وصية للعالم الرباني مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني/
الي الميرزا محمد الاصبهاني
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 201 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.
و بعد يقول العبد الاثيم کريم بن ابرهيم انه لما عزم جناب المولي الولي و الاولي الصفي ابن العلام الفهام ذيالعز و الاحترام العالم العامل الفاضل الباذل جناب الحاج الاغا محمد جناب الاکرم الامجد جناب الميرزا محمد الاصبهاني ادام الله عزه و علاه و جعل اخراه خيراً من اولاه علي الترحال من بلادنا الي محروسة اصبهان احببت اناکتب له وصية تکون تذکرة مني لديه و خليفة عني عليه لئلاينساني في ايام الفراق و لانيکون وسيلة الي التشويق لسرعة التلاق.
فاوصيک يا سيدي و سندي و نفسي الجانية الفانية بتقوي الله العظيم فانها جماع الخيرات و ينبوع المبرات و اني تتبعت في کتاب الله عزوجل فلمار وصية اجمع منها و لا خصلة اشرف منها فان الله سبحانه وعد عباده المتقين من خير الدنيا و الاخرة ما لميؤته غيرهم حيث منحهم محبته و قال بلي من اوفي بعهده و اتقي فان الله يحب المتقين و بذل لهم الفلاح و قال و اتقوا الله لعلکم تفلحون و وعدهم الرحمة و قال اتقوا الله لعلکم ترحمون و رفع عنهم الخوف و الحزن و قال فمن اتقي و اصلح فلاخوف عليهم و لا هم يحزنون و اخبر عن نجاتهم عن النار و قال ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثياً و عن اعداده الجنة لهم و قال و سارعوا الي مغفرة من ربکم و جنة عرضها السموات و الارض اعدت للمتقين و قال مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الانهار اکلها دائم و ظلها تلک عقبي الذين اتقوا و عقبي الکافرين النار و جعل اليهم المشية في الخلد و قال قل أ ذلک خير ام جنة الخلد التي وعد المتقون کانت لهم جزاء و مصيرا لهم فيها ما يشاءون کان علي ربک وعداً مسئولاً و جعلهم وفد الرحمن و هم اجل اهل
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 202 *»
الجنان و قال يوم نحشر المتقين الي الرحمن وفدا و نسوق المجرمين الي جهنم ورداً و تولي امرهم و کفي به راحة في الدنيا و الاخرة و قال ان الظالمين بعضهم اولياء بعض والله ولي المتقين و اسني من ذلک کله معية الله معه بلانهاية حيث قال و اعلموا ان الله مع المتقين و شرط لهم العلم و تکفير السيئات و المغفرة فقال يا ايها الذين ءامنوا ان تتقوا الله يجعل لکم فرقانا و يکفر عنکم سيئاتکم و يغفر لکم و الله ذو الفضل العظيم و وعدهم الاجر العظيم فقال و من يتق الله يکفر عنه سيئاته و يعظم له اجراً و بشرهم في الدنيا و الاخرة و قال الذين ءامنوا و کانوا يتقون لهم البشري في الحيوة الدنيا و في الاخرة و جعل لهم المخرج و وعدهم الرزق مطلقاً فقال و من يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لايحتسب فاي خصلة اعظم من ذلک و اي وصية ابلغ منه.
فاوصيک و نفسي الجانية جملاً بتقوي الله في السر و العلانية و التقوي مخافة الله عزوجل فمن خاف الله هرب من سواه اليه و من هرب من سواه اليه نجي@کذا ـ نجا.ظ@ من کل شر و فاز بکل خير و اما مفصلاً فقد کتبت وصايا عديدة الي الاخوان و يشترک الکل في العمل بمعناها فان سبيل الله سبحانه واحد ولکني اذکر لک بعض ما يناسب جنابک.
فاعلم يا اخي بل سيدي و سندي ان الله سبحانه خلق الخلق و امتحن بعضهم ببعض فجعل منهم نفوساً زکية و ارواحاً قدسية يقدرون علي التخلق باخلاقه و الاتصاف بصفاته علي اختلاف درجاتهم فاتخذهم اعضاداً في خلقه و ايدياً و اسماعاً وابصاراً و السنة و منهم نفوساً دنسة ناقصة مشيبة بصفات النفوس الامارة و افتتنهم بان دعاهم الي طاعة اولئک الاولين و اتباع دعوتهم و امتثال امرهم و نهيهم و ابتلي اولئک برعاية حال هؤلاء الاخرين و تربيتهم و الصبر علي اذاياهم و اداء ما اراد الله منهم اليهم و تکميلهم فمن الاولين الانبياء و الاوصياء سلام الله عليهم اجمعين و النقباء و النجباء و ادني درجة اولئک العلماء العاملون فهم السنة الله في اداء احکامه الي عباده و ايصال اوامره و نواهيه اليهم و امناء الله علي حلاله و حرامه و رعاة الله في بريته
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 203 *»
و عباده بهم يعمر الله البلاد و بهم يدفع الله عن العباد و بهم ينزل الغيث و بهم و لهم قامت الارض و هم کذلک ما کانوا موسومين بسمة التقوي و الزهد و الصدق و عدم الخيانة فيما خولهم الله و الاداء عن الله فان ذهبوا يرکبون مراکب علماء العامة و حرصوا في الدنيا الدنية و طلبوا الرياسة و ابطنوا غير ما اظهروا و خانوا الله في دينه و بلاده و عباده فهم اولياء الشياطين و اعداء الدين و شرهم کشر رؤساء المنافقين عليهم لعائن الله اجمعين من اصغي اليهم فقد عبد الشياطين و قد اخذ الله العهد علي المؤمنين بترک اولئک المنافقين حيث قال الماعهد اليکم يا بني آدم الا تعبدوا الشيطان انه لکم عدو مبين و ان اعبدوني هذا صراط مستقيم.
و قد روي عن الصادقين: من اصغي الي ناطق فقد عبده ان کان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله و ان کان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان فاتق الله يا سيدي و کن من جملة الذين نطقوا عن الله و عبروا عنه.
و اعلم ان احداً لمير الله و لميسمعه و انما اتي وحيه الي نبيه الذي اتخذه سفيراً بينه و بين خلقه فالناطق عن الله هو الناطق بکتاب الله و سنة نبيه و من تخلف عنهما فقد نطق عن الشيطان.
و اعلم ان الله جعل محمداً9 خاتم الانبياء و وصيه خاتم الاوصياء و کتابه خاتم الکتب و سنته خاتم السنن و لميکن لمحمد9 و لا لوصيه ان يحکما في دين الله باتفاق الناس و افتراقهم و بعقولهم من دون وحي اذ قال الله في حقه ماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و قال لاادري ما يفعل بي و لا بکم ان اتبع الا ما يوحي الي فاذ لميکن لمحمد و وصيه صلي الله عليهما و آلهما و عقلهما معصوم ان يحکما في دين الله باتفاق الرعية و بعقلهما فما ظنک بغيرهما الذي امر باتباعهما و قال لاتتبعوا السبل فتفرق بکم عن سبيله و قال اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و اولي الامر منکم و لميربعهم و الاخذ عن الله الاخذ بمحکم کتابه و الاخذ عن الرسول الاخذ بسنته و الاخذ عن اولي الامر اتباع اخبارهم و اقتفاء آثارهم و نهانا عن اتباع آرائنا و اهوائنا في آي عديدة فاياک ثم اياک يا سيدي ان تتبع غير الکتاب الذي هو حبل الله و خليفته
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 204 *»
و سنة نبيه التي هي حبل النبي و خليفته فتکون من الناطقين عن غير الله و اجعل يا سيدي ائمتک آلمحمد: نصب عينيک و لايلتفت منکم احد و امضوا حيث تؤمرون و اتبع آثارهم و کرر النظر في اخبارهم و سلم لاسرارهم و اقتبس من انوارهم و اجعل امرک خدمة لهم و انبذ الي الناس نبذاً فان عرفوا فزدهم و ان انکروا فامسک عنهم و دار هذا الخلق کلهم مادمت في دارهم و اياک و ان تکون فظاً غليظ القلب بذياً فحاشاً سيئ القول في الخلق و اذکر قوله سبحانه و لاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم.
و اعلم ان سب اولياء الله هو سب الله و اذاهم اذي الله ففي القدسي من اذي لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني اليها و تکلم في کل احد بما تحب ان تکلم به و راع آدابهم بما تحب ان يراعوا ادبک و راع حرمة کل احد بقدر ما جعل الله له حرمة و اجعل مشيتک تابعة لمشية الله و لاتستحقر بظاهرک من عظمة@عظمه.ظ@ الله في الظاهر و بباطنک من عظمة@عظمه.ظ@ الله في الباطن و استغن عن الخلق تکن نظيرهم في درجاتهم و انفق عليهم تکن اميرهم و لو سألتهم تکن اسيرهم و ان لمتقدر ان تنفق عليهم فلايفوتک الاستغناء عنهم.
و اعلم ان للاب من بين ساير الناس حرمة و شکرا و اذکر انه ولدک و رباک و کفلک و تحمل منک حين لايتحمل منک غيره فاشکره و احسن اليه و عظمه و وقره و راع حرمته في حضوره و غيبته لاسيما اذا کان عالماً فاضلاً فله حق رعاية العلم و الفضل اعظم و اعظم من غيره و يجب رعايته في الباطن ايضا.
و اعلم ان للام ايضاً حقاً عظيماً و يجب مراعاته و اعلم ان من شکرهما فقد شکر الله و من کفرهما فقد کفر الله و للارحام ايضاً حقوقاً عظيمة فاتقوا الله الذي تسائلون @به و الارحام.ظ@ فلاتقطع لسان خيرک و يد نوالک عنهم ابذل لهم لساناً واحداً و يداً واحدة يبذلوا لک السنة شتي و ايدياً عديدة اسألک يا سيدي ان تعاشر الخلق معاشرة اذا رأوک عليها يقولوا ما احسن ادب فلان رحمه الله و ما احسن هؤلاء العصبة و اذکرک الله ان تعاشرهم معاشرة اذا رأوک عليها يقولوا ما اسوء ادب فلان لعنه الله و ما اسوء هؤلاء العصبة و اقم الصلوة
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 205 *»
في اول اوقاتها و اد الفرائض و جانب کلما تکره ان اراک عليه او يراک احد اخوانک المؤمنين و لاتترک الدرس فان وجدت من يقرأ عليک و الا فاشتغل بالمراجعة و التصنيف فلاعذر لک عن ذلک و اسع ان لاتکتب الا لاجل الخدمة لآلمحمد: فان من لايکتب الا لذلک لايکتب الا ما امروا به و لاتترک الدرس العام ما وجدت مصغياً اليک و لو علي ظهر دابة و لو کان واحداً و لا تأب ابدا ابدا ان تقول لا ادري اذا سئلت عما لاتدري و اياک ان تدلس و تقول ليس ببالي و ليس في نظري و انت لاتعلمه اصلاً و لاتستح من قول لاادري بعد قول نبيک ما ادري مايفعل بي و لا بکم و روي من لميکن في کلامه لا ادري فهو مجنون و اقر بالخطاء ان اوقفک طفل علي خطائک في ملأ من الناس و علي الحق فان لمتقر فانت ممن جحد الحق و کذّب به فاذن لست من السنة الله الناطقة عن الله و من لميکن من السنة الله فهو من السنة الشيطان و لاتخش الذلة ان اعتقدت ان العزة لله و لرسوله و للمؤمنين و اذا سئلت عما تشک فلاتبتّ و لاتنکر من خصمک حقاً و لو حرفاً واحداً و لو خشيت ان يلزمک به اقر بالحق و علي الله نصر المؤمنين و عاشر الخلق بما يعرفون و دعهم عما لايعرفون و مع ذلک لاتترک ما تريد ابلاغه و انطق بالفرد الخاص و الشخص في المسائل ان تحملوا و الا اترک الشخص و اجعله تحت صنف و انطق به فان لميتحملوا فاجعله تحت نوع و انطق به فان لميتحملوا فاجعله تحت جنس و انطق به کما هو سنة آلمحمد: في اخبارهم و ذلک من سننهم و قل من يتنبه به و سأمثل لک مثالاً اذا وجدت من يقبل منک قل له ان عليا امام هدي من عرفه عرف الله و من انکره انکر الله و الا فقل له من خالف خلفاء رسولالله فهو خارج عن الدين يقبل منک و الا فقل له من خالف الحق فهو ضال يقبل منک لامحة فاقتف اثر ذلک في جميع المسائل و قد نزل بذلک القرآن المبين و جري علي ذلک سنة سيد المرسلين و انت في جميع الاحوال تريد مطلبک اذ علي هو امام الهدي و هو خليفة رسولالله و هو الحق و الحق معه و لو سلکت هذا المسلک يقبل قولک في جميع الموارد و اجعل تقيتک في جعل الشخص تحت الصنف و الصنف تحت
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 206 *»
النوع و لاينبغي الکذب و انکار الحق نحن نتکلم بالکلمة و نريد منها سبعين وجهاً لنا من کلها المخرج.
و اعلم يا اخي ان الواجب عليک ان تکون خادماً لسادتک لاهمّ لک في آناء الليل و النهار الا الخدمة و اياک ان تري نفسک مخدوماً فيهلکک العجب و تستعبد خلق الله و تستحقرهم و کن ابداً بشاشاً في وجوه المؤمنين معتدلاً مادامت التقية باقية في وجوه المنافقين منکراً لهم في قلبک خالطوهم بالبرانية و خالفوهم بالجوانية مادامت الامرة صبيانية و اما الحکام و السلاطين فلاتجاوز الضرورة في معاشرتهم و راع ادبهم کما اراد الله و لبهم اذا دعوک و اطعهم بالتي هي احسن اذا امروک و احسن الذکر في غيابهم و حضرتهم مالک و لهم و اذا خاض قوم في امرهم فاسکت او اخرج من ناديهم و ان استطعت ان تنهاهم بالتي هي احسن فانههم و اذا رأيت قوماً فاتنين عليهم فکن کابن اللبون لاظهر له فيرکب و لاضرع له فيحلب و اما من صدقک من الاخوان فاخفض جناحک لهم و لن لاجلهم و عظمهم و وقرهم و اخدمهم بما يليق و اياک ثم اياک ثم اياک ان تستغنم اجتماعهم و تستعبدهم و تحسبهم عقاراً قد هيء لک او اکرة قيضوا لک فتستخدمهم نعوذ بالله و ان احتجت الي استعانة بهم ففي غاية الاعتذار و الاستحياء و المسألة و اياک اياک ان تحکم عليهم حکماً بتاً کمايحکم السلطان علي عباده فانهم اخواننا نرجو شفاعتهم يوم القيمة لا عبيدنا.
و اعلم ان الناس خلقوا من نور و ظلمة و عقل و نفس فلو شئت ان تحملهم علي جهة واحدة ما قدرت فدارهم مداراة من يريد بقاءهم و اعلم ان في الخلق اعراضاً کثيرة و اغراضاً قليلة و لکل مقتضيات فلاتتوقع ترکهم العمل بمقتضي الاعراض و التمحض بمقتضيات الاغراض.
و اوصيک ايها الاخ الجليل ان لاتستکشف بواطن الناس و تستظهرها اما انا فاترک السؤال عن امر لو سألت يظهر باطن و النظر في امر لو نظرت يظهر باطن و المرور في طريق لو مررت يظهر باطن فان ظواهر الناس قدزال نتنها بمراوح شرايع الانبياء و سنن الاولياء و الاستحياء من الناس و بواطنها انتن من جيفة متفسخة فلو استکشفتها فاح روايحها و انتشر نتنها و لمتطق ذلک نعوذ بالله و
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 207 *»
تضطر الي البرائة منهم و تبقي بغير معين فغطّ عليهم غطاء الله و اسدل عليهم ستر الله و اتصف بصفات الله فانه يظهر الجميل و يستر القبيح و اما في ساير امورک العلمية فالوصية التي کتبتها للسيد السند جناب الميرزا زين العابدين و غيره من المخاديم کافية لک خذها معک و راجعها بنظر الاعتبار و التدبر و لماکنت عازماً علي الترحال و ضاق المجال لميمکنني ان اکتب لک اکثر من ذلک و من اتاه الله کتابه و سنة نبيه9 لايفتقر.
کتبه العبد الاثيم کريم بن ابرهيم في خامس شهر شوال المکرم من شهور سنة اثنتين و سبعين بعد المأتين و الالف سائلاً من الله التوفيق للعمل ثبّتنا الله و اياکم بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الاخرة تمت.