الرسالة القطیفیة
فی جواب الشیخ احمد بن الشیخ صالح بن طوق القطیفی
عن 16 مسإلة منها ما اشکل فی الموت والقتل
من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 704 *»
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلّى اللّه على محمّد و آله الطاهرين.
اما بعد؛ فيقول العبد المسکين احمد بن زين الدين الاحسائى ان الابن الارشد الاسعد الشيخ احمد بن المرحوم الشيخ الصالح الشيخ الصالح بن طوق المذکور احسن اللّه احواله و بلغه آماله فى مبدئه و مآله قدالحق المسائل المتقدمة بمسائل اخرى.
فقال بعد کلام طويل: و قدوفدت على بابک الذى هو للرحمة باب و قبلة الطلاب بمسائل منذ شهور و نحن لانيأس من رحمة اللّه انيمنّ علينا منک بنعمة الجواب جذبنا اللّه بمطالعتک من حضيض الجهل الى اوج الفضل فانعموا بفيض الجواب انعم اللّه عليکم بحسن الاياب انه الکريم الوهاب و لا حرمنا نعمة اقبالکم و من علينا بوصالکم اللهم لاتخيب رجائى منک و لاتبت سببى عنک انک ارحم الراحمين. قال و هنا مسائل ايضاً اغفلت عرضها فيما مضى ارجو من اللّه انتمن بجوابها و انجاز الجميع.
اقول: انما قال ذلک لانه ارسل الىّ بالمسائل الاولى و لميحصل لى سعة فى ردّ جوابها.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألة ــ اذا کان الموت الطبيعى نسبته من الحيوة الدنيوية نسبة الکمال الى النقص فهو استکمال و بلوغ رتبة کمال، فحينئذ ما حال من تغتصب نفسه بالقتل فيموت فجأة مع ان القتل کذلک سعادة و ايضاً فقد احى [احيا ظ] الانبياء و الاوصياء اناساً فرجعوا الى الدنيا ثم ماتوا ثانياً فکيف ينتقلون من کمال الى نقص؟
اقول: قدتقدم بعض الاشارة الى بيان ما تضمنته هذه المسألة و اقول اما الموت الطبيعى فهو سير طبيعى تدريجى شيئاً فشيئاً فيفيد کمال ما اتصف به الشخص من الاعمال من خير او شر. و اما المغتصب نفسه بقتل او فجأة فهو کذلک الا انه سير حثيث دفعى و الاول تدريجى. و اما من حيى فى الدنيا بعد
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 705 *»
موته بمعجز من نبى او وصى فانه لاينتقل الى النقص الاول و انما يکون منتقلاً من کمال الى مساوٍ له او اعلى منه فمن بعث و رجع فى الدنيا الى المعاصى و الجهل بعد ما عاين فقدانتقل من کمال [کمال او خل] ادبار الى ادبار ابعد من الادبار الاول و لو فرض غلبة الاخلاط عليه فى الرجوع الى الدنيا حتى نسى ما عاين و انقلب الى الحالة الاولى قبل الموت او انزل منها ففى الحقيقة و الواقع هو کالاول و لو علم اللّه فيهم خيراً لاسمعهم و اما ظاهراً فليس رجوعه الى نقصه بمجرد اقتضائه لذاته بل بواسطة فعل المحيى الذى رده عن طريق طبيعته الى ورائه.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألة ــ ما الوجه فى صحة اطلاق سميع بصير عليه سبحانه دون باقى مشتقات الحواس الظاهرة و الباطنة؟ فانا لمنجد نصاً فى جواز اطلاقها و هى انواع العلم کلها.
اعلم ان اطلاق اسماء المشاعر و الادرکات عليه تعالى على ثلثة اقسام؛ الاول ما يصح اطلاقه عليه کالسمع و البصر و العلم و الادراک و الحيوة و القدرة لذاته بمعنى انه عين ذاته. الثانى ما يصح اطلاقه عليه کالارادة و الکلام لفعله بمعنى انها عين فعله او صفة فعله. الثالث ما لايصح اطلاقه عليه کالذوق و الشمّ و اللمس و التخيل و الفکر و ما اشبهها لا لذاته و لا لفعله. و السبب فى ذلک مع النص المبين ذلک ان المشعر الذى يراد للاطلاق ان طابق الذات بأن لايراد منه اذا اطلق بعض الذات جاز اطلاقه عليه و هو عين ذاته کالسمع و البصر و الحيوة و العلم و القدرة و الادراک فان واحداً من هذه اذا اطلق على الذات لايراد منه بعضها فاذا قلنا زيد حى لمنرد بالحيوة بعض زيد بل کله حى فهو الحى فهو الحيوة و الا لکان مغايراً لها فلميرد منها الکل و کذلک باقى المذکورات.
و اذا کان الوصف مغايراً و کان جارياً مجرى الغير المغاير بشموله جاز اطلاقه على فعله لانه ظهور الکل کالارادة و الکلام و لهذا قلنا انهما فعله. و اذا کان المغاير يختص ببعض الذات کالشم و
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 706 *»
الذوق و التخيل و ما اشبه ذلک لميجز اطلاقه على ذاته و لا على فعله لاستلزامه التجزية و التجويف و المداخلة و لهذا منع من اطلاق هذه لذلک. و اما اطلاق اليد فانما جاز لان اليد لما جاز اطلاقها على القوة و النعمة جاز اطلاقها عليه اى على فعله و اثر فعله و لانها آلة الفعل بخلاف الرجل فانها لما لمتطلق على ما تطلق عليه اليد و انما تستعمل للسعى و الانتقال الممتنع على القدم و التجرد و مع هذا قديخفى حال الوصف على المکلفين فلهذا عيّن اهل العصمة الصفات فنصوا على ما يجوز اطلاقه عليه لذاته او لفعله و ما يمتنع و ذلک لما قلنا فافهم. و قوله و هى انواع العلم کلها ليست انواعاً للعلم من جنس واحد لان العلم هو صور المعلومات المجردة عن المادة و المدة و الشم لادراک الروائح و الذوق لادراک الطعوم و ما اشبه ذلک و هذه جسمانيات لاتدرک الا بالاجسام او الجسمانيات و لايجوز ذلک عليه سبحانه.
قال سلمه اللّه: مسألة ـــ ما تحقيق معنى الاستطاعة؟ و هل هى مع الفعل او قبله و الفرق بينهما و بين العزم و الارادة و النية؟
اقول: الاستطاعة التمکن من الفعل بالالة و الصحة و تخلية السرب و تعريف صفات الافعال و تهيئة الاسباب فاذا اوجد [وجد خل] له الالة الصالحة للفعل الخير و الشر و الارادة الصالحة و المتعلق الصالح للخير و الشر و الامر بالخير و النهى عن الشر و بيان جميع مواردهما فهى تمليک [فهذه الاشارة الى خل] الاستطاعة لکنها قسمان استطاعة قبل الفعل و هى ما ذکر فانه يجب تقدمها قبل التکليف بالفعل الا انها بيد اللّه لايملکها و لايملک استعمالها لانها قبل الفعل ليست له و الثانية استطاعة مع الفعل لا قبله و لا بعده و هى استعمال تلک فى الفعل الذى خلقت له بالذات او بالعرض فاذا استعمل ذلک کذلک کان مالکاً [ملکاً خل] له حين الاستعمال مع الاستعمال لا قبله و لا بعده کما قال الصادق7 ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل و لا کثير و ليست هى العزم لان العزم بعض آلاتها و کذلک الارادة و النية فتدبر.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةـــ ما معنى خالق اذ لا مخلوق حتى صحّ؟ و لم
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 707 *»
لاتصح مفارقة الارادة للمراد حتى قال7 لايکون المريد الا و المراد معه؟
اقول: قوله7 خالق اذ لا مخلوق ليس حقيقة على ظاهره لان خالقاً اسم فاعل و لا فاعل الّا و له مفعول([1]) و لهذا ورد عنهم: له معنى الخالقية و لا مخلوق و معنى الخالقية هو العلم و القدرة اى کان عالماً بما يخلق قادراً عليه اذ لايصح انيقال خلق و لا مخلوق لانه معنى فعلى لايتعقل بغير اقتران و عدم الاقتران وجوب فالحق فيه ان المراد له معنى خالق اذ لا مخلوق.
و اما ان الارادة لاتکون الا مع المراد فلأن الارادة طلب المراد و لايعقل طلب لايرد و لايکون مراده و الا کان له مرد تعالى اللّه عن ذلک لان الارادة ليست حالاً ذاتياً و الا لمااتصف بضده فلايقال لميرد و اذا کان ثابتاً انه يريد و لايريد دلّ على الطلب الفعلى الذى لا مرد له فلايکون الا و المراد معه. فنقول هل اراد انيکون زيد اليوم و لايکون الا بعد سنين ام لميرد انيکون اليوم ام اراد اليوم انيکون بعد سنين فمن الاول يلزم الامتناع من الممکن عن ارادته و من الثانى يثبت ان الارادة حادثة کما هو المطلوب و من الثالث يلزم عدم تحقق الارادة لان الارادة طلب الفعل و طلب الفعل اليوم لمفعول لايفعل الا بعد مدة لايتحقق و انما يتحقق العلم به کما قال الصادق7 لما سئل لميزل اللّه مريداً [عالماً خل] قال7 لميزل اللّه عالماً قادراً ثم اراد فظهر لمن فهم ان الارادة لا للکون و لاتتحقق الا مع المراد.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألة ـــ هل يصح النسخ قبل مضى زمن [زمن يسع خل] الفعل ام لا؟ و ما الفرق بينه و بين البداء؟
اقول: النسخ بداء کما تقدم فى المسائل الاولى و البداء نسخ الا ان النسخ بداء تشريعى و البداء نسخ تکوينى و هو کثير فى الايات قال تعالى فتول عنهم فما انت بملوم اراد تعذبيهم بلا مهلة فسبقت رحمته غضبه فقال و ذکر فان الذکرى تنفع المؤمنين و کذلک قوله تعالى مخلقة و غير مخلقة فى النطف و لا
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 708 *»
رطب و لا يابس الاّ فى کتاب مبين و ما ذکره اهل الاصول مبنى على امور قشريه و هذا هو الواقع من امر اللّه و من فعله فهو بداء و البداء نسخ و شرح الحال يعلم مما تقدم فان المنسوخ قدانقضت مدته فى الوجود الزمانى و کذلک البداء على نحو سواء.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألة ـــ کيف يأمر اللّه تعالى خليله بذبح ابنه اسمعيل و هو لميرد ذبحه؟
اقول: قدتقدم جواب هذه المسألة ولکن هذا مما قلنا من جواز النسخ قبل الفعل و هو کثير.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةـــ ما شرح معنى ما فى الکافى عن ابىبصير عن ابىعبداللّه7 قال لابدّ لصاحب هذا الامر من غيبة و لابد له فى غيبته من عزلة و نعم المنزل طيبة و ما بثلاثين من وحشة؟
اقول: اما غيبته فقدوقعت عجل اللّه فرجه و سهل مخرجه و اعاننا على طاعته و اما العزلة فظاهر معناها بل قدلزمها فى حيوة ابيه8 و فى بعد وفاة ابيه8 و ان کان يرونه خواصه الى حدود الثلاثمائة و ثلاثين تقريباً ثم اشتدت الغيبة و لزم العزلة بعد ذلک فلايراه الا المؤمنون من الجن و الملائکة و الارکان الاربعة و قديظهر للابدال لبعض الاوامر او يکتب لهم او يسمعون کلامه7. و قوله7 و نعم المنزل طيبة يجوز انيريد بها المدينة و انه معتزل فيها مستتر عن الخلق و اتخذها مأوى و الخلق لايعلمون بل قديشعر بعض الروايات انه نزل مدينة هورقليا فاذا جاء امر اللّه و خرج ذوالفقار من غمده نزل الى الارض فتراه کل عين. و يجوز انيريد بها طيبة کرعة من اليمن فى وادى شمراخ و شمريخ من هورقليا.
و قوله7 و ما بثلاثين من وحشة لعله يريد بذلک الابدال الذين قديشاهدونه و يأنس بهم و هم على ما فى الکافى ثلثون بدلاً و المعروف عند العلماء انهم اربعون بدلاً لانه قالوا ان الوجود و النظام لايقوم الا بعدد مخصوص لاينقص قطب و هو الغوث و هو محل نظر اللّه من العالم و اربعة ارکان و اربعين بدلاً و سبعين نقيباً و
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 709 *»
ثلاثمائة و ستين صالحاً و القطب لاتخلو الارض منه و الاربعة الارکان باقون ما بقى النظام و الابدال اذا مات احدهم تفضل اللّه على واحد من النقباء و ايده فقام مقام البدل و انما سمى بدلاً لانه يکون مثله فى هيئته و عمله و ملبسه و تفضل اللّه على واحد من الصالحين فقام مقام ذلک الذى لحق الابدال من النقباء فکان نقيباً مکانه و تفضل اللّه على واحد من المؤمنين فقام مقام من تمم النقباء من الصالحين و فى حديث جابر ما يقارب رواية الکافى من کون الابدال ثلثين و ان سماهم بغير هذا الاسم و بالجملة فالظاهر ان المراد بقوله7 و ما بثلاثين من وحشة انهم الابدال و اللّه اعلم.
قال سلمه اللّه: مسألةـــ ما معنى قول صاحب الکشکول فى فضل آلالرسول9 [فى اوله خل] اذا اعتبرنا مثلاً تعديل اجزاء الصورة البشرية فى آدم7 وجدناها تسعمائة جزء من التراب و تسعين جزءاً من الماء و تسعة اجزاء من الهواء و جزءاً واحداً من النار و اذا اردنا تعديل الصورة البشرية الابليسيه وجدناها سبعمائة جزء من التراب و مائة جزء من الماء و مائة و خمسين جزءاً من الهواء و خمسين جزءاً من النار. أ فحقّ هذا ام لا و ما وجهه و مأخذه و دليله؟
اقول: اما هذا التفصيل فلماقف عليه الا فى هذا الکتاب المذکور و لماعرف مأخذه و لا وجهه و لا دليله و الذى فى خاطرى ان الترتيب غير هذا ولکن لاينبغى انيکذب الانسان بما لميعلم لان الانسان على هذا الترتيب الف جزء و الذى يفيده العلم الطبيعى المکتوم ان الانسان مائة و ستة و سبعون جزءاً فى الذکر دون الانثى و بالجملة فلا علم لى بتفصيل هذه المسألة و اللّه اعلم.
قال سلمه اللّه تعالى: ما حقيقة عالم الذرّ و الميثاق؟ و ما رتبتهما فى الانسان [العالم خل] الکبير و الصغير؟
اقول: اما حقيقة الذر فالذر له ثلاث مراتب الاول ذر الرقائق فى الحجاب الاصفر و الثانى ذر الصور فى الحجاب الاخضر و عالم الاظلة و ورق الاس و الثالث ذر التکليف فى دار الدنيا و انما اخذ الميثاق فهو الخلق الثانى و
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 710 *»
الصبغة التى عليها مدار الثواب و العقاب و الطينة التى تجرى عليها الاعمال الطيبة و الخبيثة و ذلک ان اللّه سبحانه خلق اکوانهم بماهياتها و هو قوله7 جعل فيهم ما اذا سئلوا اجابوا ثم قال لهم ألست بربکم قالوا بلى فمن اجاب بقلبه و لسانه مطيعاً منقاداً خلقه من طينة الطاعة و الاجابة اى من اعلى عليين و من اجاب بلسانه و انکر بقلبه خلقه من طينة المعصية و الانکار اى من طينة سجين و طينة خبال و على هاتين الطينتين جرى [خير خل] المکلف المختار کما قال9 لسراقة بن مالک اعملوا فکل ميسر لما خلق له و کل عامل بعمله فخلق کونهم ثم سألهم ألست بربکم قالوا بلى فخلقهم فى السؤال و الجواب الخلق الثانى فى قربة [فرتبة خل] الذر الاول فى الروح و الثانى فى النفس و الثالث فى الدنيا بهما.
قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنى الحسبان فى و ترى الجبال و فى و تحسبهم ايقاظاً و هم فى الحقيقة على خلافه؟
اقول: الظاهر ان هذا و امثاله مثل لإن اشرکت ليحبطن عملک کله من باب «اياک اعنى و اسمعى يا جارة». اما الاول ففى الظاهر ظاهر و فى الباطن ان الممکن الباقى محتاج فى بقائه الى المدد فهو ابداً نهر يجرى مستديراً عوده على بدئه فهو موجود مفقود و هذا انما يخفى على عامة المکلفين [الناس خل] لا على العلماء فضلاً عن النبى9 حتى يظنّ خلاف الواقع و انما ذلک لامّته. و اما الثانى فلأن اهل الکهف کانوا نياماً و اعينهم مفتوحة و شعورهم طويلة و امثال ذلک فاذا رءاهم شخص من سائر الناس استوحش منهم و رعب ولکن کيف يکون هذا فى حق النبي9 و ليس فى خلق اللّه اشد ثباتاً منه و انما هو لامّته و فيهم معنى آخر ان اهل الکهف التأويلى الذى هو الجسد سبعة و ثامنهم کلبهم عقل و علم و وهم و وجود و خيال و فکر و حيوة و کلبهم و هو الاثيرية باسط ذراعيه بالوصيد و هو الغضب فى الانسان الصغير لو اطلعت عليهم و عرفتهم على ما هم عليه لمارأيت لشىء منهم شعوراً و لا احساساً و لا ادراکاً بل و لا وجوداً بل
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 711 *»
هم رقود و نحن نقلبهم جهة الخير و جهة الشر و لو اطلعت عليهم لولّيت منهم فراراً و لمتعتمد على احد منهم اذ العاقل لايعتمد على ما ليس بشىء بل يولى عنه فراراً الى الشىء الذى يصح الاعتماد عليه و يجب الالتجاء اليه و لو التجأت الى احد منهم ثم تبين حاله لک لملئت منه رعباً حيث التجأت الى ما ليس بشىء و هذا لايکون منه9 و انما يکون من رعيته غير العارفين فالحسبان منهم لا منه.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةـــ اذا انتهى الزمان الى الثابت فکيف ينحصر عد ما مضى من آدم الى الآن و قدسألنى عن هذه بعض المذاکرين الخ.
اقول: ان قلنا بهذا القول بأن الحادث منته الى القديم لميمنع من عدّ الحادث لأنّ من آدم الى الآن ليس هو القديم و لا هو من المجردات عن المدة ان اريد بالثابت المجردات فانها لاينسب اليها الماضى و الحال و الاستقبال لأنّ هذا حال الزمانيات فمن قال بالانتهاء الى الثابت لميمنع من عدّ المنتهى و ان منع من عد المنتهىاليه. و اما على ما نقول من ان الزمان منته الى الدهر فهو معدود بالاجزاء الزمانية و الدهر معدود بالاجزاء الدهرية و الدهر منته الى السرمد و هو معدود بالاجزاء السرمدية و السرمد منته الى نفسه لا غير و الکل قائم بالله قيام صدور فافهم.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةـــ ما الوجه فيما يظهر من الاثر ان بليس خلق قبل آدم7؟
اعلم ان ابليس لميخلق قبل آدم بقول مطلق و انما خلق قبل آدم ابينا الاخير لانه خلق من نار و ما يخلق من النار يسبق ما يخلق من التراب للترتيب الطبيعى و لانه مظهر الجهل الاول الذى هو ضد العقل الذى قبل الموجودات و لان آدم ابانا لو کان مخلوقاً قبل ابليس لماامکن انيتسلط عليه ظاهراً ولکن کل هذا على الظاهر و الا ففى الحقيقة آدم قبل ابليس فى الدهر و ان کان ابليس قبل آدم فى الزمان بناء على ان النار قبل التراب و الا ففى الحقيقة انما خلق ابليس من نار الشجر الاخضر و ذلک الشجر خلق من التراب فالتراب قبل
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 712 *»
النار التى خلق منها ابليس.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةــ اى المقابلات بين العقل و الجهل تقابل ملکة و عدم ام تضاد ام نفى و ايجاب؟
اقول: اعلم ان الجهل له اطلاقان لکل واحد وجه احدهما يراد به شبه ضد العلم و التقابل بينهما تقابل ملکة و عدم لان العلم هو الصورة المجردة عن المادة الجسمية و المدة الزمانية و الجهل عدم الصورة. و ثانيهما يراد به ضد العقل و التقابل بينهما تقابل تضادّ لان العقل هو المعانى المجردة عن المادة الجسمانية و المدة الزمانية و الصور النفسية و المثالية و هو المعبّر عنه باليقين و الثبات البات. و الجهل هو الشک و التردد بين طرفى النفى و الاثبات کأنما يصعد فى السماء، فمثله کمثل الکلب ان تحمل عليه يلهث او تترکه يلهث و الى ذلک الاشارة بقوله7 فى حديث الکافى حکاية عن الجهل و لا قوة لى به و انا ضده. و قديطلق الجهل فى ظاهر اللغة او مجازاً على ما يقابل المعرفة فيقال زيد يجهل هذا الشىء و لايعرفه و الاصل ان المعرفة تقابل بالانکار کما قال تعالى ام لميعرفوا رسولهم فهم له منکرون و يعرفون نعمت اللّه ثم ينکرونها فافهم.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةـــ الجهل البسيط ان لميکن فيه وجود فکيف يکون و ان کان فما الفرق بينه و بين المرکب؟
اقول: الجهل البسيط موجود و قولنا انه عدم الصورة ليس نريد انه هو فى نفسه عدم و انما هو موجود و لکن لا صورة فيه بناء على ان العلم هو الصورة النفسانية و اذا قلنا ان الجهل البسيط موجود فالفرق بينه و بين المرکب ان البسيط موجود لا علم فيه و لايدعى العلم و المرکب کذلک الا انه يدعى العلم فالترکيب بين عدم العلم و دعوى العلم و البساطة عدم الترکيب بدعوى العلم.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةـــ لاهل المنطق على ان اللازم لايکون اخص فاى رتبة من الوجود المقيد ان کانت من لوازم المطلق فکيف تفقد فى غيرها و ان لمتفقد لمتتمايز الشخصيات و ان فقدت تحقق الانفکاک و
«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 713 *»
کذا الاشخاص بالنسبة الى الانواع و هى الى الاجناس.
اقول: ان مسألة کون اللازم لايکون اخص لا ارتباط لها بهذه المسألة من وجهين احدهما ان هذه الرتبة ليست لازمة و انما وجدت عند توفر اسبابها السبعة المتقدمة التى هى المشخصات. و ثانيهما ان تعلق هذه الرتبة من المقيد بالمطلق انما هو بجهة منه خاصة بتلک الرتبة فتنهدم المسألة من اصلها لان الوجود المطلق ان اريد به المعنى الاصطلاحى فهو عالم المشية و الابداع و عليه فتعلقه بتلک المرتبة من المقيد انما هو بجهة منه خاصة بها لا بکلّه من حيث هو و ان اريد به مطلق الوجود فهذا معنى اصطلاحى ليس له تحقق فى الواقع و انما يتصور فى الفرض هذا على دعويهم. و اما على الحق فلايمکن فرض ذلک على معنى صحيح تبنى عليه مسألة بل الوجود الحق سبحانه فى صقع لايدخل فيه شىء و لايدخل هو فى شىء و لاينسب الى شىء و لا ينسب اليه شىء و الوجود المطلق هو مشيته و فعله و هو عالم متفرد کذلک و الوجود المقيد هو المفعولات التى اولها العقل و آخرها ماتحت الثرى و لا ملازمة لواحد من هذه الثلاثة باخر فکل رتبة من مراتب الوجود المقيد توجد فى مرتبتها بذاتها و توجد فى ماتحتها بظهورها او انعقادها فتکون بانعقادها ليست هى الذائبة بذاتها و انما ذلک صفة الذائبة و الذائبة من حيث هى فوق ذلک لا فى السفلى و توجد فيما فوقها بالامکان و القوة لا بالفعل و الاصل فى ذلک ان الشىء انما يکون هو هو بالمشخصات السبعة التى هو الوقت و المکان و الرتبة و الجهة و الکم و الکيف و الماهية.
قال سلمه اللّه تعالى: مسألةــ ما تفصيل السبع التى لايکون شىء الا بها فى مراتب الکبير و الصغير و تحققها فى الآفاق و الانفس بالنسبة الى تعقلاتها؟
اقول: قدسأل ايّده اللّه عن هذه المسألة فى المسائل الاولى و کتبنا جوابها فلا فائدة فى ذکره هذا آخر المسائل الثانية و الحمد لله رب العالمين و صلّى اللّه على محمد و آله.
([1]) و لايکون فاعل و لا مفعول خل