22-19 مکارم الابرار المجلد الثانی والعشرون ـ رسالة في احكام الاراضي و احياء الموات ـ مقابله

 

رسالة في احکام الاراضي و احياء الموات

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 415 *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد سألني جناب السيد الجليل و السند النبيل جناب الميرزا هداية الله بن المرحوم الميرزا محمدسعيد الرضوي سلمه الله و ابقاه عن مسألة في امر الاراضي و احيائها و كثيراً ما كنت اسأل في بلدنا عن هذه المسألة لشيوع امر الزراعة‌ فيه فرأيت ان الاستقصاء فيها من المهمات فاقبلت الي رسم هذه الرسالة في احكام الاراضي علي نهج الاختصار و ضبط المسائل بقدر الحاجة الماسة منه و من غيره علي ما هو الميسور مع انا فيه من تبلبل البال و اختلال الحال من القيل و القال و هجوم الجهال و زمان قد مد الجور باعه و دعي الغي اتباعه و اسفر الباطل قناعه و اخفي الحق شعاعه و الي الله المشتكي و منه المبدأ و اليه المنتهي بالجملة اقول اعلم ان الاصحاب رضوان الله عليهم قد كتبوا في هذه المسألة كثيراً ولكن لم‌يعطوها حقها كماينبغي و انا افصل لك المقال باذن الله المتعال و لو علي نحو الايجاز و الاجماع فاجعل لهذه الرسالة مقدمة و فصولاً و خاتمة.

المقدمة

اعلم ابتداءً ان لله ملك السموات و الارض و مابينهما ليس له شريك في ملكه بوجه من الوجوه ثم خلق الله تعالي محمداً و آل‌محمد: قبل ان‌يكون سماء مبنية او ارض مدحية او شيء مماخلق الله فاصطنعهم لنفسه و جعلهم محال مشيته و القي في هويتهم مثاله فاظهر عنهم افعاله فبهم و لهم خلق ماخلق و ملكهم جميع ملكه ملكاً طلقاً لم‌يجعل لاحد شركة معهم بوجه من الوجوه و هو سبحانه المالك لماملكهم و القادر علي ما اقدرهم عليه لاينافي تملكهم للعالم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 416 *»

مالكيته سبحانه فان العبد و ما في يده لمولاه فهم ملوك الدنيا و الآخرة فما احلوه لاحد يكون له حلالاً و ما حرموه يكون حراماً و لو احلوا لرجل في وقت شيئاً و حرموا ذلك الشيء بعينه له في وقت آخر كان جايزاً سواء كان ذلك الشيء تصرفاً في نفسه او في اهله او في ولده او في ماله و قد قال الله سبحانه انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا و ولاية الله هي ولاية الاولوية و كذا ولاية الرسول لقوله النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم فكذا ولاية الائمة لخبر غدير خم المجمع‌عليه و لاجماع الشيعة علي انهم انفس النبي9 و ارواحهم و نورهم و طينتهم واحدة يجري لاولهم مايجري لآخرهم و اليهم الاشارة حقيقة اولية بقوله خلق لكم ما في الارض جميعاً و غير ذلك من الآيات و من الاخبار يدل عليه ما رواه الشيخ الحر في الوسايل بسنده الي مسمع بن عبدالملك في حديث قال قلت لابي‌عبدالله7 اني كنت وليت الغوص فاصبت اربع‌مأة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين الف درهم و كرهت ان‌احبسها عنك او اعرض لها و هي حقك الذي جعل الله تعالي في اموالنا فقال و ما لنا من الارض و ما اخرج الله منها الا الخمس يا اباسيار الارض كلها لنا فمااخرج الله منها من شيء فهو لنا قال قلت له انا احمل اليك المال كله فقال لي يا اباسيار قد طيبناه لك و حللناك منه فضم اليك ما لك و كل ما كان في ايدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الي ان‌يقوم قائمنا فيحسبهم طسق ماكان في ايدي سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم يخرجهم عنها صغرة و بسنده الي معلي بن خنيس قال قلت لابي‌عبدالله7 ما لكم من هذه الارض فتبسم ثم قال ان الله بعث جبرئيل و امره ان‌يخرق بابهامه ثمانية انهار في الارض          منها سيحان و جيحان و هو نهر بلخ و الخشوع و هو نهر الشاش و مهران و هو نهر الهند و نيل مصر و دجلة و الفرات فما سقت او استقت فهو لنا و ماكان لنا فهو لشيعتنا و ليس لعدونا منه شيء الا ما غصب عليه و ان ولينا لفي اوسع مما بين ذه الي ذه يعني بين السماء و الارض ثم تلا هذه الآية قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 417 *»

المغصوبين عليها خالصة لهم يوم القيمة بلاغصب.

و في الكافي بسنده الي ابي‌خالد الكابلي; عن ابي‌جعفر7 قال وجدنا في كتاب علي7 ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا و اهل‌بيتي الذين اورثنا الله الارض و نحن المتقون و الارض كلها لنا فمن احيي ارضاً من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها الي الامام من اهل‌بيتي و له ما اكل منها فان تركها او اخربها و اخذها رجل من المسلمين بعده فعمرها و احياها فهو احق بها من الذي تركها يؤدي خراجها الي الامام من اهل‌بيتي و له ما اكل منها حتي يظهر القائم من اهل‌بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كماحواها رسول‌الله9 و منعها الا ماكان في ايدي شيعتنا فانه يقاطعهم علي ما في ايديهم و يترك الارض في ايديهم. و عن احمد بن محمد بن عبدالله عمن رواه قال الدنيا و ما فيها لله تبارك و تعالي و لرسوله و لنا فمن غلب علي شيء منها فليتق الله و ليؤد حق الله تبارك و تعالي و ليبر اخوانه فان لم‌يفعل ذلك فالله و رسوله و نحن برءاء منه.

و عن محمد بن الريان قال كتبت الي العسكري جعلت فداك روي لنا ان ليس لرسول‌الله9 الا الخمس فجاء الجواب ان الدنيا و ما عليها لرسول‌الله9 و عن جابر عن ابي‌جعفر7 قال قال رسول‌الله9 خلق الله آدم7 و اقطعه الدنيا قطيعة فماكان لآدم7 فلرسول‌الله9 و ماكان لرسول‌الله9 فهو للائمة من آل‌محمد:. الي غير ذلك من الاخبار فتبين و ظهر من هذه الاخبار الصحيحة المؤيدة بالكتاب المخالفة للعامة العمياء الموافقة للعقل المستنير بانوار الائمة: ان الارض بقضها و قضيضها للنبي9 و بعده للائمة: كماقال الله سبحانه و اولوا الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب الله فهم سلام الله عليهم المالكون للارض حقيقة شرعية لهم ان‌يتصرفوا فيها كيف شاؤا و ارادوا و لايحل لغيرهم

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 418 *»

التصرف في شيء منها الا باذنهم و علي حسب اذنهم و ليس لهم شريك في التملك ضرب لكم مثلاً من انفسكم هل لكم مماملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فانتم فيه سواء حاشا فوجه تملك غيرهم في بعض ما ملكت ايمانهم ظاهراً اذن التصرف فيه له دون غيره الاتري انه ليس لاحد التصرف في نفسه و لا في اهله و لا في ولده و لا في ماله كيف ماشاء و اراد فلو كان المال لهم طلقاً لكان يجوز لهم التصرف فيه كيف ما شاؤا، الاتري انه يحرم عليهم التبذير في مالهم والاسراف و المعاملات المحرمة عليهم كالربا و امثاله و لايجوز لهم التصرف في انفسهم كيف ماشاؤا فلايجوز لاحد ان‌يعمي نفسه او ينكل بنفسه و هكذا في اهله ليس له ان‌يأتيه متي ماشاء و لايقدر ان‌يتصرف في ولده كيف ماشاء.

فتبين و ظهر ان الناس لايملكون شيئاً و ان الائمة: اولي بهم من انفسهم يحرمون عليهم ماشاؤا و يحللون عليهم ماشاؤا فقد روي في العوالم عن محمد بن سنان قال كنت عند ابي‌جعفر الثاني7 فذكرت اختلاف الشيعة فقال ان الله لم‌يزل فرداً متفرداً في وحدانيته ثم خلق محمداً و علياً و فاطمة فمكثوا الف الف دهر ثم خلق الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري عليهم طاعتهم و جعل فيهم منه ماشاء و فوض امر الاشياء اليهم منهم قائمون مقامه يحللون ماشاؤا و يحرمون ماشاؤا و لايفعلون الا ماشاء الله فهذه الديانة التي من تقدمها غرق و من تأخر عنها محق خذها يا محمد فانها من مخزون العلم و مكنونه فيحل لكل احد من الناس من التصرفات في الارض و ما فيها علي حسب اذنهم فمالكيتهم اباحة تصرفهم علي حسب اذن امامهم و هم بانفسهم عبيد و اماء لهم و العبد و مايملك لمولاه و لايحل شيء من التصرفات في الارض و ما فيها من اعدائهم حتي ان مشيهم غصب علي الارض و كذلك تصرفات من نصب لشيعتهم العداوة و هو يعلم انهم شيعتهم و يتولونهم و ينقطعون اليهم لدلالة النصوص العديدة علي ذلك خذها اصلاً محققاً مطابقاً للكتاب و السنة و العقل القاطع بالبرهان الساطع و النور اللامع فلنشرع في الفصول لبيان انحاء الارض و اقسامها و كيفية التصرفات فيها.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 419 *»

فصل

اعلم ان رسول‌الله9 بعث في الدنيا الي جميع اهل الارض و السماء و الغرض في هذه الرسالة بيان احوال سياسته بين الناس فهو مبعوث الي عرب الناس و عجمهم و ابيضهم و اسودهم و اهل العمران و البراري و اهل البر و البحر و كان الواجب عليهم بعد اتمام الحجة عليهم ان‌يؤمنوا به و يسلموا لامره و نهيه و يتصرفوا فيما يتصرفون علي حسب حكمه لان الارض و ما فيها له9 فمن سلمها لمالكها و اطاع امره فيها يعمل علي حسب حكمه فتصرفه حلال محلل عليه و من لم‌يتبع امره و لم‌يسلمها اليه فهو غاصب يجب نزعها من يده حكماً بتاً لاخلاف فيه فبعد ما اتم حجته و بلغ رسالته من الناس من سلم اليه الارض و مكنه منها و آمن به و رضي بامره و نهيه و منهم من كفر و لم‌يؤمن فالكفار منهم من قبل الجزية و الصغار و الذل و حقن دمه و ماله بالتسليم الدنياوي و تمكينه مما في يده من دون ايمان و منهم من لم‌يؤمن و لم‌يمكنه مما في يده و حارب و المحارب اما ان‌يصالح بعد كونه محارباً او يحارب حتي يغلب فاختلف احكام ما في ايديهم علي حسب اختياراتهم و بقي مماسوي ذلك اراض ليس لاحد يد عليها اما لانجلاء اهلها او لانقراضهم او لعدم ثبوت يد من احد عليها او لرفع يد من كان يده عليها و تركه اياها فلنعنون لكل نوع فصلاً و نذكر فيه احكامها.

فصل

في بيان احكام القسم الاول

و هو ارض آمن اهلها طوعاً و سلموا حكم المالك9 في انفسهم و اموالهم فالمنقول من الاصحاب عدم الخلاف في ان النبي9 و الامام يتركون ارضهم لهم و لهم التصرف فيها كتصرف الملاك في املاكهم و ذوي الحقوق في حقوقهم فلهم جميع انحاء التصرف المأذونة المعروفة كماروي من الكافي بسنده الي صفوان بن يحيي و احمد بن محمد بن ابي‌نصر قالا ذكرنا له الكوفة و ما وضع فيها من الخراج و ما سار فيها اهل بيته فقال من اسلم طوعاً تركت ارضه في يده و اخذ منه العشر ممايسقي بالماء و الانهار و نصف العشر ماكان بالرشا فيما

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 420 *»

عمروه منها و ما لم‌يعمروه منها اخذه الامام فقبله ممن يعمره و كان للمسلمين و علي المتقبلين في حصصهم العشر و نصف العشر و ما اخذ بالسيف فذلك الي الامام يقبله بالذي يري و ما صنع رسول‌الله9 بخيبر قبل سوادها و بياضها يعني ارضها و نخلها و الناس يقولون لايصح قبالة الارض و النخل و قد قبل رسول‌الله خيبر قال و علي المتقبلين سوي قبالة الارض العشر و نصف العشر في حصصهم و قال ان اهل الطايف اسلموا و جعل عليهم العشر و نصف العشر و ان مكة دخلها رسول‌الله عنوة و كانوا اسراء في يده فاعتقهم و قال اذهبوا فانتم الطلقاء. و عن الشيخ بسنده الي احمد بن محمد بن ابي‌نصر قال ذكرت لابي‌الحسن الرضا7 الخراج و ما سار به اهل بيته فقال العشر و نصف العشر علي من اسلم طوعاً و تركت ارضه في يده و اخذ منه العشر و نصف العشر فيما عمر منها و ما لم‌يعمر اخذه الوالي فقبله ممن يعمره و كان للمسلمين و ما اخذ بالسيف فذلك الي الامام يقبله بالذي يري كماصنع رسول‌الله9 بخيبر قبل ارضها و نخلها و الناس يقولون لاتصلح قبالة الارض و النخل اذا كان البياض اكثر من السواد و قد قبل رسول‌الله9 خيبر و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر انتهي. بالجملة الظاهر انه لاخلاف فيما عمروها هؤلاء.

و اما ما لم‌يعمروه و تركوه خراباً ففيه الخلاف بين فقهائنا فعن الشيخ و ابي الصلاح ان الامام يقبلها ممن يعمرها و يعطي صاحبها طسقها و يعطي المتقبل حصة و ما يبقي فهو لمصالح المسلمين يجعل في بيت مالهم. و عن ابن‌حمزة و ابن البراج انها صارت للمسلمين و امرها الي الامام و عن ابن ادريس انها لصاحبها. و عن العلامة الميل الي قول الشيخ و الظاهر في المسالك اختيار قول ابن حمزة. اقول ظاهر الروايتين السابقتين و ما قدمنا من القواعد و اخبار اخر ان ما تركوه خراباً يؤل الامر الي حالته الاولي يعني ان الارض لله و لرسوله و للامام7 يعطيها من يشاء و قد قالوا من الحكم فيها ان الوالي يأخذه منهم و يقبله

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 421 *»

من يشاء و القبالة للمسلمين و يؤيد ذلك عموم ما رواه الشيخ الحر العاملي باسناده عن عمر بن يزيد قال سمعت رجلاً من اهل الجبل يسأل اباعبدالله7 عن رجل اخذ ارضاً مواتاً تركها اهلها فعمرها و كري انهارها و بني فيها بيوتاً و غرس فيها نخلاً و شجراً فقال ابوعبدالله7 كان اميرالمؤمنين7 يقول من احيي ارضاً من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤديه الي الامام في حال الهدنة فاذا ظهر الحق فليوطن نفسه علي ان‌تؤخذ منه. و لعل هذا الخبر يشير الي ما رواه عن ابي‌خالد الكابلي; عن ابي‌جعفر7 قال وجدنا في كتاب علي7 ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا و اهل‌بيتي الذين اورثنا الارض و نحن المتقون و الارض كلها لنا فمن احيي ارضاً من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها الي الامام من اهل‌بيتي و له ما اكل منها فان تركها و اخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و احياها فهو احق بها من الذي تركها فليؤد خراجها الي الامام من اهل‌بيتي و له ما اكل منها حتي يظهر القائم من اهل‌بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كماحواها رسول‌الله9 و منعها الا ماكان في ايدي شيعتنا فانه يقاطعهم علي ما في ايديهم و يترك الارض في ايديهم و في آخر الخبر يوطن نفسه اي اللازم عليه التسليم ولكن لايؤخذ من الشيعة و اكرامهم في ذلك اليوم اكثر من ذلك و الخبر الاخير و ان كان في الارض الخراجية الا ان باب الارض البايرة علي ما يظهر من الاخبار باب واحد و كلها يرجع الي المالك الاول و هو الامام و يؤيد ذلك ايضاً مارواه عن معوية بن وهب قال سمعت اباعبدالله7 يقول ايما رجل اتي خربة بايرة فاستخرجها و كري انهارها و عمرها فان عليه فيها الصدقة فان كانت ارض لرجل قبله فغاب عنها و تركها فاخربها ثم جاء بعد يطلبها فان الارض لله و لمن عمرها. فهذا الخبر ظاهر في غير الارض الخراجية فانه قال عليه فيها الصدقة و لم‌يذكر غيرها في موضع البيان ولكن التعليل الاخير فان الارض لله الخبر يفيد

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 422 *»

العموم فالارض كلية لمن عمر و ان الله تعالي يقول و استعمركم فيها فمن عمرها فهو احق بها و اطوع لله سبحانه بحكم المالك فلايقولن قائل كماقاله ابن ادريس انه قبيح سلب يد المالك عن ملكه فلو عقل عرف ان المالك هو الامام و قبيح سلب يد الامام و ترك اخباره علي انها اخبار آحاد و التعويل علي هذه التعليلات العليلة و هل هي احكم من اخبار الآحاد انصف و اعتبر، نعم روي باسناده عن سليمان بن خالد قال سألت اباعبدالله7 عن الرجل يأتي الخربة فيستخرجها و يجري انهارها و يعمرها و يزرعها ماذا عليه؟ قال الصدقة قلت فان كان يعرف صاحبها قال فليؤد اليه حقه. و هذا الخبر يدل علي ان الواجب ان‌يؤدي الي صاحبها حقه و له حق فيها فمن الاصحاب من جمع بين هذا الخبر و ساير الاخبار بان المالك الاول ان كان ملك الارض بالاحياء يزول ملكه بالخراب و ان ملكه بغيره لايزول ملكه و هذا الحمل لايفهم من ظاهر الفاظها و انما يصار الي امثال هذه المحامل عند وجود دليل قاطع علي معني ثم يحمل خلافه عليه تفادياً عن الطرح و اما من غير هذا القسم فلاتجوز اذ معها لايبقي للاخبار معتمد و هي حمالة ذات وجوه و ذلك مما لايجوز في التفقه البتة غاية‌ الامر اذا عجز الانسان عن فهمها يتوقف و يؤيد الاخبار الاولة مطلقات كثيرة شاملة ملخصها ايما قوم احيوا شيئاً من الارض فعمروه فهم احق به و هو لهم و الاخبار في هذا المعني مستفيضة و كذا يؤيدها اخبار الانفال الناصة علي ان كل ارض خربة للامام منها ما رواه عن محمد بن مسلم عن ابي‌عبدالله7 انه سمعه يقول ان الانفال ماكان من ارض لم‌يكن فيها هراقة دم او قوم صولحوا و اعطوا بايديهم و ما كان من ارض خربة او بطون اودية فهذا كل من الفئ و الانفال لله و الرسول يضعه حيث يحب. و قد احلوا الانفال للمحيي من الشيعة و هي مستفيضة و اخبار الانفال و المطلقات و اخبار هذا الباب كلها قريب من حد التواتر المعنوي و لايعارضها خبر واحد فقد امرنا بالاخذ بالمشهور و المجمع عليه و ترك النادر هذا و يحتمل الحمل علي التقية علي انا قد حققنا في الاصول ان من التقية محض ايقاع الخلاف و لايجب

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 423 *»

ان‌يكون موافقاً للعامة.

و يمكن قريباً ان يقال معني «فليؤد اليه حقه» يعني اذا كان له في الارض طابوق او خزف او خشب او بناء او شجر او غير ذلك فانها حقه و ماله و اما الارض فهي لله و لمن عمرها و هذا الحمل اقرب الوجوه و يؤيد ذلك انه لم‌يأمره برد الارض اليه و لم‌يسم ارضاً و يؤيد ما مر ايضاً ما رواه عن يونس عن العبد الصالح7 قال ان الارض لله تعالي جعلها وقفاً علي عباده فمن عطل ارضاً ثلث سنين متوالية بغير ما علة‌ اخذت من يده و دفعت الي غيره الخبر. بالجملة الراجح حمل خبر سليمان بن خالد علي التقية او ما ذكرنا و الاخذ بالاخبار المشهورة المستفيضة و هو احد القولين في المسألة كماحكاه صاحب الحدايق; فتخلص من هذا الفصل ان الارض اذا اسلم اهلها طوعاً تركت في ايديهم فان عمروها فهم احق بها و هي لهم و الا فترد الي الامام و هي من الانفال و قد رخصوا للمؤمنين ان‌يعمروها فمن عمرها فهي له و هو احق بها و عليه سوي الزكوة طسقها يؤديه الي الامام علي حسب ما قبله الامام من القبالة و يصرفها في مصارف المسلمين و الذي اظن انه يصرفها في مصارف مسلمي تلك الارض الذين اسلموا طوعاً لاساير المسلمين فيكون قوله في خبري احمد بن محمد بن ابي‌نصر للمسلمين الالف و اللام فيه للعهد يعني للمسلمين الذين اسلموا طوعاً فان ساير الناس لا حق لهم فيها و اما المفتوحة عنوة فصارت لجميع المسلمين فان المسلمين بعضهم قوة بعض و بعضهم سناد بعض و هم اخوة مرتبطون و علي ذلك يحمل خبر عمر بن يزيد و فيه و عليه طسقها يؤديه الي الامام اي ليصرفه في المؤمنين و علي اي حال يكون ذلك في حال الحضور و الظهور و امكان الوصول الي الامام7 و اما حال الغيبة‌ فحكمها كمايأتي ان‌شاء‌الله.

فصل

في القسم الثاني

و هو ارض الجزية يعني اذا صالح الكفار من اهل الكتاب علي ان‌يكون ارضهم لهم و يؤدون الجزية يفدون بها انفسهم من ان‌يستعبدوا ان‌يقتلوا فيكون ذلك الي الامام ان‌شاء‌ وضع الجزية ‌علي رؤسهم و سلم لهم ارضهم و ان شاء وضع علي ارضهم و سلم رؤسهم علي حسب مايراه و ذلك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 424 *»

ان‌ عمروها و ان تركوها حتي خربت فيؤل امرها الي الانفال و تكون للامام يدفعها الي من يشاء ليعمرها و يجوز الشراء منهم و تصير ملكاً لمن اشتراها اذا كانت معمورة و اذا اسلم رجل منهم يكون له ما للمسلمين و عليه ما علي المسلمين فمن الكافي عن محمد بن مسلم قال سألته عن اهل الذمة ماذا عليهم مما يحصنون به دمائهم و اموالهم قال الخراج فان اخذ من رؤسهم الجزية ‌فلاسبيل علي اراضيهم و ان اخذ من اراضيهم فلاسبيل علي رؤسهم. و في الوسائل بسنده عن ابي‌بصير قال سألت اباعبدالله7 عن شراء الارضين من اهل الذمة فقال لابأس بان‌يشتريها منهم اذا عملوها و احيوها فهي لهم و قد كان رسول‌الله9 حين ظهر علي خيبر و فيها اليهود خارجهم علي ان‌يترك في ايديهم يعملونها و يعمرونها. تدبر في مفهوم قوله اذا عملوها و احيوها فاذ لم‌يعملوها و لم‌يحيوها لاسبيل الي الشراء و لايجوز لانها للامام و من الانفال و عن اسحق بن عمار عن عبدصالح7 قال قلت رجل من اهل نجران يكون له ارض ثم يسلم ايش عليه ما صالحهم عليه النبي9 او ما علي المسلمين قال عليه ما علي المسلمين انهم لو اسلموا لم‌يصالحهم النبي9.

فصل

في القسم الثالث

و هو ارض الصلح و هي لقوم صالحوا علي ان‌يكف الامام عنهم و يرفع عنهم القتل و يكون ارضهم للمسلمين و لهم السكني فان صالحهم الامام علي ذلك فالارض يكون للمسلمين كالمفتوحة عنوة احياؤها و مواتها و خرابها من الانفال يضعها حيث يشاء و الظاهر ان ذلك ايضاً في اهل الكتاب فان المحارب يقتل او يسلم.

فصل

في القسم الرابع

و هو المفتوحة عنوة اي بالقهر و الغلبة فهي للمسلمين قاطبة الموجودين و من سيوجد الي يوم القيمة و امرها الي الوالي و لايملكها احد و لايجوز بيعها و لاهبتها و لاشيء من التصرفات فيها الا باذن الامام

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 425 *»

هذا فيما اذا كانت عامرة و اذا كانت خربة فهي من الانفال و هي للامام ليس لاحد فيها حق فعن الشيخ بسنده الي الحلبي قال سئل الصادق7 عن السواد ما منزلته فقال هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم و لمن يدخل في الاسلام بعد اليوم و لمن يخلق بعد فقلت الشراء من الدهاقين قال لايصح الا ان‌تشتري منهم علي ان‌يجعلها للمسلمين فان شاء ولي الامر ان‌يأخذها اخذها قلنا فان اخذها منه قال يرد عليه رأس ماله و ما اكل من غلتها بما عمل. الي غير ذلك من الاخبار و هل ينتزع منها الخمس اولاً ثم الباقي للمسلمين ام لا، عموم قوله و اعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه و للرسول الآية. يدل علي ذلك و كذلك اخبار وجوب اخراج الخمس من كلما يستفيده الرجل من قليل او كثير و هذا اذا غزوا باذن الامام و الا فكل ما غنموه للامام كمارواه الحر العاملي باسناده عن العباس الوراق عن رجل سماه عن ابي‌عبدالله7 قال اذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام و اذا غزوا بامر الامام فغنموا كان للامام الخمس. و عن معوية بن وهب قال قلت لابي‌عبدالله7 السرية يبعثها الامام فيصيبون غنائم كيف تقسم قال ان قاتلوا عليها مع امير امره الامام عليهم اخرج منها الخمس لله و للرسول و قسم بينهم اربعة اخماس و ان لم‌يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما غنموا للامام يجعله حيث احب.

و الذي يظهر من الاخبار انه يمكن ان‌يشتري ارض الخراج من الذي في يده علي معني ان‌يعطيه ثمناً يشتري منه حقه فيها و اولويته او ما احدث فيه من اثر و يلتزم المشتري بخراجها يؤديه الي الامام ثم هذا في العامرة منها و اما غير العامرة فهي من الانفال لماعرفت فهي للامام و ذلك كله في زمان الحضور سهل يهتدي اليه و اما في زمان الغيبة فالذي يظهر من الاخبار ان ما يكون للائمة: فهو لشيعتهم قد جعلوا شيعتهم في حل من التصرفات فيها كمايأتي في ارض الانفال و توسعة اخري للشيعة ان ما فتح من الاراضي بغير اذن الامام و تأميره اميراً يكون كل ما فتح للامام كماعرفت فاذا صار كلها للامام حل للشيعة التصرف فيها فان ما لائمتهم لهم و معلوم ان جميع

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 426 *»

الفتوح التي وقع للمسلمين بعد النبي9 وقع للمخالفين الا ما شذ و ندر فيرجع كلها الي الامام و يحل للشيعة التصرف فيها. و ما قاله صاحب الحدائق انها كانت تقع بمشورة اميرالمؤمنين7 و اذنه غير ثابت و ما ثبت دون اثبات خلوه عن تقية خرط القتاد و امارة سلمان و عمار و اضرابهما لاتكون دليلاً و لاقرينة علي ذلك اذا كان اصل الملك للامام و تأمروا باذنه و كذا امارة بعضهم علي العساكر اذا كانت في زمن هدنة و تقية و توسعة اخري للشيعة ان مايكون للمسلمين علي فرض كونه باذن الامام يختص بالعامرة و اما الخربة في ذلك اليوم فهي من الانفال و لايعلم اليوم ايتها كانت خربة ذلك اليوم و ايتها كانت عامرة فاذا كانت ارض من اراضي الخراج في يد مسلم في زمن الغيبة و ينتفع منها و لايؤدي مثلاً خراجاً يمكن ان‌تشتري منه لحمل فعل المسلم علي الصحة و لايجب الفحص عنه و لايجب ايصال الخراج الي طالبه.

فصل

في اراضي الانفال

و هي مايخص بالامام و ليس لغيره فيها نصيب و هي كل ارض لم‌يوجف عليه بخيل و لاركاب او ارض قوم صالحوا من غير قتال او قوم اعطوا بايديهم و كل ارض خربة و بطون الاودية و كل ارض خربة قد باد اهلها و رؤس الجبال و الآجام و كل ارض ميتة لارب لها و صوافي الملوك ماكان في ايديهم من غير وجه الغصب لان الغصب كله مردود و قطايع الملوك و مال من لاوارث له و لامولي و المعادن فهذه الاراضي هي للامام خاصة و علي ذلك اخبار عديدة لاحاجة الي تطويل المقال و قد اذنوا لشيعتهم التصرف فيها و يدل علي ذلك اخبار: منها ما رواه الحر العاملي بسنده عن ابي‌بصير و زرارة و محمد بن مسلم كلهم عن ابي‌جعفر7 قال قال اميرالؤمنين7 هلك الناس في بطونهم و فروجهم لانهم لم‌يؤدوا الينا حقنا الا و ان شيعتنا من ذلك و آباؤهم في حل.

و عن داود بن كثير الرقي عن ابي‌عبدالله7 قال سمعته يقول الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا الا انا احللنا شيعتنا من ذلك و عن الحرث بن المغيرة النضري عن ابي‌عبدالله7 قال قلت له ان لنا اموالاً من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 427 *»

غلات و تجارات و نحو ذلك قد علمت ان لك فيها حقاً قال فلم‌احللنا اذا لشيعتنا الا لتطيب ولادتهم و كل من والي آبائي فهو في حل مما في ايديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغايب و قد مر في المقدمة حديث مسمع بن عبدالملك و فيه كلما في ايدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الي ان‌يقوم قائمنا فيحسبهم طسق ماكان في ايدي سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قايمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم عنها صغرة. و في رواية فيجيبهم طسق ماكان في ايديهم و يترك الارض في ايديهم و اما ماكان في ايدي غيرهم فان كسبهم من الارض حرام و عن الحرث بن مغيرة عن ابي‌جعفر7 انه قال لنجية ان لنا الخمس في كتاب الله و لنا الانفال و لنا صفو المال و هما والله اول من ظلمنا حقنا في كتاب الله الي ان قال اللهم انا احللنا ذلك لشيعتنا. و عن يونس بن ظبيان او المعلي بن خنيس عن ابي‌عبدالله7 و قد مر في المقدمة و ذكر فيه الانهار الثمانية ثم قال فما سقت او استقت فهو لنا و ماكان لنا فهو لشيعتنا و ليس لعدونا منه شيء الا ما غصب عليه و ان ولينا لفي اوسع ممابين ذه الي ذه يعني بين السماء و الارض و يدل علي ذلك الاخبار الآذنة باحياء الموات و قد مر بعضها الي غير ذلك من الاخبار الناصة او المؤيدة لها في ان مالهم لشيعتهم و قد احلوا شيعتهم في زمانهم و في غيبتهم و ماورد من التشديد في بعض الموارد فانما هو لاجل المصالح من عدم خلوص حاضر او التشديد علي المخالفين او الحاجة اليه في يوم خاص و امثال ذلك. بالجملة مايؤل اليهم من الاراضي راجع الي ساير الشيعة اليوم و يجوز التصرف فيها لهم و لايجب استيذان حكام الشرع و لاالشراء منهم و الاستيجار عنهم بوجه و لاوجه له فان الاخبار عامة.

بقي كلام في ان الشيعي اذا تصرف اليوم في ارض ميتة او خربة‌ هل يملك ذلك بالاحياء علي ان له البيع و الوقف و الهبة و ساير المعاوضات ام لا، بل هو اولي بالتصرف الي زمان الحضور فان الارض لهم حقيقة ظاهر ما اطلعت عليه من اقوال الفقهاء ان المحيي يملك الارض و له التصرف فيها كتصرف الملاك في

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 428 *»

املاكهم و اذا احياها ثم تركها حتي خربت فمنهم من قال ببقاء الملك للاول و عدم جواز الاحياء للثاني و منهم من قال بجواز احيائها و كون الثاني احق بها و عن جماعة‌ جواز الاحياء لكن لايملكها بذلك بل عليه ان‌يؤدي طسقها الي الاول او وارثه و هؤلاء لم‌يفرقوا بين ان‌يكون الاول ملكها بالاحياء او غيره و منهم من قال باستيذان المالك الاول فان امتنع فالحاكم فان تعذر جاز الاحياء و منهم من قال ان الاول ان ملكها بالشراء و تركها و صارت خراباً لاتخرج من ملكه و ان ملكها بالاحياء ثم تركها حتي خربت يملك الثاني و نقلوا علي ذلك الاجماع و اتفاق اهل العلم و توقف بعضهم في ثبوت الاجماع و لامستند لهم غير الاجماع و الجمع بين الاخبار اما الجمع فقد عرفت و اما الاجماع فهذا حاله و منقول و غير مثبت و علي اي حال كخبر واحد اذ ناقله واحد.

بالجملة ظواهر جملة من الاخبار ان المحيي يملك كقولهم في اخبار مستفيضة ايما قوم احيوا شيئاً من الارض فعمروه فهم احق به و هو لهم و قضية قوله لهم ظاهرة في الملكية كما هو معروف و في رواية عبدالله بن سنان عن ابي‌عبدالله7 قال سئل عن رجل اتي ارضاً مواتاً فكري فيها نهراً و بني بيوتاً و غرس نخلاً و شجراً فقال هي له و له اجر بيوتها الخبر. و عنه7 قال قال رسول‌الله9 من غرس شجراً او حفر وادياً بدياً لم‌يسبقه اليه احد و احيي ارضاً ميتة فهي له قضاء من الله و رسوله9 و رواية معوية بن وهب ان الارض لله و لمن عمرها فهذه الاخبار و ما بمعناها دالة علي التملك ولكن رواية ابي‌خالد فيها هو احق بها من الذي تركها فليؤد خراجها الي الامام و رواية عمر بن يزيد قال سمعت رجلاً من اهل الجبل سأل عن ارض موات تركها اهلها و قد مر الي ان قال كان اميرالمؤمنين7 يقول من احيي ارضاً من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤديه الي الامام في حال الهدنة

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 429 *»

فاذا ظهر الحق فليوطن نفسه علي ان‌تؤخذ منه و يمكن ان‌يقال هو احق بها من الذي تركها لاينافي المالكية فانه بيان نسبته مع الاول و اداء الخراج حال الحضور و مخصوص بتقبيل الامام اياه كما هو منطوق الخبر فاذا قبله اياها فهي علي ما قبله البتة فان الارض له و له التصرف فيه كيف يشاء و اما خبر عمر بن يزيد فهو ايضاً ظاهر في حال الحضور و قد ذكرنا ان في حال الحضور يكون الامر بالنسبة الي الاشخاص مختلفاً و  علي كل امرء حسب ما قرره عليه و قضية قوله فيه فهي له و عليه طسقها و في آخره فليوطن نفسه علي ان‌تؤخذ منه تدل علي ان ملكيته ملكية متزلزلة كما هو الواقع بل كذلك ملكية جميع الاراضي الميتة و الخربة بل جميع الاراضي بل جميع الاشياء فانها كلها لهم و يتصرف فيها الشيعة باذنهم و متي شاؤا اخذوا منه فان منحوا فهو حكم الله و ان اخذوا فهو حكم الله اذ حكمهم حكم الله و ارادتهم ارادة الله. بالجملة الظاهر من قضية قوله له و لهم في اخبار كثيرة ان الشيعة يجوز لهم التصرف فيها كتصرف الملاك في املاكهم في زمان الغيبة و ليعلم و ليوطن نفسه علي ان تصرفه فيها من باب الاباحة و الاذن و بحسب الحكم الثاني ايضاً لايملكها فانها ملك الامام قد اباحها كرماً و جوداً لشيعته و في الواقع هم و ما في ايديهم لامامهم روحنا له الفداء فان العبد و ما يملك لمولاه و نسئل الله ان‌يتقبلنا بالعبودية حتي نفتخر فقد رضينا بهم ولاة علي نفوسنا و اموالنا و الحمدلله.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 430 *»

خاتمـــة

في جواب مسائل السائل سلمه‌الله بعد تمهيد هذه المقدمات

قال: اذا انسد ماء القنوة و لم‌يقدر المالك من جهة فقره ان‌يسيحها هل تخرج من ملكيته ام لا؟

اقول: اذا كان تملكه لها من غير جهة الاحياء بل ببيع او هبة او ارث او غيرها فظاهر الاصحاب دال علي ان خرابها لايكون سبباً لخروجها عن الملكية و لامستند لهم سوي وجوه عقلية منقوضة و اجماع منقول غير مثبت و علي خلافه اخبار صحيحة منادية و ادلة واضحة و لولا الاجماع المدعي لحكمنا بانه للمحيي الثاني ولكنها معه طريق الاحتياط واضح، هذا و ينبغي ان‌يراعي ايضاً من اشتري او استوهب منه الاول فالاول فان كان في طبقة من الطبقات التملك بالاحياء فالحكم ما يأتي و الا فيدور مدار الاجماع علي ما سمعت و ان كان ملكها بالاحياء فلااشكال في ان الارض لله و لمن عمرها.

قال سلمه‌الله: ان اعرض المالك عن القنوة هل تخرج من ملكيته توابع القنوة من الارضين و غيرها؟

اقول: المناط في المسألة خراب الارض فان تركها حتي خربت فالمحيي الثاني احق بها علي تفصيل تقدم و ان كانت عامرة‌ فهي له و لو كانت العامرة ‌شبراً من الارض فهي له و الباقية لمن يحيها.

قال: ما معني الاعراض عن الارض؟

اقول: قد عرفت من الاخبار ان مناط الامر تركها حتي تخرب و تبور و تسلب عنها المنفعة و ليس المناط الاعراض و قصد رفع الملكية و نزع تعلق النفس عنها بل ان الله خلق الارض و اسكن خلقه فيها و استعمرهم فيها فمادمت قائماً بعمارتها فانت اولي بها و الا فالارض لله و لمن عمرها بقضاء الله علي تفصيل مر.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 431 *»

قال: ان في «نرماشير» املاكاً قد خربت و كانت لاناس اغنياء‌ و فقراء و قد تصدي احد من اولئك الاغنياء بعمارتها و اشرك اجنبياً معه فعمراها و في القنوة خزف كثير و طاحونة عليها خربة و كان قصد الملاك الاول اساحتها دائماً و لم‌يعرضوا عنها ابداً.

اقول: «نرماشير» بفتح النون و سكون الراء و كسر الشين المعجمة بعد حرفي ما و بعد الشين يا تحتانية مثناة و راء مهملة قرية من قري كرمان علي عشرة مراحل من جنوبيه تقريباً مايلاً الي المشرق و ضبطناه لغير السائل و الحكم في المسألة ماتقدم من ان الملاك الاول ان ملكوها بغير الاحياء فالاحتياط واضح كمامر و ان ملكوها بالاحياء فالارض لله و لمن عمرها كما مر و اما الخزف و الطابوق و ما في الطاحونة من الآلات فذلك هو معني قول الصادق7 في حديث سليمان بن خالد فليؤد اليه حقه فالمحيي الثاني يؤدي اليه حق الملاك من الخزف و الطابوق و الخشب و الآلات التي غرمها المحيي الاول اذ لاضرر و لاضرار في الاسلام و لافرق في المحيي الثاني بين ان‌يكون اجنبياً او احداً من الشركاء.

قال: ما حد موت الارض و سلب المنفعة عنها؟

اقول: هذا امر عرفي لايحتاج فيه الي فقيه فان الارض للسكني و للزرع و للماء و امثالها فاذا خرج البيت عن حد ان‌يكون قابلاً للسكني فقد بار و اذا صارت الارض غير قابلة للزرع لعدم ماء و لعدم امكان اجارتها و بقيت لايمكن الانتفاع منها عرفاً فقد بارت و ان كان البئر لاماء فيها و لايمكن النزح منها و الانتفاع بها عرفاً فقد عطلت و خربت و هكذا و لايدور مدار الامكانات الحكمية بل المدار علي العرف و هو حد اذا صارت الارض كذلك تترك و لايتصدي للانتفاع منها صاحبها البتة و يحتاج الي مؤنة حتي ينتفع منها و لو كان الانتفاع امكان المشي و النوم عليها او الاستظلال بحجر فيها او شجر مثلاً لكان جميع الاراضي احياء و لم‌تكن ارض ميتة في الدنيا بل المراد الانتفاع المترقب من نوع تلك الارض فتدبر.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 432 *»

و في ما ذكرنا كفاية لمسائله و لمسائل ساير الاخوان من امر الاراضي و الله سبحانه و حجته اعلم بحقايق احكامه و ذلك ما ادي اليه جهدنا في الاخبار و كلمات العلماء الاخيار.

و قد فرغ مصنفها من كتابتها لساعتين بعد الظهر من يوم الخميس ثاني عشر شهر رجب المرجب من شهور سنة تسع و ستين من المأة الثالثة عشرة حامداً مصلياً مستغفراً معتذراً تمت.