلاً خسفهما في الواقع اما العلم العقلي فلايسع لأحد غير المعصوم بالاحكام الشرعية لأن العقول الجزئية لايسعها الاستدلال علي الجزئيات الشخصية بما لايحتمل معه النقيض و اما العلم الشرعي فحاصل لكل من حصل عنده الاسباب الشرعية و اما العلم العادي فممكن بصحة صدور خبر و بمدلول الفاظه بلاشك و اما في جميع الاحكام الشرعية و جميع مداليل الاخبار فغير واقع للعلماء في زمان الغيبة و وقوع الفتنة و المحنة و لذلك لايكون فقيه الا و هو متوقف في بعض الاخبار صدوراً و دلالة ثم الاحكام علي قسمين احكام اولية واقعية و هي التي تظهر اذا صفي العالم عن الاعراض و الامراض بالكلية كاواخر الرجعة و احكام ثانوية و هي مؤداة الجهد في هذه الايام اما الاحكام الاولية فمضروب دونها الحجب من يوم قتل قابيل هابيل و ثارت الفتنة في العالم الي يومنا هذا و الي اواخر الرجعة و الوقت المعلوم و ليس الناس بمكلفين باستعلام ما حجب الله علمه عن العباد و لذلك روي ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و لايكلف الله نفساً الا ما آتيها و لايجب علي احد طلب ما قضي الله بحجبها و اما الاحكام الثانوية فهي مؤداة الجهد و لكل عالم مؤداة جهد قطعاً في كل مسئلة و هي تكليفه اليوم قطعاً فالعلم بتكليف اليوم حاصل لكل احد فسمه ما شئت.

قال هل يجوز التقليد ام لا.

اقول ان الله سبحانه يقول اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و ان الله سبحانه لايأمر بطاعة احد مطلقاً الا ان‌يكون معصوماً لايحمل العباد علي خلاف رضاء الله قال علي7 في حديث انما الطاعة لله و لرسوله و لولاة الامر و انما امر الله بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر لايأمر بمعصية و انما امر بطاعة اولي الامر لانهم معصومون مطهرون لايأمرون بمعصية انتهي. و ان الله سبحانه يقول لاتطع منهم آثماً او كفوراً فكل من هو آثم غير معصوم لايجوز طاعته فالطاعة و التقليد لآل محمد: حسب و العلماء روات فتاويهم و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 625 *»

احكامهم و لاشك في جواز اخذ العلم عن الروات اذا كانوا موثوقاً بهم غاية الامر ان الراوي اليوم يجهد جهده في ان‌يروي للناس ما علم صحة صدوره عنهم سلام الله عليهم و كذلك ينبغي و اما استنباطهم الحكم من مدلولات الاخبار و بيانهم ما فهموه للناس فهو كالنقل بالمعني و ذلك جايز و اما ان قال قائل برأيه و اجتهاده و هواه من غير نص خاص او عام فذلك الذي لايجوز طاعته فان من اصغي الي ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله و ان كان الناطق ينطق عن لسان ابليس فقد عبد ابليس و ما اخذ الرواية و لو بالنقل بالمعني فلاشك في جوازه و التعويل عليه.

قال ما الفرق بين التقية و المداهنة و المداراة.

اقول التقية لها موضع مخصوص لاتقع في غيره فقد روي عن ابي‌عبدالله7 في حديث ان المؤمن اذا اظهر الايمان ثم ظهر منه ما يدل علي نقضه خرج مما وصف و اظهر و كان له ناقضاً الا ان‌يدعي انه انما عمل ذلك تقية و مع ذلك ينظر فيه فان كان ليس مما يمكن ان‌تكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك لان للتقية مواضع من ازالها عن مواضعها لم‌تستقم له و تفسير ما يتقي مثل ان‌يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم علي غير حكم الحق و فعله فكل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي الي الفساد في الدين فانه جايز انتهي. و القول الجامع ما اضطر اليه ابن آدم كما روي عن ابي جعفر7 التقية في كل ضرورة و صاحبها اعلم بها حين تنزل به و في رواية اخري عنه7 التقية في كل شيء يضطر اليه ابن آدم فقداحله الله له انتهي. و الاضطرار يتحقق اذا كان قوم علي غير الحق و المؤمن بينهم لاناصر له علي حقه و لايقدر ان‌يقول به او يعمل فذلك هو المضطر و اما في غير ذلك الموضع فلااضطرار و لاتقية و ان تقية الناس اليوم لجلب المنافع الموهومة و التقرب الي اهل الباطل و استرضائهم و ليس ذلك من التقية بمراح و لامغدي و اما المداراة فهي اعم من التقية و مماشاة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 626 *»

الناس بما يحبون من المباحات و لايضر في الدين و اما المداهنة فهي النفاق و المخاتلة و الغش كالادهان قال تعالي ودوا لو تدهن فيدهنون.

قال سلمه الله هل يجوز العمل بالمظنة ام لا.

اقول ان الظن لايغني من الحق شيئاً و قدقال الصادق7 من شك او ظن فاقام علي احدهما فقدحبط عمله ان حجة الله هي الحجة الواضحة و عن علي7 من عمي نسي الذكر و اتبع الظن و بارز خالقه و عن النبي9 اياكم و الظن فان الظن اكذب الكذب و قدتواتر بذلك الاخبار و نزلت آي عديدة في حرمة العمل بالظن اوردناها في فصل الخطاب و كما عرفت ان العلم له ثلث مراتب كذلك الظن له ثلث مراتب فمن استعمل الظنون العقلية او الظنون الشرعية او الظنون العادية في الدين فلايجوز و اما اذا حصل العلم الشرعي فلايضرك ان‌يكون ذلك ظناً عقلياً و كذلك اذا حصل العلم العادي فلايضرك ان‌يكون ذلك ظناً عقلياً فانك عامل بالعلم فاذا وصل اليك خبر لابد و ان‌يحصل لك علم شرعي او عادي بصحته و بصحة مدلوله و الاحتمالات العقلية غير ضائرة و اما ان لم‌يحصل لك علم شرعي او عادي بصحة صدوره و بمدلوله فذلك هو المحرم بالكتاب و السنة و دليل العقل و لامجوز له منها بوجه و اما القول بانه من باب اكل الميتة و الاضطرار لبقاء التكليف و انسداد باب العلم فليس بشيء فان باب العلم المسدود هو العلم العقلي و اما العلم العادي و الشرعي بصحة الصدور فممكن كما يمكنك العلم بساير كتب المصنفين و الكتب الواردة عليك من الاطراف و ساير الاخبار و اما العلم بالدلالة فممكن كما يمكنك العلم بمدلولات عبارات كتب الفقهاء و العلماء و مكالمات الناس و اشعارهم و خطبهم و غير ذلك فلم‌ينسد بابه ابداً و يجنمع هذا العلم مع الظن العقلي و لا يضر به الاحتمالات العقلية ابداً و العامل بالاحتمالات العقلية في العاديات يكون من جملة السفهاء و لايكلم مثله و قداستوفينا هذه المسائل في كتبنا الاصولية و توجد في بلادكم فراجعوا.

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 627 *»

قال سلمه الله كيف ينتفع الناس بالامام عجل الله فرجه و هو غائب.

اقول كما ينتفعون الناس بالله و هم لايرونه و كما يتضررون بابليس و لايرونه و شرط النفع رؤية النافع المنتفع لا العكس و هو7 شاهد مطلع عالم بما هو صلاح الناس قادر علي تقريب البعيد و تبعيد القريب و اظهار الخفي و اخفاء الظاهر و هو يمدهم و يهديهم كما يمد الروح الجسد و الجسد لايراه و اذا كان الشيطان يوسوس في قلوب الناس بالباطل كيف لايقدر الامام بقذف الحق في قلوبهم اذا طلبوا منه الحق و جاهدوا في الله حق جهاده او ما استطاعوا و يقول الله سبحانه الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و روي عنه7 و اما وجه الانتفاع بي في غيبتي كانتفاع الناس بالشمس اذا جللها السحاب.

قال سلمه الله بينوا لي مسلككم.

اقول هذا سؤال مبهم و مسلكي كتاب الله و سنة نبيه9 و اخبار العترة الطاهرة فما دل عليه آية محكمة او سنة قائمة او اجماع لاريب فيه او دليل عقل تعرف العقول عدله فانا اقول به و ما نفاه شيء من ذلك فانا انفيه و ما ليس لي دليل من هذه الامور عليه فانا متوقف فيه الي ان‌يأتيني البيان من عندهم صلوات الله عليهم و هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله.

قال سلمه الله و ما حد الاجتهاد.

اقول حد الاجتهاد ان‌يكون الانسان عالماً بالعربية يقدر علي فهم المراد من الكلام عارفاً بلحن الكلام ثم يكون عالماً بعلم الاصول الذي عليه بناء فهم الفقه يومنا هذا علي ما ورد به الكتاب و السنة و قام عليه الاجماع و ساعده دليل العقل و يعرف ذلك عن بصيرة و علم يقين لاتقليداً للاصوليين او الاخباريين او استاده ثم ينظر في كتاب الله و يعرف الناسخ منه و المنسوخ بدلالة العترة سلام الله عليهم اجمعين و المحكم و المتشابه و العام و الخاص و جميع ما يتوقف عليه فهم الكتاب

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 628 *»

حتي‌يختص بالمكلف ثم ينظر في السنة كذلك و يعرف لحنهما ثم يخلص في النظر فيهما من غير ميل و لاهوي ثم ينظر في كتب الاصحاب و يعرف المراد منها و يتتبع حتي‌يطلع علي مواقع الاجماع و الشهرة و الندرة و لابد مع ذلك كله ان‌يكون له مشعر التفقه فان مشعر التفقه شيء خاص ليس في كل عالم و عاقل و متفقه كما انك تري الرجل عالماً عاقلاً حكيماً ذا سليقة مستقيمة و لايقدر علي وزن شعر واحد و كذلك رب رجل يعرف النحو و الصرف و الاصول و التفسير و يعرف الخبر و ليس له مشعر التفقه فيتكلف و يخرج اموراً عجيبة و يفرع احكاماً مستنكرة تأبي عنها نفوس الفقهاء و بذلك كثرت المناكير في الفقه حتي ان الرجل منهم يقول لايجوز صلوة الرجل في ارضه التي غصبت عليه لصدق الارض المغصوبة عليها و يفصلون ما اراد الله اجماله و يجملون ما اراد الله تفصيله كالذي ليس له طبع الشعر فيقول اشعاراً لاوزن لها بوجه و يحسب انها موزونة فاذا بلغ هذا المبلغ فهو مجتهد هذا اذا اريد بالحد في السؤال الغاية التي اذا بلغها الانسان يقدر علي الاجتهاد و ان اريد بالحد تعريفه فهو استفراغ الوسع في استنباط الاحكام من الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل علي ما اشرنا اليه و لما كنت علي جناح السفر و كنت متبلبل البال لم اجد فرصة لأشرح تفصيل الحال و فيما ذكرنا كفاية لاهل الدراية و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين قدفرغ من تسويدها مصنفها في عصر يوم الاربعاء الثامن عشر من شهر جمادي الثانية من شهور سنة اربع و سبعين من المائة الثالثة عشرة حامداً مصلياً مستغفراً تمت.