رسالة فی احکام المستحاضة
من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم
الشيخ احمد بن زينالدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه
«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 688 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.
و بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي قد التمس مني من يجب (تجب خل) علي طاعته املاء كلمات في بعض احكام المستحاضة علي سبيل الفتوي ينتفع بها المقلد فيما تعم به البلوي و تدعوا اليه الحاجة فاستعنت بالله و توكلت عليه فانه لا حول و لا قوة الا به.
فاقول دم الاستحاضة في الاغلب اصفر رقيق بارد و هو الخارج من الفرج مما ليس بحيض و لا نفاس و لا عذرة و لا قرح و هو ما تراه قبل تمام التسع و بعد الياس و هو خمسون سنة في غير القرشية و النبطية و ستون فيهما و ماتراه بعد ايام حيضها و بعد اكثر نفاسها مما لايحتمل انيكون حيضا فيهما و انما قلنا في الاغلب لانه قد يكون احمر او اسود او غليظا او حارا لاسباب و احكام لايناسب ذكرها هنا و باعتبار الاحكام تكون الاستحاضة قليلة و متوسطة و كثيرة و معرفة كل منها ان تستدخل القطنة المعتادة الاستدخال المعتاد و تربط الخرقة بالقطنة للتحفظ فاذا جاء وقت الصلوة نظرت القطنة فاذا كان الدم لميغمس القطنة بانيبقي فيها بياض و لو قليل فهذه القليلة و حكمها انتغير القطنة او تغسلها و كذلك الخرقة ان اصابها دم و تغسل الموضع و تتوضأ للصلوة كل ذلك بلامهلة فان حصلت (مهلة خل) و تجدد حدث في المهلة اعيد العمل (الاول خل) ليحصل التوالي بلا مهلة لان الحدث ما لميحصل الانقطاع مستمر التجدد و انما عفي عن الحدث مع عدم المهلة للضرورة و لزوم الحرج لولا العفو بخلاف المهلة للتفريط فاذا تجدد حدث مع عدم المهلة لمتكلف اعادة العمل و يكون ذلك مغتفرا لما قلنا و تعمل هذا العمل المذكور لكل صلوة من فرض و نفل لاتجمع بين صلوتين من فرض او نفل بعمل واحد نعم لو صلت فريضة او نافلة و اخرجت القطنة فلم تر فيها شيئا و لو مثل رؤوس الابر بل خرجت نقية لم تتلوث بشيء قط لميجب عليها عمل مما ذكر و
«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 689 *»
لمينتقض وضوءها الا انتعلم ان انقطاع دمها عن برء فان الاحوط وجوب الوضوء عليها و لاتعتد بالوضوء الاول و ان كان الدم قد غمس القطنة جميعها بحيث لايبقي منها قليل و لا كثير ظاهرها و باطنها فلويبقي (بقي خل) منها مثل رؤوس الابر فهي قليلة كما مر الا انها آخر القلة كما ان وجود (مثل خل) رؤس الابر اول تحققها فان غمس جميعها و لميسل (لم يصل خل) الي الخرقة فهذه المتوسطة و عليها زيادة علي ما تقدم في القليلة من العمل الغسل (غسل خل) لصلوة الصبح و ان غمس القطنة جميعها كما ذكر و سال الي الخرقة و لو بقدر راس الابرة من سيلان الدم لا من لطخ القطنة فهذه الكثيرة و عليها ما ذكر في المتوسطة جميعه و زيادة غسل للظهر تجمع فيه بين الظهر و العصر ليس بينهما فاصل الا بتغيير (تغيير خل) القطنة او غسلها او غسل الخرقة و الوضوء بلامهلة و الاقامة للعصر كما تقدم و زيادة غسل للمغرب ايضا تجمع فيه بين المغرب و العشاء ليس بينهما فاصل الا ما ذكر بين الظهر و العصر فان حصلت مهلة زيادة علي التوالي عادة بحيث خرج في تلك المهلة دم وجب عليها مع ما ذكر كله غسل للعصر و غسل للعشاء فيكون عليها ثلاثة اغسال مع عدم المهلة و خمسة اغسال مع المهلظ فان اغتسلت للظهر او المغرب و صلت و اخرجت القطنة للعمل للعصر او العشاء و راتها نقية لم تر بيها شيئا يمكن انيدركه البصر فان علمت انها انقطاع دمها عن برء بمعني انه لايعود في ظنها فعليها علي الاحوط غسل للانقطاع بعد الوضوء و ينتقض وضوءها الاول و غسلها الاول و ان لمتعلم و لمتظن بل علمت العود او ظنته او شكت في الانقطاع مع تمام نقاء القطنة كما ذكر فليس عليها عمل و لا غسل حتي يتجدد حدث و كذلك القول في الوسطي بعد صلوة الصبح بالنسبة الي صلوة الظهر او صلوة نافلة و الحاصل ان الاحوط مع الانقطاع اعادة ما وجب قبله من وضوء او غسل كما بيناه بل هو الاظهر لبقاء الحدث لولاه اذ الاول انما هو للاستباحة و الاحوط ايضا اذا لمتعلم الانقطاع و لمتظنه كما سبق انتعمل الاعمال المذكورة مع تمام نقاء القطنة و عدم تجدد الحدث حتي تعلم الانقطاع اخذا بالمتيقن ثم اعلم انه ربما تكون القليلة كثيرة او متوسطة او بالعكس و انما امرت بملاحظة القطنة لتعرف حالها في القلة و
«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 690 *»
الكثرة و في النقاء و عدمه فيترتب عليه حكمه فان توضأت وصلت في القليلة ثم رأت القطنة بعد الصلوة فاذا هي مغموسة كلها بالدم و قد سال الي الخرقة فعليها الغسل للصلوة المستقبلة سواء كانت ظهرا ام عصرا ام غيرهما لانتقال الحكم الي الكثيرة و انما يجب الغسل للعصر و العشاء هنا و ان كان بدون مهلة لعدم تقدم الغسل للظهر و المغرب و لا فرق بين حصول الكثرة عند حضور الصلوة كما لو حصل عند اول الزوال او قبل ذلك كما لو حصل بعد صلوة الصبح سواءكان مستمرا الي الزوال ام اتاها لحظة ثم رجع الي قلته نعم بعد الغسل و صلوة الظهر تنظر القطنة و تعمل بماتري عليها من قلة و كثرة و انقطاع و لو نظرت القطنة فرأتها مغموسة كلها الا ان الدم لميسل الي الخرقة فان كان ذلك بعد صلوة الصبح لميكن عليها غسل للظهرين و لا العشائين لان المتوسطة لاتوجب الغسل الا لصلوة الصبح و هذه قد كانت متوسطة بعد صلوة الصبح و حكمها بعد الصلوة حكم القليلة و لا فرق في هذا الحكم بين كون صلوة الصبح عن قليلة او غيرها و لو رأت بعد العشاء كثيرة ثم رأت عند صلوة الصبح متوسطة لميجب عليها اكثر من غسل واحد كما لو رأت حيئذ عند الصبح كثيرة لان المتوسطة تساوي الكثيرة في صلوة الصبح و هكذا كلما فرغت من الصلوة نظرت القطنة لتعلم حكم العمل للصلوة التي بعدها فاذا عملت ما ذكرنا كانت بحكم الطاهر يجوز لها دخول المساجد و الصلوة و الصيام و يجوز وطؤها و غيرذلك من احكام الطاهر و لو اخلت بهذه الاعمال لم يصح صومها و لا صلوتها الا ذات القليلة فانها اذا اخلت بالعمل صح صومها دون صلوتها و الاحوط الاتدخل ذات الكثيرة و المتوسطة المساجد الا بعد الغسل الذي يجب عليها للصلوة و كذلك جماعها بل الاحوط الا يجامع ذات القليلة اذا اخلت بالوضوء الواجب للصلوة الا بعد الوضوء لانه (لانها خل) انما تكون المستحاضة بحكم الطاهرة اذا اتت بما يجب عليها من العمل لا بدونه و تدبر ما ذكرناه تجده مشتملا علي اغلب الاحكام و ان لمتجد الحكم صريحا تجده ضمنا و الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد وآله الطاهرين و كان الفراغ من تأليفها ليلة الحادية عشر من شوال سنة ثلاث عشرة بعد المأتين و الالف من الهجرة.