26-05 مکارم الابرار المجلد السادس والعشرون ـ رسالة في علم الحرکات ـ مقابله

 

 

رسالة فی علم الحرکت

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 287 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين

و بعد؛ يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم ان هذه رسالة‌ مختصرة کتبتها فى علم الحرکات و هو علم مبسوط کثير المنافع غزير الفوائد کتبتها لرياضة النفوس و تشحيذ الاذهان و لتفرع کثير من المسائل الحکمية من الالهية و الطبيعية عليها و هى مشتملة على مقدمة و فصول:

المقدمة

فى بيان معنى الحرکة بقول مطلق

اعلم ان الحرکة هى الصفة الاولى المتغيرة فى الآن الثانى عما کان فى الآن الاول للشىء و الکمال الاول الذى لايسبقه کمال و ينتهى اليه کل کمال و جميع ما دونه مجال و مظاهر له و له فى کل مجلى اسم و رسم على حسبه و بها اى بتلک الصفة يتصف الشىء بها و بها يتصف بغيرها به و هذا البيان اعلى و ادقّ و احسن من جميع ماسواه مما کتبناه نحن فى ساير کتبنا الغير الموضوعة فى هذا العلم بخصوصه و شرح ما يتعلق به فانا نحن فى هذا الکتاب نريد بيان هذا العلم و شرح حقيقته من مبدئه الى منتهاه و اما فى ساير کتبنا اذا ذکرنا الحرکة ذکرنا منها بقدر الحاجة فى ذلک الموضع و على ما يقتضيه المقام فالحرکة هى الصفة الاولى تظهر بنفسها و تتصف الذات بها بها لا بغيرها فان الاتصاف بها بالذات غير معقول و ليس فوقها صفة و فعل و حرکة فلابد من ان‌تتصف الذات بها بها اذ هى حرکة بنفسها فهذه هى الحرکة البسيطة الحقيقية فاذا ظهرت فى الضرب سميت بضرب او فى النصر سميت بنصر او فى التجلى سميت بتجلى و هکذا کما ان اول صفة منک الحرکة و تظهر فى قيامک و قعودک و نطقک و اکلک و شربک و تنصبغ فى کل

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 288 *»

واحد منها و تتهيأ بهيأته و تسمى باسمه فتقول قمت و قعدت و نطقت و اکلت و شربت.

و صفة ظهور الحرکة البسيطة بهذه التعينات الخاصة بعيدة المنال ولکنى اشير الى قدر الميسور. و اعلم ان الاحد جل شأنه کامل غير ناقص و مقتضى کماله ان لايفقد شيئاً من صنوف الظهور فى کون ان اقتضى الحکمة کونه او امکان ان اقتضت امکانه دون کونه و قولى صنوف الظهور اريد به المقبولات و القوابل جميعها بجميع جهاتها و حيوثها و قراناتها و جميع ما لها و منها و اليها و بها مما يدرک بمشعر او يمکن ان‌يدرک و ذلک ان الاحد ما لايحد و لايتناهى و يظهر عدم تناهيه بعدم تناهى ظهوره فى جميع جهات الظهور و لابد و ان‌يکون ظهوره الغير المتناهى بلا بمبدء و لا منتهى فان الاحد لا مبدأ له و لا منتهى و هکذا وصف نفسه اذ وصف جل و عز فهو امر مستقر و نور مستطر لم‌يسبقه عدم و لم‌يجر عليه قلم و ذلک الظهور الغير المتناهى من حيث الاعلى المهيمن على الساير حرکة بسيطة و مشية مخلوقة ‌بنفسها و هو قوله خلق الله المشية بنفسها أ لم‌تسمع قول الرضا؟ع؟ الفعل هو حرکة المسمى و من حيث دونه انوار له و آثار هى اغصانه و اوراقه و هى مظاهر ينصبغ نوره فيها و يتشکل و يتسمى باسماء ففى الضرب يقال له ضرب و فى النصر نصر و هکذا.

بالجملة الحرکة الاولى هى حرکة الفاعل نحو المفعول و هى الفعل و اما الحرکة الثانية فهى الحرکة الانفعالية التى فى الاشياء و هى بمنزلة الانکسار و الحرکة الاولى بمنزلة الکسر و کل واحدة منهما شرط حصول الاخرى و هما معاً شرطا حصول الحاصل و هما فى کل مرتبة و فى کل شىء على حسبه حتى ان الحرکة الاولى فى حدها و مقامها لکونها غير الاحد و مخلوقاً بنفسها تکون هى الحرکة الانفعالية لنفسها کما انها هى الحرکة الفعلية لنفسها فهما فيها فى غاية الاتحاد الامکانى ولکن لما ظهرت بفعلياتها و صفاتها و آثارها تفککتا شيئاً بعد شىء حتى امتازتا و تعينتا درجة بعد درجة. و نحن لما رأينا فى فعلياتها و آثارها الحرکتين الممتازين عرفنا ان الحرکة الاولى ايضاً مرکبة و لماکانت هى الاحدية السارية فى الفعليات عرفنا انها فى غاية البساطة الامکانية.

و من ذلک يعلم ان

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 289 *»

الحوادث ليست بفعليات القديم جل شأنه و ظهوراته و صفاته اذ لو کانت کذلک لدلت على حدوث الذات و ترکيبها و لو على ابسط وجه و انما مردّ جميع الاشياء الى تلک الصفة الاولى و الحرکة الاولية و مردها الى نفسها و من آياته ان‌تقوم السماء و الارض بامره، کل شىء سواک قائم بامرک نعم کل‌ما يرجع الى امره يقال انه راجع اليه سبحانه لانه ليس لنفسه و انما هو لله جل و عز و هذا معنى الا الى الله تصير الامور و معنى قوله انا لله و انا اليه راجعون. و لاتزعم من عدم ارجاعنا الامور الى ذاته سبحانه انا قاصرون فى معرفة التوحيد بل من کان ذا ذوق سليم يعرف انا قد صعدنا ذرى المعرفة بتقديسه جل و عز و تنزيهه ما لايحتمله غيرنا و الحمدلله و لا شک ان الابلغ فى معرفة الاحد اشدهم تقديساً لا من يشوبه جل و عز بالاضافات و الحيوث و الاعتبارات.

بالجملة کذلک الکل ظهور امره و نور امره و هو اجل من ان‌يکون له ظهور او نور و انما يضاف اليه الظهور لاجل اضمحلال امره لديه و عدم کونه لنفسه و اعطيک اصلاً لاتجد احسن منه فى هذا المقام و هو ان جميع ما سوى الله سبحانه ممتنع بحت معه فلايذکر معه سواه و لايمکن نقل الکلام المرتبط منه الى خلقه ابداً ابداً فکيف يضاف اليه شىء او يرتبط به شىء او يذکر معه شىء و مرادى من عدم امکان نقل الکلام ان‌تصفه و تقدسه ثم تقول فصنع کذا او ظهر بکذا فيکون بين قولک فى خلقه و بين قولک فيه رابط حاشا اذ لا ارتباط بين الممتنع و الواجب فمعنى ما نضيف اليه الامر او الفعل او نربط الکلام به ان الاضافة الى جهة تعريفه نفسه له و ذلک ان جهة التعريف للعالى فى الدانى ما لايعرف بأنه من الدانى فان عرف بأنه من الدانى فليس بجهة تعريف للعالى ألاترى ان الباب باب اذا رأى منه داخل الباب و الا فهو حجاب.

و ان قلت فمن اين تعرف انک لم‌تتعد الباب و لم‌تصل الى داخل القباب، قلت عرفت ذلک بحدوثى و عجزى عن تجاوز عرصة‌ الحدث انتهى المخلوق الى مثله و الجأه الطلب الى شکله الطريق مسدود و الطلب مردود دليله آياته و وجوده

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 290 *»

اثباته. و ان قلت فان عرفته بالحدوث فهو الحجاب لا الباب، قلت انى لااعرفه بالحدوث و لااراه حادثاً فى وجدانى حين توجهى الى القباب فيه و انما اعرفه بالحدوث اذا توجهت اليه لا الى القباب و کم من شىء فى الدنيا لاتلتفت اليه کما ان زيداً اباعمرو قد تلتفت الى انه اباعمرو [ابوعمرو ظ] و لاتلتفت الى انه زيد و قد تلتفت الى‌ انه زيد و لاتلتفت الى ‌انه عمرو [ابوعمرو ظ] مع انه فى الخارج زيد و اباعمرو [ابوعمرو ظ] ولکنک فى الوجدان تغفل عنه و ان قلت هل فيه فى الخارج زيد دون ابى‌عمرو و ابوعمرو دون زيد ام لا فان کان جاء المحذور و ان لم‌يکن فالتفاتک کذب لا اصل له، قلت فى الخارج زيد مقرون بابى‌عمرو و بالعکس و ليس زيد وحده دون مقرون بابى‌عمرو حتى يلزم المحذور. کذلک فى الامر جهتان احدىٰهما ذکر القديم و احدىٰهما ذکر نفسه و هما مقرونتان و باقترانهما ليستا بواجبتين ولکن لو قطعت النظر عن حيث نفسه و عن حيث الاقتران و نظرت الى ذکر القديم معرضاً عن کل ما سواه فهو القباب المرئى عن الباب و مع ذلک ليس فى الواقع بمتفرد يمتنع له الاقتران فافهم فانه دقيق و قد جاء ذلک استطراداً و ان لم‌نکن بصدده.

بالجملة‌ الصفة الاولى هى الحرکة بنفسها و هى اصل جميع الحرکات و هى الامر و هى مرکبة الا انها فى ابسط مراتب الترکيب و جميع ما سواه ظهوره راجع اليه آئل الى حکمه مضاف اليه و ظهوره ظهور الله و الرجوع اليه هو الرجوع الى الله جل شأنه بل کل ظاهر هکذا يظهر و کل راجع الى شىء هکذا يرجع لا غير و من ظن غير ذلک فى حق الذات فقد شبهها بالمخلوقات تعالى الله عما يقولون علواً کبيراً. و هذه الحرکة ليست بانتقال من مکان الى مکان بل هى خلق ساکن لايدرک بالسکون المعروف و متحرکة لاتدرک بالحراک الموصوف و ليست بحرکة يسبقها سکون بل هى حرکة فى السکون و سکون فى الحرکة و ذلک ان اصل السکون القوة و اصل الحرکة الفعلية و تلک فعلية لايسبقها قوة و الا لامتنع خروجها الى الفعلية و الفعلية بلا قوة هى ذات الواجب جل شأنه.

فلذلک قلنا بأنه حرکة فى السکون و سکون فى الحرکة اى امکان فى کون و کون فى امکان و ذلک ما کان يقال ان المشية و الامکان و السرمد متساوقة و لما کان جميع ماسوىٰها

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 291 *»

بها يخرج من القوة الى الفعلية فالکل متحرکة بها و هى الحرکة المحرکة لها و جميع الحرکات التى بها تقول خرج الشىء من القوة الى الفعلية حرکة انفعالية و الحرکة الاولى هى الحرکة الفعلية. فلذلک قلنا انه لا محرک فى الوجود الا الله قل الله خالق کل شىء فلايتحرک متحرک الا بالله وحده وحده. فالحرکات الانفعالية تختلف بحسب قابلية المتحرک و بحسب ما يتحرک اليه المتحرک و بحسب القوة التى يراد تحريکها الى الفعلية فتختلف انواع الحرکة فى الغيب و شئونه و فى الشهادة و جهاتها فمنها حرکة من الکم الى کم و منها حرکة الى کيف و منها حرکة الى جهة و منها حرکة الى رتبة و منها حرکة الى مکان و منها حرکة الى وقت و منها حرکة الى وضع و منها حرکة الى اضافة و منها حرکة الى الجدة و منها حرکة الى الفعل و منها حرکة الى الانفعال فى کل عالم بحسبه.

و اما الحرکة الجوهرية فان اريد بها الکون و الفساد فالکون من حيث هو کون و الفساد من حيث هو فساد ليسا بحرکة و القوة للکون و الفساد من حيث هى ايضاً ليست بحرکة و ليس بين القوة و الفعل ايضاً واسطة تکون حرکة فان القوة نفى الفعل و الفعل نفى القوة و ليس بين النفى و الاثبات و العدم و الوجود واسطة تصلح ان‌تکون حرکة و ان اريد بها تنقل المادة من صورة الى صورة کتنقل مادة المنى مثلاً من صورة المنوية الى صورة ‌العلقية بخلع صورة المنى و لبس صورة العلقة فهى حرکة الجوهر فى اعراضه و المتحرک هو الجوهر لکن الحرکة کماله و صفته و انتقاله من عرض الى عرض و هو ما ذکرناه اولاً. و ان اريد بها اشتداد الجوهر و تنقصه يعنى صيرورته اشد استقلالاً و اضعف فهو ايضاً بخلع الاعراض الدانية و لبس عرض اعلى او ظهور عرض اعلى بخلع الادنى فهو ايضاً امر عرضى لا جوهرى و ذلک ان الجوهر لايوجد خارجاً بلاعرض کما قال الرضا؟ع؟ ان الله لم‌يخلق شيئاً فرداً قائماً بذاته فاذا کان الجوهر لايوجد بلا عرض و العرض فعلية خرجت من قوة الجوهر فسبب نقصانه اتصافه بعرض اخس و اغلظ فاذا نزع عنه العرض الاخس الاغلظ خرج من قوته عرض اشرف و الطف فهى ايضاً حرکة الجوهر فى اعراضه لا فى ذاته و الحرکة فى الذات امر غير معقول الا ان‌يکون

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 26 صفحه 292 *»

الذات من حيث هى ذات نفس الحرکة فهى حينئذ حرکة تحتاج الى متحرک تقوم به.

نعم ان اريد بالحرکة الجوهرية حرکة المادة فى الصورة المقومة و بالحرکة العرضية حرکتها فى الصورة المتممة فلا مشاحة فى الاصطلاح فعلى هذا حرکة الجسم المطلق الى مبدئه حرکة جوهرية و لا بأس به فانه لا شک فى استمداده من المبدء و امداد المبدء له و فى کل حرکة يخلع مقومة ادنى و يلبس مقومة اعلى و بهذه الاقدام تصير الى مبدئه صاعداً الى ما لا نهاية له و خلع هذا الجسم صورة متممة ادنى و لبسه صورة متممة اعلى او غير ذلک فهو حرکة عرضية فهذا السير و الحرکة واقع لا شک فيه فافهم ان کنت تفهم.

و اما السکون فهو الکمال الثابت فى الآن الثانى على ما کان فى الآن الاول …

(الى هنا کان فى النسخة الاصلية)