14-05 مکارم الابرار المجلد الرابع عشر ـ رسالة في شرح الحديث المروي في کتابة البسملة ـ مقابله

 

 

رسالة في شرح الحديث المروي في کتابه البسملة

 

من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعلي‌الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 385 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و اله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

و بعد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم انه قد سألني بعض الاخوان عن حديث وقع التنازع فيه بين منتحلي العلم و هو ما روي في الکافي عن الصادق عليه السلام اکتب بسم الله الرحمن الرحيم من اجود کتابتک و لاتمد الباء حتي ترفع السين و عن الوافي انه قال و لاتمد الباء يعني الي الميم کما في حديث اميرالمؤمنين عليه السلام و رفع السين تضر بسين انتهي و کنت انا في بعض المجالس فاحببت ان اکتب لهم في ذلک المجلس شرحه و لو علي نهج الاختصار فان ذلک هو الميسور و لايترک بالمعسور.

فاقول انه لاشک ان القرآن انزل بعلم الله و فيه تبيان کل شيء و لم‌يفرط فيه من شيء فهو بيان تمام ما في العالم لايغادر صغيرة و لا کبيرة الا احصيها فهو علي طبق العالم فهو عالم تدويني کما ان العالم لما صار مطابقا لما في الکتاب کان کتابا تکوينيا فلابد من ان يکونا متطابقين في جميع الامور فکما ان للعالم عرشا به فتح الله الايجاد صار للکتاب فاتحة و هي سورة الحمد و کما ان جميع ما في العالم مذکور في العرش علي نهج الاجمال و تفاصيله في الکرسي و الافلاک و العناصر کذلک جميع الکتاب مذکور في سورة ‌الحمد موجود فيها بالوجود الاجمالي و کما ان جميع ما في العرش مذکور في الجسم المطلق المهيمن علي العرش و ما فيه لکن علي نهج الاجمال علي معني ذکر الصلوح کذلک فوق الحمد آية بسم الله الرحمن الرحيم و هي اجمال جميع المثاني و القرآن العظيم فمقام بسم الله الرحمن الرحيم مقام الجسم المطلق الذي هو مبدء هذا العالم و لماکان ذلک الجسم مخلوقا و المخلوق لايوجد الا في الکيفيات الاربع

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 386 *»

حرارة و برودة و رطوبة و يبوسة فصار ارکان وجوده اربعة انوار نور احمر و هو صاحب الحرارة و اليبوسة و نور ابيض و هو صاحب البرودة و الرطوبة و نور اصفر و هو صاحب الحرارة و الرطوبة و نور اخضر و هو صاحب البرودة و اليبوسة و هذه الانوار هي التي ظهرت في العرش و ورد بها الخبر «ان للعرش اربعة انوار نور ابيض منه ابيض البياض و نور اصفر منه اصفرت الصفرة و نور اخضر منه اخضرت الخضرة و نور احمر منه احمرت الحمرة» نقلته بالمعني و هي التي ظهرت في الضراح الذي في السماء الرابعة و بني علي اربعة ارکان و تنعکس في الشمس و تظهر في الاجسام الصقيلة و هي التي جري سرها في الکعبة فبنيت علي اربعة ارکان بالجملة الجسم المطلق الذي في الکتاب التکويني مقام «بسم الله الرحمن الرحيم» و هو المعبر عنه ببيت بسم الله الرحمن الرحيم صاحب الانهار الاربعة النهر الاول جار من حلقة ميم بسم الله و النهر الثاني جار من حلقة هاء الله و النهر الثالث جار من حلقة ميم الرحمن و النهر الرابع جار من حلقة ميم الرحيم بالجملة مقام الجسم المطلق مقام بسم الله الرحمن الرحيم في الکتاب التکويني فکما ان له اربعة انوار وجب في الحکمة ان يطابق الکتاب التدويني اياه في ذلک ايضا فصدر بالبسملة ذات الارکان الاربعة بسم و الله و الرحمن و الرحيم و کما ان في العالم الکبير يکون النور الابيض مقدما علي ساير الانوار لبساطته و تجرده و لان البياض باعتبار ليس من الالوان و لذا روي في حديث و منه البياض و ضوء النهار و لم‌يقل ابيض البياض و ان کان باعتبار آخر من الالوان و لذا روي في حديث آخر و منه ابيض البياض فيکون النور الابيض باعتبار تجرده النسبي اشرف الالوان و الطفها و صار مقدما علي جميع الالوان فکذلک وجب ان يکون في الکتاب التدويني رکن من ارکان البسملة اشرف من ساير الارکان و الطف و ابسط بحکم المطابقة التامة فصار اول ارکان البسملة بسم مثلث الحروف لان الثلثة اول الاعداد کما برهنا عليه في علم اَرِثماطيقي و لايتم شيء الا بالاکوان الثلثة فالمثلث هو ابسط الاشکال و

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 387 *»

ان کان المستدير في الظاهر ابسطها لکن نحن قدبرهنا علي ان المستدير مستدير في الظاهر مثلث في الباطن و علي ذلک جري علم الالوان فصار اول الالواح الموفقة المعتدلة المثلث و لماوجب في الحکمة ان يطابق الکتابان صدر البسملة بالمثلث الذي هو ابسط الموجودات و اشرفها و مبدؤها الا تري ان آدم علي نبينا و آله و عليه السلام لما کان اول الاناسي صار اسمه مثلث الحروف و قويها خمسة و اربعون و هي تمام مساحة المثلث و الکمال الشعوري للتسعة التي هي تمام الاحاد التي هي مبدء الاعداد فوجب لهذه العلل و غيرها ان يکون اول رکن من ارکان البسملة مثلثا و هو بسم و لماکان الرکن الاول من الجسم المطلق مرکبا من جهات ثلث و هي مقام الظاهر و الظهور و المظهر کما برهن عليه في محله و لاشک ان الظاهر آية الذات و الظهور آية الصنع و المظهر نفس ذلک الجسم صار بسم ايضا مرکبا من ثلثة احرف فالحرف الاول منه دال علي نور الظاهر و هو بهاء الله و الحرف الثاني منه دال علي نور الظهور و هو سناء الله لان السناء نور البهاء و ظهوره و البهاء مرادف للضياء و الحرف الثالث منه دال علي نور المظهر و هو مجد الله و ملک الله و لذا روي الباء بهاء الله و السين سناء الله و الميم مجد الله و في رواية ملک الله و لماکان الواجب في الحکمة ان يجري الظاهر علي طبق الباطن و قدبرهنا في محله علي ذلک لزم ان يجري رسم القرآن في الحروف الظاهرة و الکتابة علي نحو الباطن فکما کان في الباطن مقام البهاء مقام آية الذات و الذات مقام البساطة البحت البات و لاتکثر فيها بوجه من الوجوه لزم في الحکمة ان يکون رسم الباء في الخط ايضا علي نهج يدل علي عدم الارتباط و التعلق و لماکان آية الارتباط في عالم الخط الامتداد الي حرف آخر کما تري في رسم القرآن ان الامرأة المضافة يکتب بالتاء لا بالهاء فيکتب هکذا امرأت لوط امرأت نوح واما اذا لم‌يکن مضافا يکتب هکذا امرأة و انما ذلک لاجل ان المتزوجة مرتبطة بزوجها فکتب لفظ المرأة اذا کان صاحبته متزوجة بالباء (بالتاء ظ) الممدودة ليدل علي النسبة فلما کانت الذات غير مرتبطة بشيء من خلقه کان اللازم ان لايمد الباء و اما قول القاشاني يعني الي الميم فهو معني لايرضي به القائل و لم‌يفهم معني الخبر

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 388 *»

و کيف يمکن مد الباء الي الميم و السين واسطة بل المراد لاتمد الباء الي السين يعني تکتب باء ممدودة ثم سينا ثم ميما هکذا بــــــسم و هذا خلاف نهج الحکمة و الصواب البتة و لماکان الظهور هو الرابط البرزخ بين الظاهر و المظهر وجب في الحکمة ان يکون المد في السين لان الصنع هو المرتبط بالمصنوع و الظهور هو الواقع علي المظهر و المرتبط به فلزم ان يمد السين دون الباء فاراد عليه السلام ان يعلم العباد رسم الخط الجاري علي نهج الحکمة حتي اذا نظر اليه حکيم يعرف منه تنزيهه سبحانه عن الارتباط و الانتساب و يعلم ان صنعه مرتبط بالمصنوع متعلق به و اما قوله عليه السلام حتي ترفع السين اي حتي تبين اضراسه و ترفعها حتي تتبين فما نقل عن الوافي تضر بسين غلط و محرف بل الصواب تضريس السين اي جعل السين ذات اضراس فکانت النسخة مغلوطة و لم‌يتفطنوا بغلطها فتحيروا بالجملة المقصود ان تکتب الباء مقصورة ثم تکتب السين ممدودة تصلها بالميم الدالة علي المصنوع المعبر عنها في الخبر بالملک و اما قوله عليه السلام من اجود کتابتک فلاجل ان البسملة‌اقرب الي الاسم الاعظم من سواد العين الي بياضه و اسماء الله سبحانه احسن الاسماء و کلها حسني کماتقول الاسماء الحسني کلها لله و قال سبحانه و لله الاسماء الحسني و کما ان اسماء الله سبحانه کلها حسني و البسملة اعظمها و احسنها وجب في الحکمة ان يأمروا شيعتهم ان يجعلوها من احسن کتابتهم اي من جملة احسن کتابتهم فيکتبوها اجود ما يقدرون عليه ليدل حسن ظاهرها علي عظم باطنها و کونها احسن الاسماء و لمابلغ التحرير هنا تفطنت ان اهل المجلس اخذهم ملال قطعت التحرير و الا ففي هذا الخبر و ساير الاخبار الواردة في هذا المضمار اسرار و کم من خبايا في زوايا و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين

 

«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 389 *»

کتبه العبد الاثيم کريم بن ابرهيم في ليلة الخميس السادس من شهر محرم الحرام من شهور سنة 1266 حامداً مصلياً مستغفراً تمت.