تقویم اللسان فی قرائة القرآن
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 265 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه الرحمن الذي علم القرآن خلق الانسان علمه البيان و الصلوة علي سيد الانس و الجان و فخر الكون و المكان محمد المبعوث علي كافة اهل الامكان الجاري علي لسانه الفرقان و علي اهل بيته الذين بهم اقام اللّه الاكوان و صور الاعيان و رهطه تمام الكلمة التامة في مراتب الايمان الذين بهم اوضح اللّه البرهان و لعنة اللّه علي اعدائهم رؤساء الكفر و الطغيان و اعمدة فساطيط البغي و العدوان.
و بعــد؛ يقول العبد الاثيم كريم بن ابرهيم انه قد التمسني بل امرني الجناب الاكرم الاحشم و الافخم الاشيم العالم العامل و الباذل الفاضل نجل الاكارم و الافاضل مولانا الاطهر الشيخ محمد جعفر بن العلام الفهام المرحوم المبرور الحاج ملاّ محمد تقي ايده اللّه بصنوف تأييداته ان اصنف له رسالة في علم القراءة مع قصور باعي في هذا العلم و قلة متاعي بالنسبة الي مشايخي رضوان اللّه عليهم اجمعين ولكن لما رأيت ان في ذلك اعانة لاخواننا المحصلين في تعليم هذا العلم المتين الباعث لتلاوة الكتاب المبين علي مايرضي اللّه رب العالمين المؤدي تركه الي الي تضييعها و اللحن فيه و ازاحة الفاظه عن مواضعها و تحريفها عما استقر بناؤها عليه هذا و قداندرس رسوم هذا العلم ايضا في ضمن اندراس جميع العلوم في هذه الايام و انطماس آثار كل الرسوم في هذه الاعوام حتي انه صار العلم اكسد سلعة بين العالمين و الجهل انفق متاع بين الخلايق اجمعين قدتصالحوا علي ترك العلوم و العلماء و اجمعوا علي مجانبة الحكمة و الحكماء يجفلون عنهم اجفال الغنم عن الذئاب و يزهدون فيهم كما يزهد الروي في السراب لا لامر اللّه يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حكمة بالغة فماتغن الآيات و النذر عن قوم لايؤمنون امتثلت امره و بادرت الي طاعته فعزمت علي تصنيف هذه الرسالة مستعينا بالله سبحانه متقربا اليه سايلا اياه انيوفقني لمايحب و يرضي و يجعله خالصا لوجهه الكريم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 266 *»
انه بالاجابة جدير و علي كل شيء قدير و سميته بـ«تقويم اللسان في قراءة القرآن» و رتبته علي مقدمة و عشرة ابواب و المستعان باللّه الكريم الوهاب.
المقدمة: في بيان امور يجب تقديمها و رسم الميسور ممايسنح بالبال يقتضي رسم فصول:
فصل: اعلم انه لا شك و لا ريب بين المسلمين ان القرآن هو كتاب اللّه الذي انزله علي محمد9 فهم في اختلاف فرقهم عليه مجتمعون و مع تفرق آرائهم عليه متفقون كما قال الامام الهادي7 في رسالته الي اصحابه في المنزلة قد اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم ان القرآن لا ريب فيه عند جميع اهل الفرق و في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه مصيبون مهتدون و ذلك بقول رسول اللّه9لاتجتمع امتي علي ضلالة فاخبر ان جميع ما اجتمعت عليه الامة كلها حق هذا اذا لميخالف بعضها بعضا و القرآن لا اختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه الخبر، و وجدنا اخبار الشيعة متواترة و الاجماع بينهم قائما علي وجوب التمسك بهذا القرآن و الرد اليه و تعظيمه و تصديقه و انه كتاب اللّه الذي انزله علي محمد9 و وجدنا آل محمد: في كل عصر يصدقونه و يستدلون به و يأمرون بالرجوع اليه و الرد اليه و التمسك به فهذا هو الحق الذي لا شك فيه و لا ريب يعتريه و هذا هو الاجماع الذي امرنا اننتمسك به و لانفارقه ابدا ولكن قدقام هذا الاجماع جملا و وقع الاختلاف بين الامة في التفاصيل. فمنهم من قال ان هذا القرآن الذي بايدينا لميزد فيه شيء و لمينقص منه و سابقهم في ذلك السيد المرتضي و مجمل استدلاله علي ذلك ان العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان فان العناية اشتدت و الدواعي توفرت علي نقله و حراسته فلو الحق به شيء عرف كما اذا الحق بكتاب سيبويه شيء و ان القرآن كان علي عهد رسول اللّه9
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 267 *»
مؤلفا علي ما هو الان و انه كان يعرض علي ا لنبي9 و يتلي عليه و ان جماعة من الصحابة و سماهم ختموا القرآن علي النبي9الي آخر كلامه و انه كساير تحقيقاته رحمهاللّه.
اما قوله ان العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان الي آخر فان اعتمدت علي اخبار العامة فالمنقول عن البخاري و الترمدي في صحيحهما و من جامع الاصول ان اباكر و عمر تشاورا في جمع القران حتي عزما علي جمع القرآن فامرا زيد بن ثابت فتتبع القرآن يجمعه من الرقاع و العسب([1]) و اللخاف و صدور الرجال حتي وجد آخر سورة التوبة مع خزيمة او ابي خزيمة الانصاري لميجدها مع غيره فجمع مصحفا و كان عند ابيبكر لا عند غيره ثم لمّا توفي صار عد عمر ثم لما توفي وصل الي حفصة بنت عمر الي ان قام عثمن ارسل الي حفصة و اخذ المصحف و نسخ منها نسخا و ارسلها الي الافاق و امر بماسوي ذلك في كل صحيفة او مصحف انيحرق. فاذا كان القرآن لميجمع الي عهد ابيبكر و لمينتشر الي عهد عثمان باقرار العامة و هم المتصلبون لعدم التغيير و التحريف و انه علي ماانزل كيف كانت العناية شديدة في جمعه و هم مقرون انهم لميجدوا آخر سورة التوبة الاّ عند خزيمة و في بعض الروايات انهم كانوا يطلبون الشهود فان جاءت الشهود بآية كتبوها و الاّ تركوها و ان اردت ذلك من طريق الشيعة فذلك في اخبارهم مستفيضة معروفة انه لما توفي رسول اللّه9 جمع علي7 القرآن و جاء به الي المهاجرين و الانصار لما قداوصاه بذلك رسول اللّه9 فلما فتحه ابوبكر خرج في اول صفحة فتحها فضايح القوم فوثب عمر و قال يا علي رده فلا حاجة لنا فيه فاخذ علي7و انصرف ثم احضر زيد بن ثابت و قال له ان عليا جاءنا بالقرآن و فيه فضايح المهاجرين و الانصار و قداردنا انتؤلف لنا القرآن و تسقط منه ماكان فيه فضيحة و هتك للمهاجرين فاجابهم الي ذلك فلما استخلف عمر سأل عليا7 انيدفع اليهم القرآن فيحرفوه بينهم فقال علي7 هيهات ليس الي ذلك
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 268 *»
سبيل انما جئت به الي ابيبكر لتقوم الحجة عليكم و لاتقولوا يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا ماجئتنا به ان القرآن الذي عندي لايمسه الاّ المطهرون و الاوصياء من ولدي فقال عمر فهل وقت لاظهاره معلوم قال علي7 نعم اذا قام القائم من ولدي يظهره و يحمل الناس عليه فتجري السنة به انتهي فلو كان عنايات القوم في جمع القرآن شديدة و ضبطوه لماكان في جمع امير المؤمنين7 مزية و في اخفائه فايدة و الاخبار في ذلك متضافرة كثيرة فكذلك قوله ان القرآن كان علي عهد رسول اللّه مؤلفا فلو كان مؤلفا و في ايدي الناس لماكانوا يحتاجون الي جمع زيد بن ثابت و لماكان ينتشر في عهد عثمان بل يظهر من ذلك انهم كانوا اقل شيء عناية بالقرآن فانهم لميفحصوا عنه و لميجمعوه في طول تلك المدة و امير المؤمنين7 آلي علي نفسه انلايرتدي حتي يجمع القرآن فجلس في بيته و لميرتد الاّ للصلوة حتي جمع القرآن فاتاهم به فلميقبلوه و لميلتفتوا الي جمعه مع انه ذكرهم و كانوا مشغولين بمكائدهم و حيلهم و نفاقهم برهة من الزمان حتي رأوا الاختلاف الشديد في القرآن عزموا علي جمعه و قدروي ذلك عن البخاري و الترمدي و جامع الاصول. بالجملة كلامه رحمه اللّه علي ماتري مثل ساير تحقيقاته الكلامية و قداوضحنا امره في كل موضع ذكرناه و اوضح شيء في وهن قوله و قول من يقول بقوله عدم برهان لهم من كتاب او سنة او اجماع او دليل عقل و ان هو الاّ تنويق عبارات و تنميق خيالات موافقة لكثير من العامة مخالفة للكتاب و السنة كما سيأتيك الاشارة اليه.
و اما قوله ان القرآن كان علي عهد رسول اللّه9 مؤلفا الخ هذا محض ادعاء و لو كان الامر كذلك لماكانوا يحتاجون الي جمع و تأليف و شهود هذا و قدنزل القرآن منجما بالبداهة في السفر و الحضر و الخلاء و الملاء حتي لاموه بذلك و قالوا لولا انزل عليه القرآن جملة واحدة فقال اللّه كذلك لنثبت به فؤادك و اما ماروي انه نزل في شهر رمضان فمعناه انه اعطي ذلك في باطنه مجتمعا و جري علي لسانه و اظهره منجما و يشهد بذلك مارواه المجلسي (ره)
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 269 *»
بسنده عن مفضل بن عمر عن الصادق7 انه قال يا مفضل ان القرآن نزل في ثلاث و عشرين سنة و اللّه يقول: شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن و قال: انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين و قالوا لولا انزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك قال المفضل يا مولاي فهذا تنزيله الذي ذكره اللّه في كتابه فكيف ظهر الوحي في ثلاث و عشرين سنة قال نعم يا مفضل اعطاه اللّه القرآن في شهر رمضان و كان لايبلغه الاّ في وقت استحقاق الخطاب و لايؤديه الاّ في وقت امر او نهي فهبط جبرئيل7 بالوحي فبلغ مايؤمر به و قوله: لاتحرك به لسانك لتعجل به قال المفضل اشهد انكم من علم اللّه علمتم و بقدرته قدرتم و بحكمه نطقتم و بامره تعملون، انتهي. فاذا كان انقطاع الوحي بانقطاع ايام عمره المبارك كيف كان القرآن مؤلفا علي ما هو الان و ختمه عليه رجال بل المقطوع به ان القرآن كان ينزل حينا بعد حين في الخلاء و الملاء و السفر و الحضر و في البيت و غير البيت و ربما كان يحضره نفر فيخبرهم و يكتبون و ربما لميكن يحضره سوي امير المؤمنين7 فيكتبه و ربما لميكن هو ايضا فاذا وجده اخبره فكتب و من الناس من كان عنده سورة و منهم من كان عنده سورتان تامتان او ناقصتان و ربما كان رجل عنده آي معدودة و لميكن يجمعها كلها الاّ امير المؤمنين7 . و قدروي المجلسي (ره) بسنده عن عبد الغفار قال سأل رجل ابا جعفر7 فقال ابو جعفر7 مايستطيع احد يقول جمع القرآن كله الاّ الاوصياء. و بسنده عن الثمالي عن ابيجعفر7 قال قال ما من احد من هذه الامة من جمع القرآن الاّ الاوصياء. و عن ابي عبد اللّه7عن ابيه عن آبائه: عن علي صلوات اللّه عليه قال سلوني عن كتاب اللّه فو اللّه مانزلت آية من كتاب اللّه في ليل و لا نار و لا مسير و لا مقام الاّ و قداقرأنيها رسول اللّه و علمني تأويلها فقام ابن الكواء فقال يا امير المؤمنين فماكان ينزل عليه و انت غائب عنه قال كان رسول اللّه و ماكان ينزل عليه من القرآن و انا غائب عنه حتي اقدم عليه فيقرأنيه و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 270 *»
يقول يا علي انزل اللّه علي بعدك كذا و كذا و تأويله كذا و كذا فعلمني تأويله. و عن عباد اللّه بن عبد اللّه قال قال علي7 مانزلت في القرآن آية الاّ و قدعلمت اين نزلت و فيمن نزلت و في اي شيء نزلت و في سهل نزلت ام في جبل الحديث و في حديث عنه7مانزلت آية الاّ و انا عالم متي نزلت و فيمن نزلت و و سألتموني عما بين اللوحين لحدثتكم و عن جابر عن ابي جعفر7 انه قال مايستطيع احد انيدعي انه جمع القرآن كله ظاهره و باطنه غير الاوصياء و عنه7 ما من احد من الناس يقول انه جمع القرآن كله كما انزل اللّه الاّ كذاب و ماجمعه و ماحفظه كما انزل اللّه الاّ علي بن ابيطالب و الائمة من بعده انتهي.
بالجملة هذا من البديهيات و لميجمع القرآن في عهد رسول اللّه9 احد الاّ مولينا امير المؤمنين7 و لميكن احد ختمه ولكنه رحمه اللّه اغلب تحقيقاته هكذا و قدرأيت منه عجايب و قدنسج علي منواله الشيخ الطبرسي في مجمع البيان و عضد قوله و كفي دليلا في بطلان هذا القول موافقته للعامة اي في عدم تحريف القرآن و تغييره و مخالفته للكتاب كما يأتي و لسنة متجاوزة حد التواتر و مخالفته لنظم العالم و سوء سلوكهم بعده9 و عمدة الشبهة في ذهنه و في ذهن العامة و من يقول بقولهم ان القرآن معجز النبي يتحدي به الخلق و الدواعي كانت في ضبطه شديدة و يتلقونه اين ماوجدوه فمثل ذلك لايكاد يخفي. اقول هيهات هيهات ان الدواعي لضبط الدين شديدة في قلوب المؤمنين و اما المنافقون فما اشد تهاونهم بالدين و عدم ضبطهم له و قدكانوا يخرجون من مجلسه الشريف و يقولون ماذا قال آنفا و قدصلوا معه ثلاثا و عشرين سنة ثم لما غمض عينه نسوا سورة الحمد و غيروه علي قراءات منكرة كفتح دال الحمد و نصب باء رب العالمين و ملك يوم الدين بسكون اللام و السراط بالسين و عليهم بضم الهاء و روي عن اهل البيت:ان تنزيل الحمد صراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و غير الضالين مع انهم صلوها كل يوم في كل صلوة
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 271 *»
مرتين و نسوا هل كانوا يكفرون في الصلوة ام لا ثم كفروا و توضؤا ثلاثا و عشرين سنة معه ثم نسوا هل كانوا يتوضؤن منصوبا او معكوسا و هكذا جميع ماخالفوا فيه آل محمد: فان قلت مانسوا ولكن خالفوا فهم بتحريف الكتاب اولي و مانفعهم جمعهم اياه في زمن النبي9 و ان نسوه فهم اشد شيء تهاونا بالدين فاين صارت الدواعي الشديدة فلعن اللّه تلك الملل المشركة التي ماآمنت بالله طرفة عين و خربوا بنيان الدين و افسدوا العالمين الميحضروا الغدير و سمعوا نصفه علي علي7 باجمعهم و نسوه او تناسوه او عصوا بعد ايام معدودة فهم بتحريف القرآن و نسيانه و التهاون به اولي لعنهم اللّه لعنا وبيلا و عذبهم عذابا اليما عن جميع الاسلام و المسلمين ولنتبرك بذكر ماذكره الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه بعبارته الشريفة علي نهج الاختصار لان الكتاب كان فيه بعض الغلط فنترك مواضع الغلط في هذا المقام حيث سأله سائل عن تغيير القرآن و تحريفه قال اعلي اللّه مقامه في جوابه: ان هذه المسئلة وقع فيها اختلاف و الذي يظهر لي ان الاختلاف انما هو لعلة قوله7 انا الذي خالفت بينكم و الاّ فمن نظر في ادلة القائلين بعدم التغيير رآها اوهن من بيت العنكبوت و ذلك لان الدليل اما من الكتاب او السنة او من دليل العقل او الاجماع و الاربعة لميثبت منها شيء.
اما الكتاب فقد دل بصريحه المؤيد بالحديث المجمع علي معناه من المسلمين كافة علي انه مغير محذوف منه كثير بمعونة الاحاديث المجمع عليها من المسلمين و هي ماروي عن النبي9 لتركبن سنن من كان قبلكم حذوا النعل بالنعل و القذة بالقذة حتي لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه و هذا لايختلف في معناه اثنان من الشيعة. و من طرق العامة ما رووه عن ابي ليث الواقدي قال كنت رديفا للنبي9 في عزوة اوطاس فمررنا بشجرة كان المشركون ينوطون عليها اسلحتهم يقال لها ذات انواط الي ان قال رسول اللّه9 قلتم و الذي نفس محمد بيده ماقالت بنو اسرائيل لنبيهم اجعل لنا الها كما لهم آلهة لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل الحديث و هذا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 272 *»
الحديث لايختلف في معناه اثنان منهم فقد حصل اجماع المسلمين علي معني و في صريح القرآن و كتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة و تفصيلا لكل شيء و هذه التورية التي عند اليهود قد غيروا فيها صفة محمد9بالاجماع من المسلمين و قد اخبر القرآن عن كثير من ذلك ثم ذكر ايا الي ان قال و منها حكم الآخرة و الجنة و النار حذفوه من التورية فليس فيها الان شيء من ذلك و اللّه سبحانه يقول و كتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة و تفصيلا لكل شيء الي غير ذلك و في الانجيل مما حذفته النصاري من اسم محمد9و صفته و القرآن مصرح بتغييرهم في التورية و الانجيل و الاحاديث المجمع عليها قد دلت بنصها علي ان كل شيء كان في الامم الماضية يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة فاذا ثبت بالدليل القطعي انهم غيروا التورية و الانجيل و حذفوا منها و ثبت بالدليل القطعي ان ماكان هناك يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة ثبت ان القران غير و بدل لاينبغي للعارف بماقلنا انيرتاب في ذلك.
و اما السنة فقد وردت الاحاديث المتكثرة بالتغيير و التدبيل و التقديم (ظ) و التأخير و الزيادة و النقصية و غير ذلك حتي ان السيد نعمة اللّه الجزايري رحمه اللّه ذكر في رسالته الصلوتية ان الاخبار الدالة علي ذلك تزيد علي الفي حديث و لمنقف علي حديث واحد يشعر بخلاف ذلك و القرآن الموجود الان ستة آلاف آية و ست مائة و ست و ستون آية تقريبا و المروي في صحيحة هشام بن سالم الجواليقي ان القرآن الذي نزل علي محمد9سبعة عشر الف آية و في رواية ثمانية عشر الف آية اما الزيادة فيه فوردت في روايتين او ثلاث كقوله7 لولا مازيد في القرآن و نقص لميخف حقنا علي ذي حجي و اجمع المسلمون علي عدم الزيادة في هذا الموجود الان و انما الخلاف في النقيصة و حملوا احاديث الزيادة علي زيادة بعض الحروف في بعض القراءة مثل ملك و مالك و مثل مسكنهم و مسالكنهم و الذي افهم من الزيادة انها هي الحاصلة من
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 273 *»
التقديم و التأخير كما في قوله تعالي افمن كان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه و من قبله كتاب موسي اماما و رحمة فانها هكذا و يتلوه شاهد منه اماما و رحمة و من قبله كتاب موسي فكان الكلام المؤخر زايدا في المكان الثاني ناقصا من الاول و الكلام المتقدم زايدا في المكان الاول ناقصا من المكان الثاني و اما النقيصة فالاحاديث متواترة معني في ذلك فورد عن امير المؤمنين7 حذف و اسقط ما بين و ان خفتم الاّ تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طالب لكم من النساء الاية اكثر من ثلث القرآن و ورد ان سورة الاحزاب كانت بقدر سورة البقرة و الحاصل انها كما قال السيد نعمة اللّه الجزايري تزيد علي الفين الي ان قال اذا دلت علي مسألة اخبار قدر الفي حديث و لميوجد خبر مناف لذلك بل القرآن شاهد بتصديقها لايحسن اجتهاد في مقابلتها.
و اما الدليل العقلي فتمشيته علي التغيير و التبديل و الاسقاط اظهر من تمشيته علي عدم التغيير لان نافي التغيير قالوا لو صح التغيير لميبق لنا اعتماد علي شيء من القرآن فتنتفي فائدة الامر باتباعه و قالوا ان اللّه سبحانه يقول و انه لكتاب عزيز الاية و يقول انا نحن نزلنا الذكر الاية و قداستفاض حديث عرض الخبر المروي علي كتاب اللّه ثم اجاب اعلي اللّه مقامه بما حاصله انه ليس كلما سقط من شيء انتفت فائدة الباقي و مثّل بانه لو ان شخصا اسقط نصف البقرة و ثلث آل عمران و ربع النساء او بالعكس هل يكون في الباقي فائدة و حجة ينتفع به الناس ام لا ثم ساق التفصيل لما ذكرنا الي ان قال الاّ ماكان مرتبطا بالمحذوف و ماكان مرتبطا بالمحذوف فان علم حافظ الشريعة الذي استودعه رسول اللّه9 شريعته ان الرعية تحتاج اليه ذكره لهم و لايخل مثل استحقاق الزوجة مع عموم استحقاقها في القرآن من كل ما ترك زوجها و خصصوها: علي مقتضي ارادة اللّه تعالي لانهم يريدون هداية الخلق الي الحق فلو فقد شيء من القرآن مما تحتاج اليه رعيتهم وجب علي المستحفظ للشريعة انيلقيه اليهم في احاديثه كما دلت عليه الاخبار مثل قوله7 ان الارض لاتخلو
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 274 *»
من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم فلايحصل نقص علي الرعية بما اسقط من القران و المسدد المكمل معهم بقوله و فعله و تسديده الي ان قال بعد ذكر مواضع من مواضع التغيير و الاسقاط و ان قيل (ظ) ان هذه اخبار آحاد لايعول عليها قلنا ما الموجب لردها و جعلها اخبار آحاد و هي تزيد علي الفين و القرآن كما سمعت يؤيدها الي ان قال بعد تحقيقات عجيبة فان قيل كل هذه اخبار لايعول عليها قلنا فاتوا بخبر واحد يوافق قولكم مسندا او غير مسند الي ان قال و اما قولهم ان اللّه سبحانه يقول و انه لكتاب عزيز الاية فليس فيه دلالة علي مدعاهم لان اسقاط بعضه لايلزم منه تطرق الباطل علي الباقي منه لانه حق الي ان قال انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون فان اسقاط بعضه عند اناس لاينافي كونه محفوظا عند آخرين الي ان قال و اما عرض الخبر المروي علي كتاب اللّه الخ فنقول ليس المراد به العرض علي جميع آياته بل علي مايصلح عليه العرض و الذي امر بالعرض عليه هو الذي اخبر باسقاط بعضه ثم فصل الاجماع المدعي و دليل العقل بما لا مزيد عليه و شيد بنيان وقوع التغيير و التحريف و النقيصة فيه و نفي الزيادة باجماع المسلمين و ان هذا الموجود بين الدفتين قرآن قطعا.
و لنا تحقيق في هذا المقام و هو تحقيق كلي في جميع امور الاديان و قدفصلته بما لا مزيد عليه في كتابي علم اليقين و اشير اليه هنا مجملا و هو انه بعد ماجري علي هذه الملة القويمة ماجري من المصائب و المحن و ارتداد الامة قاطبة الاّ اناساً و كفرهم بالله و برسوله و عداوتهم للّه و لرسوله9 و للدين و المذهب و فعلوا مافعلوا عليهم لعائن اللّه و لعائن اللاعنين و تركوا العترة و استأصلوهم و هجروهم و استبدوا بآرائهم و افتروا علي اللّه و رسوله و كذبوا عليهما جهرة و عادوهما علانية و استبدوا بآرائهم و بدعهم اسسوا اساسا لدينهم و اقترحوا عليه ادلة و اعانهم شياطينهم علي وضع قواعد و اصول و ادلة و اجماعات و تعاونوا في الفكر و الاستدلال و الشبهات و الوساوس و الضلالات و اصلاح امر فساد المفسدين و اختلاق الاعذار لهم و الوجوه غير الموجهة علي تخريبهم للدين و ارائته انه صواب و حق و كتبوا في جميع ذلك كتبا و استدلوا فيها بادلة
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 275 *»
و دال الزمان لهم علي الحق و غلبوا علي البلاد و نشروها في العباد و تولد فيهم اطفال لاهل الحق ضعفاء و كبروا فيهم و عاشروهم و قرأوا عليهم في مدارسهم قويت تلك الشبهات في اذهانهم و استحكمت تلك الوساوس في صدورهم فلما صاروا علماء نسجوا علي منوالهم و استدلوا نحو استدلالاتهم و كتبوا نحو كتبهم و يد المسدد المدبر للعالم من ورائهم فتركهم علي حالهم ايقاعا للخلاف بين رعيته و ابقاء لهم بشباهتهم لهم في الاقوال و الادلة و الكتب و سبك الكلام و العلم فلذلك تسمع من كثير من رعيته ماينكره الطبع المجبول علي التشيع و الولاية و يستنكف من قبوله و لربما يقبله من لا درية له و من فيه بعد رايحة من اهل الفتن و في الحقيقة اكثر تلك الاقوال و الادلة ليست بقابلة للذكر و الاعادة و الرد و من ذلك امر القرآن فلما تركوا كتاب اللّه و العترة الطاهرة بعد نبيهم و بلغ بهم عدم الاعتناء بالدين ان لميجمعوه مدة من السنين ثم جمعوه علي ما احبوا و تركوا كتاب امير المؤمنين لان فيه تخريب بنيانهم و رغم انوفهم و اثبات حق التعرة فحذفوا كثيرا من الكتاب عدوانا و كثيرا منها جهلا و غيروا و بدلوا عدوانا و جهلا اراد متابعوهم تطيين الفخت و ستر هذه الفضيحة فاستدلوا بامثال ماسمعت و اغتر بذلك كثير من الشيعة فاستدلوا بامثال استدلالاتهم و جوابه ماسمعت ان اخبار آل محمد: و الحديث المجمع عليه بين الفريقين و الكتاب المفسر بالسنة يكذبهم و اذا بني الانسان انيرد الفي حديث بامثال هذه الادلة الواهية لميبق للدين عمود و لايخضر له عود فاذا يجوز انكار اكثر الشرايع نعوذ بالله فالحق الحقيق ان الكتاب جري عليه ماجري و السنة عرضها الكذب و التحريف و الافتراء.
و لو كان امر الدين موكولا الينا و الدنيا مهملة لزال الاعتماد علي جميع امور الدين و ليس يمكن العاقل انيعتمد علي شيء من الكتاب و السنة النبوية و المعصومية فان شر تلك الطائفة الضالة قدامتد الي جميع ازمان الائمة: و ستر ظلمتهم الانوار و كدرت الديار و ازالت الاعتماد علي اكثر امور العالم و المتواترات قليلة و بنفسها غير كافية في امر الدين و جميع شبهات الاصوليين في انسداد باب العلم حق لا شك فيه و لاريب يعتريه بل هم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 276 *»
مفرطون في قولهم يحصل لنا الظن و لعمري لايحصل للانسان الفطن الاّ الشك و لا ظن الاّ في بعض الكليات و هي غير مجدية ولكن ان اللّه سبحانه قداكمل لنا الدين و اتم النعمة يوم نصب امير المؤمنين عليه صلوات المصلين و لميخل عالمنا بعد نبينا9 من حجة شاهد داع راع مطلع مرب حافظ للدين مبلغ عن رب العالمين فقال اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلاتخشوهم و اخشون اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا فنحن تكلانا عليه لانخشي احدا من المغيرين و المحرفين و الكذابين و الغالين و المفترين و مريدي تخريب بنيان الدين و نتكل علي الذي قال انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون و علي الحفظة الكرام البررة غير اللاهين و غير الساهين و غير الخاطئين و غير المهملين كما قال انا غير مهملين لمراعاتكم و لا ناسين لذكركم و لولا ذلك لاصطلمتكم اللأواء و احاطت بكم الاعداء فديننا و مذهبنا بواد و اولئك الكفرة بواد لانعبد مايعبدون و لايعبدون مانعبد و لايتمشي في ديننا شيء من قوانينهم و ادلتهم و لانحتاج الي شيء من عقولهم و اجماعهم و لا الي قواعدهم و براهينهم فمن ذهب منا يستعين بهم و يستدل علي نحو استدلالهم فهو في غفلة عما نحن فيه و لايمكنني الان الاشارة الي انحاء استدلالاتهم في كثير من المسائل بما لايتمشي في مذهبنا. بالجملة قدجري علي الكتاب جميع ماسمعت ولكن نحن في فراغ و من ورائنا معقب حفيظ ان زاد المؤمنين شيئا ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و المعول في الكتاب و السنة جميعا عليه و لعمري لولا هذا لماكان يمكن الاعتقاد علي آية من الكتاب و لا خبر واحد من السنة فلو فرض فيه آية قطعية الصدور متواترة ليست تأمن من التشابه و النسخ و الخصوص و العموم و الاجمال و المجاز و الاضمار الي غير ذلك من عيوب لاتحصي و قدذكر بعضها الاصوليون و ماكان يمكن العمل بها من هذه الوجوه و علي اي حال كان لايمكن الاعتماد عليه بوجه و لا الاحتجاج به ابدا ابدا ولكن بعد قاعدة التقرير الذي هو جلاء عين كل ضرير و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 277 *»
نور عين كل بصير بتنا في مرقد امن و امان و علم و ايقان و ثبات و ايمان نعلم ان القرآن كتاب ربنا بتقريرهم و ان ما فيه صلاحنا في العمل به تركوه علي حاله و ما لميكن بينوه و شرحوه فان كان فيه حذف اوضحوه و منه جميع الاحكام التي ليست في القرآن و من ذلك نجوز تخصيص آل محمد: الكتاب و لولا ذلك لكان التخصيص ردا علي مدلوله العام في كل باب و لاتصغ الي الذين لايرون تعارضا بين العام و الخاص فان ذلك ايضا من شبهات العامة العمياء وقع بين العوام و الخواص و ان كان فيه تغيير و تحريف اوضحوه و بذلك و من ذلك حدثوا فيه بالفي حديث و بينوا مواضع التغيير و التحريف و اختلاف القراءات و غيرها فنحن نقرر ماقرروه و نعمل بمااثبتوه و ننفي مانفوه فمثلنا في عدم التضرر بسرقتهم و تركهم و تغييرهم مثل من كان مع امير المؤمنين7 ذلك اليوم يتلو عليه الكتاب و السنة و الناس مشغولون بالسرقة و التحريف فلايضره كيدهم شيئا و الحمد للّه و هذا هو تفصيل مااجمله الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه و كذلك نحن نمشي في سبيل السنة و لانخاف تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و من ورائنا المسدد الشاهد القادر الرؤف الرحيم الحافظ العليم و صلي اللّه علي سيدنا محمد و آله الطاهرين و لعنة اللّه علي اعدائهم ابد الآبدين و دهر الداهرين.
فصل: قد عرفت مما بينا ان مابين الدفتين اليوم قرآن قطعا اجماعا من المسلمين و قدحذف منه حروف و الفاظ و آي و لعله سور تمام سبعة عشر الف آية او ثمانية عشر الف آية و اما زيادة سورة و آيات فماكان يمكن لان القرآن معجز لايأتي احد بمثله و قدتحدي رسول اللّه9 العرب بانيأتوا بحديث مثله فلميقدروا فزيادة سور و آيات من الممتنع و الظاهر ان آية ايضا كذلك لقيام الاجماع من المسلمين ظاهرا علي ذلك و ان كانت لاتمتنع عن اولئك ولكن اللّه صرفهم عن ذلك و الحافظ الرقيب منعهم و قدروي في مرآت الانوار عن الصادق7 ان القرآن قد طرح منه آي كثيرة و لميزد فيه الاّ حروف
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 278 *»
قد اخطأت الكتبة و توهمتها الرجال و هنا حديث شريف رواه سليم اذكره بطوله لكثرة محصوله: روي المجلسي رحمه اللّه عن سليم انه قال طلحة لعلي7 يا ابا الحسن شيء اريد اناسألك عنه رأيتك خرجت بثوب مختوم فقلت ايها الناس اني لمازل مشتغلا برسول اللّه بغسله و كفنه و دفنه ثم اشتغلت بكتاب اللّه حتي جمعته فهذا كتاب اللّه عندي مجموعا لميسقط عني حرف واحد و لمار ذلك الذي كتبت و الفت و قدرأيت عمر بعث اليك انابعث به الي فابيت انتفعل فدعا عمر الناس فاذا شهد رجلان علي آية كتبها و اذا لميشهد عليها غير رجل واحد ارجأها فلميكتب فقال عمر و انا اسمع انه قدقتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرأون قرآنا لايقرأ غيرهم فقدذهب و قد جاء شاة الي صحيفة و كتاب يكتبون فاكلها و ذهب ما فيها و الكاتب يومئذ عثمان و سمعت عمر و اصحابه الذين يؤلفون ماكتبوا علي عهد عمر و علي عهد عثمان يقولون ان الاحزاب كانت تعدل سورة البقرة و ان النور نيف و مائة آية و الحجر تسعون و مائة آية فما هذا و ما يمنعك يرحمك اللّه انتخرج كتاب اللّه الي الناس و قد عهد عثمان حين اخذ ماالف عمر فجمع له الكتاب و حمل الناس علي قراءة واحدة فمزق مصحف ابي بن كعب و ابن مسعود و احرقهما بالنار فقال له علي7 يا طلحة ان كل آية انزلها اللّه جلّوعلا علي محمد9 عندي باملاء رسول اللّه9و خط يدي و تأويل كل آية انزلها اللّه علي محمد9 و كل حلال و حرام او حد او حكم او شيء تحتاج اليه الامة الي يوم القيامة مكتوب باملاء رسول اللّه9 و خط يدي حتي ارش الخدش فقال طلحة كل شيء من صغير او كبير او خاص او عام كان او يكون الي يوم القيامة فهو عندك مكتوب قال نعم و سوي ذلك ان رسول اللّه9 اسرّ الي في مرضه مفتاح الف باب من العلم ينتج كل باب الف باب و لو ان الامة منذ قبض رسول اللّه9اتبعوني و اطاعوني لاكلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 279 *»
ساق الحديث الي ان قال ثم قال طلحة لااراك يا ابا الحسن اجبتني عماسألتك عنه من امر القرآن الا تظهره للناس قال يا طلحة عمدا كففت عن جوابك فاخبرني عما كتب عمر و عمان اقرآن كله ام فيه ما ليس بقرآن قال طلحة بل قرآن كله قال ان اخذتم بما فيه نجوتم من النار و دخلتم الجنة فان فيه حجتنا و بيان حقنا و فرض طاعتنا قال طلحة حسبي اما اذا كان قرآنا فحسبي ثم قال طلحة فاخبرني عما في يديك من القرآن و تأويله و علم الحلال و الحرام الي من تدفعه و من صاحبه بعدك قال الي الذي امرني رسول اللّه9 انادفعه اليه وصيي و اولي الناس بعدي بالناس ابني الحسن ثم يدفعه ابني الحسن الي ابني الحسين ثم يصير الي واحد بعد واحد من ولد الحسين حتي يرد آخرهم علي رسول اللّه9حوضه هم مع القرآن لايفارقونه و القرآن معهم لايفارقهم انتهي. اقول هذا معني قول رسول اللّه9لنيفترقا حتي يردا علي الحوض و في الحديث لحن في سر تسليمه لما في ايديهم فتدبر ان كنت من اهل اللحن. بالجملة ان جميع ما بين الدفتين اليوم قرآن نوعا اجماعا من المسملين و ان كان فيه حذف و تغيير و تبديل جزئي باختلاف الرواة و تقديم و تأخير و لايضرنا التغيير و التبديل و غيرهما لوجود الحافظ الذي من وراءنا يخبرنا بما هو تكليفنا و قد تواتر عن الائمة: الامر بالتمسك بهذا الموجود بين الدفتين و الرجوع اليه و تلاوته و احترامه و العرض عليه و الاخذ به و التدبر في آياته و قام اجماع الامامية بل الامة عليه و نحن ساكنون الي ذلك الاجماع و التواتر لا الي اخبار الآحاد و ما علينا من بواطن الامور و حقايق الوقايع و منتهي غرضنا مرضاة مولانا و لو ان القوم اخفوا القرآن بالكلية و منعوا آل محمد: عن ابرازه لميكن يلحقنا ضرر في ديننا مع وجود آل محمد:الحافظين له الاتري ان فينا من ليس عنده القرآن و فينا من عنده و ليس يلحق من ليس هو عنده ضرر اذا كان هو عند من هو عنده محفوظا فهب انهم زادوا او نقصوا نحن نكتفي بآل محمد: و انهم اليوم كلفونا بتصديق ما بايدينا و الايمان به علي
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 280 *»
حسب ماشرحوا لنا و نحن نؤمن به و نصدقه و نعلم انه قرآن بتصديقهم فماغيروه فعلي حسب ماغيروا و ماتركوه فعلي حسب ماتركوا اللهم لك الحمد حمدا خالدا بخلود نعمائك و لعنتك علي المغيرين لكتابك و دين نبيك و ان وصيتي اليكم معاشر الاخوان انتسعوا بقدر جهدكم و طاقتكم في تأسيس اصل التسديد و تحصيل اليقين به فانه ضياء بصايركم و نور قلوبكم و ضوء سبيلكم الي ربكم و طريق نجاتكم و منار هدايتكم فلو ارسختموه في قلوبكم ثبتتم و الاّ تزلزلتم فمن آمن باخبار ردته اخبار و من ركن الي اتفاق ردعه اتفاق و من سكن الي تأويل آية ازاله تأويل آخر اذ في زماننا هذا لميبق خبر الاّ و قدروي معارضه و لميدل آية علي معني الاّ و قددلت اخري علي مايخالفه في الظاهر و لميقم دليل عقل علي معني الاّ و قدقام دليل عقل آخر علي مضاده و لميذكر اتفاق قوم علي امر الاّ و قداتفق قوم آخر علي خلافه و العقل الذي يستبد بمايفهمه و يضع كل هذه الاختلافات مواضعها و يجيب عن جميعها عن علم و يقين هو وحيد العصر و فريد الدهر و لا كل من حاز الجمال بيوسف و ذلك ممكن في الرجل الكلي و اعلموا يا اخواني ان ربكم لميشرككم في ربوبيته و لا في نبوة نبيه و لميكلفكم انتتكلفوا لانفسكم دينا و محال انيكلفكم بما لميشرح لكم و بما لميتم عليكم الحجة فيه فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم اجمعين فليكن نظركم في جميع اموركم الي تقريره و تصديقه و هو اظهر من كل شيء و اقرب اليكم من كل شيء فصدقوا ما صدقه اللّه و ردوا ما رده اللّه و قفوا عند ما ستره اللّه فان عملتم بآية فيما صدقه اللّه او برواية فبما قرره اللّه او بدليل عقل فعلي ماسددكم اللّه و ان توليتم شخصا فبما ايده اللّه و ان تبرأتم عن شخص فبما فضحه اللّه و ان وقفتم فعند ما ستره اللّه و لاتركنوا الي شيء من غير تقرير اللّه فمن آمن بشيء من هذه الامور من غير ملاحظة التقرير فهو مغرور جاهل و يقينه و ظنه كيقين النسوان و ظن الصبيان اطلعوا علي شيء فاخذوا به مسامحة و الاّ فالفطن الذكي في زماننا هذا لايسعه انيستيقن بشيء من امور هذا العالم الاّ باقل قليل مما لايكفيه في دينه و دنياه و داوموا علي النظر في كتابي علم اليقين حتي تفوزوا بما
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 281 *»
لميفز به غيركم. بالجملة نحن علمنا ان مابين الدفتين هو القرآن بتقرير شركائه و امرهم ايانا بالتمسك به و تعظيمه و التدبر فيه و الرجوع اليه و العمل بما فيه و الاّ لعمري ماكان يمكن اليقين بانه خال عن الزيادة و عن كلام البشر بتلك الادلة و ماكان يظن انه خرج سالما عن تلك الطخية العمياء التي هرم فيها الكبير و شاب فيها الصغير و كدح فيها المؤمنون حتي لقوا ربهم من شر تلك الكفرة الفجرة و الفسقة المنافقين لعنهم اللّه بعدد ما في علمه من شيء اضعاف ما في علمه من شيء الاّ من كان عقله كالنسوان المؤمنات بالكراريس و الاوراق المصدقات بالفالات و اصحاب الدك و العزيمات و اما الفطن المطلع علي امور هذا العالم و هذه النفوس فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما فمن فقد دليل التقرير فقد فقد اليقين و الظن و يدعي احدهما غرورا او غفلة او جهلا او كذبا او خوفا و ان اللّه قد خصكم به معاشر اخواني و شيد بنيان هذا الامر علي يدي و له الحمد و له المنة فقولوا الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ماكنا لنهتدي لولا ان هدانا اللّه و هذا هو اسّ التشيع و سنخ الايمان و الحمد للّه المنان و لكن هذا الوجود بين الدفتين قرآن نوعا لوجود اختلاف القراءات المغيرة للمعني و غير المغيرة و وجود الاخبار الكاشفة عن بعض التغييرات المفسدة للمعني و لكن بمعونة الاخبار يزول الغبار انظر الي مارواه في البحار في خبر من ادعي التناقض في القرآن: قال امير المؤمنين7فيه ان الكناية عن اسماء ذوي الجراير العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالي و انها من فعل المغيرين و المبدلين الذين جعلوا القران عضين و اعتاضوا الدنيا من الدين و قد بين اللّه تعالي قصص المغيرين بقوله الذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند اللّه ليشتروا به ثمنا قليلا و بقوله و ان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالكتاب و بقوله اذ يبيتون ما لايرضي من القول بعد فقد الرسول ممايقيمون به اود باطلهم حسب مافعلته اليهود و النصاري بعد فقد موسي و عيسي
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 282 *»
من تغيير التورية و الانجيل و تحريف الكلم عن مواضعه و بقوله يريدون ليطفؤا نور اللّه بافواههم و يأبي اللّه الاّ انيتم نوره يعني انهم اثبتوا في الكتاب ما لميقله اللّه ليلبسوا علي الخليقة فاعمي اللّه قلوبهم حتي تركوا فيه مادل علي مااحدثوه فيه و حرفوا منه و بين عن افكهم و تلبيسهم و كتمان ماعلموه منه و لذلك قال لهم لم تلبسون الحق بالباطل و ضرب لهم مثلهم بقوله فاما الزبد فيذهب جفاء و اما ماينفع الناس فيمكث في الارض فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين اثبتوه في القرآن فهو يضمحل و يبطل و يتلاشي عند التحصيل و الذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و القلوب تقبله و الارض في هذا الموضع هي محل العلم و قراره و ليس يسوغ مع عموم التقية التصريح باسماء المبدلين و لا الزيادة في آياته علي مااثبتوه من تلقائهم في الكتاب لما في ذلك من تقوية حجج اهل التعطيل و الكفر و الملل المنحرفة عن قبلتنا و ابطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان له الموافق و المخالف بوقوع الاصطلاح علي الايتمار لهم و الرضا بهم و لان اهل الباطل في القديم و الحديث اكثر عددا من اهل الحق و لان الصبر علي ولاة الامر مفروض لقول اللّه عزّوجلّ لنبيه9 فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل و ايجابه مثل ذلك علي اوليائه و اهل طاعته بقوله لقد كان لكم في رسول اللّه اسوة حسنة فحسبك من الجواب في هذا الموضع ماسمعت فان شريعة التقية تحظر التصريح باكثر منه الخبر. تدبر فيه و افهم ما اراد اللّه و اكتمه في صدرك. و روي رحمه اللّه عن ابي بصير عن ابي عبد اللّه7في قوله و تجعلون رزقكم انكم تكذبون انها و تجعلون شكركم انكم تكذبون و عن محمد بن خلف عن بعض رجاله عن ابي عبد اللّه7 انه تلي رجل عنده علمنا منطق الطير و اوتينا من كل شيء فقال ابو عبد اللّه7 ليس فيها من و انما هي و اوتينا كل شيء و عن بريد العجلي قال سمعني ابو عبد اللّه7
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 283 *»
و انا اقرأ له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر اللّه فقال مه و كيف يكون المعقبات من بين يديه انما يكون المعقبات من خلفه انما انزلها اللّه له رقيب من بين يديه و معقبات من خلفه يحفظونه بامر اللّه. و عن حمران بن اعين قال قال لي ابو جعفر7 و قد قرأت له معقبات من بين يديه و من خلفه قال و انتم قوم عرب يكون المعقبات من بين يديه قلت كيف تقرؤها قال له معقبات من خلفه رقيب من بين يديه يحفظونه بامر اللّه و عن ابي بصير قال قال جعفر بن محمد خرج عبد اللّه بن عمرو بن العاص من عند عثمان فلقي امير المؤمنين7 فقال له يا علي بيتنا الليلة في امر نرجوا انيثبت اللّه هذه الامة فقال امير المؤمنين7 لنيخفي علي ما بيتم فيه حرفتم و غيرتم و بدلتم تسعمائة حرف ثلثمائة حرفتم و ثلثمائة غيرتم و ثلثمائة بدلتم و عن ابي بصير عن ابي عبد اللّه7قال سألته عن هذه الاية قل ارأيتم ان اهلكني اللّه قال هذه الآية مما غيروا و حرفوا ماكان اللّه ليهلك محمدا9 و لا من كان معه من المؤمنين و هو خير ولد آدم و لكن اللّه قال قل ارأيتم ان اهلككم اللّه جميعا و عن ابن ظبيان عن ابي عبد الله7 لنتنالوا البر حتي تنفقوا ما تحبون هكذا فاقرأها و عن فيض بن المختار قال قال ابو عبد اللّه7 في قوله و علي الثلاثة الذين خلفوا لو كانوا خلفوا لكانوا في حال طاعة و لكنهم خالفوا و عن اسحاق بن عمار عن ابي عبد اللّه7 قال هكذا انزل اللّه عزّوجلّ لقد جاءنا رسول من انفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رؤف رحيم و عن الرضا7 فانزل اللّه سكينته علي رسوله و ايده بجنود لمتروها قلت هكذا قال هكذا نقرؤها و هكذا تنزيلها و روي في كنتم خير امة، خير ائمة و في انتكون امة هي اربي من امة، انما انزل انتكون ائمتهم ازكي من ائمتكم و في جعلناكم امة وسطا، ائمة وسطا و في و اجعلنا للمتقين اماما، و اجعل لنا من المتقين اماما و في سورة الحمد انها نزلت صراط من انعمت عليهم غير المغضوب عليهم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 284 *»
و غير الضالين و كان7 يقرأ فان تنازعتم من شيء فارجعوا الي اللّه و الي الرسول و الي اولي الامر منكم و قرأ رب اغفر لي و لولدي يعني اسمعيل و اسحق و قرأ اذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فامضوا الي ذكر اللّه و قرأ فستبصرون و يبصرون بايكم تفتنون و قرأ و لقد نصركم اللّه ببدر و انتم ضعفاء و قرأ افلميتبين الذين آمنوا بدل ييئس و قرأ فاتي اللّه بيتهم من القواعد و روي في طلح منضود، طلع منضود و قرأ اذا جاء فتح اللّه و النصر و قرأ الميأتك كيف فعل ربك باصحاب الفيل اني جعلت و قرأ سورة الفجر الفجر بغير واو و قرأ لقد تاب اللّه بالنبي علي المهاجرين و الانصار و قرأ جاهد الكفار بالمنافقين الي غير ذلك من الزيادات الحرفية و الكلمية و التقديمية و التأخيرية فما وقع من امثال ذلك مما يلزمنا علمه فقد بينوه و ما يسعنا جهله فقد تركوه و ما هو علي اصله فقد تركوه و تكليفنا اليوم قراءتها و العمل بها علي ما هو معلم في محله و التدبر فيها و التفكر في معانيها بمعونة اخبار آل محمد: فما علينا من بواطن الامور و خوافيها فهذا هو كتاب اللّه لنا المسمي بالقرآن امرنا من عند اللّه و عند رسوله اننتخذه سنادنا و عمادنا و مدار امرنا نستشفي به و نهتدي بهداه و نمشي بمصباح نوره و نعرض عليه الاخبار علي ما هو المقرر هذا و مضامينه مجمع عليها لا سترة علي حقيقتها فانها مدار الاسلام و الايمان و قد استقر عليها المذهب و صدقها البراهين النقلية و العقلية و ان كان فيه مايغفل الناس عنه فقد بينوا و اوضحوا سلام اللّه عليهم فعليه المدار في الاعصار في جميع الامصار و من تخلف عنه كفر بالله الجبار.
فصل: اعلم انه اختلف الناس في القراءات المختلفة اختلافا فاحشا عجيبا قال في الحدايق قد نقل جمع من الاصحاب الاجماع علي تواتر القراءات السبع و حكي في الذكري عن بعض الاصحاب انه منع من قراءة ابي جعفر و يعقوب خلف و هي كمال العشرة ثم رجح الجواز لثبوت تواترها كتواتر السبع قال المحقق الشيخ علي بعد نقل ذلك و هذا لايقصر عن ثبوت الاجماع بخبر الواحد فيجوز
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 285 *»
القراءة بها و عن الشيخ الشهيد الثاني مشيرا الي القراءات السبع فان الكل من عند اللّه تعالي نزل به الروح الامين علي قلب سيد المرسلين تخفيفا علي الامة و تهوينا علي اهل هذه الملة.
اقول و الجأهم الي القول بهذا التواتر بهذا المعني ان الهيئة جزء اللفظ المركب منها و من المادة فعدم تواترها يفضي الي عدم تواتر بعض القرآن و القرآن هو ماتواتر فلو تدبرت يا اخي في هذا الاختلاف لوجدته ناشئا عن العامة العمياء فانهم لمامزقوا القرآن كل ممزق ثم ارادوا ستر قبايحهم قالوا انه لميتغير و لميتبدل و هو كما انزل ثم لما اختلفوا في قراءته و كان ذلك شنيعا من الفعل قالوا كل هذه القراءات عن النبي9 عن اللّه تهوينا علي الامة و اوّلوا اليها حديث نزل القرآن علي سبعة احرف فلما عاشرهم اهل الحق و نشوا فيهم قوي في انظارهم تلك الشبهات حتي قالوا بها و اشتهر بينهم و اما المطلعون منا علي اخبار آل اللّه سلامه عليهم فقد انكروها تواترها و كونها عن اللّه تعالي فانه قد روي عن زرارة عن ابي جعفر7 قال ان القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجيء من قبل الروات و عن الفضيل بن يسار قال قلت لابي عبد اللّه7 ان الناس يقولون ان القرآن نزل علي سبعة احرف فقال كذبوا اعداء اللّه و لكنه نزل علي حرف واحد من عند الواحد و عن عبد اللّه بن فرقد و المعلي بن خنيس قالا كنا عند ابي عبد اللّه7 و معنا ربيعة الرائي فذكر القرآن فقال ابو عبد اللّه7 ان كان ابن مسعود لايقرأ علي قرائتنا فهو ضال قال ربيعة ضال فقال نعم ضال ثم قال ابوعبداللّه7 اما نحن فنقرأ و علي قراءة اُبيّ انتهي و حمل بعضهم آخر الحديث علي المسامحة مع ربيعة لحرمة الصحابة و تداركا لماقاله في ابن مسعود و ان في هذا الحديث اشعارا بان قراءة ابي كانت موافقة لقراءتهم او كانت اوفق لها اقول الذي افهم ان ابي تصغير الاب كاخي تصغير الاخ يعني نحن نقرأ علي قراءة ابي محمد بن علي و قال كذلك لبساً عليهم و لا عجب انيكون قراءة ابي ايضا قريبة من الحق
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 286 *»
بالجملة ثم ما معني هذا التواتر هل هو تواتر عن القرّاء فهو ممنوع فانهم نصوا علي ان كل قار كان عنه راويان و سموهم و علي فرض التواتر عن القرّاء من هم حتي يتبع امرهم فلو كانوا احياء و نشاهدهم و هم من العامة كان يجب اللعن عليهم و التبري منهم و كان الرشد في خلافهم و يجب علينا البراءة من طريقتهم و آرائهم و اهوائهم فكيف اذا ماتوا صار ماتواتر عنهم حجة و ان كان المراد ان قراءاتهم متواترة عن النبي9 فالمتواتر لايكون مختلفا فيه و هو يورث القطع للمطلع عليه قهرا فما اجتمع الامة عليه هو المتواتر بعينه عن النبي9و لا خصوصية لهذه القرّاء و مااختلفوا فيه فهو محل المنع و قد انكر تواترها من العامة الفخر الرازي و نقل عنه انه قال ان القراءة الصحيحة التي قرأ بها رسول اللّه9 انما هي في صفتها و انما هي واحدة و المصلي لايبرأ ذمته الاّ اذا قرأ بما وقع فيه الاختلاف علي كل الوجوه كمالك و ملك و صراط و سراط و غير ذلك و عنه ايضا اتفق الاكثرون علي ان القراءات المشهورة منقولة بالتواتر و فيه اشكال لانا نقول ان هذه القراءة منقولة بالتواتر و ان اللّه خير المكلفين بين هذه القراءات و ان كان كذلك كان ترجيح بعضها علي بعض واقعا علي خلاف الحكم الثابت بالتواتر فوجب انيكون الذاهبون الي ترجيح البعض علي البعض مستوجبين للفسق ان لميلزمهم الكفر كما تري ان كل واحد من هؤلاء القرّاء مختص بنوع معين من القراءة و يحمل الناس عليه و يمنعهم عن غيره و ان قلنا بعدم التواتر بل ثبوتها من طرق الاخبار فحينئذ يخرج القرآن عن كونه مفيدا للجزم و القطع و ذلك باطل قطعا انتهي.
و عن شمسالدين محمد بن الجوزي من علمائهم كل قراءة وافقت العربية و لو بوجه و وافقت احد المصاحف الثمانية و لو احتمالا و صح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لايجوز ردها و لايحل انكارها بل هي من الاحرف السبعة التي نزل بها القرآن و وجب علي الناس قبولها سواء كانت عن السبعة ام العشرة ام غيرهم و متي اختل ركن من هذه الاركان الثلاثة اطلق عليها ضعيفة او شاذة او باطلة سواء كانت من السبعة او عمن هو اكثر منهم هذا هو الصحيح عند ائمة التحقيق من السلف و الخلف
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 287 *»
صرح بذلك الامام الحافظ ابو عمرو عثمان بن سعيد المدايني نص عليه في غير موضع الامام ابو محمد مكي بن ابيطالب و كذلك الامام ابو العباس احمد بن عمار المهدوي و هو مذهب السلف الذي لايعرف عن احد منهم خلافه و من كتاب المرشد الوجيز منهم فلاينبغي انيغتر بكل قراءة تعزي الي واحد من هؤلاء الائمة السبعة و يطلق علهيا لفظ الصحة و انه هكذا انزلت الاّ اذا دخلت في ذلك الضابط و حينئذ لاينفرد بها مصنف دون غيره و لايختص ذلك بنقلها عنهم بل ان نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لايخرجها عن الصحة فان الاعتماد علي استجماع تلك الاوصاف لا عمن نسبت اليه غير ان هؤلاء السبعة لشهرتهم و كثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس الي مانقل عنهم فوق ماينقل عن غيرهم انتهي. فاذا كانت العامة الذين هم اساس هذا الادعاء و اصل هذا المدعي يقر محققوهم ان مذهب السلف منهم عدم تواتر هذه السبعة عن النبي و المدار علي تلك الشروط فما بال الشيعي يدعي تواتر هذه السبعة او العشرة عن رسول اللّه9ثم علي فرض تسليم التواتر فهل رجال هذا التواتر الاّ العامة الكفرة الفجرة الساعين في اطفاء نور محمد و آل محمد: و المفترين عليهم و المستحلين الكذب علي اللّه عند الضرورة فان كان تواتر هؤلاء حقا مورثا لليقين فهم مجمعون علي غصب حق آل محمد: و انكار مذهب الشيعة. بالجملة فان اريد التواتر عن النبي9 فلا معني له و قد عرفت ان القرآن واحد نزلت من عند الواحد و ان اريد التواتر عن انفسهم فهم بالتكفير و الرد اولي و احري فلا معني لهذا التواتر.
و عن الشيخ في البيان ان المعروف من مذهب الامامية و التطلع في اخبارهم و روايتهم ان القرآن نزل بحرف واحد علي نبي واحد غير انهم اجمعوا علي جواز القراءة بما يتداوله القرّاء و ان الانسان مخير باي قراءة شاء قرأ و كرهوا تجريد قراءة بعينها.
و عن الطبرسي في مجمع البيان الظاهر من مذهب الامامية انهم اجمعوا علي القراءة المتداولة بين القرّاء و كرهوا تجريد قراءة مفردة و الشايع في اخبارهم ان القرآن نزل بحرف
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 288 *»
واحد انتهي و كلامهما صريح في ان القراءات المختلفة ليست بمتواترة و مؤذن بالاجماع علي عدم تواترها الاّ ان الشيعة تجوز القراءة بها و عرفت مذهب العامة سلفهم في ذلك فمن ذهب منا الي تواترها عن النبي علي خطاء و قد اشتبه عليه الامر و اغتر بشبهات العامة البتة.
و قد قال بتواتر قراءة السبعة سيدنا الاستاذ اعلي اللّه مقامه و العشرة شيخنا الاوحد اعلي اللّه مقامه حيث قال في الحيدرية: و الاصح صحة القراءة بقراءة العشرة و هم السبعة المذكورة مع ابي جعفر و يعقوب و خلف لثبوت قراءة الثلاثة كالسبعة ولكن قال شيخنا الاوحد اعلي اللّه مقامه ليس المتواتر من قراءة هؤلاء كل افرادها و انما المتواتر قراءتهم علي سبيل الاجمال فما لميثبت من قراءة احدهم لايجوز القراءة به نعم يكفي في ثبوته نقل العدل و لو في كتابه و القرائن المفيدة لذلك انتهي. فمراده اعلي اللّه مقامه من ذلك غير مراد القوم باجمعهم و هو ان القرآن كتاب اللّه و من عند رسول اللّه9 و كان عليه ابلاغه و ايصاله علي مايحب اللّه و يرضاه لانه معصوم و قد قال اللّه سبحانه بلّغ ما اُنزل اليك من ربك فقد بلغ الحق الذي فيه رضاء اللّه و لايجوز انيرتفع الحق من اهل الحق البتة فان مدار العالم علي الحق و اهل الحق المسلمين و الشايع الذي عليه مدار الاسلام و مايقرأ به المسلمون الكتاب من اول الاسلام الي عصرنا هذا هذه القراءات الشايعة بينهم غير المنقطعة بل الثابتة المستمرة في الاعصار فلابد و انيكون الحق في هذه القراءات الشايعة التي علم ان اهل الامصار و الاعصار يقرأون القرآن عليها يقينا فالحق لابد و انيكون احد هذه القراءات البتة فان الحق لايرتفع عن اهله و عن هذه الامة فمعني التواتر هو المتداول في جميع الاعصار و الامصار و لذلك ادخل ابا جعفر و يعقوب و خلف ايضا لشيوع قراءتهم في الاعصار و الامصار كما نقل من الذكري و قال بثبوت تواترها كتواتر السبع و عن الشيخ علي و هذا لايقصر عن ثبوت الاجماع بخبر الواحد فيجوز القراءة بها و كفي بهذه الاعلام شهودا علي شيوع هذه القراءات ايضا كالسبع في اعصار الائمة:. بالجملة الحق الحقيق بالتحقيق ماذكرناه فمعني تواتر هذه القراءات
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 289 *»
ان القراءة الحقة اليقينية التي جاء بها النبي9 في ضمن هذه القراءات قطعا فلايضر حينئذ كون بعضها شاذا و ما قيل من انه لايبرؤ الذمة الاّ اذا قرأ الانسان بكلها فكلام لايجري في مذهبنا فانا امرنا من عند سادتنا اننقرأ القرآن كمايقرأه الناس و لمنؤمر بتوخي تلك المتواترة المجهولة المستورة في هذه القراءات كما نقل من الكافي بسنده عن بعض الاصحاب عن ابي الحسن7قال قلت جعلت فداك انا نسمع الآيات في القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها و لانحسن اننقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم فقال لا اقرأوا كما علمتم فسيجيء من يعلمكم و منه عن ابي سالم بن سلمة قال قرأ رجل علي ابي عبد اللّه7 حروفا ليس علي مايقرأه الناس فقال ابو عبد اللّه7 كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرؤ الناس حتي يقوم القائم فاذا قام القائم قرأ كتاب اللّه علي حدة و اخرج المصحف الذي كتبه علي7 و عن سفيان بن السمط قال سألت ابا عبد اللّه7 عن ترتيل القرآن فقال اقرأوا كما علمتم انتهي. فنحن نقراؤ بقراءات الناس امتثالا لامر موالينا و طاعة لهم فلو تدبرت في هذه الاخبار وجدتها غير حاصرة بسبع او عشر بل المأمور اننقرأه علي مايجوزه الناس و انما اقتصر اصحابنا بالسبع او العشر لثبوت قراءة الناس بها في الاعصار و الامصار فمن قرأ بقراءة ثابتة معروفة بين الناس يومئذ فقدامتثل امر سادته سواء كان من العشر او العشرين لانا نحن نقرأ بهذه القراءات امتثالا لامر سادتنا لا لاجل انها متواترة عن القرّاء و لا لاجل ان القرآن يجب انيكون متواترا فالقراءة الشاذة ليست بقرآن فانه علي فرض اننقول بان القرآن ماتواتر ليس التواتر عن القرّاء كاشفا عن كونه متواترا عن النبي9 بل لاجل امتثال امر سادتنا و المتواتر عن النبي9مستور فبما يقرؤه الناس لما امرونا بقراءة الناس فكما نعمل باخبار العترة الطاهرة و ان لمتكن متواترة و نكتفي برواية العدل كذلك نكتفي برواية العدل ان هذه القراءة كانت مما يقراؤ به الناس فانا اذا عملنا به امتثلنا امر سادتنا فانهم امرونا اننقرأ كما يقرأه الناس غاية الامر ان
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 290 *»
الاخذ بما علم بالتواتر ان الناس كانوا يقرأون به اولي مما علم انهم كانوا يقرأون به باخبار العدل فان اليقين الحاصل من التواتر اقوي و الاّ فالمقروء به موضوع ما ورد الحكم به و الشرط في الموضوع العلم به و هو يحصل باخبار العدل ايضا و لاجل ذلك اخترنا جواز القراءة بما قرأ به الثلاثة ايضا لشهادة الثقات المذكورين بثبوتها و تواترها فما علم باخبار عدل او تواتر انه من القراءات المتداولة يومئذ موافقا للعربية و رسم الكتاب المتواتر جاز القراءة به و ما كان منها موافقا لقراءات الائمة: فهو اولي البتة. قال صحاب جواهر الكلام انا نمنع اعتبار الهيئة الخاصة من افراد الهيئة الصحيحة في القرآنية فلايتوقف العلم بكونه قرآنا عليها اذ هي من صفات الالفاظ الخارجة عنها كمايستأنس له بصدق قراءة قصيدة امرئ القيس مثلا و دعاء الصحيفة علي المقروء صحيحا و ان لميعلم الهيئة الخاصة الواقعة من قائلها بل يصدق في العرف قراءة القرآن علي الموافق للعربية و اللغة و ان لميعلم خصوصية الهيئة الواقع عليها بل قد ادعي المرتضي فيما حكي عن بعض رسائله كبعض العامة صدق القرآن علي الملحون لحنا لايغير المعني و لذا جوزه عمدا و ان كان هو ضعيفا انتهي. و هذا خرق واسع ان اراد جواز القراءة به و الصلوة بها و ان لميقرأ بها احد من الناس و لو قال بان ما يمكن انيطابق رسم الكتاب في جوهر الحروف و يوافق العربية و ان خالف الرسم يمكن انيكون مرادا للّه سبحانه في ارادة بعض وجوه المعاني و التفاسير لميكن بعيدا و اما القراءة به و الصلوة بها فذلك خرق واسع يذهب القرآن عن قليل بسببه من البين. بالجملة نحن نذكر ان شاء اللّه في كتابنا هذا من القراءات الشايعة بين الناس ماتيسر و نذكر ان شاء اللّه علل بعض تلك القراءات و اما المختار منها فهو الاهنأ الاسهل الايسر لقوله9 اذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني اهنأه و اسهله و ارشده و لقوله تعالي و لقديسّرنا القرآن للذكر و الاوفق بالعربية الفصيحة المعروفة بين الاخبار و ساير مواضع الكتاب و الخطب المروية عن اهل العصمة: و الموافق لقراءاتهم او القريب اليها و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 291 *»
المستلزم لفضل آل محمد: و الدال علي الحقايق و المعارف و اسرار آل محمد: و المبطل لامر اعدائهم عليهم لعاين اللّه و المظهر لقبايحهم و المدحض لحجتهم و الانسب بسبك القرآن و نظمه و ترتيبه و الاشبه بكلام الملك السلطان و عظمته و الابعد عن نحو كلام البشر و امثال ذلك.
فصل: اعلم ان القرّاء المشهورين هم:
نافع بن عبد الرحمن المدني من الموالي و توفي بالمدينة سنة تسع و تسعين و مائة.
و عبد اللّه بن كثير المكي الداري اي العطار و توفي بمكة سنة ثمانين و مأتين.
و ابو عمرو البصري العربي و توفي بالكوفة سنة اربع و خمسين و مائة.
و عبد اللّه ابن عامر قاضي دمشق و هو من العرب و التابعين توفي بدمشق سنة ثمانيعشرة و مائة.
و عاصم بن ابي النجود الكوفي من التابعين توفي بالكوفة سنة ثمان و قيل سبع و عشرين و مائة.
و علي بن حمزة النحوي الكسائي توفي بري سنة تسع و ثمانين و مائة.
و حمزة بن حبيب الكوفي توفي بحلوان سنة ست و خمسين و مائة.
و لكل واحد منهم راويان نقلا قراءة صاحبهما و نشراها في البلاد.
فالراوي عن نافع قالون و اسمه عيسي توفي بالمدينة سنة عشرين و مأتين، و ورش و اسمه عثمان توفي بمصر سنة سبع و تسعين و مائة.
و الراوي عن ابن كثير قنبل و اسمه محمد توفي بمكة سنة ثمانين و مأتين، و البزّي و هو احمد بن محمد المؤذن المكي توفي بمكة بعد اربعين و مأتين.
و الراوي عن ابي عمرو حفص بن عمرو النحوي الدوري موضع ببغداد و توفي في حدود خمسين و مأتين، و ابو شعيب و هو صالح توفي بخراسان سنة اثنتين و مأتين. و يرويان عن ابي عمرو بواسطة ابي محمد يحيي بن المبارك المعروف باليزيدي لصحبته ليزيد بن منصور خال المهدي.
و الراوي عن ابي عمرو ابن ذكوان و هو عبد بن احمد القرشي الدمشقي توفي بها سنة اثنتين و اربعين و مأتين، و هشام بن عمار الدمشقي توفي بها سنة خمس و اربعين و مأتين.
و الراوي عن عاصم الكوفي ابوبكر شعبة بن عياش توفي بالكوفة سنة اربع و تسعين و مائة، و حفص بن سليمان البزاز الكوفي توفي قريبا من سنة تسعين و مأتين.
و الراوي عن الكسائي حفص
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 292 *»
بن عمرو النحوي ايضا، و ابو الحارث الليث بن خالد توفي سنة اربعين و مأتين.
و الراوي عن حمزة الكوفي خلف بن هشام البزار القمي توفي ببغداد في سنة تسع و عشرين و مأتين، و خلاد الصيرفي الكوفي و توفي فيها سنة عشرين و مأتين. رويا عن ابي عيسي سليم بن عيسي الحنفي الكوفي و توفي سليم سنة ثمان و قيل تسع و ثمانين و مائة.
فهذه اسماء القرّاء السبعة و الروات عنهم و ذكر تواريخ وفاتهم ليعلم ان جميعهم كانوا في اعصار ظهور الائمة و في الغيبة الصغري و كانوا مرجع الناس في القراءة في كل وقت و قولهم اقرأوا كما علمتم ينصرف الي قراءة هؤلاء يقينا و ان كان معهم غيرهم ايضا و ذكروا لكل واحد من هؤلاء وسائط و رجالا ليس في ذكرها فايدة الاّ انهم انتهوا برجال نافع الي ابي هريرة و ابن عباس و ابي بن كعب فعلي ماروي نحن نقرأ بقراءة ابي لقراءة نافع رجحان ان علم انها عن نافع ليست عن غيره و لا عن اجتهاد من نفسه و برجال بن كثير الي ابي و يزيد بن ثابت و هو كسابقه و برجال ابي عمرو الي ما تقدم و برجال ابن عامر الي اميرالمؤمنين7 و عثمان و ابي بن كعب و زيد بن ثابت و عبداللّه بن مسعود فلقراءته فضل الرواية عن اميرالمؤمنين7 و برجال حمزة الي ابنمسعود و برجال الكسائي الي ابنمسعود فهذا ما اردنا ايراده من احوالهم من باب اكل الميتة و ائتماراً لامر السادة من باب التقية و الاّ فنحن مشمئزون من اذكارهم بريئون من انفسهم و اهوائهم و آرائهم لاعنون عليهم كما نلعن اليهود و بيننا و بينهم البحر الاخضر ما كانوا منقطعين عن آلمحمد: و نحن عاملون كما قال الشاعر:
فدع عنك قول الشافعي و مالك | و احمد و المروي عن كعبالاحبار | |
و خذ عن اناس قولهم و حديثهم | روي جدنا عن جبرئيل عن الباري |
فما قال آلمحمد قلنا و ما دان آل محمد دنّا لانبتغي بهم بدلاً و لانشتري بمذهبهم ثمناً قليلاً و لو امروا بكنس المزابل لفعلنا فجميع مانذكره من اقوالهم في هذا الكتاب و نتوجه الي الفحص عنها من باب كنس المزابل و اكل الميتة و عند اللّه احتسبه و الاّ فهم اذل و احقر و اخزي و اخسر من انيذكروا بعد الف سنة او يدوّن
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 293 *»
اقوالهم.
اما الابواب فهي في كليات في علم القراءة ليست مخصوصة بكلمة و لا بموضع و لا بحال و انما هي مسائل كلية يجري في جميع ما تحتها من الالفاظ.
الباب الاول
في معرفة احوال الحروف و مخارجها و صفاتها و فيه فصول:
فصل: اعلم ان اللّه سبحانه من بديع حكمته خلق الانسان ذا نفس ناطقة تقدر انتعبر عما في ضميرها بالحروف و الالفاظ فجعل له بعد ما قدر انتكون له نفس ناطقة ادوات النطق كما خلق لكل حيوان اداة ما يقتضيه نفسه و تشتهيه فجعل للحيوان الناطق ادوات النطق و جعل نفسه قادرة علي استعمالها و صوغ الحروف و الكلمات بها و تلك الادوات هي الرية و العضلات الضامة لها لفتحها و ضغطتها و الاعصاب التي حولها و الحلقوم الذي هو بمنزلة الانبوبة علي فم الزق و اللسان و الاسنان و فضاء الفم و الشفاه فيأخذ الهواء بفمه الي جوف الرية ثم يضغطها بواسطة الاعصاب و العضلات مع ضم فم الرية قليلا حتي يصطك بفمها الهواء فينشق الهواء بعد ترققه بسرعة دفعة فيصوت فالصوت اثر يحدث من اصطكاك الاجسام او انضغاطها او قلعها في الهواء يحمله الي انيؤدي الي الاذن و يظهر ذلك الاثر في تمويج الهواء بضرب الجسم اياه كما يضرب يدك الماء و يموج و الموج غير الصوت اذ قديقع التمويج بغير صوت فالصوت الذي يخرج من الحلق بسيط لاتعين له بهيئة حرف من الحروف فاذا مر في فضاء الفم يقطعه الناطق تقطيعا و يشكله باشكال كما يقطع اللبان الطين في ملبنته او الفاخور يصوغه باشكال مختلفة في الكم و الكيف فيرققه بتضييق المجري و يغلظه بتوسيعه و يقطعه باعتراض اللسان و الاسنان و الشفاه قطعا كبيرة و صغيرة و ربما يميزها بسرعة اخراج بعضها و بطئه و شدته و ضعفه فذلك حال الحروف علي النهج الكلي.
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 294 *»
فصل: في مجمل من معرفة الاسنان. اعلم ان الاسنان تزيد و تنقض في الناس و لعل الغالب او المتوسط منها اثنان و ثلاثون في كل واحد من اللحيين ستة عشر منها اربعة في مقدم الفم اثنان من فوق و اثننان من تحت يقال لهما الثنايا و اربعة بعدها اثنان من فوق من طرفي الثنايا و اثنان من تحت بازائهما و يقال لهما الرباعيات ثم اربعة اخري بعدها من الفوق و التحت و طرفي الربايعات و يقال لهما الانياب ثم بعد اربعة اخري من الفوق و التحت و دون الانياب يقال لها الضواحك و قديطلع لبعض الاناسي بعد الضواحك اربعة يقال لها النواجذ من فوق و من تحت و دون الضواحك و بعدها ستة عشر في كل جانب اربعة يقال لهما الاضراس و الطواحن و هي العراض الخشنة الرؤس المهيات للرض و الطحن و قديعد الضواحك مع الطواحن لانها ايضا عريضة الروس خشنتها فاحفظها.
فصل: اعلم ان من الحروف ما لايغير لها الصوت الممتد من الجوف بسبب القطع عليه بل يبقي علي سذاجته الاصلية اللهم الاّ من حيث تضييق المجري و توسعته و هي الالف الساكنة الظاهرة في لا و الواو و الياء فان الالف هي ذلك الصوت الممتد مع انفتاح المجاري و الواو هي ذلك الصوت الممتد مع تضييق آخر المجري و هو الشفتان و الياء هي ذلك الصوت الممتد مع تضييق اوسط المجري بالصاق طرفي اللسان بالحنك الاعلي و تقعير اوسطه كالميزاب و لاتقطع هذه الحروف من عرضها و سميت بحروف العلة لانتسابها الي العلة و الصوت الممتد الذي هو جهة الوحدة و الرب السارية فيها اي في الحروف فلاتشبه المعلولات.
ثم بعد ذلك اقرب الحروف الي هذه الحروف: الهاء فانها من اقصي الجوف و تجري علي طول المجري و لاتقطع في المقاطع الاّ انها في اول صدورها تصدر من اقصي الجوف ثم ترسل ارسالا. ثم بعد ذلك الهمزة فانها تعين في اقصي الحلق و تقطع هناك ثم ترسل ارسالا. ثم بعد هاتين الحاء و العين فالحاء هي هاء ضيق مجراها في اقصي الحلق و لذلك تبدل بالهاء في لسان العجم، و العين هي همزة ضيق مجراها فويق الحاء و لذلك تبدل بالهمزة في لسان العجم ثم ارسلتا ارسالا بلا تقطع آخر. ثم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 295 *»
بعدهما الغين و الخاء فالغين مقطعها اعلي الحلق عند اصل اللسان و الخاء فويقها و تبدل الغين في لسان بعض الاعاجم قافا لقرب مقطعهما و الخاء هاء لان الخاء تغليظ الحاء و هم يبدلون الحاء هاء فانها تغليظ الهاء و تبدل الخاء في بعض السنتهم كافا كالسودان و اشباههم. ثم بعد ذلك القاف و الكاف فان مقطعهما قبيل اصل اللسان الاّ ان القاف اقرب الي الحلق و تتصل بمخرج الخاء و الكاف قبيلها مما يلي الفضاء و القاف تتكي علي اللسان و الكاف تعتمد علي الحنك الاعلي و اما الكاف العجمية الفارسية فهي قبيل القاف بقليل و ليست تتكي علي اللسان و لا علي الحنك الاعلي و تبدل بها القاف في لسان السودان و اهل العراق و يبدلها العرب بالجيم اذا كان في لفظ عجمي و نطق به العرب و التركية من وسط اللسان و عجيب ابدال الشام القاف بالهمزة و تبدل القاف بالكاف العربية في لسان البلوصية و بالعكس اذا نطق العرب بلفظ عجمي فيه الكاف فتبدلها قافا. ثم بعد ذلك الشين و الجيم: اما الجيم فبالصاق قريب رأس اللسان بقرب لثة الثنايا العليا، و الشين ايضا من هناك الاّ انه لايلصق لها اللسان بالحنك الاعلي و يلصق لها طرفا اللسان بالحنك و يقعر لها وسط اللسان فهي كالياء الاّ ان الياء لايضيق لها حيث يضيق للشين و من العجب ابدال بعض العرب الجيم بالكاف العجمية و بعضهم يبدل القاف جيما و انما ذلك لانهم بدلوا القاف كافا عجمية ثم بدلوا الكاف جيما و منهم من يبدل الجيم ياء و ذلك اهون و من مخرج الجيم العربية الجيم العجمية الاّ انه يوسع لها المخرج قليلا و يبدلها العرب اذا نطق بها شينا. ثم بعد ذلك السين و الزاء و تحصلان بادناء رأس اللسان بباطن الثنايا العلياء و اخراج الصوت من بينهما الاّ ان للسين يدنا بعيد رأس اللسان باللثة العلياء اكثر بخلاف الزاء فانه لايدني لها الاّ رأس اللسان بباطن الثنايا و لو فتح مخرج الزاء قليلا خرجت الزاء العجمية فتقرب من الشين فلذا اذا نطق العرب بلفظ عجمي فيه زاؤهم بدلوها شينا بل يبدل الزاء مطلقا شينا اذا كان في لفظ عجمي و نطق العرب و اذا فتح مخرج السين قليلا و ادني وسط اللسان من الحنك الاعلي خرج الصاد و العجم تبدلها سينا و اذا ضيق مخرج الزاء و ادني اوساط اللسان من الحنك الاعلي و اتكي الصوت علي الحنك خرج الظاء المعجمة
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 296 *»
و يبدلها العجم بالزاء. ثم بعد ذلك النون و اللام و يحصل النون بوضع رأس اللسان علي لثة الثنايا العلياء و الصاق اطراف اللسان بالحنك و اخراج الصوت من الانف، و اما اللام فيلصق لها رأس اللسان باصل اللثة و لايلصق اطراف اللسان بالحنك فللصوت منفس من طرفي اللسان و اما الراء فيلصق اطراف اللسان بالحنك و يدني رأس اللسان من اصل لثة ثنايا العلياء و هناك منفس الصوت فيتبادل الراء و اللام في لسان من في لسانه ثقل. ثم بعد ذلك التاء و الدال فهما تحصلان بالصاق رأس اللسان بباطن الثنايا العلياء الصاقا يسد المنفس الاّ ان للتاء يلصق ايضا شيئا من بعيد رأس السان باللثة ايضا و الدال يكتفي فيها برأس اللسان و باطن نفس الثنايا و اذا اتكي التاء علي الحنك بادناء اواسط اللسان الي الحنك حصل الطاء و يبدلها العجم بالتاء و للترك مخرج بين الدال و الطاء. ثم بعد ذلك الثاء و الذال و تحصلان بوضع طرف الثنايا علي رأس اللسان الاّ ان الثاء يوضع لها دوين الرأس و الذال يوضع لها رأسه و العجم يبدل الثاء سينا و الذال زاء. ثم بعدهما الفاء المفردة فان مخرجها الموضع الرطب من الشفة السفلي مع وضع طرف الثنايا العلياء عليه و هو برزخ بين مايحتاج الي الاسنان و مايحتاج الي الشفتين و لا اخت لها في المخرج. ثم بعدهما الباء و الميم و تحصلان بضم الشفتين الاّ ان الباء بالصاق الموضع الرطب منهما و الميم بالصاق الموضع اليابس منهما و بينهما اي بين الموضع الرطب و اليابس مع الصاق اشد مخرج للعجم للباء العجمية و العرب تبدلها فاء. و اما الضاد فهي حرف مفرد مخرجها طرف اللسان الايسر او الايمن بطوله و بواطن الاضراس و الضواحك و الناب و الرباعات فليصق طرف اللسان بطوله بها و يمكن ذلك من طرفي الفم و منهم من خصه بالايمن و لا وجه له و يختلف في الناس و هي اصعب الحروف افصاحا بها و للناس فيها تفاضل و تفاخر حتي انه روي عن النبي9 انا افصح من تكلم بالضاد بَيدَ انّي من قريش انتهي و العجم يعجز عن ادائها و يبدلها بالزاء و يبدلها ضعفة العرب بالظاء حتي انهم ربما لايفرقون بينما و لايدرون انهما اثنان فهذه مخارج الحروف التي اختلفوا فيها مع انها من المحسوسات و ترتيب الحروف علي ترتيب المخارج هكذا: لا و ي هـ ا ح ع غ خ
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 297 *»
ق ك ض ش ج ص س ظ ز ل ر ن ط ت د ث ذ ف ب م و انما صدرناها بلام الف لاجل بيان الالف الساكنة و فيما ذكر من امر المخارج كفاية و بلاغ.
فصل: اعلم ان للحروف بحسب صفاتها و كيفياتها تقاسيم: فمنها المجهورة و المهموسة. فالمجهورة ماينقطع عند ادائها الصوت بسبب اعتماد الناطق علي المخرج اذا كان متحركا ثم يرسله ارسالا فيجهر معه الصوت لدفعية الانطلاق و قوة النفس من الوراء و المهموسة ما لايعتمد له الناطق كثيرا علي المخرج فيجري معه النفس فيهمس له الصوت اي يخفت فالمجهورة علي ماقالوا هذه الحروف ا ب ج د و ز ط ي ل م ن ع ق ر ذ ض ظ غ ثمانية عشر حرفا و المهموسة هي هذه هـ ح ك س ف ص ش ت ث خ عشرة احرف كذا قالوا، و لي نظر في الزاء انتكون من المجهورة و لااجد فرقا بينها و بين السين في صفة الاداء و تشاكلهما سبب ادغامهما و ليس هذا محض اصطلاح فنسامح فيه و كذا الراء و العين و الغين و الواو و الياء فانه لاينقطع معها النفس بالبداهة و لايعتمد لها كثيرا علي المخرج بل يضيق لها و يخرج الصوت دائما من ذلك المنفس و لسنا بعبيد الناس حتي نصدقهم في كل مايقولون و كذا عندي غير موجه كون التاء من المهموسة و لااجد فرقا بينها و بين الدال و تشاكلهما ادغم التاء في الدال في قوله ادّارأتم و كذلك لي اشكال في الكاف انتكون من المهموسة اذ لااجد فرقا بينها و بين القاف و للمشاكلة تدغمان في يخلقكم فالمجهورة عندي ا ب ج د ط ك ل م ن ق ت ذ ض ظ اربعة عشر حرفا و المهموسة هـ و ز ح ي س ع ف ص ر ش ث خ غ اربعة عشر حرفا و لايخفي ذلك علي من جرب علي الفطرة.
و منها الشديدة و الرخوة و عرفوا الشديدة بما ينقطع عنده الصوت بالكلية حال الوقف عليه و الفرق بينها و بين الجهرية قلة مدة الانقطاع في الجهرية و كثرتها في الشديدة و هي ثمانية أ ج د ك ق ط ب ت و الرخوة مالاينقطع عند الوقف عليها الصوت و هي ثلاثة عشر حرفا ث ح خ ذ ر س ش ص ض ظ غ ف هـ و ثمانية اخر برزخ بينهما و هي ل م ي ز و ع ن ا و غاية ظهور الحالات الثلاثة
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 298 *»
في قولك حج و طش و حل اذا حركت الاول و سكنت الثاني و عندي ادخال الزاء و الالف في الرخوة اولي لان الزاء كالسين و الالف ارخي من الكل لعدم التعين و ادخال الضاد و الظاء في المتوسطة اولي لعدم انطلاق الصوت كثيرا فيهما كما لايخفي فالرخوة عندي ا ث ح خ ذ ر س ش غ ف ه ز ص ثلاثة عشر حرفا و المتوسطة ل م ي ض ظ و ع ن ثمانية احرف فتفكر و انصف.
و منها المطبقة و المنفتحة و عرفوا المطبقة بانها ماينطبق الحنك الاعلي حين ادائها علي اللسان و هي اربعة ص ض ط ظ و ماذكروه في غير الضاد مسلم و اما الضاد فمتطرفة يؤدي من طرف اللسان و ادخالها فيها تكلف محض فهي ثلاثة و المنفتحة غيرها و الضاد منها.
و منها المستعلية و المنخفضة. و عرف المستعلية بما يستعلي اللسان حين التنطق بها سواء التصق بالحنك الاعلي ام لا و هي خ ص ض ظ ظ غ ق و المنخفضة سواها و لااعرف لهذه الحرف خصوصية بهذا التعريف فانهم ان ارادوا استعلاء بعض اللسان فاغلب الحروف يستعلي فيه اللسان كماعرفت عند ذكر مخارجها و ان ارادوا كل اللسان فلا معني لادخال الخاء و الغين و القاف و مع دخولها لا معني لاخراج ازواجها و شركائها في المخرج و مايقاربها كالكاف المشاركة للقاف و الحاء و العين فان اريد جمع تلك الحروف في حد فليزد في حدها و فيها غلظة و جهورية فيخرج حينئذ الكاف و الحاء و العين فيقال في تعريفها انها مايستعلي عند ادائها اللسان و فيه غلظة و جهورية و المنخفضة ما سواها.
و منها الذلاقة و المصمتة. فحروف الذلاقة ما ينطق به من رأس اللسان و الشفاه و هي ل ر ن ب م ف و يجمعها مر بنفل و هذه الحروف لسهولتها كثيرة التداول و قلما يخلو منها كلمة بل قيل كل رباعي و خماسي ليس فيها واحد منها ليس بعربي. بالجملة ان سئلوا عن وجه اخراج ت د ج لا جواب لهم و اما الذال و الثاء فيمكن اخراجهما لثقلهما مع كونهما من رأس اللسان و اما الثلاثة المذكورة فلااجد وجها لاخراجها مع سهولتها علي اللسان و كثرة تداولها في الكلمات و كونها
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 299 *»
من رأس اللسان. بالجملة و المصمتة خلافها و لااري تقابلا بين المصمت و الذلاقة ايضا فان المصمت ما لا جوف له و الذلاقة سرعة الكلام و قيل سميت بها لان المصمت ثقيل و قيل لانها اصمتت من انيبني منها رباعي او خماسي و لايخفي تكلفهما و لايجب اتباعهم في هذه الامور فلتكن خفيفة و ثقلية.
و منها القلقلة. سميت بها لحركة اللسان عن موضعه عند ادائها لاشتمالها بالشدة المانعة من الصوت و الجهرية المانعة من النفس و هي خمسة ق د ط ب ج و اني ايضا لااري لاخراج الكاف المشاركة مع القاف و التاء المشاركة للدال وجها و فيها القلقلة و عدم الفرق بينها و بين ازواجها مما لايخفي.
و منها الصفير و هي التي يسمع من الناطق عند ادائها صفير و هو صوت يخرج من بين الاسنان و هي ثلاثة ص ز س و كذلك اقول ان للشين ايضا صفيرا ظاهرا و يمكن مد صفيرها الي ماشاءاللّه.
و منها اللين و هي حروف يمكن مد الصوت بها و هي ا و ي و يدخل في هذا التعريف حروف الصغير فالاولي انتعرف بما لا تعين له من المخارج و هي لينة في الاداء.
و منها المنحرفة و هي التي ينحرف لها اللسان و هي اللام وحدها و الاولي انيزاد في تعريفها بان الصوت يخرج من ناحيتي اللسان و الاّ يدخل فيه النون.
و منها المكررة و هي التي ينزلق اللسان عند النطق بها في الوقف و هي الراء.
و منها الهاوية اي ذات الهواء و الفضاء بلا انضغاط و هي الالف الساكنة.
و منها المهتوتة و هي المنطوقة بها بسرعة من الهت بمعني سرد الكلام بسرعة و هي عندهم التاء و ليتني لقيت مفصّل هذه الاقسام و سألته عن بعض الخصوصيات التي لااظنها الاّ محض اظهار الفضل و تغميض الكلام و اي هت في التاء ليس في الدال او غيرها من اكثر الحروف. و اعلم ان اكثر امثال هذه العلوم امور اجتهادية قد اجتهد فيها رجال كثر فيهم الاغراض و استولي عليهم الامراض و شاع فيهم التفاخر و طال بينهم التشاجر و غلب عليهم التغاير فادّي بهم الحال
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 300 *»
الي ماتري و نحن نذكرها و ذكرناها لتنخلها نخلا و تأخذ صوافيها و تترك النخالة كما روي ان لنا اوعية من العلم نملؤها علما فخذوها و صفوها و اياكم و الاوعية فتنكبوها فانها اوعية سوء.
فصل: اعلم ان الحروف تنقسم مرة لاجل معرفة الادغام الي متماثل و متقارب و متجانس فالمتماثلان مااتفقا مخرجا و صفة فهو كـلامٍ و لام و باء و باء مثلا و المتقاربان ماتقاربا مخرجا و صفة كالقاف و الكاف و السين و الزاء و قد مر تفصيل المخارج و الصفات فان راجعت عرفت و المتجانسان مااتفقا مخرجا لا صفة كالتاء و الطاء و كالتاء و الدال و كالذال و الظاء و كاللام و الراء و كالنون و الراء و امثال ذلك و يعرف كل ذلك مماقدمنا من مخارج الحروف و صفاتها.
الباب الثاني
في الادغام. اعلم ان الادغام في اللغة الادخال و الستر و الخفاء. يقال ادغمت اللجام في فم الفرس اي اخفيته كما قال الشاعر:
بمقربات بايديهن اعنتها | خوص اذا فزعوا ادغمن في اللجم |
و قال آخر:
و ادغمت في قلبي من الحب شعبة | تذوب لها حرا من الوجد اضلع |
و في الصناعة اللفظ بساكن فمتحرك بلافصل من مخرج واحد و فائدته تخفيف اللفظ و هو مرة ينقسم الي واجب و جايز و ممتنع و راجح و مرجوح و مرة ينقسم الي صغير و كبير و لنذكر هنا منها ان شاء اللّه ما يتيسر ففيه فصول.
فصل: في ادغام المتماثلين. اعلم انه يجب الادغام في المتماثلين اذا كان اولهما ساكنا و هو الادغام الصغير سواء كان في كلمة حقيقية نحو معقبات او
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 301 *»
ظاهرية نحو لميترككم او في كلمتين نحو اذهب بكتابي و قل لهم و اذ ذهب و نقل الفقهاء ايضا الاجماع علي وجوبه و لعله لاجل ضرورة النطق به و تكلف ماسواه و يستثني من ذلك اربعة مواضع:
الاول ان كانا همزة في غير عين الفعل كسأل للمبالغة او الماضي من التفعيل ففي غير عين يرجع الي قواعد تسهيل الهمزة كمايأتي و لاتدغمان فيقال في مثل قمطر من قراء قراي بالياء تسهيلا و ان كانتا في كلمتين نحو اقرأ آية فانهم اكثرهم يخففون بحذف الاولي فلا حاجة الي ادغام و اما من يبقيها فلابد عنده من الادغام.
الثاني اذا اجتمع المثلان للبناء للمفعول نحو قوول وزان ضورب و يترك الادغام حينئذ لرفع الاشتباه.
الثالث اذا حصل المثلان بقلب الهمزة واواً و ياء نحو تووي و رئيالان اصل الواو الاولي في الاول و الياء الاولي في الثاني همزة و قلبت للتسهيل فلاتدغم رعاية اصل الكلمة و لا شك انه يمكن عدم الادغام اذا سهلت بين بين و الاّ فيعسر التفوه بهما مع فك الادغام و في الثاني اعسر.
الرابع عند قصد محافظة المد نحو قالوا و مافعلوا مثلا و في يوم.
و اما اذا كان المثلان الفين فلايحتاج الي اخراج فانهما ساكنتان و تقلب الثانية همزة نحو صحراء فان اصل الهمزة الالف المزيدة لمد الصوت فقلبت همزة.
و اما المتماثلان اللذان اولهما متحرك و هو الكبير فان كانا في كلمة يجب الادغام ما لميزد احدهما للالحاق فان مراعاة الوزن فيه مقصود و لميوجب الالتباس فانه محذور عنه في كل مقام نحو ردّ فان اصله ردد كنصر و اما ما حصل لبناء باب مزيد فيه كاقتتل و تتنزل و تتباعد فلايجوز الادغام فيه للبس في بعض و لزوم الابتداء بالساكن في بعض و قانون الادغام في المثلين المتحرك الاول انيسكن الاول ان كان قبله متحرك او حرف لين نحوم مد و ماد و ان كان ساكنا نقل اليه حركة الاول نحو يردّ و الاولي عد نحو مناسككم و سلككم من باب كلمتين الاّ انهما في اصطلاح القراء كلمة واحدة للاتصال الخطي و لميدغم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 302 *»
ابو عمرو البصري الذي هو الاصل في الادغام الكبير من المثلين في كلمة الاّ فيهما و اظهر ماعداهما نحو جباههم و وجوهم و بشرككم و امثالها و عندي الاولي مخالفة البصريين فيما تفردوا به لمخالفتهم امير المؤمنين7فيما وجدوا اليه سبيلا فالاولي فك ادغامهما و اما لاتأمننا و مامكنني فوافقه القراء في الاول مع اشمام و ابو جعفر من العشرة بغير اشمام و اما الثاني فخالفهم فيه ابن كثير و فك الادغام و وافقه فيه الباقون و لا اشمام. و المختار في لاتأمنا الادغام مع الاشمام و هو الاختلاس حقيقة لموافقة الرسم المنقول و الاتفاق عليه و اما مكنني فقد اختلف فيه الرسوم، و المختار الفك نحو يحزنني و لمينقل بنون واحدة الاّ عن الرسم المكي و الفك هو الاصل الذي لا شك فيه و خلافه يحتاج الي دليل قوي.
و اما الادغام الممتنع ففي الهمزتين و الالفين كما مر و عند سكون الثاني لا لوقف نحو ظللت و رسول الحسن مثلا و في مثل اردد و لميردد قدفك الحجازيون و ادغم بنو تميم مع فتح الثاني او كسره و اسقطوا همزة الامر و للغة الحجازيين رجحان لان النبي9 منهم ابتعث و القرآن فيهم نزل و خاطبم بلسانهم، فالمختار الفك و لانه الاصل. و في الزايد للالحاق كقردد لفوات الغرض بالادغام. و عند الاشتباه نحو سرر اذ مع الادغام لايعلم انه وزان عنق او قفل. و اذا كان قبلهما و هما في كلمتين ساكن صحيح نحو فلايحزنك كفره لالتقاء الساكنين علي غير حده و ان كان السابق حرف مد جاز الادغام لانه كالعدم نحو آل لوط و عن البغداديين و ابن مجاهد اظهاره و غيره يأخذ بالادغام هذا علي ما عند علماء الصرف و اما القرّاء فقد ادغم المثلين ابو عمرو في كلمتين سواء سكن ما قبلهما ام تحرك في جميع القرآن نحو فيه هدي و انه هو و لعبادته هل تعلم و ان يأتي يوم و من خزي يومئذ و لاابرح حتي و يشفع عنده و اذا قيل لهم و يستحيون نساءكم و كينسبحك كثيرا و نذكرك كثيرا و الناس سكار و الشوكة تكون لكم، شهر رمضان و ما اختلف فيه و يعلم ما انتم و لذهب بسمعهم و وافق الصرفيين في لايحزنك كفره للزوم اخفاء النون مع ادغام الكاف و لايخفي ركاكة الادغام و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 303 *»
لزوم التقاء الساكنين المتفق علي ثقله و قبحه فيما اذا كان قبلهما ساكن غير مد هذا و تفرد البصري بمحل من الضعف. بالجملة يجوز الادغام عندهم فيماسوي مواضع الوجوب و الامتناع و لميدغم ابو عمرو اذا كان الاول من المثلين مشددا و هو في محله فانه بمنزلة المسبوق بالساكن نحو احل لكم و مس سقر و صواف فاذا و ام موسي و كذا اذا كان الاول منونا و هو ايضا في محله لان مع الوصل التنوين فاصل و مع الوقف لا معني للادغام نحو اليم ما يود و من انصار ربنا و كذا اذا كان الاول تاء خطاب او متكلم و هو من باب سكون السابق نحو ا فانت تكره الناس و كنت ترابا و اختلفوا فيما اذا كان الكلمة السابقة معتلة نحو من يبتغ غير الاسلام و يخل لكم و ان يك كاذبا فعن ابن مجاهد و اصحابه الاظهار و عن ابيبكر الداجوني و غيرهم الادغام وجه الادغام اجتماع المثلين ظاهرا و وجه الاظار ان المحذوف منظور فاصل كالموجود و قدعرفت اصل كراهة الادغام الكبير عندنا لانه مؤد الي مبهمات و كلمات غريبة ركيكة و الخروج عن العربية حقيقة فان بناءها علي الفصاحة و الوضوح و قال صاحب التيسير لااعلم خلافا في الادغام في قوله تعالي و يا قوم من ينصرني و يا قوم ما لي ادعوكم و هو من المعتل اقول لا بأس به لانه حذف من بينهما كلمة مستقلة و ليس بجزء للموجود و الميم من الحروف الشفوية و يعسر التنطق بمكرره فادغامه حسن مع كون السابق ساكنا غير حرف مد فانه شبيه به في عدم المخرج و تسميته بالمعتل مجاز و قداجمعوا علي ادغام لك كيدا في يوسف و اختلفوا ايضا في واو هو اذا لقيت مثلها نحو هو و الملائكة و كأنه هو و اوتينا فعن ابن مجاهد اظهارها و عن غيره ادغامها و لايخفي ركاكتها و عن ابن مجاهد و جماعة ادغام الياء في نحو يأتي يوم و نودي يا موسي و ان سكن الهاء من هو او كان قبل الواو غير الهاء. فقيل لا خلاف في الادغام نحو قوله تعالي و هو وليهم و هو واقع بهم و خذ العفو و أمر و من اللهو و التجارة
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 304 *»
و اما قوله و اللاي يئسن علي مذهبه في ابدال الهمزة ياء ساكنة فلايجوز ادغامها([2]) و لاجتماع اعتلالات.
فصل: في ادغام المتقاربين. اعلم انه اذا تقارن متقاربان في المخرج و الصفة ادغم ابو عمرو و من تبعه الاول في الثاني بان قلب الاول الي جنس الثاني ثم ادغمه هذا اذا كان الاول ساكنا بالذات و اذا كان الاول ساكنا بالعرض قلب الثاني الي جنس الاول و ادغم فيه و خصوا ذلك بصورتين الاولي انيكونا من حروف الحلق و لكن الاول اقرب الي فضاء الفم نحو اذبحّتورا و اصله اذبح عتورا فقلبوا العين حاء لانه اسهل و نحو اذبحاذه و اصله اذبح هذه و الثاني في باب الافتعال نحو اسمع بتشديد السين فان اصله استمع و منهم من يدغم في معهم بقلبهما حاء فيقول محم بتشديد الحاء و هو ركيك و اما الست الذي اصله سِدس فقدجاء هكذا علي غير قياس و لايجوز ادغام المتقاربين في كلمة مع اللبس نحو وتد و وطد علي صيغة الماضي فانهما يشتبهان بـودّ و في مثل شاة زنماء فانها تشتبه بزماء بخلاف امحي في انمحي و اطير في تطير و عن بني تميم ادغام وتد بصيغة الماضي فقالوا ود.
ثم اعلم ان الحروف تسعة و عشرون حرفا فعند القرّاء سبعة منها لاتدغم في شيء و هي الهمزة و الالف و الخاء و الطاء و الظاء و الصاد و الزاء و الاربع الاخيرة اي الطاء و الظاء و الصاد و الزاء يدغم فيها غيرها و بواقي الحروف ثلاثة اقسام ستة منها لاتدغم الاّ في مثلها و هي الهاء و العين و الغين و الياء و الفاء و الواو فهي مختصة بباب المتماثلين و خمس منها لاتدغم الاّ في مناسبها فتختص بادغام المتقاربين و هي الجيم و الشين و الضاد و الدال و الذال و احديعشرة منها تدغم في مثلها و في مناسبها فتعم البابين و هي الحاء و القاف و الكاف و اللام و النون و الراء و التاء و الثاء و السين و الباء و الميم فهي بتقسيم آخر اربعة اما تدغم و تدغم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 305 *»
فيها و هي احدعشر حرفا و اما تدغم و لاتدغم فيها و هي اربعة و اما تدغم فيها و لاتدغم و هي ستة و اما لاتدغم فيها و لاتدغم و هي ثمانية و يظهر لك مما ذكرنا تفصيلها فلانعيد.([3]) فمايدغم منها علي مذهب ابي عمرو ستة عشر حرفا لا غير الباء و التاء و الثاء و الجيم و الحاء و الدال و الذال و الراء و السين و الشين و الضاد و القاف و الكاف و اللام و الميم و النون ما لميكن الاول منهما منونا او مشددا او تاء خطاب او معتلا نحو و لا نصير لقد و الحق كمن و لمن خلقت طينا و لميؤتَ سعة من المال و شبهه فلنفصل كل واحد من الحروف ليتضح ما في كل واحد:
اما الباء فعن السوسي ادغامها في الميم في نحو قوله تعالي يعذب من يشاء حيث وقع لاتحاد مخرجهما و تجانسهما و لميدغموها في غير هذا المقام نحو انيضرب مثلا ما و سنكتب ماقالوا و كُذِّب موسي و في رواية العباس عن ابي عمرو ادغام الباء في الفاء من لاريب فيه حيث وقع و خص ابو معمر ما في السجدة.
و اما التاء فادغمها في عشرة احرف ما لمتكن تاء خطاب في: الطاء نحو قوله اقم الصلوة طرفي النهار و الصالحات طوبي و اما قوله تعالي ولتأت طائفة اخري فصاحب التيسير يري فيه الوجهين و عن ابن مجاهد الاظهار و عن غيره الادغام و سر الاختلاف الاعتلال و في الذال نحو عذاب الاخرة ذلك و الذاريات ذروا و ما اشبهها اما قوله و آت ذا القربي فعن ابن مجاهد اظهاره و صاحب التيسير يري الوجهين و الاختلاف للاعلال و في الثاء نحو بالبينات ثم و النبوة ثم و الموت ثم و شبهها و اما في و آتوا الزكوة ثم توليتم و حملوا التورية ثم لم فعن ابن مجاهد اظهاره لخفة الفتحة و عدم الحاجة الي الادغام و صاحب التيسير يري الوجهين و في الظاء نحو الملائكة ظالمي انفسهم في النساء و النحل لا غير و في الضاد نحو و العاديات ضبحا لا غير و في الشين المعجمة نحو ان زلزلة الساعة شيء و باربعة شهداء في الموضعين لاغير و عن ابي الفتح لقدجئت شيئا فريا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 306 *»
بالادغام لقوة الكسرة و ثقلها و قرأ صاحب التيسير بالاظهار لانه منقوص العين و كره الاعلالين فيه و الاعتلال بتاء الخطاب اسهل و في الجيم نحو الصالحات جناح و مائة جلدة و تصلية جحيم و شبهها و في السين المهملة نحو بالساعة سعيرا و الصالحات سندخلهم و السحرة ساجدين و شبهها و في الصاد نحو و الصافات صفا و الملائكة صفا فالمغيرات صبحا لا غير و في الزاء المعجمة نحو بالآخرة زينا، فالزاجرات زجرا و الي الجنة زمرا لاغير.
و اما الثاء فادغمها في خمسة: في الذال نحو و الحرث ذلك لاغير و في التاء نحو حيث تؤمرون و الحديث تعجبون لاغير و في الشين نحو حيث شئتم و حيث شئتما حيث وقعا و في ثلث شعب لاغير و في السين نحو ورث سليمان و من حيث سكنتم و بهذا الحديث سنستدرجهم و شبهها و في الضاد نحو حديث ضيف ابرهيم لاغير و اما الجيم فادغمها في الشين نحو اخرج شطأه و التاء نحو المعارج تعرج لاغير.
و اما الحاء فادغمها في العين نحو زحزح عن النار في آل عمران لاغير و اظهر فيما عدا هذا الموضع نحو لاجناح عليهما و المسيح عيسي و ما ذبح علي النصب و لايصلح عمل المفسدين و شبهها.
و اما الدال فادغمها اذا تحرك ما قبلها في خمسة احرف في التاء نحو في المساجد تلك لاغير و في الذال نحو و القلايد ذلك لاغير و في السين نحو عدد سنين لاغير و في الشين نحو شهد شاهد في يوسف و الاحقاف لاغير و في الصاد نحو نفقد صواع و مقعد صدق لاغير فان سكن ما قبلها مكسورة او مضمومة ادغمها في تسعة في التاء نحو من الصيد تناله و تكاد تميز لاغير و في الذال نحو من بعد ذلك و المرفود ذلك و شبهها و في الثاء نحو يريد ثواب و لمن نريد ثم جعلنا لاغير و في الظاء نحو و ما اللّه يريد ظلما في آل عمران و في غافر و من بعد ظلمه في المائدة لاغير و في الزاء نحو تريد زينة و يكاد زيتها لاغير و في السين نحو في الاصفاد سرابيلهم و كيد ساحر و يكاد سنابرقه لاغير و في الصاد نحو في المهد صبيا و من بعد صلوة العشاء لاغير و
* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 307 *»
في الضاد نحو من بعد ضراء في يونس و فصلت و من بعد ضعف قوة في الروم لاغير و في الجيم نحو داود جالوت و دار الخلد جزاء لاغير و عن ابن مجاهد انه لايري الادغام في دار الخلد جزاء لان الساكن فيه غير حرف مد و لين و الادغام يؤدي الي الاخفاء و ان سكن ما قبل الدال و تحركت بالفتح لميدغمها الاّ في التاء لانهما من مخرج واحد نحو من بعد ماكاد تزيغ قلوب و بعد توكيدها لاغير.
و اما الذال فادغمها في السين نحو فاتخذ سبيله في الموضعين كليهما في الكهف و في الصاد نحو مااتخذ صاحبة لاغير و اما الراء فادغمها في اللام اذا تحرك ما قبلها نحو سخر لنا و سخر لكم و ليغفر لك و شبهها فان سكن ما قبلها و انكسرت هي او انضمت ادغمها ايضا فيها نحو المصير لايكلف و كتاب الابرار لفي عليين و شبهها فان فتحت لميدغمها نحو و الحمير لتركبوها و ان الابرار لفي نعيم و شبهها قال صاحب التيسير و الامالة باقية مع الادغام في نحو قوله تعالي ان كتاب الابرار لفي عليين و عذاب النار ربنا و شبهه لكونه عارضا اي الادغام عارض و الف الابرار تمال لكسرة الراء الاصلية و كذلك الف النار.
و اما السين فادغمها في الزاء نحو اذا النفوس زوجت لاغير و في الشين بخلاف عنه في الرأس شيبا و قال صاحب التيسير بالادغام و اما الشين فادغمها في السين نحو ذي العرش سبيلا لاغير.
و اما الضاد فاغمها في الشين نحو لبعض شأنهم لاغير و اما القاف فيدغمها في الكاف اذا تحرك ما قبلها نحو خالق كل شيء و خلق كل شيء و خلق كل دابة و شبهها فان سكن ما قبلها لميدغمها نحو فوق كل ذي علم و شبهها.
و اما الكاف فادغمها في القاف اذا تحرك ما قبلها نحو نقدس لك قال و كان ربك قديرا و شبهه فان سكن ما قبل الكاف لميدغمها نحو اليك قال و تركوك قائما و لايحزنك قولهم و شبهها.
و اما اللام فادغمها في الراء اذا تحرك ما قبلها نحو سبيل ربك و جعل ربك و شبهها فان سكن ما قبلها مكسورة او مضمومة ادغمها ايضا نحو سبيل ربك، من يقول ربنا و شبهه فان انفتحت لميدغمها نحو فيقول رب و رسول ربهم و شبهها الاّ قوله تعالي
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 308 *»
قال رب و قال ربكم و قال ربنا لقوة مد الالف و قال صاحب التيسير و قياسه قال رجلان و قال رجل فلاخلاف بين اهل الاداء في ادغامها.
و اما الميم فاخفاها عند الباء اذا تحرك ما قبلها نحو اعلم بالشاكرين و يحكم به و شبهها و القرّاء يعبرون عن هذا بالادغام و ليس كذلك لعدم القلب فان سكن ما قبلها لميخفها نحو ابرهيم بنيه و الشهر الحرام بالشهر و شبهها.
و اما النون فادغمها اذا تحرك ما قبلها في اللام و الراء نحو زين للناس و لننؤمن لك و اذ تأذن ربك و خزائن رحمة ربي و شبهها فان سكن ما قبل النون لميدغمها باي حركة نحو مسلمين لك و باذن ربهم و شبهها الاّ في قوله تعالي و نحن له و ما نحن لكما و نحن لك حيث وقع فانه ادغم ذلك للزوم ضمة نونه.
و اعلم ان مدار هذا الادغام علي انيسكن الاول و يدغم في الثاني تخفيفا فان كان الاول مفتوحا كان خفيفا بنفسه لايحتاج الي تخفيف ادغام ان لميعرضه عارض آخر يثقله و اما ما قبل الاول فان كان ساكنا يؤدي الادغام الي اخفائه المكروه لهم اللهم الاّ انيكون حرف مد لايعرضه الخفاء و ان كان متحركا فلا بأس بشرط انلايكون الكلمة الاولي معتلة اعلالين فيرد عليها ثلاث اعلالات و انلايكون حذف من آخره شيء و اني لااري هذا الادغام شيئا اصلا فانه نوع من اللكنة و اللجلجة في اللسان و لذلك اعرض عنه الاكثر و كفي في مرجوحيته اختيار البصريين له و علي اي حال روي عنه([4]) انه كان مع الادغام يشير الي حركته بالروم او الاشمام و الروم اكد لما فيه من البيان عن الحركة غير ان الادغام الصحيح يمتنع مع الروم و يصح مع الاشمام و الاشمام في المخفوض ممتنع و ان كان الحرف الاول مفتوحا لميشر الي حركته لخفتها و لايشير الي الحركة في الميم اذا لقيت مثلها او باء و في الباء اذا لقيت مثلها او ميما مطلقا من جهة انطباق الشفتين فيهما.
فصل: و اما الصرفيون فمذهبهم في ذلك غير مذهب القرّاء فانهم منعوا من ادغام الراء المهملة و الشين و الضاد و الفاء و الميم و الواو و الياء في ما يقاربها لا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 309 *»
في انفسها لاشتمالها علي صفات زايدة علي ساير ما يقاربها كالاستطالة و اللين و الغنة و التفشي و التكرار و انما ادغموا في مثل سيد لان الاعلال الجأهم الي ذلك و تدغم النون في اللام و الراء و الميم و الواو و الياء و عبروا عنها بيرملون مع فضلها و غنتها لان لها مخرجين الفم و الخيشوم فان ادغمت في الفم بقي لها الخيشوم و لايجوز ادغام ذي الصفير في غيره لبطلان صفيره و لا المطبقة في غيرها لبطلان اطباقها و لا الحلقي في ادخل منه الاّ الحاء في العين و الهاء و لاجل ذلك عكسوا الامر في اذبحتورا([5]) و اذّبحاذه علي خلاف القياس و لايجوز ادغام الهمزة و الالف في مثلهما او مقاربهما الاّ في صورة واحدة في الهمزة قدمرت اما الهمزة فللتسهيل فيها عند الاجتماع و اما الالف فانها ان تحركت صارت همزة لا الفا و لا مقارب لها حقيقيا يمكن قلبها اليه لعدم مخرج لها و جوزوا ادغام الهاء في الحاء نحو احبه حاتما و العين في الحاء نحو ارفع حاتما و الحاء في الهاء و العين نحو اذبحاذه و اذبحتورا كما مر و فمن زحزح عن النار علي قراءة ابي عمرو و العين في الهاء بقلبهما حاء نحو محم في معهم و محاولاء في مع هؤلاء و الغين في الخاء نحو ادمغ خالدا و يجوز العكس بانيقلب الخاء الي الغين و القاف في الكاف نحو خلقكم و عكسه نحو لك قال و الجيم في الشين نحو خرج شيخنا و الشين في السين نحو ذي العرش سبيلا كما روي عن ابي عمرو و اللام المعرفة تدغم وجوبا في مثلها نحو اللحم و في التاء و الثاء و الدال و الذال و الراء و الزاء و السين و الشين و الصاد و الضاد و الطاء و الظاء و النون نحو التاجر و الثبت و الدابة و الذرو و الرضا و الزنبور و السبيل و الشراب و الصبر و الضبط و الطلب و الظلم و النون و يجب الادغام في لام بل و هل و قل مع الراء في القرآن و لايلزم في غيره نحو بل ران و قل رب و لايلزم ادغام اللام غير المعرفة في غير الراء من الحروف المذكورة لا في القرآن و لا في غيره و في الراء ايضا في القرآن الاّ في تلك المواضع الخاصة و قالوا ان ادغام اللام غير المعرفة في تلك الحروف علي درجات احداها انيكون الادغام احسن من الاظهار كاللام مع الراء و يليه في الحسن تركه و هو لغة اهل الحجاز و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 310 *»
يليه ادغام اللام في الطاء و الدال و التاء و الصاد و الزاء و السين و يليها ادغامها في الظاء و الذال و الثاء و يليها ادغامها في الضاد و الشين و ادغامها في النون اقبحها كذا. و يجب ادغام النون الساكنة في حروف يرملون نحو من يوم و من ربك و من ماء و من لبن و من وال و من نور و الافصح ابقاء الغنة في الواو و الياء و عدمها في اللام و الراء و يجب ابقاؤها مع الميم و النون و قلبها ميما قبل الباء نحو من بعد و عنبر و تخفي مع خمسة عشر حرفا و هي ماسوي الحلقية و حروف يرملون و ان كانت متحركة يجوز اسكانها و ادغامها في حروف يرملون نحو يضربون يوم و يضربون رمكة و يضربون معزي و يضربون لبنا و يضربون وجوههم و يضربون نساءهم و حكم الغنة كمامر و يجوز ادغام الطاء و الظاء و الدال و الذال و التاء و الثاء يدغم بعضها في بعض و يدغم جميعها في حروف الصغير اي الصاد و الزاء و السين و تدغم حروف الصفير بعضها في بعض و الباء في الميم و الفاء نحو يعذب من يشاء و يعذب في النار و يجوز ادغام تاء الافتعال في عينه ان كانت تاء علي وجهين نقل حركتها الي الفاء و حذف الهمزة نحو قتل يقتل مقتل في اقتتل يقتتل مقتتل و حذف الحركة و كسر الفاء لرفع التقاء الساكنين و حذف الهمزة نحو قتل بكسر الفاء يقتل بفتح حرف المضارعة و يجوز كسرها و كسر القاف و التاء المشددة و مقتل بضم الميم و كسر القاف و يجب ادغام فاء الفعل في تائه ان كانت تاء نحو اترس و اترك و ان كانت ثاء نحو اتار في اثتار و يجوز اثار علي العكس و ان كانت سينا فالاحسن الاظهار نحو استمع و يجوز الادغام بقلب التاء الي السين نحو اسمع و ان كانت من المطبقة تقلب التاء طاء و تدغم في الفاء طاء نحو اطلب و في الظاء ثلاثة اوجه اضطلم و اطلم بتشديد الطاء المهملة و اظلم بالمعجمة و في الضاد و الصاد الاظهار اكثر نحو اصطبر و اضطرب و جاء الادغام معكوسا نحو اصبر و اضرب و ان كانت دالا او ذالا او زاء تقلب التاء دالا و تدغم ان كان الفاء دالا نحو ادان في ادتان و ان كانت ذالا فالادغام احسن علي المعروف و علي العكس و ان كانت زاء فالادغام ضعيف و ان ادغام فمعكوسا و ان كان عينه دالا تقلب التاء دالا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 311 *»
و تدغم نحو مردفين بتشديد الدال في مرتدفين و كذلك يفعلون في تاء الضمير اذا وليت الاطباقية نحو خبط في خبطت و خصط في خصصت و فرط في فرضت و لحط في لحظت و ان وليت الدال او الذال او الزاء تقلب التاء دالا و تدغم مع مثلها و ان كان السابق حرف صفير يدغم الثاني فيه و هو شاذ نحو خص في خصت و فز في فزت و ان اجتمع في التفعل و التفاعل تاءان فان اتصلا بكلمة سابقة و كان قبل التاء صحيح متحرك او لين جاز الادغام نحو قال تنزل بتشديد التاء و قال تنابز كذلك و قالوا تنزل و قالوا تنابز كذلك و ان كانا منفصلين او قبلهما ساكن فلايجوز نحو تتنزل و تتنابز و قل تتنزل و قل تتنابز و في ماضيهما انكان بعد التاء طاء او دال او سين او صاد او زاء او ظاء او ذال او تاء تقلب التاء اليها جوازا فاناتصلا بشيء قبلهما متحرك الآخر لانحتاج الي همزة وصل نحو قال طير و انكان ساكن الآخر او لميتصلا يحتاج اليها نحو هل اطيروا و نحو ازينوا و اثاقلوا و ادارأتم الي غير ذلك من الامثال و في مضارعهما علي تقدير اجتماع التائين لايجب الادغام و لاتقلب تاء باب الاستفعال و ان اجتمع مع هذه الحروف لان الفاء فيه ساكن و مثل استدان ساكن الاصل فيقاس علي اصله و قراءة حمزة فمااسطاعوا بتشديد الطاء في فمااستطاعوا شاذة مخالفة للقياس.
و اعلم ان كلما اجمعوا علي ادغامه و يشهد الطبع السليم بلزومه كالادغام الصغير في المثلين و الكبير في المثلين و في كلمة حقيقية و ادغام اللام المعرفة في الحروف المذكورة و غيرها في الراء في القرآن لاتفاقهم و النون الساكنة و التنوين في حروف يرملون يلزم و ماسوي ذلك اكثرها حقيقة من القبايح لا من محاسن القراءة و من اجتهاداتهم او تفوه عربي غير فصيح مستنكر اللحن بين العرب قدضبطه هؤلاء و عدوه علما و فضلا و ذلك ان السلاطين مالوا الي الادباء فتفاضل الادباء في ضبط شوارد لسان العرب و اجتهاداتهم و قياساتهم طمعا في حطام الدنيا و تقربا الي السلاطين و اظهارا للفضل كما صرفوا عمرا في ضبط عدد حروف القرآن و عدد ما فيه من الاسماء العربية و العجمية و المضمومة و المفتوحة و المكسورة و كم فيه فتحة و كسرة مثلا مما لايؤدي الي طائل و ذلك
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 312 *»
حظهم من العلم ثم بقيت تلك الكتب و ملأت عيون الناس حتي انثالوا عليها و تلذذوا منها و تنافسوا فيها و ان هي الاّ كهشيم تذروه الرياح فافهم ذلك و استشعر حتي تستريح و السلام.
فصل: اعلم ان علماء هذا الفن اختلفوا في الذال من كلمة اذ عند ستة احرف الجيم و الزاء و السين و الصاد و التاء و الدال نحو قوله تعالي و اذ جعلنا و اذ زين و اذ سمعتموه و اذ صرفنا و اذ تبرأ و اذ دخلوا فعن الحرميين و عاصم اظهارها عند ذلك كله و عن ابن ذكوان في الدال وحدها و عن خلف ادغامها في التاء و الدال و اظهارها مع البواقي و عن خلاد و الكسائي اظهارها عند الجيم فقط و عن ابي عمرو و هشام ادغامها في الستة علي قاعدته الكلية. و المختار مذهب خلاد و الكسائي و الاظهار عند الجيم و الادغام في البواقي لبعد مخرج الجيم عن الذال و قرب مخرج الباقي و مناسبة صفاتها و عدم ركاكة ادغامها و مع ذلك لو جانب الادغام عند مواضع الاشتباه هو احسن نحو اذ دخلوا فانها مع الادغام تقرأ و ادّخلوا فلايعلم هل هو من باب الافتعال او هو مجرد ادغم في داله ذال اذ.
و اختلفوا ايضا في دال «قد» عند ثمانية احرف الجيم و الشين و السين و الصاد و الزاء و الذال و الضاد و الظاء نحو لقدجاءكم و قدشغفها و لقدسمع و لقدصرفنا و لقدزينا و لقدذرأنا و لقدضل و لقدظلمك فعن ابن كثير و قالون و عاصم اظهار الدال في الكل و عن ورش ادغامها في الضاد و الظاء فقط. و عن ابن ذكروان ادغامها في الزاء و الذال و الضاد و الظاء الاربع لاغير و عن الاخفش اظهارها عند الزاء و عن هشام اظهار لقد ظلمك في ص فقط و روي عنه الادغام ايضا و عن الباقين الادغام في الثمانية، و لااري بادغامها فيها بأسا لقرب المخرج و الصفات الاّ ان الشين ابعدها عنها تفشيّا فلوترك ادغامها فيها فهو احسن. و اختلفوا في تاء التأنثيت المتصلة بالفعل عند ستة احرف الجيم و السين و الصاد و الزاء و التاء و الظاء نحو نضجت جلودهم، كذبت ثمود و انزلت سورة و حصرت صدورهم و خبت زدناهم و كانت ظالمة و شبهها
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 313 *»
فعن ابن كثير و قالون و عاصم اظهارها عند ذلك كله و عن ورش ادغامها في الظاء فقط و عن ابن عامر اظهارها عند الجيم و السين و الزاء و عن ابن ذكوان الادغام في قوله تعالي لهدمت صوامع و عن هشام اظهارها فيه و في نضجت جلودهم و عن ابن ذكوان وجهان في وجبت جنوبها و عن الباقين الادغام في الستة. و لايخفي ثقل هذا الادغام في جميعها الاّ التاء في الثاء لقربهما فانه اخلف من البواقي و لابد من مراعاة حسن اللفظ و دخوله في الاذن بغير اذن و عدم اشمئزاز النفس منه البتة.
و اختلفوا ايضا في لام هل و بل عند ثمانية احرف التاء و الثاء و السين و الزاء و الطاء و الظاء و الضاد و النون نحو هل تعلم و هل ثوب و بل سولت و بل زين و بل طبع اللّه و بل ظننتم و بل ضلوا و هل ندلكم و هل ننبئكم و هل نحن فعن الكسائي ادغام اللام في الثمانية و عن حمزة الادغام في التاء و الثاء و السين فقط و اختلف عن خلاد عند الطاء في قوله تعالي بل طبع اللّه و التيسير القراءة فيه علي وجهين و اختياره الادغام و عن هشام الاظهار عند النون و الضاد و عند التاء في قوله عزّوجلّ في الرعد ام هل تستوي لاغير و عن ابي عمرو الادغام في هل تري من فطور و فهل تري لهم من باقية في الملك و الحاقة لاغير و عن الباقين و هم الحرميان و عاصم الاظهار عند الثمانية، و لاشك انها اللغة الفصحي الحسناء و ادغامهما فيها ركيك جدا و اما اللام المعرفة فصارت تدغم لكثرة وقوعها و ظهورها و شيوعها.
و عن جميع القرّاء ادغام ذال اذ في مثلها و الظاء نحو اذ ذهب و اذ ظلموا و دال قد في مثلها و التاء و ادغام تاء التأنيث في مثلها و الدال و الطاء و ادغام لام هل و بل في مثلها و في الراء و اختلفوا ايضا في الباء عند الفاء فعن ابي عمرو و خلاد و الكسائي ادغام الباء المجزومة في الفاء حيث وقع نحو او يغلب فسوف و من لميتب فاولئك و لخلاد في لميتب فاولئك كما نقل وجهان و عن الباقين الاظهار و لايخفي ركاكته و السكون عارض و ثقيل ادغام كل اخرج في ادخل منه و كل اخف في النطق في اثقل منه و الفاء اثقل من الباء و عن الكسائي ادغام الفاء في الباء في نخسف بهم الارض في سباء و اظهر ذلك الباقون كما نقل و لايخفي قبح الادغام و تباينهما
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 314 *»
في الصفات فان الباء من الحروف المجهورة و الفاء ضدها من المهموسة و الباء من حروف الشدة و الفاء من حروف الرخاوة و عن ابي الحارث ادغام اللام في الذال في و من يفعل ذلك و عن الباقين اظهاره و كذلك لايخفي قبح هذا الادغام ايضا لبعد المخرج و عدم الشباهة و سومح في لام التعريف لكثرة تداولها و عن الحرميين و عاصم الاظهار في لبثتَ و لبثتُ و لبثتم و من يرد ثواب حيث وقع. وعن الباقين ادغامه و لايخفي تقاربهما في المخرج و لكن بينهما في الصفات بعد و الحق علي خلاف البصريين و اهل الحرم اقرب الي الحق و عن هشام و ابي عمرو و حمزة و الكسائي اورثتموها بالادغام في المكانين و عن الباقين اظهاره و لايخفي بعد التاء و الثاء في الصفات فان التاء من المجهورة و الثاء من المهموسة و التاء من الشديدة و الثاء من الرخوة. و عن ابي عمرو و الكسائي ادغام فنبذتها و اني عذت بربي و عن الباقين اظهاره و لايخفي اللبس في الادغام و المباينة بينهما في الشدة و الرخاوة. و عن حفص اظهار اخذتم و اخذت و ماكان مثله من لفظ و عن الباقين ادغامه و الوجه فيها ماذكر. و عن ابن كثير و ورش و هشام اظهار يلهث ذلك و اختلف عن قالون و عن الباقين ادغامه و الوجه فيه ايضا ما ذكر و عن ابي عمرو ادغام الراء الساكنة في اللام نحو نغفر لكم و اصبر لحكم ربك و شبهه و عن اهل العراق خلاف في ذلك و عن الباقين اظهاره و لايخفي بعدهما في الصفات لان اللام من المجهورة و الراء من المهموسة و اللام من البرزخية و الراء من الرخوة و اختيار ابي عمرو اقرب الي الباطل و عن ورش و ابن عامر و حمزة يا بني اركب معنا بالاظهار و اختلف عن قالون و عن اليزيدي و عن خلاد و فيهما بعد صفة لقلقلة الباء و عدمها في الميم و شدة الباء و عدمها في الميم و لابأس باخفاء الباء في الجملة لقرب المخرج و الاتحاد في الذلاقة و المجهورية و عن ورش اظهار يعذب من يشاء في البقرة و اختلف عن قنبل و عن اليزيدي([6]) ايضا و عن الباقين ادغامه و هو كسابقه علي قراءة الجزم و اما علي الرفع فهو من باب الادغام الكبير و قدمر حكمه و اعلم ان الميم الساكنة قبل الباء و الواو و الفاء
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 315 *»
لايجوز ادغامها محافظة علي غنـتها و عن ابن مجاهد اظهارها عند الواو و الفاء و التخيير بينه و بين الاخفاء عند الباء و عن ابي شريح عن الكسائي الاخفاء عند الفاء و عن ابي عمرو اخفاؤها عند الواو و عن البصريين و الرازيين الاخفاء عند الباء و عن الكوفيين و الكسائي الادغام.
فصل: اعلم ان للتنوين و النون الساكنة عند حروف الهجاء احكاماً اربعة:
الاول: اذا وقع بعدهما حرف من حروف يرملون وجب ادغام النون الساكنة و التنوين فيه و وجبت الغنة و هي صوت خفي يخرج من الخيشوم ممايلي حلمتي الشم عند قبض الانف عند الميم و النون عند جميع القرّاء و كذا عند الواو الياء الاّ خلفا فانه منع من الغنة و اجمعوا علي عدم الغنة عند اللام و الراء و امثلة ذلك نحو من يشفع و يومئذ يصدعون و من ربكم و غفور رحيم و من واق و زينة و يخلق و من ماء و رحمة من اللّه و من لدنك و رزقاً لكم و صالحاً نؤتها و اذا كانتا في كلمة واحدة يجب الاظهار لئلايحصل اللبس بالمضاعف نحو ديناً و صنوان.
الثاني: اذا وقع بعدهما حرف من حروف الحلق وجب اظهارهما لمضادة الادغام و الغنة لحروف الحلق و هي أ هـ ع ح غ خ الاّ ما هو عن ورش من القاء حركة الهمزة علي الساكن قبلها نحو من نبي الاّ و من آمن و امثالهما و امثلة ما ذكر نحو ان انتم، خير ام جنة و بضر هل و منهم و من حكيم حميد و ان عليك و ذي علم عليم و من غفور و من اله غير اللّه و من خالق و ذرة خيرا و مااشبهه.
الثالث: اذا وقع بعدهما الباء وجب قلبهما ميما عند الباء خاصة و وجب الغنة عند الجميع مثل من بعد و عليم بالمتقين و لا فرق بين كونهما في كلمتين او كلمة كما قرأوا انبعثت و انبعاثهم بالميم.
الرابع: اذا وقع بعدهما واحد من ساير الحروف وجبت الغنة و الاخفاء و هو نصف الادغام و الاظهار من غير تشديد و هي خمسةعشر حرفا ت ث ج د ذ ر
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 316 *»
ز س ش ص ض ط ظ ف ق ك نحو من تراب، ثم انتم، من جنات، و من دابة و امثال ذلك([7]) و من ذلك حكم فواتح السور فاعلم ان القرّاء اختلفوا في ادغام فواتح السور مثل نون يس و القرآن و ن و القلم و طسم و غيرها ففيها كلها الادغام و الاظهار و اظهر عاصم كما روي في الكل الاّ نون طسم و يس و القرآن و ن و القلم و اما في كهيعص و طس و حمعسق فبالاخفاء عن جميع القرّاء و اوجب الغنة في الميم و النون المشددتين سواء كان من ادغام ميم في ميم او نون فيهما او لام التعريف نحو ان الناس و ثم و مم و اعلم ان الغنة امر خلقي فان اللّه سبحانه جعل للميم و النون طريقين في الاداء الفم و الخيشوم و ان اردت انتستبين ذلك فخذ علي انفك و تكلم بهما فانك تري فيهما خلاف ماتري مع فتح الخيشوم و الادغام في الفم فاذا ادغمت النون فيمايمنع من طريق الانف و لا مدخلية له بالانف لايحتاج الي غنة و ان ادغمت فيما لايمنع خروج الصوت من الانف و له خصوصية بالانف ايضا تحتاج الي غنة و ليست بشيء يجب تعمدها نعم لايتعمد في تركها. بالجملة و من هذا الباب الميم الساكنة فلها ثلاثة احكام: الاول ان يليها مثلها فيجب الادغام و الغنة نحو هم من بعد غلبهم و اممن اسس. الثاني الاخفاء عند الباء و الغنة علي المختار نحو و ما هم بمؤمنين و قيل يجب الاظهار عند حروف بوف كما مر. الثالث اظهار الميم عند باقي الحروف و خاصة الواو و الفاء نحو و هم فيها و عليهم و لاالضالين و تحفظ عن حركة الميم عند غير الميم و الباء لاسيما عند الواو و الفاء.
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 317 *»
الباب الثالث
في احكام الهمزة و مايلحق بها علي مذهب القرّاء و الصرفيين ولنقدم مذاهب القرّاء فيها ثم نذيلها بمذاهب الصرفيين ففيه فصلان:
فصل: في مذهب القرّاء في احكام الهمزة. اعلم ان الهمزة اما منفردة او مقترنة بغيرها فالمنفردة اما في اول الكلمة او في وسطها او في آخرها و المقترنة باخري اما في كلمة او في كلمتين و لكل عندهم احكام:
اما الهمزة المنفردة الواقعة في فاء الفعل فاعلم ان ورشا كما روي عنه كان يسهل الهمزة المنفردة الواقعة في موضع الفاء سواء سكنت او تحركت فالساكنة نحو ياخذه و ياكلون و تالمون و لقاءنا ائت و معني تسهيله قراءته الفا بعد فتحة و واوا بعد ضمة و ياء بعد كسرة و المتحركة نحو يؤده اليك و مؤجلا و المؤلفة و مؤذن و يؤخركم و شبهه و استثني من الساكنة تؤوي اليك و ساير باب الايواء حيث وقع نحو التي تؤويه و مأواه و المأوي و شبهه و من المتحركة نحو و لايؤده حفظهما و تأزهم و مآبا و مآب و مآرب و يتأخر و فأذن و شبهه اذا كان صورتها الفاً فهمز جميع ذلك و عن الباقين تحقيق الهمزة في ذلك كله و كذا في همزة بئس و بئسما و البئر و الذئب و لئلا في جميع القرآن فعن ورش تسهيلها و الكسائي تبعيته علي الذئب وحده و عن الباقين تحقيق الهمزة في ذلك كله حيث وقع. اعلم انه روي عن امير المؤمنين7نزل القرآن بلسان قريش و ليسوا باصحاب نبر و لولا ان جبرئيل7 نزل بالهمزة علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم ماهمزنا و هذا الحديث من احاديثهم المشكلة فانه نص اولا ان القرآن نزل بلسان قريش ثم نص انهم ليسوا باصحاب نبر و النبر بمعني الهمز في الحرف فظهر ان القرآن ليس فيه همز ثم نص ان جبرئيل نزل بالهمزة و هو يخالف ظاهر صدر كلامه ان القرآن نزل بلسان قريش و هم ليسوا باصحاب نبر فالذي افهم منه ان المراد بالنبر ترجيع الصوت بحيث يحصل منه الهمز في الحرف و يؤيده كلام اهل
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 318 *»
اللغة انه الهمز في الحرف فالهمز في الحرف انيرجع الصوت به بحيث يحدث منه همزة و يؤيده ايضا ماروي عن الصادق7 الهمز زيادة في القرآن الاّ الهمز الاصلي مثل قوله الاّ يسجدوا للّه الذي يخرج الخبء و قوله لكم فيها دفء و قوله فادارأتم فقد اثبت7الهمزة المعروفة و قال ان الهمز زيادة في القرآن و لميقل الهمزة فالهمزة اسم للحرف و الهمز مصدر. قال في المعيار همز الشيء في كفه ضغطه و منه همزت الكلمة همزاً فانهمزت و قال في القاموس النبرة من المغني رفع صوته هـ و ان كانت النبرة بمعني الهمزة ايضا. بالجملة يظهر من سبك الخبر و تأييد القرآن ان المراد رفع الصوت بالكلمة بغناء و ترجيع يظهر منه همزة في الكلمة فذا زيادة في القرآن و روي تعلموا القرآن بعربيته و اياكم و النبر فيه يعني الهمز و الظاهر ان المراد هنا اياكم و رفع الصوت به في غناء و كأنه من باب امر النبي9اقرأوا القرآن بالحان العرب و اصواتها و اياكم و لحون اهل الفسق و اهل الكباير فانه سيجيء بعدي اقوام يرجعون القرآن بترجيع الغني و النوح الخبر. بالجملة علي ذلك تجتمع الاخبار و يظهر منها ان الهمزة الاصلية ممانزل به جبرئيل فعلي ذلك يرجح قول المثبتين و اننقل العلماء ان الحجازيين يخففون الهمزة و يسهلونها و التخفيف لغة قريش فالهمزات الاصلية مستثناة من لغة قريش و علم من الخبر ان الائمة من حيث الحجازية و القرشية ماكانوا يهمزون الاّ انه لما نزل جبرئيل بها قرأوا كما جاء به جبرئيل فعلم ان تحقيق الهمزة قراءتهم و قراءة النبي9 و جبرئيل و لنرجع الي ما كنا فيه.
و اما الهمزة المنفردة المتحركة التي سكن قبلها ما لميكن حرف مد و لين فعن ورش القاء حركة الهمزة علي الساكن قبلها و حذف الهمزة اذا كانت في اول كلمة و الساكن آخر كلمة اخري و ذلك ثلاثة اقسام: الاول انيكون الساكن تنوينا نحو من نبي الاّ و من شيء اذ و كفؤا احد و مبين ان اعبدوا اللّه.
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 319 *»
و الثاني انيكون لام المعرفة نحو الارض و الآخرة و الاولي و الآن و الاذن و شبهه و يجري ذلك عند القرّاء مجري المنفصل. و الثالث انيكون ساير حروف المعجم نحو من آمن و اذكر اسمعيل و امثالها، و روي عن ورش استثناء كلمة واحدة في الحاقة في قوله تعالي كتابيه اني ظننت فسكن الهاء و حقق الهمزة بعدها علي مراد القطع و الاستيناف و اختاره صاحب التيسير و عن الباقين تحقيق الهمزة في جميع ماتقدم و هو الارجح علي ماعرفت و اختلفوا في قوله تعالي الآن وردءا في القصص و عاد الاولي في النجم كما يأتي و روي عن ابي عمرو انه كان اذا قرأ في الصلوة او ادرج قراءته او قرأ بالادغام لميهمز كل همزة ساكنة فاءً او عيناً او لاماً نحو يؤمنون و يؤلون و غيرها و يبدلها بحرف مد مجانس لحركة ما قبها الاّ انيكون سكون المزة للجزم نحو او ننسأها و ام لمينبأ و امثالها او يكون للنبأ نحو انبئهم و اقرأ و ارجه و هييء و شبهه او يكون ترك الهمزة فيه اثقل من الهمز نحو تووي او يقع الالتباس نحو رءياً او يخرج من مادة لغة الي اخري نحو مؤصدة و عن ابن مجاهد تحقيق الهمزة في ذلك كله و اختاره ايضا صاحب التيسير و اذا تحركت الهمزة فلاخلاف عن ابي عمرو في تحقيقها نحو مؤذن و يؤخركم.
و اما الهمزة المتوسطة اذا كانت ساكنة يسهلها حمزة كما روي بتبديلها حرفا خالصا في تسهيلها المؤمن و يؤفكون و الرؤيا و امثالها و اختلفوا في ادغام الحرف المبدل من الهمزة و اظهاره في قوله عزّوجلّ رءيا و تؤوي و تؤويه فمنهم من يدغم اتباعا للخط و منهم من يظهر لان البدل عارض و جوز الامرين صاحب التيسير و لايخفي قبحه و ركاكته مدغما و اختلفوا في الهاء بعد الهمزة المبدلة ياء نحو انبيهم و نبيهم فمنهم من يكسرها لاجل الياء نحو عليهم و منهم من يضمها لانه الاصل و الياء عارضة و لكل وجه و اذا تحركت الهمزة المتوسطة فان سكن ماقبلها بالاصل القيت حركتها علي ماقبلها ما لميكن الفا و حذف الهمزة نحو شيئا و خطأ و المشئمة و هيئة و امثالها و ان كان الساكن السابق زايدا ابدلت و ادغمت اذا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 320 *»
كان حرف لين نحو هنيئا مريئا و امثالها و لكن لميأت الواو في القرآن و اذا كان الساكن الفا مبدلة او زايدة جعلت الهمزة بعدها بين بين لانه لايمكن نقل الحركة و الحذف لسكون الالف و لا الابدال لالتقاء الساكنين فلابد من التسهيل بين بين اي بين الهمزة و بين مجانس حركتها و منهم من اعتبر مجانس حركة ما قبلها نحو نساؤكم و ابناؤكم و ماء و غثاء و امثالها و ان كان ما قبل الهمزة متحركا فانكانت الهمزة مفتوحة و مقابلها مضموما او مكسورا ابدلت مع الكسرة ياء و مع الضمة واوا نحو و ننشئكم و امثالها و لولوا و كفؤا و امثالها ثم بعد هذا تجعلها بين بين في جميع احوالها و حركاتها و حركات ما قبلها فان انضمت جعلتها بين الهمزة و الواو نحو فادرأوا و يؤسا و رؤف و برؤسكم و امثالها ما لميكن صورتها ياء نحو انبئكم و سنقرئك و كان سيئه و شبهه فانك تبدلها ياء مضمومة اتباعا لمذهب حمزة في اتباع الخط عند الوقف علي الهمزة و التسهيلي في ذلك بالبدل مروي عن الاخفش و ان انفتحت جعلت بين الهمزة و الالف نحو سألتهم و ويكأن اللّه و امثالها و ان انكسرت جعلتها بين الهمزة و الياء نحو جبرئيل و يئس الذين و سئل و يومئذ و شبهه و اعلم ان جميع مايسهله حمزة فانما يراعي فيه خط المصحف دون القياس و اعلم انهم اختلفوا في تسهيل مايتوسط في ظاهر الكلمة بدخول زوايد عليها نحو فأنت و فبأي آلاء و امثالها و كذلك ما وصل من الكلمتين في الرسم نحو هؤلاء و ها انتم و يا ايها و يا اخت فبعضهم يسهل لانها متوسطة ظاهرا و بعضهم يحقق لانها مبتدأة حقيقة.
و اما الهمزة الواقعة في آخر الكلمة فعن حمزة و هشام الوقف علي الهمزة الساكنة و المتحركة الواقعة طرفا بتسهيل و الوصل بتحقيق و المراد بتسهيلها ابدالها حرف لين مناسب لسابقها انكانت سابقة نحو قوله تعالي و لؤلؤ و المراد الهمزة الثانية و ان امرؤ و شبهه و هييء لنا و نبيء عبادي و شبهه و نحو شيا و ذرا و الروم و الاشمام ممتنعان في الحرف المبدل من الهمزة فانه حرف ساكن و ان كانت متحركة بعد ساكن القيا حركتها علي ذلك الساكن و اسقطاها ان كان ذلك
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 321 *»
الساكن اصليا غير الف نحو قوله تعالي المرء و دفء و الخبء و سوء و امثالها و انكان الساكن زايدا للمد ياءاً و واواً ابدلا الهمزة مع الياء ياء و مع الواو واواً و ادغما ما قبلها فيها نحو بريّ و نسيّ و قروّء و شبهه. و الروم و الاشمام جايزان في الحرف المتحرك بحركة الهمزة و في المبدل منها غير الالف ان انضمها و الروم ان انكسرا و الاسكان ان انفتحا كالهمزة سواء انوقفت عليها و ان كان الساكن قبل الهمزة الفا سواء كانت مبدلة من حرف اصلي ام كانت زايدة ابدلت الهمزة بعدها الفا باي حركة تحركت ثم حذفت احداهما لالتقاء الساكنين و انشئت زدت في المد و التمكين لتفصل بذلك بينهما و لمتحذف و استوجه ذلك صاحب التيسير و حكاه عن حمزة من طريق خلف و غيره نحو و السماء و اذا جاء و من ماء و علي سواء و السفهاء و ابناء و شهداء و شبهه حيث وقع و قدتخلص عن التسهيلات شارح الشاطبية بان ما اجتمعوا علي تسهيله فالاولي التسهيل و ما اختلفوا فيه فالاولي التحقيق و هو نظر حسن اذ لميثبت لنا عن الائمة: انهم كانوا يسهلون بل ظواهر الاخبار تفهم التحقيق فنقتصر في ذلك علي موضع الوفاق و ما اختلف فيه نرجع فيه الي الاصل.
و اما الهمزة المقترنة بغيرها في كلمة اعلم انهما اذا اتفقتا في الفتح نحو ءانذرتهم فعن الحرميين و ابي عمرو و هشام تسهيل الثانية منهما بجعل الثانية حرفا بين الهمزة و الالف و عن ورش ابدالها الفا و القياس علي مذهب صاحب التيسير انتكون بين بين و عن ابن كثير عدم ادخال الف فيهما اي بين الهمزتين و هو يحصل بانتمد بقمدار الف فان الاولي همزة محققة و الظاهر ان المراد تسهيل الثانية بعد الالف انادخلت و عن قالون و هشام و ابي عمرو ادخال الالف بينهما و عن الباقين تحقيق الهمزتين علي الاصل. و اذا اختلفتا بالفتح و الكسر نحو اءذا كنا و اءله مع اللّه و امثالها فعن الحرميين و ابي عمرو تسهيل الثانية بين بين و عن قالون و ابي عمرو ادخال همزة قبل الثانية و عن الباقين تحقيق الهمزتين و عن هشام من قراءته علي ابي الفتح يدخل بينهما الفاً. و قال صاحب التيسير من قراءتي
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 322 *»
علي ابي الحسن يدخلها في سبعة مواضع في الاعراف اءنكم و اءن لنا لاجرا و في مريم اءذا ما مِتُّ و في الشعراء اءن لنا لاجرا و في الصافات ائنك لمن المصدقين و اءفكا آلهة و في فصلت اءنكم لتكفرون و سهل الثانية هنا خاصة يعني هشام في فصلت بقراءة بين بين. و اذا اختلفتا بالفتح و الضم نحو اءنبئكم و في ص اءنزل عليه و في القمر اءلقي الذكر عليه فعن الحرميين و ابي عمرو تسهيل الثانية بين بين و عن قالون ادخال الف بينهما كما مر قال صاحب التيسير و هشام من قراءتي علي ابي الحسن يحقق الهمزتين من غير الف بينهما في آل عمران و يسهل الثانية و يدخل قبلها الفا في الباقين كقالون و الباقون يحققون الهمزة في ذلك كله و هشام من قرائة صاحب التيسير علي ابي الفتح كذلك و يدخل بينهما الفا.
و اما الهمزة المقترنة بغيرها في كلمتين فان اتفقتا في الكسر نحو هؤلاء انكنتم و من النساء الاّ و شبهه عن قنبل و ورش جعل الثانية كالياء الساكنة و عن ورش جعل الثانية ياء مكسورة في البقرة هؤلاء انكنتم صادقين و في النور علي البغاء اناردن فقط و عن قالون و البزي جعل الاولي كالياء المكسورة و عن ابي عمرو اسقاطها و عن الباقين تحقيق الهمزتين. و اذا اتفقتا بالفتح نحو جاء اجلم و شبهه فعن ورش و قنبل جعل الثانية كالمدة و عن قالون و البزي و ابي عمرو اسقاط الاولي و عن الباقين تحقيق الهمزتين معاً. و اذا اتفقتا بالضم نحو اولياء اولئك فعن ورش و قنبل جعل الثانية كالواو الساكنة و عن قالون و البزي جعل الاولي كالواو المضمومة و عن ابي عمرو اسقاطها و عن الباقين تحقيقهما و عن ابي عمرو انه متي سهلت الهمزة الاولي من المتفقتين او اسقطت فالالف التي قبلها ممكّنة علي حالها مع تحقيقها اعتدادا و يجوز انيقصر الالف لعدم الهمزة لفظا و الاول اوجه فاذا اختلفتا علي اي حال كان نحو قوله تعالي السفهاء الا و من الماء او مما و شهداء اذ حضر و شبهه فعن الحرميين و ابي عمرو تسهيل الثانية و عن الباقين تحقيقهما و التسهيل لاحدي الهمزتين في هذا الباب انما يكون في حال الوصل لاغير لوجود التلاصق فيه لافي غيره و حكم تسهيل الهمزة في البابين كما مر انتجعل بين
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 323 *»
الهمزة و بين الحرف الذي منه حركتها ما لمينفتح مع كسر ماقبلها او ضمه فانها تبدل مع الكسرة ياء و مع الضمة واواً و تحركان بالفتح و المكسورة المضموم ما قبلها تسهل علي وجهين تبدل واواً مكسورة علي حركة ما قبلها و تجعل بين الهمزة و الياء علي حركتها و الاول عن القرّاء و الثاني عن الصرفيين اعلم ان في جميع هذه الابواب تحقيق الهمزة هو الاصل الذي لاشك فيه و ليس هذه التسهيلات و التبديلات بواجب و قدعرفت ان مختار الكوفيين في جميع هذه الابواب التحقيق الاّ ما اختاره حمزة و خالفه عاصم ايضا و لاشك ان قراءة الكوفيين لاسيما ما يوافق الاصل احق انيتبع فالتحقيق في جميع هذه الابواب هو التحقيق و انما ذكرنا جمعا لاقوالهم و لمن يريد التفنن في القراءة و لنذكر هنا شطرا من مذهب الصرفيين في هذا الباب لتكون علي بصيرة.
فصل: اما مذهب الصرفيين في الهمزة فانهم نقلوا عن الحجازيين تخفيف الهمزة و عن غيرهم تحقيقها و كلاهما عندهم جايزان و وجوه تخفيفها ثلاثة تبديلها بحرف مد مناسب و حذفها و بين بين و للاخير عندهم معنيان الاول بين الهمزة و بين مجانس حركتها و الثاني بينها و بين مجانس حركة ما قبلها و ذلك في كلمتين سئل و مستهزؤن و انخففوا خففوا الاصلية لا الوصلية و لا المبتدأ بها فانه لابد من حركتها فالهمزة التي هي موضوع هذا البحث اما ساكنة و اما متحركة. فالساكنة تبدل بجنس حركة ما قبلها سواء كانا في كلمة او كلمتين نحو رأس و بئر و سؤت علي صيغة المتكلم من ساء و الي الهدأتنا و الذيتمن و يقولوذن لي و لايحذف هذا القسم و لاينطق به بين بين لما يأتي.
و اما المتحركة بعد واو او ياء زايدتين لغير الالحاق فتقلب بمثلها و تدغم نحو خطية و مقروة و اما بعد الالف فينطق بهمزة مشوبة بجنس حركة الهمزة نحو قراء و قيل ان كانت بعد صحيح ساكن نحو الخبء او واو او ياء اصليتين نحو شيء و سوء او زايدتين للالحاق نحو جيئل و حؤبة([8]) الملحقين بباب جعفر ينقل حركتها الي ما قبلها و تحذف و كذا انكانتا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 324 *»
في كلمتين نحو ابوايوب و اتبعوا امرهم و اتبعي امره فيقال خب و شي و سو و جيل و حوبة و نقل عن بعض الحذف من غير نقل الحركة فيقال يجيك و لنيجيك و مررت بشي و يسوك و لنيسوك و منهم من يخص ذلك بغير المفتوحة و منهم من يبدل المسبوقة بالواو الياء الاصليتين و الالحاقيتين بجنس حركة السابقة و يدغمها فيها فيقول سوّ و شيّ بتشديد الواو و الياء و منهم من يبدل الهمزة المفتوحة انكانت مسبوقة بالواو و الياء في كلمة اخري بمثل السابقة مع الادغام و انكانتا في كلمة يحذف الهمزة بعد نقل الحركة الي السابقة فيقول ابويوب و ارميباك و سوة في سوءة و منهم من ينقل حركة المفتوحة الي الواو و الياء السابقتين ثم يبدلها بهما ثم يدغمهما و لو في كلمة فيقول سوّه و انكانت مكسورة يحذفها بعد نقل الحركة فيقول ذي بل في ذي ابل و التزم النحاة حذف المفتوحة في باب راي بعد نقل الحركة الي السابق انزيد عليه حرف المضارعة نحو يري لكثرة استعماله بخلاف ينأي كيسأل لقلة استعمالها و شاع حذفها بعد نقل الحركة في نحو سل و انكان قبل المتحركة متحرك نحو سال و مائة و موجل و سئم و مستهزئين و سئل و رؤف و مستهزؤن و رؤس ففي مثل مؤجل تقلب واوا و نحو مائة ياء و الباقي بين بين علي المعني المشهور و كذلك الحكم في الكلمتين نحو قال احمد و بغلام احمد و هذا غلام احمد و قيل تبدل المفتوحة بعد مفتوح الفا نحو سال و المضمومة بعد مضموم واوا مضمومة نحو روس و المكسورة بعد مكسور ياء مكسورة نحو مستهزيين سماعاً و منه منساة في منسأة و التزموا الحذف في خذ و كل للكثرة و في اءمر وجهان و مر افصح الاّ انيكون بعد واو العطف فوأمر افصح.
و اما الواقعة بين حرفي التعريف فيخفف فيقال في الاحمر الحمر و من الاحمر بفتح النون و اللام و ف الحمر بكسر الفاء و فتح اللام و قري في عادا الاولي عادلولي بفتح الدال و ضم اللام المشددة و عن الاكثر اثبات التنوين مكسورة و تخفيف اللام مضمومة فيقول عادنلولي هذه احكام الهمزة المفردة عندهم.
و اما الهمزتان في كلمة فان كانت الاولي متحركة وحدها تقلب الثانية بجنس حركة السابقة نحو ادم و ايت و اوتم و في العكس تثبت ان لمتكن لاما
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 325 *»
و تدغم ان كانت لازمة التضعيف كسأل و سوّال بضم الفاء و تشديد العين فيهما و ان كانت لاماً تبدل ياء بغير ادغام نحو قراي كقمطر.
و ان تحركتا تقلب الثانية ياء ان انكسرت احداهما و واوا في غير هذه الحالة نحو جائي و ايمة و المنقول في الائمة التسهيل بين بين و التحقيق معا و كأويدم في تصغير اادم و اوادم جمع آدم هذا ان لمتكن الثانية لاما و الاّ فتبدل ياء نحو قراي كسكري فانها ابدلت فيها ياء ثم ابدلت الفا و تثني بقرأيان و قيل ان خطايا من هذا الباب لانها جمعت الخطيئة علي خطاييء بتقديم الياء علي الهمزة فقلبت الياء همزة نحو قبايل فقلبت الثانية ياء ثم الفا لما ذكرناه في التبصرة في باب الاعلال و التزموا حذف همزة الافعال في المستقبل نحو يكرم و كذا التزموا قلب الهمزة ياء مفتوحة في جمع مفرد قبل الهمزة فيه ياء و لميكن فيه همزة بعد الف و لا الف في الثالثة و بعدها واو نحو مطايا جمع مطية و منه ركايا و شوايا و قيل منه خطايا و ان كان في المفرد همزة بعد الف تترك علي حالها نحو شائي جمع شائية رعاية للمفرد و انكان فيه الف في الثالث بعدها واو تقلب الهمزة واواً نحو اداوي و علاوي جمع اداوة و علاوة.
و اما انكانتا في كلمتين ففيهما ثلاثة اوجه عند القوم تحقيقهما و تخفيفهما و تخفيف احداهما مع تحقيق الاخري علي اختلاف اختيارهم نحو من يشاء الي فانخففتا قرأت الاولي بين بين علي انها همزة متحركة قبلها الف و حذفت الثانية لانها همزة متحركة ليس قبلها واو و ياء غير الحاقية و الف فيقرؤ من يشاؤلي صراط([9]) و منهم من قلب الثانية واوا فيقرؤ من يشاو و الي كما يقال سول بضم السين و كسر الواو و في المتفقتين في الحركة وجهان آخران في التخفيف حذف احداهما علي اختلاف الآراء و قلب الثانية بجنس حركة الاولي نحو جاء احدهم و في البغضاء الي و اولياء اولئك و ان اجتمع همزة استفهام و غير وصلية نحو ءاقبال و ءاحمد و ءاكرم فهما بحكم كلمة واحدة كائمة و لايخفف الاولي البتة و يزاد الف بينهما او لايزاد علي الوجهين و ان كانت الثانية وصلية و اناجتمعت مع وصلية مضمومة او مكسورة حذفت نحو اصطفي معلوما و مجهولا و انكانت مفتوحة قلبت الفا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 326 *»
او قري بين بين نحو ءاللّه اذن لكم و في قرا ابوك اربعة مذاهب تخفيف الاولي و تخفيف الثانية و ابقاؤهما و تخفيفهما كالمفردة و في اقرأ اباك كذلك مع مذهب خامس و هو الادغام و تخفيفهما انخففتا فكالمفردة و قدمر و المعتبر من ذلك كله ما اشرنا اليه سابقا من تحقيق الهمزة الاّ ما اجمعوا علي تخفيفه كهمزة يري مثلا و همزة يكرم و امثال ذلك و انما ذكرنا ذلك للاحاطة باطراف الكلام.
الباب الرابع
في ذكر احكام المد و القصر. اعلم ان المراد بالمد تطويل زمان الصوت في النطق بالحرف و اللين اقصر منه و القصر عدم التطويل مطلقا و حروف المد واي اذا كانت ساكنة بعد متحرك بجنسها و حروف اللين الواو و الياء الساكنتان بعد مفتوح. اعلم ان الهمزة اذا اجتمعت مع حروف المد و اللين في كلمة واحدة سواء توسطت او تطرفت نفي الخلاف عن تمكين حروف المد زيادة و يسمي بالمد المتصل و استوجبه القرّاء و الفقهاء نحو اولئك و شاء و الملائكة و يضيء و يسوؤا و هاؤم و امثالها فاذا كانت الهمزة في اول كلمة و حروف اللين في آخر اخري و هو المنفصل ففيه اختلاف في حد المتكين فعن ابن كثير و قالون بخلاف عنه و ابي شعيب و غيره عن اليزيدي تقصير حرف المد فلايزيدونه تمكينا علي ما فيه من المد الذي لايوصل اليه الاّ به نحو بما انزل و قالوا آمنا و اني اليك و شبهه و هؤلاء ايضا اقصرهم مدا في الكلمة الواحدة و عن الباقين تطويل حرف المد هنا كما في الكلمة الواحدة و اطولهم مدا في الضربين ورش و حمزة و دونهما عاصم و ادونه ابن عامر و الكسائي و دونهما ابو عمرو من طريق العراقيين و قالون من طريق ابي نشيط بخلاف عنه و هذا كله علي التقريب من غير افراط و اما قدر المد فعن ورش و حمزة قدر خمس الفات و عاصم قدر اربع الفات و الكسائي و ابن عامر قدر ثلاث الفات و قالون و ابن كثير و ابي عمرو بقدر الفين و قيل بالفرق بين المتصل و المنفصل فان اقصر المتصل
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 327 *»
اطال المنفصل و قيل هما سواء و التفاوت كالتفاوت و عليه اعتماد شيخنا اعلي اللّه مقامه و يلحق بهذا الباب ما اذا كانت بعد حروف الصلة نحو انها انتك و انه انا يوده اليك و الحق به ايضا صلة الميم نحو عليهم ءانذرتهم و منهم اميون و عن جميعهم جواز المد في هاء الكناية الموصولة نحو لقومه انكم، يحاوره اكفرت الاّ عاصما فاوجبه كالمتصل و يسمي هذا بالمنفصل و اذا كانت الهمزة قبل حرف المد سواء كانت محققة او القي حركتها علي ساكن قبلها او ابدلت نحو اادم و اازر و آمن و لقد آتينا و من اوتي و لئيلاف قريش و ايمانهم و يستهزؤن هاؤلاء آلهة و شبهه فعن البصريين الاخذين من رواية ابي يعقوب عن ورش يزيدون في تمكين حرف المد في ذلك زيادة متوسطة علي مقدار التحقيق و استثنوا من ذلك قوله تعالي بني اسرائيل حيث وقع فلميزيدوا في تمكين الياء فيه و اجمعوا علي ترك الزيادة اذا سكن ما قبل الهمزة و كان الساكن غير حرف مد و لين نحو مسئولا و مذؤما و القرآن و الظمآن و شبهه و كذلك الهمزة المجتلبة للابتداء نحو اوتمن و ايت بقرآن و ايذن لي و شبهه و عن الباقين ترك اشباع حرف المد في جميع ذلك بل هو المنقول عن الكل ورش و غيره و لا شك انه لا معني للمد مع تقدم الهمزة و اعلم ان وجه المد في حروف المد المتقدمة علي الهمزة ثقل الهمزة و لين حروف المد فيمد حروف المد قليلا حتي يتمكن من اداء الهمزة علي ما ينبغي و تفاوت المراتب علي حسب الآراء و ذلك لايتفاوت في كلمة او كلمتين و من ذلك يعرف عدم وجه للمد مع تقدم الهمزة. و عن السبعة زيادة مد حرف المد قبل الساكن في المدغم الواجب نحو الضالين و الصافات و الحاقة و حاجه قومه و استوجب ذلك القرّاء و الفقهاء ايضا و هو ايضا متصل و المدغم الجايز نحو تأمروني اعبد و الابرارّبنا و اختلفوا في المد قبل الساكن العارض بسكون الوقف بالمد و التوسيط و القصر نحو سريع الحساب و قدير و يؤمنون و العالمين و نستعين و الضالين و امثالها اما وجه المد اللازم التقاء الساكنين فاذ لميمكن التحريك و الحذف زيد في المد ليقدر متحركا و وجه مد العارض حمله علي
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 328 *»
اللازم لمشاكلة و وجه التوسيط تعدية الحكم مع حطه عن الاصل و وجه القصر ان الوقف يجوز فيه التقاء الساكنين و المختار القصر لعدم الحاجة الي المد و انما يمد ما يمد للتمكن من اداء الحرف الثاني و لا باعث في غيره و لا معني للحمل و اذا وقعت همزة الوصل بين همزة الاستفهام و اللام الساكنة نحو ٰالان و آللّه اذن لكم في يونس و ٰألذّكرَيْن في الانعام و آللّه خير في النمل فلجميع القرّاء فيه وجهان القصر مع تلفظ الهمزة المفتوحة بينهما و بين الالف المهملة و المد بابدال الهمزة الفاً محضة و هذا المد واجب عندهم ملحق بالمتصل و المراد بالمد في قولي هنا تسهيل همزة الوصل بين بين و اتصال الاستفهام باللام او ابدال همزة الوصل اذ علي اي حال فيه مدٌما في الجملة و اما حروف اوائل السور فهي ثنائية و ثلاثية فالاولي نحو را و ها و طا و حاء و فيها حرف مد من غير ساكن بعدها و الثانية لام كاف صاد قاف سين ميم نون و هذه فيها حرف مد بعده ساكن فيمد وجوبا عند القرّاء و الفقهاء و لذا يكتبون مدها بالسواد. و اما ما فيه حرف لين كعين ففيه وجهان المد و التوسيط وجه المد سكون البعد و امكان المد و وجه التوسيط قصور حرف اللين عن سبب المد و لعله الاقوي و اذا وقع حرف اللين قبل همزة نحو شيء و هيئة و السوء و سواة ففيه وجهان الطول و التوسيط عن ورش حال الوصل و الوقف و عن الباقين الوجهان عند الوقف بسكون الهمزة و القصر و يوافقهم في القصر ورش اذا كان الساكن بعده غير الهمزة نحو حيث و عن حمزة مد شيء مطلقا وجه المد في الكل الحمل علي حرف المد و التوسيط لاجل الفرعية و القصر للاصالة و لا وجه للخروج عن الاصل بلا مقتض و عن ورش في واو سوءات في قوله ما ووري عنها من سوءاتهما و بدت لهما سوءاتهما، ليريهما سوءاتهما، يواري سوءاتكم بالاعراف مذهبان المد و التوسيط و عن الكل سوي ورش قصر الموؤدة و موئلا لعروض سكون الواو و وجه المد قاعدة الحمل و القصر احسن لانه الاصل و لامقتضي.
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 329 *»
الباب الخامس
في ذكر الفتح و الامالة و فيه فصلان:
فصل: في مذهب القرّاء في ذلك. اعلم ان الامالة لغة الاحناء و في هذه الصناعة جعل الفتحة كالكسرة فان كان بعد الفتحة الف تميل الي الياء لامحة و الفتح ضد الامالة و هو الاصل و عن الحجازيين و الامالة فرعه و عن بني تميم و اسد و قيس و الامالة في الفعل اقوي منها في الاسم لتمكنه و في اللامات اكثر و كذا الزوايد و لاتكون في الحروف لجمودها و اسباب الامالة كسرة بعدها واو مقدرة او قبلها متصلة او منفصلة او ياء قبلها كذلك او مجاورة امالة او مقابلتها او دلالة علي اصل الي غير ذلك من اسباب تأتي و موانعها الحروف المستعلية قبلها بحرف او حرفين و الراء غير المكسورة قبل او بعد و الالف انتلفظ بها مستقيما هو الفتح و هي مرققة علي كل حال و التفخيم من لحن الاعاجم او معوجا و يسمي امالة و اضجاعا فان بلغ حدا لو زيد فيه قليل صار ياء يسمي امالة محضة و الكبري و هي المفهومة عند الاطلاق و ان بلغ به بين الفتح و المحضة يسمي الصغري و بين بين و من القرّاء من لميمل شيئا و هو ابنكثير و منهم من امال قليلا و هو قالون و ابنعامر و منهم من امال كثيرا و هم ابوعمرو حمزة و الكسائي و ورش و اصل حمزة و الكسائي الكبري و ورش الصغري و ابوعمرو متردد بينهما فاعلم ان حمزة و الكسائي كانا يميلان كل ما كان من الاسماء و الافعال من ذوات الياء نحو موسي و عيسي و يحيي و الموتي و طوبي و احدي و كسالي و اساري و يتامي و فرادي و نصاري و ايامي و حوايا و بشري و ذكري و شتي و سيما و ضيزي و امثال ذلك مما الفه للتأنيث و كذلك الهدي و العمي و الضحي و الزني و مأويه و مأويكم و مثواه و مثويكم و ما كان مثله من المقصور و كذلك الادني و ازكي و اولي و اعلي و شبهه من الصفات و الافعال نحو ابي و سعي و زكي و سوي و يخفي و ترضي و تهوي و شبهه مما الفه منقلبة من ياء و كذلك اني بمعني كيف نحو اني
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 330 *»
شئتم و اني لك و كذلك يا ويلتي و يا حسرتي و يا اسفي و شبهه و كذلك متي و بلي و عسي حيث وقع و كذلك ما اشبهه من الياءات مما هو مرسوم في المصحف بالياء ما خلا خمس كلم و هن حتي و الهوي و بلي و الي و يتزكي فانهن مفتوحات بالاجماع و ذكر هذه الخمس في شرح الشاطبية موافقا لها حتي و علي و لدي و الي و مازكي و كذلك جميع ذوات الواو من الاسماء و الافعال نحو الصفا و سنا برقه و شفا جرف و ابا احد و شبهه و نحو خلا و دعا و بدا و دنا و عفا و علا مما لميقع ثلثي من ذلك من ذوات الياء في سورة او اخر آيها علي ياء و ما فيه زيادة نحو تدعي و تتلقي و اعتدي و استعلي و انجا و نجانا و نجاكم و زكيها و شبهه و سوغ الامالة فيها لانتقالها بالزيادة الي باب ذوات الياء و يعرف ذوات الواو و الياء من الاسماء بالتثنية نحو عصوان و سنوان و شفوان و ابوان و هديان و عميان و هويان و من الافعال من فعل المتكلم نحو خلوت و بدوت و هلوت و شفيت و هديت فماعرفت منه الياء املت و ماعرفت منه الواو فتحت و عن ابي عمرو ما كان من جميع ما تقدم فيه راء بعدها ياء بالامالة و ما كان راء من آية في سورة اواخر آيها علي ياء او هاء و الف او ما كان علي وزن فعلي بالفتح و الكسر و الضم و لميكن فيه راء بين اللفظين و ما عدا ذلك فبالفتح و عن ورش جميع ذلك بين اللفظين الاّ ما كان من ذلك في سورة او اخر آيها علي هاء و الف فانه علي خلاف بين اهل الاداء في ذلك عنه اذا لميكن في ذلك راء و هذا الذي لايوجد نص بخلافه عنه و امال ابوبكر رمي في الانفال و اعمي في الموضعين في سبحان لاغير و تابعه ابوعمرو علي امالة اعمي في الاول لاغير و فتح ما عدا ذلك و عن حفص امالة مجريها في هود لاغير و قال صاحب التيسير قرأت من طريق اهل العراق عن ابيعمرو يا ويلتي و يا حسرتي و اني اذا كانت استفهاما و يا اسفي بالفتح و قرأت ذلك بالفتح من طريق اهل الرقة و امال ذلك حمزة و الكسائي علي اصلهما و قرأ الباقون باخلاص الفتح في جميع ما تقدم و هذا هو الاصل و الاحسن و انفرد الكسائي بامالة احياكم و فاحيا به و احياها حيث وقع اذا نسق ذلك بالفاء او لمينسق لاغير و كذا خطاياكم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 331 *»
و خطاياهم و خطايانا و الرؤيا و رؤياي و مرضات اللّه و مرضاتي حيث وقع و حق تقاته في آلعمران و قدهدان في الانعام و من عصاني في ابرهيم و ماانسانيه في الكهف و آتاني الكتاب و اوصاني بالصلوة في مريم و فما آتاني اللّه في النمل و محياهم في الجاثية و دسيها في النازعات و تلاها و ضحاها في الشمس و سجي في الضحي و اتفق مع حمزة علي الامالة في قوله تعالي و يحيي و لايحيي و امات و احيي اذا كان منسوقا بالواو و الدنيا و العليا و الحوايا و الضحي و ضحاها و الربي و انني هداني و آتاني في هود و لو ان اللّه هداني في الزمر و منهم تقية و مزجاة و او كلاهما و انيه و لكن و تابعهما هشام علي الامالة في انيه فقط و عن الباقين فتح جميع ذلك و هو اللغة الفصحي بلاشك و عن الكسائي ايضا في رواية الدوري الامالة في آذانهم و آذاننا و طغيانهم حيث وقع و هداي و مثواي و محياي و رؤياك في اول سورة يوسف خاصة و بارئكم في الحرفين و الباري المصور و سارعوا و يسارعون و نسارع حيث وقع و الجار في الموضعين و جبارين في الموضعين و الجوار في سورة الشوري و الرحمن و كوّرت و من انصاري الي اللّه في المكانين و كمشكوة في النور. و عن الباقين فتح ذلك كله و هو اللغة الفصحي الاّ ان ابا عمرو و ورشا قرءا رؤياك بين بين علي اصلهما و الجار و جبارين فان ورشا قرأهما بين بين علي اختلاف عنه و عن الكسائي ايضا امالة يواري و فاواري في المائدة و عن حمزة انه تفرد بالمالة عشرة افعال و هي باء و شاء و زاد و ران و خاف و طاب و خاب و حاق و ضاق و زاغ في النجم و زاغوا في الصف لاغير سواء اتصلت هذه الافعال بضمير ام لا اذا كانت ثلاثية ماضية و تابعه الكسائي و ابوبكر علي الامالة في بل ران لاغير و تابعه ابنذكوان علي امالة جاء و شاء حيث وقعا و علي قوله فزادهم في اول البقرة علي رواية و علي رواية عنه الامالة في جميع القرآن و عن ابيعمرو و الكسائي في رواية الدوري امالة كل الف بعدها راء مجرورة هي لام الفعل نحو ابصارهم و آثارهم و آثارهم و النار و القهار و الغار و بقنطار و بدينار و الابرار
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 332 *»
و شبهه و تابعهما ابوالحارث فيما تكررت فيه الراء من ذلك نحو قرار و الاشرار و الابرار و اخلص الفتح فيما عدا ذلك و عن ورش جميع ذلك بين بين و تابعه حمزة علي ما كان من ذلك الراء فيه مكررة و علي قوله تعالي القهار حيث وقع و دار البوار لاغير و اخلص الفتح فيما بقي و عن ابنذكوان في رواية الامالة في الي حمارك و الحمار في البقرة و الجمعة لاغير و الباقون باخلاص الفتح و عن ابيعمرو في رواية امالة فتح النون من الناس في موضع الجر حيث وقع و بالفتح قرأ الباقون و عن هشام انه تفرد بالامالة في قوله تعالي و مشارب في يس و من عين آنية في الغاشية و عابدون و عابد في الثلاثة في الكافرين لاغير و عن ابنذكوان التفرد بالامالة في رواية في قوله عزّوجلّ عمران و المحراب حيث وقعا و من بعد اكراههن في النور و الاكرام في الحرفين في الرحمن و عن النقاش في رواية امالة الراء من المحراب حيث وقع و قال صاحب التيسير قرأت علي ابيالحسن بامالة الراء من المحراب في موضع الخفض و عن الباقين اخلاص الفتح في جميع ذلك و هو المتبع فانه اللغة الفصحي المطابقة للاصل و الرسم المعروف الاّ ما كان من ورش في الراءات و قال صاحب التيسير كلما اميل في الوصل او قري بين بين مما تقع الراء و الكسرة فيه طرفا فهو ممال ايضا و بين بين في الوقف عارضا و كلما امتنعت الامالة فيه في حال الوصل من اجل ساكن لقيه تنوين او غيره نحو هدي و الاقصي الذي و طغا الماء و عيسي بنمريم و امثال ذلك فالامالة فيه سايغة في الوقف و روي عن اليزيدي امالة الراء مع الساكن في الوصل نحو نري اللّه و الكبري اذهب و القري التي و امثالها و عن الكسائي الوقف علي هاء التأنيث و ما ضارعها في اللفظ بالامالة نحو جنة و وجهة و آلهة و امثالها الاّ انيقع قبل الهاء عشرة احرف الطاء و الظاء و الصاد و الضاد و الخاء و الغين و القاف و الالف و العين و الحاء و امثالها واضحة و كذلك انوقع قبل الهاء راء بعد فتحة او ضمة نحو عمرة و حفرة او همزة و انفتح ما قبلها او كان الفاء او هاء و كان قبلها الف او كاف
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 333 *»
و انضم ما قبلها او انفتح نحو امرأة و براءة و النشأة و سفاهة و التهلكة و الشوكة فعن ابنمجاهد و اصحابه انهم كانوا لايرون امالة الهاء و ما قبلها مع ذلك و وقف الباقون بالفتح فهذه احكام الامالة علي ما نقل عن القرّاء و قدعرفت ان الاصل ترك الامالة و هو عن الاكثر و هو اللغة الفصحي.
فصل: اما احكام الامالة علي مذهب الصرفيين فاعلم انها جايزة لاواجبة و شرايط جوازها سبعة: الاول قصد مناسبة الكسرة المقدمة علي الالف الممالة او المؤخرة عنها. الثاني قصد مناسبة الياء المقدمة علي الالف الممالة. الثالث انقلاب الالف الممالة عن الواو. الرابع انقلاب الالف عن الياء مطلقا. الخامس انقلاب الالف الممالة في بعض الاوقات ياء كدعي مجهولا في دعا. السادس قصد مناسبة الفواصل في السور. السابع قصد مناسبة الامالة لامالة قبلها كامالة دال رأيت عمادا بمناسبة امالة ميمه و ربما يزاد عليها اربعة اخري. فالثامن مشابهة الالف الممالة بالف منقلبة عن ياء كالف فعلي بفتح الفاء و كسرها سواء كانت الالف الحاقية كعَلقي و ذِفري او تأنيثية كسَكري و رِضوي و كذا الف فعلي و فعالي بضم الفاء فيهما نحو بُهمي و حباري. و التاسع انتكون الفتحة قبل تاء التأنيث. و العاشر الفرق بين الاسم و الحرف كامالة اسماء حروف الهجاء. الحاديعشر كثرة استعمال الكلمة كالناس رفعا و نصبا و عن ابيعمرو و الكسائي و جراً فهيهنا مطالب:
الاول: اعلم ان الكسرة تكون سبب الامالة في الالف سواء تأخرت عنها ام تقدمت لكن انتقدمت الكسرة يشترط انتكون الكسرة صريحة كمررت بعبد اللّه لامقدرة كمررت باحمد راكبا و انيكون بين الكسرة و الالف حرف واحد مفتوح كعماد او حرفان اولهما ساكن نحو شملال بكسر الشين او متحركان احدهما هاء نحو ينسِفها و ينزعها الاّ اذا كان قبل الهاء مضموما نحو ينزعها علي صيغة المضارع او ثلاثة احدها الهاء فانها لخفائها كالمعدوم نحو درهمان و ان تأخرت الكسرة عن الالف يشترط انتكون لفظية لا مقدرة كجواد بتشديد
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 334 *»
الدال و لا بأس بالساكن بالوقف و متصلة بالالف و انتكون الكسرة اصلية انكان المكسور غير راء و قداجتمع جميعها في العالم و الكسرة العارضية نحو من كلام و امالتها شاذ بخلاف من دار و منهم من قال بتأثير الكسرة المقدرة انكانت اصلية و منهم من فصل في كسرة المدغم فجوز الامالة في حال الرفع دون غيره و انحصل الادغام في كلمتين نحو الابرار ربنا علي مذهب ابيعمرو فالبصريون لايجوزون الامالة و غيرهم يجوز و يوثر الكسرة مطلقا في الالف ان لمتكن منقلبة عن واو اللهم الاّ انيكون المكسور راء نحو من ربا و من دار فلايجوز امالة من بابه و من ماله لانهما عن الواو بدليل ابواب و اموال و امالة كبا بكسر الكاف شاذ و هو من كَبَوْتُ البيت اذا كنسته كعشا و مكا بفتح فائهما كباب و حجاج و ناس.
الثاني: الياء المقدمة توثر ان لمتكن الالف عارضية كالف رأيت زيدا وقفا و مع الاتصال نحو سيمال اسم موضع او الانفصال بحرف مع سكون الياء نحو شيبان ابي قبيلة بخلاف حَيَوان و طيلسان و منهم من جوز في الحيوان دون مثل طيلسان الاّ انيكون قبل الالف ها نحو بينها و انتأخر الياء عن الالف ففيهم من جواز الامالة انكانت مكسورة نحو بايع.
الثالث: لايجوز في الالف المنقلبة عن الواو الامالة الاّ في الفعل كخاف.
الرابع: الالف المنقلبة عن الياء مجوزة للامالة في الاسم و الفعل مطلقا نحو ناب و رحي و سال و رمي.
الخامس: الالف التي تنقلب ياء مفتوحة في بعض المواد تجوز الامالة سواء كانت منقلبة في الاصل عن الواو كدعي و علي جمع علياء او الياء كحبلي فانها انقلبت ياء مفتوحة في دعي مجهولا و علياء مفردا و حبليان تثنية و انانقلبت في بعض الاحيان الي ياء لكن غير مفتوحة فلاامالة نحو جال اذ مجهولة جبل.
السادس: اعلم انه اذا كانت فواصل السورة مجوزة الامالة لساير الاسباب و اتفق فاصلة ليس فيها تلك الاسباب تمال ذلك ايضا طردا للباب نحو و الضحي فان الفها واوية و لاتمال و انما اميلت لرعاية سجي و قلي و الاولي.
السابع: و قدتمال الالف للمجاورة كامالة الف رأيت عمادا وقفا لمجاورتها
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 335 *»
امالة الالف الاولي و لاسبب لها غير ذلك كما عرفت و كامالة فتحة تا في يتامي و فتحة سين في اساري و كاف في سكاري و صاد في نصاري و قدجوز بعضهم امالة الف التنوين مطلقا نحو رأيت زيدا.
الثامن: اذا تقدم الالف حرف من حروف الاستعلاء بلافاصلة و في الكلمة الواحدة لاتمال الاّ في باب خاف و طاب و صغي اي في الالف المنقلبة عن الواو المكسورة و عن الياء او ما قدينقلب الي ياء مفتوحة و انكان حرف الاستعلاء منفصلا بحرف ففيه خلاف نحو اخبات و خلاف و صحابي و صواعق و خُفاف و عن المشهور عدم المنع في غير صورة الفتح و اما في الفتح فلاخلاف في المنع و كذا انتأخر عنها متصلا في كلمة نحو عاصم و انتأخر بحرف نحو سالخ و مال قاسم فالمشهور المنع و انتأخر بحرفين نحو مناشيط و معاليق ففيه خلاف و انزادت الفاصلة فلامنع.
التاسع: الراء غير المكسورة المتصلة بالالف تمنع من الامالة نحو كرام و هذا حمارك و رأيت حمارك بخلاف نحو كافر و انتعارض الراء المكسورة المقتضية لامالة الالف و حرف الاستعلاء المانع فالغلبة للراء انكانت بعدها بلافصل نحو غارم و انتعارضت راء غير مكسورة فالغلبة للمكسورة نحو قرارك و انتباعدت غير المكسورة فهي كالعدم عند الاكثر و كذا انتباعدت المكسورة فيمال نحو هذا كافر و منهم من يمنع الامالة في مثله ايضا و انانفصل الراء المكسورة مع تقدم المانع لاتمال نحو مررت بقادر و منهم من جوزها.
العاشر: نقل عن بعضهم ان فاعلا بكسر العين انسلم عن الاستعلاء و الراء يمال نحو عابد و انكان في فائه راء او في عينه راء بعدها راء مفتوحة او مضمومة لاتجوز نحو راشد و هذا مار او رأيت مارا و انكان بعدها راء مكسورة او لمتكن راء جازت نحو مررت بمار و بارد و انكانت الراء لاما ففيه خلاف من الجواز مطلقا و المنع مطلقا و الجواز في حال الجر دون غيره و انكان فيه حرف استعلاء فقط لايجوز الامالة و اناجتمعا فانكان حرف الاستعلاء فاء و الراء عينا جازت نحو طارد و انتقدم الراء علي حرف الاستعلاء باي نحو كان لاتجوز الاّ في صورة
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 336 *»
كون حرف الاستعلاء عينا و الراء لاما نحو باقر ففي هذه الصورة لاتجوز الاّ في حال الجر علي خلاف و انتقدم حرف الاستعلاء و كان فاء و الراء علينا نحو قراد فتمتنع في حال النصب و الجر دون الرفع و انكان فيه حرفان من المستعلية و راء فتمتنع نحو راقط و قاطر و انكان بالعكس فتمتنع في الرفع و النصب و في حال الجر خلاف نحو قار و طار بتشديد الراء و اعلم ان الامالة شيء جايز عندهم و ليس بواجب و فيه ركاكة و ثقل لايخفي علي ذي حجي و لاسيما ان الحجازيين لايرونه و نزل القرآن فيهم و علي لسانهم فالاولي تركه و انكان فلابد فالبين بين احسن من الامالة المحضة و انا قدذكرنا احكامها للاحاطة باطراف آرائهم.
الباس السادس
في ذكر الياءات و احكامها. اعلم ان المنقول عن ابيعمرو ان جملة الياءات المختلفة فيها مائتان و اربععشرة ياء منهن عند الهمزة المفتوحة تسع و تسعون و عند المكسورة اثنتان و خمسون و عند المضمومة عشرة و عند الالف و اللام ستعشرة و عند الف الوصل بلا لام سبع و عند بواقي الحروف ثلاثون فيقتضي رسم احكامها مقاصد.
الاول: اعلم ان الحرميين و اباعمرو يفتحون كل ياء بعدهما همزة مفتوحة نحو اني اعلم و اني اخلق و لي اناقول و شبهه حيث وقعت الاّ مايأتي و عن ابنكثير فتح ثلث ياءات خاصة في البقرة فاذكروني اذكركم و في غافر ذروني اقتل موسي و فيها ايضا ادعوني استجب لكم و اسكنها الباقون و اسكن ابنكثير ايضا عشرة مواضع خاصة في آلعمران و مريم اجعل لي آية و في هود ضيفي اليس و في يوسف اني اراني في الموضعين اعني الياء في اني دون اراني و حتي يأذن لي ابي و سبيلي ادعو و في الكهف من دوني اولياء و في طه و يسر لي امري و في النمل ليبلوني ءاشكر و عن قنبل زيادة اربع علي ذلك فسكن الياء فيها ايضا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 337 *»
في هود و الاحقاف اوزعني ان و في الزخرف من تحتي افلا و عنه و عن البزي ايضا في القصص عندي او لم و عن نافع انه تفرد بفتح يائين في يوسف هذه سبيلي ادعو و في النمل ليبلوني ءاشكر و اسكنها الباقون و روي عنه ازوعني ان في السورتين بالفتح و روي عنه ايضا بالاسكان و عن ابيعمرو اسكان تسعة مواضع في هود فطرني افلا و في يوسف ليحزنني ان و سبيلي ادعو و في طه حشرتني اعمي و في النمل اوزعني ان و ليبلوني ءاشكر و في الزمر تأمرونّي اعبد و في الاحقاف اوزعني ان و اتعدانني ان و عن ابنعامر في رواية فتح ثمان ياءات لعلي حيث وقعت و في التوبة معي ابدا و في الملك و من معي او رحمنا لاغير و عن ابنذكوان عنه زيادة في هود ارهطي اعز و عن هشام زيادة في غافر ما لي ادعوكم و عن حفص فتح يائين في التوبة و الملك معي و عن الباقين تسكين الياء في جميع القرآن و هو الاصل و لا شك ان المد اخف عن الفتح و يقوم مقامه.
الثاني: و عن نافع و ابيعمرو فتح كل ياء بعدها همزة مكسورة في جميع القران نحو مني الاّ و مني انك و يدي اليك و شبهه و لكن تفرد نافع بفتح تسعة في آلعمران و الصف من انصاري الي اللّه و في الحجر بناتي ان و في الكهف و القصص و الصافات ستجدني ان و في الشعراء بعبادي انكم و في صاد لعنتي الي و في المجادلة و رسلي ان و في رواية عن ورش عنه زيادة في يوسف و بين اخوتي انّ و عن ابنكثير فتح يائين في يوسف آبائي ابرهيم و في نوح دعائي الاّ و عن ابن عامر فتح خمسعشرة ياء اجري الاّ حيث وقع و في المائدة و امي الهَين و في هود و ماتوفيقي الاّ بالله و في يوسف و حزني الي اللّه و آبائي ابرهيم و في المجادلة و رسلي ان اللّه و في نوح دعائي الاّ و عن حفص فتح ياء اجري حيث وقع و في المائدة يدي اليك و امي الهين لاغير و عن الباقين اسكانها في جميع القرآن و هو الاصل المتبع.
الثالث: و اما الياء قبل الهمزة المضمومة فعن نافع فتحها كقوله تعالي اني
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 338 *»
اعيذها و اني امرت و شبهه و الباقون يسكنونها و هو الاصل كما عرفت.
الرابع: و اما الياء قبل الالف و اللام نحو ربي الذي آتاني الكتاب فعن حمزة اسكانا حيث وقعت و عن الكسائي الاسكان في ثلثة مواضع في ابراهيم قل لعبادي الذين و في العنكبوت و الزمر يا عبادي الذين فقط و عن ابن عامر الاسكان في موضعين في الاعراف عن آبائي الذين و في ابراهيم قل لعبادي الذين و عن ابيعمرو الاسكان في موضعين في العنكبوت و الزمر يا عبادي الذين و عن حفص الاسكان في البقرة عهدي الظالمين و عن الباقين الفتح حيث وقعت و صيانة الياء عن الحذف وجه الفتح و الاصل وجه الاسكان و اذا ادي التقاء الساكنين الي حذف حرف مع بقاء الدال عليه لامانع من حذفه الاّ ان الفتح اشهر بينهم و عن كلهم فتح ثلثة مطردة في القرآن و تسعة احرف خاصة فالاول نعمتي التي انعمت و حسبي اللّه و شركائي الذين حيث وقعت و الثاني في آل عمران و قد بلغني الكبر و الاعراب بي الاعداء و مامسني السوء، ان وليي اللّه و في الحجر مسني الكبر و في سبأ اروني الذين و في المؤمن ربي اللّه و لما جاءني البينات و في التحريم نبأني العليم الخبير.
الخامس: و اما الياء التي بعدها الف وصل مفردة نحو اني اصطفيتك و شبهه فعن نافع تسكين ثلث اني اصطفيتك و اخي اشدد و يا ليتني اتخذت و عن ابنكثير يا ليتني اتخذت و عن قنبل ان قومي اتخذوا و عن ابيعمرو فتح الياء حيث وقعت و عن ابيبكر فتح من بعدي اسمه احمد و عن الباقين التسكين حيث وقعت.
السادس: و اما الحروف التي بعدها ساير حروف المعجم نحو بيني و بينك و وجهي للذي و امثالها فعن نافع فتح سبع بيتي في البقرة و الحج وجهي في آل عمران و الانعام و مماتي للّه فيها و ما لي في يس و لي دين في الكافرين و زاد ورش عنه فتح اربع في البقرة ليؤمنوا بي و في طه و لي فيها و في الشعراء و من معي من و في الدخان لي فاعتزلون و عن ابن كثير فتح خمس و محياي في الانعام
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 339 *»
و من ورائي في مريم و ما لي في النمل و يس و اين شركائي في فصلت و زاد البزي بخلاف عنه و لي دين في الكافرين و عن ابيعمرو فتح يائين و محياي في الانعام و ما لي في يس و عن ابنعامر في رواية فتح ست وجهي في الموضعين و صراطي و محياي في الانعام و ان ارضي في العنكبوت و ما لي في يس و زاد هشام بيتي حيث وقع و ما لي في النمل و لي دين في الكافرين. و عن حفص فتح ياء بيتي و وجهي و معي في جميع القرآن و محياي في الانعام و لي في ابرهيم و طه و النمل و يس و في مكانين في ص و في الكافرين. و عن ابيبكر و الكسائي ثلثا محياي في الانعام و لي في النمل و يس لاغير. و عن حمزة محياي وحدها و لميفح من جملة الياءات المختلفة فيها غيرها و انما اختلفوا في ذلك باجتهاداتهم و ليس الفتح بواجب نعم في محياي و مثله يلتقي الساكنان و لذلك ذهب اكثرهم الي فتح يائها و فيه ايضا يقوم المد مقامه و اما عند النحاة فان كان المضاف صحيحا او ملحقا بالصحيح يجوز في الياء الفتح و الكسر و اذا كان المضاف من جنس حروف العلة يفتح لالتقاء الساكنين و لايجوزون السكون و يستضعفون اسكان نافع ياء محياي و لما كان الامر عند القرّاء علي الجواز سهل الخطب و ماوافق رأيهم رأي النحاة في ذلك ارجح البتة و لهم احكام مختلفة في الياءات المختلفة في الوصل و الوقف هي جزئيات و مقامها في فرش الكلمات الجزئية.
الباب السابع
في اللامات. اعلم ان المنقول عن ورش تغليظ اللام اذا تحركت بالفتح و من قبلها صاد او طاء او ظاء مفتوحة او ساكنة نحو الصلوة و مصلي و فصلت و فصلي و الطلاق و معلطلة و بطل و مطلع و اذ ظلموا و ظلام و اذا وقعت في آخر آية في سورة فواصلها علي ياء احتملت التغليظ و الترقيق نحو لاصدق و لاصلي و لكن كذب و تولي و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 340 *»
قال صاحب التيسير ان الترقيق اقيس لتاتي الآي بلفظ واحد و كذلك انوقعت اللام طرفا بعد الثلاثة الاحرف ففيها حال الوقف ايضا وجهان و قال صاحب التيسير التغليظ اقيس بناء علي الوصل و عن الباقين فتح هذه اللام بغير اشباع حيث وقعت و نقل علي تفخيم لام اللّه و اللهم بعد الفتحة و الضمة نحو قال اللّه و قالوا اللهم و علي ترقيقها مع الكسرة في الوصل نحو بسم اللّه و الحمد للّه و قل اللهم و نفي الخلاف عن ترقيق ساير اللامات.
الباب الثامن
في الراءات. فعن ورش امالة فتحة الراء بين اللفظين اذ وليت كسرة لازمة او ساكنا قبله كسرة او ياء ساكنة نحو الآخرة و الشعر و الخيرات و استثني من ذلك مواضع السراط و سراط حيث وقعا و الفراق و فراق و الاشراق و اعراضه و اعراضهم و مدرارا و اصرارا و ضرارا و الضرر و القرار و فرارا و ابرهيم و اسرائيل و عمران و ارم و امرا و ذكرا و سترا و وزرا و صهرا و حجرا و اصرهم و مصرا و قطرا و فطرة و وقرا و ماكان من نحو هذا فاخلص الفتحة للراء و وجه القياس حرف الاستعلاء و العجمة و تكرير الراء. و اما الراء المضمومة مع الكسرة اللازمة و الياء الساكنة ففي مذهبه كالمفتوحة نحو يسرون و شبهه و لا خلاف عنه في اخلاص فتحة الراء اذا كانت الكسرة السابقة غير لازمة نحو برسول و امال ايضا فتحة بشرر في و المرسلات و عن الباقين اخلاص الفتحة في جميع ماتقدم. و اعلم ان كل راء بعد فتحة او ضمة متصلة او منفصلة بساكن تحركت الراء بغير الكسرة او سكنت هي مفخمة بالاجماع المنقول نحو حذر الموت و يردون و العسر و امثال ذلك و كذا ان ولي الراء الساكنة كسرة عارضة متصلة نحو ام ارتابوا لا منفصلة نحو الذي ارتضي و كذا
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 341 *»
يفخم انوقع بعدها حرف استعلاء متصلا نحو ارصاد و مرصاد و لا عبرة بالمنفصل نحو فاصبر صبرا و في كل فرق خلاف و انكان قبلها كسرة لازمة و ليس بعدها حرف استعلاء فهي رقيقة للكل نحو مرية و شرعة الاّ مرفقا ففيه خلاف و كذا كل راء مكسورة مرققة بلاخلاف وصلا نحو انذر الناس و انوقعت الراء بعد ساكن قبله كسرة اصلية او ياء ساكنة و انكان قبلها فتحة متصلة ترقق عند الوقف نحو خبير و السحر و الطير الاّ اذا كان الساكن حرف استعلاء نحو مصر و القطر ففيه الوجهان و اما الوقف علي الراء المتحركة بغير الفتحة و الساكنة اذا وقعت طرفا فكالوصل ما لمتل كسرة او ياء فان الوقف عليها مع الروم في غير مذهب ورش تفخيم و مع غير الروم ترقيق و اما الراء المكسورة انرمت حركتها فرققها كالوصل و انسكنتها ففخمها ما لميكن قبلها كسرة او ياء ساكنة نحو منهمر و نذير و اذا وقعت الراء بعد الف قبلها فتحة فمن امالها رققها كحمار.
الباب التاسع
في احكام هاء الكناية و مرادهم الضمير الغايب فعن ابنكثير وصل هاء الكناية اذا انضمت و سكن ما قبلها و تحرك ما بعدها بواو و اذا انكسرت و سكن ما قبلها و تحرك ما بعدها بياء فاذا وقف حرف تلك الصلة لانها زائدة نحو عقلوه و شروه و منه و عنه و لابيه و لاخيه و فيه و بنيه و شبهه و وافقه حفص في قوله تعالي فيه مهاناً و هشام في ارجه و الباقون يحذفونها هذا اذا لمتلق الهاء ساكنا فانها مقصورة عند الجميع نحو اراه الاية و آتيه اللّه و عن الباقين حذف الضمة و الكسرة في حال الوصل فيما تقدم و عن الجميع وصل المكسورة بياء و المضمومة بواو اذا تحرك ما قبلها و ما بعدها حيث وقع نحو قال له صاحبه و هو يحاوره اكفرت و عن حمزة و ابيبكر و ابيعمرو تسكين هاء يؤده اليك
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 342 *»
و لايؤده في آل عمران و نوله ماتولي و نصله في النساء و نؤته منها في موضعين في آلعمران و في الشوري و عن الحرميين و ابنعامر و الكسائي و حفص الكسر و الصلة و عن ابيعمرو و عاصم و حمزة تسكين هاء فالقه اليهم بالنمل و عن الحرميين و ابنعامر و الكسائي الصلة و عن ابيعمرو و ابيبكر و خلاد في احد وجهيه تسكين هاء و يتقه فاولئك و عن قالون اختلاس كسرتها و عن الحرميين و ابنعامر و الكسائي و خلف و خلاد في الوجه الآخر الوصل بالاشباع و عن حفص اسكان قاف و يتقه و اختلاس كسر الهاء بلاصلة و عن الباقين كسر القاف و الهاء و في الوقف ساكنة باجماع منهم و عن السوسي اسكان هاء و من يأته مؤمناَ بطه و عن قالون و هشام في احد وجهيه الهاء بلاصلة في كل ما ذكر من لفظة يوده الي ياته و قال شارح الشاطبية اختياري في الكل اي كل ما قبله كسر الكسر و الصلة لانها اللغة القياسية الشايعة و عن السوسي بلاخلاف و عن هشام و الدوري في احد وجهيهما اسكان هاء يرضه لكم بالزمر و عن حمزة و عاصم و نافع و هشام في وجهه الثاني قصرها اي ضمها بلاصلة و عن ابن كثير و الكسائي و ابنذكوان و الدوري في وجهه الثاني الضم و الواو و عن هشام اسكان هاء خيراً يره و هاء شراً يره في الزلزلة و عن الباقين الضم و الصلة و عن ابن كثير و ابيعمرو و ابنعامر ارجئه في الاعراف و الشعراء بزيادة همزة ساكنة و ضم الهاء و عن الباقين حذفها و ضم الهاء و عن عاصم و حمزة اسكان الهاء و عن الكسائي و ابنذكوان كسرها و عن ورش و ابنكثير و الكسائي و هشام الصلة و عن الباقين حذف الهمزة و قال شارح الشاطبية اختياري ترك الهمز و الكسر و الصلة لانها الفصحي القياسية و اعلم انه اذا وقع بعد ضمير المتكلم همزة ففيه الوجهان المد و القصر و القصر اولي و ان لمتقع بعدها همزة فلا مد في الفها و لا لين بلاخلاف منقول.
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 343 *»
الباب العاشر
في اقسام الوقف علي اواخر الكلم و فيه فصلان:
فصل: في احكام الوقف علي مذهب القرّاء. اعلم ان الوقف في اصطلاحهم قطع النفس و الصوت و السكت قطع الصوت دون النفس و المراد بقطع النفس حبسه في الجوف و ليس كما يفعله اهل الوسواس انهم يقفون ثم يسكتون و يتنفسون نفساً ثم يشرعون فيما بعده بل قطع النفس انحباس النفس مع السكت ثم اطلاقه فيصير زمان الوقف اطول من زمان السكت لامحة للحبس و الاطلاق و هو اي الوقف علي اقسام ثلاثة السكون و الروم و الاشمام. فالسكون هو حذف الحركة كائنة ماكانت مع قطع الصوت و النفس. و الروم مروي عن الكوفيين و ابيعمرو و هو فعل من يروم انيظهر الحركة فيشير من غير تصريح و يحصل ذلك بذهاب معظم الصوت و بقاء صوت ضعيف يسمع بالاذن و يكون ذلك في جميع الحركات الاّ في النصب و الفتح. و الاشمام هو ضم شفتيك بعد سكون الحرف و ليس فهمه حظ الاعمي بخلاف الروم و لايكون الاّ في الرفع و الضم و امثلة ذلك نحو غفور رحيم، يا ابرهيم و ذو الفضل العظيم فاياي فارهبون و لعلكم تذكرون من غفور رحيم بماء معيبن و هو الغفور الرحيم و اياك نستعين. و ان كان آخر الكلمة مشدداً نحو و هو الحق و صواف و عليهن فعن الاكثر جواز الروم بل هو احسن من الوقف بالسكون و منعه بعضهم منعاً شديداً و عن السمرقندي و غيره التصريح بالوجوب و عن شيخنا الاجل الاوحد اعلي اللّه مقامه انه الاحوط الاولي لما فيه من حصول براءة الذمة البتة و لميجوزوا الاشارة الي ضمة ميم الجمع في مذهب من ضمها لكونها ساكنة بالروم و لابالاشمام و كذلك هاء التأنيث المحضة كالمنخنقة و الموقوذة و نعمة و شوكة ما لمترسم بالتاء و كذا في المتحرك بحركة عارضية نحو لاتنسوا الفضل و انذر الناس، فلاترام و لاتشم.
و اعلم ان المروي عن نافع و ابيعمرو و الكوفيين انهم كانوا يقفون علي
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 344 *»
مرسوم الخط يعني علي ما كتب في النسخ العثمانية فما كان بالف فبالالف و ما كان بهاء فبالهاء و ما كان بتاء فبالتاء و وقع الاختلاف في مواضع منها كل هاء تأنيث رسمت في المصاحف تاء علي الاصل نحو نعمت و رحمت و شجرت و ثمرت و جنت و لعنت و سنت و معصيت و كلمت و امرات و غيابت و ابت و ابنت و امثالها فعن الكسائي و ابي الوقف فيها بالهاء و عن البزي الوقف علي ثمرت من اكمامها بالهاء و عن الكسائي الوقف علي مرضات اللّه حيث وقعت و علي اللات و العزي و ذات بهجة و لات حين و هيهات هيهات بالهاء و تابعه البزي في هيهات هيهات فقط و عن ابنكثير و ابنعامر الوقف علي ابت بالهاء حيث وقع و عن الباقين في هذه المواضع كلها بالتاء اتباعا لخط المصحف و عن ابيعمرو الوقف في كاين في جميع القرآن علي الياء و حذف النون و عن الباقين الوقف علي النون و عن الكسائي الوقف في ويكأن و ويكنأنه علي الياء المنونة و عن ابيعمرو الوقف علي الكاف و عن الباقين علي الكلمة باسرها و عن ابيعمرو في فما ل هؤلاء و ما ل هذا الرسول و ما ل هذا الكتاب و فما ل الذين كفروا الوقف علي ما دون اللام في الاربعة و عن الكسائي روايتان الوقف علي ما و علي اللام و عن الباقين الوقف علي اللام المنفصلة و عن حمزة و الكسائي الوقف في اياً ما تدعوا الوقف علي ايا دون ما و عوض من التنوين الفاً و عن الباقين الوقف علي ما و عن ابيعمرو و الكسائي في ايها المؤمنون في النور و يا ايها الساحر في الزخرف و ايها الثقلان في الرحمن بالالف في الثلاثة و عن الباقين بغير الف و عن الكسائي في واد النمل خاصة بالياء و عن الباقين بغير ياء و عن البزي الوقف بزيادة هاء السكت علي استفهام مجرور بحرف جر نحو لمه و ممه و بمه و عمه و عن الباقين الوقف علي الميم الساكنة و من احكام الوقف المتفق عليها ابدال التنوين بعد فتح غير هاء التأنيث الفاً و حذفه بعد الضم و الكسر و ابدال نون التأكيد الخفيفة بعد فتح الفاً و ابدال نون اذن الفاً و زيادة هاء السكت في مواضعها.
اعلم ان المروي عن حمزة في الساكن الذي بعده همزة اذا كان
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 345 *»
الساكن آخر كلمة و لميكن حرف مد فاتت الهمزة بعده سكتة لطيفة من غير قطع بياناً للهمزة نحو من آمن و هل اتيك و كذلك الاخرة و الارض و الازفة و شبهها لانها بمنزلة كلمتين و اذا كان الساكن مع الهمزة في كلمة لميسكت علي الساكن الاّ في ما كان من لفظ شيء لاغير و عن الباقين وصل الساكن مع الهمزة من غير سكت.
فصل: و اما احكام الوقف باصطلاح الصرفيين. فقالوا الوقف هو قطع الكلمة عما بعدها و هو علي اقسام: الاسكان المحض و هو في كل كلمة آخرها متحرك اعرابا او بناء غير المنصوب المنون و حكي عن الازد قلب التنوين المرفوع بالواو و المكسور بالياء. و الروم و هو ايضا في كل كلمة آخرها متحرك كما سبق فيحرك حركة خفية اشعارا بالحركة و هو في المفتوح قليل لان الفتحة خفيفة من نفسها و لايمكن تخفيفها. و الاشمام في المضموم اعراباً و بناءً بضم الشفتين بعد الاسكان و عن الاكثر ان لاروم و لااشمام في هاء التأنيث لانه لاحركة لها من نفسها و انما المتحرك ما ابدلت منها و يجوز الروم و الاشمام في تاء تأنيث لاتبدل نحو تاء اخت و بنت و لا في ميم الجمع لسكونها و من يضمها و يكسرها في الوصل يقف بالروم و الاشمام و لا في المتحرك بحركة عارضة نحو من يشاء اللّه و لقداستهزئ و يجب ابدال التنوين المنصوب الفاً ان لميكن آخر الكلمة تاء تأنيث فيقال في رأيت فرساً فرساً بالالف لابالنون و حكي عن ربيعة الوقف عليه بالاسكان او الروم و يجب ابدال تنوين اذن الفاً و كذا ابدال النون الخفيفة في المفرد المذكر نحو اضربن و كذا يوقف في المقصور المنون علي الالف نحو رأيت عصا و رحي و قلب كل الف همزة من غير الفصحاء كقلب الف التأنيث همزة او واواً او ياء و يجب عند الاكثر ابدال التاء التأنيثية الاسمية هاء نحو رحمة بخلاف الفعلية نحو ضربت فانها يوقف علي التاء و منهم من شبه تاء هيهات بتاء التأنيث الاسمية و كذا تاء ضاربات و اما عرفات فان فتحت تاؤه بناءً علي انه مبني علي الفتح يقلب تاؤه هاء في الوقف و ذلك انهم اختلفوا فيه انه جمع عرفة او ليس بجمع و منهم
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 346 *»
من قال انه جمع عرف لان المذكر قديجمع علي الالف و التاء و ابدال تاء ثلاثة هاء و نقل حركة همزة اربعة اليها في ثلاثة اربعة عند العد مع الوصل لاجتماع سببين عدم الارتباط الموجب للابدال تشبيهاً بالوقف و سرعة العد الموجبة للوصل مع ان همزتها قطعية و انما ذلك من باب تخفيف الهمزة و ذلك في المسرودات شايع بخلاف الم اللّه فان همزة اللّه وصلية و يحرك الميم لالتقاء الساكنين و يجب ازدياد الف في انا حال الوقف فيقال في جواب من فعل هذا انا بالالف و يكتب انا بالالف اشعارا بذلك و عن الكوففين انا بالالف في حال الوصل ايضا بناء علي ان ذلك اصله و منه لكنا هو اللّه ربي فان اصله لكن انا نقل حركة الهمزة تخفيفا الي النون السابقة و اسقطت الهمزة و ادغم النونان و منهم من وقف في انا علي هاء فقال انه نحو مه و ذلك نادر و يجب الحاق هاء السكت في الكلمة الاحادية نحو ره بالفتح و قه بالكسر لوجوب الابتداء بالمتحرك و الوقف بالاسكان و كذا في م محذوفة الالف اذا اردت الوقف عليه نحو لاجل مه و يجوز عندهم الحالق الهاء في موضعين احدهما في مثل لميغز و لميرم و لميخش حيث حركات آخرها بنائية فيلحق الهاء لحفظها فيقال لميغزه و لميرمه و لميخشه و عندي هذا خطاء لحصول اللبس و ثانيهما في مثل رأيت غلامي بفتح الياء لحفظ حركة الياء بناء علي فتحها و في مثل علام و الي م و حتي م و المراد في المقامين انيكون حركة آخر الكلمة بنائية محضة و منهم من جوز لحوق الهاء الفعل الماضي مطلقا نحو ضربه و قعده و منهم من جوزه في اللازم و لايخلو من رجحان لحصول اللبس في المتعدي و اختلفوا في جوازه مع ضمير الفاعل نحو انطلقت و قيل في المنادي المرخم انبقي حرفان وجب الحاق الهاء و انبقي ازيد جاز و يجوز ابدال الهاء الفاً في ضرورة الشعر و عن ابيحيان ان المبني المتحرك الذي لايشبه حركته الاعرابية نحو ضمة هاء ضربه و رماه و فتحة رأيت غلامي و كسرة هؤلاء يجب اسكان الهاء في الوقف و انكان قبل الهاء ساكن صحيح نحو ضربته و عنه ففيه وجهان اسكان الهاء و نقل حركة الهاء الي قبلها فيقال عنه بضم النون و في ياء المتكلم و غيرها وجهان اسكان الياء و الحاق الهاء فيقال رأيت غلامي و غلاميه و يضربن و يضربنه و ضربت و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 347 *»
ضربته و من يشبع كسرة التاء في المؤنث يقول ضربتيه و يلحق في بعض لغاتهم السين المهملة و في بعضها الشين مكان الهاء فيقال اكرمتكس و اكرمتكش و يسمي السين بالكسكسة و الشين بالكشكشة و انكان الحرف الآخر غير الضمير ففيه وجهان الاسكان و الحاق الهاء نحو هو و هوه و هي و هيه و مسلمان و مسلمانه و مسلمون و مسلمونه و قال يجب الاسكان في يضربان و يضربون و قال و اما الكلمة التي آخرها الف و يراد اظهارها يجوز الحاق الهاء به فيقال هيهناه و هولاه اذا كانت مقصورة انتهي. و يجوز حذف الياء الساكنة بعد كسرة نحو هو قاض و يجوز رد الياء في حال الوقف لعدم التقاء الساكنين و كذا و هذا غلامي و اما في مثل رأيت القاضي فيلزم الحاق الهاء دون الحذف فتقول رأيت القاضية و اما في مثل رأيت غلامي بناء علي فتح ياء المتكلم فيجوز حذف الياء و اسكانها و يجب اثبات الياء و اسكانها في مثل مري اسم الفاعل من اري يري اذا نودي به فتقول يامري للزوم الاخلال بالحذف و يجوز في الفواصل و القوافي الواوية و اليائية الاثبات و الحذف و ان كان الواو ضمير جمع و الياء ضمير مؤنث فالحذف ضعيف البتة و يجب حذف الواو بالملحقة بالضماير نحو ضربهو و ضربهمو اذا الحقت علي لغة و حذف الياء الملحقة بالاشارات نحو تهي و ذهي و هذهي و يندر حذفها في الوصل و كذا كسر الهاء بلا اشباع و يجب حذف ياء عليهمي و عليكمي علي لغة يلحقون الياء بضمير الجمع و يجب عند قوم في الوقف علي المهموز ابدال الهمزة بمجانس حركتها ساكن نحو هذا الخبو و رأيت الخبا و مررت بالخبي فانكان ماقبل الهمزة ساكنة ينتقل اليه حركة الهمزة ثم تقلب و انكان مفتوحا يبقي علي حاله و انكان مضموما او مكسورا تقلب الهمزة بجنس حركة ما قبلها فيقال في اكموء جمع كمأ اكمو في جميع الحالات و منهم من وقف علي الهمزة بعد ساكن رفعاً و جراً و بعد متحرك و اما بعد الساكن نصباً ابدلها الفاً و منهم من ينقل حركة الهمزة بعد ساكن الي الساكن رفعاً و جراً و يقفون علي الهمزة و منهم من يحذف الهمزة و يقف علي الساكن الاّ انيكون الهمزة منصوبة منونة فتبدل الفاً نحو رأيت رداً و قد يوقف علي الكلمة بالتضعيف بزيادة حرف ساكن من جنس
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 348 *»
الآخر اذا كان متحركاً بعد متحرك و غير لين و همزة نحو هذا جعفر بتشديد الراء و كما روي عن عاصم في الوقف علي مستطر في سورة القمر و قديقع التضعيف في الشعر مع الف الاطلاق و هي حرف يزاد للترنم و الغنا نحو:
لقد خشيت اناري جدبا | مثل الحريق وافق القصبا |
بتشديد الباء في جدبّا و القصبّا و عن ابي الحيان ان الثاني من حرفي التضعيف يحرك و يدغم فيه الاول ان لميكن الاخر همزة كنبأ او لينا كسرو و بغي و لا بعد ساكن كعمرو و يوم و بين و لا منصوباً منوناً فيقال قام الرجل و رأيت الرجل و مررت بالرجل بتشديد اللام و قدسمع الحاق الهاء مع التضعيف و قدينقل حركة الآخر غير الفتحة الي ماقبله الصحيح و انكان الآخر همزة ينقل حركتها مطلقاً و انكان الكلمة وزان عدل بكسر العين و سكون الدال لاينقل ضمة اللام الي الدال فلايقال هذا عدل لانه وزن غير مسموع و لاكسرة لام قفل في مررت بقفل فانه ايضاً وزن غير مسموع ولكن يتبع العين للفاء لثقل التقاء الساكنين و منهم من يتبع العين للفاء في النصب ايضاً طرداً للباب و انكان الكلمة مهموزة جاز النقل و انحصل وزن غير مسموع جاز كما عن الاكثر و مثال النقل في غير المهموز هذا بكر بضم الفاء و مررت بالبكر و لايقال رأيت البكر بفتح الكاف و منهم من جوز نقل الفتحة هنا ايضا و تقول هذا خبؤ بضم الباء و رأيت الخبأ بفتح الباء و مررت بالخبيء بكسر الباء و عن ابيحيان زيادة شرطين في نقل الحركة صحة حرف الآخر تحرزاً من نحو غزو و ظبي و عدم ادغام الساكن السابق تحرزاً من نحو لعلّ و لمينقل الوقف بالنقل عن احد من القرّاء الاّ عن ابيعمرو في تواصوا بالصبر فوقف علي الصبر بكسر الباء و اسكان الراء. هذا ما وجدناه من علماء الصرف في باب الوقف.
فصل: اعلم انه اذا كان بين الكلام و بين ما بعده منافات من جهة المعني فالوقف لازم و علامته في القرآن مـ و ذلك كالوقف علي اصحاب النار و الابتداء بـالذين يحملون العرش و اما م هكذا فهي علامة قلب النون المتصلة بالباء ميماً نحو من بعد. و ان لميكن للكلام تعلق بما بعده لا لفظا و لا معني فتام او يكون له
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 349 *»
تعلق لفظي خاصة فهو الحسن و يكتب لهما ط و هي علامة الوقف المطلق و هو يشمل التام و الحسن اما التام فكالوقف علي يفلحون و الابتداء بـان الذين كفروا و الحسن كالوقف علي الحمد للّه و الابتداء بـرب العالمين كما قيل و ان كان له تعلق معنوي فقط فهو كاف للاكتفاء بتمام اللفظ و علامته ك كالوقف علي البسملة و الابتداء بـالحمد للّه رب العالمين و ان اشتد الارتباط المعنوي فهو مجوز كالوقف علي رب العالمين و الابتداء بـالرحمن الرحيم كما قيل و هو غير جايز اختيارا و علامته ز و اذا كان للمعني ارتباط غير مخل في الوقف عليه فهو جايز و علامته ج و انكان له تعلق لفظي و معنوي بما بعده فهو الوقف القبيح و علامته لا و ما قيل فيه بالوقف فعلامته ق و الوقف الكوفي كالوقف علي فواتح السور علامته قف و الوقفة اليسيرة علامتها قفه و اذا كان الوصل اولي من الوقف يكتب له صلي و اعلم ان هذه المواقع ليست بسنة متبعة فانه ربما يعرف رجل ربطا بين كلمتين لايدركه غيره و رب اخلال بالمعني يعرفه رجل دون آخر و ان لايعرفون من القرآن الاّ ظواهر عربيته و للحكماء في القرآن مجالا وسيعا لايدخله الاّ من كان من ابناء الحكمة فلربما يقف الحكيم في موضع لايقف عليه غيره و لربما لايجوز الوقف في موضع جوزوه فاستعمل عقلك انكنت من ابناء الحكمة و الاّ فبهديهم اقتده و السلام.
الخاتمة
في بيان معني اللحن و لشيخنا الاوحد اعلي اللّه مقامه كلام فيه اذكره لفظه ليكون ختام كتابنا هذا مسكاً. قال اعلي اللّه مقامه: اعلم ان اللحن علي قسمين لفظي و معنوي و اللفظي قسمان جلي و خفي. فالجلي هو تغيير الكلمة و تغيير اعراب الكلمة و لاريب ان هذا مبطل للقراءة عند جميع القرّاء و تبطل بذلك الصلوة و يجب تجنبه للقراءة و الصلوة و امثالها و الخفي ترك حقوق الكلمات و هو مخل باللفظ دون المعني كتكرير الراءات و
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 350 *»
تغليظ اللامات و تفخيم الالفات و تطنين النونات و قلقلتها و امثالها و هو كالاول عند القرّاء كلهم و عند الفقهاء اذا فحش.
و المعنوي قسمان لحن و اهمال فاللحن عدم الاعتقاد لمعاني ما يتلوه مما يظهر له انه من اللّه اما لتجويز ضد يلقيه الشيطان في قلوب الغافلين او سقطة عادية نبتت من ذلك التجويز او يذكره الخبيث ضد الحق و قائله فيفرضه بين التفاته للضد و لقائله فيشغله بالاقبال اليها لا من جهة الانكار بل من جهة تفهم ما قدفهمه فيشتغل به عن اللّه فينتج من الفرض الاول الفرض الثاني و من الثاني الريب و منه الشك فيستولي علي القلب و لايظهر علي اللسان فيقول باللسان ما ليس بالقلب. قال اللّه تعالي و لتعرفنهم في لحن القول فلسانه قديتلو علي ضميره و يشهد اللّه علي ما في قلبه و هو الد الخصام و لكم الويل مماتصفون فيكون هذه سيماؤ يعرفه به الاولياء. و الاهمال عدم الاقبال علي مايقرؤه فلسانه يتلفظ بالمواعظ علي قلبه الغافل و يقرأ أ فلايتدبرون القرآن ام علي قلوب اقفالها، بل قلوبهم في غمرة من هذا و لهم اعمال من دون ذلك هم لها عاملون. ربنا لاتؤاخذنا اننسينا او اخطأنا و لاتعاملنا باعمالنا و اغفر لنا ما اسلفنا و اعصمنا فيما استقبلنا انك علي كل شيء قدير.
و اعلم يا اخي ان جميع هذه الابواب سماعية ليس للاجتهادات فيه مدخل اللهم الاّ انيجتهد الانسان في الروات و جرحها و تعديلها و ان القوم خلطوا عملاً صالحا و آخر سيئاً فادخلوا الاجتهاد و القياس و افسدوا علي الناس امرهم و انا انما ذكرنا ما ذكرنا لا لاجل انهم مصيبون او يجوز طاعتهم او يمكن الاعتماد عليهم و تقليدهم بل لاجل ان سادتنا سلام اللّه عليهم امرونا بقراءة القرآن علي ما يقرؤه الناس فاحتجنا اننتتبع اقوالهم كيفمـا كانت و لولا ذلك لكانت اختياراتهم بالاعراض عنها و عدم صرف العمر في النظر اليها و جمعها اولي فنحن نرجو اننثاب في نظرنا في اقوالهم و آرائهم و الوزر عليهم حيث انقطعوا عن حملة القرآن و عمن نزل في بيوتهم ولكن شرع التقية سوغ لنا ذلك نسأل اللّه انيعجل فرج
«* مکارم الابرار عربي جلد 14 صفحه 351 *»
آل محمد: و فرجنا بهم و انيكشف عنا هذه الطخية العمياء التي اذا اخرج الانسان يده فيها لميكد يريها و اللّه ولي التوفيق. و قدكان في قصدي اناذكر بعد هذه الكليات فرش الحروف الخاصة و اختلاف القرّاء فيها و وهن عزمي قلة الفائدة و الاكتفاء بقراءة واحد منها و علي ما هو المعروف اليوم بين الشيعة من قراءة عاصم و لاجل ان كتب القرّاء و التفاسير بها مشحونة و لاجل ان غيرها مما نحن معتنون به اهم منها فلنختم كتابنا هذا الي هنا.
و قدوقـع الفراغ من تسويدي اياه في سلخ شهر ذيحجة من شهور سنة اثنتين و سبعين من المائة الثالثة عشرة حامداً مصلياً مستغفراً تمت.
([1]) العسب جريدة من النخل مستقيمة يسلب خوصها، معيار
([2]) اي لايجوز ادغامها علي ان الياء بدل من الهمزة فروعي فيها الاصل و لاجتماع اعتلالات علة اخري لعدم الادغام و هذا علي قراءة و اللاي بلا همزة. منه
([3]) الحروف التي تدغم و يدغم فيها احدعشر: ت ث ج ذ ر س ش ض ق ك ل. الحروف التي تدغم و لايدغم فيها اربعة: ب ح د ن. الحروف التي لاتدغم و يدغم فيها ستة: ز ص ط ظ ع م. الحروف التي لاتدغم و لايدغم فيها ثمانية: ا ء خ غ ف و ه ي.
([5]) عتور شاة كانوا يذبحونها لآلهتهم. ق
([7]) المراد ان الحروف الخمسةعشر كلما قرب صفاتها من صفات حروف الحلق يغلب الاظهار فيظهر النون عندها و كلما يقرب صفاتها من صفات يرملون يغلب عندها الاخفاء. منه
([8]) جيئل كفتار است و حؤبة نام آبيست.
([9]) يعني واو و ياي غير الحاقيه نباشد ديگر هرحرف كه باشد حكمش اين است. منه