وصية الوالي في جواب امان الله خان والي کردستان
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 159 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
و بعد فقد ارسل الي جناب کافي الکفاة و حامي الحماة و والي الولاة ذو العز الباذخ و الفخر الشامخ المؤيد بلطف الله المنان امان الله خان والي کردستان اعزه الله و حفظه من طوارق الحدثان برسالة و سألني فيها عن مسائل اراد مني جوابها و ان من المسائل ما يمکن رسمها في الکتب و منها ما لايکتب و يحتاج الي النطق و السمع و المشافهة و منها ما لايکتب و لاينطق به و يجب کتمه في الصدور الي حلول القبور و منها ما لاتعبير عنه عند العالم به و لميعط العالم عنه تعبير اصلا و لماکان جنابه العالي لصدقه و صفائه بمحل من قلبي و احب تعليمه و ايقافه علي مطلوبه اکتب له ما يمکن کتبه و اشير الي ما لايمکن کتبه اتکالا علي فهمه الذکي و عقله الصفي ان شاء الله و لاحول و لا قوة الا بالله و نعتصم بالله مما کره الله و اکتب ما اکتب علي نحو الابتداء من دون ان اعنون مسائله لغاية عندي و ان کان فيما اکتب جوابها.
اعلم يا اخي جعل الله مستقبلک خيرا من ماضيک و صير قرة عينک في آتيک ان الله عزوجل الحکيم العليم القادر القاهر خلق هذه المسموکات الرفيعة و المدحوات الوضيعة و ما بينهما من صنوف الخلق لغاية عظيمة لا شيء اعظم منها عند الله عزوجل و جعلها في غيب خلقه و جعل لاظهارها اسبابا و لخفائها اسبابا و من اسباب اظهارها ارسال الرسل و انزال الکتب و ايجاد الاوصياء و خلق الحکماء و العلماء و جعل الاخوان الاصفياء و تخلية السرب و سلامة البدن و صفاء العقل و الهداية و التوفيق و العمل بما امر به و النهي عما نهي عنه و جعل لخفائها اسبابا و منها الطبايع الجمادية و الطبيعة النباتية و النفس الحيوانية و النفس الامارة بالسوء و العادات و الطبع و الشهوات و الغضب و الالحاد و الشقاوة و امثالها و منها الدعاة الي النار و دار البوار و اتباعهم و اشياعهم و القرناء و الشياطين و اضرابهم و ارتکاب
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 160 *»
المنهيات و ترک المأمورات و اسباب الاظهار من حيث الخلقة اعظم و اقوي لله العزة و لرسوله و للمؤمنين و حزب الله هم المفلحون و جند الله هم الغالبون الا ان الانسان کلف الميل الي اسباب الاظهار بعد ما مکن منه و الاعراض من اسباب الشر بعد ما مکن منه فمن علم الله منه الخير و هيأ له اسبابه فعمل بمقتضاها رق حجب انيته شيئا بعد شيء حتي انکشف له و تبين ما جعل فيه من تلک الغاية العظمي نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء و هم متدرجون في حد الترقيق و انکشاف تلک الغاية علي درجات شتي و من علم الله منه الشر و هيأ له اسبابه فعمل بمقتضاها تغلظ حجب انيته شيئا بعد شيء حتي حجب الاسرار و تراکم الاستار و اضطلمت الديار اذا اخرج يده لميکد يراها و من لميجعل الله له نورا فما له من نور اما الاولون فلايحصل لهم الترقي و الترقق الا بجذب من العالي و انجذاب من الداني اما جذب العالي فهو موجود دائما لايمنع من احد فانه من طباع جماله و کماله و مقتضي کرمه و جوده و رحمته السابقة فهو مبذول موجود لايسع احدا الاعتذار بعدم الجذب کما لايسع ارضا الاعتذار بعدم اشراق الشمس عليها و انما الواجب تحصيل الانجذاب و هو الامتثال و هو تکليفک فمن امتثل امر الجاذب فقد انجذب اليه و الامتثال هو الطاعة فلانجاة لاحد الا بالطاعة و لاهلاک الا في العصيان و الطاعة هي عمل بما امر الله و رسوله من الفرايض و الفضائل و الانزجار عما نهي عنه من المحرمات و المعافات فما من شيء يقرّب الي الله الا و قد امر به و ما من شيء يبعّد عن الله الا و قد نهي عنه فلايغرنک الشيطان ان تعمل باسباب التبعيد و تتقرب الي الله ليس بامانيکم و لا اماني اهل الکتاب من يعمل سوء يجز به فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره.
و اعلم ان جذب العالي هو اثر جماله و هو جميل لا نهاية لجماله و الانجذاب هو الحب و هو الامتثال و هو الطاعة ان کنتم تحبون الله فاتبعوني فالحب هو الطاعة فالناس في درجات الحب علي قدر طاعتهم فلايغرنک الشيطان و الله ان
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 161 *»
ولي علي7 من اطاعه و البريء من علي من عصاه و لايحتاج الي شاهد بعد العيان فمن انهمک في المعاصي و زعم انه محب علي7 فقد زعم انه منجذب الي علي7 و من زعم انه منجذب الي علي7 و هو يرتکب الموبقات فقد قال بان علياً7 جذبه الي المعاصي و هو ان عرف کفر بالرحمن فضلا عن الايمان فاول ما يجب عليک في ادعائک المحبة و الولاية الاعراض عن المعاصي بالکلية و التوجه الي مبدء الخير ثم السلوک الي المبدء باقدام الطاعات مبلغ الاستطاعات و هو المشي علي الصراط ثم تنال المطلوب علي قدر سرعة سيرک و بطئه و لاتکونن من الکسلانين النوامين عن الخير الذين يلقون التقصير دائما علي ربهم و يبرءون انفسهم عن التقصير و يعتذرون دائما بعدم هداية الله و ترک توفيق الله و عدم تهيئة اسباب الله و ذلک عند العارف کفر بالله و قول بنقصان کمال الله و جمال الله و حاشا الله بل الجذب منه موجود بلانهاية و انما العوائق في انجذابک فسر تبلغ و امتثل تنل و اعمل و@ز ظ@ خذ اجرک و لاتکونن ممن يريد القرب بلامشي فذلک اماني النوکي ليس للانسان الا ما سعي و ان سعيه سوف يري، قل ما يعبؤا بکم ربي لولا دعاؤکم و الرجاء يظهر في العمل فمن لا عمل له ليس براج و الخوف يظهر في الحذر فمن لايحذر لايخاف و الحب يظهر بالامرين معا و ايثار المحبوب علي النفس فمن لايظهر الامرين مع الايثار فليس بمحب هذا هو تمام الامر و کماله و الطريق الاقرب الذي اتي به الانبياء المرسلون و ندب اليه الاوصياء المقربون سلام الله عليهم و لاتصغ الي اصحاب الحيل لتحصيل حطام الدنيا و الرياسة، المتسمين بالمرشدين و العرفاء فانهم والله عجزوا عن ساير الحيل فسلکوا مسلک تغرير العباد و مخادعتهم و الله العلي العظيم و لا والله لايريدون الا خيلا و بغالا و حميرا تحمل اثقالهم و يستخدمونهم في حوائجهم.
فاوصيک يا اخي لما طلبت مني النصح اولا باصلاح جسدک فانه لايخلق روح الا لجسد فاطب اول مأکلک و مشربک فلايکونا الا من حلال فانه اذا حرم الطعام حرم الدم و حرم الروح المتولد منه فلايقتضي الا الميل الي المعاصي و
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 162 *»
الحرمان من الله فاطب طعامک حتي يطيب روحک و نفسک فتميل الي جوار الله فاذا حصلت حلالا فلاتأکل حتي تشتهيه فان الاکل علي غير شهوة اسراف و الله لايحب المسرفين و مرادک ان تصير حبيب الله فاذا اشتهيت و اکلت فلاتزد علي شهوتک فانه اسراف و خذ بالاحتياط و ارفع يدک و انت تشتهيه فسوف تري الکفاية بعد رفع اليد و اسع في الغفلة عن بطنک فلاتملأه ملأً يوجهک اليه و لاتخله اخلاء يوجهک اليه بل اطعمه بقدر ان تنساه و اسقه بقدر ان تنساه و کذلک الحکم في لباسک و مسکنک و ليکونا من حلال و ما لايوجهک اليهما و تنساهما و تفرغ عنهما حتي تتوجه الي ربک و هذا حد جميع اسباب بلغتک من الدنيا حتي لايوجهک شيء منها اليها و يخليک و شأنک فاذا فرغت من بطنک و بدنک فاسع في منع الاعراض الخارجية و الشواغل الطارية عليک الداخلة عليک من الابواب الخمسة اما بمنع الاعراض و طردها و اما بسد الابواب الخمسة حتي لايدخل عليک ما يشغلک عن ربک و تفرغ لخدمته و ذلک هو الخلوة المطلوبة.
و اعلم ان الانسان مرکب من الاضداد و لابد لکل واحد منها في بقائها من مدد خلال@حلال.ظ@ و ان لميصل اليه المدد يتفکک ترکيب بدن الانسان و يهلک قبل اجله المسمي بالتقدير مثلا فيک ما يقتضي الحرکة و ما يقتضي السکون فتحرک احيانا و اسکن احيانا و فيک مقتضي الضحک و مقتضي البکاء فاضحک احيانا و ابک احيانا و فيک مقتضي الشهوة و مقتضي الاعراض عنها فاعمل بشهوتک احيانا و اعرض عنها احيانا و علي هذه فقس ماسواها و ليکن کل ذلک من الحلال و من تخلف عما قلت هلک او فسد و القول الفصل في ذلک لاتکثر من شيء ابدا فاذا لابد من الخلوة احيانا و من العشرة احيانا و من اسرف في الخلوة جن و ترک فرايض الله و احتضره الشياطين و ذلک انک قد امرت من عند الله بمعاشرة اخوانک و اداء حقوقهم و معاشرة اهلک و اولادک و تربية مالک و خدمک و ولدک و تحصيل العلم و الدنيا و الدين فلو خلوت في کسر لمتؤد حقوق الله فاذا فرغ نفسک لعبادة الله فاعلم ان الله عزوجل فرض لکل عضو من اعضائک و لکل رتبة من رتبک عبادة و الواجب علي العبد ان يقوم بوظايف العبودية في جميع المقامات و الکتب الشرعية
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 163 *»
متکفلة ببيان ذلک و اياک و التهاون بها و النظر اليها بعين الازدراء کفعل السفهاء فانها حکم الهية نبوية علوية عملية حق لايشک فيها العقلاء و العرفاء و من تلک الاعضاء اللسان و عبادته کفه عما يکره@يکرهه.ظ@ الله و اطلاقه فيما امره الله فالصامتون حتي عن الحق جهال مبدعون و من عبادته الذکر و ان الله سبحانه جعل لکل عبادة حدا محدودا و لميجعل للذکر حدا و قال اذکروا الله ذکرا کثيرا فينبغي ان يکون لسان الانسان مشغولا بالذکر دائما و کل حق يخرج من فيک ذکر الا ان اصرحها التکلم باسماء الله و هي کثيرة جدا ولکل اسم خاصة معينة و اثر معلوم فينبغي ان يختار الانسان علي حسب حاله و مقامه اسما او کلاما و من تدبر في اختلاف الادعية في الحوائج و في قوله اعددت لکل هول لا اله الا الله الي آخر عرف کنه ما قلنا فذلک يختلف بحسب اختلاف حال الذاکر و ما يناسب السالک في اول سلوکه الاستغفار الکثير عن صدق فان التخلي قبل التحلي فاذا تخلي عن المعاصي يشرع في التحلي و يتدرج شيئا فشيئا فنعم الشيء له اولا ذکر «يا حي يا قيوم» ليحيي الله قلبه بنور الولاية و يجعله قائما بعبادته و خدمته فان قصر به التوفيق عن الخدمة يناسبه ذکر «لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم» و کذلک اذا عرض له وسوسة او خاطر سوء يداوم علي الحولقة و حد المداومة غلبة الذکر عليه و نسيان الخاطر و کذلک اذا عرض له وسوسة اعتماد علي غير الله او رجاء الي سواه او خوف من غيره و قد تکفل ببعض الخواص قوله اعددت لکل هول الي آخر.
و اعلم ان الاسماء بمنزلة العقاقير و لکل عقار اثر و الامراض کثيرة تعرض و تعتري و ينبغي للطبيب ان ينظر الي حال المريض يوما فيوما بل ساعة بعد ساعة و يأمره باسم و ذکر و الذي يأمر به اهل الحيل من ذکر واحد يذکره دائما ثم لايبالون علي اي جنب وقع فذلک فعل الجهال و المتلبسين بالحق و ذلک کساير افاعيلهم المنکرة التي يستمجها العقول الباهرة النيرة من الرقص و الطرب و الدف و المزمار و الغنا و عشق المردان و امثال ذلک من الفسوق و الملاهي فلا والله يراءون الناس و لايذکرون الله الا قليلا و کفاک انه لميسلک نبي مسلکهم و لميذهب ولي مذهبهم و لو سلکوا و ذهبوا لماخفي و لمااخفوا و لمکانوا يخفون و
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 164 *»
هم کانوا يجيئون بشرع جديد و ينسخون الدين السابق و لا نکير.
و اعلم ان الذکر ليس بمحض اخراج الحروف من الفم فان النائم ايضا ربما يتکلم ولکن الذکر ذکر اذا کان بتوجه القلب و تعمده و قصده و ارادته مثل ما تکلم زيدا و عمرا فاسع في ان لايخرج من فمک کلمة الا باشارة قلبک و ذلک لايمکن في الاوائل في المجالس العامة اللهم الا في الخلوات و الليالي و انصافها فاذا اعتاد القلب لايضره کونه في المجالس و کمال العادة ان يتوجه القلب الي الذکر حتي يتطبع ذلک کما تطبع ذکر الدنيا فيصير بحيث ينصرف عن الذکر بقسر و لو خلي و طبعه رجع الي ذکره بسرعة فاذا صار کذلک فقد کفر عادته بالدنيا و ذکرها فاعتدل و لايجوز ان يمنعه ذکره عن فريضة او مندوب اليه و هو اولي فذلک ذکر شيطاني و فعل الجهال و الذاکر من لايفوته طاعة و لايشغله معصية فاذا داومت علي ذلک صار خاطرک ذلک الذکر و يخطر ببالک دائما ذلک الذکر کما يخطر ببالک الان دائما انواع ما تتکلم الان بلسانک فالمعتاد بالذکر يصير خطرات قلبه الذکر و هو افضل الذکر و لايعلم ثوابه الا الله و ذلک الذکر الذي يطرد الوسوسة و الشيطان و الخطرات لا الذکر اللساني فاسع في الذکر حتي يعتاد قلبک و يصير مجموع خواطره الذکر و مع هذا الذکر ينبغي ملاحظة الحالات و العوارض و الحوائج و الاشتغال بذکر يناسب الحال و لايمکن رسمه جملة فانه يتغير بتغير الاحوال و لکن يمکن رسم نوعه فاذا اردت الرزق فقل يا رازق و لاتقل يا مانع فاذا اردت الانتقام من عدو فلاتقل يا راحم بل قل يا منتقم و هکذا فتراقب حالک و حال نفسک و قد دللت علي دائک و دوائک و مع ذلک کله لاتترک شيئا من الفرايض و اعمل بما امکنک من المندوبات و جانب المحرمات و اترک ما امکنک من المکروهات و اعمل المباحات لله فتوجر عليها و اسع في جميع هذه الاحوال في لين عريکتک و خفض جناحک و اظهار بشرک و حسن خلقک فان کثيرا من العباد و الزهاد يبتلون بفظاظة و غلظة قلب و عبوس وجه و سوء خلق و ذلک ان اعمالهم زادت في سوداء مزاجهم و احرقت اخلاطهم و اورثهم جنونا من حيث لايشعرون فلاتکثر من الانزواء و الذکر و الخلوة و الفکر و الجوع و السهر
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 165 *»
دفعة فانها تورث الجنون البتة بل اشتغل بها و زد فيها قليلا قليلا بقدر ان لايخرج مزاجک عن الاعتدال و قد ذکرت لک آنفا ان لاتکثر من شيء ابدا حتي من العبادة و يحسن الاکثار في الايمان و اليقين و الولاية و هي موهوبية ذلک فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم.
و اعلم ان مع ذلک کله لايبلغ سالک منتهي مطلبه الا بشيخ مقدم و رفيق مصاحب و الا فالسالک الواحد شيطان و سيضل و سيجن و قد ذکرنا فضلهما و بيانهما في الارشاد و غيره فراجع فانه لارسم فوقها.
و اما ما سألت من القرض فلابأس به في مأکلک و مشربک ولکن اذا اعطيت بدله محرما فلايبرأ ذمتک من الدين و القرض الا ان يحلل لک الرجل و مع ذلک عليک اثمان حيث اخذت بغير حق و اعطيته غير مستحق.
و اقول لک قولا فصلا صدقا عدلا لالعب فيه و لاريب يعتريه و لايکون فيه مخادعتک لاتتحلي بحلي الاولياء بهذه التسويلات الا ان تتوب الي الله توبة نصوحا و صدقها ان تعمل بما فاتک من فرايض الله و ترک ما انت فيه من المعاصي و تؤدي ما عليک من حقوق الخلق او ترضيهم ثم تدخل في عرصة الطيبين الطاهرين و تسلک مسلکهم و الا فذلک لعب و شره عرض ثم يفتر و يذهب نعم الاشتغال بالطاعات خير لمن لايتوب من ان يزيد في المعاصي يوما فيوما لعل الله يذهب بالحسنات ما ارتکبه من بعض السيئات و اما الکمال فلا والله لايحصل الا للتائبين العابدين.
بقي شيء و هو الفکر و قد بسطنا القول في اقسامه في طريقالنجاة فلاتترکه فانه مرآة القلب و ربانيه و قائده و سائقه و هاديه و دليله ولکن لاتکثر منه اولا فانه يورث الجنون و وازن احوالک دائما مع اهل السلامة فان احسست بالانحراف فارجع و اعتدل حتي لاتتخبط و لايعتريک الماليخوليا و الجنون و اري کثيرا من اهل الفکر و العلم قد حصل لهم الماليخوليا و هم لايشعرون و قد ذکرنا ذلک في کتبنا الطبية و لاجل ذلک و امثاله وجب الاتصال بشيخ معتدل و انيس و صاحب قابل و الا فقل ما يسلم الانسان منه فان لمتلق شيخا کاملا و صاحبا سابقا فارفق بنفسک و دارها و لاتشدد عليها فاني اخاف من الرياضة بغير استاد الجنون.
بالجملة عليک بالذکر ما امکنک في آناء الليل و النهار و ليکن الاسماء
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 166 *»
التي تبتديء بها اقل هيمنة فان الاسماء المهيمنة العظيمة مناسبة للبالغين اصحاب القوة و الطاقة و الضعيف المبتدي لايتحمل تلک الاسماء مثلا ذکر الوهاب انسب للمبتدي من ذکر الله و ذکر لا اله الا الله مخصوص بالمشايخ و ذکر يا الله اعظم منه و ذکر يا هو اعظم منه و لکل درجات مما عملوا و المبتدي يداوم علي الاسماء الجزئية علي حسب حاله و طاقته و نحن قد فصلنا في طريق النجاة شرح الذکر و الفکر و شرح العلم و الحلم فراجع فانه کتاب عظيم شريف.
ثم اني اوصيک ان تحذر حذرک من الاسد الضاري من کتب الضلال و غير اهل الحق و من مجالستهم و محادثتهم و مخاصمتهم و مجادلتهم و مباحثتهم و الاصغاء الي کلامهم فانها اضر علي الخلق من جيش يزيد بن معاوية علي جند الحسين7 فان کنت عندک من اهل الشک في دين الله فاطلب لنفسک دينا و يقينا حتي اذا فزت باليقين فقل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون. و لايلتفت منکم احد و امضوا حيث تؤمرون. فاعرض عنهم حتي يخوضوا في حديث غيره و اما ينسينک الشيطان فلاتقعد بعد الذکري مع القوم الظالمين.
و اوصيک ان تداوم علي ذکر آلمحمد عليهم السلام ما قدرت فان ذکرهم شفاء من کل داء و امان من کل خوف و حفظ من کل سوء و ان لاوليائهم بولايتهم عصمة لو سلکوا بها في لجج البحار الذاخرة و مهامة القفار الموحشة لامنوا من مخاوفها و عصموا من شدايدها و لذکرهم اقسام کثيرة افضلها ان تعلم انهم شاهدون لک في کل خلأ و ملأ و هم اقرب اليک منک و اولي بک منک و اوجد منک في مکانک واعلم بک منک فتستشعر دائما ذلک و تعلم انک حاضر لديهم يرونک و يسمعونک و يحصون ما يصدر منک و تستشعر الخوف منهم و کيف لاتخاف ذلک و لو اطلع عليک طفل مميز لمترتکب عنده موبقا و تستحيي منه و تخاف قبيحتک فکيف لاتخاف من اطلاع امامک و انت معتقد انه صاحب المرأي و المسمع و قادر عليک و هو محاربک باعمالک يوم ندعو کل اناس
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 167 *»
بامامهم فاستشعر ذلک دائما و قدمهم بين يديک في جميع حوائجک و ارادتک في کل احوالک و امورک و استعن بهم و استشعر عظمتهم فتأدب عندهم و لاترتکب ما يکرهونک بسببه و ما يبغضونه کما يتأدب العبد الذليل عند السلطان الجليل و تأدب بآدابهم و بما يحبونک بسببه و قد فصلنا ذلک في الارشاد و طريقالنجاة و غيرهما فراجع و لماکنت مشغولا بتزاور الناس و استوعب ذلک اوقاتي ماقدرت ان اکتب ازيد من ذلک و فيما ذکرت لک هيهنا عجالة کفاية و بلاغ و في کتابي طريق النجاة غنية لک و لاتحسبنه لغيرک بل انصب نفسک في محضر خطاباته و اعلم انک و امثالک المخاطبون به و لاتطلب معه وصية خاصة فانه من تسويلات نفس الکسلانين و المرجو ان لاتنساني من صالح دعائک في مظان الاجابة و السلام عليک و رحمة الله و برکاته.
کتبه العبد الاثيم کريم بن ابرهيم و فرغ منه ليلة الاحد الرابع من شهر جمادي الثانية من شهور السنة الثالثة و الثمانين من المأة الثالثةعشرة من الهجرة في بلدة طهران حامدا مصليا مستغفرا تمت.