رسالة في جواب سؤالات بعض الاخوان من اصفهان
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 437 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قدسألني بعض الاخوان صانه الله عن طوارق الحدثان عن مسائل اشكلت عليه و علي اصحابه و اني لمشغول باجوبة المسائل الواردة و ساير المصنفات التي كانت في يدي فلميمكنني الاستيفاء لجميع ما يتعلق بها في الجواب فاقتصرت علي صرف الفتوي في بعض و الاشارة الي الدليل في بعض آخر لانه سلمه الله من اهل التسليم و القبول و جعلت سؤاله كالمتن و جوابي له كالشرح كما هو عادتي في ساير الرسائل.
قال سلمه الله الاولي الخلاف واقع بين الفقهاء في اشتراط الوكالة في العقد اللازم بانيشترط علي الموكل انلايعزل الوكيل هل يجوز العزل ام لا.
اقول الاصل في المسئلة قول الصادق7 المسلمون عند شروطهم الا كل شرط خالف كتاب الله عزوجل فلايجوز و هذا شرط مقدور ممكن سائغ لايخالف كتاب الله فالشارط ان كان مسلما فليف به فان المسلمين عند شروطهم فالوفاء بالشرط من حدود الاسلام قال الله سبحانه توبيخاً لمن يخالف قوله لمتقولون مالاتفعلون كبر مقتا عند الله انتقولوا ما لاتفعلون و هذا الاية عامة غاية ما في الباب انه يخرج منها ما قام عليه دليل و لامخرج لهذه المسئلة عنها.
قال الثانية هل مصالحة الارباح في النقود صحيحة ام فاسدة.
اقول ان كان معاملة النقد بعقد و معاملة الربح بعقد آخر من غير شرط الربح في معاملة النقد فلابأس به كأنيقرض النقد بعقد الي اجله ثم يعامل معاملة اخري بعقد مستقل آخر للربح المنظور بقصد و تراض فانهما معاملتان غير ربويتين و
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 438 *»
بذلك وردت روايات الا ان المصالحة ابتداء من غير تنازع او معاملة اخري سابقة عندي فيها تأملما فان صح الاجماع المدعي بانها تجوز ابتداء فهو و الا فيشكل ذلك فان معني الصلح رفع النزاع لغة و جميع اخبار الباب ايضا في النزاع و بعد معاملة سابقة و العمومات غير دالة لأن معني الصلح ما ذكرنا فلو عامل المعاملة الثانية بغيرها من العقود الصحيحة فلابأس.
قال الثالثة هل المبايعة الخيارية و مصالحتها تلزم بانقضاء مدة الخيار ام لا و الملك باق علي ملكية صاحبه و يجب رد الثمن.
اقول المبايعة الخيارية اذا وقعت عن قصد و تراض لابأس بها و قدوردت بها الاخبار عموماً و خصوصاً و تلزم بانقضاء مدة الخيار و عدم رد الثمن فقدقيل لأبي عبد الله7 انا نخالط اناساً من اهل السواد و غيرهم فنبيعهم و نربح عليهم العشرة اثني عشر و العشرة ثلثة عشر و نؤخر ذلك فيما بيننا و بين السنة و نحوها و يكتب لنا الرجل علي داره او علي ارضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي اخذ منا شراء بانه قدباع و قبض الثمن منه فنعده ان هو جاء بالمال الي وقت بيننا و بينه اننرد عليه الشراء فان جاء الوقت و لمياتنا بالدراهم فهو لنا فما تري في الشراء فقال اري ان لك ان لميفعل و ان جاء بالمال للوقت فرد عليه بالجملة هي جايزة و المسلمون عند شروطهم.
قال الرابعة بيان الرضاع و نشر الحرمة قاعدة كلية يعلم فيها الموارد.
اقول القاعدة الكلية ما وضعوه من قولهم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فيحرم الام الرضاعية و البنات و الاخوات و العمات و الخالات و بنات الاخ و بنات الاخت الرضاعيات و ليراع فيهن خصوصية الوصف و لاعبرة بالمنزلة و اعلم ان الذي يرتضع من مرضعة و من لبن فحل هو الذي يدخل في انسابهما خاصة و يدخل فروع المرتضع ايضاً في انسابهما بتبعيته و اما اصول المرتضع و من في طبقته فهم اجانب بالنسبة الي المرضعة و فحلها فلايؤثر فيهم الرضاع فنهاية
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 439 *»
تأثير الرضاع في المرتضع و اولاده و الاحوط الاولي انلاينكح ابو المرتضع في اولاد المرضعة لموضع النص الخاص و اعلم ايضاً ان المصاهرة كما تتعلق بالنسب و تقتضي التحريم كذلك تتعلق بالرضاع و تقتضي التحريم فمن تزوج مرتضعة يحرم علي الزوج امها النسبية و الرضاعية لأنها ام الزوجة و جمع اختها النسبية و الرضاعية معها و تزويج ابنة اخيها او اختها عليها بدون اذنها علي القول به و امثالها فان المحرم بالنسب اما بالذات او بالعرض و يشمل عموم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب النوعين و كذا يشمل عموم الخبر حرمة التزويج السابق علي الرضاع المحرم كما يدل علي حرمة التزويج اللاحق فاذا وقع رضاع بعد تزويج بحيث يجعل الزوجة من المحرمات تحرم علي الزوج كما انه لو تزوج صغيرة و ارضعتها امه حرمت عليه لانها صارت اخته او ارضعتها ام ابيه حرمت عليه لانها صارت عمته و هكذا و تحتاج المسئلة الي فكر ثاقب و بعد ضبط القواعد الكلية تسهل انشاء الله.
قال الخامسة النظر الي وجه الاجنبية من دون ريبة يجوز ام لا.
اقول الاخبار متضافرة في جواز النظر الي الوجه و الكفين و في بعضها و القدمين و هي مطابقة للكتاب المفسر باخبار الاطياب ولكن عمومات المنع من النظر خلاف (خوف ظ) الوقوع في الفتنة مغلظة فلاترخصن النفس مروة و غيرة و تقوي و احتياطاً فان اول نظرة لك و الثانية عليك لا لك و النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة و كفي بها لصاحبها فتنة.
قال السادسة اشتراء الجورب من يد النصاري في السوق يحتاج الي الغسل ام لا.
اقول لابأس بما يشتري في سوق المسلمين و ان اشتراه من غير مسلم و لايحتاج الي الغسل و ليس عليه المسئلة الا انه يستحب السؤال عن المشركين و الشريعة سهلة و الحمد لله و لكن الناس يضيقون علي انفسهم و ذلك حيلة من
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 440 *»
الشيطان ليصعب عليهم الطريق فاما انيضجرهم فلايسلكوها او يسلك بهم و يوقعهم في التقصير او ينفر نفوسهم عن الدين و يوقعهم في عدم التسليم و ان الدين اوسع من ذلك.
قال السابعة لو وجد في العمران ازيد من درهم يحل للواجد ام يجب التعريف و لو وجد في البرية يجب التعريف ام لا و بيان كيفية التعريف.
اقول نعم يجب التعريف اذا كانت درهماً فما فوق سواء وجدها في العمران او المفاوز و لادليل لمن فرق بينهما الا ما عسي انيستفاد من لحن بعض الاخبار مع ان له معارضاً و اما التعريف فهو سنة و هو امر عرفي يصدق عليه انه عرف سنة و حدده الفقهاء بانيعرف كل يوم مرة او مرتين الي اسبوع ثم في كل اسبوع كذا الي شهر ثم في كل شهر كذا الي سنة و لاباس به ان شاء الله و ليكن التعريف في المشاهد و المجامع ليطلع عليه الناس و ليسهم(ليسهل ظ) الوصف لئلايدعيها طامع فان جاء طالبها و عارفها و الا فهو له احدي الثلث بمقتضي الروايات فاما انيحفظها الي انيأتي صاحبها و يوصي بها عند موته و اما انيتصدق بها فان جاء طالبها بعد يخيره بين الاجر و الغرم و اما انيجعله في عرض ماله فان جاء طالبها ردها عليه و يوصي بها في وصيته و المهتدي بهدي الايمان لايمس اللقطة و الضالة فلو ان الناس تركوها جاء صاحبها و رفعها.
قال: الثامنة الذي يفضل من مؤنة السنة و صاحبه مديون يجب فيه الخمس ام لا و الزارع اذا ملك النصاب و كان مديوناً يجوز عليه انلايعطي الزكوة لانه من الغارمين ام لا.
اقول ان الدين الذي استدانه في المباح من اعظم المؤن و ينبغي اخراجه من المال ثم يخمس ما بقي و اذا بلغ انصباء المزارعين النصاب يقع عليهم الزكوة و الغارم يعطي من زكوة غيره.
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 441 *»
قال: التاسع يجوز اجارة الاراضي المشجرة و المعنبة ام لابد من المصالحة كما يفعلون.
اقول اما اجارة الارض فلابأس بها و ان كانت مشجرة و لاكلام فيها و انما الكلام في انه هي يصح اجارة الارض المشجرة بحيث يملك المستأجر بنفس ذلك العقد الثمرة ام لا, مقتضي قاعدتهم الكلية ان المنافع غير الاعيان و بالاجارة تملك المنافع و العين ملك صاحبها و الثمرة عين لامنفعة لانه يصح بيعها انه لايملك المستأجر بنفس الاجارة ثمرة الشجرة الا ان يشترط في عقد الاجارة ان يكون الثمرة للمستأجر و لكن في كلية هذه القاعدة و كون لفظ الاجارة حقيقة عرفية او شرعية في عقد ثمرته تمليك المنفعة بهذا المعني نظر و نطالبهم بدليل و استقراء مواضع الاخبار مردود بورود الكتاب و السنة بغير ذلك المعني ايضاً اما الكتاب قوله عز من قائل فان ارضعن لكم فآتوهن اجورهن و اللبن عين يصح بيعه و قدملكت المرضعة لبنها بنفس عقد الاجارة و اما الخبر فما عن الشيخ باسناده عن سماعة قال سالته عن رجل يستاجر الارض و فيها الثمرة فقال اذا كنت تنفق عليها شيئاً فلابأس و في آخر عنه قال سألته عن الرجل يستأجر الارض و فيها نخل او ثمرة سنتين او ثلثاً فقال ان كان يستاجرها حين يبين طلع الثمرة و يعقد فلاباس و ان استاجرها سنتين او ثلثاً فلاباس ان يستاجرها قبل ان يطعم و بسنده عن عبيد الله الحلبي عن ابي عبد الله7 قال تقبل الثمار اذا تبين لك بعض حملها سنة و ان شئت اكثر و ان لميتبين لك ثمرها فلاتستاجر فتبين ان الاجارة كانت تطلق علي تمليك الثمرة ايضاً و يناقض قاعدتهم الكلية انهم يقولون كلما صح اعارته صح اجارته و هم يجوزون اعارة الشاة للانتفاع من لبنها فيصح اذا اجارتها و اللبن عين بالجملة لا اعرف هذه القاعدة من الاخبار فاذا كانت الاجارة تطلق علي ذلك و روي شرعية الاجارة بان يؤجر الانسان ما يملكه او يلي امره و ان يوجر الانسان نفسه او داره او ارضه او شيئاً مما يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع كما هو نص حديث تحفة العقول عن الصادق7 كما رواه الشيخ الحر و الثمرة من
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 442 *»
المنافع العرفية و في كل عرف و اصطلاح منافع البستان ما يخرج من ثمره فاي مانع من اجارة البستان و تمليك المستأجر ثمرته بنفس العقد و لميرد نص خاص مانع عنه و لااجماع فيه بخصوصه و لو وجدنا قائلاً بالجواز لقلنا بالجواز بلاتأمل و الآن نتوقف لعدم الناصر فالاحتياط ان يشترط في عقد الاجارة كون الثمرة للمستأجر حتي لايكون فيه مخدش و لايكون لاحد عليه كلام.
قال العاشر بيع المعاطاة لازم ام لا و مبايعة الاطفال و اشترائهم صحيح ام لا.
اقول الذي يظهر لمن له علم بسياسة آل محمد: و سيرتهم ان كل ما يعد في العرف بيعاً و يقع التراضي عليه و يصدر من البيعين ما يدل علي رضاهما و ليس مما نهي عن معاملته صح و لزم و يكون بيعاً شرعياً و بذلك جرت الناس قبل الشرع و بعده و عليه سيرة جميع الناس و لميرد نهي عنه فلافرق بين المعاطاة و غيرها و انما البيع بيع و لميرد هذا الاسم في الاخبار و انما هو محض اصطلاح اصطلحه من شرط الصيغة في البيوع و اراد اخراج هذا النوع و عندنا لافرق في البيوع و كلها باب واحد و لاحاصل لهذا الاصطلاح و اما خبر «انما يحل الكلام و يحرم الكلام» فهو مجمل لايصح للاستناد و لذلك عده شارطوا الكلام مؤيداً لامستنداً و اما معاملة الاطفال فلاتصح حتي يبلغوا و اما ما تعارف من اجلاس الاطفال علي الدكاكين للبيع و ارسال الاطفال للشراء من السوق فان حصل العلم برضاء المالك الكبير و طيب نفسه بتلك المعاملة و تصرف المشتري في المال فيفيد اباحة التصرف لمفهوم لايحل مال امرء الا بطيبة نفسه.
قال الحادية عشرة حرمة استعمال آنية الفضة تشمل مثل الترياق دان ام لا.
اقول المدار علي صدق لفظالأناء و الظاهر انه غير مطلق ما يودع فيه شيء و غير الظرف المطلق بل الظاهر ان المراد به ما يستعمل للاكل و الشرب كما يستفاد مما روي انه سئل ابوالحسن7 عن المرآة هل يصلح امساكها اذا كان
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 443 *»
لها حلقة من فضة قال نعم انما يكره استعمال ما يشرب به و يؤيد ذلك ما روي في التعويذ من الرخصة في ان يكون وعاؤها فضة فالظاهر انه لابأس بالقوطية و المكحلة و المخلل و امثال ذلك لانها ليست بآنية عرفاً ظاهراً.
قال الثانية عشرة الفضولي في العقود باسرها ام يختص بالنكاح.
اقول لايحل لأحد ان يتصرف في مال احد الا باذنه كما روي عن الحجة7 و لايحل مال امرء مسلم الا بطيبة نفسه فلايجوز نقل مال الغير الي احد الا باذن الغير و عن صاحب الزمان صلوات الله عليه و آبائه في ضيعة سئل عنها الضيعة لايجوز ابتياعها الا من مالكها او بامره او رضاء منه الي غير ذلك من الاخبار و اما النكاح فقدرخص فيه و ان كان الاحوط فيه ايضاً تركه و هذا آخر مسائله سلمه الله قدفرغت من اجوبتها يوم الثلثاء الثالث و العشرين من شهر ذي الحجة من شهور سنة تسع و ستين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً تمت.