رسالة الي محمد صادق خان في السلوک
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 153 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و سلام علي عباده الذين اصطفي.
و بعد اعلم يا اخي و قرة عيني ان الظاهر وعاء الباطن و كل وعاء لابد و انيناسب ما اودع فيه و كل مودع لابد و انيكون له مناسبة مع وعائه و ان الله سبحانه حكيم قادر عدل فلايضع شيئاً في غير موضع يليق به الاتري انه وضع روح السبع في جسد ذي انياب و مخالب و روح الطاير في جسد ذي اجنحة و رياش و روح الفرس في جسد ذي قوائم و حوافر و روح الانسان في جسد ذي ايدٍ و اصابع فالحكيم العدل العالم بما خلق لايضع باطناً الا في ظاهر يليق به فالباطن الكامل لاينزل الا في جسد ظاهر كامل و الباطن الناقص لايستقر الا في ظاهر ناقص فالذي يبتغي الكمال ينبغي له انيستكمل الظاهر اولاً حتي ينزل اليه الامداد الكاملة و يستكمل بذلك الا تري ما علم الله نبيه9 انيقول لأمته المدعين لمحبة الله التي هي اثر الكمال قال قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و قال تعالي لو استقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماء غدقاً و قال يا ايها الذين آمنوا انتتقوا الله يجعل لكم فرقاناً فان كنت تريد الكمال فاستكمل اولاً ظاهرك و ذلك يحصل لك ان شاء الله بانتوزع اوقاتك اثلاثاً فتجعل ثلثاً لتحصيل احكام الدين من العبادات و علم الاخلاق و علم المعرفة و صلواتك و نوافلك و اذكارك و مذاكرتك و مدارستك فمن ترك ذلك جهل ما به قوام الخلق و نظامهم و من جهل ما به قوامه فسوف يقع و تجعل ثلثاً في تحصيل الدنيا من الوجوه المأمورة بها فان كنت ذا كسب فكسبك و ان كنت ذا زرع فزرعك و ان كنت ذاتجارة فتجارتك و يتعلق بهذا الثلث معاشرة الناس من اهل رحمك و الاخوان و غيرهم و مراودتهم و زيارتهم فمن لميشتغل بالدنيا المأمورة و تحصيلها بعوض فيضطر الي تحصيلها بغير عوض و هو قسمان قسم بالاسترحام و الاستعطاف و هو التكدي و قسم بالقهر و الغلبة و ذلك قسمان اما بالعلانية فهو شيمة اهل الجور و اما بالخفية فهو شيمة
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 154 *»
اللصوص فاختر لنفسك ما يحلو و الطبع الكريم يأبي تحصيل الدنيا الا بعوض حتيلايمتن من احد و لايظلم احداً و تجعل ثلثاً آخر في تدبير منزلك فان من لميدبر منزله يذهب عياله ضياعاً و ملعون من ضيع عياله و يذهب ما جمع في بيته من ماله و ما به قوامه كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لايقدر علي شيء و يذهب سعيه في الثلث السابق ضياعاً و العمر اقصر من ذلك فدبر اهلك لقوله تعالي قوا انفسكم و اهليكم ناراً و دبر خيلك و حميرك و دوابك و عبيدك و امائك فانك ان لمتتعب نفسك في ثلث اوقاتك في تدبيرك ستتعب في كل اوقاتك و يذهب عمرك باطلاً فافد الثلثين بثلث تغنم فمن عمل بهذه الثلثة في ظاهره كمل ظاهره و بدت حكمته و استمتع به القريب و استفضله البعيد و رضيه الرب المجيد لانه عمل في الدنيا علي مقتضي غرض الله جل ذكره فاذا استكملت ظاهرك علي مقتضي ظاهر الانسانية المطابقة لغرض الله سبحانه نزل اليك الامداد الباطنية و حلت فيك النفس و قويت فأعن كمالها و استنزل حلولها بتعديل المزاج و تصحيح المنهاج كما قال اميرالمؤمنين7 اذا اعتدل مزاجها و صح منهاجها و فارقت الاضداد فقدشارك بها السبع الشداد و اوصيك في تعديل المزاج بثلث ان عملت بها استغنيت عن الطبيب الا انيبتليك الله ببلاء من خارج جسدك او شاء غير ذلك لاتأكل حتيتجوع فاذا اكلت فلاتشبع و لاتشرب حتيتظمأ فاذا شربت فلاترو و لاتأكل و لاتشرب الا من حلال فانك ان حفظت اكلك و شربك صح بدنك و اعتدل و صفي و قوي ثم تقدر علي طاعة ربك و ذا مرضت تركت السلوك الي ربك و بقيت مع الغابرين و اذا لمتجتنب الحرام قسي قلبك و اذا قسي لميتعظ و من لميتعظ لميقبل و من لميقبل ادبر و من ادبر حرم.
و اما تصحيح المنهاج فالمنهاج منهاجان منهاج الي الخلق و منهاج الي الخالق اما تصحيح منهاجك الي الخلق فاعلم ان الخلق علي ثلثة اصناف اخوان مصادقة و اخوان مكاشرة و اعادي اما اخوان المصادقة فعاشرهم كما تحب انتعاشر و عاملهم كما تحب انتعامل و اما اخوان المكاشرة فابذل لهم من نفسك و جاهك و
«* مکارم الابرار عربي جلد 13 صفحه 155 *»
مالك ما بذلوا لك و اما الاعداء فاحفظ نفسك و جاهك و مالك و اخوانك و اهلك عن شرهم و ضرهم بالمداراة و التقية بحفظ اليد و اللسان و العين و السمع فاحذر من انتترك التقية عنهم حذارك من الاسد فان من ترك التقية اضر علي المؤمنين من الناصب الكافر و تارك التقية كقاتل الائمة: فاحفظ نفسك عنهم و عمن لايحفظ عنهم.
و اما المنهاج الي الرب جل جلاله فاوصيك فيه ايضاً بثلث اسئل العلماء ما جهلت و اعمل بما علمت و ادم خدمة العلماء و لازمها فانهم سبيل الخالق و منهاجه فاذا اتيت بماذكرت لك اعتدل المزاج و صح المنهاج وشاركت بها السبع الشداد و قوي فيك اثر النفس و كمل فاذا كمل الجسد و النفس نزلت اليك الامداد العقلانية فأعن كمالها بالعبادة فان العقل ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان و اوصيك في العبادة بثلث الاقتصاد و عدم تحميل النفس مما تنضجر و ادمان ما اخترت من العبادة و ابتغاء وجه الله حسب لاخوفاً من نار و لاطمعاً في جنة و لاقصد رياء و لاسمعة و لاعز في الدنيا و لاجلب حطامها فانك ان عبدت الله علي ما ذكرت اشتد فيك العقل و قوي فيك اثره و كمل فاذا كمل فيك الجسد و النفس و العقل تجلي لك ضياء المعرفة و اشرق عليك نور المحبة و صرت من الخصيصين الاخيار المنتجبين الابرار و الشيعة الاطهار و اوصيك في هذا المقام بواحدة قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الاتخافوا و لاتحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون و استقم كما امرت و لاتتبع اهواء قوم قدضلوا و اضلوا كثيراً و صدوا عن سواء السبيل فهذه مجمل ما اردت ابرازه اليك و لو استقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماء غدقاً و لله امر هو بالغه و عسي الله انيأتي من بعد ذلك امرا و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين انتهي