رسالة الاستیفاء
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 527 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلوة على محمد سيد المرسلين و على آله الطيبين الطاهرين و على اصحابه الاکرمين الانجبين.
و بعد؛ هذه تعليقات قد کتبها العبد الاثيم الجانى کريم بن ابرهيم الکرمانى على المقدمة الخامسة من کتاب الملل و النحل لمحمد الشهرستانى قد خدم بها حضرة من يشد اليه الرحال من اکناف الآفاق و يفد اليه الرجال شاخصة اليه الآماق اعنى به النحرير الاوحد و الحبر الامجد الذى قد خضع لرفعته رئوس الاعلام و نکس لعلوه هام العظام الکامل الفاضل العالم و السيد السند من آلهاشم السيدکاظم بن قاسم امد الله بنور فيوضه الانام و انار باشعة علومه الايام و ذلک بعد ما امر دام علاه الکاتب مع باعه القاصر فى هذه الفنون و قلة تدربه فى هذه الشئون انيشرحها و يوضحها و يحل عما فيها من المشکلات و يکشف عما انطوت عليه من المعضلات و يميز فيها الغث من السمين و يفرق بين البخس من الثمين و يبين فيها الحق من الباطل و يجتنب عما ليس له هنا کثير طائل مقتصراً على ايضاح نفس المراد مختصراً على بيان ما فيه من امر الاعداد.
و کان سبب ذلک انه لما وفد دار السلام بغداد فى سنة ثنتين و خمسين بعد المأتين و الالف و تواجه مع شيخ الاسلام و المسلمين و رئيس العلماء فى ذلک البلد الامين المفتى بالشرائع و السنن المقتداء [المقتدى ظ] فى الدين المؤتمن العالم المسعود السيدمحمود المفتى بذلک البلد المحروس سأله عن هذه المقدمة راجياً انيشرحها الاستاد دام ظله على رؤس العباد ذاکراً ان العلماء قد شرحوا هذا الکتاب شروحاً ولکن لميکشفوا عن هذه المقدمة لثامها و لميفضوا ختامها و ترجى [کذا] انيکتب عليها الاستاد دام علاه تعليقاً و تمثل بالمثل السائر کم ترک الاول للآخر و لما کان هو دام عزه اجل شأناً و اعظم مکاناً من انيلتفت الى امثال هذه المآرب او يعتنى باشباه هذه المطالب بل اجلاء تلامذته کثر الله امثالهم اعظم من انيغوروا
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 528 *»
فى هذه العلوم و اکرم من انيخوضوا فى هذه الرسوم فلا جرم وجهها اليه فبادر بالامتثال راجياً من الله المتعال انيجعلها راجحة فى ميزانه القويم و قسطاسه المستقيم فانه رحيم کريم فجعل کل فقرة من المقدمة متناً مصدراً بقال و کتب دونها تعليقها مصدراً باقول و لا قوة الا بالله العلى العظيم.
قال المصنف: المقدمة الخامسة، فى السبب الذى اوجب ترتيب هذا الکتاب على طريق الحساب و فيها اشارة الى مناهج الحساب.
اقول: لما عزم المصنف على ترتيب کتابه على نهج مغاير لمناهج المصنفين و مسالک المؤلفين حيث جعله على نظم دفاتر اهل الاستيفاء و الحساب و سلک فيه مسلک اهل الدواوين و الحساب اراد انيذکر فى هذه المقدمة السبب الباعث على هذا النظم الغريب و العلة الموجبة لهذا النمط العجيب و لما کان اغلب الناس عن هذا العلم غافلاً و عن دقائقه بل و جلائله ذاهلاً اراد انيبينه مجملاً فى صدر کتابه عسى انيرتفع عن وجه حسناء بديع نظمه النقاب و يکشف عن عذار غريب افکاره الحجاب.
قال: لما کان مبنى الحساب على الحصر و الاختصار و کان غرضى من تأليف هذا الکتاب حصر المذاهب مع الاختصار اخترت طريق الاستيفاء ترتيباً و قدرت اغراضى على مناهجه تقسيماً و تبويباً.
اقول: الحساب علم يستعلم منه استخراج المجهولات العددية من معلومات مخصوصة و مبناه على الحصر اى وضع للتحديد و تعيين المعدودات و تعدادها بالاعداد المعلومة و الاختصار لانه يکتفى بارقام جزئية عن کلمات کثيرة و لما کان غرض المؤلف حصر المذاهب مع الاختصار اختار طريق الاستيفاء و و هو علم يضبط به کليات الاصول الحسابية و جزئيات من ذلک مبوبة مفصلة لسهولة المأخذ و يسر الاطلاع و ذلک لانه اضبط العلوم فى حصر المعدودات و رد الجزئيات الى الکليات.
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 529 *»
قال: و اردت انابين کيفية طرق هذا العلم و کمية اقسامه لئلايظن بى حيث انا فقيه و متکلم اجنبى النظر فى مسالکه و مراسمه اعجمى العلم بمدارکه و معالمه فاٰثرت من طرق الحساب احکمها و احسنها و اقمت عليه من حجج البراهين اوضحها و امتنها و قدرتها على علم العدد و کان الواضع الاول منه استمد المدد.
اقول: قوله اٰثرت من طرق الحساب الخ هو طريق الاستيفاء و قوله قدرتها على علم العدد اى البراهين وزنتها بميزان العدد و استدللت به. قوله و کان الواضع الاول اى لايبعد انيکون الواضع الاول ايضاً استمد من علم العدد فى وضع الاستيفاء و ذلک لان العدد روح علم الاستيفاء و هو جسدها لانه خطوط و مدات موضوعة على مثال العدد و اوضاعه لتطابق اللفظ و المعنى و الصورة و الهيولى و الواضع الاول لهذا العلم الشريف هو اميرالمؤمنين على بن ابىطالب کرم الله تعالى وجهه وضعه لضبط حساب اموال المسلمين و اعدادهم ثم انتشر الى الکتّاب و ارباب الدواوين يداً بيد.
قال: فاقول مراتب الحساب يبتدى من واحد و ينتهى الى سبع و لايجاوزها البتة.
اقول: هذا له علة ظاهرة و علة باطنة اما العلة الظاهرة فلانهم قالوا فى تعريف العدد انه کمية هى نصف مجموع حاشيتيه فان الحاشية العليا تزيد على العدد بمقدار تنقص عنه الحاشية السفلى المساوية للعليا مثله فاذا جمعتهما يکون ضعف الوسطى لامحة فخرج الواحد عن حد الاعداد و لو انهم قالوا بأن الواحد ليس له معنى خاص فى المعدودات لانه يقال لکل معدود واحد بخلاف ساير الاعداد فهو ليس من قسم الاعداد و الا لماکان يصدق على ساير الاقسام لکان اولى و اليق لانه يخدش فى حدهم کما سيتلى عليک فى آخر المقدمة فترقب فاذا خرج الواحد قالوا لميصلح الاثنان للمبدئية لان المبدء يجب انيکون فرداً فالثلثة مبدء الاعداد على الحقيقة و هى اول الافراد و الاربعة اول الازواج بعدها و تابعها و ذلک ايضاً قول مجتث و حقيقته انيقال ان الاثنين الحقيقى الذى لا
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 530 *»
يکون ازيد منه معدوم ليس بموجود فانه اذا تحقق واحد و واحد و نظرت اليهما مقترناً حتى تقول اثنين تحصل بينهما نسبة ثالثة بها يکونان اثنيناً و اذا لمتلاحظ النسبة و الاقتران فلا اثنين بل واحد و واحد فعند تحقق الاثنين يتحقق الثلثة و الاثنان البحت ليس بموجود فالمبدء الثلثة و انما يقال واحد و اثنان عند العد لا ان المعدود حقيقة واحد او اثنان فلانه مرکب من اجزاء کثيرة فالمبدء الحقيقى الواقعى ذو ثلثة اجزاء و هو الفرد الاول و بعده الاربعة و هى الزوج الاول فاول ما يصدق عليه اسم الواحد الثلثة و اول ما يصدق عليه اسم الاثنين الاربعة و ذلک لان الثلثة حقيقة ثلثة واحدة و الاثنين اثنان اثنان و لايصدق اثنان على الثلثة فالثلثة لها جهة وحدة و جهة تکثّر و کذلک الاربعة لها جهة اثنينية و جهة اربعية فصارت الاصول الاول اربعة الواحد و الاثنين و الثلثة و الاربعة ثم يترکب من هذه الاصول جميع الفروع فاذا زدت الواحد على الاربعة حصلت الخمسة و هى العدد الزايد او الاثنين عليها حصلت الستة و هى العدد التام او الثلاثة عليها حصلت السبعة و هى العدد الکامل فهذه الطبقة الاولى فى الترکيب لانها قد ترکبت من عددين و هو اول مراتب الترکيب و لاتحصل الا هذه السبعة و ساير مراتب العدد يحصل فى الطبقات الاخر و هذه معنى قوله مراتب الحساب يتبدى من واحد و ينتهى الى سبع و لايجاوزها البتة هذا هو طريق الاستدلال الظاهر.
و اما الاستدلال بطريق الباطن ان الله سبحانه لميخلق فى صقع الامکان فرداً قائماً بذاته للذى اراد من الدلالة عليه کما وردت به الروايات على مصادرها آلاف التحيات لان الشىء اذا وجد فمقتضى کينونته انيکون له وجه الى ربه و وجه الى نفسه و جهة جامعة بينهما بها الشىء شىء و هذه الثلثة اجزاء مساوقة فى الوجود و التحقق و لذلک قالت الحکماء ان کل ممکن مثلث الکيان فالصادر الاول من المشية ثلثة و هو واحد من حيث ظهور سر وحدة الواحد الحق فيه فتقول شىء واحد و عند نظرک الى نفسه تقول ثلثة فهو سبحانه واحد لکن لا بتأويل عدد فان الواحد العددى فى التحليل ثلثة و هو سبحانه ليس کذلک و سيجىء زيادة بيان لهذا العماء.
و لما کان الشىء لايوجد الا بالايجاد و الانوجاد و هما يستلزمان
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 531 *»
حدوث کيفيات اربع قلنا ان اول الازواج اربعة. و تفصيل ذلک ان الايجاد هو حرکة الفاعل المتعلق بوجود الشىء و الحرکة تستلزم احداث الحرارة و المفعول ساکن يستلزم البرودة و کل واحد منهما قبل الانحلال للانعقاد معقود يابس فاذا دارت افلاک الايجاد على ارض القوابل امالت الحرارة الى البرودة بالنزول و امالت البرودة الى الحرارة بالصعود فانحلتا و حصلت فيهما الرطوبة ثم امتزجتا و انعقدتا مرة ثانية فصار الشىء موجوداً کذلک تقدير العزيز العليم فى کل شىء فهذه هى الکيفيات الاربع التى لابد لکل موجود منها و لذلک قالت الحکماء ان کل موجود مثلث الکيان مربع الکيفية فحصل لکل شىء اصول اربعة واحدية و اثنينية و ثلثية و اربعية ثم زادت التراکيب کلما نزل الاشياء و تکثرت فاقل مراتب الترکيب سبعة کما ذکرنا ثم سرى هذا السر فى جميع الاشياء فظهر فى الکتاب التکوينى فحصل المبادى السبعة و فى الکتاب التدوينى حصل السبع المثانى و فى الاعداد حصل الاصول السبعة.
و لما کان علم الاستيفاء ايضاً من العلوم التامة الکاملة قد وضعه صاحب الولاية المطلقة لضبط الحساب من الجمع و التفريق و هو حکيم مطلع على کمية الاشياء و کيفيتها و موصولها و مفصولها و ولى يعطى کل ذى حق حقه و يسوق الى کل مخلوق رزقه و عادل يضع کل شىء موضعه وضع ذلک على النظم الطبيعى السارى فى حقائق الموجودات ليکون الظاهر على طبق الباطن و الوصف على طبق الموصوف و اللفظ على طبق المعنى و الجسد على طبق الروح و الرسم على طبق المرسوم فجعل لضبط المعدودات اصولاً سبعة يتعين بها جنس الشىء و نوعه و صنفه و شخصه کما قرروه اهل المنطق من الکليات فى مراتب الشخص الواحد فقالوا اعم الاجناس للمحسوس الجسم المطلق و هو بمنزلة الواحد عند اهل الحساب لان کل عدد اذا لاحظته فى نفسه واحد و ليس بنفسه من العدد کذلک کل محسوس جسم و ليس هو احد الاقسام المميزة لانه المقسم و لايکون المقسم قسيم اقسامه و اخص منه برتبة الجسم النامى و هو بمنزلة الاثنين فان الجسم ينقسم اولاً الى نام و غير نام و لا ثالث و اخص منه الجسم المتحرک بالارادة
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 532 *»
الحساس و هو بمنزلة الثلثة لان الجسم ينقسم فى هذه الرتبة الى ثلثة غير نام و نام و حساس و لا رابع و اخص منه الناطق و هو بمنزلة الاربعة لان الجسم ينقسم هنا باربعة الثلثة و الناطق و لا خامس و هذا منتهى الاصول لانه ليس مولود اشرف من الانسان و ساير افراد الانسان لا حد له و هو اول الازواج و اکملها و اقرب الکثرات الى المبدء و اشرف مرکب تام قريب من البساطة و اخص منه يحصل بضم عرض عام اليه و هو العلم مثلاً و اخص منه الفقه و اخص منه زيد الفقيه و هو بمنزلة السبعة التى تشخصت و کملت فى الطبقة الاولى من الاعداد فيشترک جميع الاشياء فى الجسم الاول و يحصل التکثر شيئاً فشيئاً الى رتبة الانسان و بعد ذلک يتکثر الى حيث ينتهى و لا حد له. و کما قرروه اهل الطب مثلاً فى تشخيص المرض فيقولون اعم الاجناس العرض ثم المرض ثم المادى ثم الصفراوى ثم العفنى ثم داخل العروق ثم الغب فلايمکن تحديد الغب و ضبط انواعه و اجناسه العالية و الدانية الا بهذه الطريقة و ذلک سار فى کل معدود له جنس و فصل و نحن قد فصلنا و رددنا القول و کررنا لاظهار سريان السر فى جميع الخلق.
فلما کان کذلک جعل الولى؟ع؟ ايضاً علم الاستيفاء على هذا النظم الطبيعى وضعاً و صورة ليدل على الواقع بمادته و صورته فنقول اول الاجناس لعلم الاستيفاء الحساب و هو الاصل الاولى الذى جمع المراتب و هو بمنزلة الواحد فى العدد. و ثانيها منها الاصل و هو تاريج و توجيه فان الحساب اما لما يعطى او لما يؤخذ الاول تاريج و الثانى توجيه و هو بمنزلة الاثنين و ثالثها من ذلک الاصل و فيه بيان اقسام العطاء و الاخذ هل هو مستمرى ام اتفاقى ام حقوق و ذلک بمنزلة الثلثة و رابعها منها المطموس و فيه بيان اقسام کل واحد من الثلثة و اقل تقاسيمه اربعة فما فوق مثلاً هل المستمرى من المواجب او الوظائف او الزکوة او الخمس او غيرها و هذا فى رتبة الاربعة و خامسها من ذلک المرکب يعين اصناف کل قسم من اقسام الفوق و هو بمنزلة الخمسة. و سادسها يعين الفئة من الصنف و اقسامها و هو بمنزلة الستة. و سابعها يعين الشخص الخاص من الفئة و هذه الثلثة الاخيرة لا حد معيناً لها فالدفتر واحد و هو لاصل الحساب و له شطران شطر التاريج و شطر التوجيه و لکل شطر دواوين
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 533 *»
اقلها اثنان و ثلثة الى اربعة و لکل ديوان ابواب اقلها اربعة و لکل باب فصول غير محدودة و لکل فصل اجزاء و لکل جزء افراد و کل فرد لشخص خاص ففرد زيد الفقيه مثلاً من جزء الفقهاء من فصل العلماء من باب ارباب الوظائف من ديوان المستمريات من شطر التاريج من دفتر الحساب و هکذا عمرو و بکر حتى يتغير الجزء او الفصل او الباب او الديوان او الشطر و الدفتر دائم ابداً. هذا مجمل القول فيما لزم ذکره فى هذا المقام قبل الخوض فى المرام ليکون الطالب على بصيرة ثم نفصل ما يقتضيه تحت کل کلام من کلمات المؤلف.
قال: المرتبة الاولى صدر الحساب و هو الموضوع الاول الذى يرد عليه التقسيم الاول و هو فرد لا زوج له باعتبار و جملة تقبل التقسيم و التفصيل باعتبار فمن حيث انه فرد فهو لايستدعى اختاً تساويه فى الصورة و المدة فمن حيث هو جملة قابل للتقسيم حيث ينقسم الى قسمين و صورة المدة يجب انيکون من الطرف الى الطرف و يکتب تحتها حشواً مجملات التفاصيل و مرسلات التقدير و التقرير و النقل و التحويل و کليات وجوه الجمع و حکايات الالحاق و الموضوع و يکتب تحتها بارزاً من الطرف الايسر کميات مبالغه المجموع.
اقول: اخذ فى بيان مراتب السبع التى قررناها على سبيل الاجمال فقال المرتبة الاولى اى من مراتب السبع الرسمية التى تطابق المراتب السبع العددية فى المادة و الصورة صدر الحساب و هذا اسم ما يکتب فى صدر الفرد من مدة الحساب على سبيل العموم و هو جنس الاجناس و الموضوع الاول الذى يرد عليه جميع التقاسيم فنقول الحساب اما تاريج او توجيه کالواحد حيث کنت تقول اما فرد او زوج فهذا الحساب باعتبار سريانه فى جميع التقاسيم لا اخ له کما ان الواحد لا ثانى له ولکنه جملة تقبل التقسيم و التفصيل باعتبار ظهوره فى الاقسام لا باعتبار نفسه لانه کلى و الکلى عندنا ما لايقبل التجزية فى نفسه بل هو واحد دائماً لاينتصف و لاينقسم و لايتجزى و انما تقع التجزية فى ظهوراته کالواحد واحد دائماً و قد ظهر فى جميع المعدودات و الاعداد کما ترى ان کل شىء
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 534 *»
واحد من حيث الآئية و هو ظهور الواحد الاول فيه و مرکب من حيث نفسه فالثلثة مجزاة من حيث الثلثية و واحد من حيث الآئية للواحد الفرد فتقول ثلثة واحدة و اربعة واحدة. و کذلک الحساب کلى لايقبل القسمة من حيث نفسه و انما يقبل فى ظهوره بالجمع و الخرج فهو فى رتبته لايستدعى اخاً يساويه اما فى المادة فلما عرفت و اما فى الصورة لمطابقة الظاهر مع الباطن فلذلک وجب انتکون مدته من طرف الهامشة الى طرف الهامشة و يقتضى هذا المقام اننبين طريق اخذ الفرد و تقسيمه حتى يعلم مواضع المدات.
اعلم ان المستوفى اذا اراد تدوين حساب معين على النظم الطبيعى يجب انيأخذ فرداً من البياض و يجعل له هامشتين متساويتين يميناً و شمالاً ثم يقسم المتن بعشرة تقاسيم و يعلم على طول الفرد بما يؤثر فيه من غير لون خطوطاً متوازية فتصير الخطوط اثنىعشر و يکتب صدر الحساب من الخط الاول الى الثانىعشر و يکتب تحت هذا الصدر حشواً يساويه فى المدة و هو ما يکتب تحت المدة الاولى برقوم موضوعة لضبط الحساب من کليات ما يذکر فى الذيل تفاصيله و يکتب تحته من طرف اليسار بارزاً بخط متعارف يعرفه الفريقان تحت الحشو من طرف اليسار و هو بيان الحشو و توضيحه بالخط المتعارف و لذلک سمى بارزاً اى ظاهراً و سمى الحشو حشواً لزيادته مع وجود البارز الذى يقرؤه الفريقان ولکن ثبته للضبط و الصون عن الخلل و الدس و التحريف و الحک فيکتب بالارقام مجملات التفاصيل و مرسلات التقدير و التقرير اى مهملات الحساب و المقادير و المقررات و حکايات الالحاق و الموضوع فان الموضوع مثلاً هو النقود و الحساب واقع عليه و الدفتر له الا انه لحق به جنس آخر فيذکر هىٰهنا و يجب انيکتب البارز الذى هو استنطاق الحشو تحته من الطرف الايسر لانه تفصيله و ظهوره و قشره فيقتضى انيکون تحته و فى الايسر و تأتى صورته فترقب.
قال: المرتبة الثانية منها الاصل و شکلها محقق و هو التقسيم الاول الذى ورد على المجموع الاول و هو زوج ليس بفرد و يجب حصره فى قسمين لايعدوان
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 535 *»
ثالثاً و صورة المدة تجب انتکون اقصر من الصدر بقليل اذ الجزء اقل من الکل و يکتب تحتها حشواً تساويها فى المدة و ان لمتجب انتساويها فى المقدار.
اقول: تسمى المرتبة الثانية منها الاصل و شکلها محقق على هيئة الخط المتعارف بأنيکون مفتوح الميم و الهاء مستقيماً و مدلولها من جملة تلک التقادير و المجملات هذا لاصل لان من لبيان التبعيض و اول ما يبعض الجملة الصدرية هذا التبعيض و يجب حصره فى قسمين لانه اول عدد يحصل فى الوجود و صورة مدته تجب انتکون اقصر من الصدر بقليل فيکون من الخط الثانى الى الخط الحادىعشر اذا الجزء اقل من الکل و انما ذلک اذا اردت انيکون کل قسم منه له فرد خاص فيکتب القسم الخاص فى مدة واحدة کما ذکرنا و هذا هو المتعارف ففرد التاريج غير التوجيه و ان اردت جمعهما فى فرد فلک و لک انتجعل المدة اختين متقابلتين فالمدة الاولى من الثانى الى الخامس و المدة الثانية من الخامس الى الحادىعشر و يکتب تحتها حشواً تساويها فى المدة ان کانت مدة واحدة و الا فمدتان تحتهما و لايجب انيساوى الحشو منها الاصل فى المقدار لانه يکتب تحته مجمل ما فى الشطر لا مطلق ما اخذ و اعطى بخلاف الحشو الاول فانه مجمل جميع الحساب و انما ذلک اذا جعل الدفتر شطرين و الا يجب انيساويها فى المقدار ايضاً و سنکتب صورتها فيما بعد.
قال: المرتبة الثالثة من ذلک الاصل و شکله ايضاً محقق و هو التقسيم الثانى الذى ورد على الموضوع الاول و الثانى و ذلک لايجوز انينقص من قسمين و لايجوز انيزيد على اربعة اقسام و من جاوز من اهل الصنعة فقد اخطأ و ما علم وضع الحساب و سنذکر السبب فيه و صورة مدته اقصر من مدة منها الاصل بقليل و کذلک يکتب تحتها ما يليق بها حشواً و بارزاً.
اقول: المرتبة الثالثة تسمى من ذلک الاصل و شکله ايضاً محقق اى مفتوح الميم منفصلة الکلمة الاولى عن الثانية و مدلوله ان ما يکتب فى هذه الرتبة بعض الاصل الاول و اجزاؤه و قد ذکر ان العدد فى هذه الرتبة اربعة فلايجوز انيکون
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 536 *»
اقل من قسمين للزوم حصول التقسيم و لا انيکون اکثر من اربعة لان الرتبة الثالثة اربعة فى الاعداد اذا الواحد لميکن من العدد و يجب انيکون الظاهر على طبق الباطن و الصورة على وفق المعنى و يکتب مدتها واحدة اذا جعلت لکل قسم فرداً و الا تکتب مدات بحسب القسمة تحت اقسام منها الاصل و يکتب تحتها الحشو و البارز بحسب ما يکون و يجب انيکتب من ذلک الاصل من الخط الثالث الى العاشر و حشوه حشو جميع ما فى الديوان و لايجب انيطابق ما فى الفرد کما کان حشو منها الاصل جميع ما فى الشطر و ان کان مخالفاً لما فى الفرد و کذلک حشو صدر الحساب فانه موافق تمام الدفتر فتدبر.
قال: المرتبة الرابعة المطموس و شکلها هکذا: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 536@
و ذلک يجوز انيجاوز الاربعة و ان احسن الطرق انيقتصر على الاقل و مدتها اقصر مما مضى.
اقول: المرتبة الرابعة منها يکتب مطموساً اى من غير عين مفتوحة فى الميم و انها ليتميز عن منها الاصل و هو يکتب مفتوحة العين فهذه الرتبة لتقسيم من ذلک الاصل ففى هذه الرتبة اقل اقسامه اربعة و ربما تزيد و يکتب مدتها واحدة ان کان يجعل لکل باب فرداً و الا فيکتب مدات متعددة تحت کل قسم من اقسام الفوق و يبدء المدة من الخط الرابع الى التاسع و ىکتب زوجها تحتها مساوياً لها و البارز تحته من اليسار.
قال: المرتبة الخامسة من ذلک الاصل المطموس و شکلها: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 536@
و يجوز فيه التقسيم الى حيث ينتهى.
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 537 *»
اقول: هذه الرتبة تسمى من ذلک الاصل الثانى و مدلوله ابعاض المطموس الاول و يطمس ليتميز عن من ذلک الاصل المحقق و هو يعين صنف المطموس و لما کان فى مقام التکرار لاينتهى الى حد فيجوز فى اقسام: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 537@
المطموس اى حد کان فتکتب مدته من الخط الخامس الى الثامن و تکتب مدة واحدة اذا جعلت لکل فصل فرداً و الا فبعدد الفصول.
قال: السادسة المعوج و شکله: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 537@
و ذلک يجوز الى حيث ينتهى التفصيل.
اقول: هذه الرتبة تقابل الستة فى العدد و هى مقام التکثر و التکرار فيجوز فيها التقاسيم باى حد کانت و صورتها معوجة لتتميز عن اختيها و ينبغى انتکون مدتها اقصر من منذلک المطموس يعنى من الخط السادس الى السابع و يکتب تحتها حشواً تساويها و مدتها واحدة ان کان لکل جزء فرد و الا فبعدد الاجزاء و انما اقتصر المصنف فى هذه المراتب اتکالاً على القانون الثابت.
قال: و المرتبة السابعة المعقد و شکله هکذا: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 537@
ولکنه يمد من الطرف الى الطرف لا على انه اخت صدر الحساب بل من حيث انها النهاية التى تشاکل البداية فهذه کيفية صورة نقشاً و کمية و لکل قسم من الابواب اخت تقابله و زوج يساويه فى المدة و لايجوز اغفال ذلک بحال.
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 538 *»
اقول: و المرتبة السابعة هى التى تقابل السبعة فى الاعداد و سماها بالمعقد فان من ذلک الاصل الاول کان يکتب محققاً و الثانى مطموساً فغيرت هيئة الثالث لتتميز عن اختيها و يکتب مدتها من الطرف الى الطرف لا لانها اخت صدر الحساب بل لانها محل التقاسيم الکثيرة و ذکر الاحوالات و الاوضاع لکل قسم و هى الغاية من کتب الفرد و ينبغى انيذکر هنا تفاصيل الاقسام فيمد من الطرف الى الطرف و ما ذکره المصنف استحسان لانه لا مشاکلة فى نهاية الکثرة لصرف الوحدة و صورة الکل هذا: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 538@
و ينبغى انيکتب تحت کل حشو و بارز ما قررنا من الاعمال و التفصيل و هذا الذى ذکرنا صورة القانون و دستور العمل و الا فحين العمل يکتب مرادات هذه الابواب و هذه للتعليم و التعلم فصورة العمل مثلاً فى الحساب هکذا:
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 539 *»
@هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 539@
فاذا عرفت ذلک فاعلم ان المصنف رتب کتابه على هذه الطريقة و لنمثل لک مثاله حتى تعرف ذلک عن بصيرة و هو هکذا: @هنا شکل فى نسخة مکارم فى المجلد السادس و العشرين صفحة 539@
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 540 *»
فاذا تتبعت کتابه ترى کله موضوعاً على هذا القانون فراجع فيه و انظر تجده على ما قلنا و اما عدم تکراره صدر الحساب و منها الاصل و ساير الابواب على رأس کل شخص من المذاهب فلاجل ان الکتاب کله کفرد واحد قد ذکر فيه الملل و النحل فاکتفى بصدر حساب واحد ثم ذکر بعده منها الاصل و هو اثنان ارباب الديانات و ارباب الاهواء و ذکر تحت کل واحد من ذلک الاصل و هو کما ذکرنا اقله ثلثة فکتب تحت ارباب الديانات المسلمين و اهل الکتاب و من له شبه کتاب و تحت ارباب الاهواء المعطلة و المحصلة و الصابئية ثم ذکر تحت کل واحدة من هذه الست من ذلک الاصل اقساماً يزيد على اربعة و هکذا و تحت کل قسم منها المطموس و تحت کل قسم من منها المطموس اقسام صدرها بمنذلک المرکب و کتب اقسام کل قسم من منذلک المرکب تحته و صدرها بمنها المعوج و کتب تحته اقسامه و صدر کل قسم بمنذلک المعقد و کتب تحت کل قسم من هذه الاقسام حشواً مجملات الاحوال و کلياتها و بارزاً تفاصيلها فهذه ما اخترعها المؤلف من وضع الکتاب على علم الاستيفاء.
قال: و الحساب تاريج و توجيه و الآن نذکر کلية هذه الصورة و لم انحصرت من ذلک الاصل فى اربعة و لم خرجت الاقسام الاخر عن الحصر.
اقول: ان الحساب اما حساب ما يعطى او ما يؤخذ و العطاء يسمى اوارجه و هى معرب آواره و هى التفرقة و سمى ديوان العطاء بالاوارجه لانه ديوان ضبط حساب ما فرق فى الناس ثم صاغت العرب منها التاريج بمعنى التفريق و الاخذ سمى بالتوجيه و ذلک لانه وجه الى کل احد حوالات تؤخذ منهم و سمى ديوان الاخذ بديوان التوجيه و الکل من الدفتر المطلق بالحساب و کل واحد من التاريج و التوجيه شطر من الدفتر.
قال: فاقول ان العقلاء الذين تکلموا فى علم العدد و الحساب اختلفوا فى الواحد أ هو من العدد ام هو من مبدء العدد و ليس داخلاً فى العدد و هذا الاختلاف
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 541 *»
انما نشأ من اشتراک لفظ واحد فالواحد يطلق و يراد به ما يترکب منه العدد فان الاثنين لا معنى له الا واحد مکرر و اول تکرر و کذلک الثلثة و الاربعة و يطلق و يراد به ما يحصل منه العدد اى علته و لايدخل فى العدد اى لايترکب منه العدد و قد تلازم الواحدية جميع الاعداد لا على ان العدد ترکب منها بل کل موجود فهو جنسه او نوعه او شخصه واحد يقال انسان واحد و شخص واحد و فى العدد کذلک فان الثلثة ثلثة واحدة فالوحدة بالمعنى الاول داخلة فى العدد و بالمعنى الثانى علة للعدد و بالمعنى الثالث ملازمة للعدد.
اقول: قد اختلفت علماء الحساب فى الواحد هل هو من العدد ام لا و ذلک لانهم لميردوا منهلاً عذباً و لميشربوا ماء غدقاً و لميستنيروا من مشکوة الانوار و لمتستفيضوا من فوارة الاقدار و نحن نذکر انشاءاللهتعالى شطراً مما استفدناه من علوم سادات الورى و نظهر من لمعة من قبسات انوار الهدى ليکون حلاً لعقد هذا المشکل و شفاء لغل هذا المعضل و هو ان الواحد حقيقة کلى واحد ليس فيه تعدد بوجه من الوجوه ليس فيه حيث و جهة و اعتبار و اعتبار و لايقبل التجزية و التقسيم ابداً لفقدان الجهات و الحيوث فيه فاذا ليس له نصف و لا ثلث و لا ربع و لا کسر من الکسور و کذلک لايتکرر هو بنفسه بالضرورة لانه واحد و ليس شىء معه من جنسه يماثله فيصران اثنيناً فاذا لايعد و لايحد فاذا ليس بعدد و کل ما سواه مرکب من حيث و حيث و جهة و جهة و اعتبار و اعتبار و اقل مراتب ترکيبها اثنان فليس واحد سواه حقيقة ابداً فلا اشتراک فى لفظ الواحد خلافاً لما ذکره المصنف هىٰهنا لا معنى و لا لفظاً اما معنى فلما عرفت من ان الواحد الذى يصدق عليه اسم الواحد حقيقة هو ذلک الکلى الاولى و ان ما سواه مرکب مجزئ و اقل اجزاء الترکيب اثنان فلا جامع بين المرکب و البسيط بوجه و اما الاشتراک اللفظى فلان ذلک الکلى الذى قلنا ليس فيه جهة و حيث لايجوز انيکون له تميز فى ذاته لان التميز بالحدود و الصور و هو يستلزم الجهات و الحيوث و هى تستلزم التکثر و الترکيب و هو ضد الوحدة فاذ لا تميز لا اسم له حقيقة فى مرتبته و انما الاسم لظهوره و ظهوره غيره فى رتبة الآثار و هو جهة کل واحد من الآثار اليه فاذا تقول
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 542 *»
لکل واحد من الاعداد من حيث الوحدة واحد کما تقول للاثنين من حيث الوحدة واحد و للثلثة من ذلک الحيث واحد و للاربعة واحد و للخمسة واحد فليس فى رتبة الآثار واحد بسيط ابداً و انما يسمى کل شىء من حيث وحدته واحد و اذا لوحظ مع واحد آخر مثله و لوحظ النسبة بينهما قيل اثنان و ان کان کل واحد مرکباً من الف الف جزء فللالف تقول الف واحد و اذا ضممت اليه مثله تقول الفان و اذا ضممت اليهما الفاً آخر تقول ثلثة آلاف و الفاً آخر تقول اربعة آلاف فالواحد حقيقة صفة کل شىء من حيث مؤثره و من حيث وحدته فيما هو عليه و ليس واحد بسيط لا جزء له فى الاکوان ابداً و انما يسمى الشىء واحداً من حيث مؤثره و هو ظهور المؤثر فيه فالمسمى به حقيقة ظهور المؤثر و الشىء من حيث نفسه مرکب و قلنا ان اقل اجزاء الترکيب من جزئين فاذا مبدء الاکوان من اثنين و انما الواحد ظهور المؤثر فى الاشياء سواء کانت مرکبة من جزئين او ثلثة او اربعة او ازيد الى ما لا نهاية له فاذا لاحظت الشىء من حيث ظهور المؤثر فيه تقول واحد و اذا لاحظته من نفسه و اقتران بعض اجزائيه ببعض تقول اثنان و ثلثة و اربعة و هکذا و اذا لاحظت الاجزاء من حيث ظهور المؤثر فيها فکل واحد واحد و هکذا فافرض الواحد مثلاً ثلثين فانه ثلثون واحداً و هذا له اجزاء کالنصف فتقول لخمسة عشر نصف واحد و لاخته نصف واحد و اذا لاحظت النصفين معاً تقول اثنان و هکذا لکل عشر منه ثلث واحد و للمجموع ثلثة و هکذا لکل خمسة تقول سدس واحد و تقول لسدسين اثنان و هکذا ثلثة اسداس و اربعة اسداس و خمسة اسداس و للمجموع ستة فکل شىء تتوارد عليه هذه الاسماء العددية باعتبارات و جهات و حيوث و کلها صحيح واقع الا الواحد الحقيقى فليس فيه اجزاء ابداً کما عرفت الا انيطلق على حقايق الاشياء لا من حيث الاشياء بل من حيث الظهورية للمؤثر فانه يقال له واحد حقيقة فانه ليس شىء معه و ليس بمرکب و لا مميز و لا محدود فهو الواحد حقيقة و هو خارج عن حد النسبة و المعدودية و ليس من العدد و انما العدد هو الکم المنفصل من النسب المتصلة بالاشياء عند قراناتها و کل شىء من حيث الآئية واحد کما عرفت. فقول المصنف هذا الاختلاف انما نشأ
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 543 *»
من اشتراک لفظ الواحد باطل اذ لايطلق على الحقيقة الا على ظهور المؤثر الکلى و انما يظهر هذا الظهور فى الافراد المختلفة کالانسان الظاهر فى زيد و عمرو و بکر و تقول لکل واحد انسان و لايقال لهذا اشتراک فان الانسان حقيقة اسم ذلک الکلى الحقيقى الخارجى و يسمى هذه الافراد به لظهوره فيها و ليست بقسيم لها حتى يصدق عليه لفظ انسان و على الافراد على الاشتراک نعم تشترک الافراد فى لفظ انسان اشتراکاً معنوياً و انما المصنف ادخل اطلاق الواحد على العلة و على ما يترکب منه العدد فى الاشتراک و هذا باطل.
قوله فالواحد يطلق و يراد به ما يترکب منه العدد فان الاثنين لا معنى له الا واحد مکرر و اول تکرر و کذلک الثلثة و الاربعة و انت خبير بأن الواحد کما يطلق على ما ترکب منه الاثنان يطلق على الاثنين فان الاربعة مرکبة من اثنينين فالاربعة اثنان او تقول للاربعة اربعة واحد و للثمانية اربعتان اثنتان فهذا الاطلاق هو ما قال من القسم الثالث و قد تلازم الواحدية جميع الاعداد لا على ان العدد ترکب منها بل کل موجود فهو جنسه او نوعه او شخصه واحد و فى العدد کذلک فان الثلثة ثلثة واحدة فلا تنافى بين الاطلاقين فان الواحد الذى ترکب منه الاثنان غير معلوم انه جنس واحد او نوع واحد او شخص واحد و قد اسلفنا اليک ان الواحد الذى لا جزء له ليس فى الاکوان فاذا اتحد الاطلاقان بکل اعتبار فاطلاقه على ما ترکب منه الاربعة کاطلاقه على اثنين ترکب منه الاربعة فان الواحد الذى ترکب منه الاربعة لايمکن انيکون بسيطاً فاذا لميکن بسيطاً کان مرکباً و اقل اجزائه اثنان فاطلاقه على ما ترکب منه الاثنان هو اطلاقه على الاثنين و الاثنان قد اطلق حينئذ على اربع فافهم فانه لايخلو من دقة.
و قوله و يطلق و يراد به ما يحصل منه العدد اى علته و لايدخل فى العدد اى لايترکب منه العدد هذا الاطلاق صحيح لا ريب فيه لکن ليس اطلاق الواحد عليه و على ما ذکرنا بالاشتراک و ليس هذا ايضاً على اطلاقه فيطلق على ذات العلة فانه کما ذکرنا باطل بل على ظهورها و ظهورها هو جهة آثارها من المعدودات و الاعداد اليه او هو ذلک الذى ذکرنا فلا اطلاق للواحد الا واحداً و قول القائلين
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 544 *»
بأن الواحد من العدد باطل لا وجه له و کذلک قول المصنف و انما الحق ما ذکرناه فخذ به و کن من الشاکرين.
و انما العلة التى ذکروها علماء الحساب من ان العدد ما کان نصف مجموع حاشيتيه فليس الواحد من العدد فهو تسويل صورى حيث اخرجوا الکسور من العدد و انت قد علمت فى مطاوى کلماتنا ان الکسر و الصحة امر اعتبارى فانک اذا لاحظت العدد بالنسبة الى فوقه يکون کسراً و الى ما دونه يکون صحيحاً و ان الاشياء فى حقايقها وحدات اذا لاحظت اقتران بعضها مع بعض تنتزع نسبة من اقترانها و تسميها باسم هو واحد من الاعداد کما اذا لاحظت واحداً و واحداً و واحداً و لاحظتها من حيث الاقتران تقول لها ثلثة و اذا لاحظت نسبة هذه الثلثة الى التسعة تقول ثلث او الى الاثنىعشر تقول ربع و اذا لاحظت الواحد مع الثلثة تقول ثلث فهذه الکسور و الصحاح امور نسبية اعتبارية فاذا تعريفهم يشمل الواحد ايضاً و يکون الواحد على تعريفهم من العدد لان العدد ما ينقص شطره الاسفل عنه برتبة و يزيد شطره الاعلى عليه برتبة فالواحد شطره الاسفل نصف و شطره الاعلى واحد و نصف لان الواحد لو کان اطلق على اثنين مثلاً کان نصفه واحد و فوقه ثلثة فالثلاثة واحد و نصف على انيکون الواحد اثنين فاذا جمعت النصف و الواحد و النصف يکون اثنين و الواحد نصفه فانا قلنا ان کان المراد من الواحد الواحد الحقيقى فلا نصف له و ان کان الواحد العددى فيطلق على کل عدد فى نفسه فوقه بنسبته و تحته بنسبته کما ذکر.
قال: و ليس من الاقسام الثلثة قسم يطلق على البارى معناه فهو واحد لا کالاحاد اى هذه الوحدات و الکثرات منه وجدت و يستحيل عليه الانقسام بوجه من وجوه القسمة.
اقول: هذا کلام حق لا مرية فيه فان الکلى الذى ذکرنا اذا لميصدق عليه اسم الواحد مع انه خلقه و عبده رتقه و فتقه بيده بدءه منه و عوده اليه لايمکن انيطلق على البارى تعالى و هو فوق انيکون له اسم و رسم و حد و وصف و هذه
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 545 *»
الوحدات و الکثرات قد وجدت من آثار فعله و مشيته فکيف يجوز انيجرى عليه ما هو اجراه و انيعود فيه ما هو ابداه و يستحيل عليه الانقسام بوجه من وجوه القسمة هذا الکلام فى نفسه حق الا انه لا دخل له هىٰهنا فان الواحد الذى ايضاً من خلقه يستحيل عليه القسمة من حيث نفسه و انما نقول الواحد اما زوج او فرد بالنسبة الى ظهوره لا نفسه فان نفسه فرد لا الفرد الذى اخوه الزوج بل الفرد الذى لا زوج فى مقابله کما کان واحداً لا اثنان بعده فاتصافه سبحانه بالواحد لا بتأويل عدد بل بتأويل التنزيه عن الترکيب و الاجزاء.
قال: و اکثر اصحاب العدد على ان الواحد لايدخل فى العدد و مصدره الاول اثنان و هو ينقسم الى زوج و فرد فالفرد الاول ثلثة و الزوج الاول اربعة و ما وراء الاربعة فهو مکرر کالخمسة فانها مرکبة من عدد و فرد و يسمى العدد الزايد و الستة مرکبة من فردين و يسمى العدد التام و السبعة مرکبة من فرد و زوج و يسمى العدد الکامل و الثمانية مرکبة من زوجين بداية اخرى و ليس ذلک من غرضنا.
اقول: قوله و هو اى العدد ظاهراً ولکن لو ارجع الى الواحد اسد و اقوم و قوله فالفرد الاول ثلثة فظاهر و الزوج الاول اربعة فعلى الظاهر انه اذا قلنا بأن الواحد ليس بفرد لميصلح انيکون اثنان مبدء الاعداد لان المبدء ينبغى انيکون فرداً و الزوج يشهد بتقدم فرد عليه فکان المبدء ثلثة اذ لا فرد قبله و صار الزوج الاول اربعة للزوم تأخره عن الفرد.
و اما باطناً فان الشىء اذا وجد اول ما يتحقق فيه من الحيوث ثلثة جهة من ربه و جهة من نفسه و جهة جامعة بها الشىء واحد فاذا تحقق هذه الثلثة تتحقق الاربعة لحصول الکيفيات الاربعة کما ذکرنا فاول الموجودات مثلث الکيان و اجزاؤها تخلق على التساوق فلايخلق جزء قبل جزء فــانما امره اذا اراد شيئاً انيقول له کن فيکون فالاثنان الحقيقى الذى لميکن ثلثة حقيقية ليس فى الوجود لانه مستلزم للتفکيک المستلزم لعدم الثبات و القوام المستلزم للانعدام ففى العدد الظاهر المشاهد من کون الاثنين قبل الثلاثة فلما قدمنا ان الاثنين اسم لمرکبين و لعل کل
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 546 *»
مرکب له الف الف جزء فالفرق بين الواحد و الاثنين ان الواحد الحقيقى موجود و الاثنين الحقيقى معدوم فالواحد الحقيقى صفة الرب و مبدء الخلق من الثلثة و هى اول الافراد و الاربعة اول الازواج فاهل العدد رأوا ظاهره و غفلوا عن باطنه و نحن قد منح الله علينا ظاهره و باطنه و قد قدمنا اليک شيئاً من ذلک. فاصل العدد الواحد و الاثنان و الثلثة و الاربعة لما ذکرنا ان الشىء اما ينظر اليه من حيث هويته و وحدته فيقال واحد او من حيث انه مرکب من جهة الى ربه و جهة الى نفسه فيقال اثنان و اليهما مع الهوية التى هى حاصل الترکيب فيقال ثلثة او الى کيفياته فيقال اربعة فهذه اول اعداد يحصل فى الشىء الواحد و اقل تراکيبه فصارت هذه الاربعة اصولاً لساير الکثرات فالخمسة مرکبة من واحد و اربعة لا من اثنين و ثلثة کما قاله المصنف و الستة من اثنين و اربعة و ما قاله المصنف انه من الفردين غلط لانه تضعيف و هو من الرتبة الثانية کما ذکرنا سابقاً و السبعة مرکبة من فرد و زوج و سميت الخمسة بالزايد لانها تزيد على کسورها و سميت الستة تامة لان عدد کسورها تساوى نفسها و سميت السبعة کاملة لانها تجمع الفرد الاول و الزوج الاول و قوله و الثمانية فقد ذکرناها سابقاً فراجع.
قال: فصار الحساب فى مقابلة الواحد الذى هو علة العدد و ليس يدخل فيه و لذلک هو فرد لا اخت له و لما کان العدد منقسماً الى فرد و زوج صار من ذلک الاصل محصوراً فى اربعة فان الفرد الاول ثلثة و الزوج الاول اربعة و هى النهاية و ما عداها مرکب منها.
اقول: قوله فصار الحساب اى صدر الحساب الذى يکتب اولاً فى مقابلة الواحد فى العدد لا الذى هو علة العدد فان علة العدد لاتطلق عليه واحد الا من حيث ظهوره فى الآثار و المعلولات و قد عرفت و لذلک يکتب فرداً بلا اخ يعنى بلا مدة معه فى رتبته و صار منها الاصل له اخ لانه فى مقام اثنين و صار من ذلک يجوز انيکون له ثلث اخوة الى اربعة لان الواحد ينقسم فى الرتبة الثالثة الى زوج و فرد و لما کان ما عداها مرکبات جاز انيکون فى مقابلتها من الاصول
«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 547 *»
اخوات کثيرة.
قال: و کان البسائط العامة الکلية فى العدد واحد و اثنان و ثلثة و اربعة و هى الکمال و ما زاد عليها فمرکبات کلها و لا حصر لها فلذلک لاينحصر الابواب الاخر فى عدد معلوم بل تتناهى بما ينتهى به الحساب.
اقول: قوله فکان البسائط اى البسائط العددية التى لمتحصل من ترکيب عدد و عدد و لذلک صارت الابواب الاربعة محصورة بحصرها و لما کانت الزايدة عليها بالترکيب و هو محل الکثرة لميجعل للثلثة الاخر حد خاص.
و لما کان باقى المقدمة خارجاً عن حد السؤال اقتصرنا بما انتهى اليه المقال و الحمد لله العزيز المتعال و صلى الله على محمد و آله خير آل و اصحابه الکرام خير رجال و المرجو انيسمحوا اذا کان فى الالفاظ تحريف و تصحيف فان النسخة التى نقلت عنها المقدمة مغلوطة جداً.
کتب ذلک العبد الاثيم کريم بن ابرهيم الکرمانى و ختمه فى ليلة الاربعاء لاحدى و عشرين مضين من رجب المرجب من سنة الف و مأتين و اثنتين و خمسين حامداً مصلياً مستغفراً.
تمــــــــــــــــــــــــــــت