22-13 مکارم الابرار المجلد الثانی والعشرون ـ رسالة في الاستحاضة ـ مقابله

 

رسالة في الاستحاضة

 

من مصنفات العالم الربانی و الحکیم الصمدانی

مولانا المرحوم الحاج محمد کریم الکرمانی اعلی الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 295 *»

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعــد يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم ان تكاليف المستحاضات في الاغسال من المشكلات في فن الفقه لتصادم الادلة و اختلاف الاخبار في الظاهر و اختلاف الاقوال بحسب الانظار فاحببت ان اكتب فيها كلمات في رسالة مستقلة لينكشف نقابها و تسفر عن محياها لخطابها فبنيتها علي ثلثة مقاصد.

المقصد الاول

في ذكر الاخبار و دلالة كل خبر و هي اخبار:

الاول: سئل ابوعبدالله7 عن المرأة تستحاض فقال قال ابوجعفر7 سئل رسول‌الله9 عن المرأة تستحاض فامرها ان تمكث ايام حيضها لاتصلي فيها ثم تغتسل و تستدخل قطنة و تستثفر بثوب ثم تصلي حتي يخرج الدم من وراء الثوب انتهي. السؤال عن مطلق المرأة و عن مطلق الاستحاضة فتجعل تلك الايام من عادتها و لاتصلي ثم تغتسل و هذا الغسل للحيض فانه عند تمام الحيض و قوله ثم تصلي حتي يخرج الدم من وراء الثوب يدل علي انها طاهرة تصلي و ليس فيها حكمها في الغسل و الوضوء و لعل ذكر الغاية فيه لاجل المبالغة في انها طاهرة و تصلي حتي يسيل.

الثاني: عن ابي‌جعفر7 في حديث و ان لم‌يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد انتهي. ليس في هذا الخبر ان هذا الغسل في اي وقت و كذا ليس في الخبر ان الغسل الواحد غسل الحيض فاستحاضتها لاتحتاج الي غسل كمايشهد به الخبر الخامس و هو الاظهر او غسل للاستحاضة فالخبر مجمل.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 296 *»

الثالث: عن ابي‌جعفر7 في رواية في المستحاضة فلتغتسل و تستوثق من نفسها و تصلي كل صلوة بوضوء ما لم‌ينفذ الدم فاذا نفذ اغتسلت و صلت انتهي. و هذا الخبر فيه دلالة علي ان غير النافذ لاغسل فيه و عليها ان‌تصلي كل صلوة بوضوء ما لم‌تنفذ و الظاهر ان النفوذ من القطنة الي الخرقة كمايشهد به ساير الاخبار و هو مجمل بالنسبة الي الغسل الواحد و المتعدد.

الرابع: عن ابي‌جعفر7 في رواية بعد الاستظهار بيوم او يومين ثم تمسك قطنة فان صبغ القطنة دم لاينقطع فلتجمع بين كل صلوتين بغسل انتهي. و مفاد هذا الخبر انه اذا كان الدم لاينقطع و صبغ القطنة كلها و هو النافذ فعليها لكل صلوتين غسل و سكت عن اقل منه و لعل المراد بقوله لكل صلوتين في الصبح صلوة الليل و الصبح كمايظهر من فقه الرضا7.

الخامس: قال ابوجعفر7 المستحاضة تقعد ايام قرئها ثم تحتاط بيوم او يومين فان هي رأت طهراً اغتسلت و ان هي لم‌تر طهراً اغتسلت و احتشت فلاتزال تصلي بذلك الغسل حتي يظهر الدم علي الكرسف فاذا ظهر اعادت الغسل و اعادت الكرسف انتهي. و ذلك ظاهر في انها تصلي حتي تكون الاستحاضة متوسطة فاذا ظهر الدم علي الكرسف و ثقبه و صبغه اغتسلت ولكنه مجمل في الغسل الواحد و المتعدد.

السادس: و عن ابي‌جعفر7 في ذات العادة فلتدع الصلوة‌ ايام اقرائها ثم تغتسل و تتوضأ لكل صلوة قيل و ان سال قال و ان سال مثل المثعب و قال في المختلطة اذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلوة و اذا رأيت الطهر و لو ساعة من نهار فاغتسلي و صلي انتهي. قوله ثم تغتسل يعني للحيض و تتوضأ لكل صلوة في جميع انواع الاستحاضة و ليس فيه ذكر الغسل و اثبات الوضوء لاينفي الغسل و فيه دلالة علي ان جميع الاستحاضة فيه وضوء لكل صلوة و قوله فاغتسلي يعني للحيض و صلي.

السابع: و قال ابوعبدالله7 المستحاضة تنظر ايامها فلاتصلي فيها

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 297 *»

و لايقربها بعلها فاذا جازت ايامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر تؤخر هذه و تعجل هذه و للمغرب و العشاء غسلاً تؤخر هذه و تعجل هذه و تغتسل للصبح و تحتشي و تستثفر و لاتحني و تضم فخذيها في المسجد و ساير جسدها خارج و لايأتيها بعلها ايام قرئها و ان كان الدم لايثقب الكرسف توضأت و دخلت المسجد و صلت كل صلوة بوضوء و هذه يأتيها بعلها الا في ايام حيضها انتهي. و هذا الخبر جعل للثاقب الاغسال و غير الثاقب كائناً ماكان الوضوء و اعلم ان الثقب يحتمل ان‌يكون بمعني الخرق و هو المعروف و يحتمل ان‌يكون بمعني الحمرة فان الثقيب بمعني شديد الحمرة و علي اي حال ثقب الكرسف لايستلزم السيلان فهو في المتوسطة و هذا الخبر مما يدل علي ان حكم المتوسطة كالكثيرة.

الثامن: قال ابوعبدالله7 في حديث حيض الحامل و ان لم‌ينقطع الدم عنها الا بعدما تمضي الايام التي كانت تري الدم فيها بيوم او يومين فلتغتسل ثم تحتشي و تستذفر و تصلي الظهر و العصر ثم لتنظر فان كان الدم فيما بينها و بين المغرب لايسيل من خلف الكرسف فلتوضأ و لتصل عند وقت كل صلوة ما لم‌تطرح الكرسف عنها فان طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل و ان طرحت الكرسف عنها و لم‌يسل الدم فلتتوضأ و لتصل و لاغسل عليها قال و ان كان الدم اذا امسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيباً لايرق فان عليها ان‌تغتسل في كل يوم و ليلة‌ ثلث مرات و تحتشي و تصلي و تغتسل للفجر و تغتسل للظهر و العصر و تغتسل للمغرب و العشاء قال و كذلك تفعل المستحاضة فانها اذا فعلت ذلك اذهب الله الدم عنها انتهي. و هذا الخبر ايضاً ظاهر في ان ما لم‌يسل من خلف الكرسف تتوضأ لكل صلوة فان طرحت الكرسف و سال وجب عليها الغسل و مع الكرسف اذا كان يسيل من خلف الكرسف عليها الاغسال و الزيادة في هذا الخبر حكمها حين رفع الكرسف و خلو فرجها عن الحشو فمع الخلو ان كان يسيل عليها غسل و الا عليها وضوء بالجملة هو ايضا مطابق لتلك الاخبار في ان عند السيلان عليها الاغسال و عند عدم السيلان عليها الوضوء و ليس فيه ذكر

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 298 *»

غسل المتوسطة.

التاسع: قيل لابي‌عبدالله7 امرأة رأت الدم في حيضها حتي تجاوز وقتها متي ينبغي لها ان‌تصلي قال تنظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة ايام فان رأت دماً صبيباً فلتغتسل في وقت كل صلوة انتهي. و هذا الخبر ايضاً لاينافي ما قبله لانه اثبت في الدم الصبيب الاغسال و انما الاشكال فيه في قوله في وقت كل صلوة و الظاهر الاوقات الثلثة فانها تجمع بين الصلوتين كماروي خمس صلوات في ثلث اوقات و روي اذا زالت الشمس دخل وقت الصلوتين و اذا غربت الشمس دخل وقت الصلوتين و ان قال قائل ان المرأة اذا جمعت الصلوتين تغتسل ثلثة اغسال و اما ان فرقت و رأت بين الصلوتين موجب الغسل تغتسل ليس ببعيد.

العاشر: قال ابوعبدالله7 في حديث فان ظهر علي الكرسف زادت كرسفها و توضأت و صلت انتهي. فان حملنا هذا الخبر علي ظهور الدم علي الطرف الداخل وافق ساير الاخبار و ان حملناه علي الطرف الخارج خالف.

الحادي‌عشر: عن احدهما8 المستحاضة تكف عن الصلوة ايام اقرائها و تحتاط بيوم او اثنين ثم تغتسل كل يوم و ليلة ثلث مرات انتهي. و الخبر مطلق في جميع المستحاضات و علي اطلاقه يخالف الاخبار و ليس في لفظه ما يدل علي انها مخصوصة بالسائل.

الثاني‌عشر: عن ابي‌الحسن7 فيمن تري الدم مطلقاً بعد العشرة تغتسل و تستدخل قطنة بعد قطنة و تجمع بين صلوتين بغسل و يأتيها زوجها ان اراد انتهي. و هذا الخبر ايضاً كسابقه و لعل المراد بقوله تجمع بين صلوتين في الصبح صلوة الليل و صلوة الصبح.

الثالث‌عشر: عن سماعة مضمراً و ان لم‌يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة و الوضوء لكل صلوة و ان اراد زوجها ان‌يأتيها فحين تغتسل هذا ان كان دمها عبيطاً و ان كان صفرة فعليها الوضوء انتهي. قوله ان لم‌يجز الدم الكرسف اعم من القليلة و المتوسطة التي يغمر الدم الكرسف و لايسيل الي الثفر فعليها فيهما

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 299 *»

غسل واحد كل يوم مرة و الوضوء لكل صلوة ان كان الدم عبيطاً و ليس فيه ان الغسل الواحد للصبح و ان كان صفرة فعليها الوضوء لكل صلوة مرة.

الرابع‌عشر: في الفقه الرضوي في الحايض فاذا زاد عليها الدم علي ايامها اغتسلت في كل يوم مع الفجر و استدخلت الكرسف و شددت و صلت ثم لاتزال تصلي يومها ما لم‌يظهر الدم فوق الكرسف و الخرقة فاذا ظهرت اعادت الغسل و هذه صفة ما تعمله المستحاضة بعد ان‌تجلس ايام الحيض علي عادتها انتهي. و مقتضي هذا الفتوي منه7 انها في القليلة و الكثيرة تغتسل للفجر فان ظهرت علي الخرقة اعادت الغسل لصلوة الظهر و العصر و هو كخبر سماعة الا ان في خبر سماعة زيادة الوضوء لكل صلوة اذا اغتسل غسلاً واحداً لهما و قال7 في موضع آخر فيمن رأت اكثر من عشرة ايام ثم تغتسل يوم حادي‌عشر و تحتشي و تغتسل فان لم‌يثقب الدم القطن صلت صلوتها كل صلوة بوضوء و ان ثقب الدم الكرسف و لم‌يسل صلت صلوة الليل و الغداة بغسل واحد و ساير الصلوات بوضوء و ان ثقب الدم الكرسف و سال فذكر لها ثلثة اغسال انتهي. و في هذه الفقرة فرق بين القليلة و المتوسطة فجعل للقليلة الوضوء لكل صلوة و للمتوسطة الغسل صباحاً و الوضوء لكل صلوة و للكثيرة الاغسال و لايفهم هذا التفصيل من غيره من الاخبار كماسمعت.

الخامس‌عشر: قال ابوعبدالله7 في حديث غسل الاستحاضة واجب اذا احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلوتين و للفجر غسل و ان لم‌يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة و الوضوء لكل صلوة الخبر. و هذا الخبر في الكثيرة كساير الاخبار ولكنه ادخل المتوسطة ظاهراً في القليلة و ليس فيه وقت الغسل.

السادس‌عشر: سئل ابوعبدالله7 عن المستحاضة فذكر فيها الي ان قال فلتحتط بيوم او يومين و لتغتسل و لتستدخل كرسفاً فان ظهر عن الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفاً آخر ثم تصلي فاذا كان دماً سائلاً فلتؤخر الصلوة ‌الي

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 300 *»

الصلوة و ذكر الاغسال انتهي. و هذا الخبر دل علي انها تغتسل للحيض و تستدخل كرسفاً و تصلي و لاغسل عليها فان ظهر عن الكرسف تغتسل للاستحاضة و لم‌يذكر فيه لاي وقت و اما في السيل فهو كساير الاخبار هذا انواع الاخبار و خلاصتها في حكم اقسام الاستحاضة.

المقصد الثاني

في ذكر اقوال العلماء

قال في مفتاح الكرامة بعد قول المصنف ان ظهر علي القطنة و لم‌يغمسها وجب عليها تجديد الوضوء عند كل صلوة قال اجماعاً في الخلاف و جامع المقاصد و ظاهر الغنية و نقلت حكايته عن الناصريات و في التذكرة انه مذهب علمائنا و هو المشهور كما في المختلف و الذكري و كشف الالتباس و تخليص التلخيص و الكفاية و مذهب الاكثر كما في المنتهي و مذهب المعظم كما في كشف اللثام و هو مذهب الخمسة و اتباعهم كما في المعتبر.

اقـول: و يدل علي هذه الاقوال من الاخبار الحديث الثالث و السادس و السابع و الثامن و الثالث‌عشر و العبارة الثانية من الفقه.

قال في مفتاح الكرامة و عن الحسن بن عيسي انه لم‌يوجب عليها غسلاً و لاوضوءً،

اقـول: و ربما يستدل علي هذا القول بالحديث الاول و الخامس و في الحدايق عن ابن‌الجنيد المستحاضة التي يثقب دمها الكرسف تغتسل لكل صلوتين و الذي لايثقب دمها الكرسف تغتسل في اليوم و الليلة مرة واحدة ما لم‌يثقب. و ذكر في مفتاح الكرامة بعد قول المصنف و ان غمسها من غير سيل وجب مع ذلك تغيير الخرقة و الغسل لصلوة الغداة و مثل الغمس ما اذا ظهر عليها اوثقبها و لم‌يسل قال هذا الحكم بجميع قيوده ما خلا الخرقة خيرة المقنعة و المراسم و الوسيلة و السراير و الشرايع و النافع و التحرير و نهاية الاحكام و المختلف و التلخيص و الذكري و الدروس و البيان و اللمعة و جامع المقاصد و شرح الجعفرية و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 301 *»

الموجز و الروضة و المسالك و كشف الالتباس و غيرها و نسبه في المختلف و تخليص التلخيص و غيرهما الي الصدوق و التقي و القاضي و نقل ذلك عن السيد في الجمل كمايأتي.

اقـول: و يدل علي ذلك من الاخبار صريحاً عبارة الفقه الرضوي و لادليل عليه غيره قال و ربما احتمل من عبارتي المبسوط و الخلاف حيث يقول و لاتجمع بين فرضين بوضوء و هو المشهور كما في الذكري و تخليص التلخيص و شرح الجعفرية و الكفاية و شرح المفاتيح بل في الاخير كاد يكون اجماعاً و هو مذهب الاكثر كما في التذكرة و جامع المقاصد و كشف الرموز قال و في الخلاف و ظاهر الغنية الاجماع علي وجوب هذا الغسل و هو المنقول عن الناصريات.

و اما الوضوء فظاهر المعتبر و كشف الرموز الاجماع علي انه لايجتمع مع الغسل و نقله عن الشيخ في المبسوط و النهاية و الهداية و الغنية و الصدوق و القاضي و التقي و السيد في الناصرية قال و عن الحسن بن عيسي العماني و محمد بن احمد الكاتب انه يجب عليها ثلثة اغسال كالكثيرة و نقله في الذكري عن صاحب الفاخر و هو خيرة المعتبر و المنتهي و مجمع الفائدة و البرهان و المدارك و الكفاية.

اقـول: و هو خيرة المفاتيح و يدل علي هذا الاختيار الحديث السابع و اما الاخبار الآمرة لمطلق الاستحاضة بالاغسال فهي اعم و قال بعد قول المصنف و ان سال وجب مع ذلك غسل الظهر و العصر و غسل المغرب و العشاء.

و اما وجوب الوضوء لكل صلوة فهو خيرة السراير و الشرايع و النافع و المنتهي و نهاية الاحكام و المختلف و التحرير و الارشاد و التلخيص و التذكرة و الذكري و الدروس و البيان و اللمعة و الموجز الحاوي و جامع المقاصد و فوائد الشرايع و الجعفرية و شرحها و الروضة و المسالك و في الخلاف الاجماع عليه و هو المشهور كما في المختلف و تخليص التلخيص و مذهب اكثر المتأخرين كما في كشف الرموز و كثير كما في التنقيح و عامة المتأخرين كما في المدارك و جمهور المتأخرين كما في الكفاية و حجتهم بعد اجماع الخلاف

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 302 *»

و عموم قوله اذا قمتم الي الصلوة فاغسلوا و كل غسل معه وضوء ان الاصل عدم اغناء ‌الغسل عنه و انه اذا وجب لكل صلوة في القليلة فبالاولي وجوبه في الكثيرة لانه حدث و في المقنعة و الجمل للسيد علي ما نقل عنه و المعتبر و كشف الرموز و شرح المفاتيح علي انها تجمع بين كل صلوتين بوضوء و في الذكري انه قطع به ابن‌طاوس و في المعتبر و كشف الرموز انه لم‌يذهب الي وجوب الوضوء لكل صلوة احد من طايفتنا و اقتصر الصدوق في الفقيه و الهداية و ابوه في رسالته كما نقل عنه و السيد في الناصرية علي ما نقل و الشيخ في النهاية و التقي و القاضي علي ما نقل عنها و الديلمي في المراسم و السيد حمزة في الغنية و الطوسي في الوسيلة علي ذكر الاغسال من دون تعرض للوضوء و هو مختار الخراساني في الكفاية و المقدس في مجمع البرهان و صاحب المدارك و في كشف اللثام الي ان قال و اما وجوب الاغسال فعليه الاجماع في الخلاف و المعتبر و المنتهي و التذكرة و الذكري و المدارك و نفي عنه الخلاف في جامع المقاصد و شرحي الجعفرية و شرح المفاتيح.

اقـول: و قد ذهب شيخنا الاوحد اعلي الله مقامه في الحيدرية الي ان للقليلة الوضوء لكل صلوة و للمتوسطة مزيداً علي ذلك غسل لصلوة الصبح و للكثيرة مزيداً علي ذلك غسلان للظهر و العصر و المغرب و العشاء و ذهب سيدنا الاستاد اعلي الله مقامه الي ان للقليلة الوضوء لكل صلوة و للمتوسطة الوضوء لكل صلوة و غسل للغداة و للكثيرة ثلثة اغسال و تتوضأ بعد كل غسل وضوءاً واحداً و قال لم‌يظهر لي دليل معتمد من طريق اهل‌البيت: و احتياط الوضوء ليس في محله.

و قال في مفتاح الكرامة بعد قول المصنف و انقطاع دمها للبرء يوجب الوضوء قال كما في المنتهي و نهاية الاحكام و التحرير و الذكري في اول كلامه فيها و الدروس و حواشي الشهيد و جامع المقاصد و الجعفرية و شرحها و الموجز الحاوي و كشف الالتباس و حواشي الشهيد علي الكتاب و المدارك و شرح المفاتيح و زاد الشهيد في الدروس و الذكري و حواشيه علي الكتاب و المحقق

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 303 *»

الثاني في جامع المقاصد و الجعفرية و شارحاها و الشهيد الثاني في حواشيه علي الكتاب ايجابه الغسل في الكثيرة ايضاً و مال اليه في المدارك و رده في الموجز الحاوي و شرحه و كشف اللثام و نص المصنف و نهاية الاحكام علي عدم ايجابه الغسل و لم‌اجد احداً اوجبه سوي من ذكرنا.

اقـول: و قال شيخنا الاوحد اعلي الله مقامه في الحيدرية ان حصل الانقطاع عن برء وجب عليها تجديد الوضوء ان كانت طهارتها عن وضوء كما في القليلة و في المتوسطة في غير الصبح او هو مع الغسل كما في المتوسطة في الصبح و الكثيرة في الكل و تنوي بطهارة الانقطاع الرفع و هي حينئذ طاهرة حتي يقع منها حدث فان حصل الانقطاع عن برء بعد الطهارة قبل الصلوة تطهرت كما مر و بعد الصلوة تطهرت لما يستقبل من الصلوة و في اثناء الصلوة فالاصح بطلانها و الطهارة و تعيد الصلوة و كذا قال سيدنا الاستاد في رسالته قال: «و بعد الانقطاع و البرء يجب عليها الوضوء ان كانت قليلة و مع الغسل في الصبح ان كانت متوسطة و احد الاغسال الثلثة في الكثيرة» فان كان البرء بعد الصلوة تعيد الطهارة للصلوة الآتية و ان كان في اثناء الصلوة فالاصح بطلان الصلوة و وجوب الطهارة و الاعادة.

المقصد الثالث

في ما افهمه من احاديث آل‌محمد:

و لاشك في انه ليس علي ما نفهم آية في الكتاب نستدل به و لاسنة مستجمع علي تأويلها من الضرورة و الضروريات و ليس في المقام اجماع حقيقي الا هذه الاجماعات المنقولة و ليس للعقول في احكام الله مدخل و المنقول من العامة اقوال مختلفة‌ فلابد لنا من الرجوع الي هذه الاخبار فان اجتمعت و الا فالخيار و جميع ماسواه خرص و ظن و تخمين و تقريب و لسنا منها في شيء.

فاقـول: اما الاستحاضة الكثيرة و اغسالها الثلث فقد اجتمعت عليها الاخبار المطلقة و خصوص الثامن و التاسع و الرابع‌عشر و الخامس‌عشر و السادس‌عشر و لم‌ينقل خلاف عن الشيعة في ذلك

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 304 *»

و لم‌ينف الاغسال حديث و عدم ذكرها في بعض الاخبار ليس ينفيها و لايوجد خبر حاو لجميع الاحكام و قول ان الحديث الوارد في بيان التكليف ان لم‌يكن فيه ذكر شيء دل علي عدمه ليس علي اطلاقه فان الغرض في كل حديث بيان حاجة السائل او بيان المقتضي لا جميع اطراف المسألة.

و اما المتوسطة في الاصطلاح فليس في الاخبار لها دليل مع انها في موضع البيان الا في الفقه الرضوي في العبارة الثانية و اما العبارة الاولي فتلحق المتوسطة بالقليلة و لكون العبارتين في كتاب واحد يمكن حمل الاولي علي الثانية بالجملة لادليل عليها الا هذه العبارة و الاخبار التي فيها غسل واحد يحتمل فيها انه غسل الحيض و ظاهر بعض الاخبار الحاقها بالكثيرة كالحديث السابع و ربما  يلحق في بعض الاخبار بالقليلة كالحديث الثامن و ربما يلحق في بعض الاخبار بالقليلة ولكن اثبت لهما غسلاً واحداً كالثالث‌عشر و الخامس‌عشر و ليسا بنصين صريحين فمقتضي عدم المرجح من كتاب و لاسنة جواز العمل بمقتضي حديث الفقه فانه رخصة في ترك الغسلين الآخرين و الاكتفاء في ساير الصلوة بالوضوء و لم‌نأخذ بالحديث الذي الحقها بالقليلة في الوضوء لعدم صراحته في المطلوب و اثبات الوضوء لاينافي اثبات الغسل و ليس فيه نفي الغسل.

و اما القليلة فتصلي كل صلوة بوضوء للحديث الثالث و السابع و عبارة الفقه. و اما الحديث الثالث‌عشر و الخامس‌عشر فيحملان علي ثقب الكرسف و عدم الجواز الي الخرقة و هذا هو الراجح من معنييهما. و اما الحديث الاول فيمكن حمله علي انه لم‌يذكر حكم القليلة و الغرض فيه محض عدم الغسل في القليلة و كما لم‌يذكر حكم الكثيرة لم‌يذكر حكم المتوسطة و اما الصلوة التي امر بها فلاشك في انها تصلي و حكمها حكم الطاهرة و كذلك الحديث الخامس فهما واردان في محض عدم الغسل في القليلة فلاتعارض صريحاً بين الاخبار و اما وضوء المستحاضة مع اغسالها فلم‌يذكروا لها سنداً الا بعض الوجوه الاعتبارية ولكن نحن وجدنا له حديثاً صريحاً و هو الحديث السادس و هو صريح واضح في ان المستحاضة مطلقاً تتوضأ لكل صلوة و لايمكن تخصيصه بالقليلة و المتوسطة لقوله «و ان سال مثل

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 305 *»

المثعب فيجري في الكل» و خلو بعض الاخبار منه لايدل علي نفيه فان اثبات الشيء لايدل علي نفي ماعداه كماروي في الخبر و قلما يوجد حديث محتو لجميع احكام المسألة و انما كانوا يجيبون السائل من حيث يجهل و موضع حاجته فاطلاق عدم الذكر ليس بمعمول به و يشهد به الاعتبار ايضاً ان هذا الوضوء ليس لتمام الغسل بحيث اذا لم‌يحدث منه حدث بعد الغسل يكون عليها وضوء للصلوة و انما الوضوء للحدث المستمر فلو لم‌يحدث حدث بعد الغسل ليس عليها وضوء عملاً برواية سئل ابوعبدالله7 عن الرجل اذا اغتسل من جنابة او يوم جمعة او يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك او بعده قال لا ليس عليه قبل و لا بعد قد اجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض او غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد قد اجزأها الغسل انتهي. فقوله غير ذلك يشمل غسل الاستحاضة فليس في غسل الاستحاضة وضوء متوسطة كانت او كثيرة و يدل عليه ساير ما يدل علي ان الغسل يكفي عن الوضوء ولكن معلوم ان ذلك مخصوص بما اذا لم‌يحدث بعد الغسل حدث فان لم‌يظهر منها دم بعد الغسل فهو يكفي و لاتكليف عليها زايداً و ليست بمستحاضة و اما اذا حدث دم بعد الغسل فلاتعيد الغسل و يكفي.

و ان قلت من اين خصصت الوضوء بحال رؤية الدم بعد الغسل؟

قلت من اجل اني لم‌احكم بالوضوء من جهة ان الغسل غير كاف عن الوضوء بل من اجل قوله7 المستحاضة تتوضأ لكل صلوة و التي لاتري الدم بعد الغسل ليست بمستحاضة حتي يجب عليها الوضوء و الغسل تام في الطهارة فلايجب عليها الوضوء و دم الاستحاضة لايحتاج الي طهارتين و لادليل عليه.

و اما تغيير القطنة و الخرقة للصلوة فقد اوجبها بعضهم نظرا الي عدم العفو عن دم الحيض و الحاق دم الاستحاضة به و الالحاق قياس منهي و القطن و الخرقة مما لاتصح معهما الصلوة منفردتين و قد قال ابوعبدالله7 لابأس بالصلوة في الشيء الذي لاتجوز الصلوة فيه وحده يصيبه القذر مثل القلنسوة و التكة و الجورب الي غير ذلك من

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 306 *»

الاخبار فاي منع عن بقاء ذلك نعم في الحديث الخامس فاذا ظهر اعادت الغسل و اعادت الكرسف ولكن ليس بنص في الوجوب فتستحب.

ثم اعلم انه يعتبر الدم فيما بين الصبح و الظهر و فيما بين الظهر و الغروب و فيما بين الغروب و الصبح فان كان في البين كثيراً سائلاً فحكمه حكم الكثير او متوسطاً فحكمه حكم المتوسط او قليلاً فحكمه حكم القليل و يدل علي ذلك قول ابي‌عبدالله7 فان كان الدم فيما بينها و بين المغرب لايسيل كما في الحديث الثامن و كذلك قول ابي‌جعفر7 تغتسل المرأة الدمية بين كل صلوتين اذا جعلت الظرف متعلقاً بالدمية مع ان بغير ذلك لايستقيم معناه الظاهر و هل لها ان‌تفرق بين الصلوات بثلثة اغسال ام لا؟ الظاهر من الاخبار انها اذا جمعت بين الصلوتين اكتفت بثلثة اغسال فلو شاءت و فرقت و احدثت بين الصلوتين اغتسلت غسلين آخرين و يدل عليه حديث ابي‌جعفر7 المذكور و الحديث التاسع‌ الذي مر و في حديث سنن الاستحاضة في قصة فاطمة بنت ابي‌جيش و كانت تغتسل في وقت كل صلوة.

و هل تجب مقارنة الغسل و الوضوء للصلوة لايدل عليه صريحاً شيء من الاخبار ولكن المتبادر الي الاذهان المقارنة و فيها البرائة القطعية هذا و لولا المقارنة ربما يحدث ما هو اشد عليها من الحالة السابقة فهو موضع احتياط.

و هل مناط الكثرة ثقب الكرسف او النفوذ من الخرقة او الي الخرقة و الظاهر من الاخبار ان الدم ان جاز الكرسف فهي كثيرة و ان لم‌يجز و ان غمرها فهو متوسط و ان لم‌يغمرها فهو قليل و لاتفاوت بين ثقب الكرسف و انغمارها و الظاهر ان الثقب مأخوذ من الثقيب و هو شديد الحمرة فثقب الكرسف حمرتها كما في رواية اخري صبغ الكرسف.

و اما السيلان الي الخرقة فانه غير الثقب و الصبغ.

و اما ما يدل علي انه بالثقب يغتسل ثلثة اغسال فمعارض بما ينفيه بالثقب من غير السيلان و قضية الخيار تقتضي جواز العمل بالنافي فالعمل عليه بالجملة مناط الكثرة السيلان الي الخرقة لا انصباغ القطنة وحدها.

و هل يجب بعد البرء عليه وضوء او غسل ام لا؟ فاعلم ان للبرء اوقات ثمانية@

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 307 *»

فانها اما ان‌تبرأ قبل الغسل او حين الغسل او بعد الغسل و قبل الوضوء او حين الوضوء او بعد الوضوء و قبل الصلوة او حين الصلوة او بعد الصلوة اما اذا برئت قبل الغسل في ذات الغسل او الوضوء في ذات الوضوء فتغتسل او تتوضأ لانها رأت الدم بين الصلوتين و مقتضي النص انها تغتسل او تتوضأ اذا رأت بين الصلوتين و قد مرت. و اما حين الغسل و الوضوء فذلك يحتاج الي دليل و لاذكر لذلك في الاخبار ابداً و انقطاع الدم ليس من الاحداث. و اما الدم السابق فامرت لاجله بالغسل او الوضوء و هي مشغولة بتكليفها و الدم الذي كان في اول الغسل كان معفواً عنه و لم‌يثبت خلافه و اما بعد الغسل و قبل الوضوء فكذلك فان البرء ليس بناقض و الذي كان معفو و الوضوء من غير حدث لادليل عليه و ليس من متممات الغسل كمامر فلاوضوء عليه و اما حين الوضوء فيتم وضوءه فانه للدم الذي كان بعد الغسل و اما بعد الوضوء و حين الصلوة فلادليل علي كونه ناقضاً و ليس في الاخبار ذكر منه ابداً و اما بعد الصلوة فان رأت شيئاً و لو قليلاً ثم برئت فعليها عمله للصلوة الآتية و لو فرض انها برئت مع اتمام الصلوة فلاشيء عليها بعد و اثبات وضوء او غسل للبرء غير عمل المستحاضة لها وضع شرعي يحتاج الي دليل فما يقع تحت الاعمال السابقة مسلم و الا فلا فما تري بين الصلوتين عليها عمله و اما ماسوي ذلك فيحتاج الي نص. و اما الوقت الذي يجوز لبعلها ان‌يأتيها فمتي ماشاء يأتيها ولكن مقتضي الاخبار ان‌يأمرها ان‌تعمل عمل المستحاضة من وضوء وحده او غسل و وضوء معاً فاذا عملت ما تستبيح به الصلوة حل لها اتيان الزوج و لماكان غرضنا في هذه الرسالة تحقيق الاقسام و الاغسال اكتفينا بما سطرنا.

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 22 صفحه 308 *»

و حصل الفراغ من ذلك ليلة الثلثا لاثنتي‌عشرة مضت من شهر رمضان من شهور سنة سبع و ثمانين من المأة الثالثة عشرة الهجرية حامداً مصلياً مستغفراً تمت.