31-09 مکارم الابرار المجلد الواحد والثلاثون ـ رسالة في جواب الملاعلي اكبر اللاري ـ مقابله

 

 

رسالة في جواب الملاعلي اکبر اللاري

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 379 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد سألني جناب الاكرم الامجد و الافخم الاحمد جناب الاجل الافخر المولي علي اكبر اللاري سلمه الله و ابقاه عن مسائل عجيبة و مطالب غريبة و وردت علي مسائله و انا في بلدة يزد في غاية تبلبل البال و اختلال الحال من تغلب الانذال و استيلاء الارذال و تراكم الاشغال فتأخر الجواب الي ان رجعت الي دار الامان و قد نسيت جوابه الي ان رأيت يوما مسائله في دفاتري فتذكرت ما اكد علي و قصرت في خدمته فبادرت الي جوابه مع ما انا فيه من كثرة الاضاعة و قلة البضاعة و اعتذر اليه من تفصيل الجواب لتراكم الاشغال و تكاثر المسائل علي هذا و العاقل يكفيه الاشارة و الجاهل لايكتفي بالف عبارة و لان الاختصار هو الميسور و تركه مسقط للجواب كلية فالاولي الاكتفاء بالميسور و علي الله التكلان في جميع الامور و لاقوة الا بالله العلي العظيم.

قال سلمه الله بعد ما عنون به كتابه مما لااليق بعشر من معشاره الاولي اسرار المعراج و معني البراق و الرفرف و تكلم الله تعالي مع النبي9 بلسان علي7 و رؤية‌ النبي9 عليا7 بصورة‌ الاسد كما يستفاد من بعض الاخبار و سر باقي احوال المعراج.

اقول عبارة قليلة عن مسائل جليلة يقتضي سؤاله ان يصنف في جوابه كتاب كبير بل هو في جنب ما سأل صغير حقير و هو كأن يسأل رجل بين لي جميع اوضاع العالم من البداية الي النهاية ولكنه سلمه الله لفرط محبته اهل ان لايخيب سؤاله و يجاب بقدر الميسور

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 380 *»

اعلم ان الله سبحانه لماخلق العقل قال له ادبر فادبر فكان ينزل منزلا بعد منزل الي ان نزل هذه الدار دار البلاء و الاختبار فارتطم في التراب و استجن في السراب حتي كأنه لم‌يكن قبل ذلك حيا و كان نسيا منسيا فخاطبه الله سبحانه بلسان رحمته بخطاب اقبل فقام يصعد درجا بعد درج و مرقي بعد مرقي فساع سريع سبق و متأخر بطيء لحق و متول معرض انمحق فقام يصعد من بعد ما كان كيلوسا الي كونه كيموسا الي كونه جوهرا ياقوتيا دما الي كونه روحا بخاريا ذا انقباض و انبساط الي كونه روحا نفسانيا ذا شعور و حركة فكان جنينا و خرج من بطن امه و تعلق به النفس الناطقة القدسية فصار ينطق شيئا بعد شيء بسبب رفع الموانع اي الرطوبات المانعة عن مطاوعة الاعضاء لها الي ان بلغ مبلغ النطق الكامل و الشعور الشامل و التدابير و التصاريف و الصنايع و الاعمال البدايع فتداركه رحمة من ربه و علمه ما به يحصل التجرد عن الاعراض و الشفاء عن الامراض و به يتقوي النفس الانسانية و به يخرج عن حدود البهيمية فاذا اشتغل بما امره به و دعاه اليه شيئا بعد شيء و توجه الي الواحد الفرد تفردت نفسه و اشتد تركيبها و زالت اعراضها و رفعت امراضها فانزعجت عن الدنيا الدنية و استشعرت مقاماتها العلية التي كانت فيها و نزلت  عنها فهوت التغرد علي افنان تلك الدوحات بفنون الالحان و الترجيعات فسارع اليه بالتوجه التام و اقبل عليها بكله كالهيام و اعرض عماسواه حتي استمج حلاوات الدنيا فضلا عن مراراتها و اشتاق اليها ببال ذي بلبال و سارع اليها في جميع الاحوال كما يصف علي7 المتقين به لولا الاجال التي كتب الله لهم لم‌تستقر ارواحهم في ابدانهم طرفة عين شوقا الي الثواب و خوفا من العقاب و لنعم ما يقول احدهم:

صحبوا الدنيا بجسومهم

و اليك بانفسهم عرجوا

و هذا الذي قال اميرالمؤمنين7 صحبوا الدنيا باجسام ارواحها معلقة بالملأ الاعلي الخبر ففي التدبير العام يكون الامر كذلك الي ان يدعوه ربه فيجيبه فيموت و يسلخ مثاله مع ما فيه من نفسه و عقله من جسمه فيطير في عالم الامثلة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 381 *»

علي افنان اشجار خضر و ذلك المثال هو حوصلة الطير الاخضر فيتنعم في ذلك العالم الي ان ينفخ في الصور للنشور فيسلخ عنه النفس و عنها العقل فتبقي الدنيا الي اربع‌مأة سنة حتي تأكل ارض كل رتبة ما فيها من الغرائب فتصفو و تصير قابلة للتركيب الخالد المخلد الذي يبقي مادام ملك الله سبحانه فاذا نفخ في الصور اخري تطايرت المراتب بعضها علي بعض و تضامت و تعانقت و تزاوجت و تمازجت و اتحدت حتي صارت كانها شيء واحد فكانت واحدة في المنظر و ثلثة في المخبر و سبعة في الاثر فرجعت الي ما بدأت كما بدأت و لا غاية  لهذا السير و لا نهاية فانه لا غاية للتضاعف و لايدرك شأوه بالتواصف و هو قوله7 في الدعاء تدلج بين يدي المدلج من خلقك و في القدسي كلما وضعت لهم علما رفعت لهم حلما ليس لمحبتي غاية و لا نهاية فلامنتهي لهذا المعراج و لا نفاد لهذا الابتهاج و هذا هو حقيقة المعراج و سر ذلك الابتهاج الا ان الناس يختلف احوالهم في هذا السير فمنهم من يموت بالموت الاختياري التكليفي بمقتضي قوله موتوا قبل ان تموتوا فينفخ في صور قلبه نفخة الصعق فيبطل مشاعره من الدهشة فيغفل عما سوي ربه تعالي شأنه فيطهر في هذا البطلان و التفكك و ينحل عقده و يتفكك تركيبه و يبطل صورته التي كان عليها ثم ينفخ فيه اخري نفخة النشور و العقد بالله و علي الميثاق الاول الذي كان عليه كماقال7 ثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه يوما ما فاذا انعقد علي ما كان عليه يتذكر عرصة المحشر لان من مات فقد قامت قيامته فيحاسب نفسه قبل ان يحاسب فيقرؤ تمام حروف نفسه و ماله و ما عليه و ما به و ما منه و ما اليه فيشاهد نفسه علي ميزان عدل الله سبحانه و هو الصورة الانسانيه فاذا جاوز الصراط و سلمه الله منه دخل الجنة و اطلع علي النار و شاهد الملائكة و انما جميع ذلك بالوجدان و العيان لا بالوجود الخارجي فان جثته حية تأكل و تشرب و تنكح و تلد ولكن ذلك كله بالانكشافات الوجدانية و المشاهدات الروحانية و اما العروج العام لهذه الجثث انما يكون بالتدريج قال اميرالمؤمنين7 تخففوا تلحقوا فانما ينتظر باولكم آخركم فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم ان النبي9 و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 382 *»

الائمة الطاهرين من ذريته لايقاسون باحد من الناس فان اجسادهم الظاهرة اجساد سماوية و بشريتهم بشرية علوية كماقال النبي9 ان  اجسادنا في هذه الدنيا كاجساد اهل الجنة في الجنة فلذا لم‌يكن يري لهم من ظل و لا مدفوع و كانوا يسيرون باجسادهم في اثناعشر الف عالما في طرفة عين و يطيرون في الهواء و يخرقون الارض و يقوون علي ما لايقوي عليه احد و انما ظاهر اجسادهم اطهر و اوحد و الطف و اشرف من العرش سبعين مرة و نسبة العرش الي اجسادهم الظاهرة علي نحو من الاجسام المثالية التي تراها في المنام و لذا يسيرون الي المشرق و المغرب باجسامهم كماتسير في المنام من المشرق الي المغرب في طرفة عين فهم في اللطافة بلطافة اجساد اهل الجنة في الجنة و لذا قال ان شئنا خرقنا الارض و صعدنا السماء و اليهم التعريض لاعدائهم انك لن تخرق الارض و لن تبلغ الجبال طولا و قد بلغ ابدانهم في اللطافة و النعامة في الدنيا ما يبلغ اليه ابدان المؤمنين في الاخرة و انما كانوا يرون في الدنيا لما شاؤا و ارادوا كما ان جبرئيل كان يري اذا ما شاء بصورة دحية و يلقي عنه اذا شاء فلايري فهم: قد شاؤا بمشية الله ان يروا صبيانا و مرضعين و مفطومين و مراهقين و مدركين و مختطين و كهولا و شيوخا كل ذلك بامر الله سبحانه و لاتتعجب قال الله سبحانه و لو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا و للبسنا عليهم ما يلبسون و شاهد ذلك من الاخبار ما لايحصي من تنطقهم في بطون امهاتهم و حين كانوا يخرجون و قرائتهم القرآن في ذلك الوقت و حضورهم بعد موتهم و نجاتهم احباءهم قبل تولدهم و بعد موتهم الي غير ذلك و كل الاشكال و الداء العضال علي هذا الخلق الرذال انهم قاسوهم بانفسهم و قالوا انما انت من المسحرين ما انت الا بشر مثلنا هذا و تواترت اخبارهم من الفريقين بتقدم خلقهم و ابدانهم علي هذا الخلق بمدد مديدة و اوقات عديدة و كانوا علي ما هم عليه و آدم بين الماء و الطين و المؤمن يقنع بدون ذلك و المنافق لايرضي و ان شاهد ما هنالك

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 383 *»

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان ابدانهم الطف من هذا العرش الجسماني بسبعين مرة و مع ذلك هي اجسام و رؤيتها معجزة و قد نبه الله عليه لو كانوا يشعرون و قال و انزلنا اليكم ذكرا رسولا فالرسول هو المنزل بلباس البشر كما كان ينزل جبرئيل بصورة دحية الم‌تسمع في الاخبار ان الملائكة العالين الذين لم‌يؤمروا بسجدة آدم هم هم: فهم الملائكة العالون لايعلو عليهم احد و هم الذين لم‌يسجدوا لآدم بل صار آدم مسجودا لانه كان وعاء لهم و فانوسا علي سراج انوارهم فهم الملائكة العالون المجسمون علي صورة البشر و قد تولدوا والله من آبائهم و امهاتهم و لاينافي ذلك شيئا و كانوا من بني آدم ولكن هم الملائكة العالون قد ظهروا هكذا كما ان جبرئيل الذي يملأ بجثته ما بين الفضاء يظهر في صورة رجل و يدخل تحت عباءة و لا عجب فاذا عرفت ذلك فاعلم ان حيز اجسادهم فوق العرش و هم قد نزلوا بامر قاصر لهم من الله سبحانه و قد كانوا بين الخلق ما كانوا فاذا رفع عنهم اذن الكون مع الخلق او دعوا الي حيزهم يصعدون في اسرع من طرفة عين و لا خرق و لا التيام فان الكثيف لاينخرق بنفوذ اللطيف الا تري انك تتصور بطن الحائط و وراءه و لاينشق لتصورك و في المثل الظاهر ان النار تصعد من الطاجن و لاينشق الطاجن و الجن يدخل البيت من غير منفذ ظاهر و لاينشق الجدار و الملك ينزل من غير خرق و انما تلك الشبهة من كلام المتكلمين الذين لم‌يميزوا الغث من السمين و جروا مجري العامة العمياء في معرفة النبي9 فصعد من السماوات و لم‌يخرق شيئا منها بل كان يمشي في الهواء و لايخرق الهواء الا تري انه لم‌يكن له ظل بخلاف ساير الاجسام فصعد بطبعه الشريف و جسمه اللطيف الي مبدء مقامه و اول مكانه الذي هو حيزه الطبيعي و لولا انه خلق من ذلك المكان لم‌يصل الي ذلك المكان كماروي فذلك سر المعراج من البداية‌ الي النهاية‌ علي وجه الايجاز و الاختصار و اما البراق فهو دابة قد ركبها النبي9 ليلة المعراج و اما الرفرف فهو بساط اخضر دلّي له حتي قعد عليه فارتفع به الي ما شاء الله من نور

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 384 *»

العظمة و لا تظنهما غير ذلك اما البراق فكان دابة بين البغلة و الحمار في الجثة و كان وجهه كوجه الانسان و رأسه كرأس الفرس و له جناح من اللؤلؤ و آذانه من الزبرجد الاخضر و قوائمه طوال و نفسه كنفس الانسان يسمع الكلام و يفهمه و كان ظهره مستويا في الصعود  و الهبوط و لاشك في ذلك و هو علي ظاهره لايحتاج الي تأويل الا انك لو سألت عن حقيقة تلك الدابة و انها تصور اي شيء و اي مقام قلت انها تصور ملك من الروحانيين و هي ملك علي هيئة الدابة اذ غير الملك لايقدر علي الصعود الي السماوات و هي دابة من دواب الجنة و دواب الجنة كلها ملائكة و كانت هي دابة من اتباع اسرافيل الحامل للركن الاسفل الايمن من البيت المعمور و لولا انه ملك لم‌يكن يصعد علي السموات الي سدرة‌ المنتهي و هي تصور الملك الموكل بالاظلة الثانية عند الحجاب الازرق و كان يركبه النبي9 اذا ما شاء السير في عالم الاجسام بسرعة‌ و لو شاء ان يقطع السبع السموات و السبع الارضين في طرفة عين لقطع اسرع مما تصور بخيالك المشرق و المغرب و السماء و الارض فانه من شعاع البراق و نوره و ابطأ منه بسبعين مرة فالبراق وجهه الذي يتوجه به الي ربه كوجه الانسان لان الاثر علي صفة موثره و رأسه الذي اعلي مراتب حيوانيته كرأس الفرس لتفرسه ما يلقي اليه قال7 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله و فراسته ظل رأس البراق المتفرس المتوسم و جناحه من اللؤلؤ و اللؤلؤ  جوهر اوله حيوان و اوسطه نبات و آخره جماد فكان جناحه الذي به يطير من اللؤلؤ المستجمع للمراتب الثلثة علي اكمل وجه و فيه كثرات و قد تولد في البحر الابيض و صدفه عالم الاجسام الحجاب الاخضر و آذانه التي بها يتلقي الوحي من الله سبحانه و هي جهة العبودية و السمع و الطاعة من الزبرجد الاخضر لتراكم الانوار في ذلك العالم فباطنه اصفر الا انه اخضر لكثرة تراكم الاظلة فيه و قوائمه طوال يمر جميع العالم من بين قدميه و يديه كحصاة بين قوائم الدابة و نفسه كنفس الانسان لانه انسان و المشبه عين المشبه به يسمع الكلام و يفهمه لانه انسان ذو نفس ناطقة و كان ظهره مستويا لان عالم الاظلة يستوي دونه الجبال و الهضاب في هذه الدنيا و هو مستوي علي ما هو

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 385 *»

عليه الا تري خيالك عند الصعود و الهبوط علي نهج واحد و هو من شعاعه فلما اراد النبي9 الصعود من عالم الاجسام ركب البراق الاخضر  و صعد فربطه عند سدرة المنتهي فدلي له رفرف اي بساط اخضر و هو من جنس الحجاب الزبرجدي المتلأليء بخفقان فادلي له بالتنزل فركب عليه النبي9 من عند السدرة فصعد الي ما شاء فانقطع عنه اصوات الملائكة و دويهم و ذهبت المخاوف و الروعاة و هدأت نفسه و ظن ان جميع الخلايق قد ماتوا و لم‌ير غيره احدا من خلقه فتركه ما شاء الله ثم افاق و ذلك الرفرف ايضا ملك من ملائكة الحجب من جنس عزرائيل و طبعه فقعد عليه النبي9 الي ان اجلس خلف الحجاب الزبرجد الاخضر فرآه يتلألؤ بخفقان و اضطراب بين الوجود و العدم و ذلك حجاب لم‌يهتك له و انما نظر منه من مثل سم الابرة فرأي من نور العظمة ما شاء الله فعند ذلك خاطبه الله سبحانه بلغة ذلك الحجاب من وراء الباب فاندار دوي صوته في ذلك الحجاب كالقصب فتصور علي قابلية ذلك الحجاب كالصوت المتصور في البوق علي حسب كبره و صغره و لينه و خشونته و رطوبته و يبوسته فخرج الصوت علي لحن البوق لا النافخ و لذا ظهر صوته تبارك و تعالي شأنه علي لحن ذلك الحجاب و ذلك الحجاب هو حجاب نفس النبي9 و عليها و آلها السلام فكان كلام الله سبحانه لمحمد9 في لحن علي لانه احب الاصوات و الالوان اليه فكلمه الله به ليستأنس بكلامه و يستقر و يطمئن و اما كون علي مع النبي9 فعلي7 لم‌يفتقد من الارض و انما كان مثاله معه9 و لذا حين قال له ربه يا محمد من تحب من الخلق قال يا رب عليا قال التفت يا محمد فالتفت عن يساره  فاذا علي بن ابي‌طالب7 و انما كان عن يساره لانه نفسه لا قوام له الا بها و ذلك قوله لعلي7 يا علي ان الله اشهدك معي في سبع مواطن اما اول ذلك فليلة اسري بي الي السماء قال لي جبرئيل اين اخوك فقلت خلفته ورائي قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فاذا مثلك معي الخبر و انما ذلك لانه مع محمد9 من نور واحد لايفترقان و قد وبخ الله

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 386 *»

قوما يقطعون ما امر الله به ان يوصل بمحمد9 و هذا هو حقيقة صلة الرحم بذي الرحم و ملعون من قطعها في مواضع من القرآن فلم‌يفترقا في الارض و السماء و اما صورة الاسد فلم‌اره فيما يحضرني من الاخبار و كنت في بعض القري و لم‌اتمكن من فحص الاخبار فتركته في سنبله و ان كان له وجه لانه القسورة المشار اليه في القرآن و الي اعدائه كانهم حمر مستنفرة فرت من قسورة و اما تفصيل احوال المعراج فقد ذكرته في كتابي المسمي بارشاد العوام فان شئت فراجع فانه يرشد الخواص ايضا.

قال سلمه الله الثاني احوالات بعد الموت من سؤال النكيرين و معني الصراط و الميزان و الحساب و معني الجنة و النار كل ذلك علي وجه التأويل.

اقول هذا ايضا سؤال عجيب عن جميع عالم الغيب لايمكن بيانه في هذه الاوراق و انما يقتضي رسم كتاب كبير و الزمان لايفي بذلك و الاحسن لطالب هذه المسائل ان يسافر الي عالم يمكن الاقتباس منه في شهور و سنين ولكن من باب ان لكل سؤال جوابا و الميسور لايسقط بالمعسور اقول:

اما سؤال النكيرين فهما ملكان يظهران للعصاة احدهما نكير و الاخر منكر و انما هما ملكان موكلان باعمال العصاة و الكفار و عقايدهم اما المنكر فمن حيث كون اعمالهم و عقايدهم منكرة قد انكرها المؤمنون و لم‌تكن معروفا قد عرفه رسول الله9 و رضيه و اما النكير فمن حيث انكاره المعروف و عقايد المؤمنين و اعمالهم و هما لايظهران الا لمن يعذب و اما المؤمن فيأ‌تيه المبشر و البشير من جهة اعماله و عقايده الطيبة و المنكر و النكير ملكان موجودان دائما فلما فتح للمرء ديوان عمله يراهما فيسألانه عن عقايده من حيث تعلقهما بالعقايد و انما يسألانه لانهما في مقام اظهار ما قد كمن و ابداء ما قد بطن و هما من جانب الله سبحانه و ما من الله يقع علي هيئة السؤال لعدم الالجاء و الاضطرار و الاخبار اعلام و تفهيم و القاء اليه و هو غير مقصود.

و اما الصراط فهو جسر ممدود علي النار من جاوزه دخل الجنة و هو تجسم

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 387 *»

التوحيد و النبوة و الولاية و الاعمال الصالحة و حقوق الاخوان فمن اتي بها جاز الصراط و هو الصورة الانسانية فان من اتي بما ذكرنا كان انسانا و مهما عصي زل قدمه عن الصراط و تغيرت صورته الانسانية و هو حقيقة جسر ممدود اقد من السيف و ادق من الشعر و يظهر يوم القيمة بهذه الصورة الم‌تسمع ان القرآن يأتي يوم القيمة بصورة رجل و مسجد الكوفة يأتي بصورة رجل محرم و الموت يأتي بصورة كبش املح و الخلق الحسن يأتي بصورة رجل جميل و الخلق السيء بصورة رجل كريه فكل شيء تراه في الدنيا له صورة في الاخرة الم‌تجرب ان من رأي في المنام انه يبكي يضحك في اليقظة و من رأي انه يشرب الخمر يرزق حلالا و من رأي انه يشرب اللبن يرزق علما و من رأي انه نكح امه يحج فكما ان امور الدنيا يتغير صورها في عالم المثال و تراه واقعا علي ما وصفت من غير تأويل كذلك العقايد و الاعمال يظهران يوم القيمة بصورة الصراط و لا نكر و لا تأويل فهو صراط و هو عقايد و اعمال فلاتسأل عن تأويله فانها امور حقيقية واقعية بل اسأل عن حقيقته فحقيقة العلم في الدنيا لبن في المنام فافهم.

و اما الميزان فهو حقيقته عدل الله سبحانه يظهر يوم القيمة علي هيئة الميزان فتوزن بها اعمال العباد و حقيقته الانبياء و الاوصياء كما ذكرت في الصراط حرفا بحرف فهو ميزان له عمود و باب و لسان و كفتان و علايق و هو عدل الله و اولياؤه و خلفاؤه فكما ان الولي يظهر في صور عديدة في آن واحد يظهر يوم القيمة بصراط ممدود واقعي و هو الصراط المستقيم و هو الولي بلا تأويل و كذلك يظهر بصورة ميزان و هو الميزان في قوله تعالي و السماء رفعها و وضع الميزان و هو الولي فالمأولون قاتلهم الله و هم الصوفية و المنكرون للشرايع يأولون فينكرون الظاهر و يقرون بالتأويل و اهل الظاهر هداهم الله يقرون بالظاهر و ينكرون حقيقته و المتفقهون يظنون ان في الاخبار اختلافا و تحتاج الي الترجيح و العارفون الذين عرفوا موصولهم و مفصولهم علموا انه ليس فيها اختلاف فالصراط هو الولي و هو الطريق الي الله و هو الشرع و هو الجسر المظلم الدقيق و هو الصورة الانسانية و كذلك الميزان هو الولي و هو العدل و هو ذو الكفتين و غير ذلك و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 388 *»

كلها حق لان الجميع مظاهر الولي كما قال انا الذي اتقلب في الصور كيف اشاء الا تري ان الشمس اذا اشرقت ينطبع اشراقها في المرايا علي حسب قوابلها و كلها ظاهر الشمس و شعاعها و نورها و ان تسمي كل ظهور في كل مرآة باسم خاص الا تري ان ما تري في الدنيا بعينک کلها اجسام و کلها جسم قد تصور بصورة متممة خاصة فتسمي باسم خاص فكان سماء و نارا و هواء و ماء و ترابا و حجرا و شجرا و حيوانا و انسانا و غير ذلك فتقول للماء هذا جسم و هذا عنصر و هذا ماء و هذا بحر فافهم ان كنت تفهم.

ما في الديار سواه لابس مغفر

و هو الحمي و الحي و الفلوات

و اما الحساب فهو معرفة كمية الثواب و العقاب بالنسبة الي الحسنات و السيئات و مطالبة ما خوله الله علي انه فيما صرفه و كيف صرفه و لمن صرفه و معرفة ردي الاعمال و جيدها و رد بعض و قبول بعض و ولي الحساب هو ولي النعم و وليك هو ولي الحساب كما في الزيارة و اياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم فهم ولي الله و سريع الحساب يحاسبون جميع الخلق في طرفة عين يعني الحساب من جهتهم طرفة عين و يقع في دواوين الخلق و صحفهم في اوقات عديدة بلغاتهم فلايغادر كتبهم صلوات الله عليهم صغيرة و لا كبيرة الا احصتها و يقولون انا كنانستنسخ ما كنتم تعملون فالمؤمنون يعطون كتبهم بايمانهم يسعي نورهم بين ايديهم و بايمانهم و هو امامهم و كل شيء احصيناه في امام مبين و المنافقون يعطون كتبهم بشمالهم فانهم اصحاب الشمال و هو ما لهم من اللوح الكبير السجيني نفس الثاني و اعمالهم مذكورة هناك لقوله7 اعداؤنا اصل كل شر و من فروعهم كل فاحشة فهو ولي و كتاب و قطعة من الامكنة و الاوقات قد انطبع فيها اعماله و اشباحه الملقاة و حساب و تعريف من الولي للعالمين مقادير اعمالهم و جيدها و رديها و غير ذلك.

و اما الجنة و النار فكذلك فان الجنة هي الولي و هي شعاع الولي و هي تصور الاعمال الحسنة و هي الانوار الساطعة عن اوامر الشارع و هي جزاء الاعمال

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 389 *»

الصالحة و هي دار القرب و هي مقام الانس و هي جهة الرب و هي عليون و هي كتاب الابرار الي غير ذلك و النار هي الخبيث لعنه الله و هي ظله ذي ثلث شعب لا ظليل و لايغني من اللهب و هي تصور الاعمال الخبيثة و هي دار البعد و مقام الخطر و الوحشة و جهة النفس و سجين و كتاب الفجار الي غير ذلك و لا اختلاف في شيء من ذلك لا ظاهر الا بالباطن و لا باطن الا بالظاهر و هما مقرونان و ان قوما آمنوا بالظاهر و كفروا بالباطن فلم‌يك ينفعهم ايمانهم و قوما آمنوا بالباطن و كفروا بالظاهر فلم‌ينفعهم ايمانهم الا ان يؤمنوا بالامرين جميعا فان صاحب الظاهر هو صاحب الباطن و المخبر عن الباطن هو المخبر عن الظاهر فمن انكره في اي الخبرين كمن انكر الاخر بلا تفاوت و الاخبار بما اخبرتك به متواترة و ان شئت تفصيل ما سألت عنه فعليك بالجلد الثاني من كتابنا ارشاد العوام فان فيه لك و لغيرك الغني و الكفاية ان شاء الله و لاتستوحش من اسمه و ليس من ازدرائي بك اذ حولتك اليه ولكن الكتاب كتاب عجيب لم‌يؤلف في الاسلام مثله فعليك به و لعمري انه حري ان يلازمه الانسان و لايفارقه و يقرأه كل يوم فانه علم حقيقي مشروح بلسان ظاهري.

قال ايده الله الثالث قد ورد في احاديث متظافرة متواترة متكاثرة و اجماع الامامية دخول المعصوم7 الجنة عند قبض روحه و دخولها مستلزم لصحة البدن و استقامته و ورد ايضا وقوع جسد الحسين7 بارض كربلا ثلثة ايام و بعد دفنه رأسه مع الاشقياء.

اقول لاتنافي ايضا بين الامرين و ان تدبرت فيما ذكرنا من المسألة الاولي و الثانية لاتكاد تتأمل في هذه المسألة ولكني اقول لك ان الامام7 لايقاس بالناس و انه ليس هذا الذي كانوا يرون من ظاهره حسب و انه7 نور الله الذي احاط بكل شيء و علمه الذي وسع كل شيء و قدرته التي قهرت كل شيء و غلبته التي خضعت لها كل شيء و جبروته التي ذل لها كل شيء الي غير ذلك من ظواهر فضائلهم التي عرفونا اياها فاذا كانوا هم علي هذه الصفة لايمنعهم

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 390 *»

مانع ان يكونوا هنا و هناك و هناك في الف الف موضع قال7 ان ميتنا اذا مات لم‌يمت و ان قتيلنا اذا قتل لم‌يقتل فما يمنع احدهم ان يكون في مشهد مضرجا بدمه و هو يعانق الحور الحسان في الجنان و يكون علي هيئة اخري في غير ذلك المكان و هكذا الي الف الف صورة قال7 انا الذي اتقلب في الصور كيف اشاء و قال الا و انا نحن النذر الاولي و نحن نذر كل زمان و اوان الي غير ذلك فاي شيء يمنعهم ان يكون الحسين7 ملقي ثلثا في العراء و ان يكون في الجنان اليس جبرئيل كان يظهر للنبي9 و هو بجثته يملأ ما بين الخافقين و ليس انه اخلا من نفسه مكانا و ترك تدبير ماكان موكلا به حتي ظهر بل هو حامل للركن الاسفل الايسر من البيت المعمور لايفارقه ابدا و قد ملأ بجثته مابين الخافقين و كان يظهر في المسجد ايضا اليس ابليس يجري من الانسان مجري الدم و هو يوسوس كل نفس و يجري في جميع ابدان بني آدم و لايشغله اغواء شخص عن شخص و يدخل جوف كل احد في آن واحد و يوسوس الكل في آن واحد اليس عزرائيل يحضر الف الف نفس في ساعة واحدة و يقبض الكل في آن واحد فالذي لايمنع عزرائيل ان يكون هنا و هناك لايمنع الامام7 ان يكون في المعرکة و في الجنة و لماكان هذا السؤال جري علي قانون السؤال يحق له ان اجيبه بالحل و الحكمة لا بصرف الالزام و اخذ الاقرار فاقول من البين ان الامام7 هو منير جميع الانوار و مؤثر جميع الاثار كما قال7 نحن اصل كل خير و من فروعنا كل بر و في الزيارة ان ذكر الخير كنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه و تواتر الاخبار ان الله خلقهم قبل كل شيء بمدد مديدة و خلق من شعاعهم العرش و الكرسي و اللوح و القلم و السموات و الارضين و جميع ما في عالم الاكوان فهم المنير و العالم نورهم و جميع الدنيا عندهم كفلقة جوزة في كف احدكم و انهم قد احاطوا بجميع العالم و ملأوا اصقاع جميع الوجود كما في الدعاء بهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الا انت فهم:

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 391 *»

بجسدهم ملأوا اصقاع الوجود و اقطار الغيوب و الشهود لايخلو منهم مكان و لايختصون بمكان يقدرون علي حضور كل مشهد و التجلي في كل مكان ممهد و آيتهم في بعض الامر الشمس الظاهرة لجميع العباد المتجلية لكل البلاد فهي لاتحتجب عن شيء الا ان يحتجب شيء عنها و كذلك هم صلوات الله عليهم ارأيت ان السراج يغيب عن شيء من انواره و لايحيط بها حاشا بل هو ظاهر لكلها متجلي بكلها لايخفي عنه خافية منها فالامام7 في كل مكان و لايخلو منه مكان الا ان لايلتفت اليه واحد في مكان بالالتفات الظاهري و الا فلو غفل شيء عنه بالالتفات الكوني لفني في ساعته فاذا عرفت ذلك فالعجب من عدم ظهوره في بعض الامكنة لا من ظهوره في بعض فهو اصل جثته و جسده علي ما وصفت لك و تلوت لك من الاخبار ثم اذا شاء ان يظهر في مكان خاص يظهر بما جعل الله له من القوة و القدرة علي ذلك باراءة نفسه فيما يمكنهم النظر اليه و رؤيته فيرونه في تلك الاشباح التي اراد التجلي بها فلو اراد ان يتجلي بشبح آخر في غير ذلك المكان لفعل الم تسمع ان عليا7 كان يقاتل من وراء ثماني عشرة كتيبة و حكاية طلحة و ما سألوه عنه من رميه قال علي رماني قيل له ويحك علي يقاتل بالسيف قال انكم لاترونه انه يقاتل بكل سلاح و يصعد السماء و يخرق الارض و يقول لهذا مت يا عدو الله و يقول لهذا مت يا عدو الله نقلته بالمعني و الم‌تسمع ان عليا7 كان يضيف في ليلة اربعين موضعا و انه كان في جنازته المحمولة الي رمسه و استقبلها حيا و عرفوه فهم: لايمنعهم التجلي في شبح التجلي في شبح آخر و لو اصابه في بعض تلك الاشباح مصيبة لايلزم ان يصاب جميع اشباحهم و هم هم في جميع الاشباح فعلي7 في جميع تلك الاشباح علي ابو الحسن و الحسين و زوج البتول و ابن عم الرسول و تلك اشباح تلقي و تلبس ارأيت اذا انكسر مرآة تحت الشمس ينكسر كل مرآة حاشا و ارأيت اذا انكسرت المرايا كلها تنكسر الشمس فكذلك يمكن ان يكون الامام ملقي بالعراء في عرصة كربلا و يكون في الجنان معانقا للحور الحسان من غير مانع و كذلك الامام اذا دفن يرتفع جسده بعد ثلثة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 392 *»

ايام الي العرش و ان الحسين7 في العرش ينظر الي معسكره و زواره و وجه رفعه بعد ثلث تعريفه عن الشبح الذي كان ظاهرا فيه علي النظم الطبيعي و الا هو القادر علي ان يصعد الي العرش قبل ان يموت كما هو في الدنيا آه آه لو وجدت من يتحمل ما رزقني الله من العلم ببركات سادتي لابديت ما لم‌تره عين و لم‌تسمع اذن ولكن اين و متي و كم فقد تبين بقدر الميسور انه لاتنافي بين شيء مما ذكرت و ليس المراد دخول الشبح الملقي الجنة حتي يلزم علي الظاهر نقض فتدبر فانه ليس هذا الشبح الا كالشبح الملقي في المرآة و الاشباح لازمة للمكان الملقي فيه و بدن الامام الاصلي الطف من محدب العرش بسبعين مرة لانه من طينة‌ اعلي عليين و هو لايدرك بهذه الابصار الا من حيث يشاؤن و قد شاؤا ان يروا متطورين في الاطوار و قد يشاؤن غير ذلك فتدبر.

قال سلمه الله الرابعة ما معني منعه تعالي عزرائيل ملك الموت قبض الحسين و قوله تعالي له اني اقبضه بنفسي و عدم منعه قبض الرسول9 مع انه خير منه؟

اقول اعلم ان الله سبحانه واحد احدي المعني ليس فيه جزء و جزء لا بالحقيقة و لا بالفرض و الاعتبار و الجهة و الحيث لانه احد فمن فرض فيه اجزاء فغيره فرض و من اعتبر فيه كثرة فغيره اعتبر كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فاذ لا كثرة فيه فلا ربط له بشيء و لا نسبة و كذلك ليس يمكن ان يعقل فيه اقتران بشيء و اتصال بشيء و انفصال عن شيء و حركة بعد سكون و نطق بعد سكوت و اضمار بعد فراغ و هم بعد اعراض او غفلة فانه سبحانه احد و الاحد لايعقل فيه شيء من ذلك و ما يعقل فيه شيء من ذلك مركب و المركب حادث فهو سبحانه لايباشر عملا بالنسبة الي رسول الله9 و من دونه فلايقبض بنفسه روح الحسين7 و لا روح غيره فانه لايقترن بشيء و لايقترن به شيء ابدا الا ان الله سبحانه يجري الاشياء باسبابها و جعل اسباب قبض الارواح عزرائيل و اعوانه من الملائكة الجزئية الذين

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 393 *»

هم علي طبع عزرائيل و مثاله و لما كانوا ملائكة قد غلب عليهم جهة الرب تعالي شأنه و اضمحلت انفسهم و تلاشت عند سطوع انوار ربهم و كذلك عزرائيل لما كان بالنسبة اليهم كليا ظاهرا بهم و هم مظاهره و شئون جهات تعلقاته بالمقبوضين و كان الظاهر في المظاهر اظهر من المظاهر كانوا متلاشين عند سطوع انوار عزرائيل ايضا فكان عزرائيل فيهم اظهر منهم فلاجل ذلك كان الفعل ينسب اليهم تارة كقوله تعالي الذين تتوفيهم الملائكة ثم تنسب الي عزرائيل اخري كقوله قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم فان فعل الاعوان فعل عزرائيل و احراق البلورات احراق الشمس ثم ينسب الي الله سبحانه مرة اخري كقوله الله يتوفي الانس حين موتها فبهذا الاعتبار ينسب التوفي و قبض الارواح الي الله سبحانه لان الكل متلاشون عنده و لا حركة لهم و لا سكون الا بالله سبحانه فان اردت رجوع الافعال الي الله سبحانه فالله سبحانه يتوفي الكل و ان اردت المباشرة فالله سبحانه لايباشر شيئا فمعني ما يضاف الي الله سبحانه في بعض الاحيان بخصوصه كقوله ان الله يقبل التوبة عن عباده و يأخذ الصدقات او علي قولكم و رواياتكم ان الله سبحانه تولي قبض روح الحسين7 فالمعني ان النسبة نسبتان نسبة عامة كونية و نسبة خاصة شرعية فالنسبة العامة الكونية في كل شيء فالله خالق كل شيء و رازق كل شيء و محيي كل شيء و مميت كل شيء و مالك كل شيء و رب كل شيء فالسماء سماؤه و الارض ارضه و العالم عالمه و اما النسبة‌ الخاصة فهو نسبة كل شريف اليه سبحانه بنسبة خاصة كماتقول ان الكعبة بيت الله و المؤمنين عباد الله الذين ليس للشيطان عليهم سلطان و يمشون علي الارض هونا و روح آدم روح الله نفخ فيه من روحه و عيسي روح الله و كلمته و الناطقة القدسية ذات الله العليا و علي7 نفس الله القائمة فيه بالسنن و شهر رمضان شهر الله و حمزة اسد الله و هكذا فهذه النسب الخاصة نسب شرعية يلاحظ فيها الخصوصيات الشرعية من اللطافة و النعامة و الشرافة و النسب و القرانات و الاضافات و غير ذلك فما كان فيه خصوصيه مطلوبة معروفة نسب الي الله سبحانه بالنسبة الخاصة حتي انه اذا وقع فعل من فاعل لله و في الله و الفعل في

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 394 *»

غاية‌ الشرف و العدل و الحكمة ينسب ذلك الفعل الي الله سبحانه و منه قوله فاراد ربك ان يبلغا اشدهما و منه رزق الله فلانا و قتل الله فلانا و سلط الله فلانا علي فلان و غير ذلك في كلمات الناس و انما ذلك لشرافة ذلك الفعل و عظمه فمن الافعال الشريفة العظيمة من عزرائيل قبض روح الانبياء و الاولياء فهذا الفعل منه اشرف افعاله و اعظمها فينسب الي الله سبحانه بالنسبة‌ الخاصة الشرعية مع ان جميع افعاله مضافة الي الله سبحانه بالاضافة العامة و الله يتوفي الانفس حين موتها فالله سبحانه يتولي قبض روح النبي و الائمة و الانبياء و الاوصياء و الاولياء: بلاشك و لكن لكل نسبة خاصة بقدره فللنسبة الخاصة ايضا درجات و خصوصيات فالنسبة ايضا خاصة و اخص و اخص من الاخص و هكذا فالله سبحانه يتولي قبض روح النبي9 بتول خاص ليس اخص منه فانه لا اشرف منه و هو قوله فاما نرينك بعض الذي نعدهم او نتوفينك فالينا مرجعهم فالله يتوفي النبي9 و كذلك يتولي قبض روح الانبياء كقوله اني متوفيك و رافعك الي و يتولي قبض روح الائمة كما في تفسير الباطن الله يتوفي الانفس فالانفس هم الائمة: لقوله انفسنا و انفسكم و قوله لقد جاءكم رسول من انفسكم و الرسول من جنس آل محمد: فهم ذرية بعضهم من بعض فافهم والله سبحانه يتولي قبض روح المؤمنين لشرافتهم الخاصة بالايمان و ليس ان الله سبحانه تولي قبض روح الحسين7 دون غيره ولكن لكل فضل و خصوصية و للحسين7 فضل الشهادة في سبيل الله سبحانه و تحمله المصائب و كونه اصلا في هذا الباب و رجوع ماسويه اليه في المآب حتي رسول الله9 فانه روحي له الفداء ابوعبدالله و عبد الله هو رسول الله9 و انه لماقام عبدالله الاية فمن هذه الخصوصية يتولي الله قبض روح الحسين7 بتول خاص لايتولي مثله لغيره فافهم فقد اسقيتك ماء غدقا و اريتك بابا من العلم نافعا.

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 395 *»

قال سلمه الله الخامسة تعليم ورد و ذكر مجرب لقضاء الدين لاستيلائه و منعه عن الوصول الي حضرتك مع انه الغاية القصوي و نهاية الامال؟

اقول اما الورد الذي يزيد في الرزق و يؤدي الدين يقينا الاستغفار فان الله سبحانه يقول استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا و يمددكم باموال و بنين و يجعل لكم جنات و يجعل لكم انهارا فاذا استغفرت الله سبحانه سبعين مرة بعد صلوة الصبح حين اقبال النهار و ذهاب سلطان الليل بما فيه و سبعين مرة بعد صلوة العصر فاذا داومت علي ذلك باخلاص ارجو ان يفتح الله لك ابواب الرزق و يؤدي دينك و تصلي علي محمد و آل محمد قبل كل واحدة من المرتين و بعده سبعين مرة فانك ان فعلت ذلك حري بان يستجاب لك ان شاء الله.

قال سلمه الله السادسة اكل الامام7 المسموم مع علمه7 و احاطته به؟

اقول هذا سؤال معروف من غير علة معروفة فانه لا اشكال فيه بوجه اما في الظاهر فانه7 كان مأخوذا عليه ان يأكل و لم‌يكن له مفر عن الاكل فان السلطان كان مصرا مع عزيمة فاذا كان الامر كذلك فليكن السم الخالص في اناء فاذا اخذ امرء بشرب السم الخالص فماذا يصنع و اما في الباطن فانه اكل المسموم مع علم بان فيه السم و اي عيب فيه اذا كان الله سبحانه حكم عليه في صحيفته بانك تؤتي في اليوم الفلاني بالمسموم فكله و لاتنطق بشيء فهذا طاعة لله سبحانه كما اذا امر الامام رجلا بالحملة علي الكفار و امره ان لايرجع عنهم و ان قتل فيذهب و يقتل و ليس هذا من باب القاء النفس الي التهلكة فان التهلكة عصيان الله سبحانه لا طاعته ارأيت اذا امر الامام رجلا بالقعود حتي يضرب عنقه ايجوز ان يقوم و يقول ان الله نهي عن القاء النفس الي التهلكة فيحرم علي القعود لتضرب عنقي بل النجاة في الطاعة و الهلكة في المعصية فاذا كتب الله عليه ان اذ اسقاه فلان السم كفرا و عدوانا فلايکشفن عليه امره و ليشرب فكان الواجب عليه الشرب من

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 396 *»

دون مضايقة و كذا ان للامام7 علمين علم مستنده الظاهر و علم مستنده الامامة و الاحاطة و التكاليف الظاهرة مستندها العلوم الظاهرة الحاصلة من المشاهدات و الشهادات و ليس علي الحجة العمل في التكاليف الظاهرة بالعلوم الباطنة الا تري ان فلانا و فلانا لم‌يومنا بالله طرفة عين و كانا يظهران الكفر اذا خلوا الي شياطينهم و قرنائهم و كان يعاشرهما و امثالهما النبي9 و يباشرهما برطوبة و كان يصلي بالناس و يعلم كفرهما لقوله تعالي و لتعرفنهم في لحن القول فلم‌يكن له ان يسلك في التكاليف الشرعية بالعلم الباطني فيجري الاحكام الباطنية من غير حجة ظاهرية بل كان يحكم لرجل علي آخر بالاسباب الظاهرة و ان علم بالباطن خلافه فان مدار التكاليف الظاهرة علي العلوم العادية فالامام كان يعلم ان فيه السم بالعلم الباطني و اكل في التكاليف الظاهرية فلو شهد عنده من يعتمد بقوله ان فيه السم و لم‌يكن ملجأ لم‌يكن يشرب و لو شاهد بعينه جعل السم فيه لم‌يكن ليشرب فسلك في الاعمال الظاهرية بالعلوم الظاهرية حتي يبلغ الكتاب اجله و وجه آخر انه7 كان يعلم بالعلم الباطني ان فيه السم الي وقت انقضاء اجله فاذا جاء اجله التفت الي العالم الاعلي و تمحض في التوجه الي الله سبحانه لقرب اللقاء حتي نسي ماسويه فمما سويه ذلك السم و هذا القسم من الجواب منصوص عليه بالنص الخاص منهم: و الكل مستنبط عن كلماتهم ففي غير الحسن7 يجري الجميع و فيه مادون الاول فتدبر.

قال ايده الله السابعة ما المراد بجبرئيل هل هو شخص خارجي من الرسول9 او قوة من قويه و علي الاول كيف ينزل الوحي عليه بالقول و اللسان ام بالالقاء في الجنان و ما غشيانه في وقت الوحي؟

اقول جبرئيل 7 هو شخص خارجي و ربما كان يظهر في صورة دحية او في صورة اخري و ربما يظهر في صورة اعرابي او غيرها و هو ملك من الروحانيين و لاينافي ذلك اذا قلنا انه تجلي طبع النبي9 فان ما

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 397 *»

سوي النبي9 من شعاعه و الاشعة الجزئية تحكي ابعاض النبي9 و الكل يحكي الكل فنقول ان العرش تجلي عقل النبي9 و هو شخص خارجي و الكرسي تجلي نفسه و هو شخص خارجي و الشمس تجلي مادته الثانية الهبائية و هي شخص خارجي و القمر تجلي روحه و هو شخص خارجي فكذلك جبرئيل تجلي طبعه و هو شخص خارجي فان قلت حقيقته قوة من قوي النبي9 حق و ان قلت شخص خارجي فهو حق فكما ان الولي يظهر في اربعين صورة بكله يقدر ان يظهر في الف الف صورة بابعاضه فهو ظهور طبع النبي و شخص خارجي حامل للركن الاسفل الايسر من البيت المعمور ينزل و يصعد و لاتنافي و اما نزول الوحي فبكلا القسمين لقوله تعالي نزل به الروح الامين علي قلبك و كان يظهر خارجا و يتكلم انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين و اما غشيه في وقت الوحي لظهور انوار الموحي و تجليه فقد روي لقد تجلي الله سبحانه في كلامه لعباده ولكن لايعلمون و هو يعلم و يري فلم‌يك يتحمل بشريته الظاهرة مشاهدة الانوار اللاهوتية فيغشي عليه و خر موسي صعقا لاجل ذلك و معلوم ان للنبي9 في بشريته التفاتات مرة بعد اخري ففي حال نزول الوحي كان يظهر له ما لم‌يكن ظاهرا فيغشي عليه في ذلك الوقت دون غيره فافهم.

قال ايده الله الثامنة في تحقيق اقسام الملائكة هي كلها من جنس واحد و بعد مرتبة الانس و الجن حتي العالين و حملة‌ العرش و جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل و عزرائيل او يتفاوتون في المراتب و في سلسلة الوجود؟

اقول للملك اطلاقات فمرة يطلق و يراد به كل مملوك لله سبحانه فبهذا الاطلاق يطلق علي جميع الخلق و كلها ملك فبهذا الاطلاق يقال الملائكة العالون و هم محمد و آل محمد: فهم مملوكون لله سبحانه و العالون علي جميع الخلق صلوات الله عليهم و يقال الملائكة الكروبيون و هم المقربون اي الانبياء صلوات الله علي نبينا و آله و عليهم فهم مملوكون مقربون و يقال للشيعة

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 398 *»

الملائكة كما في تفسير و ما جعلنا اصحاب النار اي القائم الا الملائكة اي اصحابه الثلث‌مأة و ثلثة‌عشر فهم ايضا الملائكة لانهم مملوكون لله سبحانه و عباد مملوكون بالملك الخاص و هكذا جميع ما خلق الله سبحانه مملوكون لله سبحانه و قد يطلق و يراد به الرسل من الأك اذا ارسل و الملك اصله الملأك اي الرسول لانه يبلغ عن الله تعالي و بهذا الاعتبار يطلق ايضا علي الانبياء لانهم رسل الله و علي الائمه: لانهم رسل من الله بمعني انهم نذر للخلق و عليه فسر قوله اذا جاء رسولهم قضي بينهم بالحق اي اذا جاء امامهم و كذلك يطلق علي العلماء فانهم رسل الائمة و رسلهم رسل الله كماقال سبحانه اذ ارسلنا اليهم اثنين الاية و هم من حواري عيسي ارسلهم الي قوم و يطلق علي الملائكة المرسلين بالاعذار و الانذار و الوحي و غيرها و اما الملائكة الغير المرسلين فبغير هذا الاطلاق و قد يطلق و يراد به حوامل الامداد و آخذوها من المشية و مبلغوها الي الاشياء في فنونها و اختلافاتها من الذوات و الصفات و القرانات و الاوضاع و الاحوال و  هذا الاطلاق من باب ان الله سبحانه سلطهم علي ما وكلوا به فيبلغون غاية ما وكلوا به و ملكوا امرهم فهؤلاء ايضا جماعة مخصوصة من الخلق و منهم الملائکة الاربعة و هؤلاء قوم ضعيفوا الاختيار ليس لهم التخلف عما وكلوا به لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و ليس عصمتهم من كمال لهم و لايترقون عما هم عليه فليس جبرئيل باشرف منه الان من الف سنة قبل ذلك هو هو دائما و انما ذلك لضعف اختيارهم و غلبة جهة الرب عليهم فلايحصل لهم فعلية بعد قوة فانما هم شأن واحد فعلي كاليمين فانه الف سنة قبل ذلك كان يمينا و الان يمين و الف سنة بعد ذلك ايضا يمين و مادام ملك الله يمين و لايصير فوقا ابدا فافهم المثل و لذا روي و ان من الملائكة لمن باقة بقل خير منه فهم الصور العارية عن المواد الخالية عن القوة و الاستعداد تجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله و لا عمل لهم غير ما هم عليه و لا ترقي و قياس ضعف اختيار هؤلاء كما بين الجن و الحيوان و فيهم الانية بقدر استمساكهم و لا حكم لها فهم مكرمون

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 399 *»

محترمون لانهم من جهة الرب قد اشرقت مشكوة وجودهم بانوار مصباح النبوة الظاهرة في زجاجة الولاية فلذا هم مكرمون مطهرون معصومون صلوات الله عليهم اجمعين و لا سواء اذا امن الانسان و عمل صالحا و استوي فالسلمان خير من جبرئيل لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم فتقويم سلمان خير من تقويم جبرئيل البتة و سلمان يحكي علم محمد و علي كما روي و جبرئيل ليس له الا حكاية طبع النبي9

فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلنا

و ان لم‌يكن فهم فيأخذه عنا

قال وفقه الله بقي هنا سؤالان آخران الاول ان بدون التأويل ما المراد بحنطة آدم في الجنة و اكلها موجب لثقل بطنه و هو مقتض لاخراجه من الجنة و ما الفرق بين الحنطة و ساير مأكولات الجنة في الثقل و غيره مع ان غذاء كل عالم من جنسه و هل هو ممنوع لكل اهل الجنة ام لا فان كان الاول فهو ينافي قوله تعالي و لهم فيها ما يشتهون و امثال هذه الايات و ان كان الثاني فدخولهم مستلزم لخروجهم مع تناوله و ثقله و اقتضائه؟

اقول الظاهر من ذلك من غير تأويل ان الحنطة هي هذه الحنطة المعروفة اخت الشعير و كانت في الجنة و نهاه الله سبحانه عن اكلها فاكل فبعصيانه استحق الاخراج من الجنة فاخرجه الله من الجنة و الفرق بين الحنطة و غيرها مثل الفرق بين اغذية هذه الدنيا فمنها ضار بمزاج و نافع بمزاج آخر و كان الحنطة ضارة بآدم نافعة لغيره فنهاه الله عنها لئلايتضرر فلم‌يقبل فاكل و تضرر فخرج و  غذاء كل عالم من جنسه ولكن كون بعضها ضارا و بعضها نافعا لاينافي كونها من جنس عالم مثل هذه الدنيا حرفا بحرف و ليس بممنوع عن كل احد فان من يتضرر به يمنع و من لايتضرر لايمنع و لاينافي منع البعض عنه قوله تعالي و فيها ما تشتهي الانفس و تلذ الاعين فان في العود الي الجنة لايشتهي نفس ما تتضرر به فانه عدلت امزجتهم بتعديل الشرع في دار الدنيا و ريضت حتي صارت طالبة بطباعها للمنافع غير طالبة للمضار فلايتناولون ما يضرهم كما تري ان الشخص العارف بامزجة الاغذية

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 400 *»

القوي النفس لايشتهي ما يضره البتة و كذلك المؤمن الكامل لايشتهي الزنا في هذه الدنيا و ان عرضت عليه جميلة لاعديل لها و اما آدم7 فقبل نزوله الي هذه الدنيا و تعديله بالامر و النهي قد اشتهي شبيه ما نهي عنه بتلبيس ابليس عليه الامر فجري ما قدر و قضي عليه علي طبق علم الله سبحانه و لم‌يتناول من شخص ما اشير اليه و نهي عنه و تناول من شخص آخر شبيه ما نهي عنه و كان منه ترك اولي فان المطلوب من الانبياء ترك شبيه المنهي ايضا صونا علي المنهي فان اشباه الشيء حماه و ينبغي في الكمال اجتناب حمي الشيء ايضا فافهم و لو زدت في السؤال حرفا لزدنا في الجواب حرفا.

قال وفقه الله ما المراد بتزويج آدم بناته بالبنين و هل هو صحيح ام لا بينوا توجروا ان الله لايضيع اجر المحسنين؟

اقول تعالي الله لم‌يكن ذلك ابدا و ان الامور القبيحة الكلية لاتكون حلالا في شرع حراما في شرع ارأيت يمكن ان يكون شرع يكون الظلم فيه حلالا و يكون فيه الزنا و الغيبة و البهتان و الكذب حلالا لايكون ذلك ابدا و ان نكاح الاخت من الامور القبيحة عقلا و حكمة فلايكون حلالا في شرع ابدا و انما فعل شبه ذلك احد سلاطين المجوس فلما اعترض عليه علماؤهم و انكروا عليه افتري علي آدم بذلك فعجزوا عن رده فقالوا هذا هو الدين فتعاقدوا علي ذلك فنزع الله العلم من صدورهم فصار ذلك اعتقاد المجوس الي ان قامت علماء العامة فسئلوا عن هذه المسألة فلم‌يدروا فرجعوا الي علماء المجوس و اقوالهم فتعلموا ذلك و اخبروا السائلين بذلك من غير شعور حتي شاع و ذاع بينهم هذا الافتراء علي نبي الله و صار دينهم فلما سئل آل محمد: عن ذلك لم‌يسعهم انكارهم لمكان التقية فاخبروا بالتقية و لكن عند خواصهم اظهروا مر الحق كماقال ابوعبدالله7 في حديث لزرارة في امر تزويج آدم معاذ الله ان يكون ذلك علي ما قالوا من امر الاخوة و الاخوات و روي عنه7 ان كتب الله كلها فيما جري فيه القلم في كلها تحريم الاخوات علي الاخوة فيماحرم انتهي و معاذ الله ان يجعل

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 401 *»

الله اصفيائه و اوليائه من نسل زنا و لاتزعم ان الزنا بمحض الحرمة في الشرع فلو كان حلالا لم‌يكن زنا فان الشارع لم‌يشرع حرمة شيء الا ما كان عقلا و حكمة قبيحا و لم‌يحلل شيئا الا ما كان عقلا و حكمة حسنا فالحسن العقلي و الحكمي و قبيحهما لايتغير عما هو عليه فلايمكن ابدا تحريم الشارع حسنا و تحليله قبيحا و هذا الامر قبيح شرعا و عقلا و حكمة ابدا فلايكون مبدء نشو اولياء الله و انبيائه من مثل هذا النكاح و قد فصلنا و شرحنا ذلك بالعلل الحكمية و الشرعية في رسالة معروفة بكوه بنانية و لما لم‌يكن سؤالكم عن علة التحريم لم‌نذكر هنا علته فاعلم مجملا ان الاخبار الواردة في غير ما ذكرنا تقية و وجهه ما ذكرنا و ان الامر علي غير ذلك من نزول حورية و جنية و تجسمهما ثم نكاح الابنين اياهما و حصول بني الاعمام ثم تسلسل النسل و اتسع الامر. و قد وقع الفراغ من تحرير هذه الاجوبة علي يد مصنفه في نهار يوم الخميس الثاني من شهر ذي القعدة من شهور سنة 1265 الهجرية حامدا مصليا مستغفرا تمت.