31-07 مکارم الابرار المجلد الواحد والثلاثون ـ رسالة في جواب الملاعبدالكريم الكوهبناني (2) ـ مقابله

 

 

رسالة في جواب الملاعبدالکريم الکوهبناني (2)

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 303 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطيبين و الهداة المهديين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين ابد الابدين.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد ارسل الي جناب الكريم الاخلاق الحلي الاذواق صاحب المحاسن و المكارم العامل العالم العظيم الفخيم الحاج ملاعبد الكريم الكوه‌بناني سلمه الله و ابقاه بمسألتين شريفتين فابتدرت الي جوابه حين وصل الي كتابه امتثالا لامره العالي فجعلت عبارة كتابه كالمتن و جوابي له كالشرح و اقتصرت فيه علي بيان المراد من المشاكل لماهجمت علي من الاطراف المسائل فاقتصرت بالميسور فانه لايترك بالمعسور و علي الله التكلان في جميع الامور.

قال سلمه الله الحمد لله الذي نصب لنا علما علمه البيان و اوضح لنا المعضلات ببيانه احسن التبيان و جعله قبلة و قدوة لنا و لاهل الايقان و نشكره علي ما انعم به علينا في هذا الزمان و الصلوة علي نبينا محمد سيد الانس و الجان و علي آله و ذريته صفوة عالم الامكان و علي المستحفظين لضعفاء امته من الشك و الشبهة و الزيغ في الاعتقادات و البيان.

اقول مراده سلمه الله بالمستحفظين الرعاة الذين استحفظهم الامام: امر ملکه و رعيته و هم الذين اشار اليهم علي بن محمد الهادي8 لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم7 من العلماء الداعين اليه و الدالين عليه و الذابين عن دينه بحجج الله و المنقذين لضعفاء عباد  الله من شباك ابليس و مردته و من فخاخ النواصب لمابقي احد الا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون ازمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها اولئك هم الافضلون عند الله و لا بأس بالصلوة عليهم فان الله صلي عليهم حيث قال اولئك عليهم صلوات

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 304 *»

من ربهم و رحمة و اولئك هم المهتدون و صلي عليهم زين العابدين7 في دعاء له خاص في الصلوة علي الشيعة من الاصحاب و التابعين و صلي الصادق7 علي سلمان و علي زرارة و نظرائه و قد حققنا في رسالتنا الراينية التي سميناها بالزام النواصب انه لابد و ان يكون في كل عصر المستحفظون الراعون لغنمهم: حتي يسلموا من مخالب ذئاب الشياطين و مردة النواصب و استدللنا عليه بالكتاب و السنة و الادلة العقلية فقد اصاب سلمه الله بذكرهم و الصلوة عليهم و اقتدي بربه و نبيه و اوليائه:.

قال سلمه الله و بعد يا ذخري و ذخيرتي و حرزي عند حيرتي جعلني الله فداكم و صيرني في البليات وقاكم و شرفني في هذه الاوقات بلقاكم قد تشرفت ببعض مصنفاتكم في كوه‌بنان بعد ما حار قلبي و طار فؤادي من سنوح الرزية التي ثلم منها ثلمة لايسدها شيء في الاسلام و هي وفات السيد السند و الاستاد المعتمد و المقتدي الاوحد فخر الاكابر و الاعاظم اعلي الله مقامه و انار في الدارين برهانه رأيت هذا الشراب في هذا الكاس فسجدت لله الذي خلق الناس و آمنهم من شر الوسواس الخناس و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله.

اقول اراد سلمه الله بالسيد السند المولي الاولي و الاية العظمي و الحجة الكبري عنوان الله في العالمين و نوره في المغربين و المشرقين الحبر العالم السيد كاظم اجل الله شأنه و انار برهانه و قد طوي اسمه الشريف تعظيما و تأدب عن ترك ذكر اسمه تكريما و لنعم ما قلت في هذا المعني بديهة حين سألني بعض الاخوان اقتباس هذه الاية الشريفة في مدحه و زاده بسطة في العلم و الجسم حيث كان اجل الله شأنه سمينا في جثته فقلت بديهة:

و كيف يمكنني الاطراء في رجل

اجله الله عن رسم و عن اسم

اتاه قدرا و شأنا فوق مدركنا

و زاده بسطة في العلم و الجسم

و اما قوله سلمه الله رأيت هذا الشراب يريد شراب علمه اجل الله شأنه و لعله اقتبس من قوله تعالي و اوحي ربك الي النحل و هو منتحل العلم بتفسير ظاهر

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 305 *»

الظاهر ان اتخذي من الجبال بيوتا و من الشجر و مما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات ثمرات العلوم فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس و قوله في هذا الكأس هو علي ظنه سلمه الله و الا ما انا و ما خطري و اقول انا اعلم بنفسي من غيري والله اعلم مني بنفسي اللهم لاتؤاخذني بما يقولون و اجعلني احسن مما يظنون ولكن من باب ما روي احسن الظن و لو بحجر يلقي الله مطلوبك فيه لعله يجزي بما ظن و ارجو من الله ان يجري جواب مسألته و مسائل ساير الاخوان الذين يظنون مثل ظنه بي و ارجو ان ادخل تحت قوله7 ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل عن مسألة الا و نفثنا في روعه جوابا لتلك المسألة.

قال سلمه الله فيا اعتصامي عند حيرتي قصدت نحو خدمتكم اذ طلع علينا ماقال شيخ المشايخ اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه

علي حين ما كنا ببال مقسم

نعي رزء ساداتي هلال محرم

و لماكنت ابني بناء في هذه القرية مجلسا لجلساء اهل عزاء سيد الشهداء صلوات الله عليه و علي ذريته الي يوم الجزاء و قبله رأي الناس رؤيا دلتني علي بنائه و اعتياد الناس فيه في العشر الاول لاقامة عزائه9 منعني الوصول الي خدمتكم و التقبيل لعتبتكم و لماكان الاخوان الصادقون قصدوا خدمتكم بادرت الي تضييع اوقاتكم بهذه العريضة و اسأل الله ان يحرسكم من الحاسدين بمحمد و ‌اله الطيبين صلوة الله عليهم اجمعين.

اقول هذه قصيدة ميمية للشيخ الاوحد الشيخ احمد اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه تشتمل علي ستة و سبعين بيتا و هي قصيدة بليغة فصيحة ما احسنها و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 306 *»

اعلي معانيها و لله دره فيها حيث يقول:

فمازال يرميهم بغرة وجهه

دراكا لهم حتي تسربل بالدم

الي ان دعاه ربه فاجابه

فخر كطود من علا شاهق رمي

عفيرا علي الترباء ناشف مهجة

خضوعا لمولاه بحال المسلّم

فعج جميع الخلق خوفا و رحمة

عليه و اشفاقا لفقدان منعم

قال سلمه الله اما بعد نريد ان تمن علي عبدك الاثيم ببيان حديث ذكر في كتاب اصول الكافي عن مولينا ابي‌عبدالله7 اذا بلغت النفس هيهنا و اشار بيده الي حلقه ليس للعالم توبة ثم قرأ انما التوبة علي الله للذين يعملون السوء بجهالة لانه7 اذا استشهد بهذه الاية الشريفة هذا الوقت لم‌يکن له توبة ذاک الوقت عام للعالم و غيره لانه وقت رؤية البأس مع ان الله عزوجل قال لاتقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا فما التوفيق اذا کان غير هذا الوقت بين هاتين الايتين.

اقول العبارة متهافتة كأنه سقط منها شيء و كان المقصود الاشكال من وجهين احدهما انه ان كان بلوغ النفس الي الحلقوم عبارة عن حال معاينة الاخرة فلاخصوصية لعدم قبول التوبة حينئذ بالعالم و غير العالم فانه اذا عاين الاخرة فقد انتقل من دار العمل الي دار الجزاء و التوبة عمل و لابد و ان يقع في داره حتي ينفع و هذه العلة مشتركة بين العالم و الجاهل فما وجه الخصوصية بالعالم في هذا الخبر و ثانيهما انه ان كان بلوغ النفس الي الحلقوم في آخر جزء من اجزاء زمان العمل فلم لاتقبل توبة العالم في دار العمل و وقته مع ان الله سبحانه يقول لاتقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا فاقول ان بلوغ النفس الي الحلقوم في آخر جزء من زمان العمل و الانسان في ذلك الحال في دار العمل و لابد و ان يقبل منه عمله ان كان مستوفيا لشروط القبول عالما كان الانسان او جاهلا و التوبة و الرجوع الي الله سبحانه عمل و لابد و ان يقبل مادام الانسان في دار العمل اذا كان

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 307 *»

بشروطه و الدليل علي ان حال بلوغ النفس الحلقوم من وقت دار العمل روايات كثيرة منها ما روي عن عقاب الاعمال باسناده عن رسول الله9 في حديث اني نازلت ربي في امتي فقال لي ان باب التوبة مفتوح حتي ينفخ في الصور ثم اقبل علي القوم فقال انه من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ثم قال و ان السنة لكثيرة من تاب قبل ان يموت بشهر تاب الله عليه ثم قال و شهر كثير من تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه ثم قال و جمعة كثيرة من تاب قبل ان يموت بيوم تاب الله عليه ثم قال و يوم كثير من تاب قبل ان يموت بساعة تاب الله عليه ثم قال و ساعة كثيرة من تاب و قد بلغت نفسه هذه و اومأ بيده الي حلقه تاب الله عليه هذا و قد سئل الصادق7 عن قول الله عزوجل و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتي اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان قال7 ذاك اذا  عاين امر الاخرة فتبين و ظهر ان بلوغ النفس ليس حين معاينة الاخرة و انما هو من احوال دار العمل فلابد و ان يقبل فيه العمل و الايمان لو آمن رجل في تلك الساعة  كما روي عن ابي‌جعفر7 ان رسول الله9 دعا رجلا من اليهود و هو في السياق الي الاقرار بالشهادتين فاقر بهما و مات فامر الصحابة ان يغسلوه و يكفنوه ثم صلي عليه و قال الحمد لله الذي انجا بي نسمة من النار فالاشكال حينئذ في عدم قبول توبة العالم خاصة في هذا الوقت الذي هو من احوال الدنيا دار العمل فاعلم ان معني العالم في هذا الخبر غير الشيعة فانه لايراد بالعلم هنا العلم بغير ما يتعلق بالمعصية فلايكون يقبل توبة النجار و الحجار و الحائك او القائف و العالم بالحروف و العلوم الغريبة و الحكم و غير ذلك و انما المراد بالعالم العالم بالمعصية التي يعملها بانها معصية و قد نهي الله سبحانه عنه و اعد له العقاب و اوعد عليه سوء المآب و ان الله و رسوله و المؤمنين مطلعون عليه حين يفيض فيه علي مقتضي قوله قل اعملوا فسيري الله  عملكم و رسوله و المؤمنون فمع علمه باطلاعهم و نهيهم و انه معصية محرمة عليه يعمله عمدا مختارا لا سهوا و لا نسيانا و لا مقهورا و لا مكرها و لا مغلوبا بشهوة او غضب او طبع

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 308 *»

او عادة او غفلة و لا جهلا فهكذا الرجل عاص عن علم و قدرة و مثل ذلك لايوجد في الشيعة ابدا لقول الصادق7 كل ذنب عمله العبد و ان كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه فقد حكي الله سبحانه قول يوسف لاخوته هل علمتم ما فعلتم بيوسف و اخيه اذ انتم جاهلون فنسبهم الي الجهل لمخاطرتهم بانفسهم في معصية الله و مراده7 بقوله و ان كان عالما يعني بالتحريم كما كانت اخوة يوسف يعلمون حرمة القاء يوسف في الجب و قتله فالذي يخاطر بنفسه من الشيعة مع علمه بانه حرام اوعد الله عليه العقاب انما تغلبه شهوة او غضب او طبع او عادة او غير ذلك فتقهر عقله و توقعه في الخطيئة و هو يعلم انه حرام و ان الله سبحانه قادر عليه ان شاء عذبه و ان شاء غفر له و يسوؤه ذلك لامحة و يندم عليه في نفسه و هو خجل في نفسه مقر علي نفسه بالقبيح انظر الي قول موسي بن جعفر7 لابن ابي‌عمير يا با احمد ما من مؤمن يذنب ذنبا الا ساءه ذلك و ندم عليه و قد قال رسول الله9 كفي بالندم توبة و قال من سرته الحسنة و ساءته سيئته فهو مؤمن فان لم‌يندم علي ذنب يرتكبه فليس بمؤمن و لم‌تجب له الشفاعة الخبر و قال ابوجعفر7 لا والله ما اراد الله من الناس الا خصلتين ان يقروا له بالنعم فيزيدهم و بالذنوب فيغفرها لهم و قال ابوعبدالله7 من اذنب ذنبا فعلم ان الله مطلع عليه ان شاء عذبه و ان شاء غفر له غفر له و ان لم‌يستغفر فتبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان المؤمن لاسيما العالم لايمكن ان يذنب ذنبا و لا يسوؤه و لايندم عليه و لايخجل في نفسه و لايعلم ان الله ان شاء عذبه و ان شاء غفر له فاذا كان هو كذا فهو مغفور له و ان لم‌يستغفر بلسانه و لم‌يتب فان علم العالم استغفار و توجهه الي الله توبة و رجوع فاين انتم عن المؤمن و غير المؤمن لايستوون عند الله فالمؤمن لايعصي الا مقهورا او مغلوبا عليه علي ما ذكرنا فان غير ذلك محادة لله و رسوله و معاندة له و المؤمن لايفعل ذلك ابدا فالمؤمن جاهل و هو ممن عمل السوء بجهالة و ان كان عالما بالتحريم و لاشك ان الجاهل الذي

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 309 *»

له توبة ليس الجاهل بالتحريم فان الجاهل بالتحريم غير آثم و لايحتاج الي توبة كماقال7 الناس في سعة ما لم‌يعلموا و وضع عن هذه الامة ما لايعلمون بالاجماع و قد قال الصادق7 اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شيء عليه فالمراد بالجهالة في الاية غير الجهل بالتحريم و هو الجهل الناشيء عن تسويل النفس بعد العلم بالتحريم الموجب لكون العمل اثما و لذا فسر الصادق7 الجهل بغير ما يتبادر منه و نص علي اجتماعه مع العلم فوجه نسبة‌ الجهل اليه ان الشهوة او الغضب او العادة او غيرها يغطي قلبه فلايدعه ان يلتفت الي قبح عمله و تسول له نفسه حتي تدخل العمل تحت احد المحاسن و تلبس عليه و تظهر العمل علي صورة‌ الحسنة و تجعل له محاسن فيغتر به المؤمن فيقع فيه فهو حينئذ جاهل بحقيقة ‌الامر و يدخل تحت قوله تعالي يعملون السوء بجهالة فلايمكن ان يعصي المؤمن عالما عامدا كماقال الصادق7 كل ذنب عمله العبد و ان كان عالما فهو جاهل فالعالم الذي لاتقبل توبته هو الكافر و لاتقبل توبته ابدا فمعني قوله7 اذا بلغت النفس هيهنا ليس للعالم توبة ‌ان العالم اي غير الموالي لآل محمد7 اذا بلغ نفسه حلقه باتعاب روحه و جسده و رياضته و بكائه و انابته و توبته لم‌يكن له توبة و لاتقبل له توبة فان الله سبحانه يقول انما التوبة علي الله للذين يعملون السوء بجهالة و هذا الناصب العدو عمل السوء فانكر آل محمد: حقهم و فضائلهم و ولايتهم و جحد به و استيقنته نفسه ظلما و عتوا و علوا و خالفهم متعمدا و عمل بغير قولهم خلافا عليهم فانهم لعنهم الله يعملون الاعمال خلافا علي آل محمد و ردا عليهم حتي انه ورد انهم كانوا يسألون عليا7 و يعملون بخلافه و قد انكروا فضائلهم و حقهم و هو اعظم المعاصي و اصلها عن علم و يقين ظلما فلاتقبل توبتهم و ان بلغت نفسهم حلقومهم من كثرة الاجتهاد في العبادة و التوبة و نظير ما رويتم رواية جميل عن زرارة عن ابي‌جعفر7 قال اذا بلغت النفس هذه و اهوي بيده الي حلقه لم‌يكن للعالم توبة و كانت للجاهل توبة و هذا الخبر اصرح من ذاك فلفظة اذا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 310 *»

جاءت في هذا المعني بمعني ان و هو جايز سائغ لا بأس به و يمكن ايضا ان يكون المراد من الخبر تشديدا علي العالم و تحريصا له علي التوبة فان لله سبحانه بالنسبة الي عباده جزاءان جزاء وضعي حكم في حكمه بان من عمل كذا فله كذا و ان عمل كذا فله كذا فهذا جزاء مقدر محدود قدر بمقتضي قابلية نفس كل عمل عمل لولا ضم غيره اليه و ذلك مثل الخواص الموضوعة للعقاقير و الادوية فانك تقول ان الدارصيني مثلا حار يابس في الثانية يعني مقتضي نفس الدارصيني من غير ضم شيء اليه فهو حار يابس في الثانية يسخن و يجفف و يؤثر بالتسخين و التجفيف في جرم المعدة اذا ورد في المعدة وحده من غير ضم شيء اليه اما اذا ورد في المعدة و ورد بعده اضعافه ماء النارنج فلايكاد يسخن المعدة و يجففه ابدا بل يحصل التبريد و الترطيب و علي ذلك ورد الثواب و العقاب للاعمال فرب عمل ذكر في حقه انه اذا عمله الانسان وجبت له الجنة و رب عمل ذکر في حقه انه اذا عمله الانسان وجبت له النار و حرمت عليه الجنة و ربما صدر العملان من رجل و لذلك يؤتي بالموازين يوم القيمة كما ان الاطباء يزنون الادوية و يحكمون للغالب فكذلك كل عمل له اثر لو خلي و طبعه و اما عند ضم عمل اخر اليه ضده يكسر سورته و يحصل في نفس الانسان اثر ثالث فاذا عرفت ذلك فاعلم انه ان العلم لو خلي و طبعه يؤثر عدم قبول التوبة اذا بلغت النفس الحلقوم لولا ضم شيء آخر اليه لانه اتم الله عليه الحجة و اوضح له المحجة و عرفه قبح العمل و بينه له و عرف وجوب الانقلاع و التوبة و ذكره بجميع ما يوجب الانزجار عن المعصية فتأخيره التوبة الي ذلك الوقت هو اهانة منه بامر الله و تهاون منه و استخفاف بحكمه فاوجب له عدم قبول التوبة هذا لو لم‌يضم اليه شيء آخر يوجب القبول و اما الشيعة فقد ضم الي العلم شيئا آخر و هو حب علي7 الذي لاتضر معها سيئة و مساءته بالمعصية التي هي تورث الندم النفساني له الموجب للمغفرة و العلم بان الله ان شاء عذبه و ان شاء غفر له الموجب للمغفرة بلا استغفار و حب اولياء الله الموجب للمغفرة و ساير الاعمال

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 311 *»

الموجب للمغفرة و وجوب الجنة له فنفس العلم من حيث هو هو مع المعصية موجب لعدم قبول التوبة اذا بلغ النفس الحلقوم و لايضر بما ذكرنا عدم ذكر القيود فان جميع الاخبار صدرت هكذا الا تري في ثواب الاعمال و عقابها اطلاق كل الاخبار من دون ضم قيد و شرط كقوله من قال لا اله الا الله وجبت له الجنة مع انه مع انكار النبي و الولي8 لايكاد ينفع و من بكي علي الحسين او ابكي او تباكي وجبت له الجنة و لايكاد ينفع مع الشرك و بغض النبي و الولي او انكار شيء مما فرض الله عزوجل و هكذا و من صلي الصلوات الخمس خرج من ذنوبه و لايخرج الناصب عن ذنوبه فجميع الاخبار المطلقة لها شروط و قيود و ان لم‌يكن مذكورا في نفس ذلك الخبر بل لايكاد يوجد خبر حايز لجميع ما ينبغي و يشترط فيه و منها هذا الخبر و الثمرة في اداء الاخبار هكذا هو شدة الترغيب في الثواب و التحذير عن العقاب فالعالم لاينفعه توبته اذا بلغ نفسه حلقه لولا ما يوجب قبول توبته و هو التقوي انما يتقبل الله من المتقين و حب آل الله: و الايمان الي غير ذلك من موجبات المغفرة المذكورة في محالها و سبب عدم قبول توبة العالم في ذلك الوقت اتمام الحجة و كمال العقل الموجب لتشديد الامر عليه فافهم فرجع ايضا الي غير الشيعة فان حب علي7 من موجبات المغفرة التي لايشك فيها الا من كان في معرفته تقصير اعتبر من قول ابي‌عبدالله7 الكاشف  عما ذكرنا و حققنا و شرحنا في قول الله عزوجل و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا قال جزاؤه جهنم ان جازاه اي ان لم‌يمنع مانع يوجب له المغفرة و جازاه بمقتضي صرف القتل ولكن للشيعة ما يمنع عن الجزاء فبما ذكرنا حصل التوفيق بين الايتين و لم‌يحصل قنوط للمؤمنين و ان الله يغفر الذنوب جميعا للمتقين علي اليقين و دخلنا في قول اميرالمؤمنين عليه صلوات المصلين الا اخبركم بالفقيه حق الفقيه من لم‌يقنط الناس من رحمة الله و لم‌يؤمنهم من عذاب الله و لم‌يرخص لهم في معاصي الله و لم‌يترك القرآن رغبة عنه الي غيره الخبر فافهم ذلك و تدبر فقد اسقيتك ماء غدقا يحل به جميع الاخبار الواردة في هذا المضمار.

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 312 *»

قال سلمه الله و نستدعي من ذلك الجناب الامجد و الفاضل الاوحد مد الله ظله الي الابد ان يشرح لي حقيقة التناكح و التناسل بين اولاد ابينا آدم علي نبينا و آله و عليه السلام لاني مارأيت حديثا غير ما ذكر في كتاب تفسير الصافي و هو غير واف بالمراد و لايجدي الغليل و لايهدي العليل غير ولدين من ابينا آدم بمجيء الحورية و الجنية مع ان امنا حوا ولدت سبعون بطنا في كل بطن ذكر و انثي و لماكان الوصول الي فيض خدمتكم ان شاء الله المجيب قريب لم‌اجسر بتضييع اوقاتكم و السلام عليكم و منكم و اليكم و رحمة الله و بركاته.

اقول اعلم ان الله سبحانه لم‌يكلف الناس لفاقة منه لانه لاتضره معصية من عصاه و لاتنفعه طاعة من اطاعه بل لا الذي عصي استغني عن مدده و فيضه و قدره و لا الذي اطاع عمل بحوله و قوته ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون و ما اصابك من حسنة فمن الله و القول الفصل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا فاذا لم‌يجز ان يكلف الله سبحانه عباده لفاقة منه اليه بل يجب ان يكلفهم لحاجة الخلق الي الاهتداء الي ما يضرهم و ما ينفعهم و ما به صلاح نظامهم و بقاء قوامهم و ما به فسادهم فكلف الله عباده بحسب مصالحهم و مفاسدهم فامرهم بما فيه صلاحهم و نهاهم عما فيه فسادهم و لماكان الخلق باعتبار من نوع واحد اشتركوا في الصلاح و الفساد في بعض الامور و لماكانوا باعتبار الاصناف و الاشخاص و الازمنة و الامكنة و الجهات مختلفين اختلفوا في بعض المصالح و المفاسد فمصالح قوم عند قوم مفاسد و مفاسد قوم عند قوم مصالح فلما بعث اليهم الرسل و هداهم السبل اشترك الرسل في شرايعهم في الامر و النهي في ما فيه صلاح النوع و فساده و لم‌يختلفوا و لم‌ينسخ احد منهم ما كان في شرع الرسول السابق من المصالح العامة و نسخ كل واحد ما كان في الشرع السابق مما فيه خصوصية بذلك الزمان و المكان فبذلك جرت الشرايع و السنن و تغيرت في كل عصر عصر و قرن قرن و لن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا و الكل حكم الله سبحانه و من عند الله و ليس الاختلاف فيه و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فلا اختلاف في علم الطبيب اذا عالج

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 313 *»

المرض الحار بالتبريد و المرض البارد بالتسخين و انما الاختلاف في المريضين بل لو عالج الطبيب كلا المريضين بالتسخين او التبريد لكان علمه مختلفا و علي خلاف الحكمة الا تري ان الطبيب لو عالج كليهما بالحرارة تنسبه الي الخطاء و السفه و الغلط و اختلاف العقل و التدبير و العلم في الانين فكذلك الشرايع مع اختلافها صادرة من اتحاد الحكمة و اتساقها و جريها علي نظم طبيعي واحد فاذا عرفت ذلك فاعلم ان من الاحكام التي فيها صلاح النوع هو الاقرار بتوحيد الله سبحانه و صفاته و اسمائه و الاقرار بانبيائه و تصديقهم و ولايتهم و محبتهم و الاعتراف باوصيائهم و تصديقهم و ولايتهم و الاقرار بفضائلهم و التسليم لهم و ولاية اولياء الله و البراءة من اعداء الله في الاولين و الاخرين و كذلك حرمة شرب المسكر و مزيل العقل فان مدار العالم و بناء عيش بني آدم و التدين باوامر الله و نواهيه علي العقل و ما يزيل العقل مخرب للعالم و مفسد لعيش بني آدم و مبطل للشرايع و الحكم فلذلك حرم شربه في جميع الشرايع و  من يدعي حليته في شرع فهو مكذب لاولياء الله و من ذلك حرمة الظلم و السفاح و القتل و نكاح الامهات و البنات و الاخوات الي غير ذلك من الحكم العامة و موضوع بحثنا نكاح الاخوات فاعلم ان حرمة نكاح الاخوات من الحكم العامة فلايحل في شرع من الشرايع و الوجه فيه ان الولد مركب من مادة و صورة فمادته من ابيه و جزء له و صورته من امه و جزء لها و لذلك سمي الله الولد جزءا فقال للذين قالوا الملائكة بنات الله و جعلوا له من عباده جزءا و شرح ذلك الصادق7 ان الله خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة انظر كيف جعل النور الاب  و قال ان الله خلق المؤمنين من نوره فاتي بمن الدالة للتبعيض و التجزية فالمؤمن من النور و جزء النور و النور ابوه فتبين و ظهر ان الولد جزء والده و الجزء من سنخ الكل و من نوعه و بضعة منه فالاخت و الاخ خلقا من ابيهما و كل واحد جزء من ابيهما و جزء من امهما بحسب الصورة فكل واحد منهما من مادة واحدة و صورة واحدة و كل واحد شقيق الاخر انشق من مادته و صورته فلايحل له ان ينكح جزء ابيه و امه

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 314 *»

فان الزوجة لابد و ان يكون مخلوقا من الضلع الايسر من الرجل اي من جهته من نفسه فيكون مادتها من نفس الرجل و صورتها من ادني منها لان الزوج آية الفاعل و الزوجة آية‌ المفعول و الفاعل لابد و ان يكون اعلي من المفعول ليؤثر فيه كما ان الافلاك التي هي الفواعل اعلي من العناصر التي هي المفاعيل و لايجوز و لايحل لمن كان في عرض احد ان يدعي الفاعلية فيه و ذلك قوله تعالي و من يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم فلايجوز للمصاقع ان ينكح من في صقعه الا ان يكون دونه و يكون له مقام وساطة الفيض و المدد بالنسبة اليه و يصير بالنسبة‌ اليه فاعلا و مؤثرا و مفيضا قال رسول الله9 لو امرت احدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها و ذلك لان الزوجة آية‌ العبودية و الزوج آية الربوبية فالاخت موازية للاخ في الرتبة ‌مادة و صورة فلايحل له تزويجها و ان قلت كيف توازي المرأة الرجل و الاخت ترث نصف الاخ قلت ان قلة الميراث في المرأة لضعف ما فيه من المادة و كثرة ميراث الرجل لقوة ما فيه من حصة المادة و ذلك ان الرجل فيه من المادة جزءان و المرأة فيها جزء واحد و لذا صار للذكر مثل حظ الانثيين و سر هذا قد بان في المثلث الذي هو ابو الاشكال فان جميع مساحته خمسة و اربعون و هو ثلثة اضلاع كل ضلع منها خمسة عشر مثاله ما في الهامش

8 1 6
3 5 7
4 9 2

فهو ثلثة اضلاع و مساحته خمسة و اربعون عدد لفظ آدم و ضلع منه خمسة عشر عدد لفظ حوا التي هي جهة النفس ففي آدم للصورة ضلع واحد و للمادة ضلعان و كله ثلثة اضلاع و انما صار مساحة الكل خمسة و اربعون عدد لفظ آدم و لم‌يكن الضلعان موازيين لآدم فان آدم ليس يتم الا بثلثة اضلاع ضلعان فيه من المادة و ضلع فيه من الصورة و انما الحواء من ضلعه الصوري و مثلث حواء ايضا هكذا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 315 *»

2 9 4
7 5 3
6 1 8

الا انه عكس مثلث آدم و فيه ضلعان من الصورة و ضلع واحد من المادة و مادتها خمسة عشر علي عدد ضلع واحد من مثلث آدم و لها من الصورة ثلثون و لما كان التملك  و الاستيلاء للمادة دون الصورة تملك كل واحد منهما من المال بقدر قوة مادتهما و ضعفهما و هذا حكم الزوجين و اما الاخ و الاخت فلما كان الولد مخلوقا من ابويه كما بينا كلما كانت القبضة المتخذة له من ابيه جزئين و القبضة المتخذة له من امه جزءا صار ذكرا معتدلا و كلما كان فيه اقل من جزئين صار اقرب الي الانثي و ربما صار خنثي بينا انه ذكر حتي اذا تساوت الحصتان فصار خنثي مشكلا ثم تزيد ما فيه من حصة امه فتصير خنثي بينة انوثية حتي تصير فيه حصتان من امه و حصة من ابيه فتكون انثي سوية معتدلة في الانوثية فلذلك صار الاخ له حصتان من الميراث و الاخت له حصة و صار علي الكلية للذكر مثل حظ الانثيين بالجملة الاخت من جنس الاخ و مادته و صورته و انما التفاوت في القلة و الكثرة و ليس للاخ استيلاء تام علي الاخت و ليس الاخت مخلوقة بمادتها و صورتها من نفس الاخ حتي تصير زوجته و تحل له و قلنا استيلاء تام اثباتا للاستيلاء الناقص لما فيه من حصة الولي الذي هو الاب اكثر من حصة الام فاورثه الولي اي الاب من ولايته شيئا و لذلك ورد عن الائمة: ان الاخ بيده عقدة نكاح الاخت و الاخ الاكبر بمنزلة الاب الحاصل الاخت في رتبة‌ الاخ جنسا و نوعا فلا استيلاء للاخ عليه و لا ارتفاع فلاتحل له ان يتزوجها و هذا حكم يجري علي نوع الانسان و لما حرم تزويج الاخت امتنع حصول النسل لان في البدء لم‌يكن الا الاخ و الاخت فلما كان كذلك و اراد الله سبحانه تكثير النسل اتي بغير جنس الافراد ادون من نفس الافراد حتي يكون للافراد استيلاء عليها و هيمنة و فاعلية و ربوبية فانزل الله سبحانه صورا من السماء

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 316 *»

و هي النزلة و غيرها و اظهر صورا من الارض و هي منزلة و غيرها فزوج بين فرد من افراد الانسان و الصورة السماوية و بين فرد و الصورة الارضية فاولدهما فكان كل ولد مركبا من جزء من ابيه و جزء من امه فانقلب حكم المادة لاجل الصورة و هذا هو السر الساري في جميع المواد و الصور فتنقلب المادة في الصورة و يجري عليها حكم الصورة

كقطر الماء في الاصداف در

و في فم الافاعي صار سما

الا تري الخشب الواحد انه اذا تصور بصورة‌ الضريح صار مقبلا للاملاك و الانس و الجن و اذا تصور بصورة الصنم صار ذليلا مهانا تجب اهانته و كذا افتي الفقهاء ان الشاة اذا نزت علي الكلب فاولدته فان كان ولده علي صورة الشاة فهو حلال و طاهر و ان كان علي صورة الكلب فهو حرام و نجس فلما زوج الله كل فرد من غير جنسه تغير حكم المادة الجارية من الاب في بطن الام و جري عليه حكم الام و لذا ورد السعيد من سعد في بطن امه و الشقي من شقي في بطن امه و ذلك لان مناط الاحكام الصور و الصورة في بطن الام و من الام و ليس في صلب الاب سعادة و لا شقاوة فالولد الحاصل من نزلة السماوية جري عليه حكم النزلة فصار سماويا روحانيا و الولد الحاصل من المنزلة الارضية صار ارضيا و جري عليه حكم المنزلة الارضية فلماجري علي الولدين حكم الصورتين جاز تزويجهما بحكم الصورة اما الدليل علي ما ذكرنا من تحريم تزويج ما هو من مادة الانسان و صورته عليه فما روي عن الفقيه و العلل عن الصادق7 انه سئل عن خلق حواء و قيل له ان اناسا عندنا يقولون ان الله عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الايسر الاقصي قال سبحان الله و تعالي عن ذلك علوا كبيرا يقول من يقول هذا ان الله تبارك و تعالي لم‌يكن له من القدرة مايخلق لآدم زوجة من غير ضلعه و يجعل للمتكلم من اهل التشنيع سبيلا الي الكلام يقول ان آدم كان ينكح بعضه بعضا اذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا و بينهم الخبر انظر بنظر الاعتبار ان حواء لو كانت مخلوقة من نفس ضلعه الايسر كانت من مادته و صورته و ان كان ايسره اضعف من ايمنه و كان يلزم من تزويجهما ان يكون آدم نكح بعضه بعضا و كانت

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 317 *»

هذه النسبة شنيعة بالنسبة الي الله سبحانه الذي زوجهما و بالنسبة‌ الي آدم الذي تزوجها و سبب الشناعة نكاح بعضه البعض و هذه الشناعة بعينها جارية في تزويج اولاده بعضهم بعضا فان اولاده جزؤه بنص الكتاب و السنة فكان يلزم منه ايضا تزويج بعضه بعضا و اما الدليل علي حرمة نكاح الاخت في جميع الشرايع و ان كان ظهر من الحديث السابق لانه اذا ظهرت شناعته ظهر قبحه في النوع ولكن مزيدا عليه رواية زرارة عن ابي‌عبدالله7 ان كتب الله كلها فيما جري فيه القلم في كلها تحريم الاخوات علي الاخوة فيما حرم فتبين و ظهر ان حرمة نكاح الاخ الاخت من الامور التي لايتغير بتغير الشرايع لانه من الاحكام النوعية التي لايتغير و لايتبدل علي مر الدهور و الاعوام و اما الدليل علي انزال نزلة و منزلة فما روي عن الباقر7 ان الله انزل حورية من الجنة الي آدم فزوجها من بعض ولده و زوج جنية من آخر فاولدهما فما في الناس من جمال و حسن خلق فمن الحورية و ما فيهم من سوء خلق فمن الجنية و انكر ان يكون آدم زوج بنيه من بناته نقلته بالمعني و اما رواية زرارة عن ابي‌عبدالله7 في حديث فلما اراد الله ان يبدء النسل ما ترون و ان يكون ما جري به القلم من تحريم ما حرم الله عزوجل من الاخوات علي الاخوة انزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها نزلة فامر الله آدم ان يزوجها من شيث فزوجها ثم انزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها منزلة فامر الله آدم ان يزوجها بيافث فزوجها منها فولد لشيث غلام و ليافث جارية فامر الله آدم حين ادركا ان يزوج ابنة يافث من ابن شيث ففعل فولد الصفوة من النبيين و المرسلين من نسلهما و معاذ الله ان يكون ذلك علي ما قالوا من امر الاخوة و الاخوات انتهي فالظاهر ان في الخبر سهو من قبل الروات او النساخ لان المنزلة كما عرفت جنية او الثانية من الجنة بكسر الجيم و المراد الجن و اطلاق الحوراء عليها علي المجاز او اللغة دون الاصطلاح فان الحوراء لغة الكبيرة العين

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 318 *»

او لما كانت المنزلة مسلمة فكانت من الجن و من الجنة لكن من حظايرها فان جنة الجن تحت جنة الانس و من حظايرها و اصل خلقة المنزلة من الجنة فان المسلم و المسلمة طينتهما من تراب الجنة كما وردت به الاخبار فلا اختلاف في الاخبار بحمد الله و لا عجب من تصور الحورية و الجنية بصورة الانس اما الحورية فكما ان جبرئيل كان يتصور بصورة دحية الكلبي و بصورة‌ الاعرابي فيرونه الناس و اما الجنية فكثيرا ما يتصور الجن بصورة الانسان حتي روي ان الاكراد قوم من الجن تجسموا فلما تجسمت الحورية علي صورة الانسان و كذا الجنية جاز نكاحهما لان الاحكام تجري علي الصور كما بينا و هل نزلت حورية واحدة و جنية واحدة او اكثر فالاختلاف بحسب الظاهر موجود في الاخبار لكن مع امعان النظر لا اختلاف فيها فان الكل واقع ففي خبر كما مر انه نزلت حورية و جنية و في خبر انه نزلت حوريتان كما عرفت و عرفت الجمع بينهما من ان الحق ان احديهما جنية و الاخري حورية و في رواية ان الله انزل حورية فزوجها من هبة الله فاولدها اربعة ذكور و انزل جنية و زوجها من ولد آخر فاولدها اربع بنات فزوج بين الثمانية و لاتنافي هذه الرواية ما مر من الاخبار فان الاختلاف في الاجمال و التفصيل و هذه تفصيل ما ذكر و في رواية ان آدم ولد له اربعة ذكور فانزل الله اليهم اربعة من الحور فاولدوهن و صعدن الحور فزوج اولاد الحور اربعا من الجن و حصل منهن النسل و لاينافي هذا الخبر ايضا ما مر في هذا الخبر ذكر ثلثة اخر غير هبة الله و لم‌يذكر في الخبر الاول حكاية بقية الاولاد و هنا ذكرها فالواقع انه نزلت اربع من الحور و ايضا زوج الله اولاد الحور من الجن و ان كان زوج عمهم ايضا من الجن كما زوج آباءهم من الحور و في رواية ان الله زوج من قابيل جنية و من هابيل حورية فلماقتل هابيل كانت الحورية حاملة فولدت ذكرا و سماه آدم هبة الله و ولدت حوا ولدا سماه شيثا و انزل الله حورية و زوجها من شيث فاولدها بنتا سماها حورة فزوجها آدم من هبة الله و لاتنافي بين هذا الخبر و السابق ايضا لانه وقع ايضا و اما تسمية ابن هابيل بهبة فلا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 319 *»

تنافي تسمية شيث ايضا به و اما ما روي من تزويج الاخوة و الاخوات فكلها صدرت تقية منهم صلوات الله عليهم و لا عبرة بها واعلم ان تقية اهل البيت: في قصص الانبياء و تفسير الكتاب كانت شديدة فان القوم لمامات رسول الله9 اعرضوا عن آل محمد: و استبدوا بآرائهم فلما سئلوا عن تفسير الكتاب و قصص الانبياء الماضين انفوا ان يقروا بالعجز و ان ينزلوه بفناء ال محمد: و يشيروا اليهم فرجعوا الي اهل الكتاب و من اسلم منهم جديدا و كان عالما بكتب السلف من التوراة و صحف الانبياء و سيرهم و تواريخهم المحرفة المكذوبة المأولة و تعلموا منهم و نشروها بين اتباعهم فشاع و ذاع بينهم امور منكرة بالنسبة الي الانبياء و الاولياء و صار معروفا مشتهرا بينهم حتي صار بحيث لايمكن التخلف عنهم و آية ذلك يومنا هذا فانه لماغاب الحجة و استولي علي الناس جماعة جهلة لايعرفون الهرة‌ من البرة و وردت عليهم مسائل غريبة لايعرفون منها شيئا و انفوا ان يرجعوا في ذلك الي حملة‌ العلم في زمان الغيبة و ان ينزلوا تلك المسائل بفنائهم و يحلوها بساحتهم فيعرفوا حقيقة الحق رجعوا فيها الي كتب اليونان و كتب العامة و الي آرائهم الكاسدة فهيئوا لها حشوا رثا و تداولت بينهم حتي اجمعوا عليها و سموها ضروري المذهب مع ان المذهب بريء منها و يصبر معه اهل العلم علي القذي و يقبض فيه حملته علي جمر الغضا و لايقدرون علي مخالفتهم فانهم باستشمام المخالفة يرمونهم بالغلو و التصوف او بالتقصير و التخلف فلابد و ان يوكوا افواهم عن الحق حتي يبلغ الكتاب اجله بل لابد و ان يحييوا بما يوافق القوم اذا سئل احد منهم عما شاع و ذاع بينهم و كذلك كانوا: يتقون كثيرا في تفسير الكتاب و قصص الانبياء و الاولياء: و منها حكاية تزويج الاخوات التي تعلموها من المجوس و شاع و ذاع بينهم فلماسئل الامام عنه اجاب بما يوافق آرائهم و هذا الذي ذكرت لك انهم تعلموا من المجوس هو صريح رواية اصبغ بن نباتة عن اميرالمؤمنين7 و لاغرو ان لم‌يخالف حمراؤها صفراها و اما ساير اولاد آدم علي نبينا و آله عليه السلام فلا

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 31 صفحه 320 *»

يضر ان بقوا عزابا الي ان ماتوا لحصول النسل بالمتزوجين ولكن الظاهر ان النسل قاطبة من ولد شيث كمايظهر من  الخبر و كأن من الباقين لم‌تنتشر ذرية و انقطع نسلهم و في ما ذكرنا كفاية لاهل الدراية.

و السلام علي من اتبع الهدي قد وقع الفراغ من تأليف هذه الرسالة و تصنيفها في زوال يوم الاربعاء رابع عشر شهر محرم الحرام سنة احدي و ستين بعد المأتين و الالف علي يد العبد الاثيم كريم بن ابرهيم حامدا مصليا مستغفرا مستقيلا و صلي الله علي محمد و آله اولا و آخرا تمت.