رسالة في استعمال لفظة اثيم
من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني
مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعليالله مقامه
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 357 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي سادة الخلق اجمعين محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين ابدالآبدين.
و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابراهيم هلموا ايها الاخوان النبلاء بل ايها العقلاء و استمعوا الي قصة طريفة و حكاية ظريفة تارة تضحك الثكلي و تستخرج عجب النوكي و تارة تذر الاكباد حري و العيون عبري لعلكم تعتبرون من ابتلائي بقوم لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حكمة بالغة فما تغن الايات و النذر عن قوم لايؤمنون فمن ذا يساعدني منكم فاطيل معه البكاء ام من ذا يوافقني منكم فاشرح له نوائب البلاء أ فيكم من جلي قلبه عن رين الغرض و برأ صدره عن المرض فينظر في امري بنظر الانصاف و يعتبر من شأني في هذا المصاف و انما اشكو بثي و حزني الي الله و اعلم من الله ما لا تعلمون و لست ارجوكم في دفع نائبة و لا رفع بلية و لست ارجو انينجع شرحي لمظلوميتي و تظلمي في ظلمتي فانها قلوب قاسية و صدور جاسية لاينفذ فيها وتد و لو دق عليه الي آخر الابد و انما غرضي من بث شكواي الي الله انيطلع المعاصرون علي قبايح صنيع الاعادي الي فيرعووا عن اتباعهم و لايقتنصوا في شباكهم و يعرفوا الاشخاص بالعمل الصالح و حسن الايمان لا بالعباء و العصا و العمامة و الطيلسان و ليبقي الكتاب الي آخر الابد فيمر عليه قوم خلت صدورهم عن الميل الي واليهم فينظروا في كتبي بنظر الانصاف و يلعنوا صاحب الاعتساف و يقولوا سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون و يقولوا ألا لعنة الله علي الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجاً و هم بالآخرة هم كافرون و شؤن ابتلائي بالقوم جهات لاتحصي و امور لاتستقصي و قدذكرنا كثيراً منها في ساير كتبنا كـ سي فصل و هداية الطالبين و غيرها و انما غرضي من وضع
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 358 *»
هذه الرسالة انه قدارسل الي احد الاخوان صانه الله عن شر اهل الطغيان بكتاب فيه شكايةعن ابناء الزمان و كثرة اذي اهل البغي و العدوان فانهم قد هتكوا حريمنا و سلبوا اموالنا و شتموا اعراضنا و افتوا بحلية دمائنا و كتبوا سجلات علي قتلنا و شكونا الي كل حاضر و باد و كل من يريد ظلمنا بالحاد حتي ارسلوا الي السلاطين الرسائل و الي الوزراء الوسائل و قداعتدنا بذلك كله و صبرنا علي جميعه و هلموا الامر العجيب و الخطب الغريب ما شكاه ذلك الاخ الي من اعتراض بعض علمائهم علي في اقراري في الكتب بالخطيئات و اعترافي علي نفسي بالسيئات عند جبار السموات و باري البريات و عيبه بانه وصف نفسه في كتبه بالاثيم و ان ذلك اعتراف منه بعيب عظيم و قدح جسيم فهو بذلك الاعتراف مليم فيالله و للخطب العظيم و لهذا العماء عن الصراط المستقيم و الحيد عن طريقة الانبياء و المرسلين و الاولياء المرضيين و هل يتخلص الانسان عن معاصيه الا بالاعتراف و هل نجاة لاحد الا به في ذلك المصاف انصفوني يا عباد الله ادني انصاف أليس قد روي في الكافي عن علي الاحمسي عن ابي جعفر عليه السلام قال والله ما ينجو من الذنب الا من اقر به و عن معوية بن عمار قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ما خرج عبد من ذنب الا باقرار انتهي. أليس ذلك من ضروريات مذاهب الانبياء و المرسلين و هل نجاة لاحد الا به هذا و ما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي و اني مقر بخطيئتي و اثمي و سواد وجهي في الدارين كره العدو مني ذلك او رضي و لا حيلة لي في النجاة الا بذلك كما لمتكن لاحد من الخلق و سمعت ان بعضهم عاب علي ذلك بان الاثم ذنب قلبي و ذكر آية آثم قلبه ظاهراً و قال فذلك اعتراف منه بذنب قلبه و اعراضه عن ربه فاعتبروا يا قوم هل علي المرء المؤمن غضاضة في دينه انيعترف عند ربه بذنبه و لو بذنب قلبه أليس في دعاء الصادق عليه السلام و كان يقراؤه في آخر شعبان و اول شهر رمضان ليلاً اللهم ما كان في قلبي من شك او ريبة او جحود او قنوط او فرح او بذخ او بطر
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 359 *»
او خيلاء او رياء او سمعة او شقاق او نفاق او كفر او فسوق او عصيان او عظمة او شيء لاتحب فأسألك يا رب انتبدلني مكانه ايماناً بوعدك و وفاء بعهدك و رضاً بقضائك و زهداً في الدنيا و رغبة فيما عندك و اثرة و طمأنينة و توبة نصوحاً الدعاء. فاي وصمة علي المؤمن من اعترافه بذنب قلبه و هل خلق احد منا معصوماً عن الاثام و الذنوب العظام و اذا كان المعصوم يعترف كذلك فما بالنا نبطر عن الاعتراف و نراه عيباً في المصاف و ان زعم زاعمهم ان الاثم مذموم في الكتاب فاقول اي ذنب و خطيئة ممدوحة فيه و قد ذم الله كل عاص و مسيء و خاطئ فكما جاز الاعتراف بتلك الالفاظ جاز بهذا اللفظ و الشاهد علي ذلك من الكتاب قول هابيل الذي كان وصي آدم و صاحب الاسم الاعظم و وارث النبوة و راقي مراق العصمة اني اريد ان تبوء باثمي و اثمك فتكون من اصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين و هل ذلك الا اعتراف من المعصوم بالاثم و هل الاثيم الا صاحب الاثم و قداعترف بالاثم من هو اشرف من هابيل و ابيه عليهما السلام و هو سيد الساجدين و زين العابدين عليه السلام اللهم اني اعتذر اليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم انصره و من معروف اسدي الي فلم اشكره و من مسيء اعتذر الي فلم اعذره و من ذي فاقة سألني فلم اوثره و من حق ذي حق لزمني لمؤمن فلماوفره و من عيب مؤمن ظهر لي فلماستره و من كل اثم عرض لي فلماهجره الدعاء.
و في وداع شهر رمضان اللهم و ما الممنا به في شهرنا هذا من لمم او اثم الدعاء. و في دعائه في التضرع و الاستكانة انتعذب فانا الظالم المفرط المضيع الآثم المقصر الدعاء. و هل الآثم الا الاثيم ثم يقول الله سبحانه يوم يعض الظالم علي يديه و يقول يا ليتني لماتخذ فلاناً خليلاً و هو اي الظالم ابوبكر و هو اعظم من ابي جهل بتفسير اهل البيت و لا نسبة بينهم و بين الفيروز آبادي و يقول الله سبحانه لعنة الله علي الظالمين فهل نقص علي الامام عليه السلام اذا اعترف بانه ظالم و هل يمكنكم انيقولوا ان الظالم هو ابوبكر لم وصفتم نفسكم به و في دعائه عليه السلام في طلب التوبة عالم بان
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 360 *»
العفو عن الذنب العظيم لايتعاظمك و ان التجاوز عن الاثم الجليل لايستصعبك الي غير ذلك مما في الادعية فما بالهم و ما داؤهم و ما دواؤهم في اذاي في اعترافي بالاثم و قداعترف بالاثم من هو خير من زين العابدين عليه السلام و هو اميرالمؤمنين عليه السلام في دعاء يوم السبت حيث يقول فقد اوبقتني الذنوب في مهاوي الهلكة و احاطت بي الاثام الدعاء و هل عيب عليه باقراره باحاطة الاثام عليه و يقول في دعاء يوم الاحد له عليه السلام سالمت الايام باقتراف الاثام و انت ولي الانعام ذوالجلال و الاكرام و في دعاء يوم الاثنين اللهم اني اسئلك يا من يصرف البلايا و يعلم الخطايا و يجزل العطايا سؤال نادم علي اقتراف الآثام و سالم علي المعاصي من الليالي و الايام الدعاء. و في دعائه في يوم الخميس عد بفضلك علي عبد غمره جهله و استولي عليه التسويف حتي سالم الايام فاعتقد المحارم و الآثام و في نسخة الصحيفة العلوية فارتكب المحارم و الآثام الدعاء. و هل مرتكب الاثم الا الاثيم فما بالهم يؤذونني في اعترافي باثمي و اما عيبهم علي بان الاثيم قد جاء في اللغة بمعني الكذاب و هو ابوجهل فليس كتب اللغة اعظم من القرآن و لميمدح فيه مسمي واحد من الالفاظ الموضوعة علي العصاة و الخاطئين و لا باعظم من اخبار الائمة الاطياب عليهم صلوات الله الوهاب و كل خطيئة و اثم و ذنب و عصيان راجع الي اعدائهم كما روي اعداؤنا اصل كل شر و من فروعهم كل فاحشة و قد روي عن الصادق عليه السلام ان القرآن له ظهر و بطن فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر و الباطن من ذلك الائمة الجور و جميع ما احل الله في الكتاب هو الظاهر و الباطن من ذلك الائمة الحق انتهي. فليكن الاثيم اسم ابيبكر و لايكن اسم ابي جهل و هل خالف المرء المسلم ائمته عليهم السلام اذا اعترف باثمه و خطيئته و هل يقدرون انيقولوا لامامهم حيث يعترف بالسيئات ان حقيقة السيئات باعترافكم ابوبكر و عمر و عثمان و حيث قلتم اعداؤنا اصل كل شر و من فروعهم كل فاحشة و هل يسعهم انيعترضوا علي ائمتهم المعصومين انكم قلتم في حديث داود بن فرقد
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 361 *»
عدونا في كتاب الله الفحشاء و المنكر و البغي و الخمر و الميسر و الانصاب و الازلام و الاصنام و الاوثان و الجبت و الطاغوت و الميتة و الدم و لحم الخنزير و في حديث فضل بن شاذان عدونا اصل كل شر و من فروعهم كل قبيح و فاحشة فهم الكذب و النميمة و البخل و القطيعة و اكل الربا و اكل مال اليتيم بغير حق و تعدي الحدود التي امر الله عزوجل و ركوب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن من الزنا و السرقة الخبر. و قداعترفتم في ادعيتكم بالمعاصي و السيئات حتي قلتم عصيتك بعيني و لو شئت اعميتني فلم تفعل ذلك بي و عصيتك بسمعي و لو شئت اصممتني فلمتفعل ذلك بي و عصيتك بيدي و لو شئت لكنعتني فلمتفعل ذلك بي و عصيتك برجلي و لو شئت جذمتني فلمتفعل ذلك بي و عصيتك بفرجي و لو شئت عقمتني فلمتفعل ذلك بي و عصيتك بجميع جوارحي و لميك هذا جزاؤك مني الدعاء. و حقيقة المعاصي اعداؤكم فلم تسميتم باعتراف انفسكم باسماء اعدائكم فان كان يجوز هناك يجوز انيعيبوا علي بان الاثيم يلقب به ابوجهل و الاثيم بمعني الكذاب و قدعرفت ان جميع المعاصي القاب ابيبكر و عمر و عثمان و هم شر من ابي جهل و اعترف بكثير منها بل بكلها عموماً اصول الخيرات و سادة البريات عليهم آلاف التسليمات فاذا لميكن عيب عليهم انيتسموا بالمعاصي مع انها اسماء ابي بكر و عمر جاز لمتابعيهم ان يتسموا تخضعا لله سبحانه باسماء هي اسم اعدائهم هذا و هذا جعفر قداتي في اللغة بمعني الناقة و الباقر اسم جمع للبقر و اتي بمعني الاسد و هل يحتمل عيب علي الامامين بتسميتهم بالاسمين و كذا موسي اسم لما يحلق به و لا اظن عاقلاً يعيب علي امرء بامثال ذلك فياسبحان الله و هل علي المرء المسلم غضاضة انيعترف عند مولاه بالتقصير في الخدمة و العصيان و هل بحثهم في هذا الا كبحث فادري الانجليس علي المسلمين حيث ظن ان الانسان خاطئ و لايسعه كفارة معاصيه و لابد له من نبي يكفر ذنبه و يشفع له و محمد صلي الله عليه و آله لايجوز انيكون شفيعاً لانه قداقر بنفسه في ادعيته
«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 362 *»
بالذنب و قدحكم الله عليه في كتابه بالذنب حيث يقول انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر فاذا كان هو باعترافه مذنباً كيف يجوز انيشفع للمذنبين فعابوا عليه باعترافه بالاثم فلميخالف حمراؤها صفراها و كما اجبنا ذلك الفادري في كتاب (نصرة الدين) اجبنا هؤلاء و الحمد لله هذا و لست انا باول معترف بالاثم و قداعترف به ممن تقدم علينا من العلماء السيد المحدث صاحب الدرر حيث قال في اول كتابه اما بعد فيقول العبد المذنب الاثيم ابن محمد جواد بن عبدالله بن نور الدين بن نعمة الله الموسوي عبدالكريم جعلهم الله ممن اتي الله بقلب سليم و عمل قويم و كتابه في الفقه معروف بالجملة الي الله اشكو من معشر جهال و فريق ضلال لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حكمة بالغة فما تغن النذر عن قوم لايؤمنون كتبه العبد الخاطئ الجاني الاثيم كريم بن ابراهيم في الثاني عشر من شهر ربيع الثاني من شهور سنة اثنتين و سبعين بعد المأتين و الالف حامداً مصلياً مستغفراً تمت.