24-03 مکارم الابرار المجلد الرابع والعشرون ـ رسالة في جواب سؤال في النبض ـ مقابله

 

 

رسالة في جواب سؤال في النبض

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 307 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله و سلام علي عباده الذين اصطفي.

و بعد فقد سألني جناب الحکيم الحاذق و الطبيب اللاحق جناب المولي الامين الميرزا زين العابدين حفظ الله عليه صحة الايمان و دفع عنه بفضله مرض رجز الشيطان عن عبارة في القانون قد اشکل عليه طالباً کثرة الايضاح سائلاً للانجاح فبادرت الي جوابه ساعة ما ورد اليّ خطابه و من الله التکلان انه قريب مجيب منان فاجعل العبارة المسئولة عنها کالمتن و جوابي عنها کالشرح.

قال: ينبغي ان يعلم ان في النبض طبيعة موسيقارية موجودة.

اقول: الموسيقار آلة مثلثة او القصبة التي يزمر فيها الرعاة و قيل انه طير في مناقره ثقب يخرج منها اصوات مختلفة و علي اي حال الموسيقي مأخوذ منه ان کان عجمياً و يمکن ان يکون عربيا مأخوذاً من الميساق و هو الطاير الذي يصفق بجناحيه اذا طار کالحمام و غيرها فعلي اي حال مراده هنا الموازين المخصوصة المعينة في علم التأليف و اما قوله في النبض طبيعة موسيقارية ان کان مراده من النبض نفس العرق کما هو ظاهر الاصطلاح فهو غلط اذ ليس حرکته من طبعه و انما حرکته من الروح الجاري فيه و ان کان مراده من النبض المعني اللغوي و هو الحرکة فهو ايضاً غلط لان الحرکة عرض و ليس فيها طبع موسيقارية و انما تلک الطبيعة في الروح و ان قيل ان مراده الروح فذلک شيء لم‌يجر به لغة و لا اصطلاح و لعله لايرضي به الشيخ.

بالجملة العبارة غلط و کان السديد ان يقول ان في الروح طبيعة موسيقارية و هو کذلک فان الروح البخاري قد بلغ من صفائه و اعتداله و نضجه و قوامه مبلغ الافلاک فبدت فيه اشعة الروح الحيواني و اشتعلت فيه فتحرک بفضل حرکة الحيوة الحيوانية و الحيوة الحيوانية نفس مثالية و ليس من عالم الاجسام و انما

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 308 *»

الروح البخاري جسماني و هو مرکبها يتحرک علي حسب تحريکها و ارادتها و لما صار البخار فلکياً و اشتعل فيه الحيوة اشتعال النار في الدخان صار يتحرک و لماکان مجاريه و محابسه قاهرة له قاسرة اياه عن ان يتهيأ بالاستدارة و يتحرک في وضعه بحرکات متشاکلة تهيأ علي حسب اوعيته و تحرک فيها الا انه اذا کان معتدلاً غير منحرف ظهر حرکاته علي نحو التشاکل لبساطته النسبية و عدم صدور حرکات مختلفة عن البسيط و اذا انحرف عن نهج الاعتدال و کان انحرافه مستمراً علي نهج واحد تحرک حرکة متشاکلة غير معتدلة مادام فيه ذلک الانحراف و ان عرض عليه عوارض مختلفة شيئاً بعد شيء اختلفت حرکاته علي حسب اختلاف الاعراض فاعتدال حرکات الروح يدل علي اعتدال الروح البخاري و اعتداله يدل علي اعتدال الدم المتولد و اعتداله يدل علي حسن التدبير و الحکمة فيه و انحرافه المتشاکل يدل علي انحراف الروح البخاري و استيعاب الطبع الغالب اياه من غير مخالف و اما اختلافه فيدل علي اختلاف الاعراض العارضة عليه و لماکان هذا الروح اذا کان معتدلاً يکون حرکاته معتدلة وجب ان يکون حرکاته في المنابض و محال القبض و البسط علي نهج واحد و ميزان واحد و اما سر القبض و البسط فتنسم الروح لدفع الحرارة الزايدة و تعديله الروح ببرد النسيم الداخل في الرية بالمجاورة فينقبض لاخراج النسيم المتسخن بالمجاورة و ينبسط لادخال النسيم الجديد فاذا تحرک الروح في آلات التنفس تحرک ايضاً في المجاري و المنابض فينقبض في المجاري لدفع البخار الساخن الي القلب و ينبسط بجذب البخار المعتدل اليها فبذلک يتحرک ابداً فاذا کان البخار يتکون دائماً علي نوع واحد يکون حاجته الي التنسم علي نهج واحد فينقبض و ينبسط علي نهج واحد و ان خرج عن الاعتدال و دام علي الانحراف تحرک منحرفاً لکن علي نهج واحد مادام کذلک و ان اختلف تکون البخار في الآنات اختلف حرکات الروح في الآنات و لماکان هذا الروح فيه نحو بساطة و فلکية و تشاکل حرکة و انقباض و انبساط کان فيه طبيعة الموازين التأليفية فان الموازين التأليفية ليست الا من الحرکات و السکنات المتشاکلة.

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 309 *»

قال: و کما ان صناعة الموسيقي تتم بتأليف النغم علي نسبة بينها في الحدة و الثقل و بادوار ايقاع مقدار الازمنة التي تتخلل نقراتها کذلک حال النبض فان نسبة ازمنتها في السرعة و التواتر نسبة ايقاعية و نسبة احوالها في القوة و الضعف و في المقدار نسبة کالتأليفية.

اقول: اعلم ان الصوت اثر يؤثره اصکاک(اصطکاک ظ) الاجسام في الهواء و يؤديه الي المسامع کما روي عن الصادق عليه السلام فاذا کان الصوت له امتداد و لبث زماناً محسوساً يسمي بالنغمة فاذا اجتمع نغمتان مختلفتان في الحدة و الثقل تسمي بالبعد و اذا اجتمع نغمات عديدة تسمي بالجمع و اذا کان لها ترتيب مناسب تسمي باللحن و اذا اجتمع الحان مؤلفة تسمي بالغنا و اسباب الحدة في الاوتار ثلثة: القصر و الرقة و التوتير، و اسباب الثقل ثلثة: الطول و الغلظة و الارخاء.

فاذا عرفت ذلک فاعلم انه کمايتم صناعة الموسيقي بتأليف النغم المختلفة علي نسبة بينها في الحدة و الثقل و بادوار ايقاع مقدار الازمنة التي تتخلل بين النقرات متناسب کذلک حال الروح فان حرکاته بمنزلة النقرات و بين ادوارها ازمنة تتخلل متناسبة و کذلک العرق بمنزلة الوتر تعرضه الحدة بواسطة القصر العارض عليه بالتشنج و الرقة ‌العارضة عليه بسبب اليبس و التوتير العارض عليه بواسطة الجفاف و تعرضه الثقل بواسطة الطول العارض عليه من الرطوبة و الغلظة العارضة عليه من الامتلاء و الارخاء العارض عليه من الرطوبة ايضاً فلا شيء اشبه الي الاوتار من العرق و لا شيء اشبه بالنقرات و الايقاعات من حرکات الروح فنسبة ‌ازمنتها في السرعة و التواتر نسبة ايقاعية و المراد بالايقاع في هذا العلم ضرب الطبل و ما شاکله و دفعات الضرب نقرات و النقرات العديدة ادوار يتخللها سکنات فالسکون المتخلل بين الادوار زمان فالزمان اما اقل مما يسع نقرة او يسع نقرة او نقرتين او ثلثة او اربع فالزمان الاول و الخامس في الايقاعات قليل الاستعمال و الاواسط کثيرة فحرکة الروح نقرة و هي اما انقباضية و اما انبساطية و بينهما سکون و هو الزمان و هو قصير و طويل علي ما عرفت فبقصره و طوله يسرع الايقاع و يبطئ و کذا نسبة احوال الحرکات في القوة و الضعف بمنزلة‌ النسبة

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 310 *»

التأليفية بين النغمات الحديدة و الثقيلة فافهم و الظاهر ان في العبارة سقط فکأنه کان: و بادوار ايقاع مقدار الازمنة التي تتخلل نقراتها متناسب او متشاکل فيکون هذه الکلمة او ما بمعناه ساقطاً اذ لايتم المعني بدونها فتدبر.

قال: و کما ان ازمنة الايقاع و مقادير النغم قد تکون متفقة و قد تکون غير متفقة کذلک الاختلاف قد يکون منتظمة و قد يکون غير منتظمة و ايضاً نسب احوال النبض في القوة ‌و الضعف و المقدار قد تکون متفقة و قد تکون غير متفقة بل مختلفة و هذا خارج عن جنس اعتبار النظام.

اقول: قد تبين شرح هذه الفقرات مما قدمنا آنفاً و نزيد عليه انه يريد ان يقول کما ان فواصل ادوار الايقاعات و مقادير النغم المؤلفة قد يکون متفقة و کذلک قد يکون فواصل الادوار و مقادير النغم مختلفة الا انها منتظمة و يکون القصر و الطول فيها مع الاختلاف منتظمة و کذلک النغم مع اختلافها في المقدار قد يکون منتظمة فکذلک حال النبض فان حرکات الروح التي هي بمنزلة‌ النقرات و سکناتها التي هي بمنزلة‌ ازمان ادوار الايقاعات قد تکون متفقة و قد تکون غير متفقة بل مختلفة و ذلک مما لايمکن ضبطه فانه لا نهاية لذلک و لا غاية و قد ذکر بعضها الاطباء في کتبهم و قد علمتموه و لايحتاج هذه العبارة الي زيادة بيان لما قد قدمنا.

قال: و جالينوس يري ان القدر المحسوس من مناسبات الوزن ما يکون علي احد هذه النسب الموسيقارية المذکورة اما علي نسبة الکل و الخمسة و هو علي نسبة‌ ثلثة اضعاف اذ هو نسبة ‌الضعف مؤلفة بنسبة الزايد نصفاً و هو الذي يقال له نسبة الذي بالخمسة و علي نسبة الذي بالکل و هو الضعف و علي نسبة الذي بالخمسة و هو الزايد نصفاً و علي نسبة‌ الذي بالاربعة و هو الزايد ثلثاً و علي نسبة الزايد ربعاً ثم لايحس.

اقول: لابد اولاً من بيان  الاصطلاح حتي تفهم المرام اعلم انه قد قدمنا آنفاً

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 311 *»

ان اثر اصطکاک الاجسام صوت و اذا کان له امتداد فهو نغمة و اذا اجتمع نغمتان مختلفتان فهو بعد او نغمات عديدة فهو جمع فالابعاد علي ثلثة اقسام عظام و اوساط و صغار اما العظام و الصغار فغير متناهية بالقوة فبني العمل علي ان يکون الطرف الاثقل اي النغمة الاثقل اربعة امثال النغمة الاحد و هو اعظم الابعاد الفعلية و کيفية التقدير انه اذا اعتبر نغمة في وتر علي الاطلاق فان قصر من طوله مقدار ثم استنطق الباقي فنغمة الباقي حادة و المطلق ثقيلة لامحة لان المطلق اطول من المقصور و الطول سبب الثقل و القصر سبب الحدة فنفرض لتصوير الابعاد خط ايب:

ا  ب ج د هـ و ز ح ط ي يا   يب

و هو الثقيل لاطلاقه و مهما قصر منه قسمة يکون الباقي بالنسبة‌ الي المطلق حاداً و کل قطعة‌ اقصر احد من الاطوال فنغمة يب مثل نغمة يا بزيادة جزء من احدعشر جزء و مثل و خمس نغمة ي و مثل و ثلث نغمة ط و مثل و نصف نغمة ح و مثل و خمسة ‌اسباع نغمة ز و ضعف نغمة و و هکذا و اول مراتب الاضعاف يسمي بذي الکل مرتين و هو نغمة ح ب و انما ذلک لاجل ان وتر ح اطول و اثقل البتة و وتر ب اقصر و احد و نسبة‌ ثقل ح بالنسبة الي ب يسمي عندنا بذي الکل مرتين لان ب اذا زيد عليه کله مرتين يکون اربعة و اذا زيد علي اربعة کله مرة اخري کان ثمانية فاذا کان نغمة علي قوة ب و نغمة علي قوة ح يسمي هذا البعد بذي الکل مرتين و اذا کان نسبة احديهما الي الاخري نسبة الضعف و نصف الضعف يسمي بذي الکل و الخمس و ذلک مثل ب و فان و هو الوتر الاثقل و هو ضعف ب و نصف الضعف فان ضعف ب د و نصف د ب و المؤلف منهما و و هو حقيقة لنسبة ثلث اضعاف و منها نسبة الضعف و ثلث الضعف نحو ج ح و يسمي بذي الکل و الاربع و منها الزايد ربعاً نحو د ي و منها المثل و الثمن نحو ط ح و يسمي بالطنيني و المدة الي غير ذلک من النسب ففرض جالينوس الحرکة الاولي بمنزلة نغمة و

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 312 *»

الثانية ايضاً نغمة و السکون بينهما بمنزلة زمان الايقاع الفاصل بين الايقاعين فاراد قياس الحرکتين احديهما الي الآخر و زعم انه يحس تفاوت القوة بين الحرکتين اذا کان اختلافهما علي النسب المذکورة في عبارته کأن يکون قوة الحرکة الاولي ب و الثانية و يعني يدرک الانسان ان الحرکة‌ الثانية‌ ثلثة اضعاف الحرکة الاولي فالنسبة بينهما علي اصطلاح اصحاب التأليف نسبة الکل و الخمس و کذا زعم انه اذا کانت النسبة بينهما لضعف نحو ب د يدرک و کذا ب ج و کذا ج د و کذا د ه فزعم ان هذه النسب اذا کان بين الحرکتين يحس و اما غير ذلک فلايحس فالنسب المحسوسة باعتقاده ب و، ب د، ب ج، ج د، د ه خمس نسب و لا اشکال في العبارة بعد ما بينا ان شاء الله.

قال: و انا استعظم ضبط هذه النسب بالحس و اسهله علي من اعتاد درج الايقاع و تناسب النغم او الصناعة ثم کان له قدرة‌ علي ان يعرف الموسيقي فيقيس الصنوع بالمعلوم فهذا الانسان اذا صرف تأمله الي النبض امکن ان يفهم هذه النسب بالحس.

اقول: انما قالوا و دققوا في معرفة النبض و ضبط النسب في نقراته ولکن کلها علوم لايفيد لهم عملاً و لايستعملونه حال العمل و لا اذا استعملوه عرفوا منه شيئاً نعم يفهم من النبض کليات احوال الروح لا جزئياته فان احکام النبض لا نهاية لها فان للانسان الواحد اسنان و لکل سن منه نوع نبض ثم لکل واحد في الفصول نبوض مختلفة ثم في کل فصل له نبوض مختلفة باعتبار الاعراض الداخلة و الخارجة و لکل احد نبض طبيعي غير نبض الآخر فنبض صحيح ربما يکون نبض حال مرض الآخر ثم اين تلک المراقبة لکل احد حتي يعرف منه حالاته نعم يکون بحسب العلم علي ما ذکروا و دونوا و قرروا حتي ما فيه من النسب التأليفية و حقيقة مستعظم ضبط ذلک اللهم الا ان يراقب انسان من اهل الاوتار انساناً زماناً طويلاً و عرف بعد ذلک نسبة نقراته ثم بعد ذلک صيد خنزير لا فائدة فيه و لايمکن الاستدلال به علي الجزئيات و انا ذکرت ما ذکرت امتثالاً لامرکم لحل اشکالکم

 

 

«* مكارم الابرار عربي جلد 24 صفحه 313 *»

و الا فلايفهم فيه فائدة في العمل نعم فيه فائدة علمية و يتسع الباع بمعرفة هذه الامور.

کتبه العبد الاثيم الجاني کريم بن ابرهيم الکرماني في يوم الاثنين لعشرين مضت من جمادي الثانية من شهور سنة 1265 في بلدة يزد حامداً مصلياً مستغفراً. تمت.