29-08 مکارم الابرار المجلد التاسع والعشرون ـ رسالة في علم الخيوط ـ مقابله

 

رسالة في علم الخيوط

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 461 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي.

و بعد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدسألني الاخ المؤيد و قرة عيني المسدد الاخ المحب الموالي الصميم الحنان عبدالرحيم خان ان‌اكتب له وجيزة في علم الخيوط علي النهج الكلي بحيث يستنبط منه الفروع الجزئية و تقع في يده قواعد كلية يعرف منها الحوادث الواقعة و الوقايع الحادثة و لما وجدته حرياً للجواب اجبته علي حسب الميسور و لاقوة الا بالله العلي العظيم و فيه مقدمة و بابان.

اما المقدمة

ففي بيان امور يجب تقديمها ولكن علي نهج الاختصار و فيها فصول:

فصل: اعلم ان تعريف هذا العلم انه علم بقرانات الخيوط المعلومة لاستنباط الحوادث الواقعة و موضوع هذا العلم الخيوط المعلومة ففيه يبحث عن عوارضها الذاتية و فائدته استنباط احكام المسائل و العلم باحوال الوقايع قبل ظهورها و هو من فروع العلوم الانطباعية كالرمل و الحصيات و الالواح و غيرها.

فصل: اعلم ان جميع ما يحدث في العالم يحدث باسباب و علل فان الله سبحانه ابي ان‌يجري الاشياء الا باسبابها و كل مسبب لابد و ان‌يناسب سببه و كل معلول لابد و ان‌يناسب علته و الا لصدر كل شيء عن كل شيء و حصل كل شيء بكل شيء و ذلك باطل بداهة فاسباب الحوادث الحادثة في هذه الدار علي ما يناسبها و هي الافلاك و العناصر الا ان الافلاك اسباب فاعلية و العناصر اسباب قابلية و لذلك سميت الافلاك بالآباء و العناصر بالامهات و مايحدث بينهما

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 462 *»

متولدات حادثة من اقترانهما و نكاحهما و نكاحهما بالقاء الاشعة من الافلاك علي العناصر كالقاء النطفة من الاب في رحم الام و قبول الام لها و تصورها في بطنها علي حسب ما يشاء الله و يأمر الملك الخلاق المصور بتصويرها فيصورها كيف يشاء الله و لماكان المتولد من بين هذين الابوين قديغلب فيه جهة الاب فيكون ذكراً و قديغلب عليه جهة الام فيكون انثي و قديغلب فيه بعض مقامات الاب و قديغلب فيه بعض مقامات الام اختلف مراتب المتولدات في حكايتها احوالهما و مقاماتهما فلماكثرت المتولدات و اختلفت و ائتلفت و اقترنت دل كل واحد علي واحد من ابويه و علي مقام من مقاماته و شأن من شئونه و صار مرآة ما حكاه و كشف عن ذلك السر و صار لسان ترجمان تلك الرطانة و بيان خفايا تلك المكانة فصح ان الولد سر ابيه فمن عرف كيفية حكاية الاولاد عن الآباء و الامهات عرف كيفية الاسباب و العلل و عقل عن الاستدلال بها علي الحوادث و اتصل و ذلك ان الاولاد المختلفة لايقترنون الا علي حسب ما غلب فيهم من صفات الوالدين و لايكشفون الا عنها و لايتبعون الا اياها فكيفية اقترانهم تابع لاقتران الابوين و اقتران الابوين سبب حدوث الحوادث علي حسب كيفية الاقتران و قدذكرنا في رسالتنا اسرار النقاط علي سبيل التوسط في البيان ان تلك الاوضاع الفلكية تنطبع في نفس العالم و يتحرك اعضاؤه و جوارحه علي حسب تلك الاوضاع المنطبعة فيتغلظ تلك الاشباح في حركاته الجسمانية و ينطبع  و يتحرك بتحرك اعضائه ما اقترن بها علي حسبها فينعكس من اعضائه و حركاته تلك الاوضاع فيها اي فيما اقترن بها فيجري قرانات الاشياء علي حسب الاوضاع فلذلك يدل كل مقترنات معدودة علي الحوادث لانها تابعة للاوضاع الفلكية و الاوضاع الفلكية مؤثرة في الحوادث السفلية فيمكن الاستدلال بكل مقترنات معدودة علي الحوادث الحادثة مثل ذلك اذا اقتتل رجلان بازاء مرآة و انت ناظر في المرآة مدبر عنهما غير مطلع عليهما فاذا رأيت في المرآة ان زيداً مثلاً وضع السكين علي حلقوم عمرو و غمزه بقوته و جره و جري الدم تستدل منه علي حصول القتل في الخارج فافهم المثل و اكتف به فان اردت اكثر من ذلك فعليك بساير كتبنا الموضوعة في العلوم الانطباعية و

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 463 *»

غيرها اذ لا فراغ لي هيهنا ازيد من ذلك.

فصل: اعلم ان اصل هذا العلم ينسب الي اصل كل خير و معدنه و مأواه و محتده اميرالمؤمنين صلوات الله و سلامه عليه كماينسب اليه كل ما في ايدي الناس من حق و صدق و الآخذ عنه عليه السلام كما يروون الاويس القرني رضي الله تعالي عنه ثم انتشر في الناس و هو تفأل اهل البوادي و الخيام و ان الله سبحانه نشر في عباده من كل شيء علي حسب حاجتهم و انتفاعهم و زوي عنهم ما يفسد نظامهم و مما يفسد نظام العالم اطلاع الناس علي ضماير الغير و الامور الغيبية كلية و قدزوي سبحانه هذا العلم عن ساير خلقه و اختص به الامناء المتقين والحكماء البالغين ذوي الصدور الفسيحة و القلوب المطمئنة و ليس حظ جميع الناس فزوي عنهم من كل علم بعضاً و نشر فيهم بعضاً لينتفعوا به بعض الانتفاع و لم‌يؤد امرهم ايضاً الي فساد و انكشاف الاسرار و هو الستار و لو تأملت في جميع العلوم المكتومة لوجدتها مكشوفة البعض محجوبة البعض و لو كانت محجوبة بالكلية لم‌تظهر الرحمه و القدرة و لو كانت مكشوفة بالكلية لزم الفساد في العباد و البلاد فاقتضي الحكمة اظهار بعض و اخفاء بعض و اسباب هذا الاظهار و الاخفاء ضيق الصدور و سعة الامور فلذلك صارت هذه العلوم المحجبة كثيرها لايدرك و قليلها لاينفع اي كل الانتفاع و دائماً و الا قدينفع فان اردت ان‌تجد احداً من اصحاب التفألات لايخطي احكامه لست تجد ابداً فان العالم لايظهر علمه للمصالح و المظهر ليس يحيط باكناف الحكمة و لو كان ما كان يظهر ابداً الله اعلم حيث يجعل رسالته و لذلك ان الحكماء البالغين ايضاً اذا كتبوا في العلوم المحجبة يرمزون كثيراً و يتركون كثيراً لئلايكشف ما اراد الله خفائه فلاتطمئن في ان‌تصيب تفألاً ليس يخطي ابداً او تجد احداً يخبرك ما لايخطي ابداً فذلك امر ابي الله ان‌يكون كذلك و نحن نذكر لك هيهنا علي حسب الميسور ان شاء الله.

فصل: اعلم انه يؤخذ للعمل بعلم الخيوط سبع طاقات خيط من صوف ابل

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 464 *»

الاضحيه او ابل حلال ان لم‌يمكن او صوف شاة اضحية قدغزلتها بنت غير بالغ متذكرة بذكر الله حين غزلها و يكون طول كل طاقة شبرين لااقل و لاازيد فاذا اراد العقد ينوي حاجته و هو طاهر متوجه الي القبلة و يضع وسط الطاقات علي ابهامه و يثنيها في كفه او يضعها علي سبابته كذلك و يقرأ سورة الفاتحة و يهديها الي روح اويس رضي الله تعالي عنه و يستمد من باطنه ثم يعقد علي كل خيطين الي ان‌يبقي خيطان ثم يأخذها عن ابهامه و يلف المحلولين علي الباقي و يضعه علي الارض و يذر عليها شيئاً من التراب و ذلك سجودها لله سبحانه و اقترابها منه و خضوعها له لتحملها الاشباح العلوية و الاشعة الفاعلية ثم يرفعها و يحلها و لايحل العقد و لايغير الاوضاع و ينظر فيها و يحكم علي ما يأتي و توخ لعقدها الساعات المسعودة و الايام المحمودة و اجتنب الكوامل و احسن الساعات علي ما قيل طرفي الغروب الي ساعة و لااريه صحيحاً لانه وقت غلبة الشياطين و الغفلة و في آخر الليل احسن و كذا لايعقد في اول طلوع الشمس فانه وقت انتشار الشياطين.

الباب الاول و فيه فصول

فصل: اعلم ان ذلك سبع خيوط قدعقد عليها ست عقد و انما اخذ السبع لانه العدد الكامل المشتمل علي اول الازواج و هو الاربعة و اول الافراد و هو الثلثة فالاربعة اشارة الي الكيفيات الاربعة و الثلثة اشارة الي الكيان الثلثة و بهذه المقامات السبعة يصير الشيء كاملة المراتب تامة المقامات فاذا كانت الخيوط سبعة كانت تامة تدل باجزائها علي كمال السفليات و بمجموعها علي تمام العلويات و يشير بتسبيعها الي المراتب ا لسبعة الوجودية من الدرة الي الذرة فهي جامعة لاحوال المبادي و المنتهيات و الاوايل و الغايات و يصلح ان‌يستعلم منها احوال الكاينات و عقد عليها ست عقد لان الستة هي العدد التام الذي يساوي كسورها نفسها و تدل علي الحدود الستة التي هي عقود انحلال المواد و تعيناتها و تعينات هذه السبع و عوارضها الذاتية هي عقودها و يبحث عنها و يتكلم فيها

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 465 *»

فالخيوط مواد و العقود صور و مناط الاحكام الصور و الخيوط مواد جميع المراتب و العقود حدودها فافهم ذلك فانك لاتسمع هذه الدقايق في العلوم الجزئية من غيري و لا كل من يعرف بعض الحكمة يفوز بهذه الفيوضات و الحمد لله علي جميل آلائه و الصلوة علي اشرف انبيائه و آله خيرة‌ اصفيائه فقدحاز هذه الخيوط مرتبتي التمام و الكمال و اذا ثنيت الخيوط علي الكف صارت اربعة عشر عدد اوائل جواهر العلل و السبع المثاني الحاوي لجميع ما في القرآن و المنازل الظاهرة‌المربية للعالم فاذا فرز منها اثنان لم‌يعقد عليها كان الباقي اثني عشر عدد شهور الحول و عدد الساعات و حروف لا اله الا الله في الرقوم المسطرات فقدحاز هذه الخيوط اسرار الكاينات و صلحت بذلك لان‌يستعلم منها المغيبات لانها قدحازت كمال المرتضين من الرسول المظهرين علي الغيوب و ساوت السبع المثاني التي لا رطب و لا يابس الا و فيها محجوب.

فصل: ان الصور التي يمكن حصولها في هذه الخيوط ثلثة عشر عدد الائمة الاثني عشر و رسول البشر عليهم صلوات الله الملك الاكبر و مقام المجموع مقام احدي الكبر التي هي ايضاً نذير للبشر و ذلك لانه ان انفرد خيط واحد فلايخلو من شكلين اما هو محلول نحو @ او معقود نحو @ و ان اتصل خيطان فلايخلو اما يتصلان بعقد واحد نحو @

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 466 *»

او بعقدين نحو @ و ان اتصل ثلثة خيوط فلايخلو اما تتصل بعقدين نحو ما في الهامش او بثلثة عقود نحو ما في الهامش ايضاً و ان اتصل اربعة خيوط فلايخلو اما ان‌تتصل بثلثة عقود كماتري او باربعة عقود كما تري و ان اتصل خمسة خيوط فلايخلو اما ان‌تتصل باربعة عقود كما تري

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 467 *»

او بخمسة عقود كما تري و ان اتصل ستة خيوط فلايخلو اما ان‌تتصل بخمسة عقود كماتري او بستة عقود كما تري و ان اتصل ستة خيوط فلا يخلو اما ان‌تتصل بخمسة عقود كما تري او بستة عقود كما تري و ان اتصل جميعها فتتصل بست عقود و لا ثاني له فاشكال ماسوي السبعة الجامعة زوجان و اما السبعة الجامعة فلها شكل واحد ليدل علي ان الستة‌المثناة مقامات الولاية و السبعة المفردة مقام النبوة المهيمن عليهم فالاشكال البسيطة هي هذه الاشكال ثم يتألف من اقترانها هيئات كثيرة من اتصالها و انفصالها و ليس لي الآن اقبال لعد هيئاتها و ذكرها هيهنا مع انه لا فائدة في ذكرها الا تضييع القرطاس.

فصل: لما لم‌يكن هذا العلم مدوناً علي النهج الكلي و لم‌يجر علي هيئاتها اصطلاحات العلماء و لم‌تتداوله الالسن اصطلحنا لهيئاتها اسماء مناسبة لاحكامها فسمينا الشكل الاول بالسلام و الشكل الثاني بالشاهد و الثالث بالسوط و الرابع

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 468 *»

بالجهد و الخامس بالندامة و السادس بالبساط و السابع بالطريق و الثامن بالبيت و التاسع بالخارج و العاشر بالدار و الحادي‌عشر بالحاصل و الثاني‌عشر بالحصار و الثالث‌عشر بالعدم.

الباب الثاني

في الاحكام و فيه فصول

فصل: اعلم ان المسائل لايخلو من قسمين فاما يسأل عن الاتصال كمجيء غايب او وصول خبر او حصول مال و امثال ذلك او يسأل عن الانفصال كالخروج الي سفر و زوال خوف او مرض و تفرق جماعة او ذهاب مال و امثال ذلك و كذلك لايخلو المسائل عن قسمين آخرين فاما يسأل عن السعادة كالراحة و اليسر و السرور و امثال ذلك او يسأل عن النحوسة كالتعب و العسر و الحزن و امثال ذلك و كذلك لايخلو عن قسمين آخرين فاما يسأل عن وجود شيء او عدمه مثل ان‌يسأل هل فلان في البلد ام لا هو حي ام لا هل المال موجود عند فلان ام لا و هل هو كذا ام لا و علي كل واحد من هذه الامور يستدل من شيء في كل علم علي حسبه و قدينفرد الدليل علي المسئول عنه و قديتعدد و المتعدد كالدليلين قديتفقان في الدلالة و قديختلفان فليستعمل العالم المتفأل عقله و ليستنبط من الادلة علي حسب ما تدل عليه و نحن نذكر ان شاء الله تعالي احكام مفردات الاشكال و مدلولاتها في فصل منفرد فتدبر.

فصل: في احكام مفردات الاشكال اعلم ان السلام دليل سلامة السائل و المسئول عنه ليس فيه حصول نفع و وصول ضرر و يدل علي الخلاء و الفراغ و الخروج و عدم وجود شيء حادث و الشاهد ان كان واحداً و منفصلاً عن ساير الخيوط فهو دليل البشارة و الاخبار الحسنة و حصول المرادات و بلوغ الخيرات و الانقلاب و ان كانت شواهد متعددة و منفصلة عن الخيوط و منفصلاً بعضها عن

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 469 *»

بعض يدل علي الاراجيف و الاخبار الكاذبة و الاشخاص المتعددة و الفتور و الضعف في الامور و القتيل و الميت و ان كان متعلقاً بعضها ببعض فهو دليل الابتلاء و التخاصم و التشاجر و الموانع و ان كانت معلقة بغيرها من الخيوط فهو دليل القوة و العون و حصول المطالب و بلوغ المآرب و ان كانت مع ذلك معلقة بعضها ببعض يدل علي الابتلاء و التخاصم و التشاجر فيما تعلقت به و السوط دليل الاستعجال فان كان منفصلاً فهو دليل الاستعجال في العدم كسرعة الترك و سرعة الاعراض و الرجوع و امثال ذلك و هو بنفسه دليل الدخول و الحصول و ان كان متصلاً بغيره فدليل الاستعجال في الحصول و الاتصال و الوجود و الجهد دليل السعي و الجد في الامور و ثابت فان كان متصلاً بالخيوط فهو دليل وجود الجد و السعي عاجلاً و ان كان منفصلاً فهو دليل تركه و عدمه و الندامة سواء كانت متصلة او منفصلة دلت علي الخسارة و عدم بلوغ المراد و عدم حصول الي ساعتين او يومين او شهرين او سنتين و ان كان معها دليل خير قوي فهي دليل حصوله في هذه المدة و لايخلو من مشقة و البساط دليل الفراش المبسوط و يقتضي التأمل و التأخير و التحير و الانقلاب و التعب في اول الامر و الراحة في العاقبة فان كان متصلاً بساير الخيوط فهو دليل الاتصال و الوجود و ان كان منفصلاً عنها فلا و الطريق دليل الخروج و الانفصال و ليس صالح للامور الاتصالية و البيت ان كان خالياً عن انعقاد خارجي و فتل طار فهو بيت امن في الجملة و دليل العاقبة المحمودة و الثبات و القرار و ان كان فيه فتل و انعقاد فهو بيت الخوف و الخطر و النعش و القبر و التعب الشديد و نحس في جميع الامور و عقد معقود و الخارج دليل حصول المطالب و بلوغ المآرب و صلاح العواقب و المسائل الخارجية و الدار دليل الانقلاب و العاقبة المحمودة و الحاصل دليل امل الآمل و حل المشاكل و كل خير و اصل و سعد مطلق في العاجل و الآجل و الحصار دليل الحصر و الصدود و عدم تغيير الموجود و الثبات في الغياب و الشهود و قرب حصول المطلوب و سعد مسعود و العدم دليل البقاء البحت البات و ليس فيه نفع و لا آفات و يدل علي بقاء الشيء علي ما كان في الاوقات و يدل علي عدم حدوث الحادثات و هو برزخي الصفات و هو

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 470 *»

شكل خارج فلا يصلح للامور الداخلة بوجه و هو علي الخروج ادل.

فصل: اعلم ان كل شكل خيوطه فرد و هو محلول فهو شكل خارج و ان كان معقوداً فهو منقلب و ان كان خيوطه زوجاً و هو محلول فهو شكل داخل و ان كان معقوداً فهو ثابت فالخارج صالح للمطالب الخروجية و دال عليها و الداخل عكسه و المنقلب دال علي التردد في المطلوب و الثابت دليل البقاء علي ما كان علي ما بيناه في كتابنا اسرار النقاط ثم السعد دليل اليسر و الاختيار و النحس دليل العسر و الاضطرار و هذا الفصل باب يفتح منه ابواب.

فصل: اعلم ان السلام شكل عقل الكل و لذلك سلم عن الحدود و القيود و بقي علي البساطة علي هيئة الالف و لذلك صار سعداً و دليل الفراغ و الخلأ و الشاهد شكل الروح البرزخية بين العقل و النفس و هو عقل محدود معقود بعقد واحد و حد رقيق فلاجل ذلك صار دالاً علي السفارة و البشارة اذا انفرد و دليل القوة والعون اذا تعلق و السوط شكل نفس الكل و مقام الباء تكرار السلام و تنزله و ضعفه و صار دليل العجلة فانه خلق الانسان من عجل و الجهد شكل البرزخ بين النفس و الطبع و لذلك صار انعقاده اكثر الا انه ايضاً دليل الجهد و السرعة لانه تنزل السوط و الندامة مقام الطبع الجامع لمقام العقل و النفس وهي لانحلالها تدل علي عدم الوصول و الحصول المناسب للندامة و لان الثلثة شكل التفرق و البساط مقام البرزخ بين الطبع و المادة فلاجل ذلك صار عقده اكثر و قيده ازيد فدل علي الانقلاب و لوقوعه بين الندامة و الطريق دل علي التعب في الاول والراحة في الآخر و الطريق مقام المادة آية‌العقل و تنزله الا ان فيه ظهور الطبايع الاربعة و لعدم استدارته علي نفسه يدل علي عدم التركيب التام و هو داخل في الجملة و البيت مقام البرزخ بين المادة و الجسم و هو عالم المثال و تنزل الشاهد فلاستدارته علي نفسه دل علي التركيب التام و النقش و الارتسام و الثبات و المقام و الخارج مقام الجسم الكلي هيولي الاجسام الجزئية و جهتها الي ربها و لذلك

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 471 *»

صار آية مقامات التوحيد الخمسة و دل علي خروج الاشياء و عدم توقفها علي شيء و الدار مقام العرش و الكرسي و فلك البروج و فلك المنازل و فلك الشمس البرزخية بين الغيب و الشهادة و لاستدارتها علي نفسها و تقيدها دلت علي الثبات و القرار في الجملة و فرديتها دالة علي الحركة فهي متقلبة في المطالب و الحاصل مقام الافلاك الستة الاخر و مقام الفواعل و الآباء العلوية فلاجل ذلك دل علي الحصول و بلوغ المأمول و الحصار مقام الارضين اي العناصر الاربعة و هيولاها و صورها و هو مستدير علي نفسه فلاجل ذلك يدل علي الثبات و القرار و العدم مقام الجامع و العالم باسره فلاجل ذلك دل علي بقاء الشيء علي ماكان و عدم تغير و بخروجه دال علي عدم دخول شيء في الوجود فافهم ذلك فانك لاتجدها في كتاب و لاتسمعها من خطاب و اعلم اني به بصير و لاينبؤك مثل خبير.

فصل: اعلم ان ما ذكرنا من الاحكام احكام الاشكال المنفردة و عليك ان‌تستعمل عقلك و تركب احكامها حين تعددها واجتماعها و تلاحظ المسئول عنه و تخصص الكليات علي حسبه و تتكلم في كل شخص علي حسب مقامه فسعادة الرجل المُعاني لاتبلغه الي السلطنة و نحوسة تفأل السلطان لاتبلغه الي الفقر و الفاقة و الذلة و الاتصال و الانفصال في كل شيء علي حسبه و الوجود و العدم في كل شيء علي حسبه و باقي ذلك موقوف بعقلك فتدبر ذلك واعرف قدر ما ذكرت لك.

فصل: اذا عرفت ان كل شيء فيه معني كل شيء و ان الخيوط انموذج جميع العالم فلابد و ان‌تكون مطابقة مع هذا العالم ايضاً فوجدناها ايضاً تطابق هذا العالم بجميع مراتبه فالسلام آية العرش الاعظم و الفلك الاطلس الخالي من القيود و التعينات فلذلك يدل علي الخلاء و الفراغ و الصفر و عدم صورة شيء و كوكبه الشمس و الشاهد شكل الكرسي اخت العرش و اول تعينه و اشبه الاشياء به في عدم الكثرات الكثيفة و نفسه و انيته و ماهيته و هما بابان من ابواب الغيب

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 472 *»

و اخوان في الدلالة و الشهادة في العلوم فلذلك يدل علي التأييد الغيبي و القوة الغيبية و اخبار الغيب و الاشخاص و النفوس الغيبية و كوكبه القمر و السوط آية فلك زحل كوكب اميرالمؤمنين عليه السلام الباب الذي باطنه فيه الرحمه الحرارة و الرطوبة و ظاهره من قبله العذاب البرودة و اليبوسة فباطنه حيوة و ظاهره موت فالسوط بظاهره دليل العجلة مطلقاً و عدم التأني و الحزم و بهذا الاعتبار نحس و هو دليل حصول المطالب لاهل الوصال و الاتصال و دليل الحرمان لاهل الفصل و الانفصال و هو سعد اذا اتصل و نحس اذا انفصل و الجهد آية فلك المشتري دليل السعي و الجد في الامور و دليل الحزم و التدبير و العلم و في حال الاتصال دليل اتصال هذه الامور و في حال الانفصال دليل انفصالها و الندامة آية فلك المريخ و هي نحسة منحوسة و دليل الخسارة و البساط آية فلك الشمس سعد مسعود و دليل التأخر و التأمل و تعب الاول و راحه الاخر و الطريق دليل فلك الزهرة و آيته فهو دليل الخروج و الانفصال علي حسب طبع الزهرة و البيت آية فلك عطارد ممتزج فان كان بلافتل و عقد فهو بيت امن و امان و الا فهو بيت خطر و خذلان و الخارج هو آية فلك القمر يدل علي سرعة الحصول و بلوغ المأمول في الامور الخارجية و الدار آية كرة الاثير و فلك النار اليابس و كوكبه المريخ و هو الدال علي الدخول في حيزه و الحاصل آية كرة الهواء و كوكبه المشتري و دليل حصول المطالب علي احسن الوجوه و الحصار آية كرة الماء و كوكبه الزهرة يدل علي قرب حصول المطلوب للينته و عدم الوجود في العاجل و العدم آية كرة التراب و كوكبه عطارد و بقاء كل شيء علي حاله و عدم تغيير في الامور علي حسب طبع التراب فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك عرفت سعادة كل شيء و نحوسته و طبعه و مزاجه و منسوباته علي ما ذكرنا في كتابنا اسرار النقاط و كذلك استدل بقرانات الاشكال فانها علي طبق قرانات الكواكب مثلاً اذا اتصل اطريق بالبيت فهو قران سعد لانه علي حكم مقارنة الزهرة و عطارد و اذا تعلق البيت بالندامة فهو قران منحوس فانه في حكم مقارنه عطارد و المريخ و هكذا تعرف قرانات الاشكال

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 473 *»

و تستدل به علي الامور و من عرف كيفية ما ذكرنا من منسوبات الاشكال عرف جميع الاحكام بلا اشكال و لانطيل الكلام هيهنا لانا قدفصلنا ذلك في ساير كتبنا.

فصل: اعلم ان قرانات هذه الاشكال كثيرة لا طائل تحت احصائها الا انا نذكر نوع القرانات اما اقتران الاشكال السبعة وهي السوط و الجهد و الندامة و البساط و الطريق و البيت و الخارج التي هي اشكال الكواكب فظاهرة فان زحل والمريخ نحسان الا ان زحل هو النحس الاكبر و المريخ هو النحس الاصغر و المشتري و الزهرة سعدان الا ان المشتري هو السعد الاكبر و الزهرة هي السعد الاصغر و الشمس والقمر نيران سعدان و الشمس هي الاكبر و القمر هو الاصغر و عطارد ممتزج فهو مع السعد سعد و مع النحس نحس و قران ما فوق الشمس اعظم من قران مادون الشمس و قران الاعلي مع الادني متوسط و احكام هذه القرانات معلومة ان مقارنة النحسين نحس و السعدين سعد و مقارنة السعد و النحس تفيد النحوسة للسعد و السعادة للنحس و الغلبة للغالب و مقارنة النيرين ليس بصالح لخسوف الشمس و انمحاق القمر و اما مقارنة الكواكب مع العرش يفيد رفع القيود و التعينات و غلبة البساطة و ذلك مضر للعالم السفلي الذي كماله في تعيناته و اما مقارنة الكواكب مع شكل الكرسي فذلك يفيد لها قوة و كمالاً لقوة الكرسي و استيلائه فتزيد تلك المقارنة في بهائها ونورها فان لم‌يكن فيه فتل و عقد و اختلاط فهو من النفوس الشريفة القدسية و الا فمن النفوس الخبيثة السجينية و تفيد الاختلاط في الامور و عدم الصفا و اما مقارنة الكواكب مع السفليات فاعلم ان زحل بارد يابس علي مزاج التراب و كذا عطارد و المشتري حار رطب علي مزاج الهواء و المريخ حار يابس علي مزاج النار و كذا الشمس و الزهرة باردة رطبة علي مزاج الماء و كذا القمر فالدار نارية حارة يابسة و الحاصل هوائي حار رطب و الحصار مائي بارد رطب و العدم ترابي بارد يابس فاقتران كل كوكب مع مشاكل له في المزاج يدل علي القوة و مع المنافر يدل علي الضعف و ان كان قران الفلكية مع العنصرية في نفسه

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 474 *»

اضعف من قران الفلكية بعضها ببعض و اقتران العنصرية مع العرش و الكرسي فكما مر في قران الفلكية معهما و اعلم ان اتصال الاشكال قران و نظر و انفصالها انفصال و حذر و كل يدل علي شكله الا ان بعض القرانات لايقع في علم الخيوط لعدم زيادة الخيوط علي السبعة فلا شيء يقارن التراب ابداً و الجهد مثلاً لايقارن الحصار و هكذا فافهم.

فصل: اعلم ان السوط شكل زحل و برجه الجدي و الدلو ولكن الجدي له اذا اتصل و الدلو له اذا انفصل و الجهد و الحاصل شكلان للمشتري و برج الجهد القوس و برج الحاصل الحوت و الندامة و الدار شكلا المريخ و برج الندامة العقرب و برج الدار الحمل و البساط و السلام شكلا الشمس و برجهما الاسد و الطريق و الحصار شكلا الزهرة و برج الطريق الميزان و برج الحصار الثور و البيت و العدام شكلا عطارد و برج البيت السنبلة و برج العدم الجوزا و الخارج و الشاهد شكلا القمر و برجهما السرطان فاذا عرفت هذه المنسوبات و عرفت منسوبات كل واحد من الكواكب و البروج امكنك الاستدلال بكل شكل علي منسوبات الكواكب و البروج ان شاء الله فتدبر.

فصل: اعلم كلية ان الفتل الكثير و العقد الكثير دليل الابتلاء و التحير لانهما قيودان غير طبيعية منافيان مع المراد و الفتل الواحد و العقد الواحد دليل القوة في كل شكل لان قوة السفليات بحدودها و اعوانها و ازدحام الاشخاص الخارجية دليل التعطيل و ينقلب حكم الخارج بواسطة العقد و الفتل الي الثابت و الداخل و كذلك بالاتصال بالغير و اعلم كلية ان ارتباط الخيوط بعضها ببعض دليل الاتصال و الوجود و انفصالها دليل الانفصال و العدم و الشكل المحلول دليل الحركة و مذكر و الشكل المستدير المعقود دليل الثبات و القرار و مؤنث و الاتصال بالكلي اقوي من الاتصال بالجزئي البتة فلاحظ مدلول كل واحد و احكم عليه بالانفصال و الاتصال و الارتباط بين السعدين سعد و بين النحسين نحس و بين المختلفين

 

«* مكارم الابرار عربی جلد 29 صفحه 475 *»

ينقص نحوسة النحس و سعادة السعد و يحكم من دليلين منفصلين علي حالين و من المتصلين علي حال واحد و لو تدبرت في ما ذكرنا يحصل لك كليات هذا العلم و اعلم انه يحتاج الي حدس صايب و الكلام بمناسبة ‌المطالب والاشخاص و الحالات واعلم ان الله سبحانه ابي ان يظهر علي غيبه احداً الا من ارتضي من رسول فاذا حكمت بحكم فاشترط فيه البداء فان الاحكام المستنبطة من التفألات ليست باعظم من اخبار الانبياء علي نبينا و آله و عليهم السلام و كل ما لم‌يمض يحتمل فيه البداء و لذلك صارت هذه العلوم قليلة النفع. و نختم هيهنا الكلام كتبه العبد الاثيم و فرغ من تصنيفه ليلة الجمعة سلخ شهر ذيحجة من شهور سنة‌اثنتين و ستين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً تمت.