رسالة في حمل افعال المسلمين علي الصحة
من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی
مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 355 *»
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
و بعــد اما ما سألت عنه سلمك الله و ايدك عن القاعدة المطردة بين الاصحاب من حمل افعال المسلمين علي الصحة هل عليه دليل من كتاب الله و سنة نبيه9؟
فاعلم علمك الله و فقهك في دينه انه قد وردت عدة روايات عن الائمة: في مقامات متعددة من البناء علي صحة افعال المسلمين منها ماروي في اللحم انه يشتري من يد المسلم و من اسواق المسلمين و لايسأل عنه. و قال الباقر7 في حديث اشتر الجبن من اسواق المسلمين من ايدي المسلمين و لاتسأل عنه الا انيأتيك من يخبرك عنه. و عنهم: لابأس بأكل الجبن كله ما عمله مسلم و غيره. و قال الصادق7 خمسة اشياء يجب علي الناس انيأخذوا فيها بظاهر الحكم الولايات و التناكح و المواريث و الذبايح و الشهادات فاذا كان ظاهره ظاهراً مأموناً جازت شهادته و لايسأل عن باطنه و عن احمد بن محمد بن ابينصر قال سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة لايدري اذكية هي ام غير ذكية أيصلي فيها فقال نعم ليس عليكم المسألة ان اباجعفر7 كان يقول ان الخوارج ضيقوا علي انفسهم و ان الدين اوسع من ذلك و عن العبد الصالح7 انه قال لابأس بالصلوة في الفراء اليماني و فيماصنع في ارض الاسلام قيل فان كان فيها غير اهل الاسلام قال اذا كان الغالب عليها المسلمين فلابأس و سئل موسي بن جعفر8 عن رجل اشتري ثوباً من السوق للبس لايدري لمن كان هل تصلح الصلوة فيه قال ان اشتراه من مسلم فليصل فيه و ان اشتراه من نصراني فلايصلي فيه حتي يغسله و سئل الرضا7 عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لايدري أذكي هو ام لا ما تقول
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 356 *»
في الصلوة فيه و هو لايدري أيصلي فيه قال نعم انما اشتري الخف من السوق و يصنع لي و اصلي فيه و ليس عليكم المسألة. و سئل ابوعبدالله7 عن الحجامة الي ان قال و لايغسل مكانها لان الحجام مؤتمن اذا كان ينظفه و لميكن صبياً صغيراً و قال له رجل اذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي ان اشهد انه له قال نعم قال الرجل اشهد انه في يده و لااشهد انه له فلعله لغيره فقال ابوعبدالله7 أفيحل الشراء منه قال نعم فقال ابوعبدالله7 فلعله لغيره فمن أين جاز لك انتشتريه و يصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك هو لي فتحلف عليه و لايجوز انتنسبه الي من صار ملكه من قبله اليك ثم قال ابوعبدالله7 لو لميجز هذا لميقم للمسلمين سوق. الي غير ذلك من الاخبار الواردة في الحكم بملكية ذي اليد حتي يتبين خلافه و اخبار جواز التوكيل في النكاح و الطلاق و جميع الامور من غير اشتراط عدالة و فحص و الاستنابات في العبادات و غيرها ممايطول بذكرها البيان فلولا ان فعل المسلم كان يحمل علي الصحة و لاتحتاج الي فحص و اثبات ماكان يصح شيء من ذلك و لميقم معه للاسلام عمود و لميخضر عود و لبلغ بالناس الضيق و الحرج الي تعطيل جميع الامور فجواز الابتناء علي صحة افعال المسلمين و عدم المسألة مماجرت به الشريعة السمحة السهلة، نعم يخرج من ذلك مواضع التهمة التي يحصل الشك و التردد في عمله لتراكم القرائن و الظنون بحيث يظن الخلاف و البطلان او يتردد تردداً يقابل ظنه بالصحة و بذلك ايضاً نطقت اخبار كموثقة عمار قال سألت اباعبدالله7 عن الرجل من اهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج و يقول طبخ علي الثلث و انا اعلم انه يشربه علي النصف افاشربه بقوله و هو يشربه علي النصف قال لاتشربه قلت فرجل من غير اهل المعرفة ممن لانعرفه يشربه علي الثلث و لايستحله علي النصف يخبرنا ان عنده بختجاً و قد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه نشرب منه قال نعم و رواية علي بن جعفر عن اخيه7 قال سألته عن الرجل يصلي الي القبلة لايوثق به اتي بشراب زعم انه علي الثلث أيحل شربه قال لايصدق الا انيكون
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 357 *»
مسلماً عارفاً. و موثقة عمار بن موسي عن الصادق7 انه سئل عن الرجل يأتي بالشراب فيقول هذا مطبوخ علي الثلث فقال ان كان مسلماً او ورعاً مأموناً فلابأس انتشرب و رواية ابيبصير عنه7 قال كان علي بن الحسين7 رجلاً صرداً فلايد فيه فراء الحجاز لان دباغها بالقرط فكان يبعث الي العراق فيؤتي مماقبلكم بالفر و يلبسه فاذا حضرت الصلوة القاه و القي القميص الذي يليه و كان يسئل عن ذلك فيقول ان اهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة فيزعمون ان دباغه ذكوته و عن عبدالرحمن بن الحجاج قال قلت لابيعبدالله7 اني ادخل سوق المسلمين اعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فاشتري منهم الفراء للتجارة فاقول لصاحبها أليس هي ذكية فيقول بلي فيصلح لي انابيعها علي انها ذكية فقال لا ولكن لابأس انتبيعها و تقول قد شرط الذي اشتريته منه انها ذكية قلت و ما افسد ذلك قال استحلال اهل العراق الميتة و زعموا ان دباغ جلد الميتة ذكاتها ثم لميرضوا انيكذبوا في ذلك الا علي رسولالله9.
اقول: هذه الاخبار في مواضع التهمة بحيث يصير للرجل مشتبها و مثلها ما قال7 اذا كان الرجل مسلماً فنسي انيسمي يعني علي الذبيحة فلابأس بأكله اذا لمتتهمه. و سئل عن الرجل يذبح فينسي انيسمي أتؤكل ذبيحته فقال نعم اذا كان لايتهم الخبر. الي غير ذلك من الاخبار و معذلك حملنا الاجتناب علي الاستحباب لقول الباقر7 كلما فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتي تعرف الحرام بعينه فتدعه و سأله رجل عن الجبن و قال اخبرني من رأي انه يجعل فيه الميتة فقال امن اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الارض اذا علمت انه ميتة فلاتأكله و ان لمتعلم فاشتر و بع و كل والله اني لاعترض السوق فاشتري بها اللحم و السمن و الجبن والله مااظن كلهم يسمون هذه البربر و هذه السودان و قال كل شيء لك حلال حتي يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه ميتة.
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 358 *»
اقول و بالجملة الدين الحنيف اوسع من ذلك فيحمل جميع افعال المسلمين علي الصحة حتي يحصل العلم بان هذا الفعل المخصوص باطل او يشهد شاهدان عدلان ببطلان العمل.
و اما ما سألت عنه يرحمك الله كيف يثبت الوقف الذي وقفه الواقف قبلنا بزمان كثير؟
فاعلم ان مقتضي الاخبار ان كل مال ينسب الي مالكه الا انيثبت بثبوت معتبر شرعاً انه قد انتقل من ملكه الي ملك الغير و ذلك لاخبار قد استفاضت و ساعدها العقل السليم ان اليقين لاينقض الا بيقين مثله و المراد باليقين اليقين الشرعي فذو اليد مالك لما في يده يقيناً فلاينقض هذا اليقين الا بيقين شرعي مثله و قد قرر الشارع لاثبات النقل امورا:
فمنها اقرار الواقف بالوقف لماقال: اقرار العقلاء علي انفسهم جايز.
و منها شهادة عدلين علي انه وقف لقوله7 اذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم.
و منها الشياع لاحداثه العلم و قد امرنا بالاخذ بالعلم في كل مكان و قال7 من حق الله علي العباد انيقولوا ما يعلمون و يقفوا عند ما لايعلمون.
و قد تواتر بذلك الاخبار و شهد به صحيح الاعتبار ولكن لايخفي عليك ان الشياع يحصل به العلم اذا كانت الشهود شهدوا عن سمع و نطق او علم حاصل من القرائن و الامارات و قد ورد الخبر باجازة الشهادة العلمي و ان انكره اقوام فقد قال الصادق7 العلم شهادة و روي انه لاتكون الشهادة الا بعلم و قال ابوالحسن7 في حديث اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به و اذا جاءكم ما لاتعلمون فها و اهوي بيده الي فيه. الي غير ذلك من الاخبار فيثبت الوقف و غيره بشهادة عدلين سواء شهدا بعلم او بعيان و بالشياع اذا حصل به العلم و قد مرت الاعصار و الازمان بثبوت الاوقاف بالشياع و الشهرة و قد يثبت باقرار ذي اليد من الموقوف عليهم لانه في يده من غير نكير و لامدع فهو له و لانكير عليه فيمضي فعله كمايمضي ساير افعال المسلمين و قد
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 359 *»
مر ما يدل علي الحكم بملكية ذي اليد فيثبت بهذه الامور الوقفية للوقف و من هذا الباب ثبوت وقفية المساجد لانها في ايدي المسلمين و يتصرفون فيها علي الوقفية من غير نكير.
و اما ما سألت يرحمك الله و ايدك عن كتاب وقف في يد الموقوف عليهم و عليه خطوط جمع من العلماء و العدول و المسلمين و خواتيمهم هل يثبت بذلك الوقف ام لا؟
فاعلم انه لو لميكن علم لاحد من الموقوف عليهم بالوقف الا ان في يدهم ذلك الكتاب لايثبت به الوقف قطعاً لانه قد شاع و ذاع حتي ملأ الاصقاع و طرق الاسماع انه لاعبرة بالقرطاس و روي لاتكون الشهادة الا بعلم من شاء كتب كتاباً او نقش خاتماً و قال رسولالله9 لاتشهد بشهادة لاتذكرها فانه من شاء كتب كتاباً و نقش خاتماً الي غير ذلك من الاخبار فلاعبرة بمحض الكتاب و الخط و الخاتم و لايثبت به شيء الا انيكون الموقوف عليهم يعلمون ذلك كمايعلمون كفهم من القرائن الخارجة فحينئذ لهم العمل بذلك الكتاب و الشهادة به كماقال ابوالحسن7 اذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به و اذا جاءكم ما لاتعلمون فها و اهوي بيده الي فيه. و قد قال الرضا7 لايحل مال الا من وجه احله الله.
و اما ما سألت وفقك الله و سددك هل يثبت بطلان الوقف اذا كان ما في الكتاب باطلا ام لا، و ذكرت ان جمعاً من المنتحلين يقولون ان اصل الوقف لايبطل و ان كان ما في الكتاب باطلاً لانه لاعبرة بالقرطاس و ان افعال المسلمين محمولة علي الصحة و ذكرت الاعتراض عليهم انه لو تحمل افعال المسلمين علي الصحة لم لاتحمل افعال جمع من المسلمين من اثبات شهادتهم علي الكتاب و ختمهم علي الصحة؟
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 360 *»
فاعلم ان مقدمات اقوالهم صحيحة و لايجوز رد النتيجة الباطلة بابطال المقدمات الصحيحة نعم تبطل النتيجة باظهار بطلان الانتاج و عدم الارتباط بين النتيجة و المقدمات فنقول انه لاعبرة بالقرطاس من حيث هو هو يقيناً و افعال المسلمين محمولة علي الصحة يقيناً الا انا نطالبهم بثبوت الوقفية من رأسها فان افعال المسلمين تحمل علي الصحة اذا علم صدورها عن المسلمين فما لميثبت صدور الوقف من الواقف يحكم ببقاء ملكه لذلك المسلم و بعد موته بنقله ميراثاً و نطالبهم بدليل الوقفية علي الصحيح فان قالوا باقرار الواقف فنسئلهم عن كيفية العلم به بعد مر الدهور و الاعصار علي موته و لايسعهم ذلك الا انيدعوا بحصول العلم لهم من القرائن و الاحوال انه قال ذلك و اقر بالوقفية في زمن حيوته علي وجه صحيح فحينئذ هم من الشهود اذا تحوكم عند حاكم غيرهم فان لميقم الموقوف عليهم بينة معارضة لبينتهم يحكم لهم و الا فيرجح البينات و مع عدم الترجيح يقرع و يحلف و اذا تحوكم عندهم بعد ما ثبت جواز قضاهم فليتقوا الله و ليحكموا بعلمهم و لايجوز الرد عليهم بعد ثبوت جواز قضاهم بين المسلمين و ليحذر الذي يعلم انه ليس بوقف صحيح عن الانتفاع به علي الوقفية فانه لايجوز للخصمين بعد حكم الحاكم انيمضيا في حكمه اذا علما مخالفة الحكم الظاهر للواقع و قد وردت بذلك الاخبار فان لميدع اولئك المنتحلين العلم القطعي و هو الظاهر من حالهم نطالبهم باثباتها فان قالوا بشهادة عدلين يشهدان بعلم منهم علي صدور الوقف عن الواقف بوجه صحيح فيصيران مثلهم حين كانوا شهوداً و يعمل بماذكرنا و لايكفي شهادتهما بصدور وقف ما مع اقامة المدعي للبطلان شهوداً علي البطلان فان فعل المسلم يحمل علي الصحة ما لميتبين بطلانه و يتبين البطلان بالشاهدين لانه قال7 اذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم و ان لميدعوا شهادة عدلين نطالبهم باثباتها فان قالوا بالشياع و الاستمرار في الاعصار فنقول لهم الشياع و الاستمرار علي ما في هذه الورقة فان كان الشياع مورثاً للعلم فاورثنا العلم بصدور الوقف عن الواقف بهذه الكيفية و لماكانت هذه الكيفية باطلة علم بطلان الوقف عن الرأس فكمايثبت بالشياع الوقفية و الصحة في مواضعها
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 361 *»
يثبت به البطلان في مواضعه و ان قالوا علمنا بالشياع صدور وقف ما و لاعبرة بالقرطاس و افعال المسلمين محمولة علي الصحة قلنا ان افعال المسلمين محمولة علي الصحة اذا لمتقم بينة علي بطلانها و بعد اقامة البينة العادلة يحكم ببطلانها و وضع البينة للحكم بمقتضاها و المفروض انك قد ذكرت ان لك بينة علي البطلان فحينئذ يقضي لك علي البطلان فانه لاتعارض بين بينتك و الشياع فان بالشياع ثبت وقف ما و هو اعم من الصحة و البطلان و ببينتك ثبت البطلان و لاتعارض اصل صحة فعل المسلم مع البينة لان وضع البينة للخروج عن الاصل و الا ماكان يحكم بالبينة بين خصمين في الاسلام ابداً لان الاصل كان صحة فعل كل فاعل ايماصنع.
و اما ما ذكرتم انهم يجرحون الشاهد اذا شهد بالبطلان في هذه الازمان و ينسبونه بادعاء الغيب، نعم لهم الجارح و هو حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة فياسبحان الله فلايشهدوا ان محمداً رسولالله9 و لايشهدوا بخلافة الائمة الماضية و بكفر الخلفاء الملعونة فانهم ماشاهدوهم و هل ينكر محقق جواز الشهادة العلمي و لاادري ما الفارق بينه و بين العياني و قد يعلم الغائب عن امر اموراً لميعلمه المشاهد و هل تسمع شهادة المشاهد الا لعلمه بالواقعة و قد قال الله سبحانه في كتابه الا من شهد بالحق و هم يعلمون و قد قال الصادق7 العلم شهادة و لرب غائب اشد يقيناً بالامر عن الحاضر المشاهد و هل فوق العلم شيء فاذا كان لك اليوم بينة عادلة او شياع قائم علي ان الوقف صدر من الواقف علي وجه البطلان يحكم لك البتة من غير اكتراث و انما حمل القائل بذلك ابطال المواريث كماتعج من جور قضائهم المواريث في ساير المقامات.
و اما ما ذكرت من حمل صحة افعال الشاهدين في كتبهم و ختمهم فنعم يحمل علي الصحة اذا علم انه منهم كماروي انه قيل لابيالحسن الرضا7 الرجل من اصحابي يعطيني الكتاب و لايقول اروه عني يجوز لي ان ارويه
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 362 *»
عنه فقال اذا علمت ان الكتاب له فاروه عنه. الي غير ذلك من الاخبار و قد كانت الائمة: يكتبون الكتب الي اصحابهم و كان يجب عليهم العمل به اذا كانوا يعلمون ان الكتاب لامامهم فاذا علمت ان الخط و الختم لفلان الثقة كتبه شهادة منه من غير خوف عن جاير و لاتقية و علمت انه لميكتب شبيهاً بخطه و لمينقش شبيهاً بختمه و علمت شهادته بذلك كنت من الشاهدين علي الشهادة فاذا كان معك من يشهد بشهادة ذلك الثقة تكون شهادتكما بمنزلة شاهد عدل عن الواقع فيحمل فعلهم علي الصحة بهذه الكيفية و اما اذا لميعلم ان الخط خطه و الختم ختمه كيف يحمل علي الصحة او لميعلم انه شهادته او يحتمل خوفه من جائر و تقية كيف يعلم انه شاهد بذلك و بالجملة المدار علي القطع الشرعي.
و اما ما ذكرت انهم يقولون لو اقر الموقوف عليهم الموجودون بان هذه الضيعة مثلاً وقف علينا علي ما في الورقة الباطلة ما فيها لايسمع اقرارهم للاضرار بالطبقة الثانية فذلك كلام خال عن التحقيق لانه ان ثبتت الوقفية بشياع الوقفية في هذه الموجودين و من قبلهم و غيرهم فشياعها علي هذا النحو و هذا باطل و ان كان لايورث شياعهم قطعاً فلميثبت الوقف عن الرأس و ان ثبت الوقف ثبت البطلان اذ لاشياع علي غير النحو و عجباً لقضاء هؤلاء المنتحلين فعلي قولهم كل اثبات يضر بقوم باطل و عن درجة الاعتبار ساقط و لااظنهم يلتزمون ذلك و قد علمت ان نفس الوقف ثابت بهذا الشياع فكيف لايثبت بطلانه به و اذ لم يسلموا هذا الشياع قل لهم فلميثبت الوقف بهذا الشياع و هو رد علي الورثة يتصرفون فيه كيفما شاؤا نعم لايثبت قول الطبقة الموجودة في البطلان اذا كان الوقف قبلهم مستمراً علي النهج الصحيح ثم هؤلاء الطبقة ادعوا البطلان و اتفقوا عليه ارادة بيعه و التصرف فيه علي حسب ارادتهم و اما اذا كان الاستمرار قديماً و حديثاً علي الكتاب الباطل ليست الطبقة متهمين فمتي ما علم الوقفية و باي شيء علم الوقفية علم البطلان.
«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 363 *»
و اما ما ذكرت انهم يقولون ان الوقف مجملاً ثابت و فعل الواقف محمول علي الصحة. فقد مر جوابه ان الثبوت الاجمالي لايعارض العلم الحاصل عن الشياع بالبطلان و اصل صحة فعل المسلم لايعارض العلم الشرعي بالبطلان فهو كلام طامع في حطام الدنيا ساع في اثبات الوقفية تعصباً و اما ساير ما ذكرتم في السؤال يعلم ممااسبقنا فقد تبين و ظهر لمن نظر و ابصر ان كل ملك ثابت لمالكه مستقر لاينتقل الي غيره الا بدليل شرعي فكون هذا المال ملكاً للواقف ثابت معلوم و يحتاج وقفيته علي الوجه الصحيح الي ثبوت الوقفية علي النحو الصحيح المعلوم مصارفه و الاجمالي من غير نكير و معارض و مدع علي بطلانه فيحمل فعل المسلم علي الصحة فان علم بعض مصارفه الصحيحة يصرف فيه و ان لميعلم شيئاً من مصارفه يتصدق بغلتها كماروي عن ابيالحسن7 و ان ثبت الوقف الاجمالي و عارضه شياع علي وقفيته علي نحو باطل بحيث حصل العلم بصدور الوقف كذلك او شهد شاهدا عدل علي صدوره علي نحو البطلان سواء شهدا عن علم او عيان او اقر الواقف مع وجوده باصداره علي نحو البطلان مع اقرار الموقوف عليهم او اثباته عليهم او علم الحاكم من القرائن صدوره علي نحو البطلان يحكم بالبطلان و يرد الي الواقف ان كان و الا فالي الورثة انشاءالله و الله ولي التوفيق.
كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم امتثالاً لامر المولي الجليل و الاولي النبيل حلال الفوادح آقا محمد كريم بن محمد صالح في عصر يوم الاربعاء لثلث بقين من شهر ذيقعدة الحرام من شهور سنة 1256 حامداً مصلياً مستغفراً.