رسالة في جواب السيد زين العابدين الشيرازي
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 461 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي محمد و آله الطيبين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
و بعد فقد ارسل الي السيد السند و السناد المعتمد سلالة الانجبين السيد زين العابدين بن المرحوم… الشيرازي سلمه الله و ابقاه رسالة قد ذكر فيها بعض ما اشكل عليه و اراد مني جوابها فجعلت علي العادة المعهودة سؤالاته كالمتن و جوابي عن كل واحدة كالشرح و اقتصر علي الاشارة تكلاناً علي فهمه الذكي و علمه الوفي و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.
قال: ايده الله مولاي و معتمدي قد حصلت لقِنكم الجاني مشكلات في عبارات منها قول مولينا الصادق7 في بيان قراءة قوله تعالي ذلك من انباء القري نقصه عليك منها قائم و حصيد و قد قرأ فمنها قائماً و حصيداً بالنصب ثم قال يا محمد لايكون الحصيد الا بالحديد و في رواية اخري فمنها قائم و حصيداً لايكون الحصيد الا بالحديد منوا علي ببيان مراده7 بقوله لايكون الحصيد الا بالحديد.
اقول: اما قراءة النصب فعلي انيكون قائماً خبر يكون محذوفاً اي فمنها يكون قائماً و منها يكون حصيداً و اما الرواية الاخري ففي النسخة التي عندنا فمنها قائم و حصيد فعليها الاختلاف في وجود الفاء و عدمها. و يحتمل قريباً عندي انه قريء بحضرته الآية فقال فمنها قائم و حصيد بالرفع او النصب لا علي انه اراد قراءة الآية بل علي انه تكلم و اراد تفسير الآية و الفاء تفريع لكلامه علي الآية اي فعلي ما قال الله و بناء علي ذلك منها قائم و حصيد. ثم قال يا بامحمد لايكون الحصيد الا بالحديد فزعم الشخص الحاضر و هو ابوبصير او من سمع منه انه قراءة للآية.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 462 *»
و مثال (ذلك ظ) كأن يقرأ عندك احد قل هو الله احد فتقول فهو الله احد يا فلان لايجوز انيثني الذات فقولك فهو الله احد تفريع علي الآية و استناد اليها في المدعي. فعلي اي حال يحتمل انه اراد7 الاشارة الي باطن الآية. فاخذ القري آل محمد: كما هو في قوله و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها يعني ذلك الكتاب او النبأ الذي في هذه السورة من انباء آل محمد: نقصه عليك منها اي من تلك القري اي من آل محمد: قائم ابقاه الله ليظهر به دينه في جميع العالم فهو حي قائم و قائم بالامر و بالدين و قيوم علي الخلق. و منها حصيد اي مقتول مذبوح و لايكون الحصيد الا بالحديد اي بالسيف. و ذلك كباطن قوله تعالي ففريقاً كذبتم و فريقاً تقتلون. و يمكن انيجري ذلك في الظاهر ايضاً اي من تلك القري اي من تلك الرجال الماضين قائم باق آثارهم كالزرع القائم علي ساقه و منها حصيد اي سلط الله عليهم من قتلهم و ابادهم كبختنصر.
و من معانيها المحتملة باطن تلك القري و هو جبابرة هذه الامة و فراعنتها فمنها قائم لايقتلهم الحجة7 حين يجيء لانهم يؤمنون و يتوبون قبل انياتي و منها حصيد يحصدهم الحجة بسيفه. و يشهد بهذا الباطن ما روي في بني العباس ان لهم ملكاً مبطياً يقربون فيه البعيد و يباعدون فيه القريب و سلطانهم عسر ليس فيه يسر حتي اذا امنوا مكر الله و امنوا عقابه صيح فيهم صيحة لايبقي لهم مناد يجمعهم و لايسمعهم و هو قول الله عزوجل حتي اذا اخذت الارض زخرفها و ازينت و ظن اهلها انهم قادرون عليها اتيها امرنا ليلاً او نهاراً فجعلناها حصيداً كان لمتغن بالامس و في رواية قريب من هذا المعني عن صاحب الزمان7 كاني بالقوم قد قتلوا في ديارهم و اخذهم امر ربهم ليلاً و نهاراً الي ان قال الراوي قلت سيدي يا ابن رسولالله فما الامر؟ قال نحن امر الله عزوجل و جنوده الخبر. فتبين ان الحصيد هو المحصود بفاس سيفه7 فطوائف هذه الامة منهم قائم و منهم حصيد بالسيف. و يشهد بذلك ايضا ما روي في بني امية و فرارهم الي روم في عصره7 و قوله سبحانه لاتركضوا و ارجعوا الي
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 463 *»
ما اترفتم فيه و مساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا انا كنا ظالمين فما زالت تلك دعويهم حتي جعلناهم حصيداً خامدين قال ابوجعفر7 حصيداً خامدين بالسيف فبنوعباس و بنوامية من المحصودين بسيفه7. و لاشك ان من القبايل من يتوب و يؤمن فيبقون قائمين بامرهم او خدمته7 و قبائل هذه الامة هم بواطن القري المذكورة في تلك السورة. فهذا معني قوله7 و الحصيد لايكون الا بالحديد.
قال: سلمه الله و منها ما حقق مولينا و شيخنا الاوحد اعلياللهمقامه في شرح قوله7 و مناراً في بلاده و قال اقول «المنار بفتح الميم الشيء المرتفع الذي يوقد في اعلاه النار لهداية الضال. و يروي في وصف الامام يرفع له في كل بلدة منار ينظر منه الي اعمال العباد و في حديث يونس قد كثر في ذكر العمود فقال لي يا يونس ما تراه اتراه عموداً من حديد؟ قلت لاادري. قال لكنه ملك موكل بكل بلدة يرفع الله به اعمال تلك البلدة. ففي الرواية الاولي المنار الذي يري منه و ينظر منه الي اعمال العباد و هو نور خيال الامام و هو عمود نور ممتد منه الي العرش عن يساره و النظر يصدر عن عقله و عقله من الخيال الي اظلة الاعمال و العاملين. و هذا العقل عقل الكل و هذا الخيال خيال الكل. و اظلة الاعمال و العاملين قد تقومت بنور هذا العمود فان اريد به حقائق تلك الاظلة فيراد به النفس الكلية و الروح الذي علي ملئكة الحجب و النور الاخضر و حجاب الزبرجد و ان اريد به ادراكها فيراد به فعل ذلك العمود و تربية ذلك الملك و تدبيره لها و ان اريد به العلم بها فيراد به ذواتها و مجموع المراتب الثلاث هو ذلك العمود الذي هو المنار» الخ ما المراد بقوله «و النظر يصدر عن عقله و عقله من الخيال الي اظلة الاعمال» و بقوله فان اريد به كذا فكذا و ان اريد به كذا فكذا؟ فالمرجو انتوضحوا لي المراد من هذه الكلمات حتي وضح لي الامر.
اقول: اعلم انه قد كثر الاخبار في امر العمود ففي رواية محمد بن مروان عن
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 464 *»
ابيعبدالله7 في صفة الامام فاذا وقع علي الارض له منار من نور يري اعمال العباد و في روايته عن ابيجعفر7 اذا هي وضعته سطع له نور ساطع الي السماء الي ان قال اذا تكلم رفع الله عموداً يشرف به علي اهل الارض يعلم به اعمالهم و عن اسحق بن عمار عن ابيعبدالله7 اذا ترعرع نصب له عمود من نور من السماء الي الارض يري به اعمال العباد و عن يونس بن ظبيان عنه7 في حديث فاذا خرج الي الارض اوتي الحكمة و زين بالعلم و الوقار و البس الهيبة و جعل له مصباح من نور يعرف به الضمير و يري به اعمال العباد و عن الحسن بن راشد عن ابيعبدالله7 في حديث فاذا مضي الامام الذي كان من قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به الي اعمال الخلايق فبهذا يحتج الله علي خلقه و عن ابي حمزة الثمالي عن ابيجعفر7 اذا شب رفع الله له عموداً من نور يري فيه الدنيا و ما فيها لايستر عنه منها شيء و في رواية اذا قام بالامر رفع له في كل بلد منار ينظر به الي اعمال العباد و في رواية يونس عن ابيعبدالله جعل له في كل قرية عمود من نور يبصر به ما يعمل اهلها فيها الي غير ذلك من الاخبار. فاراد اعلياللهمقامه شرح هذا المنار بمناسبة انهم منار في بلاد الله يهتدي بهم فقال اعلياللهمقامه انه نور خيال الامام.
اعلم ان الخيال في الانسان هو مشعر من المشاعر الباطنية و هو فعل النفس الذي انطبع في القبضة التي فيه من فلك الزهرة الذي هو مظهر صفة الطبع فانصبغ خيالاً دراكاً للمثل الجزئية كما كان ما انطبع في القبضة التي فيه من فلك عطارد فكان فكراً و هكذا ساير مشاعره الباطنية كما ان دراكية الروح الحيوانية وقعت في العين فكانت بصراً و في الاذن فكانت سمعاً و في الانف فكانت شماً و هكذا فالصادر عن النفس دراكية مبهمة مطلقة تشخصت في القبضات الفلكية فتعينت عاقلةً و عالمةً و واهمةً و خيالاً و فكراً فالنفس هي العاقلة و العالمة و الواهمة و المتخيلة و المتفكرة ولكن في تلك الافلاك كما ان الروح الحيوانية هي الدراكة المطلقة بذاتها و هي الباصرة السامعة الذائقة الشامة
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 465 *»
اللامسة في جوارحها و كذلك حال النفس بالنسبة الي العقل فان الدراك الاولي هو العقل و هو بذاته دراك للمعاني الا انه يدرك الصور الرقيقة بالروح الملكوتية و الصور المجردة الدهرية بالنفس و هو العاقل العالم الواهم المتخيل المتفكر بالمشاعر الباطنة و هو الباصر السامع الشام الذائق و اللامس بالجوارح الظاهرة و لا فعل لغيره. فمن العين نور ساطع الي العقل و هو فعل العقل الصادر منه النازل في كل درجة الي العين و هو نور. و كذلك منه نور نازل الي الاذن و الي الانف و هكذا لان الطفرة محال و الفعل فعله كما انك لو وضعت خمس مرايا مختلفة علي الارض فمن الشمس نور نازل الي كل مرآة و كذلك من العقل نور نازل الي الخيال و الفكر و غيرهما من المشاعر و هو عمود من نور دراك شاعر واصل بين العقل و الخيال و غيره و هو المنار من جانب الخيال يشرف منه صاحبه علي المثل و يطلع عليها. و لما كان المقام مقام ادراك الصور المثالية خص الخيال بالذكر. فالنور الواصل بينه و بين عقله7 هو عمود النور و المنار قد اشرف عليه عقله و نظر من الخيال الي مثل اعمال الخلايق و صور الاشياء.
و قوله «ممتد منه» اي من خياله7 الي العرش الي عقله7 عن يساره فان يمينه الي الفؤاد فمن يساره مما يلي السموات يسطع ذلك النور اليه. و قوله «و النظر يصدر من عقله» فانه الناظر و صاحب الفعل و الادراك الاولي. و قوله «و عقله من الخيال» و الظاهر ان في العبارة سقطاً و المراد «و عقله» ينظر من الخيال او حذف بقرينة و النظر يصدر من عقله و المقصود ان النظر الذي يصدر من عقله ليس من ذاته بل من عين خياله. و قوله «و هذا العقل عقل الكل و هذا الخيال خيال الكل» ظاهر لانهما من الحجة الكلية. و قوله «و اظلة الاعمال و العاملين قد تقومت بنور هذا العمود» لانهم مقامهم مقام العلية و صور خيالاتهم علل للموجودات الخارجية و الموجودات الخارجية اشباح و مثل لتلك الصور كما ان الفاظك اشباح و مثل لما في نفسك و خيالك. و ليس ما في خيال ساير الناس من الصور علة للوجودات الخارجية بل خيالاتهم مكتسبة منها منتزعة عنها و اما الحجة الكلية فهو العلة و السبب و جميع صور خياله وجوه الحقايق الخارجية تتقوم بها تقوم النور بالمنير و الاثر بالمؤثر.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 466 *»
فهذا المنار و العمود المذكور في الحديث يحتمل ثلثة معان كلها صحيحة واقعة. فمرة نقول ان المراد به حقائق مثل الاعمال و العاملين و تلك الحقائق هي صورة النفس الكلية و الروح الذي علي ملئكة الحجب و النور الاخضر و حجاب الزبرجد. و ذلك ان اعمال العاملين هي آثار تلك النفس و وجوهها و حقائقها فيها و هي صورتها الكلية و هي المراد من باطن قوله و كل شيء احصيناه في امام مبين فالمنار بهذا اللحاظ هو نفس الامام و عقله يري منها و فيها حقائق الاعمال و العاملين. و مرة نقول المراد به اي بالمنار و العمود ادراك العالي لتلك الاعمال و العاملين فهو فعل النفس المشرق علي الخيال المتعلق منه باظلة الاعمال و العاملين فيروا به فعل ذلك العمود الاولي اي النفس و تربية ذلك الملك اي الملك الموكل بكل بلدة اذ له وجه الي كل بلد و اهله و اعمالهم و تدبيره للاظلة و عقل الامام بذلك الملك يتوجه الي كل بلد فيري اعمالهم و ذلك الملك هو الذي يعرض اعمال ذلك البلد علي عقل الامام كما انك بعينك تري المبصرات و العين تعرض عليك الالوان و الاشكال. فالملك هو الروح الذي علي ملئكة الحجب و هو النفس الكلية و له وجوه بعدد جميع البلاد يربيها بها و ينظر اليها بها و يدبر امرها. و ان اريد به العلم بها فيراد به اي بذلك العمود ذواتها فان العلم عين المعلوم و ذواتها هي علم العالي كل حاضرة في حدها و مكانها و وقتها و الامام يعلمها بها فتلك الاظلة بذواتها هي نفس المنار المرفوع و العمود المنصوب يري الامام اعمال العباد بها و فيها و مجموع المراتب هو ذلك العمود. فالوجوه المثبتة في النفس اعمال (اعليظ) المنار و فعل النفس المتعلق بها اوسطه و نفس الاعمال بذواتها اسفل المنارة و العقل مشرف عليها يري فيها اعمال الخلايق و اذا فهم الانسان المراد عبر عنه بما شاء و اراد.
و المراد ان الامام له نفس كلية هي اللوح المحفوظ و فيه رسم جميع ما كان و ما يكون و ذلك بكتب القلم الذي هو عقله اياه فيها و ذلك قبل خلق جميع الاشياء ثم خلق الله الخلق من اشباح تلك الرسوم و استنسخ منها و كتب في الواح الكاينات علي حذوه و طبقه كما انك تستنسخ ما تكتب خارجاً عن لوح صدرك فانت مطلع
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 467 *»
علي ما كتبت قبل الكتابة و معها و بعدها و هو قوله7 علمه بها قبل كونها كعلمه بها بعد كونها فان شئت فسم تلك النفس بالمنار فيري فيها حقايق الاظلة. و ان شئت فسم فعل النفس المنار فانه نور حاصل من النفس نازل الي الخيال. و ان شئت فسم الاعمال بالعمود و هو ايضاً صحيح فانها خلقت من شعاع تلك النفس الكلية.
قال: سلمه الله و منها ما حققتموه في الفوائد في معني قوله7 من مات و لميعرف امام زمانه فقد مات ميتة جاهلية و قلتم فيشمل هذا المقام الخبر المتواتر من مات و لميعرف امام زمانه الي ان قلتم بل ينحصر الخبر فيهم لان آل محمد: هم ائمة الملك و ائمة العالمين و لا اختصاص لهم بزمان دون زمان كما ان الله سبحانه رب العالمين و النبي نبي للعالمين. الي ان قلتم و اما امام الزمان فهو النقيب في العصر الذي يليه الي آخر. و الاشكال في ان النقيب اذا اقتضت الحكمة الالهية ظهوره بهذا الجسم الكثيف بين الناس لايجوز له اليوم ادعاء النقابة لنفسه كما ان سيده عجلاللهفرجه كذلك لايعرف نفسه بالامامة خوفاً من فرعون و ملائه فالمعرفة الجسدانية بالنسبة الي الامام و النقيب غير حاصلة لنا في هذه الاعصار فما الفائدة في تخصيص هذه المعرفة بالنقيب دون الامام7؟
اقول: اما ظهور النقباء بالنقابة بل النجباء بالنجابة في زمان الغيبة فمما لايكون و لايظهرون كما لايظهر امامهم و اما انيكونوا بين الناس بغير هذه السمة فيمكن. فلربما يظهرون بسمة العلماء فيعلمون الناس ما يريد الله اظهاره في عصر. و اذ لميظهر الله سمتهم في هذه الاعصار لايجب معرفتهم الشخصية علي ان فلان بن فلان نقيب او نجيب و ليس علي احد ان يعرف ما لميعرفه الله عزوجل و المعرفة ليست من صنع العباد و انما هي من صنع الله عزوجل يمن بها علي من يشاء من عباده فاذا لايجب معرفتهم الشخصية علي احد من العباد اليوم. نعم يجب بعد اقامة الحجة الاقرار بان بيننا و بين الغوث الاعظم وسائط يصل اليهم الامداد من
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 468 *»
الحجة اولاً و منهم تصل الي من هو ادني منهم لعدم جواز الطفرة. و للاخبار الناصة علي وجودهم و كونهم اركان المعرفة و للادلة العقلية الموزونة بميزان الكتاب و السنة. فاذا قامت الحجة علي وجودهم يجب الاقرار و الاعتراف بوجودهم و لايجب ذلك ايضاً قبل قيام الحجة. فما روي ان من مات و لميعرف امام زمانه اي انكر. و الانكار يتحقق بعد قيام الحجة فمن جهل امام زمانه هو مستضعف من هذا الحيث ليس عليه شيء. و اما الذي يموت ميتة جاهلية هو الذي قام عليه الحجة فلميقبل و انكر ام لميعرفوا رسولهم فهم له منكرون فبعد ما قام الحجة بوجود الوسائط بينه و بين ربه من نبي و ائمة و اركان و نقباء و نجباء وجب الاعتراف بهم فمن قام الحجة علي شخصه فشخصه او علي نوعه فنوعه.
و اما قولكم ما الفائدة في تخصيص هذه المعرفة بالنقيب دون الامام7 فانا لمنخصصه بالنقيب فلانحكم علي معرفة الامام بمثله بل من انكر الامام ايضاً فهو كافر الا انا قلنا ان الامام امام العالمين و يجب معرفته علي من قام الحجة عليه و انكاره كفر. و اما النقيب فهو مخصوص بالعصر الذي يليه فان قام الحجة بنوع وجب معرفة نوعه و من انكر نوعه بعد قيام الحجة مات ميتة جاهلية. و ان قام الحجة علي شخصه وجب معرفة شخصه و من انكر شخصه بعد قيام الحجة مات ميتة جاهلية. فكلاهما مشتركان في الحكم الا ان التقييد بالزمان صار اشارة لاهل الاذعان ان المراد من هذا الخبر النقباء و يعرف حكم الامام من ساير الاخبار. و وجوب معرفة الامام ايضاً بعد قيام الحجة فان قام الحجة علي نوعه وجب معرفة نوعه او شخصه وجب معرفة شخصه. و لذلك لمنحكم علي كفر مستضعفي اهل التوحيد و ضلالهم من المسلمين و قلنا باسلامهم و امكان دخولهم الجنة. فالنقباء و الائمة: في حكم المعرفة بهم و الانكار لهم سواء الا انا قلنا بتخصيص هذا الحديث بالنقباء باطناً و للائمة حديث آخر. و اما في الظاهر فالحديث جار في آل محمد: لاشك فيه و لا اشكال في المسئلة انشاءالله.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 469 *»
كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم و فرغ من تسويده بعد الظهر من يوم الاربعاء الثامن و العشرين من شهر ذي الحجة من شهور سنة ست و سبعين من المائة الثالثة عشرة من الهجرة علي مهاجرها و آله الصلوة و السلام حامداً مصلياً مستغفراً. تمت