08-15 جوامع الکلم المجلد الثامن ـ الرسالة القطيفية في جواب الشيخ احمدبن…طوق عن 72 مسألة ـ مقابله

الرسالة القطیفیة

فی جواب الشیخ احمد بن الشیخ صالح بن طوق القطیفی

عن 72 مسألة

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 603 *»

بسم اللّه الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین و صلی اللّه علی محمد و آله الطاهرین [الطاهرین الطیبین خ‌ل].

اما بعد؛ فیقول العبد المسكین احمد بن زین الدین الاحسائی انه قدارسل الی الشیخ الارشد الشیخ احمد بن الشیخ صالح بن طوق القطیفی مسائل قدتصعبت علی الاذهان و قداقرّ بالعجز عن اكثرها العلماء الاعیان و طلب الجواب عنها و بیان غامضها و شرح حالها و اظهار خافیها و كنت اسوّف به وقتاً بعد وقت لعدم توجه الخاطر و لكثرتها یتحیر فیها الناظر فلما وفق اللّه تعالی للتشرف بزیارة ثامن الائمة7 تحرك خاطری بأن‏املی علی شی‏ء منها فشی‏ء علی حسب التوجه و الفراغ اذ لایسقط المیسور بالمعسور و الی الله ترجع الامور فكتبت صورة خطه و جعلته متناً و جعلت جوابی شرحاً لاجل البیان و اللّه سبحانه المستعان.

قال سلمه اللّه تعالی: بسم اللّه الرحمن الرحیم الحمد لله رافع درجات اولیائه السالكین منهج احبائه علی ما الهمنا من الرجوع عند الحاجة لنوابه و امنائه و صلی اللّه علی ابواب الجنان و ینبوع الرحمة و الاحسان الساقین بكأس السلسبیل من توجه بامله الیهم الجاذبین الی المعانی نفوس موالیهم الكاشفین للكربات الراحمین للعبرات روح الارواح سفن النجاح محمد و آله مفتاح الامتنان و علی ابوابهم و نوابهم و التابعین لهم باحسان. اما بعد؛ فسلام علیك یا كافل ایتام آل الرسول و یا مفتاح الوصول و یا ولی الولی علی الاطفال و یا دواء الداء العضال الا و ان نفسی قد كاعت فطمنها و ارتاعت فسکّنها فقدتحققت انك المنزل الاول لقاصدی القری الاول و تیقّنت انك الدلیل الی ذلك السبیل و

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 604 *»

قد عز الوصول و حرت الانفاس لامور لاأری لكشف نقابها و جلاء ضبابها([1]) الا انت فلاتخیب من قصر نظره الیك و امّ بقصده الیك فقدعودت الاحسان و اولیت الامتنان فهذه بعض المسائل اذكر منها العنوان و علی سیدنا البسط فی البیان فالكریم كلما اشتدّت فاقة الوفد([2]) [الوافد خ‌ل] علیه كثر منه النائل([3]) الیه.

مسألة ــ ما الوجه فی تعدد جهات المشیة حتی ترتّب علی كل وجه شی‏ء و هی صادرة من الواحد الحق الحقیقی؟

اقول: اعلم ان المشیة اول خلق خلقه اللّه تعالی بنفسه و هی الكاف المستدیرة علی نفسها تدور علی نفسها علی خلاف التوالی و نفسها تدور علیها علی التوالی و هی و ان كانت مراتبها اربع [اربعاً ظ] الا انها واحدة لانه فعل الواحد سبحانه و هی الكلمة التی انزجر لها العمق الاكبر و هو الامكان فهی طبقه و هو طبقها لایزید احدهما علی الاخر فلایشاء الا ممكناً و لا ممكن لایمكن تعلقها به و كان مراتبها الاربع الرحمة و هی النقطة و الالف و هو النفس الرحمانی بفتح الفاء و الریاح المثیرة للسحاب من شجر علی البحر و السحاب المزجی الذی كان علی شجر فی البحر و [ثم خ‌ل] الحروف المقطعة من الالف و السحاب المتراكم قال تعالی و هو الذی یرسل الریاح ای الالف بشری بین یدی رحمته ای النقطة حتی اذا اقلّت سحاباً ثقالاً و السحاب المزجی ذكر فی غیر هذه الایة فی قوله تعالی و هو الذی یزجی سحاباً ثم یؤلف بینه ثم یجعله ركاماً و الركام هو السحاب الثقال سقناه لبلد میت و هی ارض القابلیات و ارض الجرز الموات فانزلنا به الماء و هذا الماء جهة اثر الفعل من الفعل و هی الدلالة و مثاله اذا قلت لك كلاماً مفیداً فهمت معناه انی اخذت من الهواء الی جوفی فاول حركة هو النقطة ثم امتد الی الهواء و هو الالف ثم

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 605 *»

قطعته حروفاً مناسبة للمعنی الذی ارید ان‌اخرجه الیك و هذا السحاب المزجی ثم الفته علی هیئة المعنی المقصود ایجاده لك و هو السحاب الثقال و السحاب المتراكم فوجهته بالوضع الی المعنی المعدوم الذی ارید ایجاده لك فهذا سقناه لبلد میت ای ارض الجرز و هو المعنی المعدوم فانزلنا به الماء و هی دلالة اللفظ من خصوص المادة و الهیئة المخصوصة المناسبتین للمعنی مناسبة ذاتیة فحیی به المعنی فاخرجت به ما اردت اخراجه لك و هذا المعنی حدث من هذا اللفظ بمنزلة الثمرة من الشجرة و لیس هو ما فی خاطری و انما هذا شبیه لما فی قلبی و لو كان هو ما فی قلبی لكنت لااعرفه بعد ان اخرجته و انما هو نظیر النار الخارجة من الحجر و الزناد بالحك فانها لیست هی التی فی الحجر و انما هذا شی‏ء حدث عنها من الهواء بصلابة الحجر و الحدید فافهم.

فكان اثر تلك الدلالة هو الوجود و المعنی الظاهر به مركب من ذلك الاثر الذی هو الوجود و من الماهیة ای ماهیة ذلك الاثر و هی انفعاله لانه لما اوجده انوجد فاوجد فعل و انوجد انفعال و المعنی مركب منهما و المشخصات لافراد الوجود من مكان الوجود الخاص و وقته و جهته و رتبته و قدره فی الكم و فی الكیف بالشدة و الضعف و بقوة الماهیة و ضعفها لانه لو تساوی فی هذه الامور السبعة [التسعة خ‌ل] لم‏یحصل التعدد و یأتی تفصیل ذلك ان‌شاءاللّه‌تعالی فی خلال الاجوبة. فالمشیة واحدة و وجهها واحد و انما تعددت جهاتها لتعدد مرایا القابلین فهی تظهر لكل واحد بنفسه كالوجه الواحد اذا قابل المرایا المتعددة تعددت الصور فكل صورة ظهر لها الوجه بنفسها و احتجب عنها بها و ان كان الوجه واحداً لشخص واحد فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما وجه اختصاص لفظ «اللّه» و «الرحمن» به تعالی؟

اقول: وجه الاختصاص ان «اللّه» اسم لذات اتصفت بصفات القدس كالقدوس و السبحان و العزیز و العلی و المنزه [المتنزه خ‌ل] و امثال ذلك و بصفات الاضافة كالعلم و القدرة و السمع و البصر فان العلم یقتضی مفهومه اللغوی معلوماً و القدرة مقدوراً و السمع مسموعاً و البصر مبصراً و هكذا، و

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 606 *»

بصفات الخلق كالخالق و الرازق و المعطی فالذات الجامعة لهذه المراتب هو المسمی بالله فانه یقتضی مألوهاً فان العبادة انما تكون بتنزیه المعبود عن المشاركة فی الذات و الصفات و الافعال و العبادة و هذه الاربعة هی مراتب الاحد و هذا التنزیة هو مقتضی [مقتضی صفات خ‌ل] القدس و انما تكون العبادة ایضاً بمقتضی صفات الاضافة كالعلم و القدرة و هی الموجبة للتعظیم و تكون ایضاً بمقتضی صفات الخلق فیسأله المغفرة و الرزق و دفع البلایا و ما اشبه ذلك. فمن اتصف بهذه الصفات الثلاث فهو «اللّه».

و اما «الرحمن» فهو اسم لذات اتصفت بصفات الاضافة و بصفات الخلق و لهذا استوی برحمانیته علی عرشه فاعطی كل ذی‌حق حقه و ساق الی كل مخلوق رزقه فمن اتصف بهذین النوعین من الصفات فهو الرحمن فكان اللّه موصوفاً بثمانیة و تسعین اسماً فهو اللّه الرحمن الرحیم الملك القدوس السلام المؤمن الی آخر الاسماء الحسنی. و كان الرحمن موصوفاً بسبعة و تسعین اسماً فهو الرحمن الرحیم الملك القدوس السلام الخ. فتقول یا اللّه ارحمنی لانه متصف بالرحمن الرحیم و اغفر لی لانه متصف بالغافر و اهلك عدوی لانه متصف بالمهلك و هكذا الی آخر الاسماء الحسنی و كذلك الرحمن و هو قوله تعالی قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن ایاًما تدعوا فله الاسماء الحسنی. فأی ذات اتصفت بجمیع الاسماء الحسنی جاز اطلاق اللّه الرحمن علیها و ذلك خاص بالله قال اللّه تعالی یا اهل الكتاب لاتغلوا فی دینكم و لاتقولوا علی اللّه الا الحق ای لاتسموا احداً بالله الا الحق فهذا وجه اختصاص هذین الاسمین.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما الفرق بین الاسم و الصفة؟

اقول: اعلم ان الاسم وضع علامة علی المسمی من حیث ذاته و قدیكون منقولاً بانواع النقل و قدفصلناه فی مسائل الاصول بمالامزید علیه و هذا المنقول قد لایلاحظ فیه المناسبة و قد تلاحظ و ما لوحظت فیه اما حال الوضع خاصة كزید و عمرو او حال الاستعمال اما لحصولها فی المعنی المنقول الیه كالحسن و الفضل و تدخل علیه الالف و اللام لملاحظة تحقق

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 607 *»

المناسبة عند الاستعمال و لو بالفرض و ان كان لمحض التفأل كصالح و سعید و راشد و هذا لاتدخل علیه الالف و اللام لبعد اعتبار الصفة و لمحها و علی ای الاحوال فالوضع بازاء الذات و ان كان منقولاً و لوحظت المناسبة فی الاستعمال او تحققت كالحسن فان الصفة لیست مغایرة فی الكون علی تقدیر تحققها فلایكون الاسم موضوعاً الا بازاء الذات و ان لوحظت لانها غیر مغایرة أ لاتری انك تقول زید لمسماه قام او قعد او نام.

و اما الصفة فانها موضوعة بازاء صفة الذات لا الذات فاذا قلت جاء زید القائم فان القائم لیس اسماً لزید فانه حال قعوده لایسمی به لانه اسم صفة فعل و لو كان اسم زید لكان مرفوعاً علی البدلیة كما تقول جاء زید اخوک ولكنه مرفوع بالتبعیة لرفع زید و ذلك لان قائم لم‏یسند الی زید و لم‏یرفع ضمیره و انما رفع كنایة جهة فاعلیة زید و هی حركة [حرکته خ‌ل] و لو رفع ضمیره لكان مسنداً الی ذات زید و انما استند الی جهة فاعلیة زید ای ظهور فاعلیته لانک لاتنكر ان‌یكون قائم اسم فاعل لا اسم ذات فقائم اسم فاعل القیام ای محدثه و الفاعل من احدث حركة الفعل فهو اسم له من حیث حركته لا لذاته و تلك الحیثیة لیست من ذات زید فافهم فان المسلك دقیق. و بالجملة فالاسم موضوع بازاء الذات و ان كان منقولاً عن صفته و لوحظت حال الاستعمال لعدم اعتبار خروجها عن المسمی عند الاستعمال و الصفة موضوع بازاء تلك الجهة المعتبر خروجها عنه عند الاستعمال و لهذا اهل العربیة یفرقون فی توجه العامل الی اسم الذات فینسبونه بالذات و الی اسم الصفة فینسبونه بالتبعیة.

قال سلمه اللّه تعالی: ان كان المشخص للموجودات عدماً فهو فی نفسه غیر متشخص و ان كان وجوداً فما المشخص له؟

اقول: اعلم ان المشخصات للموجود سبعة اشیاء الوقت و المكان و الجهة و الرتبة و المقدار فی الكم و المقدار فی الكیف و الماهیة. ثم الماهیة من حیث كونها مشخصة انما تشخص بما یتشخص به الوجود من هذه المراتب الست فالتفصیل هنا واسع الذیل ولكن نشیر الی شی‏ء فی الجملة. فنقول قدسبق ان

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 608 *»

الوجود فعل ای اثر الفعل و الماهیة انفعال و هما متساوقان فی الظهور و ان تقدم الفعل علی الانفعال ذاتاً الا ان احدهما یتوقف [متوقف خ‌ل] علی الاخر فبینهما تضایف. و افراد الوجود انما تمایزت بتقدم بعضها علی بعض وقتاً و مكاناً و رتبة و باختلافها جهة و كماً و كیفاً و ذلك لاختلاف ماهیاتها فی الرتب الست فكلما لطفت الماهیة و رقت سبق الوجود الیها وقتاً و مكاناً و قوی كماً و كیفاً و بالعكس.

و ذلك لان الوجود لما فاض من مبدئه الذی هو المشیة كان باعتبار تساوی كمه كهیئة مخروط قاعدته العظمی عند المبدأ و كلما بعد رق الی نقطة و ذلك من حیث الكم لا من حیث الحجم فانه علی العكس ظاهراً ففاضت الماهیة من نفس الوجود بالابداع علی هیئة مخروط رأسه نقطة فی قاعدة الوجود و كلما بعد غلظ حتی ینتهی الی رأس الوجود النقطة و ذلك قاعدة الماهیة و هذا ایضاً فی الكم لا فی الحجم علی عكس الوجود فتتمایز افراده بتلك الامور الستة و باختلاف مراتب الماهیة معاكسة لاختلاف مراتب الوجود فی الكم و الكیف و یتساویان فی وسط امتدادهما و هذه الستة اسباب للوجود لانها تمام قابلیته للایجاد فهی موجودة بوجود كلها و كلیها و فی خصوص انفسها مساوقة لایجاد الوجود و كذلك السابع الذی هو الماهیة الا انها موجودة بتبعیة ایجاد الوجود فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ هل جزئیات النفوس حادثة بالبدن ام سابقة علیه؟ فان كان الاول فظاهر بعض النصوص كاخبار الذرّ  ینافیه و ان كان الثانی فبم تمایزها حینئذ و كیف لاتكون معطّلة حینئذ؟

اقول: اعلم ان اللّه سبحانه بلطیف حكمته خلق تحت العرش شجرة اسمها المزن تقطر منها قطر كالطل علی ما علی الارض من الثمار و الحبوب فمااكل من تلك مؤمن او كافر الا خرج من صلبه مؤمن قال تعالی ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون و كانت هذه الشجرة عروقها فی علیین. ثم انه سبحانه خلق شجرة الزقوم فی سجین منكوسة هابطة الی الجحیم تصعد منها ابخرة تقع علی الثمار و الحبوب فمااكل منها مؤمن او كافر الا خرج من صلبه كافر و هذه

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 609 *»

النطف من الطرفین تسری فی الثمار و الحبوب و نطف الاباء و الامهات و النفس غیبت فیها كالنخلة فی غیب النواة فاذا تمت آلات البدن خرجت كالثمرة من الشجرة و تلك الاطوار التی تتقلب فیها مقامات الملكوت.

فان عنیت بقولك حدثت انها ظهرت كان الجواب ان البدن سابق فی الزمان و هی سابقة فی الدهر و معنی ذلك ان وجودها الزمانی مع وجود آلات البدن لا قبلها و لا بعدها و اما وجودها الدهری فهی قبل البدن و بعده فالقبل هنا هو نفس البعد بدون تعدد فالسبق الدهری هو القبل البعد و الوجود الزمانی هو اللّاقبل و لابعد.

و اما احادیث الذر فلاتنافی هذا لان اللّه سبحانه یقول و اذ اخذ ربك من بنی‏آدم من ظهورهم ذریتهم مثاله انك تتصور وجود ابنك و وجود ابنه و ابن ابنه و هكذا الی مائة و تجمعهم فی خیالك و تخاطبهم بما ترید فكذلك اخذ اللّه الذریة من الاصلاب الا انك انت اخذتهم فی الوجود الذهنی و هو سبحانه اخذهم فی الوجود الخارجی الدهری اذ لا ذهنی له فهم هنالك هو القبل البعد الذی ذكرنا و كذلك ما عندك الا ان الذی عندك انتزاعی لما قابلت مرءاة خیالك اشباحها فی الذر فی عالم الدهر انتزعت صورها و بذلك تمایزت و لاتكون معطلة لانها هناك فی الفضاء الدهری علی تلك الاشجار تغرد بالحان جمیع الاطیار فمرة علی شجر الاس و مرة فی شجرة طوبی و سدرة المنتهی و لا تعطیل هناك فی الفضاء الواسع و قول علی بن الحسین8 انها بدون الجسد لاتحسّ المراد به فی الزمان.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ان كان كل واحد من الثوابت مظهر عقل فذلك یقتضی تعدد الافلاك الكلیة بتعددها و ان كانت كلها مظهر واحد فمن این جاء التعدد؟

اقول: اعلم ان الثوابت لیست مظاهر عقول لان العقول لاتتمایز بالصور اذ لا صور لها و انما هی معان مجردة عن المادة و المدة و الصورة و انما هی مظاهر نفوس ولكنها نفوس جزئیة لا كلیة و لو لزم تعدد افلاكها الجزئیة فلا محذور فقدقال به بعض علماء الهیئة. نعم هنا اعتباران ینبغی التنبیه علیهما احدهما ان

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 610 *»

الكلیة كلیتان حقیقیة و اضافیة و كذلك الجزئیة فالكلیة الحقیقیة ككلیة الشجرة و الاضافیة ككلیة الغصن الواحد منها و الجزئیة الحقیقیة كجزئیة الورقة و الاضافیة كجزئیة الغصن فانه جزئی بالنسبة الی الشجرة و كلی بالنسبة الی الورقة هكذا باعتبار الغیب و باعتبار الشهادة فهو كل و جزء. ثانیهما ان الافلاك الجزئیة للثوابت ثابتة علی احد معنیین اما بثبوت افلاك تداویر لكل كوكب منها و لایضر تداخل الدوائر لما بین الكوكبین من التقارب الذاتی المقتضی لما بین الشخصین المنسوبین الیهما من التقارب الذاتی و دعوی الصلابة الیاقوتیة المانعة من التداخل غیر مسلمة او بثبوت خوارج مراكز لها محیطة بالعالم فیكون قولنا جزئیة لیس علی معنی ما اصطلحوا  علیه لانها علی اصطلاحهم حینئذ كلیة ولكن علی معنی عدم اشتمال حكمها لكل الاشخاص مثلاً بل لشخص او اشخاص مخصوصة و الحس و الوجدان یشهدان بتعدد افلاكها علی احد الوجهین.

قال سلمه اللّه تعالی: ان مولانا عدّ فیما منح به سابقاً فلك البروج و فلك المنازل فی خلال تعداد الاجسام فذكرهما بعد فلك الثوابت، فما حقیقة الحال فیهما [فيها خ‌ل] و ایضاً فظاهر قول سیدنا و صدر بواسطة فلك الشمس فلك زحل و فلك القمر انهما دفعة فما صریح العبارة و ما الوجه فی هذا الترتیب؟

اقول: اعلم ان المراد بفلك البروج و فلك المنازل المغایرین للكرسی مع انهما منه ان للكرسی باعتبار كونه الكل حكماً خاصاً مقابلاً لحكم الثور فی العالم السفلی و لفلک البروج حكماً خاصاً مقابلاً للصخرة التی فوق الثور و تحت الملك الحامل للارض اعنی سجین كما ان فلك البروج هو علیون و لفلك المنازل حكماً خاصاً مقابلاً للملك الحامل للارض و هذا هو المراد بذلك التعدد.

و اما قولنا ان فلك زحل صدر من الشمس فالمراد انا نقول ان فلك الشمس اول فلك كان ثم دارت الافلاك من فوقه و من تحته و قبل خلق الافلاك كانت الانوار الاربعة التی هی اركان العرش و هی العقل النور الابیض و الروح الكلیة النور الاصفر و النفس الكلیة النور الاخضر و الطبیعة الكلیة النور الاحمر اما النور

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 611 *»

الاصفر فهو برزخ بین الابیض و الاخضر فالحكم لهما و الشمس لماكانت هی مظهر الوجود الثانی وجب ان‌تستمد الافلاك منها فالشمس تمدّ زحل من نور ذات العقل و تمدّ القمر من نور صفة العقل و تمدّ المشتری من نور ذات النفس الكلیة و تمدّ عطارد من نور صفة النفس و تمدّ المریخ من نور ذات الطبیعة و تمدّ الزهرة من نور صفة الطبیعة و انما ذكر ذلك لما قلنا ان الشمس هی مظهر الوجود الثانی و لكن استمداد زحل قبل استمداد القمر.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ما بیان معانی لفظ الارض و الماء و الهواء و الریح و النار و السماء و الكرسی و العرش و ما یراد منها بحسب كل مقام؟

اقول: ان الحق فی الواضع  انه هو اللّه سبحانه و تعالی و المعروف من كلامه و كلام اولیائه انه یطلق لفظ الارض و یراد به هذه الارض المعروفة و یراد به نفوسها ایضاً كما روی عن الرضا7 فی تفسیر و السماء ذات الهبك و فی تفسیر قوله تعالی و من الارض مثلهن يتنزل الامر بینهن لتعلموا ان اللّه علی كل شی‏ء قدیر بان كل ارض محبوكة علیها السماء المقابلة لها و ان الارض الثانیة فوق السماء الدنیا و الارض الثالثة فوق السماء الثانیة و الارض الرابعة فوق السماء الثالثة و الارض الخامسة فوق السماء الرابعة و الارض السادسة فوق السماء الخامسة و الارض السابعة فوق السماء السادسة فمنهم من جعل ذلك الاسم اسماً لمحدب كل سماء بالنسبة الی مقعر مافوقه فمحدب السماء الاولی ارض مقعر السماء الثانیة و هكذا. و الذی یظهر لی ان ذلك لیس فی الزمان و انما هو فی الدهر و ان هذه الفوقیة فوقیة الرتبة لا الجهة مثلاً فالارض الاولی ارض النفوس و سماء الدنیا علیها قبة و الارض الثانیة ارض العادات و هی فوق سماء الحیوة التی هی سماء الدنیا رتبة و السماء الثانیة سماء الفكر فوقها قبة و الارض الثالثة ارض الطبع فوق سماء الفكر رتبة و سماء الخیال فوقها قبة و الارض الرابعة ارض الشهوة فوق سماء الخیال رتبة و سماء الوجود الثانی فوقها قبة و الارض الخامسة ارض الطغیان فوق سماء الوجود الثانی رتبة و سماء الوهم فوقها قبة و الارض السادسة ارض الالحاد فوق

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 612 *»

سماء الوهم رتبة و سماء العلم فوقها قبة و الارض السابعة ارض الشقاوة فوق سماء العلم رتبة و سماء العقل فوقها قبة فهذا اللفظ یطلق علی هذه الارضین.

و یطلق ایضاً علی الصور العلمیة لانها ارض للعقل ای المعانی قال اللّه سبحانه أ فلایرون انا نأتی الارض ننقصها من اطرافها قال7 ای بموت العلماء هـ یعنی ان الارض تنتهی الی الصور العلمیة. و یطلق علی كل سافل بالنسبة الی عالیه و علی محدب الكرسی قال اللّه تعالی و قالوا الحمد لله الذی صدقنا وعده و اورثنا الارض نتبوأ من الجنة حیث نشاء و هكذا الا ان الارض عند اهل اللغة حقیقة فی هذه الارض المعروفة و باقی الارضین مجاز و اما عند غیرهم فلیس كل‌ما یطلق هذا اللفظ علیه مجازاً بل اكثره حقیقة الا ان فیها ما یكون من باب التشكیك كالارضین المذكورة فی حدیث الرضا7 فانها اقوی من الارضین المعروفة و قدیكون من باب الحقیقة بعد الحقیقة كارض العلم فی قوله تعالی أ فلایرون انا نأتی الارض ننقصها من اطرافها فان تلك الارض حقیقة ثم من دونها هذه الارض حقیقة و قدیكون من باب المجاز مثل الارض المقدسة عند اهل الصناعة.

و «الماء» یطلق علی معان منها یطلق علی الماء الذی كان العرش علیه و هو الباب الذی باطنه فیه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب. و یطلق علی المادة الجسمانیة التی خلق منها الجهل الاول و انما كانت ماء لقبولها لتشكلات لا نهایة لها. و یطلق علی العلم قال تعالی انا صببنا الماء صبا ای العلم. و یطلق علی الماء المعروف الی غیر ذلك.

و «الهواء» یطلق علی هذا العنصر المعروف و علی النفس الرحمانی ای المرتبة الثانیة من مراتب المشیة و علی فضاء الامكان و علی ما فی الدهر و علی الطبایع و غیر ذلك.

و «الریح» یطلق علی الهواء المتحرك و هو هذا المعروف و علی الطبایع و علی عالم المثال السفلی و هو الریح العقیم و ما اشبه ذلك.

و «النار» يطلق [تطلق خ‌ل] علی كرة الاثیر و علی نار الكواكب و علی نار الاخرة و علی نار البرزخ و علی نار الحجر و علی نار الشجر الاخضر و علی المستحیلة من الهواء و علی نار العشق و نار المشیة و ما اشبه ذلك.

و «الكرسی» یطلق علی فلك

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 613 *»

الثوابت و علی العلم الظاهر و علی الصدر و غیر ذلك.

و «العرش» یطلق علی محدد الجهات و علی العلم الباطن الذی فیه علم الكیفوفة و علل الاشیاء و البداء و علی الدین و علی قلب المؤمن و علی عالم الاجسام و علی خزانة الوجود و علی مجموع الانوار الاربعة و علی مظهر الرحمانیة و غیر ذلك و كل هذه المذكورة و ما لم‏یذكر منها علی نحو ما ذكرنا فی الارض من جهة الاشتراك و التشكیك و الحقیقة بعد الحقیقة و المجاز و تفصیل هذه یطول به الكلام و یعرف اكثرها من خلال كلامنا مما یأتی.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما الفرق بین التأویل و باطنه و الباطن و باطنه و الظاهر و ظاهره؟

اقول: المراد بــ«التأویل» صرف بعض الكلام الی معنی غیر ما یدلّ علیه ظاهره و لایلاحظ فیه تمام الكلام اللغوی كما قال علی7 فی من ادرك القائم7 و ماینالون من العلم عند قیامه و انه یستغنی كل احد عن علم الاخر قال7 و ذلك تأویل قوله تعالی یغن اللّه كلاً من سعته. و اما «باطن التأویل» فكذلك الا انه تفسیر باطن و ذلك كما قال الصادق7 فی قوله تعالی أ لم‌تر الی الذین قیل لهم كفوا ایدیكم و اقیموا الصلوة و اتوا الزكوة قال7ما معناه هو الحسن بن علی8امر بالكف عن القتال و صلح معاویة و حقن دماء المسلمین فلما كتب علیهم القتال قال هو الحسین بن علی8 كتب علیه القتل واللّه لو برز معه اهل الارض لقتلوا، كما فی قوله تعالی و وصینا الانسان بوالدیه حسناً قال هما محمد9 و علی7 ابوا هذه الامة و هما ابوا العقل و ان جاهداك علی ان‏تشرك بی‏ ما لیس لك به علم فلاتطعهما و هما ابوا النفس الامارة بالسوء و هما الشمس و القمر بحسبان و صاحبهما فی الدنیا معروفاً و هما ابوا الجسد. و كما ورد فی قوله تعالی و وصینا الانسان بوالدیه حسناً قال الانسان رسول اللّه9 و والدیه الحسن و الحسین8 و هو كثیر فهذا و مثله هو تفسیر باطن التأویل و لانه تأویل الباطن.

و اما تفسیر «الباطن» فمعلوم مثل قوله تعالی حمٓ و هو

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 614 *»

رسول اللّه9 و الكتاب المبین هو علی7 انا انزلناه فی لیلة مباركة و هی فاطمة3 انا كنا منزلین فیها یفرق كل امر حكیم ای امام حكیم بعد امام حكیم. و الاحادیث مشحونة بذلك و هو ان‌تجری علی طریقة اللغة بمعان باطنة غیر ظاهرها. و اما تفسیر «باطن الباطن» فیجب كتمانه لانه اذا سمعه الناس كفروا كما روی ان الحجة7 لیلة عاشورا اذا خرج نادی اصحابه نصف اللیل فیسمعونه اصحابه الثلاث‏مائة و الثلاثة‌عشر فلایتم صوته الا و قداجتمعوا عنده من مشرق الارض و مغربها منهم من تحمله السحاب و منهم من تنطوی له الارض و هو تأویل قوله تعالی اینما تكونوا یأت بكم اللّه جمیعاً فیقولون له مد یدك لنبایعك فقال لهم تبایعونی علی كذا و كذا فینفرون منه و لم‏یثبت عنده الا المسیح7 و احدعشر نقیباً فیجولون الارض و لم‏یجدوا ملجأ فیرجعون الیه و یبایعونه قال الصادق7ما معناه واللّه انی لاعرف الكلمة التی قالها لهم فیكفرون. فانظر كیف لم‏یحتمل باطن الباطن الاخیار المصطفون الذین اختارهم اللّه من اهل الارض انصاراً لولیه7. و قال الصادق7 فی حدیث جابلسا قال7 و انا لنعلمهم بشی‏ء من تفسیر القرآن ما لوسمعتموه لكفرتم.

و بالجملة القرآن مشحون به ولكن لایجوز بیانه و  [و لانه خ‌ل] لایحتمله اصحاب العلوم و لا اصحاب القلوب و انما یحتمله اصحاب الافئدة و اخاف من ان‌افضح بالسر و لولا ذلك لاظهرته و منه قوله تعالی بسم اللّه الرحمن الرحیم قل هو اللّه احد اللّه الصمد لم‏یلد و لم‏یولد و لم‏یكن له كفواً احد فان قدر اللّه ملاقاة قبل الموت اخبرتک به مشافهة و الا فلایحسن كتابته نعم قداشرت الی ذلك فی اجوبة مسائل الشیخ عبدعلی التوبلی؟رح؟ و هذا هو الذی عناه7 فی قوله و لو یعلم ابوذر ما فی قلب سلمان لقتله و فی روایة لكفره و قال7ماافشی احد سرنا الا اذاقه اللّه حرّ الحدید هـ.

و اما تفسیر «الظاهر» فهو الذی ذكره المفسرون علی ظاهر اللغة. و اما «ظاهر الظاهر» فأن‌تأخذ مادة الكلمة و تتصرف بها فیما ترید اذا كنت تعلم المراد كما روی عن الصادق7 ما معناه فی قوله تعالی و كیف تأخذونه

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 615 *»

و قدافضی بعضكم الی بعض و اخذن منكم میثاقاً غلیظاً قال7 «میثاقاً» هو العقد و «غلیظاً» هو المنی. و مثل قوله تعالی و ارضاً لم‏تطــݘـوها قال هی الفروج. و كقوله تعالی مما خطیئاتهم اغرقوا ای اغرقوا فی ماء الخطایا و هو ماء اجاج و كقوله تعالی فانما هی زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة قال الصادق7 تبقی الارواح ساهرة لاتنام و امثال ذلك.

قال سلمه اللّه تعالی: ما الفرق بین جسم الكل و شكل الكل و طبیعة الكل و هیولی الكل؟

اقول: جسم الكل هو معروض عالم المثال و محله و هو مجموع عالم الاجسام. و شكل الكل هو عالم المثال و هو فوقه و هو البرزخ بین النفوس و الاجسام [الاجسام و النفوس خ‌ل] و هو التخطیطات الجسمانیة و الصورة فی المرءاة منه فهی وراء محدد الجهات و ما تری فی المنام هو ذلك العالم و هورقلیا بجمیع ما فیه من المقادیر منه و ما یقع فی الحس المشترك منه و اما ما فی الخیال فلیس منه و انما هو من الملكوت. و اما طبیعة الكل فهو الركن الایسر الاسفل من العرش و هو النور الاحمر و هو الملك الذی علی ملائكة الحجب و هو الموكل بالایجاد و یخدمه جبرئیل7. و اما هیولی الكل فهو مادة الاجسام و هی الكسر الثانی و هو جوهر الهباء و هو آخر المجردات.

قال سلمه اللّه تعالی: ما الجمع بین ما دلّ علی سبق خلق السماء علی الارض من الادلة و بین قوله تعالی خلق لكم ما فی الارض جمیعاً ثم استوی الی السماء فسوىٰهن سبع سموات؟ و ما یراد بهذه السماء و هذا الاستواء؟

اقول: الجمع بین الدلیلین انه لما رمق الماء بعین الهیبة فذاب و زبد و ارتفع دخانه و کان الزبد و الدخان فصعد الدخان و كان الدخان قداخذ فی الصعود لطیفه قبل بدء الزبد و ارتفع آخره عند انتهاء الزبد خلق الارض و اقواتها من الزبد فی اربعة ایام ثم توجه وجه المشیة الی الدخان الصاعد فخلق من وسطه فلك الشمس و ذلك لاستوائه فی اللطافة و الغلظ و خلق فلك القمر و فلك زحل و فلك عطارد و فلك المشتری و فلك الزهرة و فلك المریخ فصار الاستواء

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 616 *»

الی السماء بعد الارض و السماء دخان موجودة و هو قوله تعالی قل ائنكم لتكفرون بالذی خلق الارض فی یومین الی و قدر فیها اقواتها فی اربعة ایام سواء للسائلین ثم استوی الی السماء و هی دخان فكان كون السماء قبل كون الارض فكان عین الارض قبل عین السماء فكلما لطف و علا تأخرت صورته الجسمانیة [الجسمية خ‌ل] و لذا قلنا فلك القمر و فلك زحل و هذه السماء هی المعلومة و اذا ارید بالسماء غیر المعلوم ارید بالارض ارض المراد. و اما الاستواء هنا فالمراد به الالتفات ای توجه وجه المشیة و القدر.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ما معنی دحو الارض من تحت الكعبة؟ و ای كعبة هی؟ و ما معنی خزن الریاح فی الاركان؟ و ما معنی القام الحجر للعهد و المیثاق؟ و ما حقیقة ذلك المیثاق؟

اقول: معنی دحو الارض من تحت الكعبة بسطها من تحت الكعبة تنبیهاً علی ان اول ما خلق اللّه من السفلی الكعبة ثم بسط الارض من تحتها هذا معنی للتحت. و المعنی الثانی هو ان الكعبة لماكانت متصلة بالبیت المعمور و هو متصل بالعرش كانت الارض تحت الكعبة لانها جعلت فی الارض صورة للبیت المعمور و الناس یطوفون بها تشبیهاً بالملائكة الطائفین بالبیت و هو جعل لاهل السماء صورة من العرش لان الملائكة المقربین یطوفون بالعرش فكان البیت المعمور فی السماء الرابعة و فی السماء الدنیا للملائكة كالعرش للمقربین و كانت الكعبة فی الارض كالبیت المعمور. ثم ان ارید بالكعبة هذه المعلومة فالارض هذه المعلومة و ان ارید به القلب الصنوبری فی الصدر فالارض المفروشة من تحته الجسد لانه مخلوق من قبضة من المحدد للجهات فتكون الارض ای الجسد المخلوق من هذه الارض مفروشة تحته ای تحمله. و ان ارید به القلب المعنوی الذی هو العرش فالارض المدحوة تحته ای المفروشة هی النفس لانها مركبة.

و اما خزن الریاح فاعلم انه لماكان الظاهر طبق الباطن و متقوّماً به وجب ان‏تظهر صورته و صورة اثره فی الظاهر و هذا الظهور هو اثر التعلق و الارتباط و قدذكرنا فی كثیر من اجوبتنا و تقدمت الاشارة و یأتی ان‌

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 617 *»

شاء‌اللّه‌تعالى ان العرش مركب من اربعة انوار مجموعها هو العرش نور احمر منه احمرت الحمرة و نور اصفر منه اصفرت الصفرة و نور اخضر منه اخضرت الخضرة و نور ابیض منه البیاض و منه ضوء النهار و العرش هو القلب الباطن الذی اشار الیه تعالی فی الحدیث القدسی ماوسعنی ارضی و لاسمائی و وسعنی قلب عبدی المؤمن و هو ما قال تعالی الرحمن علی العرش استوی و لما كانت الكعبة هی القلب وجب ان‌یكون القلب مشتملاً علی الانوار الاربعة قوة المرة الصفراء و قوة الكبد و هی الدم و قوة الریة و هی البلغم و قوة الطحال و هى السوداء فالنور الاحمر هو الصفراء و النور الاصفر هو الدم و النور الابیض هو البلغم و النور الاخضر هو السوداء. و لماكانت الریاح الاربع هى بمنزلة الطبایع الاربع فالجنوب هو الدم و هو النور الاصفر و الصبا هو البلغم و هو النور الابیض و الشمال هو السوداء و هو النور الاخضر و الدبور هو الصفراء و هو النور الاحمر. و لاجل هذا التناسب ورد فی تعلیل تربیع الكعبة انها انما كانت مربعة لانها بازاء البیت المعمور و هو مربع و انما كان مربعاً لانه بازاء العرش و هو مربع و انما كان العرش مربعاً لانه بازاء الكلمات التی بنی علیها الاسلام و هی اربع سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الا اللّه و اللّه اكبر.

فلاجل ما اشرنا الیه وجب فی لطیف الحكمة ان‌یكون ینبوع الریاح الاربع من الكعبة و الا لم‏تكن مظهراً للقلب الذی هو ینبوع الطبایع الاربع و انما كانت من الركن الیمانی لان الركن الیمانی فی القلب هو باب الوجود الذی تكون منه الانوار و الطبایع الاربع و هذه الملائكة التی هی الجنوب و الصبا و الشمال و الدبور تخدم الملائكة الاربعة فالدبور یخدم جبرئیل و یعینه الشمال و الجنوب بنصف قوتهما و الجنوب یخدم اسرافیل و یعینه الدبور و الصبا بنصف قوتهما و الصبا یخدم میكائیل و یعینه الجنوب و الشمال بنصف قوتهما و الشمال یخدم عزرائیل و یعینه الصبا و الدبور بنصف قوتهما فعلی هذه الاشارات یتطابق الظاهر و الباطن.

و اما معنی القام الحجر للعهد و المیثاق فهو انه لماكلف اللّه الخلق فی الذر و قال لهم أ لست بربكم و محمد نبیكم و علی ولیكم و امامكم و

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 618 *»

الائمة ائمتكم قالوا بلی و كان فی كل عالم لم‏یختلف الخلق فی اللّه و لا فی الرسول و انما اختلفوا فی الولی فلما اقر من اقر من الخلايق اجمعین كان ممن اقر الملائكة و كان اشدهم حباً لمحمد و علی و آلهما؟عهم؟ الملك الذی هو الآن الحجر الاسود فكان كل من اقر بالتوحید و النبوة و الولایة كتب ذلك الاقرار فی رق و القم الحجر تلك الاقرارات لشدة محبته لمحمد9 و اهل‏بیته: فكان الحجر قدالف بآدم فی الجنة لان آدم یكون فی صلبه و من ذریته من یحبهم فلما اكل آدم من الشجرة و اهبط من الجنة هبط معه ذلك الملك فجمد حجراً فلما نزل آدم بقی یسعی فی الارض لطلب حوا فرأی هذا الحجر الابیض المشرق فوقف علیه ینظره فقال له الملك نسیتنی انا صاحبك فعرفه آدم فحمله و كان اذا تعب اعانه علی حمله جبرئیل7 حتی اتی به الی الكعبة فوضعه فی الركن العراقی و لهذا یقول الحاج عند استلامه امانتی ادیتها و میثاقی تعاهدته لتشهد لی بالموافاة فقوله امانتی و هی [هو خ‌ل] قوله تعالی انا عرضنا الامانة ای الولایة و كان الاقرار بالولایة امانة عند المقر بها مكتوباً فی رق فاذا استلم الحجر و قال ذلك ادی الامانة الیه و قوله میثاقی تعادته یعنی الذی عاهدت اللّه علیه فی عالم الذر و فی الدنیا اجدده لتشهد لی بفعل ما امرت به من ولایة اولیاء اللّه و من الاقتداء بهدىٰهم.

و المیثاق المأخوذ توحیده فی المراتب الاربع الاولی توحید الذات سبحان اللّه و لا اله الا اللّه و الثانیة توحید الصفات الحمد لله محمد رسول‌اللّه9 و الثالثة توحید الافعال لا اله الا اللّه علی ولی اللّه الائمة حجج اللّه الرابعة توحید العبادة و لایشرك بعبادة ربه احداً و اللّه اكبر اوالی من والوا و اجانب من جانبوا و كذلك جمیع ما اراد اللّه من المكلف من الاعمال و الاعتقادات و الارادات و الاحوال و الاقوال.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ما معنی اعرفوا اللّه بالله الخ؟

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 619 *»

اقول: معنی اعرفوا اللّه بالله ان الشی‏ء انما یعرف بصفته فالاحمر یعرف بالحمرة و الطویل بالطول و العریض بالعرض و المتحرك بالحركة و المتحیز بالاین و الموقت بمتی و الجسم بالابعاد الثلاثة و المخلوق یعرف بصفات الخلق من الحركة و السكون و الاشارة [اليه خ‌ل] و النسبة الیه و به و بالادراك له بای طور كان و ما اشبه ذلك فاذا قلت لك اخبرنی اللّه تعالی طویل قلت لا و اذا قلت هو متحرك قلت لا و اذا قلت لك یصحّ نسبته الی شی‏ء او نسبة شىء الیه قلت لا و اذا قلت لك یجوز علیه الشبه و المساواة او الادراك قلت لا فقدعرفت اللّه بالله لان الشی‏ء انما یعرف بما هو علیه فلو عرفته بغیر ما هو علیه لم‏تعرفه. و الدلیل علی انك عرفته انی لو قلت لك الشی‏ء الذی قدكتمته فی بیتی ما هو؟ طویل ام قصیر؟ أ متحرك ام ساكن؟ أ ذو لون ام لا لون له؟ لكنت تقول لااعلم و هو حق لانك اذا لم‏تعلم بالشی‏ء لایمكنك ان‏تصفه او تحكم علیه و اللّه سبحانه نفیت وصفه بصفات خلقه لانك عرفته به و لو قلت لك ما هو قلت لی لااعلم لانك تعرفه انه لایدرك بالكنه فقدعرفت اللّه بالله.

و قوله سلمه الله تعالى الخ ای اعرفوا الرسول بالرسالة و اولی الامر بالامر بالمعروف و النهی عن المنكر و المراد ان الرسول یعرف برسالته فاذا ثبت رسالته بفعل المعجز عرف انه رسول و اذا رأیت الرجل یأمر بالمعروف و ینهی عن المنكر و لایخل بواجب فی حال من الاحوال فهو من اولی الامر. و الدلیل علی ذلك ان اللّه سبحانه لایضل عن سبیله من اهتدی و لو وفّق المدعی الكاذب للاتیان بالمعجز الحق لتدافع القولان لان اللّه لایصدق الكاذب فان صدقه فهو صادق فلایصدق الا صادقاً و لایخلی الا كاذباً فاذا وفق رجلاً للامر بالمعروف و النهی عن المنكر بالطریق التی امر اللّه تعالی بها لایفارق الحق ابداً فهو الدلیل القطعی علی انه من اولی الامر و الا لاختلف فی وقت ما و هذا ظاهر.

قال سلمه اللّه تعالى: ما معنی اتحاد العاقل بالمعقول و اتحاد النفوس بالعقل الفعال؟

اقول: اعلم ان العقل عبارة عن المعانی المجردة عن المادة و المدة و

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 620 *»

الصورة و النفس اعنی الصدر الذی هو محل العلم هو الصور العلمیة المجردة عن المادة و المدة قال اللّه سبحانه و لو نزلنا علیك كتاباً فی قرطاس فجعل الكتاب هو الكتابة لا القرطاس و لا هی مع القرطاس و قال تعالی و كتاب مسطور فی رق منشور فالكتاب المسطور هو الكتابة لا غیر. فمعنی اتحاد العاقل بالمعقول ان ارید به اتحاد العقل بالمعقول علی [على معنى خ‌ل] ان العقل هو نفس المعانی و ان العقل الذی هو المعانی قائم بالعاقل من جهة جانبه الایمن المعبر عنه بالوجود فهو حق. و ان ارید به اتحاد العاقل نفسه بقصد ارادة الذات فهو باطل لان الذات لیس فیها غیرها و الغیر فی الغیر و المراد من المعقول هو المعنی المعقول لا المعنی الخارجی فانه لیس بمعقول و الكلام فى المعنى المعقول کالکلام فی الصورة العلمیة من ان المعنی هل هو اصل للخارجی ام الخارجی اصل له ام التفصیل بان العاقل ان كان علة للخارجی كان المعنی الذی هو عقله اصل المعنی الخارجی و الا فالخارجی اصل له و هذا هو الاجود. و الحاصل ان الحق اتحاد العقل بالمعنی المعقول بل هو نفسه لا العاقل فانه غیره لان المعنی هو من العاقل كیدك منك فافهم.

و اما اتحاد النفوس بالعقل الفعال فلم‏یثبت لان النفوس هی مظاهر العقل الفعال و المظهر لایتحد بالظاهر و العقل الفعال وجه من وجوه عقل الكل الكلیة و النفس الصادرة عنه مظهر له و الظاهر صفة العقل لا ذاته و ذلك لان الاثر غیر الفعل و الفعل غیر الذات و النفوس الكلیة قائمة بالعقل قیام تحقق و قیام عروض و العارض لایتحد بالمعروض.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ الصورة التی تری فی المرءاة قائمة بای شی‏ء؟ و هل هی عین المرئی ‏ام لا؟ و هل یجوز النظر الی عورة الاجنبیة فی المرءاة ام لا؟ فقدجرت هذه المسألة؟

اقول: اعلم ان الصورة المرئیة فی المرءاة هی صفة صورة الوجه و اصلها مركبة من مادة هی هیئة صورة الوجه و صورة هی نور المرءاة و وضعها و الصورة قائمة بالفضاء البرزخی و هو لیس بمكان جسمانی و لا زمان و لا هواء و انما هو

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 621 *»

من جنس ماوراء محدد الجهات لانها لیست من هذا العالم و انما هی من عالم المثال و هو برزخ بین الزمان و الدهر فلیس من الملك و لا من الملكوت و لیست هی عین المرئی و انما هی صفة صورة المرئی. فلو نظر فی المرءاة الی عورة اجنبیة لم‏یر نفس العورة و انما یری صفة صورة العورة فالتحریم راجع الی ادراك وصف العورة و الی اثارة الریبة [الرؤبة خ‌ل] لا الی ادراك نفس العورة. و الدلیل علی ذلك ان الناظر فیها الی العورة لم‏یكن ناظراً الیها و انما یری مثالها. ما رواه المفید فی الاختصاص بسنده الی موسی بن محمد الجواد انه سأل اخاه اباالحسن العسكری7 عن مسائل سألها عنه یحیی بن اكثم فكان من جوابه7 ان قال و اما قول علی؟ع؟ فی الخنثی انه یورث من المبال فهو كما قال و ینظر الیه قوم عدول فیأخذ كل واحد منهم المرءاة فیقوم الخنثی خلفهم عریاناً و ینظرون فی المرءاة فیرون الشبح فیحكمون علیه انتهی. فقوله7 فیرون الشبح صریح فی ان المرئی هو صفة صورة الشخص فتحریم النظر الی العورة فیها لیس لانه یری الشبح نفسه ولكن رؤیة شبح العورة لنفسه محرم. و تظهر الفائدة فیما لو نذر انه ان رأی زیداً لیتصدقن بكذا و المفروض رجحان رؤیة زید فعلی ما اخترناه لو رءاه فی المرءاة لم‏یجب علیه شی‏ء لانه لم‏یر زیداً و فیه احتمالات واهیة و هذا هو الذی یدلّ علیه الدلیل النقلی و العقلی.

قال سلمه الله تعالى: ما الفرق بین كل من المادة و الصورة و الجنس و الفصل و الاخر؟

اقول: المادة هی ما یتكون الشی‏ء منها و هی الوجود علی الصحیح و قیل هی الماهیة و اعلی مراتب المادة ثمرة الماء الاول الذی نزل من سحاب المشیة علی ارض الجرز ثم مظاهر المعانی العقلیة ثم مظاهر الرقائق الروحیة ثم مظاهر الصور النفسیة ثم كیفیات الطبیعة الكلیة ثم حصص جوهر الهباء ثم المقادیر المثالیة ثم قبضات الافلاك المقدرة بحركة محدد الجهات المسخرة ثم العناصر الاربعة و المادة هی الاب و هی الكون للشی‏ء و الصورة هی ما بها العین للشی‏ء

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 622 *»

علی الصحیح و قیل هی الوجود و اعلی مراتبها الارض الجرز ثم الحضور العقلی ثم كینونة ورق الاس ثم نور النفس و كینونتها ثم كم الكیفیات الطبیعیة المشكك ثم خصوص [کم حصص خ‌ل] جوهر الهباء و كیفها ثم نور المقادیر المثالیة و كینونتها ثم كم القبسات من الافلاك المشكك ثم اوضاع العناصر و كیفیاتها و الصورة هی الام التی اشار الیها بقوله7 السعید من سعد فی بطن امه و الشقی من شقی فی بطن امه و هی العین للشی‏ء و كل شی‏ء فهو مركب من مادة و صورة لا فرق فی ذلك بین الاشیاء المستقلة كالسماء و الارض و زید و الهواء و ما اشبه ذلك و بین الغیر المستقلة كالمادة نفسها فانها مركبة من فعل و انفعال ای من مادة و صورة كالفعل فانه مركب منه و من نفسه فنفسه مادته و هو صورته و كالصورة فانها مركبة من هیئة الظاهر و من نور القضاء و طبیعته الا ان التركیب فی المادة الاولی و الصورة الاولی تضایف و ماسوی ذلك فعلی حقیقته.

ثم اعلم ان الوجود و الماهیة هو الفعل و الانفعال بمعنی ان الوجود لما خلقه انخلق فخلقه هو الوجود و انخلق هو الماهیة و ذلك لما سأله اجاب ای سأله اللّه فاجاب بسؤاله لله الذی اجابه بألست بربكم فالحكم دوری بالتضايف و لهذا خلق المطیع من طینة الطاعة التی هی فلك البروج و الصورة الانسانیة و طینة علیین و خلق العاصی من طینة المعصیة التی هی الصخرة تحت الارض و الصورة الحیوانیة و طینة سجین و الجنس هو ما اشتمل علی مختلفی الحقیقة و اختلاف الحقایق المشتمل علیها الجنس انما هو بعد المشخصات من الفصول و اما قبل المشخصات و قبل ملاحظة عروض المشخصات فالمروی عن اهل العصمة: یدل علی انها متساویة فی وجه الجنس بجهة الجمعیة. و العلة فی ذلك انک اذا تصورت حقیقة فهی البتة من حیث هی هی واحدة لا تعدد فیها فاذا لحظت مبدء المأخذ و هو الحقایق المختلفة التی تحت تلك الحقیقة وجدتها متعددة متباینة فی انفسها بالمشخصات فصارت تلك الحقایق مركبة من جامع لها و ممیز لافرادها من بعضها بعضاً و الجنس هو تلک الحقیقة الجامعة و الكلی المنطقی عارض لتلك

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 623 *»

الحقیقة و منشأه من المشخصات فیكون الجنس ینقسم الی حصص لاتتمایز من بعضها بعض الا بالمشخصات و الا فهی من جهة الجامعیة متساویة الحقیقة.

فلا فرق فی الرتبة الجنسیة بین حیوانیة الانسان و حیوانیة الفرس و الیه الاشارة بقوله تعالی ان هم الا كالانعام بل هم اضل و قوله تعالی متاعاً لكم و لانعامكم فیما روی عن الصادق7 فی تأویلها و یحتمل ان‌تكون جهة الجامعیة فی الحصص انما هو فی صفاتها لا فی ذواتها لان حیوانیة الانسان لیست فی ذاتها كحیوانیة الفرس لقبول حیوانیة الانسان للمعقولات و ادراك المعلومات و لایمكن ذلك فی حقیقة حیوانیة الفرس و انما جامعیة الجنس انما هو فی التحرك بالارادة و یقوی الاول ان الحصة لیست مذوتة بنفسها للذات و انما تحققت الذات بها مع الفصل فالفصل هو منشأ القبول للمعقولات.

أ لاتری ان السامری صنع العجل من ذهب فلما حیی بالتراب خار لاجل الصورة العجلیة لانها لاتقتضی الا ذلك و لو صنع الذهب انساناً و وضع فیه التراب و حیی تكلم و ادرك المعانی المعقولات لان ذلك هو مقتضی الصورة الانسانیة فالمادة فی الاثنین ذهب و انما الصورة التی هی الفصل هی التی بها تختلف حقایق المواد و علی هذا جرت الاحكام الشرعیة و الخطابات الالهیة. و یقوی الثانی ان المعلوم الذی بنیت علیه حقایق المعارف و الاصول ان حیوانیة الحیوانات من فاضل حیوانیة الانسان واحد من سبعین و ان التسمیة من حیث الذوات من باب الاشتراك اللفظی و قول ان الاجناس انما تتقوم بالفصول انما هو تقوم جهات التعلق و الارتباط بالفصول لا نفس الحصص فانها علی ما هی علیه و انما صلحت تلك الجهات للتعلق الخاص بالفصل الخاص و الا لصلحت حصة الحیوانیة الصالحة للناطق للصاهل هذا خلف.

و مثال ذلك ان نوع الخشب اذا اخذت منه حصة للسریر انما تصلح له اذا اختصت به و انما تختص به اذا قطعت و قدرت بمقادیره و تلك التقدیرات هی الصلوح فاذا قدرت كذلك اختصت بالسریر و اذا اختصت به لم‏تصلح للباب فحقیقة السریر مركبة من وجود و ماهیة فالوجود هی الحصة الصالحة لا مطلق الخشب و الصورة هی الماهیة فالانسان هو

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 624 *»

المركب من حصة حیوانیة انسانیة و حقیقتها هی الحیوانیة الصالحة للانسان لا مطلق الحیوانیة و من ناطق و هو الفصل و هو الصورة الانسانیة التی هی الرحمة و طینة علیین او من طینة خبال التی هی الغضب و هی الصورة الحیوانیة ای كالحیوانیة لثبوت التشبیه فی القرآن ان هم الا  کالانعام المقتضی للمغایرة بین المشبه‌به و المشبه و ذلك لان الحصة الصالحة لیست بسیطة و انما هی مركبة من حصة و صلوح خاص لان مطلق الصلوح بعید لایتركب منه السریر و انما یتركب من القریب من الصلوح و الاحتمالان عندی صحیحان الا ان الاول طریقه الظاهر و الثانی طریقه الكشف.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ما كیفیة تولد آدم7 من عنصر واحد بسیط حتی تركبت فیه العناصر؟

اقول: اعلم ان آدم7 خلقه اللّه من تراب الا ان ذلك التراب قداستجنّ فیه الماء و الهواء و النار و سائر القوی الفلكیة كما یأتی و ذلك لما صعدت الحرارة و الرطوبة التی هی علة الكون و سفلت البرودة و الیبوسة التی هی علة الفساد و احتاجت الاجسام الی ارواحها و السفلی الی العلوی و الانثی الی الذكر سألت السفلیات من بدیع السموات حیاتها فدارت بامره الافلاك الثمانیة علی التوالی بامره فی تقدیر الاقوات و دار المحدد الجهات علی خلاف التوالی بامره لتسخیر المقدرات فالقت الافلاك اشعتها علی مشاكلها من السفلیات و استجنت الارواح و القوی فی تلك الاشعة فاختلط به نبات الارض فجرت تلك الارواح و القوی فی ذرات الارض فكانت غیباً فی شهادتها فظهرت فی المعادن و النبات و الحیوان كل ذرة تسری بها ستة مكوّنات فی ستة اكوان فالمكوّنات الاولی اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و رواد و لكل من الملائكة جنود لایحصی عددهم الا اللّه و مایعلم جنود ربك الا هو و الاكوان الكون النورانی و الكون الجوهری و الكون الهوائی و الكون المائی و الكون الناری و الكون المثالی. فاما الكون النورانی فهو مختص بآدم الاول و لا كلام لنا فیه. و اما الكون الجوهری فهو النور الابیض و الكون

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 625 *»

الهوائی هو النور الاصفر و الكون المائی هو النور الاخضر و الكون الناری هو النور الاحمر و الكون المثالی هو الاظلة فی ورق الاس و الذر فی التكلیف الاول و الكون السادس الذی یحمل الخمسة الاكوان من الستة المذكورة هو الجسم.

و انما كان حاملاً لانه خلق من عشر قبضات قبضة من جسم العرش خلق منها قلبه و من الكرسی قبضة خلق منها صدره و من فلك زحل قبضة خلق منها عقله و من فلك المشتری قبضة خلق منها علمه و من فلك المریخ قبضة خلق منها وهمه و من فلك الشمس قبضة خلق منها وجوده الثانی و من فلك الزهرة قبضة خلق منها خیاله و من فلك عطارد قبضة خلق منها فكره و من فلك القمر قبضة خلق منها حیاته و الحاصل فالعنصر الواحد الذی خلق منه آدم7 هو التراب كما قال تعالی ان مثل عیسی عند اللّه یعنی فی التكون من غیر نكاح كمثل آدم خلقه یعنی آدم من تراب الایة ولكن هذا التراب قداختلطت به جمیع العناصر و الطبایع و استجنت فیه جمیع القوی و تعلقت به جمیع الارواح كما سمعت مما اشرنا الیه و ما لم‏تسمع ولكن نظیره فی التدبیر و التركیب كالاكسیر دبره الحكیم حتی استخرج من الهیولی البسیطة جمیع اركانه و كیانه و قواه و طبایعه فی حلین و عقدین فكان ذهباً خیراً من المعدنی. و آدم7 دبره الحكیم سبحانه كذلك فی حلین و عقدین الحل الاول فی الماء الاول و الدواة الاولی و الارض الجرز و العقد الاول فی العقل طبایعه و فی الروح الوانه و فی النفس تمامه و الحل الثانی فی الطبیعة الكلیة و فی المادة و العقد الثانی فی المثال الوانه و فی الجسم تمامه و مثال ماسواه ممن تولد بالتناكح كمثال الذهب فی المعدن یتكون من الزیبق و الكبریت فی معدنه بنظر الشمس و طول المدة هذا و قدقالوا كل معدن فهو متكون من اصلین الزیبق و الكبریت لا فرق بین الذهب و غیره و كذلك الاكسیر متكون من تلك الاصلین فی معدن هیولاه كذلك الذی یتكون منه الانسان بالتناكح عین ما تكوّن منه آدم7 طبعاً بطبع و اركاناً باركان.

قال سلمه اللّه تعالی: و الفرق بین علم الانسان و عقله و حیاته و وجوده؟ و

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 626 *»

ما وجه اختصاص كل قبضة من العشرة بما عین لها؟

اقول: علم الانسان هو صور المعلومات القائمة بنور خیاله فالعلم هو تلك الصور انتزعتها مرءاة الخیال من هیئات المعلومات. و اما عقله فهو مجموع المعانی المجردة عن المادة و المدة و الصورة و ذلك لان تلك المعانی التی هی رأس من رؤوس العقل انطبعت فی وجه القلب الذی هو الدماغ و لیس كانطباع الصور [الصورة خ‌ل] التی هی العلم فان الصور تخطیط المعلوم و المعانی حقیقة مقصود المعلوم فالعلم نور اخضر منبسط كشكل الباء هكذا @ و العقل نور ابیض قائم كهیئة الالف هكذا @ و هیئة الروح و هو الرقائق و النور الاصفر هكذا @. و الحیوة هی الحیوانیة المتحركة بالارادة و مادتها من الملك المسمی باسماعیل بواسطة القمر ابتداء و الجوزهر  انتهاء و تقدیرها بحركات فلكه الاربع و تسخیر محدد الجهات. و اما وجوده الزمانی الذی به الكون فی الاعیان فمن فلك الشمس علی نحو ما مر عن امر جبرئیل عن امر اللّه.

و اما وجه اختصاص كل قبضة بما عین لها فلان الواقع هكذا بان الفلك التاسع هو القلب لقوله تعالی الرحمن علی العرش استوی و هو العرش ای استوی برحمانیته علی عرشه فاعطی كل ذی حق حقه و ساق الی كل مخلوق رزقه و الیه الاشارة بقوله تعالی ما وسعنی ارضی و لا سمائی و وسعنی قلب عبدی المؤمن و هو العرش و هو قلب محمد9 فاذا ثبت هذا كما هو ظاهر لایجوز ان‏یخلق القلب الانسانی من قبضة من غیره و هكذا و لما كان الكرسی هو الصدر خلق منه الصدر و لما كان فلك زحل من نفس العقل خلق منه العقل و هكذا فهذا وجه الاختصاص فافهم لان العالم الانسانی الصغیر خلق انموذجاً من العالم الانسانی الكبیر.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما  كیفیة تولد حوا و معنی ضلع آدم الایسر؟

اقول: اعلم ان اللّه سبحانه لما خلق الوجود كانت عنه الماهیة لانها ضده و لما خلق وجه الوجود الذی هو العقل كانت عنه النفس الامارة التی هی وجه الماهیة و الانسان مركب منهما ولكن كلما قرب من الفعل ضعفت الماهیة فیه و

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 627 *»

قوی الوجود لقربه من النور و كلما بعد قویت فیه الماهیة و لما خلق آدم7 كان لقربه من النور فیه الوجود و العقل اكثر من حواء لبعدها بالنسبة الیه عن النور فكان فيه ثلثان من العقل و ثلث من النفس قال اللّه تعالی خلق لكم من انفسكم ازواجاً فكان قدخلق حواء من نفس آدم7 لا من عقله فكان فیها ثلثان من النفس و ثلث من العقل فالخلق من آدم7 من النوع و المقدار و الوضع لا من الذات و المثال الجامع لذلك شكل المثلث و هو باعتبار وضعه اربعة اقسام ناری و ترابی و هوائی و مائی:

 

النارى
8 1 6
3 5 7
4 9 2

 

الترابى
2 9 4
7 5 3
6 1 8

 

الهوائى
6 7 2
1 5 9
8 3 4

 

المائى
4 3 8
9 5 1
2 7 6

 

فمثال الاول فالناری الذی مفتاحه البیت الاوسط من الضلع الاعلی و الترابی مفتاحه البیت الاوسط من الضلع الاسفل و الهوائی مفتاحه البیت الاوسط من الضلع الایمن و المائی مفتاحه البیت الاوسط من الضلع الایسر و عدد كل واحد خمسة و اربعون عدد آدم و الضلع الواحد خمسة‌عشر عدد حواء و الناری هو صورة آدم لظهور المفتاح فی الاعلی و المفتاح صورة العقل و حواء خرجت فی المائی فی الضلع الایسر لظهور المفتاح الذی صورة عقلها فی الوسط الایسر لقوة النفس لانها ثلثان و لما كانت صورة المثلث لاتتم الا بالاضلاع الثلاثة فلو اخذ منه ضلع نقص كان آدم حال تمامه هو مجموع المثلث و لما خلقت حواء من ضلعه الایسر ای من الشكل المائی من ضلع مفتاحه كان ظاهر ذلك صورة جسد آدم7 و هی ناقصة منها الضلع الایسر للدلالة علی انها خلقت من الضلع الایسر ای من نفسه لانه خلق من العقل ثلثان و من النفس ثلث فان قیل ان صورة آدم فی المثلث تامة و لو اخذت منه لكان اسمه ثلثین قلنا انها لم‏تؤخذ من ذاته و انما اخذت من ظاهر الضلع فلهذا كان هو فی نفسه تاماً و فی صورة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 628 *»

جسده نقص منه الضلع الایسر اشعاراً بانها انما اخذت من ظاهره ای من صفته لا من جسده كما یقوله الجاهلون.

و بیان ذلك كما اشرنا الیه سابقاً ان القوی و الارواح بحركات الافلاك استجنّت فی الارض فلما خلق جسده من ارض النفوس صار جانبه الایسر من الطینة التی سكنتها النفوس و جانبه الایمن من الطینة التی تعلقت بها العقول بدون حلول و لما خلقت حواء من الارض التی استجنت فیها النفوس التی خلق منها جانب آدم الایسر و لم‏تكن تخلق من كل طینة النفوس و انما خلقت من البعض الایسر الذی هو ضلع فی المثلث صدق انها خلقت من ضلعه و كان الطینة التی خلقت منها لو لم‏تخلق منها لخلق منها لآدم ضلع فلما خلقت لم‏یخلق له شی‏ء فهذه هی الاشارة الی ما سألت عنه فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما حقیقة الحوریة و الجنیة اللتین تزوجهما اولاد آدم7؟ و كیف یلد غیر البشر بشراً؟ و لم ‏اختص آدم بالتولد من التراب دون ذریته؟ و فی ای بقعة تولد؟

اقول: اما الحوراء التی تزوجها شیث بن آدم7 التی اسمها نزلة فان اللّه سبحانه خلقها من علیین من تراب الجنة و انزلها علیه یوم الخمیس بعد العصر اما ذكر یوم الخمیس فالذی یظهر لی انه [انها خ‌ل] اشارة الی ان ذلك الجزء الاول من المركب و الثانی یتم به المركب و هو یوم الخمیس لان النسل لایتم بدون ذلك و یوم الجمعة هو اجتماع الاجزاء و تمامها. و اما بعد العصر فلان العصر فیه اشارة الی ان الظهر هو وقت الوجود و العصر ثانیه و هو وقت التزویج و العصر هو التولید اذا لوحظت البعدیة ای بعد التولید انزلت للتزویج و العصر هو الضم و المراد بعد ان ضم حكم نزلة الی شیث و منزلة الی یافث او كتب فی اللوح المحفوظ بان كل واحدة تضم الی زوجها و انزل علی یافث بن آدم حوریة من حور الجنان و اسمها منزلة یوم الجمعة لانها هی الجزء الاخیر لتمام النظام خلقت من تراب علیین ارض جنان الحظائر و ذلك لان الدور یوم القیمة و الان كذلك تسعة و عشرون داراً لجنان الخلد ثمان جنة عدن و سبع جنان و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 629 *»

سبع حظائر لسبع الجنان و جنة عدن لا حظیرة لها فالسبع الحظائر یسكنها المؤمنون من الجان و المؤمنون من اولاد الزنا و المجانین و الجنان السبع یسكنها المؤمنون الطاهرون من الانس و جنة عدن للانبیاء و المرسلین و الاوصیاء: فهذه خمس‌عشرة داراً و النیران سبع و لكل نار حظیرة فالنیران السبع مأوی الكفار و المنافقین اهل الخلود و حظائر النیران السبع یطهر فیها عصاة المحبین حتی یطهروا من المعاصی فیخرجون و یدخلون الجنة و یبقی فیها عصاة الجان الذین حكمهم الخلود و لاینافی هذا قوله تعالی و لن‏ینفعكم الیوم اذ ظلمتم انكم فی العذاب مشتركون اشارة الی الشیطان المقیض و الی من اغواه لان ذلك فی حق الظالمین من ائمة الضلال و شیاطینهم منهم فافهم. و لو تنزلنا علی الظاهر قلنا انه لا تنافی بین اشتراك العذاب فی جهنم و الحظائر فانها نار كما روی ما معناه ان اهون الناس عذاباً لرجل فی ضحضاح من نار علیه قمیص من نار فی رجلیه نعلان من نار شراكهما من نار یغلی دماغه منهما غلی المرجل لایری ان فی النار احداً اشد عذاباً منه و لیس فی النار احد اهون عذاباً منه هـ.

و قوله «و كیف یلد غیر البشر بشراً؟» جوابه ان الحكم فی كل شی‏ء للصورة فالجنیة انما نزلت بصورة البشر فالصورة البشریة تلد البشریة و لو نزلت بصورة الجنیة مثلاً و نكح جنیة و حملت من الانسان مثلاً لم‏یجب ان‌تلد بشراً بل قدیكون المولود جنیة و یحتمل ان‏یكون حیواناً مركباً  كما قدوجد حیوان نصفه الاعلی امرأة جمیلة فی غایة الجمال و نصفه الاسفل عقرب و امثال ذلك من الحیوانات المركبة المخلوقة من البرازخ فلما نزلت منزلة بصورة البشر وجب ان لاتلد الا بشراً و لماكانت اصلها و طبیعتها من الجان كان مایكون فی الذریة المتولدة منهما ای من ابنتها من یافث و من زوج ابنتها و هو ولد شیث من الحوریة من قبح صورة و سوء خلق فمن طبع الجنیة و ماكان فیه من حسن صورة و حسن خلق فمن طبع الحوریة.

و قوله سلمه اللّه «لم ‏اختص آدم بالتولد من التراب» جوابه اما اختصاص آدم بالتولد من غیر اب و لا امّ فلانه الاول من هذا النوع و لایجوز ان‌یتولد من غیر نوعه و لا من اب و امّ و الا لزم التسلسل. و اما انه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 630 *»

من التراب فلانا قلنا ان خلقه من تراب كخلق سائر ولده من تراب و انما كان ولده تولد من النطفة المتولدة من الغذاء المتولد من التراب فكان التراب لما نزل علیه الماء من السماء و اختلط بالتراب و ذاب الجمیع فكان سلالة حتی جری فی الشجر و النبات فكان منه الثمار و الحبوب و تولدت منه النطفة و بهذه الطریقة خلق آدم بأن اخذ من سلالة الطین و دبّر علی هیئة تدبیر النطفة كما ذكرنا سابقاً فی مثاله فمثال المولود بالتوالد مثل تكوین الذهب فی معدنه من الكبریت و الزیبق الاصلیین و مثال تولد آدم مثل تولد الاكسیر فانه ذهب و اعلی من الذهب و تكوین الاكسیر كتكوین الذهب فی المعدن و كوّن مما كوّن منه الذهب كذلك آدم7 كوّن من الذی كوّن منه الولد بالتناكح.

و قوله «و فی ای بقعة تولد» فاعلم ان آدم7 تولد فی الارض فی الجنة و هذه الجنة من جنان الدنیا التی ذكرها اللّه سبحانه بقوله تعالی لایسمعون فیها لغواً الا سلاماً و لهم رزقهم فیها بكرة و عشیاً و هی جنة البرزخ التی تأوی الیها ارواح المؤمنین و هی فی المغرب و الفرات یأتی منها و تطلع علیها الشمس و تغرب ولكنها غیر شمسكم هذه لان من كان فیها لايری فیها شمسكم هذه فاذا نزل منها رأی شمسكم و هی البلاد التی اذا نام الانسان رأها و هی هورقلیا بعبارة السریانیة و معناه ملك آخر و الذی یظهر لی من تلویح بعض الروایات انها هی المدهامتان ولكن ان لم‏تكن هی فهی معها فی عالم واحد و فی روایة المفضل بن عمر فی حدیث الرجعة و ذكر آخر الرجعات قال ما معناه و عند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة و ماوراء ذلك بما شاء اللّههـ.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما حقیقة الجنة و الشجرة و الحیة و ابلیس و الملائكة الذین امروا بالسجود له؟ و ما معنی استنكارهم و حججهم و لواذهم بالعرش؟ و كیف یدخل ابلیس الجنة و یصعد الی السماء؟ و كیف یتحقق له ظهور قبل ظهور آدم7؟ و ما معنی عبادة ابلیس و قدادبر و استكبر؟ و ما معنی بدو العورة و ورق الجنة و التناول و كیف ینهی عن اطیب اشجارها و كیف یكون فی الجنة محظور؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 631 *»

اقول: ان حقیقة الجنة قدذكرناها و انها من جنان الدنیا تطلع الشمس علیها و تغرب و هی عند مغرب الشمس. و اما الشجرة فهی شجرة علم آل‌محمد9 كما اشار الیه سبحانه انا صببنا الماء صباً ای العلم ثم شققنا الارض شقاً ای قلب الامام فانبتنا فیها حباً ای علماً جماً حباً لله و لرسوله9 و اولیائه و محبیهم و معرفة اللّه و رسوله و آله صلوات اللّه علیهم و علوماً ذوقیة و عنباً تتخذون منه سكراً و رزقاً حسناً و ذلك معرفة اللّه بكشف سبحات الجلال من غیر اشارة و قضباً من ظواهر الاحكام الشرعیة و الاعمال البدنیة و زیتوناً من علم الیقین و التقوی و المرادات الالهیة و السخاء بالنفس فی المجاهدة فی اللّه و احتمال الاذی فی جنبه و تألیف الفرقة و شعب صدع الدین و نخلاً من معرفة هیاكل التوحید و الانطباق علیها و هو معرفة الاوطان و الصدق فی معرفة المعانی و البیان و الانس بما استوحش منه الجاهلون و حدائق غلباً كان قدغرستها ید الحكمة فی جنان الصاقورة التی ذاق روح القدس منها الباكورة كما قال العسكری7 و فاكهة من ثمار الحدائق و ابّاً من ظاهر القصص و الامثال و الاحكام من الحرام و الحلال و هذه هی شجرة الحسد قال اللّه تعالی ام یحسدون الناس علی ما آتیهم اللّه من فضله لانها امنیة من یتمنی و كل من نال منها فهو محسود و هی شجرة الكافور یعنی المعرفة الحقة بغیر اشارة و لا كیف و هی شجرة الحنطة ای المحبة الحقیقیة و هی شجرة التین و الضیاء المبین اشارة الی العلم الذاتی الذی كشف الشبهات و الظلمات فهو فجر الازل و علة العلل.

و اما الحیة فانها كانت من احسن حیوانات الجنة و هی اشارة الی الحیوة و كان اصل منبع الحیوة و مظهرها من الابداع هو الركن الایمن الاسفل من العرش و هو النور الاصفر و حامل لوائه اسرافیل و له اجناد كثیرة و مقدمهم فی عالم الكون و الفساد اسماعیل و هو صاحب هیمنة القمر و له فی تقدیر ذلك اربع حركات احدىها الخارج المركز و الثانیة لتدویر القمر و الثالثة للممثلة و الرابعة للجوزهر و هو الحیة فاول الحیوة القمر و آخرها الجوزهر و اوسطها التنین الذی خلقه اللّه فی البحر و مسكنه السحاب لیس له عظم و لا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 632 *»

مفصل یسیر فی الهواء بین الارض و السماء فلهذا كانت الحیة تدخل الجنة و لهذا توصل بها ابلیس الی آدم؟ع؟ لقربها منه من جهة الحیوة و بعدها عن مقتضی العقل كإبلیس فلذلك صلحت واسطة بین آدم و ابلیس و الحیة هی نفس الحیوة.

و اما ابلیس فهو الجاهل الكلی المطلق لان اللّه سبحانه لما خلق العقل من النور و هو اول خلق من الروحانیین عن یمین العرش لانه الركن الایمن الاعلی و هو النور الابیض و هو العقل الاول اسكنه جسد محمد9 فهو العاقل المطلق ثم ان اللّه تعالی خلق من خلف العقل من الظلمة من الماء الاجاج الجهل و اسكنه جسد ابلیس فهو الجاهل المطلق فكان للعقل جنود كلیة روح و نفس و طبیعة و كان للجهل جنود كلیة ما تحت الثری و الثری و الطمطام. و لما خلق اللّه آدم و امر جبرئیل فجعل نور آدم الاول بعد ان‌نزل من الاكوان الستة الكون النورانی و الكون الجوهری و الكون الهوائی و الكون المائی و الكون الناری و الكون المثالی فی صلب آدم7 امر الملائكة فسجدوا لآدم فسجد جمیع الملائكة منهم جبرئیل و میكائیل و اسرافیل و عزرائیل تكرمة لذلك النور الا الملائكة العالین الذین اشار تعالی الیهم فی عتاب ابلیس لما امتنع من السجود قال استكبرت ام كنت من العالین الذین لایسجدون لآدم فانهم لایحسن منهم السجود لان السجود لاجلهم فلایسجد الشی‏ء تكرمة لنفسه و هم الروح الذی هو من امر اللّه تعالی و الروح الذی هو علی ملائكة الحجب و هو اثنان الاعلی منهما خلق من نور عقل علی7 و الثانی من روحه و بعد الروح الذی هو من امر اللّه ملك تحته فالاعلی خلق من عقل محمد9 و الثانی من روحه.

و اما معنی استنكار الملائكة لخلق آدم7 لانهم اكلوا من ورق تلك الشجرة التی اكل آدم7 من ثمرتها [ثمرها خ‌ل] فلهذا وجدوا فی انفسهم لما رأوا طاعتهم و عصیان الجن و النسناس فباعدهم من العرش خمسمائة عام فلاذوا بالعرش و اشاروا بالاصابع فنظر الرب الیهم فنزلت الرحمة فوضع لهم البیت المعمور و هو صورة العرش فقال طوفوا به و دعوا العرش فانه لی رضا و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 633 *»

كان اولئك بعضاً من الملائكة.

و معنی لواذهم بالعرش انهم مدوا اعینهم و ایدیهم بالرجاء الی باب الكرم فرحمهم.

و اما دخول ابلیس الجنة فانه انما دخل بواسطة الحیة كما اشرنا الیه و صعوده الی السماء الخ انما هو بالملائكة فیصعد بالاذن الخاص و بالاذن العام و هو التخلیة كما فی قصة ایوب للابتلاء و الا فكل شی‏ء اذا ترك و مقتضی طبعه لایتجاوز اصله و ابلیس لم‏یخلق من العرش و لا من الجهة العلیا و انما خلق من الجهل الاول و هو اسفل السافلین و مما تحت الثری و الثری و الطمطام و جهنم و الریح العقیم و البحر و الحوت و الثور و الصخرة ولكنه بالقاسر و الحامل و المتمم یصل الشی‏ء الی غیر موضعه فافهم.

و اما ظهوره قبل آدم فان ارید آدم الاخر ابونا فلاریب ان ابلیس یتحقق قبله لان مادته الجهل الاول الذی هو مقابل العقل الاول. و ان ارید آدم الاول فهو قبل وجود الابلیس.

و اما عبادة ابلیس فهی صورة عبادة لم‏یقصد بها وجه اللّه و انما قصد بها ان‌یثیبه اللّه التمكین فی الارض فهی فی الحقیقة ادبار و استكبار.

و معنی بدو العورة ان اهل الجنة لباسهم التقوی و هی خير الملابس لكنها لاتجتمع مع المعصیة لانها من باطن نعم الجنة.

و اما تستره بورق الشجر لان الورق ظاهر النعم و صورة الندم فلما بدت عورته بسبب تناوله ما لیس له ندم.

و اما التناول فهو تمنی مقاماً من مقامات آل‌محمد9 و لیس انه یریده و یطلبه من اللّه و یدّعی الاهلیة لذلك و الا لدخل فی قوله تعالی و یوم القیمة تری الذین كذبوا علی اللّه وجوههم مسودة الایة و انما ذلك ذكر و خطور و هو ذلك التناول فالاكل الظاهر هو ذلك الخطور.

و انما نهی عن اطیب اشجارها لانها و ان كانت اطیب الاشجار ولكنها لاهلها لا لغیرهم أ لاتری ان الرجل اذا رأی زوجة الغیر و ان كانت اجمل اهل زمانها لایجوز له النظر الیها فانه نظر قبیح.

و اما كون المحظور فی الجنة لایكون فلأن ما فی الجنة یجری علی حكم لزوم الصفة للموصوف و هو حكم اخروی بعد التعدیل التام للطباع حتی لایری لذة غیره فی خاطره و ان رءاها احسن مما هو فیه و هذه الجنة من جنان الدنیا فلهذا جری فیها التكلیف و الامر و النهی.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 634 *»

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ما معنی قصة ایوب؟ع؟؟ و ما هذه السموات التی اخترقها و صعدها ابلیس حتی وقف تحت العرش؟ و كیف یسلّط علی نبی اللّه؟

اقول: اعلم ان عند اللّه منازل فی الجنة و رضاه لاتنال الا بالبلایا و كان فی علمه ان ایوب؟ع؟ ممن ینال اوفر النصیب من تلك المنازل فجری علیه ما سبق له فی بدء شأنه فی علم الغیب كما هو مشهور.

و اما هذه السموات التی اخترقها فهی هذه السماوات المعلومة و لكن الصاعد فیها یصعد فی ظاهر غیبها بأن‌تظهر له سكانها و لولا استبطانه لمارأی الملائكة. و وقوفه تحت العرش عند المكان الذی تكتب فیه الاعمال و لهذا لما رأی عمل النبی ایوب7 حسده و انما سلطه اللّه علی نبیه7 لیرفع درجته بصبره علی اذیة الشیطان فی جنب اللّه و هذا ظاهر.

قال سلمه اللّه تعالی: لم ‏خصّ التكلیف بالشرع بالانس و الجن؟ و ما حقیقة الجن؟

اقول: اعلم ان اللّه كلف جمیع ما خلق من الانس و الجن و الشیاطین و الملائكة و سایر الحیوانات من جمیع ما خلق اللّه سبحانه و النباتات و المعادن و الجمادات و خاطب كل جنس بما یفهم و ارسل كل نوع نذیراً من نوعه لیبین لهم قال اللّه تعالی و ما من دابة فی الارض و لا طائر یطیر بجناحیه الا امم امثالكم مافرطنا فی الكتاب من شی‏ء ثم الی ربهم یحشرون و حیث اثبت ان كل نوع امم كبنی‌آدم عمم التكلیف و ارسال النذر الی كل امة قال تعالی و ان من امة الا خلا فیها نذیر و قال فی بیان ان كل نذیر من نوع من ارسل الیهم و ماارسلنا من رسول الا بلسان قومه لیبین لهم. و لما كان الخطابات الالهیة علی حسب لغة المكلفین كان هذا التكلیف الخاص مختصاً بالانس و الجن لان هذا لغتهم و تعارفهم و تفاهمهم و تفاهم الطیور بالاصوات و الصفیر فیكون نذیرهم منهم بلغتهم و كذا سایر المخلوقات الا ان جمیع النذر تأخذ الاوامر و النواهی من نذیر بنی‏آدم؟ع؟ لانهم العلة فی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 635 *»

وجود سایر المخلوقات فیجب ان‌یكون النذیر المرسل الیهم علة لسائر النذر و هذا مما لاریب فیه.

و اما حقیقة الجن فانهم مخلوقون من مارج من نار ای الخالص من الدخان لكن هذه النار هی التی ذكرها تعالی انها من الشجر الاخضر فالجان خلق من نار الشجر الاخضر و الشجر الاخضر خلق من التراب فالجن من فضلة الفضلة من الانس و لهذا كان الانس افضل و اعلی رتبة و اكمل لان ذلك الشجر الاخضر خلق من فاضل التراب الذی خلق منه الانسان یعنی بعد ان‌صفی التراب سبعین مرة جمع ثفله بعد سبعین نخلة فخلق من تلك النخالة الشجر الاخضر.

قال سلمه اللّه تعالی: ما معنی الشیاطین الذین تسترقون السمع و یصعدون الی السماء؟ و ما معنی حجبهم بولادة النبی9؟ و ما معنی رمیهم بالشهب؟ و ما تلك الشهب؟ و ما معنی كون النجوم رجوماً؟ و ای نجوم هی؟

اقول: الشیاطین هی مظاهر الجهل الاول كما ان الملائكة مظاهر العقل الاول و قدتولدوا من ابلیس و كان اسمه قبل المعصیة عزازیل فلما طرد سمی بإبلیس و الابلاس هو القنوط من رحمة اللّه و نقل انه كانت له زوجة صلماء كالحیة و اسمها طرطبة فنكحها فباضت ثلاثین بیضة عشر فی المشرق و عشر فی المغرب و عشر فی وسط الارض و خرج من كل بیضة جنس من الشیاطین كالغیلان و العفاریت و الغطارفة و اسماء مختلفة و منهم الشیصبان و ساجیا و زربا و مسمار و دیهیش و زوبعة و زیغة و صبصار و سمدون و صعصعة و قیراط و ریاط [رياح خ‌ل] و سلاهب و اصعر و سلهاب و مذهب و عمر و منسویة و الرها و هطهط و بهرام و طایوس و مهبل [مهيل خ‌ل] و قابوس و دمار و فروة و فرة و سریاط و قاطرس و دهار و عافر و عسرج و عسطیج و نهوس [نهرس خ‌ل] و نهروس و البطهر و مهلب و مهیل و الحارب و الحویرب و عیص و الهرلیس [الهريس خ‌ل] و الهرسم و بهرز و نعمان و لصیق [يصق خ‌ل] و عریس و عوسن و طهار و فرطس و السامر و الهائم و الاقبس و بهیم و الهام و علیس و الاقبض و هامة بن الاقبض و بلدون و هو الموكل بالسوق و دفلیس و ابنته

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 636 *»

ام‌الصبیان و غیرهم ممن لایحضرنی ذكره حال التألیف و هم اجناس كثیرة تفرعوا من الثلثین البیضة و منهم المشارك فی الحاقه و وصلته و نسبته و نطفته و ماهیته. و روی فی الخصال عن معاویه بن عمار عن ابی‏عبد اللّه7 قال الآباء ثلثة آدم ولد مؤمناً و الجان ولد مؤمناً و كافراً و ابلیس ولد كافراً و لیس فیهم نتاج انما یبیض و یفرخ و ولده ذكور لیس فیهم اناث انتهی.

اقول المعروف ان ام‌الصبیان انثی و اخری لم‏یحضرنی اسمها و یمكن الجمع بأن‌یقال المذكور فی الحدیث ان ولد ابلیس لیس فیهم اناث و امّ‌الصبیان بنت دفلیس بن ابلیس و الاخری بنت ولد من اولاده ثم نقول من [ما خ‌ل] كان من ابلیس وحده فانهم اخف اجناس ولده غوایة و ضلالة لضعف كیده و من [ما خ‌ل] كان منهم بمشاركة الجن فانه اقوی كیداً و اشد ضرراً و من [ما خ‌ل] كان منهم بمشاركة الانس فانه اقوی من الكل كیداً و اشدّ ضرراً علی الاسلام و لهذا قدّمه اللّه تعالی فی كتابه اشعاراً بذلك قال تعالی و كذلك جعلنا لكل نبی عدواً شیاطین الانس و الجن الایة فالشیاطین الخالصون من ابلیس یخترقون السموات الجسمانیة و سموات الحس المشترك و لایصلون الی سموات الخیال و الشیاطین المشتركون من الجن یصلون الی سموات الخیال و الشياطين المشتركون من الانس یصلون الی مقابلة العقل الشبیهة بالعقل التی سماها7 بالنكراء و الشیطنة.

و اما حجبهم عن السموات بولادة النبی9 لانه؟ص؟ لما ظهر اشرقت السموات بنوره و الشیاطین خلقوا من الظلمة و الظلمة تضمحل عند النور فلایقدرون ان‌یصلوا الی السموات لاجل ذلك و انما یصلون الی ماتحت كرة النار فیستمعون و اكثرهم یتقول و لاسمع و منهم من سمع شیئاً و اضاف الیه من نفسه اشیاء فلذا قال اللّه تعالی و اكثرهم كاذبون.

و اما رمیهم بالشهب فلأن اللّه وكل ملائكة النجوم بهم فاذا خطف الشیطان خطفة لاستراق السمع رمته الملائكة بشهاب فاحترق لانه من نار الشجر و نار الكواكب من الشعلات التی استجنّت فی زبد الماء من نار الهیبة و العظموت و هی اقوی من النار التی من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 637 *»

الشجر. و اما تلك الشهب فانها من نار الكواكب اشتعلت لان الاشعة الناریة من الكواكب تقع علی الارض فتمر بكرة النار فتؤجج ما یلیها منها و كان عند كل كوكب ملك موكل به و هو روحه و ذلك الكوكب جسده فیقع شعاع جسده علی ما یلیه من كرة النار ابداً فیشتد حرها بذلك ثم یتجاوز نازلاً الی الارض فیصعد ابخرة مائیة فلقوة حرارته یلطفها و یجفف كثیراً من رطوبتها حتی تغلظ و تكون لزجة بما فیها من الاجزاء الارضیة المصاحبة لها فتكون دهناً فیجتمع محفوظاً بما یمده الكوكب من المتصاعد السیال باشعته فاذا خطف الشیطان قبض الملك الموكل بذلك الكوكب قبضة من ذلك الدهن الخاص به فاشعله من كرة النار من ذلك المكان المحاذی لذلك الكوكب المتأجج باشعته فقذفه به فاحترق فكانت تلك الكواكب رجوماً للشیاطین فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی ظهور ابلیس یوم الشوری و السقیفة فی صورة البشر؟ و ای ابلیس ذاک؟

اقول: اما ظهور ابلیس فانه یلبس صورة من صور اولیائه قال اللّه تعالی انا جعلنا الشیاطین اولیاء للذین لایؤمنون و قال تعالی تالله لقدارسلنا الی امم من قبلك فزین لهم الشیطان اعمالهم فهو ولیهم الیوم و لهذا لایتصور فی صورة المعصوم و لا احد من شیعته لا فی النوم و لا فی الیقظة و المناسبة بینه و بینهم انهم ظهروا ذلك الیوم بالحقیقة الشیطانیة فظهر لهم بصورتهم لیتمكن منهم كمال التمكن و یحصل الاتحاد التام.

و اما ابلیس فهو المعلوم لان صورته عندهم فظهر لهم بكلّه و معنی كون صورته عندهم ان ابلیس له رؤس بعدد الخلق و كل شخص فله مرءاة عن شماله و ذلك الرأس مكتوب علیه اسم ذلك الشخص فی جهة [جبهة خ‌ل] ذلك الرأس و علی وجهه غشاوة زرقاء و تكشف تلك الغشاوة عن ذلك الوجه القبیح شیئاً فشیئاً حتی یبلغ و یتم كشفها فتنطبع فی مرءاة ذلك الشخص صورة وجه ذلك الرأس من الشیطان و قدقیض له الشیطان لایزال مع تلك المرءاة فهی النفس الامارة و الشیطان الخاص بها یقویها و یزین لها المعصیة فاذا كانت المعصیته كلیة تدخل تحتها كل المعاصی لایقدر الشیطان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 638 *»

الجزئی علی القیام بتشییدها فیقوم الشیطان الكلی الذی ظهر فیه كل الجهل الكلی و هو ابلیس و یتصور بصورة من یرید غوایته لیقوی بذلك علی التی عجزت عنها السموات و الارض و الجبال و ابین ان‌یحملنها و اشفقن منها و حملها الانسان انه كان ظلوماً جهولاً یعنی كان معه الجهل الكلی و هذه الحالة بعكس الطاعة الكلیة و تأسیسها و القیام بها و العقل [العقول خ‌ل] الكلی فی انطباع صورة وجه من وجوهه و تأییده فی عظیم الخطر و الشأن و هذا معنی ان روح القدس یكون مع الانبیاء و الرسل یسددهم.

قال سلمه اللّه تعالی: مسألة ــ ما معنی حقیقة معراج محمد؟ص؟ بجسمه من غیر لزوم خرق و التیام؟ و ما معنی رؤیته9 للانبیاء فی كل سماء شخص معین؟ و ما معنی صلاته بالملائكة؟ و ما صلوة الرب و وقوفه؟ص؟؟

اقول: ان حقیقة المعراج هو العروج علی ظاهره و لا جهل فیه و انما الجهل فی معرفة جسد النبی9 و فی معرفة الافاعیل الالهیة و فی معرفة الخرق و الالتیام. فنقول اعلم ان اللّه سبحانه خلق قلوب المؤمنین من فاضل طینة جسم محمد؟ص؟ و اهل‏بیته؟عهم؟ و الفاضل اذا اطلق فی الاخبار و فی عبارات العارفین بالاسرار یراد به الشعاع و هو واحد من سبعین مثلاً جسم النبی9 قرص الشمس و قلوب شیعتهم خلقوا من الشعاع الواقع علی الارض من قرص الشمس فاذا عرفت هذا عرفت انه یصعد بجسمه و لایكون خرق و لا التیام. بقى شىء و هو انا نقول الجسم هو كذلك ولكنه لبس الصورة البشریة التی تحس و هی متجسدة و حكمها حكم سائر الاجسام الجمادیة و الصعود بها یلزم منه الخرق و الالتیام و نجیب بأن الصورة البشریة عند ارادة صعوده یجوز فیها احتمالان فی الواقع هما سواء و فی الظاهر الاول ابعد عن العقول و الاخیر [الاخر خ‌ل] اقرب فالاول ان الصاعد كلما صعد القی منه عند كل رتبة ‌ما منها فیها مثلاً اذا اراد تجاوز كرة الهواء القی ما فیه من الهواء فیها و اذا اراد تجاوز كرة النار القی ما فیه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 639 *»

منها فیها و اذا رجع اخذ ما له من كرة النار فاذا وصل الهواء اخذ ما له من الهواء.

لایقال علی هذا ان هذا قول بعروج الروح خاصة لانه اذا القی ما فیه عند كل رتبة لم‏یصل منه الا الروح لانا نقول انا لو قلنا بذلك فالمراد بها اعراض ذلك لان ذوات ذلك لو القاها بطلت بنیته بالكلیة فیجب ان‌یكون ذلك موتاً لان القائلین بعروج الروح یقولون ان بنیته باقیة لاتتفكک [لاتنفک خ‌ل] و انما مرادنا ان الجسم بالنسبة الی عالم الفساد یتلطف اذا صعد الی عالم الكون و الا فهو علی ما هو علیه من التجسد و التخطیط و الثانی ان الصورة البشریة التی هی المقدار و التخطیط تابعة للجسم فی لطافته و كثافته فان الملك الاعظم مثل جبرئیل اذا خرج فی صورة البشر كصورة دحیة بن خلیفة الكلبی یخرج بقدر دحیة مع انه يملأ ما بین السماء و الارض و لو شاء حینئذ دخل فی ثقب الابرة و اصغر لان الاجسام اللطیفة النورانیة تكون بحكم الارواح لا تزاحم فیها و لا تضایق و لهذا یبلغ المعصوم7 من مشرق الدنیا الی مغربها فی اقل من طرفة عین و لایستغربه السامع و هذا هو ذاك بعینه فافهم.

و اما معرفة الافاعیل الالهیة فلانه انما توهم من توهم من جهة ان العالم علی وضع واحد لو اختل اختل النظام فاذا خرق حصل حال مروره فرجة بانحباس الاجزاء المختلفة فاذا وقفت وقف جمیع الفلك علی انه لا فرجة فیه و لایمكن تخلل اجزائه و لاتلززها فاین تذهب اجزاء الفرجة المفروضة و مع هذا كله فیلزم فساد النظام و الالتیام و انما یكون بانبساط الاجزاء الی الفرجة و لایكون ذلك الا مع التخلل و الترقق و لایمكن فیه ذلك و امثال ذلك و هذا جار علی حسب افاعیل العباد. و اما الافاعیل الالهیة علی تقدیر تسلیم امتناع الخرق و الالتیام فنقول علی ظاهر العبارة ان المعراج معجز للنبی9 و المعجز یجری فیه ما لایجری فی العادة و فیما تعرفه الناس فیجوز ان‌تكون الاجزاء التی كانت بقدر جسمه الشریف حال مروره فنیت فی بقاء جسمه كما فنیت الحبال و العصى فی جسم عصا موسی7 و كان جسمه الشریف قائماً مقامها فی امداد العالم السفلی من احكام الحیوة فی سماء الدنیا و الفكر فی الثانیة و الخیال فی الثالثة و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 640 *»

الوجود فی الرابعة و الوهم فی الخامسة و العلم فی السادسة و العقل فی السابعة و الصور فی الثامنة و التسخیر فی التقدیر فی التاسعة بحیث لاتفقد قوة منها لان جسده هو علة هذه فی هذه الاسباب فهو اقوی منها قطعاً و كلما تعدی شیئاً رجع ما فنی منه بحیث لایحصل خرق و لا التیام و یكون سیره فی ذلك كله موازیاً للخطوط الخارجة من مركز العالم الی المحیط بها فی كل فلك فیدور معها علی التوالی و علی خلاف التوالی و لو قلنا انه یسیر علی خط مستقیم جاز و كان ما اعترضه من الاجزاء التی يكون اصطفافها بالنسبة الی خط سیره المستقیم مؤرباً یكون مستهلكاً فی بقائه و عائداً بعد تجاوزه كما مرّ علی حدّ واحد.

و لما كان جسده الشریف علة لوجود جمیع الاجساد و جسمه علة لجمیع الاجسام كان محیطاً بجمیعها فلایكون منها جزء الا و هو محیط به فكان9 فی عروجه محیطاً بجمیع الاجسام و الارواح و النفوس و العقول لان عقله علة العقول و روحه علة الارواح و نفسه علة النفوس احاطة المنیر باشعته فمر فی عروجه بكل شی‏ء و رأی كل شی‏ء فرأی الانبیاء؟عهم؟ كلاً فی رتبته لان من غلب علیه الفكر مثلاً رءاه فی السماء الثانیة و من غلب العلم رءاه فی السماء السادسة و من غلب العقل رءاه فی السماء السابعة و هكذا.

و معنی صلاته بالملائكة صلوة الظهر و هو انما عرج باللیل لان عروجه علی سمت بدء الوجود و كان بدؤ الوجود و الشمس قائمة علی قمة الرأس فی التاسع‌عشر من برج الحمل و السرطان طالع الدنیا فاول ما تحرك الفلك وجب فرض الظهر فهو اول فریضة فرضت و هو اول صلوة صلىٰها9. فان قلت كیف تكون هذه اول صلوة صلىٰها و هو انما عرج الی السماء بعد النبوة بسنتین قلت هذا فی الزمان و التی صلىٰها لیلة المعراج فی الدهر و ذلك قبل خلق الاجسام بالفی عالم و لیلة المعراج عرج9 فی الزمان بجسده و فی الدهر بجسمه و فی السرمد بروحه بعروج واحد و صلی بالملائكة فی الدهر و سبغ الوضوء من صاد و هو بحر تحت العرش و عروجه انما كان فی اللیل بجسده و اما جسمه الشریف فهو فی النهار قبل الزوال بقلیل قدر الفی عام. و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 641 *»

اعلم ان هذا الجواب ما یمكن بیانه لكل احد و من یجوز البیان له لایكفی فیه الخفاء بل لابد من المشافهة لان الفرق بین الزمان و الدهر مما انسد بابه عن فحول العلماء و ان عبروا عنه بعبارة حسنة مأثورة عن الوحی ولكن اكثرهم لایعملون.

و معنی صلوة الرب ان الاسم المربی له الذی هو روح القدس العقل الاول و هو اسم اللّه البدیع لقیه فی اعلی مراتبه و هو مقام او ادنی اعنی فلك الولایة المطلقة و هو یصلی لله. و معنی آخر یصل ما امر اللّه به ان‌یوصل یصل الولایة بالنبوة. و معنی آخر یصل الولایة بالالوهیة فهو من الصلة او من الوصل او هما معاً. و معنی صلوٰته یقول سبوح قدوس انا رب الملائكة و الروح سبقت رحمتی غضبی و كان محمد؟ص؟ واقفاً لانقطاع سیره و اتصاله بذلك الرب فكان بینهما حجاب النفس المطمئنة حجاب من زبرجد. و ان ارید بالرب هنا الكلمة التی انزجر لها العمق الاكبر و هو المشیة جاز لان الاسم البدیع هو كینونة هذه الكلمة و هو الماء الاول و هذه الكلمة هی السحاب المتراكم الثقال. و ان ارید به المعبود الحق [بالحق خ‌ل] سبحانه و تعالی فمعنی یصلی یفیض الرحمة التی هی صفة الرحمن و هی التی وسعت كل شی‏ء و التی هی صفة الرحیم و هی الرحمة المكتوبة للمؤمنین و لهذا قال فی الحدیث ما معناه من لامتک یا محمد من بعدک؟ قال اللّه اعلم قال اللّه تعالی علی بن ابی‏طالب؟ع؟ الحدیث.

قال سلمه اللّه تعالی: و الجمع بین تعلیل كون الصلوة [الصلوات خ‌ل] خمس فرائض باشارة موسی و بغیر ذلك فكیف یكون موسی7 حینئذ شفیعاً لامة محمد؟ص؟؟

اقول: اعلم انا قداشرنا فی كثیر من اجوبتنا فی هذه الاجوبة و فی غیره بأن قوله تعالی عبارة عن فعله كن ان الكاف اشارة الی الكون و ان النون اشارة الی العین و الكون هو الخلق الاول و العین هو الخلق الثانی و هو صبغة اللّه و غمسه لعبده المؤمن فی رحمته و هو خلقه كهیكل التوحید و هو المشار الیه بالنون و عددها خمسون و لما كانت الصلوة هی حقیقة تلك الصبغة وجب ان‏یكون

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 642 *»

عددها خمسین و كان اللّه سبحانه اجری عادته بحكمته و عدله انه لایوحی الی نبی من انبیائه الا و یكلفه مع امته بمعنی هذه الایة لله ما فی السموات و ما فی الارض و ان تبدوا ما فی انفسكم او تخفوه یحاسبكم به اللّه فیغفر لمن ‏یشاء و یعذب من یشاء الایة فیعتذر منها ذلك النبی؟ص؟ هو و امته فیشدد علیهم التكليف و لما عرج النبی9 عرض اللّه علیه التكلیف بهذه الایة فقبل و رضی و علم اللّه من امته الرضاء و القبول فانزل اٰمن الرسول بما انزل الیه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله الی آخر السورة خفف علیه و علی امته التكلیف كما ذكر سبحانه ربنا لاتؤاخذنا ان نسینا او اخطأنا ربنا و لاتحمل علینا اصراً كما حملته علی الذین من قبلنا یعنی الذین لم‏یقبلوا منك امر التكلیف الذی فی الایة المتقدمة و لما امره بالخمسین الصلوة لموافقتها لسر الصبغة لم‏یحب رسول‌اللّه9 ان‌یرد رحمة اللّه لان الصلوة رحمة اللّه و ان كان فیها مشقة علی امته موافاة لرضاه و رضا امته بتكلیف تلك الایة الشاقة فالهم اللّه نبیه موسی7 ان‌یلتمس نبینا محمداً9 ان‌یسأل التخفیف لامته فلما سأله ذلك احب رسول‌اللّه9 ان لایرد شفاعة اخیه موسی7 فی التخفیف عن امته فاذا سأل اللّه تعالی التخفیف لاجل شفاعة موسی7 لم‏یكن ذلك منافیاً للموافاة المذكورة و انما الهم اللّه موسی؟ع؟ ذلك لیعرف رسول‌اللّه9 اثر التخفیف الناشی عن الرضا باصر التكلیف و لانه سبحانه علم ان نبیه9 لایسأله ذلك من نفسه و لا امته یسألونه لان ذلك هو مقتضی الرضا الصادق.

و انما خصّ بذلك الالهام موسی7 دون سائر الانبیاء؟عهم؟ لان امته اشدّ الامم امتناعاً من قبول التكلیف بتلك الایة و جری علیهم اشقّ التكلیف فكلّفوا بقرض لحومهم من اصابة البول و توبتهم القتل و امثال ذلك و مع ذلك فقد قال لربه فی مناجاته علی الطور فی حقه و فی حق وصیه و حق امته حتی اجابه اللّه سبحانه بتفضیل محمد9 عليه و بتفضیل وصیه7 علی وصیه و بتفضیل امته علی امته فسأل ربه ان‌یجعله

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 643 *»

منهم فاجابه سبحانه و ان‌یریه ایاهم فقال تعالی ان زمانهم متأخر عن زمانك ولكن ان احببت ان‌اسمعك كلامهم اسمعتك فقال نعم یا رب فقال نادهم فاجابه من فی الاصلاب و الارحام بالتلبیة فقال سبحانه و ماكنت بجانب الطور اذ نادینا یعنی امتك و نوهناه باسمهم فلماكان ذلك احب سبحانه ان‌یعرّفه سرّ ذلك التفضیل و ان‌یشركه فی تلك الفضیلة بسبب توسطه و بسبب رضاه بأن‌یكون منهم فلذلك خصّ بان‏یشفع فی امة‏ محمد9 عنده لیشفع لهم عند اللّه و هنا اسرار كثیرة ولكن المراد بیان المسألة و روی انه لما ردّت الی الخمس قال له موسی7 ارجع الی ربك فاسأله التخفیف فقال قداستحییت من ربی ولكن اصبر علیها فلصبره جعل ثواب الخمسین فی الخمس و لاجل ذلك الرضا و الصبر كانت حسنتهم بعشر فمن هنا كانت الخمس بخمسین.

و انما جعلت الخمسین خمساً بنقل العشرات الی الاحاد اشعاراً بان ثواب الخمسین فی الخمس و انما نقلت بصورتها لذلك و لو نقلت الی الاربع او الست او العشر لدل علی تغییر التكلیف بالنسخ لا بالتخفیف فجعل كل فعل و ركن من الخمس قائماً مقام ركعة من الخمسین مثلاً تكبیرة الاحرام و القراءة و الركوع و السجود و القراءة فی الثانیة و القنوت و الركوع و السجود و التشهد و التسلیم فهذه عشرة بعشر ركعات فكل ركعتین بعشر فكانت الخمس قبل ان‌یزید فیها النبی9 تساوی ثواب الخمسین و تقوم مقامها فی كل رتبة ثم زاد رسول‌اللّه9 من قوله تعالی هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغیر حساب فی الظهر ركعتین و فی العصر ركعتین و فی المغرب ركعة لاتسقط فی السفر فهی اثنتان و فرض الصبح تكتبها ملائكة اللیل ركعتین و ملائكة النهار ركعتین فهی اربع ركعات فتكون الصلوات الخمس بحكم عشرین ركعة تعدل مائة ركعة الخمسین التی جری بها التكلیف و ضعفها قال اللّه تعالی و لسوف یعطیك ربك فترضی.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی البراق؟ و ما معنی ثقل الوحی حتی ان الناقة تبرک؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 644 *»

اقول: اعلم ان البراق فرس الحیوة و حیزوم فرس الحیوة من شیعتها و برقة من البراق كالحیوة من الحيوة و البراق اذا اطلقت عند اهل العرفان یراد بها الروح الكلیة و هو الركن الایمن الاسفل من العرش و هو النور الاصفر قال النبی9 الورد الاصفر من عرق البراق و هی حیوان جناحها بین فخذیها و عینها فی حافرها و اذناها تتحرك ابداً و معنی جناحها بین فخذیها و فی روایة من خلفها ای طیرانها فی سعیها و معنی عینها فی حافرها تسیر ببصیرتها و معرفتها المستقیمة و اذناها تضطرب لاصغائها لما یرد علیها من الملك القائم الكاتب من صاد ما كان و ما یكون الی یوم القیمة فهو ابداً یجری و هی ابداً تدری فافهم.

و اما معنی ثقل الوحی فاعلم انه كلما اشتد احساس الشخص كان تأثره بما یرد علیه من فرح و حزن و خوف و طلب رجاء و رضی و غضب و غیر ذلك اشد و اعظم حتی انه اذا عظم احساس الشخص ظهر غیبه فی شهادته و یكون المعنی عیناً و العرض ذاتاً و هذا مما لايرتاب فیه العارفون كما ورد فی تفسیر قوله تعالی حتی اذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم روی القمی عن الباقر7 و ذلك ان اهل السموات لم‏یسمعوا وحیاً فیما بین ان‌بعث عیسی بن مریم؟عهما؟ الی ان‌بعث محمد؟ص؟ فلما بعث اللّه تعالی جبرئیل الی محمد؟ص؟ سمع اهل السموات صوت وحی القرآن كوقع الحدید علی الصفا فصعق اهل السموات الحدیث. فلما كانت الملائكة شدیدى الاحساس و الشعور سمعوا الوحی كما فی الخبر و ذلك لاجتماع القلب.

و كذلك اذا كان المنزل و الباعث قوی الشعور و التوجه قال اللّه تعالی لو انزلنا هذا القرآن علی جبل لرأیته خاشعاً متصدعاً من خشیة اللّه فیكون الثقل بمعنیین احدهما ان‏یكون الوحی بقوة احساس النبی9 و [او خ‌ل] تجانس ذاته للوحی یزید كمّه لثقل التكلیف و مشقة النزول فتقوی مواده الحاملة له بتلززها و امرارها و صلابتها حیث انها لایزید حجمها بما ینزل به الوحی من القوی الجسمانیات لانه لایظهر الغیب فی الشهادة الا بالشهادة و الا كانت الاشیاء

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 645 *»

مقسورة و لما لم‏یزد حجمها مع زیادة كمها وجب تلززها و صلابتها فتثقل الاعضاء بذلك و ذلك لان الغیب یتجسد فی الشهادة كما هو شأن الارواح. و لهذا كان الحجر الاسود قبل ان‌یهبط الی الارض هو ملكاً روحانیاً و الروح لاتزید ثقلاً اذ لا وزن لها و انما هی بمنزلة الهواء كما دل علیه النص فلما هبط كان حجراً و لما حمله آدم7 اتعبه لثقله و كان جبرئیل7 یعینه علی حمله و قبل هبوطه لایعدل قیراطاً و عن امیرالمؤمنین7 لقدنزلت سورة المائدة و هو علی بغلة شهباء و ثقل علیه الوحی حتی وقفت و تدلی بطنها حتی رأیت سرّتها تكاد تمس الارض هـ. و معنی هذا ظاهراً ان الوحی ینزل من العلو فیضاً قویاً و دفعاً شدیداً الی السفل فیدفع النازل علیه الی الارض و هو معنی الثقل و لهذا اذا انقطع الوحی ذهب الثقل لذهاب الدفع الجسمانی من الوحی و لو حصل هذا الدفع علی جبل لتفتت و تصدّع ولكن رسول‌اللّه9 اقوی خلق اللّه و هو الحامل لثقل ذلك الدفع. انما یحصل للبغلة و الناقة ثقل احتمال رسول‌اللّه9 لا ثقل الوحی.

الثانی ان الوحی ینزل بالعظمة فاذا نزل من العلو علی شی‏ء طلب ذلك الشی‏ء السفل و هو الخشوع و الذلة فیحصل الثقل علی الحیوان من الشخص لا من الوحی و ان قیل ثقل الوحی فالمراد به السبب و یحتمل معنی ثالثاً و هو ان ثقل الوحی عبارة عن ضعف قوة ما ینزل علیه فكما ان رسول‌اللّه9 فی كثیر یقول زمّلونی دثّرونی و یغشی علیه من الخشیة كذلك الحیوان اذا نزل الوحی و هو راكب علیه تضعف قوته عن حمل رسول‌اللّه9حتی تبرک الناقة فتفهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما  كیفیة نزول جبرئیل7؟ و ما  كیفیة نزول النجم و انشقاق القمر من غیر لزوم خرق و التیام؟

اقول: اما كیفیة نزول جبرئیل فهی ان‌یهبط الی المحل الاسفل من مقامه و هو هبوط رتبی یستلزم الهبوط المكانی لان الارواح اذا تجسدت نزلت من رتبتها و استلزم ذلك الهبوط المكانی و لهذا لاینزل الی الارض الا فی صورة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 646 *»

البشر نعم له ان‏یظهر فی صورته التی خلقه اللّه تعالی علیها و فی هذه الحالة هبوطه الربتی لایستلزم الهبوط المكانی لجواز ان‏یظهر بصورته التی خلق علیها فی عالم الملكوت الا انه یظهر فی عالم الملک بالصورة الجسمیة و فی الملكوت بالصورة النفسیة المجردة عن المادة و المدة‏.

و اما نزول النجم والقمر للمعجز فینتزع القوی صاحب المعجز بامر اللّه تعالی صورة النجم و القمر مع ما فیه من النور الی الموضع الذی [الذى اراد کما اراد فاذا خ‌ل] اراد رده رجعت تلک الصورة مع ما فیها من النور الی المادة اعنی مادة النجم و القمر و هى حین انتزع منها الصورة و النور لاتری لانها حینئذ مساویة للفلک الحامل لها و انما استبانت منه بذلك فاذا ردت انطبقت علی المادة كما كان كما اذا التفت الخیال الی شی‏ء غابت و انتزع منه صورته فاذا رءاه صاحب الخیال انطبقت صورة الخیال علی المرئی و هذا ان‌شاءاللّه‌تعالی ظاهر.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما الوجه فی تزوجه [تزويجه خ‌ل] ؟ص؟ للمرأتین و تزویجه للاثنین؟

اقول: الوجه فيه ارتكاب اقل المحذورین لانه9 لو لم‏یتزوج لم‏یتمكن من اقامة الاسلام فلما تزوج هدأت فورة النفاق فی الجملة زعماً منهم انهم ینالون بالنسبة مرادهم و ان كانوا علی شک من التحصیل ولكنه اسهل خطباً فلما تبین لهم الیأس بذلوا الجهد فی افساد امره9 ولكن لاینفعهم بعد ان‌تمكن الاسلام و انتشر و اللّه متم نوره و لو كره المشركون هذا ظاهر العبارة. و باطنها انه من خواصه انه احل له ذلك من تأویل قوله تعالی انا احللنا لک ازواجک الی قوله خالصة لک من دون المؤمنین فان احللنا لک لیس فی التأویل محصوراً علی مدلول الظاهر و خالصة لیس مقصوراً علی الهبة بل هذا التحلیل یشمل ما نفاه قوله تعالی و لاتمسكوا بعصم الكوافر لا انه ارتكاب اقل المحظورین بل هو معنی خالصة لک من دون المؤمنین. و فیه وجه آخر و هو تأویل قوله تعالی ولكن شبه لهم و قدتشیر الیه الاخبار و الاشارة تكفی اهل الاشارة و التلویح ابلغ من التصریح.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 647 *»

قال سلمه اللّه تعالی: و كیف یتولد من الامام فاسق او یكون فلان احد آبائه؟

اقول: قال اللّه سبحانه انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج و قال تعالی یخرج من بین الصلب و الترائب فاخبر ان الانسان خلق من نطفة الرجل و نطفة المرأة و فی الحدیث عن الحسن7 ما معناه ان اللّه خلق الانسان من اربعة‌عشر شیئاً اربعة من ابیه العظم و المخّ و العصب و العروق و اربعة من امه اللحم و الدم و الشعر و الجلد و ستة من اللّه الحواس الخمس و النفس. فاذا ثبت ذلک قلنا انا قدبینا ان نطفة المؤمن تنزل من الشجرة المسماة بالمزن فتقع علی البقول و الثمر و الحبوب فمااكلها مؤمن او كافر الا و خرج من صلبه مؤمن و ان نطفة الكافر تصعد من شجرة الزقوم فتقع علی البقول و الثمر و الحبوب فمااكلها مؤمن او كافر الا اخرج من صلبه كافر.

و اعلم ان النطفة اذا وقعت فی رحم المرأة و كانت نطفة الرجل حارة یابسة كالنار و نطفة المرأة باردة رطبة كالماء لایمكن الاجتماع بینهما امر اللّه سبحانه ملكاً فقبض من الارض قبضة من البقعة التی یدفن فیها ذلک المولود فماثها فی النطفتین فیبوستها [فبيبوستها خ‌ل] توافق نطفة الرجل و برودتها [ببرودتها خ‌ل] توافق نطفة المرأة فیحصل العقد. ثم اعلم ان تلک القبضة تسری فی غذاء الام فتخرج مع نطفتها لانها بلطف اللّه تعالى تتكون من غذائها. ثم اعلم ان الولد لایجب ألّایوجد الا من نطفة المنی بل انما یوجد من الرائحة التی هی حاملة نطفة المزن و الزقوم. و قدذكرنا بان الشقاوة و السعادة لیست من المادة التی هی من الاب و انما هی من الصورة التی هی من الام لان الصورة للسعادة و الشقاوة تتكوّن فی بطن امه من غذائها من حیضها فان كان معتدلاً كان الولد مستقیماً و ان زادت رطوبته خرج بلیداً و ان زادت یبوسته خرج مجنوناً او ذا وسوسة و افكار ردیة و ان شابها شیئاً محرماً [شىء محرم ظ] سری فی الولد. و بالجملة فالصورة من الام و هی مناط السعادة و الشقاوة قال7 السعید من سعد فی بطن امه و الشقی من شقی فی بطن امه.

فاذا كان الفاسق من ولد الامام7 فلک ان‌تقول من نطفة امه و لک ان‌تقول من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 648 *»

صورته لان الامام7 منه المادة و الصورة لیست منه. و لک ان‌تقول لعله لم‏یتكون من النطفة و انما تكون من الرائحة و هی لاتماس شیئاً من الامام7 بل النطفة الخبیثة كامنة فی غیب نطفته حتی تقع فی الرحم و لا محظور فانک تقر بأن ابلیس بال فی اصل الكرم و له فیه ثلثان ولكنه كامن فی غیب العنب فاذا اكل الامام7 لايمس شیئاً منه شی‏ء مما لابلیس و انما یظهر بول ابلیس اذا غلی العنب فكذلک هذه النطفة [النطف خ‌ل] الخبیثة فی صلب المؤمن و النطفة [النطف خ‌ل] الطیبة فی صلب الكافر فافهم.

فقول الصادق7 ولدت من ابی‏‌فلان مرتین یرید ان امّ‏فروة امه7 بنت القاسم بن محمد بن ابی‏فلان تكوّنت من اربعة اشیاء من القاسم و القاسم من اربعة من محمد و محمد من ابیه فتولد محمد من ابیه هذا تولد ولكنه جری من شجرة المزن فی غیب طعام ابیه و لم‏یماس شیئاً منه كما مثلنا فی العنب و تولد القاسم من محمد فهذا التولد الثانی فقول الصادق؟ع؟ مرتین یدل علی ان قوله تولدت یرید به امه لا نفسه و الا لقال ثلاث مرات او یكون لقوله من ابی‏فلان ان المعنی تولدت من محمد بن ابی‏فلان مرتین فحذف المضاف و اقیم المضاف‌الیه مقامه فیكون تولد من امه و امه تولدت من محمد ابیها و علی هذا فیكون ثلاثاً ایضاً فالاولی ان‌یكون الثانی للاول فیكون تولدت امی من محمد [ابيها خ‌ل] و تولد ابوها القاسم من ابیه محمد. و اما [على خ‌ل] ما اشتهر من تفسیره بالارادة [بارادة خ‌ل] ان امه ام‏فروه كان ابوها القاسم بن محمد بن ابى‌بكر فهذا التولد الاول و كانت امها اسماء بنت عبدالرحمن بن ابی‏بكر و هذا هو التولد الثانی فهو ظاهر بل هو علی الظاهر هو المراد الا ان فیه انه ینبغی ان‌یقال ولدت من ابی‏بكر من جهتین من جهة ان امه من جهة ابیها و امها لان الام لم‏تتولد بتمامها من محمد و بتمامها من عبدالرحمن نعم یمكن القول بذلک بناء علی ما هو الظاهر او علی ارادة جزء امه كما اسند ذلک الیه فی قوله ولدت و انما ولد جزؤه و الجزء الاخر الاعلی من ابیه7 فیكون بعضها من ابی‏بكر بواسطة محمد و البعض الاخر منه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 649 *»

بواسطة عبدالرحمن و فیه احتمال ما تقدم و شبهة تخلق المعصوم7 من مثل ذلک تقدم بیانه فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی قبة الحسین7 و اختصاص اجابة الدعاء بها؟

اقول: اعلم ان اللّه سبحانه نبه علی معنی لو لم‏ینبه علیه لم‏تدركه القلوب ولم‌تعه الاسماع و لم‏تلحقه الافهام و هو ادعونی استجب لكم لانه نوع انفعال لاتجوز العقول نسبته الی القدیم سبحانه فلما نبه علیه ادركت الافئدة وجه ذلک و ذلک لان استجابة الدعاء انما تكون مع الخشیة و الخضوع لان الانفعال یقتضی الاجابة ای الفعل فاذا اقتضی حال الداعی الاجابة اجابه سبحانه فهو باستدعاء حال الداعی یجیب فیكون ذلك انفعالاً و ان كان فعلاً لانه فعل استدعاه انفعال. و لما كان الخضوع و الخشوع هو علة الاستجابة لانه اجمع لمشاعر الداعی و لم‏یكن اشد حصولاً منه لمن هو تحت قبة الحسین7 و لا اشد استجماعاً منه لان ذلك هو المستدعی للاجابة و لما كان الحسین7 هو مظهر الخشوع و الخضوع كان كل [کلما خ‌ل] من دعا مخلصاً خاشعاً كان تحت قبة الحسین7 و ان کان فی مشرق الارض او مغربها و قداشرت الی ذلک فی قصیدة لى رثیت بها الحسین7 علی طریقة الرمز قلت:

كل انكسار و خضوع به                      و كل صوت فهو نوح الهوا

فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و كیف یقبل اكثر الناس التوحید و النبوة و یأبون عن [من ‌خ‌ل] الولایة؟

اقول: ان التوحید یشترک فیه النوع الانسانی فلایدعیه احد له فیخف علی النفوس و ان كانت متكبرة الانقیاد له و الاقرار به لانه اقرار لمن لیس من نوعه فیسهل علی النفس. و النبوة و ان كانت نسبته [نسبة خ‌ل] الی النبی9 لكنه یدعو الی من لیس من النوع فیهون علی النفس. و الولایة اقرار

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 650 *»

بعبودیة مطلقة لمن هو من النوع فتأبی النفوس الخبیثة قبول ذلك لانها انما تنظر الی نفسها ففی الاولین لاتجد علی نفسها و هنا فی الانقیاد لمن لایشاركه فی حال بخلاف الولایة فلذا لاتقبلها [لايقبلها خ‌ل] الا نفوس المتقین الذین لایستكبرون عن الحق هذا فی الظاهر.

و اما فی التأویل فلان النفوس خلقت من ظل الربوبیة فلهذا تدعی الربوبیة و لاتقبل الدخول تحت الطاعة بالاختیار ففی التوحید و النبوة لایكون الاقرار بهما منافیاً لتلك الانیة المدعیة بخلاف الامامة لانها [فانها خ‌ل] علی الضد من دعوی تلك الانیة فان مقتضی الامامة دخول التابع تحت محض العبودیة الذی هو ضد دعوی النفس.

قال سلمه اللّه تعالی: ما الوجه فی تسارع اكثر النفوس لقبول المعصیة و تفرقها من الطاعة؟

اقول: ان النفس الامارة التی هی وجه الماهیة و هی ملازمة للانیة فمتی عرف المولود نفسه ظهرت فیه الامارة شیئاً فشیئاً و هی شأنها المعصیة و العقول شأنها الطاعة لكنها لاتظهر الا عند البلوغ او غریب منه فلاتظهر الا بعد تمكن النفس الامارة التی تطلب المعصیة و لاترضی الا بها و تستأنس بها فاذا عرضت الشخص [للشخص خ‌ل] معصیة سارعت النفس الیها لانسها بها و مجانستها لها و لو كانت طاعة نفرت منها لاستیحاشها و العقل و ان كانت الطاعة هی مطلوبه ولكنه حدیث عهد بالشخص فلاتطیعه النفس غالباً الا اذا كان الشخص یخالف نفسه فی اكثر مطالبها فانها تضعف و یقوی العقل فیطلب الطاعة فیفعلها العبد و بالجملة اذا راض نفسه حتی انساها انسها بالمعصیة و خالف هواه حتی اعتاد ذلك كان مسارعاً الی الخیرات و الا غلبته نفسه لسبقها و تقدمها علی العقل حتی استأنس الشخص بداعیها و هذا حال الاكثر لقلة من غلب هواه و خاف مقام مولاه فلهذا كان اكثر النفوس كذلک.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما الدلیل علی ان ائمتنا: افضل من اولی العزم مع تلقی النبی9 الوحی بنفسه و معاينته للملک دون الامام7؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 651 *»

اقول: قددلّ الدلیل العقلی و النقلی علی ان نبینا محمداً9 خیر الخلق من جمیع ما خلقه [خلق خ‌ل] اللّه من غائب و شاهد و متحرک و ساكن و دلّ الدلیل ایضاً علی ان الائمة: مساوون له فی جمیع ما له من الفضایل و المراتب الا الخواص التی اختصّ بها و لم‏یكن لاحد من خلق اللّه ذلك لا ملك مقرب و لا نبی مرسل [من ظ] اولی العزم و غیرهم حتی ان علیاً7 قال ما معناه و انما اوتی موسی؟ع؟ مما اوتیت اقل من جزء من مائة الف جزء من مثقال الذر و ما قال الملک لموسی و الخضر فی قصة الطائر الاخضر و نص القرآن و الاخبار بان ابراهیم خلیل الرحمن من شیعته و اعلی مراتب الشیعة ان‌یكون واحداً من سبعین من واحد من سبعین و تجلی للجبل فی قصة سؤال موسی؟ع؟ للرؤیة رجل من الكروبیین من شیعتهم من الخلق الاول و هو بمنزلة خرق الابرة او الدرهم من نور العظمة الذی هو نورهم فالعارف لاینبغی له ان‌یذكر المعادلة و التفضیل. و انما قول انهم افضل من اولی العزم من خطأ [حظ خ‌ل] العوام انظر الی قوله تعالی حكایة عن عیسی7 تعلم ما فی نفسی و لا اعلم ما فی نفسک و ما رواه جابر بن عبداللّه الانصاری ان مروان بن حكم فی خلافته صعد منبر رسول‌اللّه9 و خطب و سب علیاً7 فخرجت من القبر الشریف ید، كل من حضر عرف انها ید رسول‌اللّه9 مكتوب علیها یا عدو اللّه أ كفرت بالذی خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سوّاک رجلاً هو واللّه علی بن ابی‏طالب امیرالمؤمنین7 و سید الوصیین ثم عقد بیده ثلثاً و عشرین فمالبث مروان الا ثلثاً و عشرین لیلة ثم مات. و فی دعاء رجب فجعلتهم معادن لكلماتك و اركاناً لتوحیدك و آیاتك و مقاماتك التی لا تعطیل لها فی كل مكان یعرفك بها من عرفك لا فرق بینك و بینها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بیدك بدؤها منك و عودها الیك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و روّاد فبهم ملات سماءك و ارضك حتی ظهر ألّا اله الا انت. تأمل هذه الفقرات العجیبة و انظر این اولی العزم و آل‌محمد: و قدملؤا السموات و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 652 *»

الارض و تأمل تلك العظمة التی انزجر لها العمق الاكبر لیس فی محال القول حجة و لا فی المسألة عنه جواب.

و اما تلقی الانبیاء للوحی بانفسهم فانما هو قلیل من كثیر و نبینا9 تلقی بنفسه جمیع ما یمكن من الوحی من قوله تعالی ماوسعنی ارضی و لا سمائی و وسعنی قلب عبدی المؤمن و هو هو7 و نفسه علی7 و مع هذا فلم‏یصل الی النبی9 وحی و لا خطاب الا بلسان الولی و الانبیاء: كلهم ما هم منه الا ذرات من الوجود. و معنی ان النبی9 یری الملك و الامام یسمع الصوت و لایری الشخص ان الملك مایظهر بالوحی الا للنبی9 و الامام7 یسمع كلام الملك بالوحی [فى الوحى] الی النبی9 و انما لم‏یظهر له لانه انما جاء للوحی فظهوره بالوحی لمحمد9 لا ان الامام7 لایراه كیف و لایصدر الا باذنه كما قال علی؟ع؟ واللّه مااعلم ان ملكاً فی السماء یخطو قدماً بدون [بغير خ‌ل] اذنی الا و احترقهـ. لكن لماكان رسول‌اللّه9 لم‏یمت حتی كمل الدین و انقطاع الوحی عند موته انقطاع كمال و تمام لا انقطاع نقصان و الا لم‏یكن خاتم النبیین؟ص؟ فلایحتاج الی نزول الملك فی تأسیس الاحكام و انما تنزل الملائكة علی الامام بالامر و الیسر افعل و لاتفعل عن امر اجراه ولكن اكثر الناس لایعملون.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما الوجه فی اختصاص محمد9 بجواز اخذ اكثر من اربع؟

اقول: اعلم ان الاحكام تجری فی اصل التكلیف علی نحو الاحكام الوضعیة و ان كنا نسمیها باعتبار الاحوال اقتضائیة فاذا علم حال المكلف فی الجهة التی یتعلق بها التكلیف كلفه علی حسب ما یقتضیه حاله فی تلك الجهة فكان احوال هذه الامة تقتضی تحلیل الاربع بالدائم لا غیر مع العدل فاحل لهذه الامة مع العدل الاربع. و اما رسول‌اللّه9 فان حكم تكلیفه جار علی نحو غیر نحو تكلیف امته بل له خواص اختص بها دون امته و مع ذلك فهی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 653 *»

جاریة فی حقه بالاقتضاء و الوضع كما قلنا الا ان حاله حال ابناء جنسه و لهذا المعنی اشار سبحانه فی قصة زید بن حارثة و زینب بنت جحش و هی مشهورة فقال سبحانه فلما قضی زید منها وطراً زوجناكها الی ان قال تعالی ماكان علی النبی من حرج فیما فرض اللّه له سنة اللّه فی الذین خلوا من قبل یعنی تجری فیک سنة الانبیاء فلایكون حالك حال سائر الناس من حب النساء و كثرة الطروقة و الزیادة علی الاربع كابناء جنسه الانبیاء و هو قوله تعالی و كان امر اللّه قدراً مقدوراً الذین یبلغون رسالات اللّه و یخشونه و لایخشون احداً الا اللّه فاشار الی ان حاله كحال من تقدمه من الانبیاء فكانت سنة اللّه فی الانبیاء: اباحة الزیادة علی الاربع و لن‏تجد لسنة اللّه تبدیلاً و ذلك جار بالحكم الوضعی كما قلنا فما ساواهم فیه شاركهم فی احكامه و ما زاد علیهم به اختصّ بحكمه و لذلک تعلیلات بعیدة خفیة لایحسن ذكرها اعرضنا عنها.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی لیلة القدر و نزول الملائكة فیها علی الامام7؟ و هل یزداد فیها شیئاً لم‏یكن عنده و هو بالفعل فی كل‌ما یمكن له؟

اقول: معنی لیلة القدر لیلة الضیق من قوله تعالی و من قدر علیه رزقه فلینفق مما اٰتىٰه اللّه و ذلك ان الملائكة تنزل علی صاحب الوقت7 بما یرد منه علیهم من محتوم الامر فی تلك السنة فتضیق السموات و الفضاء و الارض بالملائكة لكثرتهم فكل یؤدی الی الامام7 ما اودعه. فالامام7 ابداً طری التلقی و المدد و اللّه سبحانه یمده منه كما یمد الشجرة من ثمرة التی منها فالله سبحانه خالق كل شی‏ء و هو الواحد القهار. و الامام7 نهر فیض تجری من تحت الازل یعنی من المشیة مستدیراً صحیح الاستدارة فیرد علیه ما یصدر منه و الملائكة تغترف من ذلك النهر كل [فکل خ‌ل] ملک بقدره و تفرغه فیه فاذا اغترف الملك و افرغه فیه لم‏یكن فی تلك المغرفة [الغرفة خ‌ل] بداءاً فی عالم الغیب و لله فیه البداء فی عالم الشهادة و لاینافی هذا حدیث فان اللّه لایكذب نفسه و لایكذب انبیاءه و ملائكته لانه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 654 *»

انما یخبر به اذا علم عدم المانع للمقتضی الاثبات فی عالم الغیب فلهم ان‌یخبروا به و لله فیه البداء فی عالم الشهادة لانه اخبر بالمانع. و قال ان الصدقة ترد القضاء و قدابرم ابراماً و ان الدعاء یرد القدر و هو من القدر و قدامر انبیاءه و اولياءه بتبلیغ ذلك الی المكلفین فاذا علم عدم المانع فی الغیب و اخبر به انبیاءه و اولیاءه و اخبروا به بأن‌اخبر ان زیداً یموت غداً ثم اخبروا به فتصدق زید بصدقة ترد القدر او دعا كذلك فمد له فی اجله فانه صدق سبحانه و صدق انبیائه لانه اخبرهم ان الصدقة ترد المحتوم فاذا اخبر بالحتم دل علی عدم وجوب المانع فی الشهادة. ولكن هنا دقیقة یعرفها العارفون و هی انه سبحانه سبب من لا سبب له و سبب كل ذی‌سبب و مسبب الاسباب من غیر سبب فما لم‏یقع الشی‏ء فی الوجود العینی الذی هو الكون فی الاعیان لا الوجود العینی الاولی الذی هو فی الارادة فلله  فیه البداء مطلقاً فاذا وقع العین المدرك فلا بداء فی ان لاتقع العین المدرك.

ثم اعلم ان لكل غرفة ملكاً خاصاً بها لایغترف غیرها و لایصلح لغیرها فمغترف بقاء زید الیوم لايغترف عدمه الیوم فقبل ان‌یغترف فالغرفة جاریة علی ما هی علیه فی [من خ‌ل] الامكان و الصلوح للطرفین فاذا اغترف و افرغه فی النهر المستدیر فقد المانع لان المانع انما یقتضی قبل الغرف فان وجد لم‏یغترف ذلك الملك فاذا اغترف انقلب الحكم و كان المقتضی للاغتراف مانعاً لمقتضی المنع. فعلی ما اشرنا الیه ان قلت انه یزاد صدقت لان الذی اتت به الملائكة من محتوم ماكان مشروطاً عنده لم‏یكن موجوداً فی بشریته و ظاهره قبل ان‌یأتی به الملائكة فان قلت لایزاد الا ما كان‌یعلمه صدقت لان الذی اتت به الملائكة انما كان عن جبرئیل؟ع؟ عن میكائیل عن اسرافیل عن روح القدس الذی هو من امر اللّه الذی هو عقلهم و ذلك الملک یقذف اللّه الوحی فی قلبه قذفاً بكلمته التی هم محلها ولنقبض العیان فللحیطان اٰذان و تعیها اذن واعیة.

و قوله سلمه اللّه و هو بالفعل فی كل‌ما یمكن له كلام متین و معنی ذلك هو ما اشرنا الیه لان عقلهم بالفعل فی حالتهم العلیا و اما فی حالتهم الدنیا فعقلهم مستفاد فافهم.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 655 *»

قال سلمه اللّه تعالی: و الفرق بین كونه ناطقاً و صامتاً مع ان الاثر دلّ علی ان كل امر ینزل لهم یترتب مروره علیهم حتی يصل الی امام العصر7 فكل لاحق یأخذ عن سابقه.

اقول: ان كون الامام؟ع؟ ناطقاً عبارة عن الاذن العام فی الكلام لملازمة روح القدس له فهو امن من التغییر و التبدیل الناشیین من سر البداء. و الصامت انما یكون مع وجود الناطق وجه الاذن الیه و اقبال روح القدس علیه و یكون الاقبال علی الصامت و الاذن بواسطة الناطق و لیس العلم بالمسألة كافیاً فی حصول الاذن لان الاذن امر خاص غیر العلم.

و اما ترتّب مروره علیهم فلایستلزم الاذن و النطق و انما یستلزم العلم و لا شک فیه فی حق الصامت.

و اما ان كل لاحق یأخذ عن سابقه فهذا یجری فی الاذن لا فی العلم لان العلم قدیتخلف فانه اذا تجدد علم بحادثة لم‏تكن فانه ینزل علی رسول‌اللّه9 ثم علی علیّ7 ثم علی الحسن7 ثم علی الحسین7 ثم علی القائم7 ثم علی الائمة الثمانیة الاب قبل الابن ثم علی فاطمة؟عهم؟ ثم یظهر الحكم فی الخلق لان ترتب ظهور العلم و نزوله عليهم علی حسب مراتبهم فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و كیف یكون الخلف افضل التسعة مع انه محجوج بمن قبله فلاینطق الا باذنه؟ و ما معنی ان اخبرتهم بالاسم اذاعوه او بالمكان دلّوا علیه؟ فما المراد بالمكان؟ و هل اخبروا7 بذلك الاسم و المكان خواصهم ام لا؟ فان كان الاول فهل یجوز لمن اخبروه ان‌یخبر من یثق به ام لا؟

اقول: ان الخلف علیه و علی آبائه السلام افضل التسعة لقوله7 تاسعهم قائمهم اعلمهم افضلهم و غیر ذلك مما یدل علی الافضلیة و هو كثیر. و اما انه محجوج بمن قبله فانما هو فی الاذن و حق الابوة و ذلک لاینافی الافضلیة و قدبینا وجه الاذن فیما قبل هذا. و اما معنی ان اخبرتهم بالاسم اذاعوه او بالمكان دلوا علیه فهذا فی حق الاسم فی الحجة7 و ذلك فی الغیبة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 656 *»

الصغری فانه لو اخبرهم و قال اسم الخلف الحجة محمد صلوات‌اللّه‌علیه تكلموا به شیعته فیؤخذ برقبته و ان اخبرتهم بالمكان دلوا علیه فاخذ فلهذا ينهوا [نهوا خ‌ل] عن التسمیة و ذلك فی زمان الغیبة الصغری و لعامة الشیعة و اما الخواص فقداخبروهم بالاسم و دلوهم علی المكان لانهم یكتمون و فی الغیبة الكبری اخبروا بالاسم مطلقاً لعدم المانع و یجوز لمن كان من الخواص تسمیته لمثلهم حتی فی الغیبة الصغری و دلالة المكان كذلک و انما منع من الاذاعة.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی رجوع الشمس من مغربها؟ و هل یجری ذلک فی شمس الافاق ام لا؟

اقول: لهذا الكلام معنیان احدهما ان الشمس الراجعة من مغربها هو القائم7 الراجع من غیبته و هو الشمس الذی تستنیر به الارض و تستغنی الناس بنوره عن نور الشمس. و المعنی الثانی ان الشمس الافاقیة تستتر ثلاثة ایام و ذلك عند خروجه7 و هی علامة لاصحابه الثلاثمائة و الثلاثة‌عشر فانهم تلك اللیلة یقومون من مضاجعهم لصلوة اللیل علی عادتهم و یفرغون و ینامون برهة فیقومون و یرون اللیل باقیاً و یقولون انا صلینا قبل الزوال فیصلون و یفرغون و ینامون برهة و یقومون و اللیل باق فیقولون لعلنا صلینا قبل الزوال ولكن مارأینا اطول من هذه اللیلة فیصلون صلوة اللیل و ینامون حتی یصبحوا و كانت تلك اللیلة قدر ثلاث لیال لان الشمس تظل ساجدة بین یدی اللّه تعالی فلایأذن لها قدر ثلاث لیال ثم یأذن لها بالخروج من مغربها و هذا آیة معجزه و علامة ظهوره7 و لا ضرر علی العالم العلوی و السفلی لما بینا سابقاً فى معراج النبی9 و لان الشمس فی السنة التی یظهر فیها تنكسف فی نصف شهر رمضان و ینخسف القمر فی اللیلة الخامسة و روی آخر الشهر و ذلك من آیات ظهوره و لا ضرر كما قلنا.

قال سلمه اللّه تعالی: و هل فرق بین الرجعة و ظهور الصاحب7 ام حقیقتهما واحدة؟ و هل احكام الرجعة من الدنیا ام الاخرة ام بین بین؟ و كیف وجه عود بعض بنی‌آدم الی الدنیا بعد ان‌صارت نفوسهم فی رتبة اعلی منها و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 657 *»

قدصارت بالفعل فهل تعود بالقوة؟ و ما الفرق بین الجسمین السابق و اللاحق و هل اللاحق من الاجسام الدنیویة ام الاخرویة؟ و ما الفرق بین الاجسام الدنیویة و الاخرویة؟ و هل ادلة الحكماء علی عدم قبول الافلاک للفساد يتم [تتم خ‌ل] فیها اجمع ام فی بعض دون بعض ام لایتم فی شی‏ء منها؟

اقول: الرجعة تطلق علی رجعة آل‌محمد صلی‌اللّه‌علیهم و مختصر القول فی بیانها علی ما كنت افهم من الروایات ان اول قائم منهم: بالحق هو القائم الحجة7 و مدة ملكه سبع سنین كل سنة عشر سنین فاذا مضی من حكمه تسع و خمسون سنة و بقی احدی‌عشرة سنة خرج الحسین7 و فی الحدیث اول من ینفض التراب عن رأسه الحسین؟ع؟ و فی آخر السفاح و هو الحسین؟ع؟. و یبقی الی آخر حكم القائم؟ع؟ احدی‌عشرة سنة صامتاً فاذا قتل القائم7 قیل تقتله امرأة من بنی‏تمیم لها لحیة و اسمها سعیدة لعنها اللّه یتجاوز7 فی الطریق و هی فوق سطح فترمیه بجاون من صخر علی ام رأسه فتقتله فاذا مات غسله الحسین7 و كفّنه و صلی علیه و دفنه و قام بالامر من بعده.

فاذا مضی من حكم الحسین7 ثمان سنین خرج علی7 فی نصرة ابنه ثم یقتل علی7 و هو قوله7 انا الذی اقتل مرتین و ابعث مرتین و لی الرجعة بعد الرجعة و الكرة بعد الكرة. ثم یمتد حكم الحسین7 ففی روایة خمسین الف سنة و فی اخری ستة و اربعین الف سنة حتی انه یربط حاجبیه بعصابة من الكبر عن عینیه. و الظاهر ان حكمه یمتد الی آخر الرجعات ثم ترجع الائمة: واحداً بعد واحد الا ان الترتیب لااعرفه ولكن امیرالمؤمنین7 یرجع آخر الرجعات مع جمیع شیعته و الائمة معه و یقتتلون مع ابلیس و شیعته فی بابل عند الحلة من الجانب الغربی و یرجع المسلمون القهقری حتی یقع منهم ثلثون رجلاً فی الفرات فعند ذلک یأتی تأویل قوله تعالی هل ینظرون الا ان‌یأتیهم اللّه فی ظلل من الغمام و الملئكة و قضی الامر و الی اللّه ترجع الامور و الامر المقضی رسول‌اللّه9 ینزل من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 658 *»

الغمامة و فی یده حربة من نار فیتبع ابلیس فیولی فیقول له اصحابه این تذهب و قد آن لنا النصر؟ فیقول لهم انى اری ما لاترون فیتبعه رسول‌اللّه9 فیقول این ما وعدتم به من الانظار الی یوم یبعثون فیقول هو هذا الیوم فیطعنه بحربة من نار فی ظهره تخرج من صدره فیقتله و یقتلون شیعته. و یكون رسول‌اللّه9 هو الحاكم فی الارض و الائمة: وزراؤه فی اطراف الارض و تبقی الدنیا فی تمام الاستقامة فلایموت الرجل حتی یری الف ولد ذکر من صلبه و عند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة و ماوراء ذلك بما یشاء [شاء خ‌ل] اللّه. ثم اذا اراد اللّه سبحانه فناء العالم رفع محمداً9 الی السماء و بقی من بقی من الناس فی هرج و مرج اربعین صباحاً ثم ینفخ اسرافیل فی الصور نفخة الصعق.

هذا مختصر صورة ما وقفت علیه من خروج الائمة؟عهم؟ لان قوله7 اول من ینفض التراب عن رأسه یعنی من الائمة و الا فشیعتهم المبعوثون یخرجون قبل خروج الحجة7 بستة اشهر و عشرة ایام و ذلك لانه فی تلك السنة التی یخرج فیها عجل اللّه فرجه و اعاننا علی طاعته اذا كان العشرون من جمادی الاولی وقع مطر متوالی لاینقطع اربعین یوماً الی اول شهر رجب فبذلك تنبت لحوم الاموات الذین یبعثون و هو قول امیرالمؤمنین؟ع؟ عجب و ای عجب بین جمادی و رجب فقیل و ما هذا العجب یا امیرالمؤمنین7 فقال و ما لی لااعجب من اموات یضربون هام احیاء. و القائم7 یخرج فی تلك السنة یوم الجمعة العاشر من محرم فی فرد من السنین یوم النوروز و القائم7 ممن یرجع مع الائمة؟عهم؟.

و هذا یدل علی ان الرجعة غیر قیام القائم7و فی بعض الروایات ما معناه یوم قیام قائمنا و یوم الرجعة و هو یدل علی المغایرة و الذی افهم من مضمون الروایات ان الرجعة اعلی درجة من یوم قیام القائم و ان كانا من نوع واحد.

و اما قولكم هل احكام الرجعة من الدنیا ام من الاخرة فالذی یظهر لی انها هی الاولی لا الدنیا و لا الاخرة المشار الیها فی الزیارة الجامعة فی قوله و حجج اللّه علی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 659 *»

اهل الدنیا و الاخرة و الاولی ان المراد بالاولی هی الرجعة و یحتمل انها عالم الذر ولكن الظاهر الاول فهی برزخ بین الدنیا و الاخرة و هی بحكم جنة آدم7 و مساویة لرتبة هورقلیا و لهذا قال الصادق7 فیها و عند ذلک تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفه و ماوراء ذلك بما شاء اللّه هـ.

و قوله بعد ان‌كانت نفوسهم فی رتبة اعلی منها، جوابه یظهر مما ذكرنا ان ایام الرجعة من درجات البرزخ و هورقلیا و ان كانت فی الدنیا لان اللطافة و الكثافة فی الزمان و المكان انما هما بلطافة الاجسام و كثافتها انظر فی مقدار ما تقطع ببدنك الكثیف خطوة كم یقطع فی تلك المدة محدد الجهات من الف فرسخ لكثافة جسمك و لطافة جسمه و لو كان جسم الطف من جسم الاطلس قطع اكثر منه فى ذلك الوقت كجسم النبی9 و الامام7 فلم‏تكن نفس [نفوس خ‏ل] الاموات من اهل البرزخ باعلی رتبة منها اذا بعثت فی الرجعة و رجعت الی اجسامها لان اجسامهم لطیفة كاجسام الاولیاء و الانبیاء: فان صارت فی الموت و البرزخ بالفعل و كانت فی الدنیا بالقوة فانها تكون فی الرجعة بالفعل.

و قوله و ما الفرق بین الجسمین السابق و اللاحق، جوابه الفرق ان الجسم السابق مركب من الاجزاء الاصلیة و هی الطینة التی خلق منها و هی من نوع الافلاك و من العناصر المتصادمة بالتركیب و التمازج فكانت بمنزلة الارض المركبة هذه التی نحن علیها. و الجسد اللاحق مركب من الاجزاء الاصلیة و من عناصر جنة الدنیا و عناصر هورقلیا. و الفرق بینهما بعید فان اللاحق اشرف و الطف من السابق و ان لم‏یكن مساویاً لاجسام الاخرة. و اما الاجسام الاخرویة فانها لاتركب الا بعد تصفیة الجزئین بعد تصفیة الاجزاء الاصلیة و الاجزاء العنصریة تصفی كل واحد سبع مرات ثم تركب لان ذلك تركیب البقاء. و اما فی الرجعة فلاتصفی الاصلیة و تصفی العنصریة مرة واحدة و لهذا تكون اعمارهم بالضعف من الدنیا.

و اما ادلة الحكماء علی عدم قبول الافلاك للفساد انما یتم فی الدنیا خاصة و اما فی الرجعة فیحصل لها نوع تغییر [نوع تغيير و کذلک يتغير  خ‌ل] النظام الی الصلاح لان الافلاك

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 660 *»

تصفو. و اما فی الاخرة فتصفی سبع مرات و لهذا قال سبحانه یوم تبدل الارض غیر الارض و السموات و برزوا للّه الواحد القهار و قال تعالی و اذا السماء كشطت و قال فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان و هذا جار فی كل شی‏ء من عالم الزمان حتی الزمان نفسه فتكون الاجسام تساوی الارواح فی كثیر من صفاتها و الزمان یساوی الدهر فی كثیر من صفاته فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی انشاق السماء و طیها و تكویر الشمس و نسف الجبال و مد الارض و كونها خبزة بیضاء نقیة، و ما فی بعض الاثار ان ارض المحشر كربلاء؟

اقول: معنی انشقاق السماء انفطارها من المجرة لانها هی شرج السماء و امان لاهل الارض فتنشق من المجرة و تكشط ای تزال بمعنی تبدیلها فتكون وردة حمراء كلون الدهن الذی فیه شائبة حمرة او كالادیم الاحمر او ذائبة كالدهن و طویت كطی الكتاب و یذهب بها و المراد من المذهوب‌به ظاهرها. و كذلک نسف الجبال فانها تكون هباءاً منثوراً [منبثاً خ‌ل] و تذهب و تمد الارض ای تبسط للحساب لاتری فیها عوجاً و لا امتاً و تبدل السموات بسماوات من ذهب و الارض بارض من فضة و هی ارض لم‏یعص اللّه علیها و هی التی یری ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها و وجهها خبزة تأكل الناس منها حتی یفرغوا من الحساب لانه سبحانه خلق ابن‌آدم اجوف لابد له من الطعام. و لماكانت السموات ذائبة صافیة و هی من ذهب مختلف كل سماء من لون كان اهل المحشر یرونها وردة حمراء كالدهان و لما كانت الارض صافیة شفافة و هی من فضة مختلفة فکل [کل خ‌ل] ارض من لون كان اهل المحشر یرونها كلون الخبزة النقیة.

و اما ان ارض المحشر كربلا فلان الظاهر من الروایات ان المحشر مابین كربلاء و الشام بیت المقدس و ما حوله و انما خصت كربلاء فی بعض الروایات لان ماسواها من الاجسام من ارض و غیرها تصفّی و كربلاء احبطت الی الارض صافیة و ترفع الی الجنة بما فیها من غیر تصفیة اذ لا حاجة الی تصفیتها و ما تری به فی الدنیا من الكثافة فانما هو من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 661 *»

قوله تعالی  ولكن شبه لهم فلو كشف للناس لرأوها صافیة ولكن اللّه سبحانه یقول اكاد اخفیها لتجزی كل نفس بما تسعی.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما وجه تخففوا تلحقوا فانما ینتظر باولكم آخركم؟

اقول: معنی تخففوا ای تخففوا من الذنوب و التبعات تلحقوا بالسابقین فی درجات جوارهم و لاتسوّفوا و لاتطیلوا آمالكم ظناً منكم ببعد یوم القیمة فانها كلمح البصر و لولا ان یوم القیمة یوم الجمع بمعنی انه یجمع الخلائق لكان ولكن ینتظر به لحوق الذین لم‏یلحقوا هذا ظاهره. و تأویله فانما ینتظر بمجازاة ما فعلتم من خیر او شر ما لم‏تفعلوا فی مستقبل الاحوال فقدیفعل اعمالاً تکفر سیئاته فلایحاسب علیها و قدیعمل اعمالاً یستحق بها الخلود فی النار فلاتنفعه اعماله التی عملها سابقاً.

قال سلمه اللّه تعالی: و قول امیرالمؤمنین7 لسلمان انا خازنها علیهم.

اقول: اعلم ان الولی المطلق قدجعلت عنده مفاتيح الغیب لایعلمها الا هو فجمیع خزائن الفضل و العدل بید الولی فلایدعو داع و لایعی واع و لایذود ذائد و لایسبق رائد الا باذن الولی فخذها قصیرة من طویلة.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما الجمع بین كلا انهم عن ربهم یومئذ لمحجوبون و بین یا ایها الانسان انک كادح الی ربك كدحاً فملاقیه؟

اقول: معنی محجوبین عن ربهم ای عن ثوابه و عن جواره فی دار كرامته و رضاه او عن معرفة ربهم فانها اعظم الثواب و افضل اللذات و اوفر العطایا فلایعرفه من یعصیه كما فی الحدیث القدسی ان ادنی ما انا صانع بهم ان‌انزع حلاوة مناجاتی من قلوبهمهـ. او یراد بربهم الولی فلایوفقوا لولایته التی هی الجنة و لا محبته التی هی الثواب الاعظم و النعیم الاكبر فیكون الرب هنا بمعنی الولی و المربی و الصاحب. و معنی انك كادح الی ربك كدحاً انك ساع سعیاً و عامل عملاً یسیر بک الی ربک فملاقی سعیک لانه انما یسعی فی سعیه و یسیر فی عمله. و معنی ملاقیه ان الاشیاء لها وجودان وجود تقومت به فی انفسها ذاتی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 662 *»

لها و وجود صوری انتزاعی او ذاتی علی احد الاحتمالین و هو زمام ذلك الذاتی فمن عمل بهذا الصوری حصل له الذاتی لانه ثمن الذاتی فاذا كان یوم القیمة اتی الذاتی فینطبق علیه الصوری فیعرف انه هو الذی عمله فهو معنی ملاقیه و انما كان الی ربه لان كل سائر انما یسیر الی اللّه من حیث یحب او یكره و الی اللّه المصیر.

قال سلمه اللّه تعالي: و ما معنی رجوع الخلق الی اللّه خصوصاً الكافر؟ و ما حقیقة الحشر الجسمانی و ما الدلیل علیه؟ و ما معنی الموت الطبیعی و الفرق بینه و بین من یغتصب نفسه و نحوه؟

اقول: معنی الرجوع الی اللّه هو ما قلنا فی انك كادح الی ربك كدحاً فملاقیه. و اما حقیقة الحشر الجسمانی فبیانه ان اسرافیل اذا نفخ نفخة الصعق فطایرت [تطايرت خ‌ل] الارواح كلها من مات قبل ذلك و من لم‏یمت و كان هیئة الصور هكذا كما فی الهامش: @هنا شکل@

و له قرن الی الارض و قرن الی السماء و اسرافیل ینفخ عند النقطة التی فی وسطه لانا وضعناها علامة لجهة النفخ و النفخة الاولی نفخة جذب فاذا نفخ تطایرت الارواح [اليه خ‌ل] و تقصد ثقبها لتدخل فیه و فیه ست مخازن فتخلع فی الاول صورتها و فی الثانی مادتها و فی الثالث نورها الاحمر و فی الرابع نورها الاخضر و فی الخامس نورها الاصفر و فی السادس نورها الابیض و كل واحد من هذه الاركان الستة تعود الی خزانتها عود مجاورة لا عود ممازجة و تبقی الاجزاء الاصلیة فی الارض بعد فناء العوارض مثل سحالة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 663 *»

الذهب فی دكان الصائغ فی قبره مستدیرة و تبقی الاشیاء ساكنة و سكن [تسکن خ‌ل] حركات الافلاک و لم‏یوجد فی الارض و لا فی السماء متحرك و ذلك اربعمائة سنة فاذا اراد اللّه تجدید الخلق امطر مطراً علی الارض من بحر صاد الذی تحت العرش حتی یكون الارض كلها بحراً و تضربه الریاح و تعظم الامواج و تجمع [تجتمع خ‌ل] طین الخلائق كل واحد فی قبره و تنبت اللحوم بتلك الطین بفتح الیاء حتی تتم الاجساد كانه الساعة وضع فی قبره فیبعث اللّه عزوجل جبرئیل و میكائیل و اسرافیل و عزرائیل و یأمر اسرافیل فینفخ فی الصور نفخة دفع فتطایر الارواح بعد تألفها اذ اول ما یخرج الركن الابیض فیمر علی الاصفر فیصحبه ثم علی الاخضر فیصحبه و علی الاحمر و المادة فیخرج فیدخل فی جسدها فیتلازمان تلازم اشتیاق و اتفاق لایفترقان ابداً.

و اما الدلیل علیه فمن العقل و النقل، اما العقل فلأن الدلیل الدال [الکل خ‌ل] علی حشر الارواح دال علی حشر الاجسام لان الاجسام و الارواح شی‏ء واحد اعلاه لطیف و هو الروح و اسفله كثیف و هو الجسم فكما ان الارواح تحشر لتجزی باعمالها لانها مختاره تحسّ بما تفعل و یفعل بها و كذلك الاجسام تحشر لتجزی باعمالها لانها مختاره تحسّ بما تفعل و یفعل بها الا ان احساس الروح و ادراكها و اختیارها اقوی من احساس الاجسام و ادراكها و اختیارها اذ الوجود شی‏ء واحد مختار مشعر حساس دراک كالنور المنبعث من السراج كلما قرب من السراج كان اقوی نوراً و حرارة و یبوسة كذلك الوجود بجمیع مراتبه الثلاث عالم الجبروت و عالم الملكوت و عالم الملک فالجبروت اقرب الی المبدء من الملكوت فیكون اشدّ وجوداً و شعوراً و ادراكاً و اختیاراً و كذلك مراتب افراده. و الملكوت اشد من الملك وجوداً و شعوراً و ادراكاً و اختیاراً و مراتب افراده مختلفة كذلك. و الملك تختلف مراتبه فالنامی اقوی من المعدن و هو اقوی من الارض.

و بالجملة اذا اذبت الجماد و حللته رجع الی البساطة فهو وجود و المشخصات للافراد و الانواع و الاجناس ستة و واحد الوقت و المكان و الجهة و الرتبة و الكم و الكیف و الواحد الماهیة و هی تتشخص لتشخص [لتشخيص خ‌ل]

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 664 *»

فرد من الوجود او نوع مثلاً بتلك المشخصات و المشخصات بكسر الخاء تتشخص فی نفسها بالمشخصات بفتح الخاء من باب التضایف و المساوقة فلایلزم الدور فكل مادته نفسه و ماهیته و صورته انضیاف الاخر الیه فافهم فانه دقیق. و كل هذه المشخصات الستة و الواحدة [الواحد خ‌ل] وجود و الوجود بالتبعیة وجود له شعور بالتبعیة و اختيار بالتبعية و ادراك بالتبعیة و الحاصل لیس فی الوجود اعدام انما الاعدام التی فیه وجود ثانی و كل وجود ففیه الاحساس و الادراك و الاختیار بالنسبة [بنسبته خ‌ل] فقددلّ العقل بذلك علی اعادة الاجسام لایصال الثواب و العقاب الی مستحقّهما هذا مما لاشك فیه.

و اما النقلی فالقرآن و الاخبار و الاجماع الضروری من المسلمین و منكره كافر و هذا ظاهر.

و اما معنی الموت الطبیعی الظاهری فلان الطبایع الاربع تعتور الانسان و تختلف علیه و كما مرت علیه الایام ضعفت تركبها [ترکيبها خ‌ل] فیه و كلما اختلفت تركبها [ترکيبها خ‌ل] ضعف تعلق الروح بها لان الروح انما تتعلق بهذا البدن مع سلامة الآلات فاذا اختلّت الآلات ضعف التعلق و تحلل الآلات تدریجی فاذا كمل التحلل خرجت الروح فان خرجت الروح و الآلات تامة فذلك من غصبت نفسه فان كان مقتولاً خرجت نفسه دفعة و ان مات فجأة خرجت بالتدریج ولكنها فی مدة قلیلة و یكون الموت اصعب من القتل فان كان مؤمناً كان ذلك آخر ما یلقی من الشدة و الا كان عقوبة مقدمة و اما الموت الطبیعی فتخرج الروح سهلة لضعف تعلقها بالآلات شیئاً فشیئاً.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما ماهیة القبر و حقیقته؟ و ما معنی ان الروح ترد الی الانسان فی قبره الی حقویه؟ و ما الراجع و ما المرجوع الیه؟ و ما ضغطة القبر؟ و ما معنی حضور اهل العصمة؟عهم؟ عند القبور و الاحتضار خصوصاً مع الكفار؟ و كیف تتصل نفوس الكفار بالملائكة؟ و ما الفرق بین ملائكة الثواب و العقاب؟ و كیف یغیب الامام7 عن المؤمن بعد ظهوره له و كیف یظهر للكافر؟

اقول: ماهیة القبر محل سكنی الموتی و اول منزل من منازل الاخرة و اما فی الظاهر فهو بیت الجسد و هو معروف. و اما فی التأویل فهو طبیعة الشخص و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 665 *»

حیاته و شهوته ان اللّه تعالی یقول ان اللّه یسمع من یشاء و ما انت بمسمع من فی القبور فقال تعالی اموات غیر احیاء و مایشعرون ایان یبعثون. و اما معنی ان الروح ترد الی الانسان الخ فعلی ظاهره لكنها لیست فی العالم الزمانی السفلی بل فی اعلی مراتب الزمان فی هورقلیا و انما قلنا اعلی مراتب الزمان لان هورقلیا بین بین فقدیطلق علیه اعلی الزمان و قدیطلق علیه اسفل الدهر و هذا الاطلاق للمناسبة الصحیحة فان النائم یكون منه الحركات الشدیدة و جسده لایتحرك و قدتحدث منه الحركة لقرب الجسم من الجسد فان الانسان اذا نام غرّدت روحه علی غصن من دوحة المثال و تلك الدوحة مغروسة فی الاجسام و الاجسام متشخصة بالاجساد و اما الراجع فهو الروح فی المثال و المرجوع‌الیه هو الجسم فی الجسد. و اما ضغطة القبر فحكمها حكم ما ذكرنا فی رجوع الروح لان كل عالم البرزخ و ما یصیر الیه هو منه و علی الجسم تقع مع تعلق الروح به و قدتظهر فی الجسد لمعجز و حضور اهل العصمة:فی الاحتضار و فی القبر للمؤمن و الكافر كل ذلك فی ذلك العالم و الیه الاشارة بقوله تعالی و لو انزلنا ملكاً لقضی الامر ثم لاینظرون یوم یرون الملائكة لا بشری یومئذ للمجرمین و غیر ذلك من الایات و الروایات بمعنی ان الملائكة لاتدرك لشخص فی عالم الاجساد الا اذا لبس الملك صورة الجسد كجبرئیل7 فی صورة دحیة الكلبی و نزوله مع میكائیل و كربیل الی ابراهیم فی البشری ثم الی لوط بهلاک [لهلاک خ‌ل] قومه و غیر ذلک.

و كل نفس انما تتصل بما یجانسها من الوسائط فارواح المؤمنین تتصل بملائكة الثواب من جنود رضوان عند الاحتضار و عند الحساب و فی البرزخ و یوم القیمة و فی الدنیا و فی الجنة قال تعالی حكایة عن ملائكة الثواب ان الذین قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا تتنزل علیهم الملئكة الاتخافوا و لاتحزنوا و ابشروا بالجنة التی كنتم توعدون نحن اولیاؤكم فی الحیوة الدنیا و فى الاخرة الایة و ارواح الكفار تتصل بملائكة العقاب من جنود مالک عند الاحتضار و عند الحساب و فی البرزخ و فی الدنیا و الاخرة علی عكس المؤمنین. و اما الفرق بین ملائكة الثواب و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 666 *»

ملائكة العقاب ان الوجود اذا تحققته وجدته ذاتیاً و تبعیاً و المراد بالوجود التبعی الوجود المتحقق الذی یكون احداثه باحداث الذاتی و المراد هو الذاتی و التبعی لیس مراداً لذاته و انما ارید لتمام الذاتی فهما یظهران معاً و  ان كان الذاتی متقدماً ذاتاً و العرضی الذی هو التبعی ذاتی فی رتبته و لهذا قال و كلتا یدیه یمین بعد قوله بیمینه و بشماله. ثم اذا نظرت بالتزییل الحقیقی رأیت الوجود ینقسم الی ذرات هی ملائكة فملائكة الیمین الذاتی ملائكة الثواب و ملائكة الشمال العرضی ملائكة العقاب فالاول وجود الفضل و الثانی وجود العدل و مایعلم جنود ربك الا هو. و اعلم ان الامام7 اذا ظهر للمؤمن انما یغیب عن شخصه الی صورته و اما ظهوره7 للكافر فانما یظهر له بظاهره لان باطنه للمؤمن فیه الرحمة و هی الولایة و المحبة و ظاهره من قبله العذاب للكافر و ظاهره برائة و عداوة فبهذا یظهر فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی تعاقب الملائكة علی الانسان باللیل و النهار؟ و ما معنی قول من یرید الخلاء امیطا عنی؟

اقول: ان النور كل جزء منه یحمله ملك و الملائكة الحاملون لنور النهار المنبثون فی ضیائهم هم ملائكة النهار و الظلمة كذلك و الحاملون لظلمة اللیل المنبثون فی ظلمته هم ملائكة اللیل فهم یسیرون مع النور و الظلمة فی سیر الفلك و من كل من النوعین حفظة اعمال تكتب ملائكة النهار اعمال العباد فی النهار و ملائكة اللیل یكتبون اعمال العباد فی اللیل و یجتمعون مابین طلوع الفجر الصادق الی الاسفار فاذا امتدّ الضیاء ای [الى خ‌ل] الافق الغربی ‏ارتفعت ملائكة اللیل فاذا زالت الحمرة المشرقیة و تجاوزت قمة الرأس الی جهة المغرب نزلت ملائكة اللیل و منهم حفظة الابدان و الارواح عن الضربة و السقطة حتی ینزل القدر فیخلون بینهم و بین القدر و منهم حفظة الاسباب و منهم حفظة القوی و منهم حفظة الآجال و المدد و الارزاق و الاعمار و هم اهل الواح المحو و الاثبات قال تعالی ان كل نفس لمّا علیها حافظ و قال تعالی سواء منكم من اسرّ القول و من جهر به و من هو مستخف باللیل و سارب بالنهار و له

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 667 *»

معقبات من بین یدیه و من خلفه یحفظونه من امر اللّه.

و اما قول علی7 للملكین الكاتبین اذا اراد الخلاء امیطا عنی و لكما علیّ ان لااحدث ما یسخط اللّه فهو علی ظاهره لانه7 بجسمه من [مع خ‌ل] الملائكة بل لو قلت بجسده فی وجود واحد یعنی فی كون واحد من الرتب لكنت صادقاً فلایحب ان‌یشرف علیه فی خلائه ناظر فیأمرهما فیمیطان عنه و هذا یجری له و لأهل‌بیته الطیبین و لایجری لسائر الناس.

قال سلمه اللّه تعالی: و هل غیر البشر من الجن و الحیوان یحشر و يثاب او یعاقب ام لا مع انه لا موات فی العالم؟ فان كان الاول فما ثوابها؟

اقول: كل مخلوق یحشر لان كل مخلوق مكلف من حیوان و جماد نام و غیره قال سبحانه و ما من دابة فی الارض و لا طائر یطیر بجناحیه الا امم امثالكم مافرطنا فی الكتاب من شی‏ء ثم الی ربهم یحشرون. فاعلم ان الوجود كله من نوع واحد كما ان النور المنبعث من السراج من نوع واحد الا انه كلما قرب من السراج كان اقوی و اضوء كذلك الوجود كلما قرب من المبدأ الفیاض الذی هو المشیة كان اقوی و اضوء یعنی احساساً و ادراكاً و التكلیف علی قدر الشعور و الثواب و العقاب علی قدر الشعور فكل شی‏ء من الموجودات مكلف و محشور و یثاب و یعاقب ولكن الثواب و العقاب علی قدر شعور المكلف فی الكم و الكیف و البقاء و الانقضاء فماكان حقیقته [حقيقة خ‌ل] دائمة كان ثوابه و عقابه دائماً و من ینقطع عقابه یكون مثاباً للافضل [و من ينقطع خ‌ل] فانما ینقطع ثوابه فانما ینقطع بالاستحقاق و یتصل به ثواب الفضل و هو لاینقطع ابداً.

و اما ما تفنی موته كالجماد و النبات و سایر الحیوانات غیر الانس و الجان فانما تفنی مدته عند الخلق و حینئذ یفنی ثوابه و عقابه عند الخلق و بالجملة هنا حرف لا صلاح فی بیانه و الفائدة فی جواب السؤال و هو ان كل متحرك و ساكن فهو یحشر و الایات و الروایات فی بیان ذلك لاتحصی فی الحیوانات و غیرها ففیها افتخرت زمزم فاجری اللّه فیها عیناً من صبر و افتخرت ارض الكعبة علی سائر البقاع او علی كربلاء فاوحی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 668 *»

اللّه الیها اسكنی و عزتی و جلالی لولا كربلاء لماخلقتك و مثله ما ورد من ان التمرة اذا تركت الذكر ذلك الیوم ارسل اللّه علیها ملكاً فضربها بمنقاره فكانت رماداً و مثل البقاع السبخة بتركها الولایة و العذبة بقبولها الولایة نقلت ذلک بالمعنی و الاحادیث فی ذلک لاتحصی و ثواب كل شی‏ء بصفوة وجوده بمعنی انه یثاب بملایمة [بما يلايمه خ‌ل] اعلی مراتب الملائمة فی حقه علی قدر طاعته فعلاً و استعداداً و یعاقب بما ینافر وجوده بقدر عصیانه فعلاً و استعداداً.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی النفخ فی الصور؟ و ما الفرق بین النفختین؟ و ما معنی ان الاولی تنزع الارواح من الاجسام و الصور البرزخیة؟ و ما المنتزع و ما المنتزع‌منه؟ و ما معنی موت الملائكة و سكان السموات بها؟ و ما معنی حیاتهم بالثانیة؟ و ما معنی موت الموت و ذبحه فی صورة كبش املح؟ و ما معنی ان جهنم یؤتی بها فی صورة بعیر؟

اقول: ان النفخ عبارة عن جذب لطیف او دفعه بلطیف مثله فی اللطافة و الخفة و غیر ذلك و لهذا قال الباقر7 لمحمد بن مسلم لما سأله عن قوله تعالی و نفخت فیه من روحی فقال له ما هذا النفخ قال7 ان الروح مجانس للریح فافهم الاشارة. و نفخ اسرافیل فی الصور للصعق هو جذب الارواح بما یناسبها من نفس الحیوة بفتح الفاء و هو المشارالیه فی كلام الحسن بن علی8 فی تفسیر اللّه یتوفی الانفس حین موتها ما معناه علی بعض الروایات اذا اراد اللّه موته امر الروح فجذبت الروح و امر الروح فجذبت الریح فمات و اذا اراد رجوعه الی الدنیا امر الریح فجذبت الروح و امر الروح فجذبت الروح. و مثل معناه ما رواه العیاشی عن الباقر7 قال ما من احد ینام الا عرجت نفسه الی السماء و بقیت روحه فی بدنه و صار بینهما سبب كشعاع الشمس فان [فاذا خ‌ل] اذن اللّه فی قبض الروح اجابت الروح النفس و ان اذن اللّه فی رد الروح اجابت النفس الر وح و هذا الجذب و هذه الاجابة مثل جذب نفخة الصور و اجابة الارواح و هو مثل جذب المقناطیس للحدید. و نفخة البعث و الحیوة نفخ دفع و استدعاء من الارواح حین

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 669 *»

النفخ و اجابة من اسرافیل و قد تقدم بیان لهذه المسألة.

و الاولی تنزع الارواح من الاجسام مع الصور البرزخیة فاذا وصلت الی الصور دخلت فی بیوتها الستة من ذلك الثقب المتخص بها فیأخذ البیت الاول صورته البرزخیة و الثانی یأخذ المادة المجردة و الثالث یأخذ الركن الاحمر و هو الاسفل الایسر و الرابع یأخذ الركن الاخضر و هو الاعلی الایسر و الخامس یأخذ الركن الاصفر و هو الایمن الاسفل و السادس یأخذ الركن الابیض و هو الایمن الاعلی و یكون بین النفختین اربعمائة سنة و روی اربعین سنة و هذا موافق لروایات [لرواية خ‌ل] العامة فهو محمول علی التقیة او علی ان كل سنة عشر سنین كسنی الرجعة و اذا اراد اللّه تجدید الخلق احیی اسرافیل؟ع؟ و نفخ فی الصور نفخ الدفع و هو النفخ المعروف فاذا نفخ خرج الركن الابیض لان النفخ یمرّ علیه اولاً فیدفعه الی الاصفر فیتركب معه بالطول و یدفعهما الی الاخضر فیتركب معهما بالعرض و یدفعها الی الاحمر فیتركب مع الاخضر بالطول و مع الاولین بالعرض و یدفعها الی المادة و تمازجها و تدفعها الی الصورة التی هو المثال فتقوم معلنة بالثناء علی الحی القیوم و یدفعها و تقصد جسمها فی قبره فتدخل فیه فیتلازمان تلازم اشتیاق و وفاق. و المنتزع بالنفخة الاولی من الاجسام الروح المتركبة من الستة الاشیاء المذكورة و الاجسام هی المنتزع‌منه و المنتزع من الارواح هذه الستة من كل واحد فینتزع الخمسة من المثال و الاربعة من المادة و الثلاثة من الطبیعة و الاثنین من النفس و العقل من الروح.

و اما معنی موت الملائكة فالعقلیون بانتزاع الوجود من الماهیة و الروحانیون بانتزاع المعنی من الرقیقة و النفسانیون بانتزاع الرقیقة بما فیها من الصورة و الطبیعیون بانتزاع مشاعر الملك الثلاثة من طبیعته [طبيعيته خ‌ل] و المادیون بانتزاع الطبیعة بما فیها من مادیته و المثالیون بانتزاع المادة بما فیها من مثالیته و الجسمانیون بانتزاع المثال مع ما فیه من جسمانیته كهیئة موت الانسان و هكذا سائر مراتب الملائكة. و معنی حیاتهم رجوع ما انتزع فیما انتزع منه.

و اما موت الموت فهو عبارة عن فنائه. و اما ذبحه فانه اذا دخل اهل الجنة الجنة و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 670 *»

اهل النار النار مثل لاهل الجنة و اهل النار الموت فى صورة كبش املح فیذبح بین الجنة و النار و یقال یا اهل الجنة خلود و لا موت و یا اهل النار خلود و لا موت فهناک یشتدّ سرور اهل الجنة و حزن اهل النار. و اما كون الموت المشارالیه فی قوله تعالی الذی خلق الموت و الحیوة و هو الذی یذبح بین الجنة و النار فی صورة كبش فالذی یظهر لی ان ذلك كنایة عن احتقاره و ضعفه اظهاراً للعظمة و القهر و ان الذبح كذلك كما فی قوله تعالی و لو تقول علینا بعض الاقاویل لأخذنا منه بالیمین ثم لقطعنا منه الوتین و انما خص بالذبح دون الموت و الفناء لان الموت لیس فیه ما فی الذبح لان الموت انما یكون لدی الروح و لایلزم منه عدم ایجاده مرة ثانیة لعدم ظهور القهر الدال علی ارادة عدمه ابداً و الذبح ابلغ فی هدم البنية و قدیستعمل فی غیر ذات الروح لاحتمال ذلك فی الموت لانه امر نسبی و وجود ارتباطی. و اما الفناء فهو و ان كان ابلغ من الذبح لكن یتوهم فیه الغیبوبة التی یظن منها العود لعدم ظهور القهر فیه.

و اما كونه املح فلان الموت هو الحائل بین الوجود و العدم و الوجود بیاض و العدم سواد و املح هو الذی فیه بیاض و سواد فلاجل كونه نسبة بینهما كان املح و لیس هذا معنی الكبش الاملح فی فداء النبی9 اسمعیل و فی عقیقة الحسن و الحسین8 و ان كان معنی املح كذلك لاجل اختلاط النور و الظلمة الا ان ذلک من معنی آخر لان البیاض من الحق و النور و السواد من الباطل و الظلمة اما النور و الحق فمن شأنهما و فعلهما8 و اما الظلمة و الباطل فیما یجری علیهما من الظالمین و حالهما من الحالتین بیاض و سواد فناسب ان‌یعق عنهما بكبش املح كما ناسب ان‌یكون قصر الحسن7 فی الجنة من زمردة خضراء كلون السم و قصر الحسین7 فی الجنة من یاقوتة حمراء لحمرة دمه7 و لصبره و كبش اسمعیل هو من مظاهر الحسین7 لان ابراهیم؟ع؟ احب ان‌یكون ابنه فداء للحسین7 ولكن الحسین كان فداء له و لشیعته [للشيعة خ‌ل] فكان السبق له7 فكانت صورة المذبوح كبشاً و اما اللون فمن لون الفجر لانه ابیض مشوب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه671 *»

بالسواد و هو قوله تعالی و قرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهوداً و الفجر هو الحسین7 الذی كشف ظلمة الشبهة التی دخلت علی الشیعة بمصالحة الحسن7 لمعاویة قال الصادق7 ما معناه سورة الفجر سورة الحسین؟ع؟ فمن داوم علیها فی فرائضه و نوافله حشره اللّه مع الحسین؟ع؟.

و اما معنی ان جهنم یؤتی بها فی صورة بعیر فهو ان احوال الاخرة كلها حیة لا موات فیها قال تعالی و ان الدار الاخرة لهی الحیوان فاذا ارید الاتیان بها لابد ان‌تكون فی صورة حیوان و اذا كان كذلك فاولی ان‌تكون بعیراً لما بینهما من صورة المناسبة فان البعیر اذا هاج یكون فی حال عجیبة لایهاب شیئاً و تكون رؤیته حال هیجانه مهیبة جداً فناسب ان‌تكون جهنم كذلك و ان كانت جهنم اشد من البعیر شدة لاتكاد تنضبط لكنها علی هیئة هیجان البعیر الذی یعرفونه الناس مع زیادة عظمة و هول لایكاد یتناهی فیأتون بها الی ارض المحشر تقوّدها الملائكة بسبعین الف زمام فی كل زمام سبعون الف حلقة كل حلقة یمسكها الف ملك ولكنها صورة صفة لا صورة مقدار و لهذا تكون محیطة باهل الجمع مثل الحلقة تتضایق علیهم و تسوقهم الی ارض المحشر فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما السلسلة التی ذرعها سبعون ذراعاً و الحجب السبعین او السبعین الفاً و خصوصیة العدد؟

اقول: السلسلة المذكورة سبعون ذراعاً بذراع ابلیس و ان الذی نزل فیه ثم فی سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه هو الرابع و الاخبار بینت حكمها فعن الباقر7 قال كنت خلف ابی و هو علی بغلته فنفرت بغلته فاذا شیخ فی عنقه سلسلة و رجل یتبعه فقال یا علی بن الحسین8 اسقنی فقال الرجل لاتسقه لاسقاه اللّه قال و كان الشیخ الرابع. و عنه7 انه نزل وادی ضجنان فقال ثلاث مرات لاغفر اللّه لك ثم قال لاصحابه أ تدرون لم ‏قلت ما قلت؟ فقالوا لم قلت جعلنا اللّه فداک؟ قال مرّ  بی فلان بن فلان ابی‏فلان یجرّ فی سلسلة قد دلى([4]) لسانه یسألنی ان‌استغفر له و انه لیقال ان هذا واد من اودیة جهنم. و هذه السلسلة فی التأویل كما قلنا سبعون ذراعاً ثلثون ذراعاً من الشجرة الملعونة فی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 672 *»

القرآن و اربعون من الخلفاء الذین بعدهم من ولد سابع و الجمیع سبعون ذراعاً بذراع ابلیس لان هؤلاء ذریته و هم شیاطین الانس و السلسلة التی فی عنق الرابع التی یجرّ بها لانه ذراع منها تظهر سلسلة من حدید الذی مسخ من العذاب الذی نزل علی قوم یونس فلما آمنوا كشف عنهم عن الصادق7 لو ان حلقة واحدة من السلسلة التی طولها سبعون ذراعاً وضعت علی الدنیا لذابت الدنیا من حرها و هذه صفة تلک لعنهم اللّه.

و اما الحجب فانها سبعة و سبعون الفاً و سبعمائة الف و الحجاب الاكبر هو الستر و هو برزخ البرازخ و اثنان و هما فعله [و مفعوله و ثلاثة و هى فعله خ‌ل] و صفته و اسمه و اربعة النور الابیض و النور الاصفر و النور الاخضر و النور الاحمر و بالجملة فالحجب كثیرة جداً و قدذكرت الحجب التی بین العارف و بین مطلوبه فی اجوبة مسائل الآمیرزا جعفر النواب الیزدی و اشرت الی اسماء ثمانیة منها و التاسع الاعظم فمن اراد ذلك طلبه هناك. و اما وجه خصوص العدد فقدذكرته فی اجوبة مسائل اهل اصفهان.

و الاشارة الی ذلك بكلام مختصر ان الشی‏ء المكون لایكون الا ذاسبعة و ان كان فی كل شی‏ء بحسبه مثلث الكیان مربع الكیفیة لان السبعة هی العدد الكامل و انما كانت كذلك لذلك و لانها جمعت اول عدد فرد و هو الثلثة و اول زوج و هو الاربعة فالثلثة الكیان [للکيان خ‌ل] عقل [روح خ‌ل] و نفس و جسم و الاربعة حرارة و رطوبة و برودة و یبوسة و هذا جار حتی فی العقل الا انه فی كل شی‏ء بحسبه و هذه السبعة هی مراتب الاصول فاذا ارید بها الفروع كالمسببات و الاثار نقلت صورة العدد الی الرتبة الثانیة اشارة الی ان المعلول لیس فی رتبة علته و انما هو فی رتبة بعدها فیكون سبعین و لما كان الاثر و المعلول لیس جزءاً من المؤثر و العلة و انما یكون السبعون لذلك المسبع رتباً آخرها الاثر و المعلول فیكون واحداً من سبعین فالسبعون مراتب لذی‌السبعة و مظاهر له و السبعمائة للسبعین و السبعة الآلاف للسبعمائة و السبعین الالف للسبعة آلاف بهذه النسبة هذا اصل علة خصوص العدد و اما غیره فنقول ان السبعة عدد كامل و كذا السبعون و ما زاد علیه و الكامل باعتبار الاطلاق و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 673 *»

الاستعمال یدل علی ارادة دخول غیره فیه من حیث الاكملیة و ان كان اكثر فیراد بالسبعین مجرد الكثرة لا خصوص العدد فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی كون الصراط ادق من الشعر و احدّ من السیف؟

اقول: اعلم ان الصراط المستقیم و هو طریق اللّه الی خلقه و طریق خلقه الیه فیطلق و یراد به الامام7 و قدیراد به ولایته الخاصة و قدیراد به الولایة العامة و قدیراد به ظواهر التكالیف و قدیراد به بواطنها و قدیراد به معرفة النفس او النفس و روی عن الصادق7 ان الصورة الانسانیة هی الصراط المستقیم الی كل خیر و الجسر الممدود بین الجنة و النار فان ارید به طریق اللّه الی خلقه فالمراد به وجودهم التكوینی و التشریعی و لیس وجودهم من حیث هو صراطاً و ان صدق علیه ببعض التوجیهات بل من حیث هو نور اللّه كما قال7 اتقوا من فراسة المؤمن فانه ینظر بنور اللّه و هو ابداً قائم بفعل ربه قیام صدور و تحقق ای طری ابداً. و كونه طریقاً للخلق الی اللّه ان استمداد وجودهم التكوینی و التشریعی باستعداداتهم الاولیة و العقلیة و النفسانیة و المثالیة و الجسمیة و البشریة و بالمشاعر الاولیة و العقلیة و الخیالیة و الفكریة و بالمیلی الاولی الجزئی و التركیبی و بهیئاته و اوضاعه و اقواله و اعماله و حركاته و سكناته و خطراته و نسبه و اضافاته و كل‌ما منه و به و له و الیه كل ذلك بتلك الاستعدادات و القابلیات و هو طریقهم فی ذلك التكوینی و التشریعی الی اللّه سبحانه و ذلك هو ظهوره لهم بهم.

و ان ارید به الامام7 فهو محل فعل اللّه و الخلق آثار الفعل بشرطه ای عضده لهم فی الظهور و عضدهم له فی الاستظهار فطریق الاثار فی الاستمداد و طریق الفعل فی الامداد هو الامام7. و ان ارید به ولایة الامام الخاصة التی هی المحبة و الایمان بانه الامام المفترض الطاعة الذی لایقبل اللّه الاعمال الا بحبه التام المشتمل علی اثباته و نفی ماسواه فذلك صراط اللّه الیهم فی التكلیف و صراطهم الیه فی القبول. و ان ارید به الولایة العامة فهو الوجود المطلق الذی به الوجود المقید و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 674 *»

لاشك [فى خ‌ل] انه اشد الاشیاء استدارة علی ربه فهو الذی خلقه بنفسه و هو الصراط الكلی الاول و لیس صراط ادقّ منه و لا احدّ منه و فیه عقبات كؤد لایقطعها بسهولة الا محمد و اهل‏بیته الطاهرون علیه و علیهم السلام و فیه عقبات یقف عندها كثیر من آل‌محمد صلوات اللّه علیه و علیهم و الیه الاشارة بقوله9 یا علی لایعرفك الا اللّه و انا و لایعرفنی الا اللّه و انت و لایعرف اللّه الا انا و انت.

و ان ارید به ظواهر التكالیف فانت تجد من نفسك انك لاتقدر علی اداء ركعتین من الصلوة تحفظ فیهما قلبك و ان ارید به بواطنه فاعظم و اعظم لانه مرءاة الوجود و شرح الوجود. و ان ارید به معرفة اللّه التی هی كشف سبحات الجلال من غیر اشارة بأن‌تخرق جمیع الحجب و تكشفها ثم تكشف الحجاب الاكبر و تخرقه الذی هو وجودك بأن‏تراه به صادراً عن فعل اللّه حین الصدور بالفعل لا بالتصور فیلتبس علیك بوجه من وجوهه و بیانه انك لاتراک مدركاً فو اشدّ معتركاً و اصعب مسلكاً. و ان ارید به معرفة النفس فهو ان‌تمحو الموهوم لیصحو المعلوم. و ان ارید به النفس فهو معنی قول علی7 لاتحیط به الاوهام بل تجلی لها بها و بها امتنع منها. و هذه الثلاثة الاخیرة متلازمة و البیان فیها واحد و المراد من كون ذلك صراطاً هو ما ذكرناه قبل و انت اذا نظرت الی هذه رأیتها ادقّ من الشعرة فهی عند النظر تمور موراً و تضطرب و تموج موجاً و احدّ من السیف تشق قدم البصیرة و تفرقه و ان كان مجتمعاً و هو المراد من انه احدّ من السیف.

و ان ارید به الجسر الممدود علی النار طریقاً الی الجنة الذی یصعدونه الف سنة و امتداده الف سنة و ینزلون منه الف سنة فهو انما كان احدّ من السیف و ادقّ من الشعرة لانه عبارة عن تلک المذكورات اذ هو وجود من وجوداتها فمن مرّ علی تلك مرّ علی هذا و من لم‏یمرّ هناك لم‏یمرّ هنا لان المعارف الحقة صعبة المنال قلّ من یمرّ علی صراطها المستقیم كمعرفة النفس و معرفة المنزلة بین المنزلتین فی القدر و معرفة الطینة و اثبات الاختیار لجمیع الخلق و معلومیة الخلق للّه سبحانه و ما اشبه ذلك مما اضطربت فیها الانظار و تحیرت فیها الافكار فان مثل هذه ادقّ من الشعرة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 675 *»

فی صغرها و اشدّ اضطراباً و تموجاً منها و احدّ من السیف ای تفرق القلب المجتمع و تشقه كحد السیف فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی حسین منی و انا من حسین؟ع؟؟ و لم ‏اختص الحسین7 بالقیام دون من قبله و من بعده؟ و ما معنی كلنا محمد؟

اقول: الظاهر ان معنی حسین منی ان الحسین7 من محمد9 كالضوء من الضوء و كبدل الكل من الكل او كالولد من الاب و هذا فی امر الوجود. و اما معنی انا من حسین فیحتمل انهم لما كانوا من نور واحد ثم قسموا صدق على ان كل واحد من الاخر. و یحتمل ان‌یكون وجود كل واحد سبباً لوجود الاخر و مركباً منه و متوقفاً علیه توقف معیة و تضایف فتركب وجوده العینی من وجوده و من وجود ما توقف علیه فیصدق علی كل واحد انه من الاخر. و یحتمل ان‌یكون فی باب الشهادة انه من الحسین7 لان الحسین7 هو سید الشهداء فكل شهید فهو من ذریة الحسین7 و الی ذلك الاشارة بقول الصادق7 ما معناه انه یكون اثناعشر اماماً و اثناعشر مهدیاً و القائم7 آخر الائمة و اول المهدیین و كلهم من ذریة الحسین7 و قداشرت الی هذا المعنی فی قصیدة رثیت بها الحسین7 قلت فیها:

لذاک كان ابوه مع اخیه كذا   بنوه من نسله حقاً و هابیل

و لاجل هذا قال ما قال9.

و انما اختص الحسین7 بالقیام و الجهاد فی هذه الدنيا تبیاناً لموافاة التی عاهد علیها فی عالم الذر بانه اشتری شیعته من النار بقتله و سبی نسائه و لهذا قام بالجهاد. و انما اشتری شیعته من دون سایر الائمة: لمقتضی طبیعته للخشوع و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 676 *»

الخضوع المستلزم لجلیل البلایا و الرزایا و لهذا جری خطاب الحضرة الالهیة فی ذكر شأن الحسین7 بنوع الشكایة و الانكسار لان ذكر الشی‏ء من العلیم الحكیم من نوع طبیعته و هو شأن القضاء المبرم و العلم المتقن فافهم.

و اما معنی كلنا محمد فهذا یشیر به الی استفسار قولهم: اولنا محمد و اوسطنا محمد و آخرنا محمد و كلنا محمد. و الاشكال فی كلنا محمد و لهذا ذكره، و بیانه انهم باعتبار نوع النور و الولایة المطلقة و الرد الیهم و الافاضة عنهم و احتیاج الخلق فی البدء الیهم و العود الیهم و وجوب الطاعة و غیر ذلك هم محمد صلى‌الله‌عليهم لانفرق بین احد منهم و نحن له مسلمون. و وجه آخر ان كل واحد منا اسمه محمد لما روی انهم اذا اتاهم ولد سموه محمداً و بعد السبعة الایام یغیرون اسمه ان شاؤا فلایبعد ارادة هذا المعنی مع ذلك المعنی و ان كان الاول هو المقصود لكن مع الثانی ینطبق الظاهر علی الباطن.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی الامانة التی اختصّ بها الانسان؟ فان كانت التكالیف الشرعیة او الولایة فما وجه تفسیر الانسان بالاول؟ و كیف یختص الانسان و الجن مشاركوه فی ذلک؟ و ما معنی كونها امانة؟

اقول: الامانة هی الولایة الخاصة او [و خ‌ل] العامة او التكالیف الشرعیة من المعارف و الاعمال و الاقوال و الاحوال او المحبة لعلی و اهل‏بیته؟عهم؟ او بغضه او [و خ‌ل] بغضهم و عداوتهم فعلی الاول و الثانی و قدمرّ الاشارة الی تعریفهما یكون المعنی انّا امرناهم و كلفناهم بذلک فقبلوا و لم‏یعملوا بل تركوا و اهملوا كما قال سبحانه ماكتبناها علیهم الا ابتغاء رضوان اللّه فمارعوها حق رعایتها فاٰتینا الذین اٰمنوا منهم اجرهم و كثیر منهم فاسقون

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 677 *»

فمعنی حملها یعنی تعهد بالقیام بها و لم‏یقم بها بخلاف السموات و الارض و الجبال فانهن استقلن من حملها و مثل ذلک التكالیف و المعارف و الاعمال و غیرها. و كذا المحبة و یحتمل ان المراد بحملها دعوی ذلك لا حمله او تمنی ذلك و لیس باهل ذلك كتمنی منزلتهم؟عهم؟ من الانسان الخاص او اعم او انتصابه منصبهم فان اللّه سبحانه لما خلق الاشیاء خلق لكل شی‏ء ضداً فلما خلقهم: و خلق لهم منصبهم فهم یتمنونه بحق و ضدهم یتمنی منصبهم بباطل فیعقدون فی ضدّ منصبهم و هم لایعلمون و ذلك لهم لا لغیرهم و قدجعل اللّه ذلك امانة یجب علی كل مخلوق ان‌تمكّن من شی‏ء من ذلك من منصب او تمنی رتبة او دعوی ذلك او دعوی شی‏ء ممّا لهم: ان‌یؤدیه الیهم: فلو خطر بباله شی‏ء من ذلك ان‌یصرفه الی اهله قال تعالی ان اللّه یأمركم ان‌تؤدوا الامانات الی اهلها و قال الرضا7 الامانة الولایة من ادعاها بغیر حق كفر و فی المعانی الامانة الولایة و الانسان ابوالشرور المنافق و هو الثانی و فی البصائر ما معناه ابین ان‌یحملنها كفراً ای حمل الانسان الكفر بها. و یدخل فی ذلك المعنی بالعرض تمنی آدم و حوا ذلك و هو الاكل من الشجرة لانه لیس الامانة و انما یلزم منه [يلزمه خ‌ل] و لو كان الاكل هو نفس المنزلة لكان ادعاء و لو كان كذلك لفكر آدم و حوا.

و ان ارید به التكالیف فلایراد بالانسان الخاص بل العام و ان فسر بالخاص فیراد انه اصل كل قصور و تقصیر و اغواء و ضلالة و ماسواه تابع له. و ان فسرت الامانة ببغض علیّ و اهل‏بیته: فتفسیر الانسان بالخاص ظاهر. و انما ارید بالامانة البغض لعلی7 لان اللّه تعالی لما خلق حبه7 حمله المؤمنون و خلق ضده و هو بغضه و لابد ان‌یكون له حامل فعرضه علی السموات و الارض و الجبال فابین ان‌یحملنه و اشفقن منه و حملها الانسان انه كان ظلوماً جهولاً. و الانسان فی كل ذلك یختص باولیة ذلك و اصالته و الجن تابعون فلذلك ذكر المتأصل.

قال سلمه اللّه تعالي قال سلمه اللّه تعالی: و ما الدلیل علی ان نوح [نوحاً ظ]؟ع؟ افضل اولی العزم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 678 *»

الاربعة ثم ابراهیم الخ؟ و كیف تنسخ شریعة الافضل شریعة الفاضل، بل كیف یأتی الفاضل و یظهر بعد الافضل؟

اقول: اعلم ان المشهور عندنا ان ابراهیم افضل الاربعة و ظواهر الاخبار اكثرها دالّ علی ذلك ثم نوح ثم موسی ثم عیسی: و قال بعض اصحابنا بافضلیة نوح7 ثم ابراهیم ثم موسی ثم عیسی: و هذا الذی یقوی فی نظری و الدلیل علی ذلك من امور؛ الاول: انه قدّمه اللّه سبحانه فی الذكر فی مقام لوحظ فیه ترتیب الافضلیة قال اللّه تعالی و اذ اخذنا من النبیین میثاقهم و منك و من نوح و ابراهیم و موسی و عیسی بن مریم. و وجه الاستدلال انه ذكر النبیین و قددخل هؤلاء فیهم و انما ابانهم و خصّصهم بالذكر لتفضیلهم و زیادة الاعتناء بهم فلما اقتضی المقام التفضيل لوحظ فیه الترتیب و لان ذلك هو المتبادر عند الاطلاق فی مقام التفضیل و لهذا قدّم ذكر محمد9 و لو لوحظ التقدیم للتقدم الزمانی لماقدّم ذكر نبینا9 و التقدیم فی مقام التفضیل و لا قرینة تدل علی شی‏ء یصرف عن الترتیب یدل علی الترتیب فی الفضل و كل من له بصیرة بالعربیة یقول بهذا. الثانی: ان اللّه سبحانه اٰتاه خمسة‌عشر حرفاً من الاسم الاعظم و ابراهیم ثمانیة و موسی اربعة و عیسی اثنین و هو یدلّ علی الافضلیة. الثالث: ان رسالته عامة و لیس فی الانبیاء من رسالته عامة الا محمد9 و نوح7. و اما ابرهیم7 ففی الخبر انما ارسل الی قریة فیها اربعون بیتاً و لاینافی هذا كون شریعة ابراهیم ناسخة لشریعة نوح7 و یأتی الاشارة الی ذلك. الرابع: من قول اللّه تعالی و انّ من شیعته لابراهیم و قداجمع المسلمون من الفریقین ان ابراهیم7 افضل من موسی و عیسی8 فاذا ثبت ان ابراهیم الذی هو افضل من موسی و عیسی من شیعة نوح7 و لا شك ان الذی من الشیعة مفضول و امامه افضل منه و بهذا یندفع ما ورد من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 679 *»

الاحادیث المتكثرة علی علوّ رتبة ابراهیم7 بأن‌یقال قل ما شئت فی شأن ابرهیم فانه من شیعة نوح بنص الكتاب بكل معنی فسرت المشایعة.

و اما قوله و كیف تنسخ شریعةَ الافضل ــ بفتح شریعة، مفعول تنسخ ــ  شریعةُ الفاضل ــ بضم شریعة الثانیة فاعل تنسخ مؤخر ــ فاعلم ان النسخ لا تعلق له بمقام التفضیل لان النسخ انما یكون عند انقضاء مدة الحكم و اذا كان فی الشریعة الناسخة احكام متجددة لم‌تکن فیما قبلها او مغیرة فهو لاختلاف الموضوع فی نفسه و فی زمانه و عوارضه فیختلف الحكم كما قیل انما امر اللّه سبحانه بنی‏اسرائیل بقرض لحومهم اذا اصابها البول لان جلودهم بالیة كالاعقاب فاذا قطع منها شی‏ء لایحصل منه ضرر و لایخرج منه دم و لما كانت هذه الامة جلودها طریة بحیث لو قطعت حصل منه الضرر العظیم و منه یخرج الدم المنجس امروا بالتطهیر بالماء و اللّه رؤوف بالعباد فكان علی هذا تغییر الحكم لاختلاف الموضوع و ذلک لاینافی الفاضلیة او الافضلیة و علی مثله جری تأویل قوله تعالی تلک امة قدخلت لها ما  كسبت و لكم ما  كسبتم و لاتسئلون عما كانوا تعملون.

و اما انه كیف یأتی الفاضل بعد الافضل فلا اشكال فی هذا لان تقدم الافضل و تأخره و توسطه لایناط به عظیم امر لان مراتب الوجود کل مرتبة تحصل عند تمام قابلیتها و لا ضابط لذلک نعم الامر الطبیعی یقتضی طریقین احدهما ان‌یكون الافضل اولاً و المفضول اخیراً و الثانی ان‌یكون الافضل اولاً و آخراً لاختلاف قوابل مراتب الوجود.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما الوجه فی عموم الطوفان لاهل الارض حتی الدواب دون سائر الانبیاء [امم الانبياء خ‌ل]؟

اقول: ان الوجه فی عموم الطوفان هو ان النبی نوح [نوحاً ظ]؟ع؟ كانت نبوته عامة لجمیع اهل الارض بخلاف سائر الانبیاء؟عهم؟ فان افضلهم ابراهیم7 و لم‏یرسل الّا الی قریة فیها اربعون بیتاً و كذلک باقی اولی العزم كموسی و عیسی؟عهما؟ و جمیع الانبیاء: نبوتهم خاصة الّا نوحاً

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 680 *»

؟ع؟ و محمداً9 فانه ارسل الی ماسوی اللّه تعالی مما حواه الامكان من [فى خ‌ل] المفعولات. و الدلیل علی ذلك قول ابی‏محمد العسكری؟ع؟ و روح القدس فی جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا الباكورة. و موسی7 لمّا لم‏تكن نبوته عامة كان طوفانه خاصاً بقوم فرعون القبط.

فان قلت اذا كان نوح نبوته عامة انما ارسل الی الانس خاصة و اما الدواب فكیف یعمّها و لم‏یكن مرسلاً لها، قلت قدذكرنا فی مواضع من اجوبة بعض المسائل بأن كل متحرك بالارادة ارسل الیه من اللّه من یبلغه ما یرید منه من التكلیف و هو قوله تعالی و ما من دابة فی الارض و لا طائر یطیر بجناحیه الّا امم امثالكم مافرّطنا فی الكتاب من شی‏ء ثم الی ربهم یحشرون فقدنصّ علی ان كل ما فی الارض من كل ذی‌روح امم امثالنا و قال تعالی و ان من امة الّا خلا فیها نذیر فاخبر ان كل امة ارسل الیها نذیراً لانه اخبر ان الكل یحشرون الی اللّه یوم القیمة و لیس ذلك الا للفصل بینهم. و قددلّ الدلیل العقلی الذی لایدافع انه لایفصل بین من لایرسل الیه رسولاً قال تعالی و ماكنّا معذبین حتی نبعث رسولاً و هو النذیر المذكور فی الایة السابقة فالدواب التی كانت فی زمان نوح7 التی غرقت انما غرقت لعدم قبولها للدعوة.

فان قلت هل كان نوح7 رسولاً الیها حتی بلغها فانكرت ام لا؟ فان قلت انه رسول الیها فعلیک الدلیل اذ لایدل عقل و لا نقل، و ان لم‏یرسل الیها فكیف یعمّ العذاب من لم‏یعص و لم‏یكلّف و هذا لایجری علی طریقة اهل العدل؟ قلت لم‏یكن نوح7 رسولاً الیها ابتداءاً ولكن رسلها تأتیه فیأمرها كما قال تعالی حکاية عن بعض النذر غیر الانس اذ صرفنا الیك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قضی ولّوا الی قومهم منذرین. قالوا یا قومنا انا سمعنا كتاباً انزل من بعد موسی مصدقاً لما بین یدیه یهدی الی الحق و الی طریق مستقیم. یا قومنا اجیبوا داعی اللّه و آمنوا به الایة و كانوا من جن نصیبین فوفقهم اللّه للهدی و صرفهم الی محمد9 و هو فی صلوته فسمعوا القرآن و آمنوا و تعلّموا منه9 دینهم و صرفهم اللّه تعالی الی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 681 *»

قومهم منذرین. و الاصل فی ذلك انه لایرسل الی امة الا من یقیم علیهم الحجة و ذلك انما یكون اذا كان مجانساً لهم یعرفون كلامه و هو قوله تعالی و ماارسلنا من رسول الا بلسان قومه لیبین لهم فكل نوع من الدواب امة و كل امة ارسل فیها نذیر بلسانها لیبین لهم ولكن رسل غیر الانس تأخذ من رسل الانس لأن الانسان هو الواسطة بین اللّه و بین سائر الحیوانات الا انها فی غیر محمد و آله9 و النبی سلیمان بن داود8 غالباً بالترتیب الطبیعی مثلاً كان یأتی نذیر الجن الی نذیر الانس و یأخذ عنه و یأتی نذیر الحیوانات الی نذیر الجن و یأخذ عنه. و اما سلیمان بن داود8 فلایجب فی حقه ذلك لانه قد علم لغات الحیوانات فهو یبلغ نذرهم بلاواسطة. و اما محمد و اهل‌بیته الطیبون: فكذلك لایجب الترتیب الطبیعی معهم لانهم یعلمون سائر اللغات فیبلغون نذر الحیوانات باحد وجوه ثلثة ان شاؤوا خاطبوها بلغاتها و ان شاؤوا نزلوا الی رتبتهم فخاطبوهم بجهة المجانسة الحیوانیة و ان شاؤوا رفعوا تلك النذر الی مراتب الانسانیة فخاطبوها بجهة المجانسة الانسانیة.

فنوح7 فی زمانه قدعمت نبوته لجمیع اهل الارض من الحیوانات و نذر الحیوانات قدبلغت امتها اوامر النبی نوح7 فلم‏یقبلوا فاخذهم اللّه بذنوبهم و ما اللّه یرید ظلماً للعباد. فان قلت فعلی قولك ماكان شی‏ء من الحیوانات فى [فى غير خ‌ل] زمان نوح و سلیمان و محمد صلی‌اللّه‌علیهم مكلفاً لانهم یكلمونهم بلغاتهم، قلت بلى [بل خ‌ل] هم مكلفون فمن اخذ نذره عن نبی من تلك الانبیاء: فذاك و الا فان اللّه سبحانه قدجعل امر الخلق الی محمد و آله صلوات‌الله‌عليهم فما نقص فعلیهم تكمیله فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما  كیفیة استنزال الانبیاء للوحی و العذاب؟ و ما الفارق بین المعجزة و السحر؟ و كیف یتأتی للكاهن الاخبار عن الغایبات؟

اقول: اما كیفیة استنزال الانبیاء للوحی فبلسان اهل الظاهر انه اذا بلغ ذلك النبی؟ص؟ ان‏یكون نبیاً ارسل اللّه علیه ملكاً بما یرید تبلیغه الی الرعیة و استنزال العذاب ان‌یسأل ربه ان‌ینزل علی من عصاه من امته العذاب. و اما بلسان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 682 *»

اهل التأویل انه اذا كمل استعداده اقتضت قابلیة نفسه انزال الوحی علیه مثل من كملت فكرته فانها تقتضی انزال الواردات علی قلبه و خیاله بوجود قابلیة ذلك او جعل القابلیة بتمامها سبباً لانزال ذلك و العذاب كذلك و هو اخراج ما فی القوة الغضبیة لله من الانتقام من الجاحدین بجهة مثیر تلك القوة الغضبیة و الاخراج یصدر عن النفس القویة علی اخراج ما فی الغیب الی الشهادة.

و اما الفرق بین المعجز و السحر ان المعجز هو فعل ما یكون خارقاً لعادة الاسباب و المقتضیات بأن‌یكون بقوة استدعاء ذلك النبی سبب و مقتض لفعل ذلك الخارق بأن‌یكون له جهتان جهة مانعة لمقتضاه الاول و جهة موجبة لایجاد ما هو معجز. و السحر قدیكون اذا لم‏یكن من السیمیاء له هذه الجهتان لكنها لیست بقوة استدعاء الفاعل و انما هی باعداد اسباب و مقتضیات لیمیائیة او ريميائية او هیمیائیة خاصة بذلك المحدث المستغرب فلو ارید غیره احتیج الی تدبیر اسباب جدیدة خاصة بذلك الغیر لاتصلح لغیره فلایكون ذلك مقروناً بالتحدی لخصوص السبب و وجوب اعداده قبل الطلب و كذلك السیمیاء فی ابراز شی‏ء فی الخیالات لان ذلك لیس باستدعاء قوة الفاعل و انما هو بتهیئة الاسباب الخاصة بخلاف المعجز فانه باستدعاء قوة الفاعل و لهذا كان مقروناً بالتحدی لصلوح قوة نفس الفاعل و شدة ربطها بفعل اللّه تعالی لكل مطلوب فكانت بذلك الربط سبباً لذلك الایجاد الخارق للعادة لا بتهیئة الاسباب.

و اما اخبار الكاهن عن الغائبات فلیس لان بین نفسه و بین حملتها ربطاً فیشافهونه بما یقول عنهم من الاسرار [الامور خ‌ل] الغائبة و انما كان بین نفس الكاهن و بین اضداد حملة الغیب ربط و مشابهة فكانت تلك الاضداد التی هی الشیاطین تسرق من ذكر حملة الغیب و تسبیحهم كلمات اراد اللّه منهم اظهارها اختیاراً للعباد فتأخذها الشیاطین و تضیف الیها مشابهات لها لا من جهة الذات بل من جهة الصورة و انما هی مشابهة لذواتهم فلاتكون كلها حقاً و لهذا قال تعالی یلقون السمع و اكثرهم كاذبون لانهم ماسمعوا الاكثر و انما قاسوا علیه نظائره لموافقة ذواتهم التی هی خلاف الحق.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 683 *»

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی قول الصدر ان العالم تدریجی الحدوث و كل تدریجی الحدوث فزمان حدوثه زمان بقائه و هو ستة آلاف سنة منذ خلق آدم7 الی زمان بعثة محمد؟ص؟؟

اقول: اما كون العالم تدریجی الحدوث فی عالم العقلی و النفسی و المثالی و الجسمانی فمما لا ریب فیه الا ان الظاهر ان المراد به فی الزمان و ان كان فی الدهر و السرمد كذلک و ان المراد بالعالم اجزاؤه یعنی ان ظهور اجزاء العالم فی الزمان تدریجی و یرید ان بقاء ما وجد منه زمانه زمان حدوثه ای ظهوره فی الزمان و یرید ان ما قبل آدم ابی‏البشر7 من العالم لیس فی الزمان و انما هو فی هورقلیا فاول ظهور العالم وجود آدم7 فی هذه الارض بعد خروجه من الجنة لان الجنة التی خرج منها من هورقلیا و ان كانت تطلع علیها الشمس و تغرب لیست فی الحقیقة تلك الشمس هذه الشمس المرئیة بالابصار فیكون علی هذا زمان بقائه باعتبار ما وجد منه من الاجزاء زمان حدوثه زمان حصوله فی الكون فی الاعیان و هو ستة آلاف سنة الی بعثة النبی محمد9 تقریباً علی ما نقله بعض المورخین و فی بعض الاخبار ایضاً علی اختلاف فیها ولكن لیس مراده ضبط المدة بل بیان ان المراد [المدد خ‌ل] انما هی فی الزمان و ما لم‏یوجد منه فی الزمان و ما وجد و فقد لیس له مدة و هذا كلام علی ظاهره و لیس به بأس ولكنه مجمل لم‏ینقح بالتفصیل.

و الاشارة الی ذلك علی سبیل الاختصار و الاقتصار هو ان الدور داران دار الدنیا و دار الآخرة و العوالم عالمان عالم الغیب و عالم الشهادة. فاما الدنیا اذا اطلقت فهی هذه الایام المعروفة عند العوام التی اولها بالنسبة الی الانسان یوم الولادة و آخرها یوم وفاته. و الآخرة بالنسبة الیه اذا اطلقت اولها یوم حشره و آخرها مصیره الی الجنة او النار. و ما بینهما ای ما بین موته و حشره یوم ثالث لا من الدنیا لكونه قد قدم علی ما قدم و عاین ما ستر عنه فی الدنیا و كشف له عما كان خفی [خفيا خ‌ل] عنه و لا من الآخرة لانه ذو لیل و نهار و عشیة و ابكار و الآخرة لیس فیها ذلک. و اما عالم الشهادة فهو المحسوس بابصار العوام فی الدنیا و عالم الغیب هو

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 684 *»

الغائب عنها فی هذه الدنیا.

فالبرازخ الموجودة كما فی الحس المشترك لیس من عالم الغیب لوجود الزمانیات فیه كالاصوات و الالوان و الاذواق و غیرها و لا من عالم الشهادة لان العوام لاتدركه بابصارها فی الزمان و المعروف من اطلاقات الاخبار و القرآن الحاق البرزخ [البرازخ خ‌ل] بالیوم الادنی فی الصورتین مثل قوله تعالی و لهم رزقهم فیها بكرة و عشیاً و النار یعرضون علیها غدواً و عشیاً و كقوله7 فی جنة آدم7 انها جنة من جنان الدنیا و كما قال فی حكایة جابلصا و جابلقا و ان كل واحدة یخرج منها كل یوم سبعون الفاً لایعودون الی یوم القیمة و یدخل فیها [يدخلها خ‌ل] سبعون الفاً لایخرجون الی یوم القیمة. و المعنی ان الغربیة جابلصا یخرج منها كل یوم سبعون الفاً یمضون جابلقا و لایعودون الی یوم القیمة و یخرج من جابلقا سبعون الفاً یمضون جابلصا لایعودون الی یوم القیمة و انهم لیمرون بین السماء و الارض و یتلاقون فی الهواء و یتخاطبون. فاذا كنت فی مكان خال عن الناس و الحركات و الاصوات سمعت دویهم كدوی النحل خصوصاً فی اللیل اذا هدأت العیون و هم من اهل البرازخ الدنیاویة فتدرک دوی اصواتهم فی الحس المشترك و لو كانوا من عالم الغیب و اهل الاخرة لماسمعت دوی اصواتهم. و وقف علی7 و عنده ضریس الكناسی و علی7 ینظر الی الارواح محتبين بالغری و اذا سددت اذنیك باصبعیك بحیث لاتسمع شیئاً من هذه الدنیا سمعت خریر ماء نهر الكوثر تصبّ [يصبّ خ‌ل] فی الحوض و امثال ذلك. و كل هذه و امثالها لیست من عالم الغیب البحت و لا عالم الاخرة الخالص و الا لماادركتها بحواسک الظاهرة بحال ولكنها لیست من دنیا العوام و النصوص من القرآن و الاخبار تلحقها بالدنیا من وجه كما سمعت و بالاخرة من وجه مثل من مات فقدقامت قیامته و ان القبر اول منازل الاخرة.

الحاصل ان اراد الملّا بهذا العالم التدریجی الذی زمانه ستة آلاف سنة عالم العوالم فحسن و ان اراد عالم الاجسام الزمانیة مطلقاً فغیر مسلم لانه ان اراد ان العالم خلق فی ستة ایام و كل یوم عند ربک كالف سنة مما تعدون لزم ان‌تكون بعثة نبینا9

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 685 *»

خارجة عن ذلك العالم فلایكون نبینا9 خاتم النبیین و هذا باطل لان الخاتم داخل فی المختوم و ان استند الی قوله7 ان الفلك استدار كهیئة یوم خلق اللّه السموات و الارض فلیس المراد به ذلك لان المراد باستدارته استدارة استقامة فی الاكوان التشریعیة و ان كانت مبادی الاحكام الوجودیة [وجودية خ‌ل] و ذلك بعد اختلافها باعمال الظالمین و شرح الحال یطول. فقد ورد ان الجنتین المدهامتین فی الرجعة تخرج عند مسجد الكوفة و ما وراء ذلك بما شاء اللّه انتهی. مع انه قدورد ان الارض قبل آدم كان فیها عوالم كثیرة كالسلاحف و كالخلق الذین علی صورة البقر و كالطائر المسمی بالقرا  و كالجن الذین كان ابلیس حاكماً علیهم و كالنسناس و كل هؤلاء قبل ابینا آدم7 و قداشتهر بین اهل التواریخ بقاء بعض طوائف النسناس بعد آدم ابینا هذا الاخیر و احتمال انهم خلق آخر علی شبه الماضین بعید و خلاف الاصل و حمل هذه علی نوع من البرزخ و ان كان غیر بعید ولكن تقدم بیان البرازخ فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی قوله ان ثمار الجنة انما نضجها و حلاوتها بسبب حرارة النار؟

اقول: المراد بهذه النار نار الارادة المشار الیها فی قوله تعالی و لو لم‏تمسسه نار و هی من الشجرة الكلیة المعبر عنها ببرزخ البرازخ و قدیعبرون عن هذه النار بنار العشق و لهذا قال شاعر اهل التصوف:

العشق نار اللّه اعنی الموقدة   فطلوعها و غروبها فی الافئدة

و بالجملة فارادته بهذا المعنی صحیحة و لا اشكال فیها لان اصل الحرارة انما حدثت من حركة الفعل فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی ان كل شی‏ء عائد الی ما منه بدء و كما خلقنا اول خلق نعیده و مبدء الكل و اول الخلق عقل و المعاد الجسمانی ثابت و ما معنی رجوع الكفار الی اهل‏البیت؟عهم؟؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 686 *»

اقول: ان كل فرع جار مجری اصله و اصل هذه المفعولات العقل الاول و هو لما خلقه اللّه قال له ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل فجرت هذه الكلمة فی آدم الاول و فی ذریته فكل واحد من ذریته قال له ادبر فادبر فقال له اقبل فالمطیع یقبل و العاصی یدبر. اما المطیع فبرز من المبدأ الاعلی و یعود الیه و اما العاصی فبرز من المبدأ الاسفل المجتث و هو عكس الاعلی و ضده و اقبل بظاهره بسؤاله الوجود لیقوی به علی الادبار الی مبدئه فكان فی اقباله ظاهراً مدبراً حقیقة و باطناً و لما كان المخلوق فقیراً فی بقائه الی دوام المدد المتصل كان ابداً فی السیر فی سؤاله و استعداده منذ تمیز [تميز من خ‌ل] جنسه سیراً مستدیراً صحیح الاستدارة حتی یعود الی ما منه بدئ. فان كان ذا نفس ناطقة عاد عود مجاورة لا عود ممازجة و الا فیعود عود ممازجة لا عود مجاورة و لا عود فناء و عدم و انما هو عود فناء و بقاء ثم البروز و التشخص له مراتب تمایز اجسام كما تری و تمایز امثال و اشباح كما تحسّ و تمایز نفوس كما تعلم و تمایز معانی كما تعقل و تمایز حقیقة كما تعرف و لیس لواحدة من هذه المراتب عند عودها الی ما منه بدئت فناء عدم فیه بل فیما فوقه. هذا بالنسبة الی المعروف من احوال هذه النشأة. و اما بالنسبة الی احوال النشأة الاخری فلیس الاسفل بفان فی الاعلی بل یدرك الاعلی بطور من الاعلی كما یدرك الاعلی الاسفل بطور من الاسفل لقوة التشاكل و التلازم و عدم الموانع و قوله تعالی كما بدءنا اول خلق نعیده معناه انه بدءه من طین فاماته و رجع الی ما منه بدء ثم یعیده كما بدء و بدء تركیب روحه عند تمام بنیته فاذا كان یوم القیمة و تمّت بنیته فی قبره الذی هو بطن امه ركّب روحه كما ركّبها اولاً لانها بنفخة الصعق تفككت كما ذكرنا سابقاً فی المخازن الستة من الصور.

و قوله و مبدء الكل و اول الكل عقل، بیانه ان العقل مبدء العقول و اطواره مبدء اطوار ماسواه من الرقائق و النفوس و الذرّ و الاجسام. و اما رجوع الكفار الی اهل البیت: فانهم یرجعون الی ما صدروا عنه منهم: لانهم صدوروا عن خلافهم و عداوتهم و انكارهم فیرجعون الیه و كل شی‏ء یرجع الی ما صدر عنه من مؤمن و كافر.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 687 *»

قال سلمه اللّه تعالی: ثم ان كانت الاجرام البسیطة غیر قابلة للكون و الفساد، فما معنی كشط السماء و عودها؟ و هل یجری ذلك فی الاطلس و المكوكب ام لا؟ و كیف لاتتناهی بقوة جسمانیة؟

اقول: اعلم ان المعنی قولهم ان الاجرام البسیطة غیر قابلة للكون و الفساد انما هو فی التدریجیین الذین هما النمو و الذبول ای الزیادة و النقصان لانها غیر قابلة للایجاد و الاعدام فكما جاز علیها الایجاد و هو الصوغ الاول یجوز علیها الكسر و هو الكشط و الطی و الانشقاق و الانفطار و السلخ فتنشر دخاناً كماكانت فی ابتدائها دخاناً و یزال فتقها فتكون رتقاً ثم تعود الی ما منه بدئت فتجاور الارض بعد كشط زبد فیها [زبديتها خ‌ل] فیجاوران الماء الذی منه خلقتا الا ان اوضاع الثلثة باقیة و هذا معنی المجاورة و ذلك بعد النفخة الاولی ثم یصاغ فی النفخة الثانیة هی و ما فیها من الارواح و الاشباح و الاجسام و هذا هو التبدیل المذكور و هو المعنی المذكور فی القرآن و الاخبار و لا فرق فی ذلك بین المكوكب و الاطلس و بین الارض. و اما كیف لاتتناهی قوة جسمانیة، فالجواب ان كل قوة حادثة روحانیة او جسمانیة فانها تتناهی ولكن لاتتناهی الی الفناء و انما تتناهی الی البقاء و انّ مردّنا الی اللّه و الی اللّه المصیر.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما وجه كون الحسنة بعشرة و السیئة بواحدة؟ و ما وجه تضاعفهما علی نساء النبی9 و بنی‏هاشم؟

اقول: قدقدمنا ان الانسان خلق من عشر قبضات من الافلاك التسعة و من هذه الارض ارض النفوس و كانت هذه العشرة متأصلات فی الوجود و الحسنة من الوجود و الیه تعود فاذا فعل الانسان الحسنة كان اول مبدئها من القبضة الاولی التی من الفلك الاطلس التی خلق منها قلبه و هی متأصلة فی الوجود و الحسنة من الوجود فتكون ثابتة فیها فتكتب فیها حسنة و تنزل الی قبضة المكوكب التی هی الصدر فتكتب فیها حسنة لتأصلهما و هكذا فی كل قبضة فتكون عشراً. فاذا فعل السیئة كانت السیئة مجتثة لا قرار لها لانها من الماهیة المجتثة الاصل و اول ابتدائها من المكوكب ای الصدر لا من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 688 *»

الاطلس ای القلب فتمرّ علی الصدر  و ما تحته و لاتستقرّ فی شی‏ء من ذلك لاجتثاث اصلها حتی تصل الی قبضة الارض الی الجسد فیحصل لها نوع استقرار لقوة الاحساس بالنسبة الی الجسد بخلاف ما قبله فانها وجودات مجردة فلایستقر فیها ما لیس من نوعها لانحطاط رتبته فاذا مضت سبع ساعات فی كل ساعة ینعكس بخار السیئة الی مافوق فیمر منعكساً من الجسد الی الحیوة ثم الفكر ثم الخیال ثم الوجود الثانی و الوهم و الهمة و النفس فاذا وصل بخارها من الجسد الی النفس كتبت سیئة اذ لا تعدد لها و اما رجوع بخارها الی المراتب السبعة فهو شرط ثبوتها فی الجسد و اذا كثرت و تراكمت تكاثف البخار و طبع علی المراتب السبعة اولئك الذین یضاعف لهم العذاب ماكانوا یستطیعون السمع و ماكانوا یبصرون.

و اما تضاعف العذاب علی نساء النبی9 و بنی هاشم فلأن لهم من جهة القابلیة جهتین الاولی جهة غیرهم من سائر المكلفین من التعریفات و القوی و القابلیات و غیر ذلك. و جهة من جهة النبی9 فلأن لها تأثیراً فی تضعیف التعریفات و القوی و القابلیات فان قربه9 مؤثر فی ذلك كالقرب من السراج فی تضعیف الاستنارة فاذا قبل ضوعف له الاجر و اذا لم‏یقبل ضوعف علیه العذاب مرتین احدىهما من ترك التكلیف و الثانیة من تلك القرب من المنیر9 فانه حرمان للنور كالحرمان لنور الطاعة بترک الامر فافهم.

قال سلمه اللّه تعالى: و ما معنی ما فی بعض الادعیة بالاسم الذی استویت به علی عرشک و استقررت به علی كرسیک؟ و ما المراد بذلک؟

اقول: الاسم الذی استوی به علی عرشه هو الاسم الاعظم الذی هو ذكر الرحمن فی قوله تعالی و من یعش عن ذكر الرحمن الایة و هو فلك المحبة الحقیقية و عالم فاحببت ان‌اعرف فاستوی به علی عرشه فاعطی كل ذی حق حقه و ساق الی كل مخلوق رزقه و هو الرحمة التی وسعت كل شی‏ء قال الحسین7 فی مناجات یوم عرفة یا من استوی برحمانیته علی عرشه فصار العرش غیباً فی رحمانیته كما صارت العوالم غیباً فی عرشه و كان استواؤه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 689 *»

علی عرشه هو نفس ذلك الاسم فاستوی بظهور علل الاشیاء و علم الكیفوفة و البداء و هو العرش نفسه ای العلم الباطن و هو الباب الباطن من العلم و استقرّ به علی كرسیه [و ظ] استقراره هو ذلك الاسم بظاهره و هو نفس الكرسی فاستقر بظهور صور الاشیاء من الذوات والصفات و الاضافات و النسب لان نقش الصور هو تمام الاستقرار و هو الكرسی نفسه ای العلم الظاهر و هو الباب الظاهر من العلم كما قاله7.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی قوله تعالی و ماأنسانیه الّا الشیطان؟ و كیف ینساها المعصوم او ینسیه الشیطان؟

اقول: ان المعنی انی تركت ما الاولی ذكره او غفلت عمّا الاولی تذكّره و هذا غیر قادح فی حق الانبیاء: حال النبوة و ان كانوا یعدونه تقصیراً و معصیة و یعاتبون فی سرهم علیه و هم: یعلمون ان ذلك لم‏یقع من جهة وجودهم الذی هو نور اللّه و انما یقع من جهة ماهیتهم التی هی من نوع الجهل الذی كان ابلیس مظهراً له. و معنی كون ماهیتهم من نوع الجهل انه من العدم لان الماهیة انما وجدت بتبعیة الوجود لكنها فی حقهم: متلاشیة تكاد تفنی لقوة نور وجودهم و لهذا كانت حسنات الابرار سیئات المقربین فاذا كان منهم شی‏ء من ترك الاولی او فعل المباح عدوه ذنباً و نسبوه الی الشیطان لان منشأه من نوع حیاة الشیطان فلذلك قال أنسانیه و لم‏یقل نسیته لان الانبیاء لاینسب الی نفسه شیئاً بل ینسب الحق الی اللّه و ینسب ترك الاولی و فعل الجائز الی الشیطان.

و اما الجواب عن انه كیف ینساها فهو ان معنى ینساها یترکها و یعرض عنها الی ما هو اهمّ منها من شغل وجوده بربه فاذا اشتغل بما هو اهمّ عن شی‏ء فان كان ذلك الشی‏ء فیه نوع منفعة لم‏یجز ان‌ینسب تركه الی اللّه لان اللّه لایتجاوز المنفعة و ان قلت لایعزب عنه مثقال ذرة و لا الی نفسه لانه لا انیة له و انما ینسبه الی الشیطان و ان لم‏یكن ذلك الشی‏ء فیه نوع منفعة فالصرف عنه من روح القدس فاشغله اللّه بذكره عن ذكر الحوت و نسب نسیان ذكر الحوت الی الشیطان لما ذكرنا لان الشیطان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 690 *»

لیس له سلطان علی الذین آمنوا و علی ربهم یتوكّلون.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی ما فی ظاهره نسبة المعصیة الی اهل العصمة:؟ و ما تأویل تلك المعصیة؟ و ما معنی ذنوبهم و استغفارهم؟

اقول: نسبة المعاصی الی اهل العصمة: علی وجوه؛ منها كونهم یشهدون ان لهم نوع انیة و لو فی بعض الاحوال نظیره ما قال شاعرهم:

اقول و مااذنبت قالت مجیبة   وجودک ذنب لایقاس به ذنب

و تفصیل مراتب هذا الوجه یطول به الكلام فلایناسب هذه الاجوبة المختصرة المبنیة علی الاشارة و الاقتصار. و منها انهم عدوا فعل المباحات و الراجحات الشرعیة التی تكون مرجوحة بالنسبة الی حالهم كالنكاح للسنة و لكسر شهوة النفس و كالاكل للتقویة علی الطاعة بالنسبة الی الحضور بین یدی الملك الجبار ذنباً و منها ما تحملوا من ذنوب شیعتهم فانها ذنوب حقیقیة ضمنوها و هی تقصیرات فی شأن جبّار السموات فلذلك یستغفرون و یبكون و لولا ذلك لاخذوا بها.

قال سلمه اللّه تعالی: و كیف یكون الفلک التاسع فی نهایة السرعة و الثامن فی نهایة البطؤ؟

اقول: انما كان الفلك التاسع فی نهایة السرعة لخفته و قوة تجرد معناه لان جسمه لا شی‏ء فیه من الكواكب فكان سیره واحداً لیس فیه دواع مختلفة كالمکوكب فتعوقه فی السیر و لا عدم استواء فی جرمه بالغلظ و الرقة كالمتممات الحاویة و المحویة لالتواء دورته اذا كان متمماً واحداً و لتخلل الخارج المركز اذا ضم الی المتمم الثانی. و اما من جهة تجرد معناه فلان معناه مجرد عن المادة و المدة و الصورة لان باطنه الاسباب و العلل و معانی الاشیاء و لا شی‏ء اسرع دوراً منها لشدة ‏دورانها و خفة جسمها و عدم العوائق مما ذكرنا و ما لم‏نذكره كان اسرع الاجسام دوراً.

و اما الثامن فلثقله لانه اثقل الافلاك كلها لما فیه من الحركات المختلفة و المتحركات المتكثرة فان كل كوكب فله حركة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 691 *»

خاصة به و له فلك جزئی قدتداخلت التداویر و تصادمت التقادیر فثقل جسمه من تصادم الحركات و اختلاف المتحركات و اما معناه المدیر له فانه و ان كان مجرداً عن المادة و المدة لكنه لیس مجرداً عن الصورة فكان فی نفسه بطیئاً و كان تعلقه بجسمه تعلق ارتباط و اقتران فعاقه الثقیل بثقله عن سرعة السیر فكان بطیئاً لضعف حركة معناه و ثقل جرمه لان معناه كان تلك الصور المتكثرة المختلفة الذات و الهیئات و الحركات لانها نفوس هذه الكواكب المتكثرة المختلفة و صفته هذه لا توجد فی غیره من الافلاك فلذلك كان ابطأ بالنسبة الی رتبته.

قال ايده الله تعالى: و ما تفصیل لایكون شی‏ء فی السماء و لا فی الارض الا بسبعة اشیاء؟ فما تفصیل تلك السبعة فی المجرد و فی الافاق و فی الانفس و فی الجنین؟

اقول: اعلم ان قوله7 لایكون شی‏ء فی الارض و لا فی السماء الا بسبعة بمشیة و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل وكتاب فمن زعم انه یقدر علی نقص واحدة فقدكفر او فقداشرك. و نقص بالصاد المهملة او بالمعجمة یراد منه ان المشیة فی ایجاد الكون و هو الوجود و الارادة فی العین و هو الذات ای تتمیم الذات بایجاد الماهیة لان الشی‏ء لاتقوم عینه و لایظهر وجوده الا مركباً منهما و القدر فی هندسته و حدوده و القضاء فی نظمه و تمامه و الاذن فی امضائه و اظهاره و الاجل فی مدة بقائه و الكتاب لحفظه فكل شی‏ء ظهر فی الوجود من الامكان فانما ظهر بهذه السبعة لا فرق بین المجرد و غیره و انما الخفاء فی المجرد و نحن نشیر الیه.

فاعلم ان اعلی المكونات العقل الذی هو عبارة عن المعانی المجردة عن المادة و المدة و الصورة و هو انما كان بهذه السبعة و كل معنی منه كان بالسبعة لانه یكوّن [مکون خ‌ل] فهذا من المشیة ‏و اذا كان مكوّناً انما یظهر و یتشخص فی نفسه بانه هو و انه كان و هذا من الارادة و انه مقدر بانه غیر محدود بزمان و لا لزمان و لا فی مكان و انه مقدر محدود فی السرمد فهذا من القدر و انه انما كان هو هو لانه تم ما له فهذا من القضاء و انه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 692 *»

انما خرج فی الوجود بالرخصة من اللّه و هذا من الاذن و انه لا الی غایة زمانیة و انه الی غایة سرمدیة و هذا من الاجل و انه وضع قائماً لاستقامته فلایكون مبسوطاً و هذا من الكتاب و كل معنی منه فعلی هذا الترتیب و كل شی‏ء فی الآفاق و فی الانفس حتی الخطرة فانها كذلك و كذلك الاجنة فمن عرف من هذه المسألة شیئاً عرف كل شی‏ء مكوّن فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما حقیقة البداء و ما یجری فیه و ما لایجری فیه؟ و هل النسخ بداء ام لا؟ و كیف یؤمر ابرهیم بالذبح و لایقع؟

اقول: حقیقة البداء ظهور ماكان خافیاً و من هنا قیل اشیاء یبدیها لایبتدیها ولكن لایكون البداء المسئول‌عنه الا بعد المشیة لما جری فیه البداء فیمحو ما اثبت و یثبت ما محا. و اما المخترع فلایقال فیه ان هذا من البداء علی المعنی المتعارف و هو المسئول‌عنه و اما علی معنی آخر یحتاج الی تطویل التأویل و لا طائل فیه فی هذا المقام الذی نحن فیه. و اعلم ان البداء المسئول‌عنه هو انقضاء مدة وجود الممحو و ابتداء مدة وجود المثبت فالمحو افناء الشی‏ء و محو ذكره من الالواح السماویة و الاثبات هو ایجاد الشی‏ء و اثبات ذكره فی الالواح السماویة و الالواح السماویة هی نفوس الملائكة الموكلین بذلك مثلاً الملائكة الموكلون بزید نظروا الی بنیته و تركیبه و عرفوا ان صاحب هذا [هذه ظ] البنیة یعیش عشرین سنة و ارتسم ذلك فی نفوسهم و ذلك هو كتابة كون عمره عشرین سنة فعمل صالحاً و تصدق و وصل رحمه و احسن عبادته فقوی مدده من الفیض لقوة القابلیة و اقتضاء الاستمداد لقوة السبب بینه و بین المبدأ الفیاض و هو العمل الصالح فنظر اولئك الملائكة الی بنیته فوجدوها قدقویت فلما اختبروها عرفوا ان صاحب هذه البنیة یعیش خمسین سنة فانمحت كتابة العشرین و انتقشت كتابة الخمسین فقدانمحی ماكان و ثبت ما لم‏یكن و هذا معنی البداء انه بدا له سبحانه فی العشرین فمحاها و بدا له فی الخمسین و اثبتها.

 

و العلة فی ذلك انه سبحانه یخلق الاشیاء علی ما هی علیه فی الوجود و ما هی علیه فی الوجود لاقتضاء وجودها حین ایجاده بنفسه و بقوابله كالمشخصات الستة و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 693 *»

السابع كما مر و بالعلل الذاتیة و بالموانع فان ذلك و ما اشبهه هو ما هی علیه و تلك بما يقتضیه من نفسها و باضافتها هی من حجاب [مرجحات خ‌ل] وجوده علی عدمه او بالعكس و الشی‏ء مراتب وجوده متعددة كما اشرنا الیه سابقاً فقدیوجد فی مرتبة باسباب مقتضیة و تحصل فی المرتبة الثانیة موانع لایجاده فیمحا او موجب لتغییره فیغیره و علی هذا النحو جری المحو و الاثبات فان علم اللّه سبحانه بان هذا الشی‏ء یكون فی عالم الغیب لعدم المانع او المغیر له هناك جاز فی الحكمة ان‌یخبر به ملائكته و رسله و هو المحتوم لانه اذا اخبرهم به علم انه لامانع له فی عالم الغیب فیكون لانه لایكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسله و قد لایكون لوجود مانع منه فی الشهادة كالدعاء و الصدقة و لایلزم من عدم كونه فی الشهادة التكذیب المذكور لانه سبحانه اخبر علی السنة حججه ان الصدقة مثلاً ترد البلاء و قدابرم ابراماً و الحجج: اخبروا الرعیة بذلك عن اللّه تعالی فاذا اخبر و كان ما اخبر به فقدصدق نفسه و ان لم‏یكن فقدصدق نفسه و الیه الاشارة بقولهم: ما معناه ان اخبرناكم بشی‏ء و كان فقولوا صدق اللّه و رسوله؟ص؟ و ان لم‏یكن فقولوا صدق اللّه و رسوله؟ص؟ توجروا مرتین فقدیخبر اللّه انبیاءه بشی‏ء و لایكون لانه كما قال لهم فقدصدق نفسه و صدقهم كما روی ان اللّه سبحانه اوحی الی بعض انبیائه؟عهم؟ ان قل لفلان الملك انی متوفیه الی [بعد خ‌ل] ثلثة ایام فتصدق الملك فانسی فی اجله ثلاثین سنة و مثله فی ملك آخر فدعا فانسی فی اجله و ذلك هو ما قال سبحانه و السرّ فیه ما قلنا لك ان الاسباب و الموانع ان وجد منها شی‏ء فی عالم الغیب لم‏یخبر بذلك الشی‏ء لئلایكذب نفسه و ملائكته و رسله و ان لم‏یوجد منها شی‏ء فی عالم الغیب اخبر به كما مر. و لاتكذیب بعد تعریفهم باسباب الشهادة. و مع هذا کله فالحادث ما لم‌یكن ففیه لله البداء اذا شاء و ان لم‏تكن موانع لا فی الغیب و لا فی الشهادة لانه سبب من لا سبب له و سبب كل ذی‌سبب و مسبّب الاسباب من غیر سبب و هو السرّ المكتوم و الكنز المخفی فاذا وقع العین المبرم فلا بداء فی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 694 *»

ان لایقع و له البداء فی محوه و نفیه و تغیره [تغييره خ‌ل] فافهم.

و اعلم ان فوارة البداء و شمسه التی فی قعره تضی‏ء علی العمق الاكبر مشیة اللّه سبحانه و ذلك فی اكوان الامكان و امكان الاكوان. و اما النسخ فهو بداء تشریعی لانتهاء مدة الحكم كما ان البداء نسخ تكوینی لانتهاء مدة المحكوم به او علیه.

و اما امر ابراهیم7 بذبح ابنه فاعلم ان هذه المسألة فی جوابها شیئان ینبغی التنبیه علیهما؛ احدهما ان اللّه سبحانه قدیأمر بالشی‏ء و یحبه و لایرید وقوعه و قدیأمر بالشی‏ء و یحبه و یرید وقوعه و قدینهی عن الشی‏ء و یكرهه و لایرید وقوعه و قدینهی عن الشی‏ء و یكرهه و یرید وقوعه فمحبته لاتفارق امره و كراهته لاتزایل نهیه و ارادته قدتوافقهما فما اراد الامر به خاصة كانت محبته فی الامر خاصة و فی الوقوع لو وقع و مااراد الامر به و وقوع المأمور به كانت محبته فیهما و كذلك النهی. اما المحبة و الرضا فلهما اعتباران اعتبار العلم و اعتبار الخیرة و تسیره [يسر خ‌ل] المعلوم فبالاول لایخالف شی‏ء منها محبته كما فی الدعاء و بالثانی قدیكون ما یحب و قدیكون ما لایحب. فامر ابرهیم7بذبح ابنه مما یحب الامر به و لایحب وقوعه لمحبة العلم بل یحب ألّایقع. و ثانیهما انه امره محباً للامر به و للوقوع من جهة محبة الخیرة للعبد و الیسر و لما كان الاصل الداعی الی الذبح انما هو ارادة فداء الحسین7 و فیه محبة عظیمة راجحة ولكن فیها محذور و هو لزوم سبق ابراهیم7 و ابنه للحسین و لجدّه و ابیه و امه و اخیه صلی اللّه علی محمد و آله الطاهرین و فیه اختلال الوجود و فساد النظام و لما انحطت درجة ابراهیم و ابنه8 عن ذلك اثیبا علی العزم و الصبر و الجزع علی الحسین7 بثواب الوقوع و الفداء فجاء الكبش الاملح من اشعة الفجر فداء لابنه؟ع؟ و ذلك هو الخیرة و الیسر لابراهیم و ابنه8 لان الحسین7 سبق السابقین فكل شهید من ذریته حتی هابیل و لما كان الامر للیسر و الخیرة كان وقوع الاشیاء علی الترتیب الطبیعی فحصل من جهة الترتیب الطبیعی و اصابتهما بالثواب و الفداء من مرجح للمقام الادنی و هو الثواب و الفداء علی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 695 *»

المقام الاعلی و هو الذبح فداء للحسین7 و ذلك هو الوزن بالقسطاس المستقیم فی الاستحقاق و اعطاء كل ذی حق حقه. فكان الثواب علی الجزع علی الحسین7 و الفداء بالكبش الاملح ارجح و الوجود لایتعلق بالمرجوح للشخص و ان كان ذلك المرجوح ارجح فی نفس الامر و لشخص آخر فافهم فقدكشفت القناع لذوی الانتفاع و اللّه خلیفتی علیك یوفّقک و یحفظک و یحفظ علیك.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی ان الصلوة امیرالمؤمنین7؟

اقول: ان للصلوة فی الباطن اطلاقان احدهما هو ولایة امیرالمؤمنین7 و هو المروی عنه حیث قال و الصلوة ولایتی فمن امن ولایتی فقداقام الصلوة ثم استشهد بقوله تعالی و استعینوا بالصبر و الصلوة و انها لكبیرة الا علی الخاشعین قال و ان ولایتی لكبیرة الا علی شیعتی. و معنی ذلك ان الصلوة مشتقة من الوصلة ای السبب المتصل بین العبد و ربّه و ذلك فی الحقیقة هو معنی الولایة. او من الوصل و هو الاتصال و القرب ای الاتصال برحمة اللّه و هو معنی الولایة. او من الصلة و هو العطیة ای عطیة اللّه و نحلته لعبده التی بها ینال رحمته و هو معنی الولایة هذا فی الجملة احد الاطلاقین للصلوة فی الباطن.

و ثانیهما یراد بها الامام7 لان الصلوة من اللّه هی الرحمة و الامام7 هو الرحمة التی وسعت كل شی‏ء و هو الرحمة المكتوبة التی هی خاصة بالمؤمنین و الرحمة المكتوبة باطن الرحمة الواسعة و الامام هو باب اللّه و باب مدینة العلم باب باطنه فی الرحمة و ظاهره من قبله العذاب. فاذا قیل الصلوة هی الامام7 یراد بها ما یراد منها لانها كمال العبادة و العبودیة فهی وجود صوری للامام7 ای لخدمة الولی لانها هی عمود الدین و هو الامام7 و لانها هی سبیل اللّه الی عباده المؤمنین و سبیلهم الیه و هو الامام7 فهذا معنی ان الصلوة امیرالمؤمنین7 علی سبیل التنبیه و الاشارة لان بیان ذلک یضیق به الدهر.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 696 *»

قال سلمه اللّه تعالی: و اذا كانت الطاعة من اللّه فكیف تجری الاثابة و الطاعة؟

اقول: معنی كون الطاعة من اللّه انها من ثمرة فعله و هو الوجود و النور و ذلك النور لایحس و لایظهر الا اذا وقع علی شی‏ء ینعكس عنه كشعاع الشمس و ان كان من الشمس لكنه لایظهر الا اذا وقع علی الجدار و انعكس فلولا الجدار لم‏یظهر النور فاستنارة الجدار بالنور انما توجد بالجدار و ان كان النور من الشمس فكذلك ذلك النور و المدد الذی هو اصل الحسنة و الطاعة انما یظهر بالعبد فكما تنسب الاستنارة بالنور الی الجدار و ان كان النور من الشمس لانه لایظهر بدون الجدار كذلك تنسب الطاعة الی العبد و ان كان مددها من فعل اللّه لانها لاتظهر الا بالعبد فتجری الاثابة و تتحقق الطاعة بهذا النحو فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و هل تكون الحروف قبل المعانی یجری فی المجردات ایضاً ام لا؟ فان كان الاول فكیف ذلك مع ان غایتها سابقة ابداً؟

اقول: ان الحروف خلقت قبل المعنی لان الفاعل ای المتكلم یأخذ هواء فیصوغه احرفاً ثم كلاماً یقوم فی الهواء فیثمر معنی فهو محدث بالكلام. و بیانه ان المعنی الذی عند المتكلم هو من قلبه و الصورة التی عنده هی من علمه فاذا اراد ان‌یفهم زیداً مثال ما عنده اخذ هواء من الفضاء و قطعه حروفاً تناسب كینونة ما عنده و ركّبها علی هیئة تناسب هیئة تلك الكینونة فاذا ابرزه دلّ اللفظ بمادته علی كینونة و بهیئته علی هیئة هذه الكینونة فیفهم زید من هذه الكینونة و هیئتها معنی محدثاً هو ما اراد المتكلم و انما فهم زید لما فی امكان قلبه و علمه من نظیره و لولا ذلك الامكان لمافهم المعنی. و لهذا كثیراًما یخاطب بعض الاشخاص و لایفهم لعدم امكان نظیره فی قلبه و علمه و المراد بالامكان القریب و الا فقدیفهم بعد حین من لایفهم فی الحال و لیس ما فهم زید هو نفس ما عند المتكلم و الا لكان اذا اخرجه الیه لم‏یوجد عند المتكلم. و نظیره النار الخارجة عند القدح بالزناد و الحجر فانها مثال للكامن فی الحجر لا نفسه فافهم.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان قولنا ان الحروف قبل المعانی انما هو فی

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 697 *»

الزمان فاذا اخبرتک الیوم بكلام تفهم معناه مثلاً كلّمتک بهذا فی الیوم العشرین من شهر رجب سنة الثالثة و العشرین بعد المأتین و الالف و هو یوم املاء هذا الكلام كنت سمعته فی هذا الیوم و ادركت معناه قبل خلق عالم الزمان باربعة آلاف عام فالقبلیة التی نریدها اما فی الالفاظ الزمانیة فقبل سماع لفظها الدال علیها و قبل تخلق جسم السامع و انفعاله بالتأدیة و القابلیة و اما الحروف الدهریة فهی حروف دهریة هی اجزاء معانیها فسبقها علیها سبق الجزء علی الكل. و كون تلك مشابهة لما عند المتکلم لايتمشى به الى ان الله سبحانه يحدث تلک الحروف على کينونة ما فى علمه الازلى الذى هو ذاته و صفتها کما مثلنا سابقاً بل هذا ينتهى الى المشیة و هو فعل اللّه سبحانه يصوغ من هواء الامكان الذی هو العمق الاكبر حروفاً ای اجزاء تشابه ما فی تلك الحركة الفعلیة الخاصة بذلك الشی‏ء من الكینونة و الهیئة فیتركب المفعول علی مثال الفعل كما یتركب «ضرباً» الذی هو المفعول المطلق علی مثال ضرب و ینحط عنه فی القوة فی كل شی‏ء كما ینحطّ ضرباً عن ضرب بنسبة واحدة و كما ینحط المعنی الذی یفهم المخاطب عن المعنی الذی عند المتكلم لانه مثاله و ضرباً مثال ضرب و لیس حروف ضرباً هی حروف ضرب بعینها بل هی مثالها بصنع ثان فلما تلفظت بضرب تلفظت بضرباً تبعاً لضرب لا متأصلة و لا هی هی. فكذلك الحركة الفعلیة ای المشیة الخاصة بهذا المشاء لیس وجود المشاء نفس وجودها و انما هو مثال و شعاع من المشیة الخاصة به فتدبر فقدذكرت لك ما خفی عن الناس و انما هو من سرّ آل‌محمد9.

و قولك مع ان غایتها سابقة ابداً، جوابه ماقلنا لك ان ذلك جار حتی فی المجردات الا ان تلك الحروف فی عالم المخلوقات و المفعولات اجزاء المجردات. و اما الحروف السرمدیة و عالم المشیة فهی قبل المعانی الناشیة عنها فصارت الاقسام ثلثة الاول الحروف الزمانیة و هی موجودة زماناً قبل المعانی الدالة هی علیها بمعنی ان تلك المعانی ثمرة لتلك الحروف كالثمرة من الشجرة و المراد بتلك المعانی ما هی طریق الی المعانی الخارجیة و هی تصورها بصفتها الذی هو

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 698 *»

طریق الی ادراكها و ان لم‏تكن لها معان خارجیة كانت المفهومة من اللفظ الحادثة عنه طریقاً لنظائرها فی امكان السامع كما مر و هذه القبلیة زمانیة بالنسبة الی ادراك الفاظها المحدثة لتلك المعانی و ان كان ادراك المعانی فی الدهر الثانی الحروف الدهریة هی اجزاء معانیها لكونها من نوع واحد كاسماء الحروف و مسمیاتها فانها حروف ایضاً. و الثالث الحروف السرمدیة و هی السحاب المزجی و هی سابقة علی مسمیاتها بكل معنی كما مر فافهم.

قال سلمه اللّه تعالی: و ما معنی قول الصدر ان العالم حادث زمانی؟

اقول: العالم اذا ارید به الاجسام او مطلقاً و ارید التقدم الزمانی كان حادثاً زمانیاً ای حدث مع حدوث الزمان لا قبله و لا بعده لان الزمان و الجسم و المكان حدثت معاً مساوقة لبعضها بعضاً بل لایمكن ظهور احدها قبل الاخر لان وجود كل واحد تمام لقبول الاخر للوجود فهی متلازمة كالتضایف فی الابوة و النبوة و لایصح ان‌یكون العالم حادثاً فی الزمان بمعنی ان‌یكون الزمان سابقاً علیه. و ان ارید غیر الاجسام فهو حادث دهری. و ان ارید به كل‌ ماسوی اللّه فمنه حادث مع السرمد و هو فعل اللّه و منه حادث مع الدهر و هو الجبروت و الملكوت و منه حادث مع الزمان و هو الملك.

و معنی قول بعضهم ان الزمان نهر یجری من تحت جبل الازل و هو الماء الذی قال اللّه تعالی فیه و كان عرشه علی الماء ان الزمان لا بدء له مع الاجسام ای لیس مسبوقاً بالاجسام و لا بدء للاجسام مع الزمان ای لیست مسبوقة بالزمان بل حدثا معاً متساوقین فی الظهور. و معنی الحادث قیل هو المسبوق بالعدم و هذا لیس بشی‏ء لان العدم ان كان شیئاً فهو محدث و نقول فیه ما معنی حدوثه و ان كان العدم لیس بشی‏ء كان المعنی ان الحادث لیس بمسبوق. و ان ارید به انه لیس بموجود فی الرتبة التی قبله فالاولی فی تعریفه انه المسبوق بالغیر و القدیم هو الذی لایسبق بالغیر فیكون الحادث مسبوقاً بالغیر فهو لیس بموجود فی رتبة ذلك الغیر هذا آخر المسائل الاولی.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 699 *»

فقال سلمه اللّه هذا ما قصدت عرضه علی خلیفة الخلف و من یحفظ اللّه به من استوجب التلف و قدامتثلت قول اللّه فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون فواللّه ماوجدت اهلاً لهذا الذكر سواک و انت الباب الی تلك الاسباب و اللّه یمن علی منك بالقبول و رحم ضعفی و هو الجواد و نعم المسئول و اسأله ان‌یمن بالاجتماع و لایحرمنا رؤیتكم و یجلو ابصارنا بالنظر الی غرّتكم.

الی هنا انتهی کلامه فی الكتاب الاول و فی الحدیث عن علی بن محمّد الهادی8 احسن الظن و لو بحجر یطرح اللّه فیه سرّه فتنال حظک منه فقال السائل و لو بحجر؟ فقال7 أ ماتری الحجر الاسود انتهی. و اقول اللّهمّ لاتؤاخذنی بمایقولون و اجعلنی خیراً مما یظنون و اغفر لی ما لایعلمون انك انت الغفور الرحیم ستار العیوب غفار الذنوب و انت حسبنا و نعم الوكیل.

([1]) جمع ضبابة و هی سحابة تغشی الارض کالدخان.

([2]) الوفد جمع الوافد و هو الوارد.

([3]) ای العطاء.

([4]) ادلى ظ کما فى الحديث