09-02 مکارم الابرار المجلد التاسع ـ رسالة في جواب سؤالات ميرزا محمدجواد القزويني ـ مقابله

رسالة في جواب الميرزا محمدجواد القزويني

 

من مصنفات العالم الرباني و الحکيم الصمداني

مولانا المرحوم الحاج محمد کريم الکرماني اعلي‌الله مقامه

 

 

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 111 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين ابد الابدين.

و بعد فيقول العبد الاثيم كريم بن ابراهيم انه قد وفد الينا جناب العالم الفاضل و العامل الواصل المجاهد في سبيل الله و المرتاد لرضاء الله صاحب الفهم الوقاد و الهداية و الرشاد و التوفيق و السداد ابن المرحوم المبرور و الملا محمد طاهر القزويني ميرزا محمد جواد وقاه الله من كيد الحساد و حفظه من شر الاحقاد و ثبته علي الرشاد في الدنيا و المعاد و لبث في بلادنا اياماً قلايل و آنسنا بحسن اخلاقه و كريم خصاله و احكم وده في صدورنا بسيرته الحسنة و غرس في ارض قلوبنا اشجار محبته بصفاته الكريمة فلم‌يك الا كجزر جزور او نومة قائل ان عزم علي الترحال و اورث في صدورنا بفرقته البلبال و تركنا في هم هجرانه في اسوء حال فلما ان عزم علي الوداع القي الي سؤالا لم‌يجر ذكره في كتاب و لم‌يتفوه به في خطاب الا ما يذكر في ظاهر القول و ذلك ايضاً بعد ان القينا الي الناس ذكره و نبهناهم علي ان ما وراء ما عندكم امور اخر يجب الفحص عنها و طلب الاطلاع عليها فصاروا يلوكون بين لحاهم ما لا علم لهم به و من الناس من انكره و كذب بما لم‌يحط بعلمه و لما يأته تأويله و منهم من تلقاه بالقبول من غير بصيرة فتزيله ادني شبهة عما صار عليه و منهم من توقف و تحير فالقاه الي بعد ما سمع مني اموراً كثيرةً في هذا الباب و قرأت له فوايد صنفتها في هذه المسئلة و لكنها في بعض وجوهه فاراد سلمه الله معرفة بعض وجوه اُخر فنكتفي في جواب الوجه الذي صنفنا فيه كتباً اخر بالاجمال لكن لا بحيث يورث الاخلال و نفصل ساير الوجوه علي ما يقتضيه الحال بعون الله المتعال فاجعل فقرات سؤاله كالمتن و اذيلها بالجواب كالشرح و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و رهطه المخلصين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين.

 

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 112 *»

قال ايده الله بعد البسملة السلام علي العالم الرباني و النور الصمداني القرية الظاهرة للسير الي القري المباركة و العدل الذي ينفي عن الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين العارف الكامل و العالم العامل سيدنا و سندنا نور الايمان و حق البرهان ادام الله ظل افادته علي رؤسنا و رؤس المسلمين الي ظهور دولة مولينا صاحب الزمان عليه و علي آبائه الصلوة و السلام ملأ الامكان و الاكوان ثم يقول احقر العباد ابن محمد طاهر القزويني محمد جواد اني لما كنت في تلك الايام التي كنت مستفيداً من حضرتكم و مستفيضاً من جنابكم و ما امكنني السؤال من جميع ما في البال من المبهمات و المعضلات الا ما تيسر لي منها و الآن عزمت علي الارتحال فجسرت علي بعض السؤال ليكون ذخراً لي في الحال و المآل و ارجو ان‌لاتردني عن بابك خائباً فاني انا الفقير و انت الكريم المتعال.

اقول ذكرت صدر كتابه مع ما اعلم من نفسي اني اقل من الذرة و اقل و اقل قائلاً اللهم اني اعلم بنفسي من غيري و انت اعلم مني بنفسي اللهم اجعلني احسن مما يظنون و اغفر لي ما لايعلمون ما انا و ما خطري حتي‌اذكر بامثال هذه الصفات فذكرت ذلك لاظهار حسن ظنه و الاعتذار اليه عما ذكر و ارجو ان‌يكون الله عند ظنه فيلقي في روعي جواباً لمسئلته فان من احسن الظن و لو بحجر يلقي الله مطلوبه فيه و يوصله اليه به و الوجه في ذلك ان الله سبحانه هو الضار النافع و المعطي المانع لايدفعه عن شيء من ذلك دافع و هو في كل مكان و لايخلو منه مكان قد ظهر في كل شيء لكل شيء بجهة كماله و قوته و اعلاه فاذا احسن الرجل خيراً و لو بحجر انما يتوجه الي جهة كماله و جهة آئيته لربه و لو من حيث الوصف فان كل خير و نور و كمال من تلك الجهة و كل شر و ظلمة و نقص من جهة‌ ماهيته فاذا توجه الرجل الي تلك الجهة انطبع شبح تلك الجهة في نفسه و نفسه متهيأة علي حسب مطلوبه و ظنه اي علي هيئة طلب المال او العلم او العز او النجاة او غير ذلك فيتصور ذلك الشبح في مرآة نفسه علي حسب هيئة نفسه و ظنه فينقلب ذلك المدد في بطن تلك الهيئة علي حسبها فيحصل له المطلوب بمادته و صورته فوجد الله عنده فوفيه حسابه و الله سريع الحساب فان كان ذلك المتوجه

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 113 *»

اليه اهل ذلك الخير فيسرع له الحصول لان المادة ايضاً صالحة للمطلوب كما ان من يأخذ الخشب لصنعة السرير يكون اقرب حصولاً له و اما اذا اخذ الحديد فيكون ابعد حصولاً لان امكان السرير الموجود في الحديد ليس قريباً من الفعلية كما في الخشب و انما هو ممكن فيه بقوة بعيدة فان كان ذلك المتوجه اليه اهل ذلك الخير فهو و الا فهو متوجه الي حيث صلوحه للخير و لم‌يتوجه الي شره فيظنه خيراً فان الشر ليس بخير كما انك اذا ظننت ان زيداً عالم و ليس في الواقع بعالم لم‌تتوجه الي جهله و انما انت توجهت الي العلم الممكن فيه الذي فيه بالقوة فظننته موجوداً بالفعل موصوفاً به و لا شك انه من حيث نفس الكون صالح للعلم فيقع شبح كونه الصالح للعلم في مرآة ذهنك المتطور بطور العلم المتهيأ بهيئته فتظنه عالماً ثم تظن بذلك العالم الذهني انه يقدر علي القاء مطلوبك اليك و لابد و ان‌يؤثر اذا تأكد الظن و دام و ان كان مخالفا للواقع ألاتري انك لو رأيت شبحاً من البعيد و ظننته اسداً و لم‌يكن به في الواقع يرتعد فرائصك و يصفر لونك و يخفق قلبك مثلاً ألاتري ان الظن كيف تصرف في جسمك النفسي الملكي و ربما يقتل الظن اذا ظن امراً هائلاً عظيماً و ان كان مخالفاً للواقع و ربما يشفي الامراض العظيمة اذا ظن الانسان البرء لنفسه كما هو مجرب معمول و لذا لاتجوز الاطباء ان‌يقول الطبيب للمريض انت تموت و ينبغي ان‌يؤمنه بانك لست بمريض و انما هذا امر جزئي يزول بادني علاج فان بذلك يبرؤ سريعاً و لذلك ينفع الدواء الذي يصفه الطبيب و لاينفع ذلك الدواء بعينه اذا لم‌يصفه و كان المريض متزلزلاً في نفعه و ضره فانه لايكاد ينفعه و من هذا الباب ما يتصور الانسان من مكروه فيغتم او محبوب فيسرّ كل ذلك من باب واحد و ليس يشترط في شيء من ذلك موافقة الواقع و انما ذلك بحسب ظن الظان فيأخذ الظان مادة‌ تصوره من الشاخص الخارجي و يصورها علي حسب ظنه و يحكم علي ذلك التصور علي حسب صورته ينشأ منه الاثار علي حسب صورته كما هو ثابت في محله و قد علمت انه مؤثر في البدن اشد تأثير حتي انه يشفي و يمرض و يهلك و يلذ و يؤذي و يحرك و يسكن و هذا علة ما روي في الدعاء اللهم انك وعدت المحسن ظنه بك ثواباً واوعدت المسيء

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 114 *»

ظنه بك عقاباً و قال سبحانه و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارديكم فاصبحتم من الخاسرين و ذلك لان المواد تستحيل في بطون الصور

کقطر الماء في الاصداف در

و في فم الافاعي صار سماً

و من هذا الباب قوله صلي الله عليه و آله الشقي من شقي في بطن امه و السعيد من سعد في بطن امه اي صورته کما حققناه في محله و في القدسي في حديث طويل الي ان قال الي حسن الظن بي فليطمئنوا فان رحمتي عند ذلک تدرکهم و قال الرضا عليه السلام احسن الظن بالله فان الله عزوجل يقول انا عند ظن عبدي المؤمن ان خيراً فخيراً و ان شراً فشراً و ليعلم ان اليقين و الظن و الشک ليست بامر يمکن اجبار النفس عليه و لايمکن ان‌تجبر باليقين اذا کانت ظانة او شاکة او تجبر باظن اذا کانت شاکة فلايمکن للانسان ان‌يظن بشيء متعمداً او يوقن بشيء متعمداً و انما هما من صنع الله سبحانه يخلقهما للنفس عند مقتضاهما و ليس للعباد فيهما صنع و لايمکن للانسان ان‌يظن خيراً فيمن يوقن بشره او شراً فيمن يوقن بخيره و انما يحصل الظن للانسان عند حصول اماراته ثم قد يشتبه عليه فيخالف الواقع اذا کانت الامارات عرضية و قد يوافق الواقع اذا کانت ذاتية و کلاهما في الانسان مؤثران کما هو مشاهد محسوس الا ان ما وافق الواقع منهما اشد تأثيراً و اقواه و اسرعه کماعرفت لانه اتي البيت من بابه الواقعي واما اذا کان مخالفاً للواقع يصل الي مطلوبه لان کل شيء فيه معني کل شيء الا انه ابعد وصولاً فان الرحمن علي العرش استوي و اين ما تولوا فثم وجه الله و يعرفه الله عند ذلک الطريق الحق و الصراط المستقيم لانه طالب له و لذلک روي ما معناه احسن الظن و لو بحجر يلقي الله مطلوبک اليک منه بالجملة حسن الظن بالله و برسوله و بالائمة عليهم السلام و بشيعتهم امر عظيم و خطب جسيم يدعو الي البر و العمل به و يؤثر فيک ما تحب و يعطيک ما تشاء في الدنيا والاخرة و لايسعني الآن الاغراق في مدح حسن الظن لضيق المجال و کثرة الاشغال و الا لکنت تري انه لايصل احد الي مرتبة من مراتب

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 115 *»

الدنيا و الاخرة الا بحسن الظن و علم التصوير علم مستقل بنفسه له فروع کثيرة و شئون عجيبة و من شعبه علم الرؤيا و علم الطيف و هذه المسئلة احدها و لماکان شرح باقي کلماته مما يأتي في خلال الاجوبة لم‌اتعرض لشرح باقي کلماته هن

قال سلمه الله و هو ان ترفع الحجاب و تکشف النقاب عن وجه هذا الخطاب و هو قوله عليه السلام لجابر او تدري ما المعرفة المعرفة اثبات التوحيد اولا الي آخر الحديث و تشرح لي حدوده و اصوله و فروعه و فصوله.

اقول هذا الخبر هو ما رواه في العوالم قال قال استادي العلامة رفع الله مقامه حدثني والدي عن الکتاب المذکور و هو الکتاب العتيق قال حدثنا احمد بن عبيدالله قال حدثنا سليمان بن احمد قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن ابرهيم بن محمد الموصلي قال اخبرني ابي عن جابر بن يزيد الجعفي و قال حدثنا ابوسليمان احمد قال حدثنا محمد بن سعيد عن ابي‌سعيد سهل بن زياد قال حدثنا محمد بن سنان عن جابر بن يزيد الجعفي و ساق الخبر الي ان قال قال جابر لعلي بن الحسين عليهما السلام الحمد لله الذي من علي بمعرفتکم و الهمني فضلکم و وفقني لطاعتکم و موالاة مواليکم و معاداة اعدائکم قال صلوات الله عليه يا جابر او تدري ما المعرفة المعرفة‌ اثبات التوحيد اولاً ثم معرفة المعاني ثانياً ثم معرفة الابواب ثالثاً ثم معرفة الامام رابعاً ثم معرفة الارکان خامساً ثم معرفة النقباء سادساً ثم معرفة النجباء سابعاً و هو قوله تعالي لو کان البحر مدادا لکلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد کلمات ربي و لو جئنا بمثله مدداً و تلا ايضاً و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت کلمات الله ان الله عزيز حکيم يا جابر اثبات التوحيد و معرفة المعاني اما اثبات التوحيد معرفة الله القديم الغايب الذي لاتدرکه الابصار و هو يدرک الابصار و هو اللطيف الخبير و هو غيب ستدرکه کما وصف  به نفسه و اما المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيکم اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده فنحن نفعل باذنه ما نشاء و نحن اذا شئنا شاء الله و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 116 *»

اذا اردنا اراد الله و نحن احلنا عزوجل هذا المحل و اصطفينا من بين عباده و جعلنا حجته في بلاده فمن انکر شيئاً و رد فقد رد علي الله جل اسمه و کفر بآياته و انبيائه و رسله يا جابر من عرف الله تعالي هذه الصفة فقد اثبت التوحيد لان هذه الصفة موافقة لما في الکتاب المنزل و ذلک قوله تعالي لاتدرکه الابصار و هو يدرک الابصار ليس کمثله شيء و هو السميع العليم و قوله تعالي لايسأل عما يفعل و هم يسألون الخبر و هو خبر شريف طويل و اما قوله سلمه الله تعالي ان‌ترفع الحجاب و تکشف النقاب عن وجه هذا الخطاب فهو مما لايجوز فان لتحقيق المطالب مقامات منها ما لاتعبير عنه و لا اشارة و لا لفظ له و لا عبارة فان ما لا کيف له و لا وصف لايعبر عنه بالکيف و الوصف فان الصفة علي مثلها تدل و في شکلها تحل کماقال علي عليه السلام فلا تعبير عن المعري عن الموصوفية في عالم الاوصاف و لو علي سبيل النفي و التنزيه فان النفي شيء کماقال الصادق عليه السلام و الشيء وصف و حد لما يعبر به عنه فلايمکن التعبير عنه باثبات و لا نفي و لا لقط و لا اشارة فان الادوات تحد انفسها و الالات تشير الي نظائرها فمعرفة ذلک حالية لا مقالية قال علي عليه السلام في معرفة هذا المقام کشف سبحات الجلال منغير اشارة و هتک الستر لغلبة السر و محو الموهوم مع صحو المعلوم و امثال ذلک منها ما يمکن تعبيره بالنفي و التنزيه و لکن دون بيانه حاجز من نهي الله فلايجوز بيانه في کتاب و لا ذکره في خطاب لعدم تحمل السامع و الناظر لکونه في مقام الاثبات و الشيء لايدرک ماوراء مبدئه و هو قوله عليه السلام لا کل ما يعلم يقال و لا کل ما يقال حان وقته و لا کل ما حان وقته حضر اهله و قال عليه عليه السلام بل اندمجت بمکنون علم لو بحت به لاضربتم اضطراب الارشية في الطوي البعيدة و منها ما يمکن تعبيره بالاثبات ولکن لايجوز رسمه في کتاب و لا ذکره في خطاب في ملأ من الاصحاب فان الناس ليسوا بسواء في حد الادراک فمن

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 117 *»

الناس من يحتمل و من الناس من لايحتمل قال علي عليه السلام ان حديث اهل البيت صعب مستصعب لايحتمله الا ملک مقرب او نبي مرسل او عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان الخبر فمثل ذلک سر الحبيب مع الحبيب لايطلع عليه الرقيب فيزرعه العالم به في قلب شبهه فيأنسون بما استوحش منه المکذبون و يستلينون من ذلک ما يستوعره المترفون و منها ما يمکن رسمه في الکتاب و ذکره في الخطاب ولکن لا علي سبيل کشف الحجاب و رفع النقاب ولکن علي سبيل الاشارة و التلويح من غير بيان صريح ليذاد عن الحکمة من ليس من اهلها و يفوز به من يکون من اهلها وتلک الاشارة حجاب بين الجاهل و الحکمة و لاتحجب من هو من اهله و هو السد بين يأجوج و مأجوج و بين الناس فاذا جاء وعد ربي جعله دکاء و کان وعد ربي حقا و منها ما يمکن رسمه في الکتاب بالبيان الصريح و يجوز ذکره في الخطاب من غير تلويح و يقام عليه البرهان علي حسب فهم اهل الزمان و يسجل عليه بما لا محيص لهم عن قبوله ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة و لما ان الزمان ترقي و العصر تلطف و الاحلام تزايدت و الاوهام تدققت و استأهل الناس لاکثر ما کانوا عليه و انما ذلک بتأثير وجود النورين النيرين الشمسين القمرين الامامين الهمامين و العلمين الصمدانيين و الوليين الربانيين اعلي الله مقامهما و رفع في الخلد اعلامهما وجب البيان علي نحو الاشارة و التلويح في العبارة لئلايذيع الاسرار عند الفجار و لايحرم منها الابرار فنبين ما سألت علي نحو الاشارة و التلويح من غير بيان صريح لانک اهل ان‌تري الشمس من وراء السحاب و يتبين لک وجهه من تحت النقاب و ما علي اذا لم‌يفهم من ليس من اهل هذا الباب

علي نحت القوافي من مواقعها

وما علي اذا لم‌يفهم البقر

و لربما يلتذ به المؤمنون المسلمون و لو من غير بصيرة علي طبق قوله:

قد يطرب القمري اسماعنا

و نحن لانعرفه الحانه

و من حضر السماع بغير قلب

و لم‌يطرب فلايلم المغني

بالجملة اما بيان هذه المقامات بالبيان المتوسط فقد سمعت ما ذکرته

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 118 *»

في الفوائد و قرأته لک و اما بيان ذلک علي نحو الايجاز و الالغاز فاعلم و عليک بالتفطن و التعمق في ما اقول لک ان الله سبحانه جعل لکل شيء حداً لايتجاوزه ومقاماً لايتعداه و لو باعلي ذکره و لو علي نهج الفرض و الاحتمال و الاشارة و الابهام و التجوز و الاعتبار و الا لکان ذکره اعلي مما فرض فيه فلايدرک لذلک الذکر مؤثراً و لا موجداً بل لايدرک له اعلي علي قول مطلق و لايدرک له فوق الاعلي سبيل التجوز و لا بنفي التجوز و يجمع ذلک کله قول علي عليه السلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها و قوله انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شکله الطريق مسدود و الطلب مردود فکل ما يدرکه الانسان من حده ومقامه کائناً ما کان بالغاً ما بلغ و لو ادرکه بالنفي والابهام و الغيب و التنزه و المفقودية و المجهولية و امثال ذلک وما لم‌تقر نفس امرء بذلک حقيقة الاقرار لم‌يجد لذة الايمان بل لم‌يدخل في حدود الموحدين و باق في بوادي المشبهين فالمؤمن مأيوس من درک ما فوق ذکره الاعلي اذ لايدرک له فوقاً مطلقاً بوجه من الوجوه و نحو من الانحاء و ذلک قوله سبحانه لاتدرکه الابصار و هو يدرک الابصار و هو اللطيف الخبير فغاية ما يصل اليه الموحدون العارفون هو ما وصف الله نفسه به خلقه في اي مرتبة من مراتب الخلق و هو تعريفه سبحانه نفسه و تعرفه فاذاً هو خلق لايدرک بالخلقية اذ هو وصف الخالق نفسه بالخالقية مثال ذلک اذا کتبت لک علي بياض لفظ الخالق و اريتک اياه و قلت لک ما هو؟ تقول الخالق و لا تقرؤه المخلوق فاني لم‌اکتب المخلوق و انما کتبت الخالق مع انه مخلوق البتة و کذلک ما وصف الله سبحانه نفسه به لعبده فقد وصف نفسه بالخالق مثلاً فلاتدرک ذلک الوصف الا بالخالق لانه ليس الا الخالق و لست تدرکه بالمخلوق ابداً لانه ليس بمخلوق مع انه مخلوق و کذلک اذا وصف نفسه بالغيب المطلق و المجهول النعت و السبوح و القدوس و الذات و الهوية والالوهية و الاحدية و الواحدية و امثال ذلک فلايدرک وصفه الا علي ما وصف کما لايدرک السماء الا سماءً و الارض الا ارضاً و کذلک اذا وصف بانه لا اسم له و لا رسم لا نفياً و لا اثباتاً فانک تدرکه کما وصف نفسه و قد عرفت ان الشيء لايحد الا ذاته و لايدرک الا شکله فجميع ما

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 119 *»

کلفت به کائناً ما کان بالغاً ما بلغ مما سمي لک و عبر عنه مما يمکنک الوصول اليه و لايکلف الله نفساً الا ما آتيها قال الصادق عليه السلام اي ما عرفها و قد علمت انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظايرها و ان کل شيء لايدرک ماوراء مبدء وجوده فثبت في مراتب الخلق اذ لا خلق جميع مقامات التوصيف و مراتب التعريف مما وقع التکليف بالاذعان له و لاايمان به کائناً ما کان بالغاً ما بلغ مما يجري في فصيح العبارة او لطيف الاشارة او يستجن في الصدور و يسدل عليه الستور فاذا ثبت ان الاوصاف موجودة في مراتب الخلق و من عرفها عرف الله و من جهلها جهل الله و ان العرفاء يتفاضلون في مراتبها وتتفاوت مواقعهم بدرک مقاماتها کما قال الصادق عليه السلام من عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة فاعلم ان الناس مختلفون في درک مراتب تلک الصفات و انکشافها لهم من وراء السبحات و اضمحلالهم تحت سطوع انوار تلک التعريفات و التجليات فمنهم من اندک جبل انيته تحت سطوع تجلي ربه و فني و تلاشي بحيث لم‌يبق له اسم و لا رسم و لا عين و لا اثر فکان کماقال الشاعر:

رق الزجاج و رقت الخمر

فتشاکلا فتشابه الامر

فکأنما خمر و لا قدح

و کأنما قدح و لا خمر

فبقي و لا اعتبار له من حيث نفسه الا من حيث ربه و وصل الي مقام کنت سمعه الذي يسمع به و لسانه الذي ينطق به و عينه التي ينظر بها و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها ومقام لامثلية المستفادة من القدسي يابن آدم انا رب اقول للشيء کن فيکون اطعني فيما امرتک اجعلک مثلي تقول للشيء کن فيکون و کماقال علي عليه السلام تجلي لها فاشرقت و طالعها فتلألأت فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله و منهم من بقي فيه عين و اثر ولکن رقيقة لطيفة تتلألأ بخفقان و اضطراب متردداً بين الوجود و العدم و منهم من بقي فيه العين و الاثر غليظة حاجبة بين ذلک الوصف الفحواني و بينه ليس يدري منه الا الوصف علي حسب

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 120 *»

العلم کما سمعت من بعض المشايخ و اظنه مروياً اکثر شيعتنا الوصافة و کل واحد من هؤلاء الثلثة يختلف مراتبهم في درکهم للاوصاف فمنهم من هو صاحب اسم واحد و منهم من هو صاحب اسمين و منهم من هو صاحب ثلثة و هکذا الي ما شاء الله مما لاغاية له و لا نهاية و منهم من له وصف الصفات المثبتة في يمين العرش و منهم من له وصف الصفات المثبتة عليه و منهم من عرف المهيمن علي ذلک کله و منهم من عرف جميع ذلک و لکل درجات مما عملوا و ما منا الا له مقام معلوم هم درجات عند الله و رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره علي من يشاء من عباده و الله يعلم حيث يجعل رسالته و لماکان الله سبحانه اراد من جميع خلقه ان‌يعرفوه و يعبدوه و يوحدوه و يعرفوا نبيه و اوصيائه عليهم السلام و انبياءه و رسله علي نبينا و آله و عليهم السلام لم‌يعطل آياته و مقاماته في کل مکان ليعرفه بها من عرفه من اهل تلک الامکنة و جعل آيته في کل مکان بحيث لا فرق بينه و بينها بوجه من الوجوه الا انهم عباده و خلقه فتقها و رقتها بيده بدؤها منه و عودها اليه کماقال العامري:

و عيناک عيناها و جيدک جيدها

ولکن عظم الساق منک دقيق

و قد شرح و فصل الرضا عليه السلام حيث قال قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هيهنا و قال الصادق عليه السلام العبودية جوهرة کنهها الربوبية و لنعم ماقال الشاعر «کل اناء بالذي فيه ينضح»

و قد قال علي عليه السلام اقامه مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ کان لاتدرکه الابصار و لاتحويه خواطر الافکار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار و تختلف مراتب الادنين في معارفهم فمنهم من يراه قريباً و منهم من يراه بعيداً فمنهم من يلتمس الانوار من وراء الاستار و منهم من وصل الي الديار خالية عن الاغيار زائلة الاکدار:

خليلي قطاع الفيافي کثيرة

ولکن ارباب الوصول قليل

و الناس يغدون علي ستة اقسام فمنهم ارباب الجهل و منهم ارباب الشک و منهم ارباب الانکار و منهم ارباب العلم و منهم ارباب اليقين و منهم ارباب المعرفة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 121 *»

و المقصد الاسني و الفوز بالرقيب و المعلي تحصيل المعرفة اي اين ما وجده عرفه و لذا حصرت المعرفة في بيوت اذن الله ان ترفع و يذکر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الاصال فمن عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة و انما اکثر الناس مفتونون بالصورة مقرون بالمعني و کليات الحکمة ابداً تامة ضل اصحاب الصورة المنکرون للمعني و ضل اصحاب المعني المنکرون للصورة و اشرک المقرون بالمعني و الصورة و خسروا خسراناً مبيناً و آمن المقرون بالمعني في الصورة و فازوا فوزاً عظيماً و لنعم ما قال العامري ظاهراً:

امر علي جدار ديار ليلي

اقبل ذا الجدار و ذا الجدارا

و ما حب الديار شغفن قلبي

و لکن حب من سکن الديارا

فافهم ما اذکره لک متشتتاً مجتمعاً بقلب مجتمع فان في ذلک لذکري لمن کان له قلب او القي السمع و هو شهيد

و من حضر السماع بغير قلب

و لم‌يطرب فلايلم المغني

فلذلک لم‌يبلغ قرار المعرفة من لم‌يعرف مواقع الصفة و اعلم ان الله سبحانه قد خلقکم اطوراً فلاينبغي الا ترجوا لله وقاراً و انما خلقک الله في اکوان کماقال الصادق عليه السلام الکون النوراني و الکون الجوهري و الکون الهوائي و الکون المائي و الکون الناري و کون الاظلة و کون الذر الثاني ثم الکون الجسماني في هذا العالم و قد استعبدک في جميع الاکوان وعرفک ما کلفک في جميعها و هو المشار اليه في الدعاء بآياتک و مقاماتک التي لاتعطيل لها في کل مکان و کل من هذه الاکوان لابد و ان يعرف الله سبحانه بما اعطاه من الالات بما عرفه من الصفات و ما ربک بظلام للعبيد فلايکلف نفساً الا وسعها و ما آتيها و من ظن انه مستعبد في کون و اهمل سدي في کون فقد کذب بکتاب الله حيث يقول ايحسب الانسان ان يترک سدي و يقول ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و قوله ما من دابة في الارض و لا طاير يطير بجناحيه الا امم امثالکم الي غير ذلک من الايات وقد قال سبحانه و ان من شيء الا عندنا خزائنه و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 122 *»

ماننزله الا بقدر معلوم فکما انزلک في تلک الاکوان انزل وصفه في تلک الاعيان حتي يحتج علي اهل کل رتبة و مقام و لم‌يبق لاحد حجة و لا کلاماً حتي يقولوا يوم القيمة انا کنا عن هذا غافلين او يقولوا انما اشرک اباؤنا من قبل و کنا ذرية من بعدهم افتهلکنا بما فعل المبطلون فلله الحجة البالغه فلو شاء لهديهم اجمعين و هذه هداية الاثابة و الا فهداية ‌الحجة ثابتة لکل احد انا هديناه السبيل اما شاکراً و اما کفوراً فقد قامت حجج الله في کل رتبة من الرتب الطولية و مقام من المقامات العرضية تامة بالغة و فتنهم بها و قد کلف کل شيء في کل کور و دور بالمعارف السبعة کماقال مولاي روحي له الفداء المعرفة‌ اثبات التوحيد اولا الخبر و قد قال ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و قد فسره الحسين عليه السلام اي ليعرفون و کل دان منها سبحة فانية مضمحلة متلاشية تحت سطوع انوار الاعلي مشرقة متلألأة بتجليه و مطالعته مطيعة لاوامره و نواهيه فافهم ذلک راشداً موفقاً و اضرب بعض ما ذکرت لک من ضروريات الاسلام ببعض تجد صحواً بلا اکدار و محواً بلا غبار مکشوفة الاستار خالياً عن شبه الاغيار و فيما ذکرنا کفاية لمن القي السمع و هو شهيد و لايجوز البيان اکثر من ذلک و ليس وراء ذلک الا الاراءة و العيان و ذلک مما لايجوز اذ للحيطان آذان و ان يأجوج و مأجوج مفسدون في الارض و لابد من الردم الحاجب بيننا و بينهم و اذا جاء وعد ربي جعله دکاء و کان وعد ربي حقاً و لابد من اقامة الجدار علي الکنز مادام الغلامان لم‌يبلغا اشدهما ليستخرجا کنزهما رحمة عليهما فافهم و يکفيک هذا المقدار من البيان و قد جمعت لک کل شيء تريد و لايسولن لک النفس ان هذه المقدمات کلها کانت معروفة و لم‌يزدنا فلان علي ما کنا نعرف فان المقدمات لابد و ان‌تکون بديهية عند السامع و انما الشأن في ترتيبها الم‌تر انک تعرف الحروف المعجمة کلها و لعلک لاتعرف لغة عجم الفرس فتسألني عن الوجه ما هو بلغة الفرس فاقول لک اذا لم‌ارد التصريح انه د ي م و انت کنت تعرف الدال و الياء و الميم ولکن ما کنت تعرف ان المرکب منها بمعني الوجه في لغة الفرس و کذلک الامر هيهنا فافهم المثل.

 

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 123 *»

قال سلمه الله و ان‌تبين ان معرفة هذه فريضة علي کل احد بحيث لايشذ عنها شاذ ام يختص الکل بالبعض و البعض بالکل و البعض بالبعض بحسب درايتهم و مقاماتهم حيثما سمعوا و فهموا و علي اي التقادير هل يکفي معرفة النوع و الکلي ام لابد من معرفة الشخص في الاشخاص و تمييزه عمن سواه ظاهرا مع انه ليست المعرفة الا تمييز الاشخاص سواء يدعي لنفسه مقاماً من المقامات بحيث يفهمه المخاطبون و يقطعون به بحسب ادراکاتهم ومقاماتهم ام لا؟

اقول اعلم ان الله سبحانه خلق کل شيء من الماء و هو اول ما خلق الله سبحانه و منه خلق کل شيء و به حيوة کل شيء و قد قال سبحانه و من الماء کل شيء حي مع انه قال و ان من شيء الا يسبح بحمده و لکن لاتفقهون تسبيحهم فاشار اليهم کالعقلاء و الاحياء فکل شيء حي و کل حي من الماء فالماء مقدم علي الکل و قد دل قوله سبحانه و من الماء علي ان مادة کل شيء من الماء فان لفظة «من» تدل في لغة العرب في مثل هذا المقام علي بيان المادة کما تقول الخاتم من الفضة و السرير من الخشب و هذا الماء هو امکان جميع المکونات و هو بحر متشاکل الاجزاء يصلح کل قطرة منه لجميع لاشکال و الهيئات و التعين بجميع التعينات و في کل قطرة منه معني کل قطرة فاذا تهيأت بهيئة فقد تهيأت باحدي تلک الهيئات الصالحة لها الممکنة فيها و يمکن ان‌تتغير عن تلک الهيئة الي غيرها من الهيئات الممکنة فيها فقد استجن في تلک المادة جميع الهيئات التي ينبغي ان‌يتهيأ العبد بها و لاينبغي من متعلقات الامر و النهي و صور العلم و الجهل و القوة و الضعف و الکمال و النقص و السعادة و الشقاوة والنور و الظلمة و الخير و الشر و الحسن و القبح و غير ذلک فالقطرة المأخوذة من ذلک البحر کانت تصلح لجميع ما ذکرنا و ما لم‌نذکر فسألت الله سبحانه تلک القوابل المستجنة و الهيئات الکامنة في ارض ذلک الامکان بعد ما اذن الله لها بالسؤال ما لها من ذلک الماء النازل من سحاب المشية فانزل الله سبحانه الماء فسالت اودية بقدرها و امتلاء کل وعاء علي حسبه فانقلب حکم بساطة ذلک الماء و اتحاده في بطون تلک القوابل فاختلف

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 124 *»

علي حسب اختلافها کماقال الشاعر:

کقطر الماء في الاصداف در

و في فم الافاعي کان سماً

فرفع الايتلاف و جاء الاختلاف کماقال سبحانه کان الناس امة واحدة اي في ذلک الماء النازل و سر الولاية الاولية و سر النبوة والتوحيد والفطرة الاولية الالهية التي فطر الناس عليها التي لا تبديل لها و هوالدين القيم فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و انزل معهم الکتاب بالحق ليحکم بين الناس فيما اختلفوا فيه من القوابل و الصور و الهيئات و سر الولاية و ما اختلف فيه اي في امر الولاية الا الذين اوتوه بواسطة‌ الدعاة اليه من بعد ما جاءتهم البينات الواضحات علي انه من الله و لايجوز الاختلاف فيه و يجب التسليم له بغيا بينهم فان کثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم علي بعض لان انظارهم الي جهات تضادهم وتخالفهم و قد انهمکوا فيها فتباغوا و تعادوا الا الذين آمنوا فانهم ناظرون بعيون شتي الي شيء واحد طالبون لامر واحد فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق من الولاية فاهتدوا اليه و طلبوه من کل جهة فوجدوه في کل جهة و الله يهدي من يشاء الي صراط مستقيم و هوا لولاية صراط الله الذي له ما في السموات و ما في الارض الذي اليه تصير الامور بالجملة کانوا في صلب ذلک الماء متحدين وتفرقوا و اختلفوا في بطن ذلک الارض فصنوان و غير صنوان يسقي بماء واحد و فضل بعضها علي بعض في الاکل و ذلک الماء النازل اجابة لدعائهم علي حسب قوله سبحانه قل ما يعبؤ بکم ربي لولا دعاؤکم انما هو دعاء الدعاة المرسلة اليهم المعبر عنهم انما ادعوا الي الله علي بصيرة انا و من اتبعني و دعاؤهم دعوة الناس الي الحق اصوله و فروعه کليه و جزئيه سره و مکشوفه فدعوا الخلق بلسان ترجمتهم لارادات العالي الي جميع ما ينبغي لهم و فيهم مما به قوام وجودهم وبناء شهودهم ونظام معاشهم و دوام معادهم فدعوهم و قالوا ا لست بربکم و محمد نبيکم و علي و احد عشر من ولده و فاطمة الصديقة و انبياؤ الله و رسله و اوصياؤهم اولياؤکم ا لستم توالون اولياء الله و تعادون اعداء الله ا لستم تفعلون کذا و کذا و تعملون کذا و کذا و تقولون

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 125 *»

کذا وکذا و تذهبون الي کذا و تعطون کذا و تمنعون کذا وتفعلون و تفعلون و تترکون و تترکون الي آخر ما به قوام وجودهم و بناء شهودهم و معاشهم و معادهم حتي لم‌يترکوا لهم خائنة الاعين و ما تخفي الصدور الا و قد ذکروا لهم و احتجوا عليهم فسمعوها الکل و عرفوها بکليها و جزئيها بما فيهم من سر ذلک الامر الکلي الساري في الکل و هو الماء الاول فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلک الدين القيم و انکر بعد البيان و المعرفة من انکر و عرف من عرف فهلک من هلک عن بينة و حيي من حيي عن بينة و ذلک قوله سبحانه و ما کان الله ليضل قوما في العالم الثاني بعد اذ هديهم في الفطرة الاولية حتي يبين لهم ما يتقون بالسنة رسله و تراجمة وحيه في العالم الثاني فهنالک رفع الايتلاف و جاء الاختلاف و اختلفوا في القبول و الرد و في مراتب القبول والرد فتعين اشخاصهم و امتاز اعيانهم و ثبتت المعرفة ونسوا الموقف و سيذکرونه يوما ما فوقع القول عليهم في العالم الثاني و اخرج الله لهم دابة من الارض ارض الولاية فکلمهم ان الناس اي الناسين للعهد کانوا باياتنا المعروضة عليهم لايوقنون فوسمهم بعصا موسي الاول في جباههم فانطبع مؤمن حقاً و بخاتم سليمان الاول فطبع کافر حقاً فاثبت کتاب الابرار في عليين و هو کتاب مرقوم يشهده المقربون و کتاب الفجار في سجين و هو ايضاً کتاب مرقوم فلم‌يشتبه هؤلاء بهولاء و هولاء بهؤلاء و نسبة هذا المقام الي المقام الاول نسبة الشخص الي النوع و الکثرة الي الوحدة والام الي الاب و الصورة الي المادة فصار جميع الاختلافات في الولاية و هي النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون المشار اليه بقوله و يستنبؤنک احق هو قل اي و ربي انه لحق فهنالک جري قوله سبحانه و لايزالون مختلفين الا من رحم ربک فهذه الاية نسخت قوله تعالي ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون فان الآية المنسوخة کانت في العالم الاول الفطرة الالهية فتصور کل شخص يصور جميع ما قبل و کتبت تلک الهيئات و التخطيطات في لوح نفسه الممتاز بها عن غيره وتلک التخطيطات خط التوحيد و المعاني و الابواب و الامامة و النقباء و النجباء و الاخوان و الولايج ثم الصلوة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 126 *»

والزکوة و الصوم و الحج و الجهاد و اضدادها و الاعمال و الاحوال و الاخلاق و جميع ما يمکن الاتصاف به للناس من العلم و الجهل و القوة و الضعف و الحسن و القبح و السعادة و الشقاوة و الطاعة و المعصية و الخرق و الرفق و الجود و البخل و الجبن و الشجاعة و غير ذلک من الصفات و الاخلاق و الاحوال فکتب عليهم ما قبلوه من ذلک و ردوه و عرفوه و انکروه و جف القلم بما هو کاين فيهم و لهم فلم‌يتغير و لم‌يتبدل بعد شيء من ذلک علي مر الدهور الي ابد الابد فلايزيد في واحد منهم زايد و لاينقص من واحد منهم ناقص ابداً ابداً و لايستطيع هؤلاء ان‌يکونوا من هؤلاء و لا هؤلاء ان‌يکونوا من هؤلاء قال الله سبحانه و ما کانوا ليؤمنوا بما کذبوا به من قبل و قد دل علي ذلک الاخبار و صحيح الاعتبار و ليس لي اقبال لايراد تلک الآثار و ان شئت فراجع کتاب الکافي في ابواب الطينة و غيره فلما ثبتت المعرفة هنالک و حتم علي کل واحد ما حتم و عرفوا کل ما لهم و ما عليهم علي حسب قبولهم انزلهم الله سبحانه الي دار البلي و الاختبار و بلد النظر و الاعتبار لاظهار الکوامن و ابداء السراير و تفصيل الاجمال و اعطاء الکمال و عدم تناهي نور الجمال و مشاهدة منازل النزال و رؤية الاحوال من صنوف خلق الملک المتعال و انبتهم من ارض هذا العالم نباتاً و اخرجهم اخراجاً فغلب عليهم برودة البعد و رطوبة الارتباطات و نسوا الموقف الاول و ما شاهدوه في ذلک العالم وعرفوه واقروا به و انکروه و قارنوا به و فارقوه فنشوا علي الغفلة و السهو منهمکين في اللعب و اللهو کما کانوا في العالم الاول في بحر الامکان قبل الاکوان غافلين لاهين فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين مذکرين لهم ذلک الموقف علي حسب سنته في ذلک العالم فلن‌تجد لسنة الله تبديلاً و ذلک قوله لنبيه فذکر انما انت مذکر لست عليهم بمصيطر و قال فذکر فان الذکري تنفع المؤمنين فحصر امره صلي الله عليه و آله في التذکير و قال سبحانه بل آتيناهم بذکرهم فهم عن ذکرهم معرضون فذکروهم تلک العهود و الرسوم و ما کتب في الواحهم من تلک الاثار و الحکوم و لم‌يزيدوا علي التذکير شيئاً فبعد تذکيرهم تنبهوا للعهد القديم و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 127 *»

الميثاق القويم فاشتاقت نفوس الي تلک الاحوال و هاجت ضغائن نفوس من ذکر ذلک الحال فتبين فيهم تلک الصفات علي نحو تفصيل الاجمال مثال ذلک ان‌يکون رجل له حبيب و عدو فغابا عنه و نسياه و جئت اليهما لتذکرهما امر ذلک الرجل فذکرت لهما صفاته و اخلاقه و احواله فذکر الحبيب و اشتاق ثانياً الي لقائه و هاجت ريح محبته و ذکر العدو و ثارت نائرة بغضه و عداوته فکذلک جاءت الرسل سلام الله عليهم مذکرين للناس فذکروا لهم تلک الامور المعروضة عليهم في عالم الذر الاول فاشتاق المؤمنون الي تلک العهود و عرفوها وتلقوها بالقبول و السمع و الطاعة ففاضت اعينهم من الدمع شوقاً الي محبوبهم و تذکر الکافرون تلک الضغائن و الاحقاد التي کانت لهم فبدت البغضاء من افواههم و ما تخفي صدورهم اکبر فدعوهم الي الاقرار بتوحيد الله سبحانه و الاعتراف بنبيه صلي الله عليه و آله و الاذعان باوصيائه عليهم السلام و الولاية لاوليائهم و البراءة من اعدائهم و الاخذ بالصلوة و الصوم و الزکوة والحج و الجهاد و کل بر و الاجتناب عن الجبت و الطاغوت و کل وليجة دون الرسول و الاوصياء عليهم السلام و عن کل معصية فاستأنس بها المؤمنون و عرفوها و استلانوها و تذکروا عهدهم بقبولها و وجدوها مأنوسة لهم مناسبة لطباعهم ملايمة لهم و التذوا بسماعها و مذاکرتها و الاخذ بها والامر بها و وجدوا طعمها و صار الکافرون بخلاف ذلک بالجملة المعارف السبعة المسئول عنها هي اصول ما کلف الله العباد به في اليوم الاول و في هذه الدار و ما يسألهم عنه يوم المعاد و هي کليات تخطيطات الايمان و اصولها و ساير العبادات و الاخلاق و الاحوال محسنات تلک الاصول و کمالاتها وجمالها و نهاياتها و غاياتها فمهما نقص من تلک الحدود والتخطيطات شيء نقص حدود الايمان و تخطيطاته و ما عرف به من الکفر بل هي بتمامها حد واحد و خط واحد و انما تعدده بحسب الانظار و الحيوث کما اشرنا اليه اولاً و في الدر المنثور عنهم عليم السلام انکم تلقنون موتاکم لا اله الا الله و نحن نلقن موتانا محمد رسول الله فافهم فکيف يمکن الا تکون تلک المعارف تکليف الناس کلهم ابيضهم و اسودهم و رجالهم و نسائهم فهي کلها تکليف الکل و من لم‌يقبلها

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 128 *»

و يأت بها لقي الله سبحانه و لا ايمان له لانها کما عرفت کلمة واحدة و حد واحد و خط واحد و هي الايمان و ماذا بعد الحق الا الضلال و لايمکن معرفة واحد منها الا بالاخر و في الاخر و من الاخر جملة واحدة و هي کلها حرف واحد قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون الم‌تسمع ما روي ان من قال لا اله الا الله وجبت له الجنة فاطلقوه في خبر للمطلقين و قيدوه بشروطها للمقيدين و بقولهم مخلصاً للآخرين و الاخلاص فيها ان‌تحجزه من محارم الله فاعلم انه لا اله الا هو و استغفر لذنبک و للمؤمنين و المؤمنات الا ان الناس لما نزلوا الي هذا الفضاء الغسق و اوقد لهم الرسل نار الفلق و امروا بدخولها لتجف رطوباتهم و بروداتهم الباعثة لنسيانهم للعهد القديم و الصراط القويم فمنهم من جفت رطوباته و سبق و منهم من تأخر و لحق فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً و ان الله سبحانه من کمال رأفته و رحمته رفع التکليف في هذه الدار عن النائمين ماداموا نياماً و عن الجاهلين ماداموا جهالاً و عن الناسين ماداموا في نسيانهم و عن الغافلين ماداموا في غفلتهم و انما الحجة علي اليقظان العالم المتذکر المتنبه لا غير و يختلف مراتب تيقظ الناس و تعلمهم وتذکرهم و تنبههم بسبب قوة اسباب اضدادها و ضعفها قال عليه السلام ثبتت المعرفة ونسوا الموقف و سيذکرونه يوما ما فمنهم من يراه قريباً  منهم من يراه بعيداً قال الله سبحانه لايکلف الله نفساً الا وسعها و قال لايکلف الله نفساً الا ما آتيها و قال ماکان الله ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون و قال ان علينا بيانه و قال الصادق عليه السلام ماحجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و قال في قوله تعالي و ما کان الله ليضل قوماً الاية حتي‌يعرفهم ما يرضيه و ما يسخطه و عن ابي‌ابرهيم عليه السلام في قوله تعالي قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديکم اجمعين مبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله کما يعلمه العالم بعلمه لان الله عدل لايجور يحتج علي خلقه ما يعلمون يدعوهم الي ما يعرفون لا الي ما يجهلون و ينکرون و قيل لابي‌عبدالله عليه السلام المعرفة من صنع من هي قال من صنع الله عزوجل

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 129 *»

و ليس للعباد فيها صنع و قال ان الله عزوجل احتج علي الناس بما آتيهم و عرفهم فالله سبحانه کلف خلقه بماکلفهم و دعاهم الي ما دعاهم ولکن لم‌يقع الحجة عليهم الا بعد تذکرهم ارأيت لو ان رجلين وعداک بوعد في مجلس واحد ثم غابا و نسيا فلقيتهم فطلبت منهم الوعد فذکر واحد و لم‌يذکر الآخر لک حجة علي من لم‌يذکر بل ليس لک حجة علي من لم‌يذکر حتي‌يذکر و انما انت ذکرتهما معاً و طالبتهما معاً و کذلک لله الحجة البالغة و بلوغها ان‌يتذکر الناسي و قد عرفت ان تذکر الناس يختلف ارأيت ان الاستاد يوجد في قلب التلامذة شيئاً انما يذکر لهم المطلب و يذکر لهم ادلة و مقربات و شواهد و براهين حتي‌يتذکر التلميذ ما کتب في لوح نفسه في العالم الاول فمن لم‌يکتب في لوح نفسه حرف ذلک المطلب لايعرفه و لو کررت عليه ابد الابد و من کتب في نفسهم ذلک الحرف يختلفون في سرعة التذکر و بطئه فمنهم من يتذکر بادني اشارة و منهم من يتذکر بتکرير العبارة و منهم من لايتذکر في يومه و انما يتذکره غداً و منهم من يتذکره و لو بعد حين بالجملة لايصدق احد بشيء الا ان‌يجد تصديقه في نفسه و تطبيقه بعقله و الا فلايکاد يصدق ابداً و کذلک دعوة الانبياء فان الله حصر امرهم و قال انما انت مذکر لست عليهم بمصيطر و المصيطر المسلط اي لست عليهم في مقام الدعوة مسلطاً عليهم توجد فيهم الايمان و تجبرهم عليه انما انت مذکر ان عليک الا البلاغ و قال فذکر ان نفعت الذکري سيذکر من يخشي و يتجنبها الاشقي الذي يصلي النار الکبري فلما کان الناس في الغفلة و السهو مشغولين في اللعب و اللهو بعث الله المذکرين فذکروهم موقف يوم الميثاق و ميقات يوم التلاق و ذکروا لهم حدود الايمان بکليها و جزئيها و تذکر من تذکر و تأخر من تأخر و انکر من انکر و توقف من توقف و لم‌يک ان‌ينزل الله ديناً ناقصاً فيستعين بخلقه علي اتمامه او ينزل ديناً تاماً فيقصر الرسل عن ابلاغه او يکونوا شرکاء لله فلهم ان‌يقولوا و عليه ان‌يرضي بل انزل ديناً تاماً کاملاً حتي قال اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام ديناً الي ان قام خاتم الانبياء عليهم السلام فدعاهم الي

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 130 *»

حدود الايمان و ذکرهم المواقف و نشر لهم المعارف الا انه لم‌يتذکر من تذکيره الا اصحاب الفطانة و الذکاوة الوقادة فانه صلي الله عليه و آله کان مقامه مقام الاجمال و کان دعاؤه علي سبيل الاشارة و التلويح لحکم شتي لست تجهلها و لم‌يتذکر من تذکيره الذين لايتنبهون الا بالتفصيل و التکرير و الترديد في الازمنة الطويلة و الايام المتمادية فمن غاية‌ لطفه و رحمته بخلقه جعل بعد نبيه من يفصل الدعوة و يکرر التذکرة و يعطي کل ذي حق حقه و يسوق الي کل مخلوق رزقه علي حسب قابليته و مناسب طبيعته کماروي في الکافي عن عبدالله بن سليمن عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سألته عن الامام فوض الله اليه کما فوض الي سليمن بن داود فقال نعم ثم ذکر اختلاف اجوبته للسؤالات الي ان قال فليس يسمع شيئاً من الامر ينطق به الا عرفه ناج او هالک فلذلک يجيبهم بالذي يجيبهم و کذلک لايتنبه بکلام اولئک الا الخصيصون فانهم سلام الله عليهم و ان کانوا تفصيلاً بالنسبة ‌الي مقامات النبوة الا ان کلام کل متکلم علي حسب علمه ولذا قالوا نحن نتکلم بالکلمة و نريد منها سبعين وجها لنا من کلها المخرج و قالوا انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيها حتي‌يلحن له فيعرف اللحن و في رواية حتي يعرف معاريض کلامنا فلذلک لم‌يتذکر بکلامهم الا الخواص من الخواص من الخواص و ذلک قولهم في احاديث مستفيضة ان حديثنا صعب مستصعب لايحتمله الا ملک مقرب او نبي مرسل او مؤمن امتحن الله قلبه للايمان فاحتاج في الحکمة الي تفصيل دعوتهم و جعل رجال يکونوا تفصيلاً لاجمالهم و شارحين لالغازهم مفسرين لحکمهم بلسان الناس و ذلک انه اذا کانت مناسبة تامة بين الداعي و المدعو حصل التذکر في اسرع ما يکون و الطفرة باطلة و التدرج لازم فارسل الدعاة علي التدرج و الترتيب فلم‌يتذکر من تذکير الله حقيقة الا النبي صلي الله عليه و آله و لم‌يتذکر من تذکير النبي صلي الله عليه و آله الا اوصياؤه عليهم السلام و لم‌يتذکر من تذکيرهم الا خيار شيعتهم السابقين و لم‌يتذکر بتذکرهم الا المهاجرون و لم‌يتذکر بتذکيرهم الا الانصار و لم‌يتذکر منهم الا العلماء الاخيار ثم تذکر منهم التبعة الابرار فافهم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 131 *»

ضرب المثل و تلک الامثال نضربها للناس لعلهم يعقلون فافهم فقامت الحجة علي الخلق بقدر تذکرهم حين تذکرهم علي حسب تذکرهم هذا مع ان التذکير حدث لابد فيه من الفعل من الفاعل و الانفعال من المفعول کما ان الکسر ليس يحصل الا بفعل الکاس و انکسار المفعول فان لم‌ينکسر الکاس مثلاً لايقال کسره زيد اذ لا کسر الا بعد الانکسار و لاينسب الي الفاعل انه کسر الا بعد تحقق الکسر فلاتذکير الا بعد التذکر و لاتعريف الا بعد المعرفة و لاتعليم الا بعد التعلم فلاتقوم الحجة لله سبحانه الا بالتذکير و لا تذکير الا بعد التذکر فاذا لا حجة الا بعد التذکير و التنبه و المعرفة فتقوم الحجة علي مقدار التذکر و حين التذکر علي حسب التذکر و هذا هو معني الحجة البالغة فما لم‌يعرف المحجوج الحجة لم‌تکن الحجة بالغة فان معني البلوغ البلوغ الي قلبه و روحه و عقله لا جسده فايما رجل وجد في الدنيا و کان غافلاً او ضعيفاً لم‌يعتبر بخلق السموات و الارض و لا خلق نفسه و لم‌يلتفت الي شيء من ذلک و دب و درج علي الارض کالبهايم المهملة لا حجة عليه في عدم توحيده البتة و ان کان في عالم الذر قد احتج الله سبحانه عليه و عرفه جميع ما ينبغي له و بالاعتراف به يکون هو هو فلا حجة عليه مادام غافلاً و لذا قال الله سبحانه و ما کنا معذبين حتي نبعث رسولاً ولکنه و ان کان غافلاً حيناً ما الا انه اما تجف رطوباته المنسية في الدنيا و لو في آخر عمره بمعاشرة المتذکرين فانهم قد سخن مزاجهم و يسخنون مزاج من عاشرهم فعند ذلک يتعلق به التکليف و يکلف عند تذکره علي مقدار تذکره علي حسب تذکره و اما تجف رطوباتهم في البرزخ فيتذکرون في البرزخ فعند ذلک يوقد لهم نار فلق التکليف و يکلفون الدخول فيها فمن دخلها فهو من المومنين المسلمين و من لم‌يدخلها فهو من الکافرين العاتين و اما تکون کثرة رطوباتهم العارضة بحيث لاتزول بحرارة‌ البرزخ لکثرة تمازجها مع جواهرهم فلايتذکرون في البرزخ و انما يتذکرون في القيمة و تجف رطوباتهم المانعة من التذکر بنار سبک القيمة الا تري ان من سافر من بلد الي بلد و لبث في البلد الثاني زماناً طويلاً حتي نسي معالم ذلک البلد و جاءه من يذکرها له و يذکره اياها فلم‌يتذکر الا بعد تکرير و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 132 *»

ترديد و ذکر قراين و ربما لايتذکر الا بعد حين و ربما لايتذکر الي ان‌يساق به الي الوطن الاصلي فحين يري تلک المنازل و المعالم في الطريق يتذکر العهد القديم و البلد الامين و ربما لايتذکر في الطريق الي ان‌يدخل ذلک البلد فيتذکر و يقول هذا بيت فلان و هذا بيت فلان و هذا سوق فلان و هذا بيتي الذي کنت فيه و هکذا فيتذکر بعد الرؤية انه قد رآه قبل ذلک فعلي ذلک يختلف تذکر الناس في الدنيا و البرزخ و الآخرة و اين ما تذکر يکلف الدخول فيه الا ان التکليف في هذه الدنيا قد ظهر علي صورة‌ الامر و النهي و يظهر في البرزخ و القيمة علي هيئة النار الموقدة التي تطلع علي الافئدة‌ و هيهنا يظهر دخولهم علي هيئة الايتمار و الامتثال و في الاخرة‌ علي هيئة الدخول في النار و تلک النار هي وهج شعاع الاولياء و دخول النار هو الانصباغ بصبغ الولاية اما المؤمن فلايهاب تلک النار لانه منها خلق و بدء و اليها يعود و اما الکافر فيهابه و لايدخله فقد روي الصدوق في التوحيد بسنده عن عبدالله بن سلام مولي رسول الله صلي الله عليه و آله انه قال سألت رسول الله صلي الله عليه و آله فقلت اخبرني ايعذب الله عزوجل خلقاً بلاحجة فقال معاذ الله قلت فاولاد المشرکين في الجنة ام في النار فقال الله تبارک و تعالي اولي بهم انه اذا کان يوم القيمة جمع الله عزوجل الخلايق لفصل القضاء يأتي باولاد المشرکين فيقول لهم عبيدي و امائي من ربکم و ما دينکم و ما اعمالکم قال فيقولون اللهم ربنا انت خلقتنا و لم‌نخلق شيئاً و انت امتنا و لم‌نمت شيئاً و لم‌ٱجعل لنا السنة تنطق بها و لا اسماعاً نسمع و لا کتاباً نقرؤه و لا رسولاً فنتبعه و لا علم لنا الا ما علمتنا قال فيقول لهم عزوجل عبيدي و امائي ان امرتکم بامر تفعلونه فيقولون السمع و الطاعة لک يا ربنا قال فيأمر الله عزوجل ناراً يقال لها الفلق اشد شيء في جهنم عذاباً فتخرج من مکانها سوداء مظلمة بالسلاسل و الاغلال فيأمرها الله عزوجل ان‌تنفخ في وجوه الخلايق نفخة فتنفخ فمن شدة نفختها تنقطع السماء و تنطمس النجوم و تجمد البحار و تزول الجبال و تظلم الابصار و تضع الحوامل حملها و يشيب الولدان من هولها يوم القيمة ثم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 133 *»

يأمر الله تبارک و تعالي اطفال المشرکين ان‌يلقوا انفسهم في تلک النار فمن سبق له في علم الله تعالي ان‌يکون سعيداً القي نفسه فيها فکانت عليه برداً و سلاماً کما کانت علي ابرهيم عليه السلام و من سبق له في علم الله عزوجل يکون شقيا امتنع فلم‌يلق نفسه في النار فيأمر الله عزوجل النار فتلقطه لترکه امر الله و امتناعه من الدخول فيه فيکون تبعاً لآبائه في جهنم و ذلک قوله عزوجل فمنهم شقي و سعيد فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق خالدين فيها مادامت السموات و الارض الا ما شاء ربک ان ربک فعال لما يريد و اما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السموات و الارض الا ما شاء ربک عطاء غير مجذوذ  و فيه بسنده عن زرارة عن ابي‌جعفر عليه السلام قال اذا کان يوم القيمة احتج الله عزوجل علي سبعة علي الطفل و الذي مات بين النبيين و الشيخ الکبير الذي ادرک النبي و هو لايعقل و الابله والمجنون الذي لايعقل و الاصم و الابکم و کل واحد منهم يحتج الله عزوجل عليهم قال فيبعث الله عزوجل اليهم رسولاً فيأجج لهم ناراً فيقول ان ربکم يأمرکم ان‌تثبوا فيها فمن وثب فيها کانت عليه برداً و سلاماً و من عصي سيق الي النار الي غير ذلک من الاخبار و هي تدل بدلالة ‌التنبيه مع ضم دلالة العقل الصريح الموزون و کليات الکتاب و السنة ان السبب عدم تنبههم للتکليف و عدم شعورهم و غفلتهم عما يجب عليهم و عاهدوه في الذر الاول و کذلک مقتضي العدل والانصاف فما لم‌يتذکر الانسان شيئاً لاينبغي تکليفه بل هو قبيح في العقل و لذلک رفع في الشرع الموافق للکون التکليف عن الناسي و الغافل و النائم و الضعيف و الطفل و السفيه و المجنون و الجاهل الي ان‌يتذکروا فعند ذلک يقع التکليف فالذي غافل عن الاعتبار بخلق السموات و الارض و خلق نفسه و لم‌يبعث اليه مذکر لاتکليف عليه فاذا ذکره مذکر حتي عرف و تبين له الرشد من الغي و عرف ان لهذا العالم خالقاً وجب عليه الاذعان به و يحرم عليه الامتناع عنه و يثاب بالاذعان به اذا غفل عن جميع ما سواه و لم‌يتذکر غيره ثم يعمل به في

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 134 *»

الباقي مثل ما قدمنا مفصلاً في التوحيد فيختبر في الباقي بدخول الفلق فاذا ذکره مذکر بالنبوة وجب عليه الاذعان به و حرم عليه الامتناع عنه و يثاب بالاذعان به اذا غفل عن جميع ماسواه ثم يعمل به في الباقي مثل ما قدمنا في التوحيد فيختبر حاله بدخول الفلق فاذا ذکره مذکر بالولاية وجب عليه الاذعان بها و حرم عليه الامتناع عنها و يثاب بالاذعان بها اذا غفل عما سواها الي ان‌يختبر في الباقي بدخول الفلق حتي انه لو سمع جميع تکاليفه من الاصول و الفروع و اخذ بها ولم‌يسمع تکليفاً واحداً جزئياً من الفروع لابد و ان‌يذکر يوما ما و يختبر بدخول الفلق حتي‌يعلم هل يأخذ بذلک التکليف الجزئي ام لا الا ان مراتب الفلق تختلف فمن غفل عن کل التکاليف يکلف بدخول الفلق الکلي و من غفل عن واحد يکلف الدخول في شرر منها او شعبة علي حسب ذلک التکاليف.

بقي شيء و هو ان الآخذين بالتوحيد وحده الغافلين عما سواه اذا کانوا آخذين به علي التحقيق و التسليم و التصديق کماينبغي فلايکادون يمتنعون عن دخول باقي الفلق يوم القيمة فلذلک الذي سمع التوحيد و اقر به کما ينبغي و غفل عما سواه ادخل الجنة البتة و کذلک الاخذ بالنبوة علي الحقيقة الغافل عما سواها و الآخذ بالولاية‌ الغافل عما سواها فکل اولئک من اهل الجنة الا تري ان احداً من الشيعة لايحيط بجميع فضائل آل محمد و شرايع دينهم و لما‌يختبر او بالعرض عليهم و لکنهم رجال اذا عرض عليهم شيء من ذلک عرفوه و اخذوا به و يقولون في حال جهلهم ما قال آل محمد قلنا و ما دان آل محمد دنا و يقولون نحن مؤمنون بسرهم و علانيتهم و شاهدهم و غايبهم و اما من اخذ بالتوحيد او بالرسالة معه او بالولاية معهما ولکنه ليس علي الحقيقة و يجد في نفسه حرجاً من بعض قضاياهم لو قضوا به يوماً ما فاولئک لابد و ان‌يختبروا بنار الفلق فاذا اختبروا يمتنعون عن دخولها البتة و يکون ذلک کاشفاً عن عدم اقرارهم بما اقروا به في الدنيا و آمنوا قال تعالي ماکان الله ليذر المؤمنين علي ما انتم عليه حتي‌يميز الخبيث من الطيب و ماکان الله ليطلعکم علي الغيب ولکن الله يجتبي من رسله من يشاء فالفتن والابتلاآت کواشف عن حقيقة الاقرار السابق فمن کان في قلبه مثقال ذرة انه لو امرني الله

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 135 *»

بکذا و کذا لااقبل کما اضمر ابليس حال اخبار الله ملئکته بانه جاعل في الارض خليفة فاذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ففي الکافي بسنده عن عبدالله الکاهلي قال قال ابوعبدالله عليه السلام لو ان قوما عبدوا الله وحده لاشريک له و اقاموا الصلوة و اتوا الزکوة و حجوا البيت و صاموا شهر رمضان ثم قالوا لشيء صنعه الله او صنعه رسول الله صلي الله عليه و آله الاصنع خلاف الذي صنع او وجدوا ذلک في قلوبهم لکانوا بذلک مشرکين ثم تلا هذه الاية فلا و ربک الاية ثم قال عليکم بالتسليم و عن بريد او زرارة عن ابي‌جعفر عليه السلام قال قال لقد خاطب الله اميرالمؤمنين عليه السلام في کتابه قال قلت في اي موضع قال في قوله و لو انهم اذ ظلموا انفسهم الي قوله فيما شجر بينهم قال فيما تعاقدوا عليه لئن امات الله محمداً لايردوا هذا الامر في بني‌هاشم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت عليهم من القتل و العفو و يسلموا تسليماً بالجملة من آمن بما علم حقيقة کفي علم ما لم‌يعلم کما روي من عمل بما علم کفي علم ما لم‌يعلم و العمل بما علمه موصل له الي الباقي و لو بعد حين

فاذا عرفت هذه المقدمات السديدات فاعلم ان ما سألت عنه حدود الايمان بل حد الايمان و خط الاذعان و ليس بعد الحق الا الضلال الا ان الناس متفاوتون في حد التذکر و قدثبتت المعرفة به و نسوا الموقف و سيذکرونه يوماً ما فمن لم‌يذکر اليوم ما اردت السؤال عنه لسبب غباوته او عدم تذکير المذکرين تقية و خوفاً او لعدم نضج الزمان و عدم استعداد الطبايع فليس يؤخذ به و لايکلف ولکن يکلف بحقيقة الايمان و الاذعان و التسليم لما ذکر من امر التوحيد و النبوة و الولاية و مقتضي حقيقة الايمان بها ان‌يکون بحيث لو عرض عليه شيء من امرهم و حکمهم يقبله فمن لم‌يکن کذلک فليس بمؤمن فالمؤمنون قبل ذلک کانوا مختلفين کما يکون کثير منهم الآن فمن کان في قلبه التسليم للامر لو ظهر و تذکر فهو مؤمن و مع ذلک لابد و ان‌يکلفوا بهذا الامر اما في الدنيا او في البرزخ او الآخرة و يقبلون و يدخلون في الفلق لامحالة و من کان في قلبه ترک

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 136 *»

الامر او ظهر و تذکر فهو کافر و مع ذلک لابد و ان‌يذکروا و يکلفوا بهذا الامر اما في الدنيا او في البرزخ او في الآخرة و لايقبلون و لايدخلون الفلق اذا اجج لهم فتلقطهم لقط الطير الحب قال الله سبحانه ماکان الله ليذر المؤمنين علي ما انتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب و قال احسب الناس ان‌يترکوا ان‌يقولوا آمنا و هم لايفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الکاذبين و قد عرفت ان التکليف بقدر التذکر و علي حسبه فالآن قد ظهر امر حقيقة الرکن الرابع و مراتبهم و مقاماتهم علي الانام علي نهج الکلي علي الابهام و استدل عليه من الکتاب و السنة و دليل الآفاق و الانفس و اتفاق الملل کما کتبنا في رسالتنا المسماة بـ«الزام‌النواصب» و قدذکره مشايخنا اعلي الله مقامهم قبلنا قليلاً کماکان الامر قبلهما ظاهراً ببعض وجوهه و صفاته کالفقاهة و الهداية‌ و الارشاد فقد بينا و زدنا و شرحنا اموراً عظيمة علي الکلية فکل من ظهر له هذا الامر علي نهج الکلية والعموم وجب له التسليم له علي نهج الکلية و من لم‌يظهر له علي نهج الکلية وجب عليه الاخذ بما علم فمن عمل منهم بما علم کفي علم ما لم‌يعلم و هو منا اذا ظهر فانه مسلم الا انه غافل و سيذکره يوماً ما و يأخذه و ان لم‌يفعل فهو کافر و سيعرض عليه الفلق و يهابها البتة کما هابها في الدنيا و اما من ظهر له شيء من ذلک علي الخصوص يجب عليه الاخذ به خصوصاً و سيأتي کيفية معرفة الشخص فقد تبين و ظهر ان الناس قدکلفوا بالشخص في عالم الذر و لما اتوا الي هذه الدنيا دار البلي قدخفي عنهم برهة من الزمان تفضلا عليهم و ترحما فاذا جاء وعده اظهره الله سبحانه و اخذ عليهم ميثاقه و انما مثل ذلک مثل معرفة الائمة عليهم السلام فانه يجب علي کل الرعية معرفة‌ اشخاصهم و تميزهم عن غيرهم باعيانهم و اما اذا ما اقتضت المصلحة العامة خفاء اشخاصهم برهة من الدهر سقط عن الناس معرفة شخصه الي ان‌يظهر و يدل علي ذلک ما رواه في البحار بسنده عن اميرالمؤمنين عليه السلام في حديث طويل قال و اوصاني رسول الله صلي الله عليه و آله يا علي ان وجدت فئة تقاتل بهم فاطلب حقک و الا فالزم بيتک فاني قداخذت

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 137 *»

لک العهد يوم غدير خم بانک خليفتي و وصيي و اولي الناس بالناس من بعدي فمثلک کمثل بيت الله الحرام يأتونک الناس و لاتأتيهم يا ابا الحسن حقيق علي الله ان‌يدخل اهل الضلال الجنة و انما اعني بهذا المؤمنين الذين قاموا في زمن الفتنة علي الايتمام بالامام الخفي المکان المستور عن الاعيان فهم بامامته مقرون و بعروته متمسکون و لخروجه منتظرون موقنون غير شاکين صابرون مسلمون و انما ضلوا عن مکان امامهم و عن معرفة شخصه يدل علي ذلک ان الله تعالي اذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلاً علي اوقات الصلوة فموسع عليهم تأخير الموقت ليتبين لهم الوقت بظهورها و يستيقنوا انها قدزالت فکذلک المنتظر لخروج الامام عليه السلام المتمسک بامامته موسع عليه جميع فرايض الله الواجبة عليه مقبولة منه بحدودها غير خارج عن معني ما فرض عليه فهو صابر محتسب لاتضره غيبة امامه الخبر اقول و کذلک اخذ الله علي الناس ان‌يتوجهوا الي القبلة في صلوتهم و قال فول وجهک شطر المسجد الحرام و حيث ما کنتم فولوا وجوهکم شطره فاذا غاب عنه الاعلام الدالة ‌الموضوعة لمعرفة‌ القبلة لعلة فيسعه التوجه الي اي جهة کانت حتي يعرف وجه القبلة و هذا الحديث الشريف کاشف عن جميع ما ذکرنا و شاهد علي جميع ما بينا و في الکافي بسنده عن يعقوب بن شعيب قال قلت لابي‌عبدالله عليه السلام اذا حدث علي الامام حديث کيف يصنع الناس قال اين قول الله عزوجل فلولا نفر من کل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون قال هم في عذر ماداموا في الطلب و هؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتي‌يرجع اليهم اصحابهم و في رواية من مات في ذلک هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجراً الي الله و رسوله ثم يدرکه الموت فقدوقع اجره علي الله اقول ففي ايام الضلالة علي المسلمين ان‌يقولوا اللهم انا نأتم بخليفتک و حجتک اليوم علي عبادک من آل محمد عليهم السلام حتي‌يعرفوا الشخص و العين فکما کان معرفة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 138 *»

‌الامام واجبة بالخشص و العين و روت العامة و الخاصة من مات و لم‌يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ولکن الله العدل تعالي شأنه وسع حين خفائه لاجل الفتنة ان‌يسلموا للامام الموجود الخفي علي الابهام من غير معرفة الشخص کذلک اوجب الله معرفة ‌الرکن الرابع کماقال علي بن الحسين عليهما السلام في الحديث الذي ذکرت و يجب معرفة اشخاصهم و اعيانهم فان ظهروا فهو و الا يجب ان‌يسلم لهم علي الابهام و يقولوا اللهم انا نوالي اولياء آل محمد عليهم السلام و مسلمون لهم امرهم وحکمهم و نعادي اعدائهم حتي‌يظهروا باشخاصهم هذا مع ان هذا الرکن له مراتب عديدة و لايمکن رفع هذا الرکن بالکلية فان الله سبحانه جعله متمم الايمان في کل رتبة علي حسب تلک الرتبة فان خفي عن الناس رتبة لعدم استعدادهم فلايفقدون رتبته التي يحتملونه و ان غفلوا عن رتبة‌ فلايغفلون عن اخري و يحتج الله سبحانه عليهم بما يحتملونه منه و يتذکرونه و ما ذکرنا هنا حکم الغافلين عما غفلوا عنه لا ما تذکروه و لابد و ان‌يحتج الله علي خلقه برتبة من هذا الرکن لانها مقاماته التي لا تعطيل لها في کل مکان يعرفه بها من عرفه فيجب علي کل انسان ان‌يؤمن بما قدظهر له و تذکر من هذا الامر بقدر رتبته و سعته وتذکره قال الله سبحانه معاذ الله ان‌نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون و سيأتي تفصيل ذلک فيما بعد ان شاء الله و في ما ذکرت لک هنا بلاغ و کفاية و الله علي ما نقول کفيل.

 

قال ايده الله و علي تقدير لزوم المعرفة الشخصية بماذا يعرف هؤلاء الاشخاص في زمن الغيبة أبنص من الامام عليه السلام بحيث يفهمه المکلفون و هو ممنوع او بنص من السابق علي اللاحق و هو متوقف علي معرفة‌ السابق او بادعاء ذلک المقام و هو غير مسموع منه بغير البينة.

اقول النص من الامام الغايب المنتظر عجل الله فرجه في هذه البلاد علي شيعته ممنوع لعدم استعداد الناس لسماع صوته و رؤية شخصه فلايمکن النص من الامام عليه السلام علي الشيعة و الذي يفوز برؤيته وسماع صوته عليه السلام

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 139 *»

هو بنفسه من الکملين الخصيصين و هو ممن ينبغي ان‌ينص عليه و هو بنفسه هو المدعي فلاينفع الناس النص الذي يدعيه لنفسه و اما نص السابق علي اللاحق فينفع بعد معرفة السابق بما ينبغي ان‌يعرف کما يأتي فاذا عرف السابق فنصه مطاع و الرد عليه علي حد الشرک بالله لقوله عليه السلام في المقبولة الحنظلية قال ينظران من کان منکم قدروي حديثنا ونظر في حلالنا و حرامنا و عرف احکامنا فليرضوا به حکماً فاني قد جعلته عليکم حاکماً فاذا حکم بحکمنا فلم‌يقبل منه فانما استخف بحکم الله و علينا رد والراد علينا الراد علي الله و هما علي حد الشرک بالله الخبر. فاذا حکم بحکم آل محمد عليهم السلام علي رجل بعده انه الذي يجب الرجوع اليه بعده و هو الذي يرجع الامر اليه بعده وجب اتباع حکمه و کماروي عن الحجة عليه السلام اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي روات اخبارنا فانهم حجتي عليکم و انا حجة الله و في محاسن البرقي عن العالم عليه السلام ما معناه ان الله خلق المؤمن من نور عظمته و جلال كبريائه فمن رد عليه قوله او طعن عليه فليس لله فيه حاجه و انما هو شرك شيطان نقلته بالمعني و لم‌يحضرني الکتاب لاراجعه فان کان مختلفا في اللفظ فالمعني قريب ان شاء الله فاذا کان السابق معروفاً فنصه مطاع فان قوله قول الله و فعله فعل الله و الرد عليه رد علي الله و هو علي حد الشرک بالله و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي و نصله جهنم الاية و اما ادعاء ذلک المقام فلا شک انه غير مسموع ابداً الا ببينة فان الله سبحانه يقول و ماکان الله ليضل قوما بعد اذ هديهم حتي‌يبين لهم ما يتقون و قال تعالي شأنه ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة و قال سبحانه لله الحجة البالغة فلو شاء لهديکم اجمعين و جعل سبحانه علامة الصدق البرهان و قال قل هاتوا برهانکم  ان کنتم صادقين و ذم قوما فقال و من الناس من يجادل في الله بغير علم و لا هدي و لا کتاب منير و امر و قال  فاسألوا اهل الذکر ان کنتم لاتعلمون بالبينات و الزبر و ذلک معلوم عند کل عاقل و قد شاع و ذاع حتي ملأ الاصقاع ان البينة علي المدعي و لايخالف في ذلک اثنان و البينة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 140 *»

ما يبين حقية المدعي في الدعوي و يرفع الجهالة علي الناس و يجب الاخذ به اذا تبين و لا تبين الا بعد الوضوح قال سبحانه في الاية‌ السابقة حتي‌يبين لهم ما يتقون.

 

قال سلمه الله و ايضا علي تقدير لزوم المعرفة لاريب ان المعرفة ليست باختيار المکلفين بل لابد لهم من التعريف و التبيين و علي هذا فما حد التعريف الشخصي و ما مبلغ الادعاء و کيفيته.

اقول هذا بديهي ان الله سبحانه لم‌يکلف الناس ان‌يحصلوا المعرفة لانفسهم فانهم ليسوا بخالقين و موجدين لاسيما حين فقدانهم للامر فالفاقد للمعرفة لايقدر علي ايجاد المعرفة التي لايعرفها لنفسه و انما هو علي الله سبحانه ان‌يعرف خلقه ما اراد منهم و يوجد المعرفة لهم و يدل علي ذلک ما قيل لابي‌عبدالله عليه السلام المعرفة من صنع من هي قال من صنع الله عزوجل و ليس للعباد فيها صنع و قال ان الله عزوجل احتج علي الناس بما آتيهم و عرفهم و قال ليس لله علي خلقه ان‌يعرفوا قبل ان‌يعرفهم و للخلق علي الله ان‌يعرفهم و لله علي الخلق اذا عرفهم ان‌يقبلوه و قال لرجل اکتب ان من قولنا ان الله يحتج علي العباد بما آتيهم و عرفهم الخبر و قيل له اصلحک الله هل جعلت في الناس اداة ينالون بها المعرفة فقال لا فقيل فهل کلفوا المعرفة قال لا علي الله البيان لايکلف الله نفساً الا وسعها و لايکلف الله نفساً الا ما آتيها الي غير ذلک من الاخبار فلابد من تعريف الله سبحانه و قد ذکرنا سابقاً ان التعريف حدث لابد في تکونه من فعل الله سبحانه و قبول المحل له کالکسر و الانکسار فما لم‌تکسر فلا کسر و ما لم‌ينکسر الکاس فلا کسر ايضاً فالتعريف يکون بفعل الله سبحانه و الانکشاف و التبين للعبد کما انک اذا عرفت شيئاً مجهولاً لرجل عربي بلغة الهند فلم‌ينکشف له الحال لايقال عرفت و انما يقال عرفته اذا انکشف له الحال و تبين و صار علي بصيرة و لاجل ذلک لايکون تکليف علي الصبيان و المجانين و السفهاء مع انتشار الدعوة لعدم انکشاف الحال لهم فحد التعريف الشخصي النص علي الشخص الخاص بالاشارة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 141 *»

المميزة له عن غيره بلغة يفهمه المخاطب ان کان ذلک بنص مسلم سابق معروف و الا فبظهور آثار ما يدعيه بقدر ما يدعيه عليه قال الشاعر:

کل من يدعي بما ليس فيه

کذبته شواهد الامتحان

فان کان الرجل يدعي علم الصرف يمتحن بالمسائل الصرفية يمتحنه اهل الخبرة به فلابد للعالم بالصرف المدعي له ان‌يظهر عليه آثاره و آثاره العلم بالمسائل و بيانه و حله علي طبق ما بينه اهله و ان کان ما بينوه في البعض خطاء عليه ان‌يبينه بادلتهم و براهينهم وجه خطائهم و مثال ذلک الممسکة المسدود الفم لايجب ان‌يفوح منها رايحة المسک فان فتح فوها و کان فيها مسک يجب ان‌يفوح منها رايحة المسک و يخرج منها عين المسک و الا فليس فيه مسک و کذلک الرجال فمادام کانوا صامتين لاينطقون لايجب ان‌يظهر عنهم آثار ما سکتوا عنه فان فتحوا افواههم و ادعوا امراً و نطقوا لابد و ان‌يظهر منهم آثار ما اندمجوا به و انطووا عليه و الا فهو کاذب فان الله سبحانه جعل ذلک علامة الصدق و قال هاتوا برهانکم ان کنتم صادقين و الکاذب لا برهان له علي دعواه فکل من يدعي امراً لابد و ان‌يظهر منه الاثار علي حسب دعواه و علي مقدار دعواه و الا فهو کاذب فالرجل ان کان يدعي انه فقيه له علامات يعرف بها و تلک العلامات هي اسباب تعريف الله سبحانه ما هو عليه فان الله سبحانه جعل آية تعريف کل شيء آثاره و اشعته و انواره فاذا اراد الله سبحانه ان‌يعرفک امراً خفياً عرفک بآثاره و اشعته فالمدعي للفقه ان کان صادقاً فان الله سبحانه جعل للفقه اشعة و انواراً و آثاراً فيمتحن بها و تلک الاثار ان‌يظهر منه ما ظهر من ساير العلماء بالفقه من البيان و الکتب لجميع ما هو من شروطه و متمماته و مکملاته من الصرف و النحو و المعاني و البيان و اللغة و التفسير و الحديث و الدراية و الاصول و غير ذلک فان ظهر له الآثار علي حسب ما ظهر من ساير العلماء الاخيار فهو فقيه فان انضم مع ذلک العمل و کان عادلاً و عرف منه ذلک فهو فقيه جامع لشرايط الفتوي و يجوز الترافع اليه و الاخذ بحکمه واما ظهور ذلک للطلاب المراهقين المشرفين علي التفقه فهل غاية السهولة و اما العوام الذين لايعرفون من العلوم شيئاً فيعرفون

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 142 *»

ذلک بتصديق اهل الخبرة و البصيرة و جلوسه في مجلس الفتوي و رجوع العوام و الخواص اليه مع عدم نکير عليه بعد الفحص عن حاله فاذا کان کذلک وجب علي العوام التصديق له البتة و لايقال انه ربما يرجعون اليه خوفاً و لاينکر عليه فرقاً و يرجعون اليه الخواص طمعاً فان ذلک شبهات من لايعرف لنفسه رباً فان کان له رب فالله سبحانه يقول ان الله لايصلح عمل المفسدين فان کان کل احد يخاف منه فالحجة لايخاف منه والله لايخاف منه و لابد في الحکمة ان‌يبطل امره و يظهر فساده قال الله سبحانه ان الباطل کان زهوقاً و قال بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه و قال ليحق الله الحق بکلماته و يبطل الباطل فتقرير الله سبحانه للفقيه بقدر فقهه لابد وان‌يکون و ان لبس امره احد و سخر الناس بظلمه المخفي لابد و ان‌يفضحه الله قال الصادق عليه السلام في حديث طويل لاجرم ان من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام انه لايريد الا صيانة دينه و تعظيم وليه لم‌يترکه في يد هذا الملبس الکافر ولکنه يقيض له مؤمناً يقف به علي الصواب ثم يوفقه الله للقبول منه فيجمع الله له بذلک خير الدنيا و الاخرة و يجعل علي من اضله لعن الدنيا و عذاب الآخرة انتهي فلابد في حقية کل مدع التمسک بالتقرير علي مقدار ادعاه فاذا ادعي مدع انه صائغ و قرره الله و الامام فهو مقرر في صياغته لا نجارته فاذا قرر الامام الفقيه في فقه فهو مقرر يجب اخذ الفقه عنه خاصة و انما بينا ما بينا لاجل المثل فالمدعي لمقام النجابة لابد و ان‌يظهر منه آثار النجابة و يأتي آثاره و علاماته في ما بعد ذلک و علامات النجيب شيء يعرفه العلماء البالغين کما کان علامات الفقهاء مکشوفة للمراهقين و کذلک يعرفه المراهقون لفنون شتي و علوم متفرقة مع عدالة ‌زائدة علي عدالة الشهود والائمة و المفتين و القضاة کما يأتي و ادعائه للنجابة و تصديه لنفي تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و حل المشکلات و بيان المعضلات من کل فن بحيث يذعن له اهل کل فن ان ما قاله حق و صواب و يجب في کل فن بلغة اهل ذلک الفن حتي‌يذعنوا له

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 143 *»

بالعلم بذلک الفن فاذا تحقق له هذه العلامات و هو مدع لمقام النجابة و قرره الله سبحانه ولم‌يبعث احداً يبطل دعواه وجب علي الناس قبول امره و نهيه و تولاه و التبري ممن رد عليه بعد البيان لا قبله و لايحتاج في دعوي النجابة الي اظهار خارق للعادة و اثر غير ما ذکرنا و تفصيل ذلک يأتي ان شاء الله تعالي و اما المدعي لمقام النقابة فلابد و ان‌يظهر منه آثار النقابة و علاماته و هو التصرف في الاکوان و الخوارق للعادة بسبب ما تحمله من اسماء الله العظام مقروناً بدعويه و ما ذکرنا في آثار النجيب من العلم و العمل و العدالة ثم الادعاء للنقابة و التصدي للامر والحکم و الدعوة و تصديق اهل الخبرة من کل فن له وتقرير الله سبحانه له مع ذلک فاذا تحقق له هذه الشروط وجب علي العوام و الخواص اتباع امره و نهيه و التصرف عن حکمه و الولاية له و لاوليائه و البراءة من اعدائه بعد البيان لا قبله فهذاکيفية تعريف الله سبحانه کما عرف الشمس بانوارها و اشراقها و عرف السماء برفعتها و دورانها و عرف الارض بضعتها و سکونها وعرف المسک بعرفه و طيبه و عرف کل شيء بآثاره و علاماته و ذلک لان الله سبحانه جعل لکل شيء دليلاً و علي لک شيء برهاناً فاذا اظهر الله سبحانه في ملکه شيئاً و عرف دليله و برهانه فقد عرفه عباده و اراد منهم ما جعل فيه من دلالته فکم من آية في السموات و الارض يمرون عليها وهم عنها معرضون ان في خلق السموات و الارض و اختلاف الليل و النهار لآيات لاولي الالباب الذين يذکرون الله قياماً و قعوداً و علي جنوبهم و يتفکرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانک فقنا عذاب النار و من تلک الاشياء النجيب و النقيب فاذا اظهرهما الله سبحانه و عرف دليلهما و برهانهما و بين امرهما اراد منهم اتباعهما و الصدور عن حکمهما فاذا لم‌يظهرهما و لم‌يعرف ادلتهما و آثارهما لم‌يرد من عباده الا بقدر ما اظهره و اما قولکم و ما مبلغ الادعاء و کيفيته فاعلم ان الله سبحانه اختار قوماً للرسالة الي خلقه و جعلهم موصوفين بصفة الرسالة فلايکونون الا رسلاً و لايدعون

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 144 *»

الا العبودية و الرسالة و اختار قوماً للوصاية و الامامة و جعلهم موصوفين بصفة الامامة فلايکونون الا اوصياء و ائمة و لايدعون الا الوصاية و الامامة و لايدعون الرسالة ابداً فضلاً عن الالوهية و اختار قوماً للنقابة و جعلهم موصوفين بصفة النقابة فلايکونون الا نقيباً و لايدعون الا النقابة و العبودية لآل محمد عليهم السلام و لايدعون الامامة المطلقة و لا الرسالة فضلاً عن الالوهية و اختار قوماً للنجابة وجعلهم موصوفين بصفة النجابة فلايکونون الا نجيباً و لايدعون الا النجابة و العبودية لآل محمد عليهم السلام و الاطاعة للنقباء و لايدعون النقابة ولا الامامة المطلقة و لا الرسالة و لا الالوهية و لکل منا مقام معلوم و من يقل منهم اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم فلو کان جايزاً لکل احد ان‌يدعي مقام العالي لما ظهر فيه من آية‌ العالي و لفنائه عند سطوع ذلک العالي لاختلط الامر و لم‌يعرف العالي من الداني و لم‌يعرف التفاضل بينهم و لم‌يعرف ايهما رب و ايهما عبد ارأيت لو ان المرآة فنيت في جنب الشمس يسعها ان‌تدعي انها شمس وتنکر کونها مرآة حاشا لايسعها و ان فنيت و انما لها ان‌تدعي الفناء و التلاشي و الاضمحلال و امثل لک مثالاً تعرف منه طريق اشتباه الناس و اضلالهم للجهال فقد جادلت يوماً رجلاً و القمته حجراً و کان قد قرأ عليّ العلم وتلمذ عندي قصم الله ظهره و بتر عمره الا انه وقع في شبه کثيرة من طريق المتصوفة و الملاحدة فالحد و لم‌يقبل القول مني بعد البيان کان يجادلني بان المکتوب في القرطاس اذا کان لفظة الله هو الله لا غير قلت له اليس انک کتبته و احدثته و لم‌يک مکتوب فقال ليس بحادث فاني ما کتبت لفظ الحادث قلت نعم لم‌تکتب لفظ الحادث ولکن کتبت لفظ الالف و اللامين و الهاء فهو مخلوقک و هو حادث فکان ينحاد عني و يقول هذا ليس بمخلوق لان المخلوق ميم و خاء و لام و واو و قاف فاقول له سبحان الله فهذا المکتوب قديم خالق لجميع العالم فانه اذا کان هو الله کان کذلک فکان يتوحل و قلت له ان هذا اسم مکتوب فکان يقول ليس باسم مکتوب فان لفظ الاسم المکتوب حروفه غير هذه الحروف و هکذا يجادلني بمجادلات سوفسطائية مضلة له و لم‌يتفطن انه يکتب و يمحي و هو حادث مخلوق و ان کان

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 145 *»

يقرؤ کذلک و يري کذلک فکذلک الامر يا شيخي في ساير المخلوقات فالانسان و ان بلغ مبلغاً يکون فيه اسماً للعالي الا انه اسم و العالي مسماه و الاسم غير المسمي سأل رجل اباجعفر عليه السلام فقال اخبرني عن الرب تبارک و تعالي له اسماء و صفات في کتابه و اسماؤه و صفاته هي هو فقال ابوجعفر عليه السلام ان لهذا الکلام وجهين ان کنت تقول هي هو اي انه ذو عدد و کثرة فتعالي الله عن ذلک و ان کنت تقول هذه الاسماء و الصفات لم‌تزل فان لم‌تزل يحتمل معنيين فان قلت لم‌يزل عنده في علمه و هو مستحقها فنعم و ان کنت تقول لم‌يزل تصويرها و هجاؤها و تقطيع حروفها فمعاذ الله ان‌يکون معه شيء غيره بل کان الله  لا خلق ثم خلقها وسيلة بينه و بين خلقه يتضرعون بها اليه و يعبدونه وهي ذکره و کان الله و لا ذکر و المذکور بالذکر هو الله القديم الذي لم‌يزل و الاسماء و الصفات مخلوقات و المعني بها هو الله الذي لايليق به الاختلاف و لا الايتلاف و انما يختلف و يأتلف المتجزي فلا يقال الله مختلف و مؤتلف و لا الله قليل و لا کثير ولکنه القديم في ذاته لان ماسوي الواحد متجز و الله واحد لا متجز و لا متوهم بالقلة و الکثرة و کل متجزة او متوهم بالقلة و الکثرة فهو مخلوق دال علي خالق له الخبر و قال ابوعبدالله عليه السلام لهشام في حديث الاسم غير المسمي فمن عبد الاسم دون المعني فقد کفر و لم‌يعبد شيئا و من عبد الاسم و المعني فقد اشرک و عبد اثنين و من عبد المعني دون الاسم فذاک التوحيد افهمت يا هشام الخبر تدبر في هذا الخبر الشريف و الذي قبله تجد شفاء من کل داء و اماناً من کل خوف.

و اعلم ان المخلوق کائناً ما کان بالغاً ما بلغ من مبدء الوجود الي منتهي الشهود لايتجاوز حد الاسمية و الوصفية و ان کان صفة الموصوف ايضاً من الخلق الا انها ايضاً صفة الا انها علي صيغة المفعول و ليس للصفة ان تدعي انها الذات القائمة القديمة و ان ادعي انه اسم و لم‌يذکر لفظ الاسم فان الاسم غير المسمي و من يقل منهم اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم قال عليه السلام اجعلوا لنا رباً نؤب اليه و قولوا فينا ما شئتم و لن‌تبلغوا فالحوادث يترقون في الوصفية ابداً انتهي

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 146 *»

المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شکله فليس لمخلوق ان‌يقول اني خالق قديم دائم لا ازول و ان کان صفة فان الصفة هجاء الخالق و تصويره و هي حادثة مخلوقة لاتدوم و تزول و هي اين ما ترقت حادثة زايلة و ليس لها ازيد من ادعاء الوصفية و الاسمية و اعلم ان ما ذکرت لک هو النمرقة الوسطي اليها يرجع الغالي و بها يلحق التالي من تقدم عليها مارق و من تخلف عنها زاهق و المتمسک بها لاحق فاني ما ذکرت لک ذلک من عند نفسي بل هو من قول ساداتي و انا به زعيم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليکفر و لم‌ازو عنک شيئاً و ذکرت لک کل شيء تريد و ما ذکرت لک فوق ما يذکره الناس و لکنهم مع قصورهم عن هذه الرتبة ربما يغلون من حيث هم مقصرون و هم لايعلمون فالزم ما ذکرت لک و اعرف به حد الادعاء و کيفيته و لماکانت الاسماء مضمحلة متلاشية عند المسميات بحيث لاتدرک بنفسها ابداً الا بعد العزم الخاص کما انک اذا قلت رأيت زيداً لايتنبه احد انک تريد الزاء و الياء و الدال بل يعرف انک اردت المسمي اي الشخص و علي ذلک بناء الاسلام و الايمان و العرف و الاديان فلايجوز حمل الاسم علي شيء علي نحو الاطلاق الا بالتلويح واقامة القرينة علي ارادة نفس الاسم و من رام غير ذلک کفر بالذي انزل السبع المثاني و القرآن العظيم و هومرتد کافر نجس يجب قتله علي من سمعه و الظاهر علي طبق الباطن و قد علم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هيهنا و الظاهر وعاء الباطن و کل ذي وعاء علي هيئة وعائه البتة بل کل وعاء ظهور ذي الوعاء فاذا کان ذلک کذلک في العرف و الشرع فلايجوز حمل ذلک ايضاً في الباطن الا مع اقامة القرينة الصارفة عن المسمي المعينة لغيره فمن قال ان لفظة «باء» تجر الله و تغيره و تعمل فيه و لم‌يقم قرينة علي ان المراد لفظة الله فقد کفر فان الله القديم تعالي شأنه لا يتغير و لا يتبدل و لايعمل فيه عامل و لايخفضه شيء ابداً فافهم فاني اوضحت و شرحت ما اخاف ابرازه من المقامات العلية ولکن بالتلويح و ذلک کاف ان شاء الله و لايجوز ازيد من ذلک.

 

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 147 *»

قال سلمه الله حرمة ادعاء رتبة الامامة في زمن الغيبة بديهية لان الفرض غيبة وصف الامامة عن الاشخاص و الادعاء مخالف للمرام لانقلاب الخفاء حينئذ الي الظهور فلابد من ان‌يکون التعريف في زمان الغيبة لغير رتبة‌ الامامة بحسب مصالح الرعية من اوصافه عليه السلام و شؤناته و ظهوراته و هل التعريف يکون علي حد سواء بالنسبة الي جميع افراد الرعية مع اختلاف مراتبهم فمنهم من يکون تالياً لرتبته عليه السلام کالارکان و منهم من يکون تالياً للتالي کالنقباء و هکذا يتنزل الامر منه عليه السلام شيئاً فشيئاً الي ان‌ينتهي الي رتبة الجماد و مادونه مما لا نهاية له لبطلان الطفرة و لکل درجات مما عملوا و ما منا الا له مقام معلوم و انزلنا من السماء ماء فسالت اودية بقدرها و لازم ذلک اختلاف مراتب التعريف بحسب مراتبهم فيوصف نفسه للارکان بوصف الامامة و يعرف نفسه لهم بها و للنقباء بوصف دون ذلک و للنجباء بادون من ذلک و هکذا.

اقول ان للامامة اطلاقات فمرة يقال الامام و يراد به الامام المطلق الحجة المعصوم من آل محمد عليهم السلام و هم بعد النبي صلي الله عليه و آله لايزيدون علي الاثني‌عشر اولهم علي اميرالمؤمنين و اخرهم القائم عليهم السلام و مرة يطلق الامام علي الحجة المقدم مطلقا و بهذا الاطلاق يطلق الامام علي النبي ايضاً و منه قوله تعالي لابرهيم اني جاعلک للناس اماماً قال و من ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين و مرة يطلق الامام علي الکتاب کتاب الله المنزل من السماء کقوله تعالي فسيقولون هذا افک قديم و من قبله کتاب موسي اماماً و رحمة و هذا کتاب مصدق لساناً عربياً و قوله تعالي أفمن کان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه و من قبله کتاب موسي اماماً و رحمة علي قراءة و ذلک لان الکتاب هو المقدم الحکم بين الامة کماقال تعالي الم‌تر الي الذين يدعون الي کتاب الله ليحکم بينهم و من هذا الباب قوله تعالي و کل شيء احصيناه في امام مبين علي احد المعاني اي کتاب مبين لان القرآن فيه تفصيل کل شيء و مرة‌ يطلق الامام علي المقدم في الصلوة و ان لم‌يکن معصوماً و هو امام الجماعة و مرة‌ يطلق الامام علي المقدم علي

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 148 *»

اهل الباطل فانهم يتبعونه و يقتدون به و منه قوله تعالي و جعلناهم ائمة يدعون الي النار و مرة يطلق علي المقتدي به سواء کان حقاً او باطلاً و منه قوله تعالي يوم ندعوا کل اناس بامامهم علي احد المعاني و قديطلق الامام علي من ائتم به من رئيس او غيره و لذلک يطلق علي الفقهاء الامام و من هذا الباب ما اطلق علي المؤمن الامام کما في آخر حديث همام و من هذاالباب قولهم ائمة اللغة و ائمة الشعر و ائمة الفقه و التفسير و الحديث و غير ذلک قال في القاموس الامام ما ائتم به من رئيس و غيره الي ان قال و الخيط يمد علي البنا فيبني عليه و الطريق و قيم الامر المصلح له و القرآن و النبي صلي الله عليه و آله و الخليفة و قائد الجند و ما يتعلمه الغلام کل يوم و ما امتثل عليه المثال و الدليل الحادي و تلقاء القبلة و الوتر و خشبة يسوي عليها البناء فقدتبين ان للامام اطلاقات صحيحة و لکل واحد شواهد فالامامة التي لايجوز ادعاؤها هي مقام آل محمد عليهم السلام لغيرهم فليس لغيرهم لا في حال حياتهم و لا مماتهم و لا غيبتهم و لا حضورهم ان‌يدعي ذلک المقام فانه ليس لاحد في مثل الذي جبلهم الله عليه نصيب لا نبي مرسل و لا ملک مقرب و لا غيرهم من الانس و الجن فلايدعي ذلک المقام احد الا و خر من ابعد من السماء و هلک و ساوي الغاصبين لحقوقهم و الراقين مرقاهم و الجالسين مجلسهم و لايجسر علي ذلک الارکان و النقباء و النجباء فضلاً عن غيرهم و من يقل منهم اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم وانما طرد آدم علي نبينا و آله و عليه السلام من الجنة حين طمع مشاکلة مقامهم ولکن الصوفية سهلوا الخطب فادعوا الالوهية حتي‌لايشکو احد من دعويهم النبوة والامامة و اما المؤمنون فعندهم الامامة اعظم قدراً و افخم خطراً من ان يتصورا ادعاء مقامها او درکها اذ هي مقام قدخضع کل شيء لرفعته و بخع کل موجود لشرفه و ذل کل شيء عند کبريائه فلايسبقه سابق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراکه طامع فقد روي في الکافي بسنده عن عبدالعزيز بن مسلم قال کنا مع الرضا عليه السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فاداروا امر الامامة و ذکروا کثرة اختلاف الناس فيها فدخلت علي سيدي

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 149 *»

فاعلمته خوض الناس فيه فتبسم عليه السلام ثم قال يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن اديانهم ان الله عزوجل لم‌يقبض نبيه حتي اکمل الدين و انزل عليه القرآن فيه تبيان کل شيء بين فيه الحلال و الحرام و الحدود و الاحکام و جميع ما يحتاج اليه الناس کملاً فقال عزوجل مافرطنا في الکتاب من شيء و انزل في حجة الوداع و هي آخر عمره صلي الله عليه و آله اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام ديناً و امر الامامة من تمام الدين و لم‌يمض صلي الله عليه و آله حتي يبين لامته معالم دينهم و اوضح لهم سبيلهم و ترکهم علي قصد سبيل الحق و اقام لهم علياً عليه السلام علماً واماماً و ماترک شيئاً يحتاج اليه الامة الا بينه فمن زعم ان الله عزوجل لم‌يکمل دينه فقد رد کتاب الله و من رد کتاب الله فهو کافر هل تعرفون قدر الامام و محلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم ان الامامة اجل قدراً و اعظم شأناً و اعلي مکاناًو امنع جانباً و ابعد غوراً من ان‌يبلغها الناس بعقولهم او ينالوها بآرائهم او يقيموا اماماً باختيارهم ان الامامة خص الله عزوجل بها ابرهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرفه بها و اشاد بها ذکره فقال اني جاعلک للناس اماما فقال الخليل سروراً بها و من ذريتي قال الله تبارک و تعالي لاينال عهدي الظالمين فابطلت هذه الاية امامة کل ظالم الي يوم القيمة و صارت في الصفوة ثم اکرمه الله تعالي بان جعلها في ذرية اهل الصفوة و الطهارة الي ان قال ان الامامة هي منزلة‌ الانبياء و ارث الاوصياء ان الامامة خلافة الله و خلافة الرسول صلي الله عليه و آله و مقام اميرالمؤمنين و ميراث الحسن و الحسين عليهم السلام الي ان قال الامام امين الله في خلقه و حجته علي عباده و خليفته في بلاده و الداعي الي الله و الذاب عن حرم الله الامام المطهر من الذنوب و المبرؤ من العيوب المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم نظام الدين و عز المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الکافرين الامام واحد دهره لايدانيه احد و لايعادله عالم ولايوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفضل کله من غير طلب منه

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 150 *»

له و لا اکتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام او يمکنه اختياره هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الالباب و خسئت العيون و تصاغرت العظماء و تحيرت الحکماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الالباء و کلت الشعراء و عجزت الادباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه او فضيلة من فضائله و اقرت بالعجز و التقصير و کيف يوصف بکله او ينعت بکنهه او يفهم شيء من امره او يوجد من يقوم مقامه و يغني غناه لا کيف و اني و هو بحيث النجم من يد المتناولين و وصف الواصفين فاين الاختيار من هذا و اين العقول عن هذا و اين وجد مثل هذا اتظنون ان ذلک يوجد في غير آل الرسول محمد صلي الله عليه و آله کذبتهم و الله انفسهم و منتهم الاباطيل فارتقوا مرتقاً صعباً دحضاً تزل عنه الي الحضيض اقدامهم الي غير ذلک و الحديث شريف طويل و ان شئت فراجع فاذا کانت الامامة هکذا و فوق هذا فکيف يسع احداً ادعاء الامامة المطلقة غير آل محمد عليهم لاسلام و قدنزل فيهم قوله تعالي و يوم القيمة تري الذين کذبوا علي الله وجوههم مسودة فقد روي في الکافي عن سورة بن کليب عن ابي‌جعفر عليه السلام قال قلت قول الله عزوجل يوم القيمة تري الذين کذبوا علي الله وجوههم مسودة قال من قال اني امام و ليس بامام قال قلت و ان کان علوياً قال و ان کان علوياً قلت و ان کان من ولد علي بن ابي‌طالب قال و ان کان و عن الفضيل عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال من ادعي الامامة و ليس من اهلها فهو کافر هـ فکيف يجوز لاحد ادعاء الامامة فيا شيخي ان القوم قد تاهت احلامهم و ضلت اوهامهم حيث زعموا ان في کل دان آية العالي فاذا اضمحل الداني في تلک الاية يسعه ادعاء الامامة و خسروا و خابوا بذلک الزعم فانا قدقررنا في الحکمة ان الداني اين ما ترقي لايصعد فوق رتبته و غاية‌ رتبته مقام المثال الملقي في هويته فلايتجاوز ذلک المثال کائناً من کان بالغاً ما بلغ و ان الاسم و ان کان يدعي و يري و يسمع علي ما هو عليه الا انه اسم وليس له ان‌يدعي انه المسمي المعني

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 151 *»

بالاسم و ان اراد کونه اسماً فعليه ان‌ينصب قرينة انه اراد الاسمية لا المراد به و لو کان ذلک جايزاً لکان يدعي رسول الله صلي الله عليه و آله انه الله بلا اکتراث فانه اولي الناس بالادعاء و لکان يدعي علي عليه السلام انه الله و انه رسول الله من غير اقامة قرينة و في ذلک بوار الدعوة و هلاک الدين و فناء الشرع المبين و خلط الامر بحيث لايبقي لاحد بصيرة بامر من الايمان والکفر و علي ذلک يکون في کل احد آية التوحيد و نور النبي المجيد و صفة‌ الولي الحميد فليدع المدعي انه الاله الذي خلق الخلق اجمعين او هو الذي بعث الرسول الامين و اوحي اليه بالکتاب و الشرع المبين و نصب اميرالمؤمنين و من بعده من الوصيين انظر هل يجوز مثل هذا الادعاء في الاسلام و هل يبقي تميز بين الحجة و المحجوج و الاله و العبيد و النبي و الامة و الولي و الشيعة الم‌يعلموا ان الذي فيهم في العالي اعلي منه و اشرف و اعظم بل العالي مؤثر له و هو اثر قائم بامره فکلما کان فيه من مقام و آية يکون في العالي اعظم منه موجوداً فبقي الامر علي ما کان فالداني عبد ابداً و العالي رب له ابداً و هکذا العالي بالنسبة‌ الي اعلي منه فالشيعة اين ما ترقي هو شيعة و الامام اين ما ترقي هو امام و الرسول اين ما ترقي هو عبد و رسول و الله سبحانه هو الاله الذي لاشريکله فلابد من حفظ المراتب و من لم‌يحفظها فهو غال مشرک بالله العلي العظيم.

فلينظر ناظر الي سيرة السلف و خضوع النبي عند الله سبحانه و اجتهاده في العبادة و خضوع علي عليه السلام عنده و خدمته له و خضوع اکابر الشيعة عند الائمة عليهم السلام فاي جسارة للعبد ان‌يدعي مقام سيده ان هذا الا کبر و افتراء و غلو لعن الله مدعيه وخاب و خسر منتحليه و اما ساير معاني الامامة مما يصلح للرعية من المعاني التي ذکرنا من التقدم في الجماعة والعلم و الرياسة او ادعاء الصفة مع القرينة فذلک جايز کاين ممکن و لاشک في وجوده و لاريب و ذلک علي قسمين قسم يمکن اظهاره في کل الازمنة و جميع الآونة و هو امامة الجماعة و العلم و الرياسة مثلاً و امثالها و قسم لايصلح اظهاره في زمن الغيبة و هو الوصفية و ذلک لان مقام الوصفية مقام الاسمية لماسئل الرضا عليه السلام عن الاسم فقال صفة لموصوف و قال علي عليه السلام الاسم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 152 *»

ما انبأ عن المسمي و زمان الغيبة زمان غيبة‌ الصفة فان الذت دائماً غائبة عن درک الاعين و الابصار کما قال علي عليه السلام ظاهري امامة و وصية و باطني غيب ممتنع لايدرک و قال عليه السلام في وصف الامام ظاهره امر لايملک و باطنه غيب لايدرک و الغيبة ضد الظهور و الظهور ضد الغيبة و هما صفتان للذات تتصف مرة بالظهور و مرة بالغيبة و مقام الصفة مقام النور و الشعاع فان الصفة نور الموصوف و شعاعه و لذا صار کمال التوحيد نفي الصفات عن الذات و يشهد الموصوف انه غير الصفة و غير الشيء في مثل هذا المقام نوره و شعاعه و انما سميت الشيعة شيعة لانهم خلقوا من شعاع آل محمد عليهم السلام کما في الخبر فالشيعة صفة الامام و اسمه عليه السلام کما ان الامام اسم الله و صفة الله کماقال الصادق عليه السلام نحن و الله الاسماء الحسني التي لاتقبل من احد الا بمعرفتنا و الشيعة معاني الامام و ظاهره کما انهم معاني الله و ظاهره کما قال علي بن الحسين عليهما السلام و اما المعاني فنحن معانيه و ظاهره فيکم اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده و لذلک سميت الشيعة في الکتاب بالقري الظاهرة للقرية المبارکة فالشيعة ظهور الامام و اسمه و صفته و نوره و شعاعه کما انهم ظهور الله و اسمه و صفته و نوره و شعاعه و لذا روي يفصل نورنا من نور ربنا کمايفصل نور الشمس من الشمس و شيعتهم ايضاً منهم کشعاع الشمس من الشمس فاذا عرفت ذلک فاعلم ان زمان الغيبة ‌خلاف زمان الظهور و هذه الآونة اوان الغيبة و خفاء الشعاع والنور و الظهور و قداراد الله کذلک فمن رام اظهار ما اراد الله اخفائه فقد خالف غرض الله و لذلک رويت روايات في اخفاء اسم الامام في زمان الغيبة منها ما رواه في الکافي بسنده عن داود بن قسم الجعفري قال سمعت اباالحسن العسکري يقول الخلف من بعدي الحسن فکيف لکم بالخلف من بعد الخلف فقلت و لم جعلني الله فداک قال انکم لاترون شخصه و لايحل لکم ذکره باسمه فقلت فکيف نذکره فقال قولوا الحجة من آل محمد صلوات الله عليه و سلامه و بسنده عن ابي‌عبدالله الصالحي قال سألني اصحابنا بعد مضي

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 153 *»

ابي‌محمد عليه السلام ان‌اسأل عن الاسم و المکان فخرج الجواب ان دللتهم علي الاسم اذاعوه و ان عرفوا المکان دلوا عليه و بسنده عن ريان بن الصلت قال سمعت اباالحسن الرضا عليه السلام يقول و سئل عن القائم قال لايري جسمه و لايسمي اسمه و بسنده عن ابن رباب عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال صاحب هذا الامر لايسميه باسمه الا کافر و عن الصدوق بسنده عن ابي‌علي بن همام العمري قال خرج توقيع بخطه نعرفه من سماني باسمي في مجمع من الناس فعليه لعنة الله و باسناده عن علي بن عاصم الکوفي قال خرج في توقيعات صاحب الزمان عليه السلام ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس الي غير ذلک من الاخبار فتبين و ظهر وجوب اخفاء اسم الامام عليه السلام و قد عرفت ان اسم الامام صفته و صفته شعاعه و شعاعه شيعته و هذا الاسم اللفظي وصف منفصل کما حققناه في محله و قدظهر في عالم الحروف و الشعاع وصف منفصل کوني قد ظهر في عالم الاکوان و کلاهما اسمان و صفتان و خطر ابراز الاسم الکوني اعظم و اعظم من ابراز الاسم الحرفي فان الاعادي لايصلون الي المسمي و لايقدرون علي اذي الاسم الحرفي و اما الاسم الکوني فانه يؤدي و يقتل و اذاه اذي الامام عليه السلام و في القدسي من آذي لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة‌ و دعاني اليها فاخفاء الاسم الکوني في زمان الغيبة اعظم و الزم و اوجب فان فيه بوار النفوس و هلاک جمع من المؤمنين و اذي الائمة الطاهرين و اذي الرسول الامين عليهم صلوات المصلين و اذي الله رب العالمين نعوذ بالله فزمان الغيبة حقيقة زمان خفاء الانوار و الظهورات و الاشعة و الآثار و الصفات و قدنبهناک شفاهاً ان الاعراض لا عبرة بها في نظر الحکماء و ان الانسان لايجد طعم الحکمة حتي‌يصرف کلمات الحکماء الي الحقائق و ييأس عن الاعراض و يقطع النظر عنها بالکلية الا فيما يختصها فالظهور الاصلي الحقيقي الاعظم الاعظم الاعظم بل الاعلي الاعلي الاعلي للامام ليس ظهور شخص خاص من اللون و الشکل و الکم و الکيف و الوضع خاصة و ان کان لابد و ان‌يظهر ذلک ايضاً و لاتحسبن الله مخلف وعده

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 154 *»

رسله و هو من الحتميات التي لا بداء فيه البتة کذب العادلون بالله و الظانون به خلف الوعد و ضلوا ضلالاً بعيداً و خاب المأولون و خسروا خسراناً مبيناً فان الله و رسوله و الائمة عليهم السلام وعدوا ظهوره في عالم الاعراض علي ما يعرفه الناس و ذکروا له علامات و بينوا شکله و سيرته و اقواله و احواله و احکامه وجميع ما يتعلق به و لابد و ان‌يقع الا ان مرادي ان الظهور الحقيقي الواقعي الاصلي لايتحقق بسبب الاعراض الزايلة التي تتغير کل يوم فيخفي کيف و يظهر کيف آخر في کل ساعة و يخفي کم و يظهرکم آخر في کل شهر بل کل يوم بل کل ساعة و يخفي وضع و يظهر وضع آخر في کل يوم و ساعة و هکذا يتغير و يتبدل مکانه و زمانه و جهته العرضية و کذلک ساير اعراضه و ليس التغير الا خفاء ما کان ظاهراً و ظهور ما کان خفياً فالظهور الحقيقي ان کان ظهور هذه الاعراض فهي تخفي و تظهر غيرها دائماً في کل حين فلايدوم الظهور الا يوم او ساعة بل المراد الاعظم ظهور الامام عليه السلام بذاتيته و بجسده الاصلي الذي لايتغير بتغير الاعراض و هو في کل وقت هو هو و جسده الاصلي من طينة فوق العرش فلايدرکه الابصار و هو يدرک الابصار فلابد و ان‌يظهر بنوره و شعاعه فظهوره الحقيقي الاعظم الاعلي ظهوره بنوره و شعاعه لا ظهور اعراض يلقيها في کل ساعة و يلبس غيرها کماقال علي بن الحسين عليه السلام للقوم الذين احضرهم الجابر بحضرته ليختبرهم قال لهم من هذا قالوا ابنک فقال لهم من انا قالوا ابوه علي بن الحسين فتکلم بکلام لم‌نفهم فاذاً محمد بصورة ابيه علي بن الحسين و اذاً علي بصورة ابنه محمد عليهما السلام قالوا لا اله الا الله فقال الامام عليه السلام لاتعجبوا من قدرة الله انا محمد و محمد انا و قال محمد يا قوم لاتعبجوا من امر الله انا علي و علي انا و کلنا واحد من نور واحد و رحنا من امر الله اولنا محمد و آخرنا محمد و کلنا محمد الخبر و قال علي عليه السلام انا الذي اتقلب في الصور کيف اشاء و في رواية‌ مفضل قال المفضل يعود شاباً او يظهر في شيبته قال سبحان الله يا مفضل هل يعزب عليه ان‌يظهر کيف شاء اذا جاء الامر من الله باسمه فالهيئة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 155 *»

المرئية منه عليه السلام امر عرضي يغيرها کيف يشاء فيجعله متعدداً واحداً و يسمنه و يهزله و يکبره و يصغره و يطوله و يقصره کيف يشاء و لايظهر عليه عرض الا و يخفي آخر فالظهور المستمر في مدة ظهوره وملکه ظهوره الحقيقي الاصلي بنوره و شعاعه و يظهر ايضاً في الاعراض کماقال عليه عليه السلام فالذي بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه فکما ظهر رسول الله صلي الله عليه و آله و آباؤه العظام في هذه الاعراض لابد و ان‌يظهر هوايضا و يدوم ملکه في هذه الاعراض و لابد و ان‌يرجع ساير الائمة عليهم السلام في هذه الاعراض الدنياوية لانه وعد من الله و لاتحسبن الله مخلف وعده رسله و محال ان‌لايقع فله عليه السلام ظهوران ظهور تعريف عرضي دنياوي و ظهور تعريف حقيقي واقعي اما الظهور الاول فظهور عام يشمل الکافر و المؤمن و يراه الکل کما رأوا آبائه و اجداده عليهم السلام و اما الظهور الثاني للتعريف الحقيقي و المعرفة النورانية فظهور خاص بالمؤمن فيظهر به للمؤمنين خاصة فيعرفونه بالنورانية و کذلک کان اجداده الکرام و آباؤه عليهم السلام لهم ظهوران ظهور يراه المنافق و المؤمن و الکافر و ظهور يراه المؤمن و يعرفه به و هي المعرفة النورانية الحاصل فالاسم الکوني هو الشيعة و هو في زمان الغيبة غائب و لنعم ما قال الشاعر:

لله تحت قباب العرش طائفة

اخفاهم عن عيون الناس اجلالاً

و هم الذين لايظهرون الا بظهور الامام فان الشعاع لايظهر الا بطلوع الشمس نعم يسفر الصباح قبيل طلوع الشمس و تظهر الانوار و تذهب الظلمة شيئاً بعد شيء و يعرف الحقايق و يتبين الدقائق واما ظهور الصفة فلايکون ابداً و ذلک عهد معهود من سيدي و سندي و من عليه في الدنيا و الاخرة معتمدي بخطه اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه و لايجوز التسمية في زمان الغيبة فمن عرفوه خرس و صمت في دولة‌ الباطل حتي‌يکشف الحق قناعه و يمد باعه فعند ذلک يظهر الاسم و يتبين الرسم و يلزم المعرفة النورانية نعم يظهر في زمان الغيبة بعض الصفات الکونية ‌المبهمة و الجزئية لبعض الناس من طالبي الحق و الصواب و لغيرهم علي طبق ما ظهر من

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 156 *»

صفاته في البيان فعن غيبة الطوسي عن جابر الجعفي قال سمعت اباجعفر عليه السلام يقول سأل عمر بن الخطاب اميرالمؤمنين عليه السلام فقال اخبرني عن المهدي ما اسمه قال لا فان حبيبي عهد الي ان لااحدث باسمه حتي‌يبعثه قال فاخبرني عن صفته قال هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره الي منکبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته و رأسه بأبي ابن خيرة الاماء انتهي فاعتبر من انه يظهر الصفة المهدوية لانها لقب و يظهر بعض الصفات علي الابهام او الجزئية ولکن يخفي الاسم العلمي فانه جامع لجميع الصفات الکمالية بحيث لايغادر شيئاً قال ابن مالک

اسم يعين المسمي مطلقاً

علمه کجعفر و خرنقاً

فالاسم المعين للمسمي الموضوع للظهور الکلي الخاص فلايجوز اظهاره في زمان الغيبة و اما الالقاب و الصفات التي هي نور الشعاع و اسفار الصباح فتظهر و کذلک في الکون يظهر الالقاب و الصفات الجزئية و المبهمة علي حسب اقتضاء الزمان و نضجه يوماً بعد يوم و لا بأس ببيانه اذا حان وقته فلا کل ما يعلم يقال و لا کل ما يقال حان وقته و لا کل ما حان وقته حضر اهله فالشيعة‌ الموالون الجزئيون هم صفات جزئية و الکليون هم الاسماء و الصفات الکلية و هم المعينون للمسمي المظهرون له و لا ظهور الا بعد البعثة کماقال علي عليه السلام فلربما يظهر في زمان بعد زمان بعض الالقاب و الصفات کما لم‌يکن قبل هذا الزمان صلاح في اظهار هذا المقدار من البيان ايضاً و تلک الالقاب و الصفات هم النجباء الجزئيون و النقباء الجزئيون ولکن هذا الزمان کما عهد الي حبيبي اجل الله شأنه و انار برهانه و کتبه لي بخط يده و رشمه الشريف بدو ظهور النجباء الجزئين ولم‌يحن وقت ظهورهم تاماً ايضاً

فدع عنک قول الشافعي و مالک

و احمد والمروي عن کعب الاحبار

و خذ عن اناس قولهم و حديثهم

روي جدنا عن جبرئيل عن الباري

فاني اقول لک عن عهد معهود مثبت معلوم و القوم بنوا امرهم علي اهوائهم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 157 *»

المضلة و آرائهم السخيفة و تأويلاتهم البعيدة فتاهوا في بوادي الهلاکة فذرهم و ما يفترون و لتصغي اليهم افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون و اما قولکم و هل التعريف الي آخر ما قلتم ان الامام هو السراج المنير الظاهر و البدر الباهر و جميع ماسواه صفته و شعاعه و نوره فالشعاع الاول الصادر عنهم الارکان حملة‌عرش الرحمن و هم قوم من الشيعة من الخلق الاول عن يمين العرش و هم الکروبيون المقربون و هم في هذه الازمان رابعة‌ باعيانهم لا بدل عنهم ثم خلق من شعاع الارکان النقباء ثم النجباء ثم ساير المتبعين الموالين ثم من شعاعهم مؤمنوا الجن الي آخر ما لا نهاية له ولا غاية و هذه الوسايط بمنزلة المرايا المقابلة بعضها لبعض بازاء الشمس فالمرآة الاولي ينطبع فيها الشمس وحدها و ينطبع في المقابلة للاولي الاولي مع ما فيه ولکن المنطبع فيها من الاولي شعاع الاولي و هي هي و المنطبع فيها من الشمس شبح منفصل من شبح منفصل من الشمس و کذلک ينطبع في الثالثة المقابلة للثانية الثانية مع ما فيها و فيها الاولي و الذي فيها فما في الثالثة من الشمس المشرقة شبح منفصل من شبح منفصل من شبح منفصل من الشمس بواسطتين و هکذا المرايا الي ما لا نهاية له و الشبح الواقع في کل مرآة شمس مشرقة لانه شبح الشمس و قد اعطته اسمها و رسمها و حدها فهي شمس حقيقة الا انها بعد حقيقة او حقايق فوقها الا ان الناظر حين تمحضه اليها لايري الحقائق العالية الا انه بالعلم حين الالتفات اليه يعلم انها شبح الحقايق العالية و هي اسم لها و صفة قد ظهرت في المرآة الخاصة و لکل واحد جهتان وجوداً جهة الشبح و جهة نفس المرآة و يختلف وجداناً بحسب النظر فافهم فالامام عليه السلام هو ظهور الله سبحانه قد اقامه الله مقامه في ساير عوالمه في الاداء اذ کان لاتدرکه الابصار و لاتحويه خواطر الافکار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملک الجبار و هو آية الله و مقامه الذي لاتعطيل له في کل مکان يعرفه بها من عرفه لا فرق بينه و بينها الا انه عبده وخلقه فتقه و رتقه بيده بدؤه منه

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 158 *»

وعوده اليه فهو ظاهر في کل شيء کماقال الشاعر:

و في کل شيء له آية

تدل علي انه واحد

و تلک الآية الامام الا ان اعين اهل کل رتبة تختلف في حدة البصر و ضعفه فمنهم من يراه قريباً و منهم من يراه بعيداً و کذلک تختلف الاشياء في اراءة تلک الاية و اخفائها فان منها من غلبت الاية عليه حتي فني ما له من نفسه و تلاشي و اضمحل علي طبق ما قال الشاعر:

رق الزجاج و رقت الخمر

فتشاکلا فتشابه الامر

فکأنما خمر و لا قدح

وکأنما قدح و لا خمر

و من الاشياء ما يري نفسه تارة و تلک الآية اخري و منها ما لايري الا نفسه فالطبقة الاولي هم الکاملون والثانية هم التامون و الثالثة هم الناقصون و لکل درجات مما عملوا و اليهم الاشارة بقوله تعالي فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات باذن الله و قد قال الصادق عليه السلام حين سئل عنها الظالم يحوم حول نفسه و المقتصد يحوم حول قلبه و السابق يحوم حول ربه و آية التعريف و دليل التوصيف هو السابق فالرب متجل من السابقين في کل رتبة و مقام و ان کان له جهتان وجوداً الا ان الوجدان علي فطرته لايجد منه الا الرب لانه اظهر منه فيه و يختلف مراتب الظهور علماً لا وجداناً حين فقدان ماسواه و کل شي لايتجاوز ماوراء مبدئه و کل شيء يجده فمن حروف رتبته لا غيره فقد اخذ علي الکل ميثاق التوحيد الا يعبدوا الا الها واحدا کماقال في کل رتبة بلسانه الناطق و قوله الصادق انما انا بشر مثلکم يوحي الي انما الهکم اله واحد فمن کان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لايشرک بعبادة ربه احداً فتبين و ظهر کذب الصوفية الملحدين حيث يقولون لمريديهم انک بعيد من الرب و ليس لک وصول اليه و اني قدوصلت اليه فلابد و ان‌تعبدني حتي‌تتقرب بعبادتي الي الله سبحانه و لابد و ان‌تتوجه الي في صلوتک و تخاطبني و ترکع وتسجد لي فقد کذبوا لعنهم الله و افتروا علي الله و ساووا الشيطان في تعليمه اوليائه

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 159 *»

عبادة الاوثان حتي قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الي الله زلفي و اشرکوا بالله سبحانه و قد خاطب الله نبيه صلي الله عليه وآله و علمه ان يقل لاهل جميع المراتب الوجودية النورية و الظلمانية و قال قل يا اهل الکتاب تعالوا الي کلمة سواء بيننا و بينم الا نعبد الا الله و لانشرک به شيئا و لايتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون و کذلک نقول لهم فان آمنوا بمثل ما آمنا به فقد اهتدوا و ان يتولوا فانا نشهدهم انا مسلمون لانشرک بربنا احداً و اقول وجهت وجهي للذي فطر السموات الارض حنيفاً مسلماً و ما انا من المشرکين ان صلوتي ونسکي ومحياي و مماتي لله رب العالمين لاشريک له و بذلک امرت وانا من المسلمين فالدعوة واحدة في جميع المراتب و الشريعة واحدة و لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و انما خلقکم وبعثکم کخلق نفس واحدة و بعثها فافهم و قد اوردنا لک کل شيء تريد علي ما نريد.

قال سلمه الله و ايضا ما المراد من الامامة و لزوم خفائها في زمن الغيبة و قد قال عليه السلام من مات و لم‌يعرف امام زمانه فقد مات ميتة جاهلية و قوله عليه السلام من اصبح من هذه الامة و ليس له امام ظاهر اصبح تائها متحيرا نقلته بالمعني و ايضاً في البصاير ما يقرب هذا اللفظ ان الارض لايخلو منها اهل البيت من امام ظاهر مشهور يعرف و هکذا غير هذه من الاخبار وهل يجوز اطلاق وصف الامامة علي غيره عليه السلام کمايدل عليه بعض الادعية و الاخبار و ما معني حرمة ادعاء الامامة في زمان الغيبة وامثالها من الاوصاف فان کان المدعي هو الامام عليه السلام فادعاؤه رافع لوصف غيبته ولايجوز الحکم عليه وان کان غيره ممن ليس له اهلية ذلک فلايجوز له ذلک مطلقاً في زمن الغيبة و غيرها و لا اختصاص لها بحال دون حال فما معني اختصاص ذلک بزمان الغيبة.

اقول اما المراد من الامامة فقد بيناه سابقاً بقدر ما يقتضيه الحال و ان الامامة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 160 *»

التي يجب خفاؤها في زمن الغيبة هي الامامة المطلقة و الولاية الکلية العامة الشاملة المخصوصة بآل محمد عليهم السلام باعيانهم و هي صاحبها مخفي في زمان الغيبة لعللها و صفته الکونية ‌التي هي اسمه و رسمه الکلي ايضاً مخفية لما بينا من منافاتها للغيبة ان ظهرت في غير اوانه و انتشرت في غير زمانه فلايکون ذلک ابداً و اما الحديث الاول الذي ذکرتم فهو مستفيض معنيً منها ما رواه في الکافي بسنده عن الفضيل بن يسار قال ابتدأنا ابوعبدالله عليه السلام يوماً و قال قال رسول الله صلي الله عليه و آله من مات و ليس له امام فميتته ميتة جاهلية فقلت قال ذلک رسول الله صلي الله عليه و آله فقال اي والله قد قال قلت فکل من مات و ليس له امام فميتته ميتة جاهلية قال نعم الي غير ذلک من الروايات و اما الحديث الثاني فهو ما رواه في الکافي ايضاً بسنده عن محمد بن مسلم قال سمعت اباجعفر عليه السلام يقول کل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من الله فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و الله شانئ لاعماله الي ان قال و کذلک يا محمد من اصبح من هذه الامة لا امام له من الله جل و عز ظاهراً عادلاً اصبح ضالاً تائهاً و ان مات علي هذه الحالة مات ميتة کفر و نفاق و اما الحديث الثالث فهو ما رواه في البصاير بسنده عن محمد بن عمارة عن ابي‌الحسن الرضا عليه السلام قال ان الحجة لاتقوم لله علي خلقه الا بامام حي يعرف و رواه في الکافي بسنده عن الصفار بسنده عن محمد بن عمار مثله الا انه روي «حتي‌يعرف» بالتاء المثناة الفوقانية بين الحاء و الياء بل روي في الکافي بسند آخر ايضاً عن داود الرقي عن العبد الصالح قال ان الحجة لاتقوم لله علي خلقه الا بامام حتي‌يعرف و بسند آخر ايضا عن الحسن بن علي الوشا عن الرضا عليه السلام مثله و فيه ايضا حتي‌يعرف ولکن روي في البصاير ايضا بسنده عن محمد بن مسلم عن ابي‌جعفر عليه السلام قال لاتبقي الارض بغير امام ظاهر و بسنده عن يعقوب السراج قال قلت لابي‌عبدالله عليه السلام تخلو الارض من عالم منکم حي ظاهر

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 161 *»

يفزع اليه الناس في حلالهم و حرامهم فقال يا با يوسف لا ان ذلک لبين في کتاب الله تعالي يا ايها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلکم تفلحون اصبروا علي دينکم و صابروا عدوکم ممن يخالفکم و رابطوا امامکم و اتقوا الله فيما يأمرکم و فرض عليکم و بسنده عن ابي‌اسحق الهمداني قال حدثني الثقة من اصحابنا انه سمع اميرالمؤمنين عليه السلام يقول اللهم لاتخلي الارض من حجة لک علي خلقک ظاهر مشهور او خافي مغمور لئلاتبطل حجتک و بيناتک و لکل من هذه الاخبار وجه اما ما يدل منها علي لزوم وجود الحجة اما ظاهراً مشهوراً و اما خائفاً مغموراً فيمکن صرفه الي الامام المطلق و صرفه الي ساير الائمة من شيعتهم الخصيصين کالنقباء الکليين و النجباء الکليين و النقباء الجزئيين کل ذلک جايز فان الامام الاصل هو الحجة من آل محمد عليهم السلام واما الامام بمعني المقتدي و الرئيس فيطلق علي الشيعة کثيراً کما اوردنا شطراً کثيراً من الادعية و الاخبار في کتابنا «الزام النواصب» و في الفوايد في الفائدة السادسة و السابعة و کما يأتي في حديث همام

و اما رواية ابي‌اسحق ففي الشيعة اظهر من غيرهم فان الحديث محذوف الآخر و قد رواه الکليني في باب نادر في حال الغيبة بذلک السند عن علي عليه السلام في خطبة له اللهم و اني لاعلم ان العلم لايأزر کله و لاينقطع مواده و انک لاتخلي ارضک من حجة لک علي خلقک ظاهر ليس بالمطاع او خائف مغمور کيلاتبطل حجتک و لايضل اولياؤک بعد اذ هديتهم بل اين هم و کم اولئک الاقلون عدداً و الاعظمون عند الله جل ذکره قدراً المتبعون لقادة الدين الائمة الهادين الذين يتأدبون بآدابهم و ينهجون نهجهم فعند ذلک يهجم بهم العلم علي حقيقة‌ الايمان فتستجيب ارواحهم لقادة العلم و يستلينون من حديثهم ما استوعر علي غيرهم و يأنسون بما استوحش منه المکذبون و اباه المسرفون اولئک اتباع العلماء صحبوا اهل الدنيا بطاعة الله تبارک وتعالي و لاوليائه و دانوا بالتقية علي دينهم والخوف من عدوهم فارواحهم معلقة‌بالمحل الاعلي فعلماؤهم و اتباعهم خرس صمت في دولة‌ الباطل منتظرون لدولة الحق و سيحق

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 162 *»

الله الحق بکلماته و يمحق الباطل هاها طوبي لهم علي صبرهم علي دينهم في حال هدنتهم و يا شوقاه الي رؤيتهم في حال ظهور دولتهم و سيجمعنا الله و اياهم في جنات عدن و من صلح من آبائهم و ازواجهم و ذرياتهم انتهي فقد عرفت انه ظاهر بل نص في شيعتهم و اما ما دل علي ان الارض لاتخلو من امام او حجة حي ظاهر فبناء علي جواز استعمال لفظ الامام و الحجة علي الشيعة فلايبقي اشکال في الاخبار فقد استفاض منهم ان لنا في کل خلف عدولا يحمل علمهم و دينهم کما روي في الکافي عن ابي‌البختري عن ابي‌عبدالله عليه السلام في حديث انظروا علمکم هذا عمن تأخذونه فان فينا اهل البيت في کل خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين هـ و اولئک العدول شيعتهم المنتجبون و قد سمعت في حديث اميرالمؤمنين تسميتهم بالحجة و في ادعية‌ کثيرة سماهم بالائمة بل روي في الکافي بسنده عن ابن اذينة قال حدثنا غير واحد عن احدهما عليهما السلام انه قال لايکون العبد مؤمناً حتي يعرف الله و رسوله و الائمة عليهم السلام کلهم و امام زمانه و يرد اليه و يسلم له ثم قال کيف يعرف الآخر و هو يجهل الاول انتهي فمعرفة امام الزمان بعد معرفة الائمة کلهم ظاهر في غيرهم سلام الله عليهم و قوله کيف يعرف الآخر اي امام زمانه و هو يجهل الاول اي الائمة و الرسول و الرب جل شأنه بالجملة بناء علي جواز استعمال لفظ الامام و الحجة في الشيعة لايبقي اشکال في الاخبار فان المراد الشيعة و لهم في کل خلف عدول لحفظ الدين و دفع شبه الضالين و انقاذ الشيعة من شباک ابليس و اتباعه الناصبين و هؤلاء هم النجباء الجزئيون المشار اليهم في حديث الهادي عليه السلام کما في تفسير العسکري عليه السلام لولا من يبقي بعد غيبة‌ قائمنا عليه السلام من العلماء الداعين اليه و الدالين عليه و الذابين عن دينه بحجج الله و المنقذين لضعفاء عباد الله من شباک ابليس و مردته و من فخاخ النواصب لمابقي احد الا ارتد عن دين الله ولکنهم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 163 *»

الذين يمسکون ازمة قلوب ضعفاء الشيعة کمايمسک صاحب السفينة سکانها اولئک هم الافضلون عند الله عزوجل الخبر و هؤلاء هم الحجج علي الناس بهم يحتج الله علي خلقه کما روي عن الحجة عليه السلام اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليکم و انا حجة الله انتهي و لاشک ان حجتهم حجة الله کما ان الله سبحانه اضاف حجج عيسي و رسله الي نفسه فقال اذ ارسلنا اليهم اثنين فلايبقي الارض بلاحجة فانه لولا الحجج لارتد الناس کلهم فاذا ارتد الناس کلهم انقطع موضع اللطف و العناية عن العالم فلاتبقي سماء دائرة‌ و لا ارض قارة و لاشک ان احد غايات وجود الحجة للاحتجاج و التعريف و الهداية فما لم‌يکن الحجة ظاهرة لم‌تتحقق الغاية کاملة‌ و لم‌تقم الحجة في التشريع علي العباد و التشريع روح التکوين و به قوامه فان التشريع غاية التکوين و الغاية‌ لابد و ان‌تکون مقدمة في الوجود مؤخرة في الظهور فالشرع مقدم علي الکون وجوداً و هو روحه کما ان روح الانسان مقدمة علي جسمه وجوداً و مؤخر ظهوراً فما لم‌تکن الحجة لله علي خلقه ظاهرة لم‌تتحقق لاحتجاج والتعريف و بذلک يبطل الشرع فما لم‌يتحقق الغاية في الاخر دل علي عدم تقدمها في الاول فبذلک ينقطع الکون ايضاً لبطلان الطفرة فلابد و ان‌يکون الحجة ابداً ظاهراً حياً يعرف لتحقق الغاية و هي التعريف قال الله تعالي ماخلقت الجن و الانس الا ليعبدون و العبادة و المعرفة لاتقوم الا بحجة يعرف الحق والباطل و يفزع الناس اليه في الحلال و الحرام و رفع الشبهات و النوازل الداهية کماقال الامام عليه السلام في الاحاديث المتقدمة لاسيما رواية يعقوب السراج و رواية محمد بن عمارة علي ما رواه في البصاير و اما علي رواية‌ الکليني ان الحجة لاتقوم لله علي خلقه الا بامام حتي‌يعرف فلاتنافي رواية‌ البصاير ايضاً فان معناه حتي‌يعرف الله اي لولا الامام لايعرف الله هذا اذا قرأ علي المجهول و اما اذا قرأ من باب التفعيل فيکون المعني ان الحجة لاتقوم الا بامام حتي‌يعرف الحق و الباطل و الزيادة  النقصان کمايشهد به اخبار اخر و ذلک ايضاً محتاج الي المشاهدة و الرؤية حتي‌يعرض کل احد حاجته عليه و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 164 *»

يعرفه الحق و الصواب کما مر في الخبر و لاشک ان شيعتهم حجج الله علي عباده يحملون الدين في کل قرن و يعرفون الحلال و الحرام و يعلمون الضعفاء کماتدل عليه المقبولة الحنظلية و غيرها فذهب الاشکال و ارتفع شبهة الاختلال من کلام الآل عليهم صلوات الله الملک المتعال فاذا جاز اطلاق لفظ الامام و الحجة علي اکابر الشيعة و افاضلهم و ورد اخبار عديدة في لزوم وجود امام ظاهر و حجة قائمة في کل عصر يتبين انه لابد و ان‌يکون في کل عصر من شيعتهم حجة لله ظاهرة و امام يقتدي به ظاهر حي يرجع الناس اليه کماتدل عليه اخبار ناصة اخر عديدة اوردناها في کتابنا «الزام النواصب» و لاشک ان وجود هؤلاء الحجج لطف من الله سبحانه و به تقوم السماء و الارض و بعدمه يرتد الناس عن دينهم القههري فان بعد الحق ليس الا الضلال و بعد العلماء الحق ليس الا الجهال و العلماء السوء الذين بهم يفسد الدين و يخرب بناء الشرع المبين و لاشک ان الله سبحانه قادر علي ذلک و لايعجز عن ذلک و لاشک انه اکمل و اولي و هو سبحانه لايترک الاولي و قدعاقب الانبياء به فهو واجب في الحکمة و لايجوز الاخلال بالحکمة في الحکمة فالحجج قائمون في کل خلف و في کل عصر سواء کان الامام الاصل لمصلحة ظاهراً او خفياً فاذا تبين ان اولئک هم الحجج و الائمة علي الناس و من سواهم اما جاهل او عالم سوء تبين ان من مات من هؤلاء و ليس له امام مات ميتة جاهلية و من اصبح من هذه الامة لا امام له من الله جل و عز ظاهراً عادلاً اصبح ضالاً تائهاًو ان مات علي هذه الحالة مات ميتة‌کفر و نفاق اذ ترکه بعد المعرفة و اقامة الحجة الا ان هؤلاء الحجج يظهرون في کل عصر علي حسب کفاية ذلک العصر و طاقتهم و يظهرون من علمهم علي حسب المصلحة فلربما يظهرون بادني صفة يتحمله الناس کالفقاهة مثلاً و ليس للناس معرفة ‌ازيد مما ظهروا به فان الداني لايعرف العالي الا بقدر تعريفه و تعرفه له فاذا صار تحمل الناس بقدر صفة لا ازيد ربما يخفي الکامل بنفسه لاجتهاده في عبادته و يأمر احداً ممن له تلک الصفة من رعيته ان ينطق مثلاً اذا کان اهل عصر لايتحملون لازيد من الفقاهة فربما يکتفون

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 165 *»

بنصب احد من الفقهاء مقامهم بين الناس و يخفون بانفسهم او يظهرون بانفسهم و لايظهرون من انفسهم الا الفقاهة ولکنهم مراقبون لما يدعي الاسلام و اهله من الشبه فيدفعونه کيف شاؤا و ربما يظهرون في هذه الحالة لبعض الخواص لعدم اکتفائهم بالفقهاء فامام الخلق الظاهر في ذلک العصر و حجة الله عليهم الفقيه العادل الثقة الامين الجامع لشرايط الفتوي و العلم و العمل فهو الحاکم بين العباد و يجب الرجوع اليه و الي مثله ان کان لقول الحجة عليه السلام و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليکم وانا حجة الله و يدل عليه المقبولة‌ الحنظلية و لان من سواه جاهل و طلب العلم عليه فرض و معدنه ذلک الرجل اذ الحق عنده کمادل عليه رواية‌ ابي‌البختري و قد مرت.

بقي شيء و هو ان ما روي في الاخبار المستفيضة ان من لم‌يعرف امامه او من ليس له امام اولا امام له يجب ان‌يحمل علي من انکر بعد التعريف کماقال الله تعالي ام لم‌يعرفوا رسولهم فهم له منکرون فان الضلال الغافلين ليس عليهم سبيل و لا حجة عليهم مع انه لا امام لهم فمن لم‌يعرف امامه اي انکره و من لا امام له اي ترک الامام بعد المعرفة و بلوغ الحجة فان الله سبحانه يقول وما کان الله ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون و يشهد بذلک اخبار منها ما رواه في الکافي بسنده عن حمزة بن الطيار قال قال ابوعبدالله عليه السلام الناس علي ست فرق يؤلون کلهم الي ثلث فرق الايمان و الکفر و الضلال و هم اهل الوعيد الذين وعدهم الجنة و النار المؤمنون و الکافرون و المستضعفون و المرجون لامر الله اما يعذبهم و اما يتوب عليهم و المعترفون بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً و اهل الاعراف و بسنده عن زرارة قال دخلت انا و حمران او انا و بکير علي ابي‌جعفر عليه السلام قال قلت انا نمد المضمار (المطمار خ‌ل) قال و ما المضمار قلت التر فمن وافقنا من علوي و غيره توليناه و من خالفنا من علوي و غيره برئنا منه فقال لي يا زرارة قول الله اصدق من قولک فاين الذين قال الله عزوجل الا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلاً

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 166 *»

اين المرجون لامر الله اين الذين خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً اين اصحاب الاعراف اين المؤلفة قلوبهم قال فلماکثر الکلام بيني و بينه قال لي يا زرارة حقا علي الله ان‌يدخل الضلال الجنة و بسنده عن هاشم صاحب البريد قال کنت انا و محمد بن مسلم و ابوالخطاب فقال لنا ابوالخطاب ما تقولون فيمن لم‌يعرف هذا الامر فقلت من لم‌يعرف هذا الامر فهو کافر فقال ابوالخطاب ليس بکافر حتي‌تقوم عليه الحجة فاذا قامت عليه الحجة فلم‌يعرف فهو کافر قال له محمد بن مسلم سبحان الله ما له اذا لم‌يعرف و لم‌يجحد يکفر ليس بکافر اذا لم‌يجحد فذکر الخبر انهم دخلوا علي ابي‌عبدالله عليه السلام وحاجهم بخدمهم و نسائهم و اهليهم و اهل الطريق و الطواف و اهل اليمن و في کل ذلک يقول هاشم من لم‌يعرف هذا الامر فهو کافر الي ان قال عليه السلام سبحان الله هذا قول الخوارج الخبر و بسنده عن زرارة قال سألت اباجعفر عليه السلام عن المستضعف فقال هو الذي لايهتدي حيلة الي الکفر فيکفر و لايهتدي سبيلاً الي الايمان لايستطيع ان‌يؤمن و لايستطيع ان‌يکفر فهم الصبيان و من کان من الرجال و النساء مثل عقول الصبيان مرفوع عنهم القلم و في رواية فسرهم باهل الولاية اي من يجب ان‌يولي عليهم قيم بامرهم و بسنده عن علي بن سويد عن ابي‌الحسن موسي عليه السلام قال سألته عن الضعفاء فکتب اليه الضعيف من لم‌ترفع اليه حجة و لم‌يعرف الاختلاف فاذا عرف الاختلاف فليس بضعيف انتهي و عن زرارة عن ابي‌جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل و آخرون مرجون لامر الله قال قومکانوا مشرکين فقتلوا مثل حمزة و جعفر و اشباههما من المؤمنين ثم انهم دخلوا في الاسلام فوجدوا الله و ترکوا الشرک و لم‌يعرفوا الايمان بقلوبهم فيکونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة و لم‌يکونوا علي جحودهم فيکفروا فتجب لهم النار فهم علي تلک الحال اما يعذبهم و اما يتوب عليهم و عن موسي بن بکر عن رجل قال قال ابوجعفر عليه السلام الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فاولئک قوم مؤمنون يحدثون في ايمانهم من الذنوب التي يعيبها المؤمنون و يکرهونها فاولئک عسي الله ان‌يتوب عليهم انتهي.

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 167 *»

بالجملة تبين ان الاخبار السالفة ليست علي ظاهرها لان ظاهرها يخالف الکتاب و السنة و العدل المجمع عليه والعقل الصريح الموزون فالتفصيل له بالاجمال ان الناس ان کانوا غافلين مطلقاً فليس عليهم سبيل و ليسوا بکافرين و انما هم علي الفطرة الصالحة للايمان و ذلک قول ابي‌عبدالله عليه السلام و لو ان الناس اذا جهلوا وقفوا و لم‌يجحدوا لم‌يکفروا اما ليسوا بغافلين و سمعوا ذلک الامر الا انه ليس لهم شعور تميز للحق و الباطل و هم ضعفاء بحيث يجب ان‌يولي عليهم لانهم لايعرفون النفع من الضر و الخير من الشر کالصبيان و من عقله کعقلهم من الرجال و النساء و البلهاء و المجانين و السفهاء فاولئک ايضاً ليس عليهم سبيل لعدم قيام الحجة عليهم و اما انهم ليسوا بضعفاء في العقل و اما انه کان علي خلاف الحق فترک الباطل و دخل في الحق الا انه لم‌يعرفه بعد بقلبه کما ينبغي و مات قبل ان‌يعرف فهو المرجي لامر الله لله فيه المشية اما يعذبه و اما يتوب عليه و اما هو برزخ بين الکفر والايمان استوت حسناتهم و سيئاتهم فهم اصحاب الاعراف و اما هو مؤمن اکثر من المعصية حتي خرج عن طريقة المؤمنين فهم الذين اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً و هو ايمانهم و آخر سيئاً اعمالهم فهؤلاء ليسوا بکافرين و انما هم ضلال و لابد و ان‌يأجج لهم الفلق و يختبروا في الآخرة حتي‌ينجو من سبقت له من الله الحسني و يهلک من کان في علم الله من الکافرين و يصح بعد ذلک قوله تعالي هو الذي خلقکم فمنکم کافر و منکم مؤمن فالضلال کلهم مرجون لامر الله لايحکم عليهم بکفر ولا ايمان حتي‌يختبروا و اما من قامت عليه الحجة وهو صاحب فهم و عرف الحق فلم‌يقر به و جحد فهو کافر البتة لقوله تعالي و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلماً و علواً فانظر کيف کان عاقبة‌ المفسدين و لما مر من الخبر فتبين ان المراد بمن لم‌يعرف امامه من انکر امامه و کذا من ليس له امام اي ترک الامام حتي بقي بلا امام و بذلک يلوح تتمة حديث محمد بن مسلم کما في الکافي فراجع.

و اما قولکم هل يجوز اطلاق وصف الامامة علي غيره عليه السلام فقد عرفت تعدد معاني الامام بحسب اللغة و ما ورد في الکتاب و السنة فاطلاقه تابع

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 168 *»

لما يراد منه فان اريد منه ما يختص بآل محمد عليهم السلام فلا و ان اريد منه ساير المعاني الجايزة لغيرهم فلا بأس به ولکن اطلاق اللفظ المشترک في احد المعاني يحتاج الي قرينة معينة لاحديها و من غير قرينة تلبيس و تضليل و لايجوز فان التلقب بالقابهم ممنوع شرعاً کما رواه في الکافي.

و اما قولکم ما معني حرمة ادعاء الامامة في زمان الغيبة فاعلم ان ادعاء الامامة المطلقة الکلية لغيرهم ابداً حرام في الغيبة و غيرها کما مر و اما للامام فهو مادام غايباً لايظهر و اذا اظهر فهو قد ظهر و لا غيبة فهذا الکلام منحل الزمام اذا کان من اوساط الناس اللهم الا ان‌يکون لاقائل به من اهل الحکمة و اراد بکلامه الامامة الوصفية و يکون المعني عدم جواز ابراز الاسم و الصفة‌ الکلية في زمان الغيبة فيکون المعني حرمة ادعاء رجل لرجل آخر الامامة فذلک مما لايجوز في الغيبة و اما في حال الظهور فلا بأس به و ما ذکرنا کاف لک ان شاء الله.

قال سلمه الله و کيف يعرف المحق من المبطل مع قيام هذا الاحتمال لکل منهما وما العلامة و الآية الکاشفة عن صدقة و الداعية‌ الي تصديقه اهي العلم و العمل فقط ام هما بانضمام کرامة و خارق عادة.

اقول اعلم ان الله سبحانه جعل علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نوراً کماروي عن النبي صلي الله عليه و آله فلايشتبه الحق الذي هو کذلک بالباطل الذي ليس عليه حقيقة و انما هو مجتث زايل و عليه ظلمة لانها منه و اليه و قد ضرب الله سبحانه مثلاً للحق و الباطل فقال مثل کلمة طيبة کشجرة طيبة‌ اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اکلها کل حين باذن ربها و يضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذکرون و مثل کلمة خبيثة کشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار ثم قال و وعده الحق و قوله الصدق يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الآخرة و يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء و کذلک قال سبحانه انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً و هما

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 169 *»

يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله کذلک يضرب الله الحق و الباطل اما الزبد فيذهب جفاءً و اما ما ينفع الناس فيمکث في الارض کذلک يضرب الله الامثال فهما لايشتبهان بعد قوله سبحانه ان الله لايصلح عمل المفسدين و بعد قوله بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فاذاً هو زاهق و قوله تعالي جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل کان زهوقاً عموماً و قال و يريد الله ان‌يحق الحق بکلماته و يقطع دابر الکافرين ليحق الحق و يبطل الباطل و لو کره المجرمون فذلک علي نهج الکلية ان الامر لايشتبه و الباطل يفتضح لامحالة و يظهر بطلانه وان الله لايصلح عمله فلو فرض رجل ادعي امراً و لم‌يفتضح و لم‌يفسد الله امره فهو الحق الذي لا مرية فيه و لا ريب يعتريه.

و اريد ان‌اعطيک باباً من العلم يفتح منه الف باب و به يصلح امر الدين و الدنيا و الآخرة و واجده لايضره ما فقد و فاقده لاينتفع بما وجد و لايقين في شيء بغير هذا بل لا يقين غير هذا و عليه بناء العالم و اساس دين بني‌آدم فتربص المأمول في خلال ما اقول ولکن اذکره علي وجه الاختصار و الاقتصار اعلم ان کل حادث مرکب من جهتين جهة نور و جهة ظلمة و حق و باطل و خير و شر و کل واحدة من هاتين الجهتين حادثة مفتقرة الي المدد غير قائمة بنفسها و مدد النور من جنسه و به يتقوي و مدد الظلمة من جنسها و بها تتقوي و لو امد النور بالظلمة ‌لضعف حتي فني و لو امدت الظلمة بالنور لضعفت حتي فنيت و کل انسان مرکب من هاتين الجهتين فالمؤمنون الغالب عليهم النور و مددهم نور و مدخلهم و مخرجهم نور و يتقوون بالنور و الکافرون الغالب عليهم الظلمة و مددهم ظلمة ومدخلهم ومخرجهم ظلمة و يتقوون بالظلمة و لو کان العالم خالصاً من اللطخ و الخلط لم‌يخف الحق و الباطل علي ذي حجي فان علي لک حق حقيقةً و علي کل صواب نوراً و علي کل باطل ظلمةً ولکن اخذ بعض الحق من الباطل لطخاً و خلطاً و بعض الباطل من الحق لطخاً و خلطاً فاشتبه هذا بهذا و هذا بهذا ولکن اللطخ امر عرضي يزول فلو بقي دائماً لزم القسر الدائم و هو لغو و محال في

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 170 *»

الحکمة ولابد و ان‌يعود کل شيء الي جوهره و وعد الله سبحانه ذلک في کتابه و قال ليميز الله الخبيث من الطيب و قال ماکان الله ليذر المؤمنين علي ما انتم عليه حتي‌يميز الخبيث من الطيب و قال کما بدءکم تعودون فعرض کل واحد من الطائفتين يزول و يرجع الي اصله الخبيثات للخبيثين و الطيبات للطيبين و ذلک لان المؤمن مستمد من النور و عرض الظلمة يحتاج الي مدد ظلماني و ليس يوجد في المؤمن فيضعف العرض بمضادة المدد معه حتي‌يذهب جفاء و الکافر مستمد من الظلمة و عرض النور يحتاج الي مدد نوراني و ليس يوجد في الکافر فيضعف العرض بمضادة المدد النازل علي الکافر حتي‌يذهب فلايمکن دوام العرض المنافي مع الذات ابداً و لابد من ان‌يزول و لذلک قال سبحانه اما الزبد فيذهب جفاءً و اما ما ينفع الناس فيمکث في الارض کذلک يضرب الله الامثال فلابد و ان‌يزول کل لطخ و يرجع الي عنصره و جوهره لعدم امکان بقائه من غير مدد مشاکل و لان الذات تتقوي شيئاً فشيئاً بالمدد المشاکل و تقوي قوتها الدافعة فتدفع عن نفسها الاعراض و الامراض لامحالة و لاتبقي معها او تخرق حجابها لامحالة و ذلک قوله تعالي الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و الذين کفروا اولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الي الظلمات فالمؤمن يخرج من ظلمات الذنوب الي نور الطاعة و الکافر يخرج من نور الطاعة الي ظلمة المعصية لامحالة فلابد و ان‌يظهر حقية کل شيء حق و باطل کائناً ما کان بالغاً ما بلغ و هذا وجه الحکمة في هذه المسئلة.

و وجه آخر ان الله سبحانه لماکان و لاتدرکه الابصار و لاتحيط به خواطر الافکار و مع ذلک خلق الخلق للعبادة التي بها قوام معاشهم و نظام معادهم و لم‌يمکنهم تلقي حدودها منه تعالي اوجب في حکمته ان‌يصطفي من جنسهم جماعة يوحي اليهم و يعلمهم الکتاب و الحکمة ليبلغوا الي خلقه و يهدوهم اليه و ان‌يجعل لهم علامة يعرفون بها لامحالة فلو لم‌يوضح لخلقه بطلان امر المفترين عليه و المدعين الکاذبين انهم من عنده لاختلط الامر و لم‌يعرف المحق من

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 171 *»

المبطل و لم‌يتحقق التعريف و اذ لم‌يتحقق التعريف لم‌يتحقق العبادة التي هي غاية خلق الخلق و اذ لم‌يتحقق صارت الخلقة لغواً و عبثاً مع ان بعدم تحققها خراب جميع العالم لماعرفت ان الغاية مقدمة وجوداً وهي روح ذي الغاية‌ و عدم ظهور الغاية في الآخر دليل عدم وجودها في الاول او عدم کمال الخلق و في کل واحد منهما بوار الخلق فوجب في الحکمة ان‌يحق الحق و يبطل الباطل فما لم‌يحق هو باطل و ما لم‌يبطل هو حق لانه سبحانه لايترک اللطف الذي به نظام العالم و عليه اساس عيش بني‌آدم و هذا هو التقرير الحق و اما في ساير الاشياء فکذلک ايضاً فان کل شيء دليل علي شيء و برهان لشيء و آيةتعريف لشيء و لسان مبين لحقيقة شيء و آية علي شيء وحجة من الله علي شيء و شاهد علي شيء و کاشف عن شيء و عبرة لشيء و موعظة لشيء و وصلة لشيء فما لم‌يظهر الله فساد فاسدها و صلاح صالحها لکان منه اغراء بالباطل و لم‌تقم الحجة منه سبحانه علي ما اراد ان‌يکون ذلک الشيء حجة عليه قال سبحانه أفرأيتم النشأة الاولي فلولا تذکرون و قال سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم و قال او لم‌ينظروا في ملکوت السموات و الارض و ما خلق الله من شيء و ان عسي ان‌يکون قداقترب اجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون الي غير ذلک من الايات فلايشتبه السراب بالماء المعين و لا الغث بالسمين و لا الحق بالباطل و لا المطوق بالعاطل و علي کل حق حقيقة و علي کل صواب نور فکل شيء في العالم کائناً ما کان بالغاً ما بلغ لم‌يظهر في الدنيا مادام دار التکليف باقية فساده فهو حق لامحالة و لسان من الله سبحانه مؤدٍ لما حمل من امره سبحانه و نهيه و عظته و حکمته و علمه و يجب تصديقه و ان الله من ورائنا رقيب و له الحجة البالغة فلو شاء لهديکم اجمعين اي اثابکم اجمعين و الا فالبيان عام لکل احد علي حسبه و عليه البيان و لا حجة الا به فهذا هو الذي اردت الاشارة اليه فلو اخذت به و اجريت في کل شيء تهتدي به في ظلمات البر و البحر و الله علي ما اقول وکيل.

و اما کيفية ابطال الله سبحانه المبطل فلاتقف علي حد و نوع خاص و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 172 *»

انما عليه الابطال باي نحو کان منها ان‌يظهر منه مايخالف الامر الثابت الجازم القطعي من الحق الثابت السابق فاذا کان کذلک کفي في بطلانه و لايحتاج الي ازيد من ذلک کأن يدعي المدعي الهين اثنين و يدعو الناس الي شرک او يدعي عدم نبوة نبي ثابت معلومة نبوته او امامة امام من الائمة عليهم السلام او ينکر شيئاً من ضروريات الشرع الثابت و بديهياته المعروفة فان بکل ذلک يظهر بطلانه و لايجب في الحکمة ان‌يقطع عنه ساير المواد فان الدنيا متاع و قال الله سبحانه و لولا ان‌يکون الناس امة واحدة الآية و منها ان‌يظهر منه في اعماله ما لايليق بادعائه من رکوب الفواحش و المآثم القبيحة و عدم المبالات باوامر الله التي يعرف قبحها العقول السليمة و منها ان‌يظهر من احواله ما لاينبغي من غلبة الحرص و الشهوة و حب الرياسة و الکبر و العجب و الفخر و غير ذلک مما يعرف العقول السليمة قبحها و منها ان‌يظهر في صفاته النفسية ما لايليق بمثله من الجهل و البله و السفاهة و الجنون و العي عن الکلام و عن اکمال دعوته و اتمام امره و ابلاغ حجته و منها ان‌يظهر في ظاهره من عدم رشدته و طعن نسبه و قبح حسبه و زيادة خلقه او نقصانه و يغر ذلک و منها ان‌يظهر في اخلاقه من زعارة خلقه و فظاظة قلبه او دناءة طبعه و خساسة نفسه و غير ذلک و منها ما يظهر من فساده اذا قام بازاء الحق کماروي عن ابي‌عبدالله عليه السلام ليس من باطل يقوم بازاء الحق الا غلب الحق الباطل و ذلک قول الله بل نقذب بالحق علي الباطل فاي شيء من ذلک و امثاله حصل ينافي الحجية وان الله سبحانه لايصطفي من کان کذلک ول ايجتبيه ولکن لايشترط ان‌يقطع عنه ساير المواد لما مر بل يمکن بعد ظهور البطلان علي يده السحر و بعض الامور الشبيهة بالمعجزات و خوارق العادات فانها لاتنافي الحکمة بعد اظهار البطلان بل منعه عنها ينافي الجود العام و الرحمة الشاملة و الفتنة اللازمة و ان الله سبحانه اذا علم من عبد صفاء قلب و سلامة نيته لابد و ان‌يهديه و يعرفه امر المبطل بل يجب في الحکمة ان‌يعرف بطلان الباطل لکل احد حتي‌يتم الحجة منه سبحانه عليه کماقال ابوعبدالله عليه السلام ما من احدالا و قديرد عليه الحق حتي‌يصدع قلبه قبله ام ترکه ثم تلا بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه الآية

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 173 *»

و اما الحق فلايزداد بکثرة النظر فيه و التدبر في امره والسماع منه و له الا نورا و بهاء و سناء و مجداً و يظهر عظمته وجلاله و کبريائه شيئاً بعد شيء و متي يشتبه الحق و الباطل ففي الکافي بسنده عن المفضل بن عمر في حديث عن ابي‌عبدالله عليه السلام لترفعن اثنتي عشرة راية مشتبهة لايدري اي من اي قال فبکيت ثم قلت فکيف نصنع قال فنظر الي شمس داخلة في الصفة فقال يا باعبدالله تري هذه الشمس قلت نعم فقال والله لامرنا ابين من هذه الشمس الخبر.

اما قوله لايدري اي من اي فتوفيقه مع قوله لامرنا ابين من هذه الشمس ان الحق اولاً يصدع قلب الانسان فيعرفه ثم اذا جحد به بعد استيقان نفسه يطبع علي قلبه کماقال سبحانه بل طبع الله عليها بکفرهم و قال بل ران علي قلوبهم ما کانوا يکسبون فبعد الرين و الطبع لايفقهون به شيئاً من الحق فلايدرون اياً من اي فتنبه.

و اما قولکم وما العلامة و الآية الکاشفة الخ فاعلم ان المدعين مختلفون في مراتب ادعائهم و لکل ادعاء علامة و آية فانه قد يکون المدعي يدعي النبوة في زمان صالح لمجيء نبي و قديدعي الامامة و يصلح ان‌يکون مثله اماماً و الوقت صالح و قديدعي المدعي انه نقيب و قديدعي انه نجيب و قديدعي انه فقيه و عالم و لکل منهم مقام معلوم و معلوم ان جنابک تطلب آية معرفة النقباء و النجباء دون الرسول والامام و الفقيه فلنکتف ببيان آيتهما اما آية النجباء فهي العلم و العمل و لايحتاج في دعويهم الي کرامة و خارق عادة فانهم لايدعون اکثر من العلم و دفع تأويل الجاهلين و تحريف الغالين و انتحال المبطلين و شبه المشبهين و دفع غائلة الجاحدين بالحجج و البراهين وخارق عادتهم علمهم اللدني و فضلهم العندي من غير اکتساب يقتضي ذلک و بيانه حقايق العلوم لکل احد علي حسب فهمه بحيث لايبقي لذي مقال مقالاً و يقر له بالعلم و يذعن له صاحب کل فن بانه اعلمهم و افضلهم و ذلک هو کرامته التي من الله بها عليه دون غيره

بل لي ان‌اقول ان کرامة العلم کرامة ليس اعظم منها کرامة و لايبلغها خارق عادة لوجوه الاول ان جميع الکرامات يمکن فرض نظيرها في السحر و الکهانة والسيميا

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 174 *»

و الهيميا و الليميا و الريميا او الشعبدات و غير ذلک و اما العلم فکرامة لايحتمل فيه شيء من ذلک و لايقدر عليه غير اهله ابداً ابداً الثاني ان کل خارق عادة موجب للتسليم البحت للمدعوين و اما العلم فيورث التسليم مع البصير و الفهم ولاشک انه اوقع في قلبهم الثالث ان الخارق للعادة يحتاج اليه لدعوة الجهال و اما العلم فهو آلة دعوة العلماء و اهل الکمال و لذلک خص نبينا الذي هو اشرف الانبياء و ينبغي ان‌يکون له اشرف المعاجز بالقرآن المجيد و الفرقان الحميد معدن العلم و الحکمة و الفصحة و البلاغة و قال لو اجتمعت الانس و الجن علي ان‌يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله و لو کان بعضهم لبعض ظهيراً فانه لا احد يعلم علمه و يحيط احاطته حتي‌يدرج في کلامه ما ادرج و يحشو کلامه بالقرآن کما حشي و کذلک علم العالم فلايقدر احد ان‌ينطق مثل نطقه او يبين مثل بيانه او يظهر علماً مثل علمه و انما هو موهبة من الله رب العالمين و کرامة منه للخصيصين الرابع ان الکرامة و الخارق للعادة يخص الحاضرين الناظرين و لايعم الغائبين و الغابرين الآتين في مستقبل الزمان و ان العلم کرامة يعم جميع ما ذکر و يبقي مدي الدهور و الاعصار و الاعوام و منتهي الازمنة و الايام کما ان النبي صلي الله عليه وآله خص بکرامة باقية الي يوم القيمة و هو القرآن العظيم و الفرقان الکريم الخامس ان المعجزات امور مخصوصة کان يخص بها کل نبي فمنهم من کان يحيي الموتي و منهم من کان يلقي العصا و امثال ذلک و ان العلم لا اختصاص له بمسئلة دون مسئلة و علم دون علم لشخص دون شخص فهو نعمة شاملة و کرامة عامة و ان ما اذکره ليس من جهة ان العالم اشرف من النبي بل من جهة ان العلم اشرف من خارق العادة و النبي ايضاً عالم ليس بجاهل السادس ان الذي علم من الاسم الاعظم شيئاً يقدر علي بعض الامور الخارقة للعادة کبلعم باعورا و ابليس و اما موهبة العلم فليس يعطاها الا العالم المؤمن الکامل

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 175 *»

السابع ان اکثر الکرامات شبيهة باعمال ساير المخلوقات و قداعطي غير الکامل ايضاً مثله کما انه اذا طار الانسان فهو له کرامة و هو يشبه الطير و اذا مشي علي البحر فهو منه کرامة و هو يشبه البط و اذا خاض في البحر فهو يشبه الحوت واذا قطع مسافة کثيرة في زمان قليل يشبه السحاب و الرياح و الطيور و امثال ذلک و ان حمل الشيء الثقيل يشبه الريح و هکذا واما العلم فليس يشبه عمل شيء من خلق السموات والارض و جميع الجن و الانس والملائکة و غيرهم من ساير الخلق فهو موهبة مخصوصة بالعالم الثامن ان ساير الکرامات ليس بامر يمکن الانفاق منها علي الغير اذ بمشاهدة الکرامة لايصر کل احد صاحب کرامة و لايترقي برؤيتها واما العلم فهو بحر لاينزف و کرامة ينفق منها ابداً علي حاضر الزمان و غابره و لاينقص و ينتفع به کل من سمعه التاسع انه يمکن ان‌يصدر من احد خارق عادة بسبب المجاهدات و الرياضات الشاقة او بسبب ما علمه عالم حرفاً من الاسم الاعظم او رقياً او اذن له بعمل فيقدر عليه و مع ذلک صدور ذلک الامر منه و جريه علي يده لايدل علي کمال لنفسه ولايورث له کمالاً کما شاهدنا رجلاً من عرض الناس بل من ادناهم کان يصب الماء علي يده في الطست و يسقي المريض للشفاء و انما کان ذلک لما رقي يده واحد من المرتاضين و کذلک يلطمون علي وجه المخبر بلسع العقرب فيشفي الملسوع و امثال ذلک و لا کرامة لنفسهم ابداً و موهبة‌ العلم امر يورث رفعة ‌المقام و ترقي النفس و الکمال لها العاشر انه قديحصل لعرض الناس شبيه بخارق العادة فيخبرون عن امر حدساً فيقع او يتمنون امراً فيکون و ذلک اما بالاتفاق او لاجل سهم لاغيب الواقع في طالعهم او قريباً منه فيکون ذلک و في الثاني اکثر و لا خير و لا کرامة و اذا حدث مثل ذلک عمن يظن به خير يسمونه خارق للعادة و الکرامة و يشهرونه و قديقع امثاله من الصبيان والرجال والنسوان في کل يوم مرات و اما العلم فليس شيء يمکن وقوعه بالحدس و لابسهم الغيب و انما هو موهبة لدنية يختص العالم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 176 *»

لا غيره الي غير ذلک من الوجوه فاي کرامة للنجيب اعظم من علمه و اي موهبة اکرم مما اوتي من الفضل و ذلک فضل الله يؤتيه من يشاء و لاسيما اذا کان علمه لا عن اکتساب و يکون انکشافياً فذلک فضل لايشق غباره و لايلحق آثاره فهو امر لايضاهيه کمال و نور لايشابهه جمال بل هو کرامة لدنية و رحمة عندية و فضل يؤتيه الله من يشاء و الله ذو الفضل العظيم فآية النجباء هي العلم و العمل لانهم لايدعون اکثر من ذلک فان وجدا في رجل فهو صاحب المقام الذي يدعيه و الا فلا و من ورائک ما ذکرت لک من العلامات الکلية و تقرير الله سبحانه فانه اصل في هذا الباب و في کل باب و من لم‌يعرفه لم‌يعرف شيئاً من امر دينه و دنياه و اما النقباء فعلامتهم العلم و العمل و التصرف في الوجود اما العلم والعمل فيأتي بيانهما ان شاء الله و اما التصرف في الوجود فلما حمل من اسماء الله العظام الثمانية و العشرين فيتصرف بکل اسم في کل عالم من العوالم الثمانية و العشرين باذن الله سبحانه و امر هؤلاء عظيم و خطبهم جسيم و ليس الآن اوان ظهور امرهم علي التحقيق و قدذکرت للفوايد شطراً و فيه الکفاية.

قال سلمه الله وما المراد من العلم و ما حده و ما المراد من الادلة في قول سيدنا اعلي الله مقامه في علامة العالم و هو ان‌يبين کل مسئلة ‌اذا شاء بالادلة‌ الاربعة و العشرين و ما تفصيل هذه الادلة ‌و لو علي نحو الاجمال و الاشارة ‌في ضرب من المثال و طي العبارة بحيث يفهم منه المقصود و يکون باباً من العلم.

اقول اعلم ان مرادنا بالعلم هو مراد الله و رسوله و الائمة عليهم السلام من العلم و هو نور يقذفه الله في قلب من يحب فينشرح فيشاهد الغيب و ينفسح فيحتمل البلاء و علامة ذلک التجافي عن دار الغرور و الانابة ‌الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل حلوله و ذلک النور في القلب کالبصر للعين و السمع للاذن فکما انه اذا کان في عينک البصر تبصر به جميع الالوان و الاشکال و اذا کان في

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 177 *»

اذنک السمع تسمع به جميع الاصوات کذلک اذا حصل في القلب نور العلم يشاهد جميع المعلومات من غير تعلم و مثل المتعلم کالاعمي الذي يتعلم الوان الثياب و العالم کالبصير الذي يريها رأي العين و مثل آخر ان المتعلم کالاعمي الذي يقاد من طريق الي موضع مرات عديدة حتي‌يتعوده و يتعلمه و لايقدر ان‌يأتيه من غير ذلک الطريق و العالم کالبصير الذي يقدر ان‌يأتيه من کل جانب من غير قود فعن ابي‌عبدالله عليه السلام ليس العلم بالتعلم انما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارک و تعالي ان‌يهديه الخبر و سبب حصوله التقوي قال الله سبحانه ان تتقوا الله يجعل لکم فرقاناً اي نورا تفرقون به بين الحق و الباطل و تفصيل هذا التقوي ما روي عن ابي‌عبدالله عليه السلام في حديث ان اردت العلم فاطلب اولاً في نفسک حقيقة العبودية‌ و اطلب العلم باستعماله و استفهم الله بفهمک قال السائل يا شريف يا باعبدالله ما حقيقة العبودية قال ثلثة اشياء ان لايري العبد فيما خوله الله ملکا لان العباد لايکون لهم ملک يرون المال مال الله يضعونه حيث امرهم الله تعالي و لايدبر العبد لنفسه تدبيرا و جملة اشغاله فيما امر الله تعالي و نهاه عنه فاذا لم‌ير العبد لنفسه فيما خوله الله ملکا هان عليه الانفاق فيما امر الله ان‌ينفق فيه و اذا فوض العبد تدبير نفسه الي مدبره هان عليه مصائب الدنيا و اذا اشتغل العبد بما امر الله تعالي و نهاه عنه لايتفرغ عنها الي المراد و المحابات مع الناس فاذا اکرم الله العبد بهذه الثلثة هان عليه الدنيا و النفس والخلق و لايطلب الدنيا تکاثراً و تفاخراً و لايطلب عند الناس عزاً و علواً و لايدع ايامه باطلاً فهذا اول درجة المتقين قال تعالي تلک الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علواً في الارض و لا فساد و العاقبة للمتقين فمن حصل له التقوي يستحق الفرقان من الله سبحانه کما جعله الله سبحانه جزاء التقوي و قال ان‌‌ تتقوا الله يجعل لکم فرقاناً و تدل الاية بمقتضي مفهوم الشرط انکم ان لاتتقوا لم‌يجعل لکم فرقاناً فلا فرقان الا بالتقوي و الفرقان هو ظهور القرآن في مقام التفصيل کما ان القرآن هو حقيقة الفرقان في مقام الاجمال فالقرآن هو مقام الکون والنور المحمدي صلي الله عليه و آله و مقام

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 178 *»

الاجمال و سر الجمال و الظهور المطلق و التجلي الحق نقطة دائرة الامکان و قطب کرة الاکوان و هو نقطة العلم و سر الحکم و اما الفرقان فهو مقام العين و النور العلوي عليه و آله السلام ومقام التفصيل و سر الجلال و صفة الظهور و وصف التجلي نقطة باء البسملة التي خلقت الموجودات منها و السر الساري في جميع الاعيان و المفرق بين الکفر و الايمان و ظهور الرحمن فقوله سبحانه ان تتقوا الله في اطاعة محمد صلي الله عليه و اتباع سنته و الاقتداء به يجعل لکم فرقاناً ولياً يفرق لکم بين الحق و الباطل حتي‌يشرق علي قلوبکم نور ولايته حتي‌تفرقوا بذلک النور بين الحق و الباطل قال تعالي يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتکم کفلين من رحمته و يجعل لکم نوراً تمشون به و يغفر لکم و الله غفور رحيم لئلايعلم اهل الکتاب الا يقدرون علي شيء من فضل الله و ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم و هذا النور هو ذلک الفرقان تمشون به في درجات السير الي الله سبحانه رفيع الدرجات ذوا العرش يلقي الروح من امره علي من يشاء من عباده فيرفعه کيف يشاء يرفع الله الذين آمنوا منکم و الذين اوتوا العلم درجات و في اسماء الله و صفاته و انوار جلاله و عظمته و کبريائه المشار اليه بقوله وجوه يومئذ ناضرة الي ربها ناظرة و قوله تعالي او لم‌يکف بربک انه علي کل شيء شهيد و قوله قل اي شيء اکبر شهادة قل الله و في منازل السير الي الآثار و ديار الاغيار لمشاهدة الانوار بعين الجبار المشار اليه بقوله يا ايها الرسل کلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً اني بما تعلمون عليم و بين الناس علي الارض لابلاغ الدعوة و اتمام الحجة و هداية المستهدين و الاعذار الي الجاحدين فمن اتقي الله سبحانه حصل له ذلک النور فمشي به في هذه الاسفار الاربعة و قطع المنازل و شاهد الدلايل و فرق بين الحق و الباطل و ذلک النور هو النقطة التي کثرها الجهال و هو صفة الظهور الاجل الاعلي الاعلي الاعلي و هو الاسم الاعظم الاعظم الاعظم و هو النور المقذوف في قلب حبيب الله فهو سر المحبة و حقيقة المودة لانها هي النقطة المتکثرة في جميع الاکوار و الادوار والسارية في کل الاوطار و الاطوار

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 179 *»

من اطلع عليها اطلع علي جميع تطوراتها و تنزلاتها و صفاتها کما قدشرحناها مفصلا في الفوائد فهذا هو اجمال الاشارة الي المراد من العلم وحده و اما الادلة المسئول عنها الاربعة والعشرين فليست الاربعة‌ و العشرين بادلة و ليس مراد سيدي و سندي انها ادلة بل مراده اعلي الله مقامه ان‌لايتفوه في مسئلة الا بعد احکام اربعة و عشرين امراً کما بينه في موضع آخر الاول ان‌يکون علي الفطرة الالهية الاولية ‌الغير المبدلة الثاني ان‌لايکون عنوداً لجوجاً متعصباً الثالث ان‌لايرکن الي قاعدة غير موزونة بالقسطاس المستقيم الرابع ان‌لايکون مائلاً الي طائفة فان حب الشيء يعمي و يصم الخامس ان‌يکون له في جميع المسائل دليل قاطع من کتاب الله خاصاً او عاماً السادس ان يکون له دليل قاطع من اخبار المعصومين من الاخبار المسلمة المشهورة المحکمة السابع ان‌يکون له دليل من الآفاق و الانفس محکم غير متشابه فان التکوين علي طبق التدوين و هو البيان الحالي لجميع ما اراد الله من خلقه الثامن ان‌يکون له دليل عقلي قطعي من دون شائبة النقل بحيث يستحيل خلافه عقلاً و لماکان لکل شيء ذات و معني و صورة و کل واحد منها يختص بحکم و بيان غير الاخر فلابد و ان‌يستدل في کل واحد بدليله و ينظر فيه بعينه فصارت الادلة ثلثة دليل الحکمة المتوصل به الي الذوات و دليل الموعظة الحسنة‌ المتوصل به الي المعاني و دليل المجادلة المتوصل به الي الصور فاذا نظر في کل واحد من هذه الادلة الثلثة تلک الامور الثمانية حصل اربعة و عشرون امراً فمن سلک في جميع المسائل ملاحظاً لهذه الامور بکلها فهوالعالم الحقيقي و علمه حق يجب اتباعه لتقرير الله سبحانه ادلته فلو لم‌يکن مرضياً لله لابطل الله حجته و کسر بنيانه و رد بيانه فمن شروط هذه الادلة ان‌لايبقي آية في کتاب الله و لا خبراً في اخبار آل الله و لا آية في الافاق و الانفس يخالف ما استدل به منها الا و وضعها موضعها و بين مقامها و اوضح وجه اختلافها حتي‌يظهر في علمه قوله سبحانه لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً فاذا صار في علمه بحيث لم‌يبق فيه اختلاف فهو المقرر من عند الله و علمه لدني عندي ليس فيه اختلاف و ظهر انه واحد من عند الواحد حامل للنقطة الواحدة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 180 *»

وآية للواحد و يجب رجوع جميع الکثرات و الاختلافات اليه و هو الحکم بين المتعادين المختلفين و هوالميزان الذي يوزن به جميع الموزونات و هو الصراط المستقيم الذي يمينه و شماله مضلة و وسطه الجادة و هو النمرقة الوسطي التي اليها يرد الغالي و بها يلحق التالي و هو الذي من تقدم عليه مارق و من تخلف عنه زاهق و من لزمه لاحق و هو المخاطب في الباطن بقوله تعالي فلا و ربک لايؤمنون حتي يحکموک فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً هذا مجمل المراد و اما الذي اعرف انه اعلي الله مقامه اراد بذلک حداً يعجز عنه غيره لا جميع ما عنده و جميع ما يجري عليه في مسائله و ينبغي ان‌يجري عليه النبجاء و اما الحد المتوسط الذي اذکره لک في هذا المقام علي نحو ايجاز الکلام انه تسعون فمن لم‌يجر فيما يتفوه به علي تلک الامور التسعينية فهو بعيد من حضرة العلماء بل لاينبغي ان‌يتفوه بالعلم فان ما يفسده اکثر مما يصلحه ان اصاب خاف ان‌يکون قداخطأ و ان اخطأ رجا ان‌يکون قداصاب و الاشارة الي تلک الجملة‌ان لکل شيء قحيقة و معني و صورة‌ المشار اليها بقوله تعالي فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات و لکل دليل يخصه و هي الادلة‌ الثلثة المعروفة في قوله تعالي ادع الي سبيل ربک بالحکمة والموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن و في کل واحد من هذه الادلة يجب ان‌يستدل من الکتاب و السنةو دليل الآفاق و الانفس والاجماع المشار اليها بقوله تعالي و ان تنازعتم في شيء فردوه الي الله و الرسول و قال سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم و قال و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي فاذا لاحظ هذه الادلة الخمسة في تلک الادلة الثلثة بان استدل لکل واحد من الثلثة بالادلة الخمسة حصل له في کل شيء خمسة عشر دليلاً محکما ولکن يشترط ان‌يلاحظ في کل واحد من هذه الخمسة عشر امورا ستة حتي‌يصيب الحق الاول ان‌يکون نظره علي الفطرة الاصلية لقوله تعالي فطرة الله التي فطر

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 181 *»

الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلک الدين القيم و الثاني ان‌لايکون عنوداً و لا لجوجاً و لا متعصباً و الثالث ان‌يوزن جميع ادلته بميزان قويم قطعي ناطق بالحق فان الموازين السابقة صامتة و تکون علي حسب نظر الناظر واما الميزان الناطق الحق الحي فليس علي حسب نظر الناظر و انما هو علي حسب ما هو عليه من العدل و هذا الشرط اهم الشروط الذي يکتفي به من کل دليل و لايکتفي بدليل منه و هو المشار اليه بقوله تعالي و السماء رفعها اي سماء الولاية رفعها فوق شهاداتهم و وضع الميزان حتي‌تناله ايديهم وابصارهم فالميزان هو القائم مقام الولي في الدنيا الا تطغوا في الميزان لاتعصوه و لاتخالفوا امره ابداً و اقيموا الوزن بالقسط و اجعلوه علي الانصاف و طلب الحق و لاتخسروا الميزان لاتنقصوه حقه و لاتعاملوه دون ما ينبغي و ذلک الميزان هو الارض المشار اليها بقوله تعالي بعد ذلک و الارض وضعها للانام فيها فاکهة و النخل ذات الاکمام و الحب ذوا العصب و الريحان فالفاکهة هي ما يتفکه به من ساير العلوم و النخل ذات الاکمام هوعلم المجادلة بالتي هي احسن ذات الاکمام و القشور و قشورها الشؤن النفسية بمراتبها العشرين فکل دان کم للعالي و العالي هو الثمر المستجن فيه واما الحق فهو علم المعرفة و المحبة و ثمرة الوجود و غاية الموجود و حب الله الودود و هو ذو العصف و هو سبحات الجلال التي هي عند ذلک الحب کعصف مأکول لا مقدار له و الريحان هو علم الموعظة‌ الحسنة لانه ذو روح و رايحة طيبة و مقام الروح من امر الله

بالجملة‌ التوزين بالميزان اهم الشروط و هو يغني عن کل شيء و لايغني عنه شيء کما ذکرنا و الرابع ان‌يضع جميع ما يخالف ما استدل به من الادلة الخمسة عشر و اقوال الميزان الناطق من المتشابهات و المجملات موضعه بحيث ينادي کلها بمطلوبه و لايخالف حرف منها مطلوبه فانه مع وجود ذلک من غير وضعه موضعه يحتمل ان‌يکون الحق فيه و يکون فيه دليل قطعي يدل علي خلاف ما ذهب اليه او يکون

 

 

* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 182 *»

فيه اشارة علي خطائه قدجعلها الله فيه خفية من باب و ان الساعة آتية اکاد اخفيها لتجزي کل نفس بما تسعي فاذا نادي کلها بنداء واحد علي مطلوبه دل علي تقرير الله سبحانه و علي ان علمه من عند الله سبحانه ليس فيه اختلاف کما بينا آنفاً و الخامس ان‌يکون في جميع ذلک طالباً للحق و الصواب غير راکن الي غير الحق فانه مع ذلک لايکاد يصيب الحق و يمسه من اعوجاجات المنحرفين ما لا مخلص له منه کماقال سبحانه و لايلتفت منکم احد و امضوا حيث تؤمرون و قال و لاترکنوا الي الذين ظلموا فتمسکم النار و السادس ان‌لايتکل علي قاعدة غير مستنبطة من الکتاب و السنة و لو کان في بادي النظر من المسلمات و البديهيات فانا رأينا کثيراً منها کان في الاول مسلماً و بديهياً و بعد امعان النظر وجدناه يخالف الکتاب و السنة فاذا جري بهذه الشروط الستة‌في تلک الادلة الخمسة عشر صار موفقاً مهدياً راشداً مرشداً للحق و الصواب و هو الذي آتاه الله من لدنه علما و من عنده رحمة و صار عالماً ربانياً و فاضلاً صمدانياً و شيخاً نجيباً اذا حکم بحکم و لم‌يقبل منه فکأنما بحکم الله استخف و علي آل محمد عليهم السلام رد و الراد عليهم کالراد علي الله و هما علي حد الشرک بالله فهذا هو العلم الذي يختص الله به النجباء و هو الکرامة التي ليس فوقها کرامة و الموهبة التي ليس فوقها موهبة فذلکم الرجل نعم الرجل فبه فتمسکوا و بسنته فاقتدوا و بهداه فاهتدوا فانه الذي لاترد له دعوة و لاتخيب له طلبة فکل من جري في المسائل بهذه الامور التسعين فاقبلوا منه و کل من لم‌يجر بها فردوا عليه فهذا مجمل القول في العلم و قدذکرنا سابقاً في اوائل الاجوبة ما يناسب هنا و يکون متمماً له فراجع.

قال: سلمه الله و العمل ما المراد منه و ما حده لانه بقول مطلق من المتشابهات منوط بالنيات فان هذه المسألة اي بيان اركان المعرفة قدظهر منها شيء علي نحو الاشارة و الاجمال من الشيخ الاقوم ثم تفصلت قليلاً من السيد المعظم ولكن لم‌يتبين المرام و لم‌يكشف اللثام و لم‌يفض الختام.

«

 

 

* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 183 *»

اقول: اعلم ان العمل هو ما ورد به الشرع و كتبه اصحابنا رضوان الله عليهم في كتبهم الموضوعة في هذا الفن فانهم لم‌يقصروا في ضبط شواردها و بينوا مصادرها و مواردها و اما قولكم انه بقول مطلق من المتشابهات منوط بالنيات صحيح لمن لم‌يمعن النظر في امر الناس و الا من امعن فيهم النظر و لم‌يبادر بتصديق و لا انكار و يكون طالباً للحق و الصواب فلايبقي فيه تشابه

ثوب الرياء يشف عما تحته

و ان التحفت به فانك عاري

قال علي عليه السلام في حديث رواه في الكافي ان المؤمن لم‌يأخذ دينه علي رأيه ولكن اتاه من ربه فاخذه ان المؤمن يري يقينه في عمله و الكافر يري انكاره في عمله فو الذي نفسي بيده ما عرفوا امرهم فاعتبروا انكار الكافرين و المنافقين باعمالهم الخبيثة انتهي. و قدجعل الله سبحانه للمنافق علامة يعرف بها و للمؤمن علامة يعرف بها و لولا ذلك لم‌تقم الحجة منه علي خلقه و لبطلت الدعوة و اختلط علي العباد امورهم و لم‌يعرف الحق من الباطل و قدبين و شرح صفة المنافقين لسان الله الناطق الفاروق بين المبطل و المحق عليه و آله عليه السلام فقال بني النفاق علي اربع دعائم علي الهوي و الهوينا و الحفيظة و الطمع فالهوي علي اربع علي البغي و العدوان و الشهوة و الطغيان فمن بغي كثرت غوايله و تخلي منه و نصر عليه و من اعتدي لم‌يؤمن بوائقه و لم‌يسلم قلبه و لم‌يملك نفسه عن الشهوات و من ‌لم‌يعدل نفسه في الشهوات خاض في الخبيثات و من طغي ضل علي عمد بلاحجة و الهوينا علي اربع شعب علي الغرة و الامل و الهيبة و المماطلة و ذلك لان الهيبة ترد عن الحق و المماطلة تفرط في العمل حتي‌يقدم عليه الاجل و لولا الامل علم الانسان حسب ما هو فيه و لو علم حسب ما هو فيه مات خفاتاً من الهول و الوجل و الغرة تقصر بالمرء عن العمل.

و الحفيظة علي اربع شعب علي الكبر و الفخر و الحمية و العصبية فمن استكبر ادبر عن الحق و من فخر فجر و من حمي اصر علي الذنوب و من اخذته العصبية جار فبئس الامر امر بين ادبار و فجور و اصرار و جور علي الصراط و الطمع علي اربع شعب الفرح و المرح و اللجاجة و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 184 *»

التكاثر فالفرح مكوره عند الله و المرح خيلاء و اللجاجة بلاء لمن اضطرته الي حمل الآثام و التكاثر لهو و لعب و شغل و استبدال الذي هو ادني بالذي هو خير فذلك النفاق و دعائمه و شعبه الخبر

قوله عليه السلام الهوي هو ميل الرجل الي ما يميل و يحب بحسب فهمه و الهوينا تصغير الهوني مؤنث اهون و هو اتخاذ الشيء سهلاً خفيفاً لايعتني به و لايبالي به و الحفيظة اسم المحافظة اي الذب عن العرض و المحارم و الطمع معروف و الغرة الخدعة و الاطماع بالباطل و الهيبة المخافة من الناس و الجبن و المماطلة التسويف بالدين يقال خفت خفاتاً اي مات فجأة و الحمية المنع من القوم و دفع الشر عنهم و ان كانوا مستحقين لاصابته و العصبية ضم عصبته الي نفسه و احتساب نفسه منهم و احتساب ضرهم ضره و نفعهم نفعه و الفرح السرور و المرح النشاط و التبختر و الاختتال و اللجاجة الخصومة فاذا كان ذلك صفة المنافقين فاني يلتبسون بالمؤمنين و اني يشتبه امرهم قال الله سبحانه ان المنافقين يخادعون الله و هو خادعهم و اذا قاموا الي الصلوة قاموا كسالي يراؤن الناس و لايذكرون الله الا قليلاً مذبذبين بين ذلك لا الي هؤلاء و لا الي هؤلاء و من يضلل الله فلن‌تجد له سبيلاً و قال سبحانه المنافقين و المنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف و يقبضون ايديهم نسوا الله فنسيهم ان المنافقين هم الفاسقون و قال تعالي و اذا قيل لهم تعالوا الي ما انزل الله و الي الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً فكيف يخفي امر النفاق و كيف يشتبه المنافق باهل الوفاق فاما صفات المؤمن فقدبين و شرح و كشف و اوضح روحي له الفداء بما لا مزيد عليه فقال ان الله عزوجل جعل الايمان علي اربع دعائم علي الصبر و اليقين و العدل و الجهاد فالصبر من ذلك علي اربع شعب علي الشوق و الاشفاق و الزهد و الترقب فمن اشتاق الي الجنة سلا عن الشهوات و من اشفق من النار رجع عن

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 185 *»

المحرمات و من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب و من راقب الموت سارع الي الخيرات.

و اليقين علي اربع شعب تبصرة الفطنة و تأول الحكمة و معرفة‌ العبرة و سنة‌ الاولين فمن ابصر الفطنة عرف الحكمة و من تأول الحكمة عرف العبرة و من عرف العبرة عرف السنة و من عرف السنة فكانما كان مع الاولين و اهتدي الي التي هي اقوم و نظر الي من نجي بما نجي و من هلك بما هلك و انما اهلك الله من اهلك بمعصيته و انجي من انجي بطاعته و العدل علي اربع شعب غامض الفهم و غمر العلم و زهرة الحكم و روضة الحلم فمن فهم فسر جميع العلم و من علم عرف شرايع الحكم و من حلم لم‌يفرط في امره و عاش في الناس حميداً.

و الجهاد علي اربع شعب علي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الصدق في المواطن و شنآن الفاسقين فمن امر بالمعروف شد ظهر المؤمن و من هي عن المنكر ارغم انف المنافق و آمن كيده و من صدق في المواطن قضي الذي عليه و من شنأ الفاسقين غضب لله و من غضب لله غضب الله له فذلك الايمان و دعائمه و شعبه هذا مجمل القول في صفات المؤمن و اما تفصيل ذلك فقد ذكر في الكافي بسنده عن ابي قتادة الحراني عن عبدالله بن يونس عن ابي عبدالله قال قام رجل يقال له همام و كان عابداً ناسكاً مجتهداً الي اميرالمؤمنين (ع) و هو يخطب قال يا اميرالمؤمنين صف لنا صفة‌ المؤمن كأننا ننظر اليه فقال يا همام المؤمن هو الكيس الفطن بشره في وجهه و حزنه في قلبه اوسع شيء صدراً و اذل شيء نفساً زاجر عن كل فان حاض علي كل حسن لا حقود و لا حسود و لا وثاب و لا سباب و لا عياب و لا مغتاب يكره الرفعة و يشنأ السمعة طويل الغم بعيد الهم كثير الصمت وقور ذكور صبور شكور مغموم بفكره مسرور بفقره سهل الخليقة لين العريكة رصين الوفا قليل الاذي لا متأفك و لا متهتك ان ضحك لم‌يخرق و ان غضب لم‌ينزق ضحكه تبسم و استفهامه تعلم و مراجعته تفهم كثير علمه عظيم حلمه كثير الرحمة و لايبخل و لايعجل و لايضجر و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 186 *»

لايبطر و لايحيف في حكمه و لايجور في علمه نفسه اصلب من الصلد و مكادحته احلي من الشهد لا جشع و لا هلع و لا عنف و لا صلف و لا متكلف و لا متعمق جميل المنازعة كريم المراجعة عدل ان غضب رفيق ان طلب و لايتهور و لايتهتك و لايتجبر خالص الود وثيق العهد وفي العقد شفيق وصول حليم خمول قليل الفضول راض عن الله عزوجل مخالف لهواه لايغلظ علي من دونه و لايخوض فيما لايعنيه ناصر للدين محام عن المؤمنين كهف للمسلمين لايخرق الثناء سمعه و لاينكي الطمع قلبه و لايصرف اللعب حكمه و لايطلع الجاهل علمه قوال عمال عالم حازم لا بفحاش و لا بطياش وصول في غير عنف بذول في غير سرف لا بختال و لا بغدار و لايقتفي اثراً و لايحيف بشراً رفيق بالخلق ساع في الارض عون للضعيف غوث للملهوف لايهتك ستراً و لايكشف سراً كثير البلوي قليل الشكوي ان رأي خيراً ذكره و ان عاين شراً ستره يستر العيب و يحفظ الغيب و يقبل العثرة و يغفر الزلة لايطلع علي نصح فيذره و لايدع جنح حيف فيصلحه امين رصين تقي نقي زكي رضي يقيل العذر و يجمل الذكر و يحسن بالناس الظن و يتهم علي العيب نفسه يحب في الله بفقه و علم و يقطع في الله بحزم و عزم لايخرق به فرح و لايطيش به مرح مذكر للعالم معلم للجاهل لايتوقع له بائقة و لايخاف له غائلة كل سعي اخلص عنده من سعيه و كل نفس اصلح عنده من نفسه عالم بعيبه شاغل بغمه لايثق بغير ربه قريب وحيد (جريد خ‌ل) حزين يحب في الله و يجاهد في الله ليتبع رضاه و لاينتقم لنفسه بنفسه و لا يواني في سخط ربه مجالس لاهل الفقر مصادق لاهل الصدق موازر لاهل الحق عون للغريب اب لليتيم بعل للارملة حفي باهل المسكنة مرجو لكل كريمة‌ مأمول لكل شدة هشاش بشاس لا بعباس و لا بجساس صليب كظام بسام دقيق النظر عظيم الحذر لايبخل و ان بخل عليه صبر عقل فاستحيي و قنع فاستغني حياؤه يعلو شهوته و وده يعلو حسده و عفوه يعلو حقده لاينطق بغير صواب و لايلبس الا الاقتصاد مشيه التواضع خاضع لربه بطاعته

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 187 *»

راض عنه في كل حالاته نيته خالصة اعماله ليس فيها غش و لا خديعة نظره عبرة و سكوته فكرة و كلامه حكمة‌ مناصحاً متباذلاً متواخياً ناصح في السر و العلانية لايهجر اخاه و لايغتابه و لايمكر به و لايأسف علي ما فاته و لايحزن علي ما اصابه و لايرجو ما لايجوز له الرجاء و لايفشل في الشدة و لايبطر في الرخاء يمزج الحلم بالعلم و العقل بالصبر تراه بعيداً كله دائماً نشاطه قريباً امله قليلا زللـه متوقعاً لاجله خاشعاً قلبه ذاكر ربه قانعة نفسه منفياً جهله سهلاً امره حزيناً لذنبه ميتة شهوته كظوماً غيظه صافياً خلقه آمناً منه جاره ضعيفاً كبره قانعاً بالذي قدر له متيناً صبره محكماً امره كثيراً ذكره يخالط الناس ليعلم و يصمت ليسلم و يسأل ليفهم و يتجر ليغنم و لاينصت للخبر ليفخر به و لايتكلم ليتجبر به علي من سواه نفسه منه في عناء و الناس منه في راحة اتعب نفسه لاخرته فاراح الناس من نفسه ان بغي عليه صبر حتي‌يكون الله الذي ينتصر له بعده ممن تباعد منه بغض و نزاهة و دنوه ممن دنا منه لين و رحمة ليس تباعده تكبراً و لا عظمة و لا دنوه خديعة و لا خلابة بل يقتدي بمن كان قبله من اهل الخير فهو امام لمن بعده من اهل البر قال فصاح الهمام صيحة ثم وقع مغشياً عليه فقال اميرالمؤمنين عليه السلام اما والله لقد كنت اخافها عليه و قال هكذا تصنع المواعظ البالغة باهلها فقال له قايل فما بالك يا اميرالمؤمنين فقال ان لكل اجلاً لايعدوه و سبباً لايتجاوزه فمهلا لاتعد فانما نفث علي لسانك الشيطان انتهي الحديث الشريف فهذا تفصيل احوال المؤمنين و انظر بنظر البصيرة هل يشتبه النور بالظلمة و هل يقدر المنافق علي كل هذه الصفات الحسنة و الاخلاق الزكية

ثوب الرياء يشف عما تحته

و ان التحفت به فانك عاري

ان المؤمن له نورية و روحانية يصدر عنها هذه الصفات و الاخلاق من غير كلفة و هي كطباعه بل هي طباعه حقيقة فهي من المؤمن كالتنفس للحيوان و لايغلط طبع الحيوان التنفس و كذلك المؤمن لايغلط طبعه هذه الصفات و الاخلاق هل يمكن

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 188 *»

عادة ‌ان‌تغلط النار في الاحراق فلاتحرق و الثلج في التبريد فلايبرد فالمؤمن سجيته الكرم و طبيعته الاحسان و شيمته التقوي و غريزته الاخلاق الزكية فتصدر عنه من غير كلفة و لا مشقة و لاتعمد خاص فانه بالجهاد عود نفسه الاحسان فلاتجري الا عليه و اما المنافق فليس متعوداً بالتقوي و الاحسان انما يحسن خديعة و يبر خلابة و يخضع مكراً فتغلط طبيعته عند غفلاته و تبدي منه فلتاته لامحة و لاتطيق نفسه علي صفات المؤمن فمن امعن النظر في المنافق يري نفاقه في عمله و في المؤمن يري يقينه في عمله فلايشتبه المطوق بالعاطل و لا الوبل بالهاطل و لا الماء بالسراب و لا الدخان بالسحاب الامر اوضح من نار علي علم و من يقول اني جاهدت فلم‌يتبين لي الامر او اشتبه علي فقد برأ نفسه و كذب ربه لان الله سبحانه قال الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و قال بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه و قال لايفلح المجرمون و لايفلح الساحرون و قال ان الله لايصلح عمل المفسدين و قول الله اولي بالتصديق من قوله فهو الكذاب المفتري علي ربه و المكذب لنبيه (ص) و لاينبغي ان‌يصغي اليه و ما ذكرنا لك كاف في المقام فقولكم انه منوط بالنيات غير مضر في المقام بعد ان علمت ان اليقين يري في العمل و لايخفي علي احد ان لم‌يكن في قلبه مرض و اقول كما قال الصادق عليه السلام:

علم المحجة‌ واضح لمريده

و اري القلوب عن المحجة في عمي

و لقد عجبت لهالك و نجاته

موجودة و لقد عجبت لمن نجي

و اما بيان الخارق للعادة‌ فليس لي اقبال و لا فرصة و قد ذكرنا في الفوائد شطراً منه و لا حاجة للناس اليه مع انا قد بسطنا القول فيه في مباحثاتنا العامة كثيراً لدفع بعض شبهاتهم في المدلسين الملبسين علي الناس امر الدين فذكرنا ذلك لنفي تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

 

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 189 *»

قال سلمه الله و ايضاً كيف كان هذا الامر من قبل في الازمنة‌ السالفة قبل اظهارهما اعلي الله مقامهما أكان مخفياً للكل او لبعض دون بعض و اذا كان ظاهراً فما اسامي الذين كانوا قبل هذا الزمان من الحاملين لهذا المقام و كم نفر مضوا الي الآن و هل هذا مخصوص بزمان دون زمان ام هو كلي كوني لايتحقق الكون و الشرع الا بهذا الوجه من اول الكون الي آخره مما لا آخر له و هل هو في كل زمان يتغير ام هو امر ثابت فان هذا الامر و ان كان ظاهراً بالاجمال لبعض من الخواص الا انه قدخفي علي العوام فلابد من البيان التام ليكون حجة علي الانام كنار علي علم و نور علي ظلم فلايبقي به لنفس باقية و يكون لتطرق الشياطين علي المؤمنين جنة واقية و بما اشتمل به من الاسرار و الانوار و حدائق التحقيق كجنة‌ عالية قطوفها دانية فيها عين جارية ثم الصلوة و السلام علي محمد و آل محمد و شيعتهم الانجبين و لعنة الله علي اعدائهم اجمعين ابد الابدين.

اقول هذه الفقرات آخر عبارة ‌سواله ايده الله فالجواب عن ذلك علي سبيل الايجاز و الاختصار تكلاناً علي علو مقامه و سمو فهمه ان الله سبحانه اول ماخلق كان هو العقل و لم‌يخلق شيئاً قبله فلما خلقه استنطقه فنطق بحمد الله سبحانه و ثنائه فقال الله سبحانه اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل و الاقبال الاول هو انفعاله تحت مشيته سبحانه و قبول امره و تلاشيه تحت سطوع انواره و اضمحلاله عند بروز جماله لا غير و لذلك اختلفت الاخبار في التقديم و التأخير فكلما قدم الاقبال اريد الاول و كلما اخر اريد الاقبال الثاني و الصعود اليه بعد النزول عنه فافهم فلما رآه الله سبحانه مطيعاً سلس القياد لامره و نهيه قال و عزتي و جلالي ما خلقت خلقاً هو احب الي منك و لا اكملتك الا فيمن احب فحين ما امر العقل نزل درجة ‌بعد درجة فاول ما نزل نزل الي عالم الرقايق و ارض الذهب و ارض الزعفران فتلبس بلباس اهله و سار بسيرتهم حتي انه كاحدهم ثم نزل الي الرفرف الاخضر فتلبس بلباس اهله و سار بسيرتهم حتي انه كأحدهم ثم نزل الي الكثيب الاحمر و عالم الياقوتة الحمراء فسار بسيرتهم و تلبس بلباسهم حتي انه كأحدهم و هكذا ثم نزل الي عالم الهباء و هكذا ثم الي عالم المثال و هكذا ثم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 190 *»

الي عالم هورقليا ثم الي عالم الاجساد الاولية ثم الي عالم العرش ثم الكرسي ثم فلك المنازل ثم فلك البروج ثم فلك الشمس ثم فلك زحل ثم فلك القمر ثم فلك المشتري ثم فلك عطارد ثم فلك المريخ ثم فلك الزهرة ثم الي كرة ‌النار ثم الي كرة‌ الهواء ثم كرة الزمهرير ثم كرة‌ البخار ثم كرة‌ الماء ثم كرة‌ التراب و في كل عالم كان يتلبس بلباسهم و يسير بسيرتهم حتي انه كأحدهم بلاتفاوت فظهر في عالم التراب كانه تراب هامد لا حراك له و لا شعور فبقي علي ذلك الي ان نودي للاقبال فقام يترقي شيئا بعد شيء فتحرك نحو المعدن ثم الي النبات ثم الحيوان ثم الي الانسان و صار في مبادي خلق الانسان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم كسي لحماً فتم صورته ثم نفخ فيه الروح و صار جنينا ثم تولد الي الدنيا و استكمل شيئاً بعد شيء و ترقي مقاماً بعد مقام حتي بلغ و كمل فقطع نظره عن عالم الاجساد الثانية ثم الاجساد الاولية ثم هورقليا علي الترتيب الذي ذكرنا بمقتضي قوله تعالي كما بدءكم تعودون الي ان وصل الي عالم الاظلة السفلي الي ان وصل الي عالم الهباء الي ان وصل الي عالم الطبايع الي ان وصل الي عالم النفوس الي ان وصل الي عالم الارواح الي ان وصل الي وطنه الاصلي كما بدأكم تعودون و كما ان الشخص الواحد تنزل هكذا و ترقي هكذا ما خلقكم و لا بعثكم الا كنفس واحدة فالعقل الكلي ايضاً هكذا يكون نزوله و صعوده و غاية‌ نزول العقل الكلي هذا العالم و هذا العالم جسده الكلي و هذا الجسد الكلي ايضاً في مراتب اقباله يكون كالشخص الجزئي فيكون في اول صعوده نطفة ثم علقة ثم مضغة‌ ثم عظاماً ثم يكسي لحماً ثم ينفخ فيه الروح ثم يتولد ثم يمشي و يدرج ثم يراهق ثم يبلغ ثم يشب ثم يبلغ اشده اربعين سنة ثم يشيب و يهرم الي ان‌يموت و كما ان كمال الانسان بل تمامه بقلب و دماغ و كبد و اعضاء خادمة‌ و اعضاء آلية في بدنه و بروح و نفس و عقل في مراتبه و جميع ذلك في حال كونه نطفة مخفي لا ظهور له بل حين كونه علقة الي حين كونه مضغة و انما يظهر بعضها حين يصير عظاماً و بعضها حين يكسي لحماً و بعضها حين ينشأ خلقاً آخر و بعضها عند مسقط رأسه و هكذا شيئاً بعد شيء الي ان‌يبلغ كماله كذلك هذا العالم و ان كان فيه القلب واجباً

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 191 *»

و الاعضاء الرئيسة و الخادمة و الآلية لازمة و لايكون العالم كاملاً الا بهذا بل لايتم و لايقوم الا بهذا الا ان ظهور هذه الامور في العالم يكون علي التدريج الا تري يوم خلق آدم علي نبينا و آله و عليه السلام لم‌يكن اركان و لا نقباء و لا نجباء ابداً و انما كان هو وحده و لم‌يكن هو القلب الكلي لهذا العالم و انما كان حاملاً لنور محمد المقدم في الوجود المؤخر في الظهور صلي الله عليه و آله كما ان النطفة ليست بقلب و ليس فيها اعضاء رئيسة الا انها حاملة للعقل الذي هو القلب و هو وسط الكل كما قال علي عليه السلام و كذلك الي قبيل نوح عليه السلام فانه كان ادريس علي وجه الارض مؤمناً و لا غيره احد يعبد الله علي ما يظهر من نقل المجلسي في البحار و بعض كتبه بل الي بعد نوح فان في عصر ابرهيم في اول امره لم‌يكن يعبد الله علي وجه الارض احد غيره و لذا سماه الله امة‌ قانتاً لله فليس بواجب ان‌يكون جميع اركان الوجود في الدنيا دائماً ظاهراً و ان كان الواجب ان‌يكون موجوداً في غيب الدنيا و هكذا كان يترقي الدنيا شيئاً بعد شيء من اول ما بدء فكان في عصر آدم نطفة و في عصر نوح علقة و في عصر ابرهيم مضغة و في عصر موسي عظاماً فكسي في عصر عيسي لحماً و تمت صورته فنفخ فيه في عصر محمد صلي الله عليه و آله و انشأ خلقاً آخر و تولد يوم غدير خم و درج في عصر الائمة عليهم السلام و فطم في عصر تولد القائم عليه السلام و اوائل غيبته و راهق في هذه الايام عند تعلق التميز من النورين النيرين بهما و يكلف في اول ظهور الامام بتلك الكلمة التي يقولها فيجفلون و بساير فروعها و لوازمها و يبلغ اشده اربعين سنة اذا رجع النبي صلي الله عليه و آله و يموت عند صعود المعصومين عليهم السلام و يبرد عند نفخ الصور الاول نفخة‌ الصعق و يقبر بين النفختين و ينشر في الثانية الي النفخة الثانية نفخة الدفع و يحشر يوم القيمة الكبري و الحاصل ان العقل و الروح و النفس بل الاعضاء الرئيسة و الخادمة و الآلية‌ ليست بظاهرة في النطفة‌ و العلقة و المضغة و انما يظهر شيء بعد شيء بقدر صلاح الوقت و تحمل اهله فلايجب ان‌يكون الاركان و النقباء و النجباء ابداً ظاهرين في الدنيا و ان كانوا موجودين في غيب هذا العالم مثل ما لم‌يكن النبي (ص) ظاهراً في

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 192 *»

الدنيا قبل ظهوره و لم‌يكن الائمة عليهم السلام ظاهرين في الدنيا نعم كانوا سراً فان كل مقدم في الوجود متأخر في الظهور لامحة‌ و لما تم خلقة صورة‌ العالم في زمان المسيح عليه السلام و صارت الاعضاء تامة‌ استحق الروح و بعث النبي صلي الله عليه و آله فحصل في العالم قلب و اركان و نقباء و نجباء و اما قبل النبي صلي الله عليه و آله لم‌يكن قلب العالم الكلي ظاهراً و كانت الانبياء قلوباً جزئية للعالم و هكذا الاركان و النقباء و النجباء كانوا في تلك الازمنة علي حسب تلك القلوب الجزئية قد ظهروا شيئاً بعد شيء في عرض الزمان و ان كانوا في الوجود مقدمين علي ساير الاجزاء و ما روي في الخصال عن خالد بن نجيح عن احدهما السلام ليس تخلو الارض من اربعة من المؤمنين و قديكونون اكثر و لايكون اقل من اربعة و ذلك ان الفسطاط لايقوم الا باربعة اطناب و العمود في وسطه انتهي. فقال عليه السلام ليس تخلو و لم‌يقل ما خلت الارض فبعد كمال الدنيا و ظهور كوامنها و بروز ما تقدم في الوجود عليها ليس تخلو الارض و الا متي كانت الاربعة في عصر آدم حين كان هو و حوا و لم‌يكن غيرهما و في عصر ابرهيم حيث لم‌يكن علي وجه الارض احد يعبد الله عزوجل غيره كما روي في البحار و لما كان هذا الركن هو متمم الاركان الاربعة و تمام العلة الغائية التي بها صلاح الافئدة تأخر ظهوره عن الكل و ظهور هذه الاربعة الاركان مقدمة ظهور الرحمان في آخر الزمان هل ينظرون الا ان‌يأتيهم الله في ظلل من الغمام و الملائكة فينزل الجبار جل جلاله حين اصطفاف الصفين في الروحا و بدو الانكسار في الابرار فيفر رئيس الفجار و يقول اني اري ما لاترون اني اخاف الله رب العالمين و اما ما ذكرت من ظهورالرحمان و هبوط الجبار فلم‌يكن مقصودي رؤية الذات البحت البات و انما الغرض ظهور الصفات و بدو التجليات فلايذهبن بك المذاهب فعن التوحيد في سؤال الزنديق الصادق عليه السلام قال الزنديق فتقول انه ينزل الي السماء الدنيا قال ابوعبدالله عليه السلام نقول ذلك لان الروايات قد صحت به و الاخبار قال الزنديق و اذا نزل أليس قد حال عن العرش و حؤوله عن

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 193 *»

العرش انتقال قال ابوعبدالله ليس ذلك علي ما يوجد من المخلوق الذي ينتقل باختلاف الحال عليه و الملالة و السأمة و ناقل ينقله و يحوله من حال الي حال بل هو تبارك و تعالي لايحدث عليه الحال و لايجري عليه الحدوث فلايكون نزوله كنزول المخلوق الذي متي تنحي عن مكان خلا منه المكان الاول ولكنه ينزل الي سماء الدنيا بغير معاناة و لا حركة فيكون هو كما في السابعة علي العرش كذلك هو سماء الدنيا يكشف عن عظمته و يري اوليائه نفسه حيث شاء و يكشف ما شاء من قدرته و منظره في القرب و البعد سواء فافهم فانه حديث صعب لايحتمله القلوب الوغرة و قد بين و اوضح عليه السلام انه يكشف عن عظمته و قدرته لا من ذاته و يري اوليائه نفسه القائمة بالسنن و هو ظهور الصفة كما بينا و لما كانت تلك الصفة هي بدو الوجود لابد و ان‌يتأخر في الظهور و ليس كلامنا فيه و لا سؤلك عنه فلنعد الي ما كنا فيه

فتبين و ظهر ان النقباء و النجباء كانوا في سوالف الزمان خفيين و لا امنع كون الخيار في كل امة‌ ولكن نجباء ذلك الزمان او ذلك القوم و نقباؤهم كما ان نبيهم كان قلبهم و قطبهم ولكن النقباء الكليين و النجباء الكليين فهم مخصوصون بهذا الزمان كما كان نبينا محمد و آله صلوات الله عليهم مخصوصين بهذا الزمان فاذا جاء النبي صلي الله عليه و آله لابد و ان‌يكون جميع اجزاء العالم متناسبة فصارت متناسبة الا ان في اول الامر لم‌يكن المصلحة في ابراز هذا الركن لان اساس النبوة لم‌تكن مستقرة و الوية الولاية لم‌تكن منتشرة فكيف يمكن لهم اظهار هذا الامر و هم كانوا من قبول النبوة و الولايةفي عويل فكيف لهم بذلك و كان طريقته صلي الله عليه و آله اظهار الشرايع بقدر قوة الزمان و صلاحه و لذا اظهر الولاية في آخر عمره و وقع الاولياء في تلك الطخية‌ العمياء و المحنة‌ العظماء علي حسب ما لايخفي و كذلك كان الامر الي المائة الحادية‌ عشرة من الهجرة و الشيعة‌ كانوا في كل هذه الازمنة مضمحلين مبتلين بالتقية الشديدة و المحنة العتيدة الي ان انقشع سحاب ظلمة العامة من هذه اللمعة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 194 *»

و صحي هذه القطعة و تنفس الشيعة قليلاً بهذه النواحي و فرغوا من اثبات الولاية و صارت مسلمة و اعلام دينهم صارت واضحة و طرقها شارعة و استراحوا قليلاً من المحنة فالقي الله اليهم هذا الامر فجري الاستاد الاعظم روحي له الفداء علي نهج الحكمة فالقي اليهم مقدمات كانوا عنها غافلين و الي نتايجها غير ملتفتين فآمن من آمن و انكر من انكر الي ان قام النير الاصغر و الحبر الاجل الاكبر فرتب تلك المقدمات و لوح بالتلويحات و لم‌يصرح بالنتايج الي ان جعلنا الله و له الحمد و الشكر و المنة من المشيدين لاركان هذا الركن الرابع و البدر اللامع و النور الساطع فكان ما كان و قد قال الله سبحانه و ما ارسلنا من رسول و لا نبي و لا محدث الا القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته فلم‌يقم نبي و لا رسول و لا محدث الا و قد قام بازائه من يسعي في اطفاء نوره و ادحاض حجته ولكن ينسخ الله ما يلقي الشيطان لقوله انه لايفلح المجرمون و هذا الرجل الذي قد ظهر بعجلة الشيطان و انتهاز الفرصة في الزمان و اراد تغيير سلوك الله سبحانه مع اهل الايمان و اراد اظهار الدين علي نهج الطفرة و هي ظاهرة البطلان و هو فتنة من الرحمن و اراد به اختبار اهل الايمان و الطغيان و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون و انما العهد المعهود عندي ان هذا الزمان ابتداء السير في مقدمات القرية الاولي قرية النجباء الجزئيين و هيهات اين هذا العصر من ظهور النقباء الكليين و ظهور الذكر الاجل الاعلي الاعلي الاعلي و انما الرجل سمع مقامات و استفزه الشيطان و لعب به و باض و فرخ في صدره و دب و درج في جحوره فنظر بعينه و نطق بلسانه فألقي هذه الفتنة و فضح اناساً كانوا في التقوي و امامة الجماعة و العدالة و الفقاهة و الحكمة الظاهرة في الغاية و النهاية و اوضح انهم كانوا الي الآن عن ضروريات هذا الدين غافلين و عن انواره عميانين و بطرقه و شوارعه جاهلين و عن كتاب الله لاهين و عن احاديث الائمة سلام الله عليهم ساهين و لسيرة العلمين النورين النيرين ناسين و انهم لا لامر الله يعقلون و لا من اوليائه يقبلون حكمة

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 195 *»

بالغة فما تغن النذر و قد كتبت في اجوبة اخري لكم ان الرجل علم بعض التأويل فجري لسانه عليه و هذه الجهال الغافلون زعموا انه ينطق عن امور خارجية و عن حقايق واقعية فاغتروا به فلاجرم اصمهم الله و اعمي ابصارهم فراجع ما ذكرت لك و انشره في اخوانك ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و احب ان‌اذكر لك في هذه الرسالة كلاماً من الشيخ الاوحد اعلي الله مقامه في هذا المقام كتبه لبعض الانام و يكون لك ذلك الكلام ظهراً و ظهيراً و عوناً و عويناً فاحفظه

و هو بسم الله الرحمن الرحيم و بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين انه قدورد علي خط من الشيخ موسي البحراني ساكن مشهد الكاظم عليه السلام في سنة ست و مأتين و الف يذكر انه قداتانا شخص يقول انا وكيل صاحب الزمان عليه السلام و انه وصل الجزيرة الخضراء و البحر الابيض و الظلمات و انه اتي البيت المقدس و المدينة‌ المنورة و مكة المشرفة في لحظة و اتي بلاداً مخفية قدر بغداد و لها قراء كثيرة و اذاً فيها مسجد ينتظرون صلوة الجماعة مع القائم عليه السلام و صلي بهم و ولده حاكم بتلك البلاد و اهل تلك البلاد شغلهم ارشاد الضال و نصرة القآئم و المؤمنين و هم الذين اوصلوا هذا المدعي الي الجزيرة الخضراء و انه قدحج بهم القآئم و هو معهم تسع سنين و ان القآئم هو الذي امره بان‌يمضي و يخبر بهذا الكلام و هذا بعض مختصر ما كتب الي ايده الله و قال لي ان هذا الشخص زاهد في الدنيا و الناس بين مصدق و مكذب فكتبت له جواب ذلك علي استعجال و تشويش بال و هو بسم الله الرحمان الرحيم عافانا الله و اياكم من مضلات الفتن ألاتسمع الي قول علي عليه السلام لتغربلن غربلة و لتبلبلن بلبلة و لتساطن سوط القدر الحديث. اعلم غير معلم ان في الارض الثالثة سكاناً شأنهم القاء الشبه و الشكوك و التمويهات علي الناس قد قيضوا لقرنائهم من الناس الذين يعشون عن ذكر الرحمان يكلمون الناس باللسان المحلد في اسماء الله قدحقت عليهم الضلالة و الغواية فاخوانهم كانوا غاوين و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً كما قال الصادق

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 196 *»

عليه السلام هيهات فات قوم و ماتوا قبل ان‌يهتدوا و ظنوا انهم آمنوا و اشركوا من حيث لايعلمون و ربما اصغي اليهم بعض المؤمنين الذين يجهلون الفرق بين اللسانين اللسان المقتصد و اللسان الملحد و ذلك لان الباطل يشبه الحق و في الانسان داعيان داعي الله العقل و داعي الشيطان النفس فالعقل يطلب الحق لا غير و النفس يطلب الباطل لا غير و انبعاثهما سواء و مطلوباهما و هو الحق و الباطل متشابهان و بيان ذلك في القرآن كقوله تعالي في الحق كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء و في الباطل كشجرة خبيثة اجتثت و قوله تعالي كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء و السراب اشبه شيء بالماء ألاتري الي الوطي مع التراضي بحدود الله نكاح و باهمال الشيطان سفاح و كقوله فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً و مما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق و الباطل فاما الزبد فيذهب جفاء و اما ما ينفع الناس فيمكث في الارض فجعل الباطل جفاء يعني لا ثبات له و لا اصل و الحق زبداً ماكثاً في الارض يعني ثابتاً فلما كان الباطل الذي هو مطلوب النفس مشابهاً للحق الذي هو مطلوب العقل التبست علي القاصر الامور و لم‌يميز المباح و المأمور من المحذور و كذلك ابتلي الله العباد و خلقهم كما اراد ليعلم من يخافه بالغيب و بعث اليهم الهادين قري ظاهرة للمسافرين الي الله و قدر في هداهم السير سيروا فيها ليالي و اياما آمنين فبهداهم اقتده[1] ان الدنيا بحر عميق قدغرق فيها عالم كثير لاشتباه الداعيين و اختلاط الحق و المين اذ لو خلص الحق لم‌يخف علي ذي حجي و اولئك الملحدون يظهرون باطلهم الذي بنوا اساسه علي زيغ قلوبهم و ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و ابرزوه علي صورة الحق و يأولون المحكم علي طبق زيغهم في زبرج وقارهم و متلون عفافهم ألاتسمع قول الله و من الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا و يشهد الله علي ما في قلبه و هو الد الخصام فهذا الشخص من اولئك الملحدين الذين يتكلمون بلسان اهل التصوف الذين قال في حقهم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 197 *»

الصادق عليه السلام كما رواه الورع الاقصد الشيخ احمد الاردبيلي في حديقة الشيعة باسناده قال قال رجل للصادق عليه السلام قد خرج قوم في هذا الزمن يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم.

فقال عليهم السلام انهم اعداؤنا فمن مال اليهم فهو منهم و يحشر معهم و سيكون اقوام يدعون حبنا اهل البيت و يميلون اليهم و يتشبهون بهم و يلقبون انفسهم بلقبهم و يأولون اقوالهم الا فمن مال اليهم فيس منا و انا منهم برءا و من رد عليهم كان كمن جاهد الكفار مع رسول الله صلي الله عليه و آله و غير ذلك و اصل مأخذهم ما ثبت عقلاً و نقلاً ان الانسان نسخة العالم الكبير و انه انطوي فيه العالم الاكبر كما نقل عن علي عليه السلام انه قال الصورة الانسانية هي اكبر حجة الله علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و الهيكل الذي بناه بحكمته و هي مجموع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي كل غائب و هي الحجة علي كل جاحد و هي الصراط الممدود بين الجنة و النار و كما قال الصادق عليه السلام العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية الحديث. و غير ذلك من الدلالة و دليل العقل معروف في محله فلما عرفوا بعض تفصيل ذلك اولوا جميع ما ورد من الشارع عليه السلام في العالم الكبير علي العالم الصغير و هو الانسان و جحدوا ما في الكبير جهلاً لما وجدوا في انفسهم من الاحاطة بالصغير و لم‌يقدروا علي الاحاطة بالكبير فكذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لما يأتهم تأويله و الحق انما وجد في الصغير فانه من الكبير كالذي في المرآة من المقابل لها و بالجملة بيان ما يقتضيه المقام كثير لايليق بالمكتوب و لكن اشير الي بعض ما يعنون علي سبيل الذكر و الاشارة فاذا قالوا القآئم يريدون به العقل و اذا قال شخص منهم انا القآئم يريد انه الذي استقام عقله بجنده الخمسة و السبعين المذكورة في اول الكافي فملأ طبيعته و جسده قسطاً و عدلاً و اذا قالوا اعور الدجال يريدون به النفس الامارة المدجلة بمعني انها تخلط عليه الامر تخلط عليه

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 198 *»

الباطل و تظهره في صورة الحق من ادجل فلان عليه اذا البس عليه الامر و مقتضي شهواتها هي الجنة التي هي طريق اهل الشقاوة و مخالفتها هي ناره التي هي طريق اهل السعادة و اذا قالوا الجزيرة الخضراء يريدون بها سماء الخيال و هو السماء الثالثة في الانسان و يقولون سكانها اولاد القائم عليه السلام يعني العقل لان الخيال فيه صور المعلومات المجردة عن المادة و العقل فيه معاني تلك الصور المجردة عن المادة و الصورة و كل صورة في الخيال تبرز من اصلها المعنوي الذي في العقل فهم اذاً عيال القائم اي العقل و الحاكم عليهم فيها الخضر عليه السلام و مرة يقولون ولده و يريدون بالبحر الابيض ماء العقل المحيط بالفكر و الخيال و ان سفن الاعداء تغرق فيه لان العقل لاتصدر عنه صور الباطل و لاتصعد اليه معانيها و الظلمات هي الماهية التي ما شمت رايحة الوجود و كما ان الظلمة ما شمت شيئاً من النور و بيت المقدس هو فناء العقل و الكعبة هي العقل و هو عرش الرحمان و المنظر الاعلي و المدينة هي مدينة‌ العلم اي الصدر الذي عبرنا عنه سابقاً بالخيال و امثال ذلك من الاشياء التي في الانسان و يقولون ليس مراد الشارع عليه السلام من جميع اشاراته الا هذه و كذبوا بل مراد الشارع عليه السلام هذه الاشياء المعروفة عند العوام و آياتها هذه الاشياء التي ذكروا كل مراد الشارع عليه السلام لكن الظاهر في العالم الكبير هو المراد و هو المدلول عليه و الدليل كما قال تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي‌يتبين لهم انه الحق فاستعينوا بالصبر و الصلوة و امسكوا علي ما في ايديكم من الحق فان ارتبتم فارجعوا الي العلماء الذين نصبهم الله لتشييد الدين و ازالة انتحال المبطلين و راجعوا الكتب التي جمعوها الاصحاب شكر سعيهم في الرجعة فانها تشد القلوب الضعيفة لما فيها من ذكر العلامات و بيان الايات و في حديث المفضل بن عمر المشهور عن الصادق عليه السلام في شأن الصاحب عليه السلام ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست و ستين و مأتين فلاتراه عين احد حتي‌يراه كل احد و كل عين و كما روي من الامر بتكذيب مدعي الرؤية قبل خروج السفياني و ان قبل قيام القائم اليماني و السفياني و السنين كسني يوسف عليه السلام و المطر اربعين يوماً و نشر بعض

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 199 *»

الاموات كما في محكم الايات و الخوف و الجوع و نقصاً من الاموال و الانفس و الثمرات و الموت الاحمر والموت الابيض حتي‌لايبقي الا ثلث الناس من سكان الدور الثالث و هم سكان الدار الثالثة الآخرة و ظهور الشخص في قرص الشمس و خسف القمر و كسوف الشمس لخمس عشرة و طلوع الشمس من مغربها و المنادي من السماء و المنادي من الارض و خسف بالبيداء و قتل النفس الزكية و غير ذلك من العلامات المذكورة في الروايات و منها المحتوم كالسفياني و قتل النفس الزكية و دعوات بعض ائمة الضلال و غيرها و كل ما يكون منها يكون قبل قيامه و قبل رؤيته و العاقبة للمتقين و سحقاً و بعداً للقوم الظالمين و حصر هذه الباطن باطل كما ان بطلان حصرها علي الظاهر ظاهر كما مر و لولا خوف الاطالة لاطلقت عنان القلم برهة من الزمان و لمعة من الدهر و سيبة من السرمد في بيان فساد دعوي المتلونين الذين هم اعداء الدين علي اني لو حضرت لزهق الباطل لاتساع فج التصرف في اللفظ و لان المشاهدة تطرد العصافير بقطع الشجرة لا بالتنفير و الحمد لله و صلي الله علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين تمت.

و هذه الرسالة عندي موجودة بخط الشيخ علي المرحوم ابن الشيخ الاجل الاوحد اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه فتدبر في مطاوي كلماته اعلي الله مقامه و اعرف ترهات القوم و تسويلاتهم و انكارهم للحق كيف يأولون الدين و ينكرون الشرع المبين و كيف يصرفون جميع اقوال الائمة و الحكماء عليهم السلام الي ما في لوح نفوسهم من انموذج العالم الكبير و يعبرون عنها بالفاظهم و يلقونها بين الناس فيظنون انهم ارادوا الامور الخارجية فيغترون بها و ان الشيخ روحي لمرقده الفداء قدطوي بيان فضائحهم و اشار بما اشار فانه لو بين جميع باب التأويل لتعلم المتلونون منه اموراً كثيرة اخر و فتنوا الناس اكثر فطوي ذكرها حتي لايكون مثل تعليم يعقوب عليه السلام حيث قال أخاف ان‌يأكله الذئب و لم‌يكونوا يعلمون ان الذئب ايضاً يأكل الانسان فتعلموا منه و ردوا عليه و هكذا لو نبين للقوم جميع باب التأويل لتعلموا و ردوه علي الناس و صارت الفتنة اعظم و اعظم ولكنه اعلي الله مقامه ذكر ما ذكره الرجل و قدذكرنا في رسالتنا الاولية

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 200 *»

اليك شطراً من تأويل ما ذكره هذا المتلون و غر الناس و اغتروا به فراجع و عليك و علي ما يطلع علي كتابي هذا بمراجعة كلام الشيخ اعلي الله مقامه و ان الرجل الذي قدظهر في زمانه و قال هذه الكليمات القليلة رد عليه الشيخ هكذا و لو عرض عليه او علي السيد الاجل ان رجلاً ظهر و يقول قدنزل علي كتاب ذو سور و يوحي الي كما يوحي الي محمد و النبيين من قبله و اني انا الذي فاز بي من فاز و هلك بي من هلك و ان محمداً واقف في مقام الكيف و انا واقف في مقام اللاكيف و ان مقام محمد مقام او ادني و ان مقامي فوقه و ان الانبياء قد فتنوا بولايتي و هكذا ما كانا يقولان مع تمحضهما في نشر فضائل آل الله و تعظيم القرآن و نشر البرهان هيهات سنة الله التي قد خلت من قبل و لن‌تجد لسنة الله تبديلاً فقد ظهر في زمان الشيخ ذلك الرجل و ادعي الوكالة عن صاحب الزمان صلوات الله عليه و في زمان السيد السند اجل الله شأنه ظهر ذلك الرجل بآذربايجان و دعي الناس الي نفسه حتي اذهبوه الي بلاد الفرنج و حبسوه و في هذا الزمان ظهر هذا الطاغي و قد روي المجلسي ان قبل القائم يظهر ستون كذاباً كلهم يدعون النبوة و يرفع اثني عشر راية من آل ابي طالب يدعون الامامة و والله هذه احدهم فانه يدعي النبوة و الوحي الجديد و الكتاب الجديد و قد علم الخبيث انه لو انكر الختمية و اعلن ادعاء النبوة لايلبيه احد فاظهر الاقرار بالختمية و عمله و ادعاؤه ادعاؤ الانبياء و عملهم فانه قال اوحي الي كما اوحي اليهم و احل ما حرمه الله و حرم ما احله الله و قرن اسمه في الاذان باسم النبي صلي الله عليه و آله الا انه يدعي تلبيساً انه عبد بقية الله عليه السلام و اي عبودية هذه و قدجاز بنفسه مقام محمد صلي الله عليه و آله فتركه في الكيف و وصل بنفسه الي اللاكيف و اقول كما قال الصادق عليه السلام:

علم المحجة واضح لمريده

و اري القلوب عن المحجة في عمي

و لقد عجبت لهالك و نجاته

موجودة و لقد عجبت لمن نجي

فلايصغ امرء مسلم الي تأويلات هذه الضلال فانها كلها تضليلات و انكار لما تواتر في الشيعة من امر القائم عليه السلام و هذا الخبيث قد دبر لنفسه و دبر و فكر

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 201 *»

و قدر فقتل كيف قدر فكر في نفسه اني القي بين الناس هذه الفتنة فان اجابوني في الرياسة فترأست فهو المطلوب و اما بعض المواعيد التي وعدت ءاولها لهم فاقول اني قلت اصيح صيحة يسمعها اهل المشرق و المغرب انه لم‌يكن المراد بنفسي فاني انا الولي و لسان النقلة لساني و قدابلغوا المشرق و المغرب و اما قولي حتي‌يقعد النائمون اي يتنبه الغافلون و اما قولي حتي‌يقوم القاعدون يعني يقوم القاعدون عن نصرتي بنصرتي و يجلس القائمون اي يجلس اناس عن نصرة اعدائي التي كانوا قائمين بها و ان لم‌يسلموا لي بالرياسة فاقول قدبدي لله و يبقي لي قوم معتقدون و ذلك يكفي الشيطان من اضلال اهل الايمان و لم‌يتنبه الخبيث انه لايضل الا الفاسقين الذين لم‌يكونوا من المؤمنين ابد الابدين و انما يظهر خبثهم و ليس له عليهم سلطان و لا علي المؤمنين الذين ميزوا الغث من السمين و انا لانحتاج بعد محمد (ص) الي نبي و بعد كتابه الحقيقي الذي عند قائم آل محمد عليه السلام الي كتاب و بعد سنته الي سنة و بعد ائمتنا الي ائمة و بعد علماء الشيعة الي علماء ولكنه فتنة ارادها الله سبحانه فخلي بين الشيطان و بين هذا الرجل فنظر بعينه و نطق بلسانه و كتب بيده و عاونه جمع من الذين في قلوبهم مرض فتوامروا بينهم و علم كل واحد منهم الاخر شطراً من التأويل فاذا راجعت هذا حول علي ذاك و اذا راجعت الي ذاك حول علي هذا حكمة بالغة فما تغن النذر و يكفي المؤمنين ما ذكرنا في هذه الرسالة و رسالتنا الاخري اليك و رسالتنا الاخري الي ملا عبدالخالق اليزدي ساكن المشهد الرضوي المسماة بازهاق الباطل و رسالتنا الاخري الي المولي الشريف آقا محمد شريف الكرماني المسماة بتير شهاب و قد صنفناها عجمية و لذا سميناها بعجمي و ان في جميع ذلك لذكري لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد

و من حضر السماع بغير قلب

فلم‌يطرب فلايلم المغني

لقد اسمعت لو ناديت حيا  فلنرجع الي ما كنا فيه من جواب مسائلك و اما قولكم كيف كان هذا الامر من قبل فقد بينا في الجملة انه كان بحسب اقتضاء الزمان و اما ذكره علي سبيل الاجمال و الاختصار في المواثيق

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 202 *»

فقد كان قديماً و حديثاً كما ان محمداً صلي الله عليه و آله و آله الطاهرين عليهم السلام لم‌يكونوا في سالف الزمان و انما كان اسماؤهم موجودة في المواثيق كذلك كان اسم الركن الرابع موجوداً في المواثيق الا ان اشخاصهم باعيانهم كما ينبغي لم‌يكونوا و انما كانوا بحسب صلاح الزمان علي حسب قابلية ذلك الزمان و لكن علمهم و عملهم و فضلهم و شأنهم كان مخفياً كما ان اسم ساداتهم و بعض ظهوراتهم علي حسب تلك الازمنة كان موجوداً قال علي عليه السلام الا و نحن النذر الاولي و نحن نذر كل زمان و اوان و قال انا الامل و المأمول و قال انا موسي انا عيسي و امثال ذلك فكذلك كان اسم هذا الركن في المواثيق و العهود موجوداً و عينهم مفقودة كما روينا اخباراً عبددية في الزمان النواصب و بعض مظاهرهم علي حسب صلاح الزمان مشهوداً الي ان ظهر في هذه الازمان بقدر طاقة اهله فكان كما تري و اما قولكم فما اسامي الذين كانوا قبل هذا الزمان من الحاملين لهذا المقام اقول اما بعد الغيبة الكبري فانهم كما ذكرنا سابقاً اسم للامام و لايسمي الامام في زمان الغيبة الا بالالقاب و هي بعض الصفات الظاهرة الجزئية و هي معروفة و كل فقهاء الشيعة منها و لايحتاج الي تسمية و اما في زمان الائمة عليهم السلام زمان ظهور امامتهم مشوباً بالتقية فقد كان في عصر كل امام جماعة ففي رجال الشيخ ابي علي عن الكشي بسنده عن اسباط بن سالم قال قال ابوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام اذا كان يوم القيامة نادي مناد اين حواري محمد بن عبدالله صلي الله عليه و آله الذين لم‌ينقضوا العهد و مضوا عليه فيقوم سلمان و المقداد و ابوذر ثم ينادي المنادي اين حواري علي بن ابي طالب عليه السلام وصي رسول الله صلي الله عليه و آله فيقوم عمرو بن الحمق و محمد بن ابي بكر و ميثم التمار مولي بني اسد و اويس القرني ثم ينادي المنادي اين حواري الحسن فيقوم سفيان بن ابي ليلي الهمداني و حذيفة ابن اسيد الغفاري ثم ينادي المنادي اين حواري الحسين بن علي عليه السلام فيقوم كل من استشهد معه عليه السلام و

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 203 *»

لم‌يتخلف عنه ثم ينادي المنادي اين حواري علي بن الحسين عليه السلام فيقوم جبير بن مطعم و يحيي بن ام الطويل و ابوخالد الكابلي و سعيد بن مسيب ثم ينادي المنادي اين حواري محمد بن علي عليهما السلام فيقوم عبدالله بن شريك العامري و زرارة بن اعين و بريد بن معاوية العجلي و محمد بن مسلم و ابوبصير ليث البختري المرادي و عبدالله بن ابي يعفور و عامر بن عبدالله بن خزاعة و حجر بن زايد و حمران بن اعين ثم ينادي ساير الشيعة مع ساير الائمة عليهم السلام يوم القيامة فهؤلاء المتحورة اول السابقين و اول المتحورين من التابعين انتهي. اقول و من هؤلاء جابر بن يزيد الجعفي في زمان الباقر عليه السلام و الصادق عليه السلام و مفضل بن عمر في زمان الصادق عليه السلام و في زمان موسي بن جعفر عليه السلام و منهم ابوحمزة الثمالي فانه خدم من علي بن الحسين عليهما السلام الي موسي بن جعفر و منهم يونس بن عبدالرحمان في زمان الرضا عليه السلام و عثمان بن سعيد العمري اجل الله شأنه و ابنه محمد بن عثمان و ابوالقاسم حسين بن روح و ابوالحسن علي بن محمد السيمري و قد كان عثمان بن سعيد وكيلاً لأبي محمد عليه السلام و ليس لي اقبال الآن ان‌اذكر فضل كل واحد منهم و من اراد ذلك فعليه بكتب الرجال فان فضلهم هناك مذكور و لما كان في زمان الائمة عليهم السلام زمان ظهور في الجملة ذكرت اسماءهم في الجملة و اما اسماء من بعدهم عليهم السلام فمنهم من لا اعلم و لم‌يصل الي و منهم من وصل الي و لا اذكره لما عرفت و جواب باقي الاسؤلة‌ يعرف مما قدمنا كملاً و يكفي ما ذكرنا لمثلك و لو كان لي فرصة لاطلقت عنان القلم في هذا الميدان و كنت اقضي وطراً من البيان ولكن الوقت ضيق و المشاغل كثيرة و لكن ذكاوتكم تسهل الخطب فيكفيكم الاشارة و ما قصرت في التلويح في العبارة فلنقطع الكلام و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم

 

 

«* مکارم الابرارعربی جلد 9 صفحه 204 *»

و كان ذلك في ضحوة يوم السبت الخامس و العشرين من شهر رجب من شهور سنة اثنتين و ستين بعد المأتين و الالف 1262 حامداً مصلياً مستغفراً مستقيلاً تمت.

 

[1] هذا من المواضع الذي اشار الشيخ اعلي الله مقامه الي الركن الرابع . منه