خطبة عید الفطر1
انشأها الشيخ الاجل الاوحد
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 2 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله مدهر الدهور و قاضي تصاريف الامور الاول قبل كل اول بلا زوال و الآخر بعد كل آخر بلا انتقال كون الاشياء بقدرته قبل وجود المكان و اوجدها متقنة بحكمته اذ لا زمان فبرزت معلنة بحمده في سائر الاكوان و قامت لائذة بجنابه في كل مكان شاكرة لانعمه و آلائه بكل لسان فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء و اليه ترجعون باسط المهاد بلا معاونة اجناد و رافع السماء بلا اعماد و خالق العباد كما اراد المتعالي في عز جلاله عن الاضداد و الانداد و الشركاء و الاولاد مكون الاشياء قبل ظهور المشاء و مبتدؤها بالاختراع و الانشاء الذي قامت بدعوته الارض و السماء ذلكم الله ربكم فاني تؤفكون الظاهر في كل شيء بنوره و الباطن عن كل شيء لشدة ظهوره تعزز بعزته عن الاكتناف و تعالي في مجده من انتبلغه الاوصاف و تنزه بكماله عن كل كمال مضاف نافذ القدرة في كل مقدور العالم بحقائق الامور و المطلع علي خفيات الصدور و جاعل الظلمات و النور ثم الذين كفرو بربهم يعدلون بطن في غيبه عن خفيات الامور فلمتدركه النواظر و ظهر بجماله و كرمه فعرفته بما تعرف اليها البصائر محدد الحدود و مشعر المشاعر الاول الاخر و الباطن الظاهر و الشاهد علي كل غائب و حاضر فسبحان ربك رب العزة عما يصفون احمده كما حمد نفسه لا مقنوطاً من رحمته و لا مخلواً من نعمته و لا ميؤساً من روحه و لا مستنكفاً عن عبادته قامت الاشياء بارادته و انقادت السموات و الارضون طائعةً لدعوته و تذلل المتعززون لعظمته و تضاءل المتجبرون لهيبته فسبحان الذي (من خل) يجير و لايجار عليه انكنتم تعلمون.
و اشهد انلا اله الا الله الذي ملأ الدهر قدسه و الابد كونه بعد في تعززه من انتناله الاوهام و جل في عظمته من انتدركه خواطر الانام و تعالي في كبريائه عن انتحصيه الدهور و قرب في بعده فعلم ما تخفي الضمائر و ما تكن
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 3 *»
الصدور لاتواري منه ظالمة و لاتغيب عنه غائبة و ماتسقط من ورقة الا يعلمها و لا حبة في ظلمات الارض و لا رطب و لا يابس الا في كتاب مبين احمده و استهديه و اعوذ به مما لايرضيه.
و اشهد ان محمداً صلي الله عليه و آله عبده و رسوله الي الناس كافةً بشيراً و نذيراً و داعياً الي الله باذنه و سراجاً منيراً فقام مضطلعاً باعباء الرسالة مشيداً لاركان الهداية و الدلالة و بالغ في الاعذار و الانذار حتي اقام دعوته و ابان حجته و جاهد المدبرين عنه حتي اتاه اليقين فصلي الله عليه و آله الجارين علي منواله و التابعين له في جميع اقواله و افعاله.
اوصيكم عباد الله و اوصي نفسي الخائنة اولاً بتقوي الله الذي لاتبرح منه نعمة و لاتفقد له رحمة الذي دعا الي نفسه العباد و امرهم بطاعته ليجزل لهم الثواب و حذرهم معاصيه لينجيهم من العقاب فرغب في دار البقاء و زهد في دار الفناء و جعل الموت غاية المخلوقين لئلايبطروا و قهرهم بالفناء لئلايتجبروا فهبوا عباد الله من رقدة الغفلة قبل فوت المهلة و تخففوا للرحلة قبل حلول النقلة فان السبقة الجنة و الغاية النار فكم من راغب فيما يترك و كم من طالب لما لايدرك و كم من مؤمل تصطلمه المنية قبل بلوغ امله و كم من راج انقطع رجاه عند حلول اجله.
الا و ان الدنيا دار لايدوم نعيمها و لايسلم مقيمها دار محفوفة بالبلاء معروفة بالغدر و الجفاء قد تزينت للجاهل و تنكر منها الرجل العاقل لميسلم منها زاهد لزهده و لميبق فيها كادح لكده و هي معذا تريكم مصارعكم لو تبصرون و تسمعكم اخبار اهلها لوتعقلون فقد بالغ في النصح من ترك ضرب الامثال و كشف حقيقة الحال بتنقل الاحوال و تصرم الآجال فتزودوا رحمكم الله منها بقدر اقامتكم بها و اعملوا للاخرة بقدر بقائكم فيها و اكثروا الزاد ليوم المعاد و اصلحوا الاعمال قبل انقضاء الآجال فان الدنيا مزرعة الآخرة من يزرع خيراً يحصد غبطةً و من يزرع شراً يحصد ندامةً فلاتغفلوا عما يراد بكم و لاتتكلوا علي ما لميضمنه الله لكم يا ابناء الهالكين و بقية الماضين ما لكم توعظون فلاتسمعون و تنادون فلاتجيبون قد بح واعظكم و بت زاجدكم
«* جوامع الکلم جلد 9 صفحه 4 *»
(زاجركم ظ) كانكم لمتسمعوا داعي الموت يهتف بكم في افنيتكم و لمتنظروا مصارع آبائكم و امهاتكم و اخوانكم و ابنائكم بلي اجابوا الداعي اذ دعوا و اقاموا في التراب و استودعوا و انتم علي اثرهم لاحقون و عما يراد بكم غافلون و قبوركم تسير بكم و انتم لاتشعرون بل قلوبهم في غمرة من هذا و لهم اعمال من دون ذلك هم لها عاملون افلا تائب من خطيته (خطيئته) قبل حلول منيته او راحل عن هذه الدار قبل وقوع البوار جعلنا الله و اياكم ممن يستن بسنته و يعمل في دنيا لآخرته.
الا و ان هذا اليوم يوم عظيم بركته تنال به الآمال و تضاعف فيه الاعمال جعله الله لكم عيداً و اختاركم له اهلاً فاذكروا لله (الله ظ) يذكركم و اشكروا نعمه يزدكم و سبحوه و مجدوه و استغفروه يغفر لكم و ادوا فطرتكم فانها سنة نبيكم و فريضة واجبة من ربكم فليخرجها كل امرء منكم عن نفسه و عن عياله ذكرهم و انثاهم كبيرهم و صغيرهم حرهم و مملوكهم يخرج كل واحد صاعاً من تمر او صاعاً من بر او صاعاً من شعير من طيب كسبه طيبةً بذلك نفسه و تعاونوا علي البر و التقوي و تراحموا و تعاطفوا و اقيموا الصلوة و اتوا الزكوة و امروا بالمعروف و اعينوا اهله و انهوا عن المنكر و جانبوا اهله و اجتنبوا شرب الخمر و قذف المحصنات و شهادة الزور و بخس المكيال و نقص الميزان و الفرار من الزحف و اتيان الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و احسنوا الي نسائكم و ما ملكت ايمانكم و ارحموا ضعفاءكم و اتقوا الله حق تقاته و لاتموتن الا و انتم مسلمون عصمنا الله و اياكم بالتقوي و جعل الآخرة لنا و لكم خيراً من هذه الدنيا ان احسن القصص و ابلغ الموعظة كلام الله العظيم اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم و العصر ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر و الحمد لله رب العالمين.