رسالة في النذر
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مكارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 461 *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد القي الي بعض الاخوان صانه الله عن طوارق الحدثان مسألة اتته من يزد ليسألني عنها و يستنجزني جوابها و هي ان رجلاً نذر فقال لله علي ان زوجتني فلانة نفسها ان اجامعها في كل يوم جمعة و نذرت تلك المرأة ايضاً فقالت لله علي ان تزوجني فلان و سمت ذلك الرجل بعينه ان اصوم كل يوم جمعة فاتفق الازدواج بينهما ما تكليفهما؟ هل يصح النذر من احدهما دون الآخر او يبطل كليهما؟
اقول: لاخلاف ظاهراً في اشتراطه قصد القربة في صحة النذر و قد استفاضت بذلك النصوص فنذر هذا الرجل راجح و يحصل فيه قصد القربة لاستحباب الجماع مطلقاً و في خصوص يوم الجمعة كماقال النبي9 لرجل من اصحابه يوم جمعة هل صمت اليوم قال لا قال فهل تصدقت اليوم بشيء قال لا قال فاصب من اهلك فانه منك صدقة عليها. فنذر هذا الرجل لاشك في راجحيته و يستثني من نذره شهر رمضان و ايام حيضها المحرم فيها الجماع و لو اتفق له استطاعة للحج فحج و احرم او حدث له مرض او لزمته كفارة او غير ذلك من الاسباب المانعة عن الجماع فان النذر عبادة يشترط فيه القربة و التقرب الي الله لايحصل بحرام و ما من نذر في العالم الا و يستثني منه ما يعتريه من الموانع فيقع نذره علي كل جمعة لايمنعه عنه مانع و يرجح فيه الجماع كساير افراد النذور كلاً فانها تقع علي افراد لايمنعه عنها مانع من الموانع الكونية و الشرعية و كذلك نذر المرأة فان الصوم راجح و وقع نذرها علي راجح فنذرها صحيح يجب انتأتي به ان لميمنعها مانع كحيض او سفر او مرض او شبه ذلك من الايام المحرم صومها و غيرها و من الموانع لها عدم اذن الزوج لها في الصوم فانه قد نقل الاجماع علي تحريم صومها بدون اذن الزوج و استفاضت به الاخبار
«* مكارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 462 *»
عن الائمة الاطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار و لمينقل خلاف ذلك الا عن الشيخ الحر فانه نقل عنه كراهة صومها بدون اذنه ولكن عندي الوسائل بخطه و عنون الباب بالكراهة ثم ضرب عليه و ابهم الترجمة و اظنه قد عدل عنها او توقف في حكمه، نعم صرح بالكراهة السيد عبدالكريم في الدرر و وجهها الجمع بين الاخبار المصرحة بالحرمة و رواية علي بن جعفر انه سأل موسي بن جعفر8 في المرأة ألها انتصوم بغير اذن زوجها؟ قال لابأس و ليس فيه تصريح بالتطوع فيحمل علي الواجب او علي الاستفهام الانكاري جمعاً و اخذاً بمشهور الروايات و الاجماع القائم علي وجوب تمكينها لبعلها في بضعها و بالنصوص الباتة علي وجوب تمكينها زوجها فاذا في هذه الصورة لاخلاف في حرمة صومها لوجوب الجماع علي زوجها بالنذر و وجوب تمكينها له فنذرها صحيح لكن يمنعها الزوج عنه، نعم اذا مرض الزوج او سافر او عرضه مايمنع من الجماع او عصي و لميجامع و اذن لها يجب وفاؤها بالنذر لانه في نفسه صحيح لو لميمنعها مانع و ايضا ان النذر يشترط فيه قصد القربة بالنص و الاجماع و لايحصل قصد القربة في المعصية نقلاً و عقلاً فبقولها «لله علي اناصوم كل جمعة ان تزوج بي فلان» يجعل علي نفسها الصوم بعد التزويج و لاتملك نفسها بعد التزويج فتوجب علي نفسها ما لاتملكه فكأنها قالت لله علي ان ملك بضعي فلان ان استنزعه منه و امنعه منه فكيف يجب عليها استنزاع مملوك غير بعد ان ملكه الله اياه و كيف يتقرب الي الله باستنزاع مملوك غير عن يده و قد جعله الله له و يحرم استنزاع مملوك غير من غير سبب شرعي عن يده فكيف تجب عليه الوفا بما لايملكه فلايقع النذر علي ايام لاتملك نفسها و يقع علي ايام تملكها و هي ما اذن لها في صومها و قد سئل الصادق عن معني لانذر في معصية فقال كل ما لك فيه منفعة في دين او دنيا فلاحنث عليك فيه و تمكينها من زوجها يوم الجمعة منفعة لها في الدين و الدنيا فلاحنث عليها فلايقع النذر عليها و علي مذهب من قال بالكراهة ايضاً لامنفعة لها في دين او دنيا بصومها بعد التزويج فلاحنث عليها بخلاف ما اذا نذرت قبل التزويج لامر آخر و استقر عليها كما اذا نذرت و قالت لله علي ان شفيت ان اصوم يوم الجمعة
«* مكارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 463 *»
و شفيت قبل التزويج و استقر عليها الصوم ثم زوجت نفسها رجلاً فالزوج لايملك بضعها يوم الجمعة فانها تملك زوجها ما تملكه و لاتملك نفسها يوم الجمعة كأيام حيضها فلايملكها الزوج فيها و ايام شهر رمضان و غيرها فاذا نذرت هكذا و نذر الزوج جماعها ذلك اليوم يرد المنع علي الزوج كأيام شهر رمضان مثلا ولكن ان عصت او سافرت و لمتصم يأتيها زوجها وجوباً كمامر هذا ما ادي اليه النظر القاصر من الاخبار و المسألة غير منصوصة بخصوصها و السلام علي من اتبع الهدي و اجتنب الضلالة و الغوي والله اعلم بحقايق احكامه و صلي الله علي محمد و آله تمت.