06-06 جواب الشيخ محمدکاظم بن محمد علي ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ محمد کاظم بن محمدعلی

 

من مصنفات الشيخ الاجل الاوحد المرحوم

الشيخ احمد بن زين‌الدين الاحسائي اعلي اللّه مقامه

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 174 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد وقع الي كلام من الشيخ العالم المنصف الشيخ محمد كاظم بن محمد علي في الاعتراض علي مسألة ذكرها بعض العلماء و قال الفقير بها و هي ان المقلد يجوز ان‌يقلد كلا من المفتيين المتساويين في مسألة واحدة في واقعتين مع اختلاف الحكمين فيها و هو مسألة اذا تساوي المفتيان فقلد العامي احدهما في حكم لم‌يجز له الرجوع عنه في ذلك الحكم اجماعا نقله المؤالف و المخالف صرح به بعض افاضل المعاصريين.

قال دام ظله العالي اذا عمل العامي بقول مجتهد لايجوز له الرجوع الي غيره في هذه المسألة و نقل عليه الاجماع المؤالف و المخالف انتهي.

اقول اعلم ان العامي مكلف بالعمل بما امره الله به يقينا كالمسائل الضرورية التي لايختلف فيها و كما لو شاهد ما الحكم منوط بوجدانه كرؤية الهلال مثلا فاذا انسد عليه طريق اليقين لم‌يكن له طريق الي العمل الا بالظن فحيث لم‌يكن ظنه معتبرا في نظر الشارع لعدم تاهله لموجب اعتبار الظن امر بالرجوع الي من يعتبر ظنه و هو المفتي المستوضح للاحكام بالطرق المعروفة عند اهلها فيجب عليه الاخذ عن ذلك المستفتي و اخذها عنه انما وجب لتعين العمل بذلك عنه حيث لايجد ما هو اقوي منه و لا مساويا له اذ لو وجد اقوي منه بحيث يكون الظن في الرجوع اليه فيما امر الله تعالي به اقوي كالاعلم و الاورع علي القول بتعينه حينئذ مثلا او حصل اليقين بما الحكم منوط به كما لو شاهد الهلال فانه يتعين عليه العدول الي الاقوي علي الاشهر و الي اليقين قطعا اتفاقا و ذلك لان رجوعه الي المفتي انما وجب لتعين العمل بالاقوي و باليقين كما ذكرناه و مع فرض التساوي لايكون لتعين الرجوع الي احد المتساويين دون الاخر معني معتبر

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 175 *»

عند العقلاء بل قصاري مايمكن تجويزه هنا التخيير او الاباحة لاستحالة ترجيح احد المتساويين علي الاخر بلامرجح و هنا (هذا خ‌ل) لا خلاف فيه بين العقلاء و الادلة قائمة عليه عقلا و نقلا و الحكم علي المجتهد اذا حصل (وصل خ‌ل) في الترجيح حد التساوي الموجب للتخيير في الحكمين عند من قال بوقوعه بلزوم ما اختاره و عدم جواز رجوعه ياتي فيه بيان الفرق بين المقامين فاذا جاز للمقلد الرجوع الي احد المفتيين المتساويين علي الاشهر او لانه يصح اشياء كل واحد منها علي الانفراد و لم‌يتعين الاعلم علي قول فيه قوة لم يتعين عليه ذلك لما قررناه من انه انما تعين عليه حيث فقد اليقين و حصل الترجيح و اذا لم‌يتعين عليه احد المعنيين (المفتيين خ‌ل) جاز الاخذ بقول كل منهما لوجود المقتضي و هو جواز الرجوع الي قول كل منهما و عدم المانع و هو وجود اليقين و عدم الترجيح بينهما و اذا جاز الاخذ للمقلد عنهما في المسائل المتعددة جاز في المسألة الواحدة لاتحاد الدليل علي الجواز في المتعددة و الواحدة و انما منعناه في المسألة الواحدة مع اختلاف الحكم في واقعة واحدة لامتناع اجتماع الامرين المتنافيين في الشيء الواحد بالنسبة الي حالة واحدة و وجه اخر انما برئت ذمة المكلف مما كلف به من العمل اذا اخذها عن الله تعالي و لو بالوسائط المنصوبة من الله للوساطة ليتصل العمل بالعلم عن الله علي النحو المذكور في موضعه و المفتيان المشار اليهما كل منهما منصوب من الله لتلك (لذلك خ‌ل) و قد تساويا في الوساطة بالنسبة الي هذا المقلد قبل ان‌يأخذ عن واحد منهما فكذا بعد ان اخذ عن واحد منهما بحكم دليل التنبيه و لايرتفع التساوي بدون الدافع و هو وجود الترجيح المانع من التساوي و الاخذ ليس مانعا كما في سائر الاشياء التخييرية و لا وجه للاستصحاب هنا كما في الكفارات المخيرة فان المكلف اذا بني امره علي الصيام في كفارة الافطار في شهر رمضان و صام في كفارة يوم من شهر رمضان يجوز له ان‌يطعم في كفارة يوم اخر اجماعا و ان بني امره في كل تكفير علي الصيام لانه لايتعين عليه بذلك ما لم‌يكن متعينا فاذا عدل الي الاخر كان عمله متصلا بالعلم عن الله بالواسطة الصالحة المنصوبة من الله لتلك (لذلك خ‌ل) فعدوله عن مرشد هاد الي مرشد هاد دخول

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 176 *»

في حق من حق لا في باطل للتساوي و بناء الامر في احد المتساويين غير مبطل للطريق الي الاخر و علي مدعي ذلك البيان بالدليل و لا معني للاستصحاب علي حد واحد لايرتاب فيه من عرف ما قررناه مكررا فافهم و اما قوله ايده الله اجماعا نقله المؤالف و المخالف ففيه تدافع لان قوله اجماعا يشعر بالبسيط الضروري و ذكر النقل ينافيه و لهذا يشترط في صحة النقل للاجماع الاطلاع الابتدائي و هذا احد معنيين (معنيي خ‌ل) اشترط الاطلاع الابتدائي فان المنقول يحتمل ان‌يكون مركبا و ان يكون محصلا عاما او خاصا و ان يكون مشهوريا و غيرذلك و كثرة‌ المخالف في المسألة كما سنذكره بعد يدل علي ان الاجماع المنقول هذا هو المحصل الخاص و هو لايكون حجة الا لمحصله و اما غيره فله نقضه و مخالفته للدليل و لهذا تري العلماء يفتون بكثير من الاحكام و قد نقل علي خلافها الاجماع اذ لايجب القبول و يتعين الا في واجب الاتباع و اما مايقوم في مستنده الاحتمال و لاسيما المساوي فلا فما ظنك بالراجح فاذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال و وسع فيه القيل و القال كما اشار اليه الخبر الذي رواه المفيد (ره) في الاختصاص عن الكاظم عليه‌السلام فيما كتب الي الرشيد الي ان قال و ما لم‌يثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله او سنة عن النبي صلي الله عليه و آله لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له الحديث، فهذا الاجماع المنقول من ذلك لم‌يثبت لمنتحليه من هذه الثلاثة الامور نعم هو حجة لمحصله بمعني صحة قوله اذا اسنده اليه بالنسبة (اليه خ‌ل) اما غيره فلايكون حجة عليه اذا وجد مايعادله او يرجح عليه علي ان الظاهر ان الاجماع المنقول مورده ليس بخصوص ما نحن فيه بل مفاده انه لايجوز له الرجوع الي الغير مطلقا و انتم لاتقولون به (بل خ‌ل) لاتجوزون الرجوع الي الغير في المسائل الاخر كما يشعر به قولكم بعد في الحكم الذي قلده فيه و تجويز ذلك تجويز للكل و منع ما نحن فيه منع للكل كما هو قول بعض و مع ذلك كله فانا نقول ان المانع انما يكون اقوي من المقتضي اذا كان معادلا له في جهة تواردهما علي نسبة الموضوع المنوط بها الخطاب لا مطلقا فيجوز ان لايكون المقتضي و الدليل الموجب

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 177 *»

منحصرا فيما ذكروا كما نحن فيه مع انحصار المانع فلايجب ان يكون اقوي في مقام الراجحية فان قيل فانا نمنع مطلقا للدليل قلنا اما الاجماع ففيه عدم مراعات الاطلاع الابتدائي و لانسلم الصحة بدونه و لانه لو كان المنقول البسيط العام او المركب لم‌يخف علي اولئك الاعلام الحاكمين في مقابلته و حاشاهم و لم‌يتعرضوا لبيانه و لا لرده و لاادعوه للخصم بل حكم من حكم علي سبيل البت و من توقف ذكر القولين و اسقط ذكر هذا الاجماع من البين و ليس لان الاجماع ليس بحجة كيف و هم الذين اصلوه و فرعوا عليه بل لعدم ثبوته لديهم كما يدعيه من يدعيه و اما صحة نقله عنهم فلايضر المانعين له لاشتراطهم في صحة النقل الاطلاع الابتدائي اذ بدونه يقوم الاحتمال و يقع الاختلال و مع حصول الاطلاع قد يكون محصلا عاما فيرتفع الخلاف لكن الخلاف موجود كما ستسمع و قد يكون خاصا فيعارضه ما يساويه و ما هو اقوي منه و الاولي لمن اراد النقش ان‌يثبت العرش ثم ينقش و قد ثبت الاقوي من الاعتبار كما سمعت و تسمع و اما من الكتاب فيحتاج الي تمهيد مقدمات لايسع المقام بيانها و اما السنة فمن طلب وجد و لايجد مانعا فيها لما حررناه و من ادعي فليأت باثارة من علم ان كانوا صادقين.

قال سلمه الله: و يدل علي ذلك وجهان آخران احدهما الاستصحاب فان المكلف حين بني امره علي تقليد احدهما دون الاخر في حكم يجب (عليه خ‌ل) العمل بمقتضي قوله بالضرورة و بعد ان بدا له في العمل بقول الآخر المخالف له في الحكم الذي قلده فيه نشك في ارتفاع الحكم السابق عنه فلنا ان نحكم ببقائه للاستصحاب.

اقول ما ذكره ايده الله قد مر ما فيه كفاية عن الجواب عنه و بيانه انه اذا قلد احدهما في حكم انما وجب عليه العمل بمقتضي قوله لان قوله احد الفردين المكلف باحدهما فالوجوب من جهة وجوب الحكم في نفسه لا من جهة تعين قوله فانه عين الدعوي اذ له ان‌يترك قوله قبل العمل و ياخذ قول الآخر و كذا بعده لانا نمنع الوجوب للتعين و الضرورة المدعي ثبوتها انما هي احتمال موهوم و قوله نشك الخ، انما يتم لو قلنا بالتعين و اما اذا قلنا بالتخيير و الاباحة فلم‌يثبت حكم

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 178 *»

معين حتي نشك في ارتفاعه فلا استصحاب بل نقول ان المكلف مخير بين تقليد من شاء منهما اتفاقا فلنا ان‌نحكم ببقاء التخيير للاستصحاب و انما منعناه في الحالة الواحدة في الشيء الواحد لامتناع اجتماع الامرين المختلفين كذلك فدليلنا هنا الاستصحاب و هذا لاريب فيه لذي عينين مضافا الي ما تقدم.

قال سلمه الله (تعالي خ‌ل): فان قلت ان حجته مشروطة بفقد المعارض و في المقام موجود و هو الاستصحاب جواز تقليد الاخر في هذه المسألة فانه قبل الرجوع الي واحد منهما يجوز (له خ‌ل) الرجوع الي كل واحد و بعد اختياره واحدا منهما و عمله بقوله في ممتد من الزمان نشك في ان التخيير السابق المجوز للرجوع الي الاخر قد ارتفع ام لا فلنا ان‌نحكم ببقائه للاستصحاب ايضا و علي هذا فيقع التعارض بين الاستصحابيين و يتساقطان في البين فرجع الي اصالة الاباحة قلت ان استصحاب جواز العمل بقول الاخر قد انقطع بسبب بناء امره علي تقليد غيره لانه حين اختار تقليده في المسألة وجب عليه العمل بمقتضاه و حرم عليه مخالفته اجماعا كالمجتهد الذي بني امره علي العمل بمقتضي احد الامارتين و عمل به فلو قلده في وجوب السورة و في تقديم الفائتة علي الحاضرة ما لم‌تتضيق و خالفه عمدا في بعض الايام كان اثما و وجب (عليه خ‌ل) قضاء ما اتي به من الصلوات اجماعا و ان كان مذهب من لم‌يرجع عنه عدم وجوب الامرين فلو لم يكن حكم من قلده متعينا في حقه لما كان كذلك فتبين علي انه علي فرض تسليم الاستصحاب نقول انه لايعارض الاستصحاب المتقدم لاعتضاده بالشهرة و الاجماع المنقول و الاحتياط فيكون اقوي و العمل به واجب عقلا و نقلا.

اقول ان اعتراضه علي نفسه ليس تاما لانه بناه علي تعارض الاستصحابيين و قد بينا سابقا ان الاستصحاب الذي ادعاه انما يتمشي علي تحقق دعوي التعين و قد بينا بطلانهما و انما الاستصحاب للجواز و اصالة الاباحة و التخيير و قوله في الجواب (ان الاستصحاب خ‌ل) استصحاب جواز العمل بقول الاخر قد انقطع بسبب بناه امره الخ، قد انقطع لان بناء امره علي تقليد المساوي ليس موجبا و لا راجحا و اختياره له (امره الخ ليس خ‌ل) ليس لرجحان ليتجه اللزوم و راجحية ذلك المقلد

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 179 *»

فلايكون في الحقيقة اختياره اختيارا و انما هو اخذ بالرخصة و الاباحة و ليست بملزمة فلا استصحاب لغير الاباحة و الجواز فلايجب عليه العمل بمقتضي قوله الا بعد ان‌يشرع في العمل الخاص في واقعة واحدة خاصة لانه لو بني امره علي تقليد احدهما جاز له العدول عنه قبل ان‌يعمل بقوله و الا كان راجحا مساويا اذ ليس معني بناء امره الا العزم و نقضه جائز و لو اخذ بقوله لزم ذلك فيما اخذ بعد الشروع في العمل في تلك الواقعة بمعني ترتب لزومها و ترتب احكامها فيها لا غير فلو قلده في طهارة البئر مثلا و توضأ و صلي ثم قلد الاخر بعد في نجاسته وجب عليه تطهير اعضائه و ثيابه من ماء البئر و لو كان التقليد الاول دائم الحكم لما حكموا بوجوب التطهير عليه و اذا جاز العدول (قبل العمل خ‌ل) لجواز نقض العزم الذي هو بناء امره جاز بعد العمل فيما يستقبل لعدم استمرار الاحكام المرتبة عليه لما بيناه فلاتحرم عليه مخالفته و الاخذ بقول الاخر في الواقعة الاخري كما لم تحرم مخالفة هذا الاخر و العمل بقول الاول و قوله حرم عليه مخالفته اجماعا ممنوع اذ لم‌نقل (لم‌ينقل خ‌ل) بوجوب اتباعه علي التعيين و من لم يتعين (يتعين خ‌ل) اتباعه لم‌تحرم مخالفته اجماعا و قوله كالمجتهد الذي بني امره علي العمل بمقتضي احد الامارتين ليس بشيء لان المجتهد ان تساوت الامارتان عنده وجب عليه عند الحاجة الي الحكم التخيير او التردد فيحتاط هو و من قلده في العمل و ان لم‌تتساوا بل ترجح احداهما (احدهما) وجب عليه الاخذ بالراجحة فالتمثيل بالمجتهد باطل و ياتي وجه بطلانه و قوله فلو قلده في وجوب السورة الي قوله اجماعا كالذي قبله لان هذا التفريع انما يتم لو سلم له ما ادعاه و دونه خرط القتاد و كذلك قوله فلو لم‌يكن حكم من قلده متعينا في حقه لما كان كذلك و قوله فتبين علي انه علي فرض تسليم الاستصحاب الخ، ايضا ليس بشيء لما قدمنا من انه لا استصحاب اصلا لغير الاباحة و الجواز و دعوي الشهرة غيرمسلمة و علي تقدير التسليم فلا فائدة فيها اذا قام الدليل علي مخالفها (مخالفتها خ‌ل) و رب مشهور و لا اصل (له خ‌ل) و الاجماع المنقول قد تقدم بما فيه فلايجدي نفعا مع المعارض الاقوي الخاص و الاحتياط انما يصار اليه عند قوة جانب المرجوح او تعادل

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 180 *»

الدليلين و هما مفقودان فلايكون اقوي و لايجب العمل به لما بيناه و نبينه و دعوي دلالة العقل و النقل منقلبة كما سمعت و تسمع.

قال ايده الله تعالي: لايقال ان الدليل الجواز لاينحصر في الاستصحاب حتي يلزم من عدم جريانه في المقام او عدم مقاومته لما مر عدمه فان لنا عليه دليلا اخر و هو قول الصادق عليه‌السلام في الصحيح انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه وجه الاستدلال انه باطلاقه دال علي جواز الرجوع في الاحكام الشرعية الي من كان عالما بها و العمل بقوله سواء كان من قلده او غيره لانا نقول الاستدلال به علي جواز الرجوع الي الغير في هذه المسألة التي قلد (قلده خ‌ل) فيها مجتهده خطأ ناش من قلة التدبر لان اطلاقه منساق لبيان وجوب العمل بقول المفتي و اما اذا عمل بقوله في مسألة فيجوز له الرجوع الي الغير اذا بدا له فليس فيه اشعار به فضلا عن الظهور الذي هو المعتبر (المعبر خ‌ل) في مدلولات الالفاظ بالاجماع علي انه بعد تسليم دلالته باطلاقه عليه لايكافيء ما مر من الاجماع المنقول لاعتضاده بالاستصحاب و الاحتياط و الشهرة العظيمة بين الطائفة بل عدم الخلاف في الظاهر الا عن شارح الجعفرية و في دلالة عبارته علي المخالفة تامل لما ستعرف و لانه مقيد و ذلك الصحيح المطلق و حمله علي المقيد واجب جمعا.

اقول ان قوله في الاعتراض ان دليل الجواز لاينحصر في الاستصحاب حق كما مر و ياتي و قوله حتي يلزم الخ، مبني علي كلامه الاول فان الاستصحاب موجود و جار و قد بينا انه ليس ثم استصحاب مقاوم له فراجع تجد صافي المنهل و قوله فان لنا دليلا اخر و هو قول الصادق عليه السلام في الصحيح الخ، فيه دليل ايضا الا انه ليس لمجرد اطلاقه لانه لايجري مع عدم التساوي علي القول المشهور باشتراطه و اما مع التساوي المفيد لعدم التعين كما قررناه او مع عدم الاشتراط كذلك فلا مقيد لاطلاقه و ما ذكر من التقييد انما يتم مع القول بالتعين و قد مر بطلانه و هذه الرواية رواية ابي‌خديجة و ليست صحيحة بالمعني المصطلح عليه الا انها بمعونة دلالة بعض الاخبار علي ما تفيده (ما تفيد خ‌ل) في الجملة اعتبرت

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 181 *»

و نقلها الشهيد في الذكري و قبلها من بعده و لا باس بها و ابوخديجة هذا و ان كان ثقة الا انه كان خطابيا و قيل انه تاب فان (صح خ‌ل) و الا فهو من اوعية السوء التي ملئت علما لتنقله (لتنقلها خ‌ل) الي الشيعة كما روي عن جعفر بن محمد عليه السلام و الكلام علي الاستدلال بها طويل لسنا بمحتاجين اليه بعد ظهور المراد و لو اردنا لكان في غيرها من الاخبار و القرآن اظهر دلالة و قوله سلمه الله خطأ ناش من قلة التدبر خطأ كذلك اذ سياق الاطلاق لبيان وجوب الاخذ بقول المفتي مع الاتحاد و لاكلام فيه و اما مع التعدد و التساوي فانه ظاهر فيما ندعيه فانه يصدق علي كل منهما انه علم شيئا من قضاياهم خرج من تلك الحالة الممتنعة و هي العمل بقول كل منهما في مسألة واحدة مختلفة الحكم في حالة واحدة و بقي ماسواها داخلا تحت ذلك الاطلاق و دعوي انه لايشعر بذلك غفلة عما نبهنا عليه و اذا سلمت دلالته سلمت من المعارض و المكافي من الاجماع المنقول و غيره علي ما بين و الشهرة لو سلمت لا تعارض الدليل اذ الشهرة انما تفيد الدليل قوة لقوة الظن في جانبها اذا لم‌يقم الدليل علي خلافها و قوله بل عدم الخلاف في الظاهر الا عن شارح الجعفرية ليس بشيء فقد قال به الشيخ علي بن عبدالعالي و الشيخ جواد و ابوطالب و الشيخ يحيي بن الشيخ حسين بن عشيرة من تلامذة الشيخ علي بن عبدالعالي و الشيخ حسين بن الشيخ مفلح الصميري و هؤلاء الثلاثة شراح الجعفرية علي سبيل الجزم و عدم التردد و الشهيد في الذكري اشار الي القول و كذا في شرح الالفية للشهيد الثاني فانه صححه حيث يقول فاذا قلد احدهما في مسألة ففي جواز رجوعه الي غيره في غيرها او فيها في واقعة اخري اقوال اصحها الجواز و اسقط ذكر الاجماع المدعي راسا لعدم اعتبار هذه (اعتباره عنده خ‌ل) لما قلنا و كذلك الشيخ محمد بن الحارث الجزائري صاحب نزهة الناظر و هو من تلامذة الشيخ علي بن عبدالعالي الميسي فانه قال يجوز ان‌يقلد مجتهدين في واجبات صلاته فيقلد واحدا في البعض و الاخر في البعض بل يجوز ان‌يقلد مجتهدين في مسألة واحدة في واقعتين كما لو قلد واحدا بان التسليم واجب في الظهر و قلد الاخر بانه مستحب في العصر و قلد اخر بان البئر ينجس (تنجس خ‌ل)

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 182 *»

بالملاقاة فلم يتوضأ بمائه و قلد اخر بانه لاينجس فتوضأ بمائه و صلي العصر صحتا الخ، هذا ما حضر عندي لعدم الالة و لو فتش شخص في كتب الاصحاب لعرفت كثرة القائل فكيف يصح قول من يقول بعدم وجود المخالف مع ما سمعت و اما قوله في كلام شارح الجعفرية و في دلالة عبارته علي المخالفة تامل فهو اعجب مما مر و اي عبارة اظهر من عبارة شارح الجعفرية في دلالتها علي ذلك فانه قال في شرح المني من الجعفرية الذي هو بل في المسألة الواحدة قال بل يجوز الرجوع في المسألة الواحدة اذا كانت في واقعتين بان يقلد احدهما فهذا (فهنا خ‌ل) بالنسبة الي واقعة و يقلد الاخر بالنسبة الي واقعة اخري لامتناع اجتماع الامرين المتنافيين في الشيء الواحد بالنسبة الي حالة واحدة انتهي، فاخرج في تعليله من افراد هذه المسألة ما يتعذر الاتيان به لا غير فاين محل التامل في دلالة هذا الكلام علي المعني المراد منه.

قال سلمه الله تعالي: الثالث الاحتياط و استصحاب شغل الذمة المستدعي للبراءة اليقينية فان المقلد لو رجع عنه الي الغير و عمل بقوله لم‌يحصل له اليقين بالبراءة بخلاف ما لو لم‌يرجع عنه الي الغير فانه تحصل له البراءة قطعا و تحصيلها في مقام اشتغال الذمة اليقينية واجب و هذا الدليل و ان كان يجري في بعض المواضع لا الجميع الا انه بضميمة عدم القائل بالفرق ظاهرا يدل علي المطلوب و هو عدم جواز الرجوع مطلقا هذا مضاف الي ان الرجوع الي الغير مستلزم لعدم العمل بقول كلا المفتيين لان المجتهد اذا اداه اجتهاده الي حكم شرعي فيصير الراجح عنده انه حكم الله في حقه و حق مقلده ماداما باقيين علي صفة التكليف و يجب عليهما العمل بمقتضاه مثلا اذا قال مجتهد ان السورة واجبة في الصلوة فمعناه انه تجب هذه فيها دائما الا في وقت الضرورة و اذا قال اخر انها غيرواجبة فمعناه انه يجوز تركها دائما و يحرم الاتيان بها بقصد الوجوب في وقت من الاوقات له و لمقلده فاذا عمل بقول الاول في بعض الاوقات و بقول الثاني في بعض الاوقات الاخر خرج عن قولهما كما لايخفي كالمجتهد الذي عمل بواحد من المتعارضين و بالاخر في اخري و الظاهر من عباراتهم انه لايجوز للمقلد الخروج عن قولهما بل

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 183 *»

يجب عليه العمل بواحد منهما قطعا فتدبر مليا.

اقول قوله سلمه الله الاحتياط قد مر جوابه و تكريره كثير و ان اريد به ترتيب شغل الذمة عليه كما هو ظاهر مراده فكذلك لانا قد قدمنا ان هذا مرتب علي التعين بسبب الاخذ بنفسه و هو ممنوع اذ ليس مجرد الاخذ و بناء امره عليه عقدا و لم‌يرد عن اهل الشرع عليهم السلام و لا عن المتلقين عنهم ما يدل عليه بل كانوا عليهم السلام يامرون المكلفين بالاخذ عن العلماء بقول مطلق من غير تقييد و كانت العوام لايعرفون هذا الامر في الصدر الاول و لا مابعده بل كان احد منهم يعمل بقول واحد منهم و يرد المكان و يري بعض الاعلام و يسمع منه و يعمل بقوله من غيره ترجيح بينهما و انما هو مجرد عدول و اقتصار و لم‌ينبهه من عدل اليه و لم‌يبينه حتي ان منهم من يأتي الامام عليه‌السلام و يقول كنا نعمل بكذا حتي قال لنا فلان بكذا فماتري فيقول اعملوا بكذا يعني بقول الاول او الثاني و لم‌ينبهوا عليه و لم‌يبينوا بل ابهموا و اجملوا من غير استفصال و الحكم بشغل الذمة بالاخذ ممن اخذ عنه مسألة واحدة جميع المسائل عنه بحيث لايجوز عن غيره و ليس له موجب الا انه اخذ عنه مسألة واحدة يحتاج الي دليل لان هذا حكم شرعي و يلزم منه انه لايجوز للمقلد ان‌يسافر عن بلد مجتهده و لو الي الحج الواجب و ان كان في الجهة التي يسافر فيها مجتهد مساو او ارجح بل و لو صحبه مجتهد كذلك لانه اذا قلده و بني امره علي ذلك كما هو المدعي و لايجوز الاخذ عن غيره و العادة قاضية بل الضرورة انه لايعلم عن مجتهده جميع ما يحتاج اليه من الاحكام و لجوازه (لجواز خ‌ل) تجددها آنا فآنا و ان كان معه المساوي فيشترط في وجوب الحج مثلا صحبة مجتهده و جواز هذا (هذه خ‌ل) في المتعددة كما يظهر من فحوي كلامه يلزم منه جواز متحدة (المتحدة خ‌ل) في واقعتين و البيان يعرف من الكلام فلايحتاج الي التطويل فالاحتياط و شغل الذمة و امثال هذه الكلمات مبنية علي مقدمات ممنوعة و قوله و هذا الدليل و ان كان يجري في بعض المواضع لا الجميع هو دليل ما مهدناه فتامل يظهر لك الحال و قوله الا انه بضميمة عدم القائل بالفرق ظاهرا الخ، فيه ان الفارق موجود و فيه ان الفارق ممنوع و فيه ان دلالته

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 184 *»

علي المطلوب كما قلنا ظاهرة لا كما قيل و قوله سلمه الله هذا مضافا الي ان الرجوع الي الغير مستلزم لعدم العمل بقول كلا المفتيين  الي قوله فتامل مليا فيه انا نمنع ان ما كان حكم الله في حق المجتهد و حق مقلده يكون في هذه المسألة في واقعتين او في المسائل المتعددة اذا كان لذلك المجتهد مساو موجود عند المقلد و دعوي ذلك مصادرة و باقي الكلام جوابه فيما مضي فلا فائدة في التكثير و فيه انما نمنع خروج المقلد بذلك عن قوليهما مطلقا بل نقول بتفصيل و هو انهما ان كان اختيارهما عدم جواز الرجوع بعد الاخذ بقول واحد فانه بالرجوع يخرج عن قوليهما و ان كان احدهما مانعا و الاخر مجوزا فعدوله الي المانع او عنه خروج عن قوله خاصة و اما الي المجوز او عنه او الي المجوزين او عنهما.

قال سلمه الله: يؤيد ذلك ان (و ان خ‌ل) جواز الرجوع يوجب اختلال النظام غالبا اذ قد تتغير دواعي المقلدين انا فانا و من ذلك يظهر ضعف القول بجواز الرجوع عنه الي الغير في الحكم الذي قلده فيه و ان كان في واقعتين كما اختاره بعض المقدسين.

اقول ما ذكره وفقه الله لطاعته من ان جواز الرجوع يوجب اختلال النظام جار في القول بعدم جواز الرجوع بطريق اولي لانه علله بتغير دواعي المقلدين و اذا تغيرت دواعي المقلدين فانصرف عن مجتهده الي مثله و ذلك جائز عند الاول و الثاني لم‌تحصل مفسدة الا في سوء ظنه و نيته مثلا مع صحة عمله و ضعف النفرة لظاهر الصحة بخلاف ما لم‌يقولا بالجواز فانه اذا تغيرت دواعيه انصرف للبواعث النفسانية بدون شائبة حق و هو انصراف ممنوع عندهما فتحصل مفاسد كثيرة منها زيادة علي سوء ظنه و نيته (نية خ‌ل) فساد عمله عندهما و قوة النفرة لحصولها من الطرفين للانصراف و لظاهر البطلان فانه يقوي سورة النفرة و يسقط اعتبار من لا ورع له و لا تقوي في الصورتين فاحتمال الاختلال مع المنع اقوي كما هو ظاهر.

قال سلمه الله: مع انه ليس في الظاهر دليل عليه بل الظاهر انه لا قائل به (به سواه خ‌ل) عدا شارح الجعفرية بل يمكن القول بعدم قوله بذلك ايضا لانه يحتمل قويا ان‌يكون مراده من قوله بل له ان‌يقلد واحدا في مسألة و يرجع الي الاخر في

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 185 *»

نقيضها لكن في واقعة اخري ان المقلد له ان‌يبني امره من اول الامر علي ان‌يقلد مجتهدين في مسألة لكن في واقعتين لا انه اذا بني امره علي تقليد واحد منهما في حكم ما دام باقيا و عمل بمقتضي قوله في بعض الاوقات فبدا له الرجوع عنه الي الغير جاز له ذلك و بين المقامين فرق و توضيحه ان التقليد يتصور بانحاء:

احدها ان‌يبني المقلد امره علي تقليد واحد (احد خ‌ل) المفتيين في جميع المسائل.

الثاني ان‌يبني امره علي تقليد واحد منهما في بعض منها و الاخر في اخر.

الثالث ان‌يبني امره علي ان‌يقلدهما معا في مسألة واحدة في واقعتين كان يبني امره علي ان‌يقلد من قال بوجوب السورة مثلا في صلوة الظهر و من لايقول بوجوبها في العصر او يبني امره علي ان‌يقلد من قال بتقديم الفائتة علي الحاضرة ما لم‌تتضيق في قضاء يوم و من قال بالعدم في قضاء يوم اخر.

الرابع ان‌يبني امره علي تقليد واحد منهما في مسألة مادام باقيا و يعمل بمقتضي قوله في ممتد من الزمان فيبدوا له الرجوع عنه الي الاخر و يحتمل ان‌يكون مراده جواز الرجوع في القسم الثالث لا الرابع بل قوله (ره) و اليه اشار بقوله بل المسألة الواحدة في واقعتين معتضد لما ذكرنا (ذكرناه خ‌ل) من الاحتمال و كيف كان فهذا القول لم‌اجد للسالك به دليلا بل قام الدليل علي خلافه.

اقول قوله ايده الله تعالي مع انه ليس في الظاهر دليل عليه فيه ما سمعت اولا من الدليل و ما ذكرناه بعد ذلك فانهم عليهم‌السلام امروا بالرجوع و اطلقوا و لم‌يبينوا مع حاجة الرعية الي الاخذ و عدم معرفتهم ببناء الامر الذي ذكره و لو كان فيه تفصيل لم‌يجملوا و لايجوز تاخير البيان عن وقت الحاجة و سكوتهم لا عن غفلة بل امروا بالسكوت عما سكت الله و الاخذ برخص الله و لاتشددوا علي انفسكم و مضي المكلفون علي ذلك و لم‌يحصروا (لم‌يحصروا خ‌ل) بحد و لم يحشروا علي احد و عمومات الكتاب و السنة متناولة لمورد النزاع من غير استفصال و قوله بل الظاهر انه لا قائل به الخ، مقلوب لان الظاهر بل اليقين ان هذا

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 186 *»

الظاهر المدعي وهم و خيال مرجوع فلقد مر عليك ما سمعت و لولا اني علي جناح سفر لنقلت لك كثيرا من القائلين به و بينت لك فساد مذهب المانعين بخصوص الدليل من الكتاب و السنة و دليل العقل كما سمعت بعضه و قوله عدا شارح الجعفرية بل يمكن القول بعدم قوله بذلك غلط فان الرجل مصرح هو و صاحب المتن و شراح الجعفرية كلهم و الشهيدان و غيرهم و قد مر و قوله لانه يحتمل قويا ان‌يكون مراده الي اخر ما فصله لا فائدة فيه و لا قائل به لان هذا المعني الذي ذكره من ان اللزوم و عدمه مبني علي بناء امر المقلد علي التقليد (و عدمه خ‌ل) ليس مرادا و لاتبني عليه هذه المسألة و انما هو شيء مخترع لان بناء امر المكلف علي تقليد المجتهد انما يفيد صحة ما عمل عن قوله لا انه يلزمه بالاخذ عنه ابدا و لايجوز له الرجوع عنه في غير ما عمل به حين عمل و اين هذا من ذاك فلا معني لبناء امره لان هذا ليس من العقود و الايقاعات التي تجب بانشاءاتها و تجوز بدونها او (و خ‌ل) تمتنع و انما مرادهم بهذا ان المقلد لايفعل بظنه و هوي نفسه بل لابد في عمله من اخذه عن المجتهد لئلا يكون عاملا بظنه الذي لايعتبره صاحب الشرع عليه السلام فلو عزم علي اخذ مسألة عن مجتهد ثم ترك عزمه و اخذها عن الاخر المساوي و عمل بها عن قول الثاني لم‌يكن ما ترك من العزم الاول موجبا لبطلان عمله و من اين الدليل علي ذلك و الفرق بين ما عمل بها عن الاول و ترك و عمل بها عن الثاني و بين هذا معدوم و لو كان البناء بمجرده موجبا لکان اذا اخذ عن احدهما و عمل به و هما متساويان او المأخوذ عنه ارجح ثم بعد الاخذ و العمل بقوله وفقه الله الاخر الذي لم‌يؤخذ عنه حتي كان اعلم و ارجح و اورع لم‌يجز له الرجوع عن الاول و ان قلنا بتعين الاعلم الاورع لوجوب اتباع الاول للبناء المذكور و لا اظنه يقول به و لايقاس هذا المقلد علي المجتهد حال التخيير لو قلنا به اذ فرق بين هذا المقلد الذي صلي الظهر بتقليد موجب السورة و العصر بتقليد من استحبها و بين المجتهد اذا تساوت عنده الامارتان و لم‌يجد ترجيحا بنوع ما لو قلنا بوقوعه و حكمنا عليه بالاخذ علي سبيل التخيير من باب بايهما اخذت من باب التسليم وسعك و قلنا انه اذا اخذ حكما لم‌يجز له

 

 

«* جوامع الکلم جلد 6 صفحه 187 *»

الرجوع الي الاخر فان تخيير المقلد و ان كان بين متساويين الا ان‌يخيره و اخذه مستند في الواقعتين الي الراجح عند المجتهد فهو في الحالين المتساويين بالنسبة اليه عمله مستند الي الراجح بالنسبة الي المفتيين فاخذه عن راجح و رجوعه الي راجح بخلاف المجتهد في حالة التخيير عند تعادل الامارتين فان  اخذه عن مساو و رجوعه الي مساو و الانتقال من واحد الي اخر بدون اعتبار ترجيح و لا ما يؤول اليه تردد موجب للشك المرجوح المنافي لمعني التخيير و هو اليقين المشار اليه في قوله عليه السلام من باب التسليم وسعك الي الاطمينان فلهذا (لذا خ‌ل) رجحوا اللزوم هناك و منعوه عنا و تنظير هذا بذلك قياس مع الفارق و قوله سلمه الله بان قول الشيخ جواد معتضد بما ذكره من الاحتمال مضعف لما ذكره من الاحتمال و قوله و كيف كان فهذا القول لم‌اجد للسالك به دليلا بل قام الدليل علي خلافه مقلوب بل وجد السالك به الدليل و الدليل علي خلافه قاعد متكاسل و تامل فان الغاية في العلم في الدنيا و الاخرة طلب الصواب و الله الموفق له و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين، و كتب جامع (هذه خ‌ل) الكلمات العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي في الثامن عشر من جمادي الثاني (الثانية خ‌ل) سنة سبع عشرة بعد الماتين و الالف حامدا مستغفرا مصليا مسلما.