08-17 جوامع الکلم المجلد الثامن ـ الرسالة القطيفية في جواب الشيخ احمدبن…طوق عن 15 مسألة في تولد عيسي ـ مقابله

الرسالة القطیفیة

فی جواب الشیخ احمد بن الشیخ صالح بن طوق القطیفی

عن 15 مسألة منها فی تولد عیسی علیه السلام من غیر اب

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 718 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين.

اما بعد؛ فيقول العبد المسکين احمد بن زين الدين الاحسائى ان الشيخ احمد المذکور الحق بذلک مسائل بعنوان: بسم اللّه الرحمن الرحيم سلام عليکم و رحمة اللّه و برکاته ما اوضحتم برهاناً و تلوتم و اقمتم سنة و اوضحتم آية و تلوتم بعد الاستغفار فى الاسحار قرآناً و تفکرتم بالليل و ازلتم الاغيار و نشرتم العلم بالنهار و جذبتم النفوس القاصرة فصارت ببرکتکم جناناً. اما بعد ايها المولى المحروس و موقظ النفوس فانى کتبت لجناب نياط قلب الاحباب کتاباً فيه شى‏ء من المسائل الدينية و ان کان غير مرتب العبارة و لا محرر الاشارة [بالاشارة خ‌ل] ثقة بعفوک و طمعاً فى برک و توفيقاً ببيان المرام فى الجواب فسنح لى ان الحقه بهذا ليلحقه سيدنا بذلک لان العلم بکرمک يطمع فى قرع باب حرمک.

مسألة ـــ ما الوجه فى تولد عيسى من غير اب؟ و هل الجنين من ماء الرجل او من ماء المرأة او منهما او تارة کذا و اخرى کذا؟

اقول: أ لم‌تعلم ان اللّه على کل شي‏ء قدير اراد ان‌يبين لعباده قدرته و کيفية تولد آدم7 و الاب انما يکون سبباً للتولد لاجل النطفة التى هى فى صلبه و ليست هى نفس المنى ولکن المنى حامل للنطفة التى هى روح الحيوة المعبر عنها ظاهراً بالرائحة لانها لازمة للرائحة و هى التى تقع من شجرة المزن و من هنا کان اهل شهرزنان کلهم نساء و ليس فيهم ذکور و انما يحملن من شجر فى بلادهن يکون فى اصل الشجرة غصن کهيئة ذکر الرجل و له رائحة کرائحة المنى فتمضى المرأة و تستعمله فتحمل ببنت و ذلک للرائحة. و لما اراد الله سبحانه اظهار قدرته ارسل جبرئيل الى مريم و نفخ فى جيبها او فى فمها على اختلاف الروايتين بهواء رائحته رائحة المنى فتولد منه عيسي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 719 *»

7 و ليس ذلک على خلاف المعتاد. و اما الجنين فانه يتولد و يتکون من اربعة‌عشر شيئاً اربعة من ماء ابيه و هى العظم و المخ و العصب و العروق و اربعة من ماء امه و هى اللحم و الدم و الجلد و الشعر و ستة من اللّه تعالى و هى الحواس الخمس و النفس الحيوانية و هو قوله تعالى انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه و قوله تعالى خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب و الترائب اى صلب الرجل و ترائب المرأة اى صدرها لان منيها من صدرها و لايکون الانسان الا من ذلک الا لمعجز لان صاحب المعجز بفضل قوة نفسه يکمّل الناقص.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما الوجه فيما ورد فى بعض الاثار من ان يوسف اباالحجاج اتى امه ليطأها ذات ليلة فاخبرته انه وطئها الثانى فکفّ عنها و اخبر مولانا زين‌العابدين على بن الحسين8 فاخبره ان الذى وطئها شيطان اسمه کذا فامره باجتنابها فاجتنبها حتى ولدت بالحجاج فکان لعنه اللّه من نطفة الشيطان وحده کذا نقل لى مضمونه بعض العلماء.

اقول: اما اصل هذا الحديث فليس ببالى حال املاء هذه الکلمات ولکن لا منافاة فيه من جهة المعنى و لا غرابة فيه الا انها اخبرت ان الثانى وطئها و اخبر7 ان الذى وطئها شيطان و وجهه ان الشيطان تصور فى صورة الثانى لان الغائب طبق الشهادة انما سلطانه على الذين يتولونه و الذين هم به مشرکون او ان الامام7 اخبر عن الحقيقة بان حقيقة الواطى ليس ببشر و انما هو کذا کما ان حقيقة اسمه کذا.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنى ان المجامع اذا لم‏يسم ادخل الشيطان ذکره؟

اقول: اعلم ان هذا الفعل شهوة حيوانية انما تعلقت بالانسان من جهة حيوانيته لعلة النسل اذ لو لم‏تکن الشهوة لکان اکثر الخلق لايطلبون مجرد النسل فالقاها على الانسان لنظام النسل و فى الحقيقة هى خلاف الانسانية فاذا اتى الانسان لذلک و غلبت عليه الشهوة ربما ضعفت فيه جهة الانسانية و قويت فيه جهة البهيمية حتى ان منهم من يفعل فعل الحيوانات فى حرکاته و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 720 *»

شهيقه و نهيقه و الشيطان يغتنم الفرصة فيه لقرب المشاکلة و الى جهة المشاکلة بين الشهوة و الشيطان الاشارة و الايماء بقوله تعالى ان يدعون من دونه الا اناثاً و ان يدعون الا شيطاناً مريداً لعنه اللّه و لما کانت بسم اللّه الرحمن الرحيم هى المشتملة على اسرار الکتب المنزلة و سر القرآن و کانت اقرب الى الاسم الاعظم من سواد العين الى بياضها و هى القرآن الذى قال الله تعالى فيه لنبيه9 و اذا قرأت القران جعلنا بينک و بين الذين لايؤمنون بالاخرة حجاباً مستوراً و جعلنا على قلوبهم اکنة ان‏يفقهوه و فى اذانهم وقراً و اذا ذکرت ربک فى القرآن وحده ولّوا على ادبارهم نفوراً کان نورها يحرق الشياطين فاذا سمى عند الجماع ولى الشيطان على دبره نافراً لئلايحترق من نورها لانه لايجد له ملجأ عند المجامع يتعلق به لان المجامع اذا سمى فقداقتصد فى جماعه و انکسرت عنه القوة الحيوانية المشاکلة للقوة الشيطانية فقويت فيه جهة الانسانية و لايکون للشيطان عنده نصيب و لا تعلق.

قال سلمه اللّه تعالى: و اذا ثبت ان الحسن و القبح عقليان فما الوجه فى الخلاف انهما ذاتيان ام لا؟

اقول: قدثبت ان الحسن و القبح عقليان لشهادة العقل و النقل بذلک و انما الخلاف حدث من احتمالات من لم‏يثبت عندهم کونهما عقليين لاصل مکابرة مقتضى العقل لاجل المخالفة و المفارقة فاخذوا يتأولون کل حجة فيتبعون ما تشابه من ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و من ذلک ان الکذب قبيح عقلاً ولکنه يجب للدفع عن النبي9 و الامام7 و المؤمن فقال من انکر کونهما عقليين هذا کذب واجب فيکون حسناً شرعاً و لو کان قبحه ذاتياً عقلياً لماحسن و لماوجب ولکن لماکان قبحه شرعياً لا لذاته کان حسنه شرعياً کذلک لدوران له و ان الحسن و القبح مدار الامر و النهى و من قال بانهما عقليين [عقليان ظ] لايتم اصله الا بکون ذلک ذاتياً فاذا وجب کما ذکر کان حسنه عرضياً لا ذاتياً لنفى انقلاب الحقائق و انما وجب من باب دفع الاقبح بالقبيح و هو على حقيقته و لهذا اذا امکن التورية لايجوز الکذب فلاجل هذا الاصل وقع النزاع بين

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 721 *»

المتنازعين بالنقض و الابرام حتى دخلت الشبهة على بعض من يقول بالعقلى بانه ليس بذاتى و هذا کما ترى.

قال سلمه اللّه تعالى: و هل يجرى النسخ قبل حضور وقته ام لا؟

اقول: هذه المسألة قدذکرت فى المسائل الاولى و تقدم جوابها فلانعيده هنا لانا لسنا بصدد التطويل و انما نحن بصدد الاقتصار و الاختصار.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما الوجه فى ان الامام7 لايظهر حتى تمتلئ الارض جوراً و ظلماً؟ و ما الوجه فى ما يظهر من بعض الاثار انه7 يکون فى بعض الاحوال هو الرئيس مع ظهور الامير او الحسين8 و ان الامير يقتل فى عسکر ابنه8؟ و کيف يقتل مرتين؟ و ما معنى ان لکل مؤمن قتلة و ميتة؟

اقول: الوجه فى ان الامام7 لايظهر حتى تمتلئ الارض جوراً و ظلماً ان الدنيا آخرها قيامه7 لان الايام ثلثة قال تعالى و ذکرهم بايام اللّه يوم الدنيا و يوم الرجعة و يوم الاخرة او يوم قيام القائم7 و يوم الرجعة و يوم القيمة و الحاصل ان هذه الدنيا ظهرت على اعتدال استدارة الفلک فلماکانت دولة الباطل تغيرت الحرکة و اشتدّ الباطل فاسرع الفلک و صار کل واحد مقتضياً للاخر و لما بعده حتى ان الظلم الواقع امس اسرع بحرکة الفلک امس و الظلم الواقع اليوم يسرع بحرکة الفلک اليوم هو و الواقع امس فتکون الحرکة اليوم اسرع لوجود مقتضيين امس و اليوم لان الظلم الذى لاينتقم لايرتفع سببه و کلما اسرع الفلک قصرت الاعمال [الاعمار ظ] و تعسرت الامور و قضاء الحوائج و اشتدت الحال و يعظم الجور و الظلم و هکذا لان الظلم يستجلب الغضب و هو يحدث سرعة حرکة الذى غضب و لماکان الجبار جل و علا لايتداخله شى‏ء ظهرت آثار الغضب فى الاسباب و ذلک يقتضى سرعة حرکة الفلک و لايزال ذلک يتضايق الى نقطة و حينئذ الى نقطة و حينئذ لاتبقى ذرة فى الارض خالية من الظلم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 722 *»

فهناک يأتى تأويل قوله تعالى حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر اللّه الا ان نصر اللّه قريب فيخرج عجل اللّه فرجه عند التقاء خطى الدنيا کما تراه فى الهامشة:

@@هنا شکل@@

فيأخذ الخطان فى الانفراج کما تراه فتأنى الفلک فى حرکته فتطول الاعمار و یتيسر الامور و قضاء الحوائج و تجرى المطالب على ارادة المؤمنين و هکذا حتى تکون السنة قدر عشر سنين من هذا الزمان و ذلک لعلة ظهور حلم اللّه و اناته فى الاسباب و المسببات فتعظم راحة المؤمنين و دعوى امتناع ذلک فى الافلاک غلط ظاهر لانا نقول ان هذه الحرکة هل هى للجسم الفلکى ام لنفسه ام للملائکة الموکلين بتحريکه لايخلو الحال من ذلک لا جائز ان‌تکون للجسم وحده و انه مجبول عليها ليقال ان الجبلة لاتتغير و لو سلمنا ذلک جوزنا ان‌يغير جبلتها الى ما تشاء لان الجبلات فى الحقيقة قائمة بمشية اللّه قيام صدور فاذا شاء اللّه تغيرها تحرکت بتبعية تحريک مشيته تحرک النور بتحرک المنير. و لا محذور فى تغيير الحرکة الا من وجهين الاول من جهة تعذر التغيير لعدم تغير المحرک کما لو قيل بان حرکة الفلک جبلية و قداشرنا الى جواز ذلک و علته و ان قلنا بان لها نفوساً تحرکها بالاختيار او قلنا ان الملائکة تحرکها زال المحذور و من هذا الوجه الثانى من جهة توهم فساد العالم السفلى لاختلاف الاوضاع العلوية و هذا غلط فان السفلى انما ينتظم على استقامة العلوى ان اسرع مستقيماً انتظم و ان ابطأ مستقيماً انتظم و ان اختلف بان اسرع

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 723 *»

متدرجاً او ابطأ متدرجاً انتظم بالاول متضايقاً و بالثانى متسعاً و ان اختلف بالاسراع و البطئ على غير استقامة بل يکون مثلاً يوماً مسرعاً و ساعة بطيئاً و نصف ساعة بين الاسراع و الابطاء و ثلث ساعة ماکثاً و بعدها مسرعاً بحيث يستدرک ذلک المکث و هکذا و يکون ذلک الاختلاف ليس بمتسق لا فى الافراد و لا فى الادوار و لا فى انفس الحرکات فسد النظام ان اجرى افعاله سبحانه على هذه الاسباب و ان شاء لم‏يفسد لانه سبب من لا سبب له و سبب کل ذى‌سبب و مسبب الاسباب من غير سبب و ذلک لان ذاته السبب الاکمل.

و مع ذلک کله فالاعمال الصالحة تصلح ما يکاد يفسد باختلال الاوضاع الفلکية و لهذا امر الشارع7 عند الکسوف و الخسوف بالصلوة لان نور الشمس اذا انحبس فى وقت عادته الظهور فيه تسرى البرودة و الرطوبة فى محل اليبوسة و الحرارة و تقع اسباب الفساد و الاختلال فى الانفس و الاجسام و فى العالم الافاقى و کذلک اذا انخسف القمر انحبس نوره فى وقت ما ينبغى ظهوره فتسرى الحرارة و اليبوسة فى محالّ البرودة و الرطوبة و تقع اسباب الفساد و الاختلال ايضاً کذلک فامر الشارع7 بان‌يفزع المکلفون الى الصلوة و الدعاء ليدفع اللّه عنهم اثر غضبه الذى هو حبس ذلک النور فى الوقت الذى ينبغى ظهوره فيدفع عنهم فتقوم الاعمال مقام الاسباب المصلحة لنظام فقدبينا لک عدم المحذور لا من نفس اختلاف الحرکة و لا من اختلال النظام.

و اما جواب انه کيف يتقدم الحجة7 على الحسين7 الذى افضل منه حتى يکون من عسکره و کيف يکون علي7 من عسکر ابنه الحسين8 و يقتل فى عسکره؛ فاعلم انهم: من طينة واحدة و نور واحد فهم شى‏ء واحد و انما تفاضلوا بالتقدم الى المبدء و بعد ذلک فهم فى کل حال سواء و القيام بالامر هم فيه سواء و الحسين7 يخرج و قدبقى من مدة ملک القائم7 احدى‌عشرة سنة فيخرج صامتاً الى ان‌تنقضى مدته فلما قتل و غسله و صلى عليه و دفنه قام بالامر و بعد مضى ثمان سنين من قيام الحسين7 بالحکم قام علي7 لنصرة ابنه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 724 *»

8 و يقتل و قداخبر بذلک حيث قال انا الذى اقتل مرتين و احيى مرتين و لى الکرة بعد الکرة و الرجعة بعد الرجعة.

و اما ان لکل مؤمن قتلة و ميتة فلان الموت استکمال تدريجى و هو تربيته للاستکمال کالاستغذاء بالطعام شيئاً فشيئاً فانه مصلح ولکن لا لذة فيه وافرة و اذا اغتذى بالطعام على حسب شهوته فانه الذّ و ان کان فى طعام الدنيا قديضر من بعض الاحوال لکنه فى الاخرة لذة بلا مضرة فکذلک القتل فانه استکمال دفعى و هو الذّ و هو اخروى لا ضرر فيه و کان عند الله درجات من ثوابه لاتنال الا بالقتل و اخرى لاتنال الا بالموت فاحب لعبده المؤمن ان‌تنال کل مرتبة من ثوابه و ذلک لمن محض الايمان محضاً.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنى انه لايسئل فى قبره الا من محض الايمان او الکفر و ماسواهما يلهى عنه؟

اقول: ان السؤال فى القبر انما هو عما کلف به فى دار الدنيا فان کان الشخص قدعقل التکليف و عرف ما يراد منه صح عتابه و ثبت سؤاله و حسابه لانه محض الايمان او محض الکفر و ان لم‏يعرف فى دار الدنيا ما يراد منه بسره و لم‏يتبين له الهدى و الضلالة و ان فهم ظاهر التکليف و عمل او لم‏تعمل لکنه لم‏يعقل الامر و انما دخل فيه غيره و السؤال انما هو لمن عرف ليسئل عما يعرف فذلک ممن لم‏يمحض الايمان و الکفر و لايجوز ان‌يسئل عما لايعرف او يعاتب عنه فيلهى عنه و يترک فى قبره حتى تأکل الارض ما فيه من الاعراض المانعة من فهمه للتکليف کالرطوبة الموجبة للبلادة المانعة من الفهم حتى يأتى يوم القيمة و هو کغيره فى قوة التعقل فيجدد له التکليف و يسئل بان‌يؤمر بدخول النار المسماة بالفلق فان اطاع دخل الجنة و ان عصى دخل النار نعم قد‌يسئل بعض من لم‏يمحض عما عرف و ما لم‌يعرف يلهى عنه الى يوم القيمة و لايسئل عن الکل الا من عقل الکل.

قال سلمه اللّه تعالى: و کيف لاتقوم الساعة الا على شرار الناس و ما معناه؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 725 *»

اقول: لهذا الکلام معنيان احدهما المراد بالساعة قيام القائم7 التى لايجليها لوقتها الا هو و ذلک لانه يکون عذاباً على اعدائه الذين هم شرار الناس قال تعالى حتى اذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد اذا هم فيه مبلسون فيکون قيامه عليهم کذلک قال تعالى فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم. و ثانيهما يکون ذلک فى آخر الرجعة بعد ان‌يرفع اللّه النبى9 الى السماء بعد فناء المؤمنين يبقى الناس فى حرج و مرج اربعين يوماً ثم ينفخ اسرافيل7 فى الصور نفخة الصعق فتقع النفخة على الباقين کذا قيل الا ان الذى افهم هو الاول کما ذکرنا. و کذا ان اردنا بالساعة يوم القيمة الکبرى لانها سعادة للمؤمنين و انما تکون على الکافرين و تقوم على شرار خلق اللّه و هذا معنى صحيح ايضاً و اما ثانى الاولين فظاهر الروايات انه لايبقى الى ذلک الزمان احد من الاشرار و اللّه اعلم.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنى الرواية الدالة بظاهرها على ان بين کل سمائين ارض و ليس تحتنا الا الارض واحدة؟ و ما تفصيل السبع و ما جبال البرد و الثور و الحوت و فلوسها و الصخرة؟

اقول: اعلم ان العلماء تکلفوا فهم ذلک کثيراً و غاية ما قالوا فيه ان المراد بهذه الارضين هى محدب الفلک الاسفل بالنسبة الى مقعر الاعلى فيکون المراد بالست محدب السماء الدنيا الى السماء السادسة ليکون [فيکون خ‌ل] مقعر السابعة سماء لها و لايکون محدب السماء السابعة ارضاً لعدم وجود سماء من السبع فوقها فليست ايضاً و هذه الارض التى نحن عليها هى السابعة السفلى و انما کانت واحدة مع انها سبع لملاصقة بعضها لبعض فهى بهذا المعنى واحدة هذا نهاية ما احتملوا فى الحديث الشريف. و الذى عندى غير هذا او انما المراد ارض النفوس و السموات سماء العقول و کون کل سماء محبوکة على ارضها انها فى مقابلتها و ان ارتفاع ذلک السماء بنسبة انخفاض ارضه فسماء الحيوة التى هى سماء الدنيا محبوکة على ارض النفوس التى هى تحتنا و سماء الفکر محبوکة على ارض العادات و سماء الخيال محبوکة على ارض الطبع و سماء

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 726 *»

الوجود الثانى محبوکة على ارض الشهوة و سماء الوهم محبوکة على ارض الطغيان و سماء العلم محبوکة على ارض الالحاد و سماء العقل محبوکة على ارض الشقاوة و هى المشار اليها فى حديث زينب العطارة و حبابة الوالبية فقدذکر9 ان الارض الاولى فى الارض الثانية کالحلقة الملقاة فى فلاة قى و الاولى و الثانية على الارض الثالثة کالحلقة الملقاة فى فلاة قى و هکذا و لو اراد بها الارضين المعروفة لما حکم بان الدنيا اصغر من التى تحتها بهذه النسبة لان الارضين الجسمية على العکس فافهم.

و اما جبال البرد فالمعروف عند الحکماء ان البرد انما يکون اذا وصل البخار الصاعد بحرارة الشمس الى الطبقة الزمهريرية انعقد برداً ولکن الشارع7 اخبر بانها جبال وراء السماء السابعة و ان السموات السبع على جبال البرد کالحلقة الملقاة فى فلاة قى و المحسوس ان ليس ثم جبال و الذى فهمت ان السماء السابعة باردة يابسة و ان المراد بها خارج المرکز لزحل و ان المتممين فى ذلک الفلک بطبيعته کما کان کل متمم بالنسبة الى خارج مرکزه لان الممثلات من نوع افلاکها الا ان ممثل زحل شديد اليبوسة و البرودة و هو علة جمود الماء و منه تستمد الطبقة الزمهريرية و هى جبال البرد اى التى تحدث عنه فى السحب و الزمهريرية جبال البرد او اصل ذلک او ان تلک القوى المجمدة جبال معنوية فافهم.

و اما الثور فانه مقابل فلک البروج و هو للانسان السفلى المعبر عنه بدائرة الجهل صدر اى نفس و نکراه هى الحوت المقابلة للعقل المشابهة له و فلوسه جهاته التى يختص کل فلس منها بارض من الارضين المذکورة سابقاً و باقليم [باقليم کل خ‌ل] منها فکل فلس نفس لتلک الحصة المختصة به و الصخرة هى سجين فى مقابلة عليين فى دائرة العقل و سجين فى دائرة الجهل کتاب الفجار و هى طينة خبال و هى ارض اهل النار کما ان عليين ارض اهل الجنة فافهم.

قال سلمه اللّه: و کيف تطبيق مراتب الجنين على مراتب العالم؟

اقول: اعلم ان مراتب الجنين ست مراتب و هى الستة الايام التى خلق فيها کما ان العالم خلق فى ستة ايام فالاول يوم الاحد و هو يوم النطفة فى

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 727 *»

الجنين و يوم العقل الاول و يوم الوجود فى العالم و الثانى يوم الاثنين و هو يوم العلقة فى الجنين و يوم النفس الکلية و يوم الماهية فى العالم و ثالث يوم الثلاثا و هو يوم المضغة فى الجنين و يوم الطبيعة الکلية و يوم فصل الربيع فى العالم و الرابع يوم الاربعاء و هو يوم العظام فى الجنين و يوم المادة الکلية و يوم فصل الصيف فى العالم و الخامس يوم الخميس و هو يوم تکسى العظام لحماً فى الجنين و يوم المثال و يوم فصل الخريف فى العالم و السادس يوم الجمعة و هو يوم ينشأ خلقاً آخر فى الجنين و يوم الجسم و يوم فصل الشتاء فى العالم فهذا مختصر الاشارة الى المقابلة و الا فالکلام فى ذلک يطول.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنى نصرت بالرعب شهراً؟

اقول: معناه انه9 ايده الله و نصره بجنود کثيرة منها الملائکة و منها آية اللّه على‌بن‌ابى‏طالب7 و هى کثيرة و منها الرعب فانه يسير امامه اذا سار للجهاد شهراً يعنى الى مسافة شهر کل يخافه اى يخافه عدوه و بينه مسير شهر و کان ذلک من اعظم الجنود کما قال على7 مابارزنى احد الا و اعاننى على نفسه اى بشدة رعبه منى و خوفه الحمد لله و قد الحق ايده اللّه بهذه المسائل مسائل اخر.

فـقال سلام عليکم و رحمة اللّه ابداً، و ما الوجه فى دفن آدم؟ع؟ فى موضع و نقله الى آخر؟ و کيف تأکل الارض لحمه حتى لاتبقى الا عظامه؟ و ما معنى ان المرء يدفن فى الموضع الذى اخذ الملک طينته منه و فى الناس من يأکله السبع او نحوه و فيهم من يحترق؟

اقول: اما الوجه فى دفن آدم7 فى موضع و نقله الى آخر، فاعلم ان کل مخلوق يدفن فى الموضع الذى قبضت منه تربته التى تماث فى نطفته ولکن قدتکون رياح شديدة تنقل تراباً من موضع الى آخر و الملک يقبض التراب للانسان من الموضع الاخر لانه لايأخذ کل تراب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 728 *»

انما يأخذ تربته التى له من فاضل طينته فى عالم الذر و الخلق الثانى فاذا کانت فى مکان عند خلق الارض فان بقيت حتى قبضها الملک من تلک البقعة ابتداءاً دفن ذلک الميت فيها و لو کانت بلاده بعيدة عن تلک البقعة لاتزال نفسه تحن الى تلک البقعة حتى يسير اليها و يدفن فى ذلک الموضع و ان نقلت الريح تلک التربة الى موضع آخر و قبضها الملک من المکان الثانى و ماثها فى نطفته اذا مات دفن فى الموضع الثانى بقدر ما مکثت فيه نطفته ثم ينقل الى الموضع الاول الذى هو اصل تربته فهذا وجه دفن آدم؟ع؟ فى موضع و نقله منه الى آخر و هذا جار فى بنيه الى يوم القيمة.

و اما انه کيف تأخذ الارض لحمه فاعلم انه لا دليل على هذا و اما ما نقل من ان نوحاً7 حمل عظام آدم؟ع؟ فالظاهر منه ان المراد منه جسده و اطلق عليه العظام لانها اشرف ما فيه حتى ان جميعها يقوم مقام الجسد حتى فى الاحکام کما روى من وجوب الصلوة على جميع عظام الميت اذا وجدت و ان لم‏يکن فيها قلب او صدر و کذلک ما روى فى نقل موسى7 عظام يوسف؟ع؟. و اما الرجل الذمى الذى کان فى زمن الهادي7 و انه کان يمد يده الى السماء فيقع المطر حتى اضطرب بعض المسلمين فارسل المتوکل الى الهادي7 ان ادرک دين جدک فلما حضر قال للرجل ادع فلما مدّ يده قبض عليها الامام7 و اخذ منها عظماً فقال له ادع ان کنت صادقاً فلم‏يکن شي‏ء فقال لهم؟ع؟ ان هذا عظم نبى من انبياء اللّه تعالى و ماکشف عظم نبى تحت السماء الا و وقع المطر. فيحتمل ان‌يکون ذلک الخبيث قطعه من جسد ذلک النبي7 و کشط ما به من اللحم و لو قيل به لکان المعنى ان جسده لايبلى و لاتأکله الارض اى لاتفنى منه شيئاً و ان تفکک و اختلّت بنيته فهذه باقية اذ لا عرض فيها لانه7 صفاها فى الدنيا کمال التصفية فجسده کالذهب الصافى و ان تفرق بالتقطيع و المبرد لايفنى منه شي‏ء بل اذا جمعته و اذبته رجع بکماله فافهم.

و اما قولکم ما معنى ان المرء يدفن الى قولکم و فيهم من يحترق، فالجواب ان من اکله السبع اذا اغتذى به انما يغتذى باعراضه التى مزجت بطينته

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 729 *»

من العناصر من المآکل و المشارب. و اما طينته فانها لاتتغير و لايطرأ عليها الاضمحلال لانها من جنس الفلک الاطلس فاذا اغتذى بالاعراض خلصت منه الطينة الاصلية و رجعت الى قبره الاصلى اى طبيعته التى اشار اليها سبحانه بقوله تعالى و اما انت بمسمع من فى القبور يعنى بهم المنکرين الاحياء و تلک الطبيعة ظهرت فى طينة قبره المحسوس و قبره موضع تربته التى ماثها الملک فى نطفته فترجع تلک الطينة الاصلية الى موضع تلک التربة و لا فرق بين من يأکله حيوان فى بر او بحر او يحترق لان الطينة الاصلية لاتتسلط عليها معدة و لا نار.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما المتولى لتدبير النطفة فى الرحم؟ أ هو مزاج الام ام النطفة؟ و ما يتغذى به الجنين فى الرحم؟

اقول: المتولى لتدبير النطفة بالحق هو اللّه سبحانه ولکنه جل و علا لما کان متعالياً عن مباشرة المخلوقين وکل عليهم ملائکة يفعلون ما يأمرهم لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون يعلم ما بين ايديهم مما هم فاعلون و عازمون عليه و ما خلفهم مما فعلوا و ارادوا فيقدر [فيقدر الله خ‌ل] الملائکة بفعل اللّه و مشيته التى بها قوام الملائکة و وجودهم قيام صدور کقيام النور بالمنير فيفعلون ما يشاء اللّه تعالى و لما کانت الملائکة انما تفعل الشى‏ء على وفق الحکمة کما الهمها و علمها سبحانه وجب ان‌يفعلوا بالطبيعة کما فعل هو بملائکته فالطبيعة للملائکة بمنزلة الالة و هى متقومة بالمزاج الذى اشتملت عليه و نطفة الاب و نطفة الام و التربة المخلوطة بهما.

و اما ما يتغذى به الجنين فهو من دم حيض امه لان امه اکلت طعاماً قداستجن فيه باشعة الافلاک و تقدير الاملاک عن اللّه سبحانه جميع مبادى الطين التى تکون منشأ لما يکون عليه فى الدار الدنيا من علم و عمل و صناعة و رزق و حرمان و سعادة و شقاوة و غير ذلک فتولد من ذلک الطعام دم الحيض فسرت فيه تلک القوى و الطين فاغتذى به مع ما فيه السعيد من سعد فى بطن امه و الشقى من شقى فى بطن امه يجرى ذلک له عن تلک الطين بفتح الياء و السارية بواسطة الاوضاع العلوية

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 730 *»

و القوابل السفلية فى تلک المطاعم بالاقتضاء و النسب و الاضافات بما يطول فى شرحه المقام.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما تلک التربة التى يرفعها الملک من موضع ما يدفن فيه و يلقيها فى الرحم؟ و کيف يدفن رجل من اقصى بلاد الغرب فى اقصى بلاد الشرق؟ و السلام.

اقول: معنى التربة هى البرودة و اليبوسة و هى تنتقل من موضعها بالملک الموکل بذلک حتى تکون هباء و يصعد بالبخار الصاعد من حرارة الشمس الى طبقة الزمهرير فتنحل اليبوسة المشاکلة فى الرطوبة المشاکلة و يقع من السحاب مطراً فيختلط به نبات الارض بأن‌يغتذى بذلک النبات و معنى تلک التربة و هى البرودة و اليبوسة سارية فى ذلک الماء ثم فى ذلک النبات حتى اکلته امه فى طعامها و التربة محفوظة حتى صعدت الى ترائبها فاختلطت بمنيها. و العلة فيه ان منى الرجل حار يابس کالنار و منى المرأة بارد رطب کالماء و النار و الماء لايجتمعان فوضع الحکيم بينهما تربة باردة توافق منى المرأة لئلاتنفر منه و تکسر قوة حرارة منى الرجل لئلايحرق منى المرأة و يابسة توافق منى الرجل لئلايستوحش بالبرودة و تکسر قوة رطوبة منى المرأة لئلا تفسد يبوسة منى الرجل فکانت التربة جامعة بين الضدين النار والماء لانها تراب.

و من سر الترکيب ما اريد ان‌اطلعک عليه فقدجهد من اطلع عليه فى کتمانه ولکنى اظهره لک امتثالاً لقوله تعالى و زنوا بالقسطاس المستقيم و لاتبخسوا الناس اشياءهم و هو ان الرجل دائماً يأتى اهله و يقع منه المنى و يجتمع بمنيها و لايحصل الحمل و السر فيه ان شرط الحمل ان‌تکون نطفة الرجل بمقدار مخصوص و نطفة المرأة کذلک بأن‌يکون نطفته ثلثاً و نطفتها ثلثين و اما وزن التربة فبنسبة نطفة الرجل فان کان مثلها حسن حال الجنين فى خلقته و الى ذلک اشار7 فى جواب من سأل انى اکلم الرجل فيفهم مرادى قبل ان‌اتم الکلام و قد اکلم الرجل فلايفهم حتى اتم کلامى و آخر يقول اعد على و نقلته بالمعنى، فاجاب فالاول من عجنت

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 731 *»

نطفته بعقله و الثانى من اتاه عقله عند الولادة و الثالث من اتاه عقله عند البلوغ هذا معنى الحديث. فمن کانت التربة بقدر نطفة ابيه فهو من عجنت نطفته بعقله و السر فيه ان البرودة و اليبوسة هى طبع العقل و اذا کثرتا قوى العقل لان زحل الذى هو فلک العقل بارد يابس و قال7 مابعث اللّه نبياً الا و هو صاحب مرة سوداء صافية فافهم و تفهم. و ان کانت التربة مثل نصف نطفة ابيه او ثلثها فهو من اتاه عقله عند الولادة و من کانت التربة فيه بقدر السدس او اقل فهو الذى يأتيه العقل عند البلوغ و يقول اعد على. و قوله حرّسه اللّه و کيف يدفن رجل الخ قدتقدم فى ذکر جواب کيف آدم دفن فى موضع و نقل فى آخر فراجعه لانى اطلب الاختصار لما انا فيه من شغل البال بالحل و الارتحال.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنى نفى العلم عنه9 فى قوله تعالى لاتعلمهم نحن نعلمهم؟

اقول: اعلم ان هذا الکلام يجرى فى کل شى‏ء لکل احد و هو قوله تعالى قل لايعلم من فى السموات و الارض الغيب الا اللّه فيــݘـول البيان الى احد وجوه: الاول ان کل شي‏ء لايعلم من ذاته الا اللّه و انما اللّه يعلم و يطلع من يشاء على ما يشاء من غيبه کما قال تعالى و ماکان اللّه ليطلعکم على الغيب ولکن اللّه يجتبى من رسله من يشاء فيقول المعنى انت لاتعلمهم الا ان نعلمک. الثانى ان الخطاب جار على «اياک اعنى و اسمعى يا جارة» فيکون نفى العلم على حقيقته و هو لأمته. الثالث ان العلم المنفى عنه هو العلم المطابق للواقع و الشى‏ء قبل وقوعه فالعلم به لغير اللّه يجوز عليه النفى لجواز البداء و ان اخبر اللّه بوقوعه کما تقدم لجواز الموانع فى الشهادة لان اللّه يجوز ان‌يخبر بما لا مانع له فى الغيب ولکنه يکون من القضاء المبرم الا انه سبحانه اخبر على السنة اوليائه ان الصدقة ترد القضاء و قدابرم ابراماً و اللّه يحکم لا معقّب لحکمه و هو سريع الحساب. الرابع ان المنفى عنه العلم هو الرسول من حيث هو رسول فانه من هذه الحيثية لايعلم الا بما يعلّم و لهذا يأتيه جبرئيل فيقول اقرأ يا محمد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 732 *»

9 فيقول و ما اقرأ؟ فيقول اقرأ کذا لان اللّه تعالى قال له لاتحرک به لسانک لتعجل به. ان علينا جمعه و قرآنه و قال تعالى و لاتعجل بالقرآن من قبل ان‌يقضىٰ اليک وحيه و النطق بما يعلم قبل التعليم او الامر بالنطق انما هو مرتبة الولى فانه بمطلق ولايته يقول بما يعلم بخلاف الرسول فانه لايقول الا بما يرسل به لا بما يعلم لانها ليست مرتبة الرسالة. و من هنا تأول بعض اهل العرفان ان نحن فى قوله نحن نعلمهم ضميره فى غير مرتبة الرسالة و هذا التعليل الاخير يناسب الوجه الخامس فهو اولى بالذکر من هنا ولکنا ذکرناه للبيان و نذکره فى وجهه.

الخامس انه و اهل‏بيته: لهم حالتان حالة بشرية و هم فيها يجرون مع البشر فى جميع احوالهم فيقول قل لااقول لکم عندى خزائن اللّه و لااعلم الغيب و يقول و لو کنت اعلم الغيب لاستکثرت من الخير و مامسنى السوء و يقول ان انا الا بشر مثلکم و امره اللّه ان‌يقول فقل آذنتکم على سواء يعنى انا و انتم فى لا اله الا اللّه سواء. و حالة برزخية اولية و هنا يجرى عليهم صفات الربوبية بما تدرکه الخلق مثل ما فى دعاء رجب لا فرق بينک و بينها الا انهم عبادک و خلقک ففرق فى الحالة الاولى دون هذه فقدجمع و الى ذلک اشار جعفر بن محمد7 بقوله لنا مع اللّه حالات نحن فيها هو و هو نحن و نحن نحن و هو هو فاذا کان الخطاب مع رتبة الفرق قال لاتعلمهم نحن نعلمهم يعنى رتبة الجمع و هذا ظاهر لمن عرف و الحمد لله ربّ العالمين.

و فرغ من تسويدها العبد المسکين احمد بن زين الدين بن ابراهيم الاحسائى فى الرابع و العشرين من شهر رجب فى کاشان المحروسة من حوادث الزمان سنة 1223 و الحمد لله و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.