رسالة في جواب الحاج ملاحسن المراغي 2
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 345 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين الي يوم الدين.
و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدارسل الي جناب الاخ السديد و المولي الحميد الجناب المؤتمن الحاج الملاحسن بن المرحوم محمدباقر المراغي ايده الله و سدده بمسائل قد اشكلت عليه و انا في دار الخلافة طهران مع غاية تبلبل البال و نهاية الاشتغال بزيارة الاشراف و الاعيان و مراودة المخاديم و الاخوان بحيث لميكن لي فرصة التفكر لنفسي في امري فضلاً عن غيري فاخرت جوابه الي ان رجعت الي وطني المألوف و عدت الي حالي المعروف فتذكرت سؤالاته ايده الله فبادرت الي جوابه و لكني اجيبه تكلاناً علي ذكاوته علي قدر الميسور اذ لاحاجة معها الي تكلف المعسور و علي الله التعويل في جميع الامور.
قال: سلمه الله «السلام من الله العزيز الحكيم الي عبده الكريم مازلتم محل نظر الامام الرؤف الرحيم صلي الله علي محمد و آله الطاهرين المعصومين هذه مسائل من الفقير المسكين الطاغي حسنبنمحمدباقر المراغي يستدعي الجواب لها من ملاذ المؤمنين و ملجأ الموحدين و مشيد اركان الملة و اصول الدين و محيي قبول المحبين و المخلصين بارشاده العوام و الخواص علي اليقين الجناب الحاج محمدكريم اطال الله بقاه و جعل مخلصيه من كل مكروه وقاه الاولي ما المراد من دعوة سليمان النبي علينبينا وآله و عليهالسلام وهب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي مع انه كان عالماً يقيناً انه قداوتي اعظم و اعظم من ذلك لمحمد و آله صلوات الله عليه و عليهم»
اقول: لاشك انه قداوتي محمد و آل محمد: اعظم من ملك سليمان بما لايحصي فان سليمان قداوتي ما اوتي بحرف من حروف الاسم
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 346 *»
الاعظم قدعلمه و هم: عندهم علم الكتاب فاني و اني «و قد روي عن بصاير الدرجات بسنده عن عبدالله بكير عن ابيعبدالله7 قال كنت عنده فذكروا سليمان و ما اعطي من العلم و ما اوتي من الملك فقال لي و ما اعطي سليمان بن داود انما كان عنده حرف واحد من الاسم الاعظم و صاحبكم الذي قال تعالي قل كفي بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب فكان و الله عند علي علم الكتاب انتهي. هذا و قد روي ان الله جعل ملك سليمان في خاتمه و روي انه كان نقش خاتمه محمد و علي فما ظنك بما اوتي من ببركة اسمه اعطي سليمان ما لاينبغي لاحد من بعده فلقوله7 لاينبغي لاحد من بعدي وجوه سديدة:احدها انه اراد احدا من اهل زمانه و هذا هو المعروف الشايع في الكلام كما قال الله تعالي في مريم و اصطفاك علي نساء العالمين اي عالمي زمانها و لاشك ان فاطمة 3سيدة نساء العالمين و كذلك قال في بنياسرائيل اني فضلتكم علي العالمين و المراد عالمي زمانهم لان الامة المرحومة افضل الامم و من هذا الباب كون حمزة سيد الشهداء مع ان الحجج كلهم شهداء و كثير من الانبياء شهداء فهو سيد شهداء زمانه و تلك الغزوة.
و ثانيها انه قال لاينبغي لاحد من بعدي و الائمة: كانوا قبله فان الله جل و عز خلقهم قبله و قبل جميع الانبياء بالف الف دهر و كان محمد9 نبيا و آدم بين الماء و الطين فاوتي سليمان9 ملكاً لاينبغي لاحد من بعده لا من قبله.
و ثالثها انه قد ظهر بهذا الملك و لميظهر به غيره معروفا مشهورا به مع انه اوتي حرفاً واحداً من الاسم الاعظم فالانبياء الذين اوتوا حروفا عديدة كان لهم من القدرة اعظم مما له الا انه ظهر بهذا الملك و خص بظهوره عليه و لميظهر به غيره كما ظهر موسي بالعصاء و لم يظهر بهما غيره و ان كان اعظم منه كنوح7 و يشعر بذلك ما روي مرفوعا من طريق العامة عن النبي9 انه صلي صلوة فقال ان الشيطان عرض لي ليفسد علي صلوتي
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 347 *»
فامكنني الله منه فدعوته و لقد هممت اناوثقه الي ساريه حتيتصبحوا و تنظروا اليه اجمعين فذكرت قول سليمان هب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي فرده خاسئا خائبا انتهي.
و رابعها انه كان مراده لاينبغي لاحد بعدي انيقول انه ملك بالغلبة بل يعرف كل احد انه ملك الهي و قدروي هذا الوجه عن علل الشرايع بسنده عن علي بن يقطين قال قلت لابيالحسن موسيبنجعفر8 ايجوز ان يكون نبي الله عزوجل بخيلا فقال لا فقلت له فقول سليمان رب اغفر لي و هب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي ما وجهه و معناه فقال الملك ملكان ملك مأخوذ بالغلبة و الجور و اجبار (و اختيار نسخة) الناس و ملك مأخوذ من قبل الله تعالي ذكره كملك آل ابرهيم و ملك طالوت و ذي القرنين فقال سليمان هب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي انيقول انه مأخوذ بالغلبة و الجور و اجبار (اختيار نسخة) الناس فسخر الله عزوجل له الريح تجري بامره رخاءا حيث اصاب و جعل غدوها شهرا و رواحها شهرا و سخر الله عزوجل له الشياطين كل بناء و غواص و علم منطق الطير و مكن في الارض فعلم الناس في وقته و بعده ان ملكه لايشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس و المالكين بالغلبة و الجور قال فقلت له فقول رسول الله9 رحم الله اخي سليمان بن داود ما كان ابخله فقال لقوله9 وجهان احدهما ما كان ابخله بعرضه و سوء القول فيه و الوجه الآخر يقول ما كان ابخله ان كان اراد ما كان يذهب اليه الجهال ثم قال9 قد و الله اوتينا ما اوتي سليمان و مالميؤت سليمان و مالميؤت احد من العالمين قال الله عزوجل في قصة سليمان هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب و قال عزوجل في قصة محمد9 ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهيكم عنه فانتهوا انتهي.
و خامسها انه7 قال رب هب لي ملكاً فدعا ربه و الرب المضاف
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 348 *»
هو الرب اذ مربوب و الرب المقترن و هو من حيث الوصفية غير الذات و ان كان من حيث المراد هو الذات و لكن من حيث الوصفية غير الذات لان الاسم غير المسمي بل الاسم مقترن بالمسمي و هما معا غير الذات كما شرحه اميرالمؤمنين7 فالمراد به هو المقامات و العلامات التي لاتعطيل لها في كل مكان التي يعرفه بها من عرفه لا فرق بينه و بينهم الا انهم عباده و خلقه و تلك المقامات هم مجاليها و مظاهرها او مبانيها و معانيها او حقايقها و مباديها فليسوا سلام الله عليهم بداخلين فيمن لاينبغي لهم مثل ذلك الملك و اشرقت الارض بنوركم و فاز الفائزون بولايتكم وجد بخط العسكري7 ان روح القدس في جنان الصاقوة ذاق من حدائقنا الباكورة و ان الكليم لما عهدنا منه الوفا البسناه حلة الاصطفاء فبهذه الوجوه و امثالها علم انه7 لميجسر علي محمد و آل محمد: كيف و هو توسل بهم في دعائه حتي استجيب له و الاسم الذي اوتيه كان في خاتمه و هو محمد و علي فتدبر.
قال سلمهالله: «و علي فرض المأمورية بالدعوة من الله سبحانه كيف يختبر رعيته7 في الطاعة و المعصية مع ظهور سلطنته7 مع ان اكثر الانبياء و المرسلين ظهروا في هذه الدنيا بما فيه الاختبار من الفقر و الاحتقار كما هو اظهر في حال خاتم النبيين الرسول المختار مع انه سلطان الله علي ما سوي الله»
اقول: ان سليمان7 لميأت بشرع جديد و سنة جديدة و انما كان يعمل بسنة موسي و بالتورية كساير انبياء بنياسرائيل فهم جميعا مروجوا شرع موسي و سنة التورية قال الله عزوجل انا انزلنا التورية فيها هدي و نور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادو و الربانيون و الاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فهم سلام الله عليهم جمعيا علي امر واحد و دين واحد يدعون الي واحد ثم لاشك ان بالخمول لايخضر لدين عود و لايقوم لمذهب عمود و ان نوع الانسان لايقيمه علي الحق الا السياسة ولذلك ارسل الله الرسل
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 349 *»
و امر و نهي و وعد واوعد ووضع الحدود و التعزيرات و القصاص و الحبس و غير ذلك حتييقوم الناس بالحق و مع ذلك يوهم ذلك الالجاء و الاضطرار علي الايمان و كتمان ما استجن في صدورهم من الانكار و الشحناء فلاجل ذلك بعث الله الرسل بالامرين و فتن الناس بارسال بعضهم بالجهاد و سياسة المدن وسوق العساكر و السلطنة و ارسال بعض بالانزواء و الخمول و المقهورة و الفقر و كثرة الاعادي ليفتنهم و ليختبرهم و يستخرج مستجنات صدورهم كما بعث محمد9 رسولا الي خلقه و امره اولا بالرفق و المداراة و كف الايدي لئلايقولوا انه سلطان خرج فآمن به كثير مع فقره و فاقته وكثرة اعاديه و ظهرت حجته و بلغت دعوته و تبين انه رسول مطاع و يجب طاعته و ان امر الانسان بقتل نفسه و هجر زوجته و ان الدنيا له فلو امر بسلب جميع اموال الناس و اسر عربی جميع ذراريهم كان ذلك له حلالا محللا من عند الله يجب طاعته فاذا بلغ امره في الظهور هذا المبلغ امر بالجهاد فاطاع و امر فاطيع و قام بالجهاد و الحدود و التعزيرات و القصاص التي لايقوم مدينة الانسان الا بها حتي اذا دخل الناس في دين الله افواجا طوعا و كرها و طمعا و خوفا وكثر المنافقون فتنهم بسكوت اميرالمؤمنين7 و غمد سيفه حتي ارتد من ارتد و بقي من بقي و امتاز المؤمن باختياره وطوعه عن الملتجي و الطامع و الخائف حتي اذا تبين الامر و استخرج مستجنات السراير نزع سيفه و شهره و قام بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين كما هو معروف حتي اذا خاف انيظن به الالجاء و الاضطرار امر وصيه بكف الايدي و غمد السيوف و الصبر علي الاذي و الغمض علي القذي فصبر و صبر حتي امتاز الخلق و تزيلوا و ظهر المؤمن من المنافق سل الحسين7 سيفه و جاهد مع المظلومية و المقهورية و ميز بين المؤمن المطيع و الكافر العاصي بما لامزيد عليه ثم امر ساير الائمة بالسكوت حتييتبين المؤمن الماحض عن الكافر و مع ذلك لميتركهم حتي اقام وليا بعد ولي ليختبرهم الي ان اقام المحنة الكبري و المصيبة العظمي و الطخية العمياء اي الغيبة الطولي فتري قدبلغ الاختبار مبلغا و الافتتان مقاما ارتد اكثر الناس عن الاسلام قهقري حتي انهم لايكادون يظنون
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 350 *»
ان لهم اماما و ان لعصرهم صاحبا ثم لميكتف بذلك حتي امتحنهم بهذه المحنة العظيمة و الفتنة الكبيرة التي قدعمت البرية و ابلي اسرار الرعية و كشف عن كوامن القلوب و اظهر مستجنات العيوب كل ذلك قد اشار اليه عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم الم احسب الناس انيتركوا انيقولوا آمنا و هم لايفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين و كذلك كان الامر في انبياء بني اسرائيل فمنهم من ظهر بالاستيلاء و منهم من ظهر بالابتلاء و منهم من ظهر بالفقر و الباساء و هكذا و كذلك يبلوا اخبارهم فتدبر.
قال سددهالله: «ثم ما معني قول النملة له7 «انت اكبر ام ابوك؟ قال سليمان بل ابي داود» فما محصل هذا السؤال و الجواب؟ و ما الجرح و ما الود و ما زيادة الحرف في سليمان و نقصانه في داود؟ و الحال ان زيادة المباني تدل علي زيادة المعاني. و ما معني قوله7 ما لي بهذا علم؟ و قد كان سليمان7 نبياً زايداً في محبة اهل البيت:. و قد وعدوا سلام الله عليهم في قولهم الصدق ما من عبد حبنا و زاد في حبنا و سئل عن مسئلة الا و نفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة فما عجزه عن جواب النملة؟»
اقول: نعم قالت النملة علي ما رواه في العيون عن الرضا7 انت اكبر ام ابوك داود؟ قال سليمان بل ابي داود. قالت النملة فلم زيد في حروف اسمك حرف علي حروف اسم ابيك داود؟ فقال سليمان مالي بهذا علم. قالت النملة لان اباك داود داوي جرحه بود فسمي داود و انت يا سليمان ارجو انتلحق بابيك. ثم قالت النملة هل تدري لم سخرت لك الريح من بين ساير المملكة؟ قال سليمان ما لي بهذا علم. قالت النملة يعني عزوجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح فحينئذ تبسم ضاحكاً من قولها انتهي.
اعلم ان في هذا الحديث الشريف عبر عديدة. منها ان فيه يتبين ان دلالة
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 351 *»
الالفاظ علي المعاني بمناسبات ذاتية و ان النملة تنبهت بذلك و قررها سليمان7 و القوم يصرون علي خلافه. و منها انه لايجوز للانسان الكامل انيستنكف عن قول لاادري اذا كان لايدري و لو كان السائل اصغر منه بل من رعيته. و منها الاعتبار بفناء الملك و السلطنة و لو كان كملك سليمان. و منها ان الله سبحانه لو شاء اودع علمه احقر شيء و حجب علمه عن اكرم خلقه. و منها انه اراد الله تنبيه سليمان حتي لايغتر بالنبوة و الملك و يعلم ان الله يؤتي علمه من يشاء و يعز من يشاء و يذل من يشاء بيده الامر و هو علي كل شيء قدير. فكيف بمن ليس بنبي و هو جاهل باغلب الاشياء؟ فكيف يجوز له الزهو و الاشر و البطر و التبختر بكليمات علمها معوجةً ناقصةً فاسدةً دانيةً؟
بالجملة، ان النملة اشعرت بان القاعدة المسلمة ان المباني تابعة للمعاني و زيادة المباني لابد و انتدل علي زيادة المعاني و نقصانها علي نقصانها. فاذا سلمت ان داود اكبر منك قدراً و اجل منك شأناً لابد و انيكون اسمه الذي هو صفته المنفصلة تابعاً لكبر المسمي فيكون اكثر حروفاً. و الحال ان اسم داود خمسة احرف و اسم سليمان ستة احرف. فاجاب7 ما لي بهذا علم. و وجه عدم علمهم ان البنية البشرية ليست تقدر علي جمع جميع العلم بالفعل و ما لمتتوجه الي جهة لمترها و لمتدركها. الا تري انك عالم بعلم النحو ولكنك في صلوتك لمتلتفت الي شيء من علم النحو فليس يحضرك. و اذا توجهت اليه علمته و ان كان التوجه محذوراً عليك محظوراً لاتكاد تدرك علم النحو مع انك عالم. افهم ما اقول لك فانه شريف لطيف يخرج من فهمه من الغلو و التقصير. فانت تعلم النحو علماً كاملاً و حين توجهك الي الفقه و غوصك في بحره لمسئلة لزمتك لاتلتفت الي النحو فلاتدركه. و اذا كان توجهك الي النحو حراماً في تلك الساعة لانك امرت بالتوجه الي الفقه و قصر النظر فيه فحينئذ لاتكاد تدرك النحو و ان كنت عالماً به توجهت. و كذلك لو كان لك مشعر البصر ما تري به كل ما واجه عينك حتي غير المحارم. ولكن حرم عليك النظر الي نساء الناس فلاتبصرهن ولاتعرفهن ولكن انت رجل ذوبصر لو نظرت رأيت و عرفت ولكنك لاتنظر للخطر.
و كذلك لو امرت في الباطن بخدمة و نهيت عن الاعراض عنها و التهاون فيها فانك
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 352 *»
لاتدرك غيرها و ان كنت انت رجلاً لو توجهت الي غيرها لادركته. فمن هذا الباب كان جهل موسي و علم خضر و موسي افضل من خضر ولكن موسي امر بخدمة لايجوز له التهاون فيها و هو معصوم لايتهاون فيها البتة و ممتثل امره تعالي و لايلتفت منكم احد و امضوا حيث تؤمرون فاذا كان مأموراً بامر الظاهر لايجوز له التهاون و الاعراض عنه فليس يدرك غير ما امر به البتة. و ان كان هو رجلاً لو توجه الي الباطن عرفه ولكن المعصوم يحفظ خياله و علمه كما يحفظ المتقون ابدانهم. و من هذا الباب حكاية سليمان و عدم علمه فاذا كان بامر الله مشغولاً بخدمة الله فلايسعه التوجه الي غيرها و لايعرف سواها. فان امر انيستنبط موسي علم الباطن من باب الخضر لا من باب توجه نفسه فعل. و كذلك حين امر موسي و خضر معاً انيستنبطا من باب الصياد. و كذا سليمان اذا امر انيستنبط من باب النملة. بالجملة هم قائلون سبحانك لاعلم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم.
و اما محبة سليمان لاهل البيت فذلك ممالاشك فيه و لو توجه الي الله من بابه من محمد و آل محمد: عرف المسئلة البتة الا انه مشغول بما امر به لايسعه التخلف عنه و لايترك الاهمّ و الاولي الي غير الاهمّ و غير الاولي البتة. هذا و الانبياء منهم كليون لايفوتهم شيء و منهم جزئيون لايحيطون بكل شيء البتة. و سليمان لميكن بكلي لايفوته علم شيء بل ذلك علي الحقيقة منحصر في محمد و آل محمد:. فهم العالمون بكل شيء اراد الله في مراتب نفوسهم و تجري الي بشريتهم شيئاً بعد شيء عند الحاجة و البينة البشرية لاتقدر علي استحضار علمين في آن واحد و توجه واحد فضلاً عن علم جميع الاشياء. فهم ايضا في عالم البشرية يزدادون علماً و ينزل في آذانهم كوقع السلسلة في الطست و ينكت في قلوبهم و يرون في الآفاق و الانفس و يستنبطون من الآيات الكونية و الديوانية و ساير عربی جهات علومهم، مع ان نفوسهم عيون باصرة تري كل شيء نظروا اليه و قد نظروا الي كل شيء و رأوا كل شيء في الدهر و تجري علي زمانيتهم علي حسب اقتضائها التدريجي. فافهم ذلك و اتقنه فقد غفل عنه الاكثرون فغرقوا في بحر الغلو بمالايجدي شيئاً او هلكوا في وادي التقصير فانكروا فضلهم سلام
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 353 *»
الله عليهم.
بالجملة، هذا سبب قول سليمان مالي بهذا علم و اما معني قول النملة انه قال ان اباك داود كما كان اكبر منك شأناً كذلك اكبر منك اسماً و ان اسمه داوي جرحه بود و قد اشتق من هذه العبارة اختصاراً كلمة داود كما يشتق من كلمة لاحول و لاقوة الا بالله الحولقة و من كلمة بسم الله الرحمن الرحيم البسملة و من قول سمع الله لمن حمده السمعلة كذلك كلمة داود مشتق من قول «داوي جرحه بود» فاخذ دا من اول العبارة و ود من آخرها اختصاراً فقيل داود و انت يا سليمان ارجو انتلحق بابيك فتداوي جرحك جرح نقصان انيتك و داء ماهيتك بود آل محمد: و تصير كبيراً في درجة ابيك و اما الآن فلست لاحقاً بابيك لدلالة اسمك انه سليمان فانت سليم من الداء و الجرح و ليس بكمال من لايحس بدائه و جرحه و يري نفسه سليماً فان الانسان الفقير الممكن لايكون في الحقيقة سليماً من داء و جرح في طريق المحبة و العبودية. فابوك الحاس بالجرح و الداء المداوي له بالود افضل منك و انت سليم لا داء لك و لا حاجة لك الي دواء الود فافهم. و كذلك قوله مالي بهذا علم في وجه تسخير الرياح له فافهم. هذا مجمل القول في معني ما اردت.
قال: سلمهالله الثانية ذكر عربی جناب الشيخ المرحوم في السابعة من فوائده ما محصله ان لله سبحانه نوعي سؤال عن الخلق و لهم نوعاً جواب بلي فالسؤال و الدعوة الاولي لايجاد مراتبهم الثلث و قولهم بلي انوجادهم فيها و هو الشرع الوجودي كما ذكر في غير هذا المقام و الدعوة الثانية في مقام التكاليف و مقام السعادة و الشقاوة و هو الوجود الشرعي و قولهم بلي باعمالهم في المراتب الثلث. فقال رحمه الله فكانت الدعوة الاولي بحكم ما بالقوة و الثانية بحكم ما بالفعل. و مثل رحمه الله بعد ذلك بالحبة و السنبلة فحكم ان ما بالفعل سابق علي ما بالقوة فما معني سبق الشرع علي الكون؟ و الحال ان الشرع و الاعمال و السعادة والشقاوة متفرع علي الايجاد الكوني و الانوجاد. بينوا لنا بنوع يتبين لنا المراد مازلتم مفاضا من منّ الله الوهاب الجواد.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 354 *»
اقول: هذه المسئلة من المشكلات و يكررها المشايخ في كلماتهم و لماظفر منه بشرح في كتاب هذا. و اني قليل التبع في كتبهم جداً و اقتصرت بمطالعة وجه الاستاد النير. و لابأس بارخاء عنان القلم قليلاً حتي ينكشف وجه المراد علي وجه السداد.
اعلم ان كل ما سوي الله جل جلاله ممكن و كل ممكن امكانه امر وجودي خارجي لا اعتباري او انتزاعي لا اصل له في الخارج كما قررناه في محله فذلك الامكان هو عرصة القوة و الصلوح للاكوان يعني كل ذرة من الامكان كان يصلح لكل كون كما ان كل ذرة من المداد يصلح لكل حرف و كل قطرة من البحر يصلح لكل شكل يعرضه البتة و ذلك واضح. و هذا الامكان هو عرصة عدم الكون و نفيه فالاشياء كلها معدومة فيه كوناً و عيناً غاية الامر انها مذكورة هناك بذكر صلوح التجلي و التعلق او الانفعال ان كان الامكان مقيداً علي وجه كلي ليس فيه تعين مثلاً ذكر زيد في الامكان يصلح انيكون ذكر عمرو و بكر الي مالانهاية له فيمكن انيصدر منه زيد و عمرو و بكر و غيرهم الي ما لا نهاية له و ذلك لاجل انه لاتعين لشيء و لا كون هناك و هو عدم ماسواه و عرصة القوة و الصلوح و جميع الاشياء فيه علي نهج واحد من حيث نفسها فليس شيء اولي بالخروج الي عرصة الفعلية بنفسه من شيء آخر و لا رجحان لشيء منها من حيث نفسه. فلاجل ذلك هي اي القوابل المستجنة فيه علي النحو الكلي اقرت لله سبحانه بالعجز عن الخروج الي عرصة الوجود من غير اعانة الله سبحانه الموجود الثابت الدائم الحي القائم. فسألوا الله سبحانه انيسألهم اي يفيض عليهم من فيض الوجود ما يتقوون به و يخرجون الي عرصة الوجود كما ان الالف المستجنة في المداد تسألك بلسان الاستعداد انتقويها و تخرجها الي عرصة الوجود فتقويها بحركة يدك الموجودة المصورة بصورة الاستقامة الالفية فتكون حركة يدك كمغرفة تغترف بها من بحر المداد ماء فتفرز تلك القطعة من الماء و تصورها علي صفة المغرفة. و كذا حركة يدك فتخرج من بحر المداد الفاً و هكذا.
فسألت القوابل الضعيفة المستجنة ربها انيقوي ضعيفها و يعين مزمنها و يقيمها و يحرك ساكنها حتي يخرجها من دار
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 355 *»
الامكان الي فضاء الاكوان و هذا السؤال منها ايضا صدر عنها باذن الله سبحانه الذي هو ايجاده الامكان و لولا اذنه لماجسرت انتسأل ربها ذلك ايضاً فسألت ربها انيسألها ثانياً سؤال الكون فسألها بافاضة الوجود المشرق من المشية التي هي الوجود المطلق البرزخي الثابت الدائم الكائن بالفعل لانه وجود بنفسه و لايعقل انيكون مرجحه غير نفسه فهو وجود دائم مستمر و لذلك يسمي بالسرمد. فبهذا الوجود الفعلي الثابت افاض علي ارض تلك القوابل ماء الوجود الفعلي فغاص في خللها و امتزج بما استعد منها. فنبت نبات الاكوان علي حسب استعداد القوابل و سالت اودية بقدرها فخرج كل شيء و هو هو و لميكن الله سبحانه يوجد شيئاً غير ما هو هو فخلق البياض بياضاً و السواد سواداً و الطول طولاً و العرض عرضاً و العلو علواً و الدنو دنواً و هكذا. و السر في ان هذه الافاضة تظهر بصورة السؤال و عبر عنه بالسؤال لا الامر في هذا المقام اشعاراً بان الامر متوقف علي اجابتهم و قبولهم اما الاخبار فلميكن يناسب فان الامر اي القضية و الواقعة انشائي و اختراعي و اما الامر فهو حكم و حتم الجائي و لميكن يطابق احدهما الواقع في هذا اللحاظ فعبر عنه بالسؤال المتوقف ظهوره بالجواب و اظهار الامر بين الامرين و نفي الجبر و التفويض من البين.
بالجملة، افاض الله عزوجل علي ارض العدم ماء الوجود بالفعل من سحاب الوجود المطلق فذلك الماء المفاض هو الحبة المزروعة بالفعل لانه اثر الوجود بالفعل فغاص ذلك في خلل ارض الامكان حتي امتزج باجزائها و مات بعد حيوته و صار بالقوة بعد كونه بالفعل. ثم نبت بكرور افلاك المشية عليها و تقويتها لما فيها من القوابل و تسقيتها و تجديد الافاضة عليها حتي انتعشت صرعتها و تقوت ضعيفها و قامت مزمنها وخرجت من عرصة العدم الي عرصة الوجود. و قد انصبغ ذلك الماء النازل في بطون قوابلها و تشكلت بشكلها فخرج حمراء و صفراء و هكذا و مثلثة و مربعة و مستديرة و هكذا علي حسب اختلاف القوابل. فكان هنا امران امر مقبولي و هو الماء النازل و هو ايجاده سبحانه و تكوينه و امر قابلي و هو الشرع الوجودي و الشرع الكوني فان جميع الصور و الاختلافات في تلك العرصة
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 356 *»
ففيها زيد زيد و عمرو عمرو و بكر بكر و هكذا. و اما في الماء النازل فلميكن اختلاف فهذه القابلية المعبر عنها ببلي اي قبول الايجاد يعبر عنها بالشرع الوجودي اذ فيها السعادة و الشقاوة الكونيتان و فيها الغني و الفقر و الصحة و المرض و العز و الذل و الرخاء و العناء و امثال ذلك و فيها مقام الامتياز بين الخير و الشر الكوني كما هو ظاهر فهنا عرصة الشرع الكوني و الشرع الوجودي و الايجادي. و لاجل ان ذلك عرصة القبول و القبول عمل العبد و فعله و عرصة الاعمال عرصة الشرع.
و بعد ما عمر هذه الديار و ظهر الجبار بايجاد اصناف الاخيار و الاشرار كانوا امكاناً لما يمكن انيصدر منهم و ذلك ان الكائن في عرصة الامكان لايتناهي درجات امكانه مثلاً التراب يمكن انيكون منه انسان و ذلك الانسان يمكن انيكون زيد و ذلك الزيد يمكن انيكون عالماً و ذلك العالم يمكن انيكون ناطقاً و ذلك الناطق يمكن انيكون جالساً و ذلك الجلوس يمكن انيكون علي سرير و ذلك السرير يمكن انيكون صنع فلان و صنع فلان يمكن انيكون في يوم كذا و يوم كذا يمكن انيكون في ارض كذا و هكذا الي مالانهاية له اذ كل شيء من الامكان امكاني. فلما خلق الله من الامكان زيداً و عمراً و بكراً كانوا امكاناً و قوةً لما يصدر عنهم فيمكن انيكون زيد مصلياً و يمكن انيكون تارك الصلوة و يمكن انيكون صائماً و يمكن انيكون تارك الصوم. فكلهم في هذا الامكان علي السواء و هو قوله كان الناس امةً واحدةً فالخلق الكوني امكان للخلق التشريعي و ارض جرز للموجودات الشرعية و عدم و صلوح و لايخرج منهم موجود شرعي الا بتأييد موجود كامل شرعي بالفعل سبحانك لاعلم لنا الا ما علمتنا و ما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله.
فما لميكن وجود كامل شرعي يرجح تلك القوابل المستجنة لميخرج شيء منها الي عرصة الشهود كما انه ما لميكن وجود كامل كوني يرجح تلك القوابل الكونية المستجنة لميخرج شيء منها الي عرصة الكون و ذلك الوجود الكامل هو الوجود المطلق الكوني في الكوني و الشرعي في الشرعي. و ذلك ان الوجود المطلق هو الفعلية الاولي غير المقيدة بغيرها القائمة بنفسها لغيرها فتلك الفعلية بنفسها وجود كامل
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 357 *»
مكمل بطرح نوره علي الناقصين و تكميل ما ضعف فيهم من جنس ذلك النور. فذلك الوجود الكامل هو المشية الكونية في الكون و الشرعية في الشرع. و النور الصادر منها هو الماء الاول النازل من سحابها و مادة المواد لما صدر عنها في المقامين و الارض التي نزل ذلك الماء عليها في الكون ارض الامكان المقيد و في الشرع ارض الاكوان التي هي امكان الموجودات الشرعية. فكما انه يعبر عن المشية بقول كن فاذا اراد الله امراً يقول له كن فيشرق من شمسه نور يقع علي ارض القوابل فينصبغ ذلك النور في زجاجاتها علي حسبها و يحدث عندها و لديها نور اصفر و اخضر و احمر و هكذا و كل نور منها مركب من شعاع صادر من شمس كن و من صبغ مستنبط من الزجاجة. كذلك اذا عرض عارض المشية الشرعية و نعبر عنه بقول صل و صم في فضاء التكليف و استعلي علي ارض الاكوان و امطر عليها مطر الصلوة و الصوم و صدر عن شمسه نور الصلوة و الصوم فوقع علي ارض جرز زيد و عمرو و بكر فانصبغ في بطونها علي حسبها من امتثالها و حسن اقبالها و قبح ذلك. فخرج المصلي و الصائم و هما موجودان وصفيان شرعيان كزيد و عمرو الموجودين الذاتيين الكونيين افهم ما اقول. فالموجود المصلي موجود عارض علي زيد في الظاهر يوجد و يحيي و يبقي الي اجله و يموت او لايموت و زيد زيد في الاحوال كلها قبله و معه و بعده و هو غيره. فوجد زيد بامر ذاتي كما يكون زيد ذاتاً و وجد المصلي بامر وصفي كما يكون المصلي وصفاً و كما ان زيداً مركب من وجود و ماهية، وجوده هو الصادر عن الامر التكويني و ماهيته من نفس ذلك الوجود كذلك المصلي مركب من وجود و ماهية، وجوده هو الصادر عن الامر التشريعي و ماهيته من نفس ذلك الوجود فيسمي وجود زيد بالوجود الكوني و وجود المصلي بالوجود الشرعي و ماهية زيد بالشرع الكوني و ماهية المصلي بالشرع الصوري. فهذا الوجود الشرعي و الشرع الصوري متأخران في الظهور عن الكون و فعليتان بالنسبة اليه و هو قوة و امكان بالنسبة اليهما البتة. فالشرع بمنزلة الحبة بالفعل و الكون بمنزلة الساق التي هي قوة الحبة و القوة و الفعلية الحاصلة منها تنبئان بفعلية سابقة و حبة متقدمة. و لاشك ان الحبة الحاصلة بعد القوة غير
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 358 *»
الحبة الكائنة قبل القوة فان القبلية حبة واحدة ثم قد تلاشت و اضمحلت و عدمت في الساق ثم اجتمعت و تفرقت في بيوت السنبلة بعددها و انصبغت بصبغها و تكثرت بتكثرها كما تري في المرآة المتكسرة لك عيوناً كثيرةً فالحبات المتأخرة بمنزلة العيون الظاهرة من المرآة و في المرآة و الحبة المتقدمة كالشبح الآتي من عينك قبل انيصل الي المرآة. فالفعلية المتقدمة علي القوة ليست هي عين الفعلية المتأخرة. فليس الوجود الشرعي المتأخر بعينه روح الشرع الوجودي ابداً. ولكن حقيقة الشرع مقدمة علي الكون كما شاهدت و رأيت و انما انصبغت تلك الحقيقة في بطون القوابل الكونية صلوةً وصوماً و حجاً و صدقةً. و اما قبل الكون فكان امراً شرعياً صورياً عارياً عن المواد خاليا عن القوة و الاستعداد فعلياً محضاً مجرداً متوحداً قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون. العلم نقطة كثرها الجهال فافهم. فالشرع مقدم علي الكون وجوداً و هو نور الله السابق و وصف الله الفهواني و تعريفه و تعرفه و معرفته و العارف به جلوعز و عينه التي اعار الخلق اياها و هو حقيقة الولاية و الولاية الحقة هنالك الولاية لله الحق و مؤخر عن الكون شهوداً فيظهر علي صفة الوصف عليه متكثراً متعدداً متكثفاً متغلظاً منصبغاً بصبغ قابلية الكون.
بقي شيء و هو ان الشرع كما قلنا مقدم الكون و لاشك فيه ولكن قد قلنا سابقاً ان الشرع له وجود و ماهية. فالوجود الشرعي اين ما كان مقدم علي الماهية الشرعية. فالشرع المقدم علي الكون ايضاً وجوده مقدم علي ماهيته ففي مقام وجوده الذي هو المقبول لا ذكر للماهية و لايطلق هناك شرع و انما يسمي ذلك الوجود شرعاً في الماهية. و اما مع قطع النظر عنها فكما قلت قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون بالجملة، هذا قليل من كثير معني تقدم الشرع علي الكون فتدبر.
قال: سدده الله الثالثة ما معني قوله7 و بعلمه كانت المشية ولاشك ان المراد من العلم ليس العلم الذاتي لانه لااضافة فيه فعلي هذا يكون حادثاً وكل الحوادث مسبوق بالفعل و المشية فما معني سابقيته لها؟
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 359 *»
اقول: ان المراد من هذا العلم هو نفس المشية التي خلقت بها في قوله خلق الله المشية بنفسها فهذه النفس هي علم الله الكينوني لا الذاتي. و ليس هذا العلم بقديم و ليس بحادث بالمعني الاخص و انما هو حادث بالمعني الاعم و المراد بالمعني الاعم هو قول الرضا7 حق و خلق لاثالث بينهما و لاثالث غيرهما فبهذا المعني كلما سوي ذات الاحد جل و علا خلق. و اما الخلق بالمعني الاخص فهو ما دخل تحت مشية الله و خلق بها فالعلم علي هذا المعني ليس بمخلوق حادث حتي يصدق كليّكم كل الحوادث مسبوق بالفعل عليه و انما هو سابق علي الفعل و ازلي ليس بمستحدث الا تري انه ليس من الاسلام انيقول احد ان علم الله لميكن ثم كان و ان علم الله حادث ليس بازلي و ان الله لميكن يعلم الاشياء في الازل قبل انيشاءها. و لاشك ان من قال ذلك يخرج من الاسلام بل من الاسلام ان الله كان عالماً بالاشياء قبل انيتعلق مشيته بها و علم الله ليس بمستفاد من خلقه و لايحتاج في علمه بخلقه الي وجود خلقه و انه كان عليماً و علمه بها قبل كونها كعلمه بها بعد كونها يعني علماً تفصيلياً لايعزب عنه شيء. فهذا العلم الازلي المتعلق بالاشياء هو احدي مراتب المشية. الاتري انك تقول بالمشية خلقت الارادة و بالارادة خلق القدر و بالقدر خلق القضاء و الاربعة شيء واحد كذلك حال العلم فان من مراتب الوجود المطلق القائم بنفسه لغيره مرتبة تسمي بالعلم و مرتبة تسمي بالمشية و مرتبة تسمي بالارادة و هكذا. فبالعلم علم الاشياء قبل كونها و بالمشية انشأ اكوانها و بالارادة اقام اعيانها و بالقدر ميز هندستها و هكذا. الست تقول علم الاشياء كما تقول شاء الاشياء. و ارادها و علم فعل منه كما ان شاء فعل منه الا ان علم فعل علم كما ان شاء فعل مشية.
بالجملة، المراد بهذه العلم هو نفس المشية التي خلقت المشية بها يعني الوجود المطلق يسمي درجتها القصوي بالعلم و التي تليها بالمشية و التي تليها بالارادة و هكذا و الوجود المطلق علم بنفسه و شيء بنفسه و اريد بنفسه و قدر بنفسه و قضي بنفسه و علم الاشياء به من حيث العلمية و شاءها به من حيث المشية و ارادها به من حيث الارادية و قدرها به من حيث القدرية و قضاها به من حيث القضائية فهذا الوجود من حيث المشية سرمدي و من حيث
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 360 *»
العلم ازلي لانه آية الازل و وصف الله نفسه بالازلية و القدم و الوجوب و لايلحظ فيه الحدوث و لو بالمعني الاعم حين كونه آية و صفة تعريفه سبحانه و ان كان في التزييل الفؤادي يعلم انه غير الذات و انه خلق بالمعني الاعم. بالجملة، نكتفي في اجوبتكم علي الاشارة تكلاناً علي جودة ذهنكم و لاجل كثرة اشغالي و ابتلائي باتمام كتب اخر.
قال: سدده الله الذي نفهم من ارشاد العوام الذي هو المرشد للخاص و العام ان المكلف انما يعمل في هذه الدار التكليف طبق ما قبل في عالم الذر و لايقدر علي التخلف هنا عما قبل هناك كما يشعر بذلك قوله تعالي فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل و يوهم ذلك ايضا رواية سراقة عنه9 كل ميسر لما خلق له و كل عامل بعمله فما معني ذلك؟ و هل التكليف في هذه الدار لمحض ابراز ما قبل هناك او امر آخر ايضا؟ و هل ما هنالك محض قبول الانوجاد بنحو يستلزم العمل هيهنا من الاقبال و الادبار ام هنالك ايضا وجود شرعي و عمل هو يستلزم في هذه الدار؟ بينوا رحمكم الله.
اقول: هذه المسئلة ايضا من المشكلات و يصعب علي الاذهان فهمها. و بيان حقيقتها علي ما ينبغي يقتضي رسم مقدمات طويلة او مشافهة من جنابك و كلاهما الآن متعذر ولكن يسعني و لاقوة الا بالله رسم كلام موجز لو تدبرت فيه حق التدبر لعرفته. اعلم ان الله سبحانه احد قديم لاينتظر لنفسه حدوث كمال و لايترقب ظهور عربی جمال بل هو وجود فعلي كامل ثابت دائم بلانهاية و اول ما تجلي رتبةً تجلي بمشيته و هي ايضاً وجود وصفي غير متناه في حده و مقامه لميخلق بعد عدم و بعد مدد لميكن بل كان في مكانه و وقته ابداً سرمدياً. ثم خلق الله بها عالم الجبروت و لا فصل بينه و بينها بوقت و لا مكان و لميأت وقت جبروتي لميكن الجبروت جبروتاً و لميفقد من مكانه ابداً. ثم خلق بعده الملكوت كذلك. و خلق بعده الملك كذلك فلميأت وقت ملكي لميكن الملك ملكاً و لميكن بينه و بين الملكوت فصل وجودي و لا عدمي. فالملك بالمعني الاعم معمور ابداً ملكيّاً
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 361 *»
كل جزء منه في حده و مقامه ثم ان هذا الملك جميعه شخص واحد و وجود واحد اعلاه شرط وجود و ادناه شرط ظهور فاعلاه مقبول و ادناه قابل فلولا اعلاه لميكن موجوداً و لولا ادناه لميكن ظاهراً. و ليس ان الله خلق الجبروت و لا ملكوت في مكانه و خلق الملكوت و لا ملك في مكانه بل كل شيء محفوظ في حده و وقته و مكانه ابداً ابديةً مناسبةً له في مقامه. فما لا ظاهر له في الملك لا وجود له في الملكوت و الجبروت و ما لا وجود له في الجبروت و الملكوت لا ظاهر له في الملك فليس كما يزعمه الجهال ان روح زيد كان في عالم الارواح قبل جسده في هذه الدنيا بل مالميكن جسد في الدنيا لا روح في الملكوت و اذا كان جسد و كان روح كان روحه قبل جسده باربعة آلاف عام. و هذه القبلية ليست قبليةً زمانيةً و انما هي قبلية دهرية فعالم الذر ليس قبل هذا العالم قبليةً زمانيةً و انما هو قبل هذا العالم يعني فوقه و هذا العالم تحته في الرتبة، و مع ذلك عالم الذر مقدم علي عالم الاجسام اربعة آلاف عام و لولا هذا العالم لميكن عالم الذر في مكانه و رتبته.
و ان قلت انك قلت ان هذا العالم شرط ظهور ذلك العالم لا وجوده فاي مانع من انيكون الذر موجوداً قبل عالم الاجسام؟ اقول ان الله سبحانه لايستعجل فيخلق الشيءقبل ابانه هذا. و هذا العالم قابلية عالم الذر و لسانه السائل و ان الله سبحانه لايخلق المقبول قبل القابل و ان كان القابل شرط ظهور المقبول لا وجوده هذا. و متي لميكن عالم الاجسام في حده و مقامه حتي يقال ان عالم الذر موجود قبل عالم الاجسام ام لا؟ بالجملة، عالم الذر لميكن قبل هذا العالم الا في الرتبة و كذلك اجزاء عالم الذر لميكن قبل اجزاء هذا العالم فلميكن زيد في عالم الذر قبل انيكون زيد في هذه الدنيا قبلاً زمانياً و انما كان قبله رتبةً فكان فوقه. و كذلك جميع الذوات و كذلك جميع الصفات فلميكن زيد مصلياً في عالم الذر حتي يكون هنا مصلياً و لا مؤمناً حتي يكون هنا مؤمناً و لا كافراً حتي يكون هنا كافراً و لميدع الخلق الي الله نبي في الذر حتي دعاهم هنا و لميؤمنوا هناك حتي آمنوا هنا و لاكفروا هناك حتي كفروا هنا فما كانوا ليؤمنوا هنا بما كذبوا به من قبل في عالم و لا انيكفروا هنا بما آمنوا به في عالم الذر ولكن الذر فوق الدنيا رتبةً لا زماناً. فلم
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 362 *»
يكن قبل الدنيا بمدد و انما كان قبل الدنيا برتب يعبر عنها بالاوقات فمالميؤمن سحرة آل فرعون هنا كانوا في عالم الذر ايضاً غير مؤمنين فلما آمنوا هنا فقد كانوا آمنوا اربعة آلاف سنة قبل ذلك. و قد عبروا عن الرتب بالسنين لحكم عديدة يطول بها الكلام. هذا معني ما يقوله الشيخ الاجل اني مالماقل لك زيد قائم ما كنت تعلمه في عالم من العوالم. فاذا قلت لك زيد قائم و فهمت معناه فقد فهمته اربعة آلاف سنة قبل ذلك.
بالجملة، مالميدع نبي امته هنا لميدع في عالم الذر و مالميؤمن من آمن لميكن قد آمن هناك و مالميكفر من يكفر لميكن قد كفر هناك كما انه مالميكن لك ابن هنا ليس له روح و نفس هناك و ليس الله بمستعجل و ليس من شؤن الربوبية انيوجد الله شيئاً قبل ابانه و حد مكانه و قبل سؤال سائل و قبل اقتضاء قابل و قبل حاجة محتاج و قد ذكرنا ان ما في هذه الدنيا قوابل ما هناك. فتبين و ظهر ان مالمتتحقق الدعوة هنا و القبول و عدم القبول لمتتحقق هناك و مالمتتحقق هناك لمتتحقق هنا و ان الذر دار قرار و الدنيا دار استقرار فافهم.
قال: سدده الله قد فهمنا من بركاتكم كيفية الامر بين الامرين في الاعمال التكليفية كما بينتموه في كتاب الارشاد و الحمد لله و المنة له. فكيف ذلك في الغير التكليفية منها كالصحة و المرض و الغنا و الفقر و العزة و الذلة و ما شاكلها من الاحوال الظاهرة التي ليس تحصيلها في وسع المكلف؟ و لعل يستفاد من جواب هذا السؤال حقيقة الامر في الانوجاد ايضاً ولكنه مشكل جداً.
اقول: الامر في ذلك سهل جداً اذا علمت الاختيار المحفوظ في التكليفية فما اصابك من حسنة فمن الله و ما اصابك من سيئة فمن نفسك فلايصيب الانسان حسنة و لا ملايم الاجزاء من الله لاعماله الحسنة و لا سيئة و لا منافر الاجزاء لاعماله السيئة فيعود الامر فيها ايضاً الي الاختيار كما يصيب الانسان من حسنة و سيئة في الآخرة بعينها. و في وجه ان جميع ما يحدث في هذا العالم من حادث فانما يحدث بين فاعل و قابل فالفاعل هو الافلاك و النجوم و الاوضاع العلوية و القابل
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 363 *»
هو نفس المركبات السفلية فليس يؤثر الاوضاع الفلكية في الكائنات السفلية الا اذا كانت قابلة و ليست تجبر كائناً علي شيئ ابداً. مثلاً اذا كان استعلاء مريخ مما يهيج الغضب فليس يهيج الغضب في كل احد و انما يهيج في رجل مستعد للغضب و اما في البلغمي المحض او الرجل الذي ليس عنده احد يغضب عليه او لميعمل احد عنده مايوجب غضبه او كان الرجل ممن ملك نفسه و استولي عليها فليس يؤثر استعلاء مريخ شيئاً البتة. و في ذلك تاه المنجمون و اخطأ احكامهم حيث لميحيطوا العلم بالقوابل و ان كانوا لميكملوا علم الفواعل ايضاً. بالجملة، جميع الحوادث السفلية يحدث بين فاعل و قابل ليس شيء منها بفاعل وحده و لابقابل وحده و هما كما تري امران كونيان و الحادث يحدث بين الامرين فلا جبر و لا تفويض بل امر بين الامرين. و هذا القابل يختلف بحسب الطاعة و المعصية فبالمعصية يضعف حتي ينفعل من كل فاعل و بالطاعة يتقوي حتي لاينفعل من فاعل. ففي الاشعار المنسوبة الي علي7:
خوفني منجم اخو خبل | تراجع المريخ في برج الحمل | |
فقلت دعني عن اكاذيب الحيل | المشتري عندي سواء و زحل |
و لذلك اعتني الشارع بتكميل القوابل التي هي منالة ايديهم حتي لاتنفعل عن الاسباب الفاعلة التي لاتنالها ايديهم و نهاهم عن الخوض فيها فانه لايفيدهم شيئاً و كثيره لايدرك و قليله لاينفع و هي جارية مجريها علمتها او جهلتها و اما اذا اصلحت القوابل دفع عنها شرها و سعد لها نحوسها و ظهر فيها سعودها فافهم راشداً موفقاً.
قال: سدده الله و هل الخلق في الحدوث و الافتقار مضطر ام مختار؟ و ظني انه لايمكن القول بالثاني لانه لاسبيل للخلق ابداً الي خلافها. فكيف يكون مختاراً فيهما و لايتجري علي الاول ايضاً؟ فما ندري ما الحيلة في حل الاشكال الا التمسك بالعروة التي ليس لها انفصام و لا انفصال و علي الله سبحانه الثقة و الاتكال في كل الاحوال.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 364 *»
اقول: اعلم ان للشيء ذاتاً و صفةً اما ذاته فهي كونه هو هو بحيث لايلحظ معه شيء غيره و كلما هو سوي كون الشيء هو هو ممايؤل اليه صفته و خارج عنه و لذلك يطلق علي الاول البيان و العلم به علم البيان و علي الثاني المعاني و العلم به هو علم المعاني. و لذلك يسمي الموضوع علي الاول باسم الذات كزيد و الموضوع علي الثاني اسم المعني كالعلم و القدرة و الضرب و النصر و غيرها. و الاختيار و الاضطرار صفتان من معاني الذات و رتبتهما دون رتبة الذات و في الذات لا اختيار و لا اضطرار. الست تقول اختار فلان فلاناً فتعبر عنه بالفعل. و المختار اسم مشتق من الاختيار و الاختيار مشتق من اختار فليس في الذات اختار و لا اختيار و لا مختار. و الشيء مالميكن ثابتاً لايختار و مالميكن شيء كيف يراعي نسبته بين شيئين؟ و كيف يتردد بين شيئين و يرجح شيئاً؟ فالذات بعد ما تحققت تكون مختارةً لها انتختار هذا و هذا او تكون مضطرةً اذا قلنا به و لا نقول. فالذات هي هي و هي لمتختر نفسها حين لمتكن و بعد ما قد كانت فقد كانت و انما كانت بتكوين الله سبحانه. و ان الله سبحانه لايجعل شيئاً غير هو هو فيكون جبراً منه فيجعل كل شئ اياه ليحصل بين فاعل و قابل و ان الحدوث و الفقر الي المبدء حقيقة الشيء و كينونته فان لميكن فلميكن و ان كان فيكون حادثاً فقيراً و الحدوث عين الامكان و الشيء من الامكان. فالحدوث و الفقر مما به الشيء الشيء و مما به هو هو فقد جعله الله هو هو. نعم لميفوض الي الشيء خلق نفسه فانه غير معقول و لميجعله الله غير هو هو. فلاجبر من الله في حقه و لاتفويض اليه و ليس منه اختيار في كونه حادثاً فقيراً اذ الاختيار يحصل بين الطريقين و لا سبيل للحادث الي غير الحدوث و لا اضطرار فان الشيء ليس غير ذلك الامكان و غير ذلك الحدوث و الفقر الذاتي و هو به يكون ثابتاً و لميكن شيء يضطر علي شيء غيره. و الشيء لايضطر في كونه هو هو اذ الاضطرار فعل المضطر و المضطر صفة مشتقة من الاضطرار و ليس هناك ذكر شيء من ذلك. و ان شئت ان تسمي ذلك اضطراراً فلامحذور كما روي في الحديث في حق الشمس و القمر كما في الكافي فانه اضطرار ليس بجبر و ذلك ان الجبر هو جعل الشيء غير هو هو. و اما
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 365 *»
اذا جعل هو هو فهو ما وافق هواه اشد موافقةً. فاين الاضطرار الممنوع الذي هو الجبر؟ و الاضطرار بغير معني الجبر بل بمعني كل شيء هو هو بالضرورة لاغير هو هو بالضرورة فليس بممنوع بل هو واقع. علي ذلك دارت رحي الخلق جميعاً ابداً فافهم فقد اشرت لك الي اطراف البيان و دليله ما يكتفي به اللبيب.
قال: سدده الله السادسة الذي استفدناه من كتابكم جوامع الاحكام و كان ترجمته العجمية عندنا و كذا ممارأيناه من الرسالة الفارسية الفقهية المطبوعة ان الماء القليل من الكر لايتنجس بملاقات النجاسة الا بالتغير في احد الاوصاف كالكر و الجاري و ذكرتم انه ينبغي التجنب في الطهارة و الازالة عن الماء القليل المستعمل في تطهير النجاسات يعني غسالتها هل هذا كذلك ام اشتبه علينا الامر؟ فان كان الاول فبخ بخ لقد صدقتم قوله تعالي يريد الله بكم اليسر الآية مازلتم اراد الله بكم اليسر و لايريد بكم العسر.
اقول: ان كتابي الذي صنفت هو المسمي بالجامع و اني بنفسي ترجمته بالفارسية و طبعوها في يزد و لا ثالث فيما اعلم. و اما مسألة الماء القليل فعلي ما فهمته من الكتاب و السنة و كتبت له رسالة منفردة تامة كاملة ان الماء القليل لاينجس الا بتغير احد اوصافه الثلثة سواء الغسالة و غيرها. و انما استحببنا التجنب عن الماء المستعمل تنزهاً لاوجوباً و قولاً بنجاسته مالميتغير. و ذلك من فضل الله علينا و علي الناس ولكن اكثر الناس لايشكرون.
قال سدده الله ثم ما معني قوله7 تكبيرة الاحرام سنة في فريضة و لا صلوة الا بتكبيرة الاحرام ما معني السنة في الفريضة.
اقول: ان الله سبحانه فرض الصلوة و هي مجملة ثم ان النبي9 بينها في سنته فامر بتكبيرة الاحرام و القراءة بنهج خاص ثم الذكر في الركوع و السجود و التشهد و السلام فتكبيرة الاحرام سنة سنها النبي9 في فريضة الله جلوعز و هي اي السنة في الفريضة بيان الفريضة و هي واجبة و كذلك التشهد سنة
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 366 *»
في فريضة. و قد اخذنا ذلك من حديث اميرالمؤمنين7 السنة سنتان سنة في فريضة الاخذ بها هدي و تركها ضلالة و سنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة و تركها الي غير خطيئة بالجملة، كل ما بين به النبي9 الفريضة المجملة في الكتاب فهو سنة في فريضة و هي واجبة كالفريضة.
قال: ثم ما معني قولكم في اوائل هذا الكتاب و نحن نروي كتاب الكافي بسند عال من الحجة7 بوسائط ثلث، ما هي؟ فانه7 امر العمل بكتاب الكافي.
اقول: هي ما نرويه وجادةً عن الميرزا محمد بن عبدالنبي بن عبدالصانع اجازه لرجل من اهل بلادنا يسمي بملامحمد بن الملاعلي كتب: «بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي اما بعد فقد اجزت الاخ في الله المولي المسدد الملامحمد بن الملاعلي الكرماني لازال كاسمه محمد انيروي عني كتاب الجامع الكافي لثقة الاسلام ابيجعفر محمدبنيعقوب بناسحق الكليني الرازي قدسسره بحق روايتي عن الشيخ الثقة الورع الرباني موسيبنعلي البحراني قدسسره بحق روايته عن شيخه الثقة الورع الحاج عبدالهادي الهمداني الغروي جواراً و مدفناً عن حجة العصر و الزمان خليقة الرحمن م ح م د بنالحسن بنعلي بنمحمد بنعلي بنموسي بنجعفر بنمحمد بنعلي بنحسين بنعلي بنابيطالب بنهاشم الهاشمي صلواتاللهعليهم بمدينة الرسول بين قبره و منبره6 امره7 انيعمل علي كتاب الكافي لابيجعفر الكليني و له قصة رويناه بهذا الاسناد في كتاب تسلية القلوب فله ايده الله تعالي انيعمل بما فيه و يرويه عني بهذا الاسناد بعد تصحيح مبانيه و معانيه و انلاينساني من صالح الدعاء فانه تعالي قريب مجيب كتب الداعي الي محجة المهدي ابواحمد محمدبن عبدالنبي بن عبدالصانع النيشابوري المحدث المسلم السلعي عصر يوم الجمعة
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 367 *»
الثاني من شهر صفر من سنة 1230 بمقابر قريش حامداً مصلياً مستغفراً انتهي. هذا ما وجدناه بخط الميرزامحمد رحمه الله و ختمه و لايقصر عن ساير الروايات المرسومة في الكتب و الله العالم بحقايق الامور.
قال: سدده الله ثم انكم ما ذكرتم في هذا الكتاب عند تعداد النجاسات العصير العنبي اذا غلا و اشتد كما ذكره الفقهاء رضواناللهعليهم سيما مشايخنا اعلياللهمقامهم و لا النقص عند تعداد المطهرات كما ذكروا كذلك و هذا يشعر علي ان العصير كذلك عندكم طاهر غير محتاج الي مطهر فهل هذا كذلك؟
اقول: انهم مقرون انه لا نص علي نجاسته و من ذكر بعض الاخبار من المتأخرين فقد تكلف و لا دلالة فيها و انما يحكمون بها بالشهرة و اني لميرجح عندي العمل بتلك الشهرة و رجحت العمل بالطهارة كما هو عن الشهيد الثاني و والده و شيخهما و الفاضل الهندي و صاحب الرياض و غيرهم من العلماء و في ادلة القائلين بالنجاسة تكلف شديد و الاصل فيه الطهارة نعم الحرمة ثابتة و هي غير النجاسة.
قال: سدده الله و ما حكم التمر و الزبيب اذا غليا؟
اقول: هما حلالان انشاءالله طاهران و لا دليل علي نجاستهما بالطبخ الا اذا طبخا و اخذ ماؤهما و تركا حتي يصيرا خمراً و اما طبخهما في الاطعمة فلابأس به. و قد كتبنا رسالة منفردة في امر الزبيب مبسوطةً و استوفينا فيها الادلة و الحمد لله.
قال: سلمه الله ثم انكم حكمتم في الرسالة الصومية ان شهر رمضان تام ابداً و شهر شوال المكرم ناقص ابداً و ذوالحجة ناقص ابداً و هكذا فعلي ذلك اذا اهل هلال شوال في الليلة الثلثين من شهر رمضان فمع ذلك هل يجب الصوم في صبيحتها ام يحرم علي انه يوم الفطر؟ و كذلك اذا اهل هلال ذي الحجة في الليلة
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 368 *»
الثلثين من ذيقعدة فكيف تكليف الحاج ان وافق الجمهور في الوقوفين؟ خالف الحكم بتمامية ذيالقعدة و كونه ثلثين ابداً و يكون يوم عرفة عند الجمهور اي جمهور الحاج من الفريقين يوم التروية عنده و كيف يصح وقوفه؟ و كيف يمكن التخلف عنهم و اداء المناسك منفرداً؟ و ذلك متعسر عربی جداَ فضلاَ عن التعذر و عدم التمكن فما الحيلة في ذلك بينوا؟ جزاكم الله عن الايمان و اهله خير الجزاء.
اقول: ليس في رسالتي الصومية ذلك و لاافتي به و عملي علي الرؤية. فاذا كان بين الرؤيتين في شهر رمضان تسعة و عشرين قضيت يوماً عملاً باخبار الثلثين الموافقة للكتاب المخالفة للعامة من باب دع ما يريبك الي مالايريبك و اخوك دينك فاحتط لدينك ما استطعت و لااقول بذلك في ساير الشهور. و عبارتي في رسالتي الصومية هذه في «المسئلة الرابعة من المقصد الاول من الباب الثالث شهر رمضان لاينقص من ثلثين يوماً ابداً وفاقاً للصدوق و اخيه الحسينبنعلي بنالحسين و ابيمحمد هرونبنموسي و السيد ابيمحمد الحسيني و جعفربنمحمد بنقولويه و ابنابيعقيل و الكراجكي في احد قوليه و الشيخ المفيد في لمح البرهان و نقل فيه اجماع الامامية في عصره علي ذلك و ذكر ابنبابويه ان ذلك مذهب خواص الشيعة و اهل الاستبصار منهم و يظهر من صاحب المجمع القول به. و قد كتبنا في ذلك رسالةً طويلةً منفردةً و ذكرنا فيها الآثار و اقوال العلماء الاخيار ما يكتفي به من انصف. الخامس رويت روايات كثيرة علي ان شهراً تام و شهراً ناقص و يساعدها الاعتبار الا ان المشهور ذهبوا الي خلاف ذلك و الاظهر بحسب الادلة الفقهية هو القول المشهور و العمل علي الرؤية حتي في شهر رمضان فيصام للرؤية و يفطر للرؤية فان كان بين الرؤيتين ثلثون يوماً فهو و الا فيقضي يوماً فان نقصانه يكشف عن استتار الهلال يوماً من اوله» الخ. هذه عبارتي في كتابي كتاب صوم الجامع نعم في اوائل امري قوي في نفسي هذه الاخبار اي اخبار شهر تام و شهر ناقص ثم تنبهت الي قصورها عن اثبات المسئلة و شرح حال الكبيسة فتركتها حتي يأتيني البيان ولكن عملي ما شرحت و عبارة كتابي ما ذكرت.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 369 *»
قال: سلمه الله هل يجوز وكالة الشخص الواحد عن المتعاقدين او يجوز له ان يتولي العقد بنفسه لنفسه و وكالة عن غيره ام لا بينوا توجروا؟
اقول: اما اذا وكله رجلان ليوجب لواحد و يقبل لآخر فلماجد منعاً منه و يشمله عموم جواز التوكيل. و اما اذا وكله رجل او امرأة للايجاب او القبول فاوجب وكالة ثم قبل لنفسه او اوجب من نفسه و قبل وكالة فلماجد ايضاً منعاً عنه و هو تحت عمومات الوكالة و جواز البيع و غيره من العقود، اللهم الا في النكاح فانه ورد المنع منه و هو رواية عمار الساباطي قال سألت اباالحسن7 عن امرأة تكون في اهل بيت فتكره انيعلم بها اهل بيتها أيحل لها انتوكل رجلاً يريد انيتزوجها تقول له وكلتك فاشهد علي تزويجي؟ قال لا. قلت له جعلت فداك و ان كانت ايماً قال و ان كانت ايماً. قلت فان وكلت غيره بتزويجها منه قال نعم انتهي. و لا مانع في ساير العقود من تولي طرفي العقد من حيث توليهما و ان كان ممنوعاً من حيث آخر كأن يأمرك رجل في انتشتري له شيئاً فتعطيه من عندك او تبيع له شيئاً فتبيعه من نفسك و هو لميصرح لك بذلك.
قال: سدده الله هل يأتي زمان يدعي النقباء و النجباء النقابة و النجابة؟ كما يستفاد من بعض كلمات الارشاد و بعد ما ادعوا هل يحتجون بخوارق العادات او بمحض اظهار العلم؟
اقول: انما العلم عند الله و الذي عرفنا ان الله اذا احتج علي خلقه بحجة يحتج بحجة بالغة فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم اجمعين. فان من ادعي العلم فحجته العلم المطابق للكتاب و السنة و الآفاق و الانفس و العقول و ذلك شأن العلماء و النجباء. و اما من ادعي الحكم فذلك ما ليس له علامة مخصوصة ذاتية معروفة او وصفية فلايثبت الا بنص من ثابت او بعلامة الهية و تصديق الهي اسكنوا ما سكنت السموات و الارض فاذا جاءكم من الله جاء و اتيكم آت ياتيكم ببرهان تعرفونه و ما ربكم بظلام للعبيد فافهم راشداً موفقاً و هذا آخر مسائله.
«* مكارم الابرار عربی جلد 30 صفحه 370 *»
كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم مستعجلاً و قد انتهي الي هنا عصر يوم السبت الرابع و العشرين من شهر شوال من شهور سنة خمس و سبعين من المائة الثالثةعشرة حامداً مصلياً مستغفراً. تمت.