08-06 جوامع الکلم المجلد الثامن ـ الرسالة الرشتية ـ مقابله

الرسالة الرشتیة

فی جواب الملاعلی بن المیرزا خان الجیلانی الرشتی

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 314 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي ان المحترم الاكرم العلي الملاعلي بن الميرزاخان الجيلاني قد ارسل الي بمسائل عظيمة و انا و ان لم‏اكن اهلاً لذلك مع ما انا الان عليه من تفرق القلب في جهات لااجدها تنتهي و لقد قلت قصيدة في مرثية سيد الشهداء7 ذكرت في غزلها هذه الحال فقلت مشبّباً فيهم::

ان الاحبة ايقظوني فانتبهت بعزم جاذب         فرأيت اوطاري باطواري و احوالي قوالب

او ماتري يتجاذبوني نحوهم من كل جانب   او ماتراني كل حالاتي مع الراحات ذائب([1])

ولكن لابد من الاتيان بما يحصل في البال حال الكتابة اذ لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور.

قال ايده اللّه تعالي: بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي اصفيائه و امنائه محمد و آله و المكملين من اصحابه و احبائه و عجل اللّه تعالي فرجهم و سهّل مخرجهم. و بعد فهذه هي المعروضة من المسائل المشكلة او المستشكلة علي اذهان امثال السائل من القاصرين او المقصود منها سماع الجواب من ذلك المرجع لاولي الالباب تحصيلاً لمزيد الاطمينان و تقوية لاثار اليقين.

اقول: في هذا الحرف الاخير و هو قوله سلّمه اللّه او المقصود منها الخ، شي‏ء و الاشارة اليه من وجهين.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 315 *»

الاول: ان‏يقال لاينبغي لمن عرف شيئاً ان‏يسئل عنه و طلب الاطمينان انما يكون لمن لم‏يطمئنّ قلبه و ذلك لايجتمع مع المعرفة. و قول ابراهيم7 ليمطئنّ قلبي لم‏يرد علي ما علم بل اراد ليحصل لي العلم بما اظنّه من الخلّة التي اوحي سبحانه اليه من جهتها ان لي خليلاً لو سألني احياء الموتي لاجبته فظنّ انه ذلك و لم‏يحصل له القطع الذي هو العلم فسأله احياء الموتي ليطمئن قلبه علي انه خليل اللّه كما روي و انه اراد الاطمينان المستند الي الرؤية البصريّة فيكون المعني بلي ولكن ليطابق علمي بذلك حسّي. الثاني: ان الذي ينبغي ان‏يسئل الانسان عن الحق في المسئلة و لايلزم من علمه بالكلام علمه بالحق فيه [فيها خ‌ل] ما يأتي بعض الاشارات الي هذه ان‌شاءاللّه تعالي.

قال سلمه اللّه تعالي: ذكرت بعنوان سؤال سؤال @ و ان‏كان مرجع بعض الي بعض في المآل و له مدخلية فيه في الاكمال. سؤال المسموع من مشايخ الطريقة المعروفة بالمتصوفة او العرفاء علي الحقيقة و ليس لنا كلام علي ابانة حالهم او تصويب مقالهم او تحريف عقايدهم او تحقيق مقاصدهم.

اقول: اما نحن قلنا كلام في ذلك و هو من الواجبات العينيّة تنبيهاً للغافلين و ارشاداً للمسترشدين فان المتصوفة ممن نزل فيهم تأويل قوله سبحانه و نقلّب افئدتهم و ابصارهم كما لم‏يؤمنوا به اول مرّة و نذرهم في طغيانهم يعمهون و بيان الاشارة الي ذلك التأويل انهم ارادوا مقابلة ائمة الهدي: لان علمائهم صرّحوا بان هذه الطريقة شرطها ان‏تكون علي مذهب السنة و الجماعة فارادوا خلاف الحق بمقابلته بما يشابهه من الباطل لان الباطل مشابه للحق في الصورة الظاهرة و في بادي الرأي و قد اشار سبحانه الي ذلك في كتابه العزيز في مواضع كثيرة منها قوله تعالي و مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء فشبّه الحق بالشجرة بل هو شجرة الخلد و الحق و قال و مثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الارض ما لها من قرار فشبّه الباطل بالشجرة بل هو شجرة الزقوم شجرة تنبت في اصل الجحيم طلعها كانه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 316 *»

رؤس الشياطين بل هو رؤس الشياطين فلعن اللّه طلعها و هي الشجرة الملعونة في القرآن و قال تعالي فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً و مما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله فجعل الحق زبداً ثابتاً ماكثاً في الارض و جعل الباطل زبداً رابياً مجتثاً و لهذا قال تعالي كذلك يضرب اللّه الحق و الباطل و قال تعالي و الذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء فشبّه الحق بالماء و الباطل بالسراب للظمآن و امثال ذلك.

فلما طلبوا مخالفة الحق و مقابلته بمثله تقدم سبحانه اليهم فسبقهم فامرهم بالحق و بين ادلته و حججه باكمل بيان في انفسهم و في الافاق و سبقهم فنهاهم عن الباطل و ابان لهم السبيل فاختاروا ارتكاب مناهيه لشؤن انفسهم ابتغاء الفتنة فوهب لهم القوّة علي معصيته بقبولهم لها لسبق علمه فيهم و منعهم اطاقة القبول منه و هو معني قوله تعالي و نقلب افئدتهم و ابصارهم كما لم‏يؤمنوا به اول مرة يعني في الذر الاول و الذر الثاني. و قال تعالي فيهم و لو انّنا نزّلنا اليهم الملائكة و كلّمهم الموتي و حشرنا عليهم كل شي‏ء قبلاً ماكانوا ليؤمنوا الا ان يشاء اللّه ان‏يجبرهم بان‏يمنعهم القوة علي معصيتهم فانه قادر علي ذلك ولكن لو فعل ذلك بهم ما تحقّقت منهم الطاعة لان شرط تحقق الطاعة التمكن من تركها و فعل ضدها حتي يكون مطيعاً بان‏يفعل الطاعة باختياره و هو قادر علي خلافها و اذا لم‏يتمكن من المعصية لم‏تحصل منه الطاعة و اذا كان كذلك لم‏يحسن تكليفه و اذا كان كذلك لم‏يحسن ايجاده.

ثم انه ابان الحكمة في ذلك في حقهم فقال تعالي و كذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس يعني مثل مميت الدين ابن‌عربي ‏و الجن يعني مثل قرينه من الشياطين كما في قوله تعالي و من يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له قرين و قال يوحي بعضهم الي بعض زخرف القول غروراً و لو شاء ربك ما فعلوه و ذلك انه مكنهم من المعاصي بان‏خلق لهم الالات الظاهرة و الباطنة للطاعة و جعلها صالحة لاستعمال المعصية لتحقق لهم الطاعة كما قلنا فاذا مالوا الي المعصية فان شاء ان‌يحول بينهم و بين ذلك فعل كما يفعل باهل اللطخ من المؤمنين و الا مدّ لهم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 317 *»

بمعونة المعصية و هي الخذلان و تركهم في ضلالتهم كما قال و نذرهم في طغيانهم يعمهون. و اعلم انه سبحانه يمد اهل الطاعة بالفعل المتعدي فيقول امدّكم بانعام و بنين و هو يدل علي الامداد الوجودي لمكان الفعل المتعدي و اهل المعصية بالفعل اللازم كما قال تعالي قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً فاتي باللازم اشعاراً بان مددهم تخليتهم و تركهم و هو مدد عدمي فافهم. ثم قال تعالي فذرهم و مايفترون. ثم بين سر الحكمة الذي به يجري النظام علي الحق القراح فقال و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون.

و اعلم ان بيان ما ورد فيهم من الايات و الروايات و ما اشتملت عليه من الاسرار لايسع الوقت حصره و ذلك لانهم لما انقطعوا في رياضاتهم كشف لهم عما اودعت ضمايرهم و هذا واجب في الحكمة و قد قال تعالي في الحديث القدسي حديث الاسرار ما معناه من اخلص لله العبودية اربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه علي لسانه فان كان مؤمناً كان نوراً له و ان كان كافراً كان حجة عليه. فلما راضوا انفسهم ظهرت ينابيع حكمة الجعل الالهي من قلوبهم علي السنتهم فنطقوا بما قبلوا و اجابوا في عالم الذر من احكام الانكار بعد التعريف فيأتون بالباطل مزخرفاً مموّهاً مؤيداً بالادلة الباطلة المزخرفة فيأتي كثير من العلماء الذين ماشربوا من حوض اميرالمؤمنين7و قلوبهم ناشفة عطاشي فيرون هذا السراب يلوح كانه ماء فلجأوا اليه و ان لواستقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماءً غدقاً . و اتبعوا ماتتلوا الشياطين كالغزالي و تلميذه محمد بن علي الطائي المعروف عندنا بمميت الدين ابن‌عربي لعنهما اللّه علي ملك سليمان و هو في التأويل رسول‌اللّه محمد بن عبداللّه صلي‌اللّه‌عليه‌وآله الطاهرين حتي احدثا المناكر العظيمة مثل قول ابن‌عربي «انا اللّه بلا انا» و في فصوصه انشد:

فلولاه و لولانا              لماكان الذي كانا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 318 *»

فانا اعبد حقّاً                   و انا اللّه مولانا

و انا عينه فاعلم              اذا ما قيل انسانا

فلاتحجب بانسان        فقد اعطاك برهاناً

فكن حقاً و كن خلقاً      تكن بالله رحماناً

و غذ خلقه منه         تكن روحاً و ريحاناً

فاعطيناه ما يبدو              به فينا و اعطانا

فصار الامر مقسوماً                باياه و ايانا

و احياه الذي يدري          به فينا و احيانا

و کنا فيه اکواناً               و اعياناً‌ و ازماناً

و ليس بدائم فينا           ولکن کان احيانا

فتامّل في كلامه لعنه اللّه حيث جعل كلما كان‏ فهو منا و منه لا بمعني ما نقوله من ان اللّه فاعل الايجاد و العبد قابل للايجاد حين الايجاد كالكسر و الانكسار و العبد مركب من الفعل و الانفعال اي الوجود المحدث المخترع لا من شي‏ء و من القابلية اي الماهية و لم‏يوجد احدهما قبل الاخر بل وجدا معاً كالكسر و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 319 *»

الانكسار بل يريد ان الانسان وجوده عين الحق سبحانه و مشخصاته امور وهميّة. و فيما انتخبه ابوحيّان الطبيب الشيرازي من الفتوحات المكيّة في اول الباب المأتين و احد و ثمانين قال في معرفة منزل الضّمّ [الصنم خ‌ل] و اقامة الواحد مقام الجماعة من الحضرة المحمدية:

صلوة العصر ليس لها نظير     لنظم الشمل فيها بالحبيب

هي الوسطي لامر فيه دور       يحصّله علي امر عجيب

فسماها العصر لانه ضم الشي‏ء [الي شيء خ‌ل] لاستخراج مطلوب فضمت ذات عبد مطلق في عبودية لاتشوبها ربوبية بوجه من الوجوه الي ذات حق مطلق في ربوبية لاتشوبها عبودية بوجه من اسم الهي لطلب الكون. فلما تقابلت الذاتان بمثل هذه المعاني كان المعتصر عين الكمال للحق و العبد كان المطلوب له وجه العصر الخ. و هو صريح فيما ذكرنا عنه. و لهذا قال في شعره المتقدم «فكن حقاً و كن خلقاً تكن بالله رحماناً» و لهذا يمثلون بالبحر و هو الواجب و الامواج و هي الخلايق فهي عبارة عنه و بالحروف من النفس و بالنقوش من المداد. و قد قال شاعرهم:

و ما الناس في التمثال الا كثلجة   و انت لها الماء الذي هو نابع
ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه   و يوضع حكم الماء و الامر واقع

و قال هو في شعره المتقدم «و انا عينه فاعلم» و امثال ذلك. و مع هذا قبله منه اكثر من يطلب المعرفة اذا لم‏يقتصر علي هداية اهل‌البيت: مثل الملاصدرا و مثل الملامحسن حتي انه قال في الكلمات المكنونة: «انه سبحانه مااوجد الا ذاته» و غيرهما ممن لبّس عليهم دينهم مميت الدين ابن‌عربي بتمويهاته بحيث لايقدرون علي رد كلامه بل قبلوه و زعموا ان هذا مراد اهل‌البيت:. و زعم مميت الدين ابن‌عربي لعنه اللّه ان علم اللّه سبحانه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 320 *»

تابع لنا و مستفاد منا لانا معلوماته و العلم نسبته تابعة للمعلوم. و ذكر ذلك الملامحسن في الوافي في باب السعادة و الشقاوة من كتاب العقل و بني المعرفة عليه ثم انه اوله بما يظهر منه انه غير راض به. و بعد كم من سطر قال به حيث يقول في المشية: «و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم انت و احوالك» انتهي. و هو من قول ابن‌عربي في الشعر المتقدم «فاعطيناه مايبدو به فينا و اعطانا»

و من بدعه انه قال: ان اهل النار يؤل امرهم الي النعيم و التلذذ بالعذاب. و تبعه علي ذلك الملاصدرا و غيره و تبعه الملامحسن و قرّر ذلك في آخر كتابه النوادر لانه الّف كتاباً جعله الخامس‌عشر للوافي و جمع نوادر الاخبار و ذكر هذا في آخره كما ذكر ابن‌عربي. و مما ذكروا انه ليس لله ان شاء فعل و ان شاء ترك لان الذي علمه لابد ان يكوّنه فمشيته تابعة للعلم فهي احدية التعلق. و ذكر الملامحسن هذا في الموضع المذكور من باب السعادة و الشقاوة من الوافي حيث قال: «فان قلت فما فايده قوله تعالي فلو شاء لهديكم اجمعين؟ قلنا لو حرف امتناع لامتناع فما شاء الا ما هو الامر عليه ولكن عين الممكن قابل للشي‏ء و ضده في حكم دليل العقل و اي الحكمين المعقولين وقع فهو الذي عليه الممكن في حال ثبوته في العلم فمشيته احدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم انت و احوالك فعدم المشية معلل بعدم اعطاء اعيانهم هداية الجميع لتفاوت استعداداتهم و عدم قبول بعضهم للهداية و ذلك لان الاختيار في حق الحق يعارضه وحدانية المشية فنسبته الي الحق من حيث ما هو الممكن عليه لا من حيث ما هو الحق عليه قال تعالي ولكن حق القول مني و قال افمن حقت عليه كلمة العذاب و قال مايبدل القول لدي فهذا هو الذي يليق بجناب الحق. و الذي يرجع الي الكون و لو شئنا لاتينا كل نفس هديها مما شاء فان الممكن قابل للهداية و الضلال من حيث ما هو قابل فهو موضع الانقسام و في نفس الامير ليس للحق فيه الا امر واحد» انتهي كلامه.

فتدبر في هذا الكلام الذي قد اعكر فيه الظلام و ما ظهر و بطن فيه من المفاسد العظام

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 321 *»

فتعالي اللّه عما يقولون علواً كبيراً فانه صريح في ان اللّه سبحانه ليس له اختيار و انما ينسب اليه الاختيار بملاحظة حال الممكن في نفسه انه قابل لامر و لضده و ليس لله الا احد الوجهين. و هو صريح ايضاً ان العلم مستفاد من المعلوم و في ان حقيقة زيد صورة علم اللّه و ليست بمجعولة و ان ليس لله في الخلايق كلها الا افاضة الوجود عليهم يعني اظهار تلك الحقايق لا احداثها و اختراعها لا من شي‏ء بل هي ازليته [ازلية خ‌ل] و ان قوله تعالي و لو شئنا لاتينا كل نفس هديها يراد منه بالنظر الي حال الممكن في نفسه لا ان القدرة تتعلق بذلك و لهذا كثيراً ما يقولون ليس في الامكان ابدع مما كان.

و نسمع من اشخاص ممن يتبعون اهل هذا المذهب يقولون لايصح ان‌يخلق اللّه شيئاً الا ما خلقه و ما يخلقه فلايصح ان‏يخلق زيداً حيواناً. فقلت له انه سبحانه قادر علي ان‏يخلق من يقول بهذا القول جماداً و قد فعل و انا اعنيه فينكرون قدرة اللّه علي هداية الجميع و لم‏يفهموا قول اللّه سبحانه و لو شاء الله لجمعهم علي الهدي فلاتكونن من الجاهلين و هذه شهادة من اللّه علي من لم‏يعتقد ذلك انه من الجاهلين. و انت اذا تأملت هذا الكلام ظهر لك منه ان اللّه سبحانه موجب لا مختار و انه انما يمکن تعلق قدرته ببعض الممکنات دون بعض. و بيانه ان هذا الشيء في نفسه يمکن ان‌يکون متحرکاً و ان‌يکون ساکناً الا ان الله سبحانه يخلقه كما علمه مثلاً علمه ساكناً فيخلقه ساكناً و لايمكن ان‏يخلقه متحركاً و ان کان قبل ان‌يخلقه ساکناً يمکن ان‌يخلقه متحرکاً مع انهم يقرّون بان الطرفين ممكنان و لاتتعلق قدرته بهما و ان كان علي التعاقب لا من حيث ان الجسم لايكون متحركاً ساكناً في حال واحد بل من حيث انه علم احدهما فلايمكن ايجاد الاخر و ان كان في حال اخر. فيكون عندهم انه قادر علي بعض الممكنات و دون بعض و ان علمه تابع للمعلوم الذي هو انت و احوالك و انك انت الذي تعطيه علمه بك و ان الحقايق ليست مجعولة بل هي قديمة و انه سبحانه ليس له ان شاء فعل و ان شاء ترك لان مشيته احدية التعلق و امثال ذلك مما هو خلاف الحق و ليس من مذهب اهل الحق و لا ائمتهم: في شي‏ء.

و مع هذا فمن يقول به من هذه الفرقة يزعم انه مذهب اهل‌

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 322 *»

البيت: فيردف الباطل بالكذب و اعتقاد حقيّته و امثال ذلك من الاعتقادات الفاسدة و الدعاوي الباطلة مما اسسّه لهم مميت الدين ابن‌عربي و اتخذوه لهم اماماً من دون الامام الحق7 و هم لايعلمون و هم يحسبون انهم يحسنون صنعاً و قد وقفوا علي معتقداته و عباراته مما معناها ان السامري جري في معصيته بصنعه العجل و دعوي انه الههم و اله موسي علي محبة اللّه سبحانه لانه سبحانه يحب ان‏يعبد في كل صورة. و حكمه علي ان فرعون لعنهما اللّه مؤمن لانه تاب لقوله تعالي قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل و انا من المسلمين حتي نقل عن بعض من يقتدي به من الشيعة من العلماء المحققين انه قال ما معناه ان هذا الكلام يعني كلام ابن‌عربي في حكمه بايمان فرعون يشمّ منه رايحة التحقيق او كما قال. فتأمل رحمك اللّه في هذا الكلام الباطل الذي يوجب الكفر لرده لمحكم كتاب اللّه فانه سبحانه يقول و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتي اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان و لا الذين يموتون و هم كفار فسوي بينهما و مميت الدين فرق بينهما. و قال تعالي فلما رأوا بأسنا قالوا امنا بالله وحده و کفرنا بما کنا به مشرکين فلم‌يک ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا و مميت الدين قال ينفعهم ايمانهم و ان رأوا بأس اللّه. و قال سبحانه في فرعون قال فاوقد لي يا هامان علي الطين فاجعل لي صرحاً لعلي اطّلع الي اله موسي و اني لاظنه من الكاذبين . و استكبر هو و جنوده في الارض بغير الحق و ظنوا انهم الينا لايرجعون . فاخذناه و جنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين . و جعلناهم ائمة يدعون الي النار و يوم القيمة لاينصرون . و اتبعناهم في هذه الدنيا لعنة و يوم القيمة هم من المقبوحين فبالله عليك هل تجد احتمالاً لمن انزل اللّه فيه مثل هذه الايات للايمان بوجه ما. و كذلك قوله تعالي و ما امر فرعون برشيد . يقدم قومه يوم القيمة فاوردهم النار و بئس الورد المورود . و اتبعوا في هذه لعنة و يوم القيمة بئس الرفد المرفود.

و احتمل بعض القائلين بذلك ان فرعون يورد قومه النار و يرجع عنهم و يدخل الجنة. و هذا الكلام رد لقوله تعالي انكم و ما تعبدون من دون الله حصب جهنم. و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 323 *»

فرعون قد عبد من دون الله راضياً ‌بذلک طالباً‌ له قد وتد من انکر الهيته بالاوتاد. فان قيل انما قال الله و ما تعبدون و لم‏يقل و من تعبدون ليخرج عيسي7و الملائكة قلنا ان ما كما تستعمل في غير العقلاء تستعمل في العقلاء مثل قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء و انما خرج عيسي7 و الملائكة بقوله تعالي ان الذين سبقت لهم منا الحسني اولئك عنها مبعدون. فهل سبقت لفرعون من اللّه الحسني؟ و اما ما روي عن النبي9لما اعترضه عبداللّه بن الزبعري بذلك الكلام انه قال ما اجهلك بلسان قومك ان اللّه تعالي قال و ما تعبدون و لم‏يقل و من تعبدون الحديث، فمراده9 قطع حجة ابن الزبعري لاحصر الحكم في غير العقلاء لاجماع المسلمين علي من ادّعي الربوبية و طلب ان‌‌يعبد من دون اللّه انه في النار من جميع الخلق كما قال سبحانه و من يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم الاية.

و بالجملة ان الصوفية قد ورد في ذمهم اخبار كثيرة منها ما رواه الاردبيلي; في حديقة الشيعة بسنده عن محمد بن الحسين بن ابي‏الخطاب قال كنت مع الهادي علي بن محمد7 في مسجد النبي9 فاتاه جماعة من اصحابه منهم ابوهاشم الجعفري و كان رجلاً بليغاً و كانت له منزلة عنده. ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية و جلسوا في ناحية مستديراً و اخذوا بالتهليل. فقال7 لاتلتفتوا الي هؤلاء الخداعين فانهم حلفاء [خلفاء خ‌ل] الشياطين و مخرّبوا قواعد الدين يتنزهون لراحة الاجسام و يتهجدون لتصييد الانام يتجوّعون عمراً حتي يذبحوا اللاكاف حمراً لايهلّلون الا لغرور الناس و لايقللون الغذاء الا لملأ الغساس([2]) و اختلاس قلوب الدنفاس باملائهم في الحب و يطرحون بادلائهم في الجب اورادهم الرقص و التصدية و اذكارهم الترنّم و التغنية فلايتبعهم الا السفهاء و لايعتقدهم الا الحمقاء فمن ذهب الي زيارة احدهم فكانما اعان يزيد و معاويه و اباسفيان. فقال له رجل من اصحابه و ان كان معترفاً بحقوقكم؟ قال فنظر اليه شبيه المغضب و قال دع ذا عنك من اعترف بحقوقنا لم‏يذهب في عقوقنا اما تدري ان اخسّ الطوايف

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 324 *»

الصوفية و الصوفية كلهم مخالفونا فطريقتهم مخالفة لطريقتنا و ان هم الا نصاري او مجوس هذه الامة اولئك الذين يجهدون في اطفاء نور اللّه بافواههم و اللّه متم نوره و لو كره الكافرون انتهي. بيان بعض الفاظ هذا الحديث الاكاف ككتاب و غراب: الحمار. و الغساس كغراب: داء في الابل. و الدنفاس بكسر الدال و الدنفس بكسرها: الحمقاء و الاحمق الدني. و الاحلاء من الحلي او من الحلاوة. و الادلاء جمع دلاء جمع دلو.

و من الكتاب المذكور باسناده عن الرضا7 قال لايقول احد بالتصوف الا لخدعة او ضلالة او حماقة و اما من سمي نفسه صوفياً للتقية فلا اثم عليه.

و رواه المفيد في كتاب الردّ علي اصحاب الحلاج و في اخره و من سمّي نفسه صوفياً للتقية فلا اثم عليه و علامته بان‏يكتفي بالتسمية و لايقول بشي‏ء من عقايدهم الباطلة انتهي.

و من الكتاب المذكور بسند صحيح عن الرضا7 من ذكر عنده الصوفية و لم‏ينكر عليهم بلسانه او بقلبه فليس منا و من انكرهم فكانما جاهد الكفار بين يدي رسول اللّه9. و بسنده قال قال رجل للصادق7 قد خرج في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم؟ فقال انهم اعداؤنا فمن مال اليهم فهو منهم و يحشر معهم و سيكون اقوام يدّعون حبنا و يميلون اليهم و يشبهون بهم و يلقبون انفسهم بلقبهم و يؤولون اقوالهم الا فمن مال اليهم فليس منا و انا منه برآء و من انكرهم و رد عليهم كان كمن جاهد الكفار مع رسول‌اللّه6انتهي.

و روي شيخنا البهائي في كشكوله قال قال رسول‌اللّه9 لايقوم الساعة علي امتي حتي يخرج قوم من امتي اسمهم صوفية ليسوا مني و انهم يهود امتي يحلقون للذكر رؤسهم و يرفعون اصواتهم للذكر يظنون انهم علي طريق الابرار بل هم اضل من الكفار و هم اهل النار لهم شهقة كشهقة الحمار و قولهم قول الابرار و عملهم عمل الفجار و هم منازعون للعلماء ليس لهم ايمان و هم معجبون باعمالهم ليس لهم من عملهم الا التعب انتهي. و قال الشيخ الحر محمد بن الحسن في جواب بعض المسائل ان الاحاديث الواردة في ذم الصوفية عموماً و خصوصاً و في لعنهم و تكفيرهم و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 325 *»

بطلان كل ما اختصوا به متواترة تقرب من الف حديث و ليس لها معارض انتهي.

فان قلت ان هذه الاخبار يراد منها العامة و اما علماؤنا فلا. قلت ان من اشرت اليهم مالوا اليهم و قالوا بما اختصوا به مما هو مخالف لمذهب الحق ظاهراً و باطناً كما مرّ و انت تأمل في هذه الاحاديث و انظر كيف حال من مال اليهم و اول كلامهم او اعتقد معتقدهم يظهر لك الجواب هذا. و قد ذكرنا لك سابقاً ان التصوف اصله مبني علي مذهب العامة ملحوظاً فيه مضادّة ائمة الهدي:. و اما العرفاء فاعلم ان الفرق بين العارف و الصوفي يعرف بالعلم و العمل اما العلم فان رأيت الرجل العارف المدرك للحقايق يكون جميع معتقداته و معارفه لاتخالف شيئاً مما عليه الائمة: و لا شيئاً مما عليه ظاهر العوام الا ان العارف يقول بقول كقول العوام و يعرف المراد و العوام قد يخفي عليهم المراد فاذا كان كذلك فهو العارف و ان خالف ظاهر الملة فهو جاهل او معاند و ليس في شي‏ء من المعرفة لان الشارع7 ماترك شيئاً الا و ابانه لسائر الناس و ما لم‏يبنه لم‏يجز لاحد بيانه. و انما كان هذا هو الفرق و العلامة لان الباطن لايخالف الظاهر فان خالفه دلّ علي بطلان الباطن لان الظاهر حق و هو الذي بني عليه الاسلام و الايمان و هو المحسوس و المتواتر فلايحتمل الخطاء. و اما غيره فيحتمل الخطاء و الصواب و دليل الصواب مطابقته للظاهر المقطوع به فكما ان روح الانسان التي هي الباطن لو وضعت في بدن حيوان لما طابقت معه و بالعكس كذلك المعتقدات الظاهرة و الباطنة فافهم الاشارة.

و اما العمل فظاهر لان العارف يعمل بما وضع له الشارع7 كما امر لانه7 قدّر التكاليف بهيئات تطابق هيئات الموجود المكلف بل الوجود التكليفي الشرعي اصل للشرع الوجودي و الشرع الوجودي فرعه و ظاهره فالعارف ان كان عارفاً عرف ان المراد من باطن المكلف العبادة الباطنة التي هي المعارف و المعتقدات الحقة و ان المراد من ظاهر المكلف المعرفة الظاهرة التي هي العبادة و الاعمال كما قرّر الشارع7 لان التكليف كما توجه الي القلب و الروح و النفس و الفؤاد كذلك توجه الي الجسد من رأسه و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 326 *»

عينيه و اذنيه و يديه و رجليه و سائر جسده فاذا رأيت العارف مقصراً في العبادة الظاهرة فهو جاهل لا عارف و من الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا و يشهد اللّه علي ما في قلبه لانه ترك العبادة طلباً لراحة بدنه. فان قيل ان الاعتبار بعبادة الباطن. قلنا تريد ان باطنك يؤمن و ظاهرك يكفر فأي شي‏ء منك غير مكلف و ان من شي‏ء الا يسبّح بحمده. و بالجمله الاستقصاء في امثال هذه يطوّل بها الكلام و العاقل تكفيه الاشارة و لو كان قلبي مجتمعاً لاذنت للقلم يجري في هذا الميدان حتي يقطع الزمان و يسير في الدهر حتي يفني العمر و يسير في السرمد الي ان‏ينقطع المدّ و يفني الحد و هذا من بعض ما قلنا ان لنا كلاماً في ذلك.

قال سلّمه اللّه تعالي ان المريد لقطع الطريق بمقتضي الرفيق ثم الطريق لابد له من رفيق للايصال و مراد للاكمال و لايتيسر الوصول من دونه غالباً اهو شي‏ء تفوّهوا به و تقوّلوا علي اللّه رب العالمين و اسسوا من الاساس في مقابل المعصومين عليهم صلوات المصلين من وجوب اطاعة المريدين او له اصل في الحقيقة و ان اختلط في الاخرين الغث بالسمين.

اقول المريد بقطع الطريق يأتي البيوت من ابوابها و الابواب هم اهل العصمة: و اقرب الطرق الي اللّه سبحانه ما‌‌ اسسه الشارع7 من الاعتقادات و الصلوات المفروضة و المندوبة و اسباغ الطهارات و ما ذكر فيها من الادعية و الاداب و حسن العمل و تلاوة القرآن و التفكر في ملكوت السموات و الارض و ما خلق اللّه من شي‏ء و ذكر الموت و الاستعداد للرحيل من هذه الدار و امثال ذلك مما ذكره الائمة: لاصحابهم و هو ما عندكم من كتب الشريعة و الطريقة و الحقيقة هذا اصح الطرق و اقربها الي اللّه و اعدلها. و لقد قال رسول‌اللّه6 ليس العلم بكثرة التعلّم و انما هو نور يقذفه اللّه في قلب من يحب فينشرح فيشاهد الغيب و ينفسح فيحتمل البلاء قيل و هل لذلك من علامة؟ قال9 التجافي عن دار الغرور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل نزوله فبين9

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 327 *»

ان العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يحب و في رواية من يشاء. و بين اللّه سبحانه في الحديث القدسي حال من يحب فقال مازال العبد يتقرّب الي بالنوافل حتي احبّه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سألني اعطيته و ان‏سكت ابتدأته. و روي عن علي7 انه قال ليس العلم في السماء فينزل اليكم و لا في الارض فيصعد اليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تأدّبوا باداب الروحانيين يظهر لكم.

و الحاصل ان العلم قد عرض علي الخلق في عالم الذر فلايقبل احد شيئاً من العلوم الا ما قبله هناك. و اما المعلمون في الدنيا فانهم في الحقيقة منبّهون للمتعلم علي ما غفل عنه و مذكرون له ما نسيه الا تري انك اذا اخبرك معلمك بمسائل لاتقبل منها الا ما ادركته و ادراكك الان فرع علي ادراكك في عالم الذر و هو معني قول جعفر بن محمد8 ثبتت المعرفة و نسوا الموقف و في رواية و سيذكرونه يوماً ما و لولا ذلك لم‏يدر احد من خالقه و لا رازقه. فقال7 و سيذكرونه يوماً ما و لم‏يقل و سيتعلمون فافهم. و ايضاً فانهم: قالوا نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون يعني من اخذ عنا و سلك الطريق الذي فتحنا للسالك علمناه ما اراد من العلوم علي حسب قابليته ففي الحقيقة ظاهراً و باطناً هم المرشدون الي كل خير من اقتدي بهم و هم الذائدون عن ورود الحق من لم‏يقبل و اتخذ دونهم الولائج لانهم هم ابواب اللّه. فلاينزل من اللّه سبحانه خير من وجود و نور و خلق و رزق و حيوة و ممات الي احد من ساير المخلوقات الا بواسطتهم و لايصعد عمل و لادعاء و لا شي‏ء من المخلوقات الي اللّه الا بواسطتهم و قد قرروا الحق و اوضحوا السبل و بينوا انه لايصاب الحق بغيرهم و انما بهم يعرف اللّه.

قال اميرالمؤمنين7 نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الا بسبيل معرفتنا و كلامه7 هذا له ثلاثة معان عند آل اللّه احدها ان قوله لايعرف اللّه الا بطريق ما نعرفه او نعرفه بتشديد الراء بمعني ما نصفه به من الصفات التي تليق بعز جلاله لشيعتنا و لمن‏ يقبل منا اذ كل ما لم‏نصفه به فهو باطل لايجوز اطلاقه عليه. و ثانيها ان من عرف

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 328 *»

اللّه و لم‏يعرفنا لم‏يعرف اللّه و انما عرف غير اللّه لانا اركان توحيده و هياكل معرفته و صفات تعرفه و تعريفه. و الشي‏ء لايعرف الا بصفات تعرفه او تعريفه فكانت تلك الصفات مثل معرفته و هيكل ظهوره بتعرفه و تعريفه. و ثالثها مما امر اهل العصمة: بكتمانه و نهوا عن اظهاره بل هم الذين يعلمونه من شاؤوا بامر اللّه الخاص فالطريق طريقهم و السير اليهم فهم: الادلاء و هم المطلوبون. و قد اشار اللّه سبحانه الي ذلك بقوله و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدّرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً امنين فعلي رواية انهم قري الظاهرة و قد امر اللّه جميع خلقه ان‌يسيروا فيها لانهم الادلاء الي القري التي بارك فيها. و هي علاماته و مقاماته التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه. و اما علي الرواية الاخري فالقري الظاهرة العلماء من الشيعة امر اللّه الرعية ان‌يسيروا فيها الي الائمة: و هم القري التي باركنا فيها و علي كل حال فهم الادلاء علي اللّه تعالي لا غيرهم الا بسبيل هديهم.

فاذا تقرر ما اشرنا اليه فاعلم انهم: قد اذنوا لاتّباعهم في جميع ما اسسوه من جميع الاعمال فاذا عمل الشخص بما امروا به: فهو يسير بدلالتهم فلا حاجة لاحد الي مرشد غيرهم. و المرشد الي طريقتهم كما اسسوا ليس واسطة و انما هو منبه و مذكر كما ذكرنا سابقاً. و علي ما ذكرتم من مقتضي الرفيق ثم الطريق لايدل علي اتخاذ المرشد كما زعموا لان الرفيق هو المصاحب في السير لا الحامل. و المرشد عندهم هو السفينة النجاة و هو الحامل و هو الذي يسيّرهم في البر و البحر. و مما ندبهم اليه الشيطان انه قال لهم يجب استحضار صورة المرشد عند نية العبادة و الا لم‏تقبل.

و اعلم ان المعبود سبحانه ليس في مكان و لايخلو منه مكان و لا جهة في الغيب و الشهادة و صورة المرشد محدودة مميزة في خيال المريد في اسفل الدهر من عالم الملكوت او في اوسطه علي احد الاعتبارين. فاذا كان الباب الموصل الي رب الارباب مميزاً محدوداً اوصل المريد الي مميز محدود باشارة ملكوتية و المعبود جل‌وعلا لايشار اليه باشارة حسية و لاملكوتية و لاجبروتية و انما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 329 *»

يطلب بكشف سبحات الجلال من غير اشارة فاذا محي الموهوم صحي المعلوم. و العابد علي ما علموه ائمة الهدي: يتوجّه الي اللّه لا الي جهة و لا باشارة فيظهر له الوجه ذوالجلال و الاكرام فاينما تولوا فثمّ وجه اللّه ان اللّه واسع عليم فلايجوز عندهم ان‌يستحضر العابد عند نيته صورة ابداً لافرق بين صورة محمد و علي و آلهما صلي اللّه عليهم اجمعين و بين صورة غيرهم لان الصورة محدودة و المحدود لايوصل الي غير محدود و انما يوصل الي مثله. قال7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الالات الي نظايرها فالمراد لايوصل الي الاكمال و لا الي كمال و انما يوصل الي النقص و الاضلال و الضلال.

و ما ذكروه فانما هو شي‏ء تفوهوا به و تقوّلوه. و رووا في اسناده الي الائمة: روايات عامية مكذوبة يضلون بها الطالبين. و قد تقدم فيما ذكرنا ان اصل هذا المذهب عامي و مبني علي مذهب العامة و الداعي لتأسيسه مقابلة ائمة الهدي: لينصبوا لهم حجة من انفسهم يعدلون به الحجة الذي نصبه اللّه لعباده. و هو تأويل قوله تعالي تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين و كما قال تعالي و هم بربهم يعدلون فلما ارادوا ذلك خذلهم اللّه سبحانه و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون بالاخرة و ليرضوه و ليقترفوا ما هم مقترفون. و هذا المذهب ليس له اصل في العلم و لا في العمل و انما هو من تلك الشياطين المتلونين المموهين الذين مزجوا اليقين بالتخمين و الغث بالسمين فهو طعام من غسلين و ضريع لايسمن و لايغني من جوع. فاياك ان‌تميل اليهم ظاهراً او باطناً او تصحّح شيئاً من اقوالهم و ان كان حقاً يجب العمل به فخذه عن اهله المحقين فلو اخذت من المبطلين انه منهم كان باطلاً فافهم وفقك اللّه تعالي لما يحب و يرضي.

قال ايده اللّه تعالي و علي الاول فمن المراد من الشيخ المقتدي اهو من كان عالياً علي السالك في الجملة للزوم المناسبة بين المهتدي و المهتدي‌ به و لان العالي الكامل لا نظر له الي السافل او هو من كان قاطعاً لعقبات الطريق و منتهياً لا مقيماً هناك بل راجعاً ثانياً لايصال القوافل فرداً فرداً بلاواسطه لجامعيته

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 330 *»

و احاطته و مناسبته للكل و تمكنه من النزول في مرتبة السافل كما هو حال النبي9 البالغ الي الاعلي [الاعالي خ‌ل] المبعوث علي الادني او بواسطة لامتناع الطفرة في الفيض كالمكان و الزمان.

اقول: لانقول بقولهم و لانريد مرادهم ولكن لما كان لكل مسئلة جواب و الجواب و هو قد يتوقف علي بيان السؤال قلنا المفروض من الشيخ المكمل علي ما يدعيه اولئك ليس مجرد من كان اعلي من المريد في الجملة لان مثل ذلك هو ساير و الساير انما يسير بين طلول ممحّلة و عقبات كؤد و امواج هائله في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب فيه ظلمات و رعد و برق يكاد سنا برقه يذهب بالابصار و لقد اشار عبداللّه بن القاسم السهروردي في قصيدته في وصف هذا الطريق و السايرين من فحول الرجال و الواصلين فيه قال:

حملوا حملة الفحول و لا   يسرع يوم اللقاء الا الفحول
بدّلوا انفساً سخت حين شحّت   بوصال و استصغر المبذول
ثم غابوا من بعد ما اقتحموها   بين امواجها و جائت سيول
قذفتهم الي الرسوم فكل   دمعه في طلولها مطلول
نارنا هذه تضي‏ء لمن يسري   بليل لكنها لاتنيل
منتهي الحظ ما تزود منه اللحظ   و المدركون ذاك قليل

فالطريق التي هذه حالها لايهدي فيها الا واحد الوقت الواصل الذي كانت نفسه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 331 *»

كاملة بعد ان كانت مطمئنة راضية مرضية لان من ليس كاملاً في نفسه لايكمل و ان كان قد يحصل من غيره تكميل لشخص انقص بما عنده من الزيادة عليه الا انه قد يحصل منه نقص يصل الي ذلك الشخص التابع لما فيه من النقص فلابد ان‌يكون المتبوع كاملاً ليكمل بفاضل كماله نقص غيره. و بيان حال ذي الفضل ان الاشياء علي ثلثة اقسام قسم تزيد لطيفته من ربه علي حقيقته كالنور فان استضائته تزيد علي حقيقته فهو بما يخص حقيقته ظاهر في نفسه و بفاضله مظهر لغيره و الثاني لطيفته بقدر حقيقته كالجمرة فانها بها ظاهرة في نفسها و ليس فيها فاضل يظهر به غيرها و الثالث كالاشياء الغاسقة كالحجر فان لطيفته تنقص عن حقيقته فلهذا لايكون بنفسه ظاهراً و انما يظهر لغيره و لايظهر غيره لانه يعجز عن اظهار نفسه.

فالمطلوب من الشيخ من كان من القسم الاول ليكمل بفاضل كماله الناقصين و لايلزم منه عدم المناسبة و لا الطفرة في الوجود و لا ان العالي لا نظر له الي السافل لان الموصوف بما ذكرنا له مع من يريد تكميله احد حالين الاول له ان‌ينزل في مظاهره الي ان‏يقرب من السافل كما كان تفعله الائمة: في بعض الاحوال اذا ارادوا ان‌يخاطبوا بعض الحيوانات يهمهم كما يفعل ذلك الحيوان المخاطب بحيث يفهم الحيوان خطابه7 كما في رواية محمد بن مسلم عن الباقر7 في خطاب الورشان مع انثاه و مراتب نزوله7 من رتبته الي رتبة الطيور هي مظاهر له فلا طفرة في الفيض و لا عدم مناسبته بل الوجود علي هذا متصل متناسب.

الثاني ان‌يرفع الناقص بفاضله فيكمله اما حال الخطاب خاصة ثم يسلب منه ذلك الفاضل كما ينطق الجماد و الحيوانات بالكلام الفصيح و كما امر الرضا7 صورتي السبع اللتين في مسند المأمون فقاما سبعين فأكلا خادم المأمون و امرهما فرجعا صورتين. و كذلك الهادي7 حين امر الصورة فقامت سبعاً فابتلع الهندي ثم امره فرجع صورة. فبفاضل لطيفته كمل الصورة حتي كانت سبعاً ثم سلب عنه ما اعطاه و لوشاء ابقاه علي حالته و بيان حقيقة هذا يحتاج الي تطويل. و لايقدر علي النزول في المظاهر حتي يصل الي السافل او يكمل السافل حتي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 332 *»

يقرب من العالي الا الكامل المتصرف و من كان هذا حاله فله نظر الي السافل لان هذا الموصوف علة للناقص و المعلول الذي مادته و صورته من العلة او بالعلة يكون قائماً بعلته قيام صدور او قيام تحقق و هذه الحال لايكون من المرشد و علامة مثل ذلك انه اذا مات مات المعلول كالضياء فانه لا وجود له بدون المنير. و الي هذا المعني اشار اميرالمؤمنين7 بقوله و خلق الانسان اذا نفس ناطقة ان زكيها بالعلم و العمل فقد شابهت اوائل جواهر عللها فاذا اعتدل مزاجها فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد انتهي.

فاذا تقرر هذا تبين لمن عرفه ان العالي ان كان له نظر الي السافل جاز ان‌يقال انه يكمله و لايستغني عنه و الا فلا و ان علمه شيئاً فهو مذكر و منبه كما ذكرنا سابقاً. ثم ان العالي المشار اليه لابد ان‌يكون قبل السافل و بعده و الا فلايكون مكملاً بل هو رفيق و مشارك و مذكر و منبه. و اما كيفية تكميله لكل فرد فلانه باب المدد و القابلية شرط في حصول المدد و اليه الاشارة بقوله تعالي بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون.

قال سلمه اللّه تعالي: و علي الثاني فالاستهلاك الذي يلتزمونه و يعبرون عنه بالفناء في الشيخ لابأس به كثيراً الا ما يتراءي من كون الشيخ حجاباً يلزم قطعه ايضاً ان لم‏يمنعه الاستهلاك فيه و علي الاخير و ربما كان مآله الي الاول يلزم شهود المطلوب تحت الف حجاب مثلاً اذا كان الوسايط بهذا العدد و حصل الاستهلاك و الفناء بين المريد و المراد و ان كان الاخير ممتازاً عن الاول اذا كان نظر السالك في الاخير الي المراد الحقيقي بواسطة او بوسايط فهو في الجملة شهود الوحدة في الكثرة فلايلزم فيه ما يتوهم وروده في الاول من عبادة العجل و الوجود المقيد حيث كان المنظور هو المراد لا غير.

اقول: اشرنا الي ان الذي يوافق مرادهم هو الثاني لانهم يدعونه في كل مرشد و ان كان جاهلاً لان اصل هذا المذهب وضع لمقابلة اهل العصمة: و لقد وقفت لهم علي دعاوي عظيمة من بعضها ان شخصاً منهم كتب في كتاب صنفه انه لوشئت لاظهرت من القران الف الف علم كل ادلتها من القرآن

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 333 *»

ولكن يمنعني اني لو اظهرت شيئاً من تلك الادلة لما قبلتها عقول الناس لجهلهم باسرارها. و قال شخص لو شئت لاوقرت سبعين بغلاً من تفسير الف الحمدلله. و كل هذا في مقابلة ما ذكره اميرالمؤمنين7 في باء بسم اللّه و ارادوا بتلك الادلة و تلك العلوم اشياء يحرمها الشارع7 و ينهي عنها و ليقولون انما نهي ذلك العوام حتي ان منهم من جوز النكاح المردان بالعقد و الصداق و استدلّ عليه ان التزويج حقيقة شرعية في العقد و الصداق و ذلك مما قال في محكم كتابه او يزوّجهم ذكراناً و اناثاً فلو قلت له ليس هذا مراد اللّه لقال لك اني قد قلت لك ان هذه الاشياء من العلوم و ادلتها لاتفهمها العوام و تنكرها و انما هي للخواص. و كل هذه الضلالات و التكلفات التي ابتدعوها لاجل معارضة ائمة الهدي: و يدعون كل فضايل الائمة:. فالمرشد عندهم بهذه الحال و ان كان جاهلاً و ذلك ما قال اللّه سبحانه ان الذين يلحدون في اسمائه الاية. و اما الاستهلاك و الفناء الذي ذكروه في الشيخ حتي ان شاعرهم يقول في حق المريد بالنسبة الي الشيخ:

اعدم وجودك لاتشهد له اثراً   و دعه يهدمه طوراً و يبنيه

ففيه بأس كثير و ضلال كبير و ذلك لان هذا الشيخ اذا كان المريد يعلم انه ليس بمعصوم بل يجوز عليه الخطاء فالواجب في الحكمة ان‌يقبل المريد كلما لايخالف الضرورة من الدين و المذهب اذا عرف من شيخه دليله و يردّ كلما خالف الضرورة من الدين و المذهب هذا في الاصول. و اما في الفروع اذا كان الشيخ من اهل الاستنباط و اهل الاستفتاح بشروطها جاز ان‏يأخذ عنه الحكم الذي لايخالف اجماع اهل المذهب من غير دليل. و اما اذا كان للمريد ميل الي شيخه فلايجوز له الاعتماد علي مجرد الميل. ثم انا نقول اما المعصوم7 فلا اشكال في اصابته الحق في كل اقواله و اعماله و افعاله و احواله و ذلك معلوم و اما غيره فانما اشترطنا في جواز الاخذ عنه في المعتقدات الدليل الذي يكفي المريد و ألا يكون مخالفاً لظاهر الملة الحنفية من الاسلام و الايمان لان الشخص

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 334 *»

في عالم الذر خاطبه اللّه بايجاده في اجابته بمعني ان الايجاد مادة و الاجابة صورة و الحقيقة في بطن الصورة التي هي الام لا في صلب المادة الذي هو الاب. و لهذا قال7 السعيد من سعد في بطن امه و الشقي من شقي في بطن امه فالسعادة و الشقاوة في الصورة لا في المادة. اما تري الي السرير و الصنم فان مادتهما واحدة و هو الخشب و طيب السرير في صورته و من صورته و خبث الصنم في صورته و من صورته. و كذلك المداد فانه صالح لان‌تكتب به الاسم الشريف و الاسم الوضيع و انما يتحققان في الصورة و نظير ذلك ما قال الشاعر:

اري الاحسان عند الحر ديناً   و عند النذل منقصة و ذماً
كقطر الماء في الاصداف درّ   و في بطن الافاعي صار سماً

فما خاطب اللّه الشخص بايجاده بقوله الست بربكم كانت اجابته للسؤال صورة حقيقته و ماهيته من السعادة و الشقاوة فان اجاب بالطاعة و الانقياد كانت السعادة و ان ‏اجاب بالانكار و الجحود كانت الشقاوة مع ان المادة التي هي الايجاد واحدة و هي الست بربكم و اجاب بالانكار و الجحود خلق اللّه طينته من ذلك و هو من صورة الحيوانات و الشياطين و هي طينته خبال من سجين كلا ان كتاب الفجار لفي سجين.

و اعلم ان الشخص عبارة عن هذه المادة و هذه الصورة و ليس شي‏ء منهما قبل الاخر لا في الوجود و لا في الظهور و انما هما متلازمان في الوجود كالكسر و الانكسار و جميع الخلق اجابوا بقولهم بلي و هي صورة الاجابة فمن قالها بلسانه و قلبه خلق انساناً ظاهراً في صورته و باطناً في حقيقته و من اجاب بلسانه و انكر بقلبه خلق انساناً ظاهراً في صورته و حيواناً او شيطاناً في حقيقته. فلما رجعهم الي الطين و خلقهم في هذه النشأة علي ما هم عليه في عالم الاظلة و الذر فاذا كبر الرجل و طلب العلوم و استعمل الرياضة كشف له عن حقيقة اجابته في عالم الذر.

فالكشف الذي يدعونه اهل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 335 *»

التصوف انما يكشف للشخص عن حقيقة اجابته لا عن حقيقة الامر الواقع و لهذا ذكر مميت الدين ابن‌عربي في فتوحاته المكية في ذكر الاولياء «ان منهم من له الخلافة الظاهرة و الباطنة مثل ابي‏بكر لعنه اللّه و علي7 و معاوية لعنه اللّه و يزيد بن معاويه و عمر بن عبدالعزيز لعنهم اللّه و المتوكل لعنه اللّه من بني‏العباس» فتأمل في هذا الكشف الذي ظهر علي هذه المرآة السوء فان خلافة يزيد بن معاوية لعنه اللّه الباطنة لعل المراد منها شرب الخمور و نكاح المحارم و قتل الحسين7. و اما مثل خلافة المتوكل لعنه اللّه الباطنة فلعل المراد انه اذا اراد الزنا و اللواط في النهار و ما يفعل ذلك في الاسواق و انما يفعله في البيوت مستخفياً عن عامة اهل البلد لا عن البعض و هذه خلافة يصدق عليها انها باطنة. لعن اللّه ابن‌عربي بعدد ما في علم اللّه. فالكشف الذي يكشف عن هذه الحقايق و امثالها مما ذكر بعضه سابقاً كيف يجوّز العاقل المتقي ان‏يركن اليه و يقبله؟! و كيف لايكون فيه بأس كثير مالم‏يكن القدوة معصوماً؟!

و اما علي مايتراءي‏ من كونه حجاباً يلزم قطعه فـنقول ان‏كان حجاباً علياً امتنع قطعه بل لايمكن الوصول الي حقيقته لان المعلول لايصل الي رتبة العلة ابداً لان هنا سرّاً خفياً اشير لك الي بيانه. فـاقول اعلم ان العلة في الحقيقة اظهار الفاعل مفعوله بمادة فيضه و هو وجود ذلك المفعول من اختراع فعل فاعله و بماهيته و اكوانه الستة المقوّمات لماهيته و هي الوقت و المكان و الجهة و المرتبة و الكم و الكيف و ما يتبع ذلك كله و ذلك الاظهار هو علة ذلك المفعول و المفعول قائم به قيام صدور و هذا الاظهار هو صفة الفاعل سواء كان نفس الاظهار او محله المعبّر عنه و المشار اليه في احاديثهم: بقولهم نحن محال مشية اللّه تعالي. و الذات اذا توجهت اليها غيبت الصفة و ان كنت لاتصل الا الي الصفة او لاتدرك الا الصفة. مثاله اذا خاطبتك و قلت لك يا قاعد فانا لااعني القعود و لااخاطب الا الذات الظاهرة لي بالقعود ولكني لااصل اليك الا بالصفة فانا لم‏اتجاوز الصفة و لم‏اخرقها ولكن الذات ظهرت لي بالصفة ظهوراً غيبت الصفة. فلو اشترطنا في معرفة الذات تجاوز الحجاب لكان لايعرف احد ربه حتي يكون اعلي رتبة من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 336 *»

محمد و آله9 لان من خرق الحجاب فقد تجاوزه و كان اعلي رتبة منه و ان كان حجاباً غير العلة علي نحو ما اشرنا يجب هتكه و الا لم‏يعرف ربه كما قال اميرالمؤمنين7 لكميل بن زياد هتك الستر لغلبة السر فان استهلك في مثل هذا الحجاب و لم‏يتجاوزه هلك.

و اما لزوم شهود المطلوب تحت الف حجاب فكل هذه خرافات لان المطلوب لايشهد الا بمحو كل حجاب حتي حجاب المحبة و حجاب الاشارة و الكيف ظاهراً و باطناً غيباً و شهادةً كما قال7 لكميل كشف سبحات الجلال من غير اشارة و قول الصادق7 في تفسير عبدنا في قوله تعالي و ان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا الاية قال العين علمه بالله و الباء بونه من الخلق و الدال دنوّه من الخالق بلااشارة و لاكيف. و اما الفناء بين المريد و المراد فان اريد من المراد الذات البحت فدون ذلك خرط القتاد و ان اريد به ظهور [ظهوره ظ] لك فهو حق ولكنه ظهوره لك بك ففنائك فيك كما اشار علي7 بقوله لاتحيط به الاوهام بل تجلّي لها بها و بها امتنع منها لان اعلي مظاهره لك هو نفسك من فعله لانه سبحانه تعرّف لك بوصفه لك الذي هو ذاتك قال7 من عرف نفسه فقد عرف ربه.

و اما قولكم و ان كان الاخير الي قولكم فهو في الجملة شهود الوحدة في الكثرة، فان اريد بالوحدة المشهود في الكثرة الوحدة الواجبة الذاتية فهو قول الكفر اين التراب و رب الارباب قال علي7 انتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله الطريق مسدود و الطلب مردود. و ان اريد بالوحدة وحدة اول الوجود المقيد المعبر عنه بالماء الاول و هو المخترع بفعل اللّه لا من شي‏ء و هو الذي قام به كل شي‏ء و هو المساق الي البلد الميت و الارض الجرز فكان اول نابت فيها العقل الاول الذي هو اول غصن من شجرة الخلد في جنان الصاقورة الذائق من حدايقهم الباكورة. فان اريد به مطلق الوجود المقيد من ظاهر و مظاهر و اعراض و جواهر مما ملأ العمق الاكبر فلا بعد في ادراك العارف لهذه الوحدة و هذا احد معاني وجه اللّه في قوله تعالي فاينما تولوا فثم وجه اللّه. و لاشك ان هذه الوحدة تفني الكثرات.

و ان اريد به الماء

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 337 *»

الاول نفسه او الثاني نفسه او الثالث نفسه بدون مظاهره فهو باطل للاتفاق علي ان كل شي‏ء لايدرك ما قبل مبدئه. فمن يدّعي انه وصل الي مقام الماء الاول الذي هو مس النار المذكورة في سورة النور او الي مقام الزيت الذي هو ارض الجرز الاولي او الي المصباح الذي هو العقل الاول غير محمد و اهل‌بيته و هم اربعة‌عشر المعصومين: فقد افتري و قال زوراً و اتي غروراً. ان نوحاً و ابراهيم و موسي و عيسي و هم اولوا العزم من الرسل: ما ادعوا ذلك بل قال عيسي7 سبحانك مايكون لي ان اقول ماليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي و لا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب.

و اما قولكم فلايلزم فيه ما يتوهم وروده في الاول من عبادة العجل انتهي، فاعلم انه يلزم لما ذكرنا سابقاً ان الشيخ المذكور عند السالك في خياله محدود مميز و لايشهد في المحدود الا المحدود و المراد ليس بمحدود و كيف لايكون كالعجل و هو يتصور صورته في نيته لصلاته. اما ان هذا السالك اصمّ فلو فتح مسامع قلبه لسمع هذا المرشد كما يقولونه يخور كخوار العجل. و ان اردت البيان فانظر بقلبك الي النبي9 كما رواه الفريقان يجمع بين الروايتين انه كل ما كان في بني‌اسرائيل او في الامم الماضية يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة فاذا صدقت لهذا الحديث المتفق‌عليه المؤيّد بقول اللّه سنة اللّه في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة اللّه تبديلاً و اتقوا الذي خلقكم و الجبلّة الاولين فانا اسألك اين العجل في هذه الامة؟ و اين الذين عبدوه؟ و اين السامري الذي صنع العجل؟ فاذا عرفت ان في هذه الامة سامرياً و قد نصب عجلاً يعبد من دون اللّه تبين لك ان العجل رجل اتخذوه اماماً من دون الامام الحق7. فكيف لايلزم فيه ما يلزم في عبادة العجل و هو عجل هذه الامة الذي عبد من دون اللّه؟! تأمل تأويل قوله تعالي حكاية عنهم و اتخذ قوم موسي من بعده من حلّيهم عجلاً جسداً له خوار فموسي هو محمد9و اتخذ قومه من بعده عجلاً جسداً اي من بعد ذهابه الي ربه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 338 *»

كناية عن موته9 و اما الحلّي في هذه الامة فهو من الحلاوة اي الملايمة بين العجل و عابديه و هو من تفسير ظاهر الظاهر فافهم.

قال سلمه اللّه: ان قلت نظره اليه كنظر طالب العرفان الي ملاحظة ما في الانفس من الايات كنظره الي اي موجود من الموجودات تحصيلاً للايات الافاقية و هذا المعني و ان كان لا اختصاص له بالشيخ لكن هو لكمالات نفسه و تحلية مرآة نفسه المنعكسة اليها لمحاذاتها شطر الحق الامور الغيبية حقيق بملاحظة آيات اللّه فيه سيما و قد انفلق حبة وجوده و تمت سنابله الي اي موجود و ان كان في حيز عدم التفصيل و الكون في الاجمال و التداني في الادبار و عدم الاقبال فهو اذا ككوة الشمس لانعكاس الاشعة و تميز الحق من الباطل بملاحظة النور بخلاف من بعد في الرتق و عدم الفتق و هذا معني الحب في اللّه و موالاة اوليائه و لان المرء مع من احب و محشور معه حتي اذا احب الحجر حشر معه كما في الخبر. فمحبة الكامل و فرط محبته يوجب الكون في درجته فمن فاز و تشرف بمحبة الكامل حق عليه بمجرد ذلك اطلاق اسم الواصل.

اقول: اذا كان نظر المريد الي شيخه المصطلح عليه عندهم كالنظر الي الافاق و الانفس لتحصيل الايات لم‏يكن ذلك الشيخ له مرشداً علي زعمهم و لا دليلاً و لا مستدلاً للمريد بل المريد هو المستدل فكما ان العارف بالايات ينظر في الجماد مثلاً و يشهد الاية و يسمع نطقها كذلك المريد ينظر الي شيخه كما ينظر الي الجماد و انها اذا عرف الايات فهو الواصل فلا حاجة الي هذا الشيخ و ان كان كاملاً. ثم ان هذا الشيخ انما تحصل له كمالات النفس و تحلية مرآتها باستعمال الاداب الشرعية و التخلق باخلاق الروحانيين من الزهد و تخفيف اثقال التبعات و التخلي من الاشغال حتي تكون مدينة حصينة و تنصرف روحه عن المحل الادني و تتعلق بالمحل الاعلي لمداومته علي التقرب بالنوافل حتي احبه اللّه كما قال تعالي و كان عند ربه مرضياً فاذا كان كذلك كان هو اية اللّه لا انه حقيق ان‌يلاحظ الايات فيه. و اما اذا انفلقت حبة وجوده بالمحافظة علي مودة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 339 *»

سيدة النساء فاطمة الزهرا صلوات اللّه عليها و ظهرت سنابله السبع سنبلة العقل و سنبلة العلم و سنبلة الوهم و سنبلة الوجود الثاني و سنبلة الخيال و سنبلة الفكر و سنبلة الحيوة و كانت في كل سنبلة مائة حبة من مودة سيد النساء صلي اللّه عليها و علي ابيها و بعلها و بنيها فقد شابه جواهر اوائل علله و هو من الايات التي تري في الافاق و في الانفس لا ان الايات تري فيه.

و اما شيخهم المدعي فقد تخلق باخلاق الشياطين و لهذا تريهم يقارفون السيئات و المعاصي الموبقات و مثل هذا تنفلق حبة وجوده بماء الاجاج و تظهر سنابله السبع في النفوس السبع التي هي نفوس الارضين السبع ارض النفوس و ارض العادات و ارض الطبع و ارض الشهوة و ارض الطغيان و ارض الالحاد و ارض الشقاوة فلاتغتر بمثل هذا و ان ظهر لك انه عالم لانه كما قال الشاعر:

لو ان في العلم من غير التقي شرفاً   لكان اشرف كل الناس ابليساً

فاذا وجد مثل هذا فهو شي‏ء من ساير الاشياء و كل شي‏ء و ان كان في حيز عدم التفصيل و الكون و الاجمال انتهي. فهو يصلح للنظر فيه و لحصول الدليل منه لكن للعارف لا للمريد الذي يحتاج الي المنبه و المذكر .

اما قولكم ككوة الشمس انتهي، انما يكون كالكوة اذا كان باباً للوجود فهو حينئذ يكون باباً للمريد منه بدء و اليه يعود. و اما هؤلاء الذين يدعون فيهم فهم الذين ضرب مثلهم في القرآن في قوله تعالي و اذا رأيتهم تعجبك اجسامهم و ان‌يقولوا تسمع لقولهم كانهم خشب مسندة صدق اللّه و رسوله.

و اما لزوم الحب في اللّه الخ فـاقول كيف يكون حبهم في اللّه و هم يحادون اللّه و رسوله في اعتقاداتهم و اعمالهم و اقوالهم تعالي ربي عما يقولون علواً كبيراً لاتجد قوماً يؤمنون بالله و اليوم الاخر يوادون من حاد اللّه و رسوله الاية و ادلة ما اشرنا اليه في الايات و الروايات و ادلة العقل كثيرة جداً ولكن لضيق وقتي اسلك سبيل الاختصار اعتماداً علي معرفتكم و تكفيكم الاشارة.

قال سلمه اللّه تعالي: قلت ما قلته وجيه لكنه اختيار للشق الاخير و الكلام

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 340 *»

بعد في سهولة معرفته او صعوبته لقصور السافل عن ادراك كمال الكامل و لابأس بالادراك في الجملة للموصل.

اقول: اما اختيار الشق الاخير علي فرض المماشاة معهم فلا ريب فيه و اما معرفته فانت تنظر الي قوله7 اعرفوا اللّه بالله و الرسول بالرسالة و اولي الامر بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر فانت تستدل عليه بظاهر اعماله و تقلبات لسانه في اقواله و تعرف من تجب اتباعه بحيث لايجوز لك ان‌تشهد لك عنده وجوداً بملازمة الحق في جميع الاحوال. قال اللّه تعالي لاينال عهدي الظالمين. و اما ان السافل لايدرك كمال انتهي، فاعلم انه اذا حصل له كمال ادراك الكامل كان محيطاً به و كان اعلي منه فلايكون سافلاً بل يكون عالياً و اما ما يكفي في المعرفة فهو ان‌تراه لايخرج عن الحق ابداً.

قال سلمه اللّه: ثم علي اعتبار كمال الكامل في لزوم الاقتداء و طي البيداء فهل يكفيه قطع المنازل و طي عقبات الطريق و الاحاطة و الجامعية لتكميل الناقصين و ان ‏لم‏يروه و لم‏يرهم بل و ان لم‏يسمعوا به لان الشمس بشروقها المحيط تزيل الظلمات و تجلي المبهمات و لان دعوة لسان الاستعداد مستجابة امن يجيب المضطر اذا دعاه او لابد من الصحبة الظاهرة و الحضور ليحصل التقابل بين مرآة القابل و العكوسات المفاضة من الكامل او بتوسط ممن لايحبه بالرد السائل.

اقول: لايكفي الاول الا اذا علم المريد مقاصده و اعماله و اقواله و احواله و لو بواسطة العدل او واسطة عدول فاذا عملت بهديه و اقتديت برأيه كان له تأثير عظيم اذا كان المريد طالباً لرضا اللّه تعالي وحده و يكون متفهماً بحقيقة فهمه علي ما ينبغي. و معني ذلك ان الطالبين علي اربعة اقسام: الاول يريد الاستطالة و التشخص فهو مستنكف عن عبادة اللّه في نفسه و ان كان يظهر انه يتعلم فهو لايريد في نفسه التعلم و علامته انه يعارض المحق لئلايقال انه لايعلم و هذا لايكاد يوفق للخير ابداً. الثاني ليس هذا حاله ولكن نفسه انست بعلوم و اعتقادات فيصعب عليها مفارقتها حتي انه لو رأي الحق عند غيره لم‏تقدر نفسه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 341 *»

علي مفارقة ما انست به لا من جهة التكبر و الاستنكاف بل من جهة الاعتياد و هذا كثير اما يفوته الصواب و الفوايد العجيبة و قل ان‌ينتفع بالتعليم. الثالث ليس كهذا و لا كذلك ولكنه يرجع في تفهمه الي اصول و قواعد عنده فلايقبل الا ما وافق ما عنده من الاصول و لعل الخطاء في تلك الاصول كما هو اكثر احوال اكثر العلماء هذا غلطه كثير. الرابع ليس كهؤلاء ولكنه بممارسته للعلوم حصل له فهم و قوة ادراك لانه لايكون فهمه كفهم العامي البتة فاذا عرض له لحكم و المسئلة من الكتاب و السنة و من المعقول و من ايات اللّه و من كلام العلماء تفهمه بمحض فهمه و تدبره و بقوة ادراكه و لم‏يلتفت الي نفسه و تعززها و لا الي عادتها و لا الي قاعدته فاذا فهم مراده بمحض فهمه مريداً لرضا الله كان اللّه معه لانه احسن التفهم و جاهد في اللّه تعالي للّه و مثل هذا لايكاد يخطي و هو قوله تعالي و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و ان اللّه لمع المحسنين.

فاذا سلك مع الشيخ الغائب عنه بهذا المسلك بالشروط التي ذکرناها سابقاً و هي ان‌تأخذ عنه ما لايخالف الضرورة من المذهب اذا عرفت دليله في الاصول و اما في الفروع فاذا كان الشيخ من اهل الاستيضاح و الاستنباط و لم‏يخالف قوله الضرورة من المذهب جاز الاخذ عنه و ان لم‏يعرف الدليل فاذا فعلت ذلك استنرت بنوره و فزت بهدايته و هذا حال من اخذ عن ائمة الهدي: و عن علماء شيعتهم. و اما اذا اتفقت الصحبة الظاهرة فان ذلك اولي و اقرب مسافة الي اللّه تعالي و ذلك لان بعض العلماء قال ان سكّان الارض الثالثة ارض الطبع شياطين همّهم ادخال الشكوك و الاحتمالات و الشبهات علي بني‏ادم و هم اضرّ الشياطين عليهم. قالوا فاذا كان في البلد عالم من اهل التحقيق قوي في قلبه و نفسه و كان مطاع الامر في ذلك البلد لايدخلها احد من تلك الشياطين لانهم لودخلوها احترقوا بنوره و ذلك لان البعيد و ان كان مقتدياً الا انه لايحصل من ذلك الشيخ ما يحتاج اليه و حاجته تتجدّد كل حين و اذا صحبه كان به مستغنياً.

و اما ذكر العكوس المفاضة انتهي, فهذا شي‏ء قالوه و ليس بمنقّح لان العلم قد انبسط علي جميع الخلق بانبساط الوجود و انما يظهر باصلاح القابلية فالعالم معين

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 342 *»

للاصلاح لا انه مفيض للانوار و مثال ذلك ان الشمس اذا اشرقت علي الارض و علي المرآة كان انعكاس النور عن المرآة اعظم من انعكاسه عن الجدار و ليس ذلك لان الشمس اشرقت علي المرآة اكثر مما اشرقت علي الجدار بل الاشراق واحد ولكن المرآة قبلت اكثر من الجدار فلو صقلت الجدار حتي كان صيقلاً [صقيلاً خ‌ل] كالمرآة انعكس عنه النور و كما انعكس عن المرآة بلاتفاوت و لم‏تكن الشمس زادت في الاشراق عليه حين صقالته فالنور المقبول من الفيض لم‏يحتجب عن احد و لم‏يحجب و انما اختلفت الاشياء باختلاف قابلياتها و هذا معني ما اشرنا اليه سابقاً في قول علي7 ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم.

و اما الاقتباس من نور الشيخ و الاستضائه منه، انما يراد به في الحقيقة التنبيه و التذكير المعبر عنه بالاصلاح للقابلية و الا فلايمكن ان‌يصل شي‏ء من النور الي شخص لم‏يقبله في الذر نعم قد يكون الشيخ شرطاً في قبول شي‏ء من ذلك علي نحو ما قلنا لان الشيخ قد يكون من متممات المشخصات للقابلية الا ان‌يكون علة كما نعتقده في المعصوم فلاشك ان جميع ما يصل الي شيعته من فاضل شعاعه و لهذا سموا شيعة لاشتقاقهم من الشعاع او من المشايعة اي المتابعة و المآل واحد.

قال سلمه اللّه تعالي: ثم اختلاف كشوف السالكين و المكاشفين و وقوع معتقد في مرآة اعتقاد مريد و وقوع خلافه في مرآة معتقد الاخر كمشاهدة بعض شيوخ المتصوفة العامية خليفتهم الاول و الثاني ذا رتبة علي خلاف كشف اهل الحق هل لملاحظتهم بمجرد عقايدهم في معارجهم علي سموات نفوسهم بها فيلزم طالب الحق قبل المجاهدة التعرية اولاً عن كل اعتقاد لايتيقنه او لوقوع معتقدات في مرآة قلب المريد فيحسبها صحيحة لانتقاش مرآة قلبه بها. اما من حيث المقابلة بعد التصفية و التجلية او من جهة تصرف المراد له او عليه اذ هو كالميت بين يديه علي ما اعتبروا من لزوم كون المريد علي ذلك الحال لديه فربما يفاض عليه منه الكفر و الانكار فيزلّ عن المحجة و ربما يحصل به الايمان و الاقرار و مزيد الحجة و لذا قيل بالفارسية

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 343 *»

اي بسا ابليس آدم‏رو كه هست   پس به هر دستي نبايد داد دست

     اقول: لهذه المسئلة جوابان ظاهري و باطني اما الاول فلان الاختلاف انما نشأ من ملاحظة عقايدهم في معارجهم لانه ابداً يلاحظ طريقة [طريقه خ‌ل] الذي كان يعتقد حتي انه لو انكشف له خلافه تكلّف صرف المخالف و صاحب هذه الطريقة تنفتح له وجوه الاحتمالات بحيث لاتضيق عليه طريق صرف المخالف الي وجه يوافق و علة ذلك انقطاعه كما تقدم في حديث الاسرار من اخلص لله العبودية اربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه علي لسانه فان كان مؤمناً كان نوراً له و بيانه ان المؤمن قد وفق للحق و انما جهل سر حقيقة طريقه قبل الانقطاع فاذا انقطع ظهر له سر ذلك الحق. ثم قال ما معناه و ان كان كافراً كان حجة عليه و معناه انه قد سلك طريق الباطل قبل الانقطاع فاذا انقطع سلك ما يطابق طريقه فيظهر له سر ذلك الباطل.

فهذا سر اختلاف لا لوقوع معتقدات في قلب المريد فيحسبها صحيحة لان هذه المعتقدات و ان كانت انما حصلت له بعد التصفية و التخلية فانه يجب ان‌تكون مطابقة للحق من كل احد لان اللّه سبحانه فطر الناس علي فطرة الحق و انما وقع التغير من تغيير تلك الفطرة و اذا خلقه اللّه علي هيئة الحق المسماة بهيكل التوحيد باطناً و بفطرة الاسلام ظاهراً اقتضت من شأنها الحق لكنه غيّر تلك الفطرة كما اشار سبحانه الي ذلك بقوله فطرة اللّه التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق اللّه و النفي بمعني النهي اي لاتبدلوا خلق اللّه. و قال تعالي حكاية عن ابليس لعنه اللّه فليغيرن خلق اللّه فان سلك بها بعد التغيير سلكت به مقتضاها من القول بالنصب او الغلوّ و بالدهر او بالشرك او الجحود و غير ذلك علي حسب التغيير في الخلق. و ان صفّاها و جلّاها كما ذكرتم فظاهره ازالة التغيير فهذا لاشك في اصابته الحق. و ان اريد خلاف الظاهر بان صفّاها و جلاها علي ما هي عليه من التغيير فذلك ما قلنا انه يلاحظ مذهبه في عروجه فتشتد عليه الظلمة لانه كان منكراً للحق عن جهل و الان منكر للحق عن علم فلايكون سبب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 344 *»

الخطاء مقابلته بمرآة نفسه بعد التصفية و التخلية و لا من جهة تصرف المراد لانه لاتصرف له الا في القابلية كما قلنا فاذا كان التغيير خلق المريد من المراد احدث اللّه سبحانه في قلبه مقتضي ذلك التغيير من باب حكم الوضع كما يذكره اهل الاصول. و هذا التغيير لايكون قسريّاً من المرشد و ان كان بسببه بل هو اختياري من المريد فانه يأمره بامور تخالف الحق ان كان المريد قبل ذلك محقاً فرضي المريد منه بما يخالف حقه. و ان كان المريد مبطلاً لم‏يكن مغيّراً و انما هو منبّه له علي سر معتقده الباطل فلايكون التغيير من جهة تصرف المراد بان افاض عليه الكفر و الانكار او الايمان و الاقرار لانه حينئذ نبّه غافلاً لم‏يتغير فطرة اللّه فيه و ليس ذلك المراد المدعي علة في ايجاد المريد ليقلّب حقيقته ان شاء الي ما يشاء فافهم الاشارة.

و اما الجواب الباطني فلان الاختلاف كان في الخلق الاول في التكليف الاول في المعاني و الرقائق حين شاء اكوانهم و اراد اعيانهم و في الخلق الثاني في الصور صور السعادة و الشقاوة حين قدّر هندستهم و ذلك حين سألهم بما سألوه ان‏يسألهم به فقال لهم الست بربكم و محمد نبيكم و علي امامكم و وليّكم فقالوا بلي فمنهم من قال بلي بقلبه و لسانه معتقداً و منهم من قال بلي بلسانه و قلبه منكر و منهم قال بلي بلسانه و قلبه واقف لم‌يقر و لم‏يجحد فخلقهم علي صورة اجابتهم من الاقرار او الانكار او الوقف و بلغت حجته و تمت كلمته و ما ربك بظلام للعبيد فاختلفوا و لايزالون مختلفين الاّ من رحم ربك و لذلك خلقهم اي علي ما هم عليه من الاقرار و الانكار بالاختيار. و لهذا جري الايجاد بصورة السؤال و لو جبرهم لقال انا ربكم و محمد نبيكم و علي امامكم علي سبيل الحتم و الحکم ولكنه خيّرهم فاختاروا ما في سابق علمه بهم فكانت هداية المهتدين و ضلالة الضالين باختيارهم. و قد ذكرت في خطبة لي انشأتها في عيد الاضحي كلاماً يناسب ايراده هنا و هو بل خلق الخلق علي مستقرهم اذ خلقهم بدعوة سرهم فاعطاه ماسألوه من حكمهم و فطرهم اذ شأن المختار اختيار شأن امرهم و لو كان موجباً لجري فعله بقسرهم فتعالي في ذاته و عزة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 345 *»

افعاله و صفاته عن خيرهم و شرهم بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون.

فاذا عرفت هذا ظهر لك ان كل شي‏ء من المخلوقات انما يعمل و يعتقد بما هو عليه مما اختاره في الذر الاول و الذر الثاني و هذا معني قولنا ان الشيخ ليس له دخل في الهداية و الضلالة و انما يكون له دخل في القابلية. و في الحديث النبوي في رواية جابر انه جاء سراقة بن مالك فقال يا رسول‌اللّه بيّن لنا ديننا كأننا خلقنا الان ففيم العمل اليوم فيما جفّت به الاقلام و جرت به المقادير ام فيما يستقبل؟ قال9بل فيما جفت به الاقلام و جرت به المقادير قال فبم العمل؟ قال9 اعملوا فكل ميسر لما خلق له و كل عامل بعمله [بعلمه خ‌ل] انتهي.

ثم اعلم ان ما خلق له هو ما اجاب به باختياره كما مرّ فاذا خفي عليك فانظر في هذه الدنيا الي من اطاع و من عصي فانه يطيع او يعصي باختياره بعد البيان و ما كان في الذر الاول و الثاني هو عين ما تري هنا بلا تغيير و لا مغايرة فالذي يحصل لاصحاب الكشف انما يكشف لهم ما في حقايقهم و علي كل تقدير فلايلزم طالب الحق التعرية قبل المجاهدة عن كل اعتقاد لايتيقنه لان هذا للزوم يعتبر في تحصيل اعتقاده اولاً لا لاجل السلوك بل لاجل فهم الحق ابتداء كما ذكرنا في المراد من قوله تعالي و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا لان التعرية عن المعاندة و عما اعتادته النفس و عن الاعتماد علي القواعد و الاصول في فهم الحق هو ان‌يتعري عن احوال الثلاثة و ينظر بفهمه و ذكائه خاصة و قد تقدم.

قال سلمه اللّه تعالي: و علي هذا لايجوز التعلق بذيل شيخ من الشيوخ لقصور السافل عن ادراك الكمال و الضلال او الاضلال سيما و قد اعتبروا من شرايط المراد كونه مكملاً بعلاوة الكمال اذ ليس كل كامل مستأهلاً للايصال بل لايمكن التشبث بذيل شيخ من شيوخ المتصوفة من ارباب الخرق المعروفة لعدم استنادهم الي حجة الوقت بل لاعتقاد بعض كمّلهم كعلاء الدولة ارتحاله7 من هذه الدار نعوذبالله من اعتقاد يوجب الخسارة و البوار او لقصور

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 346 *»

المجاهدة و عدم الاعتصام بعروة المتابعة الحقة النبوية و الولاية الاثني‌عشرية لعبور السالك في معارجه مأوي شياطين الاهواء المستولة [المستولية @] و نظر العقل و الشهود بعد غير عادلة و لا مبدلة فاذاً لا اعتداد بالكشف الا للنبي المجتنب قطعاً عن الجزاف و التخمين و الوصي السالك علي قدمه القاطع بالقطع للطريق و المكحل بصيرته بنور اليقين.

اقول: لا اشكال في عدم جواز التعلق بذيل شيخ من الشيوخ المعروفة الا المتقين الذين سلكوا في تلك المعارج بظاهر طريق اهل العصمة: لا بباطن طريقهم من دون ظاهره بل كلما يظهر لك من باطنه انه مخالف لظاهره فان الباطن عندك المخالف للظاهر باطل مضمحل لايجوز التعويل عليه كما قال الصادق7 ان قوماً امنوا بالظاهر و كفروا بالباطن فلم‏يك ينفعهم ايمانهم ذلك شيئاً و لا ايمان ظاهر الا بباطن و لا باطن الا بظاهر انتهي.  فاذا رأيت الشيخ لايخالف في جميع تحقيقاته و اسراره ظاهر الشرع فاعلم ان ذلك ممن يجوز التمسك بذيله لان التمسك به عين التمسك بائمته: و لاتقول ان كل واحد يدعي ذلك لان القول كله كذب الا ما صدّقه الفعل و العمل كما قال الشاعر:

و كل يدعي وصلاً بليلي   و ليلي لاتقر لهم بذاكا
اذا انبجست دموع في خدود   تبين من بكي ممن تباكي

و اما مشايخ الصوفية اصحاب الخرق الذين يدًعون صحتها برواياتهم الباطلة عن سلمان عن علي7 عن النبي9 عن جبرئيل7 و عن اللّه تعالي فكلهم هم و دعويهم فعلوا@ زخرف القول غروراً فذرهم و مايفترون. و اما دعوي بعضهم عدم وجود الحجة عجل اللّه فرجه و سهل مخرجه فهذا مذهب العامة لكن ابن‌حجر ذكر في الصواعق المحرقة له ان فيه ثلثة اقوال. فقيل هو محمد بن حسن العسكري8 و قيل هو عيسي بن مريم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 347 *»

8 و قيل هو مهدي العباسي و رجح هذا القول و علي كل تقدير فقد انزل في المنكرين لقيامه7 و حشر بعض الناس معه ممن محض الايمان محضاً و محض الكفر محضاً قراناً. و ورد في تفسيره بهذا المعني النص عن اهل العصمة: و هو قوله تعالي و اقسموا بالله جهد ايمانهم لايبعث اللّه من يموت بلي وعداً عليه حقاً و لكن اكثر الناس لايعلمون . ليبيّن لهم الذين يختلفون فيه و ليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين . انما قولنا لشي‏ء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون و الوعد الحق في الباطن هو القائم: و الذي يختلفون فيه هو القائم فهؤلاء المنكرون له7 قد سمّاهم اللّه كافرين لانهم كفروا بوجود حجة اللّه7 و لا شك ان هؤلاء و امثالهم هم شياطين الانس و هم طلع شجرة الزقوم و هم رؤوس الشياطين و ان من مال اليهم و قال بقولهم انه يحشر معهم في اسفل درك من الجحيم بل في الفلق التي هي اخر درك من جهنم التي هي اسفل النيران نعوذبالله من الضلالة و الردي.

و اما انه لا اعتداد بالكشف الا للنبي و اهل‏بيته:، فنقول من كان يكاشف عن النبي و اهل‏بيته بمعني لايقول الا بقولهم و لاينكشف له الا بكشفهم فمثل هذا يعتدّ بكشفهم لان كشفه انما هو بما اصّلوه في آثارهم و علامته انه لايجاهد بمجاهدة اعدائهم من الرياضات و الاذكار المخترعة بل بمجاهدة ائمته: من الصلوة و الطهارة و التقوي و كثرة ذكر الموت و قرائة القران بالتدبر و مداومة السواك المعنوي و هو التوبة و الانابة و الوضوء و هو الطهارة الحقيقية من الصدق مع اللّه بحسب جهده و كثرة النظر في العالم الملكوت من السموات و الارض كما قال سبحانه او لم‏ينظروا في ملكوت السموات و الارض و ما خلق اللّه من شي‏ء و ان عسي ان‌يكون قد اقترب اجلهم و قال9 في تفسير قوله تعالي و الذاكرين اللّه كثيراً و الذاكرات ما معناه ليس هو سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الا اللّه و اللّه اكبر و ان كان ذكراً ولكن ان‌تذكر اللّه عند الطاعة فتفعلها و عند المعصية فتتركها فهذه و امثالها مجاهدة اهل الحق لا اذكار الصوفية من الشهقة و الرقص و

ا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 348 *»

التصدية و الغناء و الاذكار الموضوعة و التفكّه بالمردان و الغيبة في الالحان الموسيقية بدعوي ان النفس خلقت من حركات الافلاك و هذه الالحان وضعها فيثاغورس علي حركات الافلاك فاذا سمعتها النفس تذكرت عالمها و غابت عن هذا العالم و ادركت المعارف الالهية لاتصالها بمبدئها. و لم‌يسمعوا قول اللّه و من الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل اللّه. و الحاصل لا اعتداد بكشف احد من الناس الا من كشف عن بعض اسرارهم: بهدايتهم و اتباعهم كما اشرنا اليه. و اما النبي و اهل‌بيته صلي اللّه عليهم اجمعين فاولئك ينظرون بالله و الكلام هنا يضيق به المجال. و في الحديث ان اللّه اعطي وليه عموداً من نور يري فيه اعمال الخلايق كمايري احدكم الشخص في المرآة انتهي. و يكفيك قول اللّه تعالي و كل شي‏ء احصيناه في امام مبين لعن اللّه السالف و التالف و الملحدين في اسماء اللّه.

قال ايده اللّه تعالي ثم هل يكفي شوق السالك الي الوصول لان العمدة علي جذبات العنايات بعد استعداد الفيض و القبول فعلي اللّه بمقتضي الرحمة العامة و العنايات التامة تميم الامر و تهيئة ما عليه من الشرايط و ان كان شيخاً مرضياً او جذباً معنوياً او لابد من الشيخ المصفي مرآة قلبه القريب منه ليري فيها وجهه او الوجه المطلوب علي الحقيقة و لايتيسر في مبادي الحال الا بواسطة الحجب الرقيقة ثم يطوي كلما قوي بصر البصيرة علي تفاوت مراتب الطي و الوصول الي الحضرة او الحظيرة و هذا ما جري به القلم في اسرع اوان بغير كلام مرتبط لغرائب الالفاظ و شوادر المعاني و مقاصد الخطاب لاستعجال الحامل للكتاب و ارجو من شيم الكريم العفو و الاغماض عن الهفوات في السؤال و فعل القول و قاطع الكلام لسهولة الايصال.

اقول: انتهي كلامه في هذه المسئلة ادام اللّه اكرامه. اعلم ان شوق السالك قسمان شوق بشهوة نفسه و هذا لايفيد شيئاً و لايترتب عليه تتميم امر بل ظواهر بعض الايات و الروايات تدل علي ان صاحب ذلك مذموم و هو كثير مثل قوله تعالي ليس بامانيّكم و لا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءً يجز به و كقوله تعالي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 349 *»

قل مايعبؤ بكم ربي لولا دعائكم و شوق بحقيقته و هو ما كان عن ميل فؤاده المعبر عنه بنور اللّه في قوله7 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه و هو وجوده الذي خلق منه و هو كونه المذكور به اول مرة و ليس له ذكر قبل ذلك لا في علم و لا وجود و عن ميل ماهيته مع مشخصاتها الستة بميل وجوده فانه اذا اقتضي حالاً بكله وجب في الحكمة ان‏يفاض عليه ما اقتضاه. و مقتضي الرحمة العامة اعطاء ما اقتضاه من آثار الفضل او العدل علي نحو ما سبق ففي هذا الصنع سعد من سعد بفضل اللّه و شقي من شقي بعدل اللّه.

و معني قولنا انه يميل بكلّه، انه يعمل بجوارحه و لسانه و خياله و قلبه و فؤاده علي نحو ما اشرنا اليه سابقاً. و اما حصول بعض الجذبات لبعض مع عدم العمل ظاهراً كما قد يدعي فالله سبحانه قادر ولكن اجري عادته ان‌يفعل الاشياء باسبابها لان فعله واحد فلو فعل بمقتضي فعله لا غير لم‏يوجد الا شخص واحد و لاتحصل كثرة و لا اختلاف لان الكثرة و الاختلاف انما يكون ذلك بسبب اختلاف المشخصات الستة و توابعها و لوازمها و هو سبحانه سبب من لا سبب له و سبب كل ذي سبب و مسبّب الاسباب من غير سبب و لو شاء اللّه لجمعهم علي الهدي فلاتكوننّ من الجاهلين ولكنه سبحانه احسن كل شي‏ء خلقه فاحب بان‌يميز الخبيث من الطيب و لايكون ذلك الا بان‌يكلفهم علي الاختيار في الشرع الايجادي فخلقهم كذلك و ان‏يوجدهم علي الاختيار في الايجاد الشرعي فكلفهم كذلك.

فاذا سأل العبد ربه بلسان حاله الصادق و هو سؤاله بالسنة جميع اوطاره في جميع اطواره و بالسنة جميع افعاله و اعماله في جميع ادواره و اكواره وجبت له الاجابة في الحكمة علي طبق ما سبق و هو قوله9 في حديث جابر المتقدم اعملوا فكل ميسّر لما خلق له و كل عامل بعمله. و اذا اردت ان‌تعرف كيف ذلك فانظر في هذا العالم تجد المرزوق يرزق بطلبه و لا كل من طلب وجد و يحرم من لم‏يطلب و لا كل من لم‏يطلب يحرم هذا في الدنيا و احوالها و اما في احوال الاخرة فانه البتة ينال اجر سعيه عند اللّه لا علي ما يريد قال تعالي من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن‏ نريد ثم جعلنا له جهنم يصلونها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 350 *»

مذموماً مدحوراً . و من اراد الاخرة و سعي لها سعيها و هو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكوراً فقال في مريد الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد لا كل ما يشاء و لا لكل من اراد. و قال في مريد الاخرة و سعي لها سعيها و هو مؤمن فشرط في تحصيله السعي و الايمان ولكن ليس علي ما يحب بشهوة نفسه بل علي ما بذل من الثمن من سرّه و علانيته. فاعتبر احوال الدنيا و اهلها يظهر لك احوال الاخرة و اهلها قال تعالي انظر كيف فضلنا بعضهم علي بعض و للاخرة اكبر درجات و اكبر تفضيلاً و اعتبر احوال هذا العالم عالم الشهادة يظهر لك احوال عالم الغيب. قال جعفر بن محمد8 العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لم‌يكف بربك علي كل شي‏ء شهيد يعني موجود في غيبتك و في حضرتك انتهي. فكما امر بالسعي في الشهادة لتحصيل الرزق كذلك امر بالسعي في الغيب لتحصيل ذلك الرزق.

ثم اعلم ان السبب و الشرط هو العمل بجميع ما امر اللّه به و هو المذكور في هذه الشريعة الغراء كما امر اللّه به من الاخلاص و التزام حدوده تعالي. و اما الشيخ المرضي و الجذب المعنوي فالمقصود الحق ان الشيخ المرضي معين لاصلاح القابلية كما مر بتذكيره و تنبيهه و دعائه و عمله و تسديده و كل هذه و امثالها من متممات القابلية. و اما جذب العناية فهو مقبول فاذا لم‏يحصل له قابل لايتحقق بغير متعلق. و في الحديث عن علي بن الحسين8 ان القدر و العمل كالروح و الجسد فكما ان الجسد لا حراك له بدون الروح و الروح لاتحس بدون الجسد كذلك القدر و العمل فلولم يكن القدر بموافقة العمل لم‏يعرف الخالق من المخلوق و كان القدر شيئاً لايحس و لو لم‏يكن العمل بموافقة القدر لم‏يتم و لم‏يمض و للّه العون فيه لعباده الصالحين انتهي. نقلته بالمعني علي اختلاف في بعض الالفاظ.

و اما ان الشيخ المصفّي مرآة قلبه فانه يري المريد فيه وجهه فهذا قد يكون في بعض الشيوخ من هو صحيح المذهب صحيح العمل صادق اللسان صادق السر ولكن كما قلت لك انه اذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 351 *»

لم‏يكن العلة و الواسطة في الشرع الوجودي و الوجود الشرعي كالامام7 لم‏يكن مفيضاً و انما هو مكمل للقابلية كما ذكرنا مراراً و اما الامام7 فكونه مفيضاً لكونه باب اللّه الي جميع الخلق فلايصل شي‏ء من اللّه الي احد من خلقه الا من فاضل احسانهم و هذا معني ما في دعاء رجب للحجة7 في قوله اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و روّاد.

و اما قولكم او الوجه المطلوب الي آخره، فاعلم ان الوجه المطلوب ظاهر في كل شي‏ء بل هو اظهر من كل شي‏ء كما قال سيد الشهداء7 في مناجاة يوم عرفة قال أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدلّ عليك و متي بعدت حتي تكون الاثار هي التي توصل اليك فلايختص بذلك الشيخ لانه لايسع مظهر الذات بتمامه الا محمد و آله صلي اللّه عليهم اجمعين قال تعالي ما وسعني ارضي و لاسمائي و وسعني قلب عبد المؤمن نعم لايكون شي‏ء اقرب الي المريد و لا اوسع من نفسه بالنسبة اليه فانه اذا القي عنها جميع النسب و جرّدها عن كل شي‏ء سواها حتي ما تقومت به فانها يكون ذلك الوجه له خاصة. قال7 من عرف نفسه فقد عرف ربه. و اما الوصول الي حضرة الجلال و الجمال او الي حظيرة القدس فطريقه الاقرب التجافي عن دار الغرور و الترقي الي عالم النور. و لقد كررت العبارات للذكري فان الذكري تنفع المؤمنين و لا حول و لا قوة الاّ بالله العلي العظيم و صلي اللّه علي محمد و آله الطيبين الطاهرين و كتب احمد بن زيد الدين حامداً مستغفراً.

     قال سلمه اللّه: ثم ارجو من جنابكم الكشف الصريح لا الايماء و التلويح عن بعض ما اورده مما استصعب علي ذهني بل علي الاذهان و لا معول الا علي ذلك الجناب و اعجوبة الزمان.

     اقول: اعلم ان الاشياء جرت في جعل اللّه سبحانه علي اكمل الوجوه و من ذلك انه لايظهر اللّه تعالي شيئاً من كتم الامكان الي الوجود في الاكوان و الاعيان الا و هو يدل علي شي‏ء و يدل عليه شي‏ء و مبتلي و مبتلي به و علة لشي‏ء

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 352 *»

و معلول لشي‏ء و علم بشي‏ء و معلوم لشي‏ء و عرض لشي‏ء و جوهر لشي‏ء و متمّم بشي‏ء و كتاب لشي‏ء و مكتوب في شي‏ء و منسوب اليه شي‏ء و منسوب الي شي‏ء و متولد من شئ و متولد منه شي‏ء و مفتقر الي شي‏ء و مفتقر اليه شي‏ء و الحاصل ان كل شي‏ء انما يظهر مشروحاً مبين العلل فما ظهر في ذاته ظهر بيانه و ما خفي في ذاته بطن برهانه فما بطن برهانه لايزيده البيان الا غموضاً و لايسهل ادراكه الا بالاشارة و التلويح بل قد يوجد ما لايدرك بالاشارة كالمثل الاعلي لكل شي‏ء فانه بالنسبة اليه ليس كمثله شي‏ء.

فاذا وجدت شيئاً استصعب علي ذهنك فليس سبب ذلك خمود ذهنك بل لاسباب منها قد يكون العبارة عنه غير مأنوسة عندك و منها قد يكون ما سمعت به ناقص العبارة عما يراد من المعني و منها ما استعمل التلويح فيما حقه التصريح و بالعكس و منها ما لايدركه العقل و انما يدرك بالفؤاد و منها ما يكون من دليل الحكمة و انت تريده من دليل الموعظة الحسنة او دليل المجادلة بالتي هي احسن و منها ما هو قبل ذكرك الاول و كل احد لايدرك ماوراء مبدئه و منها ما لاكيف له و تطلبه بالكيف و منها ما لاصورة له و تطلبه بالصورة و منها ما يتوقف بيانه علي مقدمات كثيرة و امثال ذلك فالتصريح لااتمكن منه في كل مسئلة اذ في بعض المسايل ما نهي عن بيانه او لمثل الاسباب المتقدمة او خوف التطويل او دقّة المأخذ او عسره و لقد سأل الاشعث اميرالمؤمنين7 فقال له كم في رأسي من شعرة؟ فقال7 لولا ان برهانه يعسر لاجبتك الي آخره. و سئل اميرالمؤمنين7 عن مسئلة فاجاب و سئل عن اخري فاجاب و سئل عن اخري فقال7 ليس كل العلم يقدر العالم ان‌يفسره لان من العلم ما يحتمل و منه ما لايحتمل و من الناس من يحتمل و من الناس من لايحتمل. و قال الصادق7 ما كل ما يعلم يقال و لا كل ما يقال حان وقته و لا كل ما حان وقته حضر اهله.

قال سلمه اللّه: سؤال ما معني ما ذكره ابوالعباس البوني في شمس المعارف في تقريب مسافة السلوك و سرعة الوصول الي المقصود و تجريد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 353 *»

النفس دفعة واحدة بلا كلفة و مشقة قال: و لهم في ذلك مأخذ قريبة و نزعات عجيبة منها علم اسرار الحروف و الاستعانة بها علي تجريد نفوسهم و بينهم تفاوت و تفاضل في حقيقة السلوك في النحو الذي يستعمله كل واحد منهم و الذي اومأ‏ الكلام و الاشارة اليها رمزوا ذلك و اخفوه.

اقول: اعلم ان اول ما خلق اللّه الابداع و هو خلق ساكن لايدرك بالسكون و المراد بالابداع هو المشية و الارادة و هو محدث خلقه اللّه بنفسه و كونه ساكناً اي انه ذات بالنسبة الي جميع المخلوقات قايم بنفسه يعني هو بالنسبة الي من دونه ذات و هم آثاره و اعراضه. و ليس المراد منه المعني المصدري لان فعل اللّه تعالي ذات تذوتت به الذوات و كلها اعراضه و آثاره و ان كان قايماً بالله قيام صدور اقامه اللّه بنفسه لا في شي‏ء غيره و كونه لايدرك بالسكون لان السكون انما حدث من مفعوله فهو مخلوق به و المراد بهذا السكون ضد الحركة فهو ادم الاول و الامكان الراجح و الكاف المستديرة علي نفسها. ثم خلق الحروف و جعلها فعلاً منه يقول للشي‏ء كن فيكون و الالف اللينة صورة لا حركة فيها و هي ادم الثاني و طولها الف الف قامة. و الحروف الثمانية و العشرون بل الاثنان و الثلثون اولاده اولهم الالف المتحركة و هي حركة لا صورة لها و انما صورتها صورة الالف اللينة البستها اياها و هي حركة الالف اللينة و طول الالف المتحركة الف الف ذراع و المدة صوت لا صورة لها و لا حركة. و هذه الحروف هي الابداع الثاني فهي ظاهر الابداع الاول فليس في العالم باسره شي‏ء الا و هو موجود فيها. ففيها الفعل و الانفعال و الحركة و السكون و التناكح و التناسل و التواخي و التباغض و التعارف و التناكر و التساوي و الاختلاف و البسيط و المركب و المحدود و المهمل و الناري و الهوايي و المائي و الترابي‏و النوراني و الظلماني و العقلي و الروحي و النفسي و الطبيعي و المادي و الصوري.

و الحاصل ان الحروف عالم برأسه و كون مستقل بنفسه و الحروف قايمة بالالف اللينة و لها علي سايرها القيومية. و اهل الجفر يقولون الاختراع اختراعان و الابداع ابداعان فالاختراع الاول هو فعله تعالي و الابداع

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 354 *»

الاول هو وجود الموجودات و الاختراع الثاني من الاختراع الاول الالف المتحركة او اعم عندهم لان بعضهم لايفرق. و ممن لايفرق من اللغويين الجوهري حيث جعل الالف قسمين لينة و متحركة. و ثاني@ مخترع من الاختراع الثاني الباء و هي تضعيف عدد الالف لان الالف له من العدد الواحد و هو اسّ العدد و اصله فبوجوده وجدت الاعداد و بعدمه عدمت. فالباء الثاني@ الالف اذ لايتفرد الالف بل لابد له من نظير و من كل شي‏ء خلقنا زوجين فالالف للنار و الباء للهواء و هما العنصران الخفيفان و اشار تعالي بالاثنين الي مرتبة الثانية و هي الباء مع ضم الالف. ثم الجيم اول ابداع من الابداع الاول الا انه ابدع منهما اي من الالف و الباء في الصورة و العدد. و اما الصورة فمن اجتماع الحرفين بان مال الالف علي الباء فان الالف قايمة هكذا ا و الباء منبسطة مبسوطة هکذا ب فخرج من ميل الالف علي الباء الجيم هكذا ج لانه لما مال علي الباء حدثت الزاوية الحادة و هي الجيم و اما العدد فمن الواحد و الاثنين صارت الثلثة و لها عنصر الماء. ثم الدال و هي ثاني ابداع من الابداع الاول بان‌انضم الالف الي الجيم. و قيل من الاختراع الثاني و هو الباء من ضرب اثنين في نفسه فصار له من العدد اربعة و هي عنصر التراب و اشير بالاربعة في النورانية الي مرتبة الدال و هي المادة. ثم الهاء و هي خامس حروف الابجد و لها من العدد خمسة و ليس ثم رتبة خامسة فرجعوا بها تحت الالف و لم‏توضع تحت الباء و الجيم و الدال لان اخر المراتب الابداع الثاني و عدده اربعة و الهاء خمسة فاخذت الاربعة من الدال و استمدت بالواحد لتكمل فوضعت تحته لاستمدادها التمام منه دون غيره فكانت في الحرارة تحته فهي اجل الاشكال المستديرة و هي الحركة الدورية و اتم الدواير و من خواصها في العدد انها تحفظ نفسها في الرقوم التسعة. و كذلك الواو و وضعت تحت الباء لاستمدادها في تمامها منها فهي في الطبيعة الهوائية تحتها. و كذلك الزاء تحت الجيم لما ذكرنا و الحاء تحت الدال كذلك و افعل في باقي الحروف لاجل هذه المناسبة الاستمدادية.

و اما اذا وقعت في مراتب الاعداد الاحاد و العشرات و المأت و الالوف ناسبت ترتيب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 355 *»

البروج و لما كان اليبس ضداً للقوة اختص بالاول و هو الالف ما كان حاراً و بالباء ما كان بارداً فالاول كالحمل و الثاني كالثور و لما كانت الثالثة جامعاً وتراً كان احقّ بما استمد به الاول فكان حاراً رطباً كالجوزا و كان الرابع مستحقاً لما استمد به ما كان اصلاً كما مر فكان بارداً رطباً كالسرطان و باقي الحروف كما مر ذلك الترتيب بهذه الطبايع. ثم اعلم ان الحروف كما قالوا علي اربعة اقسام: فكرية و لفظية و رقمية و عددية. فالفكرية و العددية خافيان فيهما بمنزلة الروح فالفكرية بمنزلة الذات و العددية بمنزلة القوي و اللفظية و الرقمية كالجسد فاللفظية بمنزلة النفس النباتية و المادة و الرقمية بمنزلة الصورة و هذا مما تنتفع به في مطلبك. و اما عندنا فالمستفاد من كلام ائمتنا: ان الاختراع و الابداع معناهما واحد و في الحديث عن الرضا7 المشيّة و الارادة و الابداع معناها واحد و اسمائها ثلثة و هذا فيما اخبر به عمران الصابي. و في رواية يونس بن عبدالرحمن عن الرضا7 أفتعلم ما المشية؟ قال لا قال هي الذكر الاول قال أتعلم ما الارادة؟ قال لا قال هي العزيمة علي ما يشاء الحديث. ففرق هنا بينهما لان احدهما يطلق علي الاخر فاذا اجتمعا افترقا و اذا افترقا اجتمعا. و في بعض الروايات ان الاختراع لا من شي‏ء و الابداع لا لشي‏ء.

ثم اعلم ان الحروف لها في الاطلاق في كل مقام معني يعرف بسياق الكلام. فالحروف العاليات الصور العلمية و الاركان الاربعة التي بني عليها الاسلام سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الا اللّه و اللّه اكبر و الاربعة التي قام بها الوجود التوحيد و النبوة و الامامة و الشيعة و الاربعة التي دار عليها الوجود الخلق و الرزق و الحيوة و الممات و الحروف الكونية الحقية الثمانية و العشرون الحرف العقل و النفس و الطبيعة و المادة و المثال و جسم الكل و العرش و الكرسي و فلك البروج و فلك المنازل و فلك زحل و فلك المشتري و فلك المريخ و فلك الشمس و فلك الزهرة و فلك عطارد و فلك القمر و كرة النار و كرة الهواء و كرة الماء و كرة التراب و المعدن و النبات و الحيوان و الملك و الجن و الانس و قطب العالم و هو المعصوم7. و اربابها الثمانية و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 356 *»

العشرون الاسم البديع الباعث الباطن الاخر الظاهر الحكيم المحيط الشكور غني الدهر المقتدر الرب العليم القاهر النور المعبود المحصي المبين القابض الحي المحيي المميت العزيز الرزاق المذل القوي اللطيف الجامع رفيع الدرجات كل حرف من هذه الارباب مرب لحرف من تلك الحروف الكونية و هي علي الترتيب المذكور فالبديع مربّ للعقل الاول و الباعث مرب للنفس الكلية و هكذا. و اما الحروف الكونية الغير الحقة و اربابها فلا حاجة لذكرها هنا و انما ذكرت هذا الكلام و ان لم‏يكن مسئولاً عنه للحاجة اليه مما يأتي.

قال سلمه اللّه تعالي: نقلاً عن البوني و ها انا اصف علي وجه الاشارة و التلويح دون الايضاح و التصريح و ذلك ان السالك يعتمد علي قوي عزه و قوي محبته ايهما شاء مالت اليه نفسه. و ذلك ان النفس [للنفس ظ] الانساني عندهم قوتين قوة قهر و عز و قوة محبة و شوق و اصل هاتين القوتين هو ان الجواهر العلية المفارقة عن المواد التي هي مباد للموجودات و اصل المكونات يعني الدراري السبع مع افلاكها لكل منها حالتان حالة بالنسبة الي ما فوقه و حالة بالنسبة الي ما تحته فاما التي بالنسبة الي ما فوقه هو الشوق و المحبة و العشق لاجل ما يشرق علي السافل من العالي و لكون العالي اصلاً للسافل و مبدأً له فهو ابداً مقابل له مقبل به عليه مشتاق اليه مستكمل به واصل اليه به. و اما بالنسبة الي ما تحته فهو القهر و الغلبة و الاستيلاء لان ما تحته محتاج اليه مستمد منه فصار لاجل ذلك معاني هاتين الحالتين في جميع الموجودات علوها و سفلها و انتظم العالم كله عن قوتين مزدوجتين فلايوجد شي‏ء من الاشياء الا و له مقابل يقابله كالخير و الشر و الحق و الباطل و النور و الظلمة و الذكر و الانثي و الليل و النهار و جميع الاشياء اذا اعتبرتها وجدتها مزدوجة كلها و جزؤها معقولها و محسوسها و ان خفي عليك بالنظر جزء و ما في الاشياء الموجودة في العالم فانما ذلك لقصورك و هو معني قوله تعالي و من كل شي‏ء خلقنا زوجين اثنين.

اقول: ان ما ذكروه من سرعة الوصول و الانتقال من عالم الشهادة الي عالم الغيب و طي فلك المنازل في اسرع وقت بانواع من الاعمال و الرياضات مما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 357 *»

اشتمل عليه علم السيميا بتسخير الملائكة الثلثة شمعون و زيتون و سيمون و اعوانهم في اظهار الصور و الخيالات و الامثال المنزلة من السماء الثانية مما اودع في سرّ فلك عطارد من القوة الفكرية. و مما اشتمل عليه علم الليمياء من العجايب المودعة في خواص العقاقير من الرفع و الوضع و الضر و النفع و الجذب و الدفع و الصور و الخيالات و ايهام الكرامات من الدخول في النار و عدم التأثير بها و غير ذلك. و مما اشتمل عليه علم الريمياء من عجايب المعالجات و سرعة الحركات و اظهار ما يشابه المعجزات مما اودع في بنية الانسان من احوال الامكان. و مما اشتمل عليه الهيمياء كما اشار اليه البوني في كلامه المذكور من اسرار الحروف في حقايقها الفكرية و قواها العددية و صفاتها اللفظية و اشكالها الرقمية لاشك في ان لها تأثيرات عجيبة فيما يراد منها لكنها لاتوصل في الغالب الي شي‏ء من محبة اللّه و لهذا كان السحر محرماً بل هو مقرون بالشرك و اعظم من الكفر كما روي عن النبي9.

و وجه السؤال عنها انما هو لتحصيل ما يرضي اللّه من المعارف و العلوم و قد ذكرنا سابقاً بان الكشف بغير طاعة اللّه انما يكشف عن حقيقة ما انطوي عليه من الاجابة في الذر و اعمالهم التي يطلبون بها مطالبهم محرمة شرعاً كالاعمال بالعلوم الاربعة المكتومة التي هي علوم السيمياء و الليمياء و الريمياء و الهيمياء و الرياضات و الهيئات المحرمة كجلسات الجوكية و هي عندهم اربعة و ثمانون جلسة لاربعة و ثمانين رجلاً لجميع ما يريدون من الاخبارات بالمغيبات و الاطلاع علي ما في الضماير و ما يستقبل من الحوادث. قالوا و العمدة فيها التي لابد منها خمس جلسات بعد ان‏يجوّع نفسه جوعاً مفرطاً فيشتغل حينئذ في مواضع الخلوات بحيث لايراه احد ففي بدء الامر بالمجاهدة تنهّد القوة و يضعّف البدن قالوا فلاتبالي من ذلك بشي‏ء لان اول زمان المجاهدة كالصيف و الشتاء و في آخرها كالخريف و الربيع و تجعل لذلك اوقاتاً مفروضة علي نفسك في كل يوم و ليلة.

الجلسة الاولي لتقوية الكليتين و تنقية الظاهر و الباطن و هضم الطعام و جذب البرودة الساكنة في الاعصاب و المفاصل و هي لمن يجلس

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 358 *»

مربعاً. ثم يطوي رجله اليمني مع الساق علي فخذه الايسر و رجله اليسري علي فخذه الايمن و يجتهد بالرفق و المداومة حتي يقدر علي ذلك و يصير عادة له من غير كلفة و هي المشكلة في البداية و اذا قدر علي ذلک قدر علي الجميع بالقدر و التدريج ثم يقوم ظهره و يضع يديه منتصباً عضده متكأً علي ركبتيه و ينظر الي السرة دائماً و لايتحرك و لايلتفت حتي يظن كانه شجرة نابتة علي الارض و يذكر و يقول هذه الكلمة دايماً بالقلب لا باللسان الك و معناها اللّه عزوجل و هي مذكورة في كل جلسة. فاذا وصل الي هذا المقام يحصل له ثلث خصال قلة الطعام و قلة الكلام و قلة النوم.

الجلسة الثانية ان‏يجلس كما ذكرنا اولاً و يجعل يده اليمني علي قفاه الي الكتف الايسر و كذلك اليسري علي الايمن و يقوم ظهره و يدير رأسه في الجهات الاربع من غير ان‏يتحول وجهه ذاكراً بقلبه الكلمة المتقدمة فاذا اراد ان‏يسكن وضع يديه علي ركبتيه و يقوم عضديه متكأً عليهما و لايغفل عن ذكر القلب ابداً عسي ان‏يحصّل اللّه له غيبه فان كان ذاكراً حاضراً شاهد من عالم الغيب اشياء تفرّحه و تشوّقه الي زيادة العمل. فان وصل الي هذا المقام حصل له اشياء انقطع عرق الجذام و البرص و الناسور و الباسور و الدقّ فهذه العلل التي لا دواء لها عند الحكماء و الاطباء فبان عوارض الاسقام اولاً ان‌تنقطع عنه فمن عمل هذا العمل من به شي‏ء من هذه العلل و يدوم بذلك تزول عنه و هو مشهور مجرب.

الجلسة الثالثة و هو ان‌يجلس كما ذكرنا في الاول يدخل يديه بين الساق و الفخذ الي المرفق ثم يطلع بدنه بقوة اليدين حتي يبقي معلقاً و لاينسي الذكر الذي تقدم فاذا حصل له هذا المقام قلت عنه مادة الماء و التراب و كثرت فيه مادة النار و الهواء و هذا المقام المتوسط بين الملك و الانسان. الجلسة الرابعة و هي ان‌يجلس كما ذكرنا في الثالثة و يضع يديه علي قفاه شابكاً لاصابعه و لايترك الذكر المتقدم فاذا حصل له هذا المقام زال عنه الخوف و الجزع من الجن و الانس حتي لو انطبقت السموات علي الارض لم‏يخف و هذه مرتبة عظيمة. الجلسة الخامسة و هي ان‏يجلس علي رجليه و يضع يديه اولاً في الارض منصوبتين و يضع

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 359 *»

المفصل الذي بين ابهام الرجل و اصابع رجله اليمني علي المرفق اليمني و رجله اليسري كذلك علي مرفقه اليسري فيبقي معلقاً علي قوة اليدين و لايترك الذكر المتقدم ذكره خاصة في هذه الحالة فاذا حصل له هذا المقام رسخ فيه و بالغ بحيث لايبات الليل في هذه الحالة يحصل له الطيران و يصير من جملة الارواح.

فانظر بعقلك الي هذه الاعمال هل تجد فيها شيئاً يوافق الشرع بوجه‌ما و هل يوصل الي خير؟ و هذا من الريميا و هو من علوم السحر المحرم الذي هو مقرون بالشرك. و قد روي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي في مكارم الاخلاق عن الصادق7 قال ان رسول‌اللّه9 سأله امرأة ان لي زوج و به غلظة و اني صنعت شيئاً لاعطفه علي. فقال9 افّ لك كدّرت البحار كدّرت العين و لعنتك الملائكة الاخيار و ملائكة السماء و الارض فصامت نهاراً و قامت ليلها و حلقت رأسها و لبست المسوخ فبلغ ذلك النبي9 فقال ان ذلك لايقبل منها فقيل يا رسول‌اللّه9 لم‏ لايقبل منها و يقبل من الكفار؟ فقال لان الشرك اعظم من الكفر و السحر و الشرك مقرونان. فاذا ثبت ان المدعي ان هذه الامور توصل الي المراتب العلية فهو باطل لان تلك المراتب لاتنال الا من عند اللّه سبحانه و ما عند اللّه سبحانه لاينال بمعصية و لا شك في ان هذه الامور التي تدعونها تلك الجماعة من هذه الامور كباير موبقة. هذا هو الاشارة الي جهة الانتفاع بها و ما تؤدي اليه استعمالها.

و اما الاشارة الي بيان ما ذكره البوني من كلامه فاعلم انهم ذكروا هاتين القوتين علي اصولهم و هي لاتنطبق علي اصولنا في كل ما ذكروا و انا اشير الي شي‏ء من ذلك لان ذكر ذلك علي جهة الاستقصاء يوجب التطويل المملّ و ليس لي وقت و لا قلب مجتمع. فـاقول: ان كل‏شي‏ء فله جهتان جهة من فاعله و هو وجوده و جهة بابه من ربه و هي جهة فقره الي فاعله و جهة استغنائه به و جهة من نفسه و هي ماهيته من وجوده و هي جهة استغنائه بوجوده و هي جهة فقره و عدميته فمن جهة وجوده من ربه تحدث عنه جميع الخيرات من المعتقدات الحقة و الاعمال الصالحة و الاقوال الصادقة و من جهة ماهيته من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 360 *»

وجوده تحدث عنه جميع الشرور من المعتقدات الباطلة و الاعمال السيئة و الاقوال الكاذبة. اما المعتقدات في الطرفين القارّة فذاتية لكل من الجهتين علي تفصيل و اما الاعمال و الاقوال فمن ميلهما و مقتضاهما. ثم ان الانسان عبارة عن هذا النور و الظلمة اي الوجود والماهية ولكنهما حادثان و الحادث الموجود كما هو محتاج في اصل كونه عند صدوره الي المدد كذلك هو محتاج في بقائه الي المدد و ذلك المدد لايكون الا من نوع المستمد فمدد الوجود من النور كالمعتقدات الحقة و الاعمال الصالحة و الاقوال الصادقة و مدد الماهية من الظلمة كالمعتقدات الباطلة و الاعمال السيئة و الاقوال الكاذبة و كلا المددين جار علي الشرع الوجودي و الوجود الشرعي فمن زكّي نفسه بالعلم و العمل كان متمكناً من دفع ما كره و من جذب ما احب بما يظهر عليه من افعال جواهر علله عند قطع النظر الي شي‏ء منه حتي يكون فعل اللّه محدثاً لتلك المطالب بظهور مثاله في ذلك العبد و يأتي تتمه الكلام. و اما ما ذكروه من ان القوة قهرية من جهة فاعلية الانسان و دورانه علي نفسه لتظهر عليه آثار القهر علي ما يأتي فليس بصحيح و ان ‏كان ما ذكروه في الجذب يمكن تصحيحه.

ثم نرجع الي بيان كلام البوني فقوله: ان للانسان قوتين صحيح. و قوله: و اصل هاتين القوتين هو ان الجواهر العلية المفارقة عن المواد الي قوله مستمد منه، فيريد بالجواهر الكواكب السبعة السيارة و هي اسباب للمواليد الثلثة الا ان المفيض من هذه السبعة فلك الشمس يفيض علي زحل من نفس العقل و علي القمر من صفته و يفيض علي المشتري من نفس النفس الكلية و علي عطارد من صفتها و علي يفيض المريخ من نفس الطبيعة الكلية و علي الزهرة من صفتها و بالجمله فالشمس صاحب الوجود الثاني الجسدي بافاضة الاشعة و القوي منها و من الكواكب الستة علي القابليات من العالم السفلي فتكوّن من ذلك المواليد الثلاثة المعادن و النباتات و الحيوانات هذا عندهم. و اما عندنا فالملائكة المدبرات امراً تحرك الافلاك و كواكبها بامر اللّه كما امرها فالملائكة المسخرة موكلون بالفلك الاعلي الذي فيه التسخير و الملائكة المقدّرة موكلون بالافلاك السبعة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 361 *»

فبالاعلي التسخير و بالسبعة التقدير فالله يفعل الاشياء بالاسباب من الملائكة و الكواكب و مقتضياتها و اقوات الارض. و كون تلك الكواكب و افلاكها عللاً انما هو لكونها مظاهر افعال اللّه سبحانه.

و قوله: المفارقة للمواد، المراد بالمواد العنصرية لا مطلق المواد فان لها مادة و صورة من هيولي الكل و شكل الكل. و قوله للجواهر العلية حالتان، فمعلوم ان كلّاً منهما مشتاق الي مدد العالين من اركان العرش و هي النور الابيض و الاصفر و الاخضر و الاحمر محتاج الي ذلك مما ليس له قوام الا به و ما تحتها من العالم السفلي محتاج الي هذه الجواهر. کذلک تلک الجواهر مستولية علي هذه المفعولات السفلية لانها مظاهر افعاله تعالي قد القي اللّه سبحانه في بواطن هذه الجواهر و ظواهرها و افعالها و نهايات اشعتها امثلة افعاله فالله يفعل بها ما يشاء. و لا اشكال في هاتين القوتين انما الاشكال في القوة القهرية للفاعل فانه لايفعل بها مع دورانه علي نفسه و انما يفعل بها حال غيبته عن نفسه و فنائه في سببه ليظهر فيه اثر سببه فالحادث لايفعل بنفسه شيئاً و يأتي الكلام.

و قوله: فصار لاجل ذلك انتهي، ليس علي اطلاقه بل نقول لما كان كل محدث فله [له ظ] جهتان جهة من ربه و جهة من نفسه فالجهتان متضادتان وجب ان‏يكون شي‏ء بسيط و وجب ان‏يكون له ند و ضد فلانداد تعددت من تعدد الاحوال الستة التي هي المشخصات و الاضداد من اختلاف الجهتين فحصول الجهتين ليس مما قالوا انه ناظر الي علته و ناظر اليه معلوله بل الجهتان اللتان هما منشأ للضدين جهة من ربه و جهة نفسه و من جهة ربه كل ما كان ثابتاً من ذاته و صفاته و افعاله و من جهة نفسه كل ما كان مجتثاً من ذاته و صفاته و افعاله. و لاجل ذلك قال العلماء كل ممكن فهو زوج تركيبي اي لايكون شي‏ء بسيطاً مطلقاً من الخلق. و قال الرضا7 ان اللّه لم‏يخلق شيئاً فرداً قايماً بذاته دون غيره للذي اراد من الدلالة عليه و قال تعالي و من كل شي‏ء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون و معني ذلك ان كل شي‏ء مخلوق فذاته مركبة الا انه له حالة من جهة مفعوليته و حالة من جهة فاعليته و اين هذا من ذالك؟ فعلي ما ذكر ينبغي ان‌يكون كل شي‏ء له حالتان حالة من جهة قابليته و حالة من فاعليته لا ان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 362 *»

كل شي‏ء له ضد فافهم.

قال سلمه اللّه تعالي نقلاً عن البوني فنفس الانسان لها من القوي المزدوجة الغضب و الشهوة و هما بحقيقتهما في الباطن القهر و المحبة و قد تسمي الصوفية احدي تلك الحالتين سر الجمال و الثانية سر الكمال.

اقول: قد تقدم ان الحالتين المذكورتين لم‏يكونا منشأ للافعال المختلفة لان الغضب يكون لله من الوجود و للنفس من الماهية و كذلك الشهوة. و اما علي ماقرر ان الغضب و القهر من جهة فاعلية الانسان و الشهوة من جهة قابليته فانظر ماذا تري. و قوله تسمي الصوفية فيه ان المعروف منهم ان القهر سر الجلال و الشهوة سر الجمال و اختلفوا فهل المراد بالجلال جلال الجمال ام جلال العظمة؟ و هل المراد بالجمال جمال الجلال ام جمال العظمة؟ و لسنا بصدد هذا.

قال: فاذا قصد العارف تحريك احدي هاتين القوتين التي لنفسه اشعر لنفسه المعني المناسب لتلك القوة من قبض او بسط و اخذ في تلاوة الاذكار التي تليق بذلك المعني و تقويته فاجري جميع هيئته علي حسب مشاكلته لذلك السر فيستعمل عند تلاوته للذكر التعريف لاحد المعنيين و التجريد للمعني الثاني و لايزال كذلك حتي يتمكن ذلك المعني في نفسه و تظهر اشارته و تغلب قوته عليه و ذلك هو الحال المشاراليه عند العارفين و حقيقتهما قوة عظيمة يجدها الشخص في نفسه عند ذلك بحسب المعني المستشعر.

اقول: تحريك احد [احدي ظ] القوتين بالتوجه بكله الي جهة متشابهها فيتوجه بباطنه الي مبدئها و تقويه فيض مبدئها بتلاوة الذكر المخصوص ليكون معيناً و مقوياً للفيض بمعناه و القابلية نفسه بباطن صفته و ظاهر لفظه و ذلك لما بين لفظه و بين جسد العارف من المناسبة و لما بين صفته و قابلية نفسه كذلك و بين معناه و بين الفيض كذلك و من تمام توجهه بكله ان‌يتعرّي عن المعني لاخر بناء علي انهما ضدان يحضر عند الاخر او مخالفان قد يحضر فاذا تعري عن المعني الغير المراد خلص توجهه الي وجه واحد لانهما لما كانا ضدين او مختلفين وجب اختلاف جهتهما فلو لم‏يتعر عن المراد لتفرق قصده الي جهتين مختلفتين اما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 363 *»

دفعة فتنمحي صورتها معاً من خياله و اما علي سبيل التنقل فيقطع المدد و المراد بتمكن المعني المراد في نفسه حصر المدد من المبدء فيه و قوته حتي تكون نفسه بمدد تقوية المعني المراد من المبدأ كالحديدة المحماة من النار فانها لغلبة ظهور اثر النار عليها تفعل كفعل النار.

و قوله و حقيقتهما انتهي، يريد ان كل قوة استعملها علي نحو ما ذكر يظهر اثرها في نفسه حتي انه يجد في نفسه انه يفعل ذلك المقصود و ان ذلك المقصود صار في قبضته و ملكوته بيده. و يأولون ما في الحديث القدسي من قوله تعالي كنت سمعه الذي يسمع به انتهي. علي هذا المعني اقول و هذا ما اشرت لك سابقاً من عدم صحة هذا العمل شرعاً و ان حصل منه الاثر و هو بفعل اللّه لكن مثل قوله تعالي فيتعلّمون منهما ما يفرقون به بين المرء و زوجه و ما هم بضارّين به من احد الا باذن اللّه فقولي و هو بفعل اللّه مثل قوله تعالي الا باذن اللّه فافهم فانهم قد اتوا البيوت من ظهورها فلهذا قلنا ان هذا من الفجور و لا من البر.

قال: مما نقله قال فان كان للقهر وجد في نفسه قوة علي مضادة جميع الكاينات قهرها بحيث لو عرض له في تلك الحال الاسود و الجيوش العظيمة لاقدم عليها و لم‏يجد عنها. و ان كان تلك للمحبة و الشوق وجد من نفسه قدرة عظيمة علي الجذب و الاتصال بالاشياء النازحة عنه. و يتمكن بهاتين القوتين و مواظبتهما علي تحريك ايهما شاؤا حتي تصير ملكة لهم يتوصّلون الي التصرف بها في عالم الكون الي ما يشاؤون. فاذا تمكنت هذه الحالة في نفس العارف فان كانت للقهر سلّتها علي مدافعته للقوي الجسمانية و استعان علي ذلك بالدوران علي مركز نفسه و النفس في خلال ذلك مطّلعة علي عالمها متأملة لما يرد عليها من تلقائه فيتجرد عند ذلك النفس بعض التجرد و تنسلخ عنه انسلاخاًما و يحدث لها استغراق يسري في الامر المتوجه‌اليه فيرد عليها من الانوار العالية وارد يشبه البرق لديه جداً يلمع و ينطوي بقدر تمكن تلك من النفس. و ان كان تلك الحالة للمحبة صرف شوقه و قوة جذبه الي العالم الاصلي اي العلوي و قل التفاته الي ما ورائه من القوي الجسمانية و عالمها و انحسرت عنه و صعد هو

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 364 *»

بذاته لتجردها و انسلاخها عن الجسم و ورد عليه وارد النوري بلذة عظيمة تناسب حاله.

اقول: قوله فان کان للقهر وجد في نفسه انتهي، يريد به ما يظهر عليها من النور و الامر ليس كما توهم بل الظاهر علي نفسه مقتضي ما تلونت به نفسه من تلك الرياضات و الاذکار التي سلک بها غير ما امر الله تعالي فافاض مقتضاها عليها علي ما يکره. و مثاله ان الزاني فعل خلاف ما امر الله تعالي به و القي نطفة‌ في رحم لم‏يؤمر بالقائه فيه بل نهي عنه و قد كان خلق الرحم يقتضي الحمل بالنطفة و خلق النطفة تقتضي الحمل في الرحم فوجب في الحكمة ان‌يفعل بهما ما لايحب و الا لكان مانعاً لعطيته لانه اعطي الرحم و النطفة ذلك المقتضي و ان كان انما اعطاهما لما يحب لكن جعل العطية صالحة لما يحب و لما يكره ليصح الثواب و العقاب بالاختيار و يرتفع عن جميع المكلفين الاضطرار فخلق بذلك المقتضي ولد الزنا الذي لايحبه و هو کابن الحلال الذي يحبه و لافرق بينهما الا الامر و النهي. كذلك ما نحن بصدده فما يجد هذا في نفسه من القوة من هذا القبيل و ان كان هذا الفعل من النور و فعل النور لكنه اذا حل بقابلية ظلمته كان مظلماً و الي ذلك الاشارة بقوله تعالي و ليزيدنّ كثيراً منهم ماانزل اليك من ربك طغياناً و كفراً و قال تعالي و ننزّل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الا خساراً و مثل قول الشاعر:

اري الاحسان عند الحرّ ديناً   و عند النذل منقصة و ذماً
كقطر الماء في الاصداف در   و في بطن الافاعي صار سماً

فكان ما نزل من القرآن رحمة للمؤمنين بعينه كان خساراً علي الظالمين و قطر المطر ان وقع في الصدف كان لؤلؤاً و ان وقع في فم الحية كان سماً.

قوله: و ان كان تلك القوة للمحبة انتهي، فيه ان المحبة كما تقدم جهة قابليته فكيف تكون جهة فاعليته و لان تلك الجهة ان كانت قويت فيه لزم ان‌يكون هو

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 365 *»

ينجذب بسرعة لما يحب لا انه يجذب لكن لما كان يقدر علي الجذب لما قلنا من ظهور اثر علته عليه كظهور اثر النار علي الحديدة كما مر سابقاً و تمكنه من التصرف فيما يشاء بهذه القوة اذا حصلت لايدل علي حلها و جوازها فقد نقل لنا عن كثير من العيّانين انهم يتصرفون فيما يشاؤون فيهزم العساكر و يقلع الشجر العظام و مما نقل ان رجلاً في سفينة في البحر فاتوهم قوم قطاع طريق في مركب عظيم ليس لهم قدرة علي مقابلتهم فأيسوا من النجاة فقال ذلك الرجل لاتخافوا فقالوا و كيف لانخاف؟ فقال انا اغرقهم فلما قربوا من سفينتهم شبّه مركبهم بالفحل المغتلم فانقلب المركب و غرق من فيه. و مر شخص بشجرة عظيمة فتعلق به غصن من اغصانها فقال لم‏يكن عندي شي‏ء اعطيتك فانقلعت الشجرة في الحال. و قصص العيانين كثيرة و ليس ذلك لنور اتصل بنفوسهم ولكن نفوسهم عوّدوها علي الانبعاث عند اول نظر فتصيب فظهرت علي نفوسهم قوة القهر من تعوّد نفوسهم الانبعاث الي المرئي بعين الحسد و الرصد و الغبطة فكانت لهم ملكة يتصرفون بها فيما شاؤوا. و لقد اشتهرت قصص من افاعيلهم حتي قتلوا الحيوانات و الادميين بالتقصد و العمد و بغير ذلک. و ليس هذا من النور و لا من التأييدات الالهية و انما هي من الشياطين و ما ذكروه هنا من هذا القبيل فذرهم و ما يفترون. و يدل علي ذلك قوله و استعان علي ذلك بالدوران علي مركز نفسه فقد ورد في تفسير قوله تعالي فمنهم ظالم لنفسه عن الصادق7 انه يحوم حول نفسه و لو كان محقاً لكان يحوم حول ربه.

و اما قوله: و النفس في خلال ذلك متطلعة علي عالمها انتهي، ففيه ان النفس ان اريد بها الصورة المجردة عن المادة العنصرية و المدة الزمانية فعالمها وسط الملكوت و الدهر و ذلك ليس منشأ للفيض لانه هو الارض و الارض يرد عليها المدد من السماء الذي هو العقل. و الاخبار و الايات تشير الي ان النفس و ما فيها من الصور العلمية هي الارض قال تعالي افلا يرون انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها قال7 يعني بموت العلماء فاطراف الارض نهايأتها و هي الصور العلمية. و ان اريد بالنفس المراد منها الذات المشار اليها بقوله7 من عرف نفسه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 366 *»

فقد عرف ربه فتلك منشأ للفيض ولكن لا عالم لها و انما هي الوصف للوصف.

و اما قوله: فيرد عليها وارد يشبه البرق، فهذا حق لكنه يرد علي النفس الناطقة التي هي الوصف للوصف فالوارد من الوصف و اريد بها الصورة المذكورة فالوارد عليها من الوجود بواسطة العقل لانه بابه و ذلك الذي يشبه البرق يلمع علي النفس فينطوي لانه كان في صفحة من الخزائن التي اشار سبحانه بقوله و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم فاذا جاء اجل لمعانه علي تلك النفس امر اللّه الملك الموكل بتلك الخزانة و فتح منها بقدر ما اقتضاه استعداد تلك النفس في مدة مقدرة و بعدها يطويه الملك فان قرعت تلك النفس باب الخزانة فتح الملك فان كان ذلك الشخص متعاهداً لذلك الفيض من بابه انس به الملك فكلما قرع فتح و لايزال كذلك حتي يعطيه الملك مفتاح ذلك فلايمنع عنه كلما اراد و هو المراد من قولهم يكون مستفاداً او بالفعل علي القولين.

قال: و لايزال يستدعي تلك الحالة التي سلكها حتي يصير ملكة له بحيث لايحتاج الي استدعائها و يستغرق فكره في ذلك الوارد و يصير مستقراً معه و يعدم التفاته الي عالم الحس و يصير في هذا المقام عقله المستفاد عقلاً فعالاً و يري ذاته كانه كلية بالنسبة الي ما تحتها.

اقول: اذا نال ذلك بما قلنا من التخلق باخلاق الروحانيين و عمل بشريعة خاتم النبيين و اتبع طريقة سيد الوصيين صلي اللّه عليهم اجمعين في جميع اقواله و افعاله و احواله بما استطاع لايرده عن شي‏ء منها الا القصور لا التقصير فذلك الذي اشار اليه اميرالمؤمنين7 بقوله خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكاها بالعلم و العمل فقد شابهت اوايل جواهر عللها و مثل هذا لا شك ان له تصرفات كثيرة في العالم لا في كل شي‏ء الا اذا كان كلمة تامة كما اشار الي ذلك علي7 بقوله فاذا اعتدل مزاجها و فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد و هذا المقام لم‏يصل اليه خمسة‌عشر شخصاً و لايصل ابداً و انما وصل اليه اربعة‌عشر شخصاً صلي اللّه عليهم اجمعين فاذا اراد بكون عقله عقلاً فعالاً ان له تصرفات بقرينة قوله و يري كأن ذاته كلية فالموصوف كما قلنا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 367 *»

يمكن في حقه لا مثل اولئك المتلونين فان مددهم من اخوانهم الشياطين و اولئك يلقون السمع و اكثرهم الكاذبون فلاحظ و لاتغفل.

قال:‏ و اعلم يا اخي هذا الفصل و تأمله بعقلك و ذهنك لانه اصل هذا الكتاب و امه فالحروف قاعدة التصريف في عالم الكون و لها في تجريد النفس آثار عظيمة لايقوم فيها مقامه غيرها و العارف باسرارها اذا توجه بكل حرف منها في الشي‏ء الذي يناسبه حتي ينمحي عن فكره شكل الحرف و صورته الجسمانية و تبدو له صورته الروحانية فحينئذ تظهر له خاصية ذلك الحرف فاذا ردّدها المردد بقلبه و لسانه المرات الكثيرة احدثت في النفس قوة عز و قهر و بسط و جذب و اللّه تعالي المستعان انتهي كلامه و مواضع الاشكال علي امثالنا غير خاف علي امثالكم.

اقول: اما تصرف الحروف في عالم الكون بمقتضي طبايعها و قواها فمما لاريب فيه الا ان من التصاريف اموراً محرّمة شرعاً لايجوز استعمالها كالمشروطة بالرياضات المحرمة و الاعمال المستلزم للكفر مثل ما وقفت عليه في عمل من اعمالهم انه يأخذ عذرة الانسان و يعصر مائها و يكتب آية مخصوصة من كتاب اللّه تعالي بذلك الماء لهلاك من يريد هلاكه فانظر ماذا تري. و كذلك ما كان متوقفاً علي استنزال الملائكة و استحضار الارواح و لو علي لسان طفل لم‏يبلغ او امرأة حامل يصورها في شي‏ء صقيل و تعطيف المرأة لزوجها و امثال ذلك مما منع الشرع منه. و من التصاريف اشياء مباحة اذا استعملت في مباح كتأليف الحروف الطبيعي و استعمال الحار منها للتبريد و بالعكس و ذكرها بعدد قواها و رفع يابسها الي مثله من باردها و باردها الي رطبها و رطبها الي حارها و استخراج حروف القوي و الاساس و حروف الحاصل و المستحصل و استنطاقها بعد الضرب او الجمع و اخذ النظاير و امثال ذلك.

و اما مثل ما ذكره البوني في شمس المعارف و هذا الكتاب لم‏يكن عندي و لارأيته و انما سمعت بوضعه و انه موضوع علي الاشكال من المثلث و المربع و غيرها فان كان فعل ذلك مجرد التأليف الطبيعي ليمتزج اسم المطلوب منه و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 368 *»

اسم الطالب بناءً علي ان الاسم من المسمي بمنزلة الجسد من الروح كما اشار اليه اميرالمؤمنين7 بقوله الروح في الجسد كالمعني في اللفظ و علي ان تمام بنية الجسد يستلزم في الحكمة ان‌يهب الكريم سبحانه روحاً تسكن تلك البنية لانها اذا تمت كما ينبغي فقد سألت عنه سبحانه بلسان حالها الصادق و امتثالاً لامره ان‌يحيها و هو يحيها بكرمه قل يحييها الذي انشأها اول مرة و هو بكل خلق عليم. فاذا امتزجت الاسماء الثلثة اتصلت المسميات فحصل المطلوب فان كان ذلك لايتوقف علي بعض الشروط المحرمة مما اشرنا الي بعضها فلا ضرر فيه و الا فلا. و اما ظاهر كلامه من قوله: لانه اصل هذا الكتاب، يشعر بانه المشروط بالرياضات و تسخير الملائكة و غير ذلك فهو محرم.

و اما ما يستخرج من الحروف من الاسماء الملائكة فعندي فيه توقف من جهة ان هذه الملائكة المشاراليها يراد منها القوي خاصة لان الملائكة عندهم ليسوا نفوساً مشعرة حساسة مدركة مفارقة فعالة بالاختيار و انما هو قوي الاشياء فان كانت كذلك فلا محذور في استخراج قوي الشي‏ء لانه كاستخراج المعدن من التراب و ليس تسخيراً للارواح. و اما عندنا فالملك حيوان حساس مختار مفارق لما وكّل به في ذاته و ان كان في فعله مقارناً له. و ان كانت المستخرجة من الحروف هي المراد عندنا و انها لما كانت الحروف وجوداً تاماً علي اكمل نظام و كل ذرة من ذرات الوجود موكل بها ملك تجانس اجنحته جهات تلك الذرة فأي تركيب من تراكيب الحروف من بسيط و مركب وجد فهو اسم لملك كما هو شأن مشتقات المسميات الوجودية فانت تدعوه باسمه المسخر للقيام بوظيفته فهذا لايجور.

و اما ما ذكرته في اجوبة مسائل الشيخ عبدعلي التوبلي البحراني تغمده اللّه برحمته فانما قلته نقلاً تتميماً لجوابه علي سبيل التمثيل و لم‏اقصد فيه ما قصدوا لوجوه ثلثة: الاول اني غير عالم بذلك. الثاني اني لم‏استقص شروطه و وظايفه كما عندهم و لم‏اعلم بكلها. الثالث توقفي من جهة مشروعيته لاستلزامه استنزال الملائكة و الارواح و انا متوقف هل المقصود منها القوي كما نعرف من القوي فيجوز ام الملائكة الارواح النورية المعروفة عند

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 369 *»

اهل الشرع فلايجوز.

و اما قوله تبدو له صورته الروحانية، فيريد بها الصورة الفكرية او هي مع العددية لانهما بمنزلة الروح بمعني ان الفكرية كالصورة النفسية و العددية كالمثالية و الصورتان السفليتان كالجسد بمعني ان اللفظية كالجسم و الرقمية كالجسد. و هو يشير الي معني و هو انك اذا اردت عملاً كتبت ذلك الاسم علي نحو ما ذكروا و ذكرته بعدد قواه و فكرك منغمس في صورته الفكرية حتي تغلب علي سماعك لفظه و علي نظرك رقمه او تحمله او تشربه و غير ذلك. فاذا تمحض وجدانك في الصورة الفكرية ظهر لك سرّ ذلك الحرف فيما طلبت و هذا معروف الا ان فيه الجايز و فيه الممنوع. و الحمد لله رب العالمين و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين الطيبين المعصومين و اجعلنا معهم و بهم و لهم و لانفرق بيننا و بينهم طرفة عين في الدنيا و الاخرة برحمتك يا ارحم الراحمين.

قال ايده اللّه تعالي: سؤال قال الشيخ محي الدين في بعض رسائله في علم الحروف في خلال كلام له: و له اي و لشيث7 سفر جليل الشأن في علم الحروف و عنه اخذت هذا المثلث العظيم الشأن الذي لايعلم قدره الا من خصه اللّه تعالي بالاطلاع علي اسرار الحروف و رأيته بمكة و حلّ لي ما اودعه في سره في626 و هذا المثلث

 

226 69 198
3 231 459
364 393 36

 

اقول: اعلم ان المثلث اول الاشكال و اعظمها و هو شكل ابينا آدم7 لان آدم7 ابوالبشر و اولها و هذا ابوالاشكال و اولها و لان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 370 *»

السطح اقل ما يتركب من ثلث نقط و انما قيل انه شكل آدم7 لان بسايطه خمسة‌ و اربعون و هذا مثاله

8 1 6
3 5 7
4 9 2

ثلثة اضلاع كل ضلع خمسة‌عشر و مجموعها خمسة و اربعون و هو مجموع آدم7 و ينسب الي شيث7 لانه ابن آدم و حوا و اسم حوا خمسة‌عشر و ذلك ضلع واحد من المثلث الذي مجموعه آدم7 فحوا من ضلع آدم الا ان حوا من ضلع من المثلث المائي لان طبع الذكر حار يابس و طبع الانثي بارد رطب و المثلث له اربع صور ناري كما ذكرنا و هوايي هكذا

6 7 2
1 5 9
8 3 4

و مائي هكذا

4 3 8
9 5 1
2 7 6

و ترابي هكذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 371 *»

2 9 4
7 5 3
6 1 8

فحوّا من الشكل المائي من الضلع الايسر الذي في وسطه الواحد

و قوله في626 الظاهر منها السنة التي ادعي انه اجتمع فيها بشيث7 و علمه المثلث و هذا الشكل المرسوم ليس بصحيح اذا وضع فيه اسم شيث علي القاعدة كان فيه كسر فيزاد في رابعه فاذا نزّل فيه زاد احد و تراه علي كل حال و لايمكن علي ما ذكره بعضهم ان يصح الا بتضعيفه و ادعي ان تصحيحه بذلك و انه اقوي فعلاً كما ان المركب الفلسفي كلما كرّر عليه التكليس و الحل زادت قوته و زاد فعله. و انما لما لم‌يكن لي اطلاع علي هذا العلم و لم‏يكن عندي من كتبه و لاشافهت اهله و لم‏اكن بصدده لم‏اقدر علي التصرف في مكتوماته و اسراره و لو كان الشكل المنقول صحيح الوضع ربما يمكن استخراجه. و اما جوازه من جهة الشرع فقد تقدم الكلام فيه و في امثاله.

قال: قد ذكر اثاراً بديعة و اسراراً رفيعة، الي ان قال: ثم الامام علي7 ورث علم الحروف من سيدنا محمد9 و اليه الاشارة بقوله انا مدينة العلم و علي بابها و من اراد العلم فعليه بالباب و هو كرّم اللّه وجهه اخر الخلفاء كما كان النبي9 اخر الانبيا: و قدر ورث علم الاولين و الاخرين و مارأيت في من اجتمعت به اعلم منه. ثم قال بعد الاطراء في مدحه7 و مدح الصادق7 بالعلم و مدح مولانا القائم عجل اللّه فرجه عليه و علي آبائه صلوات المصلين بقوله: ان الجفر يظهر في آخرالزمان مع الامام محمد المهدي7 و لايعرفه علي الحقيقة الا هو. و موضع الاشكال المسئول عنه حلّه اظهار ما تضمنه المثلث و الابانة في الجملة عن كون اجتماعه مع الكرام في عالم المثال عند العروج او عند الرجوع عن المقام و كيف اشرقت عليه انوار علومه7 و تبين له اوليته7 حتي جعله آخر الخلفاء و ان له معني آخر.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 372 *»

اقول: اما الاثار البديعة فهي ما يتصرفون فيها من اعمالهم من كتابة مزدوجاته للمحبة و التأليف و مفرداته للتفريق و لازالة الحمي مع ما يناسبه من الاسماء و الايات و لبكاء الاطفال كذلك و لهلاك الاعداء و هزم الجيوش و زجر الطيور و اظهار الكنوز و ابطال الارصاد و حل المربوط و للربط و لترويج كساد التجارة و امثال ذلك مما يعسر احصائه من الاعمال الا ان لها شروطاً عندهم مقويات للحروف منها اشياء مناسبات و اشياء مقومات و الكل معلوم عند اهله.

و قوله: ان علياً7 ورث علم الحروف عن محمد9، لا شك في ذلك يعرفه المخالف و الموالف و هو الجفر المعروف و ذلك ان محمداً و علياً8 كانا علي جبل فاران فأتي جبرئيل7 الي النبي9 بجفرة و هي بقرة وحش انثي بكر بالغ فذبحها علي7 و سلخها فاذاً جلدها مدبوغ فكتب فيه علي7 باملاء رسول‌اللّه9 عن جبرئيل7 علم الجفر اي العلم المكتوب في جلد الجفر و الاربعة‌عشر المعصوم: في ذلك العلم علي السواء. فمن جهله بهم: خصّ علم الجفر بعلي7 و جعفر الصادق و بالقائم8 لانه ينسب الي علي و جعفر اخذه عن جده علي و القائم7 هو وارثهم. و هذا ما تدل عليه و روايات العامة.

و قوله: و هو كرّم اللّه وجهه يريد به ما كانوا يستعملونه عندهم من ان الصحابة عبدت الاصنام فيقال لكل واحد منهم رضي اللّه عنه و علي لم‏يسجد لصنم فيقال له كرم اللّه وجهه عن عبادة الاصنام.

و قوله: اخر الخلفاء، يشعر بان ساير الائمة ليسوا كذلك حتي القائم و ان كان يقر بانه خاتم الولاية و هذه طريقتهم الباطلة.

و قوله: و لايعرفه علي الحقيقة الا هو، يشعر بان غير الصادق و جده علي8 لايعلمه علي الحقيقة الا القائم و هو بناء علي ما يعرفه من الحاده و استنكافه.

و قوله سلمه اللّه: و موضع الاشكال الي آخره، فجوابه اما ما تضمنه المثلث فقد قلت قبل هذا اني لااعرف هذا بخصوصه علي ما ينبغي. و الصورة المنقولة في السؤال ليست صحيحة لانه لم‏يجر علي النظم الطبيعي الذي هو شرط في صحة تأثيره في جميع الاعمال و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 373 *»

ليس عندي شي‏ء من كتب القوم لاراجع الا ان الاعمال المطلوبة منه لتحصيل المطالب العظيمة منها الممنوع منها و منها الجايز كما للتفريق بين المرء و زوجه و لحل المربوط و ابطال السحر. و اما دعوي اجتماعه بشيث و علي8 و غيرهما من الانبياء و الصديقين فعنده ان ذلك علي الحقيقة بناء علي مذهبهم مذهب اهل التصويف من ان الخيال اصل وجود العالم كله كلية و جزئية حتي وجود الواجب و هو باطل في حق الجزئي بل كلما هو في خياله فهو صورة منتزعة من الاصل الخارجي فما في خياله الا كما في المرآة من المقابل.

و قد حققنا في كثير من اجوبتنا فيما كتبناه خصوصاً في الفوايد و في مباحثاتنا. ثم ان ما في المرآة ليس يجب ان‌يكون علي هيئة المقابل و انما يكون علي هيئة المرآة فان ‏كانت شيشتها سوداء كانت صورة المقابل علي هيئة المقابل سوداء و ان كان ابيض کانت ابيض و ان كانت معوجة كانت الصورة معوجة و ان كان معتدلاً كانت معتدلاً فلاتحكي المرآة الا علي هيئتها. و ان كان خفي الباطن فانظر في الظاهر فان الكفار و المنافقين لايرون الامام7 كما تراه انت و هذا ظاهر. و هذا الرجل رأس الكفار و المنافقين و لاينبّك مثل خبير فهو يتصور في خياله علي بن ابي‏طالب7 و ما وقف عليه من حكمه و علومه7 مما بهر عقله فيصفه بما يعرف من علومه و يؤخره عن الثلثة بما ظهر له من تقدمهم عليه. و ذلك لانه يتصور انهم افضل منه و ان لم‏يعلم منهم شيئاً من العلوم فهم عنده اولي بالخلافة هذا الذي يتصور في خياله و يتصور فيه انه ما وجد اعلم منه من جهة ما سمع من حكمه و علومه7 و لو انه ادركه او عرفه لكان اعلي منه و لما صحّ قول النبي9 يا علي لايعرفك الا اللّه و انا و لايعرفني الا اللّه و انت و لايعرف اللّه الا انا و انت ولكنه انما وصفه بما يعرف.

و اما انه اجتمع معه فهيهات اين الثريا و اين الثري و انما يسمي تصور الشي‏ء اجتماعاً معه و ملاقاة له بناء علي ذلك المذهب و ان انتقال خياله من احوال مأكله و مشربه الي شي‏ء من المسائل او تعرّفه لشي‏ء يسمّيه عروجاً الي العالم العلوي. فليت شعري ما هذا العروج الذي اختصوا به دون

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 374 *»

غيرهم أليس اذا تخيّلت مميت الدين بن عربي لعنته@ اني عرجت الي العالم العلوي فان كان هكذا فلم‏يخلق احد من المكلفين الا و هو يعرج و يجتمع بالانبياء: ولكن ليس هذا بعروج غير ما يعرف ولكن مدعيه اعرج و ليس علي الاعرج حرج. و لقد اخبرني رجل من بعض التلامذة و هو الان موجود قال قال شخص معروف من اهل التصوف انا اليوم عرجت الي العرش. فقال له ذلك التلميذ انا كذلك عرجت الي العرش و ما رأيتك قال انت في جانب من العرش و انا في جانب. فانظر بعقلك الي هذا التلاعب بدينهم و كل هذا لما ادعي سيد المرسلين9 انه عرج الي السماء بجسمه الشريف و عرج بروحه ثلاثمائة الف و ستين الف مرة و عرفوا ان النفوس و الارواح ليست من عالم الاجسام و انما هي من عالم الغيب و الملكوت و هي الان في مراكزها و انما تعلقت بالاجسام تعلق التدبير فاذا اردت تناول شي‏ء من الاجسام تنزلت الي رتبة التي تتناوله و هي علي ما هي عليه في رتبتها قالوا لرجوعها في التفاتها الي مركزها انه عروج الي السماء و الي العرش و لقي الانبيا: و كل ذلك حديث خرافة فلايقال عروج و لا رجوع لانه يوهم ان ذلك مختص بالانبياء و الاولياء كابن‌عربي و الغزالي و عبدالكريم الجيلاني و عبدالقاهر و ابن‌عطاء اللّه و ابراهيم بن ادهم و غيرهم من المتلوّنين الذين قالوا نحن اولياء اللّه و احبائه قل فلم‏يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق علي انك لم‏تسمع من احد من الانبيا: انه عرج الا نبينا9 مع انهم لاتزال ارواحهم معلقة بالمحل الاعلي. فاذا كان لم‏يقل به احد منهم و ان كان تعرج روحه كل حين فلايجوز لغيرهم ذلك.

و قولكم و كيف اشرقت عليه انوار علومه7 انه لم‏يشرق عليه شي‏ء من علومه لا قليل و لا كثير لان العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يحب و هذا ممن يبغضهم اللّه ولكن اعطاه قدر ما تقوم به الحجة عليه و هو جاهل كيف يكون عالماً يفضل السها في النور علي الشمس و مع هذا كله فعندهم ان الاول و الثاني لعنهما اللّه اعلم من رسول اللّه9 و افضل علي ما سمعته انا من بعض علمائهم في بلدنا مشافهة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 375 *»

قال لي يوماً اللّه ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الي النور و قال هم الاول و الثاني يتولاهم اللّه بنفسه بما لم‌يطلع عليه احداً من خلقه من اسرار الربوبية و المعارف الالهية. قلت: ولكن رسول‌اللّه9 هو الواسطة بينهما و بين اللّه. قال ان ذلك لايعلمه رسول‌اللّه. قلت قوله9 انا مدينة العلم و علي بابها يدل ان جميع العلم انما تؤخذ [يؤخذ ظ] عنه. قال ذلك علم الشريعة و اما الاسرار الالهية فلا فلم‏اتق منه. فقلت: من شذّ عن رسول‌اللّه9 شذّ الي النار.

و مثل ذلك ما رواه بعضهم في حديث الغار قالوا ان الغار فيه ثقوب و رسول‌اللّه9 قد نام علي ركبتي ابي‏بكر لعنه اللّه لانه تعب و ابوبكر خاف علي رسول‌اللّه9 ان‌تخرج حية من تلك الثقوب فتلدغ رسول‌اللّه9 و لم‏يكن عليه الا ثوب واحد فمزّقه و سدّ تلك الثقوب و بقي ثقب لم‏تبق له من الثوب خرقة يسده بها فوضع ابهام رجله فيه فخرجت افعي من ذلك الثقب فلدغته فدمعت عيناه فوقع الدمع علي خد رسول‌اللّه9 فانتبه. فقال ما يبكيك يا ابابكر؟ لعنه اللّه فاخبره بالقصة فقال ابشر فانك عند اللّه ارفع مني بثلث درجات. هذا معني ما سمعته مشافهة قاتلهم اللّه اني يؤفكون. و حديث النبوة فانها نزل بها جبرئيل7 في صورة اُترُجَّة علي ابي‏بكر لعنه اللّه فلم‏يره فراي محمداً9 فاخذها منه علي سبيل الامانة فلما صعد جبرئيل7 سأله اللّه هل اديت؟ قال يا رب اعطيتها محمداً علي سبيل الامانة لاني لم‏ار ابابكر لعنه الله فعاتبه اللّه علي ذلك. فقال ان اردت نزلت و اخذتها من محمد9؟ قال لا دعها. و امثال ذلك فاذا كان هذا و امثال ذلك معتقداتهم كيف يري ان علياً مقدم علي احدهم و هذا دليل علي ان نور علم علي7 لم‏يشرق علي احد من هؤلاء و انما يشرق علي اوليائه.

قال: ثم الحقايق في عالم المثال او فوقه تظهر غالباً او احياناً علي صورتها المعنوية كاللبن و الماء المؤوّلين بالعلم مثلاً في المنامات او غيرها و هل المسموعات من الكشف المثالي مثلاً مسموعات علي وجه الحقايق علي ما

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 376 *»

نتعارفه في عالم الظاهر من حمل الالفاظ علي الحقايق لان الفاظ و النقوش هي المترقبة من عالم الظاهر فينبغي ان‌يكون المسموع هناك علي هيئته هنا او علي وجه التأويل و علي الاخير يختلّ اوضاع العلم الا ان‌ينضم اليها قرائن.

اقول: ان عالم المثال لايظهر الا قائماً بالاجسام كالتربيع الذي تراه في الكتاب اذا جردت عنه المادة هو المثال و كالصورة في المرآة فهو لايتقوم الا في المادة. و هذا الذي تشير اليه ليس هو المثال و انما هو الصور العلمية و تلك في الملكوت في عالم الدهر قبل الزمان و المثال مثلها. و كيفية حصولها في المنامات انها في المنام تقابل مرآة خيالك فتنتقش فيها صورة المقابل. و الاصح المروي عن اهل العصمة: ان المنتقش في المرايا الظاهرة و الباطنة اشباح الحقايق فالذي في خيالك صورة ظليّة لا ذات حقيقية. و قد اشرنا سابقاً ان المنتقش في المرآة انما ينتقش علي هيئة المرآة الا تري انك اذا نظرت وجهك في السيف الصقيل رايته طويلاً ان نظرت اليه بالطول و عريضاً ان نظرت اليه بالعرض. و النائم قد يكون مشتغلاً بامر مهمّ عنده فيراه لملازمته لخياله في اليقظة و قد تحصل له رطوبة او يبوسة فتغير الرؤيا. و لهذا روي الرؤيا آخر الليل اصحّ من الرؤيا اوله لكثرة رطوبات الطعام في اوله و اشتغال النفس بتدبير الغذاء.

و كذلك لوكان مريضاً و علي تقدير الاعتدال قد تحصل قرانات الكواكب تكون مانعة لمقتض او دافعة لمانع او محركة للمرآة فتحدث في الخيال اوضاع لم‏تكن في الخيال و لا في المرئي. أ ماتري لو كان رجل قريباً من حوض ماء و الماء ساكن رايت صورته كما هو الا انها منكوسة بحكم المقابل فلو حرّكت الماء و الرجل لم‏يتحرك حدثت في صورته المنكوسة هيئات غريبة متشعّبة علي حسب حركة الماء لم‏تكن في هيئة الرجل و لا في الماء بدون التحريك. كذلك الاوضاع السماوية لها تحريك للخيالات و مع هذا فلو عبّرته للرّائي علي خلاف ظاهر منامه استقرت الرؤيا علي ما عبّرتها لانك لما عبّرتها علي صورة تخيلها الرائي و تخيل ان هذه صورة ما راي في منامه و ان كان قد رأي بخلافها حتي حصل له صورة ما رأي بصورة ما عبّرت فتستمدّ هذه الصورة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 377 *»

المعبّرة الوجود من ظهور المرئي في المنام علي هيئة قابلية خيال المعبّرة فتقع كما قلت في تعبيرك.

فظهر ان حقيقة الرؤيا هي ظهور المرئي بصورة قابلية الرائي و خيال الرائي لذلك الظهور فقد يري انه يشرب لبناً و هو علم و قد يري انه يشرب لبناً و هو لبن فيشربه في يقظته و قد يري انه يشرب لبناً و هو ليس بشي‏ء لاحد الاسباب و الموانع و المحرّكات و المشابهات كما ذكرنا ذلك اشارة. و الكشف المثالي و الملكوتي و الدهري اذا خالف الحسي و الشرعي فهو غلط و قد اشرنا سابقاً الي ذلك فلاحظه.

و مثل ذلك ما انكشف لابن‌سينا في الشفا حيث قرّر ان الخليفة الحافظ لشريعة النبي9 اما ان‌يكون بنصب من اللّه تعالي او من ذلك النبي9 او من الناس. و كذلك قال مميت الدين حيث جعل يزيد الذي قال لعبت هاشم في الملك فلاخبر جاء و لا وحي نزل و هذا مما نقله المخالف و المؤالف. و كذلك المتوكل الذي ليس في خلفاء بني عباس مثله في الظلم و الفساد و الزنا و اللواط و شرب الخمور و استعمال الملاهي و جميع المناهي التي نهي اللّه عنها من اهل الخلافة الظاهرة و الباطنة و ان كل من تغلّب و تسلّط حتي استولي و ان كان ذلك ظلماً انه خليفة حقاً و انه حجة اللّه و تجب طاعته لانه من اولي الامر الذين قال اللّه تعالي فيهم اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و هذا مما قطع به من جهة الكشف فكشف اللّه سرّه. فالمسموعات المذكورة قد تكون باطلة و قد تكون حقاً لانها صور الحقايق فاذا انتقشت كما هي في ذواتها كانت حقاً و ان تغيرت المرآة حكت باطلاً.

و ليست الالفاظ و النقوش تترقي لانها زمانية و لاتترقي عنه فتكون دهرية لان كل شي‏ء فله رتبة من وجوده لايتجاوزها ابداً و انما الحس المشترك يحكي صور الالفاظ و النقوش و هي صور مشتركة بين الظاهر و الخيال و ينتقش صورة ما فيه من الصور في الخيال كما قلنا. و كل صورة فمن نوع ما هي منتقشة فيه فلايلزم ان‌يكون المسموع هناك علي هيئته هنا و ليست كلها علي وجه التأويل بل منها الصورة المخالفة و الصورة الموافقة و الموافقة هي العلم. و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 378 *»

لايلتزم من هذا اختلال اوضاع العلم لان العلم هو الجازم الثابت المطابق للواقع فلو كان كل من تخيّل شيئاً كان ثابتاً مطابقاً للواقع لم‏يختلف اثنان لان الواقع واحد مع انك لاتكاد تجد اثنين متفّقين.

و اما انضمام القرائن، فقد قال اللّه سبحانه فلينظر الانسان الي طعامه اي الي علمه من اين يأخذه. و في رواية محمد بن الزبرقان الدامغاني عن الكاظم7 علي ما رواه المفيد في الاختصاص و الصفار في البصائر قال7 فيماكتب لهارون الرشيد: امور الاديان امران امر لا اختلاف فيه و هو اجماع الامة علي الضرورة التي يضطرون اليها و الاخبار المجمع عليها و هي الغاية المعروض عليها كل شبهة المستنبط منها كل حادثة و امر يحتمل الشك و الانكار فسبيله استيضاح اهل الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مجمع علي تأويله او سنة عن النبي9 لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردّها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها الحديث. فطالب العلم يطلب الحق لا غير و علي اللّه قصد السبيل و ماتري ممن ضل فانه لايطلب الحق بل يطلب الحق المطابق بشهوته و لاشك ان ذلك ليس بحق اما تري قول الصوفية ان علمنا شرطه ان‌يكون علي مذهب السنة و الجماعة. و ليس هذا قول من يطلب الحق و انما يطلب ما يوافق محبته و لواتبع الحق اهوائهم لفسدت السموات و الارض و من فيهن الاية.

قال ايّده اللّه تعالي: ثم ان المرئي المخبر المعلم من الكرام الذي حكي عنهم هل هي شئونات النفس او حقايق المخبرين و لا اعتداد بالاول و ظهور الحقايق يتوقف علي عبور السالك علي مراتبهم و هو غير ميسر لمثله الا ان يكون مشاهداً لفهم في بعض العوالم القريبة من الرائي كالمثال لاشتماله علي اشباحهم النورانية و المثال.

اقول: اعلم ان ما رآه الرائي في اليقظة بخياله و ما يراه النائم كله في رتبة واحدة و هي في اسفل الملكوت من الاظلة و هو صور المخبر في مرآة خيال الرائي و تلك الصورة هي ظهور المخبر للرائي في خياله و ظهوره فيه انما علي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 379 *»

حسب قابليته تلك المرآة للانطباع. و قد تقدم ذكر ذلك و لهذا اختلفت مقامات الرائين و خيالاتهم بل الرائي الواحدة في آنين في رؤيا واحدة لاجل ما اشرنا اليه من تلك الاسباب للمقتضيات و الموانع من حالاته و من اوضاع الكواكب لا حقايق المخبرين و لهذا تري زيداً في المنام و تسأله و هو يجيبك و هو لايعلم لان الذي سألته هو صورته المنتزعة هذا اذا كان من ساير الناس.

و لو كان المرئي من اهل العصمة:كان المدرك منه و المرئي كذلك الا انه يعلم ما قلت له و ما قال لك كما روي ان شخصاً رأي النبي9 في المنام و بين يديه طبق فيه رطب فناول ذلك الرجل رطبة فاكلها ثم ثانية و ثالثة الي سبع ثم سأله فلم‏يعطه زيادة فلما اصبح الرجل مضي الي الصادق7 ليقصّ عليه رؤياه فلما دخل عليه وجد بين يديه طبقاً فيه رطب مثل الطبق الذي رأي بين يدي رسول‌اللّه9 قال فناوله الصادق7 رطبة ثم ثانية الي سبع فقال الرجل زدني يا بن رسول‌اللّه فقال لو زادك جدي لزدتك انتهي. و السر في كون الامام7 يعلم بمن يراه مع انه انما يري صورته كغيره ان جميع صور الخلايق لهم: يلبسون منها ما شاؤا و يخلعون ما شاؤا و لما كانوا: علة جميع الموجودات كانت تلك الصور التي هي من ساير الموجودات قائمة بهم فهي معلقة باشعة وجودهم و لوجودهم قيومية عليها فلايحدث انطباع و لا صورة الا عنهم: و لاغير ذلك و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم و هم تلك الخزائن و التنزيل منهم و بهم و اليهم و لهم هذا الجواب.

و اما بيان العبارة فلوكان ظهور الحقايق يتوقف علي عبور السالك علي مراتبهم لزم ذلك في معرفة اللّه تعالي لان الظهور ليس هو الحقايق لان الظهور فعل الذات و الوقوف علي الفعل لايستلزم الوقوف علي الذات. و اما احتمال ان يكون مشاهداً لهم في بعض العوالم القريبة، فهذا هو الحق لكن ليس هذا الظاهر بل ان مظاهرهم لجميع المخلوقات في كل مرتبة من مراتب الوجود لايختص لهم واحد دون آخر و ذلك بصفاتهم لكل بحسبه و حقيقتهم لايدركها احد من الخلق غيرهم. و اما ان

 

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 380 *»

المثال مشتمل علي اشباحهم فليس بصحيح لان اشباحهم فوق اشباح ما في المثال بمراتب لاتكاد تحصي و انما اشباحهم في عالم منفرد ليس فيه الا اربعة‌عشر شبحاً و هم هياكل التوحيد التي اشار اليها اميرالمؤمنين7 لكميل في قوله نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد آثاره.

قال سلمه اللّه تعالي: سؤال قال في تلك الرسالة و من اراد التصريف بما ذكرناه في هذا الكتاب المكنون و السر المخزون فلايطالع حتي يتوضأ و يصلي ركعتين و يقرء في الركعة الاولي فاتحة الكتاب و آية النور التي اولها اللّه نور السموات و الارض الي قوله عليم ثلاث مرات و آية الزمر التي اولها و اشرقت الارض بنور ربها الي قوله و هم لايظلمون و آية في ق التي اولها لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد ثلاث مرات فاذا فرغ من الصلوة صل علي النبي9 تسعة و عشرين مرة ثم يقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم تسعة و عشرين مرة ايضاً ثم سورة الم نشرح ثلاث مرات ثم يقول اللهم يا من بيده مفاتيح اسرار الغيوب و مصابيح انوار القلوب اسئلك ان تكشف لي عن كل اسم مكتوم و سرّ مختوم يا من وسع علمه الظاهر كل معلوم و احاطت خبرته بباطن كل مختوم مفهوم يا حي يا قيوم اسئلك ان‌تصلي علي محمد و آل‌محمد شمس معارف اسمائك و مظهر لطايف اسرارك و علي آله الاتقياء و اصحابه الاصفياء و ان‌تشهد لي غيب كل شي‏ء يا من بيده ملكوت كل شي‏ء و لاتشكّ و لاتردّد و اخلص في عملك يظهر لك سرّ علم اللّه الي ان قال: و لقد ارشدتك الي طريق الكشف من سرّ الحروف فاشكر اللّه الي هنا كلامه. فهل العمل الذي انبأه من الصلواة اذا صليت علي وجه شرعي و الدعا مما لايخطي‏ء قارية الاجابة و الاصابة عاجلاً سريعاً لادراك كل مطلب كما تضمّنه الدعاء او خاصّ او غير مفيد الا علي معتقده او لمعتقده و علي الثاني فهل شي‏ء يسهّل الوصول ظاهراً يقوم مقامه في تحصيل العلم بكل مشكل فان كان فافدنا تصريحاً او تلويحاً.

اقول: فيما كتبتم ليس فيه ذكر الركعة الثانية و علي کل حال فليست هذه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 381 *»

الصلواة مأثورة عندنا و ظني انها ليست مأثورة عند العامة و انما هي من مخترعات الصوفية و ذكر هذه الايات المخصوصة المناسبة لمطلوبه يدلّ علي انها من مخترعاتهم لانهم يذكرون امثال تلك المناسبات في رياضاتهم و كذلك الدعاء الذي بعدها و الاذكار فمثلها عند فقهاء الشيعة صلواة محرّمة لانها مبتدعه فلاتحصل الاجابة بها لان اللّه لايتقبل الا من المتقين و العامل بالمعصية ليس بمتقٍ و انما تحصل لهم الاجابة ببعض مطالبهم من قوله تعالي يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس و ذلك من ابتلاء اللّه و فتنته نعم قد يفيد من هو علي معتقده اذا عمل بالرياضة فان الاعمال التي تؤثر في تحصيل المطالب اما الاعمال الصالحة و اما الاعمال الطالحة فاما الثانية فهي ما يعملونه اهل السحر و اهل التصوف فينالون بها بعض مطالبهم فهي و مطالبهم كلها محرمة توصل الي عذاب النار و بئس المصير.

و اما ما يحصل به مطالب المحبوبة عند اللّه من العلم النافع و العمل الصالح و خير الدنيا و الاخرة فهي طريق اهل العصمة: و هي انك لاتأكل حتي تجوع فاذا جعت فكل و لاتتملأ و لاتشرب حتي تعطش فاذا عطشت فاشرت و لاترو و تحسن طهارتك الواردة شرعاً و تقرء ما ورد فيها من الادعية و تعمل بادابها و تصلي صلوة محافظ عليها صلوة مودّع و ابذل جهدك في التوجه و الاخلاص فاذا صليت و لم‏تتمكن من التوجه فلاتهتم من ذلك فان الشيطان يشغل المؤمن عن التوجه في صلواته بتذكيره اشغاله و احضارها عنده حال الصلوة فاذا فرغ ادخل عليه الهمّ فيما قصّر ليشغله عن الاستعداد للصلوة المستقبلة و ليحزنه علي ما يتلافي انما النجوي من الشيطان ليحزن الذين آمنوا و استعدّ للنوافل من الصلوة و الصيام و الصدقات و الادعية و السواك و ادامة الطهارة ظاهراً و باطناً من مداومة التوبة و تعاهد القلب و قراءة القرآن بالتدبر و ذكر اللّه كثيراً و في تفسير قوله تعالي و الذاكرين اللّه كثيراً و الذاكرات عن النبي9 ما معناه ليس هو سبحان اللّه و الحمد لله و لا اله الاّ اللّه و اللّه اكبر و ان كان ذكراً ولكن ان‌تذكر اللّه عند الطاعة فتفعلها و عند المعصية فتتركها و تفعل مع الناس كماتحب ان‌يفعلوا معك و لاتعتمد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 382 *»

علي اعمالك و لاينقص رجاؤك في اللّه اذا عصيت واسع فيما يرضي اللّه عنك جهدك و اجعل لك وقتاً من ليلك و نهارك تنظر فيه في العالم و تتدبر فان اللّه تعالي يقول او لم‏ينظروا في ملكوت السموات و الارض و ماخلق اللّه من شي‏ء و ان عسي ان يكون قداقترب اجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون و يكثر من ذكر الموت و ليستعدّ له و ليكثر من الزاد الي هذا السفر الطويل و اذكر ربك في نفسك تضرّعاً و خيفة و دون الجهر من القول بالغدو و الاصال و لاتكن من الغافلين.

و بالجملة، تنبه عن غفلتك عما يراد منك و امثال ذلك فانك اذا واظبت علي الاعمال الصالحة قذف اللّه سبحانه العلم في قلبك قذفاً قال تعالي و لمابلغ اشده و استوي اتيناه حكماً و علماً و كذلك نجزي المحسنين و قال تعالي و اتقوا اللّه و يعلّمكم اللّه و كما تقدم من كلام رسول‌اللّه9 ليس العلم بكثرة التعلم و انما العلم نور يقذفه اللّه في قلب من يحب و في رواية من يشاء فينشرح فيشاهد الغيب و ينفسح فيحتمل البلاء قيل و هل لذلك من علامة يا رسول‌اللّه؟ قال التجافي عن دار الغرور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل نزوله انتهي. و قول علي7 ليس العلم في السماء فينزل اليكم و لا في الارض فيصعد اليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلّقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم و العلم الذي يقذفه اللّه في قلب من يحب نور و الذي يحبه هو من يتقرب الي اللّه بالنوافل كما وصفنا لكم. و في الحديث القدسي مازال العبد يتقرب الي بالنوافل حتي احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سئلني اعطيته و ان سكت ابتدأته فمن تقرب الي اللّه بالنوافل احبه و من احبه قذف في قلبه العلم و لا طريق الي اللّه اصحّ و لا اقرب و لا احب من هذا الطريق لان هذا الطريق دل الدليل القطعي العقلي و النقلي من الكتاب و السنة علي صحته و عدم خطائه و علي نجح المطلوب به فتمسك به راشداً موفّقاً.

قال سلمه اللّه: ما عدد قوي علام الغيوب؟ و ما معني قوي الكلمة؟ و قد ذكر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 383 *»

في تلك الرسالة عن مرتاض في الخلوة انه خرج لي اسم غير معلوم فهتفت به فخرج شخص قبيح المنظر مهول فقال ما حاجتك؟ فقلت من دعاك؟ فقال انت تهتف باسمي و قد اتيتك من جبل سرانديب فثبت جأشي‏. فقلت قالوا انت تعلم علم الحجر و قد دعوتك لذلك. فقال اني لا اجدّه ولكن اتل اسم علام الغيوب عدد قواه يخرج لك عنه اسم الخادم الذي حروفه رج ح ا ل فهوادري مني فتلوت الاسم الذي هو علام الغيوب عشرة آلاف و تسعمأة و الف مفردة علي هذا الحكم فظهر لي في اليوم الثالث فلما كسرت حروف الحجر هذا الاسم الذي هو رجحال فافادني علم الحجر فوجدته عارفاً انتهي ما اوردته من العبارة علي وجه وجدته في الرسالة.

اقول: يذكر انه في رياضته في خلوته خطر علي قلبه اسم و ذلك لان المرتاض يجمع قلبه علي ذكره حتي انه لشدّة غيبته ترد علي خاطره و علي حسه المشترك صور و هيئات و امثال و تماثيل علي هيئات جميع ما في العالم مما رآه الناس و مما لم‏يروه و ان تلك الصور سيالة في التغير و التبدل تغيراً سيّالاً فتحدث في الصورة الواحدة هيئات لاتتناهي و جميع الالوان التي في هذا العالم ترد علي حسه المشترك و ربما اذا تكاثفت و تعاظمت الصور و الالوان و الهيئات من الجمادات و المعادن و النباتات و الحيوانات حدث شكل غريب هيئته علي ما تري هكذا @@@

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 384 *»

فتحرك حركة اضطراب يميناً و شمالاً فانمحت جميع تلك الاشياء. ثم بعد ذلك تعود تلك الاشياء و يخرج هذا الشكل فيمحوها و ربما لايخرج حتي يدعي بالاقبال عليه. و لقد كنت من حال الطفولية الي الان يعرض في خيالي كلما خلوت بنفسي في مكان مظلم ان هذا الشكل الماحي لتلك الاوضاع كلما حصل لي ان اسمه الخامسة اباجاد و لم‏ادرك المناسبة و لم‏اتطلع عليها لاني لست بصدد امثال هذه الامور ما لم‌يقم لي الدليل علي خصوص المسئلة.

و اما هذا المشاراليه و امثاله فيعتنون بذلك و لما حصلت له صورة اسم و كان مطلوبه الحجر تفطّن في نفسه ان هذا العارض لايناسب مطلوبي فلم‏يدلّ عليه و هو معني انه قبيح المنظر مهول. فلما استفاد منه هذا قال انه اخبرني ان العالم به ما كان مناسباً له ثم نظر بفكره فقال اوضاع اسماء الملائكة ما كان مختوماً بال او ايل او اييل و اذا اردت ما يدل عليه ينبغي ان اطلب ما يوافق مادّة اسمه مادة اسم المطلوب فراي مقلوب الحجر رجحلا فقال المناسب للملك الاضافة الي احد الملحقات و الموجود ال فقال رجحال و هذا باب معتبر عندهم و عندنا لايعتبر الا بالدليل الخاص. و من تلك الاشياء قد ترد صور اسماء [السماء خ‌ل] صور فكرية و خيالية و غير ذلك فلما عرض له في رياضته و لذلك قال اسم غير معلوم لانه لم‏يسمع به قبل تلك الحال و لم‏يمرّ علي فكره فدعا به فخرج له مسماه و هو هذا الشخص القبيح المنظر.

و قوله: من جبل سرانديب, فيه اشارة الي انه من اهل العلم و الفهم لان ذلك ينسب الي الجهة العقلية و طبيعته البرد و اليبس. و قوله ولكن اتل اسم علام الغيوب عدد قواه, يريد عدد زبر الاسم و له طرق متعددة و المراد به هنا ان علام عدده مأة و احد و اربعون و الغيوب الف و تسعة و اربعون و عدد الجميع الف و مائة و تسعون. و حروف علام الغيوب عشرة احرف فاذا ضربت العدد المعلوم الذي هو الف و مائة و تسعون في عشرة كان الحاصل احدعشر الفاً و تسعمائة فهذه قواه المقصود هنا و هو قوله فتلوت هذا الاسم الذي هو علام الغيوب عشرة آلاف و تسعمائة و الف مفردة و اراد بالف مفردة انك اذا ضربت الالف في العشرة حصل عشرة آلاف و اذا ضربت المائة في العشرة حصل الف مفردة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 385 *»

يعني زايدة علي العشرة فاذا ضربت التسعين في العشرة حصل تسعمائة و هذا ظاهر و يأتي تمام هذه القاعدة ان‌شاءاللّه.

و قوله: يخرج لك اسم الخادم الذي حروفه رج ح ال فافاد في علم الحجر لان الخادمين للاشياء مناسبون لما هم يخدمونه اما من جهة لفظ اسمه كله او بعضه كما روي ان الملك الموكل بالجبال اسمه جاجائيل فكان اسمه اوله جيم كالجبال فيكون اوله اول الجبال لان العلويين علي الاستقامة و التوالي غالباً و السفليون علي خلاف الاستقامة و خلاف التوالي كما هو هنا فان الخادم الموكل بالحجر علي خلاف نظمه. فالخادم اسمه رجحال و هو عكس الحجر الا ان الف الحجر اول فقياسه ان‌يكون اخيراً فيقال خادمه رجحلا لكن علي ما يأتي ان قياس الموكلين من العلويين ان‌يكون مختوماً باييل او بايل او بال و هذا ختم بال فتقدم الالف علي اللام تشبيهاً باسم العلوي او انه علوي كما يزعمه الزعيم و المعلوم انه سفلي و افادته في علم الحجر بيان الكيفية المكتومة.

قال: سؤال وجدت في الكتب المؤالفة في علم الحروف في املاك الحروف ان الملك الموكل بالالف اسرافيل و بالباء جبرائيل و بالجيم كلكائيل و بالدال دردائيل هكذا الي آخر الحروف ما الضابط في ادراك الاملاك الموكل بالحروف علي الوجه المذكور؟

اقول: اعلم ان ملائكة الحروف بناؤها علي ترتيب الحروف من جهة طبايعها و طبايعها من جهة ترتيبها فمذهب الهنود و المشارقة و اليونانيين و الفلكيين و من تابعهم في الحروف المفردة مثل حروف ا ب ج د و المزدوجة مثل حروف ا ب ت ث علي الطريقة المعلومة علي ترتيب العناصر هكذا و بعض الهنود و المشارقة رتّبوا المفردة و المزدوجة هكذا بطريق الخافية الشمسية من تغيير بعض الحروف و تبديل مزاجها

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 386 *»

و مذهب اليونانيين و الفلكيين و الهنود و المشارقة@ شکل@ مذهب بعض الهنود و المشارقة @شکل@

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 387 *»

و بعض المغاربة و اتباعهم في المفردة، ترتيبهم في المزدوجة @شکل@ بقية المغاربة في المفردة، في المزدوجة @شکل@

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 388 *»

مذهب اهل الطبيعة مذهب ابن‌عربي@شکل@ مذهب البوني مذهب الحرلي و ابن‌سبعين@شکل@

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 389 *»

جدول اميرالمؤمنين جدول ادريس كالهنود @شکل@ فهذه الترتيبات التي وقفت عليها لاهل هذا الشان غير ما ذكروا في الدواير و النظاير و ما ذكره غيرهم كاهل المخارج.

و الحاصل ان ملئكة الحروف وضعوها علي ترتيب الحروف من جهة طبايعها في مواضعها و ما ينضمّ اليها من البروج و المنازل و السيارة و الجهات و طبايعها و العناصر و العلوية منها و السفلية و المعادن و الايام و الاسبوع و الليالي و الادخنة و الاعراب و جمعوا ذلك تسهيلاً للطالبين فالبروج النارية الحمل و الاسد و القوس فلطبيعة النار اسرافيل و حرف الالف للشرطين و لو ما للبطين و حرفه الهاء و شراحيل للحمل و حروفه ا ح ط بمعني ان ثلث الطاء له و لما كان الحرف لاينقسم وجب تكريره بينه و بين البرج المشارك له فيه و عقيائيل للمريخ و سمسمائيل ليوم الثلثاء او ليلة السبت و الاحمر السفلي و معدنه الحديد و بخوره الصندل الاحمر و جهته الشرق له و لمشاركيه و اعراب الحروف السبعة و ما تكرّر منها في البروج النارية الثلاثة الرفع و روزيائل للجهة و حرفه الطاء و هو مكرر لان ثلث الملك و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 390 *»

المنزلة و الحرف للحمل و ثلثا الجميع للاسد و اسماعيل للزبرة و حرفه الميم و بتكفيل للصرفة و حرفه الفاء و شرطيل للاسد و حروفه ط م ف و الطاء و الفاء متكرّران للاشتراك كما قلنا و كلميائيل للشمس و روقيائيل ليوم الاحد و ليلة الخميس و السفلي مذهب و معدنه الذهب و بخوره عنبر خام و الاعراب الرفع و الجهة الشرق و سرحماكيل للنعائم و حرفه الشين و همزاكيل للبلدة و حرفه الذال و شرنطيائيل للقوس و حروفه ف ش ذ فالفاء متكرّر كذلك و انجذاذ المشتري و صرفيائيل ليوم الخميس و ليلة الاثنين و السفلي شمهروش و معدنه القلعي و بخوره العود و الاعراب الرفع و الجهة الشرق فهذه البروج النارية و ملئكتها و منازلها و حروفها و ايامها و بخوراتها و معادنها و كواكبها.

الثاني البروج الهوائية الجوزا و الميزان و الدلو فقطرائل للبقعة [للهقعة خ‌ل] و حرفه الباء و شراكيطائيل للهقعة و حرفه الواو و اسرائيل للجوزا و حروفه ب و ي و الياء متكرّر و اسكي لعطارد و ميكائيل ليوم الاربعاء و ليلة الاحد و السفلي برقان و المعدن الزيبق و البخور ميعة و لبان و اعراب الحروف النصب و همليائل [هجمليائل خ‌ل] للزراع و حرفه الياء و لوخاً للنفر [للغفر خ‌ل] و حرفه النون و لوذا للزبانا و حرفه الصاد و همزيائيل للميزان و حروفه‏ ي ن ص و الياء و الصاد متكرّران و اسمون للزهرة و عنسائل ليوم الجمعة و ليلة الثلثاء و السفلي ذوبعة و المعدن نحاس و البخور قسط و جاوي و الاعراب النصب و خذوذ للاكليل و حرفه التاء و عطاطيل للاخبية و حرفه الضاد و محماكيل للدلو و حروفه ص ت ض و الصاد متكرر و ارقيائل لزحل و كسفيائل ليوم السبت و اليلة الاربعاء و السفلي ميمون و المعدن الاسرب و البخور ميعة يابسة و الاعراب النصب و الجهة للثلاثة الغرب فهذه البروج الهوائية و ملائكتها و منازلها و حروفها و ايامها و معادنها و بخوراتها و كواكبها.

الثالث البروج المائية السرطان و العقرب و الحوت فهمزاكيل للنثرة و حرفه الجيم و طاطائيل للطرفة و حرفه الزاي و نهقيائل للسرطان و حروفه ج ز ك و الكاف مكرر و تعويل للقمر. و جبرئيل ليوم الاثنين و ليلة الجمعة و السفلي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 391 *»

مرة و المعدن فضة و البخور صندل ابيض و الاعراب الجر و اهواكيل للقلب و حرفه الكاف. و ميكائيل للشولة و حرفه السين و جولالا لفرغ المقدم و حرفه القاف و صرصيائيل للعقرب و حروفه ك س ق و الكاف و القاف متكرران و عقبائل للمريخ و سمسيائل ليوم الثلثاء و ليلة السبت و السفلي الاحمر و المعدن الحديد و البخور صندل احمر و الاعراب الجر و رقميائل لفرغ المؤخر و حرفه الثاء و دردائل للرشا و حرفه الظاء و فقيائل للحوت و حروفه ق ث ظ و القاف مكرر و انجذاذ للمشتري و صرفيائيل [صرفيائل خ‌ل] ليوم الخميس و ليلة الاثنين و السفلي شهمروش و المعدن قلعي و البخور عود و الاعراب الجر. فهذه البروج المائية و ملائكتها و منازلها و حروفها و ايامها و كواكبها و معادنها و بخوراتها.

و الرابع البروج الترابية فكلليكائل [فکللکائل خ‌ل] للثريا و حرفه الدال و روبيائل للدبران و حرفه الحاء. و عزرائيل للثور و حروفه د ح ل و اللام مكرر و اسمون للزهره و غسيائيل ليوم الجمعة و ليلة الثلثاء و السفلي ذريعة [ذويعة خ‌ل] و المعدن نحاس و البخور جاوي و قسط و الاعراب الجزم و صرفيائيل للعوا و حرفه اللام و جبرئيل للسماك و حرفه العين و صعميائيل للذابح و حرفه الراء و سهكيل للسنبلة و حروفه ل ع ر و اللام و الراء مكرران و اسكا لعطارد و ميكائيل ليوم الاربعاء و ليلة الاحد و السفلي برقان و المعدن زيبق و البخور ميعة و لبان و الاعراب الجزم. و عزرائيل لبلع و حرفه الخاء و اهراطيس لسعد السعود و حرفه الغين و سهكائيل للجدي و حروفه د خ غ و ارقيائل لزحل و كسفيائل ليوم السبت و ليلة الاربعاء و السفلي ميمون و المعدن الاسرب و البخور ميعة و الاذن و الاعراب الجزم. فهذه البروج الترابية و ملائكتها و منازلها و كواكبها و حروفها و ايامها و معادنها و بخوراتها.

فهذه المذكور هو خلاصة عملهم بحيث لايحتاج العامل في ذلك الي استخراج لان المدار علي البروج و المنازل و الايام و البخورات و غير ذلك مما هو مذكور و كل ذلك قد ذكروا اسماء ملائكتهم و خدامهم فلا حاجة بعد ذلك الي شي‏ء. نعم لابأس بذكر بعض قواعدهم في

 

ا«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 392 *»

استخراج روحانية الحروف و لذلك وجوه الاول: من بسطه الحرفي مثل الف فبسطه الحرفي ا ل ف فتنظمه تلحق به الملحق هكذا الفائيل. و الثاني من عدد تلك المذكورة فالالف واحد و اللام ثلثون و الفاء ثمانون الجميع 111 او استنطقها تكون ق ي ا. و لهم في نظمه طريقان فمنهم من يقدم الالوف علي المأت و المات علي العشرات و العشرات علي الاحاد فيقول في هذا المثال قيائيل. و منهم من يعكس فيقول فيه ايقائيل.

و الثالث ان‏تأخذ عدد حروف العدد و تضربه في نفسه و تفعل كما مر مثاله الالف واحد و اللام ثلثون و الفاء ثمانون فاحد ثلثة و ثلثون خمسة و ثمانون ستة الجميع اربعة‌عشر حرفاً فاذا ضربتها في نفسها يكون الحاصل ستة و تسعين و مأة و استنطقها ق ص و تلحقه بالملحق فتقول قصوائل و وصقائل علي الاصطلاحين. و الرابع ان‌تضرب عدد مركبه في نفسه مثل الف ثلاثة في ثلاثة تسعة تستنطق ط و تجعل الاصل تاجاً له فتقول اطائل [اطائيل خ‌ل] و الخامس ان‌تضرب الثلاثة في الثلاثة و تجعل كل ثلاثة في مرتبة من مراتب الاعداد 333 فتستنطقها في مراتبها فتكون ش ل ج فتقول شلجائل. و السادس ان‌تضرب العدد اي الثلاثة في نفسها تكون تسعة و التسعة في المراتب المنزلة اعني شلج و خارج الضرب 2997 و استنطقها تكون غ غ ظ ص ز تقول غغظصزائيل. و السابع ان‌تضرب عدد الصورة الرابعة يعني ا ط في الخامسة يعني شلج يكون 666 لانه ضرب 333 في 2 و ينطق خ س و تقول خسوائيل. و الثامن ان‌تضرب عدد شلج في عدد 666 يكون 3663 و ينطق غغغخسجائيل و هكذا. و الحاصل كل ملك دخل في اسمه غيره فهو الحاكم عليه.

ثم اعلم ان الملحق العلوي فيه عندهم خلاف فمنهم من جعله احداً و خمسين فيقول اييل بيائين. و منهم من قال احد و اربعون فيقول ايل. و منهم من قال احد و ثلثون فيقول ال. و منهم من قال يال و هو احد و اربعون. و الملحق السفلي طش او طاش او طيش و منهم من جعله و ش. و الظاهر ان المراد بالملحق العلوي اسم اللّه لان ايل و اخواتها بمعني اللّه و اما طش و اخواتها فيحتمل ان‌يكون بمعني عبد لان السفلي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 393 *»

خادم العلوي او انها بمعني اللّه و لاسيما مثل وش فانها ستة و ستون و عدد اللّه كذلك. و بعضهم جعله هوش و يكون من الاسماء السوءي و معني ذلك عبد القمر لانه عدد ثلاثمائة و عشر باسقاط الاس و هذا علي الترتيب المشهور. و الحاصل ان من الحق في العلوي اييل الاحد و الخمسون فلايلحقه حتي يسقط عدد الملحق ثم يلحق ففي مثل شلج المتقدم يسقط منه احداً و خمسين يبقي اثنان و ثمانون و مائتان 282 رفباييل بيايين بغير مدّ لعدم الهمزة بعد الالف ان امكن الاسقاط منه و ان ساواه فالملحق هو الاسم. ثم ان كان اسم ملك حرفاً جعل الحرف تاجاً له و كان كالاول و ان نقص العدد عن اسقاط الملحق تعين اخذ الصور الباقية و هي ال او يال او ايل. و كذلك حكم الملحق بالسفلي في طيش فانه لابد من الاسقاط و ان كان الملحق ال او يال او ايل في العلوي او طش او طاش في السفلي فلا اسقاط.

و اما استخراج السفلي فالقاعدة انهم يجعلونه بعكس العلوي في الجملة كما قالوا في عكس كلمات فاتحة الكتاب انها تكون اسماء شياطين الا انها مبنية علي استخراج اسماء الملئكة و ذلك مبني علي وضع زمام الامر المطلوب و هو علي اقسام. فمنه البسط العددي و هو اخذ زبر الحرف و عدد بيّناته. و منه البسط الطبيعي و هو اخذ حرف مكان حرف بطبيعته. و منه البسط الغريزي و هو اخذ حرف مکان حرف بطبيعته و رتبته. و منه البسط الترفّعي العددي كاخذ الميم للدال و الحرفي كاخذ الهاء للدال و الطبيعي كاخذ الجيم للدال. و منه بسط التجامع بان‏تجمع حرفاً من اسم الطالب مع حرف من اسم المطلوب في العدد و تستنطقهما. و منه بسط التضارب بان‏تضرب عدد حرف من الطالب في عدد حرف من المطلوب و تستنطق حاصل الضرب. و منه بسط التواخي في المزدوجة خاصة كاخذ التاء للباء و الخاء للحاء. و منه بسط التضارب كتضعيف الحرف و اخذ ضعفه كاخذ الحاء للدال. و منه بسط التكسير باعتبار كسور كل حرف فتأخذ حروف كسوره مكانه كالحاء تأخذ مكانها الدال و الباء للالف. و منه بسط التمازج و هو صغير و وسط [وسيط ظ] و كبير فالصغير مثاله هكذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 394 *»

@ و مثال الاوسط هكذا @ و اما الكبير فيكون من الاسم الرباعي اربعة و عشرون اسماً و من الخماسي مائة و عشرون اسماً و من السداسي سبعمائة و عشرون و هكذا و يكون من الثنائي صورتان و من الثلاثي ست صور و مثاله في الرباعي هكذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 395 *»

@ و امثال ذلك.

فاذا جعلت مطلوبك زماماً و اخذت احد ما ذكر من البسطات فاحذف المتكرّر من المأخوذ و هو اسماء الملائكة و له طرق. منهم من يجعل كل اربعة يلحقها بايل و هو اسم فان بقي خمسة احرف جعلت ملكاً و اتبعت بالملحق كالتسعة و الثلثة‌عشر و السبعة‌عشر. و منهم من يجعل كل سطر من البسط ملكاً و ان كان كثيراً كما لو بسط في سباعي و ثماني. و منهم من يأخذ ملائكة الحروف ثم اذا اخذ الملك اخذت حروف اسمه بدون الملحق و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 396 *»

كسرت بصدر المؤخر الذي هو الصغير مرة واحدة و هو السفلي بعد ان‏تلحقه بطيش او طش او طاش او هوش او وش علي ما تقدّم و لذلك اوضاع كثيرة جداً.

و ما ذكرتم من ان الموكل بالالف اسرافيل الي آخره، ليس كذلك بل اسرافيل ملك المنزلة الشرطين و حرف الشرطين الالف و جبرئيل للسماك و حرف السماك الباء و كلكائيل للثريا و حرف الثريا الجيم و دودائيل للرشا و حرف الرشا الدال و هكذا فهذه الحروف للمنازل لان الملائكة المذكورة للحروف المذكورة و هذا المذكور ليس بمتفق عليه و انما هذا جار علي طريقة ابن‌سبعين من اهل هذا الفن و شيخه الحرلي. و اما ما ذكرته لكم فهو الذي عليه مشهورهم من ان اسرافيل للشرطين و حرف الشرطين الالف و قطرائيل للهقعة و حرف الهقعة الباء و همزاكيل للنثرة و حرف النثرة الجيم و كلكائيل للثريا و حرف الثريا الدال و هكذا كما رسمته لكم مرتباً علي ترتيب المنازل.

قال: سؤال و قريب منه في الاشكال من حيث عدم ظهور الضابط في درك املاك اسماء اللّه تعالي ما اوردتم الي بعض اجوبتكم الشريفة ان الملك الموكل باسم اللّه اسرافيل و باسم الرحمن امواكيل و باسم الرحيم رويائيل و السفلي الي ترتيب قيديوش ايليوش صحيوش و ما اوردتم من استخراج العلوي و السفلي في المثلث من ضرب المغلاق في الغاية و هكذا ليس ضابطاً لما استشكل علي.

اقول: قد تقدم فيما سبق اني لست من اهل هذا الشأن و ليس لي تصرف كلي في هذا الفن و ان الشيخ عبداللّه البحراني التوبلي سأل في مسائله الاشارة الي ذلك فاجبته ببعض ما ذكره اهل الفن. و اما انا فليس لي ميل الي ذلك فافرّغ قلبي له لان الحاصل منه و التصرف فيه لايوافق الشرع و ما لايوافق الشرع لا في استعماله و لا فيما يترتب عليه لايجوز صرف الوقت فيه و لو تسهّل معرفة العلم به خاصة لما كان به بأس. و ما نقلته فقد ذكره بعضهم الا اني كتبت فيما سبق ان الطرق في استخراج ذلك كثيرة و قد اشرت الي بعضها و الي بعض ترتيب الحروف في طبايعها علي مذاقهم في اختياراتهم فراجع.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 397 *»

قال: كما لم‏يتبيّن لي ما اوردتم في جواب السؤال عن اوراد الملائكة مثلاً اخرجتم ملائكة الوهاب ديائيل و هو الملك الاول ثم الثاني وصقائل ثم الثالث دمذغغائل و الخليفة علي الثلاثة دمضغغائل ثم الرئيس الحاكم علي الكل الذي لم‏يصرّح هرمس به و لم‏تذكروا اوراد الملائكة و اوردتم ان هنا ورداً خاصاً و هو ذكر اسم الوهاب بعدد الملك الاول اربعة‌عشرة مرة ثم مائة و ستة و تسعين و هكذا الي الاخر و تذكر عند كل عدد من مرتبة اسمه و اسم صاحب تلك الرتبة ملاحظاً معني البديع و الرحمن و الباعث و الباطن غايباً فانياً بحاجتك في ظهور الذات الحق بهذه الاركان الاربعة في كل شي‏ء فيتحقق الاثر عند تمام تلك الجمعية بلا مهلة. هذه الفاظكم الشريفة و ما فهمنا المقصود منها ان الوهاب كيف يقرء بتلك الاعداد؟ و كيف يذكر اسم الرتبة و لم‏يقرء؟ و كيف يتيسر ملاحظة المعاني الاربعة مع الحاجة و القضاء فيها؟ تمنّون علينا بمثال واف.

اقول: وجه ما ذكرنا في استخراج ملائكة الوهاب هو ان وهاب عدده اربعة‌عشر فاذا استنطق كان دي فاذا الحقنا به الملحق كان ديائيل و هو الملك الاول. و الملك الثاني ان‌تضرب الاربعة‌عشر في نفسها يحصل مائة و ستة و تسعون و استنطاقها وصقائل. و الملك الثالث ان‌تضرب الاربعة‌عشر في 196 و الحاصل 2744 و استنطاقها دمذغغائل و الخليفة علي الثلاثة ان‌تجمع المراتب الثلاثة و هي اعداد الملائكة الثلاثة من دون الملحق يحصل اربعة و خمسون و تسعمائة و الفان و استنطاقها دنظغغائل و الذي كتبتم في السؤال دهضغغائل و هو غلط. و اما الرئيس الحاكم علي الكل الذي لم‏يصرّح به هرمس النبي ادريس7 هو ان‌تضرب عدد الخليفة في نفسه و تضرب عدده ايضاً في الحاصل و الحاصل من التكعيب اربعة و مائتان و سبعة آلاف و ثلثون و سبعمائة الف و سبعون مائة الف و سبعة آلاف الف و خمسون الف الف و مأتا الف الف فاذا اردت استنطاقه فاجعل السبعة الالاف زغ لان الزاي سبعة و الغين الف و للثلاثين الالف لغ و هكذا و مثاله درزغلغن قغعقغز (غغنغغر خ‏ل) غغنغغن غغائل فهذا الملك الرئيس و السلطان الاعظم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 398 *»

الذي تدور عليه سلطنة الاجابة و ان هذا لايكتبونه ولكن لايسعني الا اجابة جنابك.

و اما ما ذكرناه من معني الذكر الخاص بالاسم الوهاب، بان‌تذكره بعدد اسماء الملائكة المذكورة و تذكر عند كل عدد اسمه اخ بان‌تذكر يا وهاب يا وهاب اربعة‌عشر و تذكر ديائل مرة واحدة و تذكر يا وهاب 196 مرة و تذكر وصقائل مرة واحدة و هكذا.

و اما قولنا ملاحظاً معني البديع فالمراد به فتح قفل باب الاسم الاعظم اذ لا مفتاح له الا ما ذكرناه و المراد من معني البديع الي آخره الاشارة الي قوله تعالي و في السماء رزقكم و ما توعدون و المراد بهذه السماء هو الخزائن التي قال تعالي و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم و انا الان ان‌شاء‌اللّه اكشف لك الاستار عن الاسرار و اللّه سبحانه ولي التوفيق.

اعلم ان المواد بالخزائن المعبر عنها بالسماء هو العرش و هو له اركان اربعة الركن الايمن الاعلي من نور ابيض و الاسم المربي له البديع. و الركن الايمن الاسفل من نور اصفر و الاسم المربي له الرحمن. و الركن الايسر الاعلي من نور اخضر و الاسم المربي له الباعث. و الركن الايسر الاسفل من نور احمر و الاسم المربي له هو الباطن. و جميع الوجود من الغيب و الشهادة يدور علي هذه الاربعة و هو قوله تعالي و في السماء رزقكم و ما توعدون و قوله تعالي و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم. فاذا ذكرت الاسم المطلوب لحاجتك ملاحظاً معني البديع الرحمن الباعث الباطن في كل شي‏ء و انت و حاجتك غائب فانٍ في ظهور الذات الحق لك بك حصل المطلوب عند دعائك بلامهلة. و انا ابين لك علم ذلك و انت تسئل ان ربك يوفّقك لعمله و تلك اني اذا خاطبتك بصفة من صفاتك كالقعود فقلت يا قاعد فانا حال الخطاب جميع حواسي و مشاعري متوجه اليك لا الي القعود اذ لا حاجة لي عند القعود و انما هو طريقي الي دعائك فاتلفظ بالقعود من غير توجه اليه بل و لا التفات لي الي نفسي حال خطابك و انت انت و انا انا و حاجتي حاجتي و كل واحد مباين للاخر مغاير له في الذات و في المكان و الجهة و ساير المميزات و المسئول

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 399 *»

الحق جل و علا ليس بمباين لشي‏ء من خلقه و لا مقارن و لا مزايل و لا مساو و لا مغاير و لا مشاكل و انت و حاجتك و غيره كما ليس شي‏ء من ذلك بشي‏ء الا به سبحانه. فاذا توجهت اليه في دعائك و انت مشعر بنفسك او بحاجتك فانك لم‏تتوجه اليه و انما وجهك لمن اشعرت به. الا تري انك اذا توجهت الي خطاب شخص لم‏يكن لك اشعار بغيره و انت مغاير مباين مستقلّ فكيف تشعر بشي‏ء عند توجهك الي من لا شي‏ء بشي‏ء الا به فتفهم.

فان صحة العمل تتوقف علي صحة العلم و الاجابة تتوقف علي المعرفة. و قد قيل للصادق7ما لنا ندعوا فلايستجاب لنا؟ قال لانكم تدعون من لاتعرفونه. فاذا دعوت متوجهاً بكلك الي من تدعوه بلا كيف و لا اشارة و لا في جهة حسية و لا عقلية و لا تشخّص لنظر قلبك بل تتوجه بكلك توجهاً يشغلك عن نفسك و عن حاجتك بحيث لاتري سواه و انت تريه وقع المطلوب علي الاثر و قد جربته مراراً الا انه موقت عنده ليس كلما طلب حصل هكذا حال مثل [حالي مثلي خ‌ل] من قعدت به الغفلة عن حظه بعد فتح الباب و اقامة الدليل.

قال: و كذا لم‏تبينوا في الاملاك المستخرجة بضرب المغلاق و ما تأخر عنه المشاراليه انفاً و لم‏تذكر كيفية الزجر بالسابقين علي الستة العلوية و السفلية بل رمزت علي وفق متمني السائل قائلاً بعد ذكر الضابط و الزجر السابع فافهم الرمز و كن به ضنيناً فانه من الاسرار الغامضة. و اعلم انها الكبريت الاحمر لسرعة تأثيرها و ظاهر كلامكم الشريف سرعة الاجابة بالقرائة مرة واحدة مثلاً و يظهر من بعض الكتب المؤلفة في علم الحروف مزيد اداب لم‏يظهر كونها من الشرايط ام لا. قال صاحب الكتاب بعد كلام في وضع الشكل فاذا فرغ من وضعه و صح الغاية يستخرج منه اسماء خدامه الستة اللايقة بالمطلوب ثم السابع و هو المقسم عليها يأخذ بالعزم فيما يشار به اليها و ينجم الشكل بها و بالبخور سبع ليال في كل ليلة بالستة الاول منها عليه و تعاد بقدر حروفها و تحث بالاسم السابع لانه المحيط بها و الحاكم المحكّم عليها و امرها اليه و هي المتصرفة ما بين ايديه انتهي كلامه المرموز في الجملة و يستوضح بايضاحكم.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 400 *»

اقول: قد ذكرنا ذلك في اجوبة الشيخ عبدعلي التوبلي حيث مثلنا بالمثلث ببسايطه للاختصار و نشير هنا الي بعض البيان فصورة المثلث @شکل@ فالمفتاح منه هو الواحد و المغلاق هو التسعة و العدل مجموعهما و هو العشرة و الوفق عدد ضلعه خمسة‌عشر و المساحة خمسة و اربعون و هو مجموع الكل و الضابط و هو مجموع الضلع و المساحة و هو ستون و الغاية و هو ضعف الضلع و المساحة و هو مائة و عشرون و الاصل و هو حاصل غايته في مغلاقه و هو الف و ثمانون. فاذا اردت استخراج الملك الاول حملت المفتاح علي الاصل و عملت به ما تقدم في الملحق و للثاني تحمل المغلاق عليه و للثالث تحمل العدل عليه و للرابع تحمل الوفق عليه و للخامس تحمل المساحة عليه و للسادس تحمل الضابط عليه و للسابع تحمل الغاية عليه و العمل كما تقدم.

و اما كيفية الزجر فتأخذ حروف مدّعاك و تجعله زماماً كما مرّ في استخراج الملائكة و الاعوان بعد حذف المكرّر و كسرها بالتكسير الصغير او الوسيط او الكبير ثم ركّب منها اربعة اربعة ان‏ كانت زوجاً او خمسة خمسة ان كانت فرداً يعني تنظر ما ينقسم علي الاربعة سواء كان كل حاصل المكسّر فهو الزوج او بعض الحاصل و الباقي يقسم علي الخمسة كذلك فهذه هي الاسماء المقسم بها علي الملائكة ليسخروا الاعوان بقضاء المطلوب. و اما ما ذكرتم من ان ظواهر قولنا حصول المطلوب بالمرة الواحدة فمرادنا به فيما نعمله من شروط الدعاء لا هذا العمل لانا لانعمل هذا ان‌شاءاللّه. و اما العمل فشروطه عند اهله كما ذكروه و كما نقلته عن صاحب الكتاب و بيانه يظهر مما ذكرنا فلاحظ.

 قال ايده اللّه تعالي: و كذا لم‌يتبين لي ما ذكرتم في المربعات مثلاً

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 401 *»

اوردتم في المعني ان مربعه يوضع في شرف زحل او في شرف الشمس و من حمله و ذكر الاسم بعدد حروفه ثم قرء سورة و الضحي و قال عقيب ذلك اللهم يسّر علي في اليسر الذي يسّرته علي كثير من عبادك و واظب علي ذلك اربعين يوماً ارسل اللّه اليه من يعلّمه الحكمة انتهي عبارتكم الشريفة و انتهي بانتهائها المطلب. فهل ما ذكرته فيه واف او انه يحتاج الي استخراج اسماء الستة. و السابع المزجور به عليهم و هل مع ذلك يحتاج الي رسم اسماء تلك الاملاك كلاًّ او بعضاً او غيرهم حول المربع كما بسطت القول في زيادة التمثيل الموعود به في صورة العمل بالحروف للطالب و المطلوب في آخر الرسالة المتضمنة لاسماء اللّه حتي استخرجتم اسم الملك زنرغغغغغغغغغغائل و اطلتم الكلام حتي قلتم ان المركب كلما ازداد نعومة و تكليساً و تكريراً ازداد جودة و فعلاً و هذا العمل كذلك كلما ازداد تكسيراً و تكعيباً بحيث تكثّر الاعوان و القوي ازداد سرعة للفعل و ظهوراً لاثر ام لا؟ ثم ان كل ما ذكرتم في زيادة التمثيل الموعود به المذكور حتي طالع الطالب فمن اللوازم او في الجملة و ان لم‏يكن ذا اثر كامل.

اقول: ما ذكر في المربعات له حالتان حالة هي المعروفة من اشتراط الزجر للملائكة و الاعوان و الابخرة و غير ذلك و هذا ظاهر. و الحالة الثانية ان استعمال المربع في الوقت المخصوص و ذكر اسمه الموافق لحاجته بالعدد المخصوص يحصل به المطلوب اذا واظب علي ذلك ولكن لابد من الشرط المذكور سابقاً من كمال التوجه حال الذكر و الفناء بذاته و حاجته في ظهور الحق له به في دعائه بل تكون هذه الحالة انجح و اصحّ من كل عمل الا انه صعب المسلك نعم لو لم‏يحصل هذا الشرط و لا ما ذكروه من الشروط كان حصول المطلوب غير لازم الوقوع فقد توافق الاوضاع الفلكية فيحصل و قد تخالف فلايحصل لان في هذه الحالة لم‏يحصل للاوضاع المخالفة مقتض اقوي منها بخلاف ما ذكروا فانه يسخر الملائكة و هي المغيّرة للاوضاع المخالفة و لهذا منع الشارع7 منها. و بخلاف ما ذكرنا من التوجه الماحي للذاكر و الداعي لمطلوبه بظهور الذات الواجب باقباله علي عبده حين استجاب له تعالي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 402 *»

فانها باقبال اللّه تعالي عليه تكون قابلة للمدد النوري الذي يكون به كل منحوس مسعوداً و كل مقبوض مبسوطاً و كل مقطوع موصولاً و لهذا جعله الشارع افضل الاعمال و اصلح الاحوال.

و اما ما ذكرنا من قرائة سورة و الضحي و الدعاء الخ، فمما ذكروه لا مما نعمل به. و اما ما ذكرنا في آخر الرسالة الخ، فهو طريق عند اهله قطعي الصحة بشروطه من العزيمة باسمائه و بخوره و غيرذلك و وزن الحروف المستحصلة بالموازين المذكورة في الرسالة المشاراليها و استعماله فيما يوافق طبيعة الحروف الغالبة فيها فان كان الغالب فيها النارية كتبت علي شي‏ء تغلب عليه الحرارة و اليبوسة و طرحت في النار و ان كان الغالب الهوائية فعلّقها في الهواء و ان كان الغالب المائية تطرح في الماء و ان كان الغالب الترابية دفنت في التراب. و اما معني كلما ازداد تكسير الخ، فلان الاسم اذا كررت قواه و تكثرت ملائكته و اعوانهم و كثرت اسمائه كان اقوي فعلاً لانه في حكم التكرير و الترديد للعمل و هذا عنده اهله مما لااشكال فيه.

 قال سلمه اللّه: ثم لم‏تبينوا في التمثيل المذكور ان طالب العلم الذي يريد تحصيل العلم بعمله هذا ما يفعل بالمكتوب هل يشرب ماؤه الممحو و يعمل به عملاً آخر و علي الحقيقة هذا التمثيل يحتاج في الشرح منكم الي تطويل اذ ليس ذا نفع قليل فلو بسطتموه بتمثال لذهبتم بالداء العضال و لاعنتم الطالب المتحير الي الايصال.

اقول: يفعل بالمكتوب ما يغلب علي طبيعة حروفه بعد وزنها بالموازين المذكورة في الرسالة و العمل كما تقدم قبل هذا الكلام باسطر فلاحظ. و اما اعانة الطالب المتحير فبيان الاعانة بالحق لمن له عقل اسئلك هذا الطالب محتاج يطلب حاجته من غني مطلق غير محتاج او من فقير مثله محتاج فان كان الاول كان مطلوبه منحصراً في سبيل اللّه و اذا كان المطلوب من اللّه لا من غيره فلايطلب ما عنده الا برضاه و قد دلّلنا الطالب علي الطريق الاقرب الصحيح الذي يحصل له منه كل ما طلب من كان يريد ثواب الدنيا فعند اللّه ثواب الدنيا و الاخرة و ان كان يطلب من غير اللّه فالقوم دلوا عليه فان طرقهم كلها ليست من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 403 *»

اللّه و لا الي اللّه.

فان قلت انهم انما نقلوه عن الانبياء فان فيثاغورس قرء علي سليمان7 و علي سقراط و سقراط عن مشايخه عن النبي ادريس7 المسمي بهرمس و باخنوخ و ذلك مأثور عن النبي شيث7 فالحكمة ترجع في استنادها الي اللّه. قلت ما ذكرت فاكثره حق ولكن ليس كل الحكمة لانهم نقلوا الحكمة عن الانبيا و فرّعوا عليها مسائل و وقع الغلط في التفريع. و ثانياً كانت كتبهم باللغة اليونانية و السريانية فلما عرّبت وقع الغلط في التعريب فان في المعربين من يعرب الكلام كل كلمة بانفرادها بكلمة من اللغة المنقول اليها فيقع الاختلاف بخلاف ما لو نقل اللفظ بالمعني المنقول اليه لا كل كلمة بانفرادها لكثرة الغلط. فانك لوعرّبت «قسم بخور» بمعني الكلام كان المعرب احلف و لو عربت كل لفظة بمعناها لكان المعني «كل قسماً» لان المعني يختلف في التركيب و الانفراد. و مع هذا فالانبياء يعلّمون الناس العلم و حقايق الاشياء و ينهونهم عن الاشياء الممنوع منها علي حد قوله تعالي و ما يعلمان من احد حتي يقولا انما نحن فتنة فلاتكفر فلاحظ.

قال سلمه اللّه: مما لم‏يتبين لي فيما اوردتم في كيفية تبييض المولود الفلسفي بعد تقطيره و تصفية المقطّر و ردّ ثلاثة امثال الثفل من الماء عليه و هكذا الي ان‏ينحلّ نصف اليبوسة ثم حلّ نصف اليبوسة الباقية و رمي ما لم‏ينحل و عقد الماء المنحل اخيراً و عقده حتي يكون كالعسل بما هي الفاظكم الشريفة.

اقول: هذا كلام لا اشكال فيه و لا رمز بل علي ظاهره و هو اول الكيفية المكتومة التي تواصوا علي كتمانها بان‏تأخذ من المادة ماء كثيراً ثم تأخذ منه مثل الثفل ثلاث مرات و تطبخه و تقطّره حتي ينحل نصف اليبوسة ثم يعزل الماء القاطر ثم يؤخذ منه مثل الباقي من الثفل و يطبخ و يجر بالفتيلة حتي ينحل نصف ثفله ثم يرمي ما بقي من الثفل و يعقد هذا الماء الثاني حتي يكون كالعسل ثم يبيض بالماء الاول بان‏يوضع عليه و يطبخ به و يقطّر بالقرع فاذا ابيض فقد تمّ ربع العمل.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 404 *»

قال: ثم خذ من الماء وزنه اربع مرات وضع عليه اول مرة مثله بعد تبييضها بارسال الماء و استنباطه و موضع السؤال ان الماء المرسل المستنبط هل هو المثل او الجميع؟

اقول: المراد انك تأخذ مثل العسل اربع مرات او خمس مرات علي الخلاف و الاشهر الاول و الكل يصح من الماء الذي ادّخرته بعد ان‏بيّضت به العسل و لا تقدير في المرسل المستنبط اذ لا فائدة فيه الا مجرد التبييض.

قال: ثم قولكم بعد التعفين في الاربعين و سقي نصف الثلاثة الامثال الباقية من الماء ثلاث مرات مع التعفين في العشرين كل مرة.

اقول: تأخذ واحداً من الاربعة الامثال من الماء فتضعه علي العسل و تسحقه علي الصلاية ثم تضعه في حمام مارية في الالة العمياء اربعين يوماً علي نار مثل شمس الشتاء فاذا انحلّ و انعقد و خرج مسوداً كالقار فانه اول اللقاح و علامة النجاح ثم تأخذ نصف الباقي من الماء فتسقيه به ثلاث مرات كالاول في كل مرة في مدة عشرين يوماً و هو قول جابر تزوجه ثلاثا بعد هذا من البيض الكريمات الخدود ففي اول مرة منها يخرج ازرق الشديدة الزرقة و في الثانية يخرج بزرقة سماوية و في الثالثة يخرج اشهب منحلاً كالرب فاذا وصلت الي هنا تمّ لك نصف العمل و حصل لك الحجر الكريم و امنت من الاخطار.

قال: ثم سقي النصف الاخر ست مرات بما هو لفظكم فيظهر النوشاذر في القرع اما هنا او في الاول فضعه مع الثفل.

اقول: المراد انك تأخذ الباقي من الماء و هذا في عمل النبات بعد تمام المعدن فتقسم الماء علي ستة اقسام فاذا قطرت الحجر اولاً فاردد علي الثفل الماء القاطر و سدساً من الماء الباقي و اطبخ السفل بالجميع و قطّره و اردد القاطر مع سدس و هكذا و هو المراد من قول جابر و تقسم فضلة الروح العتيد علي ست تمام وافيات فذلك بغية الشهم المريد فيظهر النوشاذر هنا ان لم‏يخرج اولاً في تحصيل المادة قبل ان‏يحصل العسل فيصعد الي قبة القرع فيوضع مع شي‏ء من ثفله و مائه لئلايهرب. فاذا اردت تثبيته فضعه في الالة العمياء و اوقد

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 405 *»

تحته بنار كشمس الشتاء يوماً و ليلة حتي يجف ثم زد في ناره سدساً في اليوم الثاني و كذا في الثالث الي سبعة ايام فتكون النار في اليوم السابع كنار السبك. قال ذو النون المصري ان النيران لها رتب سبع تهتاج و تلتهب.

قال: الي ان قلتم بعد تقطير المياه الثلاثة ثم اعقد الثفل و اطبخه بالماء الاول و اخرج الصبغ منه ثم طهر الباقي بالماء الثاني الابيض حتي يطهر و يكون كسحالة الفضة و في كل مرة تضع في المركب من النوشاذر الذي عندك و هو الخميرة و موضع السؤال ان ما ذكرتم في الاول فضعه مع الثفل هل الثفل فيه هو الثفل الاول او المراد من الثفل المذكور اولا هو الثاني؟

اقول: المراد بالثفل هنا بعد ان سقيته اولاً بالست الجويريات المتقدم ذكرها ثم نخله بالمناخل الاكسيرية سبع مرات ليتخلّص من جميع الاثفال فاذا اردت تفصيله فقطّره بنار كنار جناح الطاير عند حضانة للبيض فيقطر ماء كماء الشراب رقيق الا انه احمر في طبعه لا في لونه و نسمّيه ذا الوجهين لانه ابيض في منظره احمر في مخبره و هذا لا مدخل له في عمل البياض و انما فائدته في عمل الحمرة. ثم يزاد في النار بقدر السدس فيقطر ماء ابيض غليظ كثير اللمعان اذا وضع في الشيشة يخيّل انها انشقّت لشدة توقّده و يسمي هذا الزيبق الغربي‏و بهذا يظهر الجسد الجديد المسمي بعد التطهير بالارض المقدسة و المشبه بسحالة الفضة. ثم يزاد في النار بقدر السدس فيقطر ماء اصفر كالزعفران ثم ماء احمر كالياقوت و هذا الزيبق الشرقي الذي يشبه البرق فيبقي الثفل اسود لزجاً كالدهن فيعقد و يوضع عليه الماء الاول و هو ذو الوجهين و يظهر فيه الصبغ و يكرّر عليه الطبخ حتي يخرج جميع الصبغ و يبقي الثفل اسود مظلماً و يطبخ بالماء الابيض المسمي بالزيبق الغربي‏حتي يبيض الثفل و هو الجسد الجديد و الارض المقدسة. فالثفل الذي هو يؤخذ منه النوشاذر ثفل الجويريات في مرتبة النبات المسمي بابار نحاس تامّ و الثفل الذي اذا بيّض كان الارض المقدسة هو ما بعد التفصيل اذا خرجت عنه المياه المذكورة‏ و اما النوشاذر الذي يوضع في المياه عند تشبيبها و الذي يوضع في كل عمل فهو واحد لايختلف الا انهم قالوا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 406 *»

له موضعان يخرج في احدهما اما ان‏يخرج في اول العمل عند تفصيل المادة و ان لم‏يخرج هناك خرج في عمل الجويريات كما في جوابه.

قال: و قولكم من النوشاذر الذي عندك هل النوشاذر فيه هو النوشاذر المذكور اولاً او غيره و الاول لا احتياج فيه الي الوضع ثانياً لتروحه و صفائه و ايضاً ان وضع و اختلط النوشاذر الذي كان ارضاً فكيف يؤخذ بعد الاختلاط جزء من الارض المقدسة و جزء من القاضي ثم هل الارض الجديد المذكورة في عباراتهم هي الارض المقدسة كما صرحتم فيه في اجوبتكم او غيرها؟

اقول: قولكم في النوشاذر ان وضع و اختلط الي آخره، جوابه ان النوشاذر اذا وضع في الماء لتشبيب او في المياه مع الارض المقدسة فانه لايبقي في المركب و انما يؤلف بين متعادياتها و يصلح بين متنافياتها و يخرج منه و يصعد في قبة الاناء فهو ينعزل بنفسه و يؤخذ و يصعّد ثانية كالاول و يعمل به ثانياً و هكذا فهو لايخالط غيره و الارض الجديدة المذكورة هو الارض المقدّسة.

قال: هل اكثار الماء من حجر فحجر للاحتياج الي الكثير منه يوجب طرح اكثر ما بقي من الثفل و ان الثفل بجميعه يدخل في العمل و ربما كان الاخير هو الظاهر من كلام الجلدكي كما هو مصرّح برد ما قطّر اولاً علي ما يقطر ثانياً و هكذا و اطلق في اكسير البياض السقي من الماء الابيض و في الحمرة من الماء الالهي حيث قال في التقريب ان القائلين بكون الملح مقصوداً اصلياً اقتصروا علي تدبير طريق واحد في تدبير الملح حذواً به حذو التدبير للحجر الحق في التعفين و التفصيل و التطهير و التصعيد و التكليس و الحل و التركيب و الحل و العقد و التبييض و التخمير و لعمري ان في تدبيره بهذا الوجه لبرهاناً واضحاً و علماً متقناً فتفطّنه.

اقول: الاكثار من الماء للاحتياج اليه في اصلاح ما يحترق عليهم من المياه لايوجب اخذ جميع الثفل كما لايجب اخذ جميع الماء و انما يأخذون منها ما يحتاجون اليه الا ما اخذوا منه اول مرة لانه لايحترق بخلاف الماء فانهم يحتاجون الي ما اخذوا منه اول مرة و الي غيره لانه قد ينشف الاول و قد يصفر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 407 *»

فيحتاج الي ماء جديد يصلحه. و اما كلام الجلدكي فلايدل علي اخذ جميع ثفل ما اخذ ماؤه لانه انما يؤخذ في الاول بقدر ثلث الماء و في الثاني بقدر مثل الماء و في الثالث بقدر ربع الماء و هكذا فكل شي‏ء زاد علي عدله تركت الزيادة و الدليل علي هذا قوله حذواً به حذو التدبير للحجر الحق في التعفين الي آخره و هو ما سمعت مما اشرنا اليه.

قال: نقلاً عنه و ذلك انهم يأخذون الملح الحقيقي القطع التي تشبه البواريق من الانعقاد و الصلاية و يسحقونه ناعماً جداً ثم يودعونه في قراع الفخار المطينة المتقنة و يقطرون ما عسي ان‌يقطروا و يكررون الماء علي اراض من ملح جديد اثني‌عشر مرة ثم يأخذون تلك الاراضي كلها فيوزعونها [فيودعونها خ‌ل] للتكليس بالنار الشديدة في اتون الجير و ما يجري مجراه سبعة ايام فهي عندهم الارض البيضاء النقية الذكر الحار اليابس. ثم يأخذون هذه الارض بثلاثة امثاله من الماء المقطّر المسمي عندهم بالانثي الزيبق و الروح البارد الرطب بالاضافة للذكر و يعفّنونه الي ان ينحل كله و بعضهم لم‏يدخل الثلاثة من الماء الا في مرار عديدة الجزء الاول في المرة الواحدة و الثاني في ثلاث مرات و الثالث في ست مرات ليستكمل العشرة و يقطرونه في الخامسة من عدد العشرة و اختلفوا في المدد التي هي مقدرة التعفين و بين كل تقطيره و الثانية و الحق انه متي تم الانحلال يبتدي فيه بالتقطير و في نهاية كل تقطير يزاد قسم من الماء الاول علي الماء المقطر فاذا تمت ادوار التقطير تصير الارضية متهبية سمرا مائلة الي السواد فيصعد بالنار القوية سبعة ايام الي ان‏يخرج لطيفها و يبقي كثيفها فلطيفها هو النوشاذر و اكليل الغلبة عندهم و اختلفوا في هذا الكثيف فبعضهم قال بانه يرمي فلا حاجة اليه و بعضهم رأوا تبييضه بالماء الذي هو الروح و بعضهم قال بل يكلّس بالنار ثانياً مدة سبعة ايام.

اقول: اعلم ان الحق ان الحجر يتكوّن من كل شي‏ء و ليس الحجر شيئاً منها و انما هو معمول من كل شي‏ء الا ان بعض الاشياء اسرع من بعض في تكوّن الحجر منه كما ان اصل الانسان حقيقة هو النطفة و لايتكوّن من غيرها ولكن

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 408 *»

النطفة تتكوّن من كل شي‏ء يؤكل من جميع انواع المطاعم بل تتكوّن حتي من الحشيش و النطفة هي بمنزلة الحجر الا ان بعض الاطعمة اقرب من بعض في الاستحالة و سرعة الهضم و اقرب المطاعم بالاتفاق اللحم و الحليب و اختلفوا ايهما اقرب. و الحق ان الحليب اقرب و لهذا جعله اللّه غذاء للطفل لضعف هاضمته. كذلك اقربها و اصحّها و انجحها الشعر اذا اخذ في فصلي الربيع ربيع السنة و ربيع الانسان اما ربيع السنة فظاهر و اوسطه نيسان و هو اعدله و اقواه فاذا اخذت الشعر النابت في فصل الربيع كان اقوي و اما ربيع الانسان فاذا بلغ الذكر من بني‏آدم خمسة‌عشرة سنة الي ثلثين سنة و احسنه ابن‌العشرين الي اثنين‌ و عشرين. و الجلدكي مثل بالملح و هو صحيح ولكنه لايختاره بدليل قوله فيما بعد. و لعمري ان هذا هو التدبير الحق لو كان الملح هو الحجر الحق و انما قال ذلك لدفع توهم من يتوهم ان الحجر هو الملح او الشعر او البيض او المرار او البول او العذرة او الدم او المخّ او الزيبق او الكبريت او [روح خ‌ل] التوتيا او الاسرب او الذهب او غير ذلك من المعادن لان الحجر معمول من الكل و فيه اشارة الي ان الملح ليس بقريب لعدم اعتدال الطبايع فيه و كذلك البيض و ان اعتدلت فيه الطبايع في الجملة لكنه ليس اعتدالاً انسانياً و مع هذا ففيه صعوبة تبييض ارضه و هو شرط في الصحة. بل قال بعضهم ان تبييضها متعذّر و ان كثيراً من الحكماء عجزوا عن ذلك و ان كان استخراج الاركان في البيض اسهل من غيره. و اما الشعر فهو اصلح شي‏ء لتكوّن الحجر منه فافهم.

و قوله: يأخذون تلك الاراضي كلها، يريد بذلك انهم يأخذونها ليحصل منها ما يكفيهم مما تكلّس لا الكل.

و قوله: ثم يأخذون هذه الارض بثللثة امثاله؛ يعني به في التكليس الاول من القسم الاول من تفصيل المادة و يحتمل بعيداً انه اراد به في القسم الثاني من الثاني في التزويج و لم‏يذكر الاول منه و هو السقي بمثله.

و قوله: و بعضهم لم‏يدخل الثلاثة من الماء، يريد به الثلاثة الاحوال لا الاقسام. الحال الاولي سقي العسل بمثله في اول التزويج و الحال الثانية سقيه ثلاث مرات بنصف مثله هي تمام نمّو الحجر الكريم و الحالة الثالثة تقسيم الواحدة و النصف علي ستّ تساقي كل مرة بربع

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 409 *»

المثل و ذلك في عمل النبات و الجويريات و يجوز ان‏يريد بالثلاثة من الماء ان الماء يؤخذ منه اربعة امثاله و يسقي بمثله في اربعين يوماً و بعد ذلك تقسم الثلاثة فيسقي بنصف مثله في ثلاث مرات و النصف الاخر يسقي بربع مثله في ستة مرات كما مر.

و قوله: و اختلفوا في المدد الخ، حق و ما حققه حق لان المدة انما ضربوها للمعني لا لظاهر العمل لان نفس المدة لا حاجة اليها و انما الحاجة في الانحلال فلوحصل في يوم و ليلة كما فعله بعضهم بل في اقلّ كفي و مع هذا فهو في اربعين ليلة مدة ميقات موسي7 لانها بعدد مراتب الوجود.

قوله: فلطيفها هو النوشاذر، يريد به ما صعد في القبة. و اما الكثيف فقال بعضهم بانه يرمي يعني به اخذ لطيفه مرة ثانية او معناه انه يصفي لتذهب عنه الكثافة المعبر عنه بالرمي و كلاهما مراد و واقع.

و قوله: و بعضهم رأوا تبييضه بالماء الي آخره، يريد به ان المطلوب زوال الكثافة و السواد و لهم طريقان هنا فمنهم من طهره بالروح الغربية و منهم من يكلّسه حتي يبيّض.

قال: نقلاً عنه و من هذا التركيب الثاني عندهم فمنهم من رأي ان الارض من الارضين احدهما الارض المكلّسة البيضاء الاولة و الثانية من النوشاذر. و منهم من قال بالارض المبيضّة او المكلسة من الثفل و انهم يدخلون علي هاتين من الماء بقدر ثلاثة امثال المجموع و يحلونه في التعفين و يعقدونه و هو اكسير البياض. و اختلفوا في نسبة اوزان النوشاذر فمنهم من قال مثل نصف الارض. و منهم من قال قدر الثلث. و منهم من قال قدر الربع. و منهم من قال قدر السدس. و كذلك الي العشر. و زعموا انه يسوّد السواد الثاني من غير مسود ثم يزرق ثم يبيّض فهو اكسير البياض عندهم ثم يسقي بالماء الالهي بزعمهم ست مرات بستة امثاله و في كل مرة له حل و عقد و هو يتلون في كل مرة الي ان‌يستقرّ في المرة السادسة احمر اللون شفاف قوي الحمرة ذائب جار فهو اكسير الحمرة عندهم.

الي ان‏ قال: و لعمري ان هذا هو التدبير الحق لو كان الملح هو الحجر الحق انتهي، و التكليس للارض كلها الذي ذكره اوله بالنار القوية هل المراد منه عند التطبيق بين عملي الملح و الحجر كما اشار اليه من وحدة العمل او

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 410 *»

التكليس بالماء المقطر او لا كما هو مراد القوم من التكليس او ان التكليس الذي اعتبره في كليهما التكليس بالنار العنصرية ثم ما اعتبره من ردّ المقطر علي ما يقطّر و كفاية السقي بالمائين في الاكسيرين و عدم اعتبار الاوزان فيما عدا النوشاذر هل هو صحيح لان الاعتبار بحصول علامة البياض و الحمرة لا غير كما صرّحوا به ايضاً و ايضاً كلما زيد في السقي كان اقوي كما قالوا فلا وزن في الماء ام هو من تدهيشاتهم؟

اقول: ما ذكره من اختلافهم في قدر النوشاذر صحيح ولكن لم‏يذكر كلما قالوا الا انهم جرّبوا كل هذه المقادير و كلها صحّت و ان اختلف المركب في الصفا لانه كلما اعتدل المزاج كان احسن و كثرة النوشاذر في هذه التقديرات احسن لان الارض تقدّر به عل تحمل المياه و النوشاذر يقوّي‏ هاضمتها فهو بمنزلة الكتيرا في الادوية اذا ادخل معها قوي فعلها و دفع ضررها و الّف بين مبايناتها.

و قوله: يدخلون علي هاتين من الماء بقدر ثلاثة امثال المجموع، المراد بالماء الغربي الابيض و الشرقي الاصفر و الاحمر. و قوله: ثلاثة امثال المجموع، اي كل مرة مثله. و المراد بالمثل هنا قدر الجسد الجديد ثلاث مرات و لهم فيه طريقان منهم من يسقيه بثلث و يحلّه و يعقده و يسقيه بثلث اخر و يحله و يعقده و يسقيه بالثلث الاخر و يحله و يعقده و قد تمّ. و بعضهم يدخل الماء كله عليه دفعة واحدة و يحله و يعقده و يحله و يعقده و يحله و يعقده و قد تم. و اما تكليس الارض فمنهم من يكلّسها كتكليس النوشاذر بالتصعيد بالنار علي ما تقدم من تدريجها بالنار الضعيفة ثم القوية شيئاً فشيئاً. و منهم من يبيّضها بالماء الغربي ‏و هو الاولي و الاسلم لئلاتتحجر و اما الاوزان في غير النوشاذر فمنهم من يكتفي باوزان تفصيل المادة و عمل المعدن لانه في ذلك الوضع لابد من المشار اليه سابقاً فاذا تم الحجر علي ما ينبغي دبّروه علي ما هو عليه من غير الوزن الصبخي [الصنجی خ‌ل] و قالوا ان الطبايع الان معتدلة فيه فلايحتاج الي الاوزان ثانياً لان الطبيعة لاتغلط بل تجري طبيعة المعتدل علي الاعتدال. و من اعتبر الوزن ثانياً قال ان الوزن انما هو لتعديل الاركان و تعديل الاركان متوقف علي مقدار المياه بما فيها من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 411 *»

القوي الطبيعية و لعلها لم‏تكمل في المعدن و النبات علي ما ينبغي و لاسيما اذا كان العمل في مادة في اصلها و في حال عبيطتها لم‏تكن الطبايع معتدلة فيها [فيه خ‌ل] كما في غير الشعر و البيض او تكون معتدلة اعتدالاً حيوانياً لا انسانياً كالبيض و اذا وزنت بعد بلوغ الزيابق و الكباريت و تمام نزجها حصل منه الاعتدال الانساني و هذا هو الاولي و الاحسن و لو لم‏تأخذها بالوزن و كان اصل المادة من الشعر فلايبعد حصول الكمال بدون الوزن اخيراً اذا كان المدبر حكيماً ماهراً نعم لو لم‏يزن و ان لم‏يكن اصله الشعر صحّ العمل اذا صحّ التدبير الا انه انقص صفاء و فعلاً بالنسبة الي الموزون ليصح هنا تأويل قوله تعالي و انبتنا فيها من كل شي‏ء موزون.

و اما انه كلما زيد في السقي كان اقوي فهذا انما تكون القوة و الفعل زايدين اذا كانت الزيادة بتكرير العمل و اما ان كلما كثر الماء فهو اقوي مطلقاً فلا مطلقاً بل لو وضع علي الارض اكثر مما تحتمله دفعة افسدها و اذابها الا تري ان الماء اذا شرب منه الانسان اكثر مما يحتمله اضرّ به و في الحديث ما معناه ان جرئيل7 قال لرسول‌اللّه9 لاتكثر من شرب الماء فان ابن آدم خلق من الطين فاذا كثر عليه الماء ذاب و هذا المركب انسان يجري له ما يجري للانسان. و اما قولكم او هو من تدهيشاتهم، فهو الحق لان ذكرهم الوزن و ترك ذكر الوزن كل ذلك من تضليلهم و انما ميزانهم الحق الميزان الطبيعي فهم يدورون معه حيث ما دار في الكثرة و القلة.

قال: سؤال انهم قالوا ان مادة الاكسير عاقتها مخالطة الاجنبي عن الفعل فاذا زالت المخالفة فهو فعال بنفسه من غير ملاحظه الاوزان و اذا فهل يكون بعد التقطير و الرد و هكذا الي ان‌يبقي ما لاينحل و يرمي و يصير الباقي من الارض و الماء اذا طبخ احدهما بالاخر كان فعالاً ام لا و بالغاً في الفعل ام لا؟

اقول: نعم ان الاجنبي من بعض العوائق فاذا زالت المخالفة بقي فيه عدم الاعتدال في طبايعه فان كان معتدلاً كما في الشعر كان العائق له في الفعل احواله التي لايفعل الا بها من التلزز و النضج و الصبغ و الصبر علي النار و البقاء و الثبات و التتميم و التكميل و الحفظ و الغوص و الذوبان و قبل ان‏تحصل له هذه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 412 *»

الاحوال و القوي لايكون فعالاً و انما قالوا ذلك لوجهين: احدهما انه اذا زال الغريب فهو فعال بعد التدبير يعني من غير ادخال شي‏ء غريب عليه. و ثانيهما ان المراد بالاجنبي ليس خصوص الاعراض الغريبة ظاهراً بل الاعراض الغريبة المانعة من البلوغ كالطفولية المانعة للصبي من التمييز و التكليف و هو في الحقيقة عدم النضج في المولود الفلسفي و في المولود الانساني و هذا في الحقيقة بالنسبة الي المولود غريب لان الاصل نضجه كما اشار سبحانه بقوله شهدنا ان‏تقولوا يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرك آبائنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم الي ان الطفولية مسبوقة بالتمييز الذي هو مناط التكليف و نظيره ما تقرّر من ان ما بالقوة سابق في الزمان علي ما بالفعل و ما بالفعل سابق في الدهر علي ما بالقوة.

قال: و اذا تقرر كون المقطر بالرطوبة او اليبوسة من النيران المهوّلة الشديدة المسرعة في التقطير كسريعات احمر اللون فهل هو الماء الالهي الحامل للنفس المعتبر في الحمرة ام لا لانهم صرّحوا بان التقطير اولاً يلزم ان‌يكون بنار كجناح الطير لئلايصفر المقطر لطول مدة التفصيل و زمان يحصل الماء الالهي و الدهن و علي الاخير فما معني كلام جابر من صحة تتميم الاكسير في ثلاث ساعات تقريباً؟ و كيف طريق تحصيله حيث قال في رسالته نجاة الخلد ما لفظه ان فيه القريب الاقرب يتم لك طبخه في قدر طبخ الطعام و فيه البعيد الابعد لايتم الا في اشهر و اعوام.

و قال في تقريب الطريق الاقرب تأخذ الحجر الكريم العبيط كما خرج من معدنه فاحش منه كوز فقّاع و ارمسه فانه ينزل منه ماء و دهن راكد ثم بعد انقطاع القطر اكسر الكوز تجد الارض ثفلة سوداء مصاحبة بحجر الشبج [الشبح خ‌ل] و هذه الطريقة تتم في ثلاث ساعات فاذا اردت ذلك خذ من الارض السوداء ثمانية اجزاء و من الدهنة الحمراء جزءاً و من الماء الابيض ثلاثة اجزاء و اجعلها في قدح التشميع و دعها علي نار كحرارة الشمس حتي تجف جسداً سوداً او نقرة كبدية احمر الباطن الق منها قيراطاً علي ستين قمراً يقيمه شمساً جيداً و ان شمّعتها بالدهن المذكور مراراً يقيم واحده مائة الف من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 413 *»

القمر. فاعلم يا اخي قدر ما وصل اليك و لقد اوقفني سيدي7 علي هذا الشبج [الشبح خ‌ل] و هذه الطريقة لم‏تذكر في كتاب قطّ و انما شافهوا به لمن شاؤا مشافهة و هي التي اشرت انها تتم في ثلاث ساعات و لم‏اذكر كيفيتها الا في هذا الكتاب الي آخر ما قال بيّنوا الامر اوضح مما ذكر كما ان رعاية الايضاح فالايضاح امر استقرّ [مستقر خ‌ل] و استمرّ فيمن تأخر.

اقول: المقطر بالرطوبة و اليبوسة الي آخره، هو الماء الالهي الحامل للنفس الرطبة و تتبعه النفس اليابسة المسماة بعد تكليسها بالنوشاذر الجبسي و ليس هذا الماء معتبراً في الحمرة دون البياض بل يعتبر في البياض ايضاً و هذا الماء بعد تمام عمل النبات و ليس المراد به ما يحصل في تفصيل المادة لان ذلك بعيد عن هذا المقام. فقوله: و علي الاخير لايترتب عليه امر و قول جابر بتتميم الاكسير في ثلاث ساعات، يراد منه بعد تمام قطع ثلاثة ارباع الطريق و يبقي منه الربع فان بعض الحكماء نقل عنه عمله في نصف ساعة و هو اقل ما سمعنا. و الدليل علي ان [انه خ‌ل] مراده من كلامه بعد فراغه من تفصيل المادة المكتوم و من التزويج و من الجويريات، قوله: تأخذ الحجر الكريم العبيط فان الحجر عندهم لايريدون منه الا ما بعد تمام التزويج. و قوله كما خرج من معدنه، يريد به بعد ادخال الزوجات الثلاث. و قوله: فاحش منه كوز فقاع، يريد منه القرع الذي يفصل فيه الاركان. و قوله: فانه ينزل منه ماء و دهن، يريد به عند التقطير ينزل منه الماء الغربي و الدهن الراكد هو الماء الاصفر. و قوله: راكد، هو كما ذكره علي7 كما رواه ابن‌شهر آشوب في المناقب انه لما سئل عن علم الكيميا و هو يخطب قال هي اخت النبوة و عصمة المروّة ان الناس يتكلمون فيها بالظن [بالظاهر خ‌ل@؟] و اني واللّه لاعلم ظاهرها و باطنها ما هي الاّ ماء جامد و هواء راكد و نار حائلة و ارض سائلة و اراد7 بالماء الجامد الروح الغربية و بالهواء الراكد الماء الاصفر و بالنار الحائلة هي الصبغ و بالارض السائلة هي الجسد الجديد. فقول جابر دهن راكد هو الهواء الراكد فانه دهن اصفر و هو الذكر الشرقي و هو الهواء.

و قوله: تجد الارض ثفلة سوداء، هذا بعد اخراج المياه تبقي الارض سوداء هامدة. و قوله: و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 414 *»

هذه الطريقة تتم في ثلاث ساعات يريد بعد جميع الاركان. و قوله: فاذا اردت ذلك الي آخره، يريد به انك تجمع هذه الاركان و تجفّفها بنار لينة بالتدريج في القوة شيئاً فشيئاً حتي يتم جفافه و يكون جسداً اسود مائلاً الي الحمرة كلون الكبد و سواده حمرة متكاثفة. و قوله: و ان شمّعتها بالدهن مراراً، كل مرة كالاول في التركيب فانه في كل مرة يتضاعف عمل المثقال منه فاول مرة مثقاله بالف و ثاني مرة بالفين و هكذا فلو كرر التشميع عليه مائة مرة كان مثقاله علي مائة الف مثقال من الفضة يقيمه شمساً خالصاً اعلی من المعدني بحيث يقبل الزيادة بمعني انك لو مزجت هذا الذهب بالفضة احالها الي جوهره و لم‏يظهر فيه من التغيير ما يظهر في المعدني لو مزج بالفضة. و قوله: و لقد اوقفني سيدي7، يريد به جعفر بن محمد الصادق7 لانه هو الذي علم جابراً لكن الخبيث ائتمّ به في علم الصناعة و ائتمّ ‏بغيره في دينه بئس للظالمين بدلا. فقوله: في ثلاث ساعات، يريد به هذا التشميع الاخير لانه في الطريق الابعد مائة و عشرون يوماً بل مائة و ثمانون يوماً.

قال: سؤال قولكم ان القيت احدهما علي الزيبق كان اكسيراً هل يفرق في الزيبق بين زيبق العامة و الخاصة او زيبق الخاصة اقرب لكون جزئه فيحيله اليه و يعقده كالانفخة.

اقول: المراد بهذا الزيبق زيبق العامة لان زيبق الخاصة هو الماء الابيض و لا مدخل له هنا فافهم.

قال: ثم كيف يطرح علي زيبق العامة و هم استصعبوا ذلك لنفوره بل كيف يطرح الاكسير بلاحجاب و هو يحترق للطافته بالنسبة الي الجسد الملقي‌عليه بالملاقاة و المصرح في كلام بعضهم ان المعتبر في الوقاية لعدم الاحتراق الزجاج المحلول و انه رأس كما ان البورق المعتبر ايضاً قطعاً ذنب فلا محيص بناء علي تصريح بعضهم عن الرأس و الذنب المكتومين في الطرح فما هذا الرأس و الذنب فهل هما معتبران ام لا؟ و كيف يحلّ الزجاج علي اعتباره و ما هذا البورق؟

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 415 *»

اقول: كيفية الالقاء علي الزيبق مما كتموه و بيانه ان الاكمل في الالقاء ان‌يصعد اولاً لينقي من اوساخه لئلاتخلّ بالاكسير و يوضع في آلة صابرة علي النار ثم ينفخ عليه حتي يصل الي حدّ ذوبان الاجساد و علامته ان‏تسمع له نشيشاً و لوخشيت من طيرانه فضع عليه ما يمنع طيرانه كالزجاج و البورق. و ان وضعت الاكسير علي جسد و القيته علي الزيبق اذا خفت علي الاكسير من الاحتراق و يوضع عليه قبل نشيشه الزجاج المحلول و البورق ليحجبه من الطيران. فاذا القيت الاكسير و ذاب فحرّكه حتي يمازج و اصبر عليه قليلاً فاذا نشّ الاكسير فخفف النفخ فانه ينعقد الكسير للحمرة ان كان الملقي‌عليه الاحمر و للبياض ان كان الملقي‌عليه الابيض. و لايكون مع ذلك متفتتاً كالاكسير بل ينعقد ليناً منطرقاً و لاسيما ان القيت عليه من الماء المدخر عندك قبل القاء الاكسير و مع كونه ليناً كالفضة يفعل فعل الاكسير فواحده علي الف.

و معني ان الزجاج محلول، انه يحلّ بالمياه الحادة كالماء المسمي بالماء‌ مرمياسوس و كالماء المسمي بالمعشر. و معني انه الرأس، انه غطاء الزيبق و البورق فراشه و هو الذنب. و اما انهما معتبران فالاكسير منه سهل الذوبان و منه المتوسط و منه البطي‏ء. فان كان الاكسير سريع الذوبان فلاتجب الوقاية للزيبق لانه بالنار التي يحصل بها اقلّ نشيشه يذوب الاكسير و يمازجه فان كان بطي‏ء الذوبان فلابد منهما و ان كان متوسطاً فعلي ما يعرف الحكيم من الحال التي تحصل بها الممازجة و الاصل في ذلك الاكسير قد يكون قد كمل نضجه و تمّ وقته و قد يكون حصل قبل تمام وقته فهو قطير [فطير خ‌ل] و قد يكون الغالب عليه الروح فيسرع ذوبانه و قد يكون الغالب عليه الجسد فيبطي و قد يكون الغالب عليه النفس فتتكاثف صبغه فلابد ان‌تستخبر امر اكسيرك بان‌تحمي صحيفة من الفضة الاحمر و من النحاس الابيض و تلقي عليها شيئاً من الاكسير و تعرف حاله من سرعة الذوب و بطئه و استقامته و صبغه و تعرف مقتضي الحكمة. فلو رأيته سريع الذوبان اما لعدم كمال نضجه او لكثرة روحه و خشيت عليه من الاحتراق اذا كان الجسد الملقي‌عليه بطي‏ء الذوبان كالاحمر اذا اردت القائه علي الفضة فالقه علي شي‏ء من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 416 *»

الاسرب و الق ذلك عليه و كالابيض اذا اردت القائه علي النحاسين فالقه علي شي‏ء من الاسرب و او القلعي. و الحاصل انك تعرف مقتضي الحكمة من صلاح نظام التدبير فافهم. و اما البورق فهو بورق الحكماء.

قال: سؤال هل الاسرب كما قالوا كالزيبق في صيرورة المطروح عليه اكسيراً ام لا؟

اقول: الذي يكون اكسيراً الذهب المعدني و الذهب الصناعي و الفضة المعدنية و الصناعية و الزيبق فالذهبان و الزيبق تكون اذا طرح عليها الاحمر اكسيراً للحمرة و الفضتان و الزيبق اذا طرح عليها اكسير البياض تكون اكسيراً للبياض. و اما الاسرب فلايكون كذلك لكنه يقبل الحمرة فيكون ذهباً بدون جعله فضة و القلعي و النحاسان لاتكون ذهباً حتي تكون فضة.

قال: هل الزيبق المطروح عليه الاكسير الصائر اكسيراً و هكذا ثالثاً و رابعاً كاكسير الاصل في القوة كما هو الحال في الانسان المتولد من الانسان و لان المرض بالمداوي زال فلا فرق بين الاصحاء و هو معني قولهم المثقال منه يملأ الخافقين اي اكسيراً لا ذهباً و لا فضة مثلاً و علي هذا لا احتياج الي تحمل متاعب الحل و العقد دائماً لمزيد القوة و لا الي تحصيل الباب الاعظم الذي واحده علي الف الف حتي قال جابر في طريق طرحه اراحة للصعوبة الواحد يطرح علي الف من الجسد و الواحد من هذا الالف يطرح علي الالف من الجسد الاخر لان هذا المعني يتحقق بالطرح في الباب الاصغر اذا كان المطروح عليه في كل مرتبة زيبقاً مثلاً او شمساً او لا بل ينقص كل لاحق عن السابق في القوة لان الفعال في الحقيقة هو الاصل و تنقص قوته في النزول كما هو الحال في كل قوي اذا تنزل حتي شروق الشمس.

اقول: ان الزيبق و الذهب و الفضة اذا القي عليها الاكسير تكون اكسيراً لا انها تحمل الاكسير الاول الي الجسد الثاني فهو يفعل فيه فتكون قوته اضعف في الرتبة الثانية بل هذا اكسير جديد فلو طرح مثقال علي الف و واحد من هذا الالف علي الف آخر و هكذا بلا نهاية لم‏تختلف قوته و العلة فيه ما قلنا لك انه

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 417 *»

بالمثقال يتكون اكسيراً لانه جسد ميت و الاكسير حي محيي فاذا نفخ فيه من روحه كان مثله و في التأويل الحديث القدسي انا حي لااموت اطعني اجعلك مثلي حياً لاتموت و فيه انا اقول للشي‏ء كن فيكون اطعني اجعلك مثلي تقول للشي‏ء كن فيكون و ليس الاول هو الفعال بل الفعال هو الثاني لان الثاني كان من الفعال لكنه ميت فلما حيي كان فعالاً.

و اما شروق الشمس فانها تحدث شعاعاً لا شمساً و لو احدثت شمساً لساوتها و كذلك يحدث شعاعاً له فهو شعاع شعاع الشمس فلايساويه و لو احدث الشعاع شعاعاً مثله لساواه ابداً و ما ذكره جابر لا اشكال فيه. و اما تكررهم في الحل و العقد و مواظبتهم عليهما فليس للحاجة و انما يريدون بذلك التردد و الاطلاع علي اسرار الصناعة فان جميع الحكماء ما احاطوا بجميع اسرارها الا الانبياء: بنسبة حال كل منهم و الي هذا المعني اشار اميرالمؤمنين7 بقوله المتقدم هي اخت النبوة و عصمة المروة ان الناس يعلمون ظاهرها و اني واللّه لاعلم ظاهرها و باطنها انتهي.

قال: سؤال هل فرق بين الزيبق و الشمس الملقي عليهما الدواء في القوة لان الاعتبار بزوال المرض و علي هذا فلا فرق بينهما و بين الزنجفر الصائر بالطرح اكسيراً اذ الاصل في الكل واحد او الاول اقوي لكونه زوجاً و كذا الكلام في الاخير لكونه مركباً من الروح و النفس.

اقول: ان الاصل في جميع المعادن واحد و هو الزيبق و الكبريت و انما تفاوتت المعادن بتفاوت الاصلين في الصفاء و الكدورة و اعتدال الوزن و عدمه و اعتدال الطبخ و عدمه فكلما كان اكمل في ذلك كان احسن و اصفي و الاكسير روح للجسد فاذا القيت الروح علي الجسد و كانت الروح من نوع واحد اختلفت الاجساد في افعالها علي حسب صفاء اجسادها و عدمه لان التفاوت بين الاشياء اما من جهة تفاوت الارواح او القابليات او الاجسام. و هنا الارواح واحدة فكان التفاوت بين ذلك في الاجساد و القابليات. اما القابليات فمن جهة الانفعال هنا واحدة و ذلك من الفاعل. و اما من جهة القابل فمختلفة كما ان الاشعة من الشمس واحدة و تقع علي الارض و المرآة من جهة الانفعال

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 418 *»

و هو قبول النور من الفاعل فهو واحد لان الاشراق واحد. و اما من جهة القابل التي هي الاستنارة بالنور فمختلف لان استنارة المرآة اشد ضوء من استنارة الارض فلا ريب في صفاء الذهب و اعتداله و نضجه الي حد لم‏يبلغ غيره فيكون اقوي البتة بمعني ان ما يلقي عليه اكسير الذهب من المعادن يحتمل اضافة اكثر مما يلقي عليه اكسير الزيبق منها و التعليل للتساوي يكون الزيبق روحاً فيكون اقوي ليس بشي‏ء لان تسميته روحاً انما هو لكونه بارداً رطباً بالنسبة الي الكبريت لا انه يحيي بل المحقق عندهم كما ذكروه ان تركيب الاكسير من صبغ و منصبغ ان الزيبق بمنزلة الماء و ان الكبريت بمنزلة الصبغ و ان الارض بمنزلة الثوب و لاشك ان الاصل في حيات الاجساد انما هو الصبغ.

و اما الماء فهو حافظ و قوله تعالي و جعلنا من الماء كل شي‏ء حي و قوله9 الماء سيد الشراب و طعمه طعم الحيوة فالمراد انه من اجزاء ما به الحيوة و هو الحفظ و التبريد. و لهذا قالوا ان علة الكون الحرارة و الرطوبة اي النار و الهواء و علة الفساد البرودة و اليبوسة اي الماء و التراب. و تدبر في فصول الاربعة فان كان فصل الشتاء هو روح العالم فالماء كذلك لانه بطبعه و اما الزنجفر فانه بعد تدبيره و ثباته اذا كان معدناً ممازجاً للاجساد ربما يزيد فعله علي الزيبق ولكنه لايساوي الذهب و ان كان يمازج الذهب كالمدموس في الحنظل مائة مرة كما قالوا و كونه مركباً من الروح و النفس لايستلزم الزيادة بل و لا المساواة لان غيره كذلك.

قال: ماء الحجر علي ما ذكروا هو المكلس لارضه فهل يتكلس به برادة الذهب مرة او ازيد ثم يشمّعه و يبلغه الكمال حذو ما ذكره الجلدكي في التقريب في بيان كلام ذي‌النون ان ماء الريش اذا طفي فيه الحديد بعد الحمي لينه مثل الخيزران فهو كلام صحيح في الظاهر و في الباطن. اما في الباطن فلم‏يقصد بماء الريش الا ماء الحجر او الماء الخريف الذي هو الماء الاول المسمي بالخل فانه يليّن الحديد بالحمي و الطفي فيه كالخيزران بل صرّح به في البرهان و انما يكون تكليسه اي الشمس الذي لامضرّة فيه بالدهن الذي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 419 *»

لايحترق في المرتبة الاولي من مراتب العشرة فليلطّخ [فيلطخ خ‌ل] منه صفائحه الرقاق و يدسّ. الي ان قال: فشمّعه بالدهن الذي لايحترق في بعض مراتبه انتهي. و ما ادري ما عني بمراتبه العشرة تزيلون عنا الابهام ان‌شاء‌اللّه بالبيان عن المرام.

و مما يدل علي ان الماء الاول فيه دهانة و تأثيرها ذكره الجلدكي في نهاية الطلب في شرح المكتسب بعد ذكر ابيات الاندلسي في الاستشهاد علي ان المراد من الخمير هو النوشاذر الجبسي ما لفظه: و في هذه الابيات دليل علي الماء الاول و الحل [الخل خ‌ل] الروحاني من وجه و دليل علي الالهي التام من وجه لان فعل كل واحد منهما يشابه الاخر و لولا الماء الاول لماامكن الوصول بالتفصيل و لا الحصول علي الماء الالهي. و الفرق بين هذين المائين ان الماء الاول اقل دهانة من الماء الالهي و اقوي حدة فان المقصود منه الغسل و التلطيف و هدم الصخور. و اما الماء الالهي فانه حامل للنفس غير فارغ مثل الاول و له دهانة قوية. الي ان حكي عن الاستاد ايضاً: ان لو لم‏يصل الطالب الا الي الخل لكان فيه ما يسدّ الجوع. و لانهم قالوا حجرنا ذهب زائداً الصبغ و ذهب العامة اذا زاد صبغه بماء الحجر اي بمائه الاول تمّ امره لانه و ان كان ابيض بارداً في الظاهر فهو احمر حارّ في الباطن و لان الماء يصير بالطبخ هواء و الهواء اذا زاد حرّه يصير ناراً فالابيض يؤل امره الي الاحمر و الاصفر البالغ الي مرتبة الكمال غير منفك عن الاكمال اولاً بل المبلغ الي مرتبة الاكسيرية هو الاكسير التام لا اجزاء الحجر و ان كان لها مدخل في التمام.

اقول: اما كون ماء الحجر هو المكلّس لارضه علي الحقيقة فلا شك فيه و قد اشار ابن‌ارفع رأس‌الشذوري الي ذلك بقوله:

اول هذا العلم التكليس الحجر   بحر نار حرها حر السقر

و هو معني قولهم: ان ماءه ناره و لما كان التكليس لايكون الا بالماء و هذا الماء من الابتداء الي مقام العسل هو الذكر و الارض هي الانثي و كان في فعله فعل النار سمي ناراً و ذكراً هذا في الكيفية المكتومة فاذا فرغ منها و اخذ في التزويج كان الاعلي اسفل و الاسفل اعلی فانعكست به التسمية فاذا الذكر انثي و الانثي

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 420 *»

ذكر. و اما ان الذهب العامي يتكلّس به و تشمع [يتشمع خ‌ل] به و يبلغ الكمال فهو صحيح اذا عفّن به البرادة و قطّر عنها و عفّن بها و هكذا حتي يكلّسها و تكون متهبّية ليس لها جزء ثم تشمّع به و المراد من تسمية ذلك الماء ماء الريش انه الماء الذي يغسل به ريش الغراب و هو السواد عن الجسد الجديد او عن المركب حتي يبلّغه الشفافية او عن العسل للتزويج او لانه المستنبط من الشعر. و بالجملة هو المليّن للحديد او هو الملين للاجساد و المكلّس لها او هو الحلال لها و المشمع لها حتي تذوب و تجري.

و قوله: في المرتبة الاولي من مراتبه العشرة، هذه المراتب لها ثلاثة محال احدها في التقطير و التكليس و تبييض العسل و التزويج و النبات و المناخل و التفصيل و التشبيب و تبييض الارض و زرع الغصون في الارض النقية و اول هذه العشرة يكون محترقاً فلايريده. و ثانيها تزويجه بالزوجة المماثلة ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الستة في الجويريات و اول هذه العشرة ايضاً يحترق. و ثالثها بعد التفصيل و التشبيب و ثلاثة في زرع الغصن الابيض و ستة في زرع الغصن الاحمر و اول هذه العشرة هو الخالد و الدهن الذي لايحترق.

و قوله: فليلطخ [فيلطخ خ‌ل] منه صفائحه الي آخره، يريد ان الذهب يرقّق غاية ما يمكن ثم يقرض اصغر ما يمكن ثم يحلّ فيه و ان بردته جاز. و قوله: و في هذه الابيات دليل الي آخره، يريد به انك ان اردت الفعل و التكليس فهما كذلك فيكون المراد بهذا الماء هو الاول مع ملاحظة التكليس لانه الاول من المراتب العشرة علي الوجه الاول او الثاني و الدليل علي الماء الالهي الذي هو اول المراتب العشرة علي الوجه الثالث انه الذي لايحترق و لو قلنا انه يكون من الماء الالهي و يكون منهما معاً بان‌يكون التكليس بالاول و التشميع بالثاني لم‏يكن به بأس بخلاف العكس او بالاول خاصة لعدم ثباته. و ما حكاه عن جابر من انه لو لم‏يصل الطالب الا الي الخل لكان فيه ما يسدّ الجوع لانه اذا كلّس به الذهب العامة صبغ الفضة صبغاً ثابتاً و ان كان ضعيفاً او انه لايلززها كما لوشمّع بالماء الالهي و لو عمل الذهب العامي بالماء الاول لم‏يكن فيه صبغ زايد يعتدّ به و ان كلّسه و قوي صبغه في الجملة. و اما ان هذا الماء بارد فلا بل حارّ حادّ و لهذا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 421 *»

قال الشذوري: فيه بحر نار حرّها حرّ السقر. و اما انه احمر في الباطن فنعم ولكن لا اثر لحمرته في الاجساد و ان ظهرت فيه نفس الحمرة لاحتراق فانه لايصبغ الا شيئاً لايعتدّ به و انما المبلغ للاجساد الي غاياتها هو الاكسير التام نعم هذا الذهب العامي اذا كلّس و شمّع بالماء الالهي بلّغها الي غاياتها لانه اكسير تام بحسبه و ليس كلما له مدخل في التمام مع غيره او في حال يحصل منه التمام المطلوب.

قال: سؤال ان المذكور في اجوبتكم الشريفة علي ما بالبال ان مولانا الحجة7 في هورقليا و ان ظهوره و رجعته في عالم المثال مادريت ما معني كونه في هورقليا أ هو كما استفيد من بعض الروايات ان مولانا اباالحسن الثاني اري صالح بن سعيد بعد ان نزل في خان الصعاليك و اغتمّ صالح بانزاله في ذلك المكان روضات انيقات و انهاراً جاريات و جنات فيها خيرات عطرات و ولدان كانهم اللؤلؤ المكنون حتي حار بصر صالح فقال7 حيث كنا فهذا لنا يابن سعيد فهذا الاختصاص ببعضهم او بزمان دون زمان او علي وجه؟ فبيّنوا لنا لانه موضع توهم سقوط التصرف من الهيكل العنصري و التصرف في القالب المثالي فحسب. و كذا ينافي كون الرجعة في عالم المثال توليد الشيعة و تولد الالف من واحد منهم مثلاً.

اقول: هورقليا في الاقليم الثامن و معني لفظه ملك آخر و له مدينتان مدينة في المغرب جابرسا و في المشرق جابلقا عليهما سور من حديد و علي كل واحد منهما الف‌الف مصراع و يتكلمون بسبعين الف‌الف لغة كل اهل لغة بخلاف لغة الاخري و هم في بلاد منسك و تأويل و نارس من كل مدينة كل يوم يخرج سبعون الفاً لايعودون الي يوم‌القيمة و يدخلها سبعون الفاً لايخرجون الي يوم‌القيمة و ان الخارجين و الداخلين ليتلاقون بين السماء و الارض و من يخرجون من جابلقا يغرّبون و من يخرجون من جابرسا يشرّقون و ان من قام في وقت كمثل نصف الليل لايسمع فيه حسيساً يسمع لهم دوياً كدوي النحل و الحجة7 في غيبته تحت هورقليا في تلك الدنيا في قرية يقال لها كرعة في وادي شمروخ. و روي انه في طيبة و ان معه ثلثين بدلاً و كل هذه القري من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 422 *»

تلك الدنيا و هو7 ظاهر لاهلها. و اما اذا اراد ان‏يدخل في هذه الاقاليم السبعة لبس صورة من صور اهل هذه الاقاليم و لايعرفه احد و لاتراه عين رؤية معرفة حتي تراه كل عين. و اما امر ظهوره عجل اللّه فرجه و بيان زمانه و مكانه فاعلم ان الدنيا هذه قدخاف فيها من الاعداء فلما فرّ من هذه المسماة بالدنيا انتقل الي الاولي و الخلق يسيرون اليها لكنه7 سريع السير فقطع المسافة في لحظة و الناس يسيرون الي الاولي يسير بهم التقدير سير السفينة براكبها في هذا النهر الراكد الذي هو الزمان و كان طرفا الزمان اوله و آخره لطيفين للطافة الاجسام الواقفة فيهما و لطافة تلك الامكنة و وسط الزمان كثيف ككثافة اجسامه و امكنته فاذا وصلوا اليه قام بالامر و ظهر الدين كله فالايام ثلاثة قال تعالي و ذكرهم بايام اللّه فاليوم الاول هو الدنيا و اليوم الثاني هو الاولي و هو يوم قيامه و رجعته مع آبائه: و شيعتهم و اليوم الثالث يوم القيمة الكبري و في الزيارة الجامعه و حجج اللّه علي اهل الدنيا و الاخرة و الاولي فذلك الزمان الطف و اهله الطف و امكنتهم الطف حتي انه في آخره يكون لطافة زمانه بقدر لطافة هذا الزمان سبعين مرة و هذا معنی ما اردنا من انه في هورقليا و انه في الاقليم الثامن.

و اما قولكم في عالم المثال، فاعلم ان عالم المثال صور الاشياء و الصورة التي في المرآة من عالم المثال و هذه الصور التي تراها في الاجسام اذا نزعتها من الاجسام من عالم المثال و الامام7 لايرجع صورة بل يرجع هو و كل من يرجع معه و مع آبائه في اجسامهم هذه التي ظهرت في الدنيا الا ان في اجسامهم تطهيراً من فاضل اجسام الائمة لشدة انصراف نفوسهم من غير المحل الاعلي فكان الرجل يخبر اهله بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم و تنطوي له الارض اذا مشي و ذلك كما اري الهادي7 صالح بن سعيد فانه لم‏يره تصويراً و لاتخيلاً و انما اراه حقيقة و معناه في الظاهر انه كشف له عن بصره فرأي تلك الجنة بنفسها لا صورتها و اما معناه في الحقيقة

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 423 *»

فهو انه7 سار بصالح الي الجنة و ادخله فيها حقيقة ثم اخرجه منها فاذا انتهت الدنيا كان آخر دقيقة منها اول دقيقة من الاولي و الي ذلك اشار علي7 في خطبته بقوله انا الواقف بين الطتنجين و هما خليجان و في الاسم المبارك المروي عنهم و هو هذا @شکل@ الواو المنكس هو القائم7 كونه منكساً اشارة الي رجوعه و كونه واو اشارة الي ان صورتها هكذا واو فالواو الاولي اشارة الي الستة الايام التي خلقت فيها الدنيا و الواو الثانية اشارة الي الايام التي تخلّقت فيها الاولي و الالف بينهما اشارة الي انه القائم بين الدنيا و الاولي اللتين هما الطتنجان و الطتنج هو النهر فالقائم7 يرجع في الاولي لا في المثال. و اما تصرفه فهو بهيكله في العنصرية و بمثاله في المثالية و بجسده في الاجساد و بجسمه في الاجسام و بنفسه في النفوس و بروحه في الارواح. و تولد الشيعة و نكاحهم و حياتهم في الاجسام المتحققة و النفوس المطلقة التي تحققها و اطلاقها بالنسبة الي تحقق هذه الاجسام کنسبة الاجسام الي الاعراض و الذوات الي الاعراض فما تحقق هذه الدنيا عند الاولي الا كتحقق الظل عند الشاخص و الله يهدي الي سواء السبيل.

قال: سؤال ما وجه ما ورد في بعض الاخبار و ما معناه ان الخضر7 يجي‏ء و يسلّم علينا و نحن لانراه مع انهم: متمكّنون من شهود الارواح في الاجسام البرزخية الاخروية كما ورد في الرواية عن مولانا اميرالمؤمنين7 ان هي الا صحبة مؤمن فكيف بمن كان بعد في الدنيا؟ ثم ما معني طي الارض في الظاهر في زمان يسير بالاجسام العنصرية بل في عالم المثال ايضاً لان القاطع للطريق و المقطوع  فيه في الظاهر و الباطن متناسبان و الطفرة هناك كالطفرة هنا.

اقول: اعلم ان للائمة: ثلاثة احوال: الاول حال المعاني و في

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 424 *»

تلك الحالة قال الصادق7 لنا مع اللّه حالات نحن فيها هو و هو نحن و هو هو و نحن نحن و ايضاً الي هذا المعني اشارة الحجة7 في دعاء رجب بقوله و مقاماتك [و علاماتک ظ] التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الا انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و روّاد و في هذه الحالة مقامهم اعظم مما اشرتم اليه.

و الثاني حال الابواب و في تلك الحال هم باب الوجود و علة كل موجود فهم في هذه الحالة لايصل من فعل اللّه شي‏ء الي شي‏ء من خلق اللّه الا بواسطتهم و لايصعد عمل و لا دعاء الي اللّه الا بواسطتهم. و الثالث حال الامام و هو انه امام مفترض الطاعة حجة اللّه علي العباد مشارك لساير الخلق في جميع احوالهم قال تعالي و ماجعلنا هم جسداً لايأكلون الطعام و ماكانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد و هذا في حق الانبيا و هو جار لائمة الهدي: و في هذه الحال لايعلمون اذا اتاهم الخضر حتي يخبر بنفسه او انهم يلتفتون الي احدي الحالتين السابقتين. و اما معني انه يجي‏ء و يسلم عليهم و هم لايرونه بمعني انه يهتف بهم، فالمراد انه يأتي في غير هذه الدنيا و يهتف بهم بحيث تظهر صورته في هذه الدنيا و ذلك لفائدة فيسمعونه و لايرونه لانهم مشاركون في هذه الحال لغيرهم و اذا التفتوا رأوا و هو معني قولهم الحق: اذا شئنا ان نعلم علمنا و قولهم ان اللّه يعطي وليه عموداً من نور يري فيه اعمال الخلايق كما يري احدكم الشخص في المرآة و قوله تعالي و كل شي‏ء احصيناه في امام مبين و قوله تعالي و من عنده علم الكتاب و الكتاب هو القرآن و قد قال تعالي فيه ولكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شي‏ء. و اما قول علي7 لحبة العرني في حق الارواح ان هي الا محادثة مؤمن او مؤانسة كذا في الحديث لاصحبته فليس بعجيب من احوالهم فان الامر اعظم و اعظم و اعظم.

و اما معني طي الارض فهي تطوي للامام7 حتي يبلغ المشرق و المغرب في طرفة عين فله فيه احوال فمرة ان الارض اذا وضع رجله في المشرق التقي المغرب به لاجل المعجز بحيث يقرب منه بقدر خطوة و ينضغط

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 425 *»

ما بينهما من الاجزاء كانضغاط الحبال و العصي التي القتها السحرة في عصا موسي حين تلقّفتها فاذا وضع رجله في المغرب لان بينهما الان خطوة امتدّت الارض و رجعت علي ما كانت في اقلّ من طرفة عين و ذلك بالنسبة اليه خاصة و الي من يريد له ذلك دون سائر الخلق واللّه علي كل شي‏ء قدير. و مرة ينتقل به الجزء الذي هو عليه من المشرق الي المغرب له و لمن اراد في طرفة عين كذلك. و مرة بجسمه الشريف يقطع المسافة البعيدة اقلّ من طرفة عين لان جسمه الشريف الطف من عقول المؤمنين كما روي عنهم ان اللّه خلق اجسامهم من عليين و خلق قلوب شيعتهم من فاضل طينتهم و المراد بالفاضل هو الشعاع يعني ان اجسامهم نسبتها الي قلوب شيعتهم كنسبة المنير من النور و هو واحد من السبعين. فاذا كان ذلك كذلك و انت بقلبك تحيط بالمشرق و المغرب و الدنيا و الاخرة في اقل من طرفة عين و قلبك من شعاع اجسامهم فما ظنك باجسامهم؟!

فان قلت ان لهم اجساماً عنصرية و صوراً بشرية يشاركون غيرهم فيها فكيف لاتعوقهم؟ قلنا ان شاؤا عاقتهم و هو ايضاً معجز و ان شاؤا عملوا بمقتضي حقايق ذواتهم لان بشريتهم و عنصريتهم مع انها الطف من بشرية غيرهم و عنصريته بمراتب كثيرة اذا نسبتها الي نوريتهم و تجرد نفوسهم كنسبة الذرة الي السموات و الارض و اعظم من ذلك و لا شك ان ما هو بمنزلة الذرة لايعوق ما هو اعظم من السموات و الارض. و لهذا اذا وقف النبي9 في الشمس لايبين له ظل مع بشريته و ثيابه. و لقد صعد ليلة المعراج ببشريّته و ثيابه حتي تجاوز السموات السبع و الحجب و لم‏يلزم منه الخرق و لا التيام و ان قلنا بعدم جوازها في الافلاك لما قلنا و قد بينا وجه ذلك في اجوبة المسائل القطيفية. و الوجه في امثال هذه المعاني ان الجسم و النفس و العقل كلها وجود واحد لكنه فيه لطيف و كثيف و كثافة الكثيف من جموده و تنزّله مثل كثافة الثلج بالنسبة الي الماء فانه لجموده و تنزله. فاذا خلص الجسم من كثافات الذنوب كان بحكم النفس فلو شاء ولج في سمّ الخياط. و قولكم لان القاطع او المقطوع فيه متناسبان صحيح و لايحصل طفرة كما تقدم فان لطيف الجسم يلطّف الجسم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 426 *»

الكثيف بفاضل لطافته اما تري ان الحجر الغاسق يستنير بفاضل نور الشمس و السراج فاين الطفرة فافهم.

قال: سؤال ما معني الحاق الاولاد بالاباء في الجنة و الاولاد ما اكتسبوا بعد و لم‏يخرجوا من الاجمال الي التفصيل و تنمية البذر و البلوغ الي رتبة الشجرية مثلاً و موضع التنمية و التعفين في ارض القابليات و مهاوي النزول العنصرية في هذه الدار لا الدار الاخرة الباقية القريبة و لا البعيدة و ان لم‏نضائق في القول بالترقي في الجملة كما هو الحال في طي البرازخ و يظهر من قوله تعالي و لدينا مزيد اذ هو حصاد ذرع ذُرِع في هذه الدار لا مطلقاً فهم ينبغي ان‌يكونوا كالاكمه او كالخفافيش التي لاتطيق ضوء الشمس. نعم لابأس في اصل الالحاق في الجملة لا مطلقاً الاّ مع القول بحصول التكميل بمقتضي الاستعداد لئلايلزم التعطيل.

اقول: قال اللّه تعالي و الذين امنوا و اتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم و ما التناهم من عملهم من شي‏ء اخبر سبحانه ان المؤمنين اذا اتبعتهم ذريتهم في الايمان الحقوا بهم كرامة للاباء و تفضلاً للابناء سواء كانت الذرية في هذه الدنيا بلغوا التكليف و نقصوا عن رتبة آبائهم الا انهم مؤمنون لاجابتهم في عالم الذر الذي هو بالفعل ام لم‏يبلغوا التكليف في هذه الدنيا ان كان اجابوا في الذر الثاني الذي هو بالقوة فانهم قد اكتسبوا خيراً حين اجابوا في الاول بالفعل و في الثاني بالقوة لان اللّه سبحانه حين حكم في سابق علمه و محتوم حكمه لايقوم له احد من خلقه بحقه تفضّل علي من اطاعه في شي‏ء اذا كان مؤمناً بما يحبه و تشتهيه نفسه قال تعالي فمن يعمل من الصالحات و هو مؤمن فلا كفران لسعيه قال من الصالحات اي بعضها فلما كانت الذرية مؤمنة الحقهم بآبائهم لاجابتهم و لمحبة آبائهم و شفاعتهم فيهم فكانت اعمالهم التي اكتسبوها و دخلوا بها الجنة اجابتهم في الذر و انتسابهم الي آبائهم و شفاعتهم فيهم. و اما انهم لم‏يخرجوا من الاجمال الي التفصيل فهذا يجري في الذرية الذين لم‏يبلغوا حد التكليف في هذه الدار و ليس كل الذرية الملحقة بابائهم لم‏يخرجوا من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 427 *»

الاجمال الي التفصيل كما قلنا.

و اما تنمية البذر و البلوغ الي آخره، فاعلم ان ما في هذه الدار من ظاهر التكليف تقرير و تفريع علي ما سبق في الذر و من اعتذر في هذه الدنيا بجهل و قد وصل اليه علم في الذر و لايعذر و من لم‏يصل اليه في الذر علم تفصيلي و لا اجمالي لايلزم عليه و لايعاتب الا بعد ان‌يعلم يوم القيمة واللّه سبحانه اخبر عن طوائف من هذه الذرية انهم علموا في الذر و ان لم‏يظهر منهم علم في الدنيا بقوله تعالي الست بربكم قالوا بلي فقال للملائكة اشهدوا علي اقرارهم فقالت الملائكة شهدنا ان‌تقولوا اي كراهة ان‌تقولوا انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرك اباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم يعني و لم‏نعلم بما كان من آبائنا و هو ظاهراً في ان من الذرية الذين ماوصل اليهم البيان في الدنيا من علم قبل الدنيا في الذر و لهذا اشهد علي اقرارهم ملائكته.

و التعفين في ارض القابليات له مراتب كثيرة منها قبل خلق عقل الكل و منها فيه و منها في الروح الكلية في النفس الكلية و في الطبيعة و في الهباء و في الافلاك و في السحاب و الارض و النبات و المعدن و الاصلاب مع الارحام و في هذه المراتب كلها قد حصل التعفين في ارض القابليات و مهاوي النزول و لكل رتبة عناصر بنسبتها الي ان وصل الكون الي هذه الدار. ثم تكرر الولادات من الخروج الي الدنيا و منها الي القبور و هكذا الي المحشر و هكذا و بالجملة، فلهم اكتساب طبيعي من جهة القابلية و من جهة التكليف الوجودي و منهم من له ثواب التكليف الشرعي الا انه لم‏يصل الي رتبة ابيه في الجنة فيلحقه اللّه بابيه في درجته كرامة لابيه و في الحقيقة انه يناله ثواب حسنات من فاضل حسنات ابيه فيثاب عليها فينال بذلك و بالفضل درجات ابيه.

و قولكم لا الدار الاخرة الي آخره، مبني علي ظاهر الامر و اما الامر الواقعي فهو ان التكليف كله جري في القدر في عالم الاظلة و تقريره و تأكيده تكليف الدنيا لمن محض الايمان محضاً و محض الكفر محضاً و غيرهم يرجي تكليفهم الي يوم القيمة و هم المذكورون في الاخبار مثل رواية زرارة عن ابي‏جعفر8 قال [اذا ظ] كان يوم‌القيمة احتج اللّه علي سبعة علي الطفل [و ظ]

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 428 *»

الذي مات بين النبيين و الشيخ الكبير الذي ادرك النبي و هو لايعقل و الابله و المجنون الذي لايعقل و الاصم و الابكم فكل واحد يحتج علي اللّه عزوجل قال فيبعث اللّه تبارك و تعالي اليهم رسولاً فيؤجج لهم ناراً و يقول ان ربكم يأمركم ان‌تثبوا فيها و من وثب فيها نجا و كانت عليه برداً و سلاماً و من عصي سيق الي النار انتهي. و هذا التكليف الذي هو العرض علي الفلق و هو بعينه قبل هذا العالم في الذر كان معني الست بربكم قالوا بلي هو العرض علي الفلق فكان الزرع و التنمية في الذر الاول و الذر الثاني و في هذه الدنيا و فی الاخرة و لكل مرتبة اهل. و الحاصل كل من لم‏يمحض الايمان و الكفر محضاً فمن ذرعهم و تنميتهم ما يأتي يوم القيامة و هذا لا اشكال فيه و لا توقف عندي فيه.

و اختلف العلماء في اطفال المشركين و الكفار نقل محمدتقي المجلسي رضي‌ اللّه عنه في شرحه علي الفقيه قال: فيه مذاهب كثيرة فذهب بعضهم الي انهم من خدم اهل الجنة لقوله تعالي فطرة اللّه التي فطر الناس عليها و قال رسول‌اللّه9 كل مولود يولد علي الفطرة و لم‏يقع منهم ما يوجب العقاب و يريد صاحب هذا القول انهم علي فطرة الاسلام في الباطن. و اما الحكم بالحاقهم بابائهم في الكفر فهو حكم شرعي في الدنيا قال رضي اللّه عنه و ذهب بعضهم الي انهم اصحاب الاعراف و في الاخبار ما يدل عليه. اقول: و هذا القول مجمل و بيانه ما قلنا من تجديد التكليف بالعرض علي نار التكليف يوم‌القيمة قال رضي اللّه عنه و ذهب جماعة الي انهم تابعون لابائهم في دخول النار و لايلحقهم ضرر النار و لاغيرها. اقول: و هذا القول ليس بشي‏ء اذ لادليل عليه بل الدليل علي خلافه. و قوله: و لايلحقهم ضرر النار و لاغيرها، لايدفع عنه الاعتراض عليه. قال رضي اللّه عنه: و جماعة الي انه يحتج عليهم بتكليف في القيامة فان اطاعوا ادخلوا الجنة و الا ادخلوا النار. اقول: هذا حق ثم اختلفوا يعني اهل هذا القول في انه هل يطيع منهم احد ام لا؟ اقول: من جوّز اطاعة بعضهم فقد اصاب. قال رضي اللّه عنه: و ذهب جماعة الي التوقف و هو الاسلم لولا الاخبار. اقول: لا معني للتوقف. قال: رضي اللّه عنه و جماعة الي انه لو علم اللّه انهم لو بقوا و كلفوا اطاعوا ادخلوا الجنة و الا ادخلوا النار و حجتهم اخبار لاتدل علي مطلوبهم. اقول:

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 429 *»

ما ذكرنا قام الدليل عليه عقلاً و نقلاً.

و اما اطفال المؤمنين فقالوا انهم ملحقون بابائهم و لاتكليف عليهم و لعل هذا هو المعروف عند اكثر العلماء لما دلت عليه اطلاقات بعض الروايات مثل حديث تناكحوا تناسلوا فاني مباه بكم الامم الماضية و القرون السابقة يوم القيمة و لو بالسقط و انه ليقف محبنطئاً علي باب الجنة الخ. و في توحيد الصدوق عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابيه: قال ان اولاد المسلمين هم موسومون عند اللّه عزوجل شافع و مشفّع فاذا بلغوا اثني‌عشرة سنة كتبت لهم الحسنات فاذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات انتهي. و فيه باسناده عن الحلبي عن ابي‏عبد اللّه7 قال ان اللّه تبارك و تعالي كفل ابراهيم و سارة اطفال المؤمنين يغذّونهم من شجر في الجنة لها اخلاف كاخلاف البقر في قصور من درّ فاذا كان يوم القيمة البسوا و طيبوا و اهدوا الي آبائهم فهم مع آبائهم ملوك في الجنة انتهي. و في رواية ابي‏بصير ما يقرب من هذا المعني. و الذي انا عليه من الاعتقاد انهم ايضاً مسئولون لمفهوم قوله تعالي و اتبعتهم ذريتهم بايمان. و لما رواه زرارة رايت اباجعفر8 صلي علي ابن لجعفر7 صغيراً الي ان قال فقلت له سئل عنهم رسول‌اللّه6 قال نعم سئل عنهم فقال6 ان اللّه تبارك و تعالي اعلم بما كانوا عاملين ثم قال يا زراره اتدري ما قول اللّه اعلم بما كانوا عاملين؟ قال فقلت لاوالله. فقال للّه عزوجل فيهم المشية انه اذا كان يوم القيمة احتجّ تبارك و تعالي علي سبعة علي الطفل و ساق الحديث بمعني الحديث السابق في السبعة المحتجّ عليهم. و لما تدلّ عليه احاديث النطف التي تقع علي البقول و الثمار فما اكلها مؤمن او كافر الا و خرج من صلبه مؤمن انتهي. و احاديث الذر فمن ثم يلد المؤمن الكافر و الكافر المؤمن. و ما ورد في تفسير قوله تعالي يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي و امثال ذلك و الادلة العقلية ايضاً و ما ورد مما يوهم ان المؤمن يلحق به ابنه و ان اطفال المؤمنين مع آبائهم مما تقدم و غيره فالمراد منها ما كان من اهل الاجابة في الذر. و الي هذا اشاره9 بقوله اللّه اعلم بما كانوا عاملين و لما ورد ان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 430 *»

المؤمن اذا زني لايولد له مع ان من المعلوم خلاف ذلك فيكون المعني لايولد له من الزنا مؤمن طاهر و انما يولد له ولد زنا و ليس بولد له شرعاً فلايولد له. فاذا ورد اولاد المؤمنين فيعني الاولاد المؤمنين لا كل ما تولد منهم. و لهذا رد كلام نبيه نوح7 حيث قال ان ابني من اهلي قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح.

و اما ملاحظة الترقي في السير فهو من الولادة لا من التولد الذی هو مترتب علي البذر و الذرع لان الولادة لها حكم غير حكم الذرع من ان المولود قد يتبدل عن طبيعة ابويه بالتعلم و المصاحبة و المخالطة و الاغذية و الاهوية و الاوضاع الفلكية و امثال ذلك و اضدادها و لا ريب انها اعمال و اكتسابات فيشقي بها السعيد و يسعد بها الشقي و يقصر بها السابق و يسبق بها المقصر و يجري هذا في الصغار كما يجري في الكبار بل في الجمادات كما يجري في الحيوانات. و الي هذا المعني اشار اميرالمؤمنين7 بقوله لتبلبلنّ بلبلة و لتغربلنّ غربلة و لتساطنّ سوط القدر حتي يعود اعلاكم اسفلكم و اسفلكم اعلاكم و ليسبقنّ سبّاقون كانوا قصّروا و ليقصرنّ سبّاقون كانوا سبقوا انتهي.

و اما تأويل قوله تعالي و لدنيا مزيد فهو مما اشرنا اليه من ان المزيد ليس ظاهراً من الاعمال و الاكتساب فلايدخل في الزرع لانه قال و لدنيا مزيد و ما عنده ليس في الظاهر من العمل و المزيد ظاهراً في الفضل لا في العمل. و اما في الباطن فهو من العمل الوجودي لا التشريعي و الاباء و اطفالهم بل و الجمادات فيه سواء لايختلفون الا من جهة صفاء القابلية فلايكونون كالاكمه و لا الخفافيش لان ما نقص من صفاء قابلياتهم و من اعمالهم الوجودية يكمله فاضل حسنات آبائهم و ما نقص من تكميل ذلك الفاضل بفضل اللّه تعالي يكمله و اللّه ذو الفضل العظيم. و اما مقتضي الاستعداد الذي عبّرنا عنه بالقابلية و الاعمال الوجودية فهو بعض اسباب التكميل كما ذكرنا فراجع و لا تعطيل في الوجود بجميع مراتبه لانه سبحانه خالق كل شي‏ء و هو سبحانه علي صراط مستقيم الذي احسن كل شي‏ء خلقه.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 431 *»

قال: سؤال قال الشيخ محمد القمري في السر الرباني الذي كتبه في علم الميزان حاكياً عن الجلدكي في نهاية الطلب فان اقتدر مقتدر علي استخراج الماء الحلّال بحيث اذا القي فيه شي‏ء من النفوس و الارواح و الاجساد و البرادات ينحلّ و يتغرّق فانه يصل بذلك ان كان عالماً باستخراج الجزء الصالح منها و زوال العرض الفاسد في اسرع الاوقات و اقربها. و ظاهره انه لو القي فيه مادة اكسير القوم لبلغ الي حدّ التفصيل و تمييز المياه الثلاثة عن الارض و امتياز المياه الثلاثة بعضها عن بعض فهل هو كذلك ايها التحرير؟ اذ يقال لي ان لاينبئك مثل خبير و لاتكتفون ببلي و نعم بل تبسطون ببسط الكيفية موائد النعم. و العجب انهم قالوا لايبلغ في العالم شي‏ء رتبته مادة علمنا و لايكتفون بالمياه الحاصلة منها و يطلبون الحلّالة الحاصلة من غيرها كالمعشر.

اقول: يريد به ما مثّل به الجلدكي للجوّاني بالبراني لان الجلدكي في كتابه هذا شارح للمكتسب و هو موضوع للجواني ولكن لما كان البراني بل جميع ما في العالم لايكون فيه شي‏ء من ذات او صفة الا و هو في الجواني فيمثل له في اجزائه و اركانه و طرقه بما يشابهها من البراني و ما كان في البراني من النفوس كالكباريت و الزاجات و من الارواح كالزيابق و من الاجساد كالمعادن و من الارضين كالبرادات اذا طهرت من الغرايب التي فيها حتي يستخلص منه الاجزاء الصالحة و حلّت في المياه الحلّالة كالمعشر و مرمياسوس و تعقد و تحلّ حتي تثبت و تكون مصابرة للنار ثم تجمع بنار السبك بعد تعديل موازينها و طبايعها علي طبق ما يراد من شمس او قمر فان حارّها اذا التقي بباردها سخّنه الحارّ بنسبته قواه و برّده البارد بنسبة قواه. و كذلك الرطب مع اليابس فتعدل اعتدال المراد فيتولد منها مزاجه فيكون علي الحقيقة كاملة لان اصل جميع المعادن منطرقها و غيره مركب من زيبق و كبريت و اختلفت المعادن بحسب كميتهما و كيفيتهما و صفائهما و نضجهما و عدمه. فاذا عدّل الكم و الكيف في الطبيعة بالوزن الحق كالقطب المراد و الصفاء و عدمه بازالة الغرائب و النضج و عدمه بطبايع بعضها مع بعض بتمازج بعضها ببعض بالسبك وصل المدبّر لذلك

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 432 *»

بالتدبير الحق في اسرع الاوقات و اقربها و هو يشير الي نظائر تلك الاشياء من الكم و الكيف و التصفية و النضج المقصود من العمل الجواني فان فيه الزيبق و الكبريت و الجسد و الماء الحلّال الذي شبّب بنوشاذره في آخر مرتبة النبات و هو الذي عناه الشذوري في قافية الهاء بقوله:

و هذا هو المدفون بين رموزنا   و هذا هو المدفون فيما خبيناه
و هذا هو السم الذعاف فعش به   هنيئاً فقد نال المني من تمنّاه
علي انه لو سقّي النيل دانقاً   هدافاً بماء فاتر منه هرّاه

و قال ايضاً في قافية الميم يصف الماء و حلّ الجسد به فيه قال:

و صيّرهما باليبس صخراً فانما

عقدت بها منه لعاب الاراقم

و قد نلت سمّاً يفسخ الجسم مسّه

بلمس بنان او بشمّ الخياشم

و قد يطلق الحلّال علي الماء الاول لانه هو الذي يحرقون به الارض و يهدمون به الصخر الا ان المراد به في كلامه هذا حيث مثّل بالماء الحلّال في الجواني كمثل مرمياسوس و المعشر انما هو هذا الماء الالهي بعد تشبيبه بالنوشاذر فانه يحلّ جسد ارضهم و يقيّد ارواحها و يقطع شعلة كباريتها بدليل قوله في اسرع الاوقات. و اما ان ظاهره انه لو القي فيه مادة الاكسير الخ, فهذا لايبعد من الصحة اذا دبّر علي ما بيّنوه ولكنه من الاعمال البرانية و طرقها كثيرة مذكورة في الكتب الخذخذيّة و فيها اعمال صحيحة باصباغ لونيّة ثابتة لا كونيّة نعم اذا سلك بها تدبير الجواني كوّنت باذن اللّه تعالي و اكثرها لايصح.

و اما ماكان من العمل بتعديل الموازين علي ما ذكروه فهو صحيح كوني لا تكويني بمعني انه يكون

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 433 *»

ذهباً او فضة صحيحة في الواقع ولكن لايكون منها الاكاسير المكوّنة و ان حصلت منها الصابفة [الصابغة خ‌ل] الثابتة المكوّنة [الملونة خ‌ل] الا بالتدبير الانساني بان تأخذ المادة و ان كانت مختلفة برّانية فتجعلها كيلوساً ثم كيموساً ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم تكسوها لحماً ثم تنفخ فيها الروح الفرفيريّة فهناك تقوم مولودك و هو كريم بالكرم المعروف و بالاجساد الناقصة الضعيفة برّ عطوف شجاع يهزم الصفوف و لايكترث بالالوف.

و اما ما يتعجّب منه انهم قالوا لايبلغ في العالم شي‏ء الي آخره، فقد اشرنا الي ذلك فيما تقدم من ان مادة حجرهم تحصل من كل شي‏ء في العالم لانه لايوجد شي‏ء في الارض من الربع المسكون من جماد و نبات و حيوان الا و هو مركب من الطبايع الاربع الا انه قد تكون في شي‏ء معتدلة و في آخر متفاوتة و الحكيم يأخذ مادة الحجر من شي‏ء تكون الطبايع فيه معتدلة اعتدالاً انسانياً و لهذا كان الاكثر اخذوه من الشعر لانه شقيق الانسان فتكون الطبايع فيه معتدلة كالانسان. و بيانه ان الانسان اذا اكل طعاماً طبخته معدته فاخذت الصفو منه و يسمي كيلوساً و قذفت الطبيعة ثفله بولاً و غائطاً ثم تطبخ الكيلوس كيموساً فمنه يتكوّن الغذاء و منه النطفة التي هي مادة الحجر الذي يكون منه الانسان الادمي و تقذف الطبيعة ثفل الكيموس الي اقطار البدن فيتكوّن منه الشعر فصفوه ينبت في الرأس. و منه النطفة التي هي مادة الحجر الذي يكون منه الانسان الفلسفي فهو شقيق الانسان و اخوه الاصغر لامه. فاعتدال الطبايع تقارب اعتدالها في الانسان حتي ان من يعمل منه عمله لايحتاج الي جميع الاوزان و يقول ان الطبايع فيه معتدلة و لايتخلّف شي‏ء منها عن مقتضاه لان الطبيعة لاتغلط.

و ان اخذ الحكيم المادة من الاشياء المختلفة احتاج الي الوزن و التعديل بالحق و هو تأويل قوله تعالي و زنوا بالقسطاس المستقيم اي الطبيعي و لاتبخسوا الناس اشياءهم يعني الاركان الاربعة و لاتعثوا في الارض مفسدين كالتسعة الرهط الذين يفسدون في الارض و هي التساقي الثلاث و الست فان بكل واحدة يخرج من الارض مفسد حتي تكون مقدسة مباركاً فيها للعالمين. و باقي السؤال اشرنا اليه في كلامنا هذا.

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 434 *»

قال: سؤال و من المشكلات المهمة الاستبانة اللازمة الابانة و الاعانة علي الطالب للعلم بها من قديم الزمان المتشبّث بذيل الاستعانة ممن يعتقد انه مؤيد من عند اللّه سبحانه، ما ذكره بعض افاضل علم الحروف في الاستنطاق و تحصيل الجواب من اي سؤال اريد علي الاطلاق و ها انا اذكره من الضابط و ان طال رجاء لازالة الاشكال من جنابكم المفضال اذا انتم ممن تشدّ اليهم الرحال و السفر ان‌شاءاللّه من بقية خير آل عليهم صلوات الملك المتعال و ارجو منكم الشرح الوافي و البسط التام الكافي و ايضاح ما لعلّه يستشكل و ابراز ما لم‏يبرزه او سوّل و هو في تحصيل جواب المعوّل او من جملة المتمّمات العمل بايراد مثال معمول و تطبيق القانون عليه و حلّ جميع ما استشكل من المسؤول. و ارجو ان يكون كساير اجوبتكم الشريفة المستوفية للكلام علي المقاصد و المهام بحيث لم‏يؤت بما يدانيه فضلاً عما يساويه من سبق من العلماء المشاهير الاعلام مرآة لمشاهدة كمالاتكم و لسان صدق موجباً لرفع درجاتكم بالثناء المتوافر و المدح المتكاثر ممن يشاهده و ينتفع به من الاكابر. قال ذلك الفاضل: و اعلم انك اذا اردت استخراج سرّ من الاسرار الظاهرة و الباطنة فخذ لها طالع السائل و طالع المسئلة و انطق بحروف اوتاده الاربعة و استنطق الاعداد مع حروفها و استفتح الجواب فانك تجد السؤال بلفظه او بمعناه.

اقول: اما هذا الفن فلم‏استعمله و لم‏يكن عندي من مصنفاته شي‏ء و ليس لي به انس الا ما افهم من العبارة فان كانت صحيحة تامة قلت بما اعرف فيها و الا فالخطاء بيننا مقسوم و هذا هو الميسور و لايسقط بالمعسور. فـقوله: خذ طالع السائل، هو ان‌تسأل عن اسمه و اسم امه و تحسبهما بالجمل الكبير و تسقط اثني‏عشر اثني‏عشر فما بقي من العدد مما لم‏يتجاوز الاثني‏عشر فتعدّ بقدره من البروج الاثني‏عشر مبتدئاً بالحمل فما انتهي اليه العدد فهو طالع السائل. و اما طالع المسألة فانظر حين اتاك السائل اي برج هو طالع الدنيا فهو برج المسألة و اوتاده في الحالين رابعه و سابعه و عاشره و استنطاق اعداد حروفها علي هذه القاعدة هي كسور كل حرف من الكسور التسعة و هي النصف و الثلث و الربع و

ا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 435 *»

الخمس و السدس و السبع و الثمن و التسع و العشر و هي التسعة الكسور علي كل قاعدة كافية في الاستنطاق و قد يحتاج الي انصاف ما يزيد علي الخمس من السدس الي العشر كنصف السدس و نصف السبع و نصف الثمن و نصف التسع و نصف العشر تقوية لقوي الحرف اذ كانت ضعيفة و ليس بمطّرد فالاقتصار علي الكسور التسعة مطرد لخصوص لفظ اسم الكسر و تعيّنه فينسب الي ابيه المتولد منه بخلاف النصف فانه لم‏يتولد من خصوص الكسر بعينه بل هو اسم كلي يظهر فيما ينسب اليه و انما جاز للاحتياج اليه و يكون حينئذ ابناً لما نسب اليه بالنسبة لا بغيرها لانه بتلك الاضافة يتعيّن له فيقال عليه.

و انما اشترط اخذ الطالع في السؤال لان السؤال انما يتم كونه بشرايط وجوده. و حيث كانت الاشياء مؤجلة بالاوقات وجب اخذ الوقت في السؤال. و لما كانت الانات لم‏تكد تتعين و لهذا لم‏يوضع لكل اسم خاص به لتشابه الانات و سياليتها و اندماج بعضها في بعض و كانت اربابها متعينة متميزة بالاسماء الخاصة بها وجب اخذ اسماء اربابها فاعتبر طالع السائل لتقوم المسئلة بايراده فلطالعه جزء السببية الفاعلية و طالع المسألة لانه جزء السببية القابلية و الشي‏ء يتقوم باحد سببيه و لهذا يستغني العامل في تقوّمه بطاعة وجوده و بمعصية ماهيته. و لما كان لكل سؤال حق او باطل جواب حق، دلّ ذلك علي ان بين السؤال و الجواب نسبة هي نسبة ما بين الانثي و بين ذكرها التي خلقت من نفسه لان الانثي خلقت من نفس الذكر قال اللّه تعالي خلق لكم من انفسكم ازواجاً لتسكنوا اليها فالزوجة المخلوقة من نفس زوجها لاتقع بينهما مفارقة حقيقة لا في الدنيا و لا في الاخرة و ان تزوجت بغيره ظاهراً لاجل العلاقة الذاتية بخلاف من تزوجت به ظاهراً لغرض زائل كأن يكون تزوجها لما لها او لجمالها او لرحالها فان هذا علاقة دنياوية فانها زائلة بزوال العلاقة و لا كذلك الذاتية فهو مفرق في ابويه فالنسبة بينهم حقيقية و صادقة. و من تولد من ذي العلاقة العرضية فهو مستودع في احد ابويه فالنسبة بينهم قد تكون عرضيته و كاذبة. و روي عن علي7ان السؤال ذكر و الجواب الانثي و الكلام هنا مبني علي الوجه الاول.

فاذا اقمت

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 436 *»

السؤال الذي هو الانثي فاعلم ان بينه و بين جوابه الحق مناسبة ذاتية لان السؤال في اصل الوجود تكوّن من نفس الجواب و كما ان بين معنييهما مناسبة ذاتية و مشابهة اصلية كذلك بين ظاهريهما تلك المناسبة و المشابهة لان بين كل ظاهر و باطنه تلك المناسبة. فحقيقة هيئة الجسد تشابه حقيقة هيئة الروح و حقيقة هيئة اللفظ تشابه حقيقة هيئة المعني. و الي هذا اشار اميرالمؤمنين7 الروح في الجسد كالمعني في اللفظ. و لما كان السؤال علي ما اشرنا اليه متضمناً للجواب و قد كان بينهما ظاهراً و باطناً المناسبة الذاتية وجب ان‏يكون لفظ السؤال متضمناً للجواب. و قد قرّرنا بعض مسائلنا و في مباحثاتنا ان بين الالفاظ و المعاني مناسبة ذاتية و هي ما بين مادة اللفظ و مادة المعني من المناسبة و المشابهة و ما بين هيئة اللفظ و هيئة المعني كذلك. و بينا ان وجوه المناسبة لاتنحصر في الشخصيته بل قد تكون فيها و في النوعية بل و في طباع المستعملين كما قد كان الدلو في العربية دول في الفارسية فكان اختلاف هيئة اللفظين لاختلاف نظر الواضع الي آلة الوضع من هيئة حال الطبعين و مقتضي هذه المناسبة بين الهيئتين ان‏تكون المناسبة موزّعة فمناسب اول المشابه هو اول التشبيه و اوسطه اوسطه و آخره آخره.

فوجب ان‏تكون حروف السؤال و حروف مقوّمات قابليته لحق الجواب من الطوالع و الاوتاد و اربابها و غيرها كذلك بالنسبة الي حروف الجواب فتكون مناسبة الحرف الواحد بالنسبة الي مشابهه قد توجد في طالبه بالنسبة الي الطبايع و الغرائز كطلب الناري للهوائي او بالعكس في ترفّعه او في مواخيه كالدال و الذال او في الاعداد كالميم للدال او في المراتب الابجدية كالهاء للدال او جمع حرفي الطالب و المطلوب ليستنطقا او في ضربهما كذلك او في تضعيف الحرف الواحد كالحاء من الدال او في كسور الحرف كالدال مثلاً فان حروف قواها الجيم و الهاء و الميم و التاء او في حاصل و مستحصل او غير ذلك. و لاجل كل مناسبة طريق يخصّها علي ما اشتمل عليه سفر آدم7 فانه مشتمل علي ثلاثمائة و ستة و ستين طريقاً.

و الذي يظهر لي ان السؤال المكتوب جميعه من طرق متعددة و ان كان لو جمعت في

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 437 *»

طريق واحد صحت و كانت اكمل لما ذكروا ان المركب كلما كثر تكليسه و تكريره و سقيه ازداد نعومة و قوة حتي ابن‌ارفع‌الرأس الشذوذي قال فيما ذكر: ان‌تبسط اسم الطالب ثلاثمائة و ستين مرة و تكسّره مع حروف ذلك البسط خالصاً فانه يفهم منه جميع احوال السائل من الماضي و الحال و المستقبل انتهي. و اول هذا السؤال قاعدة مبنية علي اعتبار الكسور كما يأتي ذكره. و بيان ما اشرنا اليه من توجيه اخذ احد هذه الطرق نعرفها من جهة الدليل القطعي لا من جهة اني عارف بكيفية هذه الاستعمالات لاني غير عارف بها و لم‏اكن بصددها و لا اتعاطاها و ليس لعدم جواز الاستعمال شرعاً بل لعدم الاطلاع المفيد و لعدم الطلب.

قال سلمه اللّه نقلاً و بيان ذلك انك تنظر الي طالع السائل و طالع المسئلة فتخرج عدد حروفه بالجمل الكبير.

اقول: الاكمل في العمل اخذ طالع السؤال و طالع السائل و اوتادها و اليوم و الساعة و طبع القمر و اسم السائل و الشهر و عام السؤال من الهجرة النبوية و رب الطوالع و اليوم و الساعة و الحملة مع ذلك كله اخذ طالع المسؤول و المراد من اخذها هنا اخذ اعدادها بالجمل الكبير لتستخرج حروف كسور الحرف كما يأتي مثاله و لكل طالع تأخذ رابعه و سابعه و عاشره و اربابها و تستخرج حروف كسور حروفها و كذا تفعل بحروف السؤال.

قال نقلاً مثاله اذا كان الطالع برج الحمل تأخذ رابعه السرطان و سابعه الميزان و عاشره الجدي و هو اقواهم.

اقول: هذه اوتاد الفلك و عليها العمل و في كل سورة اخذت الاوتاد كانت مشتملة علي طبايع العناصر الاربعة النار و الهواء و الماء و التراب و قصد ذلك هو احد الاسباب الموجبة لاخذ الاوتاد لان ذلك من اسباب حصول الجواب بالتوليد من السؤال و الطوالع و اربابها و ما يلحق بذلك من الاوقات و لوازمها كما مرت الاشارة اليه. و كون الرابع اقومهم لعل المراد منه ان كونه اخيراً يقتضي تمام السببية كرتبة الحيوان للادوار الاربعة و لاجتماع قوي الشي‏ء في

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 438 *»

تمامه.

قال نقلاً فتسقط من كل برج حرفي التعريف ثم تنظر مايخص كل حرف من الاعداد المنطقة الي النصف و الثلث و الربع الي العشر من غير كسر ثم تبسط تحت كل حرف ما يخصه من اعداد العناصر.

اقول: انما لم‏تحسب الالف و اللام لعدم اختصاصها بما تدخل عليه من الاسماء فلا تأثير لها في شي‏ء من السببية لاتمام السببية و انما تؤخذ حروف الكسور لان الكسور اجزاء قوي الحروف المنطقة و المستنطق منها مستنطق من الحرف و متولد عنه بل منه فهو اب لتلك الحروف و هي من حيث كونها متولدة اولاده و المراد بالمنطقة الكسور التسعة الناطقة بكسرها. و قوله: تحت كل حرف، انك تكتب الحرف ثم تلحقه في سطره بحروف كسوره ثم الحرف الثاني ثم حروف كسوره و هكذا و اما تقسيمها الي العناصر فيأتي في العمل الاخر.

قال نقلاً مثاله في طالع الحمل المذكور فترسم ح م ل فللحاء من العدد ثمانية لها النصف و الربع و الثمن و العشر و نصف العشر لمن يريد يدقّق و هي ك ي هـ د ب ثم اللام لها من العدد ثلاثون لها النصف و الثلثان و الثلث و السدس و العشر و هي ك هي ج و هكذا تفعل بساير الاسئلة و حروف البروج و كل كلام ينطق به من ساير الموجودات من الانس و الوحش و الهوام.

اقول: هذه العبارة فيها غلط و انما كتبتها بصورتها ليتبيّن ذلك فيعرف به ما في نسخة الاصل المنقول منها هذا السؤال. و بيان المراد ان للحاء من العدد ثمانية له النصف و الربع و الثمن فحروفها د ب ا و الميم اربعون لها النصف و الربع و الخمس و الثمن و العشر فحروفها ك ي ح هـ د و اما نصف العشر فلايعتبر علي القاعدة و الا لوجب اعتبار ثلثة و ربعه و خمسه و سدسه و كذا اعتبار نصف ثلثه و ربع ثلثه و هكذا فتكون لبعض الحروف حروف كثيرة لحصول كثير من الكسور لكثير من الكسور و لكسورها كسور لان ارادة التدقيق لاتنحصر في نصف العشر اذا صحت فيه لعدم الخصوصية و اللام ثلثون لها نصف و ثلث و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 439 *»

خمس و سدس و حروفها يه ي و هـ . و اما ذكر الثلاثين فلايجري علي القاعدة ايضاً و لو صحّ لجاز الخمسان و الثلاثة الاخماس و الاربعة الاخماس و كذلك الثمن و الثمنان و هكذا و كيفية بسط حروف حمل و كسورها هكذا ح د ب ا م ك ي ح هـ د ل يه ي و هـ . و كذلك تفعل بحروف باقي الاوتاد و اربابها و الاوقات كاليوم و الساعة و السنة و الشهر كذلك فاذا اردت ان‌تضم اليه قطب الاقاويل و هو البيت المذكور في الزايرجة البستية لمالك بن‌ وهب من تلامذة ابي‏العباس البستي و هو هذا البيت:

سؤال عظيم الخلق حزت فصن اذا   غرائب شك ضبطه الجد مثلا

تبسطه هكذا س و ا ل ع ظ ي م ا ل خ ل ق ح ز ت ف ص ن ا ذ ا غ ر ا ي ب ش ك ك ض ب ط هـ ا ل ج د د م ث ث ل ا فيحصل منه عندك ثلاثة و اربعون حرفاً لان الحرف المشدد حرفان فتثبت شك هكذا ش ك ك و الجد هكذا ا ل ج د د و مثّلا هكذا م ث ث ل ا فاذا بسطت السؤال و حذفت المتكرر منه و زدت فيه حرف عدد المحذوف و اردت نظمه بحروف قطب الاقاويل فاحذف من القطب كل حرف وجد في بقية السؤال و تأخذ حرفا من القطب و حرفا من السؤال الي اخراج المزج فاذا نقص الممزوج عن ثمانية و اربعين حرفاً فتمّمها بنونات التنوين في القطب و هو نون تنوين سؤال و اذا و شك و من نونات السؤال و ان شئت ان‌تكمل العدد بحروف العلة و ا ي و ان شئت ان‌تضم علي هذا النحو قطب الامثال و هو

لعمرك ماتدري الضوارب بالحصي        و لا زاجرات الطير ما اللّه صانع

و بسطه هكذا ل ع م ر ك م ا ت د ر ي ا ل ض و ا ر ب ب ا ل ح ص ي و ل ا ز ا ج ر ا ت ا ل ط ي ر م ا ا ل ل هـ ص ا ن ع فانه تام باعتبار الموازين الموسيقية فلايحتاج الي التميم ثم تأخذ حروف الاوتاد الاربعة كما ذكر سابقاً مع حروف اربابها فتنظم الجميع في مربع ثمانية و اربعين في مثله بالتكسير الصغير المشار

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 440 *»

اليه سابقاً تأخذ حرفاً من السؤال و حرفاً من القطب و حرفاً من الاوتاد فاذا عمرت المربع فان لقطت بالمفتاح سطراً ظهر الجواب بالصواب و مثال وضع الحروف في المربع في اسم محمد هكذا

م ح م د
د م ح م
م د م ح
ح م د م

و اذا اردت اخذ المفتاح من هذا فخذ الحروف الاربعة التي هي اطراف القطيرين اول حرف من السطر الاول و آخره و اول حرف من السطر الاخير و آخره و هي هنا م د ح م و تجمع عددها اثنان و تسعون و تسقطها باسقاط النار تسعة تسعة و الباقي الذي لم‏يزد عن تسعة هو المفتاح. و ان شئت باسقاط الهواء اثني‏عشر اثنی‌عشر و ان شئت فباسقاط الماء خمسة‌عشر و ان‏شئت فباسقاط التراب ستة‌عشر و ان شئت فباسقاط احد و عشرين و ان شئت فباسقاط المنازل ثمانية و عشرين فاذا استعملت احدها فخذ الباقي و القط به فانه المفتاح فان شئت اسقطت اثنين و تسعين كما مثّلنا باسقاط النار تسعة تسعة بقي اثنان فالقط في المثال بالباء علي مشي الفرس مثلاً م د م ح م ح م د د م ح م ح م د م. و ان شئت فيمشي الفرزان ففي المثال م م م م د د د د م م م م ح ح ح ح و ان شئت ان‌تلقط ببافي رب الساعة مثلاً لوكانت ساعة السؤال الرابعة من يوم الاحد فربها القمر فاذا اسقطته باسقاط النار تسعة تسعة بقي سبعة حرفها الزاي فالقط به ففي المثال تأخذ اول الشكل و سابعه و سابع سابعه و هكذا فعلي مشي الفرس م ح ح ح م م م د م م م ح د م د د. فاذا كسرت البقيّتين و الطوالع و اربابها كما ذكرنا فقد يظهر الجواب في آخر سطر من الرابع و هو السطر الذي يكون بعده الزمام و ان لم‏يظهر فان لقطت ظهر. و ان شئت اخذت نظائر آخر سطر و يكون العمل

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 441 *»

علي النظائر فتكسرها سطر المؤخر في سطر واحد يظهر الجواب و الطرق كثيرة.

و منها انه يؤخذ عدد السؤال بالجمل الكبير و تستنطقه و تردّ عشراته الي الاحاد و المأت الي العشرات و الالوف الي المأت فلوكان عدده مثلاً الفاً و خمسمائة و اربعة و عشرين كانت حروف د ك ث غ فاذا قهقرته كان و ن ق ثم تزيد عليها حرف عددها و هو ثلاثة و هكذا و ن ق ج ثم تبسطها هكذا و ا و ن و ن ق ا ف ج ي م، و تحذف المتكرر هكذا و ا ن ق ف ج ي م، و تزيد عليه حرف عدد المحذوف و هو اربعة هكذا و ا ن ق ف ج ي م د، و تبسطها هكذا و ا و ا ل ف ن و ن ق ا ف ف ا ج ي م ي ا م ي م د ا ل. ثم تأخذ حروف طالع المسألة و طالع السائل و اسمه و طالع المسئول و اسمه و اوتاد الطوالع و حرف ساعة السؤال و يومه و شهره و عامه من الهجرة النبوية و ارباب جميعها و تبسط الجميع و تحذف المتكرر و تزيد علي الباقي حروف عدد المحذوف و حروف عدد الباقي مع حروف عدد المحذوف كما مرّ و تجعل الجميع من البقيّتين سطراً واحداً ثم تكسرها في مربع بيوته بعدد ما عندك من حروف الجميع باي طريق من التكسير ثم تستبدل باخر سطر منه نظائره فكسّر نظائر صدر المؤخر فان خرج الجواب قبلها او فيها و الا فكسّر النظائر في مربع كما مرّ و القط بحرف المفتاح يظهر الجواب ان لزمت الصواب عن الخطاء. و لك ان‌تلقط بحرف باقي درج الشروق بان‌تنظر كم مضي من الشروق الي طالع السؤال من درجة ثم تسقطه سبعة سبعة ان امكن و تلقط بحرف الباقي بالفرس او بالفرزان او بالفرس دوراً بالفرزان دوراً و امثال التلقط بهما معاً م ح ح م د م م د د م م د م ح ح م.

قال نقلاً و تنظر ما الغالب من العناصر و القوي و ما يتألف من تلك الحروف من الالفاظ و ذلك هو جواب المسألة كائناً ما كان؟

اقول: الغالب من العناصر بان‌يكون احدها اكثر حروفاً فان تساوت في الحروف فاكثر الحروف عدداً كالقاف و الياء فان القاف غالب لان عدده اكثر و كل ما كثر العدد كان اقوي لان الاعداد هي القوي و كلما كثرت القوي كان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 442 *»

اقوي فان تساوت في الاعداد فاقواها في الطبيعة كالنار اقوي من الهواء و هو اقوي من الماء و الماء اقوي من التراب و بيانه كما يأتي مثل استخراج قوي عناصر اسم زيد فالزاي لها من الكسور سبع و هو الف و للياء نصف و خمس و عشر و هي هـ ب ا و للدال نصف و ربع و هما ب ا فكان ا هـ ب ا ب ا و العناصر هكذا نار(ا ا ا هـ) تراب (ب ب) فكان قوي عناصر اسم زيد نار و تراب علي ترتيب الافلاك فالغالب النار لان حروفها اربعة و التراب اثنان فتعمل بالحروف النارية و تحذف الترابية و تزيد علي النارية حرف عدد الترابية هكذا ا ا ا هـ ب فحينئذ الي ما خلصته من حروف الطوالع و اربابها او الي حروف القطب كما يذكره فيما بعد.

قال نقلاً قال فصل في الاستدلال علي الضماير الخفية بالقوانين الحرفية مثاله لو سئل عن مريض ما علته و ما دواء علته؟ فمره ان‏يسمي شيئاً علي مرضه يجعل ذلك الاسم قاعدة مع طالع المسألة و العناصر و الفصل الذي يسأل فيه و اليوم و الساعة و ان شاء التدقيق مثلاً يسمي السائل المرض باسم فرس.

اقول: بالقوانين الحرفية يريد به كما تقدم ذكره و كما يأتي من اخراج كسوره و طبايعه و حذف المكرر و مزجه بالقطب و الاوتاد و اخراج اوتاد الحروف كما يأتي و اللقط كما مرّ او بالنظائر و تكسيرها.

و قوله: فمره ان‏يسمي شيئاً علي مرضه الی آخره، هو قوله و ان شاء التدقيق فيقول مثلاً اخبرني ما مرضي الذي انا سميته فرساً. و قوله: و الفصل الذي يسأل فيه، يريد به ان من اسباب المرض الفصل مثلاً فصل الربيع يقتضي زيادة الدم و فصل الصيف يقتضي زيادة الصفراء و فصل الخريف يقتضي هيجان السوداء و فصل الشتاء يقتضي هيجان البلغم فيكون الفصل من اسباب المرض فيدخل اسمه في حروف السؤال.

قال: فاثبت حروف الاسم مع اعدادها المنطقة بيانه الفاء لها من العدد ثمانون وترها م ك ي ح د.

اقول: نصفها اربعون و ربعها عشرون و خمسها ستة‌عشر و ثمنها عشر و عشرها ثمانية فهي مع وترها ف م ك يو ي ح فهذا الخط غلط لان كسر الكسر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 443 *»

لايعتبر فلايؤتي بالدال و لم‏يذكر الخمس و هو من الكسور المنطقة و لايقال انه مركب و امر حسابهم مبني علي القلة و الخفة لانا نقول انه يقهقر به فتؤخذ له صورة حسابه فيكون ز فيصير الحرف مع وتره ف م ك ز ي ح.

قال: ثم الراء لها من العدد مأتان وترها ق ن م ك ي.

اقول: بيانه ان نصف المأتين مائة و ربعه خمسون و خمسه اربعون و ثمنه خمسة و عشرون و عشره عشرون و ليس يؤخذ نصف عشره كما مر فيكون ر ق ن م كه ك. و بعد تقهقر المركب يكون ر ق ن م ز ك.

قال: ثم السين لها من العدد ستون وترها م ل ك ي د د [هـ هـ خ‌ل]

اقول: فيه ما تقدم بيانه ان السين [الستين خ‌ل] لها نصف و لايؤخذ الثلثان كما تقدم سابقاً و الا لاخذ السدسان و الخمسة الاسداس و لها ثلث و لها ربع و لها خمس و لها سدس و لها عشر فتكون س ل ك يه يب ي و فاذا قهقرت المركب كان س ل ك و ج ي و.

قال: فاذا بسطت حروف الاسماء لاتجد عنصرين متساويين فانظر ايهما اكثر عدداً و حروفاً فاحكم له بالغلبة علي الاخر.

اقول: قوله لاتجد عنصرين متساويين، يريد انك اذا نظرت الي هذه الحروف و اوتارها و قسمتها علي العناصر الاربعة لايكاد يتفق منها عنصران متساويان في عدد الحروف و لا في عدد مراتب الطبايع و لا في عدد القوي بل لو كانت متساوية في عدد الحروف اختلفت فمنها حارّ و منها بارد و منها رطب و منها يابس و لو تساوت هنا لماكانت قسمته علي الطبايع متساوية و لو تساوت في الطبايع لاتكاد تتفق في مراتبها فمنها مرتبة و منها درجة و منها دقيقة و منها ثانية و هكذا و العمل بعد تساوي العدد في الحروف و في عدد القوي علي الغالب في الطبيعة فان الدرجه من النار اقوي من درجة الهواء بست و الهواء اقوي من الماء بست و الماء اقوي من التراب بست علي اختيار بعض و علي اختيار اخيرين درجة النار اقوي من درجة الهواء و التراب باثنين و من درجة الماء بست و المشهور عندهم ان الرتبة ثلاثون من الدرج و الدرجة ثلاثون من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 444 *»

الدقايق و الدقيقة ثلاثون من الثانية و الثانية ثلاثون من الثالثة و الثالثة ثلاثون من الرابعة و الرابعة ثلاثون من الخامسة. و عند جابر بن حيان الرتبة بعشر من الدرج و الدرجة بعشر من الدقايق و هكذا.

و اما اختلاف الحروف في عدد القوي فظاهر كما ينطق به ترتيب ابجد الالف واحد و الباء اثنان و الجيم ثلاثة و الدال اربعة و هكذا و معني الجواز تساويهما في العدد حتي ينتقل الي الغالب في الطبايع و تساوي مجموع كل من القسمين للاخر كما لو كان الحروف النارية مثلاً ا ط، و الحروف المائية ج ز فان كلاً من القسمين متساويان في العدد الحرفي و في العدد الابجدي فينتقل الي الغالب في الطبايع فالالف رتبة في النار و الطاء دقيقة و الالف و الطاء علي اختيار المشهور تسعمائة دقيقة و ثلاثون دقيقة و الجيم رتبة في الماء و الزاي درجته [درجة خ‌ل] فعلي المشهور تسعمائة دقيقة و ثلاثون دقيقة فاذا نسبنا الالف و الطاء من جهة قوتها بالنسبة الي الماء علي اختيار البعض المتقدم ذكره كان خمسة آلاف دقيقة و اربعمائة دقيقة و ست دقايق و الجيم و الزاي تسعمائة و ثلاثون و علي اختيار الاخرين يكون الفين و سبعمائة دقيقة و ثلاث دقايق و الجيم و الزاي علي حالهما علي قول جابر يكون الالف و الطاء علي اختيار البعض ستمائة و ست دقايق. و علي اختيار الاخرين ثلاثمائة و ثلاث دقايق و الجيم و الزاي مائة دقيقة و عشرون دقايق علي الحالين فيجب اخذ الالف و الطاء لقوّتهما فتحذف الجيم و الزاي و تأخذ حرفهما فتضيفه الي الالف و الطاء فيكون هكذا ا ط ب.

قال: و انظر اسم المطلوب ايضاً من غير بسط و ضم اليه عدد حروف عناصره و لفظه و كذلك اسم الطالب و احكم للاكثر و الاقوي بالغلبة.

اقول: مما يضم الي السؤال اسم المطلوب من غير بسط بان‏تذكر الحروف انفسها منفردة مثلاً المطلوب العلم ع ل م هكذا من غير بسط فلاتكتب ع ي ن ل ا م م ي م، و انما تكتب كالاول ثلاثة احرف فالعين و اللام من التراب و الميم من النار فالعمل علي عنصر التراب لان حروفه اكثر فيحذف الميم و يضمّ الي العين و اللام حرف عدد المحذوف و هو الف و هكذا ع ل ا، هذا ان كان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 445 *»

علي اخذ الحروف عبيطة و ان‏تصرف فيها كما هو مذكور هنا فالعين سبعون لها نصف خمس و ثلاثون و خمس اربعة‌عشر و سبع ‏عشرة و عشر سبعة فهي مع وترها علي تقهقر المركبة ع ل ه ي ز، و اللام لها نصف و لها ثلث و لها خمس و لها سدس و لها عشر فهي مع وترها كذلك ل يه و ه ج، و الميم اربعون لها نصف و لها ربع و لها خمس و لها ثمن و لها عشر فهي مع وترها م ك ي ح ه.

فاذا اردنا معرفة طبايعها كتبنا العناصر هكذا نار (هـ هـ هـ م) هواء (و و و ي ي) ماء (ج ز ک) تراب (د ح خ ل ع) فنظرنا فوجدنا اكثرها حرفاً الهواء و التراب. و الهواء علي المشهور و اختيار البعض اربعة و ثلاثون الف ثانية و عشرون ثانية و التراب سبعة و عشرون الف ثانية و تسعمائة ثانية فالعمل علي احرف الهواء و علي اختيار الاخرين العمل علي التراب لان الاحرف الهوائية ثلاثة آلاف و سبعمائة و ثمانون هذا علي تقرير ترجيح الطبايع علي الاعداد. و اما علي ترجيح الاعداد علي الطبايع كما هو المعروف عند الاكثرين فالعمل هنا علي الترابية لان عددها مائة و عشرون و عدد الهوائية اثنان و اربعون فاذا اخذنا الترابية اسقطنا الباقي و الحقنا الباقي بحرف المسقط مثاله د ج ح ل ع ج، و عملنا فيه كما مرّ.

قال: و صفة استخراج قوي العناصر نار تراب هواء ماء نار (م م م ج د) تراب (ن ي ي ي و) هواء (و ک ک ک) ماء (ل ح د)

اقول: هذه الكتابة فيها تغيير غلط علي تقدير فعل اللّه [المصنف خ‌ل] لانه لايعد الكسر المنطق اذا كان ينطق بحرفين و بعد نصف العشر و لايذكر في التمثيل نفس الحرف و ان كان في العمل لابد من تقديمه علي كسوره و انما يقتصر علي ذكر الكسور لاجل التمثيل و بيان تصحيح التمثيل كما ذكره ان الفاء لها نصف و ربع و ثمن و عشر و نصف عشر و هي م ك ي ح د، و الراء لها نصف و ربع و خمس و عشر و هي ق ن م ك، و السين لها ثلثان و نصف و سدس و نصف سدس و عشر و هي م ل ي ه فاذا استخرجنا عناصرها كما ذكر تكون هكذا نار (هـ م م م) تراب (و ن ي ي ي) هواء (ک ک ک ق) ماء (ح ح ل) و فيها نصف العشر

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 446 *»

في كسور الفاء و كذا في الراء و في السين الثلثان و نصف السدس و ليست هذه من الكسور و انما هي كسور الكسور فاما ان‌يكون غلطاً في النسخة او اصطلاحاً جارياً بلا ضابطة و القاعدة فيما ذكرت لك.

و الحاصل ان العمل في مثال الفرس علي الترابية كما ذكر و لو ادخل كل حرف مع كسوره في استخراج عناصرها كما هو الحال في العمل كان هكذا نار (ف هـ م م م) تراب (و ن ي ي ي) هواء (س ک ک ک ق) ماء (د ح ل ر) كان اعتبار الترجيح منحصراً في النارية و الترابية و الهوائية كتساوي حروفها فترجع الي الترجيح بالاعداد فيكون الاعتبار بالهوائية لان عددها مأتان و عشرون و النارية مأتان و خمسة و الترابية ستة و ثمانون فالغلبة للهوائية.

و اما حروف فرس علي قاعدتنا فنقول الفاء ثمانون لها نصف و ربع و خمس و ثمن و عشر فوترها بدونها م ك ز ي ح. و للراء نصف و ربع و خمس و ثمن و عشر فوترها ل ك و ج ي فاذا اردنا استخراج عناصرها فصلناها كما مرّ نار (م م) تراب (و و ي ي ن ج) هواء (ز ز ز ک ک ک) ماء (ق ح ل) فالعمل علي ما ذكرناه علي الهوائية فاذا اردت العمل اخذتها و اسقطت ما سواها و تلحق بالهوائية حرف عدد الساقطة بعد الحاق حروف فرس بها فالفاء تلحق النار و تأخذ لها واحداً و الراء تلحق المائية و تأخذ لها واحداً و السين تلحق الهوائية. فتثبت فتكون حاصل المأخوذ بعد الحاق حروف عدد المسقط ج ز ز ك ك ك س ق ي او علي ما ذكره و ن ي ي ي ي ا. و اعلم ان ترتيب الطبايع مختلف فيه فمنهم من يرتّب علي ترتيب البروج كما ذكره هنا في مثاله و هو عمل صحيح و منهم من يرتّب علي ترتيب العناصر و منهم من يفصّل فيقول ان كان العمل بما يتعلق بالاجسام فعلي ترتيب العناصر و ان كان بما يتعلق بالنفوس فعلي ترتيب البروج و هذا ايضاً صحيح.

قال: فوجدنا في هذه العناصر الاربعة الغالب عنصر التراب فطبعه بارد يابس فعلمنا ان المرض من السوداء.

اقول: انما حكم بذلك لما تقدم من ان الحروف و الاسماء بمنزلة الظاهر من المسمي و الظاهر يدل علي الباطن فلما حصلت هذه الحروف علي الترتيب

ا

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 447 *»

الطبيعي دلت علي طبيعة ما وضع بالتأليف له و هو كما قال.

قال: ثم الفنا من الاحرف كلاماً علي النسبة الحرفية فوجدنا موضع العلة في الخلق و وجدنا ما يوافقه حقنة و من الاشربة شراب الليمون فهذا ما خرج من اعداد حروف الفرس.

اقول: المراد بالنسبة الحرفية ما اشرنا اليه من تكسير الحروف و تقسيمها الي الطبايع او ترفّعها او تقسيمها الي مراتب الاعداد من الاحاد و العشرات و غيرهما و هو ان‌تبسط السؤال بصورة حروفه مصدّراً بقولك يا علام الغيوب و تأخذ عدد الحروف المعجمة و تستنطقها و كذلك الحروف المهملة و حروف عدد الاحاد من السؤال و العشرات و المأت و الالوف ثم ترفع الاحاد الي العشرات و العشرات الي المأت و المأت الي الالوف و تستخلص الحاصل فتأخذ خلاصته بيّنات الخلاصة ثم حروف اعداد البينات ثم تكسّر الجميع صدر المؤخر و تأخذ النظائر السبعة. و منها يظهر الجواب مثاله زيد تبسطه ز ي د عدد منقوطه ب، و عدد مهمله ا، و احاده ب، و عشراته ا. فعدد حروف الاسم ثلاثة و عدده احد و عشرون فخلاصة الجميع ب ا ب ا ج ا ك. فترفّعها الي ما فوقها هکذا ب ا ب ا ج ا ک (ک ي ک ي ل ي ر) (ر و و ق ش ق غغ ا ل ف ي م) و بينات هذه و المراد بالبينات باقي اسم الحرف اذا اخذته من اسمه بقي البينات فالف بيناته لف و حروف عدد البينات و ا ح د ث ل ث و ن ث م ا ن و ن ع ش ر هـ ا ر ب ع و ن. فتجمع هذه الحروف المتقدمة مع حروف عدد البينات هكذا ب ا و ا ب ا ح د ج ا ث ل ك ك ث و ي ك ن ث ي ل هـ ا ي د ن و د ق ن ع د ق ش د س ق هـ ا غ غ ا ل و ن ف ي م فاذا اسقطت المكرّر كان ب ا و ح د ج ث ل ك‏ ي ن هـ ر ق غ ش ع ف م فكسّرها صدر المؤخر و خذ نظائرها و النظائر التي تحتاج اليها هذه الطريقة سبعة و هي نظائر ايقغ و ابجد و اهطم و احست و افسج و ابهش و ابتث و صورها علي الترتيب المذكور (ا ي ق غ ب ك ر ج ل ش د م ت هـ ک ت و س خ ز ع ز ح ف ض ط ص ظ)، (ا ب ج د هـ و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ)،

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 448 *»

(ا هـ ط م ف ش ذ ب و ي ن ص ت ض ج ز ک س ق ث ظ د ح ل ع ر خ غ)‌، (ا ح س ت ب ط ع  ث ج ي ف خ د ك ص ذ هـ ل ق ض و م ر ظ ز ن ش غ)، (ا ف س ج ي ل ع م هـ ض ر ز ط غ ث ب ح ظ ن خ ق ک و ت س ص د ذ)، (ا ب هـ ش ح ذ ل ج ق و ط ص س ن ن ف ع ظ ز ت ک ع ر خ ي د ض م)، (ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ک ل م ن و هـ ي)

قال: فصل في استخراج قوي العناصر من الاسماء العلمية مثاله محمد فضع العناصر الاربعة علي هذه الصورة نار (ا ا ا ا ا هـ هـ م م م) تراب (ب ب ب ب ي ي ي ي) هواء (ک ک) ماء (د د د د ح ح ح ح ل) يخرج لك ما في كل عنصر بالهجاء و العدد تجد الغلبة لعنصر النار في هذا المكان.

اقول: بيانه ان الميم كسورها ك ي ح هـ د ب ا فهو هنا عدد العشر و نصف العشر و ربع العشر و ادخل الميم بنفسها كما هو في صورة العمل فتكون الميم و كسورها و كسور كسورها هكذا م ك ي ح هـ د ب ا، و الميم الثانية كذلك م ك ي ح هـ د ب ا، و الحاء مع كسورها د ب ا، و الدال مع كسورها د ب ا. فاذا رسمناها علي ما عمل كان هكذا نار (ا ا ا ا هـ هـ م م) تراب (ب ب ب ب ي ي) هواء (ک ک) ماء (د د د د ح ح ح) فتكون الغلبة للنار و لكثرت حروفها فالفاتها اربعة و هاءان و ميمان و في النسخة غلط لان الفاتها خمسة و الخامسة من اين جاء؟ و الميم الثالثة كذلك؟ فان قيل انه يعدد المشدد حرفين. قلنا لو عدّها حرفين لعدّ كسورها و في التراب اربع ياءات و اثنان غلط و الحاءات ثلاث و الرابعة زائدة في الماء و كذلك اللام زائدة لانها ان عدّ ثلاثة ارباع الميم فينبغي ان‏تذكر مرتين لكل ميم لام، هكذا ينبغي علي ترتيبه.

و اما علي ما ذكرنا سابقاً فكسور الميم معها م ك ي ح هـ د، و كسور الحاء معها ح د ب ا، و كسور الميم الثانية معها م ك ي ح هـ د، و كسور الدال معها د ب ا، فاذا وضعنا العناصر لوزنها كان نار (ا ا هـ هـ م م) تراب (ب ب ي ي) هواء (ک ک) ماء (د د د د ح ح ح) فتكون الغلبة للماء لانه اكثر حروفاً هذا مقتضي القاعدة. و لا اعلم مقصوده فان هذا الذي ذكره علي ظاهره مخالف للقاعدة فان كان ما ذكره علي ظاهره ليس فيه رمز و

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 449 *»

لا تغيير و لا غلط فهذه الزايرجة لاتصحّ و ان ظهر الجواب صحيحاً لايطابق الواقع و ان اتفق في بعض الاحوال مطابقة ما.

قال: فحينئذ تضيف الاسم الي الوتر المنسوب للطالع.

اقول: المراد بالاسم المقصود فان كان في الاعمال مثلاً جذب القلوب و تحصيل شي‏ء مطلوب فهو اسم الطالب و اسم المطلوب و تضيف اسماً من اسماء اللّه معناه مناسب لمطلوبك تبتدي به اولاً ثم بعد ذلك تلحقه بالوتر و هي حروف الطالع و رابعه و سابعه و عاشره كما مرّ.

قال: او البيت الموضوع لكل سؤال يقع و هو شعر:

سؤال عظيم الخلق خرت([3]) فصن اذا   غرايب شك ضبطه الجد مثّلا

هو وتر مشهور و امر مسطور في استخراج الحوادث الكونية و الاسرار الغيبيّة.

اقول: يريد انك اذ اردت استخبار الامور الغائبة و الاحوال المستقبلة بطريقة الزايرجات فتضيف الاسم الي هذا البيت علي نحو ما ذكرنا سابقاً و يكون المراد بالاسم هنا السؤال و اسم السائل و الحاجة. هذا اذا اردت الجواب يأتي منظوماً و تمزج البقيّتين من السؤال و من القطب كما تقدم باحرف اللّه الهادي الخبير تبتدي اولاً بحرف اللّه و ان اردت ان‏يأتي الجواب منثوراً فضمه الي قوله تعالي نصر من اللّه و فتح قريب.

قال: و ان اردت التصرف في الاشباح و جذب القلوب و الارواح فارسم حروف اسم الطالب و حروف اسم المطلوب مع اعدادهما المنطقة و كسرهما مع الخارج منهما من الاعداد من الحروف المصطلح عليها ثم وفق القطر بالنسبة الحرفية وفقاً مربعاً حرفياً و ارسم حوله زمام التكسير في طالع سعيد و اتل عليه قسم برهتيته او قسم البرجيس فاحمله فاتك تجد العجب العجاب من جذب القلوب و التوسل الي المطلوب.

اقول: هذا نوع من انواع الجفر و هذه الامور قد تقدم المنع منها و انما نذكر هنا الاشارة الي بعض بيان العبارة. فاعلم انهم اذا ارادوا شيئاً اخذوا اسم

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 450 *»

الطالب و اسم المطلوب مع حروف الاوتاد فان كان للمحبة و الالفة و الاتحاد و ما اشبه ذلك اختاروا لهذا العمل بسط التجامع و التضارب و التواخي و التفوق و التضاعف و التكسير فاما بسط التجامع فهو عبارة عن جميع حروف الطالب مع حروف المطلوب مثلاً محمد طالب علما فتجمع الميم و العين يكون مائة و عشرة فاذا استنطقته كان ق ي، و الحاء مع اللام ح ل، و الميم مع الميم ف و هكذا.

و بسط التضارب عبارة عن ضرب كل حرف من حروف الطالب مع حرف من حروف المطلوب ففي المثال تضرب ميم محمد في عين علم يكون الفين و ثمانمائة و تنطق ض غ غ و هكذا. و بسط التفوق ان‌تضرب كل حرف من اسم الطالب و هو ضرب باطن في باطن كالميم في نفسها يكون الفاً و ستمائة ينطق خ غ، او ضرب ظاهر في ظاهر كضرب رتبة الميم من ابجد و هي الثالثة‌عشرة في نفسها يكون مائة و تسعة و ستين تنطق ظ س ق، او ضرب باطن في ظاهر كضرب عدد ميم في مرتبته من ابجد يكون خمسمائة و عشرين ينطق ك ث. و بسط التضاعف و هو عبارة عن تضعيف الحروف فالميم ف و الحاء و ي و هكذا. و بسط التمازج هو مزج حروف اسم الطالب باسم المطلوب. و التكسير مضي مثاله.

قوله: ثم وفّق القطر، يريد به نوعاً من التكسير الصغير مثاله

8 1 6
3 هـ 7
4 9 2

فيكون اول حرف من الزمام مثلاً ميم الي آخر بيت من المربع الميم متصل تسير فيه كهيئة مشي الفرزان فهذا توفيق القطر و ارسم حوله زمام التكسير كما تري في صورة المثال. و اما قسم البرهتية فله شروط. و اما نفس العزيمة فهي برهتية برهتية برية برية تكرية تكرية تتلية تتلية طوران طوان مزجل مزجل مزجل ترقب ترقب برهش غلمش غلمش خوطير خوطير خويطيل قلنهور [فلنهور خ‌ل] قلنهور

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 451 *»

قلنهود قلنهود برشان برشان برشانة برشانة كظهير كظهير نموشلخ نموشلخ نموشلخ برهيول برهيولا برهيولا برهيولال برهيولال بمشكليخ بمشكليخ قزقز قزقز قرمز قرمز غياها كيد هؤلاء شمثخاهر شمثخا شماهر شماهر شمهاهر شمهاهر بادرخ بادرخ [بادوخ خ‌ل] و قالوا سمعنا و اطعنا غفرانك ربنا و اليك المصير اقسمت عليكم بحق هذه الاسماء و بحق العهد المأخوذ عليكم الانفاذ [الانقياد خ‌ل] فيما امرتكم بعزة العزيز المعتزّ في عزّ عزه و اوفوا بعهد اللّه اذا عاهدتم و لاتنقضوا الايمان بعد توكيدها و قد جعلتم اللّه عليكم كفيلاً تمت العزيمة البرهتيتية و لها رجز و اختتام و لها اعتصام.

قال: و ان استخرجت حروف الاسماء بالنسبة المذكورة خرج اليوم و الساعة و البخور و الدعوة و كان انجح في العمل و اسرع في الاثر كما قال صاحب القصيدة علي الوفق البرجيسي.

اقول: هذا نوع من طرق الزايرجات فيخرج من التكسير في اسم المربع اسم اليوم الاصلح للعمل و الساعة و البخور و الدعوة و ذلك اذا كسرته كما تقدم فتفقد حروف المربع تجدها فيه متصلة الحروف فان لم‏تظهر فخذ الزمام و كسّره بطريق اخر اما بوفق القطر او بصدر المؤخر بحرفين او بطريق الفرس او الفرزان او بتربيع السطر السؤال بان‌تقسمه ارباعاً و تمشي به في البيوت حرفاً من الربع الاول و الثاني من الثاني و الثالث من الثالث و الرابع من الرابع و الخامس من الاول و السادس من الثاني و السابع من الثالث و الثامن من الرابع و التاسع من الاول و هكذا و في اللفظ باحد المفاتيح فاذا تمت الشروط وقع المطلوب.

قال: و استدل علي السرعة بغلبة الحرارة و الرطوبة و علي الابطاء بالبرودة و اليبوسة و العارف الحاذق يعدّل ما نقص من الطالع باضافة الاسماء الالهية في حين اندراج التكسير علي طريق الخافية الجفرية او علي طريق الزايرجة البستية.

اقول: الحرارة و الرطوبة اذا كانت الاغلب في الحروف المكسرة كان

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 452 *»

اسرع لانها علة الكون و النمو بخلاف البرودة و اليبوسة و العارف بالفن اذا وجد الغالب عليها البرودة و اليبوسة اضاف الي حروف الطوالع من اسماء اللّه ما يوافق مطلبه او يرفعها بالترفع الغريزي بان‌يبدل من الحروف الترابية ما هو بوزنها من الهوائية و من المائية ما هو بوزنها من الناريه فان الترابية انثي و الهوائية ذكرها و المائية انثي و النارية ذكرها و ليس الذكر كالانثي او يرفعها الي الرتبة التي فوقها لكثرة قواها كأن‌يرفع الدال الي الميم و ذلك قبل التكسير علي طريق الخافية الجفرية في الاعمال في باب الطالب و المطلوب من ترتيب احست كما روي عن الصادق7 قال ما معناه خذ حروف الطالب و المطلوب من باب احست و يوضع المربع المتساوي المربع الاضلاع و الاقطار من المثلث و المربع و المخمس و هكذا الي المربع المائة و تكسير ذلك بالتكسير الاوسط و له طرق متعددة يمشي فيها بمشي الفرس و الفرزان و الرخ و الفيل و ما اشبه ذلك مما هو مذكور في محله او علي طريق الزايرجة البستية التي وضعها ابوالعباس البستي و قد تقدم كثير من طرقها الا ان الغالب في الزايرجات التكسير الاصغر و الغالب في الخافية الجفرية التكسير الاوسط و مثال التكسير الاصغر في المربع الاول و التكسير الاوسط في الثاني. و بيان الفرق يعرف اذا رسم فيهما بالاعداد بزيادة واحد في كل بيت بالنسبة الي ما قبله في الوضع و مثال الاوسط من التكسير @

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 453 *»

و لكل من التكسيرين طرق متعددة من ارادها طلبها في مظانّها.

قال: و اعلم ان في الحروف ما هو قبلي و بعدي و القبلي احد‌عشر حرفاً و هي (ب ج هـ ح ط ي ك ل م س ف) و البعدي منها ايضاً احد‌عشر حرفاً و هي (ع ن ص ق ش ت ث خ ض ظ غ) فهذه الحروف لها في المواصلات شان غريب و ما عداها للانفصال فافهم.

اقول: ان المعروف من كلام بعض علماء الفن كما هو مفهوم من كلام صاحب السر المنير في علم التكسير و هذا الكتاب قد رأيت نصفه الاول و هو مجلد بقدر كتاب الشرايع للمحقق رضي اللّه عنه و هو من اجلّ ما صنف و اجمع من غيره، و فيه قال: و من الحروف ما له اتصال قبلي و بعدي مثل ب ج، و منفصلة ليس لها ذلك و ان كان لها بعدي لم‏يكن لها قبلي كالواو و الزاي هذا كلامه. و اذا نظرنا اليها فهي اثنان و عشرون حرفاً هي قبلية و بعدية بمعني انها تتصل في الكتابة بما قبلها و بما بعدها.

و المنفصلة ستة احرف ا د ذ ر ز و، فانها تتصل بما قبلها فلها اتصال بعدي اذا وقعت بعد و ليس لها اتصال بما بعدها فليس لها اتصال قبلي كالاثنان و العشرون المذكورة قبلية و بعدية و استعمالها في الطالب و المطلوب له اثر يعين علي اتصال الطالب و المطلوب لما هو مبرهن عليه في علم الحكمة الالهية التي اشار النبي9 الي جملتها بقوله اللهم ارني الاشياء كما هي بخلاف الستة المذكورة المنفصلة. و اما ما ذكره هنا من تقسيم الاثنين و العشرين الي قسمين احدعشر قبلي و الاخر بعدي فلااعرف وجهه الا ان‌يريد بان الاولي لها في تقديمها مزية كما ان للاخري في تأخيرها مزية عندهم و اللّه اعلم.

قال: و اما العمل التام بهذا البيت علي الوجه المطلوب فهو ان‌تبسط هذا البيت علي هذه الصورة س و ا ل ن ع ظ ي م ا ل خ ‏ل ‏ق ح ز ت ف ص ن ا ذ ن غ ر ا ي ب ش ك ك ن ض ب ط هـ ا ل ج د د م ث ث ل ا، و هو متفكك ممتزج بلفظ السؤال علي النسبة التكسيرية و عدد حروفه ثلاث و اربعون لان كل حرف مشدد بحرفين ثم تحذف ما تكرر من المزج في الحروف و تسقط من

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 454 *»

الاصل لكل حرف فضل من المسألة حرفا يماثله و تثبت الفضلتين سطراً ممتزجاً بعضه ببعض الاول من فضلة القطب و الثاني من السؤال حتي يتم الفضلتان جميعاً ثم تضيف اليه خمس نونات لتعدل بها الموازين الموسيقية فيكمل السطر ثمانية و اربعين حرفاً ثم تضع الفضلة علي ترتيبها فان كان عدد الحروف الخارجة بعد المزج يوافق لعدد الاصل قبل الحذف فالعمل صحيح.

اقول: قد تقدم ما يفيد هنا فراجعه و في النسخة كتبت نونات التنوين. و قوله: ثم تضيف اليه خمس نونات يدل علي ان كتابتها في البسط الاول في النسخة غلط. و قوله: علي النسبة التكسيرية يريد به مثل وفق القطر كما مثلنا به و هو التكسير الصغير. و قوله: ثم تحذف ما تكرر الخ، يريد انك تحذف المتكرر من السؤال و ما يلحق به. و قوله: تسقط من الاصل، يريد به قطب الاقاويل و هو هذا البيت بيت مالك بن وهب المذكور هنا و المراد ان كل حرف بقي من السؤال بعد اسقاط المتكرر منه تسقط ما يماثله من القطب. و قوله: و تثبت الفضلتين الي آخره، يريد انك تجمع ما فضل من السؤال بعد اسقاط المتكرر و ما فضل من القطب بعد اسقاط ما يماثل حروف فضلة السؤال. و قوله: الاول من فضلة القطب يريد انك تقدم حروف القطب في المزج فتأخذ اولاً حرفاً من القطب و حرفاً من السؤال تضعه بعد حرف القطب و قد تقدم انه يجوز هذا و يجوز ان‌تقدم السؤال و توسط القطب و تؤخر الطوالع.

و قوله: ثم تضيف اليه خمس نونات، لانه يريد اكمالها ثمانية ‏و اربعين و حروف القطب ثلاثة و اربعون بنون فصن لم‏يبق في البيت الا ثلاث نونات نون تنوين سؤال و اذن و شك فتكون نونان زائدتين ليستا من حروف القطب و لا تنويناته و لا فائدة حينئذ في خصوص النون الا حيث كانت ملحقة بحروف القطب و تنويناته. فجعل بعض حروف العلة كما تقدم اولي لانها لها قيومية بجميع الحروف بل ساير الحروف شئون للالف اللينية و الواو و الياء الساكنتان تلحقان بالالف في القيومية. فحروف العلة اولي باتيان نونين ليستا من حروف القطب و لا من ملحقاتها.

و قوله: فان كان عدد الحروف الخارجة بعد المزج يوافق لعدد الاصل قبل الحذف

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 455 *»

فالعمل صحيح، مشكل و وجه الاشكال انه لايوافق حتي ‌يكون جميع فضلة السؤال موجودة في القطب لانه لايحذف من القطب الا ما يماثل حروف السؤال فابقي من السؤال بعد الحذف حروف لايوجد في القطب زادت الحروف بعد المزج قطعاً و ان لم‏يبق فينبغي ان العمل علي القطب خاصة و لا فائدة في السؤال في كل صورة لان القطب ان زاد عليه شي‏ء لم‏يكن العمل صحيحاً و ان لم‏يزد فهو كاف. فـقوله: فالعمل صحيح، ليس بصحيح. فتأمل.

قال: ثم اعمر بما مزجت جدولاً مربعاً من ضرب ثمانية و اربعين في ثمانية و اربعين و اترك في اسفله فضلة غير محفوظ [محظوظ خ‌ل] بحيث تكون جداول الطول خارجة اليها يكون آخر ما في السطر الاول اول ما في السطر الثاني بطريق التكسير حتي يعود السطر الاول بعينه و تتوالي الحروف علي الاقطار ثم استخرج اوتار الحروف و هو ان‌تربع عدد كل حرف و تقسمه علي اعظم جزء فيه فما خرج فهو وتر ذلك الحرف فتضع لكل حرف من السطر الاعلي وتره مقابلاً له بين الاسطار الخارجة في الفضلة التي في اسفل الجدول. ثم يعمل في تلك الاسطار علامة المتحرك و هي هذه هـ و علامة الساكن و هي هذه ا .

اقول: عبارة الجدول المربع كما تقدم بيانه. و قوله: و اترك في اسفله فضلة غير محفوظ [محظوظ خ‌ل] يريد ان‌تجعل في الخطوط الطولية زيادة بدون الخطوط العرضية مثاله

م ح م د
د م ح م
م د م ح
ح م د م
ف يو ف ح

و هذا مثال الجدول و مثال التكسير فيه و مثال الفضلة في الخطوط الطولية و هذا توالي الحروف فيه علي الاقطار و استخراج اوتار الحروف كما تقدم ان‌تضرب

 

«* جوامع الکلم جلد 8 صفحه 456 *»

الحرف في نفسه و تقسمه علي اعظم جزء فيه؛ يعني اعظم كسر فيه فالخارج من القسمة استنطقه و هو وتر ذلك الحروف؛ مثاله م في هذا الشكل تضرب عدده في نفسه يحصل الف و ستمائة اذا قسمته علي اعظم جزء فيه اي في الميم و هو النصف عشرون يخرج ثمانون فاذا استنطقتها كانت فاء فتضعه مقابل الميم تحته كما تري في الجدول فالفاء وتر الميم و يو هو وتر الحاء و الحاء وتر الدال و حاصل القاعدة ان كان عدد الحرف زوجاً فاضربه في اثنين و ان كان فرداً فاضربه في نفسه و الحاصل هو الوتر. و لما كان باقي السؤال مرموزاً و لم‏يكن للمجيب معرفة تامة بالعلم و يحتاج الي آلة من كتب اهل الفن و الي تجربة في الاستعمال و القلب غير مجتمع قطعت الكلام و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته. و كتب احمد بن زين الدين في سنة ست و عشرين بعد المأتين و الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها افضل السلام.

[1])) دائب خ‌ل

[2])) الهدايا لشيعة أئمة الهدى (شرح أصول الكافي للمجذوب التبريزي) ج‏1 ص107:  العساس

([3]) حزت خ‌ل.