رسالة في جواب الملا محمد القراجه داغي
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 517 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و اللعن علي اعدائهم اجمعين الي يوم الدين.
و بعد يقول العبد الاثيم كريمبنابرهيم انه قدورد علي كتاب كريم و خطاب عظيم من العالم العامل و الفاضل الباذل الكامل الممجد جناب ملا محمد القراجه داقي ايده الله و سدده و قدادرج فيه مسائل اراد مني جوابها و عاقني عن جوابه عوائق الدهر و نوائب العصر الي انتذكرت اني لو توخيت زمنا يخلو عن العوايق و اتخلص من البوايق ما يحصل ما كر الملوان و تعاقب الجديدان فالاجمل اناتوجه الي جوابه علي حسب الميسور فانه لايترك بالمعسور فشرعت في الجواب جاعلا مسائله كالمتن في كل باب و جوابي له كالشرح راجيا من الله الهام الصواب انه كريم وهاب.
قال سلمه الله اول جناب خاتم المجتهدين جناب شيخ سلام الله عليه در آخر جواب سؤال از تقليد ميفرمايند كه شيخ حسين بن عصام در بعضي حواشي نوشته است كه حكم مقلد بصير به مطالب كتب فقها جايز است همين مطلق نوشته متوجه جرح و تعديل نشده است بيان كنيد كه شيخ حسين بن عصام كيست و اين قول در نزد شما اعتبار دارد يا ندارد و مراد از اجتهاد و تقليد حقيقة چه چيز است؟
اقول انكان المراد بالشيخ هو شيخنا الامجد اعلي الله مقامه فلميكن عندي هذا الجواب منه اعلي الله مقامه لانظر فيه مع ان عندي من رسائله كثيرا و تفحصت فيها و انكان غير شيخنا اعلي الله مقامه فلااعرفه و اما الشيخ حسين بن عصام فكلما تفحصت في الرجال و ما عندي من كتب فيها اسماء العلماء المتقدمين و المتأخرين لماجد هذا العنوان و لا اعرفه و لعله من بعض المعاصرين و لمايشتهر في العلماء حتي يدون حاله و علي اي حال يعرف عندنا الرجال بالمقال لا المقال
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 518 *»
بالرجال و قدسجل علي هذا القول الشيخ محمد حسن بن الشيخ باقر في جواهر الكلام و تبذخ به كل التبذخ مع اعترافه اولا بعدم الخلاف في عدم جوازه و نقل الاجماع عليه ثم ادعي القطع علي الجواز.
و اما اعتبار هذا القول عندي و عدمه فاعلم ان الله جل و عز هو الذي خلق الخلق و لميكن شيئا مذكورا و هو مالك الرقاب و وليها في كل باب لاشريك له و اليه الاياب و عليه الحساب له الحكم و اليه ترجعون فالله يقضي بالحق و الذين يدعون من دونه لايقضون بشيء ان الله هو السميع البصير فالقضاء في الخلق لله جل و عز ثم نصب محمدا9 و اقامه مقامه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار فقال انا انزلنا اليك الكتاب لتحكم بين الناس بما اريك الله و قال و لكل امة رسول فاذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط و هم لايظلمون فظهر قضاء الله جل جلاله علي لسان الرسل سلام الله عليهم و علي لسان رسولنا محمد 9 ثم قال ما كان لمؤمن و لامؤمنة اذا قضي الله و رسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص الله و رسوله فقدضل ضلالا مبينا فنفي هذه الآية الاختيار عن كل احد بعد قضاء الله تعالي و رسوله 9ثم لما كان لابد لهذا المنصب العظيم الذي هو مقام الالوهية و الرسالة من حامل و مظهر في كل عصر فوض الله القضاء الي وصي رسوله و خليفته في ارضه و وصي وصيه الي يوم القيمة فقال اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و قال و لو ردوه الي الرسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ثم خاطب ولي الامر و قال و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك و استغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فلا وربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما ثم خاطبهم فقال ان الله يأمركم انتؤدوا الامانات الي اهلها و اذا حكمتم بين الناس انتحكموا بالعدل فآل محمد: هم حكام الله و حملة احكامه بعد الرسول و قضاة الله بالحق و لذا روي العامة و الخاصة قوله 9
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 519 *»
علي اقضاكم فلهم القضاء لالغيرهم و هم المعصومون المطهرون المؤدون عن الله المترجمون قضاء الله العالمون بكتاب الله لايجوز ذلك لغيرهم ابدا ابدا فانه لايؤمن عليه ان لايقضي بقضاء الله و يخطي مراد الله فلاجل ذلك اطلق و قال و اولي الامر منكم مع انه قال لاتطع منهم آثما او كفورا فغير المعصوم آثم و لاطاعة له و المعصوم هو المطاع فلاحكم الا لله و لرسوله و لخلفائه صلوات الله عليهم فلاجل ذلك كتب علي7 الي شريح قدجلست مجلسا لايجلسه الا نبي او وصي نبي او شقي و هو مجلس القضاء بالاستقلال لا الحكاية و قال ابوعبد الله 7 اتقوا الله و الحكومة فانما الحكومة انما هي للامام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي او وصي نبي انتهي فاذا لاقضاء لغير آل محمد: و اما من يروي عنهم فليس بقاض مستقل و انما هو قاض بالرواية و الحكاية عن قضاء آل محمد: و جميع شيعتهم رواة عنهم كما قال ابوعبد الله7يغدوا الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء انتهي فالمتعلمون من شيعتهم مختلفون فمنهم من يقدر علي استنباط الاحكام من احاديثهم و منهم اميون لايعلمون الكتاب الا اماني فلايقدرون علي استنباط الاحكام من الآثار المروية المنقولة الا انيستفتوا الاولين فيفتوا لهم ما استنبطوه من احكام آل محمد: و ذلك بديهي فعلي هؤلاء انيرجعوا الي من يثقون بعلمه و امانته كما قال الحجة 7 اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و قدنصبوا ذلك العالم باحاديثهم حاكما في البلاد كما في الحنظلية المعروفة عن ابي عبد الله 7 قال ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكما فانه قدجعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلميقبل منه فانما استخف بحكم الله و علينا رد و الراد علينا الراد علي الله و هو علي حد الشرك بالله الخبر. فتبين ان الذين يعلمون احكام آل محمد:
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 520 *»
و يستنبطونها بالنظر في احاديثهم هم حجج الامام و حكام الملك العلام بين الانام بالرواية لا بالاستقلال فليسوا ثالث ثلثة و انما هم مأذونون مأمورون بذلك و عن علي7 قال قال رسول الله 9 اللهم ارحم خلفائي ثلثا قيل يا رسول الله و من خلفاؤك قال الذين يأتون بعدي يروون حديثي و سنتي فتبين ان الرواة لقضاياهم و حملة اخبارهم صلوات الله عليهم هم ايضا ممن يجوز التعويل علي قضائهم و حكومتهم اذا حكموا بحكم آل محمد: و رووا في حكمهم حديثا فهم خلفاؤ رسول الله9 و حكامه في رعيته و الرد عليهم اذا كانوا ثقات عدولا رد علي آل محمد: و رد علي رسول الله9 و رد علي الله و هو علي حد الشرك و الكفر بالله كما سمعت و كما قال ابوعبد الله7 في حديث اما اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلميثق به فهو كافر و اما من لميسمع ذلك فهو في عذر حتي يسمع ثم قال ابوعبد الله 7 يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين انتهي و عن الحجة7 لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك في ما يرويه عنا ثقاتنا و قدعرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم الي غير ذلك من الاخبار و اما الآخذون عنهم فاناخذوا عنهم علوم آل محمد: و احاديثهم فهم ايضا بمنزلة الرواة فيما اخذوا عنهم و اولئك العلماء رواة لهم كما اخذوا عن غيرهم غاية الامر انهم قدنقلوا الاخبار بالمعني و ليس ببدع و اغلب اخبارنا الواصلة الينا نقل بالمعني فكما وصل الي العلماء النقل بالمعني هم ينقلون بالمعني لمن يأخذ عنهم و الفرق بينهما ان العالم ينظر في الكتب و يري اخبارا عديدة منها صالحة للعمل و منها غير صالحة فيترك غير الصالحة و يروي الصالحة لمن يأخذ عنه و يثق به و الآخذ عنه ايضا راو عنده خبر صحيح العمل بلامعارض و ربما يكون له معارض اذا سمع من جماعة من العلماء فتاوي مختلفة و عليه بالترجيح او العمل بايهما شاء و اراد كما هو مذكور في محله فجميع الشيعة متعلمون عن آل محمد: مقلدون لهم و هم العلماء المعصومون الذين
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 521 *»
يجب الرجوع اليهم و الاخذ عنهم بلاواسطة او بواسطة و علي كل واسطة انيروي ما يصح عنده للعمل فالمحدثون من الشيعة يروون لمن دونهم و هم يروون لمن دونهم و هكذا نعم منهم اكثر حديثا و اشد مراسا و منهم اقل حديثا و اضعف مراسا و الجميع مقلدون لآل محمد: و الجميع متعلمون و العلم هو ما خرج من بيت آل محمد: و الحكم حكمهم و الامر امرهم و لافرق بينهم عندي الا بزيادة العلم و نقصانه و كثرة الفهم للاخبار و قلته فعن الصادق7 اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا فانا لانعد الفقيه منهم فقيها حتي يكون محدثا فقيل او يكون المؤمن محدثا قال مفهما و المفهم محدث و روي انا لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتي يلحن له فيعرف اللحن انتهي و علي اي حال فاذا جاز الحكم لمن هو اكثر حديثا جاز لمن هو اقل حديثا كما روي في حديث ابي خديجة سالم بن مكرم الجمال عن ابي عبد الله7 انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا و في رواية شيئا من قضائنا و عن ابي بصير عن ابي عبد الله7 قال في رجل كان بينه و بين اخ له مماراة في حق فدعاه الي رجل من اخوانه ليحكم بينه و بينه فابي الا ان يرافعه الي هؤلاء كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل المتر الي الذين يزعمون انهم آمنوا بما انزل اليك و ما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الي الطاغوت و قدامروا ان يكفروا به و عن الحلبي قال قلت لابي عبد الله7 ربما كان بين الرجلين من اصحابنا المنازعة في الشيء فيتراضيان برجل منا فقال ليس هو ذاك انما هو الذي يجبر الناس علي حكمه بالسيف و السوط هـ.
ولكن بقي شيئان:
الاول انه يجب انيكون من يحكم بين الناس عالما بالمسائل التي ترد عليه و القضايا التي ترفع اليه بجميع جهاتها و حيثياتها فان الاحكام تختلف بادني تغيير في الواقعة و بكلمة واحدة قدمت او اخرت و يكون عنده روح كل مسئلة حتي يعرف انيديرها كيفما يدور السؤال و القضية و ذلك يحتاج الي كمال المهارة في الفقه و النباهة و معرفة روح كل مسئلة لاتحصل
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 522 *»
الا بالتفقه الكثير فاني اري المستفتي ربما يتعلم ان هذا هكذا لكن يزعم ان هذا هكذا من هذا الحيث و ليس هو هكذا من ذلك الحيث بل من حيث آخر لايعرف الا بكمال التفقه و الممارسة الشديدة.
و الثاني انيكون له نفس القضاوة و هو اعظم من العلم بالمسائل و لعمري رب فقيه بصير في الفقه ليس له عديل و ليس يجوز قضاؤه في صاع من شعير لانه ليس له تلك النفس و يحتاج القاضي الي عدالة نفس لايميل معها و لايحيف و لايستفزه الشهوة و الغضب و القرابة و الدولة و امثال ذلك فالتفقه سهل الحصول و لكن نفس القضاء قليل الوجود و ينبغي انيكون عدالة القاضي فوق عدالة المفتي فلاكل مفت صالح للقضاوة و عدالة المفتي فوق عدالة الفقيه فلاكل فقيه صالح للفتوي و يجوز الاخذ عنه و من البين انه لايجوز القضاء الجاير و يجب انيكون القضاء بالعدل و لايقدر علي العدل الا العالم العادل و لايقدر علي العلم الا من اخذ عن آل محمد: و لايقدر علي العدالة الا نفس كاملة لاتميل الي جهة و هي قليل الوجود جدا فعن الصادق7 في حديث ان عوام اليهود كانوا قدعرفوا علماءهم بالكذب الصراح و اكل الحرام و الرشا و تغيير الاحكام و اضطروا بقلوبهم الي ان من فعل ذلك فهو فاسق لايجوز ان يصدق علي الله و لا علي الوسايط بين الخلق و بين الله فلذلك ذمهم و كذلك عوامنا اذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر و العصبية الشديدة و التكالب علي الدنيا و حرامها فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه مطيعا لامر مولاه فللعوام انيقلدوه و ذلك لايكون الا بعض فقهاء الشيعة لاكلهم فان من ركب من القبايح و الفواحش مراكب علماء العامة فلاتقبلوا منهم عنا شيئا و لاكرامة الخبر. فعندي ان القضاوة ليست شأن كل فقيه مجتهد فضلا عن كل مقلد و من راجع الاخبار وجد ذلك بلاغبار و مع ذلك كله يحتاج الي نباهة و فهم للدعاوي و المعاملات و ذكاوة و معرفة بالخلق و توسم و تمييز للموضوعات و خبرة بالامور فانه مقام
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 523 *»
السلطنة و نظم البلاد و العباد و حفظ الثغور و اقامة المدن و ليس ذلك شغل كل حايك و نداف عجز عن الكسب فدخل مدرسة فقرأ حتي صار فقيها و بالقراءة لاتزكوا نفس و لاتصير عادلة مستقيمة قوية نبيهة زكية و الله المستعان و اما المراد بالاجتهاد و التقليد فالمراد بالاجتهاد عندهم استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي هذا اذا اريد منه الفعل و ان اريد منه القوة فهو ملكة يقتدر بها علي استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الاصل فعلا او قوة قريبة و علي قولهم ليس ما علم من الشرع بضرورة او تواتر و شياع او قرائن يحتاج الي اجتهاد فان الاجتهاد لتحصيل الظن و ذلك معلوم فعلي ذلك ان جاز العمل بالظن جاز الاجتهاد و الا لميجز الاجتهاد الا علي المعني اللغوي فان المسائل الشرعية ليست من البديهيات الاولية الظاهرة في بادي النظر فلابد في تحصيل العلم بها من جد و جهد و سعي و لميكن لفظ المجتهد معروفا عند آل محمد: و لميكن لفظ الاجتهاد مستعملا بهذا المعني عندهم و لميرد به خبر نعم كان مستعملا بمعني الجد في العبادة و الطاعة و المستعمل عندهم الفقيه و انما هو من اصطلاحات العامة و لامشاحة في الاصطلاح اذا لميثمر ثمرا و اما التقليد في اصطلاحهم هو الاخذ بلادليل ممن قام الدليل علي جواز الاخذ عنه فالاخذ عن النبي و الائمة: تقليد كما ان الاخذ عن المجتهد تقليد اذا قام الدليل علي جواز الاخذ عنه و قدورد التقليد في الاخبار بهذا المعني كما قال ابوالحسن7 لمحمدبنعبيدة انتم اشد تقليدا ام المرجئة قال قلدنا و قلدوا فقال لم اسألك عن هذا فلميكن عنده جواب اكثر من الجواب الاول فقال ابوالحسن7 ان المرجئة نصبت رجلا و لمتفرض طاعته و قلدوه و انكم نصبتم رجلا و فرضتم طاعته ثم لمتقلدوه فهم اشد تقليدا منكم و في حديث عن الرضا7 اين التقليد الذي كنتم تقلدون جعفرا و اباجعفر الخبر. و روي في اخذ القول بلادليل عن غيرهم دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان الخبر.
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 524 *»
قال سلمه الله دويم: در تقليد ميت باقي ميتوان ماند الي ان قال منظور اين است كه سركار آقا اين اجتهاد و تقليد را چنان بيان فرمايند كه بعد از آن دعاگو را خللي نماند.
اقول اما اصل تقليد الميت فلايجوز عندنا ابدا فان من يقلد هو الواسطة بينك و بين الله جلوعز و ينزل هداية الله جل جلاله اولا اليه و منه يصل اليك فاذا مات الواسطة انقطع الفيض عنك من ذلك الطريق اللهم الا انتقوم مقامه او يقوم غيرك مقامه و انما مثل من يقلد بالفتح القلب و من يقلد بالكسر الاعضاء فالاعضاء بانفسها لغلظتها و كثافتها غافلة عن الروح الملكوتي جاهلة بامره و نهيه و رضاه و غضبه و اما القلب فهو لرقته و صفائه متصل بالروح يطلع علي رضاه و غضبه و امره و نهيه فينزل اليه امره و نهيه فهو يحيي اولا بحيوة الروح و يطلع علي ميله فاذا اطلع هو علي مراداته ترجم للاعضاء بلغة جسمانية فاطلعت علي مرادات الروح بتقليد القلب فان ذهب الروح لميقدر الاعضاء علي التلقي عن الروح الملكوتي الغيبي ابدا و لاينفعها ما علمت قبل ذهاب القلب ما لميصر عضو لطيفا صافيا كالقلب حتييصير بدله الاتري ان بخار القلب كدخان الشعلة دائم التجدد و كل بخار جديد يحيي بمس البخار السابق كما يشتعل كل دخان جديد بمس الشعلة السابقة فيشتعل و يقوم مقامه و اما ساير الدهن فلايطلع علي الضياء الا بما يشرق عليه من الشعلة كما يشرق منها علي الجدار و هذا هو سر التقليد اولا و آخرا فلايجوز تقليد الميت لان الرب اذا اراد حكما جديدا لايمكن عادة القاؤه بعالم ميت فلميجعل الله في الحكمة ميتا واسطة بين حيين و انما الكلام في العالم الذي تقلده و هل هذه القاعدة مخصوصة بالانبياء و الاوصياء و لاتقليد الا لهم او يجوز تقليد الغير و يجري فيه ايضا حكمهم فاعلم ان الشيعة لمتأخذ دينها عن رأيها و انما اتيها من ربها فتدين به فلنقل اولا ما ذا يراد من التقليد فانكان يراد من التقليد انينصب المكلف رجلا عالما بينه و بين ربه فيأخذ بكل ما يقول سواء استخرجه من كتاب او سنة او اجماع او دليل عقل او قياس او استحسان او مصالح او ظن مطلق او رأي او هوي و ان سماه حكم الله و دين الله و دين رسوله و دين آل محمد:
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 525 *»
فيعمل بما يقول من غير فحص عن برهان قوله فذلك غير جايز عندي ابدا و لااجوز تقليدا احد مما سوي المعصومين: و بذلك ورد النهي الاكيد في اخبار متواترة و ليس ذلك من مذهب الشيعة و قدقال الصادق7 اياك انتنصب رجلا دون الحجة فتصدقه في كل ما يقول و قال7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و عنه7 في قوله تعالي اتخذوا احبارهم و رهبانهم اربابا من دون الله فقال و الله ما صلوا و لاصاموا لهم و لكن احلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالا فاتبعوهم الي غير ذلك من الاخبار المتواترة التي اخرجناها في فصل الخطاب فهذا التقليد مما لايجوز ابدا و هو شرك بالله شرك طاعة كما قال ابوعبدالله7 في قوله تعالي و ما يؤمن اكثرهم بالله الا و هم مشركون قال شرك طاعة و ليس شرك عبادة و انكان المراد انيأخذ من لايعلم حكم آل محمد: في مسئلة عمن يعلم حكمهم في تلك المسئلة فذلك مجمع علي جوازه و قدمر علي ذلك القرون و الاعصار و مضي الليل و النهار ولكن حكم آل محمد: كان في صدورهم و برز من افواههم و ليس الامر باشراق علي العقول و الهام في القلوب و نقر في الاسماع و استنباط من كاينات الآفاق و الانفس و استخراج الآراء و تحري الظنون و الاهواء و انما هو سمع و نطق و رواية فمن روي شيئا من اخبارهم التي علم صحتها و يجوز نسبتها اليهم جاز الاخذ عنه سواء رواه بلفظه او بمعناه و من اخذ منه تلك الرواية صار في عداد الرواة و هو و شيخه و ساير الرواة جميعهم متعلمون مقلدون لآل محمد: و آل محمد: هم العلماء و امام الزمان صلوات الله عليه و علي آبائه موجود حي قائم مقام آبائه قدقبل احاديثهم و اذن في الاخذ بها كما قال اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة الله و رواية الحديث معناها غير استنباط بالعقل و تحر بالظن و ملاحظة الصلاح و تخير بالرأي فمن روي حديثهم من الثقات يجوز الاخذ عنه و اذا اخذت عنه قمت مقامه فانمات لميمت امامك
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 526 *»
و توسط الرواي الميت غير مضر بالاجماع فاخذك اليوم بحديث اخذته امس من الرواي الذي روي و مات ليس بتقليد للراوي حقيقة و انما انت مقلد لامامك و هو حي الحمد لله و انا لااجوز تقليدا الا هكذا و يدل علي جواز هذا التقليد اخبار منها ما رواه في البحار عن البصاير بسنده عن ابي بصير قال سمعت ابا عبد الله7 يقول من علم خيرا فله بمثل اجر من عمل به قلت فان علمه غيره يجري ذلك له قال ان علمه الناس كلهم جري له قلت فان مات قال و ان مات و منه بسنده عن حماد الحارثي عن ابيه عن ابيعبدالله7 قال قال رسول الله9 يجيء الرجل يوم القيمة و له من الحسنات كالسحاب الركام او كالجبال الرواسي فيقول يا رب اني لي هذا و لماعملها فيقول هذا علمك الذي علمته الناس يعمل به من بعدك و من غوالي اللئالي قال النبي9 اذا مات المؤمن انقطع عمله الا من ثلث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له و رواه ايضا من روضة الواعظين الي غير ذلك من الاخبار الدالة بخصوصها او عمومها علي جواز العمل بعلم الميت ولكن السيد الجليل انار الله برهانه و الشيخ النبيل اجل الله شأنه ماكانا يجوزان ظاهرا تقليد المجتهد الميت علي المعني الظاهر و كانا يسجلان علي ذلك تسجيلا و لما كانت المسئلة اجتهادية لاتقليدية لميجز لنا تقليدهما انار الله برهانهما و وجب علينا النظر بانفسنا و هذا مختصر ما ادي اليه نظري القاصر و يجوز عندي البقاء علي العمل برواية صحيحة اخذتها من عالم امين ثقة تعلم انه لايقول الا بسمع و نطق و برواية عن امامه عامة او خاصة سواء استنبط المسئلة من اصل القوة الينا للتفريع او نص خاص صدر عنهم صلوات الله عليهم و بغير ذلك لايجوز عندي التقليد ابتداء فضلا عن البقاء و ما لميعرف الانسان العالم هكذا و لميثق بانه لايقول الا عن سمع و نطق لايجوز عندي تقليده فلايجوز عندي تقليد من شهر بالعلم و الاجازة و الاجتهاد ما لمتثق به و بامانته و ديانته و تقواه و الله المسدد الموفق للصواب.
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 527 *»
قال سلمه الله ما الفرق بين الولاية و النبوة و كليهما و جزئيهما.
اقول الفرق بينهما كثير من وجوه شتي و ابين لك ذلك علي نهج كلي تستنبط منه ساير الوجوه. اعلم ان الله سبحانه ذات احدية لاتقترن بشيء و لاتتصل بشيء و لاتقع علي شيء و لا تتعلق بشيء و انما خلق ما خلق بنفس ذلك الخلق لابنفس ذاته و هو قول الصادق7 خلق الله المشية بنفسها فجعل نفس خلقه فعلا متعلقا بذلك الخلق فحدث للخلق بذلك جهتان جهة الي ربه و هو فيها مضاف الي الرب بل هو جهة اضافة الرب فلايري منه فيها الا ربه و ما هو منه و اليه و جهة الي نفسه و هو فيها هو هو لايضاف الي ربه و لايري منه الا نفسه و ما هو منها و اليها و لاينطق الا عن نفسه فحدث للخلق بذلك جهتان جهة فعلية لله سبحانه و جهة مفعولية اما جهته الفعلية المضافة الي الله سبحانه فهي جهة ولاية الله سبحانه و استيلائه علي خلقه و ربوبيته «هنالك الولاية لله الحق» و جهته المفعولية فهي جهة المتولي عليه و المربوب فتلك الولاية بهذا الاعتبار هي الولاية بالمعني الاعم و مقام خلافة الله في خلقه و القيام مقامه في الاداء ولكن اذا نظرت الي تلك الجهة وجدت فيها جهتين جهة اجمال و اعلي و وحدة و هيآية الله و صفته و تعريفه و تعرفه و تلك الجهة ناظرة الي الرب وحده لا الي غيره و جهة تفصيل و ادني و كثرة و ارتباط و تعلق بالمفعول و تلك الجهة تنظر الي الخلق بامر الرب و للرب لا لنفسه لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون ففي هذا الاعتبار الجهة الاولي هي جهة النبوة و ينبئه الله سبحانه باسمائه و صفاته و انواره و الجهة الثانية هي جهة الولاية و اعطاء كل ذي حق حقه و السوق الي كل مخلوق رزقه و البرزخية بين النبوة و التابعية فهذه الجهة نفس تلك الجهة من حيث و غيرها من حيث و هذا سر «انا و علي من نور واحد» و «انا محمد و محمد انا» و «انا عبد من عبيد محمد» و «انا من محمد كالضوء من الضوء» فهذا هو حقيقة النبوة و الولاية و قدجري هذا السر في جميع الخلق فظهر النبوة بالقلم و الولاية باللوح فكتب بالقلم جميع ما كان و ما يكون في صدر اللوح
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 528 *»
فعلم بالقلم علم الانسان و هو اللوح ما لميعلم فعلمني علمه ان الله يأمركم انتؤدوا الامانات الي اهلها و اذا حكمتم بين الناس انتحكموا بالعدل فالقلم ادي الامانة الي اللوح و اللوح حكم بالعدل فلا وربك لايؤمنون حتييحكموك فيما شجر بينهم و ظهر النبوة بالعقل و الولاية بالنفس فكانت نفس العقل و تابعة و مطيعة لها و بها يسوس العقل امر الجسد و يدبره و ظهر النبوة بالعرش و الولاية بالكرسي فكانا اخوين في العلم و القدرة الا ان علم العرش اغيب من علم الكرسي الي آخر الخبر و ظهر النبوة بالقلب و الولاية بالصدر فكان تفصيل اجمال القلب و جهات تدبيره لامر البدن و علي هذه فقس ما سويها و اما مقام كليتهما و جزئيتهما فاعلم ان هذا الذي ذكرنا هو مقام الفعلية كما بينا و هما جهتان لتلك الجهة و جهة الفعل مباينة لجهة المفعول لان جهة الفعل صاعدة و متوحدة و جهة المفعول هابطة و متكثرة و لابد في ما بينهما من رابط يمكن جهة المفعول و يجعلها مستعدة لقبول الاثر من الفعل و لولا ذلك لميحس المفعول اثر الفعل و ذلك الرابط هو تنزل جهة الفعل و ظهورها و وجهها الي المفعول و صعود جهة المفعول و وجهها الي جهة الفعل و بتلك الجهة يقول العالي للداني «انا بشر مثلكم» و يرونه و يسمعونه و يتلقون منه و يستكملون به و لابد و انيكون الظهور علي صفة الظاهر فلابد في مقام الرابط من ظهور لمقام النبوة و ظهور لمقام الولاية و هذان جزئيان يجري اليهما من المقامين الاولين شيئا بعد شيء و امرا بعد امر في كل آن و لحظة و لايسعان في لحظة واحدة ما يسع المقامان الاولان من الكلية و مثل المقامين الاعليين العرش و الكرسي و المقامين الادنيين الشمس و القمر فالشمس ظهور العرش يراها الاعين و تدركها و القمر آية الكرسي و ظهوره يراه الاعين و تدركه و هو قوله تعالي و الشمس و ضحيها و القمر اذا تليها و لولا الشمس و القمر و كان يشرق علي الارض نور العرش و الكرسي بلاواسطة لكانت تحترق و تفني و لاتطيقه ولكن الله سبحانه اخفي نور كلية العرش في حجاب جزئية الشمس و نور كلية الكرسي في حجاب جزئية
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 529 *»
القمر و اجري اليهما الشيء بعد الشيء و الامر بعد الامر بقدر وسعهما و اظهر منهما الامر للارض بقدر وسع الارض فهما رابطان بين العرش و الكرسي و بين الارض بهما يفيضان علي الارض و بهما تتوسل الارض اليهما و تنتفع منهما فمقام الشمس و القمر مقام ظاهر النبوة والولاية و العرش و الكرسي مقام باطن النبوة والولاية و لايصل الفيض من العرش الا الي الكرسي اذ لايطيق نوره غيره «لاتكلف الا نفسك» ثم من الكرسي يصل الي الشمس ما اخذه من العرش «علمني علمه و علمته علمي» «حسين مني و انا من حسين» و من الشمس يصل الفيض الي القمر «انا عبد من عبيد محمد» في الكرسي و هنا فافهم فقد انبأتك علي حقيقة الامر فتدبر فيه و اجره فيما لماذكره فانه ينقاد لك ان شاءالله.
قال سلمه الله ما الفرق بين الدهريات و الزمانيات و كيف تنزل الدهريات الي الزمانيات بالبيان الوافي.
اقول هذه المسئلة من امهات المسائل و مشكلاتها و اليها مرجع فهم كثير من المسائل من المبدء و المعاد و قل من يعرفها حق معرفتها و انكان يتداولها اكثرهم و نحن نذكر هنا منها ما يمكن كتبه و ما يكتفي به لمثله فان لكل مسئلة مع صاحبه مقاما.
اعلم ان الزمان هو امتداد ما بين المددين الجسمانيين و يكال بكل ما يتكرر علي نسبة واحدة كحركة الافلاك و الساعات و غيرهما من الآلات و المراد ان الجسم اذا خلق هو حادث يحتاج الي المدد لانه غير قائم بنفسه و انما هو قائم بمؤثره اي باحداث مؤثره فمادام الاحداث قائما فوقه يحدثه هو موجود و ان اعرض به عنه عدم من ساعته و الاحداث منه فعل يحدثه بنفسه و الحادث يحدثه باحداثه و فعله و الفعل ايضا حادث فمادام هو من حيث الاحداثية قائما علي نفسه من حيث الحادثية هو باق و الا فهو فان و لما كان هو بنفسه من حيث ربه سبب بقاء نفسه من حيث نفسه و هو هو دام بقاؤه و كان مدده الثاني عين مدده الاول بلاتخالف و تضاد فلميمتد بين المددين فلاامتداد له فوقته آن واحد و هو المسمي بالسرمد و اما الحادث فهو باق بدوام الاحداث فوقه و بقاؤه بامداد معدودة
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 530 *»
متباينة متخالفة يصادم بعضها بعضا فلاتجتمع تلك الامداد بل تترتب فلاجل ذلك يحصل بينها امتداد و ذلك كعدم اجتماع قيامك و قعودك و اضطجاعك و حركتك و سكونك و نطقك و سكوتك و لابد من ترتبها بان يفني واحد حتييوجد واحد و يذهب واحد حتييأتي واحد و لايمكن وجود امرين منهما في الخارج معا من جسم واحد فامتداد ما بين هذه الامور هو الزمان و يكال بالايام و الشهور و الاعوام و امثالها فيقال من ظهور تلك الصفة علي هذا الجسم الي ظهور هذه الصفة خمسة اعوام و اربعة اشهر و ثلثة ايام و هكذا حتييعرف مقدار الامتداد و كذلك يمكن انيكال بكل متكرر علي نسبة سواء حتي ان لك انتشعل شموعا في بيت واحدا بعد آخر و تقول من اول دخولي الي هذا البيت الي الآن عشرة شموع او ازيد او اقل فما اقبح قول من زعم ان الزمان هو حركة الفلك او منتزع عنها بالجملة الزمان هو امتداد ما بين المددين الجسمانيين او قوتين تخرجان من قوة امكان الاجسام الي عرصة الفعلية و التعبيران بمعني واحد و انت اذا لاحظت وجود جميع تلك الفعليات معا و احضرتها جميعا في عرصة واحدة قائمة بمحدثها و هي مع ذلك محتاجة الي ابقاء المحدث كلا في حده و مكانه فامتداد ذلك البقاء هو الامتداد الدهري و يسمي بالدهر فانها علي اي حال لاتستغني عن المدد و لذلك قالت الحكماء الزمان نسبة صفة الي صفة و الدهر نسبة الصفة الي الذات و السرمد نسبة الذات الي نفسها فالذات في ذاتها سرمدية و الصفات لدي الذات دهرية و نسبة صفة الي صفة زمانية و بعبارة اخري الزمان نسبة زائل الي زائل و الدهر نسبة الزائل الي الثابت و السرمد نسبة الثابت في نفسه فعرصة الزمان من تخوم الارض الي محدب العرش الا انتقضيه كلما ينزل نازلا ابين و تصرمه اظهر و كلما يصعد صاعدا فهو اخفي و هو ادوم فآنات الفلكيات اشد تشاكلا من آنات السفليات و اوقاتها ادوم و تصرمها اقل بخلاف العناصر و ما منها فانها اكثر انقلابا و تنقلا من حال الي حال و اسرع فناء و اما الدهر فهو من اسفل عالم المثال الي محدب العقول فالمثال اسفله و النفوس اوسطه و العقول اعلاه و هو ايضا بالنسبة كالزمان في اللطافة و الكثافة و التصرم و الدوام حتي ان عالم المثال اشد شبها بالزمان و فيه
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 531 *»
بكرة و عشي و ايام و ليال كالزمان و ان كان الطف من محدب العرش بسبعين مرة و اعلاه اي عالم العقول اشد شبها بعالم السرمد في الدوام و عدم التصرم حتي انه قديلحق به و اما النفوس فهي بين هذين و امثل لك لهذه الثلثة بمثال بين و هو انك اذا قست الواحد بالاثنين و الاثنين بالثلثة و هكذا الي مالانهاية له و بالعكس فهو مثل الزمان و اذا نظرت الي جميع الاعداد الموجودة تحت الاحد فهي مثل الدهر و اذا نظرت الي الاحد الظاهر فيها فهو مثل السرمد فمن هذه تبصر امرها و اعلم ان الاعداد غير متناهية عند نفسها و اما بالنسبة الي الاحد فهو قداحاط بها بما لانهاية له و لاتخفي عليه لابمعني ان الاعداد عند الاحد متناهية بل بمعني ان الاحد فوق مالانهاية بمالانهاية له محيط بها بلانهاية فافهم.
و اما تنزل الدهريات الي الزمانيات فهو ايضا من المشكلات و نذكر منه هنا علي ما يقتضي الحال و لاقوة الا بالله المتعال اعلم ان الله سبحانه اول ما خلق العقل و هو نور مجرد عن المواد و المدد الزمانية و الصور المقارنة و المفارقة و الحدود الجزئية ثم قال له «اقبل فاقبل» اي قال له توجه الي امتثال امري و قبول حكمي و طاعتي و عبادتي فاني رب اقول للشيء كن فيكون اطعني و اقبل الي بالطاعة حتي اجعلك مثلي تقول للشيئ كن فيكون و انا حي لااموت اطعني فيما امرتك و اقبل الي بدوام التوجه و الامتثال اجعلك مثلي حيا لاتموت. فاقبل الي الله سبحانه بكله حتي تجلي له فاشرق و طالعه فتلألأ فالقي في هويته مثاله فاظهر عنها افعاله فصار قابلا للادبار و مفارقة تلك الديار بالبعث و الرسالة الي بلاد الاغيار فقال له ادبر فادبر حتي جاء الي البعد الابعد و لمينزل الي رتبة دنيا بنفسه النفيسة حتي يخلي مكانه و لو اخلي الكلي مكانه عدم الجزئيات ولكنه ادبر بتنزله و ظهوره و نوره فاول ما تنزل تنزل الي رتبة الرقايق و الروح الملكوتي فالروح في رتبته مركب من مادة و صورة مادته من صورة العقل و صفته و صورته مما استخرج من تلك المادة و كذلك مادة النفس من صورة الروح و صورتها مما استخرج من تلك الصورة و هكذا فليس الرتبة الدنيا من نفس مادة العليا فان الصور الغليظة لاتلبس علي المواد اللطيفة و ليس من فعلها و اثرها المنفصل فان ذلك في السلسلة الطولية
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 532 *»
و الشيء لايتركب من الاثر و المؤثر فلابد و انيكون المادة واحدة لجميع المراتب التنزلية الا ان مادة الدانية صفة متصلة بالعالية ففي الحقيقة المادة في الكل واحدة و المخلوق في الرتبة العليا صفتها و في الثانية صفة الصفة و في الثالثة صفة صفة الصفة و هكذا و كل صفة دنيا تلبس علي صفة عليا فالمادة في الدنيا هو المادة في العليا الا انها بعد تلبسها بصفة العليا فمادة جميع مراتب الشخص هو الماء النازل من سحاب المشية الا انه بصرافته لايتصور الا بصورة العقل فاذا اصابه برد صورة العقل غلظ و جمد و صار قابلا لصورة الروح فاذا اصابه برد صورة الروح اشتد جموده و انعقاده و كثافته و صار قابلا لصورة الروح الرقيقة و هكذا كلما اصابه برد صورة دنيا اشتد جموده و صار صالحا لصورة اغلظ من الصورة العليا و امثل لك بماء الرمان فانه ماء سيال علي صورة يقبل التموج و هو رجراج لايثبت علي صورة فاذا وضعته في الهواء او في الشمس او النار غلظ حتي صار له قوام فحينئذ يكون قابلا لصورة اغلظ من الصورة الاولي و حصل له تثبت علي صورة في الجملة فاذا اشتد قوامه و انعقد صار ربا غليظا كالعجين يمكن انيجعل علي اي صورة شئت و يبقي مدة علي تلك الصورة و يقبل الثقب و الاستدارة و الاستطالة و غيرها و اذا اشتد جفافه و جمد يقبل الكسر و الدق ناعما و يبقي ابدا علي صورة جعلته عليها و من هذا المثال الحكيم تبصر امرك فان المادة في جميع المراتب هي ماء الرمان و مع ذلك لميعرض الكسر علي الماء و انما عرض علي الجمود و الجمود و مطاوعة الاشكال صفة الرب لا الماء و العقد و الغلظة و الربية انما عرضت علي شراب الرمان و صورة الشراب عرضت علي صورة ماء الرمان فالمادة في الرب هي المادة في الشراب لكنها بعد تلبسها بصورة الشراب و تغلظها و المادة في المنجمد هي المادة في الرب لكنها بعد تلبسها بصورة الرب و هكذا و ذلك المنجمد المستجمع للمراتب هو ماء رمان منجمد فافهم و كذلك مادة زيد واحدة و هي الماء النازل لكنها تلبست اولا بصورة العقل ثم تلك المادة المتلبسة بصورة العقل تلبست بصورة الروح ثم تلك المادة المتلبسة بصورة العقل ثم صورة الروح تلبست بصورة النفس و هكذا الي آخر المراتب و لمتفن المرتبة الاولي
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 533 *»
عند حصول المرتبة الدنيا نعم صارت فيها بالقوة و انما جعل القوس الصعودي لاستخراج ما صار بالقوة الي عرصة الفعلية فيخرج واحدا بعد واحد الي ان يعود الانسان حيث بدئ كما بدأكم تعودون فتدبر.
قال سلمه الله السادس الزهاد الثمانية من هم و منهم اويس القرني اريد المعني المراد من الزهاد الثمانية و معرفة اشخاصهم بالخصوص.
اقول الزهاد الثمانية اصطلاح من اهل علم الرجال و ليس بشيء و لافائدة في علمه و ذلك انه كان في قديم الايام في زمان علي7 و اختلاط الحق بالباطل رجال قدعرفوا بين الناس بالزهد و وصفوا به و كان عدتهم ثمانية و اشتهروا لكونهم معروفين احدهم ربيع بن خثيم بالخاء المعجمة المضمومة ثم المثلثة ثم المثناة من تحت كزبير و كان يلقب بالاصم و كان من اصحاب علي7 كما قالوا و زاهدا تقيا قدحفر في داره قبرا و كان اذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه و اضطجع و مكث ما شاء الله ثم يقول رب ارجعوني لعلي اعمل صالحا فيما تركت يرددها ثم يرد علي نفسه يا ربيع قدرجعناك فاعمل و ليس في عداد الحواريين و لا من مشاهير اصحاب اميرالمؤمنين و اصحاب علومه و اسراره و لميذكروا له مدحا في الرجال غير انه من الزهاد الثمانية و حكاية القبر عنه عن الغزالي و في مصباح الشريعة انه كان يضع قرطاسا بين يديه فيكتب كل ما يتكلم به فيحاسب نفسه عشية ما له و ما عليه و يقول آهآه نجا الصامتون و بقينا و حكي فيه انه قال اناستطعت انتكون في موضع لاتعرف و لاتعرف فافعل و علي اي حال هو من الزهاد و الظاهر انه المدفون خارج مشهد الرضا7 له قبة و مزار يزار و يسمي بخاجة ربيع فانه ابن خثيم و ثانيهم هرم بن حيان و لا اعلم له حالا ازيد من انه من اصحاب اميرالمؤمنين و كان من الزهاد و لمينقل له حال ازيد من ذلك و ثالثهم اويس القرني هو من كبار التابعين لمير النبي9 و لميصحبه و عن النبي9 في فضله انه قال ذات يوم ابشروا برجل
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 534 *»
من امتي يقال له اويس القرني فانه يشفع لمثل ربيعة و مضر انتهي و هو من حواري اميرالمؤمنين و من السابقين و المقربين و قتل بصفين في الرجالة مع اميرالمؤمنين7 و القرن ابوقبيلة باليمن و رابعهم عامر بن عبد قيس و لميذكر له حال الا انه من الزهاد و من اصحاب علي7 و ليس في عداد الحواريين و اصحاب الاسرار و الخامس ابومسلم اهبان بن صيفي عدوه من الزهاد و من زهده انه كان زاهدا في علي7 و كان يحث الناس علي قتال علي7 و قال لعلي7 ادفع الينا المهاجرين و الانصار حتينقتلهم بعثمن فابي علي7 فقال ابومسلم الآن طاب الضراب و علي هذا هو من الفجار الكفار المرائين و كان تزهده فخا و مصيدة و السادس مسروق و من زهده انه كان عشارا لمعاوية حتيمات في عمله بموضع اسفل من واسط علي دجلة يقال له الرصافة و قبره هناك و السابع الحسن البصري المعروف المبغض لعلي7 و الذام له القائل فيه7 لو كان علي يأكل الحشف بالمدينة لكان خيرا له مما دخل فيه و من زهده وسواسه حيث رآه علي7 يتوضأ و يصب علي اعضائه ماء كثيرا فقال له ارقت ماء كثيرا يا حسن فقال ما راق اميرالمؤمنين من دماء المسلمين اكثر فقال او ساءك ذلك قال نعم قال فمازلت مسوءا فمازال الحسن عابسا قاطبا مهموما الي ان مات و الثامن الاسود بن يزيد له ثمانون حجة و عمرة و كان يصوم حتي يخضر و يصفر و يختم في ليلتين و ذكروا انه من الزاهدين في علي7 و هو فاجر خبيث و ذكر بعضهم بدل الاسود جرير بن عبد الله البجلي صاحب احد المساجد الذي بني في الكوفة فرحا بقتل الحسين و هدم علي7 داره مرة او مرتين و خلط في عقله آخر عمره نعوذ بالله فهؤلاء الزهاد الثمانية و هو من اصطلاحات العامة او الصوفية و ليس من
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 535 *»
طريقتنا نظم الجاجة[1] مع الدر و لايرض قلب الشيعي بعدّ النواصب في الزهاد.
قال سلمه الله ما معني تنزل العقل الي النفس و هي الي ما تحتها حتي ينتهي الي الجسد و ما الفرق بين تنزل المنير الي النور و اللب الي القشر و هل للتنزل مراتب ام لا بل التنزل نوع واحد.
اقول قدقدمنا معني التنزل و صفة تنزل العقل الي الروح و كذلك تنزل كل عال الي ادني منه حتي ينتهي الي الجسد و اما الفرق بين المنير و النور و القشر و اللب ان الشيئين اما يشتركان في المادة و اما لا. فان اشتركا في المادة و بينهما ترتب التوسط فهما علي نحو القشر و اللب و ان لميشتركا فهما علي نحو المنير و النور فان مادة النور من احداث المنير و اختراعه و ليس النور من نفس مادة المنير كما تري انه ليس مادة كلامك و قيامك من مادتك و انما تحدث الكلام و القيام بمادتهما و صورتهما و اما القشر و اللب فهما علي ما وصفنا من ان مادة القشر صفة اللب و التنزل الذي اصطلحنا عليه نوع واحد و هو هذا.
قال سلمه الله ما معني اشتمال الصماء.
اقول اما بحسب اللغة فيقال اشتمل بالثوب اذا اداره علي جسده كله حتي لاتخرج منه يده و الشملة اسم لهيئة الاشتمال و يقال شملة الصماء و اشتمال الصماء اي اشتمال الشملة الصماء و هي الالتحاف بالثوب من غير انيجعل له موضع يخرج منه اليد و قيل هي انتجلل جسدك بثوب نحو شملة الاعراب باكسيتهم و هي انيرد الكساء من قبل يمينه علي يده اليسري و عاتقه الايسر ثم يرده ثانية من خلفه علي يده اليمني و عاتقه الايمن فيغطيهما جميعا هذا كلام اهل اللغة و روي عن ابيجعفر7 قال اياك و التحاف الصماء قيل و ما الصماء قال انتدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله علي منكب واحد انتهي و المعول علي الخبر و هو المنهي.
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 536 *»
قال سلمه الله التاسع ما حق السلطان عند الرعايا من الخراج و المقاسمة و هل يجوز لي و لامثالي اخذ شيء من الرعية بحكم السلطان ام لا و هل للسلطان حق ام لا و من هذا السلطان الذي له حق عند الرعية.
اقول هذا آخر مسائله سلمه الله و لما كان هذه المسئلة من الضروريات اللازمة و لماسأل عنها قبله سلمه الله فحري بنا ان نبسطه بسطا في الجملة. اعلم ان هذه المسئلة تتحلل الي مسائل الاولي ان ما يأخذه الظالم من الغلات و الاموال هل هو حلال له ام لا الثانية وجوب الدفع اليه و براءة ذمة الدافع اليه و عدمهما الثالثة جواز اخذ شيء منه و قبول عطائه و عدمهما و جواز الشراء منه و المعاملة معه و عدمه فالاولي في ان ما يأخذ الظالم من الغلات باسم المقاسمة و من الاموال باسم الخراج و الزكوة هل هو حلال له ام لا و قدتكلم الاصحاب في ذلك كثيرا حتي كتبوا في ذلك رسالات خاصة و حذا بعضهم حذو بعض في البيان و استدلوا باستدلالات عجيبة ستسمع بعضها و لابد من تقديم مقدمة:
اعلم ان الله سبحانه خلق السموات و الارض بالحق و للحق و هو مالك الملك و بعث الي الخلق انبياء و رسلا و هم خلفاء الله في ارضه و حكامه في بلاده و هم مالك الملك بتمليك الله اياهم «و هو المالك لما ملكهم و القادر علي ما اقدرهم عليه» لاشريك لهم في ذلك اذ لاشريك له في ذلك و يجوز لساير الرعية التناول من الدنيا بقدر ما اذنوا لهم و لايجوز لهم التجاوز عن ذلك و لهم صلوات الله عليهم انيأذنوا بتناول شيء يوما و يمنعوا عنه يوما كما يأذن المالك في التصرف في ملكه متي شاء و يمنع عنه متي شاء و لاتعارض بين اذنه و منعه و كذا بين منعهم رجلا و اذنهم لرجل و ليس لاعدائهم في الارض نصيب و لايبيحون لهم شربة من الماء فضلا عن التصرف في الدنيا و اموالها. فهم يمشون علي الحرام و يأكلون الحرام و يشربون الحرام و يلبسون الحرام و ينكحون الحرام ليس لهم وراثة الله و هو مالك المالك و لاخلافة الله و ليسوا بشركاء لله في ملكه فاني لهم شيء يتصرفوا فيه حلالا. هذا هو الدين الخالص و حقيقة مذهب التشيع. المتقدم عليها مارق و المتأخر
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 537 *»
عنها زاهق و اللازم لها لاحق و يدل علي ذلك اخبار متضافرة فعن علي7 في حديث قال الله تعالي «اني جاعل في الارض خليفة» فكانت الارض باسرها لآدم ثم هي للمصطفين الذين اصطفاهم و عصمهم فكانوا هم الخلفاء في الارض فلما غصبهم الظلمة علي الحق الذي جعله الله و رسوله لهم و حصل ذلك في ايدي الكفار صار في ايديهم علي سبيل الغصب حتي بعث الله رسوله محمدا9 فرجع له و لاوصيائه فما كانوا غصبوا عليه اخذوه منهم بالسيف فصار ذلك مما افاء الله به مما ارجعه الله اليهم و عن ابيجعفر7 من احللنا له شيئا اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو حرام و عن ابيعبد الله7 في حديث الارض كلها لنا فما اخرج الله منها من شيء فهو لنا و في حديث آخر قيل له7 ما لكم من هذه الارض فتبسم ثم قال ان الله بعث جبرئيل و امره ان يخرق بابهامه ثمانية انهار في الارض منها سيحان و جيحان و هو نهر بلخ و الخشوع و هو نهر الشاش و مهران و هو نهر الهند و نيل مصر و دجلة و الفرات فما سقت او استقت فهو لنا بالجملة من راجع اخبارهم و تتبع آثارهم عرف ذلك منهم بلاغبار مع ما يشهد به صحيح الاعتبار فالدنيا باسرها لهم ملكا طلقا حكما من الله عزوجل في ظاهر الشرع دون باطنه فمن حللوا له شيئا منها فهو له حلال و من حرموا له شيئا منها فهو له حرام فاني لعدوهم و غاصب حقهم منها شيء و اني يحل له شيء منها و العجب من طائفة منا يستدلون بحلية تصرف الاعداء بان الائمة كانوا يقبلون جوائزهم و صلاتهم و انعرفت ما ذكرت لك تعجبت من هذا القول فلو انهم صلوات الله عليهم سكتوا عن حرمة تصرفاتهم تقية في دار الهدنة لميدل علي انه يحل لهم التصرف في الملك.
فاذا عرفت هذه المقدمة السديدة فنقول اما المسئلة الاولي و هي انه هل يحل للظالمين ما يأخذون من ارضي المسلمين التي هي في ايدي الناس باسم الخراج او المقاسمة و من ارضي الانفال باسم المقاسمة و من الغلات و الدواب
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 538 *»
و الاموال باسم الزكوة ام لا فمبني مذهب الشيعة انهم غاصبوا حق الولاة: و انهم ظالموا حقوقهم و ليس لعرق ظالم حق و ما نقل عن احتمال بعضهم انها لهم كالجعل لحفظ ثغور المسلمين و نظم البلاد و العباد فهو من عجيب الاشتباه فان هذه الاموال لو كانوا عادلين و من جانب ولاة الحق و كانوا حافظين ناظمين لكان لها اهل دونهم و لمتكن تصير لهم بكلها جعلا فكيف في حال ظلمهم و لزوم انيقاتلهم المسلمون حتييدفعوهم عن مقامهم و يزحزحوهم و يكفوا ايديهم عن رؤس المسلمين فهي لهم حرام و انكانوا يتدينون بحليتها لهم و تعتقد الرعية وجوب دفعها اليهم فان تلك الاموال لها اهل و الظلمة غاصبون متغلبون و لايتفاوت في الظالم كونه مخالفا او موافقا فان الحق حق الغير مع ان الموافق مقتضي دينه انه ليس باهل لذلك المقام فلاكلام في انها عليهم حرام.
و اما المسئلة الثانية و هي وجوب الدفع اليهم و براءة ذمة الدافع اليهم عما يجب عليه فقداختلف كلمات الاصحاب في ذلك فعن جماعة من اصحابنا وجوب دفع المقاسمة و الخراج اليهم فلايجوز للزارع جحدهما و منعهما و السرقة منهما و عن بعضهم نقل الاتفاق عليه و تأمل في ذلك بعضهم و نقل عن جماعة من اصحابنا عدم براءة الذمة بالدفع اختيارا و عدم جواز الدفع مهما امكن و ادعي بعضهم الضرورة الدينية علي عدم جواز الدفع و لعمري الاختلاف في ذلك في الشيعة من الغرايب و لميحدث ذلك الا من مطالعة كتب العامة و النسج علي منوالهم و الغفلة عن مقتضي مذهب الشيعة فعنونوا ما عنونوا و نظروا فيما تكلموا فاختاروا بعضها و زيفوا بعضها و هذا ثمرة مراجعة كتبهم و هذا سر نهي آل محمد: عن النظر في احاديثهم و مخالفتهم في كل باب و لعمري اذا كان المخالف بمقتضي المذهب عدو آل محمد: و غاصب حقوقهم و ناصب اوليائهم كيف يجب دفع اموال المسلمين و اموال آل محمد: اليهم حتييفرقوها علي حسب اهوائهم و في معصية الله و رسوله و يزيدوا بها في اثاث سلطنتهم و يزخرفوا بها بيوتهم و يشددوا بها اساسها و يستعملوا بها الملاهي و المعازف و ينحلوها
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 539 *»
اشباهم من الكفرة الفجرة و يزووها عن اهلها بل و لو وصل خبر بوجوب الدفع اليهم لكان الواجب علي العارف بسر المذهب انيقطع بانه صادر تقية فمقتضي المذهب حرمة دفع مال مسلم الي غيره الا باذنه و رضاه بل ذلك الظالم المخالف ممن لو كان الحق مادا باعه كان ممن يجب دفعه بتلك الاموال و نفيه عن الدنيا او عن بلاد المسلمين فضلا عن انيعان باموالهم و يدل علي ذلك ما رواه عيصبنالقسم عن ابيعبدالله7 في الزكوة قال ما اخذوا منكم بنوامية فاحتسبوا به و لاتعطوهم شيئا ما استطعتم فان المال لايبقي علي هذا انتزكيه مرتين و الخبر و ان كان في الزكوة الا انه لافرق بين الخراج و المقاسمة و الزكوة فانها كلها لاهل هم غيرهم و عن ابياسامة قال قلت لابيعبدالله7 جعلت فداك ان هؤلاء يأتونا فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم اياها اتجزي عنا فقال لا هؤلاء قوم غصبوكم او قال ظلموكم اموالكم و انما الصدقة لاهلها و الظاهر ان قوله فنعطيهم استفهام و يعلم منه انه كان يمكنهم عدم الدفع في بعض الاوقات او في بعض المال فسأل انعطيهم و ايجزي عنا قال لا و علل ان الصدقة لاهلها و العلة جارية في الخراج و المقاسمة ايضا فان الانفال لآل محمد: و الخراجية للمسلمين و مصالحهم لا للكفار الناصبين و معازفهم و عن ابيالبختري عن جعفر عن ابيه ان عليا7 كان يقول اعتد في زكوتك بما اخذ العشار منك و اخفها عنه ما استطعت بالجملة هذا مقتضي المذهب و ضرورته و مبناه و منشأه و هذه اخباره مع اخبار كثيرة لاتحصي تدل علي ذلك نوعا و انكان في غير هذا المورد و لا وجه لوجوب الدفع و عدم جواز منعهم و الاخفاء عنهم و براءة الذمنة مع امكان عدم الدفع اليهم ابدا و لو وجد رواية فهي محمولة علي التقية البتة و لابد للفقيه في كل مورد انيكون عارفا بسر المذهب نوعا و انيعرف اللحن اذا لحن له و اما ما روي من احتساب ما يأخذه السلطان باسم الزكوة كما روي عن يعقوببنشعيب قال سألت اباعبدالله7 عن العشور التي تؤخذ من الرجل ايحتسب بها من زكوته قال نعم انشاء و عن سليمن بن خالد قال سمعت اباعبدالله7
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 540 *»
يقول ان اصحاب ابي اتوه فسألوه عما يأخذه السلطان فرق لهم و انه ليعلم ان الزكوة لاتحل الا لاهلها فامرهم انيحتسبوا به فجال فكري و الله لهم فقلت له يا ابه انهم انسمعوا اذا لميزك احد فقال يا بني حق احب الله انيظهره و عن عبيد اللهبنعلي الحلبي قال سألت ابا عبدالله7 عن صدقة المال يأخذه السلطان فقال لا آمرك انتعيد و سئل7 عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكوة ماله او خمس غنيمته او خمس ما يخرج له من المعادن اتحسب له في زكوته و خمسه فقال نعم الي غير ذلك من الاخبار فليس ذلك من باب حلية الزكوة و الخمس و الخراج و المقاسمة لهم و لا من باب وجوب الدفع اليهم بل صاحب الحق و الذي هو اولي بالخلق منهم عفي عن شيعته لوقوع الظلم عليهم و لانهم لو اعادوا اجحف بهم و تضرروا غاية الضرر و كأنهم اي الظلمة هم غاصبوا حق الفقراء و المسلمين و ليس من جانب المؤمنين من تفريط اللهم الا انيمكنهم الاخفاء عنهم و عدم الدفع اليهم و لميفعلوا لكن لما امروا شيعتهم بالتقية و المضي في احكامهم مادامت دولة الباطل غالبة يحتمل عدم وجوب الاخفاء عنهم ايضا و ذلك كما رواه في الوسائل عن عطاء ابنالسائب عن علي بنالحسين7 قال اذا كنتم في ائمة جوز فامضوا في احكامهم و لاتشهروا انفسكم فتقتلوا و انتعاملتم باحكامنا كان خيرا لكم و في رسالة ابيعبدالله7 و عليكم بمجاملة اهل الباطل تحملوا الضيم منهم و اياكم و مماظتهم دينوا فيما بينكم و بينهم اذا انتم جالستموهم و خالطتموهم و نازعتموهم الكلام بالتقية التي امركم الله انتأخذوا بها فيما بينه و بينكم و عن النبي9 طاعة السلطان واجبة و من ترك طاعة السلطان فقدترك طاعة الله عزوجل و دخل في نهيه ان الله عزوجل يقول «و لاتلقوا بايديكم الي التهلكة» بالجملة يمكن الجمع بين الاخبار بانه انكان يمكن الكتم عنهم بحيث لايبرز ابدا و لايصيبه و لا احدا من اخوانه ضرر لايجوز الدفع اليهم بوجه و الا يجوز او يجب تقية لا ان لهم حقا و من دفع اليهم مال مقاسمة او خراج او زكوة
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 541 *»
في زمن التقية و خفاء الدولة البهية حسب له و برئت ذمته و عفي صاحب الحق و العصر عنه و حكي عدم الخلاف في برائة الذمة و ان امكنه الكتمان و عدم الدفع و لميدفع فما كان عليه من الزكوة فيعطيه لاصحابه وجوبا اذ لامانع منه و ما كان من مقاسمة الانفال و طسق اراضيها فهو للامام و اباحوه للشيعة رحمة منه عليهم كما روي ما كان لنا فهو لشيعتنا و اما ما كان من ارض خراجية فهي للمسلمين و طسقها لهم فذلك مما يشكل الامر فيه و لكن يمكن الاستدلال بما روي من اباحتهم الارض لشيعتهم كما في رواية ابي سيار عن ابيعبدالله7 يا اباسيار الارض كلها لنا فما اخرج الله منها من شيء فهو لنا قال قلت له انا احمل اليك المال كله فقال لي يا اباسيار قدطيبناه لك و حللناك منه فضم اليك مالك و كل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض فهم محللون و محلل لهم ذلك الي ان يقوم قائمنا فيحسبهم طسق ما كان في ايدي سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم عنها صغرة و في حديث الانهار و ما كان لنا فهو لشيعتنا و ليس لعدونا منه شيء الا ما غصب عليه و ان ولينا لفي اوسع فيما بين ذه الي ذه يعني بين السماء و الارض و عن معاذ بياع الاكسية عن ابيعبدالله7 قال موسع علي شيعتنا انينفقوا مما في ايديهم بالمعروف فاذا قام قائمنا حرم علي كل ذي كنز كنزه حتييأتيه به يستعين به فمقتضي هذه الروايات اذنهم صلوات الله عليهم شيعتهم انيتصرفوا في الارض الي انيظهر امرهم ولكن هذا اذا علم ان الارض مفتوحة عنوة باذن الامام و كانت عامرة حال الفتح فان الموات سهم الامام و من الانفال و ما لميغنم باذن الامام فهو للامام و اغلب هذه البلاد مفتوحة بعد النبي9 في حكم خلفاء الجور و ليس بمعلوم اذن الامام لهم و هم بانفسهم نواصب كفار يستحقون الغزو معهم و القرية المخصوصة لايعلم اليوم انها مفتوحة عنوة ام لا و علي اي حال الشيعة في زمان الغيبة في سعة.
بقي شيء و هو ان مقتضي الاخبار ان ما يأخذه السلطان باسم الزكوة
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 542 *»
يحسب من الزكوة اذا اخذه قهرا و لميمكن منعه و هل ذلك يجري في السلطان الموافق ام لا فاقول انكان يأخذ باسم الزكوة فلاشك في جوازه و جواز احتسابه لعموم الاخبار و العلل التي اعتلوا بها و لدفع الضرر و لاضرر و لاضرار و اما مايأخذونه باسم الماليات و الخراج و لايعرفون شيئا من المقاسمة و الخراج و الزكوة و يطالبون الناس بماليات السلطان و خراجه هل يحتسب به من الزكوة ام لا؟ فيه اشكال لانهم لايعرفون الزكوة و لايطالبون الناس بها بل و لعلهم يغضبون اذا قلت لهم هذه زكوة مالي فان هو الا كغاصب يغصبك مالك و لايجوز احتسابه من الزكوة اللهم الا ان يقاسموا المحصول و يأخذوا قسمة منه عنفا ففيها زكوتها و قدذهبوا بها ليس علي المالك زكوتها الا زكوة قسمته.
و اما المسئلة الثالثة و هي قبول هداياهم و جوايزهم اعلم انه اذا كان الظلمة ممن يقع في ايديهم اموال حلال او كان لهم املاك او تجارات او مكاسب و يصلونك بشيء و لاتعلم انه حرام بعينه فلااشكال في جواز قبول صلتهم و اكل طعامهم و ليس ذلك محل كلام و يدل عليه النصوص منها جوايز السلطان ليس بها بأس و روي في جايزة العامل خذ و كل لك المهنا و عليه الوزر و في الحقيقة لافرق بينهم و بين اكثر الكسبة فان في اموالهم حراما و حلالا و اما اذا علمت انه من مال الخراج او المقاسمة او الزكوة فهل يجوز اخذه ام لا؟ اختلف كلمات الاصحاب في ذلك فمنهم من نقل الاجماع علي جواز قبول صلته و حلها و قال بعضهم ان حلها من الضروريات و اني كلما تتبعت في الاخبار لماجد ما يدل علي ذلك نصا اما ما استدلوا به من اخبار قبول الائمة سلام الله عليهم صلتهم فذلك في غاية الغرابة فان الائمة هم اصحاب الامر كله و ينبغي تسليم جميع الامر اليهم فاذا وقع بايديهم بعض المال يأخذوه البتة هذا و ما علمهم بانهم كانوا يصرفونه في مصالح المسلمين و يوصلونه اهله او يأكلون و ليس فيها ما يدل علي ذلك بل منها انهم اعطوا بعض صلاتهم الفقراء و صرفوها في المسلمين و منها ما يدل علي حل محض صلتهم و اذن قبوله و ليس فيه انه من مال المقاطعة او مال الخراج و لاشك
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 543 *»
انه يقع في ايديهم اموال حلال كثيرة مما يهدي اليهم و يتحفون و مما يتجرون و يزرعون فلامانع من قبول جوايزهم و منها ما يدل علي قبول جايزة عامل ليس له مكسب غير عمله لهم هذا و ان كان لاينفي احتمال وقوع مال حلال في يده و يراد منه ظاهرا انه ليس له تجارة ظاهرة او زراعة او صنعة ظاهرة و هذا لاينافي انيهديه احد بكساء او يصله احد بدرهم و مع هذا الاحتمال لايضر قبول صلته البتة و علي فرض الدلالة مخصوص بمن اذن له الامام الحق لايتعدي الي غيره لقول ابيجعفر7 من احللنا له شيئا اصابه من اعمال الظالمين فهو له حلال و ما حرمناه من ذلك فهو له حرام فلايقاس عليه بل وصل النصوص علي عدم جواز القبول منهم كما روي عن ابيابصير قال سألت اباجعفر7 عن اعمالهم فقال لي يا ابامحمد لا و لامدة قلم ان احدهم لايصيب من دنياهم شيئا الا اصابوا من دينه مثله او حتي يصيبوا من دينه مثله الوهم من ابن ابي عمير و عن ابي عبد الله7 من سود اسمه في ديوان ولد سابع حشره الله يوم القيمة خنزيرا و حديث الرجل من كتاب بني امية حيث اصاب من دنياهم مالا كثيرا و اغمض في مطالبه فامره ابوعبد الله7 ان يخرج من جميع ما كسب في ديوانهم فمن عرف منهم رد عليه ماله و من لميعرف تصدق به و ما روي ان الرضا7 رد صلتهم معتلا بان فيها حقوق الامة هذا و قد عرفت انهم ظالمون غاصبون و لايجوز اداء المقاسمة و الخراج و الزكوة اليهم و جميع ما في ايديهم غصب فلايجوز اخذ المال الحرام من ايديهم هذا و هم يشترطون ان لايكون ظلم الرعية و لاتعدي اليهم في المقاسمة و الخراج و سلك مسلك ائمة العدل و انت تعلم ان في هذه الاوقات بلغ الظلم اعنان السماء و جميع الرعية اكرة السلطان و عبيده و كأن الارض ارضه و ضرب عليهم من الخراج و المقاسمة مالايفي به جميع ما يخرج من الارض و الناس يعطون للخراج و المقاسمة جميع ما يملكون و يبيعون عليهما الدار و العقار و التليد و الطارف و لاتفي فاني و اني و اما الذين زعموا التفصي من ذلك بانا لانقول انهم غير غاصبين
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 544 *»
ولكن امام الحق اذن في القبول عنهم و نحن نقبل صلتهم باذن الامام الحق و هو مالك البسط و القبض فعليهم الوزر و لنا المهنأ قلت «هاتوا برهانكم انكنتم صادقين» اما النص فلانص و اما الاجماع فهو حجة لمن حصله حصلوه لنا انكنتم قادرين و تحصيل الاجماع مع عدم كتاب و سنة و سيرة ثابتة بديهية في غاية الاشكال و محض ذهاب جماعة الي قول لايفيد شيئا في اي حال و هذا الذي خفي علي الرجال و يحصلون الاجماع بمحض توافق اكثر الاقوال و هذا هو الداء العضال و بذلك كثر نقل الاجماع و ادعاؤه في الاحوال و الله اعلم بمايؤل اليه الامر في المآل و قدذهب الي المنع المحقق الاردبيلي في شرح الارشاد و قداستدل بعضهم علي الجواز بالضرورة و ان الخلفاء كانوا يفرقون بيت المال في الصحابة و هذا لايدل علي حل جوايزهم فان اهل الحق في زمان التقية يمضون في احكام اهل الجور ما هو اعظم من ذلك هذا و كان فيهم الامام7 مالك الملك فما اجاز لهم اخذه جاز لهم كما مر في الخبر نعم بعد ما عرفت ان جميع ادلتهم مخدوشة و في كثير منها تكلف ظاهر و ليس بنص في المقام يمكن القول بحليتها في الجملة من باب ان الدنيا كلها للامام فمن تصرف في شيء منها باذن الامام فهو له و لايجوز لغيره صرفه عنه و نزعه من يده فانه قدتصرف باذن مالك الملك و اما من تصرف فيها بغير اذن الامام فتصرفه حرام و هو اي ما تصرف فيه للامام و قدقالوا ان ما كان لنا فهو لشيعتنا فما وصلوا به الشيعة فقد نال الشيعة شيئا من مال امامه و له المهنأ و علي الجاير الوزر ولكن هذا يستقيم ان علم ان ما اخذه السلطان ليس من مال احد من الشيعة و لعله يلحق بهم ضعفاء المسلمين غير ناصبين فان تصرفهم فيما في ايديهم باذن الامام و هو لهم فما اخذ منهم جبرا حرام علي شيعي آخر تناوله و اما ما كان من مال اعدائهم فلابأس به كما ورد خذ مال الناصب حيثما وجدته و اد الينا الخمس و من هذا الباب يجوز القبول و ان ظلم رعيته و زاد في الخراج بل و ان حول المجاز علي الرعية بلاتفاوت و ذلك من باب مال الناصب لاجل الجايزة ولكن في معرفة ذلك اشكال لاختلاط الشيعة و الضعفاء و النواصب في كل ملك فان وصله الظالم بمال و علم انه
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 545 *»
من المقاسمة و الخراج ولكن لايعلم هل هو من مال الشيعة او الضعفاء او الناصب و لايمكن تعريفه فالاصل جوازه فانه مال امام الحق و لايعلم هل استولي عليه من يجوز استيلاؤه ام لا و لاينقض اليقين الا بيقين مثله و لعلك عرفت من ذلك انه ليس الامر علي الاطلاق في جواز جوائز السلطان اذا علم انها من المقاسمة و الخراج و الزكوة بل هو من باب اخذ مال الناصب و هو بمنزلة ما افاء الله علي رسوله9 هذا في الظالم المخالف و اما امر المستولين علي الرقاب من الشيعة فظاهر فان مناط دين الشيعة بين ظاهر و لايحتاج الي التفصيل.
و اما حكم الشراء منهم فقدنقل عليه الاجماع و الاتفاق و ان علم ان ما يبيعونه من مال المقاسمة او الخراج و استدلوا علي ذلك بعد الاجماع بروايات لي في دلالتها تأمل كثير منها رواية معويةبنوهب قال قلت لابي عبدالله7 اشتري من العامل و انا اعلم انه يظلم فقال اشتر منه تري انه ليس فيها دلالة علي ان ما يبيعه من مال المقاسمة و الخراج و العامل في الظاهر مسلم له مال حلال و حرام و رواية اسحقبنعمار قال سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم قال يشتري منه ما لميعلم انه ظلم فيه احدا و هي كسابقها و اوضح فانه ان علم انه من مال المقاسمة و الخراج فقدعلم ظلمه و غصبه و اما رواية عبد الرحمن بن الحجاج فليس فيها الا تجويز مطلق شراء الطعام و رواية زرارة ليس فيها الا شراء الارز و ليست بنص في المطلوب و تحتمل احتمالات و رواية محمدبن ابي حمزة ليس فيها الشراء من العامل بل فيها مطلق شراء الطعام و اما رواية ابيعبيدة عن ابيجعفر7 قال سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من ابل الصدقة و غنم الصدقة و هو يعلم انهم يأخذون اكثر من الحق الذي يجب عليهم قال فقال ما الابل الا مثل الحنطة و الشعير و غير ذلك لابأس به حتي تعرف الحرام بعينه قيل له فما تري في مصدق يجيئنا فيأخذ منا صدقات اغنامنا فنقول بعناها فيبيعناها فما تقول في شرائها منه قال ان كان اخذها و عزلها فلابأس قيل له فما تري في الحنطة و الشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا و يأخذ حظه فيعزله بكيل فماتري في شراء
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 546 *»
ذلك الطعام منه فقال ان كان قبضه بكيل و انتم حضور ذلك فلابأس بشرائه منه من غير كيل و هذه الرواية اوضح اسنادهم و هي مع سلامة الدلالة تحتمل التقية فانه لو شاع عن الشيعة انهم لايجوزون شراء مال بيت المال و يرون تصرف السلطان حراما لاخذ برقابهم قطعا فكيف و في دلالتها كلام بل فيه ايهام التقية فانه يقول لابأس به حتي تعرف الحرام بعينه و اذا علمت ان تصرفهم غصب فتعلم انه حرام بعينه و اما رواية جميلبنصالح و بيع تمر عين ابيزياد فليس فيها دلالة علي انه من العمال و لا ان التمر من المقاسمة و الخراج بل يحتمل ان عين ابيزياد كانت من الصادق7 و غصبت عنه و لذلك استأذنه السائل في شراء تمرها كما يظن من رواية بالجملة الروايات غير دالة و روايات تقبل الشيعة عن السلطان الجزية و غير ذلك لادلالة فيها اذ لاشك ان العاملية لهم محرمة لما فيها من اعانة الظلمة و الاقة دواتهم محرمة فضلا عن العمل لهم و علي فرض وجود رواية دالة هي محتملة للتقية او ان التقبل جاز لما استأذنوا الامام و لاشك انه بالاذن الخاص يجوز و يصير بمنزلة التقبل منه و لانجري هذه الروايات في جميع المكلفين لما علمنا من ظلمهم و غاصبيتهم و حرمة اعانتهم و اما روايات تقبل الارضين فعلي فرض جواز التقبل و الزرع في الارض لايقاس عليه الشراء منهم فان في ترك التقبل عسرا ظاهرا و خروج الناس عن املاكهم و فيه فساد معاشهم و غاية الامر يكون التقبل باطلا و ما يأخذه الظالم غصبا و اما الزرع فهو للزارع و له حلال و الارض للامام و ماله لشيعته و لذلك لابأس به و لايقاس عليه الشراء و ساير المعاوضات و لاعسر في عدم الشراء من السلطان و لاحرج فيدور الامر مدار الاجماع ان ثبت و في اثباته عسر ظاهر في غير مورد الكتاب و السنة و مخالفة العقل و النقل هذا و هم يشترطون عدم تعديهم علي الخلق و عدم زيادة الخراج و المقاسمة علي المقدار العدل الذي يضعه الامام العادل و قدبلغ الظلم فيهما اعنان السماء و لايعلم مقدار العدل و اشتبه الارض المفتوحة عنوة بغيرها و لاعبرة بالسير و التواريخ و اشتبه الانفال بغيرها و اختلط جميع امور العالم و غشي ظلمة الظلم العالم بحيث
«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 547 *»
اذا اخرج الانسان يده لميكد يراها و الي الله المشتكي و المستعان و في ما ذكرنا كفاية و بلاغ. قدفرغ من تسويدها مصنفها كريمبنابرهيم في ضحوة يوم الخميس ليومين او ثلثة بقيت من شهر شوال من شهور سنة السابعة و السبعين من المائة الثالثة عشرة. حامدا مصليا مستغفرا تمت.
[1] الجاجة: خرمهره