09-05 مکارم الابرار المجلد التاسع ـ رسالة في جواب الآقا محمد رضا ـ مقابله

 

 

 

رسالة في جواب الآقا محمد رضا

 

من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعلي‌الله مقامه

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 341 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و الهداة المهديين و لعنة الله علي اعدائهم ابد الآبدين.

و بعد يقول العبد الاثيم كريم بن ابراهيم انه قدالقي الي الجناب الاكرم الاجل و الافخم الانبل المرتضي المجتبي جناب الآقا محمد رضا بن الجناب المعظم المكرم الحاج حسيب بلغه الله منتهي آماله كتاباً و ذكر انه قدكتبه بعض الاخوان قد سأل عن عبارة من الرسالة العرشية لملا صدرا و عن ما كتبه شيخنا الاجل الاوحد الشيخ احمد اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه تعليقاً عليه في الفرق بين الكلام و الكتاب و القاه الي حين تبلبل البال و اختلال الحال و كثرة الاشغال فبادرت الي جوابه راجياً من الله حسن صوابه و اذكر عبارة الكتاب كالمتن و بيانه كالشرح كما هو عادتي في ساير اجوبة المسائل

قال سلمه الله الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد و آله اجمعين:

ابكي الي الشرق ان كانت منازلكم

من جانب الغرب خوف القيل و القال

اقول قداراد ان‌يبين بهذا الشعر شدة تقيته و حذره من الناس ان‌يعيروه بكثرة شوقه و بكائه من شدة اشتياقه و لايخفي عليك ان محض القيل و القال لايوجب التقية و الاعراض عما يجب التوجه اليه و ان للتقية حداً من تعداه لم‌يوجر و من قصر فيه اثم و القي بنفسه الي التهلكة و قدقال الباقر عليه السلام التقية في كل ضرورة و صاحبها اعلم بها حين تنزل به و قال عليه السلام التقية في كل شيء اضطر اليه ابن آدم فما لم يكن ضرورة و لا اضطرار يسوغ  ترك الفريضة لا تقية و قدشرح الصادق عليه السلام اياها و حدها و قال ان للتقية

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 342 *»

مواضع من ازالها عن موضعها لم‌تستقم له و تفسير ما يتقي مثل ان‌يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم علي غير حكم الحق و فعله كل شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي الي الفساد في الدين فانه جايز انتهي. فمحض القيل و القال لايوجب تقية و الا لم‌يخضر للاسلام عود و لم‌يقم له عمود فان السنة الناس لاتضبط و رضاهم لايملك و الخوف علي فقد النفع المظنون او المعلوم او حصول الضرر الموهوم ليس من محل التقية في شيء اللهم الا ان‌يكون كما قال الصادق عليه السلام ان‌يكون قوم ساء فعلهم و حكمهم و هم ظاهرون غالبون معاندون للحق و من اتبعه فح يجب علي المؤمن ان‌يخالطهم بالبرانية و يخالفهم بالجوانية مادامت الامرة صبيانية و ينتظر الفرج الي ان يظهر الله الحق و اهله.

قال: فالمأمول من مولي الانام و الكافل للايتام ان‌يمن علي المخلص المستهام بتبيين المرام فيما ذكره العلام الفهام و الواسطة بيننا و بين الامام شيخنا و سيدنا اعلي الله مقامه و بلغه منتهي مرامه في شرح الرسالة العرشية رداً علي مصنفه حيث يقول في بيان الكلام و الكتاب و الفرق بينهما كالفرق بين آدم و عيسي ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون و آدم كتاب الله المكتوب بيدي قدرته و عيسي قوله الحاصل بامره و كلمته ألقاها الي مريم و روح منه و المخلوق باليدين في باب التشريف ليس كالموجود بحرفين و من زعم خلاف ذلك اخطأ انتهي. و قال اعلي الله مقامه و التشبيه في الفرق ليس بصحيح لانه يلزم ان‌يكون عيسي كتاباً و آدم كلاماً و قدذكر قبل ان الكلام اعلي من الكتاب و يلزم من هذا تفضيل آدم علي عيسي و هو خلاف ما اجمع عليه المسلمون الي آخر ما اورد عليه و يقول من يحذو حذو المصنف و يقول بقوله جمع الله بينهم و بينه ان كلامه صريح في خلاف ما اورد عليه و نسب اليه لانه ذكر قبل ان الكلام اعلي من الكتاب و صرح هنا بان آدم كتاب الله و وقع بيني و بينهم مخاصمات و رجعنا الي العلماء فبعضهم سكتوا و بعضهم قال بقولهم و من كان بهذا البلد من الطائفة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 343 *»

العلية الشيخية تحيروا و بالجملة هذه داهية كبري و بلية عظمي و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

اقول من نعم الله علي الاولياء ان‌يكون خصمهم عظيم النفس في ما هو عليه ذا عظم رزين و مروة متينة ينصف خصمه و يعرف شأنه و من اعظم الرزايا عليهم ان‌يكون عدوهم ذا نزق و خرق لاينصف اذا حوكم و لايعرف مقدار خصمه أ يحسبون هؤلاء ان الشيخ اعلي الله مقامه لم‌يكن له من العلم نصيب مقدار ان‌يعرف كلام القوم و ان‌لايورد ما لايرد و يوقع نفسه الي الابد في موقع اللوم و الله ما انصفوه و لم‌يعرفوا شأنه و انا اورد لك كلام الملا صدرا بتمامه حتي‌يعرف كل غبي و عاقل و عالم و جاهل ان الذين يتكلمون في حقه اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه لم‌يتدبروا في كلام استادهم و سنادهم و ملجائهم و عمادهم و لم‌يعرفوه بل اوضح الشيخ اعلي الله مقامه و رفع في الدارين علامه جميع ما فيه و كشف و بين ظاهره و خافيه و حمي عنه ما امكنه بل ربما ذكر فيه من الاحتمالات ما لم‌يحسنه المصنف مع انه اعلي الله مقامه لم‌يقصد في شرحه قصد ساير المصنفين من المناقشة او التعمد علي الرد لهواجس نفسانية و انما اراد تصحيح الاعتقادات و لم‌يتكلم في العبارة الا اتفاقاً و استطراداً كما سيتضح لمن تدبر في كتابه

 قال الملا صدرا قاعدة في كلامه سبحانه الكلام ليس كما قالته الاشاعرة صفة نفسية و معان قائمة بذاته تعالي سموها الكلام النفسي لانه غير معقول و الا لكان علماً لا كلاماً و ليس عبارة عن مجرد خلق الاصوات و الحروف الدالة علي المعاني و الا لكان كل كلام كلام الله تعالي و لايفيد التقييد بكونه علي قصد اعلام الغير من قبل الله تعالي او علي قصد الالقاء من قبله اذ الكل من عنده و لو اريد بلاواسطة فهو غير جايز ايضاً و الا لم‌يكن اصواتاً و حروفاً بل هو عبارة عن انشاء كلمات تامات و انزال آيات محكمات و اخر متشابهات في كسوة الالفاظ و عبارات و الكلام قرآن و فرقان باعتبارين و هو غير الكتاب لانه من عالم الخلق و

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 344 *»

ما كنت تتلو من قبله من كتاب و لا تخطه بيمينك اذاً لارتاب و الكلام من عالم الامر و منزله القلوب و الصدور لقوله نزل به الروح الامين علي قلبك باذن الله و قوله بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم و الكتاب يدركه كل احد و كتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة و الكلام لايمسه الا المطهرون من ادناس عالم البشرية و القرآن كان خلق النبي صلي الله عليه و آله دون الكتاب و الفرق بينهما كالفرق بين آدم و عيسي عليهما السلام ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون و آدم كتاب الله المكتوب بيدي قدرته.

و انت الكتاب المبين الذي

باحرفه يظهر المضمر

و عيسي قوله الحاصل بامره و كلمته القاها الي مريم و روح منه و المخلوق باليدين في باب التشريف ليس كالموجود بحرفين و من زعم خلاف ذلك اخطأ هذا تمام كلامه في هذه القاعدة و هل فيه اشكال يخفي علي مثل الشيخ الطود الكبير و الحبر النحرير نعم صدر كلامه ظاهر في ان الكلام اشرف من الكتاب و قال في ذيل كلامه ان آدم كتاب الله و عيسي كلمة الله لكن ما حققه الشيخ في اضطراب كلامه و عدم انسجام معناه و اختلافه مع ما هو الواضح من مذهبه و مذهب المسلمين من جهة اخري و ان كان سوابق كلماته ايضاً مختلة النظام و منحلة الزمام كما فسره الشيخ و اوضحه لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد و لما كان سؤالكم عن تطبيق قول الشيخ اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه مع اضطراب كلامه و اختلال نظامه و رفع الاشكال الناشيء عن عدم التدبر في الكلامين اقتصرنا علي محض رفع الاشكال و لو زدتم في السؤال حرفاً واحداً لزدنا في الجواب فلنذكر كلام الشيخ اعلي الله مقامه بتمامه كما ذكرنا كلام المصنف حتي‌يتبين مرامه

و قدقال الشيخ اعلي الله مقامه في شرحه علي العرشية و قوله و الفرق بينهما اي بين القرآن و الكتاب كالفرق بين آدم و عيسي يريد ان القرآن لايتعين

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 345 *»

و لايتشخص بخلاف الكتاب فانه متشخص ظاهر يدركه كل احد و قدقدمنا ان الحق انهما شيء واحد يختلف اسماؤه باختلاف احواله و يريد ان الفرق بينهما كالفرق بين آدم و عيسي و التشبيه في الفرق يقتضي ان‌يكون آدم اشرف من عيسي علي فرض ارادته من ضمير خلقه يعود الي عيسي لكون خلق آدم من تراب معلوماً و لقوله تعالي في حق عيسي اذا قضي امراً فانما يقول له كن فيكون و يعلمه  الكتاب و الحكمة الاية و يشهد لهذا ظاهر قوله و المخلوق باليدين يعني يدي قدرته في باب التشريف بمعني انه شرفه اي آدم عليه السلام حتي ان خلقه بيديه ليس كالموجود بحرفين اللذين هما بمنزلة اصبعين اقل من اليدين فيستفاد من هذا و نحوه ان آدم كالقرآن و عيسي كالكتاب و قدذكر اشرفية القرآن علي الكتاب فيكون آدم اشرف من عيسي و يؤيد هذا قوله و من زعم خلاف ذلك اي خلاف ان المخلوق باليدين كآدم اشرف من الموجود بحرفين كعيسي فقداخطأ لان المسلمين متفقون علي ان عيسي افضل من آدم بلاخلاف بين احد من الفريقين و لم‌يوجد لاحد من المسلمين و لا غيرهم قول بان آدم افضل لتصرف قوله فقد اخطأ اليه و اذا نظرنا الي قوله و آدم كتاب الله المكتوب بيدي قدرته و استشهاده بما ينسب الي اميرالمؤمنين عليه السلام من قوله:

و انت الكتاب المبين الذي

باحرفه يظهر المضمر

و الي قوله في عيسي و عيسي قوله الحاصل بامره و كلمته القاها الي مريم و روح منه دل علي عكس المعني السابق فان القول و القرآن اشرف من الكتاب فيكون عيسي اشرف من آدم الا ان فهم هذا المعني من كلامه مرجوح لان احداً لم‌يقل بان آدم اشرف من عيسي ليصح قوله و من زعم خلاف ذلك فقد اخطأ و يؤيد الثاني قوله في حق آدم المخلوق باليدين فان ما ينسب اليه الخلق خصوصاً علي طريقة المصنف فانه مفضول مرجوح و قوله في حق عيسي الموجود بحرفين فانه فاضل راجح لانه نسب اليه الوجود فعبارته و ان كانت ظاهرة في المعني الاول الا انها محتملة للثاني فيكون كلامه مضطرباً و مأخذ دليله علي الاحتمالين مدخول فان توهم الشمول في آدم لايستلزم الاشرفية و معارض بمحمد صلي الله عليه و آله

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 346 *»

و عيسي من اولي العزم و في آدم نزلت و لم‌نجد له عزماً و لارادة الكاف و النون من اليدين و ضمير خلقه عايد الي آدم الذي هو اقرب فيكون هو الموجود بالامر فكما يجوز ان‌يكون بالحرفين عيسي يجوز ان‌يكون آدم و كما يحتمل الحرفان كن يحتمل اليدان كن انتهي كلامه اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه فانظر كيف انصف خصمه و جهد غاية الجهد في حل كلامه و تبيين مرامه و احتمل جميع ما يحتمل العبارة و لو علي نحو الاشارة و نحن نشرح كلامه اعلي الله مقامه فقرة فقرة و نبين مرامه و لا حول و لا قوة الا بالله.

قال اعلي الله مقامه و التشبيه في الفرق يقتضي ان‌يكون آدم اشرف من عيسي.

اقول اي تشبيه الكلام بعيسي و الكتاب بآدم في الفرق بين الكلام و الكتاب علي ما حققه و فصله و شرحه يقتضي ان‌يكون آدم اشرف من عيسي لا لاجل انه شبه الكلام بعيسي و الكتاب بادم بل لاجل انه صرح و اوضح بقوله و المخلوق باليدين في باب التشريف ليس كالموجود بحرفين و المراد بالمخلوق باليدين آدم عليه السلام حيث يقول الله في شأنه لما خلقت بيدي و في القدسي خمرت طينة آدم بيدي اربعين صباحاً و قال ان ذلك من باب التشريف حيث اضاف خلقته الي اليدين و الموجود بحرفين هو عيسي و اراد بحرفين قوله تعالي كن حيث يقول الله سبحانه في حق عيسي اذا قضي امراً فانما يقول له كن فيكن و يعلمه الكتاب و الحكمة فعيسي وجد بحرفين و آدم خلق باليدين و هو يقول المخلوق باليدين ليس كالموجود بحرفين يعني ان المخلوق باليدين اشرف و اعظم و هذا القول يتبادر منه اشرفية المخلوق باليدين من الموجود بحرفين و آدم هو الكتاب علي ما شبه و عيسي هو الكلام و هذا يقتضي ان‌يكون الكتاب اشرف من الكلام و هذا نقض في كلامه لا في كلام المفسر لكلامه و لهذا قال اعلي الله مقامه فيكون كلامه مضطرباً و لم‌يحتم الشيخ هذا المعني و انما ذكره علي احتمال كلامه لذلك المعني و لاجل ذلك احتمل احتمالاً آخر كما يأتي.

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 347 *»

قال اعلي الله مقامه علي فرض ارادته من ضمير خلقه يعود الي عيسي لكون خلق آدم من تراب معلوماً و لقوله تعالي في حق عيسي اذا قضي امراً فانما يقول له كن فيكون و يعلمه الكتاب و الحكمة الاية. و يشهد لهذا ظاهر قوله و المخلوق باليدين يعني يدي قدرته في باب التشريف بمعني انه شرفه اي آدم حتي خلقه بيديه ليس كالموجود بحرفين اللذين هما بمنزلة اصبعين اقل من اليدين فيستفاد من هذا و نحوه ان آدم كالقرآن و عيسي كالكتاب و قدذكر اشرفية القرآن علي الكتاب فيكون آدم اشرف من عيسي.

اقول علي فرض ارادته يعني ارادة المصنف و فهمه من الآية او ارادة الله من ضمير خلقه في قوله مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب اي خلق عيسي من تراب كما خلق آدم من تراب لكون خلق آدم من تراب معلوماً و انما يشبه الاخفي بالاظهر و خلقة آدم كانت معلومة انه من تراب و خلقة عيسي كانت مجهولة فمثل الله لخلقة عيسي خلقة آدم و بين بتشبيهه ان عيسي ايضاً خلق من تراب و ان كان ظاهرا بنفخ روح القدس فان عيسي خلق من نطفة مريم و نفخ روح القدس كان بمنزلة رائحة ماء الرجل العاقد لنطفة المرأة كما حقق في محله ان نطفة المرأة اصل في طينة الولد و ان نطفة المرأ كالانفحة في اللبن تعقده و تغلظه و نطفة مريم كانت اصلاً في خلقة عيسي و هي من التراب فكما ان آدم خلق من تراب كذلك خلق عيسي من تراب و المرجح لعود الضمير الي عيسي من وجه ما ذكرنا من لزوم كون المشبه به ظاهراً و المشبه خفياً و الظاهر لايحتاج الي شرح و انما يحتاج الي الشرح الاخفي فضمير خلقه راجع الي عيسي الذي خلقته مجهولة و يرجحه ايضاً قوله تعالي في حق عيسي اذا قضي امراً فانما يقول له كن فيكون و هنا ايضاً قال خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فتلك الاية ايضاً قرينة لان‌يكون ضمير خلقه و له في هذه الآية عايداً الي عيسي عليه السلام فعلي فرض ان الضمير راجع الي عيسي و قول كن تعلق به و صار هو موجودا بحرفين و شهد لذلك قوله فيما بعد و المخلوق باليدين في باب التشريف ليس كالموجود

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 348 *»

بحرفين يلزم اشرفية آدم علي عيسي لانه في باب التشريف ذكر المخلوق باليدين كما قال المصنف و حمل الخلقة باليدين علي التشريف و قال آدم كتاب الله المخلوق بيدي قدرته و عيسي قوله الحاصل بامره و كلمته و القول و الكلمة جزؤ من الكتاب و الكل اشرف من الجزء فعلي هذا الفرض و هذا الاحتمال لزم اشرفية آدم علي عيسي كما لايخفي و لاشك ان هذا النحو من البيان الذي بينه المصنف مناف لما قدمه من اشرفية الكلام علي الكتاب و هذا من اضطراب عبارته لان من اشتباه الشارح اعلي الله مقامه في فهم كلامه فان علي الشارح ان‌يبين المرام و يشرح ما يقتضيه الكلام و يورد عليه ما يرد من النقض و الابرام.

قال اعلي الله مقامه و يؤيد هذا قوله و من زعم خلاف ذلك اي خلاف ان المخلوق باليدين كآدم اشرف من الموجود بحرفين كعيسي فقد اخطأ لان المسلمين متفقون علي ان عيسي افضل من آدم بلاخلاف بين احد من الفريقين و لم‌يوجد لاحد من المسلمين و لا غيرهم قول بان آدم افضل لتصرف قوله فقد اخطأ اليه.

اقول و مما يؤيد هذا الاحتمال الذي ذكره اعلي الله مقامه بعد ان جعل آدم كتاب الله المخلوق بيدي قدرته و عيسي كلمته الموجودة بحرفين و هما قوله كن و قال و المخلوق باليدين في باب التشريف ليس كالموجود بحرفين و قال و من زعم خلاف ذلك اي خلاف ان المخلوق باليدين اشرف من الموجود بحرفين فقد اخطأ و لا سبيل الي ارجاع قوله و من زعم خلاف ذلك اي خلاف ان عيسي اشرف من آدم اذ نحو هذا القول مؤذن بوجود الخلاف و لا خلاف و يحتمل وجود المخالف في ان المخلوق باليدين ليس باشرف من الموجود بحرفين بل موجود فخطأ المخالف و اثبت علي زعمه اشرفية المخلوق باليدين كما اراد و لزمه علي قوله ذلك اشرفية الكتاب علي القرآن فقول الشارح اعلي الله مقامه لان المسلمين تعليل لارجاع قوله ذلك الي ما ارجعنا.

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 349 *»

قال اعلي الله مقامه و اذا نظرنا الي قوله و آدم كتاب الله المكتوب بيدي قدرته و استشهاده بما ينسب لاميرالمؤمنين عليه السلام

و انت الكتاب المبين الذي

باحرفه يظهر المضمر

و الي قوله في عيسي و عيسي قوله الحاصل بامره و كلمته القاها الي مريم و روح منه دل علي عكس المعني السابق فان القول و القرآن اشرف من الكتاب فيكون عيسي اشرف من آدم الا ان فهم هذا المعني من كلامه مرجوح لان احدا لم‌يقل بان آدم اشرف من عيسي ليصح قوله و من زعم خلاف ذلك فقد اخطأ.

اقول انظر كيف جد الشارح في ذكر ما يحتمل في كلامه و سعي ان‌ينقح كلامه و يبين مرامه فقال لما نظرنا الي ما قدم من الكلام و قال ان القرآن و القول و الكلام اشرف من الكتاب ثم جاء هنا و شبه آدم بالكتاب مع انه مفضول اجماعاً و شبه عيسي بالقرآن مع انه فاضل اجماعاض دل علي ان عيسي اشرف من آدم كما هو المعروف من المسلمين و كما ان القرآن افضل من الكتاب لكن هذا الاحتمال و فهم هذا المعني من كلامه مرجوح في كلامه لوجوه الاول انه جعل المخلوق باليدين آدم اقتباساً من القرآن و عيسي موجوداض بحرفين ثم قال و ليس المخلوق باليدين في باب التشريف كالموجود بحرفين و هذا الكلام يفيد اشرفية آدم علي عكس ما اردنا و ان قلت ان معني الكلام ان المخلوق باليدين ليس كالموجود بحرفين يعني ان الموجود بحرفين اشرف فذلك علي خلاف سبك العربية مع ان القرائن التي في كلامه تدل علي خلاف هذا المعني و هو قوله في باب التشريف و قوله و من زعم خلاف ذلك لانه لم‌يقل احد ان آدم اشرف من عيسي و ان قلت ان الموجود بحرفين آدم ارجاعاً لضمير خلقه في الاية خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الي آدم فيكون آدم مخلوقاً من تراب كما هو المعروف و هو الموجود بحرفي كن فلايبقي وجه لجعل عيسي مخلوقاً باليدين و لا شاهد له من كتاب و سنة بل الكتاب يشهد بخلاف ذلك فانه قال في آدم لما خلقت بيدي و في الحديث خمرت طينة آدم بيدي اربعين صباحاً اللهم الا ان يراد باليدين الكاف و النون المتعلقتين بعيسي فمن حيث تعلق الكاف و النون بآدم عبر عنهما بحرفين

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 350 *»

و من حيث تعلقهما بعيسي عبر عنهما بيدين و حينئذ لاينطبق اول كلامه مع ذيله و من زعم خلاف ذلك فقد اخطأ مع ان اخذهما من حيث كذا و من حيث كذا يدخل الكلام في حيز الالغاز و المعميات و بعيد جداً فلايمكن هذا الاحتمال ان‌يكون راجحاً فتبين ان احتمال ان عيسي اشرف من آدم علي حسب سبك العبارة هذه مرجوح و ان كان مقتضي اجماع المسلمين و مقتضي سابق كلامه من ان القرآن اشرف من الكتاب ان عيسي اشرف من آدم.

قال اعلي الله مقامه و يؤيد الثاني قوله في حق آدم المخلوق باليدين فان ما ينسب اليه الخلق خصوصاً علي طريقة المصنف فانه مفضول مرجوح و قوله في حق عيسي الموجود بحرفين فانه فاضل راجح لانه نسب اليه الوجود.

اقول: ما انصف الشارح اعلي الله مقامه لخصمه و مااكثر جده في الاصلاح علي قوله تعالي ما اريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله فقال من المؤيدات لان معني كلامه ان عيسي اشرف من آدم نسبته المخلوقية الي آدم و الموجودية الي عيسي فان نفس الموجود اعم من المخلوق فكل مخلوق موجود و كل موجود ليس بمخلوق فنسبة الموجودية الي عيسي لاجل التشريف و التعظيم و نسبة المخلوقية الي آدم دال علي كونه ادني خصوصاً علي طريقة المصنف فانه يري ان حقيقة الوجود ليس بمخلوق و انما هو الوجود الحق جل شأنه و انما الخلق اظهار شئون الوجود و هو عارض عليه و تابع له فالموجود اشرف من المخلوق فنسبته الخلق الي آدم و الوجود الي عيسي يؤذن بانه اراد اثبات اشرفية عيسي ولكن تصريحه بان آدم مخلوق باليدين و عيسي بحرفين و قوله ليس المخلوق باليدين في باب التشريف كالموجود بحرفين و تزييله ذلك و من زعم خلاف ذلك فقد اخطأ يضعف هذا الاحتمال.

قال فعبارته و ان كانت ظاهرة في المعني الاول الا انها محتملة للثاني فيكون كلامه مضطرباً.

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 351 *»

اقول بعد هذا التصريح كيف يمكن ان‌يتوهم متوهم انه اتهمه في مراده و ظلمه في صرف كلامه عن مراده و انما ذكر الاحتمالين و لم‌يبت علي احدهما و ذكر قرينة كلا الاحتمالين و مؤيدهما و شاهدهما ان الله لايظلم الناس شيئاً ولكن الناس انفسهم يظلمون و اوليائه المتأدبون بآدابه المتصفون بصفاته ايضا كذلك فما ربك بظلام للعبيد.

قال و مأخذ دليله علي الاحتمالين مدخول فان توهم الشمول في آدم لايستلزم الاشرفية و معارض بمحمد (ص) و عيسي (ع) من اولي العزم و في آدم نزلت و لم‌نجد له عزماً.

اقول: مأخذ دليله علي كلا الاحتمالين اللذين ذكرنا مدخول اما وجه مدخولية الاحتمال الاول اي اشرفية آدم فان توهم الشمول في آدم لاجل انه كتاب و يشمل القول و الكلمة لان الكتاب كل يشمل علي سور شاملة لآي شاملة لكلمات و هو جعل عيسي كلمة فكانه توهم شمول آدم عيسي فلايستلزم توهم هذا الشمول اشرفية آدم فان الله جعل محمدا (ص) كلمة منه كما قال فتلقي آدم من ربه كلمات و محمد صلي الله عليه من تلك الكلمات و ليس آدم اشرف من محمد صلي الله عليه و آله او توهم شمول آدم في صلبه جميع ذريته لايستلزم اشرفيته علي المشمول فان محمدا صلي الله عليه و آله من صلبه و ليس آدم اشرف منه بالضرورة و كذلك لايستلزم شموله اشرفيته علي عيسي فان عيسي من اولي العزم اجماعاً و ان الله سبحانه يقول في آدم عهدنا الي آدم من قبل فلم نجد له عزماً و ذو العزم اشرف ممن لا عزم له فهذه وجه مدخولية الاحتمال الاول.

قال و لارادة الكاف و النون من اليدين و ضمير خلقه عايد الي آدم الذي هو اقرب فيكون هو الموجود بالامر و كما يجوز ان‌يكون بالحرفين عيسي يجوز ان‌يكون آدم و كما يحتمل الحرفان كن يحتمل اليدان كن.

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 352 *»

اقول: هذا وجه مدخولية الاحتمال الثاني اي مدخولية احتمال ان‌يكون مراده ان عيسي اشرف من آدم لانه قال اولاض ان آدم مخلوق باليدين و عيسي موجود بحرفين ثم قال ثانياً ان المخلوق باليدين ليس كالموجود بحرفين فنتج ان الموجود بحرفين اشرف من المخلوق باليدين و ان كان هذا الاحتمال مرجوحاً بعيداً جداً فمأخذ دليله اشرفية الموجود بحرفين و عيسي موجود بحرفين فهو اشرف فنقول الاية هكذا مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فيمكن ارجاع ضمير خلقه و له الي آدم لانه يمكن ان‌يقال انه اقرب و هو المعروف المتبادر و عيسي لم‌يكن من تراب ظاهرا فقوله تعالي خلقت بيدي يكون المراد بيدي يد الكاف و هي اليمني المتعلقة بالمقبول و جهة الشيء الي ربه و كونه و وجوده و يد النون و هي اليسري المتعلقة بالقابل و جهة الشيء الي نفسه و عينه و ماهيته فآدم هو المخلوق باليدين اي موجود بحرفين فاذا صار يحتمل ان‌يكون آدم ايضاً موجوداً بحرفين دخل الدليل ان المخلوق باليدين ليس كالموجود بحرفين فان آدم و عيسي كلاهما موجودان بحرفين و بيدين علي هذا المعني فمأخذ دليل هذا الاحتمال ايضاً مدخول فكما يجوز ان‌يكون بالحرفين عيسي يجوز ان‌يكون آدم و كما يحتمل الحرفان كن يحتمل اليدان كن.

واعلم ان اصل هذا التشبيه ليس بشيء و اصل نوع استنباطه اي استنباط المصنف هذا المطلب من هذه الآيات غير سديد فان فهم المطلب اولاً بفهمه او من كتب القوم ثم اراد ان‌يزخرف بيانه بالكتاب و السنة فاول آيات غير دالة لا ظاهراً و لا باطناً و اخباراً غير محتملة لا ظاهراً و لا باطناً و  حشي كلامه بهما فاذا نظر الغافل عن العلوم و حقايقهما اليه رآه محشواً بالكتاب و السنة فاعجبه فاذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان يقولوا تسمع لقولهم و من الناس من يعجبك قوله و ما هو الا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 353 *»

و لما لم‌يقع السؤال عن تفسير كلمات المصنف لم‌اقدم الي تفسيرها مع ان ما شرحه الشيخ اعلي الله مقامه مبين لجميع ما فيه و شارح لظاهره و خافيه و من لاينتفع بكلامه لاينتفع بكلام غيره فان كلامه فوق كلام جميع العلماء و تحت كلام المعصومين رفع الله عنكم و عنا الدواهي و البليات بجاه محمد و آله و الهدات عليهم الصلوات و التسليمات قدتم في قريب من الزوال من يوم الاثنين ثالث شهر صفر المظفر من سنة 1261 حامداً مصلياض مستغفراً مستقيلاً تمت.